تراثنا ـ العددان [91 و 92]

475
/

۱

تراثنا

صاحب الامتیاز :

مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث

المدير المسؤول :

السيّد جواد الشهرستاني

العددان الثلاث والرابع [٩١ ـ ٩٢]

السنة الثلاثة والعشرون

محتويات العدد

* الفوائد البديعة من «وسائل الشيعة» (٦).

.................................................. السيّد علي الحسيني الميلاني ٧

* دعوات وشبهات أثارها البعض حول نهج البلاغة.

................................................ الشيخ عبد الرسول الغفاري ٢١

* تاريخ النظرية الرجالية في المدرسة الامامية (٢).

.................................................... السّيد زهير الأعرجي ١٠٠

* مدرسة الحلّة وتاجم علمائها من النشوء إلى القمّة (١).

.............................................. السيّد حيدر وتوت الحسيني ١٦٣

* فهرس مخطوطات مكتبة أمير المؤمنين عليه‌السلام العامّة / النجف الأشرف (٢٣).

......................................... السيّد عبد العزيز الطباطبائي قدس‌سره ٢٢٥

۲

رجب ـ ذو الحجّة

١٤٢٨ هـ

* من ذخائر التراث :

منهاج الحقّ واليقين في تفضيل عليّ أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ لولي بن نعمة الله الحسيني الرضوي الحائري من أعلام القرن العاشر الهجري.

............................................. تحقيق : مشتاق صالح مظفر ٢٥٩

* من ذخائر التراث :

نبذة من كتاب جواهر الكلام الحِكَم والأحكام ـ للقاضي أ[ي الفتح عبد الواحد بن محمّد التميميّ الآمديّ المتوفّى حدود ٥٥٠ هـ.

.................................. تحقيق : السيّد حسن الموسويّ البروجردي ٤١٥

* من أنباء التراث.

........................................................... هيئة التحرير ٤٧٥

* صورة الغلاف : نموذج من نسخة المخطوط لـ : «منهاج الحقّ واليقين في تفضيل عليّ أمير المؤمنين» لولي بن نعمة الله الحسيني الرضوي الحائري من أعلام القرن العاشر الهجري والمشورة فلي هذا العدد.

۳
۴

۵
۶

الفوائد البديعة

من

وسائل الشيعة

(٦)

السيّد عليّ الحسيني الميلاني

(٢٩)

لعن الله والدين حملا ولدهما على عقوقهما

لقد عقد صاحب الوسائل رحمه الله أبواباً لأحكام الأولاد ، فروى في أحدها خبراً في وصيّة النبيّ لأمير المؤمنين عليهما الصّلاة والسّلام جاء فيه : «يا علي ، لعن الله والدين حملا ولدهما على عقوقهما. يا علي ، يلزم الوالدين من عقوق ولدهما ما يلزم الولد لهما من عقوقهما. يا علي ، رحم الله والدين حملا ولدهما على برّهما»(١).

أقول :

«العقُّ» في اللغة هو : الشقُّ والقطع.

إنّ الولد مأمور بأنْ يصل والديه ويبرّهما ، ولا شكَّ أنَّهما كما يمكنهما أنْ يعينانه بحسن المعاملة معه والقيام بحقوقه على الصلة والبرّ بهما ، كذلك يكون سوء المعاملة معه وقلّة العناية به سبباً للشقاق والمقاطعة.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢١ / ٣٨٩ ح ٢٧٣٧٧.

           

۷

وقد عقدنا هذا الفصل لبيان اهتمام الأئمّة عليهم السلام بأمر الأولاد وما على الوالدين من المسؤليّات تجاههم ، وما ورد عنهم عليهم السلام في الوصيّة بهم ، وسيكون المطلب تحت عناوين :

من سعادة المرء أنْ يكون له خَلَف :

فأوّل شيء نذكره هو : ترغيب الأئمّة عليهم السلام في طلب الولد ، وأنّهم يعتبرون وجود الخَلَف للرّجل سعادةً له :

عن أبي الحسن عليه السلام : «سعد امرء لم يمت حتّى يرى خلفاً من نفسه»(١).

وقال عليه السلام : «إنّ الله إذا أراد بعبد خيراً لم يمته حتّى يريه الخلف»(٢).

الاهتمام بالولد جنيناً

وتفيد الروايات : أنّ الأئمّة عليهم السّلام كانوا يهتمّون بأمر الولد وهو في بطن أمّه ، من حيث الصفات الظّاهرية والمعنوية.

فمن ذلك : حرصهم على جمال الولد ، ولذلك أمروا المرأة الحامل بأكل السفرجل ، ففي الخبر : «فإنّ الولد يكون أطيب ريحاً وأصفى لوناً»(٣).

ومن ذلك : حرصهم على أنْ يكون حليماً ، فأمروا بأنْ تأكل النفساء البرني ـ وهو نوع من التمر ـ فعن أبي عبد الله عليه السلام :

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢١ / ٣٥٧ ح ٢٧٢٨٨.

(٢) وسائل الشيعة ٢١ / ٣٥٧ ح ٢٧٢٨٩.

(٣) وسائل الشيعة ٢١ / ٤٠٢ ح ٢٧٤١٠.

           

۸

«أطعموا البرني نساءكم في نفاسهنّ تحلم أولادكم»(١).

وعن أبي عبد الله عليه السلام : «قال أمير المؤمنين عليه السلام : خير تموركم البرني ، فأطعموا نساءكم في نفاسهنّ تخرج أولادكم حلماء ـ حكماء ـ»(٢).

ومن ذلك : حرصهم على أنْ يكون زكيَّ القلب عالماً شجاعاً ، ففي الخبر :

«أطعموا حبالاكم ذكر اللبان ، فإنْ يكن في بطنها غلام خرج زكيّ القلب عالماً شجاعاً ...»(٣).

الاهتمام بالولد رضيعاً :

ثمَّ إذا ولد ، فقد أوصى الأئمّة عليهم السلام بأمور تتعلّق بكيفيّة رضاعه وأحوال مرضعته ، ممّا له تأثير في طبيعة الولد ولذا ورد عن أبي عبد الله عن أبيه : إنّ عليّاً كان يقول : «تخيّروا للرضاع كما تخيّرون للنّكاح ، فإنَّ الرضاع يغيّر الطباع»(٤).

وعنه عليه السلام : «انظروا من يرضع أولادكم ، فإنّ الولد يشبُّ عليه»(٥).

وممّا أوصوا به عليهم السلام :

عن أبي جعفر عليه السلام : «استرضع لولدك بلبن الحسان وإيّاك

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢١ / ٤٠٣ ح ٢٧٤١٣.

(٢) وسائل الشيعة ٢١ / ٤٠٣ ح ٢٧٤١٤.

(٣) وسائل الشيعة ٢١ / ٤٠٥ ح ٢٧٤١٩.

(٤) وسائل الشيعة ٢١ / ٤٦٨ ح ٢٧٦٠٥.

(٥) وسائل الشيعة ٢١ / ٤٦٦ ح ٢٧٦٠٠.

           

۹

والقباح ، فإنّ اللبن يعدي»(١).

وعن الرضا عليه السلام عن آبائه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : لا تسترضعوا الحمقاء ولا العمشاء ، فإنّ الّلبن يعدي»(٢).

وعن أبي عبد الله عليه السلام في استرضاع أهل الكتاب : «إذا أرضعوا لكم فامنعوهم من شرب الخمر»(٣).

وفي آخر : من لحم الخنزير أيضاً(٤).

وفي غير واحد من الأخبار النهي من استرضاع امرأة ولدت من الزنا(٥).

وهذا طرف ممّا ورد عنهم عليهم السلام بالنسبة إلى الأولاد في هذه المرحلة ، ممّا يكشف عن اهتمامهم بأمر أولاد المؤمنين ، من الجهات الروحيّة والجسميّة ، في جميع المراحل.

تسميته :

وممّا اهتمّ به الأئمّة عليهم السلام مسألة تسمية الأولاد ، فهناك روايات كثيرة في أنّ من حقوق الولد على والده أن يسمّيه باسم حسن :

فعن أبي الحسن عليه السلام : «أوّل ما يبرّ الرجل ولده أنْ يسمّيه باسم حسن. فليحسن أحدكم اسم ولده»(٦).

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢١ / ٤٦٨ ح ٢٧٦٠٦.

(٢) وسائل الشيعة ٢١ / ٤٦٧ ح ٢٧٦٠٣.

(٣) وسائل الشيعة ٢١ / ٤٦٤ ح ٢٧٥٩٥.

(٤) وسائل الشيعة ٢١ / ٤٦٥ ح ٢٧٥٩٧.

(٥) وسائل الشيعة ٢١ / ٤٦٥ ح ٢٧٥٩٨.

(٦) وسائل الشيعة ٢١ / ٣٨٨ ح ٢٧٣٧٤.

           

۱۰

ثمّ إنّه قد ورد عنهم عليهم السلام أن : «أصدق الأسماء ما سمّي بالعبوديّة وأفضلها أسماء الأنبياء» كما عن أبي جعفر عليه السلام(١).

وجاء في غير واحد من الأخبار تعيين عدّة من الأسماء ، ولا شك أنّ أفضلها اسم نبيّنا ، حتّى رووا عنه صلّى الله عليه وآله أنّه قال : «من ولد له ثلاث بنين ولم يسمّ أحدهم محمّداً فقد جفاني»(٢).

وعن أبي الحسن عليه السلام : «لا يدخل الفقر بيتاً فيه اسم محمد أو أحمد أو علي أو الحسن أو الحسين أو جعفر أو طالب أو عبد الله أو فاطمة من النساء»(٣).

والذي أظنّ أنّ من جملة أسباب التأكيد على التسمية بهذه الأسماء المباركة هو الأثر التربوي المترتّب عليها ، وذلك :

أوّلاً : لأنّ الولد المسمّى بهذا الإسم ، يستلهم منه الجهات المعنويّة والحالات القدسيّة التي كان عليها صاحبه من الأنبياء أو الأئمّة عليهم الصّلاة والسّلام ، فيكون محفِّزاً له على تحصيلها ورادعاً له عن أضدادها.

وثانياً : لأنّ هذه الأسماء تقتضي إكرامه من قبل الناس ، ومن قبل الوالدين اللذين سمّياه بذلك ، ومن هنا نجد التأكيد من الأئمّة عليهم السلام من هذه الحيثيّة.

إكرامه :

ففي الراويات الأمر بإكرام الولد ، قالوا عليهم السلام : «أكرموا

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢١ / ٣٩١ ح ٢٧٣٨١.

(٢) وسائل الشيعة ٢١ / ٣٩٤ ح ٢٧٣٨٨.

(٣) وسائل الشيعة ٢١ / ٣٩٦ ح ٢٧٣٩٥.

           

۱۱

أولادكم»(١).

ولكنّي وجدتُ في بعضها الأمر بإكرامه والنهي عن سبّه وضربه ... متفرّعاً على تسميته بالأسماء الحسنة ، ممّا يستظهر منه أنّ بين التسمية والإكرام ارتباطاً قويّاً ، فإنْ لم نقل أنّ «الإكرام» علّة للتسمية فلا ريب في أنّه من آثارها ...

ففي الخبر عن أبي هارون قال : «كنت جليساً لأبي عبد الله عليه السلام بالمدينة ، ففقدني أيّاماً ، ثمّ إنّي جئت إليه فقال : لم أرك منذ أيّام يا أبا هارون. فقلت : ولد لي غلام. فقال : بارك الله لك ، فما سمّيته؟ قلت : سمّيته محمّداً. فأقبل بخدّه نحو الأرض وهو يقول : محمّد محمّد محمّد ، حتّى كاد يلصق خدّه الأرض ، ثمّ قال : بنفسي وبولدي وبأهلي وبأبويَّ وبأهل الأرض ، كلّهم جميعاً الفداء لرسول الله. لا تسبّه ولا تضربه ولا تسىء إليه ...»(٢).

وعن الرضا عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلّى الله عليه وآله قال : «إذا سمّيتم الولد محمّداً فأكرموه ، وأوسعوا له في المجلس ، ولا تقبّحوا له وجهاً»(٣).

شدّة الحبّ له :

ومن الأخبار ما يفيد الأمر بشدّة الحبّ للولد ، فعن أبي عبـد الله عليه

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢١ / ٤٧٦ ح ٢٧٦٢٩.

(٢) وسائل الشيعة ٢١ / ٣٩٣ ح ٢٧٣٨٧.

(٣) وسائل الشيعة ٢١ / ٣٩٤ ح ٢٧٣٩٠.

           

۱۲

السلام : «إن الله ليرحم الرّجل لشدّة حبِّه لولده»(١) فهم لا يأمرون بالحبّ فقط بل بشدّة الحبّ له ...

بل ، لقد جعلوا البرّ بالولد بمنزلة البرّ بالوالدين!

عن أبي عبـد الله عليه السلام : «برّ الرجل بولده برّه بوالديه»(٢).

وعنه في خبر آخر : «قال رجل من الأنصار : من أبرّ؟ قال : والديك. قال : قد مضيا. قال : برّ ولدك»(٣).

وعنه عليه السلام : «جاء رجل إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله فقال : ما قبّلت صبيّاً لي قطّ ، فلمّا ولّى قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : هذا رجل عندي أنه من أهل النار»(٤).

وعنه قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : «من قبّل ولده كتب الله له حسنة»(٥).

مسؤلية الوالد :

وبحسب الروايات الواردة ، فإنّ الله عزّ وجلّ سيسأل الوالد يوم القيامة عن ولده!

ففي رسالة الحقوق ، يقول الإمام السجّاد عليه السلام : «وأمّا حقّ ولدك ، فتعلم أنّه منك ومضافٌ إليك في عاجل الدنيا بخيره وشرّه ، وأنّك مسؤول عمّا ولّيته ، من حسن الأدب والدلالة على ربّه المعونة على ربّه

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢١ / ٣٥٩ ح ٢٧٣٠٠.

(٢) وسائل الشيعة ٢١ / ٤٨٤ ح ٢٧٦٥٣.

(٣) وسائل الشيعة ٢١ / ٤٨٣ ح ٢٧٦٤٩.

(٤) وسائل الشيعة ٢١ / ٤٨٤ ح ٢٧٦٥٤.

(٥) وسائل الشيعة ٢١ / ٤٧٥ ح ٢٧٦٢٣.

           

۱۳

طاعته فيك وفي نفسه ، فمثابٌ على ذلك ومعاقَب ، فاعمل في أمره عمل المتزيّن بحسن أثره عليه في عاجل الدنيا ، المعذّر إلى ربّه فيما بينك وبينه ، بحسن القيام والأخذ له منه»(١).

وعن سليمان بن خالد قال : «قلت لأبي عبـد الله عليه السلام : إنّ لي أهل بيت وهم يسمعون منّي ، فأدعوهم إلى هذا الأمر؟ فقال عليه السلام : نعم ، إنّ الله عزّ وجلّ يقول في كتابه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)(٢).

فقال الشيخ المجلسي بشرحه بعد القول بصحّة الحديث :

«وتدلُّ الآية على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وعلى أنّ الأقارب من الزوجة والمماليك والوالدين والأولاد وساير القرابات ، مقدّمون في ذلك على الأجانب»(٣).

وعن أبي بصير في الآية المذكورة قال : «كيف أقيهم؟ قال عليه السلام : تأمرهم بما أمر الله وتناههم عمّا نهاهم ، فإنْ أطاعوك كنت قد وقيتهم ، وإنْ عصوك كنت قد قضيت ما عليك»(٤).

وفي عدّة من الأخبار : أنَّ الولد «نعمة» وأنّ الله «يسأل عن النعيم» :

عن أبي عبـد الله عليه السلام : «البنات حسنات والبنون نعمة ، وإنّما يثاب على الحسنات ويسأل عن النعمة»(٥).

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٥ / ١٧٢ ح ٢٠٢٢٦.

(٢) سورة التحريم ٦٦ : ٦.

(٣) بحار الأنوار ٧١ / ٨٦.

(٤) الكافي ٥ / ٦٢ ح ٢.

(٥) وسائل الشيعة ٢١ / ٣٦٥ ح ٢٧٣١٦.

           

۱۴

فأشاروا بذلك إلى قوله تعالى : (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذ عَنِ النَّعِيمِ)(١).

أثر اللّقمة من حرام :

وقبل أنْ نوضّح وظيفة الوالد تجاه الولد من حيث التربية والتعليم ، نرى من الضروري أن نشير إلى ما للّقمة من الحرام من تأثيرات ...

أمّا في النطفة ، فالكلّ يعلم بأنّ النطفة تتكوّن من جميع البدن وبذلك روايات(٢).

وعن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم : «إذا وقعت اللّقمة من حرام في جوف العبد لعنه كلّ ملك في السماوات وفي الأرض ، وما دامت اللّقمة في جوفه لا ينظر الله إليه. ومن أكل اللّقمة فقد باء بغضب من الله ، فإن تاب تاب الله عليه وإنْ مات فالنار أولى به»(٣).

ولا يخفى أنّ اللّقمة الحرام أعمّ ممّا كان من الأطعمة حراماً كلحم الخنزير ، والميتة مثلاً ، وما كان أكلاً لِمال الغير بدون إذن منه.

فإذا أكل الوالد لقمة حرام وتكوّنت النطفة منها وتكوّن منها الولد ، فلا شكَّ في أنّها تترك الأثر السيِّء الكبير في طبيعة الولد وأخلاقه.

وهذا البيان وإنْ كان كافياً للمطلب ، لكنْ بإمكانك أنْ ترجع إلى كلمات المعصومين في تفسير قوله تعالى : (وَشَارِكْهُمْ فِي الأمْوَالِ وَالأوْلاَدِ)(٤) حتّى ترى أنّهم ما تركوا شيئاً يحتاجه الإنسان في نفسه وأهله

__________________

(١) سورة التكاثر ١٠٢ : ٨.

(٢) بحار الأنوار ٤٧ / ٤٧ عن الكافي في خبر.

(٣) مستدرك سفينة البحار ٢ / ٢٦٥.

(٤) سورة الإسراء ١٧: ٦٤.

           

۱۵

وولده ، لدنياه وآخرته ، ولتعلم عظمة هذه المدرسة ، وتفهم مدى اهتمامهم بأمر الأولاد ...

فعن أبي جعفر عليه السلام في هذه الآية : «قال : ما كان من مال حرام فهو شريك الشيطان. قال ويكون مع الرجل حتّى يجامع ، فيكون من نطفته ونطفة الرجل إذا كان حراماً»(١).

بل يستفاد ممّا ورد في بعض الأخبار من تأثير المال الحرام الذي اشتريت به الجارية ، أنّه لو أمهر الرجل المرأة بمال حرام فأولدها ، ترتّب الأثر الشيطاني على الولد :

ففي تفسير الشيخ القمّي في الآية المباركة : قال : ما كان من مال حرام فهو شرك الشيطان ، فإذا اشترى به الإماء ونكحهنّ وولد له فهو شرك الشيطان كما تلد يلزمه منه ويكون مع الرجل إذا جاء جامع ، فيكون الولد من نطفته ونطفة الرجل إذا كان حراماً»(٢).

وظيفة الوالد تجاه الولد :

ثمّ إنّ وظيفة الوالد تجاه الولد ـ بعد ما ذكر ـ تتلخّص في أمرين :

١ ـ التربية :

فعن أمير المؤمنين عليه السلام : «أكرموا أولادكم وأحسنوا آدابهم يغفر لكم»(٣).

وعن أبي الحسن موسى عليه السلام قال : «جاء رجل إلى النبي صلّى

__________________

(١) تفسير كنز الدقائق ٦ / ١٩٧.

(٢) تفسير كنز الدقائق ٦ / ١٩٩.

(٣) وسائل الشيعة ٢١ / ٤٧٦ ح ٢٧٦٢٩.

           

۱۶

الله عليه وآله فقال : يا رسول الله ، ما حقّ ابني هذا؟ قال : تحسن اسمه وأدبه ، وضعه موضعاً حسناً»(١).

وعن أبي عبـد الله عليه السلام قال : «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : رحم الله من أعان ولده على برّه. قال : قلت : كيف يعينه على برّه؟ قال : يقبل ميسوره ويتجاوز عن معسوره ، ولا يرهقه ولا يخرق به ، وليس بينه وبين أنْ يدخل في حدّ من حدود الكفر إلاّ أن يدخل في عقوق أو قطيعة رحم ...»(٢).

ومن الواضح أنّه إذا لاقى الولد من والده هذه المعاملة الجميلة ، فإنّه سينشأ عليها ويتأدّب بها. ويعامله وسائر النّاس بها ...

بل ، لقد ورد في الخبر أنّه «كان داوود بن زربي شكا ابنه إلى أبي الحسن عليه السلام فيما أفسد له. فقال : استصلحه ، فما مائة ألف فيما أنعم الله به عليك؟!». وهذا مطلبٌ تربويّ مهمّ جدّاً.

٢ ـ التعليم :

وأكّدت الروايات أيضاً على وظيفة تعليم الأولاد ، بأنّه حقٌّ من حقوقهم على الآباء :

فعن عليٍّ عليه السلام : «علّموا صبيانكم من علمنا ما ينفعهم الله به ...»(٣).

أ ـ تعليم القرآن :

عن أبي عبـد الله عليه السلام : «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله :

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢١ / ٣٩١ ح ٢٧٣٨٠.

(٢) وسائل الشيعة ٢١ / ٤٨١ ح ٢٧٦٤٥.

(٣) وسائل الشيعة ٢١ / ٤٧٨ ح ٢٧٦٣٤.

           

۱۷

من قبّل ولده كتب الله له حسنةً ، ومن فرّحه فرّحه الله يوم القيامة ، ومن علّمه القرآن دعي بالأبوين فكسيا حلَّتين تضيء من نورهما وجوه أهل الجنّة»(١).

وفي خبر عنه صلّى الله عليه وآله : «حقّ الولد على والده إذا كان ذكراً : أن يستفره أُمّه ، ويستحسن اسمه ، ويعلّمه كتاب الله ، ويطهّره ، ويعلّمه السبّاحة ...»(٢).

ب وج ـ تعليم الحلال والحرام والكتابة :

فعن أبي عبـد الله عليه السلام : «الغلام يلعب سبع سنين ، ويتعلّم الكتاب سبع سنين ، ويتعلّم الحلال والحرام سبع سنين»(٣).

وعنه عليه السلام : «من حقّ الولد على والده ثلاثة : يحسن اسمه ويعلّمه الكتابة ويزوّجه إذا بلغ»(٤).

د ـ الحديث :

فعن أبي عبـد الله عليه السلام : «بادروا أحداثكم بالحديث قبل أنْ تسبقكم إليهم المرجئة»(٥).

وهذا مطلب مهمُّ جدّاً ، فالإمام عليه السلام يؤكّد على تعليم الأولاد علومهم الحقّة قبل أنْ يتأثّروا بأهل الباطل ...!

هذا ، وفي عدّة من الأخبار ، الأمر بتعليم الأولاد السباحة والرّماية(٦)

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢١ / ٤٧٥ ح ٢٧٦٢٣.

(٢) وسائل الشيعة ٢١ / ٤٨١ ح ٢٧٦٤٤.

(٣) وسائل الشيعة ١٧ / ٣٣١ ح ٢٢٦٨٨.

(٤) وسائل الشيعة ٢١ / ٤٨٢ ح ٢٧٦٤٦.

(٥) وسائل الشيعة ١٧ / ٣٣١ ح ٢٢٦٩٠.

(٦) وسائل الشيعة ١٧/٣٣١ ح ٢٢٦٨٩.

           

۱۸

كما في بعضها الأمر بتزويجه إذا بلغ ، وأنّ ذلك من حقوقه ، وقد تقدّم.

من سعادة الرجل الولد الصالح :

ولا شكّ أنّ الوالد إذا قام بوظائفه تجاه الولد ، فسيكون له ولداً صالحاً ، ويكون هو سعيداً بهذا الولد :

فعن أبي عبـد الله عليه السلام : «من سعادة الرجل الولد الصالح»(١) ، وإنّه سيكون سعيداً به في حياته وبعد وفاته :

عن أبي عبـد الله عليه السلام : «ميراث الله من عبده المؤمن الولد الصالح يستغفر له»(٢).

بل في رواية :

«الولد الصالح ريحانة من رياحين الجنّة»(٣).

من سعادة الرجل أنْ يكون له ولد يشبهه :

لأنّه سيعرف به بين الناس من بعده ، فيذكرونه بالخير ويستغفرون له :

عن أبي جعفر عليه السلام : «من سعادة الرجل أنْ يكون له الولد ، يعرف فيه شبهه وخلقه وخلقه وشمائله»(٤).

بل ذلك من نعم الله عليه :

قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : «من نعمة الله على الرجل أن

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢١ / ٣٥٩ ح ٢٧٢٩٦.

(٢) وسائل الشيعة ٢١ / ٣٥٩ ح ٢٧٢٩٩.

(٣) وسائل الشيعة ٢١ / ٣٥٨ ح ٢٧٢٩٥.

(٤) وسائل الشيعة ٢١ / ٣٥٦ ح ٢٧٢٨٥.

           

۱۹

يشبهه ولده»(١).

من سعادة الرجل أنْ يكون له ولد يستعين بهم :

وهذا أيضاً من سعادة الوالد ، فقد جاء في خبر عن الإمام علي بن الحسين عليه السلام(٢) ، وظاهره الاستعانة بهم في الأمور الدنيويّة.

وبعد :

فإذا قام الوالدان بما يجب عليهما تجاه ولدهما ، فقد أعاناه على برّهما ، وقد ورد عنهم عليهم السلام : «رحم الله والدين أعانا ولدهما على برّهما».

وإنْ قصّرا في ذلك ، فإنّ الله سيؤاخذهما بل هما ملعونان :

«لعن الله والدين حملا ولدهما على عقوقهما»!

للموضوع صلة ...

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢١ / ٣٥٦ ح ٢٧٢٨٤.

(٢) وسائل الشيعة ١٧ / ٢٤٣ ح ٢٢٤٣٤.

           

۲۰

دعوات وشبهات أثارها البعض

حول نهج البلاغة

الشيخ عبـد الرسول الغفاري

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدّمة :

الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على رسوله المؤيّد ، ونبيّه المسدّد ، أبي القاسم محمّـد ، وعلى أهل بيته الهُداة الأكرمين ، وأصحابه الأمناء المنتجبين.

وبعد ، لقد خلّف لنا أمير البيان وسيّد البلغاء بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام تراثاً جمّاً خالداً يزخر بالأفكار والنظرات والدروس والعبر ، وإنّ الوارث لهذا التراث هم الناس جميعاً ، لأنّ كلامه عليه‌السلام ـ بما فيه من خطب ورسائل وكتب وحكم ـ لم يكن موجّها لفريق دون آخر ، أو لأمّة دون أمّة ، بل كان موجّها لكلّ الأفراد والطوائف ، وإنْ كان المعني الأوّل هو الإنسان المؤمن بخالقه ، الموحّد لـه في ذاته وصفاته وأفعاله ، إنّه الإنسان الرسالي أنّى وجد وأنّى حلّ.

فخطابه عليه‌السلام بلسم ، وبيانه ضماد ـ لكلّ جرح ـ ولسانه نبع للعدل والصدق ، وإنّ كلامه عليه‌السلام بكل فصوله وشعبه يمسّ القلوب فيبعث فيها

 

۲۱

الأمل والحياة والطمأنينة.

فليس عجيباً أن تتطاول الأعناق إلى صاحب هذا النبع الزلال ، وتشرئبُّ إليه النفوس طالما خطابه يعمّ الجميع ، إذ هو خالد عند الجميع.

إنّ المتأمّل في كلام أمير المؤمنين عليه‌السلام يجد فيه التأكيد على صفات الخير والمعروف والنظام ، بل التأكيد على كلّ صفات الكمال وما أكثرها ، لذا جاءت خطبه ورسائله لصنع الرجال الأحرار ، إنّها جاءت ليسمو الإنسان في عالم الفضيلة والمُثل ويتحرّر من أسر المادّة والشهوة المبتذلة. إنّ مضامين كلامه عليه‌السلام تمثّل جوهر الحياة لذا ينبغي على النفوس ومن يهوى الكمال والسير إلى الله سبحانه أن يقتبس من ذلك الجوهر ، فالنّاس بفطرتهم وعلى اختلاف مشاربهم وتنوّع طبقاتهم وتعدّد أجناسهم تعلّقت بكلماته عليه‌السلام أيّما تعلّق.

فما جمعه الشريف الرضي من مختارات كلام أمير المؤمنين عليه‌السلامعلى كون ذلك المختار قليلاً إلا أنّه لم يزل يُثير في النفوس الدوافع النبيلة والصفات الخيّرة والأُمنيات الطيّبة.

إنّ نهج البلاغة هو نهج الإنسانية ؛ بشكله ومضمونه وفصوله. فيه تظافرت الأفكار والرؤى ، وفيه تجلّت روح العدالة والمحبّة والإخلاص ، فلا مناص من الأخذ به ، وتطبيق فقراته ، بل لابدّ من الإذعان الكامل بأنّه المنهاج الصالح للحياة والإنسانية. إنّه نهج الفكر والعقل ، نهج العدالة والسعادة ، نهج الرحمة والكمال ؛ نهج لم نر مثله في تراثنا الإنساني. ولا عجب لو قيل عنه وعن صاحبه إنّه دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق ، وهذا هو سرّ إعجازه ، وسرّ خلوده.

إنّ المتدبّر في كلام الإمام عليه‌السلام سيرى فيه جانبين :

 

۲۲

الأوّل منه : الجانب العبادي وما فيه من الروابط بين العبد وخالقه ، وفي مقدّمة تلك الروابط عبودية الإنسان الخالصة لله سبحانه ، وهذه العبودية لن تتحقَّق ما لم يفهم المرء معنى التوحيد ، وقد أبان أمير المؤمنين عليه‌السلام هذا الجانب بشكل دقيق ، وخطبه في ذلك تُعدّ من الأسس أو القواعد الثابتة لعلم الكلام ، ومن الأصول المهمّة في درك المباني العقائدية الصحيحة.

أمّا الجانب الثاني في كلامه عليه‌السلام هو الكشف عن الأبعاد العلمية للحياة الصالحة التي ينشدها كلّ فرد(١) ، والأُسس التي تقود المجتمع إلى السعادة والخير. ممّا دعى الإمام عليه‌السلام أن يتطّرق إلى البعد التربوي والأخلاقي بشكل مكثّف ومتواصل وهكذا تطرّق للبعد التعليمي والسياسي والاقتصادي ، وغيرها من الأبعاد التي تخلق مجتمعاً متماسكاً يعي قدراته ويحترم مسؤولياته ، فالفرد أساس المجتمع ، والشريعة الغرّاء جاءت لتهذيب هذا الفرد ، وإرشاده إلى الطريق السوي كي ينتج من ورائه مجتمعاً سويّاً. وكلام أمير المؤمنين عليه‌السلام لا ينأى عن هذا التهذيب والإرشاد.

ولمّا كان هدف الإمام عليه‌السلام هو سلوك الإنسان فقد انصبّ كلامه على هذا المخلوق في سيره التكاملي ابتداءً من مرحلة طفولته وحتى أواخر مراحله الدنيويّة ، بل الاستمرار في توجيهه بشكل يحرز فيه الإنسان حياته الأخروية وفق مرضاة الله سبحانه ، لأنّ الحياة الأبدية هي الآخرة وهي الغاية المنشودة.

إذن هدف أمير المؤمنين عليه‌السلام وطموحاته النبيلة أغنته عن ذكر الملوك

__________________

(١) لم نقل الحياة المثالية لأنّها هي أنشودة النخبة من الناس أو علّية المجتمع.

           

۲۳

والسّلاطين ما خلا بعض كلامه في صدد حقّه المغتصب ، فهو لم يمدح ولم يستعطف أحداً منهم ، ولم يكن قريناً ولا عضداً لذوي النفوذ وأهل الكبرياء والمردة ، بل حذّر الناس منهم ؛ لكونهم طغاة مفسدين ، ولكونهم دعاة الكفر والتمرّد على نواميس الحياة ثمّ دعا الناس إلى الله ، فكانت دعوته هي دعوة الشريعة الغرّاء إلى التوحيد وتقوية روح العبودية لله سبحانه.

وعليه لم يكن ما نطق به أمير المؤمنين عليه‌السلام تعبيراً عن عاطفة ذاتية مجرّدة عن المثل والقيم الإنسانية ، ولم يمجّد أحداً من الملوك والأكاسرة والفراعنة ، بل كرّس قوله عليه‌السلام في صنع الإنسان وتقوية عزيمته وصبره ليفز بحياة رغيدة ، لذا مدح الفقراء وأثنى على صبرهم وعفّتهم في السرّاء والضرّاء ، وأكّد على حقوقهم التي هي في رقاب الأغنياء ، ثمّ أشاد عليه‌السلامبجهاد الضعفاء والمساكين والوقوف إلى جانبهم لنصرتهم ، ومواساته لهم قولاً وعملاً.

ومن الضروري أن أشير في هذه المقدّمة إلى عدّة أمور :

منها ما يخصّ فصاحة الإمام عليه‌السلام.

ومنها ما يرتبط بعمل الشريف الرضي.

وثالثها ما يخصّ الموضوعات التي تطرّق إليها أمير المؤمنين عليه‌السلام ، والأمر الرابع دواعي الكتابة في هذا الموضوع.

أمّا الأمر الأوّل : فصَاحته عليه‌السلام :

لا يخفى أنّ شهرة الإمام في الفصاحة والبلاغة هي من المسلّمات بحيث لا يختلف فيه اثنان ، بل حتّى أعداؤه يقرّون له هذه الفضيلة ؛ فهذا «محقن الضبّي قدم على معاوية فقال : جئتك من عند أعيى النّاس. فقال له

 

۲۴

معاوية : يا ابن اللّخناء لعليٍّ تقول هذا؟! وهل سنّ الفصاحة لقريش غيره؟»(١).

وفي بلاغة أمير المؤمنين عليه‌السلام وفصاحته نقل ابن أبي الحديد كلام أبي عثمان عن جعفر بن يحيى وكان من أبلغ الناس وأفصحهم للقول والكتابة ، أنّه كان يتعجّب بقول عليّ عليه‌السلام : «أين من جدّ واجتهد ، وجمع واحتشد ، وبنى فشيّد ، فمهّد وزخرف فنجّد.

قال : أَلاَ ترى أنّ كلّ لفظة منها آخذة بعنق قرينتها ، جاذبة إلى نفسها ، دالّة عليها بذاتها ، قال أبو عثمان : فكان جعفر يسمّيه فصيح قريش»(٢).

وقال ابن أبي الحديد : «واعلم أنّنا لا يخالجنا الشكّ في أنّه عليه‌السلامأفصح من كلّ ناطق بلغة العرب من الأوّلين والآخرين إلاّ ما كان من كلام الله سبحانه وكلام رسول الله عليه‌السلام وذلك لأنّ فصيلة الخطيب أو الكاتب في خطابته وكتابته يعتمد على أمرين هما مفردات الألفاظ ، ومركّباتها ، أمّا المفردات فأنّ تكون سهلة سلسلة غير وحشيّة ولا معقّدة ، وألفاظه عليه‌السلامكلّها كذلك ، وأمّا المركّبات فحسن المعنى وسرعة وصوله إلى الأفهام واشتماله على الصفات التي باعتبارها فضّل بعض الكلام على بعض ، وتلك الصفات هي الصناعة التي سمّاها المتأخرون البديع ؛ من المقابلة والمطابقة وحسن التقديم وردّ آخر الكلام على صدره والترصيع والتكافؤ والتسميط والمشاكلة ، ولا شُبهة أنّ هذه الصفات كلّها موجودة في خطبه وكتبه ، مبثوثة متفرّقة في فرش كلامه عليه‌السلام ، وليس يوجد هذان الأمران في كلام لأحد غيره ، فإن كان قد تعمّلها وأفكر فيها وأعمل رويّته في وضعها وسرّها فلقد

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ـ ١ / ٢٤ ، شجرة طوبى ١ / ٦١.

(٢) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ـ ٦ / ٢٧٨.

           

۲۵

أتى بالعجب العجاب ووجب أن يكون إمام النّاس كلّهم في ذلك لأنّه ابتكره ولم يعرف من قبله ، وإن كان اقتضبها ابتداءً وفاضت عليها لسانه مُرتجلة وجاش بها طبعه بديهة من غير روية ولا اعتمال فأعجب وأعجب على كلا الأمرين فلقد جاء مجليا والفصحاء ينقطع أنفاسهم على أثره»(١).

وأمّا الأمر الثاني :

ما يخصّ عمل السيّد الشريف الرضي رحمه‌الله فقد صرّح في مقدّمة كتاب نهج البلاغة إنّ ما أودعه في هذا الكتاب هو المختار من كلام أمير المؤمنين عليه‌السلام وهذا يعني أنّه لم يورد كلّ ما صدر عنه عليه‌السلام من خطب وكتب ورسائل وحكم ... وإنّ تأليفه هذا كان لاحقاً لما ألّفه من كتاب في خصائص الأئمّة عليهم‌السلام الذي يشتمل على محاسن أخبارهم وجواهر كلامهم ، إلاّ أنّه لم يتمّ ، ولمّا استحسن جماعة من الأصدقاء عمله ذاك طلبوا منه أن يختار لهم من كلام أمير المؤمنين عليه‌السلام ما يشمل جميع الفنون من خطب وكتب ومواعظ وأدب .. ، قال رضوان الله تعالى عليه :

«وسألوني ـ عند ذلك ـ أن أبتدئ بتأليف كتاب يحتوي على مختار كلام مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام في جميع الفنون ، ومتشعّبات غصونه من خطب وكتب ومواعظ وأدب. علماً أنّ ذلك يتضمّن من عجائب البلاغة ، وغرائب الفصاحة ، وجواهر العربية ، وثواقب الكلم الدينية والدنيوية مالا يوجد مجتمعاً في كلام ، ولا مجموع الأطراف في كتاب ... إلى أن يقول : ... فأجبتهم إلى الابتداء بذلك عالماً بما فيه من عظيم النفع ومأثور الذكر ، ومذخور الأجر ... ورأيت كلامَهُ عليه‌السلام يدور على أقطاب ثلاثة :

__________________

(١) بحار الأنوار ٤١ / ٣٥٩.

           

۲۶

أوّلها : الخطب والأوامر ، وثانيها : الكتب والرسائل ، ثالثها : الحكم والمواعظ. فأجمعت بتوفيق الله تعالى على الابتداء باختيار محاسن الخطب ، ثمّ محاسن الكتب ، ثمّ محاسن الحكم والأدب»(١).

ثمّ قال : «ولا أدّعي ـ مع ذلك ـ أنّي أحيط بأقطار جميع كلامه عليه‌السلامحتّى لا يشذّ عنّي منه شاذّ ، ولا يندّ نادّ ، بل لا أبعد أن يكون القاصر عنّي فوق الواقع إليّ ، والحاصل في ربقتي دون الخارج من يدي ، وما عليّ إلاّ بذلّ الجهد ، وبلاغ الوسع ، وعلى الله سبحانه وتعالى نهج السبيل ، وإرشاد الدليل إن شاء الله»(٢).

وأمّا الأمر الثالث :

موضوعات نهج البلاغة :

أبرز الموضوعات فيه ، تلك التي تصدّرت كلامه عليه‌السلام ، إذْ خصّ جملة من خطبه في التوحيد وهو يشمل توحيد الله سبحانه في صفات ذاته من السمع والقدرة والحياة والعظمة والجبروت وغيرها من الصفات ، ثمّ توحيده في صفات الأفعال ؛ كالإحياء والإماتة والرازقيّة ، وفي هذا الباب نجد في كلامه الكثير من المفاهيم العقائدية تندرج هنا.

ثمّ من الموضوعات المهمة في كلامه عليه‌السلام ما يخصّ النبوة والأنبياء والشرائع السابقة ثمّ نبوّة خاتم الرسول محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) مع بيان ما في القرآن الكريم من الأوامر والإرشادات والنظم التي رسمها الله سبحانه للبشر فهو الثقل الأكبر وإلى جنب هذا جاءت خطب تؤكّد على موضوع الإمامة

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ـ ١ / ٤٨.

(٢) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ـ ١ / ١٣.

           

۲۷

والخلافة ، حيث إنّ أهل البيت هم الثقل الأصغر وهم عدل القرآن الكريم وإنّ الخلافة والإمامة فيهم.

ثمّ لا يخلو كلامه عليه‌السلام من التعرّض لمواقف بعض الصحابة وما في ذلك من الإشارة أو التصريح بالأحداث السياسية التي عصفت بالأمّة الإسلامية حيث تكلّم فيها الإمام عليه‌السلام بشكل صريح يفهمه الجميع.

ثمّ موضوعات أخرى شملت مساحة كبيرة من المفاهيم الأخلاقية والتربوية والاجتماعية كلّها تؤكّد على السير والسلوك.

وأمّا الأمر الرابع :

هو الكلام عن الدواعي التي دفعتنا إلى الكتابة في هذا الموضوع.

فمنذ سنين وأنا أدرّس مادّة (تاريخ الأدب العربي) لعصور مختلفة منها العصر الإسلامي والعبّاسي في جامعات عديدة ولسنوات مكرّرة وكانت مادّة (نهج البلاغة) هي إحدى المواد المقرّرة في الدراسات الأكاديمية لمرحلتي البكالوريوس والماجستير ، والكلّ يعلم أنّ نصوص هذا الكتاب هي من إنشاء أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وما كان عمل الشريف الرضي إلا الجمع والتبويب (فجزاه الله جزاء المحسنين) وبالتالي فإنّ كلام أمير المؤمنين عليه‌السلاميمثّل أوج البلاغة والفصاحة ، بل هو يمثّل العصر الذهبي للنثر في جميع عصوره ومراحله.

غير أنّ البعض لم يتحمّل هذه الفضيلة لأمير المؤمنين عليه‌السلام شأنه كشأن بعض السلف الذي استصغر سنّ الإمام أو غمط حقّه في الخلافة لأنّ المسلمين ـ على زعم أحد الصحابة ـ أبوا أن تجتمع النبوّة والخلافة في بني هاشم ، لذا أثار هذا البعض شبهات حول جمع الشريف الرضي وما

 

۲۸

أودعه من خطب ورسائل للإمام عليه‌السلام ممّا كان هذا الداعي الأوّل للكتابة ، فوضعت بين يدي القارئ الأدلّة الكافية في توثيق هذه النصوص الشريفة من خلال المصادر التي سبقت عمل الشريف الرضي ، ثمّ الوقوف عند مصادر الخطبة (الشقشقيّة) ابتداءً من عصر التدوين وحتّى عصر الرضي. وما عملي هذا إلا كخطوة لنصرة الحقّ والدفاع عن التراث الإسلامي الأصيل وردع أهل الباطل والمغرضين ومن أراد السوء والتوهين بشخصية أمير المؤمنين عليه‌السلام.

أمّا الدّاعي الثاني : هو ردّ تلك الشبهات التي جاءت مكرّرة على ألسنة عدّة من الكتّاب ، وللأسف الشديد أخذ بعض المتأخّرين يجترّون كلام من سبقهم ، وقد خيّل لهم إنّما جاءوا بفتح عظيم ليس لـه مثيل .. ، إنّها تخرّصات سطّرتها أقلام حاقدة من رجال عرفوا ببغضهم وعدائهم لوصي الرسول وأخيه عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام.

أمّا الدّاعي الثالث : هو كشف اللثام عن الحقائق التي انطوت عليها الخطبة (الشقشقيّة) والأدوار السياسية التي مرّ بها المسلمون بعد رحيل النبيّ الأكرم عليه‌السلام ، وسيرة بعض رجال السلطة في تلك الحقبة السابقة على خلافة أمير المؤمنين عليه‌السلام.

 

۲۹

تاريخ نهج البلاغة

من الآثار التي يفتخر بها كلّ أديب غيور هو كلام أمير المؤمنين عليه‌السلامالذي يشمل كلّ من : خطبه ورسائله وكتبه والأمثال والحكم الصادرة منه.

وقد أجهد الأوائل أنفسهم في أن يجمعوا بعض كلامه عليه‌السلام في صحائفهم ، بينما حفظ البعض الآخر من كلامه عليه‌السلام الشيء الكثير عن ظهر قلب ثم تناقلته الأجيال عبر مئات السنين حتّى انتهى الأمر إلى الشريف الرضي الموسوي الذي حرص كلّ الحرص على أن يجمع هذا التراث النفيس من مصادر الكتب وأفواه الرجال التي اهتمّت غاية الاهتمام بكلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام فطلع علينا الشريف الرضي في عام ٤٠٠ ، للهجرة بكتاب نهج البلاغة وهو يضمّ ١٢١ خطبة للإمام عليه‌السلام وجملة من رسائله وكتبه للأمراء والولاة والقضاة الذين أوكل إليهم الإمام عليه‌السلام تلك المناصب السياسيـة ..

هذا الجهد الذي قدّمه لنا الشريف الرضي لايمكن أن يتغافله أيّ مسلم عربي أو غير عربي ، بل يستوجب على الجميع الشكر والثناء لما صنعه جامعه ، غير أنّ الذي لا يطيق رؤية ضوء الشمس ينكر هذا النور الشاخص بنفسه.

ففي سنة ٦٨١ هـ ، نرى شمس الدين أحمد بن خلّكان الأربلي البرمكي أوّل من شكّ في نهج البلاغة ، ثمّ تبعه الصفدي في الوافي

 

۳۰

بالوفيات(١) واليافعي في مرآة الجنان(٢) ثمّ تبعهم ابن تيمية في منهاج السنة(٣) المتوفّى سنة ٧٢٨ هـ ، والذهبي صاحب ميزان الاعتدال المتوفّى سنة ٧٤٨ هـ(٤) ثمّ جاء المعاصرون ليقتفوا آثار مَن سبقهم حيث شكّكوا في نسبة نهج البلاغة إلى الإمام عليه‌السلام وكان في طليعتهم جرجي زيدان الذي أثار الشكّ في كتابه آداب اللّغة العربية(٥) ، ومحمّـد كرد علي في كتابه الإسلام والحضارة العربية(٦) وطه حسين الذي عرف بمنهجه المتميّز وهو الشكّ في كلّ شيء ابتداءً من التراث الأدبي العربي إلى القرآن ، ولولا مواقف الأزهر لأدّى بنا طه حسين إلى كارثة كبيرة لا يحمد عقباها. غير أنّ طه حسين أسّس مدرسةً اتّبعها تلامذته ومريدوه فذابت شخصيّتهم الأدبية والعلمية بشخصية أستاذهم وفي مقدّمتهم أحمد أمين في فجر الإسلام(٧) ، فهو أوّل من رفع صرخاته بالشكّ في نهج البلاغة. ثمّ تبعه الدكتور شوقي ضيف فراح يدوّي بكتاباته الأدبية متّبعاً خطى أستاذه هو الشكّ في نهج البلاغة ، خاصّة في كتابه : الفنّ ومذاهبه في النثر العربي(٨).

وممّن شكّ في النهج : الأستاذ أحمد حسن الزيّات في كتابه تأريخ الأدب العربي(٩) ، ومحمّـد سيّد كيلاني في كتابه أثر التشيّع في الأدب

__________________

(١) الوافي بالوفيات ٢ / ٣٧٥.

(٢) مرآة الجنان ٣ / ٥٥.

(٣) منهاج السنة

(٤) مرآة الجنان ١ / ١٠١.

(٥) تاريخ آداب اللّغة العربية ١ / ٢١٨.

(٦) الاسلام والحضارة العربية ٢ / ٦١.

(٧) فجر الإسلام : ١٤٨.

(٨) انظر : الفن ومذاهبه في النثر العربي.

(٩) تاريخ الأدب العربي : ١٨٧.

           

۳۱

العربي(١) ، ولا ندري إلى أين سينتهي إليه منهج الشكّاكين في تراثنا العربي والإسلامي ، فقد تمادى هذا الفريق حتّى تطاول إلى القرآن والسنّة النبويّة بل أراد البعض هدم صرح الإسلام وتراث المسلمين الذي شيّده رجال الدعوة إلى الله وعلى رأسهم النبيّ محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فلا عجب أنْ يثور فريق من المسلمين لينتصر إلى تراثه ومبادئه ، ويصدّ الفريق الأوّل ومنهجه السقيم القائم على الشكّ ، وهذا الفريق المنتصر قد أشار إلى بلاغة الإمام عليه‌السلامإشارة سريعة تتناول كلّ ما عرف عنه عليه‌السلام من نثر بليغ ، نذكر من هذا الفريق المدافع : سبط ابن الجوزي ، ومحمّـد بن طلحة الشافعي ، وعبـد الحميد الكاتب وهذا الأخير هو القائل : «ما تعلّمت البلاغة إلاّ بحفظ كلام الأصلع»(٢).

والبعض الآخر : اختار قطعاً ونصوصاً كثيرة وبليغة من كلام الإمام عليه‌السلام فحفظها أو دوّنها كالجاحظ ، والخطيب الخوارزمي ، وأبو الفتح الآمدي ، وابن نبات المصري وهذا الأخير هو القائل : «حفظت مئة فصل من مواعظ علي بن أبي طالب عليه‌السلام»(٣).

وفريق ثالث : اعتنى بكلام أمير المؤمنين؟ عناية فائقة واهتمّ بشرح خطبه ورسائله ، منهم ابن أبي الحديد المعتزلي الحنفي ، إذ فاق جميع مَن سبقه حين شرح النهج ، واعتبر كلام الإمام علي عليه‌السلام في المرتبة الثانية لكلام الله وكلام رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم).

__________________

(١) أثر التشيّع في الأدب العربي : ٥٧.

(٢) نظرات في الكتب الخالدة : ١٧٧.

(٣) انظر : شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ـ ١ / ٢٤ ، والفوائد الرجالية ٢ / ١١٩ ، والكنى والألقاب ١ / ٢١٧.

           

۳۲

وهناك فريق رابع : وهم طائفة من جهابذة الأدب والشعر من المعاصرين قد أُعجبوا أيّما إعجاب بنهج البلاغة ، منهم : العلاّمة الأديب الشيخ محمود شكري الآلوسي ، والشيخ ناصيف اليازجي ، ومحمّـد حسن نائل المرصفي ، والدكتور زكي مبارك ، وأمين نخلة ، وعبّاس محمود العقّاد ، ومحي الدين عبـد الحميد وآخرون يطول الكلام على ذكرهم.

المؤلّفون في تأريخ نهج البلاغة

ممّن ألّف في تاريخ نهج البلاغة جملة من الأعلام والأُدباء ، في طليعتهم كلّ من :

١ ـ الشيخ هادي آل كاشف الغطاء له كتاب : مدارك نهج البلاغة.

٢ ـ الإمام السيّد هبة الدين الشهرستاني له كتاب ما هو نهج البلاغة؟ إذْ بحث فيه تاريخ نهج البلاغة وقيمته العلمية والأدبية.

٣ ـ الأستاذ حسين بستانة له بحث رائع تعرّض فيه إلى الشبهات الحائمة حول النهج نشرته مجلّة الاعتدال النجفية في عددها الرابع من سنّتها الخامسة.

٤ ـ الأستاذ امتياز علي عرشي له كتاب في سند خطب أمير المؤمنين؟ سمّاه استناد نهج البلاغة باللغة الأردوية ونقله إلى العربية الأستاذ عامر الأنصاري ونشرته مجلّة (ثقافة الهند) التي يصدّرها مجلس الهند للروابط الثقافية بعددها الرابع من المجلّد الثامن في ديسمبر سنة ١٩٠٧

٥ ـ العلاّمة السيّد عبـد الزهراء الحسيني الخطيب له كتاب مفصّل في أربع مجلّدات سمّاه مصادر نهج البلاغة وأسانيده.

٦ ـ عبـد الله نعمة له كتاب مصادر نهج البلاغة وقد سبق الجميع

 

۳۳

من ذكرناهم آنفاً ـ كلّ من ابن النديم ، والنجاشي ، والطوسي ، وياقوت الحموي وحاجي خليفة وابن الأثير وسبط ابن الجوزي وأبي القاسم النجفي ، وأغا بزرك الطهراني والعلاّمة السيّد محسن الأمين العاملي.

المشتغلون في جمع كلام أمير المؤمنين عليه‌السلام

لم يكن الشريف الرضي أوّل من جمع كلام الإمام علي عليه‌السلام وخطبه ، فقد سبقه إلى ذلك من كان هو أقرب زمانا وأكثر التصاقاً بالإمام نذكر منهم :

١ ـ نوف بن فضالة البكالي ، نسبة إلى بني بكال ، حاجب أمير المؤمنين عليه‌السلام.

٢ ـ ضرار بن ضمرة الضبائي ، مولى أمّ هاني بنت أبي طالب.

٣ ـ الحارث الأعور الهمداني ، المتوفّى سنة ٦٥ هـ.

٤ ـ كميل بن زياد النخعي ، الشهيد ، قتله الحجّاج بن يوسف الثقفي سنة ٨٣ هـ ..

٥ ـ شريح القاضي المتوفّى سنة ٨٧ هـ.

٦ ـ زيد بن وهب الجهني المتوفّى سنة ٩٦ هـ. جمع خطب أمير المؤمنين عليه‌السلام في الجمُعات والأعياد.

٧ ـ الأصبغ بن نباتة المجاشعي المتوفّى بعد المئة الأولى.

قال ابن واضح اليعقوبي المؤرّخ المتوفّى سنة ٢٩٢ هـ : «كان علي بن أبي طالب عليه‌السلام مشتغلاً أيّامه كلّها في الحرب ... وحفظ النّاس عنه الخطب ، فإنّه خطب بأربعمائة خطبة حفظت عنه ، وهي التي تدور بين النّاس»(١).

__________________

(١) مشاكلة الناس لزمانهم : ١٥.

           

۳۴

وأحصى العلاّمة المسعودي المتوفّى سنة ٣٤٦ هـ ما كان محفوظاً من خطبه عليه‌السلام فقال : «والذي حفظ الناس من خطبه في سائر مقاماته أربعمائة ونيف وثمانون خطبة»(١).

وقال سبط ابن الجوزي الحنفي : «أخبرنا الشريف أبو الحسن علي بن محمّـد الحسيني بإسناده إلى الشريف المرتضى قال : وقع إليّ من خطب أمير المؤمنين عليه‌السلام أربعمائة خطبة»(٢).

وقال القطب الراوندي : «سمعت بعض العلماء بالحجاز ، يقول : إنّي وجدت في مصر مجموعاً من كلام عليٍّ عليه‌السلام في نيف وعشرين مجلّداً»(٣).

هذه النصوص تقودك إلى كون نهج البلاغة ـ بجمع الشريف الرضي ـ لا يشكّل اِلاّ عشر أو دون العُشر من كلام الإمام علي عليه‌السلام حيث المذكور من كلامه عليه‌السلام في نهج البلاغة هو ١٢١ خطبة ، وهي أقلّ بكثير ممّا ذكره القطب الراوندي ، وسبط ابن الجوزي.

وممّا يستدلّ على أنّ كلام أمير المؤمنين عليه‌السلام كان بعضه مدوّناً عند أناس سبقوا الشريف الرضي ما أشارت إليه كتب الفهارس من مصنّفات منها :

١ ـ خطب أمير المؤمنين عليه‌السلام المروية عن الصادق عليه‌السلام برواية فرج بن فروة عن مسعدة بن صدقة انتقلت هذه النسخة المدوّنة إلى السيِّد علي بن طاووس.

__________________

(١) مروج الذهب ٢ / ٤٣١ ، شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ـ ١ / ٥ ، ونهج السعادة ١ / ١٢.

(٢) تذكرة الخواص : ١٢٨.

(٣) شرح نهج البلاغة ـ ابن ميثم البحراني ـ ١ / ١٠١.

           

۳۵

٢ ـ خطب أمير المؤمنين عليه‌السلام لمسعدة بن صدقة العبدي من علماء الجمهور كان هذا الكتاب موجوداً عند السيّد هاشم البحراني المتوفّى سنة ١١٠٧ هـ.

٣ ـ الخطبة الزهراء لأمير المؤمنين عليه‌السلام وهذا النصّ المدوّن من جملة الكتب التي رواها أبو مخنف ، لوط بن يحيى المتوفّى سنة ١٥٧ هـ ، وقد اعتمد الطبري على مرويّات أبي مخنف.

٤ ـ خطب أمير المؤمنين عليه‌السلام وهذه الخطبة أوردها ابن عبـد ربّة في العقد الفريد ـ م ٢ ص ١٣٦ لإسماعيل بن مهران السكوني الكوفي.

٥ ـ كتاب خطب عليٍّ عليه‌السلام لهشام بن محمّـد بن السائب الكلبي المتوفّى سنة ٢٠٦ هـ.

٦ ـ خطب أمير المؤمنين عليه‌السلام برواية محمّـد بن عمر الواقدي الأسلمي المتوفّى سنة ٢٠٧ هـ رواه الشيخ أبو غالب الزراري عنه.

٧ ـ كتاب الملاحم للإمام عليه‌السلام تصنيف أبي يعقوب إسماعيل بن مهران السكوني من أصحاب الإمام الرضا عليه‌السلام.

٨ ـ خطب أمير المؤمنين عليه‌السلام لأبي الخير صالح بن أبي حمّاد سلمة الرازي. ممّن لقي ألأئمة الجواد والهادي والعسكري عليهم‌السلام.

٩ ـ مئة كلمة من كلام أمير المؤمنين عليه‌السلام مع شرحها لقاضي القضاة لدى الفاطميّين أبي حنيفة النعمان المصري المتوفّى سنة ٣٦٣ هـ.

١٠ ـ كتاب الخطب لمحمّـد بن عيسى بن عبـد الله بن سعد الأشعري القمّي عاصر الإمام الرضا عليه‌السلام وروى عن الإمام الجواد عليه‌السلام.

١١ ـ كتاب خطب عليٍّ عليه‌السلام وكتبه إلى عمّاله لأبي الحسن علي بن محمّـد بن عبـد الله المدائني ، المتوفّى سنة ٢٢٥ هـ أو سنة ٢١٥ هـ ذكره

 

۳۶

ابن النديم.

١٢ ـ خطب أمير المؤمنين عليه‌السلام للسيّد عبـد العظيم الحسني ، من أصحاب الإمام الرضا والجواد والهادي عليهم‌السلام.

١٣ ـ كتاب خطب علي لنصر بن مزاحم المنقري صاحب كتاب وقعة الجمل ، المتوفّى سنة ٢١٢ هـ.

١٤ ـ كتاب خطب الإمام علي عليه‌السلام لأبي أحمد عبـد العزيز بن يحيى بن عيسى الجلودي الأزدي البصري المتوفّى سنة ٣٣٢ هـ وللجلودي هذا عدّة مصنّفات تناهز على الثلاثمائة منها تخصّ ما نحن فيه.

١٥ ـ كتب المغازي والحروب والأخبار والسير حيث اشتملت على كلمات أمير المؤمنين عليه‌السلام وخطبه ، وهي أكثر من خمسمائة مصنّف وتوفّي أصحابها قبل أن يولد الشريف الرضي بعشرات السنين.

١٦ ـ كتاب رسائل أمير المؤمنين عليه‌السلام لإبراهيم بن محمّـد بن سعيد بن هلال الثقفي المتوفّى سنة ٢٨٣ هـ.

١٧ ـ كتاب رسائل عليٍّ عليه‌السلام.

١٨ ـ كتاب ذكر كلام عليٍّ عليه‌السلام في الملاحم.

١٩ ـ كتاب مواعظ الإمام عليٍّ عليه‌السلام.

٢٠ ـ كتاب قوله عليه‌السلام في الشورى.

٢١ ـ كتاب الدعاء عن الإمام عليه‌السلام.

٢٢ ـ كتاب بقية رسائله وخطبه وأوّل مناظراته عليه‌السلام.

٢٣ ـ كتاب بقية مناظراته.

٢٤ ـ كتاب ما كان بين عليٍّ عليه‌السلام وعثمان من الكلام.

٢٥ ـ كتاب الخطب لأمير المؤمنين عليه‌السلام لأبي إسحاق النهمي

 

۳۷

إبراهيم بن سليمان الكوفي الخرّاز يرويه عنه النجاشي بثلاث وسائط ، آخرها حميد بن زياد الكوفي المتوفّى سنة ٣١٠ هـ

٢٦ ـ كتاب خطب أمير المؤمنين عليه‌السلام لإبراهيم بن الحكم بن ظهير الفزاري.

٢٧ ـ كتاب أبي العبّاس يعقوب بن أبي أحمد الصيمري الذي جمعه من كلام عليٍّ عليه‌السلام إلى معاوية.

٢٨ ـ خطب أمير المؤمنين عليه‌السلام مع شرحها لقاضي القضاة لدى الفاطميّين أبي حنيفة النعمان المصري المتوفّى سنة ٣٦٣ هـ(١).

__________________

(١) هذه جملة من أسماء العلماء والأُدباء الذين افردوا مصنّفات خاصّة في خطب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام وكتبه ورسائله وللمزيد راجع الذريعة ٧/١٨٧ ومنتهى المقال : ٥٩ وفهرست الشيخ الطوسي : ٣٤ وفهرست ابن النديم : ١٤٧.

           

۳۸

دعوات وشبهات

أثارها البعض حول نهج البلاغة

يُعدّ نهج البلاغة من عيون الأدب العربي الخالدة ، إذ امتاز بإعجاز وبلاغة لا نظير لها فهو عظيم في مادّته ، ورفيع في إسلوبه ، وشامل في مواضيعه وصادق في رؤيته ، إنّه نصّ متماسك يهدف إلى بناء حضارة إنسانية مُثلى ، وهو بهذا السبك لا يبلغ أحد شأوه ولا يرقى إليه أديب مهما أوتي من بلاغة وفطنة ..

مع كلّ هذا وكما ذكرنا سابقاً فإنّ زمرة من المؤرّخين ؛ من قدامى ومحدّثين قد شكّكوا في نسبة ما في نهج البلاغة إلى الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، بل تجاوز بعضهم إلى القول بأنّ جميع أو بعض نهج البلاغة منحول موضوع على أمير المؤمنين عليه‌السلام وأنكروا الصلة بين النهج وبين الإمام عليٍّ عليه‌السلام متشدّقين بأسباب عديدة ـ واهية ـ يزعمون أنّها مدعاة للشكِّ أو القول بأنّه منحول.

فمن القدامى ابن خلّكان ثمّ تبعه اليافعي في مرآة الجنان(١) ، والصفدي في الوافي بالوفيات(٢) والذهبي في ميزان الاعتدال(٣) ، وابن حجر في لسان الميزان(٤).

__________________

(١) مرآة الجنان ٣ / ٥٥.

(٢) الوافي بالوفيات ، ترجمة الرضي ٢ / ٣٧٥.

(٣) ميزان الاعتدال ١ / ١٠١.

(٤) لسان الميزان ٤ / ٢٢٣.

           

۳۹

ومن المتأخّرين جرجي زيدان في آداب اللغة العربية(١) ، وأحمد أمين في فجر الإسلام(٢) ومحمّـد كرد علي في الإسلام والحضارة العربية(٣) ، وأحمد حسن الزيّات في تاريخ الأدب العربي(٤) ، ومحمّـد سيّد گيلاني في كتابه أثر التشيّع في الأدب العربي(٥) ، وآخرون كطه حسين وشوقي ضيف .. وأخيراً الدكتور نايف معروف في كتابه الأدب الإسلامي في عهد النبوّة وخلافة الراشدين(٦).

أما دواعي الشكّ عند هؤلاء فيمكن حصرها بما يلي :

١ ـ تشبّث البعض بالكمِّ الذي هو عليه نهج البلاغة فهو يشمل قدراً كبيراً من الخطب والرسائل وهذا ممّا يتعذّر حفظه.

٢ ـ وآخرون تذرّعوا بالخطب الطويلة ، فقالوا إنّ التطويل غير مألوف عند البلغاء ، كخطبة القاصعة ، والأشباح ، والعهد الذي كتبه لمالك الأشتر عندما أرسله الإمام والياً إلى مصر.

٣ ـ اشتمال بعض كلامه على التعريض بالصحابة والطعن عليهم كما في خطبة الشقشقية ، لذا قال بعضهم إنّ نهج البلاغة منحول على أمير المؤمنين عليه‌السلام.

٤ ـ في بعض خطبه إنباء بالغيب ، إذ أخبر عن إمور وقعت بعد عصره عليه‌السلام.

__________________

(١) تاريخ آداب اللغة العربية ١ / ٢١٨.

(٢) فجر الإسلام : ١٤٩.

(٣) الإسلام والحضارة العربية ٢ / ٦١.

(٤) تاريخ الأدب العربي : ١٨٧.

(٥) أثر التشيع في الأدب العربي : ٥٧.

(٦) الأدب الإسلامي في عهد النبوّة وخلافة الراشدين : ٥٥.

           

۴۰

٥ ـ في بعض الخطب جاء فيها ذكر الوصي والوصاية ، وهذا المصطلح ـ على حدّ زعمهم ـ لم يظهر إلاّ بعد استشهاده.

٦ ـ في خطب عديدة من النهج تعرّض فيها الإمام عليه‌السلام إلى الزهد والموت وهذا ناتج من تأثير المسلمين بالنصارى وأهل التصوّف.

٧ ـ في بعض خطب النهج تقسيم المعاني والمسائل إلى أصناف كتقسيم الاستغفار إلى ستّ معان ، والصبر إلى أربعة أقسام.

٨ ـ بعض ما في النهج جاء الكلام في وصف الحيوانات إذ اشتمل هذا الوصف على معان دقيقة بإسلوب لم يعرف إلاّ في العصر العبّاسي ، كوصف الطاووس ، فمتى رأى الإمام عليه‌السلام الطاووس حتّى يصفه؟ ثمّ هناك وصف للجراد والقمّل والخفّاش والنمل.

٩ ـ إنّ النهج قد اشتمل على سجع منمّـق وصناعة لفظية لم تبرز إلاّ في العصر العبّاسي.

١٠ ـ في جملة من خطب نهج البلاغة صيغ فلسفية ومفاهيم كلامية لم تعرف إلاّ في العصر العبّاسي ، أي في أوائل القرن الثالث الهجري وذلك حينما ترجمت الكتب اليونانية والفارسية والهندية إلى اللغة العربية.

١١ ـ الكثير من أهل اللغة والأدب لم يستشهدوا بـ : نهج البلاغة.

١٢ ـ اتسمت بعض رسائل الإمام عليه‌السلام وكتبه بالإسهاب والتفصيل ، ولمّا كان الورق غير متوفّر في عصر الإمام عليه‌السلام بل كانوا يكتبون على الجلود والعظام واللخاف والبردي وعسب النخيل ، إذاً من البعيد أن يكتب الإمام عليه‌السلام عهده للأشتر بهذا الإسهاب.

١٣ ـ ادّعى البعض أنّ ما في نهج البلاغة قد يعزى بعضه إلى أدباء سبقوا الإمام علي عليه‌السلام.

 

۴۱

١٤ ـ في بعض خطب النهج وصف دقيق للحياة الاجتماعية من جهة ، وطعن على الولاة والقضاة من جهة أخرى ، وكلا الأمرين لم يعرف بعد وإنّما هو من سمات العصر العبّاسي.

١٥ ـ في النهج خطب طال في صدرها الحمد والثناء ، وهذا لم يُعرف بعدُ إلاّ في العصر العبّاسي ، وبالخصوص في خطب الجُمع والأعياد.

١٦ ـ ادّعى البعض أنّ خطب نهج البلاغة لو كانت صادرة من الإمام عليه‌السلام لكانت موجودة قبل تصنيف السيّد الرضي رحمه‌الله.

هذه هي شبهات القوم التي أثاروها حول نهج البلاغة ، ونحن آلينا على أنفسنا أن نختصر البحث ونجعله موجزاً آملين أن نبحثه بشكل مفصّل في مناسبة أخرى ، ولكن هذا لا يعني أنْ نترك المقام بدون أجوبة تصلح ردّاً على تلك الشبهات والشكوك.

جواب الشّـك الأوّل : إنّ العرب منذ عصرهم الجاهلي وإلى عدّة قرون من عصرهم الإسلامي كانوا يعتمدون الحفظ بدلاً من الكتابة ، بل وكانوا يأنسون بحافظتهم القوية التي استودعت قلوبهم دواوين العرب وأيّامهم ومآثرهم ، وهو شأن كلّ أُمّة تسيطر عليها البداوة والأمّية.

فقد امتاز العرب قبل الإسلام وبعده بقوّة حافظتهم وسرعة خاطرهم ، وقد اعتمد المؤرّخون في عصر التدوين على أولئك ورووا عنهم أيّام العرب ووقائعها ، فهي رواية الخلف عن السلف ، ولولا الحفظ والحفّاظ لضاع الكثير من تاريخ العرب ؛ إنّه تاريخ لحقبة طويلة من الزمان.

ثم إنّ النهج قد ضمّ (٢٤٢) خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام و (٧٨) كتابا

 

۴۲

ورسالة و (٤٩٨) حكمة ومثلا وهذا المقدار لا يساوي إلا العُشر من كلام الإمام عليٍّ عليه‌السلام وأنّ حفظه ما أيسره لأبناء ذلك العصر. في الوقت الذي نجد اليوم صغار السنِّ يحفظون القرآن وهم دون السنِّ العاشرة والسابعة .. فما بالك بأبناء القرن الأوّل الذين حفظوا القصائد الطوال والتاريخ المفصّل عن العرب ووقائعها وأيّامها؟!

أضف إلى ذلك أنّ الذي حفظ النهج لم يكن واحداً ولا اثنين ولا ثلاث بل هم بالعشرات ، وأنّ لكلّ واحد كان له نصيب من الحفظ فالبعض حفظ خطبة أو خطبتين أو رسالة أو عهداً أو كتاباً والآخر حفظ هذه الخطبة أو تلك وهلمّ جرّاً ، وبمعنى آخر لم يدّع أحد أنّه حفظ جميع ما ضمّه النهج بين دفّتيه فأيّ إشكال في تظافر مجموعة من النّاس في كلّ زمان أن يحفظوا ما تيسّر لهم أو الذي طمحت إليه أنفسهم فحفظوها ، فيتمّ بمجموع ما حُفظ مجموع النهج.

ومثال واحد يميط اللثام عن تلك الشكوك ، ذلك أنّ عبـد الحميد الكاتب كان يحفظ سبعين خطبة من خطب الإمام عليٍّ عليه‌السلام وأنّ ابن نباتة كان يحفظ مئة فصل من مواعظ أمير المؤمنين عليه‌السلام.

ثمّ لا يخفى عليك أنّ رسائل الإمام عليه‌السلام وكتبه وبعض خطبه كانت مكتوبة مدوّنه وهذا ممّا يسهِّل بقاءها والاحتفاظ بها ، وما كان كذلك لا يصعب حفظه.

هذا وقد ذكر أكثر من مؤرّخ أنّ خطبة الإمام عليه‌السلام في الجهاد ، ـ أنّه باب من أبواب الجنّة ـ كانت مكتوبة بخطّه عليه‌السلام ، وأمر غيره بإلقائها على النّاس(١).

__________________

(١) الأخبار الطوال : ١٩٥ ، شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ـ ١ / ١٤٥ نقلاً عن كتاب الغارات للثقفي ، وسفينة البحار ١/٣٩٦ برواية الاصبغ بن نباتة ٢/٤٦٦.

           

۴۳

ونقل ابن قتيبه الدينوري في صفحات عديدة من كتابه : الإمامة والسياسة المكاتبات بين الإمام عليٍّ عليه‌السلام ومعاوية ، وبين عليّ عليه‌السلام وعمّاله ، وبين معـاوية وأصحابه(١) فماذا تعني تلك الكتب؟ ألم يكن هناك وفرة من الورق والقرطاس ، وإلاّ ماذا تفسّر هذه الكتب الصادرة من الإمام عليٍّ عليه‌السلامأومن عمّاله أو من خصُومه من هنا وهناك سواء كان مبدأُها العراق أو الشّام أو مصر أو بلاد فارس ..؟!

وعليه فإنّ جميع تلك الخطب والرسائل والكتب قد حفظها الناس تباعاً ، يقول المسعودي :

«والذي حفظ الناس عنه من خطبه عليه‌السلام في سائر مقاماته أربعمائة خطبة ونيف وثمانون خطبة يوردها على البديهة وتداول الناس ذلك عنه قولا وعملاً»(٢).

وفي الإطناب يقول الدكتور زكي مبارك : «وسحبان وائل الذي عرف بالتطويل وأنّه كان يخطب أحياناً نصف يوم ، أثرت عنه الخطب القصيرة الموجزة ، وذلك يدلّ على أنّ الفطرة كانت غالبة على ذلك العصر ، وأنّ القاعدة المطّردة لم تكن شيئاً آخر غير مراعاة الظروف ، ورسائل عليّ بن أبي طالب ، وخطبه ، ووصاياه ، وعهوده إلى ولاته تجري على هذا النّمط ، فهو يطيل حين يكتب عهداً ليبيّن فيه ما يجب على الحاكم في سياسة القطر الذي يرعاه ، ويوجز حين يكتب إلى بعض خواصّه في شيء معيّن لا يقتضي التطويل»(٣).

__________________

(١) الإمامة والسياسة ١ / ١٥٤ ما كتبه عليه‌السلام لأهل العراق.

(٢) مروج الذهب ٢ / ٤٣١.

(٣) النثر الفنّي ـ زكي مبارك ١ / ٩٥.

           

۴۴

أمّا الشكّ الثاني : وهو ما يتعلّق بالخطب الطويلة فإنّ حفظها ووعيها متعذّر وهكذا قل عن العهد الذي بعثه عليه‌السلام إلى الأشتر هذا الشكّ أورده الگيلاني في كتابه : أثر التشيّع في الأدب العربي(١).

وردّنا عليه من وجوه :

أوّلاً : إنّ العهد الذي بعثه الإمام عليه‌السلام للأشتر كان مكتوباً فمن السهل حفظه ووعيه.

ثانياً : إنّ الكثير من الناس يحفظون اليوم القرآن الكريم عن ظهر قلب والذي يناهز على ٦٠٠ صفحة.

ثالثاً : إنّ هناك خطباً طويلة لملوك وأمراء قد حفظها الناس كخطبة (هرمز) ملك الفرس قبل بعثة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد رواها الدينوري في الأخبار الطوال(٢) ، وكتاب طاهر بن الحسين إلى ولده محمّـد قد بلغ مئة وتسعة وثلاثين سطراً قد ذكره ابن خلدون في مقدّمته.

رابعاً : إنّ العهد الذي كتبه الإمام عليه‌السلام إلى الأشتر واليه على مصر تضمّن مجموعة قوانين قد سنّها أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وأمر واليه أن يجعلها نصب عينيه لأنّها عبارة عن بنود تشريعية تنظّم علاقة الحاكم بالمحكوم ، أو قل علاقة الحاكم بالمسؤولين من القضاة والقوّاد وجباة الأموال والجند وغيرهم ممّن له عمل إداري أو رسمي.

وهكذا تنظيم علاقة الحاكم بالرعية والذي منهم العامل والتاجر والفلاح.

__________________

(١) أثر التشيّع في الأدب العربي : ٥٦.

(٢) الأخبار الطوال : ٧٧.

           

۴۵

وعليه فلابدّ من أن تنظّم جميع هذه العلاقات على ضوء الشريعة الغرّاء ، ولأنّ الظرف السياسي في ذلك العصر يتطلّب ذلك.

وأمّا الشكّ الثالث : إنّ في بعض خطبه عليه‌السلام تعريض بالصحابة والنيل منهم كأبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير ومعاوية وعمر بن العاص وأضرابهم. كأنّما القائل به نسي الأحداث التي كانت على عهد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) والحروب والغزوات التي وقعت ، وكأنّما حجب عينيه وأصمّ أذنيه عن عشرات الآيات التي نزلت في حقّ البعض من الصدر الأوّل ، فمن المخاطب بتلك الآيات؟! أليس هم ممّن يدّعون الصُحبة؟! وهل غابت عن ذلك المشكّك تلك الآيات فلينظر ويراجع فيمن نزلت : النساء / آية ٩٣ ، والبقرة / آية ١٥٩ ، والتوبة / آية ٦٧ ، والأحزاب / آية ٥٧ و ٦٨ ، وسورة محمّـد / آية ٢٣ ، والفتح / آية ٦ ، والنور / آية ٢٣ و ٧ ، والأعراف / آية ٤٤ ، والرعد / آية ٢٥ ، والإسراء / آية ٦٠ ، فإنّ جُلّ هذه الآيات تتعرّض لبعض من يدّعي الصحبة للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).

إذن هل جميع الصحابة في منزلة واحدة من التقديس والتقدير؟

وقد ورد قوله سبحانه : (إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ)(١) ، إنّما التفاضل هو بالتقوى ، وبالأعمال الصالحة.

فهل غاب عن أولئك جريمة خالد بن الوليد الذي قتل مالك بن نويرة وتَزوّج بامرأته في ليلتها؟!

وإلاّ فلماذا عزله عمر بن الخطّاب؟!

وهل غاب عنهم الدماء التي جرت في حرب البصرة وكان سببها

__________________

(١) سورة الحجرات ٤٩ : ١٣.

           

۴۶

طلحة والزبير و ...

أو أنّه غاب عنهم الدماء التي جرت في صفّين وكان سببها معاوية وعمرو بن العاص و ...

عجباً لهؤلاء الذين يقرأون ـ في بطون الكتب وصفحات التاريخ ـ الأخبار المفصّلة عمّا جرى في صدر الإسلام من أحداث السقيفة والحروب والغزوات التي حدثت في الصدر الأوّل من تاريخ الحكومة الإسلامية وبالخصوص الأحداث التي جرت في زمن حكومة عثمان بن عفّان ، أنّهم يقرأُون كلّ هذا ومع ذلك يستثقلون كلام أمير المؤمنين عليه‌السلام ..!

كأن لم يكن هناك انحراف ، واعتداء ، وغصب ، وسلب الأموال وقتل الأبرياء؟!

فهناك ظلم الحكّام والأمراء ، وارتشاء القضاة وسوء سريرتهم ، وهناك الفسق والفجور ، وشيوع الخمرة في وسط الأمراء الذين نصّبهم عثمان ، وحادثة والي الكوفة لا تغيب عن الأنظار إذ شرب الخمر وصلّى بالمسلمين صلاة الصبح أربع ركعات ، وألقى ما في رأسه في المحراب ، ثمّ هناك الغصب ، وسرقة أموال المسلمين ، والتمادي في الظلم ، واللعب بمقدّرات المسلمين ، كلّ ذلك تجده في كتب التاريخ والسيرة ، مضافاً إلى ذلك الفقر المتفشّي بين النّاس ، والتذمّر من الوضع السياسي الخانق ، حتّى أدّى ذلك إلى إراقة الدماء ، وهتك الأعراض ، وسلب الأموال ...

ألا تكون هذه الحالة مدعاة للإمام عليه‌السلام أن يقف أمام كلّ هذا الإضطراب فينصح الوالي والحاكم وقائد الجند والعاملين على الخراج وجباية الزكواة ..؟!

أليس من شأن الإمام عليه‌السلام أنْ يصلح ما فسد من أمور الناس؟

 

۴۷

فكيف والحال هذه لا يتكلّم الإمام عليه‌السلام بما يرضي الله؟ أليس من وظائفه الشرعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ أليس من وظائفه الجهاد في سبيل الله؟ والجهاد على أقسام منه بالسيف ومنه بالكلمة وهذا قطعاً يستوجب على الإمام أن يُعرّض بالصحابة الذين تصدّوا للحكومة.

لهذا تجده عليه‌السلام ناصر الفقير والمظلوم ، وناهض الجائر الغشوم ورفع صوته بوجه الطغاة والخونة من الولاة ، فلا عجب أن يتطرّق عليه‌السلام لسير الأحداث وما قامَ به مَن سبقوه من إعمال وتصرّفات لا تمتّ إلى روح الإسلام بصلة ، والجميع يعلم أنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام لا تأخذه في الله لومة لائم ، فليدّعِ البعض أنّ كلامه ذاك فيه طعن على الصحابة ..

إنّ الشكّ الذي تقدّم به الذهبي وابن تيميّة إنّما هو نهج من سبقه القائم على تنزيه الصحابة كافّة دون أيّ استثناء ، في الوقت الذي ينقل لنا التاريخ أنّ الخصومات فيما بينهم كانت قائمة بمرأىً ومسمع من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وأنّ بعضهم كان يسبّ البعض الآخر ويشتمه ، بل وصل بهم أن يتراشقوا النعال بدلاً من الحجارة(١) وعليه فإنّ النهج الذي اتّبعه الذهبي وابن تيميّة يمتّ صلة بفكرة الإرجاء والمرجئة ، ومن هذا المذهب ظهرت فكرة تنزيه الصحابة وعدم الخوض في أفعالهم وتصرّفاتهم ، بل أدّى بهم أن يفتوا بصواب أعمالهم وأنّ لهم الأجر الجزيل ، لأنّه اجتهاد ، فإذا أصاب الصحابي باجتهاده فله أجران ، وإن أخطأ فله أجر واحد ، فهذا خالد يقتل نفساً بريئة يشهد الشهادتين وأنّ المسلم دمه وعرضه وماله حرام إلاّ أنّ ابن الوليد على حسب رأي ابن تيمية والذهبي أنّه اجتهد فأخطأ فله

__________________

(١) الفصول المهمة : ١٤٦.

           

۴۸

أجر! فأين اذاً قوله تعالى : (مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْس أَوْ فَسَاد فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً)(١)؟ ثمّ ماذا يقول هؤلاء في نهب الأموال في زمن عثمان على يد مروان بن الحكم والمغيرة بن شعبة وزعماء بني أميّة؟

ألم تقل أُمّ المؤمنين في حقّ عثمان لمّا ضرب ابن مسعود حتّى كسر أضلاعه : اقتلوا نعثلاً فإنّه كفر؟!

وفي ذلك يقول عبد بن أمّ كلاب ، عبد بن أبي سلمة قال مخاطباً عائشة بعد مقتل عثمان(٢) :

فمنك البداء ومنك الغير

ومنك الرياح ومنك المطر

وأنت أمرتِ بقتل الإمام

وقلت لنا إنّه قد كفر

فهبنا أطعناك في قتله

وقاتله عندنا مَن أمَر

ولم يسقط السقف من فوقنا

ولم تنكسف شمسنا والقمر

وماذا يقول هؤلاء لمّا أقدم عثمان بن عفّان على نفي الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري رضي‌الله‌عنه إلى الربذة حتّى مات هناك وحيداً فريداً في غربة عن الوطن والأهل(٣) ..؟

لا يسعني المقام أن أسرد تلك الويلات والمحن التي جلبها بعض الصحابة للإسلام والمسلمين ، فلا زال طعمها المرّ يتذوّقه كلّ مسلم ، وعليه أنّ خطبة أمير المؤمنين عليه‌السلام الشقشقية التي تعرّض بها للخلفاء الثلاثة

__________________

(١) سورة المائدة ٥ : ٣٢.

(٢) الفتنة وواقعة الجمل : ١١٥.

(٣) يكفي القاريء النبه أن يستعرض فصول السقيفة وما دار فيها من شجار وطعن ولعن وتفسيق حتّى شهر بعضهم السلاح ، وكان التهديد بالحرب والاجلاء عن المدينة ، أنّه النزاع بين القرشيين والخزرج.

           

۴۹

وطلحة والزبير وعائشة إنّما هو الواقع المرير الذي كان يعيشه المسلمون ، وقد حاول أصحاب الأطماع ومحبّو الرئاسة أن يخدعوا عوامّ الناس فلا يتعرّضوا لسياسة أولئك النفر حتّى لا يستفيد هذا الخلف من سقطات ذلك السلف بشكل أو آخر ، وعلى هذا الأساس اختلقوا الأحاديث ونسبوها إلى النبيّ؟ وهو بريء ، منها قولهم : «أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم» وقولهم : «إيّاكم وما شجر بين أصحابي».

أيّ منطق هذا أن يساوى بين الفاسق الفاجر والمؤمن التقي؟ هذا طريد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مروان بن الحكم هل من المنطق السّليم أن يجعله المسلمون قدوة لهم؟!

أم ذاك أبو سفيان الذي ما خرجت كتيبة ولا رفعت راية لحرب الرسول عليه‌السلام إلاّ وهو قائدها ..؟!

علينا أن نحكّم العقل والمنطق ، اليوم أصبحت الشعوب واعية تبحث عن كلّ ما جرى في التاريخ وما مبتغاها في ذلك إلاّ أنْ تتبّع الهدى والصراط الواضح والنهج السوي.

إذن ما تناوله أمير المؤمنين عليه‌السلام في خطبته الشقشقية أو خطبته التي تعرّض فيها (للمنافقين) وما فيهما من نقد وطعن إنّما كان نتيجة للمواقف العدائية الصارخة التي وقفها هؤلاء وقد انقدحت من تلك المواقف الحاقدة حروب ذهب ضحيّتها مئات الآلاف من المسلمين ، ترى يسكت أمير المؤمنين عليه‌السلام حيال هذه الجرائم التاريخية؟!

وعليه :

فإنّ هذه الخطبة وغيرها من الخطب بل كلّ ما في النهج هو للإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام بلا منازع وفي ذلك يقول ابن أبي الحديد المعتزلي : «لا

 

۵۰

يخلو إمّا أن يكون كلّ نهج البلاغة مصنوعاً منحولاً ، أو بعضه ، والأوّل باطل لأنّنا نعلم بالتواتر صحّة إسناد بعضه إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وقد نقل المحدّثون كلّهم أو جلّهم ، والمؤرّخون كثيراً منه ـ أي من النهج ـ وليسوا من الشيعة لينسبوا إلى غرض في ذلك.

والثاني يدلّ على ما قلناه لأنّ من قد أنس بالكلام والخطابة وشدا طرفاً من علم البيان ، وصار له ذوق في هذا الباب لابدّ أن يفرّق بين الكلام الركيك والفصيح ، وبين الفصيح والأفصح ، وبين الأصل والمولّد ، إذا وقف على كرّاس واحد يتضمّن كلاماً لجماعة من الخطباء ، أو لإثنين منهم فقط ، فلا بدّ أن يفرق بين الكلامين ويميّز بين الطريقتين.

«وأنت إذا تأمّلت نهج البلاغة وجدته كلّه ماءً واحداً ، ونفساً واحداً ، وأسلوباً واحداً ، كالجسم البسيط الذي ليس بعض من أبعاضه مخالفاً لباقي الأبعاض في الماهية ، وكالقرآن العزيز ، أوّله كوسطه وأوسطه كآخره ، وكلّ سورة منه وكلّ آية مماثلة في المأخذ والمذهب والفنّ والطريق والنظم لباقي الآيات والسور ، ولو كان بعض نهج البلاغة منحولاً وبعضه صحيحاً لم يكن ذلك كذلك ، فقد ظهر لك بالبرهان الواضح خلال من زعم أنّ هذا الكتاب أو بعضه منحول إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام»(١).

إذن يمكن تقسيم الصحابة إلى ثلاثة أصناف :

الصنف الأوّل : من أبلى بلاءً حسناً وجاهد في سبيل الله ورحل إلى ربِّه بأحسن وفادة وهو راض مرضي وهذا الصنف قد مدحه القرآن الكريم وهم (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ـ ١٠ / ١٢٨.

           

۵۱

النَّعِيمِ)(١) ، وكما مدحهم القرآن فقال سبحانه : (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ الله وَرِضْوَاناً)(٢) ولم يحدثوا بعد رسول الله حدثاً.

والصنف الثاني : تخاذل عن الحقّ ولم ينصر الباطل ، وقد ذمّهم القرآن الكريم إلاّ أنّهم لم يحدثوا شيئاً من بعده (صلى الله عليه وآله وسلم). فهؤلاء أقلّ شأناً ممّن سبقهم وعلى الله حسابهم.

الصنف الثالث : الذين غيّروا وبدّلوا وحرّفوا كلام الله وأحدثوا من بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، روى البخاري في صحيحه عن ابن مسعود قال : «قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : أنا فرطكم على الحوض ليرفعنّ إليّ رجال منكم حتّى إذا أهويت لأناولهم اختلجوا دوني. فأقول : ربّي أصحابي.

فيقال : لا تدري ما أحدثوا بعدك»(٣) وروى مثله البخاري عن سهل بن سعد وزاد عليه : «فأقول : سحقاً سحقاً لمن بدّل بعدي»(٤).

ورواه أحمد بن حنبل في مسنده(٥).

ورواه المتّقي الهندي في كنز العمّال(٦) عن ابن مسعود وعن سمرة.

ورواه مسلم في صحيحه في كتاب الطهارة في الوضوء عن

__________________

(١) سورة الواقعة ٥٦ : ١٠ ـ ١٢.

(٢) سورة الفتح ٤٨ : ٢٩.

(٣) صحيح البخاري ٦ / ١٠٨ و ٨ / ١٢٠ ، صحيح مسلم ٤ / ١٧٩٣ ، الاصابة ٣ / ٨٤ القسم ١ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٥١ ، كنز العمال ٧ / ٢٢٤ ، الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد : ٢١٢ ، مجمع الفائدة ٢ / ٤٢٩ ، كتاب الفضائل : حديث ٢٦.

(٤) صحيح مسلم ٤ / ١٧٩٣.

(٥) مسند أحمد بن حنبل ١ / ٣٨٤ و ٤٠٢ و ٤٠٦ و ٤٠٧ و ٤٥٣ و ٤٥٥ و ٢ / ٢٨١ و ٥ / ٤٨ و ٥٠ و ٣٩٣.

(٦) كنز العمّال ٧ / ٢٢٤ و ٢٢٥ ، ٦ / ٤٢٤.

           

۵۲

أبي هريرة(١).

ورواه في كتاب الفضائل في باب إثبات حوض نبيّنا عليه‌السلام(٢).

ورواه ابن ماجه في صحيحه في أبواب المناسك في باب الخطبة يوم النحر عن ابن مسعود(٣).

ورواه ابن جرير في تفسيره(٤) بسنده عن قتادة.

ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد(٥) عن سمرة وعن ابن مسعود.

فبماذا تفسّر هذا الحديث الشريف؟! ومَن الذين أحدثوا بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ حيث روى ابن حجر في الإصابة بسنده عن سعيد بن منصور قال : «حدّثنا خلف ابن خليفة عن العلاء بن المسيّب عن أبيه عن أبي سعيد قلنا له هنيئاً لك برؤية النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وصحبته.

قال : إنّك لا تدري ما أحدثنا بعده(٦).

ومثله في صحيح البخاري في كتاب بدء الخلق في باب غزوة الحديبية.

وفي طبقات ابن سعد ، بسنده عن إسماعيل بن قيس قال : «قالت عائشة عند وفاتها إنّي قد أحدثت بعد رسول الله فادفنوني مع أزواج

__________________

(١) صحيح مسلم : كتاب الطهارة ، باب الوضوء ، وكذلك ٧ / ٦٥ ـ ٦٧.

(٢) كتاب الفضائل : باب إثبات الحوض حديث ٢٦.

(٣) سنن ابن ماجة : أبواب المناسك ، وهكذا في الجامع الصحيح للترمذي ٤ / ٦١٥ ، و ٢٤٢٣ ، سنن النسائي ٤ / ١١٧.

(٤) تفسير الطبري : ٤ / ٥٥.

(٥) مجمع الزوائد ١٠ / ٣٦٤ و ٣٦٥.

(٦) الإصابة ٣ / القسم ١ ص ٨٤.

           

۵۳

النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)»(١).

وفي تهذيب التهذيب روى ابن حجر بسنده عن الآجري قال : «قال عمرو بن ثابت لمّا مات النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كفر النّاس إلاّ خمسة ..»(٢).

أقول :

وممّا يؤيّد ما سبق الآيات الواردة في بعضهم ؛ إذ فيهم الذين (ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ)(٣) ، ومنهم (مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي)(٤) ، ومنهم مَن لمز النبيّ (فِي الصَّدَقَاتِ)(٥) ، ومنهم مَن آذاه وقالوا (هُوَ أُذُنٌ)(٦) ، ومنهم من كان في قلبه مرض ، ومنهم الذين اعتذروا في غزوة تبوك وكانوا بضعة وثمانين رجلا وحلفوا للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فقبل منهم لكن نزلت فيهم آيات تكذّبهم : قوله تعالى : (سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إذَا انقَلَبْتُمْ إلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءَ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإن تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإنَّ اللهَ لاَيَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ)(٧) وفي هذه الغزوة أقدم أربعة عشر منافقاً على الفتك برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في ظلمات الليل عند عقبة هناك ، ولمّا انصرف النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) من هذه الغزوة إلى المدينة كان في الطريق ماء يخرج من وشل بوادي المشقّق. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : من سبق إلى ذلك الماء

__________________

(١) الطبقات الكبرى ٨ / ٧٤ ، ثمّ أنظر كتاب وضوء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ١ / ٢٤٤.

(٢) تهذيب التهذيب ٨ / ١٥.

(٣) سورة التوبة ٩ : ٤٨.

(٤) سورة التوبة ٩ : ٤٩.

(٥) سورة التوبة ٩ : ٥٨.

(٦) سورة التوبة ٩ : ٦١.

(٧) سورة التوبة ٩ : ٩٥ ـ ٩٦.

           

۵۴

فلا يسقينّ منه شيئاً حتّى نأتيه ، فسبقه إليه نفر من المنافقين واستقوا ما فيه فلمّا أتاه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقف عليه فلم ير فيه شيئاً ، ولمّا علم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بأمر المنافقين ، قال : أولم ننههم أن يستقوا منه شيئاً حتّى نأتيه ، ثمّ لعنهم ودعا عليهم(١).

روى البخاري عن زيد بن ثابت : «لمّا خرج النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى اُحد رجع ناس من أصحابه فقالت فرقة منهم : نقتلهم ، وقالت فرقة : لا نقتلهم ، فنزلت الآية الكريمة : (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُوا ...)(٢). قال الراغب في مفرداته : أركسهم أي ردّهم إلى الكفر»(٣).

ومن الصحابة من نزلت فيهم قوله تعالى : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ)(٤) والتفصيل في هذا الموضوع يطول لأنّ الشواهد القرآنية في الكشف عن هذا الصنف الثالث كثيرة جدّاً وعليه ، فالصحابة قوم من النّاس لهم ما للنّاس وعليهم ما عليهم واعتبارهم جميعاً عدولاً أنّها مكابرة شديدة ، ومن رفض محاسبتهم أو نقدهمُ أو تجريحهم ، إنّما يرفض قول الله العزيز ، وما جاء في حقّهم بصريح القرآن وقد أشرنا إلى جملة منها. وفي هذا أمر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) الإمام عليّ عليه‌السلام أن يقاتل (الناكثين والقاسطين والمارقين) لأنّ جميعهم قد خرجوا عن الحقِّ فهم أضلّوا سبيلاً وكانت خاتمتهم الخسران المبين ، وكما قيل إنّ الأمور بخواتيمها.

__________________

(١) أضواء على السنة المحمّدية : ٣٥٣.

(٢) سورة النساء ٤ : ٨٨.

(٣) اضواء على السنة المحمّدية : ٣٢٢.

(٤) سورة التوبة ٩ : ١٠٧.

           

۵۵

أمّا الشكّ الرابع : وهو اعتراض البعض على أنّ في النهج إنباء بالغيب ، كإخباره بملك الأمويّين وقيام دولتهم ، وبعدها دولة بني العبّاس ، وكإخباره في ظهور الفتن والثورات ، كثورة الزنج وظهور التتار .. (١)

أقول :

ردّ هذا الاعتراض من وجوه :

أوّلاً :

إنّ الإمام عليه‌السلام لم يدّعِ هذا الغيب ، بل نفاه عنه في تصريح منه للرجل الكلبي في كلام وقع منه في وصف الأتراك فقال للرجل وكان كلبيّاً : «يا أخا كليب ليس هو بعلم غيب ، وإنّما هو تعلّم من ذي علم وإنّما علم الغيب علم الساعة ، وما عدّده الله سبحانه بقوله (إنَّ اللهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأرْحَامِ)(٢).

ثانياً : إنّ الغيب من الأمور المختصّة بالله سبحانه ولكنّه تعالى يجوز له أن يُطْلِعَ من يشاء من عباده عليه وذلك قوله تعالى : (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُول)(٣).

ثالثاً : الجميع يعلم أنّ الإمام عليّ عليه‌السلام تربّى في حجر النبيّ منذ نعومة أظافره ، وعنه أخذ علومه ، وكان هو مؤدّبه ومعلّمه وموضع سرّه ، وكثرت المناجاة بينهما حتّى قال عليه‌السلام : «علّمني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من العلم

__________________

(١) انظر : أثر التشيّع في الأدب العربي : ٥٧.

(٢) سورة لقمان ٣١ : ٣٤.

(٣) سورة الجن ٧٢ : ٢٦ ـ ٢٧.

           

۵۶

ألف باب يفتح لي من كلّ باب ألف باب»(١).

وكما قال في حقّه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أنا مدينة العلم وعليّ بابها»(٢) ، وأحاديث من هذا كثير ، إذن علمه عليه‌السلام بتعليم من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وتسديد من الله سبحانه.

رابعاً : إنّ كتب الصحاح قد أفردت باباً خاصّاً في تلك المغيّبات وذلك تحت عنوان : كتاب الفتن وأشراط الساعة وجلّها تتضمّن أنباء الغيب من ذلك في صحيح مسلم والبخاري : باب الخسف بالجيش الذي يتوجّه إلى بيت الله الحرام(٣) ، باب فتح القسطنطينية وخروج الدجّال ونزول عيسى بن مريم(٤) ، باب تقوم الساعة والروم أكثر الناس(٥) ، باب إقبال الروم وحربهم للمسلمين عدّة مرّات(٦) ، باب الآيات التي تكون قبل قيام الساعة(٧) ، باب لا تقوم الساعة حتّى تخرج نار من أرض الحجاز(٨) ، باب لا تقوم الساعة حتّى تقاتلوا قوماً كأنّ وجوههم المجان المطرقة ، ونعالهم الشعر وهم قوم صغار الأعين ذلف الأنوف حمر الوجوه ، وهم من الترك(٩)

__________________

(١) نظم درر السمطين : ١١٣ ، ينابيع المودّة ١ / ٢٣١ ، فرائد السمطين ١ / ١٠١ حديث ٧٠ ، الأربعون حديثاً : ٧ ، المناظرات في الإمامة : ٥٤٥ ، شرح مائة كلمة : ٥٦.

(٢) المستدرك للحاكم ٣ / ١٢٦ ، كنز العمّال ٦ / ١٥٢ حديث ٢٥٠٨ ، ينابيع المودّة : ٧٢.

(٣) صحيح مسلم ٨ / ١٦٦.

(٤) صحيح مسلم ٨ / ١٧٥.

(٥) صحيح مسلم ٨ / ١٧٦.

(٦) صحيح مسلم ٨ / ١٧٦.

(٧) صحيح مسلم ٨ / ١٧٦.

(٨) صحيح مسلم ٨ / ١٧٦.

(٩) صحيح مسلم ٨ / ١٧٦.

           

۵۷

وهكذا تجد أغلب هذه الأنباء في صحيح البخاري(١).

أمّا الشكّ الخامس : فإنّ المعترض يعجب من كلمة وصيّ والوصاية التي وردت في بعض كلامهِ عليه‌السلام(٢).

أقول :

والردّ على الگيلاني صاحب هذا الاعتراض من وجوه :

أوّلاً : إنّ حديث الدار يكفي ويغني عن كلّ جواب ، قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لمّا جمع عمومته وزعماء قريش وهم يومئذ أربعون رجلاً : «فأيّكم يؤازرني على أمري هذا على أن يكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم؟ فأحجم القوم ، ولم يجبه أحد إلاّ الإمام عليّ عليه‌السلام فقال مخاطباً للجمع : «إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا»(٣).

أقول :

وهناك أحاديث كثيرة صدرت عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) وردت فيها كلمة الوصيّ وقد أراد بها (صلى الله عليه وآله وسلم) ما عقده للإمام عليّ في كونه وصيّاً على الأمة من بعده.

ثانياً : ما ردّده الشعراء وما جرى على ألسِنة الناس :

قال جرير بن عبـد الله البجلي(٤) :

__________________

(١) صحيح البخاري ٩ / ٣٩ ـ ٤٧.

(٢) المعترض هو الجيلاني في كتابه أثر التشيع في الأدب العربي : ٦٦.

(٣) رواه أهل الصحاح والسنن ، فراجع على سبيل المثال مسند أحمد بن حنبل ١/١١١ و ١٥٩ وللتفصيل انظر المراجعات لشرف الدين : ١١٨ ، المراجعة ٢٠.

(٤) وقعة صفّين لابن مزاحم المنقري : ١٣٧.

           

۵۸

وصيّ رسول الله من دون أهله

ووارثه بعد العموم الأكابر

وقال حجر بن عدي الكندي الشهيد(١).

فإنّه كان لنا وليّاً

ثمّ ارتضاه بعده وصيّاً

***

وقال المغيرة بن الحرث بن عبـد المطّلب(٢) :

فيكم وصيّ رسول الله قائدكم

وأهله وكتاب الله قد نشرا

وقال عبـد الرحمن بن ذؤيب الأسلمي(٣) :

يقودهم الوصيّ اليك حتّى

يردّك عن غواتك وارتياب

وقال بريدة الأسلمي(٤) :

أمر النبيّ معاشراً

هم أُسرة ولها ذم

أن يدخلوا ويسلّموا

تسليم مَن هو عالم

أنّ الوصيّ له الإما

مة بعده والقائم

وقال الصحابي الجليل خزيمة بن ثابت (ذو الشهادتين) يعاتب عائشة لمّا خرجت إلى حرب أمير المؤمنين عليه‌السلام في البصرة(٥) :

أعائشُ خلّي عن عليّ وعيبه

وصيّ رسول الله من دون أهله

بماليس فيه إنّما انتِ والده

وأنتِ على ماكان من ذاك شاهده

وقال الصحابي الجليل أبو الهيثم بن التيهان يعرّض بطلحة والزبير

__________________

(١) وقعة صفّين لابن مزاحم المنقري : ٣٨١.

(٢) وقعة صفّين لابن مزاحم المنقري : ٣٨٥.

(٣) وقعة صفّين لابن مزاحم المنقري : ٣٨٢.

(٤) الصراط المستقيم ٣ / ١١٠ ، تقرب المعارف : ١٩٤.

(٥) نسمة السحر ٢ / ٢٤٠ ، الأوائل : ٩٩ ، أخبار شعراء الشيعة : ٥٨.

           

۵۹

وعائشة الذين نكثوا بيعة أمير المؤمنين عليه‌السلام :

قل للزبير وقل لطلحة إنّنا

نحن الذين شعارنا الأنصارُ

نحن الذين رأت قريش فعلنا

يوم القليب أُولئك الكفّارُ

كنّا شعار نبيِّنا ودثاره

يفديه منّا الروح والأبصار

إنّ الوصيّ إمامنا ووليّنا

برح الخفاءُ وباحتِ الأسرار(١)

وفي المناقب : «مرّ ابن عبّاس بنفر يسبّون عليّاً عليه‌السلام فقال : أيّكم السابّ الله؟ فأنكروا ، قال : أيّكم السابّ لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ..؟ فأنكروا ، قال : فيكم السابّ لعليٍّ عليه‌السلام؟ قالوا : فهذا نعم ، قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ يقول : من سبّ عليّاً فقد سبّني ، ومن سبّني فقد سبّ الله ، ومن سبّ الله فقد كفر ثمّ التفت إلى ابنه فقال : قل فيهم ، فقال :

نظروا إليك بأعين محمرّة

نظر التيوس إلى شفار الجازر

غزر الحواجب خاضعي أعناقهم

نظر الذليل إلى العزيز القاهر

سبّوا الإله وكذّبوا بمحمّـد

المرتضى ذاك الوصيّ الطاهر

أحياؤهم عار على أمواتهم

والميّتون فضيحة للغابرِ(٢)

وقال حسّان بن ثابت يمدح عليّاً عليه‌السلام بلسان الأنصار :

حفظت رسول الله فينا وعهده

إليك ومن أولى به منك من ومن

ألست أخاه في الهدى ووصيّه

وأعلم منهم بالكتاب وبالسنن(٣)

وقال أبو الأسود الدؤلي :

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ـ ١ / ١٤٣ ، الفتوح ٢ / ٣٠٧ ، الدرجات الرفيعة : ٣٢٢.

(٢) مناقب آل أبي طالب ٣ / ٢٢١ نقلا عن الولاية للطبري والإبانة للعكبري.

(٣) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ـ ٢/١٥ نقلاً عن الموفّقيات للزبير بن بكّار.

           

۶۰

أُحبّ محمّـداً حبّاً شديداً

وعبّاساً وحمزة والوصيّا

أُحبّهم لحبّ الله حتّى

أجيءُ اِذا بعثت على هويّا

هوئ أعطيته منذ استدارت

رحى الإسلام لم يعدل سويّا

يقول الأرذلون بنو قشير

طوال الدهر ماتنسى عليّا(١)؟

وفي هذا المقام يجدر بي أن أذكر حديث أُم سلمة :

«عن أم سلمة في معرض حديثها مع مولى لها كان يبغض عليّاً عليه‌السلامقالت له : أقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان يومي وإنّما كان نصيبي في تسعة أيّام يوماً واحداً ، فدخل النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يتخلّل أصابعه في أصابع عليٍّ عليه‌السلامواضعاً يده عليه ، فقال : يا أُم سلمة أخرجي من البيت وأخليه لنا ، فخرجت وأقبلا يتناجيان وأسمع الكلام ولا أدري ما يقولان ، حتّى إذا قلت : قد انتصف النهار وأقبلت وقلت : السلام عليكم ، ألج؟

فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : لا تلجي وارجعي مكانك ثمّ تناحيا طويلا ، حتّى قام عمود الظهر فقلت ذهب يومي وشغله عليّ فأقبلت أمشي حتّى وقفت على الباب فقلت : السلام عليكم ألج؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : لا تلجي ، فرجعت وجلست مكاني حتّى إذا أنا قلت قد زالت الشمس ألآن يخرج إلى الصلاة فيذهب يومي ، ولم أر قط أطول منه : أقبلت أمشي حتّى وقفت على باب الدار فقلت : السلام عليكم ألج؟ فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : نعم فلُجي ، فدخلت وعليّ عليه‌السلام واضع يده على رُكْبتَي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أدنى فاه في أذن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وفم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) على أذن عليٍّ يتسارّان ، وعليُّ يقول : أفأمضي وأفعل؟

__________________

(١) الكامل للمبرد ٢ / ١٣٠.

           

۶۱

والنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : نعم.

فدخلت وعليّ معرض وجهه حتّى دخلت وخرج ، فأخذني النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وأقعدني ، ثمّ قال : يا أم سلمة لا تلوميني فإنّ جبرئيل أتاني بأمر من الله تعالى يأمرني أن أوصي به عليّاً من بعدي ، وكنت بين جبرئيل وعليٍّ ؛ جبرئيل عن يميني وعليّ عن شمالي ، فأمرني جبرئيل أن آمر عليّاً بما هو كائن بعدي فاعذريني ولا تلوميني ، إنّ الله اختار من كلّ أمّة نبيّاً ، واختار لكلّ نبيّ وصيّاً فأنا نبيّ هذه الأمّة ، وعليٌّ وصيّي في عترتي وأهل بيتي وأمّتي من بعدي»(١).

وختاماً لهذه الفقرة نذكر ما ورد عن المستنصر العبّاسي :

«خرج المستنصر يوماً إلى زيارة قبر سلمان الفارسي رضي‌الله‌عنه ومعه السيّد محمّـد بن علي الأقاسي فقال له المستنصر وهما في الطريق : إنّ من الأكاذيب ما يرويه غلاة الشيعة من مجيء عليّ بن أبي طالب من المدينة إلى المدائن لمّا توفـّي سلمان الفارسي ، وتغسيله إيّاه ورجوعه من ليلته ، فأجابه السيِّد المذكور بقول أبي الفضل التيمي في ردّ من أنكر ذلك :

أنكرت ليلة اِذ سار الوصيّ بها

إلى المدائن لمّا أن لها طلبا

وغسّل الطهر سلماناً وعاد إلى

عراص يثرب والإصباح ما وجبا

وقلت ذلك من قول الغلاة وما

ذنب الغلاة اِذا لم يذكروا كذبا

فآصف قبل ردّ الطرف من سبأ

بعرش بلقيس وافى يخرق الحجبا

فأنت في آصف لم تغلُ فيه ، بلى

في حيدر أنا غال إنّ ذا عجبا

اِن كان أحمد خير المرسلين فذا

خير الوصيّين أوكلّ الحديث هبا».

__________________

(١) مناقب الخوارزمي : ٨٧.

           

۶۲

أمّا الشكّ السادس : إنّ في النهج إشارة إلى الزهد والموت وهذا ناتج من تأثير المسلمين بالنصارى ...

هذا القول في غاية الوهن والضعف والتردّي ، وصاحبه في غاية البلادة والسذاجة إن لم نقل عنه في غاية البغض والعداوة لأمير المؤمنين عليه‌السلام.

إنّ زهد الإمام عليه‌السلام هو الذي ندب إليه القرآن الكريم وحثّت عليه الآيات البيّنات ، فكم من آية جاءت الدنيا فيها مذمومة ..؟

قال تعالى : (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا)(١) وقوله تعالى : (قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالأَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً)(٢) وقوله تعالى : (.. تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الْدُّنْيَا فَعِندَ اللهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ)(٣) وقوله تعالى : (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ ...)(٤) وقوله تعالى : (وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا)(٥) وقوله تعالى : (مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ * أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الاْخِرَةِ إلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)(٦) وقوله تعالى : (ذَلِكُم بأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللهِ هُزُواً

__________________

(١) سورة البقرة ٢ : ٢١٢.

(٢) سورة النساء ٤ : ٧٧.

(٣) سورة النساء ٤ : ٩٤.

(٤) سورة الانعام ٦: ٣٢.

(٥) سورة الانعام ٦ : ٧٠.

(٦) سورة هود ١١ : ١٥ ـ ١٦.

           

۶۳

وَغَـرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا)(١) وقوله تعالى : (فَأَمَّا مَن طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى)(٢) وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَاز عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللهِ الْغَرُورُ)(٣) وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَد وَاتَّقُوا اللهَ إنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)(٤) وقال تعالى : (إنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ)(٥).

وقال تعالى : (إنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الأَيَاتِ لِقَوْم يَتَفَكَّرُونَ)(٦) وقال تعالى : (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ كَمَثَلِ غَيْث أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ)(٧).

__________________

(١) سورة الجاثية ٤٥ : ٣٥.

(٢) سورة النازعات ٧٩ : ٣٧ ـ ٣٩.

(٣) سورة لقمان ٣١ : ٣٣.

(٤) سورة الحشر ٥٩ : ١٨.

(٥) سورة يونس ١٠ : ٧.

(٦) سورة يونس ١٠ : ٢٤.

(٧) سورة الحديد ٥٧ : ٢٠.

           

۶۴

هذه وآيات عديدة أُخر تصف (الدنيا وما فيها) بمثابة متعة ليس إلاّ ، فهي زائلة ، وليس من ركن إليها بممدوح ، إنّها الدنيا التي ذمّتها الآيات وزهّدنا فيها أمير المؤمنين عليه‌السلام ، لكن ليس الزهد ـ كما فهمه البعض ـ أن لا تملك فيها شيئاً ، وليس من الزهد أن تلبس المسوح وتنأى عن المجتمع وتترك العيال كلاًّ على غيرك ، بل يكفيك من الدنيا ما تصون به ماء وجهك وعرضك.

قال تعالى : (وَابْتَغِ فِيَما آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الأَخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا)(١).

وبمثل ذلك جاءت نصائح أمير المؤمنين عليه‌السلام ، إذ هو الذي وبّخ عاصم بن زياد الحارثي حين سمع عنه أنّه لبس العباءة وتخلّى عن الدنيا فدعاه عليه‌السلام فلمّا رأى ما هو عليه قال :

«يا عديّ نفسه لقد استهام بك الخبيث ـ أي الشيطان ـ أما رحمت أهلك وولدك؟ أترى الله أحلّ لك الطيّبات وهو يكره أن تنالها؟ أنت أهون على الله من ذلك.

قال : يا أمير المؤمنين ، هذا أنت في خشونة ملبسك ، وجشوبة مأكلك؟

قال : ويحك إنّ الله فرض على أئمّة العدل أن يقدّروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيّغ بالفقير فقره»(٢).

رُوي عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال : «إنّ الناس في الدنيا ضيف وما في أيديهم عارية وأنّ الضيف راحل ، وأنّ العارية مردودة ، ألا وإنّ الدنيا عرض

__________________

(١) سورة القصص ٢٨ : ٧٧.

(٢) انظر : نهج البلاغة ٢ / ٢١٣.

           

۶۵

حاضر يأكل منه البرّ والفاجر والآخرة وعد صادق يحكم فيه ملك عادل قاهر فرحم الله من نظر لنفسه ومهّد لرمسه وحبله على عاتقه ملقىً قبل أن ينفذ أجله وينقطع أمله ولا ينفع الندم»(١).

قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في قوله تعالى : (وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا)(٢).

قال : لا تنس صحّتك وقوّتك وشبابك وغناك ونشاطك أن تطلب الآخرة»(٣).

وعليه أنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام نهى عن الركون إلى الدنيا والتهالك عليها ، ولم ينه عمّا يصلح الإنسان شأنه ويقيم أوده.

وربّ سائل أن يقول : وهل نعيم الدنيا محرّم على المؤمن؟

أقول :

لا تذهب بك الأوهام ، إنّما المؤمن أحقّ من غيره بنعيم الدنيا.

قال تعالى : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً)(٤) وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوّاتِ الشَّيْطانِ)(٥) وقال تعالى : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَكُلُوا

__________________

(١) ارشاد القلوب : ٢٤.

(٢) سورة القصص ٢٨ : ٧٧.

(٣) إرشاد القلوب : ٢٧.

(٤) سورة الأعراف ٧ : ٣٢.

(٥) سورة البقرة ٢ : ١٦٨.

           

۶۶

مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلاَلاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ)(١) وقوله تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ إنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(٢)وقال تعالى : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأنْعَامِ وَالْحَرْثِ)(٣).

إذا كانت هذه الشهوات من الوجهة الحلال فلا بأس بها إلاّ أنّ الاعتدال وعدم التهالك عليها هو المحبّذ وهو الأقرب إلى التقوى.

أمّا قوله تعالى : (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأمْوَالِ وَالأوْلاَدِ)(٤) فهي الدنيا المذمومة التي ذمّها أمير المؤمنين عليه‌السلام وحذّر منها ، فكم له عليه‌السلام من كلام في ذمّ تلك الزينة التي تقود إلى الغفلة والضياع ونسيان الآخرة ..؟!

هذا قوله لمّا دخل بيت المال في البصرة بعد انتصاره على أهل الجمل : نظر إلى الذهب والفضّة ثمّ قال مخاطباً هذه الدنيا الفانية : طلّقتك ثلاث ... وهو الذي خاطب تلك الأموال بقوله غرّي غيري ...

وأمّا ما ذكروه في شأن الموت والفناء ، فإنّ ما ذكره أمير المؤمنين عليه‌السلام له في القرآن أسوة من ذلك : قولـه تعالى : (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَر مِن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإيْن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ)(٥) وقال تعالى : (كُلُّ نَفْس ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)(٦) وقال تعالى : (أَيْنَما

__________________

(١) سورة المائدة ٥ : ٨٧ ـ ٨٨.

(٢) سورة الأنفال ٨ : ٦٩.

(٣) سورة آل عمران ٣ : ١٤.

(٤) سورة الحديد ٥٧ : ٢٠.

(٥) سورة الأنبياء ٢١ : ٣٤.

(٦) سورة آل عمران ٣ : ١٨٥.

           

۶۷

تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوج مُشَيَّدَة)(١) وقال تعالى : (نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ)(٢) وقال تعالى : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً)(٣).

وقال تعالى : (اللهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ...)(٤).

وقال تعالى : (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَان * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإكْرَامِ)(٥).

وآيات أخر عديدة ، إنّ السرّ في الحثّ على الموت سواء في القرآن الكريم أم في نهج البلاغة ، هو الاعتصام بحبل الله والنظر إلى ما عند الله من النعيم الأبدي الذي لا يفنى ، ثمّ إنّ الذاكر للموت سوف يعيش ساعات اللقاء في أيّ لحظة كانت فلا يسأم ولا يندم ، فهو الحقّ ، وهكذا من كان ذاكراً للموت مستعدّاً له يعيش حياة الإيمان والتقوى والعبادة والعمل الصالح ، فهو أبداً شجاع لا يرهب سلطاناً.

ولا يكون جباناً ، ولا يكون حريصاً على مال أو لذّة ، فهو دوماً شكور صابر ، عزيز غير ذليل ، نقيّ السريرة ، طاهر الأردان ، و ...

وعليه يذكّرنا الحديث الشريف : «أكثروا من هادم اللذات»(٦) ذلك البعد المعنوي في ارتقاء الروح وسموّها إلى عالم الفضيلة.

__________________

(١) سورة النساء ٤ : ٧٨.

(٢) سورة الواقعة ٥٦ : ٦٠.

(٣) سورة الملك ٦٧ : ٢.

(٤) سورة الزُّمر ٣٩ : ٤٢.

(٥) سورة الرحمن ٥٥ : ٢٦ ـ ٢٧.

(٦) كتاب الدعوات : ٢٣٨ ، وسائل الشيعة ٢ / ٦٤٩ حديث ٥ ، كشف اللثام ١ / ١٠٧ ، عيون أخبار الرضا ١ / ٧٥ حديث ٣٢٥.

           

۶۸

إذن كلام أمير المؤمنين عليه‌السلام وذكره للموت هو جرياً لما جاء في القرآن الكريم.

أمّا الشكّ السابع : قال البعض إنّ في بعض الخطب تقسيم المعاني والمسائل إلى أصناف كتقسيم الاستغفار إلى ست معان و ...

أقول :

وهل غاب عن هذا المعترض ما جاء في القرآن الكريم عندما قسّم سبحانه وتعالى الناس فقال : (وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاَثَةً * فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ...)(١).

ثمّ يردف سبحانه هذه الآيات المجملة بتفصيل وهذا ما يعرف في البلاغة بالّلفّ والنشر.

وموارد أُخرى في القرآن الكريم فيها ذلك التقسيم والتصنيف ، ثمَّ التقسيم الذي جاء في كلام صاحب الرسالة (صلى الله عليه وآله وسلم) في أحاديث جمّة لا تحصى خذ مثالاً منها ، قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «ستّة أشياء حسنة ولكنّها من ستّة أحسن ، العدل حسن وهو من الأمراء أحسن ، والصبر حسن وهو من الفقراء أحسن ، والتوبة حسنة وهي من الشباب أحسن ، والحياء حسن وهو من النساء أحسن ، وأمير لا عدل له كغمام لا غيث له ، وفقير لا صبر له كمصباح لا ضوء له ، وعالم لا ورع له كشجرة لا ثمرة لها ، وغنيّ لا سخاء له كمكان لا نبت له ، وشابٌّ لا توبة له كنهر لا ماء فيه ، وامرأة لا حياء لها

__________________

(١) سورة الواقعة ٥٦ : ٧ ـ ١٠.

           

۶۹

كطعام لا ملح لـه»(١).

وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «معشر المسلمين إيّاكم والزنا فإنّ فيه ستّ خصال ، ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة ، فأمّا التي في الدنيا فإنّه يذهب البهاء ، ويورث الفقر ، وينقص العمر ، وأمّا التي في الآخرة فإنّه يوجب سخط الربّ ، وسوء الحساب ، والخلود في النّار»(٢).

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «ثلاث من كنّ فيه استوجب الثواب واستكمل الإيمان : خلق يعيش به في النّاس ، وورع يحجزه عن محارم الله ، وحلم يردّ به جهل الجاهل»(٣).

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أربع من كنّ فيه كان منافقاً خالصاً ، ومن كانت فيه خصلة منهنّ ، كانت فيه خصلة من النفاق حتّى يدعها ، إذا اؤتمن خان ، وإذا حدّث كذب ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر»(٤).

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «ثلاث من كنّ فيه آواه الله في كنفه ، وستر عليه برحمته ، وأدخله في محبّته : من إذا أعطى شكر ، وإذا قدر غفر ، وإذا غضب فتر»(٥).

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «ثلاث منجيات ، وثلاث مهلكات : فأمّا المنجيات : فالعدل في الغضب والرضا ، وخشية الله في السرّ والعلانية ، والقصد في الغنى والفقر ، وأمّا المهلكات : فشحٌّ مُطاع ، وهوىً متّبع ، وإعجاب المرء

__________________

(١) ارشاد القلوب للديلمي : ٢٣٣.

(٢) الخصال ١ / ١٤١.

(٣) مدارك الأحكام ٧ / ١٤ ، الوسائل ٩ / ٣٦٤ أبواب مقدمات الطواف.

(٤) المحلى ٨ / ٢٨ و ١١ / ٢٠٢ ، كنز العمّال ٨٤٩ ، صحيح البخاري ١ / ١٤.

(٥) محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) المثل الكامل : ٩٤.

           

۷۰

بنفسه»(١).

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أعطيت خمساً لم يعطهنّ أحدٌ قبلي ، كان كلّ نبيٍّ يبعث إلى قومه خاصّة وبُعثت إلى كلّ أحمر وأسود ، وأحلّت لي الغنائم ولم تحلّ لأحد قبلي ، وجُعلت لي الأرض مسجداً وطهورا فأيّما رجل من أمّتي أدركته الصلاة فليصلِّ حيث كان ، ونُصرت بالـرعب مسيرة شهر ، وأعطيت الشفاعة»(٢).

وعن أبي هريرة قال : قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) : «سبعة يظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه : إمام عادل ، وشابٌّ نشأ في عبادة الله ، ورجل قلبه معلّق بالمساجد ، ورجلان تحابّا في الله اجتمعا عليه وتفرّقا عليه ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال ، فقال : إنّي أخاف الله ، ورجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتّى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه»(٣).

والشواهد من أقوال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كثيرة جدّاً فما بال المعترض يعجب من التقسيم الوارد في كلام أمير المؤمنين عليه‌السلام وهو ربيب رسول الله نشأ في حجره ونهل من معينه الزلال الصافي؟!

وغير ذلك من الشواهد فعن عبـد الرحمن بن عوف قال : «دخلت على أبي بكر الصديق في مرضه الذي توفّي فيه فأصابه مهتمّاً ، فقال لـه عبـد الرحمن في جملة كلام لـه : إنّك لا تأسى على شيء من الدنيا قال

__________________

(١) محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) المثل الكامل : ٣٢٢.

(٢) رواه جابر وأخرجه البخاري. وفي تلخيص الحبير ٢ / ٣١٦ ، تنوير الحوالك : ٧٢٧ ، المبسوط ١٥ / ٣ ، حاشية ردّ المختار ١ / ٢٤٦.

(٣) رواه البخاري ومسلم ، المجموع ٤ / ١٩٥ و ٦ / ٢٣٨ ، إعانة الطالبين ٢ / ٢٣٧ ، فقه السنّة ١ / ٤١٢ ، والمجازات النبوية : ٤١٢.

           

۷۱

أبو بكر : أجل لا آسى على شيء من الدنيا إلاّ على ثلاث فعلتهن وددت أنّي تركتهنّ ، وثلاث تركتهنّ ووددت أنّي فعلتهنّ ، وثلاث وددت أنّي سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عنهنّ.

فأمّا الثلاث التي وددت أنّي تركتهنّ ، فوددت أنّي لم أكشف بيت فاطمة عن شيء وإنْ كانوا قد غلقوه على الحرب ، ووددت أنّي لم أكن حرقت الفجاءة السلمي وأنّي قتلته سريحاً أو خلّيته نجيحاً ، ووددت أنّي يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين ـ يريد بهما عمر وأبا عبيدة ـ فكان أحدهما أميراً وكنت وزيراً.

وأمّا اللاتي تركتهنّ : فوددت أنّي يوم أتيت بالأشعث بن قيس أسيراً كنت ضربت عنقه ، فإنّه تخيل إليّ أنّه لا يرى شرّاً إلاّ أعان عليه ، ووددت أنّي حين سيّرت خالد بن الوليد إلى أهل الردّة كنت أقمت بذي القصّة ، فإن ظفر المسلمون ظفروا وإن هزموا كنت بصدد لقاء أو مدد ، ووددت أنّي إذ وجّهت خالد إلى الشام كنت وجّهت عمر بن الخطّاب إلى العراق ، فكنت قد بسطت يديّ كليهما في سبيل الله ومدّ يديه ، ووددت أنّي سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لمن هذا الأمر؟ فلا ينازعه أحد ، ووددت أنّي كنت سألته هل للأنصار في هذا الأمر نصيب؟ ووددت أنّي كنت سألته عن ميراث ابنة الأخ والعمّة فإنّ في نفسي منهما شيئاً»(١).

وللمزيد من الشواهد والنصوص عليك بكتاب المواعظ العددية وهكذا تجد بغيتك في كتاب الخصال فراجع.

__________________

(١) أخرج الحديث بطوله أبو عبيدة في كتاب الأموال صفحة ١٣١ والطبري في تاريخه ٤ / ٥٢ ، وابن قتيبة في الامامة والسياسة ١ / ١٨ والمسعودي في مروج الذهب ١ / ٤١٤ وابن عبـد ربّه الاندلسي في العقد الفريد ٢ / ٢٥٤.

           

۷۲

وخلاصة القول : ما جاء في نهج البلاغة من تقسيم المعاني وتصنيف المطالب هو إقتداء بكلام الله سبحانه وتعالى واقتفاء بكلام نبيّه الأكرم.

أمّا الشكّ الثامن : إنّ في النهج وصفاً دقيقاً للحيوانات كالطاووس ، فمتى رأى الإمام هذا الحيوان حتّى يصفه بتلك الدقّة المتناهية؟!

أقول :

إنّ اعتراض البعض ليس بوجيه ، ولا يخضع للمنطق والعقل ، إذ هل أنّ المعترض قد صاحب الإمام عليه‌السلام في سفراته وغزواتها وهجرته حتّى ينكر عليه مشاهدته للطاووس وغيره من الحيوانات؟!

إنّ الإمام عليه‌السلام هاجر إلى اليمن ، واشترك في كلّ المعارك والغزوات ، وتنقّل بين ربوع الحجاز والعراق والشام ، وكانت تصل إليه هدايا الملوك والأمراء ، فهل من الصعب أن يرى الإمام عليه‌السلام الطاووس وغيره من الحيوانات التي قد لم تكن موفورة في مكّة أو المدينة؟

وقد يكون أنّ الإمام رأى الطاووس في البصرة والتي تعدّ ذلك اليوم مركز التجارة وحلقة وصل بين الهند وبلاد فارس وبلاد العرب ، وربّما شاهده عليه‌السلام في المدائن عاصمة الأكاسرة فيما مضى ، فقد بقيت عامرة حتّى عصر الإمام وما بعده.

أمّا الشكّ التاسع : أنّهم قالوا : في بعض النهج يوجد سجع منمّق وصناعة لفظية ، لا تعرف لذلك العصر ، بل إنّما برز هذا اللون من الصناعة

 

۷۳

في العصر العبّاسي ، والقائل بذلك أحمد أمين في كتابه فجر الإسلام(١) ، والردّ عليه من وجوه :

أوّلاً : إنّ أدنى التفات من الباحث المختصّ في الأدب العربي سيجد هناك فرقاً كبيراً بين ما هو سجع منمّق صدر عفو الخاطر وبين سجع متكلّف عليه آثار الصنعة.

ثانياً : إنّ في القرآن الكريم آيات عديدة بل سور كثيرة جاء فيها السجع وهو بمثابة تنميق لفظي له وقعه الجميل في النفوس ولم يكن فيه أيّ تكلّف أو صنعة ، اقرأ قوله تعالى من سورة النازعات : (وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً * وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً * وَالسَّابِحَاتِ سَبْحاً * فَالسَّابِقَاتِ سَبْقاً * فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً * يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ * قُلُوبٌ يَوْمَئِذ وَاجِفَةٌ * أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ)(٢) إلى آخر السورة المباركة.

واقرأ في سورة عبس : (عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَن جَاءَهُ الأعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى)(٣) إلى آخر السورة المباركة.

وهكذا في سورة التكوير وسورة الانفطار والمطفّفين والانشقاق وحتّى آخر الجزء الثلاثين ناهيك عن السور الأخر من الأجزاء المتقدّمة.

فهل الأستاذ كرد علي وابن تيميّة ـ وغيرهما ـ قد غفلا عن هذه السور والآيات المباركة حتّى يدّعيا أنّ هذا السجع هو من أسلوب العصر العبّاسي أو هناك شيٌ آخر قد انطوت عليه السرائر فكشفه نفث الصدور؟!

__________________

(١) فجر الإسلام ١٤٨ ـ ١٤٩.

(٢) سورة النازعات ٧٩ : ١ ـ ٩.

(٣) سورة عبس ٨٠ : ١ ـ ٦.

           

۷۴

ثالثاً : تطالعنا نصوص عديدة من العصر الجاهلي فيها من ذلك السجع فما بال المعترض؟!

انظر واقرأ النصّ الوارد من قس بن ساعدة الأيادي الذي يُعدّ من كبار حكماء العرب في العصر الجاهلي قال : «أيّها النّاس : اجتمعوا فاسمعوا وعوا ، من عاش مات ، ومن مات فات ، وكلّ ماهو آت آت ، في هذه آيات محكمات مطر ونبات ، وآباء وأمّهات ، وذاهب وآت ، ونجوم تمور ، وبحور لاتغور ، وسقف مرفوع ، ومهاد موضوع ، وليل داج ، وسماء ذات أبراج»(١).

وهو القائل :

«يا معشر إياد ، أين ثمود وعاد ، وأين الآباء والأجداد ، أين المعروف الذي لم يُشكر ، والظلم الذي لم ينكر ، أقْسَمَ قُسٌ قسماً بالله ، إنّ الله لدينا هو أرضى لـه من دينكم هذا»(٢) ومن السجع «قول هند بنت الخُسّ (الزرقاء) قيل لها أي الرجال أحبّ اليك؟

قالت : القريب الأمَد ، الواسع البلَد(٣) ، الذي يُوفَد اليه ولا يَفِد»(٤).

ومن السجع «قول جُمعة بنت حابس ، قيل لها أيّ الرجال أحبّ اليك؟

قالت : الشنِق الكتَد(٥) ، الظاهر الجلد ، الشديد الجذب بالمسَدِ»(٦).

__________________

(١) البيان والتبيين ٢ / ٢٥٣.

(٢) البيان والتبيين ٢ / ٢٥٤.

(٣) البلد : الدار.

(٤) البيان والتبيين ٢ / ٢٥٦.

(٥) الشنق : الطويل ، الكتد : أعلى الكتف.

(٦) البيان والتبيين ٢ / ٢٥٦.

           

۷۵

ومن السجع قوله : «إنّ الأعمار تفنى ، والأجسام تبلى ، والأيّام تطوى ، والليل والنهار يتطاردان تطارد البريد ، يقرّبان كلّ بعيد ، ويخلقان كلّ جديد .. الخ»(١).

وقوله عليه‌السلام : «افشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصلوا الأرحام ، وصلّوا بالليل والنّاس نيام»(٢).

وهكذا لو تصفّحت خطب الصحابة وخطب أبي بكر وعمر بن الخطّاب وعثمان بن عفّان وغيرهم لوجدت الكثير من ذلك السجع والتنميق ويجدر بالمعترض أن يقرأ قبل أن يدلي بشكوكه ولبنات أفكاره الواهية ، عليه أن يقرأ : البيان والتبيين للجاحظ ، وعيون الأخبار لابن قتيبة ، والعقد الفريد لابن عبـد ربّه الأندلسي ، وجمهرة خطب العرب ، ففي تلك المصادر ما يشفي الغليل وبها يصحو العليل فما أكثر النصوص ، وما أكثر السجع والمقابلة فيها ، فهي جميعاً من مختارات بلغاء العرب وخطبائهم في الجاهلية وصدر الإسلام.

أمّا الشكّ العاشر : وهو أنّ النهج اشتمل على صيغ فلسفية وكلامية وعلوم لم تعرف إلاّ بعد زمن الإمام عليه‌السلام ... والردّ عليه بإمور :

أوّلا : إنّ في القرآن مئات الآيات تؤكّد على فكرة التوحيد ، وتحثّ النّاس على التدبّر في تلك الآيات والإمعان فيها :

قال تعالى : (وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ

__________________

(١) البيان والتبيين ٢ / ٢٥٦.

(٢) المجموع للنووي ٤ / ٥٩٣ ، بدائع الصنائع ٥ / ١٠١ ، المحاسن ٢ / ٣٨٧.

           

۷۶

تُبْصِرُونَ)(١) ، وقال تعالى : (أَفَلاَ يَنظُرُونَ إلَى الإبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ)(٢) ، وقال تعالى : (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوب أَقْفَالُهَا)(٣) ، وآيات التدبّر كثيرة.

هذه الدعوة إلى التدبّر تسوقنا إلى أنّ المسلمين الأوائل هم الذين فتحوا باب الجدل وعلم الكلام والمناظرة وبهذا العلم اهتدى الكثير من النّاس وذلك بسبب الحوار الذي كان يتمّ بين المسلم الداعية وبين المشركين وذوي النحل وأصحاب الأديان ، وهذا أمر قد ألِفه المسلمون في زمن النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم).

ثانياً : إنّ تعذّر الرؤية ، وكلام الخالق ، ونفي الجسمية ، والاستدلال على وجوده ومطالب عقائدية أخرى كثيرة تطرّق إليها القرآن الكريم في آيات عديدة من ذلك قوله تعالى : (لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ ..)(٤).

وفي نفي الجسمية عنه وأنّه ليس في جهة معينة قوله تعالى : (هُوَ الأَوَّلُ وَالاَْخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ)(٥).

وفي الاستدلال على وجود الخالق قوله تعالى : (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الأَفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْء شَهِيدٌ)(٦) ، وقوله تعالى : (وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ *

__________________

(١) سورة الذاريات ٥١ : ٢٠ ـ ٢١.

(٢) سورة الغَاشِيَة ٨٨ : ١٧.

(٣) سورة مُحمّـد ٤٧ : ٢٤.

(٤) سورة الأنعام ٦ : ١٠٣.

(٥) سورة الحديد ٥٧ : ٣.

(٦) سورة فصلت ٤١ : ٥٣.

           

۷۷

وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ)(١).

وفي نفي الشريك يستدلّ القرآن الكريم بقولـه تعالى : (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلاَّ اللهُ لَفَسَدَتَا)(٢).

هذه الإستدلات القرآنية ليست هي بعيدة عن المسلمين الأوائل ، لذا فهي تشكّل جذور علم الكلام والفلسفة وقد استنطق أمير المؤمنين عليه‌السلامالقرآن الكريم وكانت خطبه عبارة عن شرح لتلك الدلالات فهو نبع الفصاحة ، وسرّ البلاغة ، وقد عكف على مدارسة القرآن منذ أن هجره القوم وتركوا بيعته.

وفي فضل أمير المؤمنين عليه‌السلام وسابقته إلى الإسلام وغزارة علمه يقول الحسن البصري حين سئل عن عليٍّ «قال : لم يكن بالنؤمة عن أمر الله ، ولا بالملومة في دين الله ، ولا بالسروقة لمال الله ، أعطى القرآن عزائمه فيما عليه وله ، فاحلّ حلاله ، وحرّم حرامه ، حتّى أورده ذلك رياضاً مونقة وحدائق مغدقة ..»(٣).

ثالثاً : تُعدّ الكوفة حاضرة العالم الإسلامي وقتئذ عندما نزلها أمير المؤمنين عليه‌السلام ونقل عاصمة خلافته إليها.

والكوفة ليست كالحجاز والشام ومصر ، بل هي قبلة العلماء ، ومرجع الأدباء والفلاسفة والمتكلّمين ، ومهبط الأفكار والعلوم ، إذ نزلها الفرس ، والسريانيّون والكلدانيّون ، وفيها راجت الديصانية والزندقة والأفكار الهندية واليونانية ..

__________________

(١) سورة الذاريات ٥١ : ٢٠ ـ ٢١.

(٢) سورة الانبياء ٢١ : ٢٢.

(٣) انظر : البيان والتبيين للجاحظ ٢ / ٨٨ وهامش الصفحة.

           

۷۸

ولمّا كانت المذاهب والأفكار لها رواج بين الناس وتأثيرها في العوام أكثر من غيرهم ممّا دفع بالإمام عليه‌السلام أن يوضّح العقائد ويبيّن ما التبس على أصحاب الأهواء والنحل ، فكانت خطبه في التوحيد على رأس تلك الخطب وذلك تلبية لحاجة المجتمع ، وترسيخاً للعقائد والمفاهيم الإسلامية في النفوس.

إذن يحتّم علينا أن نقول إنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام هو الذي فتق علم التوحيد ، وهو الذي عالج قضاياه على ضوء القرآن الكريم ، وهو الذي علّم تلامذته أن يسلكوا هذا النهج مع الخصوم من الملاحدة ، والزنادقة ، وأهل البدع ، وأرباب الفلسفة ، وبالتالي أنّ لـه السبق ممّن نطق بهذه الفنون ، وأنّ علم التوحيد برز على يد الإمام قبل أن يخلق عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء.

أمّا الشكّ الحادي عشر : ادّعى البعض أنّ أهل اللغة والأدب لم يستشهدوا بـ : نهج البلاغة.

أقول :

ليت شعري لو تصفّح هذا المدّعي كتب الأوائل من مؤرّخين وأدباء وعلماء لوجد النصوص مبثوثة هنا وهناك وقد أسلفنا في الصفحات المتقدّمة أنّ بعض علماء اللغة والأدب نقل لنا العديد من نصوص أمير المؤمنين عليه‌السلام وكلامه في شتّى المواضيع والمناسبات ، فهذا أبو عمرو الجاحظ ذكر جملة من خطب أمير المؤمنين عليه‌السلام في كتابه البيان والتبيين ، وهذا ابن عبـد ربّه الأندلسي ذكر في كتابه العقد الفريد جملة من خطب الإمام عليه‌السلام ، و ... ويطول المقام لو أردنا أن نسرد أسماء الكتب التي نقلت

 

۷۹

لنا كلام سيّد البلغاء وإمام الفصّحاء أمير اللغة والبيان ؛ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، وستعرف من بحثنا الآتي أنّ الخوارج ؛ ومنهم الأباضية ، كانوا يحفظون خطب أمير المؤمنين ؛ وأنّ خطباء دولتهم الرستمية كانوا يعيدون ما حفظوه من خطب الإمام عليٍّ في الجُمع والأعياد.

أمّا الشكّ الثاني عشر : قول القائل : إنّ بعض رسائل نهج البلاغة اتسمت بالإسهاب والتطويل أو التفصيل ولمّا كان الورق متعذّراً في عهد الإمام فمن البعيد أن يصدر منه عهده للأشتر.

أقول :

إنّ هذا الاعتراض والشكّ هو أوهن من خيط العنكبوت وذلك أنّ صناعة الورق (القرطاس) كانت قديمة جدّاً إذْ عرفها الصينيّون قبل الإسلام.

فمنذ مطلع القرون الميلادية استعمل الصينيّون الورق المصنوع من الأقمشة البالية ، وحلّ الحبر محلّ الدهان كوسيلة للكتابة بين سنتي ٢٢٠ ـ ٢٦٥(١) ثمّ إنّ مصر كانت مركزاً رئيسيّاً لصناعة الورق في ذلك الحين ومنذ زمن الفراعنة ، فهل يعجز الإمام عليه‌السلام أن يستورد منها هذه المادّة وأنّ الحاكم عليها وواليها من قبل أمير المؤمنين عليه‌السلام هو محمّـد بن أبي بكر؟!

ثمّ لا تنسى أنّ التجارة بين المدن والأمصار قد اتسعت كثيراً في الدولة الإسلامية ، وإذا كان المسلمون في عوز وفقر ، فذلك في بدء الدعوة وعلى عهد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فحسب.

__________________

(١) موجز تاريخ الحضارة ١ / ٣٥٥.

           

۸۰

وأخيرا نقول :

إذا لم يكن هناك قرطاس يكتب عليه ففي الجلود ما فيه الكفاية حيث كان المسلمون يكتبون عليه بعد صقله ودلكه ، وهذه الجلود المعدّة لهذه الغاية كانت موفورة بلا أدنى شكّ.

أمّا الشكّ الثالث عشر : ادّعى البعض أنّ هناك عدّة خطب في النهج تُعزى لأشخاص غير الإمام عليه‌السلام من ذلك الخطبة التي أوّلها :

«أيّها الناس إنّنا قد أصبحنا في زمن عنود ودهر كنود» فقيل إنّها تنسب إلى معاوية(١) ، وكالخطبة التي أوّلها : «إنّ الدنيا حلوة خضرة ..» فقد نسبها الجاحظ إلى قطري بن الفجاءة الخارجي(٢).

أقول :

هذه الدعوى مخدوشة من عدّة جوانب :

أوّلاً : إنّ بلاغة أمير المؤمنين عليه‌السلام متميّزة بالصورة الجمالية من استعارات وكنايات وتمثيل وتشبيه ، وإنّك تجد جميع كلام أمير المؤمنين عليه‌السلام في النهج على وتيرة واحدة.

ثانياً : لو وضعت تلك النصوص التي زعم البعض أنّها منسوبة أما إلى معاوية أو إلى قطري بن الفجاءة وقارنوا بينها وبين كلام أولئك وأشعارهم لوجدوا البون الشاسع بحيث يأبى الذوق ـ ناهيك عمّن هو متخصّص في بلاغة الأدب والأدباء ـ أن يضع هذه النصوص في حقل كلام أولئك النفر.

ثالثاً : إنّ سيرة حكّام بني أميّة حرصت كلّ الحرص أن لا يتكلّم

__________________

(١) صرّح به الجاحظ في البيان والتبيين ٢ / ٣٩.

(٢) البيان والتبيين ٢ / ٣٩.

           

۸۱

الناس بفضائل عليٍّ عليه‌السلام وأهل بيته الكرام إذ كمّوا الأفواه ، وعاقبوا كلّ من يذكر من سيرة عليٍّ وأبنائه الأطهار ، وفي مقابل ذلك نسبوا الكثير من الفضائل إلى معاوية وابنه يزيد وعمرو بن العاص وسائر حكّام بني أميّة ، فهم الذين افتعلوا الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة ونسبوا لهم الكرامات والمعاجز والمناقب ...

فليس بِدعاً من بني أميّة وهم السرّاق للمال والغاصبين للخلافة أن يسرقوا تراث وكلام أمير المؤمنين عليه‌السلام ثمّ يلوكوه بألسنتهم ويلفظوه ثانية على العوامّ من أهل الشام ، فكم لهم من سطوة على خطب الإمام عليه‌السلاموكلماته؟!

انظر إلى نقد الجاحظ عندما تناول خطبة لمعاوية لمّا حضرته الوفاة.

قال : «إنّ هذا الكلام لا يشبه السبب الذي من أجله دعاهم معاوية ، ومنها أنّ هذا المذهب في تصنيف الناس وفي الإخبار عنهم وعمّا هو عليه من القهر والإذلال ومن التقية والخوف أشبه بكلام عليٍّ عليه‌السلام وبمعانيه بحاله منه بحال معاوية ... إلى أن يقول : والله أعلم بأصحاب الأخبار وبكثير منه»(١).

وممّا نسوقه دليلاً في الردّ على المعترض ، ما جاء في شرح النهج لابن أبي الحديد وهو يقارن خطبة الإمام عليه‌السلام في الجهاد بخطبة ابن نباتة المتوفـّى سنة ٣٧٤ هـ.

فيقول : «واعلم أنّ التحريض على الجهاد والحضّ عليه قد قال فيه النّاس فأكثروا وكلّهم أخذوا من كلام أمير المؤمنين عليه‌السلام فانظر إليها ـ إلى

__________________

(١) البيان والتبيين ٢ / ٣٩.

           

۸۲

خطبة ابن نباتة ـ وإلى خطبته عليه‌السلام بعين الإنصاف تجدها بالنسبة إليه كمخنّث بالنسبة إلى الفحل أو كسيف من رصاص بالإضافة إلى سيف من حديد .. إذا تأمّله الخبير عرفه ، ومع هذا فهي مسروقة من كلام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ثمّ يقول ابن أبي الحديد : وأمّا باقي خطبة ابن نباتة فمسروق من خطب لأمير المؤمنين عليه‌السلام واعلم أنّي أضرب لك مثلاً تتخذه دستوراً في كلام أمير المؤمنين عليه‌السلام وكلام الكتّاب والخطباء بعده كابن نباتة والصابي وغيرهما.

وبعد هذا بصفحتين يقول ابن أبي الحديد : فلينظر الناظر في هذا الكلام ؛ كلام ابن نباتة وكلام الإمام عليٍّ عليه‌السلام فإنّه وإن كان قد أخذ من صناعة البديع بنصيب إلاّ أنّه في حضيض الأرض ، وكلام أمير المؤمنين عليه‌السلام في أوج السماء ، ومثله بالقياس إلى كلام أمير المؤمنين عليه‌السلامكدار مبنية من اللبن والطين ، ومموّهة الجدران بالنقوش والتصاوير مزخرفة بالذهب من فوق الجصّ والإسفيداج(١) بالقياس إلى دار مبنية بالصخر الأصمّ الصلد المسبوك بينه عمد الرصاص والنحاس المذاب ، وهي مكشوفة غير مموّهة ولا مزخرفة ، فإنّ بين هاتين الدارين بوناً شاسعاً»(٢).

ومن المفارقات العجيبة أنّ أحمد أمين ينكر نسبة النهج لأمير المؤمنين عليه‌السلام لكنّه يقع في مزلق كبير فيه افتضاحه وتعرّيه قال في معرض كلامه على البصائر والذخائر ما يؤكّد شيوع نهج البلاغة بين النّاس وأنّ الاقتباس من الإمام عليٍّ عليه‌السلام أمر يشهد لـه الجميع ثمّ صرّح بأنّ السرقة الأدبية من كلام الإمام عليه‌السلام كانت تجري على قدم وساق دونما رادع ، وفي

__________________

(١) الاسفيداج ـ رماد الرصاص.

(٢) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ـ ٢ / ٨٢ و ٨٤.

           

۸۳

معرض حديثه وتعليقه على كلام أبي حيّان التوحيدي الذي كان في صدد المروي من كلمات أمير المؤمنين عليه‌السلام القصار من نهج البلاغة والقول المنسوب إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) «لا مال أعود من العقل» ، قال أحمد أمين : «ليس هذا من حديث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وإنّما هو من كتاب نهج البلاغة»(١).

لم يقل من كلام أمير المؤمنين عليه‌السلام لكونه يتورّع من أن ينسب هذا الكلام إليه من جهة ، ومن جهة أخرى كان يتصوّر أنّ التوحيدي متأخّر على الشريف الرضي وفي عمله هذا مراده الطعن بعمل الشريف الرضي وتزييفه ، لكن غابت عن ذاكرته أنّ التوحيدي توفّي سنة ٣٨٠ هـ ، أي قبل صدور نهج البلاغة بعشرين عاماً.

فكم من مفتر أثيم قد فضحه الله على فلتات لسانه؟!

أضف إلى كلّ هذا وذاك فإنّ الكلمات التي رواها التوحيدي ذكرها ابن عبـد ربّه الأندلسي المرواني المتوفّى سنة ٣٢٨ هـ ، في كتابه العقد الفريد ، المجلّد الثاني ص ٢٥٢.

علماً أنّ أحمد أمين هو أحد المشرفين على طبع هذا الكتاب ـ العقد الفريد ـ والمكلّفين بتصحيحه وتحقيقه.

ولا يبعد بك المقام في كلّ ما تقدّم عن الخوارج فقد كانوا يحفظون خطب الإمام عليٍّ عليه‌السلام ويعيدونها على منابرهم في الجُمع والأعياد.

يقول الأستاذ الشيخ محمّـد علي دبوز أستاذ الأدب العربي في معهد الحياة في الجزائر ؛ وهو من معتدلي الأباضية ؛ في كتابه تاريخ المغرب

__________________

(١) فجر الإسلام : ١٤٨.

           

۸۴

الكبير : «قال ابن الصغير : كان الأباضية في الدولة الرستمية(١) لا يمنعون أحداً من الصلاة في مساجدهم ولا يكشفون على حاله ولو رأوه رافعاً يديه.

وكانت خطبهم على منابرهم هي خطب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه لحبّ الأباضية للإمام عليٍّ رضي الله عنه وإجلالهم لمقامه وإعجابهم ببلاغته وفصاحته.

إنّ إيثار الأباضية في الدولة الرستمية لخطب الإمام عليٍّ رضي الله عنه يدلّ على حبّهم لـه وعلى الرقيّ الذي كانت عليه الدولة في الفهم والذوق الأدبي وعلى تمكّن الجماهير في العربية.

إنّ خطب الإمام عليٍّ عليه‌السلام التي كانت تجلجل في منابر تيهرت(٢) دليل على المستوى الثقافي الرفيع الذي كانت عليه الجماهير وعلى تمكّن الدولة الرستمية في العربية الفصحى وانتشارها في كلّ طبقاتها»(٣).

أمّا الشكّ الرابع عشر : ادّعى البعض أنّ في النهج وصف دقيق للحياة الاجتماعية من جهة ، وطعن على الولاة والقضاة من جهة أخرى ...

أمّا الطعن على الولاة فهذا ما تقدّم ذكره في جواب الشكّ الثالث ،

__________________

(١) الدولة الرستمية من دول الأباضية في المغرب العربي تأسّست عام ١٤٤ هـ وتلاشت سنة ٢٩٦ هـ.

(٢) تيهرت عاصمة الدولة الرستمية آنذاك.

(٣) تاريخ المغرب الكبير ٣ / ٥٨٨. أقول : لا يخفى أنّ كلمة الجماهير التي كرّرها المصنّف إنّما تعني أصحابه الأباضية. ثمّ إنّ الخوارج كما هو معروف يبغضون الامام عليه‌السلامأشدّ البغض ، وربّما كان المصنّف من معتدلي الاباضية فذكر الإمام عليه‌السلاموترضّى عليه.

           

۸۵

فليراجع.

وأمّا الوصف الدقيق للحياة الاجتماعية فهذا ممّا لا يختلف عليه اثنان ، وحقّاً ينبغي أن تكون خطب الإمام عليه‌السلام كذلك لأنّه يمثّل رأس الهرم المشرف على كلّ طبقات المجتمع وأحواله وتصرّفاته ، وأنّ عصر الإمام عليه‌السلام يختلف كثيراً عن العقد الثلاثة التي سبقت ، فالأموال التي تقاطرت على المسلمين من شرق البلاد وغربها ، وحياة الترف وما أصابه المسلمون من النعيم لم يكن له سابق مثيل.

ولمّا كان أمير المؤمنين عليه‌السلام المسؤول عن رعيّته فهو تارة يصفهم ويصف حياتهم وما فيها من ترف وبذخ ، وتارة يقودهم إلى الورع والتقوى والاستقامة بتوجيههم الوجهة الصحيحة وعليه فما هو الضير إذا جاءت خطبه عليه‌السلام تصف حياة الناس بشكل محسوس دقيق؟!

أمّا الشكّ الخامس عشر : ادّعى الكيلاني أنّ في نهج البلاغة خطباً طال في صدرها الحمد وأنّ هذه عادة لم تعرف إلاّ في العصر العبّاسي ؛ في خطب الجمع والأعياد.

لو كان المعترض يجنح إلى البحث العلمي لأراح نفسه واستراح من كلّ هذا الوهن الذي سطّره في كتابه أثر التشيّع في الأدب العربي ولكن أبت نفسه إلاّ أن يطعن حتّى بالبديهيّات الواضحات.

أقول :

إنّ الحمد وتكراره في خطب الإمام لم يكن بدعاً منه عليه‌السلام بل سبقه إلى هذا الأسلوب الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد روى البخاري في صحيحه : «أنّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يقول : اللّهم لك الحمد ، أنت قيّم السماوات

 

۸۶

والأرض ومن فيهنّ ، ولك الحمد ، لك ملك السماوات والأرض ومن فيهنّ ، ولك الحمد نور السماوات والأرض ، ولك الحمد ، أنت الحقّ ، ووعدك الصدق ، ولقاؤك حقّ ..» الخ كلامه الشريف(١) وأمثال هذا الحمد وما فيه من تكرار هو كثير في كلامه عليه‌السلام.

وهكذا تجد الخلفاء والصحابة يفتتحون كلامهم وخطبهم بالحمد والثناء وربّما تكرّرت كلمات الحمد في الخطبة الواحدة.

قال الجاحظ : «إنّ خطباء السلف الطيّب ، وأهل البيان من التابعين بإحسان ، مازالوا يسمّون الخطبة التي لم يبتديء صاحبها بالتحميد ، ولم يستفتح كلامه بالتمجيد البتراء ويسمّون التي لم توشّح بالقرآن ، وتزيّن بالصلاة على النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) الشوهاء»(٢) «يقول ابن قتيبة : تتبّعت خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فوجدت أوائل أكثرها الحمد لله نحمده ونستعينه ، ووجدت كلّ خطبة ، مفتاحها الحمد ، إلا خطبة العيد ، فإنّ مفتاحها التكبير»(٣).

والعجيب من الگيلاني عندما يذكر مثالاً من خطب أمير المؤمنين عليه‌السلامثمّ يُشكل على صحّة نسبتها للإمام ، أنّه لم يتحرّ مصادر المثال الذي أورده. ومثاله قول الإمام عليه‌السلام «الحمد لله كلّما وقب ليل وغسق ..»(٤) قد روى هذه الخطبة نصر بن مزاحم المنقري في كتاب صفّين(٥) ، والجميع يعلم أنّ نصر بن مزاحم من أقدم مؤرّخي العرب الذين وصلتنا آثارهم.

__________________

(١) صحيح البخاري ٢ / ٤٣.

(٢) البيان والتبيين ٢ / ٥.

(٣) البيان والتبيين ٢ / ٥.

(٤) نهج البلاغة ١ / ٩٧.

(٥) وقعة صفّين لابن مزاحم المنقري : ٧٠.

           

۸۷

ثم ما وجه الغرابة والقرآن الكريم بأيدينا إذ تصدّرت عدّة سور بالحمد منها سورة فاتحة الكتاب ، وسورة الكهف .. فما ورد في خطب أمير المؤمنين عليه‌السلام إنّما هو انسجام مع إسلوب القرآن الكريم وكلام النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).

أمّا الشكّ السادس عشر : من الشكوك الموجّه إلى جمع الشريف الرضي : إنّ هذه الخطب المنقولة في النهج لو كانت صادرة عن الإمام ومن كلماته ، لكانت موجودة قبل تصنيف الشريف الرضي.

وهذا الإشكال ذكره محمّـد كرد علي في كتابه الإسلام والحضارة العربية(١) نقلا عن كتاب منهاج السنّة لابن تيميّة.

لقد تقدّم بحثنا في الردّ على مَن أورد هذا ، الشكّ وأثبتنا في الصفحات السابقة بطلانه ، كما أوردنا أسماء عدّة مجاميع لخطب أمير المؤمنين عليه‌السلام عاش مصنّفوها قبل الشريف الرضي بعشرات السنين فراجع.

وخلاصة ما يمكن أن يقال في الإمام عليّ ونهجه ما ذكره لنا الأستاذ محمّـد أمين النواوي قال : «لقد كان عليّ في خطبه المتدفّقة يمثّل بحراً خضمّاً من العلماء الربّانيّين وأسلوباً جديداً لم يكن إلاّ لسيّد المرسلين ، وطرق بحوثاً من التوحيد لم تكن تخضع في الخطابة إلاّ لمثله ، فهي فلسفة سامية لم يعرفها الناس قبله ، فدانت لبيانه وسلست في منطقه وأدبه ، وخاض في أسرار الكون ، وطبائع الناس ، وتشريح النفوس ، وبيان خصائصها وأصنافها ، وعرض لمداخل الشيطان ومخارجه ، وفتن الدنيا وآفاتها ، في الموت وأحواله ، وفي بدء الخلق ، ووصف الأرض ، وفي شأن

__________________

(١) الإسلام والحضارة العربية ٢ / ٦١.

           

۸۸

السماء وما يعرج فيها من أملاك ، وما يحفّ بها من أفلاك ، كما عرض لملك الموت وأطال في وصفه.

وخطب عليٍّ في السياسة ، وفي شؤون البيعة والعهد والوفاء ، واختيار الأحقّ وما أحاط بذلك من ظروف ، كتحكيم صفّين وما تبعه من آثار سيّئة وتفرّق الكلمة.

ولم يفته أن ينوّه في خطبه بأنصار الحقّ ، وأعوان الخير ، والدعاة إلى الجهاد ، وفيها محاجّة للخوارج ونصحه لهم ولأمثالهم بإتّباع الحقّ وغير ذلك ممّا يكفي فيه ضرب المثل ، ولفت النظر.

غير أنّ ناحية عجيبة امتاز بها الإمام ، هي ما اختصّ بها الصفوة من الأنبياء ومَن على شاكلتهم كانت تظهر في بعض تجلّياته ، وأشار إليها في بعض مقاماته ، ولم يسلك فيها سواه إلاّ أن يكون رسول الله صلوات الله عليه.

فقد ذكر كثيراً من مستقبل الأمّة ، وأورد ما يكون لبعض أحزابها كالخوارج وغيرهم ، ومن ذلك وصفه لصاحب الزنج ، وذكر الكثير من أحواله وذلك من غير شكّ لون من الكرامات.

هذا إلا أنّه طرق نواحي من القول كانت من خواصّ الشعر إذ ذاك ولكنّه ضمّنها خطبه فوصف الطب ، وعرض للخفّاش وما فيه من عجائب ، والطاووس وما يحويه من أسرار ، وما في الإنسان من عجائب الخلق ، وآيات المبدع الحقّ وأحيلك في ذلك كلّه على نهج البلاغة.

وهكذا تجد في كلام عليٍّ الدين والسياسة والأدب ، والحكمة ، والوصف العجيب ، والبيان الزاخر.

هذا كتاب عليٍّ إلى شريح القاضي يعظه ، وقد اشترى داراً ويحذّره

 

۸۹

من مال المسلمين ، في معان عجيبة ، وأسلوب خلاّب.

وهذا كتابه إلى معاوية يجادله في الأحقّ بالخلافة ، وقتل عثمان في معان لا يحسنها سواه.

وتلك كتبه إلى العاملين على الصدقات يعلّمهم فيها وإجباتهم في جميع ملابساتهم.

وذلك عهده إلى محمّـد بن أبي بكر حين قلّده مصر. وتلك وصيّته إلى الحسن عند منصرفه من (صفّين) لم يدع فيها معنى تتطلّبه الحياة لمثله إلا وجّهه فيها أسمى توجيه ، في فلسفة خصيبة ، وحكم رائعة مفيدة ، وكلّ تلك النواحي والأغراض في معان سامية مبسّطة ، يعلو بها العلم الربّاني الغزير ، والروح السامية الرفيعة ، وتدنو بها تلك القوّة الجبّارة على امتلاك أزمّة القول ، كأنّما نثل كنانته بين يديه فوضع لكلّ معنىً لفظة في أدقِّ استعمال.

ولقد يضيق بي القول فأقف حائراً عاجزاً عن شرح ما يجول بنفسي من تقدير تلك المعاني السامية فيسعدني تصوير الإمام ـ محمّـد عبده ـ له وهو يقدّم نهج البلاغة : «فكان يخيّل إليّ في كلّ مقام أنّ حروباً شبّت ، وغارات شنّت ، وأنّ للبلاغة دولة وللفصاحة صولة ...»(١).

أما الأسلوب فيتجلى لك بما يأتي :

١ ـ الثروة من الألفاظ العربية في مفردها وجمعها ، ومذكرها ومؤنّثها ، وحقيقتها ومجازها.

٢ ـ المجازات والكنايات في معرض أنيق ، وقالب بديع.

__________________

(١) مقدمة نهج البلاغة.

           

۹۰

٣ ـ الإيجاز الدقيق مع الإطناب في مقامه ، وظهر ذلك في فقره ، وسجعاته الفريدة ، التي يجمل بكلّ أديب أن يحفظ الكثير منها ليكون بيانه التكوين العربي السليم.

٤ ـ المحسّنات البديعيّة في نمط ممتاز ، من جناس إلى طباق وترصيع وإلى قلب وعكس ، تزدان بجمالها البلاغة ويكمل بها حسن الموقع.

٥ ـ الجرس والموسيقى ، وجمال الإيقاع ممّا يدركه أهل الذوق الفنّي.

ويحسن قبل الختام أن أشير إلى ما نوّه به صاحب الطراز الإمام يحيى اليمني ، فقد تكرّر ذلك في عدّة مناسبات وأوّلها تمثيله للبلاغة في أوّل كتابه ، قال : «فمن معين كلامه ارتوى كلّ مصقع خطيب ، وعلى منواله نسج كلّ واعظ بليغ ، إذ كان عليه السلام مشرع البلاغة ، وموردها ، ومحط البلاغة ومولدها وهيدب مزنها الساكب ومتفجر ودقها الهاطل»(١).

وعن هذا قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في بعض كلامه : «نحن أمراء الكلام ، وفينا تشبّثت عروقه ، وعلينا تهدّلت أغصانه»(٢) ، ثمّ أورد مثالاً من أوّل خطبة في نهج البلاغة وقال : «العجب من علماء البيان والجماهير من حذّاق المعاني كيف أعرضوا عن كلامه وهو الغاية التي لا مرتبة فوقها ، ومنتهى كلّ مقصد في جميع ما يطلبونه ، من المجازات والتمثيل

__________________

(١) الهيدب من السحاب : المتدلّي الذي يدنو من الأرض ، وتراه كأنّه خيوط عند انصباب المطر. والودق : المطر. قال تعالى : (فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ) سورة الروم ٣٠ : ٤٨.

(٢) نهج البلاغة : خطبة ٢٣١.

           

۹۱

والكنايات؟»(١).

وقد أُثر عن فارس البلاغة وأمير البيان الجاحظ أنّه قال : «ما قرع سمعي كلام بعد كلام الله ، وكلام رسوله إلاّ عارضتة إلاّ كلمات لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (كرّم الله وجهه) فما قدرت على معارضتها وهي مثل قوله : (ما هلك امرؤ عرف قدره) و (استغن عمّن شئت تكن نظيره ، وأحسن إلى من شئت تكن أميره ، واحتج إلى من شئت تكن أسيره»(٢).

__________________

(١) كتاب الطراز ، وجولات إسلامية : ٩٩ ـ ١٠٤.

(٢) الكلمات القصار من الحكم والمواعظ لأمير الؤمنين عليه‌السلام.

           

۹۲

مصادر البحث

١ ـ القرآن الكريم.

٢ ـ أثر التشيّع في الأدب العربي ، لمحمّـد سيّد الجيلاني ، طبعة القاهرة ، ١٩٤٥ م.

٣ ـ الإحتجاج ، للشيخ الطبرسي (المتوفى بعد سنة ٥٨٨ هـ) ، مؤسّسة الأعلمي ، بيروت ، لبنان ، ١٩٨٣ م.

٤ ـ الأخبار الطوال ، لأبي حنيفة الدينوري (ت ٢٩٠ هـ) ، تحقيق : عبـد المنعم عامر والدكتور جمال الدين الشيّال ، القاهرة ، مصر ١٩٦٠ م.

٥ ـ أخبار شعراء الشيعة ، للمرزباني أبو عبيد الله محمّـد بن عمران (ت ٣٨٥ هـ) ، ١٩٦٥ م.

٦ ـ الأربعون حديثاً ، لمنتجب الدين ابن بابويه ، علي بن عبيد الله من أعلام القرن السادس الهجري ، مطبعة امير ، قم ، ايران ١٤٠٨ هـ.

٧ ـ إرشاد القلوب ، للديلمي ، منشورات الشريف الرضي ، قم ، إيران ١٣٩٨ هـ.

٨ ـ الإرشاد ، للشيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ) ، المكتبة العلمية ، طهران ، إيران.

٩ ـ الإصابة في تمييز الصحابة ، لابن حجر أحمد بن علي (ت ٨٥٢ هـ) ، المطبعة الشرقية ، مصر.

١٠ ـ أضواء على السنّة المحمّـدية ، لمحمود ابوريّة ، دار الكتاب الإسلامي ، بيروت ، لبنان ١٩٨٥ م ، وطبعة مصر.

١١ ـ الإقتصاد الهادي إلى طريقة الرشاد ، للشيخ الطوسي ، مطبعة خيّام ، قم ، إيران ١٤٠٠ هـ.

١٢ ـ إعانة الطالبين ، للبكري : عثمان بن محمّـد الدمياطي (ت ١٣٠٢ هـ) ، مصر ، ١٣٠٧ هـ ، والحاشية طبعة بيروت ، دار الفكر.

١٣ ـ الامامة والسياسة ، لابن قتيبة : محمّـد بن عبـد الله بن مسلم الدينوري (ت ٢٧٦) ، ط مصطفى البابي الحلبي ١٩٦٩ م وطبعة الشريف الرضي ، قم ، ايران.

١٤ ـ أمالي الطوسي ، لمحمّـد بن الحسن (ت ٤٦٠ هـ) ، مؤسّسة البعثة ، ط١ ،

 

۹۳

قم.

١٥ ـ الأوائل ، لأبي هلال العسكري (ت ٣٩٥ هـ) ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، ١٩٨٧ م.

١٦ ـ البحار ، للعلاّمة المجلسي (ت ١١١١ هـ) ، مؤسّسة الوفاء ، بيروت ، لبنان ١٩٨٣ م.

١٧ ـ البيان والتبيين ، للجاحظ ، تحقيق عبـد السلام هارون ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان.

١٨ ـ تاريخ آداب اللغة العربي ، لجرجي زيدان ، دار الهلال ، بيروت ، لبنان ١٩٥٧ م.

١٩ ـ تاريخ الأدب العربي ، لشوقي ضيف ، دار المعارف ، القاهرة ، مصر ، ١٩٩٦ م.

٢٠ ـ تاريخ الطبري ، لمحمّـد بن جرير (ت ٣١٠ هـ) ، طبعة قم وطبعة إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان.

٢١ ـ تاريخ المغرب الكبير ، للشيخ محمّـد علي دبوز ، دار إحياء الكتب العربية ، بيروت ، لبنان ، ١٩٦٣ م.

٢٢ ـ تذكرة الخواص ، لسبط ابن الجوزي الحنفي (ت ٦٥٤ هـ) ، طبعة قم ، إيران وطبعة مؤسسة أهل البيت عليهم‌السلام ، بيروت ، لبنان ١٩٨١ م.

٢٣ ـ تلخيص التحبير ، لابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢ هـ) ، دار المعرفة ، بيروت ، لبنان ١٩٨٦ م.

٢٤ ـ تقريب المعارف ، لأبي صلاح الحلبي (ت ٤٤٧ هـ) ، قم ، إيران ١٤٠٤ هـ.

٢٥ ـ تهذيب التهذيب ، لابن حجر العسقلاني (ت ٥٨٢ هـ) ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان.

٢٦ ـ تنوير الحوالك على شرح موطأ مالك ، للسيوطي جلال الدين عبـد الرحمن ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان.

٢٧ ـ جامع البيان ، لابن جرير الطبري (ت ٣١٠ هـ) ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان ١٤١٥ هـ.

۹۴

٢٨ ـ الجامع الصحيح ، للترمذي محمّـد بن عيسى (ت ٢٧٩ هـ) ، دار احياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان.

٢٩ ـ الجمع بين الصحيحين ، مصوّرة مكتبة الإمام الحكيم العامّة رقم ١٢٣ ، النجف ، عراق.

٣٠ ـ جولات اسلامية ، لمحمّـد أمين النواوي.

٣١ ـ الخصال ، للشيخ الصدوق (ت ٣٨١ هـ) ، جامعة المدرسين ، قم ، إيران ١٤٠٣ هـ ، ومؤسسة الاعلمي بيروت ، لبنان ١٤١٠ هـ.

٣٢ ـ الدرجات الرفيعة ، للسيّد علي خان ، المتوفّى ١١٢١ هـ ، مكتبة بصيرتي ، قم ، إيران.

٣٣ ـ الدعوات ، لقطب الدين الراوندي : سعيد بن هبة الله (ت ٥٧٣ هـ) ، دار المرتضى ، بيروت ، لبنان ١٩٨٧ م.

٣٤ ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، لآغا بزرك الطهراني (ت ١٩٧٠ هـ) ، طبعة الغري ، النجف ، العراق ١٩٣٦ م.

٣٥ ـ سفينة البحار ، لعباس القمّي ، دار الأُسوة ، قم ، إيران ١٤٢٢ هـ.

٣٦ ـ سنن ابن ماجة ، لأبي عبـد الله محمّـد بن يزيد (ت ٢٧٥ هـ) ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان.

٣٧ ـ سنن النسائي ، لأحمد بن شعيب (ت ٣٠٣ هـ) ، ط ١ ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان.

٣٨ ـ الشافي ، للمرتضى علم الهدى (ت ٤٣٦ هـ) ، مؤسّسة الصادق ، طهران ، إيران.

٣٩ ـ شجرة طوبى ، لمحمّـد مهدي الحائري ، المكتبة الحيدرية ، النجف ، عراق.

٤٠ ـ شرح مائة كلمة ، لابن ميثم البحراني (ت ٦٧٩ هـ) ، جامعة المدرّسين ، قم ، إيران.

٤١ ـ شرح النهج ، لابن أبي الحديد ، تحقيق : محمّـد أبو الفضل ، طبعة بيروت في أربع مجلّدات وطبعة جديدة ، دار إحياء الكتب العربية ، بيروت ، لبنان ١٩٦٥ م.

۹۵

٤٢ ـ شرح نهج البلاغة ، لابن ميثم البحراني ، (ت ٦٧٩ هـ) ، جامعة المدرسين ، قم ، إيران. دفتر تبليغات اسلامي ، ط١.

٤٣ ـ صحيح البخاري ، لمحمّـد بن إسماعيل (ت ٢٥٦ هـ) ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان.

٤٤ ـ صحيح مسلم ، لمسلم بن الحجّاج النيسابوري (ت ٢٦١ هـ) ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان.

٤٥ ـ الصراط المستقيم ، للبياضي : علي بن يونس العاملي (ت ٨٧٧ هـ) ، المكتبة المرتضوية لاحياء التراث.

٤٦ ـ الطبقات الكبرى ، لابن سعد (ت ٣٠ هـ) ، طبعة بيروت ، وليدن.

٤٧ ـ الطراز ، يحيى بن حمزة العلوي اليمني ، مؤسسة نصر ، طهران ، إيران.

٤٨ ـ العقد الفريد ، لابن عبـد ربّه الاندلسي المالكي (ت ٣٢٨ هـ) ، المطبعة الأزهرية ، القاهرة ، مصر ١٣٢١ هـ.

٤٩ ـ عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ، للشيخ الصدوق : محمّـد بن علي (ت ٣٨١ هـ) ، ط ٢ ، قم ، إيران.

٥٠ ـ الغارات ، لإبراهيم بن محمّـد الثقفي الكوفي (ت ٢٨٣ هـ) ، مطبعة بهمن ، قم ، إيران.

٥١ ـ الفتنة وواقعة الجمل ، أحمد راتب بمرموش ، دار النفائس ، بيروت ، لبنان ١٩٧٢ م.

٥٢ ـ الفتوح ، لأبي الحسن علي بن الحسين الهاشمي المدائني.

٥٣ ـ الفتوح ، لأبي محمّـد أحمد بن أعثم الكوفي (ت ٣١٤ هـ) ، حيدرآباد ، الهند ١٣٨٨ هـ.

٥٤ ـ فجر الإسلام ، لأحمد أمين ، ط ٨ ، القاهرة ، مصر.

٥٥ ـ فرائد السمطين ، للحافظ شيخ الإسلام إبراهيم الجويني الشافعي (ت ٧٣٠ هـ) ، مؤسسة المحمودي ، بيروت ، لبنان ١٩٧٨ م.

٥٦ ـ الفصول المهمّة ، للسيّد شرف الدين (ت ١٣٧٧ هـ) ، ط ٧ ، دار الزهراء ، بيروت ، لبنان.

۹۶

٥٧ ـ فقه السنّة ، للسيّد سابق ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، لبنان ١٩٨٧ م.

٥٨ ـ الفنّ ومذاهبه في النثر العربي ، لشوقي ضيف ، مكتبة النهضة المصرية ، القاهرة ، مصر ١٩٤٦ م وطبعة اُخرى ١٩٥٥ م.

٥٩ ـ فهرست ابن النديم ، لمحمّـد بن إسحاق (ت ٣٧٧ هـ) ، تحقيق : رضا نجدوي ، ط ٣ ، طهران ، إيران.

٦٠ ـ فهرست الطوسي ، للشيخ الطوسي : محمّـد بن الحسن (ت ٤٦٠ هـ) ، منشورات الرضي ، قم ، إيران.

٦١ ـ الفوائد الرجالية ، للسيّد بحر العلوم ، مطبعة آفتاب طهران ، إيران ، ١٣٦٣ ش.

٦٢ ـ الكامل للمبرّد ، لأبي العبّاس عمر بن يزيد البصري (ت ٢٨٥ هـ) ، دار العهد الجديد ، القاهرة ، مصر.

٦٣ ـ كتاب الأموال ، لأبي عبيدة القاسم بن سلام (ت ٢٢٤ هـ) ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان ١٩٨٨ م.

٦٤ ـ كشف اللثام ، للفاضل الهندي بهاء الدين محمّـد بن الحسن الاصفهاني ، مؤسسة النشر الاسلامي ، قم ، إيران ١٤١٦ هـ.

٦٥ ـ كنز العمال ، للفاضل المتّقي الهندي (ت ٩٧٥ هـ) ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، لبنان ١٩٨٩ م.

٦٦ ـ الكنى والألقاب ، لعبّاس القمّي ، ط صيدا ، لبنان ، قم ، إيران والنجف ، العراق.

٦٧ ـ لسان الميزان ، لابن حجر (ت ٨٥٢ هـ) ، مؤسسة الأعلمي ، بيروت ، لبنان ١٣٩٠ هـ.

٦٨ ـ مجمع الزوائد ، للهيثمي (ت ٨٠٧ هـ) ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ١٤٠٨ هـ.

٦٩ ـ مجمع الفائدة ، للمحقّق الأردبيلي (ت ٩٩٣ هـ) ، جامعة المدرّسين ، قم ، إيران.

٧٠ ـ المجموع ، لمحيي الدين النووي (ت ٦٧٦ هـ) ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان.

٧١ ـ المحلّى ، لابن حزم (ت ٤٥٦ هـ) ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان.

۹۷

٧٢ ـ محمّـد المثل الكامل ، للاستاد محمّـد جاد المولى بك ، دار الكتب المصرية ، القاهرة ١٩٣١ م.

٧٣ ـ مدارك الأحكام ، للعاملي : محمّـد بن علي (ت ١٠٠٩ هـ) ، طبعة حجرية ١٢٦٨ هـ.

٧٤ ـ مرآة الجنان ، لليافعي عبـد الله بن سعد اليمني المكّي (ت ٧٦٨ هـ) ، مؤسّسة الأعلمي ، بيروت ، لبنان ١٩٧٠ م.

٧٥ ـ المراجعات ، لشرف الدين عبـد الحسين (ت ١٣٧٧ هـ) ، ط بيروت وطبعات اُخرى.

٧٦ ـ مروج الذهب ، للمسعودي : عليّ بن الحسين (ت ٣٣٣ هـ) ، تحقيق : محمّـد محيي الدين عبـد الحميد ، ط ١ ، القاهرة ، مصر.

٧٧ ـ المستدرك ، للحاكم النيسابوري (ت ٤٠٥ هـ) ، دار المعرفة ، بيروت ، لبنان.

٧٨ ـ المسند ، لأحمد بن حنبل (ت ٢٤١ هـ) ، دار صادر ، بيروت ، لبنان.

٧٩ ـ مشاكلة الناس لزمانهم ، لابن واضح أحمد بن إسحاق اليعقوبي المؤرخ ، تحقيق وليم مِلوَرد ، دار الكتاب الجديد ، بيروت ، لبنان ١٩٨٠ م.

٨٠ ـ المناظرات في الإمامة ، لعبد الله بن الحسن ، ط ١ ، أنوار الهدى ، قم ، إيران ١٤١٥ هـ.

٨١ ـ مناقب آل أبي طالب ، لابن شهرآشوب المازندراني (ت ٥٨٨ هـ) ، المطبعة العلمية ، قم ، إيران.

٨٢ ـ مناقب الخوارزمي ، لأبي المؤيّد ، ط تبريز ، وطبعة مؤسسة النشر الاسلامي ، قم ، إيران ١٤١٤ هـ.

٨٣ ـ منتهى المقال ، لمحمّـد بن إسماعيل المازندراني (ت ١٢١٦ هـ) ، تحقيق مؤسّسة آل البيت ، مطبعة ستارة ، قم ، إيران.

٨٤ ـ منهاج السنّة ، ابن تيميّة أحمد بن عبـد الحليم ، ط مصر وطبعة دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان.

٨٥ ـ ميزان الاعتدال ، للحافظ : شمس الدين الذهبي (ت ٧٤٨ هـ) ، دار

۹۸

المعرفة ، بيروت.

٨٦ ـ النثر الفنّي ، للدكتور زكي مبارك ، القاهرة ، مصر ١٩٣٤ م و ١٩٥٧ م.

٨٧ ـ نسمة السحر ، ليوسف بن يحيى الصنعاني (ت ١١٢١ هـ) ، دار المؤرّخ العربي بيروت ، لبنان ١٩٩٩ م.

٨٨ ـ نظرات في الكتب الخالدة ، لحامد حنفي داود ، ط ١ ، مطبعة النجاح القاهرة ، مصر ١٣٩٩ هـ.

٨٩ ـ نظم درر السمطين ، محمّـد بن يوسف الزرندي (ت ٧٤٧ هـ) ، مخزن الاميني ، النجف ، العراق ١٩٥٨ م.

٩٠ ـ نهج البلاغة ، تحقيق محمّـد عبده ، دار المعرفة ، بيروت ، لبنان.

٩١ ـ نهج السعادة ، لمحمّـد باقر المحمودي ، دار التعارف ، بيروت ، لبنان ١٩٧٦ م. وطبعات أخرى ١٩٦٦ و ١٩٧٧ م.

٩٢ ـ الوافي بالوفيات ، للصفدي : صلاح الدين (ت ٧٦٤ هـ) ، تحقيق هلموث ، ١٩٦٢ م وط ١٩٧٤ م.

٩٣ ـ وسائل الشيعة ، للحرّ العاملي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان ١٩٨٢ م.

٩٤ ـ وضوء النبي عليه‌السلام ، للسيِّد علي الشهرستاني ، قم ، إيران ١٤١٥ هـ.

٩٥ ـ وفيات الأعيان ، لابن خلّكان أحمد بن محمّـد (ت ٦٨١ هـ) ، منشورات الشريف الرضي ، قم ، إيران ١٣٦٤ هـ. ش.

٩٦ ـ وقعة صفّين ، لنصر بن مزاحم المنقري (ت ٢١٢ هـ) ، تحقيق عبـد السلام هارون ، المؤسّسة العربية الحديثة ، القاهرة ، مصر ١٣٨٢ هـ.

٩٧ ـ ينابيع المودّة ، للقندوزي (ت ١٢٩٤ هـ) ، دار الأسوة ، قم ، إيران ١٤١٦ هـ.

 

۹۹

تاريخ النظرية الرجالية

في المدرسة الإمامية

(٢)

السـيّد زهير الأعرجي

تعرضنا سابقاً إلى تاريخ النظرية الرجالية ، وتطورها في المدرسة الإمامية ، حتّى زمن الشيخ الطوسي قدس‌سره ونستأنف البحث ..

الأُصول الرجالية الرئيسية الأربعة :

وهي الكتب الرئيسية التي يعوّل عليها في علم الرجال اليوم ، وهي : اختيار الرجال رجال الكشّي ، ورجال الطوسي (الأبواب) ، وفهرس الطوسي ، ورجال النجاشي.

١ ـ رجال الكشّي «اختيار معرفة الرجال» :

وهذا الكتاب عبارة عن نسخة منقّحة لكتاب رجال الكشي المعروف بـ : معرفة الناقلين عن الأئمّة الصادقين عليهم‌السلام لأبي عمرو محمّـد بن عمر ابن عبـد العزيز الكشّي (ت ٣٢٨ هـ). أملاه الشيخ الطوسي على تلاميذه في المشهد الغروي بالنجف سنة ٤٥٦ هـ(١) ، كما ألمحنا إلى ذلك سابقاً.

__________________

(١) فرج المهموم: ١٣٠.

           

۱۰۰

والكشّي كان من عيون الثقات ، إلاّ أنّه كان يروي عن الضعفاء كثيراً. ولذا قال النجاشي في ترجمته : «محمّـد بن عمر بن عبـد العزيز الكشّي أبو عمرو كان ثقة عيناً وروى عن الضعفاء كثيراً ، وصحب العيّاشي وأخذ عنه وتخرج عليه في داره التي كانت مرتعاً للشيعة وأهل العلم. له كتاب الرجال ، كثير العلم وفيه أغلاط كثيرة»(١). وقد كان هذا سبباً رئيسياً في تحمّس الشيخ الطوسي لتصحيحه وتنقيحه من تلك الأخطاء ، لئلاّ يصل إلى الأجيال القادمة بعد الطوسي فتأخذه أخذ المسلمات دون أن يكون لها طريق لتنقيحه. فكان عمله قدس‌سره يعكس حجم المسؤولية التي كان يحسّ بثقلها من أجل الحفّاظ على الرسالة طاهرة ونقية ، غير ملوّثة بالزيادات والإضافات. وقد استظهر القهبائي (ت بعد سنة ١٠٢٦ هـ) بأنّ أصل كتاب الكشّي (غير المنقّح) كان شاملاً لرجال العامّة والخاصّة ، فاختار منه الشيخ الطوسي قدس‌سره الخاصّة فقط(٢). ولكن ذلك الإستظهار لم يكن دقيقاً. فقد ردّه المحقّق التستري بالقول بأنّ الشيخ الطوسي ذكر فيه جمعاً من العامّة رووا عن أئمّتنا كمحمّـد بن إسحاق ، ومحمّـد بن المنكدر ، وعمرو بن خالد ، وعمرو بن جميع ، وعمرو بن قيس ، وحفص بن غياث ، وغيرهم(٣).

٢ ـ رجال الطوسي «الأبواب» :

وقد ذكرنا هذا الكتاب في معرض حديثنا عن شخصية الشيخ الطوسي قدس‌سره وكونه حلقة اتصال بين الفقهاء المتقدّمين والمتأخّرين.

__________________

(١) رجال النجاشي رقم ١٠١٨.

(٢) نقلا عن كلّيات في علم الرجال: ٥٩.

(٣) قاموس الرجال ١ / ١٧.

           

۱۰۱

ونضيف هنا إلى أنّ هذا المؤلَّف كان مجرّد سرد عددي لأسماء الرواة عن الأئمّة عليهم‌السلام ، فلم يذكر في حقّهم شيئاً من الوثاقة أو الضعف ولا الكتاب ولا الرواية. بل كان أقصى ما تمنّاه في الكتاب هو عدّهم من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأئمّة الهدى عليهم‌السلام. وهنا يتبادر سؤال مهمّ وهو : هل ان شيخ الطائفة قدس‌سره كان عاجزاً عن توثيقهم ، ام إنّه أراد من ذلك التصنيف أمراً آخر؟ والجواب على ذلك أنّ الشيخ الطوسي كان قادراً على بيان حال الرواة الذين ذكرهم من الوثاقة أو الضعف لو سنحت الظروف العلمية والإجتماعية بذلك. كيف لا ، وهو الخبير بأحوال الرجال واستقصاء صدقهم ومنزلتهم العلمية والنقلية. إلاّ أنّ مسلكه في الكتاب كان مجرّد الجمع خوفاً من ضياع ذلك الحدّ الأدنى من أحوال الرواة ، وهو عدّ أسمائهم على الأقلّ.

يقول المحقّق التستري : «أنّ مسلك الشيخ في رجاله يغاير مسلكه في الفهرس ومسلك النجاشي في فهرسه ، حيث إنّه أراد في رجاله استقصاء أصحابهم ومن روى عنهم مؤمناً كان أو منافقاً ، إمامياً كان أو عاميّاً. فعدّ الخلفاء ومعاوية وعمرو بن العاص ونظراءهم من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). وعدّ زياد بن أبيه وابنه عبيد الله بن زياد من أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام. وعدّ منصور الدوانيقي من أصحاب الصادق عليه‌السلام بدون ذكر شيء فيهم. فالإستناد إليه ما لم يحرز إمامية رجل غير جائز حتّى في أصحاب غير النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين عليه‌السلام فكيف في أصحابهما؟»(١). وهذا التقريب صحيح ، إلاّ أنّ مسلك الشيخ قدس‌سره في كتاب الرجال كان مجرّد ترتيب الأفراد حسب عصورهم من أجل إدراك شخصية الراوي وموقعه الزمني في عصر

__________________

(١) قاموس الرجال ١ / ١٩.

           

۱۰۲

النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو في عصر أحد المعصومين عليهم‌السلام. وهذا اللون من التصنيف تأسيسي الطابع وذو نكهة علمية لا يمكن إنكارها. وكان كتابه الرجالي الثاني الفهرس خطوة أُخرى على نفس الطريق. قال الشيخ الطوسي في مقدّمة كتابه الرجالي الأبواب : «أمّا بعد : فإنّي قد أُجبتُ إلى ما تكرّر سؤال الشيخ الفاضل فيه من جمـع كتاب يشتمل على أسماء الرجال الذين رووا عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعن الأئمّة عليهم‌السلام من بعده إلى زمن القائم عليه‌السلام ثمّ أذكر بعد ذلك من تأخّر زمانه عن الأئمّة عليهم‌السلام من رواة الحديث أو من عاصـرهم ولم يروِ عنهـم»(١). وهذه العبـارة صريحة في سـرد أسمـاء الرجـال دون التدقيـق في وثاقتـهم أو ضعّفـهم على نحو الشموليـة والإستيفـاء.

ولكن ، ومع التصريح باتباعه ذلك المنهج العلمي ، إلاّ أنّه ذكر جملة ألفاظ في وصف بعض الرجال بعضها يفيد المدح مثل : ثقة ، ثقة ثقة ، ثقة صحيح ، ثقة مأمون ونحوها ؛ وبعضها يفيد الذمّ مثل : ضعيف ، عامّي ، رديّ الأصل ، مخلّط ونحوها. إلاّ أنّ هدفه العامّ لم يكن التوثيق أو التضعيف ، كما ألمحنا إلى ذلك.

٣ ـ «الفهرس» للطوسي :

وهو كتاب يمثّل المرحلة الثانية من مراحل آمال الشيخ الطوسي قدس‌سرهفي تثبيت أُسس علم الرجال. فقد ذكر فيه اصحاب الكتب والأُصول ، وأنهى إليهم وإليها أسانيده عن مشايخه. وكان هذا الكتاب في غاية الأهمّية لفقهاء الطائفة بعد عصر الطوسي قدس‌سره لأنّه :

١ ـ بيّن الطرق إلى نفس تلك الأُصول والكتب.

__________________

(١) رجال الطوسي: ٢ المقدمة.

           

۱۰۳

٢ ـ إنّ الشيخ قدس‌سره كان ينقل في كتاب التهذيب بعض الروايات من تلك الأُصول والمصنّفات ، إلا أنّه لم يذكر طريقه إليها. فكان الفهرس الدليل الذي يستهدي به الفقيه لمعرفة ذلك الطريق.

ولكن مشكلة التوثيق أو التضعيف لم تكن لتنتهِ عند معرفة حال الرواة بكونهم أصحاب كتب أو اصول. بل إنّ كثيراً من مصنّفي الكتب والأُصول من الأصحاب انتحلوا المذاهب الفاسدة كالفطحية والواقفة والناووسية ونحوها. فهل يضرّ ذلك بالوثاقة أم لا؟ أجاب الشيخ الطوسي قدس‌سره أنّ فساد المذهب لا يمنع من قبول خبره إذا كان صادقاً محتاطاً في طريقه متحرّجاً في نقل الخبر ، كما يظهر من ترجمة الطاطري ، وبني فضّال ، وعلي بن محمّـد بن رباح. ولا بدّ أن يكون قد صنّف الكتاب أو الأصل قبل انحرافه كالحسين بن عبيد الله السعدي ، والشلمغاني ، وأبي الخطّاب ، فإنّه يؤخذ بروايته. ومن الواضح أن يكون الكتاب غير مخالف لما عند العصابة من روايات معوّل عليها. بل قد ورد الإذن من الأئمّة عليهم‌السلام بالأخذ ببعض تلك الكتب والعمل بها ، مع فساد مذاهب أصحابها ككتب بني فضّال ، والشلمغاني لأنّ صدقهم في الحفّاظ على الرواية كان هو الأصل.

بقي أن نقول بأنّ لفظ الفهرست من الأخطاء الشائعة ، والصحيح هو لفظ الفهرس وهو الكتاب الذي تجمع فيه الكتب ، كما ذكر ذلك أغلب علماء اللغة.

٤ ـ «رجال النجاشي» :

وهو من الكتب الرجالية المعتمدة عند الطائفة. ألّفه الشيخ أبو العبّاس

 

۱۰۴

أحمد بن علي بن أحمد بن العبّاس النجاشي (ت ٤٥٠ هـ). وقد اضطربت الأقوال في زمن كتابته ، فهل كانت قبل كتابة فهرس الشيخ الطوسي أم بعده؟ والظاهر أنّ تأليف هذا الكتاب كان متأخّراً عن تأليف فهرس الشيخ ، كما تؤكّد بعض العوامل التأريخية. وفي ضوء هذا الاستظهار فإنّ النجاشي كان مطّلعاً على فهرس الشيخ. فقد أضاف النجاشي الى اسماء الرجال طرفاً من كناهم ، وألقابهم ، ومنازلهم ، وأنسابهم. وهذا هو الذي ميّز هذا الكتاب عن فهرس الشيخ الطوسي. وبالإضافة إلى تلك الميزة ، فإنّ هناك مؤشّرات تدلّ على دقّة النجاشي ومقدار عمقه في تحليل أحوال الرواة ، منها :

١ ـ إنّ الشيخ الطوسي لم يذكر في الرجل إلاّ (ما قيل فيه من التعديل والتجريح ، وهل يعوّل على روايته أو لا؟ ... وهل هو موافق للحقّ أم مخالف له؟)(١). بينما أدرج النجاشي (كلّ ما قيل في كلّ رجل منهم من مدح أو ذمّ)(٢). وهذه الشمولية التي نلمسها عند النجاشي لم تكن وليدة صدفة ، فقد كان المصنِّف مختصّاً بالأنساب ، فله كتاب أنساب بني نضر بن قعين وأيّامهم وأشعارهم. وعلمي الاّنساب والرجال شقّان لفنٍّ واحد ؛ لكن الأوّل أخذ بعداً اجتماعياً تأريخياً بينما أخذ الثاني بعداً إلزامياً دينياً. وقد كان النجاشي عربياً كوفياً سكن بغداد.

٢ ـ وباعتبـار أنّ النجـاشي كان من أسـاتذة هـذا الفـنّ فقد اعتبـر قوله مقـدّمـاً علـى قول سائـر أئمّـة الرجـال في مقـام المعارضـة في الجرح والتعديـل. وإلـى ذلك أشـار الشهيـد الثـاني قدس‌سره في كـتاب مسـالك الأفهـام : «وظاهر حال النجـاشي أنّه أضبـط الجمـاعة وأعرفـهم بحال

__________________

(١) الفهرس ـ الشيخ الطوسي ـ: ٢ المقدمة.

(٢) لاحظ تفاصيل تراجم الرواة في رجال النجاشي.

           

۱۰۵

الرجـال»(١). وفي رجال المحقّق الأسترابـادي : «ولا يخفـى تخالف ما بين طريقـي الشيخ والنجـاشي ، ولعلّ النجاشي يكـون أثبت»(٢). والسيّـد محمّـد مهدي بحر العلوم قال في الفوائد الرجاليـة : «أحد المشـايخ الثقات والعدول الاثبـات. من أعظـم أركان الجرح والتعديـل ، وأعلم علمـاء هذا السبيـل. أجمـع علماؤنـا على الاعتماد عليـه ، واطبقوا علـى الاستنـاد في أحـوال الرجـال إليه. وبتقديمـه صرّح جماعـة من الأصحاب نظـراً إلى كتابـه الذي لا نظيـر له في هذا الباب»(٣).

٣ ـ إنّ رجال النجاشي اختص برجال الشيعة أو من روى عنهم. فهو لا يذكر غير الشيعي إلاّ إذا كان عامّياً روى عنّا ، أو صنّف لنا فيذكره مع التنبيه عليه ، كالمدائني والطبري.

٤ ـ إنّه قدس‌سره تعـرّض لجـرح الرواة وتعديلـهم غالباً بالإستقـلال أو بالإستطـراد. ولكنّـه وثّق بعض الرجـال ضمن ترجمـة غيرهم ، أو أعرض عن التعـرّض بشـيء من الوثاقـة أو الضعف في حـقّ بعض آخـر عند ترجمتـهم. ولذلك فإنّ الكتـاب يحتـاج إلـى دقّة وتحقّـق عند الرجـوع إليـه كمصدر.

وعلى ضوء ما قدّمناه ، فإنّ كتاب رجال النجاشي يعدّ من أهمّ الكتب الرجالية القديمة في المدرسة الإمامية ، وأكثرها شمولية ودقّة في معرفة أحوال الرواة ذاتاً ووصفاً ، قدحاً ومدحاً.

__________________

(١) مسالك الافهام ٧ / ٤٦٧.

(٢) رجال الاسترابادي: ترجمة (سليمان بن صالح).

(٣) رجال السيد بحر العلوم: ترجمة (النجاشي).

           

۱۰۶

الأُصول الرجالية الثانوية :

وهي الكتب الرجالية التي تأتي بالمرتبة الثانية بعد المصادر الرئيسية الأربعة التي ذكرت آنفاً. وهي : كتاب الضعفاء لابن الغضائري ، ورجال البرقي ، ورسالة في ترجمة (آل أعين) لأبي غالب الزراري ، ومشيخة الصدوق ، ومشيخة الطوسي في التهذيب والاستبصار.

١ ـ كتاب «الضعفاء» لابن الغضائري :

وهو كتاب منسوب إلى الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم الغضائري (ت ٤١١ هـ) ، وهو من مشايخ النجاشي (ت ٤٥٠ هـ) والشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ هـ). وقد ترجمه شيخ الطائفة بالقول : «إنّي لمّا رأيت جماعة من شيوخ طائفتنا من أصحاب الحديث عملوا فهرس كتب الأُصول ، ولم أجد أحداً استوفى ذلك ... إلاّ ما قصده أبو الحسين أحمد بن الحسين بن عبيد الله رحمه‌الله فإنّه عمل كتابين أحدهما ذكر فيه المصنّفات والأُخر ذكر فيه الأُصول ، واستوفاهما على مبلغ ما وجده وقدّر عليه. غير أنّ هذين الكتابين لم ينسخهما أحد من أصحابنا واخترم هو وعمد بعض ورثته إلى إهلاك هذين الكتابين وغيرهما من الكتب على ما حكى بعضهم عنه»(١).

وقد اُسدل الستار على الكتاب حوالي قرنين ونصف من الزمان ، وبالتحديد من سنة ٤١١ ولحدّ سنة ٦٤٤ للهجرة. حيث وجده السيّد ابن طاووس (ت ٦٧٣ هـ) ، وأدرجه موزّعاً ضمن كتابه حلّ الإشكال في معرفة

__________________

(١) الفهرس ـ الشيخ الطوسي ـ: ١ ـ ٢.

           

۱۰۷

الرجال الذي جمع فيه عبارات الكتب الرجالية الرئيسية الأربعة : رجال الطوسي ، وفهرسه ، واختيار الكشّي ، والنجاشي. فكان كتاب الضعفاء خامس الكتب الرجالية المدرجة في كتاب حلّ الإشكال. وقد كان الشكّ يحوم حول صدق نسبة كتاب الضعفاء إلى ابن الغضائري منذ البداية. فقد كان السيّد ابن طاووس صريحاً في عدم نسبة الكتاب إلى ابن الغضائري. قال في المقدّمة بعد أن ذكر الكتب الرجالية الخمسة التي جمعها : «ولي بالجميع روايات متّصلة عدا كتاب ابن الغضائري»(١). فالسيّد ابن طاووس لم يروه عن راو معيّن ، بل وجده منسوباً إلى ابن الغضائري وصرّح بذلك ، لكنّه لم يكتفِ بذلك التصريح بل وضع ضابطة كلّية في الجرح والتعديل تفيد بأنّ السكون إلى قول المادح مع عدم المعارض راجح. والسكون إلى قول الجارح ولو كان بدون معارض مرجوح(٢).

وقد انتقل كتاب حلّ الإشكال من يد إلى يد حتّى وصل إلى حيازة صاحب المعالم (ت ١٠١١ هـ) وهو ابن الشهيد الثاني. فاستخرج منه كتابه التحرير الطاووسي. بعدها قام المولى عبـد الله التستري (ت ١٠٢١ هـ) باستخراج عبارات كتاب الضعفاء من تلك النسخة المخرّقة المشرفة على التلف لكتاب التحرير الطاووسي. يقول الشيخ التستري في الإشارة إلى ذلك : «اعلم ـ أيّدك الله وإيّانا ـ إنّي لمّا وقفت على كتاب السيِّد المعظّم جمال الدين أحمد بن طاووس في الرجال فرأيته مشتملاً على نقل ما في كتب السلف. وقد كنتُ رزقت بحمد الله النافع من تلك الكتب ، إلاّ كتاب ابن الغضائري ، فإنّي كنت ما سمعتُ له وجوداً في زماننا. وكان كتاب السيّد

__________________

(١) حل الاشكال في معرفة الرجال: المقدمة.

(٢) حل الاشكال في معرفة الرجال: المقدمة.

           

۱۰۸

هذا بخطّه الشريف مشتملاً عليه فحداني به مع ظنّ الإنتفاع بكتاب ابن الغضائري أن أجعله منفرداً عنه راجياً من الله الجواد ، الوصول إلى سبيل الرشاد»(١). ولم يتردّد المولى عناية الله القهبائي (ت بعد سنة ١٠٢٦ هـ) من إدخال الكتاب في موسوعته الكبيرة مجمع الرجال التي جمعت فيها الكتب الرجالية الخمسة.

وأقلّ ما يقال في الكتاب إنّ طريق السيّد ابن طاووس إليه غير معلوم. وتصريح الشيخ الطوسي باتلافه من قبل ورثته يورث الاطمئنان بأنّ الكتاب لم يعدّ له وجود. وظهوره مرّة أُخرى بعد حوالي قرنين ونصف من الزمان يقوّي ما استظهره الشيخ آغا بزرك (ت ١٣٨٩ هـ) من أنّ الكتاب المزعوم من مفتعلات المناوئين للمذهب ، خصوصاً أنّ فيه ما فيه من هتك حرمة إجلاء الطائفة المشهورين بالعفاف والتقوى والصلاح كأحمد بن مهران وغيرهم واتهامهم بالكذب والضعف إلى حدّ أنّ المحقّق الداماد قال في رواشحه : «قلّ أن يسلم أحد من جرحه أو ينجو ثقة من قدحه»(٢).

وثبوت نسبة الكتاب الى ابن الغضائري عند العلاّمة الحلّي (ت ٧٢٦ هـ) اجتهاد منه لا يلزم متأخّري المتأخّرين. خصوصاً وأنّ مبنى العلاّمة قدس‌سره في الأخذ بالكتاب غير واضح المعالم عدا كونه من تحقيقات ابن طاووس ومتبنّيات ابن داود في رجاله. وحتّى لو تنـزّلنا وآمنّا بأنّ كتاب الضعفاء كان لابن الغضائري ، فإنّ تضعيفه وجرحه للرواة والمشايخ كان اجتهاداً منه عند النظر الى روايات الأفراد ولم يكن مستنداً إلى الشهادة والسماع. بل كان رحمه‌الله يتسرّع ظاهراً باتّهام بعض الرواة بالغلوّ. وقد التفت

__________________

(١) مجمع الرجال ١ / ١٠.

(٢) الرواشح: الراشحة التاسعة والعشرون.

           

۱۰۹

إلى ذلك المحقّق الكلباسي (ت ١٣٥٦ هـ) مستنبطاً أنّ دعوى التسارع في الحكم على بعض الرواة بالغلوّ غير بعيدة ، لأُمور منها : «أنّ الظاهر من كمال الاستقراء في أرجاء عبائره [أي في أرجاء عبارات كتاب ابن الغضائري] ، أنّه كان يرى نقل بعض غرائب الأُمور من الأئمّة عليهم‌السلام من الغلوّ على حسب مذاق القمّيين. فكان إذا رأى من أحدهم ذكر شيء غير موافق لاعتقاده ، يجزم بأنّه من الغلوّ. فيعتقد بكذبه وافترائه ، فيحكم بضعفه وغلوّه. ولذا يكثر حكمه بهما [أي بالضعف والكذب] في غير محلّهما. ويظهر ذلك ممّا ذكره من أنّه كان غالياً كذّاباً كما في سليمان الديلمي. وفي آخر أنّه ضعيف جدّاً لا يلتفت إليه ، في مذهبه غلوّ ، كما في عبـد الرحمن بن أبي حمّاد ؛ فإنّ الظاهر أنّ منشأ تضعيفه ما ذكره من غلوّه. ومثله ما في خلف بن محمّـد من أنّه كان غالياً ، في مذهبه ضعف ، لا يلتفت إليه ...»(١).

وهذا اللون من التجريح البعيد عن الروح الموضوعية وضع الكتاب أمام المحاكمة العلمية العلنية ، واوجد تيّاراً علمياً مضادّاً ينفي نسبة الكتاب إلى ابن الغضائري. وكان في قيادة هذا التيّار العلمي الشيخ المحقّق آغا بزرك الطهراني (ت ١٣٨٩ هـ) ، والسيّد أبو القاسم الخوئي (ت ١٤١٣ هـ) وغيرهم من الأجلاّء.

٢ ـ رجال البرقي :

وفيه أسماء أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمّة عليهم‌السلام إلى الحجّة صاحب الزمان عليه‌السلام دون التعرّض إلى تعديلهم أو تجريحهم ؛ طبع مع رجال أبي داود. وقد اضطربت الأقوال حول المؤلّف هل هو أحمد بن محمّـد بن

__________________

(١) سماء المقال ١ / ١٩.

           

۱۱۰

خالد البرقي صاحب المحاسن (ت ٢٧٤ هـ) أو من تأليف أبيه؟ الظاهر أنّه من تأليف شخص آخر من نسب البرقي. فهناك قرائن تشهد بأنّه ليس من تأليف صاحب المحاسن ولا من تأليف والده.

منها : إنّه كثيراً ما يعتمد في السند إلى كتاب سعد بن عبـد الله بن أبي خلف الأشعري القمّي (ت ٣٠١ هـ) الذي يروي عن أحمد بن محمّـد بن خالد (صاحب المحاسن). وهو خلاف المتعارف في الأوساط العلمية ، لأن الأُستاذ لا يروي عن التلميذ. فيكون الكتاب من تأليف مصنّف آخر غير صاحب المحاسن.

ومنها : عند ترجمته لأحمد (بن أبي عبـد الله) بن محمّـد بن خالد البرقي لم يذكر أنّه مصنّف الكتاب كما هو المعمول به ذلك العصر. وقد ترجم النجاشي والشيخ لنفسيهما في فهرسيهما وذكرا بأنّهما مصنّفا كتابيهما ، وكذلك فعل العلاّمة وابن داود.

ومنها : إنّه لو كان من تأليف أحمد بن محمّـد بن خالد ، لشهد عند ترجمة محمّـد بن خالد أنّه والده ، ولكنّه لم يفعل ذلك.

فيتبيّن أنّ كتاب رجال البرقي ليس من تأليف صاحب المحاسن ولا من تأليف أبيه. وقد استقرب المحقّق التستري أن يكون من تصنيف (أحمد بن عبـد الله بن أحمد البرقي) وهو الذي يروي عنه الصدوق(١). وهو أقرب إلى الواقع.

٣ ـ ترجمة (آل أعين) لأبي غالب الزراري :

وهي رسالة ذات قيمة علمية ، كتبت خصّيصاً في ترجمة نسب (آل

__________________

(١) قاموس الرجال ١ / ٤٥.

           

۱۱۱

أعين) المعروفين برواية الحديث وطلب العلم. كتبها الشيخ أبو غالب (ت ٣٦٨ هـ) إلى ابنه محمّـد بن عبـد الله بن أبي غالب ، وذكر فيها بضعة وعشرين إسماً من أسماء مشايخه منهم جدّه أبو طاهر (ت ٣٠٠ هـ) ، وعبـد الله بن جعفر الحميري. وأدرج في آخر الرسالة فهرس الكتب الموجودة عنده ، والتي يرويها عن مؤلّفيها. وبلغت مائة وبضعة عشر كتاباً وجزءً ، أجاز حفيده المذكور روايتها عنه.

٤ ـ مشيخة الصدوق :

من تأليف الشيخ أبو جعفر محمّـد بن علي بن الحسين بن بابويه المعروف بالشيخ الصدوق (ت ٣٨١ هـ). وعزا قدس‌سره سبب تأليف المشيخة إلى أنّه صمّم كتابه من لا يحضره الفقيه على قاعدة اختصار الأسانيد ، وذلك بحذف أوائل الإسناد. فكانت المشيخة أُسلوباً علمياً يعرف بها طريقه إلى من روي عنه. ولذلك كانت المرجع في اتصال سنده في أخبار كتاب من لا يحضره الفقيه. وقد طبعت مشيخة الصدوق في خاتمة كتاب من لا يحضره الفقيه. وتعدّ من الرسائل الرجالية المهمّة.

٥ ـ مشيخة الطوسي في «التهذيب» و «الاستبصار» :

وهي مشابهة بالأُسلوب والعرض لمشيخة الصدوق. حيث طبعت في خاتمة الكتابين.

 

۱۱۲

الفصل الخامس

ميزان الوثاقة وأُسلوب الأخذ بالرواية

مقدّمة :

لا شكّ أنّ ضوابط الوثاقة كانت ولا تزال محور علم الرجال. فقد اتفق الفقهاء على اساليب للأخذ بالرواية الصحيحة منها : نص المعصوم عليه‌السلام ، نصّ أحد الأعلام المتقدّمين ، نصّ أحد الأعلام المتأخّرين ، دعوى الإجماع من قبل الأقدمين. وهناك توثيقات عامّة للرواة ، وتوثيقات خاصّة سوف نبحثها في هذا الفصل بإذنه تعالى.

أساليب الأخذ بالرواية :

اتفق الفقهاء على أساليب متعدّدة للأخذ بالرواية ، منها :

١ ـ نصّ المعصوم عليه‌السلام :

فإذا نصّ المعصوم عليه‌السلام على وثاقة فرد فلا إشكال أنّ ذلك حجّة في إثبات وثاقته. ولا شكّ أنّنا لا نستطيع إحراز ذلك بالحسّ أو الوجدان ، بل لا بدّ من رواية معتبرة في ذلك. ومثال ذلك : روى الكشّي بسند صحيح عن علي بن المسيّب قال : «قلتُ للرضا عليه‌السلام : شقّتي بعيدة ولستُ أصل إليك في كلّ وقت ، فعمّن آخذ معالم ديني؟ فقال : من زكريّا بن آدم القمّي ، المأمون على الدين والدنيا»(١). وتلك الرواية الصحيحة تدلّ على وثاقة

__________________

(١) رجال الكشي رقم ١١١٢.

           

۱۱۳

زكريّا بن آدم ، ولم يخدش بالرواية أحد من الفقهاء.

وقد زُعِمَ بصحّة الاستدلال بالخبر الضعيف على وثاقة الرواة بدعوى انسداد باب العلم في علم الرجال ، أو بتعبير أدقّ زُعِمَ بصحّة حجّية الظنّ الرجالي. وقد رُدَّ على ذلك بطريقين :

الأوّل : عدم انسداد باب العلم بالتوثيقات لورود سيل منهمر من التوثيقات العامّة والخاصّة بطرق المتقدّمين والمتأخّرين. فلا معنى للزعم بانسداد العلم والعلمي بالتوثيقات الرجالية. ولا شكّ أنّ كثرة القرائن توجب اطمئناناً بوثاقة الراوي محلّ البحث.

الثاني : أنّ تطبيق فكرة (حجّية الظنّ من باب الكشف أو الحكومة بانسداد باب العلم بمعظم الأحكام الشرعية) غير وارد في علم الرجال. لأنّنا لا نستطيع أن نرجع إلى فكرة انسداد باب العلم في كلّ موضوع يوجب الظنّ فيه. والمنهج الرجالي يختلف تماماً عن المنهج الأصولي ، فلا نستطيع مثلاً استصحاب حال الراوي السابقة إذا شككنا بانحرافه.

٢ ـ نصّ أحد الأعلام المتقدّمين :

وهو اثبات الوثاقة عن طريق نصّ أحد فقهائنا الأعلام قدس‌سرهم كالبرقي ، وابن قولويه ، والكشّي ، والصدوق ، والمفيد ، والنجاشي ، والطوسي من باب الشهادة وحجّية خبر الثقة.

وقد كان فقهاء الطائفة منهمكين في القرنين الرابع والخامس الهجريّين في تأليف كتب الفهارس والتراجم لتمييز الروايات الصحيحة عن السقيمة. وقد بلغ عدد الكتب الرجالية المؤلّفة من زمان الحسن بن محبوب

 

۱۱۴

إلى زمان الشيخ الطوسي زهاء نيفاً ومائة كتاب(١). وقد أشار إلى ذلك الشيخ الطوسي قائلاً : «إنّا وجدنا الطائفة ميّزت الرجال الناقلة لهذه الأخبار فوثّقت الثقات منهم ، وضعّفت الضعفاء ، وفرّقت بين من يعتمد على حديثه وروايته وبين من لا يعتمد على خبره ، ومدحوا الممدوح منهم وذمّوا المذموم. وقالوا : فلان متّهم في حديثه ، وفلان كذّاب ، وفلان مخلّط ، وفلان مخالف في المذهب والاعتقاد ، وفلان واقفي ، وفلان فطحي ، وغير ذلك من الطعون التي ذكروها. وصنّفوا في ذلك الكتب واستثنوا الرجال من جملة ما رووه من التصانيف في فهارسهم ، حتّى أنّ واحداً منهم إذا أنكر حديثاً طعن في إسناده وضعفه بروايته. هذه هي عادتهم على قديم وحديث لا تنخرم»(٢).

فهذا يدلّ على أنّ توثيقات الأعلام المتقدّمين أو تضعيفاتهم ، حتّى وإن كانت حدسية ، إلاّ أنّها كانت أقرب إلى الحسّ حيث يطمئنّ إليها ويركن إلى صوابها.

٣ ـ نصّ أحد الأعلام المتأخّرين :

وهذا الطريق قد ينحصر في توثيقات من كان معاصراً للمخبر أو قريب العصر منه ، مثلاً توثيقات أعلام القرن السادس الهجري كالشيخ منتجب الدين (ت ٥٨٥ هـ) ، وابن شهرآشوب (ت ٥٨٨ هـ). فقد كان هذان العلمان يعتمدان في التوثيقات والتنصيصات على السماع ، أو الاستفاضة ، أو الاشتهار. وقد كان الشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) المحطّة

__________________

(١) معجم رجال الحديث ١ / ٤١.

(٢) عدة الاصول: آخر فصل الرابع (في ذكر خبر الواحد) الصفحة الاخيرة.

           

۱۱۵

النهائية لرجوع متأخّري المتأخّرين إليه في التوثيقات كابن طاووس (ت ٦٧٣ هـ) ، والعلاّمة الحلّي (ت ٧٢٦ هـ) ، وابن داود (ت ٧٠٧ هـ) ومن تأخّر منهم كالمجلسي (ت ١١١١ هـ). فهؤلاء المتأخّرين كانت توثيقاتهم مبنية على الحدس والاجتهاد. أمّا من كان قريباً من عهد الشيخ الطوسي بقرن من الزمان مثلاً كالشيخ منتجب الدين وابن شهرآشوب فإنّ توثيقاتهم قد قبلت باعتبارها قريبة من عصر الرواة. فالشهيد الثاني في إجازته الكبيرة للشيخ عبـد الصمد والد الشيخ البهائي بعدما ذكر عدّة طرق له إلى الشيخ الطوسي ، قال : «وبهذه الطرق نروي جميع مصنّفات من تقدّم على الشيخ أبي جعفر [الطوسي] من المشايخ المذكورين وغيرهم ، وجميع ما اشتمل عليه كتابة فهرست أسماء المصنّفين وجميع كتبهم ورواياتهم بالطرق التي تضمّنتها الأحاديث. وإنّما أكثرنا الطرق الى الشيخ أبي جعفر ، لأنّ أُصول المذهب كلّها ترجع الى كتبه ورواياته»(١).

أمّا توثيقات فقهائنا الأعلام كالميرزا الأسترآبادي والسيّد التفريشي والأردبيلي والقهبائي والمجلسي والمحقّق البهبهاني ، فإنّها مبنية على الحدس والاجتهاد ، ولا يمكن الأخذ بها إذا كنّا نؤمن بأنّ حجية قول الرجالي من باب الشهادة. أمّا إذا كان الرجوع إليهم من باب الرجوع إلى أهل الخبرة ، فهذا يوافق المبنى العقلائي ويكون مؤيّداً للدليل.

٤ ـ دعوى الإجماع من قبل الأقدمين :

وقد اعتبرت تلك الدعوى من جملة ما تثبت به الوثاقة ، وهو إجماع منقول على وثاقة الراوي. كما اتفق ذلك في إبراهيم بن هاشم ، فقد ادّعى

__________________

(١) نقلاً عن بحار الأنوار ١٠٥ / ١٦٣.

           

۱۱۶

ابن طاووس(١) الاتّفاق على وثاقته. فلا شكّ أنّ ابن طاووس لا يمكن أن يدّعي ذلك دون توثيق بعض الفقهاء المتقدّمين لإبراهيم بن هاشم. وقد اعتمد الفقهاء على دعوى الإجماع على الوثاقة حتّى من المتأخّرين.

التوثيقات العامّة :

وهي توثيقات اُطلقت على أكثر من راو لتعبّر بالشهادة على وثاقتهم جميعاً ، كما هو رأي بعض الفقهاء المتأخرين قدس‌سرهم حول وثاقة جميع مشايخ علي بن إبراهيم ، ووثاقة جميع من وقع في اسناد كامل الزيارات. فقد قال علي بن إبراهيم في مقدّمة تفسيره : «ونحن ذاكرون ومخبرون بما ينتهي إلينا من مشايخنا وثقاتنا عن الذين فرض الله طاعتهم ...»(٢). وقال جعفر بن قولويه في كتاب كامل الزيارات : «وقد علمنا بأنّا لا نحيط بجميع ما روي عنهم في هذا المعنى ولا في غيره ، لكن ما وقع لنا من جهة الثقات من أصحابنا رحمهم برحمته ولا أخرجت فيه حديثاً روي عن الشذائذ من الرجال يؤثر ذلك عنهم عن المذكورين غير المعروفين بالرواية المشهورين بالحديث والعلم ...»(٣). والعبارتان في الكتابين واضحتان بأنّهما لا يرويان في كتابهما رواية عن المعصوم إلاّ وقد وصلت إليهما من جهة الثقات من أصحابنا.

وجاء عن النجاشي في ترجمة عبيد الله بن أبي شعبة الحلبي : «وآل

__________________

(١) نقلاً عن كلّيات في علم الرجال: ١٥٧.

(٢) تفسير علي بن ابراهيم ١ / ٤ المقدمة.

(٣) كامل الزيارات: ٤.

           

۱۱۷

أبي شعبة بالكوفة بيت مذكور من أصحابنا وكانوا جميعهم ثقات»(١). وفي ترجمة محمّـد بن الحسن بن أبي سارة : «إنّ بيت الرواسي كلّهم ثقات»(٢).

والتوثيق العام لا بدّ أن يستند على أُسس شرعية. ذلك أنّ دراسة طبيعة البحث الرجالي في المدرسة الإمامية يستدعي ملاحظة القرائن الشخصية والاجتماعية المحيطة بالراوي. والحدّ الشرعي الأدنى للأخذ بالرواية هو سكون النفس إلى الرواة الذين حملوا لنا الرواية لفظاً أو كتابة من ثقة إلى آخر. فالضابط في التوثيق لا ينحصر في مجرّد النصّ على وثاقته أو تضعيفه فحسب ، بل لا بدّ من ملاحظة ضوابط أُخرى في مورد البحث ، منها :

١ ـ إنّ وثاقة الراوي تستدعي ملاحظة الظروف الإجتماعية والسياسية القاهرة التي كان يمرّ بها أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام. فقد استخدمت وسائل التقية للحفاظ على المذهب وحملة رسالته. وكان الذمّ أحد الوسائل التي استخدمت من أجل حقن دماء بعض أجلاّء الطائفة. فزرارة بن أعين مثلاً ورد فيه اللعن والذم والتشهير مع أنّه كان من الثقات الذين ساهموا في حفظ الشريعة من الإندراس. فقد وردت في كتاب واحد وهو كتاب اختيار معرفة الرجال روايتان متعارضتان حوله :

الأولى : ما رواه عمّار الساباطي عن أبي عبـد الله عليه‌السلام : «يا عمّار أتعرف هذا الرجل؟ قلتُ : لا والله إلاّ أنّي نزلت ذات ليلة في بعض المنازل فرأيته يصلّي صلاة ما رأيت أحداً صلّى مثلها ودعا بدعاء ما رأيتُ أحداً دعا بمثله. فقال لي : هذا زرارة بن أعين. هذا من الذين وصفهم عزّ وجلّ في

__________________

(١) رجال النجاشي رقم ٦١٢.

(٢) رجال النجاشي رقم ٨٨٣.

           

۱۱۸

كتابه فقال : (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَل فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُوراً)(١)»(٢). وفي غيرها أنّ الإمام لعنه ثلاثاً وفي آخر أنّ إيمانه عارية وأنّه أشرّ من اليهود والنصارى ...»(٣).

الثانية : ورواية عبـد الله بن زرارة عن أبي عبـد الله عليه‌السلام في حقّ زرارة : «... فإنّك والله أحبّ الناس إليّ وأحبّ أصحاب أبي حيّاً وميّتاً ...»(٤).

وكان الذمّ الذي استعمل وسيلة من وسائل التقية بمثابة قرينة على صدق الرجل وعلوّ مقامه وصدق مكانته بين الأصحاب. فزرارة بن أعين من أجلاّء الأصحاب الذين حملوا في صدورهم روايات أهل البيت عليهم‌السلام ، فصدق بحقّهم القول بأنّ الشريعة كادت تندرس لولاهم. ومع ذلك نرى بعض الروايات المتعارضة مع حقيقة التوثيق. وهذا يستدعي النظر بعين ثاقبة إلى الظروف الاجتماعية والسياسية التي كان يعيشها الرواة الثقات المخلصون لأهل البيت عليهم‌السلام.

٢ ـ ضرورة النظر إلى حياة الراوي من بدايتها وحتّى نهايتها. فقد يطرأ على الراوي تغيّر في العقيدة ، أو الكنية ، أو الإقامة ، أو نحوها خلال مراحل حياته. فقد يكون واقفيّاً او فطحيّاً في مرحلة من مراحل حياته ولكنّه يرجع إلى الحقّ لاحقاً. وقد يسكن البصرة فترة من حياته فيوصف بالبصري ، ثمّ يسكن الكوفة في فترة أُخرى فيوصف بالكوفي. وقد يكنّى

__________________

(١) سورة الفرقان ٢٥: ٢٣.

(٢) اختيار معرفة الرجال: ١٥١.

(٣) اختيار معرفة الرجال: ١٥١.

(٤) اختيار معرفة الرجال: ١٣٩.

           

۱۱۹

بأبي عبـد الله فترة فيموت ابنه ويلقّب بكنية جديدة. وهذا الأمر يستدعي النظر إلى الراوي من الزاوية الإجتماعية أيضاً.

٣ ـ إنّ فلسفة نقل الرواية عن المعصوم عليه‌السلام ، بعد ابتعادنا عن عصر النصّ ، تعتمـد على القواعـد العقلائية في الإطمئنـان على صـدق الراوي ، لا على القواعـد التعبّدية. فمـن المعلوم أنّ القواعـد التعبّدية تنحصـر في أبواب : الشهـادة على الوثاقـة أو الضعف ، والحجّيـة المستفادة مـن آية النبـأ ، وحجية الظنـون الرجالية للإنسـداد ، وانطباق قول الرجاليين على قول أهل الخبـرة. وهذه الوجـوه لا يعتنـى بها فـي علم الرجـال. لأنّ الشهـادة على الوثاقـة أو الضعف تستدعـي تعدّد الشهـود ، وهو مـا لم يقـل به أحد من الرجاليّيـن. والحجية المستفادة من آيـة النبأ تدلّ على حجيـة خبر العـدل ، إلاّ أنّنـا نأخذ بالروايـات المعتبرة التـي لا يكون فيهـا الراوي عدلاً بل يكفـي الصدق والتوثيـق. ولو صحّت حجّيـة الظنون الرجاليـة بدعوى الإنسـداد فإنّها ستحصـر الحجّية بالمظنـون. ولا شكّ أنّ العمـل بالمظنـون أو المشكـوك أو المحتمـل يستلزم عسـراً وحرجاً نفاهمـا الشرع الحنيـف. ودعـوى انطباق قـول الرجاليّين علـى قول أهـل الخبرة مـردود من زاويـة أنّ الضابط لو صحّ سيكـون إحـراز كـون الناقـل من أهـل الخبرة دائمـاً ، وهـو مخالف لواقـع علم الرجـال.

٤ ـ من ضوابط الجرح والتعديل هو : أنّ السكون إلى قول المادح مع عدم وجود معارض أمر راجح. والسكون إلى قول الجارح ولو كان بدون معارض أمر مرجوح. وقد ذكر هذه القاعدة السيّد ابن طاووس (ت ٦٧٣ هـ) في معرض توهينه لكتاب الضعفاء المنسوب لابن الغضائري. واستدلّ على ذلك بقوله : «إنّ التهمة في الجرح شائعة ولا يحصل بإزائها في

 

۱۲۰

جانب المادحين. فالسكون إليهم ما لم يحصل معارض راجح ، والسكون إلى القادحين ما لم يحصل معارض مرجوح»(١). وفي النصّ تصريح واضح يدفعنا للإيمان بأنّ كتاب الضعفاء المثقل بالقدح والذمّ لا نطمئنّ به ولا بنسبته إلى ابن الغضائري. فهو من جهة إذا كان القدح موجوداً مع وجود المعارض فإنّه يسقط بالمعارضة. ومن جهة أُخرى إذا كان القدح موجوداً مع عدم وجود معارض ، فهو ساقط أيضاً لشيوع التهمة في القدح ولا شيوع لها في المدح.

٥ ـ لو واجهنا السؤال التالي : هل أنّ الحجّة هي في الوثوق بصدوره عن المعصوم عليه‌السلام ، أم أنّ الحجّة منحصرة بالخبر الصادر عن الثقة؟ بطبيعة الحال أنّ الجواب يتحدّد بحدود الإيمان بوثاقة الخبر الصادر عن المعصوم عليه‌السلام ، وهذا هو مراد المجتهد المستنبط. فقد يكون الراوي ثقة ، ولكن القرائن والإمارات تدلّ على عدم صدور الخبر عن المعصوم عليه‌السلام ، وأن الثقة قد أخطأ أو التبس عليه الأمر في النقل. فيكون محور الأخذ بالخبر هو الوثوق من صدوره من المعصوم عليه‌السلام بملاحظة الأمارات والقرائن على ذلك ، التي يكون أحدها خبر الثقة.

الرواة الثقات في عصر النصّ :

ويدخل تحت هذا العنوان : أصحاب الإجماع ، ومشايخ الثقات ، ورجال أسانيد بعض الكتب المعتبرة ، وأصحاب الإمام الصادق عليه‌السلام ، ومشايخ الإجازة والوكالة عن الإمام عليه‌السلام.

__________________

(١) حل الاشكال في معرفة الرجال: المقدمة.

           

۱۲۱

أوّلاً : أصحاب الإجماع :

لا شكّ أنّ أصحاب الإجماع ثقات جميعاً ، ولكن النقاش دار حول وثاقة الراوي فيما إذا وقع اسمه في سند رواية رواها أحد هؤلاء الثقات. فقد قيل بوثاقة الراوي إذا وقع اسمه في سند رواية رواها أحد أصحاب الإجماع. وأصحاب الإجماع ثمانية عشر رجلاً موزّعون على ثلاث طبقات. وأوّل من قال بهذا الرأي الكشّي في رجاله. فرتّب أصحاب الإجماع على شكل ثلاث مجاميع. ولكن تسمية (أصحاب الإجماع) من اصطلاحات المتأخّرين ، فقد سمّاهم الكشّي بالفقهاء من أصحاب الأئمّة عليهم‌السلام. وهذه المجاميع هي :

١ ـ في تسمية الفقهاء من أصحاب الإمام الباقر والإمام الصادق عليهما السلام ، فقال : «اجمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأوّلين من أصحاب أبي جعفر ، وأصحاب أبي عبـد الله عليهما السلام وانقادوا لهم بالفقه ، فقالوا أفقه الأوّلين ستّة : زرارة ، ومعروف بن خرّبوذ ، وبريد ، وأبو بصير الأسدي ، والفضيل بن يسار ، ومحمّـد بن مسلم الطائفي. قالوا : وأفقه الستّة زرارة. وقال بعضهم : مكان أبو بصير الأسدي أبو بصير المرادي ، وهو ليث بن البختري»(١).

٢ ـ وفي تسمية الفقهاء من أصحاب الإمام الصادق عليه‌السلام قال : «أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء وتصديقهم لما يقولون ، وأقرّوا لهم بالفقه من دون أولئك الستّة الذين عدّدناهم وسمّيناهم ستّة نفر :

__________________

(١) رجال الكشي رقم ٤٣١.

           

۱۲۲

جميل بن درّاج ، وعبـد الله بن مسكان ، وعبـد الله بن بكير ، وحمّاد بن عثمان ، وحمّاد بن عيسى ، وأبان بن عثمان. قالوا : وزعم أبو إسحاق الفقيه ـ وهو ثعلبة بن ميمون ـ أنّ أفقه هؤلاء جميل بن درّاج ، وهم أحداث(١)أصحاب أبي عبـد الله عليه‌السلام»(٢).

٣ ـ وفي تسمية الفقهاء من أصحاب أبي إبراهيم (الكاظم) ، وأبي الحسن الرضا عليهما السلام ، قال : «أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء وتصديقهم وأقرّوا لهم بالفقه والعلم ، وهم ستّة نفر أُخر ، دون الستّة نفر الذين ذكرناهم في أصحاب أبي عبـد الله عليه‌السلام ، منهم : يونس بن عبـد الرحمن ، وصفوان بن يحيى بيّاع السابري ، ومحمّـد بن أبي عمير ، وعبـد الله بن المغيرة ، والحسن بن محبوب ، وأحمد بن محمّـد بن أبي نصر. وقال بعضهم : مكان الحسن بن محبوب الحسن بن علي بن فضال ، وفضالة بن أيّوب. وقال بعضهم : مكان فضالة بن أيّوب عثمان بن عيسى ، وأفقه هؤلاء يونس بن عبـد الرحمن ، وصفوان بن يحيى»(٣).

اعتبار العدالة في طريق من وقع في السند :

وقد ردّ على الرأي القائل بأنّ الراوي إذا وقع اسمه في سند رواية رواها أحد أصحاب الإجماع بأنّه ثقة ، بالقول : «من الظاهر أنّ كلام الكشّي لا ينظر إلى الحكم بصحّة ما رواه أحد المذكورين عن المعصومين عليهم

__________________

(١) احداث : شبان.

(٢) رجال الكشي رقم ٧٠٥.

(٣) رجال الكشي رقم ١٠٥٠.

           

۱۲۳

السلام ، حتّى إذا كانت الرواية مرسلة أو مروية عن ضعيف أو مجهول الحال ، وإنّما ينظر إلى بيان جلالة هؤلاء. وأنّ الإجماع قد انعقد على وثاقتهم وفقههم وتصديقهم فيما يروونه. ومعنى ذلك أنّهم لا يتّهمون بالكذب في أخبارهم وروايتهم ، وأين هذا من دعوى الإجماع على الحكم بصحّة جميع ما رووه عن المعصومين عليهم السلام ، وإن كانت الواسطة مجهولاً أو ضعيفاً؟»(١). وقد استوحيت هذه الفكرة من رأي صاحب الوسائل. قال في (المقدّمة الثانية) من كتابه بعدما حكى الإجماع على التصحيح من الكشي : «وقد فهم جماعة من المتأخّرين من قوله اجمعت العصابة أو الأصحاب على تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء الحكم بصحّة الحديث المنقول عنهم ونسبته إلى أهل البيت عليهم‌السلام بمجرّد صحّته عنهم ، من دون اعتبار العدالة في من يروون عنه ، حتّى لو رووا عن معروف بالفسق ، أو بالوضع فضلاً عمّا لو أرسلوا الحديث كان ما نقلوه صحيحاً محكوماً على نسبته إلى أهل بيت العصمة صلوات الله عليهم.

وأنت خبير بأنّ هذه العبارة ليست صريحة في ذلك ولا ظاهرة فيه ، فإنّ ما يصحّ عنهم إنّما هو الرواية لا المروي. بل كما يحتمل ذلك يحتمل كونها كناية عن الإجماع على عدالتهم وصدقهم ، بخلاف غيرهم ممّن لم ينقل الإجماع على عدالته»(٢).

ولا شكّ أنّ أوّل من قال بالإجماع على تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء هو أبو عمرو الكشّي (من علماء القرن الرابع الهجري (لم يعلم تاريخ

__________________

(١) معجم رجال الحديث ١ / ٧٣.

(٢) الوافي للكاشاني ، المقدّمة الثانية بعدما حكى الإجماع على التصحيح من الكشّي.

           

۱۲۴

وفاته) ، وأخذه الشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) بالقبول(١) ، وكذلك بن شهرآشوب (ت ٥٨٨ هـ)(٢) ، والعلاّمة الحلّي (ت ٧٢٦ هـ) في الخلاصة ، والشهيد الأوّل (ت ٧٨٦ هـ) في غاية المراد ، وابن داود (ت ٧٠٧ هـ) في رجاله ، والشهيد الثاني (ت ٩٦٦ هـ) في شرح الدراية في تعريف الصحيح ، والشيخ البهائي (ت ١٠٣١ هـ) ، والمحقّق الداماد (ت ١٠٤١ هـ) ، وفخر الدين الطريحي (ت ١٠٨٥ هـ) ، والمحقّق السبزواري (ت ١٠٩٠ هـ).

ولم يتطرّق إلى ذلك الحسن بن زهرة (ت ٦٢٠ هـ) ، وأحمد بن طاووس (ت ٦٧٣ هـ) ، والمحقّق الحلّي (ت ٦٧٦ هـ) ، والفاضل المقداد (ت ٨٢٦ هـ) ، وابن فهد الحلّي (ت ٨٤١ هـ). وعلى أيّ تقدير ، فإنّ كلّ من قال بالإجماع كان قد نقله عن الكشّي ، ولم يذكره النجاشي في فهرسه ولا البرقي في رجاله ولا الطوسي في فهرسه ورجاله.

مجموعة الآراء في أصحاب الإجماع :

وفي حجّية الإجماع آراء ندرجها كما يلي :

١ ـ في وجـه حجّيـة هذا الإجمـاع : ماذا نفـهم من عبارة الكشـي :

__________________

(١) قال في عدّة الأُصول: (سوّت الطائفة بين ما رواه محمّـدبن أبي عمير وصفوان بن يحيىوأحمد بن محمّـدبن أبي نصير وغيرهم من الثقات ، الذين عرفوا بأنّهم لا يروون ولايرسلون إلاّ ممّن يوثق به ، وبين ما يسنده غيرهم. ولذلك عملوا بمراسيلهم إذا انفردت عن رواية غيرهم) ١ / ٣٨٦.

(٢) مناقب آل أبي طالب ٤ / ٢٧٧ ، ٢٨٠ ، جاء بما قاله الكشّي في أحوال الطبقتين الأُولىوالثانية وترك الثالثة.

           

۱۲۵

«أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عن جماعة ...»(١)؟ هل يؤخذ بحجّية الإجماع المنقول بخبر الواحد أم لا؟ لو فتّشنا بين سطور عبارات الكشي حول (أصحاب الإجماع) الثمانية عشر لوجدنا أنّه أراد تصديقهم في نقل الرواية الملازم لوثاقتهم. وهذا بحدّ ذاته لا يحتاج إلى إتّفاق الكلّ حتّى يقال هل أنّ الأمر كان حدسياً أو حسيّاً. بل يكفي توثيق أحد الثقات لهؤلاء الرواة ، حسياً. أمّا إذا كان المراد من عبارة الكشّي هو الإجماع على صحّة رواية هؤلاء الثمانية عشر ، كما كان يفهمه القدماء من الصحّة اعتماداً على القرائن الخارجية ، فلا يؤخذ بحجّية الإجماع المنقول بخبر الواحد. لأنّ العلم بالصحّة ليس أمراً محسوساً حتّى تعمّه أدلّة حجّية خبر الواحد إذا أخبر عنها مُخبر.

٢ ـ وإذا تنـزّلنا وآمنّا بحجّية الإجماع المنقول ، فكيف نبرّر تلك الحجّية إذا كانت متعلّقة بالموضوع؟ والصحيح أنّ حجّية الإجماع منحصرة فيما تعلّق به الحكم الشرعي! والجواب على هذا الإشكال هو أنّه يكفي في شمول الأدلّة كون المخبر به ممّا يترتّب على ثبوته أثر شرعي ، لا نفس الحكم الشرعي دائماً.

٣ ـ ما هو المراد من (تصحيح ما يصحّ عنهم)؟ هل هو وثاقة الراوي أو صحّة المروي (الحديث)؟ وهل هو يشمل كلّ ما يرويه الراوي بلا واسطة عن شيخه؟ أو يشمل ما يرويه مع الواسطة؟ فإذا قال صفوان بن يحيى مثلاً بأنّه حدّثه فلان بن فلان فهل هذا يعني أنّ كلّ من حدّثه كانوا من الثقات أو أنّ الحديث ذاته يعدّ صحيحاً حتّى لو وقع في السند ممّن هو

__________________

(١) رجال الكشي رقم ٤٣١.

           

۱۲۶

ضعيف أو مجهول الحال؟ هنا رأيان :

الرأي الأوّل :

وهو القائل بصحّة الرواية ذاتها وإن كانت مرسلة أو مروية عن ضعيف أو مجهول لكونها محفوفة بالقرائن. وأشار المحقّق الداماد إلى ذلك فقال : «اجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم والإقرار لهم بالفقه والفضل والضبط والثقة ، وأنّه كانت روايتهم بإرسال أو رفع أو عمن يسمّونه وهو ليس بمعروف الحال أو لمّة منهم في أنفسهم فاسدوا العقيدة ، غير مستقيمي المذهب ... ومراسيل هؤلاء ومرافيعهم ومقاطيعهم ومسانيدهم أو من يسمّونه من غير المعروفين ، معدودة عند الأصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ من الصحاح من غير إكتراث منهم لعدم صدق حدّ الصحيح على ما قد علمته (من المتأخّرين) عليها»(١). وسلك المحقّذق البهبهاني نفس المسلك ، فقال : «المشهور أنّ المراد صحّذة ما رواه حيث تصحّ الرواية إليه ، فلا يلاحظ من بعده إلى المعصوم وإن كان فيه ضعيف»(٢).

ويمكن مناقشة هذا الرأي عبر النقاط التالية :

١ ـ إنّ طبيعة الحديث عند الفقهاء القدماء كان ينقسم ، حسب وثاقته ، إلى قسمين : صحيح وغير صحيح. ولكنّ الفقهاء المتأخّرين وبسبب البعد الزمني عن عصر النصّ جعلوه على أربعة أقسام هي : الصحيح والموثّق والحسن والضعيف.

٢ ـ يوصف الخبر بالصحّة إذا احتفى بقرائن داخلية وخارجية.

__________________

(١) الرواشح السماوية: ٤١.

(٢) مستدرك الوسائل ٣ / ٧٦٢.

           

۱۲۷

فالقرينة الداخلية تعني وثاقة الرواة في سلسلة الإسناد. والقرائن الخارجية التي تدلّ على صحّة مضمون أخبار الآحاد هي أربعة : «منها : أن يكون موافقاً لأدلّة العقل وما اقتضاه. ومنها : أن يكون الخبر مطابقاً لنصّ الكتاب. ومنها : أن يكون الخبر موافقاً للسنّة المقطوع بها من جهة التواتر. ومنها : أن يكون موافقاً لما أجمعت الفرقة المحقّة عليه. فهذه القرائن كلّها تدلّ على صحّة متضمّن أخبار الآحاد ، ولا تدلّ على صحّتها بنفسها لإمكان كونها مصنوعة وإن وافقت الأدلّة ، فمتى تجرّد الخبر من واحد من هذه القرائن كان خبر واحد محضاً»(١). وهذه العبارة تدلّ على أنّ الصحيح ، في عرف الفقهاء المتقدّمين ، هو ما دلّت القرائن على صدق مضمونه أو ثبوت صدوره ، لا خصوص ما رواه الثقات من الرواة. ولكن تلك القرائن الخارجية خارجة عن محلّ البحث. فعلم الرجال يبحث في أحوال الرجال ، لا حال الأحاديث.

٣ ـ إنّ الخبر يوصف بالصحّة إذا تمّ توثيق تلك الجماعة ومن بعدهم إلى أن ينتهي إلى المعصوم عليه‌السلام. ومعنى ذلك دخول مجموعة من المجاهيل والضعفاء في عداد الثقات. فالستّة الأُولى ، ومع أنّهم يروون عن الصادقين عليهم‌السلام بلا واسطة في الأغلب ، إلاّ أنّهم يروون عن غيرهما كثيراً ، والطبقتين الأخيريتين ترويان عنهما مع الواسطة بكثير.

فقد قيل بأنّ إحراز صحّة الأحاديث لا يمكن أن يتمّ عن طريق القرينة الخارجية ، فلا بدّ من إحراز قرينة داخلية تدلّ على وثاقة هؤلاء ووثاقة من يروون عنه. ولكن هذا الرأي لا يمكن قبوله ، فلا سبيل إلى

__________________

(١) عدة الاصول ١ / ٢٦٧.

           

۱۲۸

إحراز وثاقة كلّ من وقع في سلسلة الإسناد مع أنّ هناك عدد من الضعفاء والمجاهيل ممّن وقعوا في سلسلة أسناد أصحاب الإجماع (كالحكم بن عتيبة او عيينة) الذي وردت عدّة روايات في ذمّه(١) ، مع أنّ الذي روى عنه هو (جميل بن درّاج)(٢) وهو من الطبقة الثانية. وكذلك (عمرو بن جميع الأزدي البصري) الذي ضعّفه الشيخ الطوسي والنجاشي(٣) مع أنّ الذي روى عنه هو (يونس بن عبـد الرحمن)(٤) وهو من الطبقة الثالثة.

الرأي الثاني :

توثيق هؤلاء الثمانية عشر بما هم رواة ثقات. وقد أيّد هذا الرأي الفيض الكاشاني ، فقال : «إنّ ما يصحّ عنهم هو الرواية لا المروي»(٥) وهي عبارة تفصح عن الإجماع على عدالتهم وصدقهم فيما يروون ، لا أنّ الأحاديث التي رووها كلّها صحيحة. بمعنى أنّ «متعلّق التصحيح هو الرواية بالمعنى المصدري أي قولهم أخبرني ، أو حدّثني ، أو سمعتُ من فلان. وعلى هذا فنتيجة العبارة أنّ أحداً من هؤلاء إذا ثبت أنّه قال : حدّثني ، فالعصابة أجمعوا على أنّه صادق في اعتقاده»(٦).

وخلاصة هذا الرأي ، الذي قال به الفيض الكاشاني وأبو علي في رجاله عن استاذه صاحب الرياض والمحدّث النوري ، إنّ المراد من دعوى

__________________

(١) رجال الكشي: ٢٦٢ ، ٣٦٨ ، ٤٣٩.

(٢) جامع الرواة ١ / ٢٦٦.

(٣) رجال الطوسي: ٢٤٩. ورجال النجاشي رقم ٧٦٩.

(٤) الفهرس ـ الشيخ الطوسي ـ: ١١١.

(٥) الوافي: ١٢ المقدمة الثالثة.

(٦) نقلاً عن كلّيات في علم الرجال: ١٨٠.

           

۱۲۹

الإجماع هو صدق الجماعة وصحّة ما ترويه إذا لم يكن في السند من يتوقّف فيه. فإذا قال أحد أصحاب الإجماع : حدّثني فلان ، فإنّ الإجماع سينعقد على صدق دعواه. ولكن إذا كان فلان ضعيفاً أو غير معروف ، فالإسناد إليه من قبل الجماعة لا يغيّر من ضعفه شيئاً.

ولعلّ في عبارة الكشّي ما يؤيّد هذا الفهم. فقد قال في تسمية الطبقة الأولى : «أجمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأوّلين من أصحاب أبي جعفر وأبي عبـد الله عليه‌السلام وانقادوا لهم بالفقه ...»(١). وطبيعة التصديق تقتضي الحكم بصدقهم ضمن الحدود العقلائية التي تنفي عنهم العصمة على الأقل. وإلى ذلك صرّح الفيض الكاشاني إلى أن : «ما يصحّ عنهم هو الرواية لا المروي ، وإما ما اشتهر في تفسير العبارة من العلم بصحّة الحديث المنقول منهم ونسبته إلى أهل البيت عليهم‌السلام بمجرّد صحّته عنهم ، من دون اعتبار العدالة فيمن يروون عنه ، حتّى لو رووا عن معروف بالفسق أو بوضع ، فضلاً عمّا لو أرسلوا الحديث ، كان ما نقلوه صحيحاً محكوماً على نسبته إلى أهل العصمة ، فليست العبارة صريحة في ذلك»(٢). وهو كذلك ، فالصحّة وصف مرتبط بالمتن والسند. فإذا اختلّ السند بضعف الراوي مثلاً ، فلا يمكن الإطمئنان الى متن الرواية المنقولة. فالمدار في توصيف الرواية بالصحّة هو الوثوق بالصدور عن المعصوم عليه‌السلام.

والخلاصة :

إنّ عبارة الكشّي حول أصحاب الإجماع كانت ناظرة إلى وثاقتهم فقط ، لا صحّة أخبارهم ولا وثاقة مشايخهم.

__________________

(١) رجال الكشي رقم ٤٣١.

(٢) الوافي ١ / ٧٦٠ المقدمة الثالثة.

           

۱۳۰

ثانياً : مشايخ الثقات :

اشتهر بين الفقهاء أنّ محمّـد بن أبي عمير ، وصفوان بن يحيى ، وأحمد بن محمّـد بن أبي نصر البزنطي لا يروون ولا يرسلون إلاّ عن ثقة. وأوّل من قال بذلك هو الشيخ الطوسي في عدّة الأُصول في آواخر بحثه عن خبر الواحد فذكر : «واذا كان أحد الراويين مسنداً والآخر مرسلاً ، نظر في حال المرسل ، فإن كان ممّن يعلم أنّه لا يرسل إلاّ عن ثقة موثوق به ، فلا ترجيح لخبر غيره على خبره ، ولأجل ذلك سوّت الطائفة بين ما يرويه محمّـد بن أبي عمير ، وصفوان بن يحيى ، وأحمد بن محمّـد بن أبي نصر وغيرهم من الثقات الذين عرفوا بأنّهم لا يروون ولا يرسلون إلاّ عمّن يوثّق به ، وبين ما أسنده غيرهم. ولذلك عملوا بمراسيلهم إذا انفردوا عن رواية غيرهم. فأمّا إذا لم يكن كذلك ويكون ممّن يرسل عن ثقة وعن غير ثقة فإنّه يقدّم خبر غيره عليه ، وإذا انفرد وجب التوقّف في خبره إلى أن يدلّ دليل على وجوب العمل به»(١).

وقد نوقش في هذه الدعوى باعتبار أنّها اجتهاد من الشيخ الطوسي نشأ من اعتقاده بتسوية الأصحاب بين مراسيل هؤلاء ومسانيد غيرهم. واجتهاد الشيخ قدس‌سره غير ملزم لغيره ، وخصوصاً المتأخّرين.

مجموع الآراء حول مشايخ الثقات :

١ ـ إنّ الشيخ الطوسي نفسه كان متوقّفاً في تسوية مراسيل الثلاثة بمسانيد غيرهم. فقد ذكر رواية محمّـد بن أبي عمير عن بعض أصحابنا

__________________

(١) عدة الأصول ١ / ٣٨٦.

           

۱۳۱

عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام. ثم قال في كلا كتابيه : «فأوّل ما فيه أنّه مرسل ، وما هذا سبيله لا يعارض به الأخبار المسندة»(١). وذكر رواية محمّـد بن علي بن محبوب ، عن العبّاس ، عن عبـد الله بن المغيرة ، عن بعض أصحابه عن أبي عبـد الله عليه‌السلام ، فقال في التهذيب : «وهذا خبر مرسل» ، وقال في الإستبصار : «فأوّل ما في هذا الخبر أنّه مرسل»(٢). فكيف يناقش الشيخ قدس‌سره سند تلك الأخبار المرسلة مع أنّ مرسليها لا يروون ولا يرسلون ـ حسب نظره ـ إلاّ عن ثقة؟

٢ ـ إنّ أحد أسباب ارسال ابن أبي عمير هو أنّ كتبه قد ضاعت ، فاضطرّ إلى أن يروي مرسلاً. قال النجاشي : «... حبس في أيّام الرشيد ... وروي أنّه حبسه المأمون حتّى ولاّه قضاء بعض البلاد. وقيل : إنّ اخته دفنت كتبه في حال استتاره وكونه في الحبس أربع سنين فهلكت الكتب. وقيل : بل تركتها في غرفة فسال عليها المطر فهلكت ، فحدّث من حفظه ، وممّا كان سلف له في أيدي الناس ، ولهذا أصحابنا يسكنون إلى مراسيله ...»(٣). ولكن نلمس في بعض روايات ابن أبي عمير وغيره من مشايخ الثقات أنّهم يروون أحياناً عن الضعفاء. وفيما يلي بعضاً من تلك الروايات :

أ ـ روى عن محمّـد بن يعقوب بسند صحيح عن ابن أبي عمير عن علي بن أبي حمزة البطائني الذي قال فيه علي بن الحسن بن فضّال :

__________________

(١) التهذيب ج ٨ باب العتق واحكامه. حديث ٩٣٢. والاستبصار ج ٢ باب ولاء السائبة ، حديث ٨٧.

(٢) التهذيب ج ١ باب المياه واحكامها ، حديث ١٣٠٩. والاستبصار ج ١ باب مقدار الماءالذي لا يبخسه شي. حديث ٦.

(٣) رجال النجاشي رقم ٨٨٧.

           

۱۳۲

«كذّاب ملعون»(١).

وفيه :

إنّ علي بن أبي حمزة البطائني من الواقفة ، ولكن فساد عقيدته لا يقدح بوثاقته في نقل الحديث. والمراد من (عمن يوثّق به) في عبارات الكشّي هو الموثوق في نقل الحديث. وقد استظهر صاحب المعالم في هامش التحرير الطاووسي أنّ ما نقله العيّاشي في حقّ ابن أبي حمزة من أنّه كذّاب ملعون كان راجعاً إلى ابنه الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني ، لا إلى نفسه»(٢).

ب ـ روى محمّـد بن يعقوب بسند صحيح عن ابن أبي عمير عن الحسين بن أحمد المنقري(٣) الذي ضعّفه الشيخ والنجاشي.

وفيه :

إنّ ضعف الحسين بن أحمد المنقري واضح ، قال النجاشي : «الحسين بن أحمد المنقري التميمي أبو عبـد الله ، روى عن أبي عبـد الله عليه‌السلام رواية شاذّة لم تثبت ، وكان ضعيفاً. ذكر ذلك أصحابنا رحمهم‌الله. روى عن داود الرقّي وأكثرَ ، له كتب»(٤). وعدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر عليه‌السلام (رقم ٢٥) ، ومن أصحاب الكاظم عليه‌السلام (رقم ٨) قائلاً : «إنّه ضعيف». ولكن هل أنّ ضعفه راجع إلى العقيدة أم إلى الرواية فهو غير واضح. وما قيل من أنّ تضعيفه راجع إلى تضعيف شيخه

__________________

(١) الكافي ج ٣ كتاب ٣ ، باب النوادر من كتاب الجنائز ٩٥ ، حديث ٢٠. ورجال الكشي رقم١٠٤٢.

(٢) تنقيح المقال ٢ / ٢٦٢. وسماء المقال ١ / ١٣٤ ـ ١٥٤.

(٣) الكافي ج ٢ كتاب ٣ باب فضل القرآن ١٢ ، حديث ١٨.

(٤) رجال النجاشي رقم ١١٨.

           

۱۳۳

داود الرقّي فهو مجرّد تخمين ليس له أساس علمي.

ج ـ روى الشيخ الطوسي بسند صحيح عن صفوان بن يحيى ، وابن أبي عمير عن يونس بن ظبيان(١) ، ويونس بن ظبيان ضعّفه النجاشي والشيخ.

وفيه :

إنّ يونس بن ظبيان توفّي في حياة الإمام الصادق عليه‌السلام أي قبل عام ١٤٨ هـ وهو عام وفاة الإمام عليه‌السلام. بينما توفّي ابن أبي عمير عام ٢١٧ هـ. اي بين وفاة الرجلين حوالي ٧٠ عاماً أو أكثر. وهذه الفترة الزمنية الطويلة تضعّف وجود ذلك الإرتباط المباشر في السند.

أضف إلى ذلك أنّ ضعفه واضح ، قال النجاشي : «ضعيف جدّاً لا يلتفت إلى ما رواه ، كلّ كتبه تخليط»(٢). وقد فصّل الكاظمي في ذلك فقال إنّ : «علماء الرجال بالغوا في ذمّه ونسبوه إلى الكذب والضعف والتهمة والغلوّ ووضع الحديث ، ونقلوا عن الرضا عليه‌السلام لعنه»(٣).

وقد التفت إلى ذلك المحقّق الحلّي في كتابه المعتبر فقال في آداب الوضوء : «ولو احتجّ بما رواه ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا ... كان الجواب الطعن في السند لمكان الإرسال ، ولو قال مراسيل ابن أبي عمير يعمل بها الأصحاب ، منعنا ذلك ، لأنّ في رجاله من طعن الأصحاب فيه ، وإذا أرسل احتمل أن يكون الراوي أحدهم»(٤). ولكنّ المحقّق الحلّي وفي

__________________

(١) التهذيب ج ٥ باب ضروب الحج ، حديث ٩٥. والاستبصار ج ٢ باب ان التمتّع فرض من نأى عن الحرم ، حديث ٥١٣.

(٢) رجال النجاشي رقم ١٢١٠.

(٣) هداية المحدثين ٢ / ٦٣٠.

(٤) المعتبر ١ / ٤٧ ، ذكرها النوري في المستدرك ٣ / ٦٥٠.

           

۱۳۴

نفس كتابه المعتبر يأخذ بمراسيل ابن أبي عمير.

وعلى أيّ تقدير فإنّ ابن أبي عمير مع جلالة قدره إلاّ أنّه كان يروي عن الضعفاء ، فكيف يمكن الأخذ بمراسيله دون تدقيق في قرائن أُخرى تفيد صحّة السند.

٣ ـ انقسم الفقهاء إلى مدرستين : الأُولى : آمنت بمراسيل ابن أبي عمير. والثانية : لم تؤمن بالإرسال حتّى لو كان من ابن أبي عمير.

فقد كان من روّاد المدرسة الأُولى : علي بن طـاووس (ت ٦٦٤ هـ) في فـلاح السـائل(١) ، والمحقّـق الحلّي (ت ٦٧٦ هـ) في المعتبـر(٢) ، والعلاّمـة الحلّـي (ت ٧٢٦ هـ) في المنتـهى(٣) ، والشهيـد الأوّل (ت ٧٨٦ هـ) في الذكـرى(٤) ، وابن فهـد الحلّـي (ت ٨٤١ هـ) في المهذّب البـارع(٥) ، والشهيـد الثانـي (ت ٩٦٥ هـ) في الدرايـة(٦) ، والميـرزا الأسترآبـادي في منهج المقـال(٧) ، والشيخ البهائي (ت ١٠٣٠ هـ)

__________________

(١) فلاح السائل: في مهمات الصلاة والمصلي.

(٢) المعتبر ١ / ٤٧. في آداب الوضوء أنكر الأخذ بمراسيل ابن أبي عمير ، وفي بحث الكرّقال : (الثالثة: رواية محمّـدبن أبي عمير عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبـداللهعليه‌السلامقال: الكرّألف ومائتا رطل ، وعلى هذا عمل الأصحاب ولا طعن في هذه بطريق الإرسال لعمل الأصحاب بمراسيل ابن أبي عمير). وربّما يفسّر هذا وغيره من التبدّل في رأي المجتهد ، فقد يرى الفقيه في البداية وثاقة مراسيل ابن أبي عمير وصفوان والبزنطي ثم يظهر له خلاف ذلك ، فلا يلتفت إلى تصحيح ما كتبه في البداية.

(٣) منتهى المطلب: التاسع (العجين إذا كان ماؤه نجساً).

(٤) ذكرى الشيعة ١ / ٤٨.

(٥) المهذّب البارع: مقدّمة المؤلّف.

(٦) شرح البداية في علم الدراية: الحقل الثالث (في المرسل).

(٧) منهج المقال: ٢٥ طبعة حجرية.

           

۱۳۵

في شـرح الفقيـه(١).

أمّا من روّاد المدرسة الثانية : الشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) في التهذيب(٢) ، وجمال الدين بن طاووس (ت ٦٧٣ هـ) في البشرى(٣) ، والشهيد الثاني (ت ٩٦٥ هـ) في الدراية(٤) ، والشيخ حسن صاحب المعالم (ت ١٠١١ هـ)(٥) ، والسيّد الخوئي (ت ١٤١٣ هـ) في معجم رجال الحديث(٦).

والظاهر أنّ من آمن بوثاقة مراسيل ابن أبي عمير كان مبناه الإيمان بدعوى الشيخ الطوسي والنجاشي ، لا من باب التتّبع في أحوال مشايخه والوقوف على أنّه لا يروي إلاّ عن ثقة. أمّا المدرسة الثانية فقد حاولت الوقوف بوجه ذلك التيّار ، عبر الدعوة إلى فحص أحوال مشايخ الثلاثة الذين لا يروون ولا يرسلون إلاّ عن ثقة.

خلاصة القول في مشايخ الثقات :

١ ـ إنّ أصحاب الإجماع ومشايخ الثقات ثقة بإجماع الطائفة. ولكن المشكلة في من وقع في أسانيدهم ، وفي مراسيل ابن أبي عمير التي تلفت كتبه ، فجمع الأحاديث التي حفظها عن ظهر خاطر دون كتابة أسانيدها.

__________________

(١) مشرق الشمسين: فصل (في تثليث أنواع الخبر المعتبر) حيث يفهم منه ذلك.

(٢) التهذيب ١ / ٤٣.

(٣) كتاب البشرى. نقل رأيه الشهيد الثاني في شرح البداية في علم الدراية في الحقل الثالث:في المرسل.

(٤) شرح البداية في علم الدراية: ١٤٢.

(٥) المعالم: ٢١٤.

(٦) معجم رجال الحديث ١ / ٧٥.

           

۱۳۶

٢ ـ جمع كتاب معجم الثقات أسماء مشايخ الثقات الثلاث (ابن أبي عمير ، وصفوان ، والبزنطي) وحذف ما ورد فيه توثيق بالخصوص ، فبلغ ثلاثمائة وواحداً وستّين شيخاً. بينما وضع كتاب مشايخ الثقات فهرساً خاصّاً لمشيخة كلّ واحد من هؤلاء الثلاثة مع تعيين مصادرها في المجامع الحديثية فبلغ ثلاثمائة وسبعة وتسعين شيخاً(١).

٣ ـ أحصى معجم رجال الحديث مشايخ ابن أبي عمير في الكتب الأربعة فبلغ (٢٧٠) شيخاً بعد حذف المكرّرات(٢). وأحصى المصنّف قدس‌سره مشايخ (صفوان) في الكتب الأربعة فبلغ (١٤٠) شيخاً ، بينما في مشايخ الثقات بلغ عدد المشايخ في الكتب الأربعة وغيرها (٢١٣) شيخاً ، الثقات منهم (١٠٩) مشايخ والباقون أمّا مهمل أو مجهول ، وقليل منهم مضعّف.

وأحصى معجم رجال الحديث مشايخ البزنطي في الكتب الأربعة وغيرها فبلغ (١١٥) شيخاً ، الثقات منهم (٥٣) شيخاً. والباقي إما مهمل أو مجهول ، وقليل منهم مضعّف.

٤ ـ إنّ ما ذكره الشيخ الطوسي بأنّ الطائفة سوّت «بين ما يرويه هؤلاء وغيرهم من الثقات الذين عرفوا بأنّهم لا يروون ولا يرسلون إلاّ عمّن يوثّق به» يكشف عن أنّ المشهور بين الطائفة وعلمائها بالخصوص كان يفصح عن أنّ هؤلاء الثقات لا يروون ولا يرسلون إلاّ عن ثقة. وهذا مورد للإطمئنان بأنّ كلام الشيخ الطوسي لم يكن اجتهاداً من نفسه كما ذكره بعض الأجـلاّء. بل كان تعبيـراً عن الجوّ العلمـي السائد عند الطائفـة حـول هؤلاء الرجال.

__________________

(١) مشايخ الثقات: ١٣٤ ـ ٢٢٣ ، في خصوص ابن أبي عمير.

(٢) معجم رجال الحديث ٢٢ / ١٠١ ـ ١٣٩ ترجمة ابن أبي عمير رقم ١٤٩٩٧.

           

۱۳۷

٥ ـ إنّ التأكّد من وثاقة من ورد في إسناد أصحاب الإجماع يحتاج إلى بحوث إضافية ، خصوصاً إذا ما أخذنا الضوابط التالية بنظر الإعتبار :

أ ـ إنّ اتّهام الراوي بضعف العقيدة لا يعني عدم وثاقته ، فقد يكون صادقاً في النقل حتّى عندما يطرأ على عقيدته لون من ألوان الفساد.

ب ـ التدقيق في كلمتي (عن) و (و). فإذا قيل (عبـد الله بن سنان) عن (محمّـد بن أحمد) نفهم أنّ طبقة الأوّل تختلف عن طبقة الثاني. أما إذا قيل (عبـد الله بن سنان) و (محمّـد بن أحمد) نفهم أنّ الرجلين متعاصرين أو على الأقلّ ليست بينهما علاقة الإستاذ بالتلميذ. ولا يضرّ سند الحديث هنا إذا طعن بأحدهما وكان الآخر ثقة. وبالنتيجة يكون الفرق في الإسناد بين مشايخ الثقات وأقرانهم. وهذا الفرق مهم لأنّ في القرينة خيار للأخذ بالرواية من الراوي الآخر. أمّا في المشيخة فليس هناك خيار عدا الأخذ بالرواية أو طرحها.

ج ـ ملاحظة الإشتراك في أسماء الرواة.

ثالثاً : العصابة التي اشتهرت بأنّها لا تروي إلاّ عن الثقات :

وهؤلاء ستّة هم : أحمد بن محمّـد بن عيسى ، بنو فضّال جميعاً ، جعفر بن بشير البجلي ، محمّـد بن إسماعيل بن ميمون الزعفراني ، علي بن الحسن الطاطري ، أحمد بن علي النجاشي صاحب الفهرس.

١ ـ أحمد بن محمّـد بن عيسى :

وهو من الرواة الثقات. واُستدلّ على أنّه لا يروي إلاّ عن ثقة عن

 

۱۳۸

طريق نقل العلاّمة في الخلاصة بأنّه إخرج أحمد بن محمّـد بن خالد البرقي القمّي من قم لأنّه كان يروي عن الضعاف ، لكنّه أعاده إليها ، معتذراً إليه. ولمّا توفّي البرقي مشى أحمد بن محمّـد بن عيسى في جنازته حافياً حاسراً ليبرّء نفسه ممّا قذفه به(١). قال ابن الغضائري بخصوص البرقي : طعن عليه القمّيون وليس الطعن فيه ، إنّما الطعن فيمن يروي عنه فإنّه كان لا يبالي عمّن أخذ على طريقة أهل الأخبار.

ولكن أحمد بن محمّـد بن عيسى نفسه روى عن الضعفاء ، منهم :

روى محمّـد بن يعقوب ، عن محمّـد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّـد بن عيسى ، عن محمّـد بن سنان(٢). قال النجاشي عن محمّـد بن سنان : «رجل ضعيف جدّاً لا يعوّل عليه ولا يلتفت إلى ما تفرّد به»(٣).

روى أيضاً عن محمّد بن يحيى ، عنه ، عن علي بن حديد(٤). وعلي بن حديد قال العلاّمة الحلّي بضعفه : «علي بن حديد بن الحكيم ، ضعّفه شيخنا في كتاب الاستبصار والتهذيب ، لا يعوّل على ما ينفرد بنقله»(٥).

روى أيضـاً عن محمّـد بن يحيى ، عنه ، عن إسماعيـل بن سهـل(٦). وإسماعيـل بن سهل ضعّفه النجـاشي ، فقال : «اسماعيـل بن

__________________

(١) الخلاصة: ١٤.

(٢) الكافي ج ١ كتاب ٢ باب صفة العلم وفضله ٢ ، حديث ٥.

(٣) رجال النجاشي رقم ٨٨٨.

(٤) الكافي ج ١ كتاب ٢ باب الردّ إلى الكتاب والسنة ٢٠ حديث ١.

(٥) الخلاصة: ٢٢٤ ، ونحوه في القسم الثاني المختصّ بالضعفاء.

(٦) الكافي ج ٢ كتاب ١ باب الاعتراف بالذنوب ١٨٨ ، حديث ٧.

           

۱۳۹

سهل الدهقـان ضعّفـه أصحابنا»(١) ، وكذلك ضعّفـه العلاّمة وابـن داود(٢).

٢ ـ بنو فضّال :

وقد استُدلّ على وثاقة من رووا عنهم ، برواية عن الإمام العسكري عليه‌السلام عندما سُئل عن كتب بني فضّال «فقالوا : كيف نعمل بكتبهم وبيوتنا منها ملأى؟ فقال عليه‌السلام : خذوا بما رووا وذروا ما رأوا»(٣). والرواية ضعيفة من ناحية السند. فإنّ فيها (عبـد الله الكوفي) وهو مجهول.

وقد أخذ بهذه الرواية الشيخ الأنصاري قائلاً : «روى الشيخ عن داود بن فرقد ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبـد الله عليه‌السلام قال : إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتّى يمضي بمقدار ما يصلّي المصلّي أربع ركعات ، فإذا مضى مقدار ذلك فقد دخل وقت الظهر والعصر ... وهذه الرواية وإن كانت مرسلة إلاّ أنّ سندها إلى الحسن بن فضّال صحيح. وبنو فضّال ممّن أمر بالأخذ بكتبهم ورواياتهم»(٤).

والرواية قاصرة الدلالة على ما ذكر ، لأنّها في مقام بيان أنّ فساد العقيدة بعد الإستقامة لا يضرّ بحجّية الرواية المتقدّمة على الفساد.

٣ ـ جعفر بن بشير :

اُستُدلّ على وثاقة من روى عنهم بقول النجاشي في رجاله : «جعفر

__________________

(١) رجال النجاشي رقم ٥٦.

(٢) الخلاصة: ٢٠٠ القسم الثاني. ورجال ابن داود: ٢٣١.

(٣) الغيبة: ٢٣٩.

(٤) الصلاة: ١.

           

۱۴۰

بن بشير البجلي الوشّاء من زهّاد أصحابنا وعبّادهم ونساكهم وكان ثقة وله مسجد بالكوفة ... مات جعفر رحمه‌الله بالأبواء سنة ٢٠٨. كان أبو العبّاس بن نوح يقول : كان يلقّب فقحة العلم(١) روى عن الثقات ورووا عنه ، له كتاب المشيخة»(٢).

وقد روى جعفر بن بشير عن الضعفاء :

روى الشيخ بإسناده الصحيح ، عن محمّـد بن علي بن محبوب ، عن محمّـد بن الحسين ، عن جعفر بن بشير عن صالح بن الحكم(٣). وصالح بن الحكم ضعّفه النجاشي فقال : «صالح بن الحكم النيلي الأحول ، ضعيف»(٤).

روى الصدوق بسنده الصحيح عنه ، عن عبـد الله بن محمّـد الجعفي(٥). وعبـد الله بن محمّـد الجعفي ضعّفه النجاشي(٦).

٤ ـ محمّـد بن إسماعيل بن ميمون الزعفراني :

استُدلّ على وثاقة من روى عنهم بما ذكره النجاشي : «محمّـد بن اسماعيل بن ميمون الزعفراني أبو عبـد الله ثقة عين روى عن الثقات ورووا عنه ولقى أصحاب أبي عبـد الله عليه‌السلام»(٧).

__________________

(١) الفقحة من النبت: الزهرة.

(٢) رجال النجاشي رقم ٣٠٤. واُستدلّ المحدّث النوري في المستدرك على ذلك أيضاً (مستدرك الوسائل ٣ / ٧٧٧ الفائدة العاشرة).

(٣) التهذيب ٣ / ٢٩٦ باب الصلاة في السفينة ، حديث ٨٩٧.

(٤) رجال النجاشي رقم ٥٣٣.

(٥) مشيخة من لا يحضره الفقيه ٤ / ٥١٩.

(٦) رجال النجاشي رقم ٣٣٢.

(٧) رجال النجاشي رقم ٩٣٣.

           

۱۴۱

٥ ـ علي بن الحسن الطاطري :

واُستُدلّ على وثاقة من روى عنهم بما قاله الشيخ الطوسي في ترجمته : «... وله كتب في الفقه رواها عن الرجال الموثوق بهم وبروايتهم»(١). ولكن هذا الإستدلال غير تامّ. فالشيخ الطوسي صرّح بأنّ روايات الطاطري في كتبه الفقهية مروية عن الثقات ، لا أنّ كلّ ما يروي عنه علي بن الحسن الطاطري ثقة.

وبالإجمال ، فإنّ العصابة التي اشتهرت بأنّها لا تروي إلاّ عن الثقات ، يمكن أن تروي أحياناً قليلة عن الضعفاء ، وهذا لا يقدح بوثاقتهم لكنّه يتعيّن البحث عمّن يروون ويذكرون في أسانيدهم من رواة.

رابعاً : الوقوع في سند (محمّـد بن أحمد بن يحيى) بلا واسطة :

وهو وقوع شخص في سند روايات (محمّـد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري القمّي) بلا واسطة في كتاب نوادر الحكمة. وصفه النجاشي بالقول : «محمّـد بن أحمد بن يحيى الأشعري القمّي كان ثقة في الحديث ، إلاّ أنّ أصحابنا قالوا : كان يروي عن الضعفاء ويعتمد المراسيل ، ولا يبالي عمّن أخذ ، وما عليه في نفسه مطعن في شيء. وكان (محمّـد بن الحسن بن الوليد)(٢) يستثني من رواية (محمّـد بن أحمد بن يحيى) ما

__________________

(١) فهرس الشيخ: ١١٨ رقم ٣٩٢.

(٢) وهـو شيـخ القمّييـن وفقيهـهم ، ثقـة عيـن ، نزيـل قم. توفّي سنة ٣٤٣ هـ ،

           

۱۴۲

رواه عن : ١ ـ محمّـد بن موسى الهمداني. ٢ ـ أو ما رواه عن رجل. ٣ ـ أو يقول بعض أصحابنا. ٤ ـ أو عن محمّـد بن يحيى المعاذي. ٥ ـ أو عن أبي عبـد الله الرازي الجاموراني. ٦ ـ أو عن أبي عبـد الله السياري. ٧ ـ أو عن يوسف بن السخت. ٨ ـ أو عن وهب بن منبّه. ٩ ـ أو عن أبي علي النيشابوري. ١٠ ـ أو عن أبي يحيى الواسطي. ١١ ـ أو عن محمّـد بن علي بن سمينة. ١٢ ـ أو يقول في حديث أو كتاب ولم أروه. ١٣ ـ أو عن سهل بن زياد الآدمي. ١٤ ـ أو عن محمّـد بن عيسى بن عبيد بإسناد منقطع. ١٥ ـ أو عن أحمد بن هلال. ١٦ ـ أو محمّـد بن علي الهمداني. ١٧ ـ أو عبـد الله بن محمّـد الشامي. ١٨ ـ أو عبـد الله بن أحمد الرازي. ١٩ ـ أو أحمد بن الحسين بن سعيد. ٢٠ ـ أو أحمد بن بشير الرقّي. ٢١ ـ أو عن محمّـد بن هارون. ٢٢ ـ أو عن مموية بن معروف. ٢٣ ـ أو عن محمّـد بن عبـد الله بن مهران. ٢٤ ـ أو ما ينفرد به الحسن بن الحسين اللؤلؤي. ٢٥ ـ وما يرويه عن جعفر بن محمّـد بن مالك. ٢٦ ـ أو يوسف بن الحارث. ٢٧ ـ أو عبـد الله بن محمّـد الدمشقي»(١).

وإذا استثنى ابن الوليد هذا العدد من مشايخ مؤلّف نوادر الحكمة ، فإنّ المفهوم أنّ الأسماء الواردة في كتابه ممّن روى عنهم بلا واسطة من غير هؤلاء السبعة والعشرين محكوم عليهم بالصحّة أو الوثاقة.

وقد استدلّ بهذا النصّ ، في استثناء المذكورين ، على عدالة كلّ من روى عنه محمّـد بن أحمد بن يحيى.

__________________

ؤ وهـو شيـخ الصـدوق.

(١) رجال النجاشي رقم ٩٣٩.

           

۱۴۳

خامساً : الصفات الأُخرى في التوثيق :

وقد وردت جملة من الصفات أو الموارد التي اُريد إثباتها في توثيق الرواة(١) :

منها : وكالة الإمام عليه‌السلام. ولكنّ الوكالة لا تستلزم العدالة ، بل إنّه يجوز توكيل الفاسق إجماعاً. فإذا ثبت أنّ راوياً كان وكيلاً للإمام المعصوم عليه‌السلام ، فهذا لا يعني ثبوت العدالة والوثاقة له على مبنى السيّد الخوئي قدس‌سره.

ومنها : شيخوخة الإجازة. وهي أنّ الراوي قد يروي الرواية لوجودها في كتاب قد أجازه شيخه لرواية ذلك الكتاب عنه من دون سماع أو قراءة. فالراوي عندما يروي الرواية عن شيخه ، فإنّه يعبّر عن صحّة الحكاية عن الشيخ. وهذا هو معنى الإجازة. وكان (الحسن بن محمّـد بن يحيى) و (الحسين بن حمدان الحضيني) من مشايخ الإجازة وقد ضعّفهما النجاشي(٢).

ومنها : مصاحبة المعصوم عليه‌السلام. والمصاحبة لا تدلّ على الوثاقة.

ومنها : تأليف كتاب أو أصل. وهذا لا يدلّ على الوثاقة أيضاً. لأنّ صاحب الكتاب قد يكون وضّاعاً أو كاذباً.

ومنها : ترحّم أحد الأعلام كالشيخ الصدوق قدس‌سره وغيره على أحد الرواة. وهذا لا يدلّ على الوثاقة ، لأنّ غاية الترحّم هو طلب الرحمة منه تعالى. وقد ترحّم النجاشي على (محمّـد بن عبـد الله بن محمّـد بن

__________________

(١) معجم رجال الحديث ١ / ٨٧.

(٢) رجال النجاشي رقم ١٤٩ ورقم ١٥٩. ومعجم رجال الحديث ١ / ٧٣.

           

۱۴۴

عبيد الله بن البهلول)(١) بعد أن رأى شيوخه يضعّفونه ، ومن أجل ذلك لم يرد عنه شيئاً.

ومنها : كثرة الرواية عن المعصوم عليه‌السلام. ولكن لا يمكن إحراز الوثاقة بكثرة الرواية ، بل إنّ الضابطة هو ثبوت حجّية قول الراوي بدليل خارجي.

الكتب التي ورد توثيقها :

وردت توثيقات بعض كتب فقهائنا المتقدّمين ، إلاّ أنّها تعرّضت جميعها إلى نقاش علمي حول مدى مصداقية تلك التوثيقات. ومن تلك الكتب :

١ ـ كتاب كامل الزيارات :

ومؤلّفه جعفر بن محمّـد بن قولويه (ت ٣٦٧ هـ) من أجلاّء الأصحاب في الحديث والفقه. قال النجاشي (ت ٤٥٠ هـ) في وصفه بأنّه «من ثقات أصحابنا»(٢). ذكر المصنّف سبب تأليفه الكتاب فقال : «ولم أخرج فيه حديثاً روي عن غيرهم إذا كان فيما روينا عنهم من حديثهم ـ صلوات الله عليهم كفاية عن حديث غيرهم ، وقد علمنا أنّا لا نحيط بجميع ما روي عنهم في هذا المعنى ولا في غيره ، ولكن ما وقع لنا من جهة الثقات من أصحابنا رحمهم‌الله ولا أخرجتُ فيه حديثاً روي عن الشذّاذ من الرجال يؤثّر ذلك عنهم من المذكورين غير المعروفين بالرواية ، المشهورين

__________________

(١) رجال النجاشي رقم ١٠٥٩.

(٢) رجال النجاشي رقم ٣١٨.

           

۱۴۵

بالحديث والعلم ، وسمّيته كتاب كامل الزيارات وفضلها وثواب ذلك»(١).

وكتاب كامل الزيارات من الكتب المعتمدة عند الطائفة ، أخذ منه الشيخ الطوسي في التهذيب ، واعتبره الشيخ الحرّ العاملي من مصادر وسائل الشيعة ، وقال في الفائدة السادسة من خاتمة الوسائل : «وقد شهد علي بن إبراهيم أيضاً بثبوت أحاديث تفسيره ، وأنّها مروية عن الثقات عن الأئمّة ، وكذلك جعفر بن محمّـد بن قولويه فإنّه صرّح بما هو أبلغ من ذلك في أوّل مزاره»(٢). وعقّب السيّد الخوئي (ت ١٤١٣ هـ) على ذلك فقال : «ما ذكره صاحب الوسائل متين ، فيحكم بوثاقة من شهد علي بن إبراهيم أو جعفر بن محمّـد بن قولويه بوثاقته ، اللّهمّ إلاّ أن يُبتلى بمعارض»(٣). وبالإجمال ، فإنّ ابن قولويه لا يروي في كتاب كامل الزيارات رواية عن المعصوم عليه‌السلام إلاّ وقد وصلت إليه من جهة الثقات من أصحابنا.

إلاّ أنّ المحدّث النوري اعتقد أنّ ابن قولويه نصّ على توثيق كلّ من صدّر بهم سند أحاديث كتابه ، لا كلّ من ورد في أسناد الروايات وهم ٣٨٨ اسم ورد في أسناد جميع أنحاء الكتاب. والمحصّل أنّ ابن قولويه وثّق جميع مشايخه ولم يوثّق كلّ من ورد إسمه في سند كامل الزيارات. ويمكن استخلاص ذلك من الفائدتين الثالثة والعاشرة في المستدرك.

ففي الفائدة الثالثة قال : «إنّ المهمّ في ترجمة هذا الشيخ العظيم استقصاء مشايخه في هذا الكتاب الشريف ، فإنّ فيه فائدة عظيمة لم تكن في من قدّمنا من مشايخ الأجلّة ، فإنّه رحمه الله ... نصّ على توثيق كلّ من

__________________

(١) مقدمة كامل الزيارات: ٤.

(٢) وسائل الشيعة ٢٠ / ٦٨.

(٣) معجم رجال الحديث ١ / ٥٠.

           

۱۴۶

روى عنه فيه ، بل كونه من المشهورين في الحديث والعلم ، ولا فرق في التوثيق بين النصّ على أحد بخصوصه أو توثيق جمع محصورين بعنوان خاصّ ، وكفى بمثل هذا الشيخ مزكّياً ومعدّلاً»(١).

وفي الفائدة العاشرة قال : «من جملة الأمارات الكلّية على الوثاقة كونها من مشايخ جعفر بن قولويه في كتابه كامل الزيارات»(٢).

٢ ـ كتاب تفسير القمّي :

وهو تفسير روائي لمصنّفه علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي من مشايخ الإمامية في أواخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع الهجري. والمصنّف من مشايخ الكليني (ت ٣٢٩ هـ) ، وقد أكثر الكليني في الكافي الرواية عنه حتّى بلغت روايته عنه سبعة آلاف وثمانية وستّين مورداً(٣) ، وقد وقع اسمه في أسناد العديد من الروايات التي بلغت سبعة آلاف ومائة وأربعين مورداً(٤).

وكان علي بن إبراهيم على قيد الحياة في زمن الإمام العسكري عليه‌السلاموبقي إلى سنة(٥) ٣٠٧ ، ولكن لا نعرف تاريخ وفاته.

وتفسير القمّي يجمع الروايات المسندة المروية عن الإمام الصادق عليه‌السلام وأمير المؤمنين عليه‌السلام في علوم القرآن. وقد أشار القمّي في تفسيره قائلاً : «نحن ذاكرون ومخبرون بما ينتهي إلينا ، ورواه مشايخنا

__________________

(١) مستدرك الوسائل ٣ / ٥٢٢ ـ ٥٢٣.

(٢) مستدرك الوسائل ٣ / ٧٧٧.

(٣) معجم رجال الحديث ١٨ / ٥٤ ، في ترجمة الكليني رقم ١٢٠٣٨.

(٤) معجم رجال الحديث ١١ / ١٩٤ ، في ترجمة علي بن إبراهيم رقم ٧٨١٦.

(٥) عيون اخبار الرضاعليه‌السلام: ١٦١.

           

۱۴۷

وثقاتنا عن الذين فرض طاعتهم ، وأوجب رعايتهم ، ولا يقبل العمل إلاّ بهم»(١).

واستفاد الحرّ العاملي (ت ١١٠٤ هـ) من مقولة علي بن إبراهيم ، فقال عنه : «قد شهد علي بن إبراهيم أيضاً بثبوت أحاديث تفسيره وأنّها مروية عن الثقات عن الأئمّة»(٢) ، وعلّق السيّد الخوئي (ت ١٤١٣ هـ) على ذلك بالقول : «إنّ علي بن إبراهيم يؤيّد بما ذكره ، إثبات صحّة تفسيره وأنّ رواياته ثابتة وصادرة من المعصومين عليهم السلام ، وأنّها انتهت إليه بوساطة المشايخ والثقات من الشيعة ، وعلى ذلك فلا موجب لتخصيص التوثيق بمشايخه الذين يروي عنهم علي بن إبراهيم بلا واسطة ، كما زعمه بعضهم»(٣).

ولا شكّ أنّ فقهاءنا المتقدّمين وثّقوه بما فيه الكفاية ، فقال النجاشي (ت ٤٥٠ هـ) : «علي بن إبراهيم ، أبو الحسن القمّي ، ثقة في الحديث ، ثبت معتمد صحيح المذهب سمع فأكثر وصنّف كتباً»(٤). بينما قال الشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) : «علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي ، له كتب منها كتاب التفسير ، وكتاب الناسخ والمنسوخ»(٥).

ولكن لم يسلّم هذا الكتاب من الإضافات التي أضافها تلميذه أبو الفضل العبّاس ، ومارواه التلميذ بسنده الخاصّ عن أبي الجارود عن الإمام الباقر عليه‌السلام. وكفى بذلك عملاً زعزع ثقة الفقهاء بالكتاب سنداً ومتناً.

__________________

(١) تفسير علي بن إبراهيم القمّي ١ / ٤.

(٢) الوسائل ٢٠ / ٦٨ الفائدة السادسة.

(٣) معجم رجال الحديث ١ / ٤٩ المقدّمة الثالثة.

(٤) رجال النجاشي رقم ٦٨٠.

(٥) الفهرس ـ الشيخ الطوسي ـ: ١١٥ ، رقم ٣٨٢.

           

۱۴۸

فأبي الجارود زياد بن المنذر زعم بأنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نصّ على علي عليه‌السلامبالوصف دون التسمية ، كما ذكرها الشهرستاني ، وقد وردت روايات بذمّ أبي الجارود في رجال الكشي(١).

٣ ـ كتاب المزار :

للشيخ محمّـد بن جعفر بن علي بن جعفر المشهدي. قال المصنّف في مقدّمة الكتاب : «فإنّي قد جمعتُ في كتابي هذا من فنون الزيارات للمشاهد ، وما ورد في الترغيب في المساجد المباركات ، والأدعية المختارات ، وما يدعى به عقيب الصلوات ، وما يناجى به القديم تعالى من لذيذ الدعوات في الخلوات ، وما يلجأ إليه من الأدعية عند المهمّات ممّا اتصلت به ثقاة الرواة إلى السادات»(٢).

والمشكلة الأساسية في الكتاب هي في المصنّف نفسه ، فقد أُطلق اسم (ابن المشهدي) على ثلاثة أشخاص :

الأوّل : «السيّد أبو البركات محمّـد بن إسماعيل المشهدي ، فقيه محدّث ثقة ، قرأ على الشيخ الإمام محيي الدين الحسين بن مظفّر الحمداني»(٣) ، ذكره الشيخ منتجب الدين في فهرسه.

الثاني : «الشيخ محمّـد بن جعفر المشهدي ، كان فاضلاً محدّثاً ، صدوقاً له كتب ، يروي عن شاذان بن جبرئيل القمّي»(٤). ذكره الحرّ العاملي

__________________

(١) رجال الكشي رقم ٤١٣ ـ ٤٢٠.

(٢) نقلها المحدث النوري في مستدرك الوسائل ٣ / ٣٦٨.

(٣) بحار الانوار ١٠٢ / ٢٧٠.

(٤) أمل الآمل: ٢٥٣ القسم الثاني.

           

۱۴۹

في أمل الآمل.

الثالث : «الشيخ محمّـد بن جعفر الحائري فاضل ، جليل ، له كتاب ما اتفق من الأخبار في فضل الأئمة الأطهار»(١). ذكره الحرّ العاملي في أمل الآمل أيضاً.

وتلك الأسماء الثلاثة كلّها من الثقات. إلاّ أنّ السيّد الخوئي (ت ١٤١٣ هـ) لم يعر الكتاب إهتماماً ، فقال قدس‌سره : «لم يظهر اعتبار هذا الكتاب في نفسه ، فإنّ محمّـد بن المشهدي لم يظهر حاله ، بل لم يعلم شخصه ، وإن أصرّ المحدّث النوري على أنّه محمّـد بن جعفر بن علي بن جعفر المشهدي الحائري ، فإنّ ما ذكره في وجه ذلك لا يورث إلاّ الظنّ»(٢).

وفي ضوء ما ذكرناه فإنّ التيّار العلمي السائد في حقل الرجال اليوم يُظهر بأنّ الإعتماد على الكتاب هو موردُ إشكال ، لمجهولية المصنّف أوّلاً ، ولعدم معرفة هل أنّ الكتاب الذي بين أيدينا هو فعلاً كتاب المزار أو كتاب آخر انتحل نفس العنوان.

__________________

(١) أمل الآمل: ٢٥٢ القسم الثاني.

(٢) معجم رجال الحديث ١ / ٥١.

           

۱۵۰

الفصل السادس

التوجه الجديد في علم الرجال

إنّ ابتعادنا عن عصر النصّ جعلنا نقف أمام مشاكل جديدة في غاية الصعوبة والتعقيد ، خصوصاً في علم الرجال. ففي الوقت الذي كان أئمّة علم الرجال المتقدّمين يتعاملون مع الراوي على أساس وثاقته أو ضعفه ويكتفون ببعض القرائن الشخصية في التثبّت من حاله ، أصبح هذا الأُسلوب في العصور المتأخّرة لا يفي بالحاجة إلى الإطمئنان لشخصية الراوي من حيث الوثاقة أو الضعف. فبدأ التطلّع إلى معرفة الوضع الإجتماعي والعلمي الذي كان يحيط بالراوي ، من قبيل معرفة طبقته وعصره ، ومدى ضبطه وإتقانه في نقل الروايات ، ودرجة علميّته ومقدار فضله أي مدى تضلّعه بالفقه والأُصول ، وقربه من المعصوم عليه‌السلام ، وحجم روايته من حيث القلّة والكثرة ، وقوّة ارتباطه بالسلطة السياسية ، ومقدار احتكاكه بالمذاهب الأُخرى.

ومن مشاكل ابتعادنا عن عصر النصّ ، ظهور بعض التحريفات والتصحيفات في بعض أسانيد الأحاديث المروية عن الكتب الأربعة. وقد كان الاستنساخ اليدوي للمجاميع الحديثية عبر مئات السنين هو السبب في جزء كبير من ذلك التصحيف. فقد يسقط اسم الراوي من قائمة السند من دون أن يكون هناك ما يدلّنا عليه. لأنّ أغلب الكتب الرجالية مصمّمة على أساس درج أسماء الرواة حسبما يقتضيه تسلسل الحروف الهجائية المستخدمة في المعاجم. فأخذ التوجّه العلمي في المدرسة الإمامية ينحو

 

۱۵۱

نحو البحث عن طبقة الراوي وعصره ، ومشايخه وتلامذته. ولا شكّ أنّ معرفة تلك القرائن قد تدلّنا على العثور على حلقة الأسناد المفقودة في التصحيفات.

ومشكلة ثالثة تواجهنا اليوم في علم الرجال وهي : ما اصطلح عليه بـ (تمييز المشتركات). فمن الواضح أنّ أسماء العديد من الرواة مشتركة بين عدّة أفراد. ولو كان هذا الإشتراك بين مجموعة من الأسماء كلّها ثقات لمّا كان للمشكلة حلولاً صعبة المنال. إلاّ أنّ الإشتراك يكون ، في أغلب الأحيان ، بين ثقات مركون إليهم وضعفاء مردودة روايتهم. وهنا يختلط الأمر وتضعف القدرة على التثبّت من الأمر. وقد تحسّس علماؤنا لهذه المشكلة ، خصوصاً الشيخ الكاظمي في كتابه الخاص بـ (تمييز المشتركات) ، ففتح لنا باباً لعلاج تلك المشكلة. إلاّ أنّ التوجّه الجديد في علم الرجال كان أشمل من قضية تمييز المشتركات أو التصحيف.

وكان من روّاد هذا التوجّه الجديد فقيهين جليلين من فقهاء الطائفة في القرن الرابع عشر الهجري ، وهما : السيّد البروجردي (ت ١٣٨٠ هـ) ، والسيد أبو القاسم الخوئي (ت ١٤١٣ هـ). فقد قام السيّد البروجردي قدس‌سرهبترتيب أسانيد الكتب الحديثية الأربعة كلاًّ على حدة وأسماها مرتّب أسانيد الكافي ومرتّب أسانيد التهذيب إلى آخر الكتب. ثمّ قام بترتيب الكتب الرجالية الأربعة بنفس الطريقة. وكان هدفه من ذلك الإلمام بالرواة ومشايخهم وتلامذتهم وطبقاتهم.

ثم ، وفي مشروع آخر ، قام بترتيب طبقات الرجال من عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى عصر الشيخ الطوسي ، فجعلها اثنتي عشرة طبقة. يقول الشيخ محمّـد واعظ زادة في تعريفه بمشروع السيّد البروجردي : «إنّ

 

۱۵۲

الرجاليّين كانوا وما يزالون يتعبّدون في الأكثر بقول أئمّة هذا الفنّ ويقلّدونهم في جرح الرواة وتعديلهم ، إلاّ أنّ الأمر لا ينحصر فيه. فهناك بإزاء ذاك باب مفتوح إلى معرفة الرواة ولمس حالهم بالمباشرة. وهذا يحصل بالرجوع إلى أمرين :

١ ـ الرجوع إلى سند الروايات المتكرّرة في الكتب الحديثية المشتملة على إسم الراوي. وبذلك يظهر الخلل في كثير من الأسانيد ، وينكشف الإرسال فيها بسقوط بعض الوسائط وعدم اتّصال السلسلة. ويمكننا معرفة الحلقة المفقودة في سلسلة حديث باستقراء الأشباه والنظائر إذا توفّرت وكثرت القرائن ، وقامت الشواهد في الأسانيد المتكثّرة.

٢ ـ الرجوع إلى متون أحاديث الراوي المبعثرة على الأبواب ، واعتبارها لفظاً ومعنى وكمّاً وكيفاً ، فيفهم منها أنّ الراوي هل كان متضلّعاً في علم الفقه أو التفسير أو غيرهما من المعارف؟ أو لم يكن له مهارة وحذاقة في شيء منها؟ يفهم ذلك كلّه إذا قيست رواياته بعضها ببعض وبما رواه الآخرون في معناها ، ويلاحظ أنّه قليل الرواية أو كثيرها وأنّه ثبت ضابط فيما يرويه أو مخلّط مدلّس.

وإذا انضـمّ إليه أمـر ثالث ينكشف حـال الراوي أتمّ الإنكشـاف ، وهو مراجعـة الأحـاديث التي وردت في حـال الرواة. وقد جمـع معظمها أبو عمـرو الكشّي في رجـاله. فهي تعطينـا بصيـرة بحال رواة الحـديث. ومن ناحيـة أُخرى موقف الرواة من الأئمّـة الهـداة ، ودرجـات قرب الرجـال وبعدهم عنهم.

وعلى الجملـة فمعرفـة الرواة وطبقاتـهم عن طريـق أحاديثـهم وملاحظتـها متنـاً وسنـداً ، تكاد تكـون معرفـة بالمباشـرة والنظر ،

 

۱۵۳

لا بالتقليـد والأثـر»(١).

أما السيّد الخوئي قدس‌سره ، فقد قام في كتابه الموسوعي معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة بتحليل الرواة من حيث طبقاتهم وعصورهم ومشايخهم وتلامذتهم. فيكون هذا المنهج معيّناً للمجتهد على الوقوف على كمال السند أو نقصانه ، والوصول إلى الحلقة المفقودة إذا كان المحقّق المجتهد ملمّاً بأسماء مشايخ الراوي وتلامذته. يضاف إلى ذلك أنّ الكتاب أعطى زخماً قويّاً للمحقّقين في تمييز المشتركات من خلال معرفة طبقات الرواة وظروف الراوي الإجتماعية.

ومنهجية معجم رجال الحديث موضوعة على أساس خطّة تتركّز على ناحيتين هامّتين :

الأولى : المبادئ الإجتهادية التي قلبت المفاهيم الرجالية ، والقواعد التاريخية الموروثة في علم الرجال ، وهي مقاييس عامّة للتوثيق والتعديل ، أو التجريح والإسقاط.

فقد ينسف المؤلّف قاعدة من قواعد هذا العلم لضعف في حجيتها ، أو وجود حجّة على خلافها ، وقد يضرب تلك القاعدة عرض الحائط لضعف في تفسيرها ، أو دلالتها ، أو لكونها لازماً أعمّ ، كما هو الأمر في قاعدة الوكالة ، التي كان القدامى يوثّقون من يجدونه موصوفاً بها ، فيختلف معهم في تفسيرها وتقديرها ، وينتهي ـ على العكس منهم ـ إلى أنّ الوكالة من الإمام عليه‌السلام أمر لا يوجب التوثيق ـ وإن أوجب الإعتماد فيما يوكل إليه ـ وأنّ ما لها من مداليل قد لا يشعر جميعها بأمانة الحديث بأيّ حال من

__________________

(١) رسالة بمناسبة الذكرى الألفية للشيخ الطوسيقدس‌سره في مشهد ـ الشيخ محمّـد واعظ زادة الخراساني : ٦٨٣ ـ ٦٨٥.

           

۱۵۴

الأحوال.

الثانية : المزايا العلمية التي طعّم بها الكتاب ، ممّا فات المؤلّفين السابقين ، من قبيل التركيز على المصدر الأمّ ، ومن قبيل استقصاء جميع روايات الراوي ومن حدّث عنه ، ومن قبيل التعرّض للرواة من كتب الرجال والحديث معاً ، ومن قبيل عدم الإكتفاء بتوثيقات المتأخّرين للرواة إن كان للقدماء فيهم رأي ، ومن قبيل التدقيق على وجه علمي عن سبل وثاقتهم وحسنهم.

فقد يضعّف من الرجال من مضى على توثيقه عدّة قرون ، أو يوثّق من مشى تضعيفه في أكثر الكتب الرجالية وأخطرها ، ثمّ قد يجد اتحاداً بين كثير من الرجال الذين تعدّدت أسماؤهم وعناوينهم ، أو قد يجد في كثير ممّن رأوا اتحادهم تعدّداً واضحاً أغفله القدامى والمحدّثون ...

وهكذا غربل قواعد هذا العلم واحدة واحدة ، ووضع رجال الحديث في الميزان واحداً بعد واحد. فأمّا من خفّت موازينه منهم فلم يملأ فراغاً ، ولم يترك ظلاًّ ، وأمّا من ثقلت موازينه ، وتوفّرت فيه شروط العدالة والتوثيق : تماسكت به عرى الحديث ، وسلمت حلقاته من المؤاخذات الرجاليـة ، وتمّ الأخـذ به في طريـق الاستنباط والتوصّـل إلى حكـم من أحكـام الله تعالى)(١).

ونحن نأمل من الجيل الجديد من فقهاء أهل البيت عليهم‌السلام أن يستمرّ في رفد هذا العطاء العلمي بنفس الزخم والقوّة الذي أقدح شرارته المتقدّمون من الفقهاء والله وليّ التوفيق.

__________________

(١) معجم رجال الحديث ١ / ١٣ ـ ١٤ المدخل ، مقدمة مرتضى الحكمي.

           

۱۵۵

مصادر التوثيقات

١ ـ القرآن الكريم.

٢ ـ الإجازة الكبيرة (الى الشيخ عبـد الصمد والد الشيخ البهائي). زين الدين بن علي بن أحمد الجبعي العاملي المعروف بالشهيد الثاني (ت ٩٦٥ هـ).

٣ ـ اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي). محمّـد بن الحسن الطوسي (ت ٤٦٠ هـ). مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام لاحياء التراث ، قم / ١٤٠٤ هـ.

٤ ـ الاستبصار. محمّـد بن الحسن الطوسي (ت ٤٦٠ هـ). تحقيق : السيد حسن الخرسان ، سنة ١٤٠٦ هـ.

٥ ـ الإصابة إلى معرفة الصحابة. أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢ هـ). طبعة مصر في ٤ مجلدات وبهامشه الاستيعاب للقرطبي. مطبعة السعادة القاهرة / ١٣٢٨ هـ.

٦ ـ اضواء على السنة المحمّـدية (أو دفاع عن الحديث). الشيخ محمود أبو رية (ت ١٣٩٠ هـ). اسماعيليان ، قم.

٧ ـ إعلام الورى بأعلام الهدى. الفضل بن الحسن الطبرسي (ت ٥٤٨ هـ). تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ، قم / ١٤١٧ هـ.

٨ ـ أمل الآمل. الحرّ العاملي (١١٠٤ هـ). دار الكتاب الاسلامي ، قم.

٩ ـ انساب الاشراف. أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري (من اعلام القرن الثالث الهجري). نسخة مخطوطة مصورة.

١٠ ـ بحار الانوار. العلاّمة المجلسي (ت ١١١١ هـ) ، مؤسسة الوفاء ، بيروت / ١٤٠٣ هـ.

١١ ـ البشرى. جمال الدين علي بن موسى بن جعفر بن طاووس (ت ٦٧٣ هـ).

١٢ ـ تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام. السيد حسن بن هادي الصدر (ت ١٣٥٤ هـ). ط سنة ١٤١١ هـ.

١٣ ـ التحرير الطاووسي. الشيخ حسن ابن الشيخ زين الدين العاملي (ت

 

۱۵۶

١٠١١ هـ). تحقيق : محمّـد حسن ترحيني ، ط ١٤٠٨ هـ.

١٤ ـ تذكرة الحفاظ. الذهبي (ت ٧٤٨ هـ). دار احياء التراث ، بيروت.

١٥ ـ تعليقة السندي بهامش سنن النسائي. دار احياء التراث العربي ، بيروت.

١٦ ـ تفسير القمي. أبو الحسن علي بن ابراهيم القمي (القرن الرابع الهجري). الطبعة الاولى المحققة بيروت ١٤١١ هـ.

١٧ ـ تفسير النيشابوري بهامش تفسير الطبري (جامع البيان في تفسير القرآن). أبو جعفر الطبري محمّـد بن جرير (ت ٣١٠ هـ) ، طبع مصر.

١٨ ـ التقييد والإيضاح (شرح مقدمة ابن الصلاح). الحافظ العراقي. تحقيق : عبـد الرحمن محمّـد عثمان.

١٩ ـ تنقيح المقال في أحوال الرجال. الشيخ عبـد الله بن محمّـد حسن المامقاني (ت ١٣٥١ هـ). المكتبة المرتضوية النجف الأشرف ١٣٥٠ هـ.

٢٠ ـ تنوير الحوالك شرح موطأ مالك. السيوطي (ت ٩١١ هـ). دار الكتب العلمية ، بيروت / ١٤١٨ هـ.

٢١ ـ تهذيب الأحكام في شرح المقنعة. محمّـد بن الحسن الطوسي (ت ٤٦٠ هـ). تحقيق : السيد حسن الخرسان ، ط سنة ١٤٠١ هـ.

٢٢ ـ جامع الرواة. محمّـد بن علي الاردبيلي (من فقهاء القرن الثاني عشر الهجري). ط سنة ١٤٠٣ هـ.

٢٣ ـ جامع بيان العلم وفضله. ابن عبد البر (ت ٤٦٣ هـ) ، دار الكتب العلمية ، بيروت / ١٣٩٨ هـ.

٢٤ ـ حصر الاجتهاد. آقا بزرك الطهراني (ت ١٣٨٩ هـ) ، تحقيق : محمّـد علي الأنصاري ، مطبعة خيّام ، قم / ١٤٠١ هـ.

٢٥ ـ حل الإشكال في معرفة الرجال. علي بن موسى بن جعفر ابن طاووس (ت ٦٦٤ هـ).

٢٦ ـ خاتمة مستدرك وسائل الشيعة. الميرزا النوري (ت ١٣٢٠ هـ) ، مؤسسة آل البيتعليهم‌السلام لاحياء التراث ، قم / ١٤١٦ هـ.

٢٧ ـ الخلاصة. العلاّمة الحلّي (ت ٧٢٦ هـ). النجف الاشرف / ١٣٨١ هـ.

 

۱۵۷

٢٨ ـ الدراية. الشيخ حسين بن عبـد الصمد (ت ٩٨٤ هـ).

٢٩ ـ الدراية (شرح البداية في علم الدراية) أو (الرعاية في علم الدراية). زين الدين بن علي بن أحمد الجبعي العاملي المعروف بالشهيد الثاني (ت ٩٦٥ هـ). الطبعة الأولى قم / ١٤٠٨ هـ.

٣٠ ـ الذريعة الى تصانيف الشيعة. الشيخ محمّـد محسن المعروف اقا بزرك الطهراني (ت ١٣٨٩ هـ). الطبعة الأولى.

٣١ ـ ذكرى الشيعة. محمّـد بن جمال الدين مكي بن شمس الدين المعروف بالشهيد الأول (ت ٧٨٦ هـ). مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام ، قم / ١٤١٩ هـ.

٣٢ ـ رجال ابن داود. تقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلي (ت ٧٠٧ هـ). تحقيق : محمّـد صادق بحر العلوم ، سنة ١٤٠٦ هـ.

٣٣ ـ رجال الاسترابادي (منهج المقال في تحقيق أحوال الرجال). الميرزا محمّـد بن علي الاسترابادي (ت ١٠٢٨ هـ).

٣٤ ـ رجال السيد بحر العلوم (الفوائد الرجالية). محمّـد مهدي بحر العلوم. تحقيق : محمّـد صادق بحر العلوم وحسين بحر العلوم. ١٣٦٣ هـ. ش.

٣٥ ـ رجال الشيخ الطوسي (الفهرس). أبو جعفر محمّـد بن الحسن الطوسي (ت ٤٦٠ هـ). تحقيق السيد محمّـد صادق بحر العلوم. الطبعة الاولى ١٣٨١ هـ.

٣٦ ـ رجال العلامة الحلي (خلاصة الأقوال). الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر المشهور بالعلامة الحلي (ت ٧٢٦ هـ). المطبعة الحيدرية النجف الأشرف / ١٣٨١ هـ.

٣٧ ـ رجال الكشي (اختيار معرفة الرجال). محمّـد بن الحسن الطوسي (ت ٤٦٠ هـ). مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ، قم / ١٤٠٤ هـ.

٣٨ ـ رجال النجاشي. أحمد بن علي النجاشي (ت ٤٥٠ هـ). مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ، قم / ١٤١٦ هـ.

٣٩ ـ رسالة بمناسبة الذكرى الالفية للشيخ الطوسي مشهد المشرفة. الشيخ محمّـد واعظ زادة الخراساني.

٤٠ ـ الرواشح السماوية. محمّـد باقر الحسيني المرعشي الداماد (ت ١٠٤٠ هـ).

 

۱۵۸

مكتبة آية الله المرعشي قم المشرفة.

٤١ ـ سماء المقال. المحقق الكلباسي (ت ١٣٥٦ هـ).

٤٢ ـ السنن الكبرى (سنن البيهقي). أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت ٤٥٨ هـ). بيروت دار الفكر.

٤٣ ـ شرح الفقيه. الشيخ البهائي (ت ١٠٣١ هـ).

٤٤ ـ شرح نهج البلاغة. عز الدين بن هبة الله بن أبي الحديد المعتزلي (ت ٦٥٥ هـ). تحقيق محمّـد أبو الفضل ابراهيم. القاهرة : البابي الحلبي ١٩٥٩ م.

٤٥ ـ الصحيفة السجادية. مجموع ما أملاه الإمام زين العابدين علي بن الحسين السجاد عليه‌السلام من الأدعية. طبعت مرات عديدة. انتخبنا طبعة مكتب قرآن ، تقديم السيد مير أحمد الروضاتي طهران.

٤٦ ـ الصلاة. الشيخ مرتضى الانصاري (ت ١٢٨١ هـ). (ضمن كتاب المكاسب). طبعة حجرية.

٤٧ ـ عدة الاصول. محمّـد بن الحسن الطوسي (ت ٤٦٠ هـ). طبع بومبي الهند.

٤٨ ـ الغيبة. أبو جعفر محمّـد بن الحسن الطوسي (ت ٤٦٠ هـ). مكتبة بصيرتي قم / ١٤٠٨ هـ.

٤٩ ـ فتح الباري بشرح صحيح البخاري. أحمد بن علي العسقلاني (ابن حجر) (ت ٨٥٢ هـ). مصر بولاق ، بدون تاريخ.

٥٠ ـ فرج المهموم. رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن طاووس (ت ٦٧٣ هـ). منشورات الرضي قم / ١٣٦٣ هـ. ش.

٥١ ـ فلاح السائل ونجاح المسائل. علي بن موسى بن جعفر ابن طاووس (ت ٦٧٣ هـ). مكتب التبليغ الاسلامي للحوزة العلمية قم المشرفة.

٥٢ ـ الفوائد الرجالية. محمّـد باقر بن محمّـد أكمل المعروف بالوحيد البهبهاني (ت ١٢٠٥ هـ). مطبوع مع رجال الخاقاني ، للشيخ علي الخاقاني (ت ١٣٣٤ هـ). تحقيق : محمّـد صادق بحر العلوم. سنة ١٤٠٤ هـ.

٥٣ ـ فهرس أسماء علماء الشيعة ومصنفيهم. الشيخ منتجب الدين بن بابويه (ت بعد ٥٨٥ هـ). تحقيق السيد عبـد العزيز الطباطبائي. سنة ١٤٠٦ هـ.

۱۵۹

٥٤ ـ قاموس الرجال. عبـد الله التستري (ت ١٠٢١ هـ).

٥٥ ـ الكافي (الاصول ، الفروع ، الروضة). أبو جعفر محمّـد بن يعقوب الكليني (ت ٣٢٩ هـ). طهران : دار الكتب الاسلامية ، ١٣٧٩ هـ.

٥٦ ـ كامل الزيارات. أبو القاسم جعفر بن محمّـد بن قولويه (ت ٣٦٧ هـ). المطبعة المرتضوية النجف الاشرف ١٣٥٦ هـ.

٥٧ ـ الكفاية في علم الرواية. الخطيب البغدادي (ت ٤٦٣ هـ). مطبعة السعادة القاهرة ١٩٧٢ م.

٥٨ ـ كلّيات في علم الرجال. جعفر السبحاني ، مؤسسة النشر الاسلامي التابعة إلى جماعة المدرسين ، قم / ١٤١٤ هـ.

٥٩ ـ كنـز العمال من سنن الاقوال والافعال. علاء الدين المتقي الهندي (ت ٩٧٥ هـ). الطبعة الثانية. حيدرآباد : جمعية دائرة المعارف العثمانية / ١٣٦٩ هـ.

٦٠ ـ لؤلؤة البحرين. الشيخ يوسف بن أحمد البحراني (ت ١١٨٦ هـ). تحقيق محمّـد صادق بحر العلوم. مطبعة النعمان النجف الاشرف.

٦١ ـ مجمع الرجال. عبـد الله التستري (ت ١٠٢١ هـ).

٦٢ ـ مجمع الرجال. عناية الله القهبائي (ت بعد سنة ١٠٢٦ هـ). اسماعيليان قم المشرفة. الطبعة الثانية.

٦٣ ـ مرآة العقول في شرح أخبار الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم). محمّـد باقر المجلسي (ت ١١١١ هـ). دار الكتب الاسلامية طهران / ١٣٩٨ هـ.

٦٤ ـ مسالك الافهام الى شرح شرائع الاسلام. زين الدين الجبعي العاملي المعروف بالشهيد الثاني (ت ٩٦٥ هـ). مؤسسة المعارف الاسلامية ، قم / ١٤١٦ هـ.

٦٥ ـ مستدرك الوسائل. الميرزا حسين النوري الطبرسي (ت ١٣٢٠ هـ). المكتبة الاسلامية قم المشرفة.

٦٦ ـ مسند أحمد. أحمد بن حنبل (ت ٢٤١ هـ). بيروت : المكتب الاسلامي / ١٣٩٨ هـ.

٦٧ ـ مشايخ الثقات. الميرزا غلام رضا عرفانيان. المطبعة العلمية قم المشرفة

 

۱۶۰

١٤٠٩ هـ.

٦٨ ـ مشرق الشمسين. الشيخ البهائي (ت ١٠٣١ هـ). ضمن رسائل الشيخ البهائي ، مكتبة بصيرتي ، قم.

٦٩ ـ مصفى المقال في مصنفي علم الرجال. الشيخ اقا بزرك الطهراني (ت ١٣٨٩ هـ). سنة ١٤٠٨ هـ.

٧٠ ـ معارج الأصول. المحقّق الحلّي (ت ٦٧٦ هـ). مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلاملإحياء التراث.

٧١ ـ المعالم. الشيخ حسن (ت ١٠١١ هـ). طبع عبـد الرحيم.

٧٢ ـ المعتبر في شرح المختصر. نجم الدين أبو القاسم جعفر بن الحسن المعروف بالمحقق الحلي (ت ٦٧٦ هـ). مجمع الذخائر الاسلامية ، قم.

٧٣ ـ معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة. السيد أبو القاسم الخوئي (ت ١٤١٣ هـ). سنة ١٤٠٩ هـ.

٧٤ ـ المُغني. عبـد الله بن أحمد بن محمّـد بن قدامة الحنبلي (ت ٦٢٠ هـ). تحقيق جماعة من العلماء. بيروت : دار الكتاب العربي.

٧٥ ـ مقدمة ابن الصلاح في علوم الحديث. تحقيق : الدكتورة عائشة عبـد الرحمن. دار الكتب القاهرة.

٧٦ ـ الملل والنحل. الشهرستاني (٥٤٨ هـ). دار المعرفة ، بيروت.

٧٧ ـ مناقب. أبو جعفر رشيد الدين محمّـد بن علي بن شهرآشوب (ت ٥٨٨ هـ). المطبعة العلمية قم المشرفة.

٧٨ ـ منتهى المطلب. الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي المعروف بالعلامة (ت ٧٢٦ هـ). طبعة الحاج أحمد تبريز.

٧٩ ـ منتهى المقال في أحوال الرجال. أبو علي الحائري المازندراني (ت ١٢١٦ هـ). تحقيق ونشر : مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام قم / ١٤١٦ هـ.

٨٠ ـ من لا يحضره الفقيه. أبو جعفر محمّـد بن علي بن بابويه الصدوق (ت ٣٨١ هـ). بيروت : الأعلمي / ١٤٠٨ هـ.

٨١ ـ منهج المقال. محمّـد جعفر الاستر آبادي (ت ١٢٦٣ هـ). طبعة حجرية.

 

۱۶۱

٨٢ ـ الموضوعات. ابن الجوزي (ت ٥٩٧ هـ) ، المكتبة السلفية ، المدينة المنورة / ١٣٨٦ هـ.

٨٣ ـ مهج الدعوات. رضي الدين أبو القاسم على بن موسى ابن طاووس (ت ٦٧٣ هـ). ١٣٩٩ هـ.

٨٤ ـ المهذب البارع في شرح النافع. أحمد بن شمس محمّـد بن فهد الحلي (ت ٨٤١ هـ).

٨٥ ـ مؤلفوا الشيعة في صدر الإسلام. السيد عبـد الحسين شرف الدين الموسوي العاملي (ت ١٣٧٧ هـ). مطبعة النعمان النجف الأشرف.

٨٦ ـ النص والاجتهاد. السيد عبـد الحسين شرف الدين الموسوي. بيروت : مؤسسة الاعلمي ، ١٣٨٦ هـ.

٨٧ ـ نقد الرجال. مصطفى بن الحسين التفريشي (من أعلام القرن الحادي عشر). طبعة حجرية.

٨٨ ـ الوافي. محمّـد محسن بن شاه مرتضى المعروف بالفيض الكاشاني (ت ١٠٩١ هـ). مكتبة آية الله المرعشي قم / ١٤٠٤ هـ.

٨٩ ـ الوجيزة في علم الرجال. محمّـد باقر بن محمّـد تقي المجلسي (ت ١١١١ هـ). ترتيب عبـد الله السبزالي. الاعلمي بيروت ١٩٩٥ م.

٩٠ ـ وسائل الشيعة الى تحصيل مسائل الشريعة. محمّـد حسن العاملي (ت ١١٠٤ هـ). المطبعة الاسلامية طهران.

٩١ ـ هداية المحدثين (مشتركات الكاظمي). محمّـد أمين بن محمّـد علي الكاظمي (ق ١١ هـ). تحقيق السيد مهدي الرجائي. طهران : مطبعة حيدري.

 

۱۶۲

مدرسة الحلّة وتراجم علمائها

من النشوء إلى القمّة

(٥٠٠ ـ ٩٥٠ هـ)

(١)

السـيّد حيدر وتوت الحسيني

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدّمة :

الحمد لله ربّ العالمين ، الواسع العليم والوارث الحكيم ، وأفضل الصلاة وأتمّ التسليم على سيّد الأوّلين والآخرين نبيّنا الأعظم محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم)مدينة العلم وخير أنبياء أولي العزم ، وعلى آله الطيّبين الطاهرين أفضل وأكمل سادات ذوي الألباب والفهم.

وبعد :

فالحديث عن سير وتراجم العلماء الأفاضل والفقهاء الفطاحل وما يتخلّله من ذكر لمناقبهم وكراماتهم وما كانوا عليه من صفات الزهد والعرفان وما هي أهمّ آثارهم من مصنّفات ومؤلّفات لهو من خير الكلام وأحسنه ، وشعبة مباركة من شعب الإيمان بالله عزّ وجلّ ، يسعى إليها كلّ مؤمن عاشق للفضيلة ويتطلّع إليها كلّ طالب علم ومعرفة ، فهو تخليدٌ لذكـرهم ووفاءٌ لحقِّـهم بما قدّموا من خدمات جليلة وتضحيات سخية خدمةً للدين والعقيـدة ، فهم بحقٍّ أنـوار الله في الأرض وسبـل هداية لكلّ

 

۱۶۳

حيران ضالّ.

ومنزلة العلماء ومراتبهم الكبيرة السامية قد بيَّنها الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز قائلاً في سورة آل عمران : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ)(١) وقوله عزّ وجلّ : (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَات)(٢) وفي سورة الزُّمَر : (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الاَْلْبَابِ)(٣) وغيرها من الآيات الكريمة المباركة المبيّنة لفضل العلماء ومراتبهم العالية.

ومن بين علماء المسلمين الذين تعجُّ بهم كتب التراجم والتاريخ علماء مدينة الحلّة الفيحاء الذين هم وبحقٍّ جزء لا يتجزّأ من تاريخ علماء الإسلام ، أولئك العلماء الفطاحل الذين قدّموا ما قدّموا في سبيل نصرة الدين ونشر العلم والمعرفة.

وكنت قد تناولت في كتابي المزارات ومراقد العلماء في الحلّة الفيحاء جانباً من تراجم بعض أولئك العلماء الأعلام عند ذكري لمراقدهم الموجودة في المدينة الفيحاء ، وفي بحثي المتواضع هذا حاولت دراسة النهضة العلمية الثقافية في الحلّة وما هي أسباب نشوئها واستمرارها مع توضيح بعض ملامح وصفات المدرسة العلمية فيها والتي استمرّت ما يقارب ثلاثة قرون ونصف تقريباً ، أنجبت خلالها المئات من العلماء الأعلام والأدباء الكرام الذين حازت بفضلهم مدرسة الحلّة الزعامة الدينية وأصبحت لعقود طويلة من الزمن قبلةً لعشّاق العلم والأدب.

__________________

(١) سورة آل عمران ٣: ١٨.

(٢) سورة المجادلة ٥٨: ١١.

(٣) سورة الزمر ٣٩: ٩.

           

۱۶۴

وقبل ذكري لتراجم العلماء وتقسيمهم حسب عصور النهضة العلمية ذكرت نُبذاً مختصرةً عن أهمّ الأسر والبيوت العلمية في الحلّة وأماكن الدرس فيها ومشاركة علماء الحلّة في العلوم الإسلامية المختلفة وأهمّية التلاقح العلمي بين مدينة الحلّة والمدن الإسلامية الأخرى وغيرها من المباحث ذات الصلة بالموضوع ، وأتممت البحث بخاتمة هي لأبواب البحث خاتمة وليس لمسيرة العلم خاتمة.

ولا يسعني هنا إلاّ أنْ أتقدّم بعظيم الشكر والامتنان لسماحة العلاّمة الكبير المحقّق حجّة الإسلام والمسلمين السيّد محمّـد مهدي السيّد حسن الخرسان الموسوي (دام ظلّه) الذي تفضّل علينا ـ وهو للفضل أهل ـ بملاحظاته السديدة وتوجيهاته المباركة للوصول ببحثنا المتواضع هذا إلى أفضل ما يمكن.

وأتوجّه بوافر الشكر والتقدير لفضيلة أُستاذي الجليل الاُستاذ الدكتور المؤرّخ السيّد حسن الحكيم الذي يُحيطني دوماً برعايته العلمية الكريمة من إرشادات وملاحظات قيِّمة مفيدة ترتقي بالبحث إلى أفضل صورة ممكنة.

ولا يفوتني أيضاً تقديم الشكر الجزيل لكلِّ من مدّ يد العون والمساعدة من أجل إخراج هذا البحث ، وخصوصاً مركز الكوثر الثقافي وهيئته الإدارية المباركة ومجلّة تراثنا وهيئة تحريرها ، وسيجزي الله المحسنين.

(والله سبحانه وليّ التوفيق)

حيدر سيّد موسى وتوت الحسيني

١٢ ربيع الأوّل ١٤٢٤ هـ.

 

۱۶۵

مدرسة الحلّة وتراجم علمائها

من النشوء إلى القمّة

الحلّة والمعنى اللغوي :

قال الفراهيدي في كتابه العين(١) : «المَحَّلة : منزل القوم ، وأرضٌ مِحلال : إذا أكثر القوم الحلول بها ، والحلّة : قوم نزول ، قال الأعشى :

لقد كان في شيبان لو كنت عالماً

قبابٌ وحتّى حلّة وقبائلُ»

وقال ياقوت في معجم البلدان(٢) : «الحِلّة : بالكسر ثمّ التشديد ، وهو في اللغة القوم النزول وفيهم كثرة ... والحلّة أيضاً شجرة شاكّة أصغر من العوسج».

وجاء في مختار الصحاح(٣) للرازي : «الحِلّ أيضاً ما جاوز الحرم ، وقومٌ حِلَّةٌ ، أي : نزول وفيهم كثرة ، والحلّة أيضاً مصدر قولك : حلّ الهدْيُ».

وقال صاحب القاموس المحيط(٤) : «وأرض حِلاوة : تنبت ذكور البقل ، والحُلاوي بالضمّ : شجرة صغيرة ونبت شائك ... إلى قوله : والحِلاةُ بالكسر : جبل قرب المدينة».

وفي مجمع البحرين(٥) (كتاب اللام) : «وحلَّ بالمكان حلاًّ وحلولاً :

__________________

(١) العين ١/٤١٨.

(٢) معجم البلدان ٢/٢٩٤.

(٣) مختار الصحاح: ١٥١.

(٤) القاموس المحيط ٢/١٦٧٥.

(٥) مجمع البحرين: ٤٥١.

           

۱۶۶

نزل ، والمحِلّ : المكان الذي تحلّه ...».

الحلّة في كتب المؤرّخين :

تناول العديد من المؤرّخين وأصحاب الرحلات التاريخية مدينة الحلّة ، وذكروا تأسيسها على يد الأمير صدقة المزيدي عام (٤٩٥ هـ) ، وأشاروا إلى أهمّيتها التاريخية المتميّزة ومكانتها العلمية والأدبية ، وتطرّقوا أيضاً لذكر موقعها الجغرافي المتميّز حيث خصوبة التربة واعتدال المناخ وطيب الهواء ونقائه ، وكانت هذه الصفات سبباً لتسميتها بالحلّة الفيحاء ، وإليك بعض ما كتب عنها :

الحلّة في رحلة ابن جبير(١) :

قال الرحّالة محمّـد بن أحمد بن جُبير الكناني المتوفّى عام (٦٤١ هـ) عند ذكره مدينة الحلّة :

«هي مدينة كبيرة عتيقة الوضع مستطيلة لم يبق من سورها إلاّ حلق من جدار ترابي مستدير بها ، وهي على شطّ الفرات يتّصل بها من جانبها الشرقي ويمتدّ بطولها ، ولهذه المدينة أسواق حفيلة جامعة للمرافق المدنية والصناعات الضرورية ، وهي قوية العمارة كثيرة الخلق متصلة حدائق النخيل ، وألفينا بها جسراً عظيماً معقوداً على مراكب متّصلة من الشطّ إلى الشطّ تحفّ بها من جانبها سلاسل من حديد كالأذرع المفتولة عُظماً وضخامة ترتبط إلى خشبة مثبتة في كلا الشطّين تدلّ على عظم الاستطاعة والقدرة ، أمر الخليفة بعقده على الفرات اهتماماً بالحاج واعتناء بسبيله ،

__________________

(١) رحلة ابن جبير: ١.

           

۱۶۷

وكانوا قبل ذلك يعبرون في المراكب فوجدوا هذا الجسر قد عقده الخليفة في مغيبهم ولم يكن عند شخوصهم إلى مكّة شرّفها الله ، وعبرنا الجسر ظهر يوم الأحد المذكور ونزلنا بشطّ الفرات على مقدار فرسخ من البلد ، وهذا النهر كاسمه فرات هو من أعذب المياه وأخفّها ، وهو نهر كبير زاخر تصعد فيه السفن وتنحدر ، والطريق من الحلّة إلى بغداد من أحسن الطرق وأجملها في بسائط من الأرض وعمائر تتصل بها القرى يميناً وشمالاً ، ويشقّ هذه البسائط أغصان من ماء الفرات تتسرّب بها وتسقيها ، فمحرثها لاحَدَّ لاتساعه وانفساحه ، فللعين في هذه الطريق مسرح انشراح وللنفس مزيد انبساط وانفساح ، والأمن فيها متصل بحمد الله سبحانه وتعالى».

الحلّة في رحلة بنيامين(١) :

في هذه الرحلة تطرّق الرحّالة بنيامين بن يونة التطلي الأندلسي اليهودي(٢) إلى ذكر اليهود وخرائب بابل القديمة فقال :

«خرائب بابل : هي بابل الكبرى القديمة ، لم يبق منها اليوم سوى الأطلال الدارسة ، وتمتدّ هذه الخرائب إلى مسافة ثلاثين ميلاً ، ويشاهد فيها بقايا قصر بخت نصّر ، والناس تخاف الولوج فيه لكثرة ما به من عقارب وأفاعي ، وفي بقعة تبعد نحو ميل واحد عن هذه الأطلال يقيم عشرون ألفاً من اليهود ولديهم كنيس عتيق البنيان منسوب إلى النبي دانيال يؤمّونه لأقامة الصلاة فيه ، بناؤه من الحجر المتين المهذّب والآجر ، وفي بابل بقايا أتون من النار الذي طرح فيه حنينه وميشائيل وعزرية على مقربة من قصر بخت

__________________

(١) رحلة بنيامين: ١٤٠ ـ ١٤١.

(٢) كان حياً عام ٥٦١ هـ. وهو تاريخ رحلته كما جاء ذلك في ص٢٩ من رحلته.

           

۱۶۸

نصّر ، وتسمّى الأراضي المنبسطة التي حول بابل (بقعة دوره) وهي معروفة عند الجميع ، وعلى بعد خمسة أميال منها الحلّة فيها نحو عشرة آلاف يهودي ، عندهم أربع كنائس ، أوّلها الربي مئير وفيها قبره ، والثانية الربي زعيري بأرحامه وفيها قبره أيضاً ، ويقيم اليهود فريضة الصلاة في هذه الكنائس كلّ يوم ، ومنها على مسيرة أربعة أميال برس نمرود».

الحلّة في معجم البلدان :

قال ياقوت الحموي (المتوفّى عام ٦٢٦ هـ) في معجم البلدان(١) :

«علم لعدّة مواضع ، وأشهرها حلّة بني مزيد : مدينة كبيرة بين الكوفة وبغداد كانت تسمّى الجامعين ، طولها سبع وستّون درجة وسدس وعرضها اثنتان وثلاثون درجة ، تعديل نهارها خمس عشرة درجة ، وأطوال نهارها أربع عشرة ساعة وربع ...».

وفي مراصد الإطّلاع(٢) للشيخ صفيّ الدين عبـد المؤمن البغدادي (المتوفّى ٧٩٣ هـ) قوله :

«الحِلّة بالكسر والتشديد : عدّة مواضع ، أشهرها حلّة بني مزيد : مدينة كبيرة بين الكوفة وبغداد كانت تسمّى الجامعين ، أوّل من عمّرها سيف الدولة صدقة بن منصور بن علي المزيدي ، وكانت منازل آبائه الدور من النيل ...» إلى آخر ما قاله ياقوت في معجم البلدان.

__________________

(١) معجم البلدان ٢/٢٩٤.

(٢) مراصد الإطّلاع ١/٤١٩.

           

۱۶۹

الحلّة في رحلة ابن بطّوطة(١) :

قال الشيخ الرحّالة محمّـد بن عبـد الله بن بطّوطة (كان حيّاً عام ٧٥٧ هـ) عند ذكر مدينة الحلّة :

«... ونزلنا بئر ملاحة وهي بلدة حسنة بين حدائق نخل ، ونزلت بخارجها وكرهت دخولها لأنّ أهلها روافض. ورحلنا منها الصبح فنزلنا مدينة الحلّة ، وهي مدينة كبيرة مستطيلة مع الفرات وهو بشرقيها ، ولها أسواق حسنة جامعة للمرافق والصناعات ، وهي كثيرة العمارة ، وحدائق النخل منتظمة بها داخلاً وخارجاً ودورها بين الحدائق ، ولها جسر عظيم معقود على مراكب متصلة منتظمة فيما بين الشطّين تحفّ بها من جانبيها سلاسل من حديد مربوطة في كلا الشطّين إلى خشبة عظيمة مثبتة بالساحل ، وأهل هذه المدينة كلّهم إمامية اثنا عشرية ، وهم طائفتان : إحداهما تعرف بالأكراد ، والأخرى تعرف بأهل الجامعين ، والفتنة بينهم متصلة والقتال قائم أبداً ، وبمقربة من السوق الأعظم بهذه المدينة مسجد على بابه ستر حرير مسدول وهم يسمّونه مشهد صاحب الزمان ، ومن عاداتهم أن يخرج في كلّ ليلة مائة رجل من أهل المدينة عليهم السلاح وبأيديهم سيوف مشهورة ، فيأتون أمير المدينة بعد صلاة العصر فيأخذون منه فرساً مُلجماً أو بغلة كذلك ويضربون الطبول والأنفار والبوقات أمام تلك الدابّة ، ويتقدّمها خمسون منهم ويتبعها مثلهم ويمشي آخرون عن يمينها وشمالها ، ويأتون مشهد صاحب الزمان فيقفون في الباب ويقولون :

__________________

(١) رحلة ابن بطوطة ١/١٣٨.

           

۱۷۰

باسم الله يا صاحب الزمان باسم الله اخرج قد ظهر الفساد وكثر الظلم وهذا أوان خروجك فيفرق الله بك بين الحقّ والباطل ، ولا يزالون كذلك وهم يضربون الأبواق والأطبال والأنفار إلى صلاة المغرب ، وهم يقولون : إنّ محمّـد بن الحسن العسكري دخل ذلك المسجد وغاب فيه وإنّه سيخرج وهو الإمام المنتظر ...».

وجاء في روضات الجنّات(١) في ذيل ترجمة الشيخ محمّـد بن إدريس الحلّي :

«وأمّا الحلّي فهي نسبة إلى حِلّة بكسر الحاء المهملة على وزن مِلّة ، فهي بُليدة طيّبة جديدة البناء جميلة الهواء جيّدة الفضاء بأرض عراق العرب واقعة على شاطئ الفرات ، يقول في وصفها المولى عبـد الرحمن الجامي :

حلّة جنّة عدن

وعليها غرفات»

وفي موارد الإتحاف(٢) : «إنّ حلّة بني مزيد مدينة شهيرة مزدهرة بالعلماء والفضلاء والأدباء والشعراء من القرن الرابع إلى القرن التاسع الهجري ، وقصدها الناس من سائر أطراف العالم الإسلامي لتحصيل المعارف الإسلامية ، وتخرّج منها العلماء والأدباء ما لا يحصى ذكرهم ، وفي المعاجم ذكر بعض أوصافهم ، وسكنها جماعة من الطالبيّين وتقدّموا فيها».

وجاء في كتاب أصول أسماء المدن والمواقع العراقية(٣) لمؤلّفه المحامي بابان قوله :

«تقع حلّة بني مزيد غربي الفرات أوائل تمصيرها ، وهي على بعد

__________________

(١) روضات الجنّات ٦/٢٨٩.

(٢) موارد الاتحاف ١/١٧٤.

(٣) أصول اسماء المدن والمواقع العراقية ١/٩٧.

           

۱۷۱

بضعة أميال جنوبي أطلال بابل ، وقد نشأت في هذه البقعة (أرض بابل) حضارات قديمة بابلية وكلدانية وسومرية أطلق عليها العرب اسم (النبط) ، ذلك لمعرفته بأنباط الماء ـ أي استخراجه ـ لكثرة فلاحتهم ، وسمّوا أرضه بالسواد لخضرته بالنخيل والزرع ، وتعرف قديماً باسم (سورستان) ، وإليها ينسب السريانيّون وهم النبط وإنّ لغتهم السريانية ، ومن نبط بابل (الإمام أبو حنيفة) واسم جدّه زوطي نبطي ، ثمَّ أخذ هذا الشعب يمتزج بالفاتحين العرب ويتعلَّم منهم ويدخل في دينهم ... إلى قوله بعد تعداده لبعض قرى الحلّة : وباختصار فإنّ مدينة الحلّة سمّيت كذلك لأنّ بني مزيد حلّوا فيها فصارت حلّتهم ـ أي : محلّتهم ومجلسهم ومجتمعهم ـ ورئيسهم سيف الدولة الذي أنشأها سنة ٤٩٥ هـ. (١١٠٢ م)».

قرى مدينة الحلّة وأعمالها :

لابدّ لنا هنا من الإشارة إلى قرى مدينة الحلّة وأعمالها بشكل عامّ وموجز مع التعريف بأهمّ قُراها العلمية وذلك لانتماء وانتساب العديد من العلماء والأدباء إليها ـ وإنَّ من أولئك العلماء الأفذاذ من يذكر ويُعرَف بأسماء تلك القرى ، أمثال الفقيه الفاضل الشيخ المقداد السيوري ، والشيخ الجليل كمال الدين عبـد الرحمن العتايقي ، والحافظ الشاعر الشيخ رجب البرسي ، وغيرهم كثير ـ وكذلك أيضاً لما كانت تمثّله تلك القرى من روافد حيّة متدفّقة وفيرة العطاء تمدّ وتغذّي أرض الفيحاء بشرايين الحياة الاقتصادية المتمثّلة في الزراعة والتجارة من جهة ، وبالنهضة الفكرية العلمية العملاقة المتمثّلة بتدفّق رجال العلم والأدب إليها من جهة أخرى ، وللتعرّف على أسماء تلك القرى بشكل عامّ والعلمية منها بشكل خاصّ نذكرها هنا

 

۱۷۲

بإيجاز نقلاً عن كتاب تاريخ الحلّة(١) للشيخ يوسف كركوش ، وهي كما يلي :

١ ـ الإسكندرية : منسوبة إلى اسكندر المقدوني ، بلدة في أرض بابل.

٢ ـ الأميرية : منسوبة إلى الأمير ، من قرى النيل من أرض بابل ، ينسب إليها أبو النجم بدر بن جعفر الضرير الشاعر ، توفّي سنة ٦١١ هـ.

٣ ـ بابِل : بكسر الباء ، اسم ناحية منها الكوفة والحلّة ، واسم مدينة خراب بقرب الحلّة.

٤ ـ بَتّا : بالفتح وتشديد الثاني ، مقصور ، وقد يكتب بالياء أيضاً ، وهي قرية ببلدة الحلّة ...

٥ ـ بَرْبِيسْيا : بفتح الباء الأولى وسكون الراء وكسر الباء الثانية وسكون السين المهملة ، طسوح في كورة الأستان الأوسط تحت حلّة بني مزيد.

٦ ـ بُرْس : بضمّ الموحّدة وسكون الراء والسين المهملة ، ناحية من أرض بابل وهي بحضرة الصرح صرح نمرود بن كنعان ، وهي الآن قرية معروفة قبل الكوفة ، من هذه القرية الشيخ رجب البرس ، وإليها ينسب عبـد الله بن الحسن البرسي كان من أجلّة الكتّاب وعظمائهم ولي ديوان (باذرويا) في أيّام المعتضد وغيره.

٧ ـ بَرملاحة : بالفتح والحاء المهملة ، موضع من أرض بابل قرب حلّة بني مزيد شرقي قرية يقال لها : القيسونات ، ذكرها الرحّالة ابن بطّوطة

__________________

(١) تاريخ الحلّة ١/٤.

           

۱۷۳

في رحلته(١) فقال : «هي بلدة حسنة بين حدائق النخيل ...».

٨ ـ بَرْمنايا : بفتح أوّله وسكون ثانيه بعده ميم ونون وألف وياء معجمة باثنتين من تحتها وألف ، موضع بالسواد ...

٩ ـ بَزِيْقِيا : بالفتح ثمّ الكسر وياء ساكنة وكسر القاف وياء وألف ، قرية قريبة من حلّة بني مزيد.

١٠ ـ بَغَلّة : بفتح أوّله وثانيه وتشديد ثالثه ، بلد قريب من الحلّة ...

١١ ـ بَنُوْرا : بالفتح ثمّ الضمّ وواو ساكنة وراء بعدها ألف مقصورة ، تحت الحلّة المزيدية قرب سوراء.

١٢ ـ الحَصّاصة : بالفتح وتشديد ثانيه ، من قرى السواد قرب قصر ابن هبيرة.

١٣ ـ الخالصة : وهي قرية في الصدرين أحد أعمال الحلّة ، نسب إليها أحمد الخالصي ابن أبي الغنائم محمّـد بن زيد من أحفاد محمّـد بن الحسن الزاهد ، ويقال لولده : بنو الخالصي ، وكانوا أهل بيت رياسة وزهد بسورا.

١٤ ـ دارخ : من أعمال الحلّة ، ومن توابعة الشرفية التي هي اليوم قرية من قرى الحلّة التابعة لقضاء الهاشمية ....

١٥ ـ زاقف : قرية من نواحي النيل من ناحية بابل ، نسب إليها أبو عبـد الله محمّـد بن محمود الأعجمي الزاقفي ، قرأ الأدب على الشيخ أبي البقاء عبـد الله بن الحسين العكبري وسافر في طلب العلم ، وفي قاموس الفيروز آبادي(٢) أنّها ـ الزاقفية ـ قرية بالسواد.

__________________

(١) رحلة ابن بطوطة: ٢٣٩.

(٢) القاموس المحيط ٣: ١٤٨ وفيه: والزاقفية بالسواد.

           

۱۷۴

١٦ ـ الزاوية : موضع فيه عدّة قرى نفيسة بالصدرين من أعمال الحلّة ...

١٧ ـ سورى : اَلِفه مقصورة بوزن بشرى ، من أرض بابل ، وهي مدينة تحت الحلّة لها نهر ينسب إليها وكورة قريبة من الفرات. وجاء في مجمع البحرين(١) : «سورى كطوبى ـ وقد تمدّ ـ بلدة بالعراق من أرض بابل من بلاد السريانيّين».

أقول :

وهذه القرية هي من قرى الحلّة العلمية المشهورة وقد أخرجت الكثير من العلماء والأدباء الذين ينسبون إليها.

١٨ ـ السِيْب : بكسر أوّله وسكون ثانيه ، وهو نهر في ذنابة الفرات بقرب الحلّة ، وعليه بلد تسمّى باسمه ، منه صباح بن هارون ، ويحيى بن أحمد المقرئ ، وهبة الله بن عبـد الله مؤدّب المقتدر ، وأحمد بن عبـد الوهاب مؤدّب المقتفي.

أقول :

وهي أيضاً من القرى العلمية ، وإليها ينسب الشيخ الفاضل شمس الدين محمّـد بن أحمد بن صالح السيبي القُسِّيني تلميذ المحقّق الحلّي صاحب شرائع الإسلام قدس‌سره.

١٩ ـ سُيور : بضمّ السين مع الياء المخفّفة التحتانية ، هي قرية من قرى الحلّة كما في فهرست والد الشيخ البهائي ، وإليها ينسب أبو عبـد الله

__________________

(١) مجمع البحرين ٢: ٤٥٢.

           

۱۷۵

مقداد السيوري الأسدي الذي يروي عن الشهيد محمّـد بن مكّي.

٢٠ ـ شوشه : قرية بأرض بابل أسفل من حلّة بني مزيد ، بها قبر القاسم بن موسى بن جعفر عليه‌السلام ...

٢١ ـ الصدرين : من أعمال الحلّة ، تقدّم ذكره في الخالصة والزاوية.

٢٢ ـ الصروات : كأنّه جمع صروة ، وهي قرية من سواد الحلّة المزيدية ، ردّ إلى واحده ، وقد نسب إليها أبو الحسن علي بن منصور بن أبي القاسم الربعي المعروف بابن الرطلين الصروي ، ولد بها ونشأ بواسط وسكن بغداد.

٢٣ ـ صريفين : قرية من أعمال الحلّة المزيدية ، وفي معجم البلدان لياقوت : «عدّة قرى من بابل ، منها أصل آل الفرات الوزراء عند العباسيّين ، وهم بابليوصريفين ...».

٢٤ ـ العتائق : جمع عتيقة ، وهي قرية شرقي الحلّة المزيدية ، وإليها ينسب كمال الدين عبـد الرحمن بن محمّـد العتايقي صاحب المؤلّفات الممتعة ، واليوم تعرف هذه القرية باسم (العتايج) بإبدال القاف جيماً كما هي القاعدة المتبعة في اللسان الدارج.

٢٥ ـ الغامرية : قرية من أرض بابل قرب حلّة بني مزيد ، منها أصل أبي الفتح بن جيا الكاتب الشاعر.

٢٦ ـ قُبَّين : بالضمّ ثمّ الكسر والتشديد وياء مثنّاة من تحت وآخره نون ، اسم أعجمي لنهر وقرية في سواد الحلّة ...

٢٧ ـ قصر بني هبيرة : مدينة بناها يزيد بن عمر بن هبيرة لمّا ولي العراق من قبل مروان بن محمّـد الأموي ، وقد أخذت هذه المدينة بالاتساع ، ولمّا آلت الخلافة إلى السفّاح اتخذها عاصمة وسمّاها

 

۱۷۶

الهاشمية ...

٢٨ ـ قنا قيا : هي من قرى الحلّة الجنوبية ، قال الشيخ يوسف كركوش : «لم أعثر على ذكر لها في كتب معاجم البلدان غير أنّ اسمها ورد ببعض الصكوك القديمة ...».

٢٩ ـ القنطرة : ذكرها ابن جبير في رحلته فقال : «نزلنا بقرية تعرف بالقنطرة كثيرة الخصب كبيرة المساحة ...».

٣٠ ـ القِيْلوية : بكسر أوله وسكون ثانيه ولام مضمومة وواو ساكنة ، قرية من نواحي مطير باد قرب النيل ، إليها ينسب أبو علي الحسن بن محمّـد بن إسماعيل القبلوي.

٣١ ـ قوسان : بالضمّ ثمّ السكون وسين مهملة وآخره نون ، كورة كبيرة ، ونهر عليه مدن وقرى ...

٣٢ ـ المباركة : قرية من قرى النيل ، ورد ذكرها عرضاً في كتب التاريخ.

٣٣ ـ المزيدية : هي قرية من قرى الحلّة الجنوبية ، وقد جاء ذكر اسمها عرضاً في تاريخ الغياثي عند هجوم أسبان على الحلّة ، ولا تزال موجودة الآن ، وفي المراصد(١) جاءت بلفظ : مزيد.

أقول :

هي من قرى الحلّة العلمية المشهورة ، وينسب إليها العديد من العلماء والاُدباء ، أمثال الفقيه العلاّمة الشيخ رضي الدين أبي الحسن علي بن أحمد المزيدي من تلامذة العلاّمة الحلّي قدس‌سره.

__________________

(١) مراصد الاطلاع ٣: ١٢٦٦.

           

۱۷۷

٣٤ ـ مطير باد : بلد يقع على النيل ، وهو من أعمال الحلّة ، وتتبعه قرى كثيرة ، وإليها ينسب الشيخ أبو العبّاس أحمد بن علي بن أحمد بن العبّاس النجاشي الأسدي تلميذ الشيخ المفيد ، وهو مصنّف كتاب الرجال ، توفّي في مطير باد في جمادى الأوّل سنة (٤٥٠ هـ) وكان مولده في صفر سنة (٣٧٢ هـ).

أقول :

هي أيضاً من القرى العلمية في الحلّة ، ومن أشهر من ينسب إليها العلاّمة الفقيه الفاضل الشيخ زيد الدين أبو الحسن علي بن أحمد بن طراد المطار آبادي من تلامذة العلاّمة الحلّي قدس‌سره.

٣٥ ـ المشترك : عمل من أعمال الحلّة المزيدية وعدّة قرى ، ينسب إليها علي بن غنيمة بن علي المقرئ ، قدم بغداد وقرأ القرآن بالسبع على الشيخ أبي محمّـد بن علي سبط أبي منصور أحمد الخيّاط وغيره ...

٣٦ ـ المنقوشية : من قرى النيل من أرض بابل.

٣٧ ـ النجيمة : قرية من نواحي النيل بالعراق.

٣٨ ـ نهر الدير : نهر بين فراشا وشطّ النيل من بلد الحلّة.

٣٩ ـ نَرْس : بالفتح ثمّ السكون ، قرية من سواد الحلّة ، وإليها ينسب بعض رجال الأدب والعلم.

٤٠ ـ النورية : قرية من قرى الحلّة ، نزل بها أبو عبـد الله الضرير ، وينسب إليها الحسين بن هدآب بن محمّـد بن ثابت الديري النحوي اللغوي المقرئ الفقيه الشاعر المتفنّن المتوفّى ٥٦٢ هـ.

٤١ ـ النيل : بكسر أوّله بلفظ النيل الذي يصبغ به الثياب ، بلدة تقع

 

۱۷۸

على نهر النيل ، وهو يتفرّع من نهر الفرات العظمى ، احتفره الحجّاج بن يوسف الثقفي سنة ٨٢ هـ ، هو عمود عمل قوسان ، يصبّ فاضله إلى دجلة تحت النعمانية ، كانت بلدة النيل مركز الإمارة المزيدية قبل تأسيس الحلّة ، وكان على نهر النيل أربعمائة قرية آهلة بالسكّان ، والآن لا وجود لهذه القرى ، وكان في وسط بلد النيل من قوسان قنطرة (هاسي) على شطّه محكمة البناء ، ولا تزال بقايا هذه القنطرة ...

أقول :

هي من أشهر القرى العلمية في الحلّة التي أنجبت الكثير من العلماء والاُدباء ممّن ينسبون إليها ، وسيأتي تراجم بعض منهم ضمن فصول بحثنا هذا.

٤٢ ـ واسط : قرية قرب مطير باد قرب حلّة بني مزيد يقال لها : واسط مرزاباد ، منها أبو عبـد الله الواسطي الشاعر ...

أقول :

وممّن ينسب إلى هذه القرية أيضاً الفقيه الفاضل الكامل الشيخ كمال الدين علي بن الحسين بن حمّاد الليثي الواسطي تلميذ السيّد عبـد الكريم بن طاووس قدس‌سره.

٤٣ ـ هِرَقلة : بالكسر ثمّ الفتح ، قرية مشهورة من بلد الحلّة من عمل الصدرين ، وإليها ينسب إسماعيل بن الحسن بن الحسين بن علي الهرقلي الذي خرجت على فخذه توثة ، وكان زميل السيّد علي بن طاووس.

٤٤ ـ اليهودية : قال الرحّالة بنيامين : «وفي بقعة تبعد نحو ميل واحد

 

۱۷۹

من هذه الأطلال (أطلال بابل) يقيم عشرون ألفاً من اليهود ، ولديهم كنيس عتيق البنيان منسوب إلى النبي دانيال يؤمّونه لإقامة الصلاة فيه ، بناؤه من الحجر المهذّب والآجر». قال الشيخ يوسف كركوش معقّباً على كلام صاحب الرحلة : «لم يُسمِّ هذا الرحالة هذه البقعة ، وقد أطلقت عليها اسم اليهودية بالنسبة إلى ساكنيها ، وهم اليهود».

تأسيس مدينة الحلّة :

اتفق المؤرّخون على أنّ تأسيس مدينة الحلّة الفيحاء (الحلّة الحاضرة) وتمصيرها بشكل رسمي وتأسيس وإنشاء مرافق الحياة فيها كان على يد الأمير سيف الدولة صدقة بن منصور المزيدي وذلك عام (٤٩٥ هـ) ، حيث نزل بها وجعلها سكناً لأهله وأصحابه.

قال ابن الأثير في تاريخه(١) عند ذكره لحوادث عام (٤٩٥ هـ) :

«وفيها بنى سيف الدولة صدقة بن مزيد الحلّة بالجامعين وسكنها ، وإنّما كان يسكن هو وآباؤه قبله في البيوت العربية».

وفي معجم البلدان(٢) قال ياقوت الحموي :

«وكان أوّل من عمّرها ونزلها سيف الدولة صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد الأسدي ، وكانت منازل آبائه الدور من النيل ، فلمّا قوي أمره واشتدّ أزره وكثرت أمواله لاشتغال الملوك السلجوقية بركياروق ومحمّـد سنجر أولاد ملك شاه بن ألب أرسلان بما تواتر بينهم من الحروب انتقل إلى الجامعين موضع في غربي الفرات ليبعد عن الطالب ، وذلك في

__________________

(١) الكامل في التاريخ ٨/٢١٤.

(٢) معجم البلدان ٢/٢٩٤.

           

۱۸۰

محرّم سنة (٤٩٥ هـ) ، وكانت أجمة تأوي إليها السباع ، فنزل بها بأهله وعساكره ، وبنى بها المساكن الجليلة والدور الفاخرة ، وتأنّق أصحابه في مثل ذلك ، فصارت ملجأً ، وقد قصدها التجّار ، فصارت أفخر بلاد العراق وأحسنها مدّة حياة سيف الدولة ، فلمّا قُتل بقيت على عمارتها ، فهي اليوم قصبة تلك الكورة ..»

وقال ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب(١) :

«وكان صدقة شيعيّاً ، له محاسن ومكارم وحلم وجود ، ملك العرب بعد أبيه اثنين وعشرين سنة ، وهو الذي اختطّ الحلّة السيفية سنة خمس وتسعين وأربعمائة».

فضل الحلّة في كلام أمير المؤمنين علي عليه‌السلام :

ذكر الشيخ المحدّث عبّاس القمّي في كتابه الكنى والألقاب(٢) فضل مدينة الحلّة قائلاً :

«... وورد عن أمير المؤمنين عليه‌السلام الإخبار بها ومدحها ومدح أهلها ، والرواية كما في إجازات البحار(٣) عن الحاج زين الدين علي ابن الشيخ زين الدين حسن بن مظاهر تلميذ فخر المحقّقين ابن العلاّمة عن مشايخه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام وفي السماء والعالم(٤) عن مجموعة الشهيد بخطّ الشيخ محمّـد الجباعي مُسنداً عن الأصبغ بن نباتة قال : صحبت مولاي أمير

__________________

(١) شذرات الذهب ٤/٢.

(٢) الكنى والألقاب ٢/١٧٢.

(٣) بحار الأنوار ١٠٤/١٧٩.

(٤) بحار الأنوار ٥٧/٢٢٢ ح٥٥.

           

۱۸۱

المؤمنين عليه‌السلامعند وروده إلى صفّين وقد وقف على تلّ يقال له : (تلّ عرير) ثمّ أومى إلى أجمة ما بين بابل والتلّ وقال : مدينة وأي مدينة! فقلت له : يا مولاي أراك تذكر مدينة أكان هاهنا مدينة وانمحت آثارها؟ فقال : لا ، ولكن ستكون مدينة يقال لها : الحلّة السيفية ، يمدّنها رجل من بني أسد ، يظهر بها قوم أخيار لو أقسم أحدهم على الله لأبرَّ قسمهُ».

الإمارة المزيدية في الحلّة :

إنّ الحديث عن الإمارة المزيدية وأمرائها من آل مزيد الأسدي مؤسّسي الحلّة السيفية (الحلّة الحاضرة) هو الحديث عن رجال شجعان بواسل تمتّعوا بخصال حميدة وصفات مجيدة من كرم وجود وسخاء ونبل وشهامة وإغاثة للملهوف وإجارة للخائف وعلم وأدب ورعاية وعناية بالعلم والعلماء ونشر للعدل والأمان بين الرعية ، حتّى أصبحت الحلّة في عهدهم من أفضل البلدان وأفخرها في العالم الإسلامي ، ويحدّثنا المؤرّخون أنّ أوّل أمرائهم هو :

١ ـ الأمير أبو الحسن علي بن مزيد الأسدي :

جاء في تاريخ الحلّة(١) : «كان الأمير أبو الحسن علي بن مزيد رجلاً باسلاً جواداً قويّ الشكيمة عالي الهمّة كبير النفس ، له منزلة في نفوس كبراء الدولة العباسية والبويهية ، وهو أوّل من حاز لقب الإمارة من الأسرة المزيدية ، وقد خاض حروباً كثيرة مع بني عفيف المزيدي أبناء عمومتهم ، منها سنة (٤٠١ هـ) وسنة (٤٠٥ هـ) في الجزيرة الدبيسية والحويزة ، إلى أن قرّر الرحيل عنها إلى ناحية النيل من أرض بابل ... إلى قوله : لمّا ارتحل

__________________

(١) تاريخ الحلّة ١/١٤.

           

۱۸۲

الأمير أبو الحسن المزيدي من أرض ميسان نزل في بلدة النيل واتخذها مركزاً لإمارته وأخذ يسعى لنشر الأمن في إمارته ، فعاش الناس في طمأنينة ... إلى قوله : بقي الأمير أبو الحسن في إمارته حتّى توفّي سنة (٤٠٨ هـ) وخلّفه على الإمارة ولده دبيس».

٢ ـ الأمير دبيس بن علي المزيدي :

جاء في تاريخ الحلّة(١) ليوسف كركوش : «لمّا توفّي أبو الحسن علي خلع سلطان الدولة البويهي على ولده دبيس وأقرّه في أعمال أبيه ولقّبه بـ : نور الدولة ، قام الأمير دبيس بشؤون الإمارة وعمره أربع عشرة سنة ، وكانت مدّة إمارته سبعاً وستين سنة. قال فيه ابن الأثير : (ما زال ممدوحاً في كلّ زمان ، مذكوراً بالتفضّل والإحسان). وكان أبو الحسن علي بن أفلح الشاعر الشهير كاتباً بين يديه في شبيبته ، اهتمّ الأمير دبيس بالأمن في ولايته ، فقوّى جيشه ـ وكان جيشه مؤلّفاً من عرب وأكراد جاوانيّين ـ وجعله على أهبة الاستعداد لمجابهة الطوارئ ، وقد قصده الشعراء ومدحوه ، فأجزل عطاءهم ، ومن هؤلاء الشاعر الشهير مهيار الديلمي ... توفّي الأمير دبيس بن علي في أعماله في النيل عام (٤٧٤ هـ)».

أقول :

ذكرنا ترجمة مفصّلة للأمير دبيس بن علي المزيدي الملقّب نور الدولة في كتابنا المزارات ومراقد العلماء عند ذكر مرقده في الحلّة ، فلا حاجة لأعادتها هنا.

__________________

(١) تاريخ الحلّة ١/١٥.

           

۱۸۳

٣ ـ الأمير بهاء الدولة منصور بن دبيس المزيدي :

قال الشيخ يوسف كركوش في تاريخ الحلّة(١) : «لمّا توفّي الأمير نور الدولة دبيس قام بالإمارة بعده ولده منصور أبو كامل ، كانت ولايته خمس سنين بعد وفاة والده ، ذهب إلى السلطان ملك شاه السلجوقي ، فأقرّه السلطان في عمل أبيه. كان الأمير بهاء الدولة منصور أبو كامل يتحلّى بصفات سامية من شجاعة وكرم وعطف إنساني وذكاء فريد ، درس الأدب فاستفاد من دراسته ، وعانى نظم الشعر حتّى برع فيه».

قال ابن الأثير في الكامل(٢) : «وكان حسن السيرة مكرّماً فاضلاً ، وبرع في ذكائه في الذي استفاده ، وكان قد قرأ على ابن برهان ، وله شعر جيّد في منتهى الحسن ، كقوله :

فإن أنا لم أحمل عظيماً ولم أقُد

لُهاماً ولم أصبر على فعلِ مَعظِمِ

ولم أُجِرِ الجاني وأمنع حوزَهُ

فلست أنادي للفخار وانتمي

توفّي الأمير بهاء الدولة أبو كامل في سنة (٤٧٩ هـ) ، ولمّا علم بوفاته الوزير نظام الملك قال مؤبّناً له : مات أجلّ صاحب عمامة ، وقد أكثر الشعراء في رثائه».

٤ ـ الأمير سيف الدولة صدقة المزيدي مؤسّس الحلّة (ملك العرب) :

إنّ التأريخ من وقائع وأحداث هو أفعال الرجال وأعمالهم التي قاموا بها في حياتهم ، فكانوا مرتبطين بعواقبها ما بلغ بهم الدهر وتقادمت عليهم العصور والأزمنة ، فإن كانت خيراً فهو الفخر الدائم ، وإن كانت (نستجير

__________________

(١) تاريخ الحلّة ١/١٨.

(٢) الكامل في التاريخ ١٠/١٥١ (ذكر وفاة بهاء الدولة).

           

۱۸۴

بالله) شرّاً فهو الخزي والعار الدائم ، وإنَّ من صنف الرجال الأوَل رجال المآثر والمفاخر صاحب الترجمة الأمير سيف الدولة صدقة ابن الأمير بهاء الدولة منصور بن نور الدولة دبيس ابن الأمير أبي الحسن علي بن مزيد الأسدي الناشري الذي كان بحقٍّ أحد فلتات الدهر نُبلا وشهامة ، شجاعاً غيوراً مهاباً وقوراً ، مع أخلاق كريمة وسجايا فاضلة ، لم يزل طوال حياته ملجأ كلّ خائف ومطرود وغوثاً لكلّ ملهوف ، تناول المؤرّخون سيرته وبعض أحواله واثنوا عليه ثناءاً جميلاً يدلّ على علوّ منزلته ورفعة شأنه وحبّ رعيّته والناس له. ولابدَّ لنا هنا أن نتطرّق لذكر بعض أحواله وتأسيسه لمدينة الحلّة الفيحاء.

قال عنه ابن الجوزي في المنتظم(١) :

«صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد أبو الحسن الأسدي الملقّب بسيف الدولة ، كان كريماً ذا ذمام ، عفيفاً من الزنا والفواحش ، كأنّ عليه رقيباً من الصيانة ، ولم يتزوّج على زوجته قطّ ولا تسرّى ، وقيل : إنّه لم يشرب مسكراً ولا سمع غناءً ولا قصد التسوّق في طعام ولا صادر أحداً من أصحابه ، وكان تاريخ العرب والأماجد كرماً ووفاءً ، وكانت داره ببغداد حرم الخائفين».

وذكره ابن الأثير في تاريخه(٢) قائلاً :

«... وكان له من الكتب المنسوبة الخطّ شيء كثير ألوف مجلّدات ، وكان يحسن أن يقرأ ولا يكتب ، وكان جواداً حليماً صدوقاً كثير البرّ والإحسان ، ما برح ملجأ لكلّ ملهوف ، يلقى من يقصده بالبرّ والتفضّل ،

__________________

(١) المنتظم ٩/١٥٩.

(٢) الكامل في التاريخ ٨/٢٤٥ ، احداث عام ٥٠١ هـ.

           

۱۸۵

ويبسط قاصديه ويزورهم ، وكان عادلاً والرعايا معه في أمن ودعة ، وكان عفيفاً لم يتزوّج على امرأته ولا تسرّى عليها ، فما ظنّك بغير هذا! ولم يصادر أحداً من نوّابه ولا أخذهم بإساءة قديمة ، وكان أصحابه يودعون أموالهم في خزانته ويدلّون عليه إدلال الولد على الوالد ، ولم يُسمع برعية أحبّت أميرها كحبّ رعيّته له ، وكان متواضعاً محتملاً يحفظ الأشعار ويبادر إلى النادرة رحمه‌الله ، لقد كان من محاسن الدنيا».

وذكره السمعاني في الأنساب(١) قائلاً :

«قرأت في كتاب سرّ السرور : لمّا خلع (سر خاب) ربقة طاعة السلطان والتجأ إلى صدقة وأجاره كتب إلى السلطان ... إلى قوله : كان (صدقة) الصادق ولا تنفق عنده بضاعة المنافق حسن الخلائق للخلائق ، يهتزّ للشعراء اهتزاز الاعتزاز ويخصّ الشاعر المجيد من جوده بالاختصاص والامتياز ويؤمّنه مدّة عمره من طارق الإعواز ، يُقبِل على الشعراء ويمدّهم بحسن الإصغاء وجزيل العطاء ، لا يخيّب قصد قاصده من ذوي القصائد ويبلغ آمليه أغراضهم والمقاصد ، ولكل ذي فضيلة على طبقته في دستوره اسم بأن يطلق له من خزانته رسم ...».

وقال العماد الأصبهاني في الخريدة(٢) عند ذكر الأمير صدقة :

«ملك العرب من الطبقة الثانية ، كان جليل القدر جميل الذكر ، جزيل الوفر للوفد مُجدّاً في حراسة قانون المجد ، له دار الضيافة التي ينفق عليها الأموال الألوف ويردها ويصدر عنها الضيوف المعروف بإسداء المعروف وإغاثة الملهوف ، من دخل بلده أمن ممّا يخافه ودرَّت لرجائه بجوده

__________________

(١) الأنساب ١/٢٣.

(٢) الخريدة ٤/ق ١/١٦٣.

           

۱۸۶

أخلافهُ ، ولقد كان بلد الحلّة في أيّامه حصناً حصيناً وحمىً من الحوادث مصوناً ، وحوزته لأنواع الخير حائزة وأصحابه بطوالع السعد فائزة ، محطّ رحل الأمل ومخطّ الخطّيّ والأسل ، وغاب الليوث وسحائب الغيوث ، وسماء النجوم ومنزل الجحاجح القروم ، وفلك الملك وملك النسك ، وسلك اللؤلؤ المنضود ومسلك الآلاء والسعود ، ومبرك البركات ومناخ الخيرات ، وصدقة أكرم به بحراً نازلاً على الفرات مبرئاً الساحة من الآفات ، وكان يلتجئ إليه الجاني العظيم الشأن على الخليفة والسلطان فلا تطرقه طوارق الحدثان ، ويقيم عمره في ظلِّه تحت رقدة أمن السرب مشتغلاً بلذّاته عن الأكل والشرب واللهو واللعب ، وكان شديد المحافظة على من يستجيره كثير الحراسة لمن يجيره ، ولم يزل معروفاً بالوفاء يُشيِّد أساسه حتّى بذل في الحفاظ والوفاء رأسه ...».

تولّيه الإمارة :

تولّى الأمير صدقة الإمارة بعد وفاة والده الأمير أبي كامل منصور بن دبيس المزيدي وذلك عام (٤٧٩ هـ). قال الشيخ يوسف كركوش في تاريخ الحلّة(١) : «أرسل إليه السلطان ملك شاه السلجوقي نقيب العلويّين أبا الغنائم يعزّيه بوفاة والده ، ثمّ سار الأمير صدقة إلى السلطان ، ولمّا حضر عنده خلع عليه وأقرّه مكان أبيه».

تأسيسه مدينة الحلّة :

قد أسلفنا القول في تأسيس مدينة الحلّة على يد الأمير سيف الدولة

__________________

(١) تاريخ الحلّة ١/١٩.

           

۱۸۷

صدقة المزيدي في عام (٤٩٥ هـ) ، وهو أوّل من عمَّرها وبنى المساكن وأنشأ مرافق الحياة فيها.

قال الخاقاني في شعراء الحلّة : «كان ثالث أُمراء آل مزيد وأوّل ملك أسّس الحلّة (الحاضرة) ونقل عاصمته من النيل إليها ، فاهتمّ بتمصيرها ووسّع الجيش والمدارس واهتمّ بشؤون العلماء والأُدباء ، فهاجر إليها الكثير من رجال العلم ، فأغدق عليهم العطاء وعيَّن لهم الرواتب ، فنشطت حركة التأليف وراج سوق الأدب ، وبذلك قدّم له الشريف أبو يعلى ابن الهبارية كتاب الصادح والباغم فأجازه عليه ...».

أقول :

توهّم الخاقاني فاعتبر صدقة بن منصور ثالث أمراء آل مزيد ، والصحيح هو رابعهم.

توسيع إمارته :

جاء في المنتظم(١) لابن الجوزي : «... وعمَّر الحلّة وجعل عليها سوراً وخندقاً وأنشأ بساتين وصار الناس يستجيرون به ، فأعطاه المستظهر دار عفيف بدرب فيروز فغرم عليها بضعة عشر ألف دينار ، وتقدّم الخليفة بمخاطبته بـ : ملك العرب ، وكان قد عصى السلطان بركيارق وخطب لمحمّد ، فلمّا ولي محمّـد صار له بذلك جاه عند محمّـد ، وقرّر مع أخيه بركيارق أن لا يعرض لصدقة ، وأقطعه الخليفة الأنبار ودمما والفلّوجة وخلع عليه خلعاً لم تخلع على أمير قبله ، فأعطاه السلطان واسطاً وأذن له في أخذ

__________________

(١) المنتظم ٩/٢٣٥.

           

۱۸۸

البصرة ...».

وجاء في تاريخ الحلّة(١) : «حينما انتقل سيف الدولة إلى عاصمته الجديدة (الحلّة) وخضعت له القبائل الفراتية أخذ يسعى لتوسيع إمارته ، واتّخذ جيشاً منظّماً على أحدث الأساليب التي كانت متبعة في عصره ، وكان قائد جيشه سعيد بن حميد العمري وهو من رجالات خفاجة وكان بارعاً في الأمور الحربية ، كانت إيالته تشمل البصرة وواسط والبطيحة والكوفة وهيت وعنّة وحديثة ، وخضعت له أقوى القبائل العراقية لذلك العهد مثل خفاجة وعقيل وعبادة وقبيلة الجاوان الكردية ، واهتمّ الأمير سيف الدولة بالشؤون الإدارية والعمرانية والثقافية ، رأى أحسن شيء لانتعاش هذه الأمور هو نشر العدل بين رعيته ، كان يحترم العلماء والادباء ويجزل لهم العطاء ، لذا تقاطر إلى الحلّة العلماء والأدباء والشعراء من كلّ حدب وصوب فنمت فيها الروح العلمية والأدبية ، رأى الأمير سيف الدولة صدقة أنّ السلاجقة قد قسموا العراق إلى إقطاعات بين قوّادهم ومحسوبيهم من الأتراك ، وقد أخذ هؤلاء يعيثون فساداً ، فالأمن مفقود والعدل معدوم والناس في بلاء أزل ، الحرية الشخصية ممتهنة والكرامة الإنسانية مهدورة ، لذا أخذ سيف الدولة ينتهز الفرص لتطهير البلاد العراقية من هؤلاء الظلمة الجائرين وإحقاق الحقّ ونشر راية العدل ، عزم على توسيع إمارته».

قال ابن الأثير في تاريخه(٢) (حوادث عام ٤٩٤ هـ) : «... وأرسل إلى الكوفة وطرد عنها النائب بها عن السلطان واستضافها إليه».

__________________

(١) تاريخ الحلّة ١/٢٣.

(٢) الكامل في التاريخ ٨/١٩٨.

           

۱۸۹

وفي حوادث عام (٤٩٦ هـ) قال ابن الأثير(١) :

«... فلمّا أخذ صدقة واسطاً هذه النوبة أصعد في عسكره إلى هيت فخرج إليه منصور بن كثير بن أخي ثروان ومعه جماعة من أصحابه فلقوا سيف الدولة وحاربوه ساعة من النهار ، ثمّ إنّ جماعة من الربعيّين فتحوا لسيف الدولة البلد فدخله أصحابه ، فلمّا رأى ذلك منصور ومن معه سلّموا البلد إليه ، فملكه يوم نزوله وخلع على منصور وجماعة من وجوه أصحابه وعاد إلى حِلَّته واستخلف عليه ابن عمّه ثابت بن كامل».

واستمرَّ ابن الأثير يذكر لنا أنجازاته في توسيع إماراته واستيلائه على مدن أخرى مثل مدينة واسط(٢) واستيلائه على مدينة البصرة(٣). وفي حوادث عام ٥٠٠ هـ قال ابن الأثير في تاريخه(٤) أيضاً : «في هذه السنة في صفر تسلّم الأمير سيف الدولة صدقة بن منصور بن مزيد قلعة تكريت ...».

وتطرّق ابن الأثير(٥) لذكر حادثة وقعت عام ٤٨٩ هـ قائلاً :

«وفيها أغارت خفاجة على بلد سيف الدولة صدقة بن مزيد فأرسل في أثرهم عسكراً مقدّمه ابن عمّه قريش بن بدران بن دبيس بن مزيد ، فأسرته خفاجة وأطلقوه ، وقصدوا مشهد الحسين بن علي عليه‌السلام فتظاهروا فيه بالفساد والمنكر ، فوجّه إليهم صدقة جيشاً فكبسوهم وقتلوا منهم خلقاً كثيراً في المشهد حتّى عند الضريح ...».

__________________

(١) الكامل في التاريخ ٨/٢١٦.

(٢) الكامل في التاريخ ٨/٢٢٢.

(٣) الكامل في التاريخ ٨/٢٣١.

(٤) الكامل في التاريخ ٨/٢٢٧.

(٥) الكامل في التاريخ ٨/١٨١.

           

۱۹۰

مقتل الأمير صدقة بن مزيد :

لا تكاد تغيب عن القارئ والباحث الفطن الأسباب الحقيقية لمقتل الأمير صدقة المزيدي والتي من أهمّها :

١ ـ صفاته النبيلة وشخصيّته الكريمة والتي تمتّعت بخصال نادرة من نبل وشهامة وجود وسخاء وأمان لكلّ خائف ومستجير وإغاثة لكلّ ملهوف وعلى اختلاف ألوانهم وأحوالهم ، ونشر راية العدل بين الرعية وحبّ الناس له ورعايته للعلماء والأدباء وإجزال العطاء لهم ، حتّى تقاطر على بلده الحلّة الفيحاء الكثير من روّاد العلم والفضيلة والذين وجدوا في ظلّه الطمأنينة والاستقرار ، كلّ هذه الصفات والخصال كانت سبباً في تزايد الحاقدين عليه والحاسدين له حتّى من أقرب الناس إليه كابن عمّه ثابت بن سلطان. قال ابن الأثير في تاريخه(١) : «واستأمن ثابت بن سلطان بن دبيس بن علي بن مزيد وهو ابن عمّ صدقة وكان يحسد صدقة».

وممّن يحقد عليه ويبغي له الغوائل أيضاً بعض رجالات الدولة كالوزير العميد أبو جعفر البلخي.

قال ابن الأثير(٢) : «ثمّ أفسد ما بينهما العميد أبو جعفر محمّـد بن الحسين البلخي ، وقال في جملة ما قاله عنه : إنّ صدقة قد عظم أمره وزاد حاله وكثر إدلاله ويبسط في الدولة وحمايته كلّ من يفرّ إليه من عند السلطان وهذا لا تحتمله الملوك لأولادهم ، ولو أرسلت بعض أصحابك لملك بلاده وأمواله ، ثمّ إنّه تعدّى ذلك حتّى طعن في اعتقاده ونسبه وأهل

__________________

(١) الكامل في التاريخ ٨/٢٤٨.

(٢) الكامل في التاريخ ٨/٥٤٥.

           

۱۹۱

بلده إلى مذهب الباطنية ، وكذب وإنّما كان مذهبه التشيَّع لا غير».

وقال ابن الجوزي في المنتظم(١) : «... فأخذ العميد ثقة الملوك أبو جعفر فتاوى فيما يجب على من سبّ الصحابة وكتب المحاضر فيما يجري في بلد ابن مزيد من ترك الصلوات وأنّهم لا يعرفون الجمعة والجماعات ويتظاهرون بالمحرّمات ، فأجاب الفقهاء بأنّه لا يجوز الإغضاء عنهم وأنّ من قاتلهم فله أجر عظيم ...».

٢ ـ والسبب الثاني كما يتناوله بعض المؤرّخين في مقتل الأمير صدقة هو تغيّر حال السلطان محمّـد السلجوقي عليه بعد امتناعه تسليم أحد الأمراء الذين لجؤوا إليه وهو سرخاب بن كيخسرو الديلمي صاحب (ساوه وأبه) والذي كان مُتّهماً باعتناقه مذهب الباطنية ، والباطنية كما قال عنهم ابن الأثير(٢) : «هي فرقة من الإسماعيلية وكانوا قديماً يسمّون القرامطة».

وفي موضع آخر قال ابن الأثير(٣) : «هي فرقة من الإسماعيلية وكانوا قديماً يسمّون القرامطة».

وفي موضع آخر قال ابن الأثير(٤) : «وأمّا سبب قتله فإنّ صدقة كان كما ذكرنا يستجير به كلّ خائف من خليفة وسلطان وغيرهما ، وكان السلطان محمّـد قد سخط على أبي دلف سرخاب بن كيخسرو صاحب ساوه وآبه فهرب منه وقصد صدقة فاستجار به فأجاره فأرسل السلطان يطلب من صدقة أن يسلّمه إلى نوّابه فلم يفعل وأجاب أنّني لا أُمكّن منه بل

__________________

(١) المنتظم ٩/٢٣٥.

(٢) الكامل في التاريخ ٨/٢٠٠.

(٣) الكامل في التاريخ ٨/٢٤٥.

(٤) الكامل في التاريخ ٨/٢٤٥.

           

۱۹۲

أحامي عنه وأقول ما قاله أبو طالب لقريش لمّا طلبوا منه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) :

ونسلمه حتّى نُصرّع حوله

ونذهل عن أبنائنا والحلائل».

أقول :

إنّ تسارع الأحداث الآنفة الذكر بين الأمير صدقة والسلطان أدّى إلى نشوب معركة كبيرة بينهما ـ لا داعي هنا لخوض تفاصيلها ـ أدّت مع الأسف الشديد إلى مقتل الأمير صدقة وأسر ولده دبيس وقائده سعيد بن حميد العمري ، وأُسر فيها أيضاً سرخاب الدليمي الذي كان سبباً في نشوب المعركة.

قتل الأمير صدقة بعد أن تعرّض إلى خيانة وخذلان بعض قبائل العرب في جيشه كقبيلة عبادة وقبيلة خفاجة وذلك عام (٥٠١ هـ) والتي كانت من أهمّ أسباب مقتله ، ولا يُستبعد أن يكون لجوء الأمير سرخاب الدليمي الذي أُسر ولم يقتل إلى صدقة المزيدي إنّما كان خدعة ومكيدة للإيقاع بالأمير صدقة المزيدي الذي لو قُدِّر له الانتصار في هذه المعركة لكان له شأن آخر في خارطة الدولة الإسلامية. وقتل وهو ابن خمسة وخمسين سنة ، وكانت إمارته اثنتين وعشرين سنة غير أيّام ، وحمل فدفن في مشهد الحسين عليه‌السلام(١).

٥ ـ الأمير دبيس بن صدقة :

تسلّم الإمارة بعد مقتل أبيه الأمير صدقة بن منصور المزيدي. قال الشيخ يوسف كركوش في تأريخ الحلّة(٢) :

__________________

(١) المنتظم في تاريخ الملوك والامم ٩/١٥٩.

(٢) تاريخ الحلّة ١/٣٣.

           

۱۹۳

«لمّا أطلق دبيس من الأسر سنة (٥٠١ هـ) بقي عند السلطان محمّـد السلجوقي إلى أن توفّي السلطان وقام بالملك ولده محمود ، فأعاد دبيساً إلى الحلّة في سنة (٥١٢ هـ) لمّا رجع دبيس إلى الحلّة التفّ حوله خلق كثير من الأعراب والأكراد ، كانت مدّة ولايته سبع عشرة سنة. كان الأمير دبيس رجلاً حربيّاً وقائداً محنّكاً بصيراً بفنون الحرب خبيراً بشؤون السياسة في عصره ، وكان على جانب عظيم من الشجاعة والفروسية وقوّة الاعتماد على النفس ، يخوض غمرات الحروب غير هيّاب ولا وجل ، كان قويَّ العارضة ما خاطب إلاّ تأثّر بكلامه ، وكانت تتمثّل فيه شيم العروبة ... إلى قوله : إنّ الأمير دبيس قتل في (١٤ ذي الحجّة سنة ٥٢٩ هـ) من قبل أحد غلمان السلطان مسعود الذي أمر بقتله بصورة غير مباشرة ، ولمّا قتل حمل إلى زوجته كهار خاتون في ماردين ، فدفن بالمشهد عند نجم الدين الغازي والد كهار خاتون».

أقول :

سنذكر شيئاً من سيرة الأمير دبيس بن صدقة ضمن أعلام القرن السادس الهجري ، فلاحظ.

٦ ـ الأمير صدقة بن دبيس الثاني :

هو الأمير صدقة بن دبيس بن صدقة بن منصور المزيدي سادس أمراء آل مزيد الأسدي ، تسلّم الإمارة بعد مقتل أبيه الأمير دبيس وكان إذ ذاك صغير السنّ. قال الشيخ يوسف كركوش في تأريخ الحلّة(١) :

«لمّا وصل إلى الحلّة نبأ قتل السلطان مسعود دبيساً كان ابنه صدقة

__________________

(١) تاريخ الحلّة ١/٤١.

           

۱۹۴

بالحلّة ، فاجتمع إليه عسكر أبيه ومماليكه وكثر جمعه وكان عمر صدقة إذ ذاك أربع عشرة سنة ، وانضم إليه عنترة بن أبي العسكر الكردي الجواني الذي كان قائد جيش أبيه دبيس يدبّر أمر صدقة ويتمّ نقص صباه ، وكان في الحلّة الأمير (قفلغ تكين) من قبل السلطان مسعود ، فاستأمن إلى الأمير صدقة ... إلى قوله : تردّدت الرسل بين السلطان مسعود والأمير صدقة لإيجاد الصفاء بينهما ، ولمّا تمّ وثوق الأمير صدقة من السلطان ذهب إلى بغداد وأصلح حاله معه ، ثمّ إنّ السلطان مسعود زوّج الأمير صدقة بابنته تمسّكاً. قتل الأمير صدقة سنة (٥٣٢ هـ) عندما كان مع عسكر السلطان مسعود ضدّ عسكر الملك داود ، حيث قتل هو وعنتر بن أبي العسكر أسيرين ، قُتلا قصاصاً بالأمير منكر برس الذي قتل في الحرب».

٧ ـ الأمير محمّـد بن دبيس :

هو الأمير محمّـد بن دبيس بن صدقة بن منصور المزيدي سابع أمراء آل مزيد ، تسلّم الإمارة بعد مقتل أخيه الأمير صدقة الثاني ابن دبيس. قال الشيخ يوسف كركوش في تاريخ الحلّة(١) :

«لمّا قتل الأمير صدقة جعل السلطان مسعود إمارة الحلّة لأخيه محمّـد بن دبيس ، وجعل معه مهلهل بن أبي العسكر أخا عنتر يدبّره ، حكم الأمير محمّـد الحلّة من سنة (٥٣٢ هـ) إلى سنة (٥٤٠ هـ) ، وكانت أكثر أيّامه سلمية لم يحدث فيها ما يعكّر صفو الأمن في إمارته ... إلى قوله : كان الأمير علي أخو الأمير محمّـد بن دبيس يطمح في الاستيلاء على ولاية الحلّة وكانت سياسته مقاومة السلاجقة ، فكان يتحيّن الفرص للوصول

__________________

(١) تاريخ الحلّة ١/٤٣.

           

۱۹۵

إلى هدفه هذا. في سنة (٥٤٠ هـ) كان في بغداد ، ولمّا أراد السلطان مسعود الرحيل عن بغداد في هذه السنة أشار عليه مهلهل بن أبي العسكر أن يحبس عليّاً هذا بقلعة تكريت حذراً من حدوث أمور لا تحمد عقباها لأنّ مهلهلاً كان يتوسّـم فيه الطمـوح إلى ولايـة الحلّة ، فلمّا علم علـي بهذه المؤامـرة هرب إلى (الأزيـز) وجمع جمعاً من بني أسـد وغيـرهم وسار إلى الحلّـة واستولـى عليـها ، وكان بها أخـوه محمّـد ، فقاتله ثمّ تخلّى محمّـد عن الحلّـة وملكـها علي».

٨ ـ الأمير علي بن دبيس :

وهو الأمير علي بن دبيس بن صدقة بن منصور المزيدي آخر أُمراء آل مزيد ، استلم الإمارة بعد أن تخلّى عنها أخوه محمّـد بن دبيس. قال عنه الشيخ يوسف كركوش في تاريخ الحلّة(١) :

«كان الأمير علي رجلاً باسلاً عالي الهمّة بصيراً بالأُمور طموحاً إلى المجد ، ولخصال الخير المتوفّرة فيه كان أهل الحلّة يحبّونه ويتعصّبون له ويخوضون غمرات الحروب معه. قال فيه سبط ابن الجوزي في مرآة الزمان حوادث عام ٥٤٥ هـ : كان شيخاً جواداً ، كان وزيره كمال الدين أبو العبّاس أحمد بن رضيّ الدين محمّـد بن علي بن أبي الفضل يحيى الأسدي العلقمي ... إلى قوله : في سنة (٥٤٥ هـ) توفّي الأمير علي بن دبيس ، كانت وفاته بالحلّة. قيل توفّي بالسكتة ، وقيل مات مسموماً ، وقيل مات بعلّة القولنج ، واتّهم طبيبه محمّـد بن صالح فإنّه قصّر في أمره ، ومات طبيبه بعد قليل. وقال ابن الأثير : توفّي بـ : أسدباد.

__________________

(١) تاريخ الحلّة ١/٤٤.

           

۱۹۶

قال الشيخ يوسف كركوش معقّباً : وبوفاته انقرضت الإمارة المزيدية في الحلّة وصارت الحلّة تابعة للعباسيّين مباشرة يرسلون إليها العمّال من قبلهم».

النهضة العلمية في الحلّة وأسبابها :

نشأت في مدينة الحلّة الفيحاء نهضة علمية وأدبية كبيرة ومتميّزة استمرّت لعدّة قرون أخرجت خلالها الجمّ الغفير من العلماء والأُدباء الذين كانوا بحقٍّ روافد فكرية متدفّقة بالعلم والمعرفة ، تاركين وراءهم إرثاً علمياً وأدبياً كبيراً تجاوز المئات من المؤلّفات والمصنّفات في العديد من المعارف والآداب الإسلامية ، ولا يزال بعض هذه المؤلّفات والمصنّفات موضع نظر العلماء ومدار البحث والمناقشة.

قال الخاقاني في شعراء الحلّة(١) وتحت عنوان (رجال الحلّة في التاريخ) :

«وإذا ما حاولنا أن نكتب عن هذا الفصل كما يجب فإنّما نحتاج إلى مجلّدات ضخمة ، فقد نَبَغ فيها رعيل كبير من أئمّة الفقه والدين ، وحازت على زعامة المذهب والدين حقباً طويلة ، كما حصلت على زعامة الأدب أيضاً».

إنّ لهذه النهضة العلمية الكبيرة أسباباً كانت وراء نشوئها واستمرارها لعدّة قرون حصلت خلالها مدينة الحلّة على موقع الصدارة في زعامة المذهب والدين ، ويكاد يتّفق المؤرّخون على أنّ لهذه النهضة أسباب ، هي :

__________________

(١) شعراء الحلّة ١/٢٦.

           

۱۹۷

١ ـ الموقع الجغرافي :

فقد تميّزت أرض الحلّة الفيحاء ومنذ أقدم العصور بميزة الأرض الخصبة والمناخ المعتدل والطبيعة الساحرة الجميلة التي جعلت من هذه الأرض مهداً لاُولى الحضارات في العالم ـ حضارة بابل الشهيرة ـ بقول المسعودي في مروج الذهب(١) واصفاً لإقليم بابل :

«... وذلك لما خُصَّ به هذا الإقليم من كثرة مرافقه واعتدال أرضه وغضارة عيشه ومادّة الوافِدَين إليه ـ وهما دجلة والفرات ـ وعموم الأمن فيه وبُعد الخوف عنه وتوسّطه الأقاليم السبعة ، وقد كانت الأوائل تشبّهه من العالم بالقلب من الجسد ، لأنّ أرضه من إقليم بابل الذي تشعّبت الآراء عن أهله بحكمة الأمور كما يقع ذلك عن القلب ، وبذلك اعتدلت ألوان أهله واقتدرت أجسامهم ، فسلموا من شقرة الروم والصقالبة وسواد الحبشة وغلظ البربر وَمَنْ جفا من الأُمم ، واجتمعت فيهم محاسن جميع الأقطار».

ويقول الشيخ يوسف كركوش في تاريخ الحلّة(٢) :

«ولا أريد أن أصف لك تلك البيئة الفيحاء والجنّة الغنّاء من دماثة التربة واعتدال الجوّ وجمال المناخ وبهجة الطبيعة ، إذ هي أرض بابل ذات الحضارة والمدنيّة العريقتين».

وقال السيّد هادي كمال الدين في فقهاء الفيحاء(٣) :

«... وقد امتازت هذه البلدة الطيّبة الكريمة بعذوبة هوائها ومائها واعتدال مناخها وصفاء سمائها وجمال مناظرها وتوقّد ذكاء ابنائها ما جعلها

__________________

(١) مروج الذهب ٢/٧٠.

(٢) تاريخ الحلّة ٢/٣.

(٣) فقهاء الفيحاء ١/١٩.

           

۱۹۸

خليقة بفخرها ...».

٢ ـ اهتمام أمراء آل مزيد بالعلم والعلماء :

الرعاية العلمية والاهتمام البالغ بالعلم والعلماء من قبل أمراء آل مزيد الأسدي مؤسّسي المدينة والذين كانوا على درجة عالية من كرم الأخلاق وحسن السجايا مع جود وسخاء ونبل وشهامة وعدل بين الرعية وحبٍّ غامر للعلم والأدب ، والذي كان لاهتمامهم هذا أن أجروا الجرايات وعيَّنوا الرواتب للعلماء والأُدباء وأجزلوا لهم العطايا والهبات ومنحوهم الطمأنينة والأمان ، حتّى أزدهر العلم وراج سوق الأدب وتميّزت تلك الفترة بكثرة التأليف والانتاج.

قال الخاقاني في شعراء الحلّة(١) : «ثمّ ساعد ذلك كثرة هجرة العلماء والشعراء إليها ، كما سانده توجيه ذلك الحكم وتأييده للعلم والأدب ، فاشتهر عنهم قول الشعر وكثرة التأليف والإنتاج ، وانفراد أهلها ردحاً من الزمن بحراستهما والتبشير لهما ، ولذلك نبغ فيها المئات من الأعلام».

وفي تاريخ الحلّة(٢) قال الشيخ يوسف كركوش : «ولغرام أولئك الأمراء الكرام بالعلوم والآداب كانوا يدنون منهم مجالس أرباب العلم والأدب وينتشلونهم من مهاوي البؤس والفاقة ويحمونهم من نوائب الزمن وطوارق الحدثان ، لذلك تقاطر إليها العلماء والاُدباء والشعراء ليتمتّعوا بحرّية تامّة وعيشة راضية ، فرسخت فيها الروح العلمية والأدبية حتّى أينعت وأثمرت وجادت بما يستطاب».

__________________

(١) شعراء الحلّة ١/٢٦.

(٢) تاريخ الحلّة ٢/٣.

           

۱۹۹

أقول :

إضافة إلى السببين الآنفي الذكر كان هناك أسباباً أخرى ساعدت على نشوء وازدهار هذه النهضة ، من أهمّها :

٣ ـ الاهتمام بالكتب والمكتبات :

انتقال الكثير من الكتب والمكتبات الكبيرة من بغداد إلى الحلّة عُقيب الحملة المغولية على العراق ، حيث كانت تنقل إلى الحلّة عن طريق التجّار وبأسلوب المقايضة بالمواد الغذائية. قال السيّد هادي كمال الدين في فقهاء الفيحاء(١) : «... وهناك سبب آخر له وثيق الصلة بنتائج تلك الحملة ، وهو أنّ بغداد تعرّضت بسبب تلك الحملة التي تموج بالأهوال إلى مجاعة شديدة اضطرّت سكّان عاصمة العراق إلى مقايضة تجّار الحلّة الكتب النفيسة بالمواد الغذائية ، فانتقلت بسبب ذلك أكثر مكتبات بغداد إلى الحلّة».

أقول :

إنَّ انتقال الكتب من بغداد إلى الحلّة لم يكن فقط عن طريق المقايضة بالمواد الغذائية ، بل نُقل بعضها من خلال هروب بعض العلماء والأُدباء إلى الحلّة إبّان الغزو المغولي والذين كانت بحوزتهم مكتبات تُقدّر بمئات وآلاف المجلّدات ، كالوزير مؤيّد الدين(٢) أبو طالب محمّـد بن

__________________

(١) فقهاء الفيحاء ١/٢٢.

(٢) أقول : نعم هو العلقمي وليس مؤيدالدين القمي وزير الناصر لدين الله العباسي

           

۲۰۰

أحمد العلقمي وزير المستعصم بالله آخر خلفاء بني العبّاس المقتول عام (٦٥٦ هـ).

٤ ـ الفتور الذي ألمّ ببعض المدارس :

من الأسباب المهمّة الأخرى خمول الحركة العلمية في مدينة العلم الكبرى النجف الأشرف بسبب الجمود على فتاوى الشيخ الطوسي قدس‌سره المتوفّى (٤٦٠ هـ) إجلالاً وتقديساً لمكانته العلمية ومنزلته الرفيعة ، ومثل هذا الحدث قد أثّر تأثيراً كبيراً على النشاط العلمي في مدينة النجف وفتور الحركة العلمية فيها ، حتّى أصبح هذا الجمود على فتاوى الشيخ خطراً يهدّد بغلق باب الاجتهاد ، ورغم وجود بعض العلماء الرافضين لهذا الأمر إلاّ أنّهم تهيَّبوا من مناقشة فتاوى الشيخ أو الاعتراض عليها.

يقول الدكتور السيّد حسن الحكيم في كتابه الشيخ الطوسي(١) : «... وقد بقيت آراء الشيخ الطوسي في القضايا الرئيسة الفقهية والاُصولية تتمتّع بنوع من الإكبار لدى الاُصوليّين والفقهاء دهراً طويلاً ، وقد تحاشى العديدون الخروج عليها أو نقضها إلاّ بعد أجيال عدّة ، وقد اتسمت محاولاتهم هذه بالجرأة».

وقد استمرّ هذا الحال حتّى ظهور الإمام المجاهد الشيخ محمّـد بن إدريس الحلّي (٥٤٣ ـ ٥٩٨ هـ) صاحب كتاب السرائر في مدينة الحلّة والذي كان له الأثر الأكبر في تفتيت ذلك الخمول والقضاء على الجمود الفكري الذي أصاب الحوزة العلمية بعد وفاة الشيخ الطوسي قدس‌سره وتقوية

__________________

فهما شخصان وليسا شخصاً واحداً ، انظر تفصيل ذلك في ذيل ترجمة الوزير الشيخ علي بن العلقمي / اعلام القرن السابع.

(١) الشيخ الطوسي: ١٠٥.

           

۲۰۱

مبدأ الاجتهاد والسعي إليه من خلال مناقشة فتاوى الشيخ الطوسي وتعريضها للجرح والتعديل وتمزيق الهالة القدسية المحيطة بها ، وقد ذكر السيّد علي بن طاووس قدس‌سره في كتابه البهجة لثمرة المهجة كما حكاها صاحب روضات الجنّات(١) عند ذكره للشيخ سديد الدين محمود الحمصي قائلاً : «أخبرني جدَّي الصالح ورّام بن أبي فراس قدّس الله روحه أنّ الحمصي حدّثه أنّه لم يبق للإماميّة مُفت على التحقيق ، بل كلّهم حاك».

لذا فقد وجد العلماء وطلاّب المعرفة إضافة إلى الظروف البيئية الجيّدة والرعاية الكبيرة من قبل الأُمراء أنّ لهذه المدينة الطيّبة مرتبة علمية متميّزة تمثّلت بعلمائها وفقهائها الكبار والذين يمكن الاستفادة من علومهم ومعارفهم لنصرة الدين والمذهب. وإن كنّا ذكرنا آنفاً خمول الحركة العلمية في النجف الأقدس إلاّ أنّ هذا لا يعني بأي حال من الأحوال ضمورها أو اندثارها في تلك الفترة بل كانت مستمرّة ومتواصلة مع المدارس العلمية وحوزاتها في البلدان الأخرى ، ولكن ظهور علماء الطائفة الكبار ومراجعها البارزين في الحلّة آنذاك كان سبباً في تقدّم مدرسة الحلّة على مدرسة النجف الأشرف ، ورغم هذا التقدّم فقد بقيت الحركة العلمية في النجف الأشرف مستمرّة ومتواصلة تشير بوضوح إلى أنّها الأساس المتين لهذا البنيان العلمي الشامخ الذي مثّل الفكر الإسلامي بشكل عام والإمامي الجعفري بشكل خاص ، وما باقي المدارس والحوزات العلمية التي نشأت بعدها في مختلف البلدان والمدن إلاّ امتداداً لإشراقات المدارس العلمية في النجف الأشرف ، تلك المدارس التي كانت وما زالت إلى يومنا الحاضر

__________________

(١) روضات الجنات ٧/١٦١.

           

۲۰۲

ينابيع تتدفّق بالعلم والمعرفة لكلّ طالب يسعى إليها ، والله سبحانه العالم.

المؤسّسات العلمية في الحلّة :

عند الاطّلاع على سير العلماء وأحوالهم وما بذلوه من الجهود المضنية والعظيمة في سبيل نشر راية العلم والثقافة ونصرة الدين والعقيدة ، وما كان عليه أُولئك العلماء الكبار من الاهتمام البالغ بطلاّب العلم والمعرفة وسعيهم المتواصل لتوفير الظروف المناسبة لهم والتي من أهمّها تخصيص الأماكن الملائمة لإقامة حلقات الدرس ومجالس البحث والمناظرة لغرض مساعدتهم في اكتساب العلوم والآداب الإسلامية الأخرى ، نجد أنّ هناك بعض المؤرّخين وأصحاب المعاجم الرجالية ممّن أشار إلى تلك الأماكن إشارة عابرة عند ذكرهم لتراجم بعض العلماء والفقهاء ، وفي حقيقة الحال فقد كانت تلك الأماكن تمثّل المؤسّسات لمدرسة الحلّة ، والتي يمكن تقسيمها إلى ما يلي :

١ ـ دُور العلماء :

والتي كانت تمثّل أحد أماكن تدريس الطلبة وإلقاء الدروس عليهم من قبل مشايخهم أصحاب تلك الدور وإقامة مجالس البحث والمناظرة فيها. قال الخوانساري في روضات الجنّات(١) :

«وفي مقدّمات بحار سمِّينا المجلسي(٢) رحمه‌الله ذكر الإسناد إلى كتاب سليم بن قيس الهلالي بهذه الصورة على ما وجد في نسخته رحمه‌الله : أخبرني

__________________

(١) روضات الجنّات ٢/١٨٠.

(٢) هو محمّد باقر المجلسي ، وصاحب روضات الجنّات محمّد باقر الاصبهاني الخوانساري.

           

۲۰۳

الرئيس العفيف أبو البقاء هبة الله بن نما بن علي بن حمدون رضي‌الله‌عنه قراءة عليه بداره بحلّة الجامعين في جمادى الأُولى سنة خمسة وستين وخمسمائة (٥٦٥ هـ) قال : حدّثنا الشيخ العالم ...».

وفي مستدرك الوسائل(١) قال العلاّمة النوري عند ذكره للشيخ الجليل عربي بن مسافر العبادي الحلّي :

«وفي مزار محمّـد ابن المشهدي حدّثنا الشيخ الأجلّ الفقيه العالم أبو محمّـد عربي بن مسافر قراءة عليه بداره بالحلّة السيفية في شهر ربيع الأوّل سنة (٥٧٣ هـ) ...».

٢ ـ الجوامع والمساجد :

والتي يمكن اعتبارها من أماكن البحث والدراسة حيث تلقى فيها الدروس والمحاضرات الدينية ، هذا بالإضافة إلى ما تتمتّع به هذه الأماكن من قدسية وإجلال وما تحمله بين جنباتها من أجواء روحانية وفيوضات إلهيّة تُضفي على الطلبة ومشايخهم الملكات العرفانية وترتقي بهم إلى أعلى مراتب الاستعداد النفسي والفكري لدراسة العلوم والمعارف الإسلامية المختلفة وتدريسها والمساهمة في نشرها ، ويذكر لنا التاريخ أنّ بعض تلك الجوامع والمساجد قد كتب على واجهات جدرانها اسماء بعض العلماء الأعلام ممّن ساهم في نشر العلم والمعرفة وكان له فيه شأن متميّز.

يقول العلاّمة المحقّق محمّـد صادق بحر العلوم في تعليقته على كتاب لؤلؤة البحرين(٢) في ذكر السيّد مجد الدين أبي الفوارس محمّـد الأعرجي :

__________________

(١) مستدرك الوسائل ٣/٤٧٥.

(٢) لؤلؤة البحرين: ١٨٧ الهامش.

           

۲۰۴

«مجد الدين أبو الفوارس محمّـد هو العالم الجليل ، وقد بالغ في الثناء عليه السيّد ضامن بن شدقم في تحفة الأزهار ، قال : واسمه مرقوم في حائر الحسين عليه‌السلام ومساجد الحلّة ، ويقال لولده : بنو الفوارس ...».

٣ ـ المدارس الدينية :

وهي أبنية مهيّأة ومُعدَّة كمدارس دينية ومنشأة لهذه الغاية تُدرَّس فيها مختلف العلوم الدينية وتضمّ العديد من العلماء الكبار والفقهاء الفطاحل الذين يتولّون مهمّة التدريس فيها وإدارة شؤونها ، ومن أمثلة تلك المدارس كما يخبرنا بها بعض المؤرّخين :

أ ـ المدرسة الزينية :

وقد ذُكرت بشكل عابر في ترجمة الشيخ أحمد بن فهد الحلّي. ذكر الخوانساري في روضات الجنّات(١) حاكياً عن بعض الإفادات الملحقة بكتاب السيّد جمال الدين ابن الأعرج العميدي قوله : «أحمد بن محمّـد بن فهد ـ بالفاء المعجمة والدال المهملة بعد الهاء ـ من الرجال المتأخّرين في زماننا هذا ، أحد المدرّسين في المدرسة الزينية في الحلّة السيفية ، من أهل العلم والصلاح ...».

ب ـ المدرسة الشرعية :

وهي أيضاً أحد المدارس التي أشير إليها وورد ذكرها ضمن ترجمة الشيخ أحمد بن فهد الحلّي. جاء في تاريخ الحلّة(٢) ما نصّه : «كانت المدرسة الشرعية في الحلّة تضمّ فئة من رجال العلم والأدب والفلسفة ولم تكن بغداد في ذلك الوقت تضاهيها من هذه الناحية ، فقد هاجر عنها

__________________

(١) روضات الجنات ١/٧٦.

(٢) تاريخ الحلّة ١/١٠٥.

           

۲۰۵

العلماء ورجال الفكر إلى أنحاء أخرى ، وكان أكبر مدرّسي المدرسة الشرعية الشيخ أحمد بن فهد الحلّي ، وقد تخرّج عليه جماعة من العلماء الأفاضل ، منهم عزّ الدين الهابي ، والشيخ عبـد الشفيع بن فيّاض الأسدي الحلّي ...»

وذكر السيّد حسن الصدر في كتابه تكملة أمل الآمل(١) بيوت الدرس قائلاً :

«رأيت بخطّ الشيخ الفقيه الفاضل علي بن فضل الله بن هيكل الحلّي تلميذ أبي العباس بن فهد الحلّي ما صورته : حوادث سنة ٦٣٦ هـ : وفيها عمَّر الشيخ الفقيه العالم نجيب الدين محمّـد بن جعفر بن هبة الله بن نما الحلّي بيوت الدرس إلى جانب المشهد المنسوب إلى صاحب الزمان عليه‌السلامبالحلّة السيفية وأسكنها جماعة من الفقهاء».

أقول :

من المؤسف حقّاً أنّنا لم نجد أكثر من إشارات عابرة لواحدة أو اثنتين من مدارس الحلّة العلمية وبشكل يقتصر على ذكر أسمائها فقط دون التعرّض إلى تفاصيل إنشائها وصفة بنائها كذكر موقعها ومساحتها أو ما هو عدد غرفها وكيف هو رسمها ومن قام بتأسيسها ومن هم أشهر علمائها وما عدد طلاّبها ومن تخرّج منها من المشايخ والأعلام ... إلى غير ذلك من صفاتها وأحوالها ، ومهما يكن فلا يمكننا الاعتقاد أنّه لم تكن في مدينة الحلّة آنذاك غير هاتين المدرستين المذكورتين آنفاً ، لأنّ تلك النهضة العلمية العملاقة والتي امتدّت لقرابة أربعة قرون في هذه المدينة بالذات

__________________

(١) لم نعثر عليه فيه لكن وجدناه في أعيان الشيعة ٩/٢٠٣ نقلاً عن التكملة.

           

۲۰۶

لَهي أعظم وأكبر من أن تحويها فقط هاتان المدرستان ، والله سبحانه العالم.

الاُسَر والبيوت العلمية في الحلّة :

إنّ توفّر الظروف الملائمة لنشوء النهضة العلمية والأدبية في مدينة الحلّة والتي ذكرت آنفاً من طبيعة ساحرة وسلطة عادلة محبّة للعلم والأدب وغيرها من الأسباب قد ساعدت وبصورة مباشرة على ازدهار العلم والمعرفة في هذه المدينة المباركة والتي كان من نتائجها وثمار ازدهارها ظهور بيوت وأسر علمية شريفة نبغ فيها العديد من العلماء الفطاحل والأدباء الأماثل الذين ساهموا مساهمة فاعلة ومتميّزة في بناء وترسيخ مجد مدينة الحلّة العلمي والأدبي والذي استمرّ عالياً وشامخاً لعدّة قرون جعل من مدينة الفيحاء المركز العلمي والأدبي الأهمّ في العالم الإسلامي وقبلة يحجّ إليها روّاد العلم والفضيلة من كلّ حدب وصوب لينهلوا من علومها ويقطفوا من ثمار معارفها وآدابها ، ومن تلك البيوت التي تميّزت بالعلم والمعرفة :

١ ـ آل الأعرج الحسيني :

وهم سادة حسينيّون ينتهي نسبهم إلى جدّهم الأعلى السيّد عبيد الله الأعرج بن الحسين الأصغر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، وهم سادة أجلاّء ونقباء أشراف ، برزت منهم عدّة بيوت ، منها في الحلّة ، ويسمّون بـ : آل أبي الفوارس ، وهو العالم الفقيه مجد الدين أبو الفوارس محمّـد بن فخر الدين علي وهو والد العلاّمة الكبير الفقيه عميد الدين عبـد المطلب الأعرج الحسيني ، وإخوته السيّد ضياء الدين

 

۲۰۷

والسيّد نضام الدين وغيرهم. قال ابن عِنَبة في عمدة الطالب(١) :

«ومنهم الشيخ العالم الشاعر النسّابة الأديب فخر الدين علي بن محمّـد بن أحمد بن علي الأعرج المذكور ، وابناه السيّد الجليل العالم الزاهد مجد الدين أبو الفوارس محمّـد ...».

وقال الشيخ يوسف كركوش في تاريخ الحلّة(٢) بعد ذكرهم معقّباً :

«في هذا البيت نشأ كثير من العلماء والأدباء ورد ذكرهم في مطاوي كتب الإجازات ، مثل جمال الدين أبي طالب محمّـد بن عبـد المطلب ، وابنه المرتضى سعد الدين محمّـد ، والفاضل العلاّمة نظام الدين عبـد الحميد ابن مجد الدين والد غياث الدين عبـد الكريم ، وغيرهم».

٢ ـ آل طاووس :

وهم سادة حسنيّون ينتهي نسبهم الشريف إلى السيّد أبي عبـد الله محمّـد الطاووس ابن إسحاق بن الحسن بن محمّـد بن سليمان بن داود بن الحسن المثّنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، وقد سمّي بالطاووس لحسن وجهه وجماله مع قصر في رجليه ، وآل طاووس سادة أجلاّء قد عجَّت كتب التأريخ والتراجم بسيرتهم لما كانوا عليه من علوّ المنزلة في الدين والدنيا ، فهم نقباء وعلماء فطاحل ، اشتغلوا بالعلوم والآداب وألّفوا وصنّفوا في العديد من العلوم والمعارف الإسلامية والتي لا تزال كتبهم إلى الآن موضع تقديس واحترام لدى العلماء. قال عنهم ابن عِنَبة في عمدة الطالب(٣) :

__________________

(١) عمدة الطالب: ٣٣٢.

(٢) تاريخ الحلّة ٢/٤٤.

(٣) عمدة الطالب ١٩٠.

           

۲۰۸

«ومنهم أبو عبـد الله محمّـد الطاووس ابن إسحاق المذكور ، لقب بذلك لحسن وجهه وجماله ، وولده كانوا بسوراء المدينة ثمّ انتقلوا إلى بغداد والحلّة ، وهم سادات وعلماء ونقباء معظّمون ...».

وقال العلاّمة السيّد محمّـد صادق بحر العلوم في تعليقته على لؤلؤة البحرين(١) عند ذكر آل طاووس :

«آل طاووس من أشرف الاُسر العلمية في الحلّة وشهرتهم واسعة وكانوا بسوراء المدينة ثمّ انتقلوا إلى بغداد والحلّة ، ولقّب جدّهم محمّـد بالطاووس لحسن وجهه وجماله ، وقد نبغ منهم علماء فطاحل هم مفخرة السادات العلويّين ، وألّفوا وصنّفوا ، ولم تزل آثارهم العلمية حتّى الآن محطّ أنظار العلماء والأساتذة».

وقال الخاقاني في شعراء الحلّة(٢) :

«وهناك من الاُسر التي رفعت اسم الحلّة بين المدن وأفاضت عليها سمعة خالدة وصيتاً طائراً آل طاووس الكرام ، تلك الأسرة التي تتابع أفرادها في بثّ العلم وتقوية المذهب ونُصرة الأدب زمناً طويلاً».

٣ ـ آل مُعَيَّة :

وهم سادة حسنيّون ينتهي نسبهم الشريف إلى السيّد أبي القاسم علي المعروف بـ : ابن مُعَيَّة ـ وهي أمّهُ ـ ابن الحسن بن الحسن التج بن إسماعيل الديباج بن إبراهيم الغُمر بن الحسن المثنّى بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام. ومُعَيَّة كما ذكر نسبها ابن عِنَبة في عمدة

__________________

(١) لؤلؤة البحرين: ٢٢٦ الهامش.

(٢) شعراء الحلّة: ٣.

           

۲۰۹

الطالب(١) : «هي مُعَيَّة بنت محمّـد بن حارثة بن معاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة ... ، كوفية ، ينسب إليها ولدها».

قال ابن عِنَبة في العمدة(٢) :

«وإلى بني النقيب أبي منصور الحسن الزكي الثالث ابن النقيب أبي طالب الزكي الثاني ابن أبي منصور الحسن الزكي الأوّل يعرفون ببني مُعَيَّة ذوي جلالة ورئاسة ونقابة وتقدّم».

وفي غاية الاختصار(٣) : «بنو مُعَيَّة بالحلّة فيهم تشيّع زائد إلاّ أنّهم سادة أجلاّء عظماء نقباء متقدّمون ، ذوو بيت جليل عظيم ، أصحاب وجاهة ونباهة ورئاسة ونيابة ونعمة ضخمة ، ما زالوا متقدّمين عند الخلفاء والكبراء ...».

وآل مُعَيَّة الحسنيّون سادة نقباء مُقدّمون أجلاّء وعلماء أعلاج جهابذة كرام ، من أشهرهم السيّد تاج الدين محمّـد بن مُعَيَّة الآتي ترجمته ضمن أعلام القرن الثامن ، وهو تلميذ العلاّمة الحلّي قدس‌سره وشيخ الشهيد الأوّل ، وذكر آل مُعَيَّة في كتب التراجم والأنساب موضعاً للتقديس والاحترام وعنواناً للفضائل والمآثر ، فهم بحقّ أحد مفاخر الدهر والزمان.

٤ ـ آل معد :

ويعرفون أيضاً بـ : آل رافع ، وهم من السادات الموسوية التي سكنت بغداد والحلّة ، ينتهي نسبهم الشريف إلى السيّد رافع بن فضائل بن علي بن حمزة القصير ابن أحمد بن حمزة بن علي الأحول ابن أحمد الأكبر ابن

__________________

(١) عمدة الطالب: ١٦٣.

(٢) عمدة الطالب: ١٦٥.

(٣) غاية الاختصار: ٥٠.

           

۲۱۰

موسى أبي سبحة ابن إبراهيم الأصغر ابن الإمام موسى بن جعفر عليه‌السلام ، ذكر نسبهم هذا ابن عِنَبة في عمدة الطالب(١).

قال مؤلّف كتاب غاية الاختصار(٢) عند ذكره لآل معد الموسوي :

«وأمّا آل معد فهم أجدادي لأمّي ، ولمّا مات الشريف معد صُلّي عليه بالنظامية ودفن بالحائر. قال : ورثاه السيّد شمس الدين فخار بن معد بن فخار العلوي النسابة بقوله :

أبا جعفر إمّا ثويت فقد ثوى

بمثواك علم الدين والحزم والفهم

سيبكيك حلّ المشكل الصعب حلّه

بشجو ويبكيك البلاغة والعلم»

أقول :

ومن أشهر علماء آل معد الموسوي هو الفقيه صفي الدين أبو جعفر محمّـد بن معد بن علي بن رافع الموسوي الذي كان منبعاً للعلم والفضيلة وعلماً من أعلام الزهد والتقى رضوان الله عليه.

٥ ـ آل فخار :

وهو بيت من أشرف البيوت العلوية ، ضمّ بين أركانه أبهى وأسمى صور العلم والفضيلة ، وتميَّز بإنجابه العديد من العلماء والأُدباء الكبار الذين تناولت كتب التاريخ والتراجم سيرتهم المعطَّرة وأشادت بهم وبآثارهم الجليلة الخالدة ، وقد ذُكر نسبهم الشريف في كتب الأنساب والتراجم محاطاً بهالات التقديس والاحترام لذلك الفرع النامي من الشجرة العلوية المباركة ، وينتهي نسب جدّهم فخار إلى الامام موسى الكاظم عليه‌السلام ، وهو

__________________

(١) عمدة الطالب: ٢١٣.

(٢) غاية الاختصار: ٨٢.

           

۲۱۱

كما ذكره ابن عِنَبة في عمدة الطالب(١) : «فخار بن أحمد بن محمّـد بن أبي الغنائم محمّـد بن الحسين شيتي ابن محمّـد الحائري ابن إبراهيم المجاب ابن محمّـد العابد ابن موسى الكاظم عليه‌السلام ، وهم من سكنة مدينة الحلّة ، وتلقّبهم بالحائري جاء من لقب جدّهم محمّـد الحائري ابن إبراهيم المجاب».

جاء في غاية الاختصار(٢) : «وبيت فخار في الحلّة ، ومنهم شمس الدين النسّابة السيّد الفاضل الدَيِّن الفقيه الأديب الشاعر المؤرّخ ...».

من أشهر علماء هذا البيت الجليل السيّد السعيد شمس الدين فخار بن معد بن فخار الموسوي. قال صاحب لؤلؤة البحرين(٣) عند ذكره إجازة الشيخ نجم الدين طمان بن أحمد قول الشيخ شمس الدين محمّـد بن صالح عند ذكره لشيخه السيّد فخار بن معد : «إنّه قرأ عليه سنة (٦٣٠ هـ) بداره بالحلّة ...».

٦ ـ آل عبـد الحميد النيلي :

وهم من البيوت العلوية العريقة التي سكنت الحلّة والنجف الأشرف ، ينتهي نسبهم إلى نقيب العراق السيّد نجم الدين أُسامة ابن النقيب شمس الدين أحمد ابن النقيب أبي الحسن علي الحسيني من ولد زيد الشهيد. والسيّد عبـد الحميد جدّ هذه الأسرة هو العلم الفقيه النسّابة نقيب المشهد الغروي والكوفة أبو علي جلال الدين عبـد الحميد بن محمّـد بن

__________________

(١) عمدة الطالب: ٢١٦.

(٢) غاية الاختصار: ٨٨.

(٣) لؤلؤة البحرين: ٢٠٦.

           

۲۱۲

عبـد الحميد بن عبـد الله التقي بن نجم الدين أُسامة.

قال ابن عِنَبة في عمدة الطالب(١) : «أمّا أبو طالب محمّـد بن عبـد الحميد بن التقي فأعقب من ابنه أبي علي جلال الدين عبـد الحميد نقيب المشهد والكوفة ، وكان عالماً فاضلاً نسّابة ، توفّي سنة ستة وستين وستمائة (٦٦٦ هـ)».

ومن رجال هذه الأسرة المباركة أيضاً السيّد العالم غياث الدين عبـد الكريم النيلي بن محمّـد بن عبـد الحميد المقتول بيد قطّاع الطرق والذي كانت له صداقة حميمة مع الشاعر الشهير صفي الدين الحلّي رحمهم الله تعالى.

٧ ـ آل الأخرس :

وهي من الأسر العلوية العريقة التي سكنت الحلّة والنجف ، ينتهي نسبها الشريف إلى السيّد الحسن بركة ابن السيّد أبي الطيّب أحمد بن أبي علي الحسن بن محمّـد الحائري ابن إبراهيم المجاب ابن محمّـد العابد ابن الإمام موسى بن جعفر عليهما‌السلام ، وهذه الأسرة المباركة تعرف اليوم بأسرة السادة آل الخرسان الموسوي ، وهي من البيوت العلمية المشهورة والتي أنجبت العديد من العلماء الأعلام والمفكرِّين الكرام والتي لا تزال إلى الآن شجرة مخضرَّة الأكناف وارفة الظلال كثيرة الأثمار ثمار العلم والفضيلة. قال عنهم ابن عِنَبة في عمدة الطالب(٢) :

«... والحسن بركة بن أبي الطيّب هو جدّ (آل الأخرس) بالحلّة ، والأخرس هو أبو الفتح بن أبي محمّـد بن إبراهيم بن أبي الفتيان بن

__________________

(١) عمدة الطالب: ٢٧٧.

(٢) عمدة الطالب: ٢١٨.

           

۲۱۳

عبـد الله بن الحسن بركة ، منهم الفقيه شمس الدين محمّـد بن أحمد بن علي بن محمّـد بن أبي الفتح الأخرس وقومه ...».

٨ ـ آل معصوم :

وهي من الأسر العلوية الشريفة التي ينتهي نسبها إلى الإمام موسى الكاظم عليه‌السلام ، وهم بنو عم آل الأخرس. قال ابن عِنَبة(١) : «ومعصوم بن أبي الطيب هو جدّ (آل معصوم) بالحلّة والحائر».

٩ ـ آل بطريق :

وهم من أعلام الأسر العلمية في الحلّة ، أنجبت عدداً من العلماء الأفذاذ الذين ورد ذكرهم في كتب المعاجم الرجالية تاركين وراءهم آثاراً علمية وأدبية خلَّدت سيرتهم وأعمالهم على مدى التاريخ ، وهذه الأسرة تنتمي في نسبها إلى قبيلة بني أسد بن خزيمة وهي من القبائل العربية الكبيرة. جاء في سبائك الذهب(٢) :

«فبنو أسد حيّ من بني خزيمة ، قال في العبر : وهم بطن متّسع ذو بطون ، قال : وبلادهم ممّا يلي الكرج من أرض نجد في مجاورة طي ، قال : ويقال : إنّ بلاد طي كانت لبني أسد ...».

وبنو أسد من القبائل الشهيرة والتي سكن بعض منها أرض العراق كمدينة الحلّة وغيرها وإنّ آل مزيد الناشري أمراء الحلّة هم من بطون بني أسد ، وينتمي إلى هذه القبيلة العديد من البيوت والأسر العلمية التي أنجبت الكثير من رجال العلم والأدب وحازوا فضائل العلم والمعرفة مع كرم الأخلاق وحسن السجايا ، ومن بين هذه البيوت آل بطريق الأسدي الحلّي.

__________________

(١) عمدة الطالب: ٢١٨.

(٢) سبائك الذهب: ٦٠.

           

۲۱۴

قال السيّد حسن الصدر في كتابه تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام(١) عند ذكره للشيخ علي يحيى بن بطريق :

«آل بطريق بيت جليل بالحلّة من الشيعة الإمامية ، بيت علم وفضل وأدب ، تقدّم ذكر بعضهم ، منهم محمّـد بن يحيى بن البطريق ...».

ومن أشهر علمائهم الشيخ الفقيه أبو الحسين يحيى بن الحسن بن الحسين بن البطريق الحلّي صاحب كتاب العمدة والخصائص وغيره.

قال الشيخ عباس القمّي في الكنى والألقاب(٢) : «البِطريق ـ ككِبريت ـ القائد من قوّاد الروم تحت يده عشرة آلاف رجل».

١٠ ـ آل سعيد الهذلي :

وهم من بيوت العلم الشهيرة في مدينة الحلّة ، أنجبت الكثير من العلماء والفقهاء الكبار والذين من أشهرهم وأكبرهم شأناً الشيخ الجليل السعيد أبو القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الهذلي الحلّي المعروف بـ : المحقّق الحلّي صاحب كتاب شرائع الإسلام وغيره من كتب الفقه والاُصول.

وبنو هذيل هم من القبائل العربية التي استوطنت قديماً شبه الجزيرة العربية ثمَّ نزحت عنها وتفرّقت في البلدان والأقطار والتي منها أرض العراق وبلاد الرافدين. جاء في سبائك الذهب(٣) عند ذكر هذيل بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد ، قال السويدي البغدادي معقّباً : «وبنو هذيل هذا بطن من خندف من مصر ...».

__________________

(١) تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام: ١٢٩.

(٢) الكنى والألقاب ١/٢٢٧.

(٣) سبائك الذهب: ٢٣.

           

۲۱۵

قال الشيخ يوسف في تاريخ الحلّة(١) : «أسرة آل سعيد أسرة ذات علم وفضل ونبل وأدب وأخلاق فاضلة وسجايا كريمة ، حازت من الشرف والسؤدد والنفوذ الروحي أكثر ممّا حازته أسرة آل نما ، وقد جعلت نفسها وقفاً على التأليف والتدريس لإذكاء نور المعرفة بين أبناء قومهم ، فزخرت بحار معارفهم وأشرقت شموس علومهم وفاضت ينابيع أدبهم».

١١ ـ آل مزيد الأسدي :

وهم من فروع بني أسد بن خزيمة التي سكنت الحلّة بعد نزوحها من مناطق الفرات الأدنى.

حيث كانت خلال القرن الرابع الهجري تقع بين البصرة وواسط والأهواز.

ويعرفون بآل مزيد الناشري نسبة إلى جدّهم مزيد الناشري الأسدي ، وهم من البيوت الجليلة التي أنجبت أمراء آل مزيد مؤسّسي الحلّة وما كانوا عليه من الصفات الحميدة والأخلاق الكريمة ، وقد ذكرنا نسبهم وبعض أحوالهم آنفاً. وقد برز أيضاً من هذه الأسرة علماء وأدباء كرام ساهموا في بناء النهضة العلمية في الحلّة ، منهم الشيخ الفقيه رضي الدين علي ابن الشيخ جمال الدين أحمد المزيدي ، والأمير الشاعر مزيد بن صفوان المزيدي ، وغيرهم.

قال الشيخ يوسف كركوش في تاريخ الحلّة(٢) عند ذكره لبني مزيد الأسدي :

«هم أمراء الحلّة ومؤسّسوها ، نبغ فيهم جماعة في قيادة الجيوش

__________________

(١) تاريخ الحلّة ٢/١٩.

(٢) تاريخ الحلّة ٢/٩.

           

۲۱۶

وسياسة الملك وفي الأدب والعلوم ، وبقي اسم هذه الأسرة لامعاً حتّى أواخر القرن التاسع الهجري ثمّ اختفى ذكرهم ودخلوا في غمار الناس».

وقال الخاقاني في شعراء الحلّة(١) عند ذكر أمراء الحلّة من آل مزيد :

«تُحدّثنا كتب الأنساب أنّ أسداً بطن من مضر ، وهم الذين عرفوا بالمكارم والشجاعة ، وقد كان لهم مقام مرموق بين القبائل قبل الإسلام وبعده ، ونبغ من هذه القبيلة كثير من الأعلام في الشجاعة والعلم والوفاء ممّا ركّز اسمها بين العرب ..».

١٢ ـ آل المُطهَّر :

وهم من أشهر البيوت العلمية في الحلّة والتي ينتهي نسبها إلى قبيلة بني أسد أيضاً ، وتُعدّ هذه الأسرة من الأسر العلمية المتخمة بالعلماء الأعلام وشجرة مورقة كثيرة الأغصان وافرة الثمار ثمار العلم والفضيلة ، امتدّت جذورها المباركة عميقاً في مجد الاُمّة الإسلامية عموماً ومدينة الحلّة خصوصاً بما أنجبت من كبار العلماء والفقهاء والذين يقف في مقدّمتهم الشيخ الأوحد الأفضل جمال الملّة والحقّ والدين آية الله في العالمين الحسن بن يوسف بن علي بن مُطهَّر الحلّي الشهير بـ : العلاّمة الحلّي قدس‌سره ، وكذلك والده الشيخ الفقيه سديد الدين يوسف بن المطهَّر ، وغيرهم كثير ، رضوان الله عليهم.

١٣ ـ آل نما :

وهم من بيوت العلم العريقة التي ارتبط باسمها مجد الحلّة العلمي وأصبح رجالها من علماء وأدباء عناوين بارزة للنهضة العلمية واستمرار

__________________

(١) شعراء الحلّة ١/١٥.

           

۲۱۷

تطوّرها في الحلّة ، وقد تميّزت هذه الأسرة بإنجابها للعديد من العلماء الفقهاء ورجال الفكر والأدب ، وقد تقلَّد عدداً منهم الزعامة الدينية والروحية للمذهب الإمامي في عصرهم ، ويرجع نسب هذا البيت الجليل إلى جدِّهم الفقيه الفاضل الرئيس أبو البقاء هبة الله بن نما بن علي بن حمدون الربعي ، ومن مشاهير علمائهم رئيس الطائفة في وقته الشيخ نجيب الدين محمّـد بن جعفر بن هبة الله بن نما ، وكذلك ولده الشيخ نجم الدين جعفر بن محمّـد بن نما صاحب كتاب مثير الأحزان ، وغيرهم.

قال السيّد محمّـد صادق بحر العلوم في تعليقته على لؤلؤة البحرين(١) : «اشتهر آل نما الربعي بالفضل والأدب والزعامة العلمية في الحلّة وخدموا العلم أيّاماً طوالاً ، نبغ منهم أفراد لا يستهان بهم ، وتخرّج عليهم الكثير من العلماء الأفاضل خدموا العلم والأدب ، وكان عصر جدّهم (نما) عصر الشيخ أبي علي ابن الشيخ الطوسي رحمه‌الله كما ذكره صاحب روضات الجنّات. ونما مثلّث النون ومخفّف الميم بعدها الألف ، وهو ابن علي بن حمدون الربعي الأسدي».

١٤ ـ آل وشاح :

وهي أسرة أسدية النسب سكنت الحلّة السيفية وضمَّت عدداً من العلماء الأخيار والأدباء المرموقين الكبار ، من أشهر رموزها العلمية والأدبية الفقيه العالم والأديب الشاعر الشيخ شمس الملّة والدين محفوظ بن وشاح بن محمّـد الحلّي الذي كان من كبار تلامذة المحقّق الحلّي صاحب الشرائع والذي كانت تربطه به علاقة أخوية حميمة ، ونشأت من نسل هذا

__________________

(١) لؤلؤة البحرين: ٢٧٢ الهامش.

           

۲۱۸

الشيخ الجليل أسرة جليلة أنجبت العديد من الأعلام وذوي الفضيلة يعرفون بآل محفوظ.

قال السيّد حسن الصدر في تكملة أمل الآمل(١) :

«... واعلم أنّ هذا الشيخ أبو طائفة كبيرة بالهرمل يعرفون بـ : آل محفوظ وبني وشاح ، خرج منها علماء أجلاّء رؤساء نبلاء ، وهو غير محفوظ بن عزيزة بن وشاح السورائي والد الشيخ سديد الدين سالم بن محفوظ بن عزيزة الحلّي استاذ المحقّق نجم الدين في علم الكلام الذي قرأ عليه كتابه المنهاج في علم الكلام ، فلا تتوهّم الاتحاد ...».

التلاقح العلمي بين مدينة الحلّة ومدن العالم الإسلامي :

إنّ من عوامل انتشار العلوم والمعارف الإسلامية المختلفة هو حدوث التلاقح العلمي بين المدن والبلدان والذي قد يحصل بين مدينتين أو أكثر ، ويمكننا تعريف هذا التلاقح بأنّه عبارة عن نشر العلوم والمعارف الإسلامية المختلفة وحصول التبادل الفكري العلمي منه والأدبي بين علماء مدينتين أو أكثر ، علماً أنّ هذا التلاقح يتمّ إمّا من خلال منح الإجازات العلمية للطلبة من قبل مشايخهم وعلى اختلاف أصولهم وأماكن سكناهم ، أو من خلال ارتباطهم بحلقات البحث والتدريس والمناظرة إمّا بصفة طلاّب علم أو بصفة مشايخ لهؤلاء الطلبة ، وقد يفضي الأمر في بعض الاحيان إلى بقاء العديد منهم في تلك المدن واستقرارهم فيها خدمة للعلم والدين ، وفي غالب الأحيان نجد أنّ الاستقرار الفعلي لهؤلاء العلماء يكون في المدن التي تتميّز بالصدارة العلمية والفكرية كمدينة النجف الأشرف ومدينة قم

__________________

(١) تكملة أمل الآمل: ٣٣١.

           

۲۱۹

المقدّسة والتي لا تزال كلّ منها من حواضر العلم الكبرى. ويمكن القول : إنّ مدينة الحلّة الفيحاء مدينة العلم والعلماء كانت من نتائج التلاقح العلمي والتقارب الجغرافي مع مدينة النجف الأشرف ومثالاً نموذجياً لهذا التلاقح.

يقول الشيخ يوسف كركوش في تاريخ الحلّة(١) :

«قد يسأل سائل : إنّ العلم دخل الحلّة من أي مدينة؟ وما علاقة تلك المدينة بالحلّة؟

أقول [أي قول الشيخ يوسف كركوش] : لمّا كان أُمراء هذه المدينة على ما أسلفت في الأمر الأوّل أمَّها الناس من كلّ حدب وصوب ، ولكن كانت النجف أكثر علاقة بها من غيرها ، وكان فيها يومئذ تلامذة الشيخ الطوسي الذي غادر بغداد سنة (٤٤٨ هـ) ـ بعد أن أحرق (طغرل بك) السلجوقي مكتبته وكرسي تدريسه ـ واستوطن النجف وبقي فيها يدرّس إلى أن توفّي سنة (٤٦٠ هـ) فقام تلامذته مقامه ، فلمّا مصَّر الأمير سيف الدولة الحلّة واتخذها مركزاً لأعماله قويت الرابطة بين البلدتين وامتدّت أعناق النجفيّين إليه وعلّقوا عليه الآمال ليحيوا ما اندثر من نفوذهم وما كان لهم في عهد آل بويه من الحرّية التامّة في التعبير عن آرائهم».

وتأييداً لما ذكره الشيخ يوسف كركوش وبعض المؤرّخين من قوّة الروابط العلمية بين مدينتي الحلّة والنجف يمكننا أن نستنتج أنّ تلك الروابط كانت بلا شكّ تمثّل الصورة الأبهى للتلاقح العلمي بين المدينتين والذي ظهر في بادئ أمره بعد انتقال الشيخ الطوسي قدس‌سره من بغداد إلى النجف الأشرف وانشغاله بالبحث والتدريس وانحدار طلبة العلم إليه من كلّ

__________________

(١) تاريخ الحلّة ٢/٤.

           

۲۲۰

حدب وصوب ومن ثمّ وفاته عام (٤٦٠ هـ) وقيام بعض تلامذته الأعلام ومنهم ولده الأفضل الأكمل أبو علي الحسن بن محمّـد بن الحسن الطوسي الملقّب بالمفيد مقام والده شيخ الطائفة قدس‌سره. وتلمّذ العديد من أساطين العلماء على يديه ممّن أصبحوا فيما بعد مشايخ الإجازة والرواية لعلماء الإسلام وبما فيهم علماء الحلّة الفيحاء ، كأمثال الشيخ الفقيه الياس بن هشام الحائري تلميذ أبي علي الطوسي ومن مشايخ الفقيه الفاضل الشيخ عربي بن مسافر العبادي الحلّي ، وكذلك الشيخ يحيى بن بطريق الأسدي الحلّي الذي يروي عن الشيخ الفقيه عماد الدين أبي جعفر محمّـد بن أبي القاسم علي الطبري الآملي الكجي صاحب كتاب بشارة المصطفى الذي يروي هو بدوره عن الشيخ العالم أبي علي الحسن بن محمّـد الطوسي ، وكذلك الشيخ أبو عبـد الله الحسين بن أحمد بن طحال تلميذ الشيخ أبي علي الطوسي وفي نفس الوقت هو من مشايخ الشيخ الفقيه أبي البقاء هبة الله بن نما الحلّي ، وغيرهم كثير ، وهي دلائل واضحة على حصول التلاقح العلمي والتبادل الفكري بينهم ، إضافة إلى الإجازات العلمية الممنوحة من قبل أولئك العلماء لبعض طلبتهم والمدوّنة في كتبهم ورسائلهم.

وبالإضافة لما سبق من أنّ مدينة النجف الأشرف كانت تشكّل الرصيد الأكبر للتلاقح العلمي بينها وبين الحلّة إلاّ أنّ ذلك لا يمنع من وجود روابط علمية أخرى مع بعض المدن كمدينة بغداد عاصمة الخلافة العبّاسية وغيرها ممّن ساهمت في تطوّر وازدهار الحركة العلمية والأدبية في مدينة الحلّة وبلوغها مركز الصدارة والزعامة الدينية لفترة طويلة ، وقد تمّ ذلك من خلال حصول التلاقح العلمي بينها كمركز إشعاع فكري متميّز وبين مدن العالم الإسلامي الاُخرى ، ولتوضيح هذا التلاقح ونتائجه نذكر بعض هذه المدن

 

۲۲۱

وبعض أعلامها الذين ساعدوا في حصول هذا التلاقح المتميز وكما يلي :

١ ـ آبه أو آوه :

وهي بلدة من توابع بلاد إيران ، من أعلامها الشيخ الجليل عز الدين الحسن الآبي تلميذ المحقّق الحلّي. قال الشيخ عبّاس القمّي في الكنى والألقاب(١) :

«الآبي عزّ الدين الحسن بن أبي طالب اليوسفي المعروف بالفاضل الآبي وابن زينب ، عالم فاضل محقّق فقيه قويّ الفقاهة شارح فائق وتلميذ المحقّق ، شهرته دون فضله ... إلى قوله : والآبي نسبة إلى آبَه كساوَه ـ ويقال لها أيضاً : آوه ـ بُليدة من توابع قم رديفها المذكور ، وأهلها شيعة من زمان الأئمّة عليهم‌السلام ...».

وقال ياقوت الحموي في معجم البلدان(٢) :

«آبه قرية من قرى ساوة ، منها جرير بن عبـد الحميد الآبي ، وآبه بليدة تقابل ساوه تعرف بين العامّة بآوه ، وأهلها شيعة ... وهي اليوم قرية من قرى قم واقعة بين قزوين وساوه».

٢ ـ إربل :

جاء في وفيات الأعيان(٣) : «هذه النسبة إلى إربل ، وهي مدينة كبيرة بالقرب من الموصل من جهتها الشرقية». وذكر الخوانساري في روضات الجنات(٤) قائلاً :

__________________

(١) الكنى والالقاب ٢/٢.

(٢) معجم البلدان ١/٥٣.

(٣) وفيات الأعيان ١/١٨٧.

(٤) روضات الجنّات ٤/٣٤١.

           

۲۲۲

«... وأمّا الإربلي فهي نسبة إلى إربل على وزن دعبل ... وقيل : إنّها مدينة محدثة من بلادها ، واسطة بين مدائن كسرى والموصل ، ومنها إلى الموصل يومان خفيفان ...».

نبغ في هذه المدينة العديد من العلماء والأدباء ، من أشهرهم الشيخ الجليل علي بن عيسى الإربلي صاحب كتاب كشف الغمّة ، وهو ممّن تلمَّذ على السيّد العابد علي بن موسى بن طاووس قدس‌سره.

٣ ـ آمُل :

قال ياقوت الحموي في معجم البلدان(١) : «مدينة في طبرستان وهي قصبتها».

وقد انتسب لهذه المدينة العديد من الأعلام ، منهم السيّد حيدر الآملي تلميذ فخر المحقّقين الحلّي ، وكذلك من أعلامها الشيخ تقي الدين إبراهيم بن الحسين بن علي الآملي تلميذ العلاّمة الحلّي قدس‌سره ، هكذا ذكره السيّد محمّـد صادق بحر العلوم عند تقديمه لكتاب رجال العلاّمة الحلّي(٢).

٤ ـ أصفهان :

وهي من المدن الكبيرة في بلاد إيران ، ينتسب إليها الكثير من أهل العلم والأدب ، منهم الشيخ أبو السعادات أسعد بن عبـد القاهر ، قال عنه الحرّ العاملي في أمل الآمل(٣) : «الشيخ أسعد بن عبـد القاهر بن أسعد الأصفهاني أبو السعادات ، كان عالماً فاضلاً محقّقاً ، له كتب ، منها : رشح

__________________

(١) معجم البلدان: ١٧.

(٢) رجال العلاّمة الحلّي: ١٧.

(٣) أمل الآمل ٢/٣٣.

           

۲۲۳

الولاء في شرح الدعاء ، وكتاب توجيه السؤالات في حلّ الإشكالات ... إلى قوله : يروي عنه السيّد علي بن موسى بن طاووس ، وقرأ عنده المحقّق نصير الدين الطوسي وميثم بن علي البحراني».

٥ ـ البحرين :

وهي لا تحتاج إلى تعريف لشهرتها ، ينتمي لها الجمّ الغفير من الاُسر والعلماء الأعلام ، من مشاهيرهم الشيخ الفيلسوف ميثم بن علي البحراني ، وكذلك الشيخ ابن المتوّج البحراني. قال الحرّ العاملي في أمل الآمل(١) : «الشيخ أحمد بن عبـد الله بن متوّج البحراني ، عالم فاضل أديب شاعر عابد ، له رسالة سمّاها كفاية الطالبين ، وله شعر كثير ، قرأ على الشيخ فخر الدين ابن العلاّمة وروى عنه».

٦ ـ بغداد :

وهي لا تحتاج إلى تعريف لشهرتها المطبقة ، من أعلامها السيّد العالم الشاعر صفيّ الدين محمّـد بن الحسن بن أبي الرضا العلوي البغدادي ، وهو من مشايخ السيّد تاج الدين محمّـد بن مُعَيَّة الحسني الذي يروي عنه.

للبحث صلة ...

__________________

(١) أمل الآمل ٢/١٦.

           

۲۲۴

فهرس مخطوطات

مكتبة أمير المؤمنين عليه‌السلام العامّـة

النجف الأشرف

(٢٣)

السـيّد عبـد العزيز الطباطبائي قدس‌سره

(١٣٤٤)

قاطعة اللجاج

للمحقّق الكركي الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي العاملي المتوفّى سنة ٩٤٠ فرغ منها وسط نهار الاثنين تقريباً الحادي والعشرين من شهر ربيع الثاني سنة ٩١٦.

نسخة بخطّ عبد الواحد بن عبد الرحيم بن داود الاسترابادي فرغ منها ٢٥ رجب سنة ٩٦٤ وبآخرها بخطّه ما نصّه : بلغت المقابلة بحسب الجهد والطاقة بنسخة مصحّحة قد قوبلت بنسخة مؤلّفها قدس الله روحه بآخر مجموعة من مؤلّفات المحقّق الكركي كلّها بخطّ هذا الكاتب.

أوّلها : حاشيته على المختصر النافع رقم المجموعة ١٩٦٨ والكتاب يبدأ من الورقة ١٩٦ ب للنهاية وهي ٢١٤ ورقة.

(١٣٤٥)

قاعدة الفراغ والتجاوز وأصالة الصحّـة

للعلاّمة الفقيه المحقّق الشيخ محمّـد حسين الغروي الأصفهاني

 

۲۲۵

المتوفّى سنة ١٣٦١.

أوّله : (بعد الحمد لله والصلاة على نبيه محمّـد وآله المعصومين فائدة في بيان قاعدة التجاوز وقاعدة الفراغ وأصالة الصحّة والكلام يقع في مقامين أحدهما في قاعدة التجاوز والفراغ وثانيهما في أصالة الصحّة).

آخره : (وهذا البناء العملي هو الممضى شرعاً).

نسخة الأصل بخطّ يد المؤلّف النسخ الجميل في ١٥ ورقة وبعده قاعدة اليد له وبخطّه رحمه‌الله رقم ٢٠٩٩.

(١٣٤٦)

قاعدة لا ضرر ولا ضرار في الإسلام

من القواعد الكليّة الأُصوليّة التي تطبق على موارد كثيرة من الفروع الفقهية أفرد جماعة من المحقّقين لها رسائل خاصّة منهم هذه الرسالة للشيخ الفقيه الشيخ عبد الله المازندراني.

كتب بالهامش بخطّه أني كتبته تقريراً لبحث سيّدنا الأُستاد.

نسخة الأصل بخطّ المؤلّف ضمن مجموعة رسائله كلّها بخطّه رقم ٣٩٤.

(١٣٤٧)

قاعدة من ملك

أوّله ـ بعد الحمد ـ : (قد اشتهر في السنة الفقهاء من زمان الشيخ قدس‌سرهإلى زماننا هذا قضية كلّية يذكرونها في مقام الاستدلال بها على ما يتفرع عليها كأنّها بنفسها دليل معتبر أو مضمون دليل معتبر وهي أنّ ـ من ملك شيئاً ملك الإقرار به ـ).

 

۲۲۶

وأظنّها للعلاّمة الشيخ محمّـد باقر بن علي أكبر الدامغاني فإنّها بخطّه رحمه‌الله.

نسخة في آخر المجموعة رقم ١٩٤٠ تبدأ من الورقة ٢٢٦ ب إلى نهاية المجموعة وهي ٢٣٣ ب وهي بخطّ العلاّمة الشيخ محمّـد باقر بن علي أكبر الدامغاني ولعلّها له أيضاً.

(١٣٤٨)

قاعدة اليد

توجد ضمن مجموعة فيها بعض رسائل الشيخ الحرّ العاملي محمّـد ابن الحسن المتوفّى سنة ١١١٤ وبعض رسائل الشيخ بهاء الدين محمّـد بن الحسين العاملي المتوفّى سنة ١٠٣١.

أوّلها : (الذي يظهر من كلام علماء الإماميّة رضي‌الله‌عنه وفتاواهم وأدلتهم أنّ التصرف واليد دليل الملك ولا يطالبون ذا اليد بوجه الانتقال ـ إذا ادعى الملكية ـ وأحاديث الأئمة عليهم‌السلام دالّة على ذلك ...).

وفي خاتمتها : محمّـد الحرّ وتاريخ رسائل النسخة سنة ١٠٩٦ فلم اعرف أنّها هل هي للشيخ الحرّ مؤلّف الوسائل ولم يذكر له هذا في عداد مؤلّفاته أو إنّه لأحد أقربائه من أعلام آل الحرّ ممّن يسمّى محمّـد وهم غير واحد توجد تراجمهم في امل الآمل وعلى كلّ فمؤلّف هذه القاعدة مقدّم على هذا التاريخ ورقم المجموعة ٧٦٨.

(١٣٤٩)

قاعدة اليد

للفقيه المحقّق الشيخ محمّد حسين الغروي الأصفهاني المتوفّى سنة١٣٦١.

 

۲۲۷

أوّله : (الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّد رسله محمّـد وآله المعصومين وبعد فهذه نبذة من الكلام في اليد وما يترتب عليها من الآثار والأحكام ...).

آخره : (والتفاوت في الإطلاق والتقييد بدوال آخر فافهم وتدبر).

نسخة الأصل بخطّ المؤلّف النسخ الجميل ١٤ ورقة وقبله قاعدة التجاوز والفراغ والصحّة له بخطّه رحمه‌الله رقم ٢٠٩٩.

(١٣٥٠)

قاعدة اليد

أوّلها : (الحمد لله ربّ العالمين ... أمّا بعد يد از قواعد شرعية كلّية ومقتضى ملكيت است نگر آنكه برخلاف آن بيند (ونحو آن) باشد وخلافي در آن نيست ونصوص بر آن مستفيضه است).

نسخة بخطّ فارسي بآخر كتاب حديقة الأفراح لليمني الشرواني ، رقم ١٧٨٥.

(١٣٥١)

قاموس الرجال

هو حاشية على تنقيح المقال في علم الرجال تأليف العلاّمة المامقاني.

وهذه التعليقة للعلاّمة المتتبع الرجالي الشيخ محمّـد تقي التستري دامت بركاته وهذه المسودة الأصليّة للكتاب بخطّ المؤلّف وخطّه فارسي دقيق وتقع في جزأين أهداهما المؤلّف إلى المكتبة ويطبع الكتاب في طهران في عشرة أجزاء صدر منها ستة أجزاء.

 

۲۲۸

الجزء الأوّل بخطّ المؤلّف وعليه تعليقاته في ١٩٥ ورقة رقم ٧٧١.

الجزء الثاني من أواسط حرف الظاء إلى نهاية الكتاب فرغ منه المؤلّف سلخ ذي الحجّة سنة ١٣٦١ والكتاب بخطّ المؤلّف دام بقاءه أهداه هو إلى المكتبة ويقع هذا الجزء في ١٥٢ ورقة رقم ٧٧٢.

(١٣٥٢)

القاموس المحيط

المجلّد الثاني تبدأ من حرف العين (الدقاع) بخطّ نسخ جيّد فيه بعض الشكل والعناوين مكتوبة بالشنجرف واللغات بخطّ أخشن كتبها علي ابن حسن بن علي بن رمضان الشيعي الإمامي الأوالي المقشاعي مذهباً وبلداً وقرية فرغ منها ٩ ج ٢ ص ١٠٧٠ لخزانة الشيخ الأجل الأفضل المؤتمن ... في ٣٨٣ ورقة رقم ٢١١ وعليه ختم مبشر السلطنة.

(١٣٥٣)

القاموس المحيط

والقابوس الوسيط الجامع لما ذهب من لغة العرب شماطيط صنفه الملتجى إلى حرم الله مجد الدين أبي طاهر محمّـد بن يعقوب الفيروزابادي بيض الله نواصي آماله بمحمّد وآله يشتمل على ستين ألف مادة والصحاح يشتمل على أربعين ألفاً.

كذا على ظهر نسخة جاء في آخرها : فراغ تنميقه على يد المكنى بأبي علي المسمّى بأبي الحسن الملقّب بعبد المحسن ابن حاجي حسين الطبسي في جمادى الأُولى سنة ١٠٩٢ وهي بخطّ نسخ جيّد مؤطّر بالأحمر

 

۲۲۹

والأزرق وكتابة اللغات بقلم خشن والرموز والأبواب والفصول وبعض اللغات مكتوبة بالأحمر وجاء في ظهر الكتاب في تعيين الرموز.

وما فيه من رمز بحرف فخمسة

فميم لمعروف وعين لموضع

وجيم لجمع ثمّ هاء لقرية

وللبلد الدال التي أُهملت فعي

وعلى الكتاب خطّ مالكه محمّـد شفيع بن عبد الرشيد كتب بخطّه الجيّد البديع أن والده بذل الجهد في تحصيل الكتاب له فيظهر أنّ الوالد وما ولد كلاهما من أعلام القرن الثاني عشر وتاريخ التملّك سنة ١١٦٢ تسلسل ١١٥٨ / ٣ / ٢٤ × ٣٧.

نسخة بخطّ سلطان محمّـد الجنابدي فرغ منها في المشهد الرضوي في محرم سنة ١٠٨٠ ، واللغات والعناوين مكتوبة بخطّ أخشن أو بالشنجرف ، في ٤٩٢ ورقة برقم ١١٥٥.

نسخة الجزء الأوّل إلى آخر حرف الظاء بالنسخ الجيّد مشكولة مضبوطة اللغات والعناوين مكتوبة بخطّ أكبر أو بالشنجرف أو باللازورد مجدولة قيّمة وتاريخه في نهاية الجزء الثاني يأتي تلواً ، في ٢٢٧ ورقة رقم ٦٧٩.

نسخة الجزء الثاني من باب العين إلى نهاية الكتاب بخطّ سليمان بن أحمد بن سعيد بلقيس كذا فرغ منها ١٣ شهر رمضان سنة ١٠٢٣ رقم ٣٠١.

نسخة مشكولة والعناوين (اللغات مكتوبة بالشنجرف كتبها ولي بن أحمد بن حسين فرغ منها ٨ جمادى الأُولى سنة ٩٤٨ ، وبآخرها خواص الأسماء الحسنى للحافظ جلال الدين وعليها أختام كثيرة منها ختم مبشر السلطنة ، في ٥٤٢ ورقة ، رقم ٢١٠.

 

۲۳۰

نسخة قيّمة كتبها يحيى بن .... إبراهيم بن جمال الدين عن نسخة مقروّة على المصنّف وعليها ختمه في مواضع متعددة وفرغ من هذه النسخة في ١٠ ذي الحجّة سنة ٩٧٠ بالمدينة مجدولة بالذهب واللازورد وبأوّلها لوحة والعناوين مكتوبة بخطّ أخشن أو بالشنجرف أو بالذهب أوراقه ٥١١ رقم ١١٥٦.

نسخة القرن التاسع والعاشر تامّة في ٥١٣ ورقة ، بأوّلها لوحة والعناوين مكتوبة بالشنجرف والأوراق مجدولة بالشنجرف واللغات مكتوبة بخطّ أكبر وبآخرها بيتين في تعيين الرموز الموجودة في القاموس وبظهر الورقة الأخيرة فائدة في المؤلّفات السماعية نقلاً عن المزهر للسيوطي رقم ١١٦٠.

(١٣٥٤)

القانون

للشيخ الرئيس أبي علي بن سينا.

نسخة من أوّل الكتاب وينتهي إلى آخر الكلّيات فرغ منها الكاتب سنة ١٢٨٣ عليها تصحيحات وتعاليق وتقع في ١٩٣ ورقة ، مقاسها ٦ / ١٣ × ٤ / ٢١ تسلسل ٦٣٨.

(١٣٥٥)

قانونچـه

في الطب في عشر مقالات لمحمود بن عمر الچغميني المتوفّى سنة ...

 

۲۳۱

نسخة بخطّ فارسي جيّد جميل كتبت سنة ١٢٥٢ وقبله خلاصة الحساب للشيخ بهاء الدين العاملي ٥٩ ورقة تبدأ من الورقة ٢٣ ب للنهاية رقم ١٨٤١.

(١٣٥٦)

قبسات الأشجان

في مصائب سادات الزمان

تأليف درويش علي بن حسين بن علي البغدادي

مرتب على ٢٤ باب في كلّ باب ثلاثة مجالس ، وفيه قصائد في المرائي كثيرة.

الجزء الأوّل بخطّ محمّـد علي بن جليل الكاظمي فرغ منه في كربلاء سنة ١٢٧١ في ٢٠٥ ورقة رقم ٨١٥.

الجزء الثاني يبدأ بالباب الثالث عشر بخطّ محمّـد علي بن جليل الكاظمي فرغ منه الكاتب ١٨ جمادى الثانية سنة ١٢٧١ في حياة المؤلّف ودعا له بالسلامة والبقاء في ٢٢٣ ورقة رقم ٨١٦.

(١٣٥٧)

قبسات النار

في ردّ الفجّار

وهو في أُصول الدين وإثبات الصانع وتوحيده جلّ شانه وإثبات النبوّة والإمامة والردّ على الدهريّن والطبيعيين وغيرهم تأليف العلاّمة الجليل الشيخ ميرزا أبو القاسم بن محمّـد تقي الغروي الأردوبادي المتوفّى ٥ شعبان سنة ١٣٣٣.

 

۲۳۲

أوّله : (الحمد لله ربّ العالمين ... أمّا بعد فإنّ الله بعث نبيه نوراً استنقذ به عباده ...).

فرغ منه ١٩ ذي القعدة سنة ١٣٢٢.

نسخة الأصل بخطّ المؤلّف وبآخره منظومة فارسية للمؤلّف وبخطّه في تعداد المعاصي الكبير نظم بها رسالة ألّفها بعضهم في الكبائر ، في ٢٦٢ ورقة رقم ١٨٨٦.

(١٣٥٨)

قبلة اثنى عشرية

رسالة فارسية في القبلة هكذا سمّاها المؤلّف في خطبتها وقد ذكرها صاحب الروضات في ترجمة المؤلّف بعنوان الاثنى عشرية في القلبة فتبعه شيخنا دام ظلّه في الذريعة فأثبته في حرف الألف ، والمؤلّف هو الشيخ محمّـد ابن محمّـد زمان بن حسين بن رضا بن حسام الدين الكاشاني إليه انتهت الزعامة الروحية في أصفهان بعد فتنة الأفغان ثمّ هاجر إلى النجف الأشرف وتوفّي بها وهو من مشايخ العلاّمة المولى أحمد النراقي.

والرسالة كبيرة أوّلها : (الحمد لله الذي جعل الكعبة البيت الحرام قياماً للناس فيه آيات بينات مقام إبراهيم ...).

نسخة مكتوبة في حياة المؤلّف بخطّ نسخ جيّد وعليها بعض التعليقات والتصحيحات بخطّ المصنّف وبآخرها إجازة من المصنّف وبخطّه للمير علي نقي البهبهاني ، تاريخها منتصف شهر ربيع الأوّل سنة ١١٧٢ فكتابة النسخة قبل التاريخ وهي بأوّل مجموعة من رسائله إلى الصفحة ١٢٧ ، ولعلّ المجاز هو كاتب المجموعة ، رقم المجموعة ١٣١٤.

 

۲۳۳

(١٣٥٩)

قرابادين ودوا سازي شليم

هو الدكتور شليمي. ژهس. ل. فلنمكى معلم الطب في معهد دار الفنون بطهران ، ترجم له مرات البلدان ج ٣ ص ١٠ والعلاّمة وخان بابا مشار في فهرس المؤلّفين ج ٣ ص ٤٣٨ وعدّ له من كتبه المطبوعة بطهران ست كتب كلّها في الطب ولم يذكر كتابه هذا ، فيظهر أنّه لم يطبع وهو كتاب ضخم كبير لو طبع لكان مجلّدات.

نسخة بخطّ المولى مصطفى التبريزي ، فرغ منها سنة ١٢٩٣ ، وعليها ورقة مكتبة محمّـد حسن خان صنيع الدولة سنة ١٢٩٨ ، والظاهر أنّ الكتاب مستنسخ لأحد الأمراء قبله ، وهي ضخمة ، تقع في ٦٥١ ورقة ، مقاسها ١٧ × ٢٢ تسلسل ١٦٢٤.

(١٣٦٠)

القرآن الكريم

نسخة بالقطع الصغير بخطّ نسخ مقروّ تامّ مجدول بالذهب ورؤوس السور مكتوبة بالشنجرف ومطلية بالذهب ومزوقة باللازواد وكذلك رؤوس الأجزاء وبالصفحتين الأوّليين لوحه وتزويق وتزيين بالذهب واللازورد والشنجرف رقم ٢١٦٦.

نسخة بالقطع الصغير بخطّ نسخ جميل بالصفحتين الأوليين لوحة وتزويق وتزيين والأوراق مجدولة بماء الذهب ورؤوس السور مزوقة

 

۲۳۴

باللازورد والشنجرف وماء الذهب ومطلية بالذهب ومكتوبة بالشنجرف ناقصة من آخرها ورقة والموجود إلى سورة النصر رقم ٩٦٩.

نسخة بقطع صغير بخطّ نسخ جيّد رؤوس السور والأجزاء مكتوبة بالشنجرف وبالصفحتين الأوليين لوحة وتزويق وتزيين إلاّ أنّ الورقة الأُولى ساقطة والأوراق مجدولة بالذهب وجلده من الميناء المطلع المزوق بالأوراد والزهور من الجانبين ٢٢٩ ورقة ، برقم ٢١٢١.

نسخة بقطع صغير بخطّ نسخ جميل رؤوس السور مكتوبة بالذهب والأجزاء والأحزاب مكتوبة بالشنجرف بالصفحتين الأوّليين لوحة وتزويق والأوراق مجدولة بالذهب واللازورد وأوراق الهوامش مخالفة لأوراق المتن موصولة بدقة وعناية ٣٨٣ ورقة رقم ٧٩٠.

نسخة بخطّ محمّـد جعفر بن سلطان علي السمناني كتبها بخطّ نسخ جيّد وفرغ منها في ذي القعدة سنة ١١٠٦ ورؤوس السور مكتوبة بالشنجرف ورؤوس الآي معلّمة بالذهب والأوراق مجدولة بالذهب والأجزاء والأحزاب مكتوبة بالشنجرف والصفحتين الأوّليين مزوقتين مزينتين في ١٨٥ ورقة رقم ٢١٣٢.

نسخة بخطّ السيّد محمّـد هاشم بن محمّـد الموسوي كتبها بخطّ نسخ جميل وفرغ منها في ثاني الربيعين من سنة ١٢٦٢ ترك خلال الأسطر فراغاً ليكتب الترجمة الفارسية وقد كتبها بالخطّ الفارسي بالشنجرف إلى قوله تعالى : (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً ...) ، فالأسطر كلّها مجدولة ورؤوس السور مكتوبة بالشنجرف ومذكورة فيها عدد الآيات واختلاف القراء وموارد خلافهم وعلامات الوقف مكتوبة بالشنجرف والأجزاء والأحزاب أيضاً مكتوبة بالهامش بالشنجرف

 

۲۳۵

وكتب بالهوامش بعض الأحاديث الواردة عن الأئمة عليهم‌السلام في فضل السور أو في تفسير بعض الآيات بخطّ فارسي جميل يظهر أنّ الكاتب هذا كان من أهل الفضل والعلم بالقرآن وعلومه ، وجلده من الميناء المزورق بالأوراد والزهور من الجانبين ، رقم ٢٢٠١.

نسخة بقطع صغير بخطّ الخطّاط محمّـد كاظم بن علي أكبر الكروني الأصفهاني كتبها صفر سنة ١٢٧٠ الصفحة الأولى والثانية مزوقة ملونة مزيّنة بنقوش وأوراد وخلال أسطره من أوّله إلى نهايته تذهيب ورؤوس سوره منقش مزيّن ملوّن وجلده أيضاً ثمين في ٢٦٨ ورقة رقم ٩٦٤.

نسخة بقطع صغير بخطّ نسخ جيّد خلال أسطره ترجمة بالفارسية بخطّ فارسي مكتوب بالشنجرف ورؤوس سوره مكتوبة بماء الذهب والصفحتين الأولى والثانية منقّشة مزيّنه ملوّنه وسطوره كلّه مجدول بالذهب ويقع في ٢٨٤ ورقة رقم ٩٦٦.

نسخة بقطع صغير بنسخ جيّد جميل خلال أسطره كلّه تذهيب ورؤوس سوره مذهبه والصفحتين الأُولى والثانية منقوشة ملوّنة مزيّنة في ١٨٤ ورقة رقم ٩٦٧.

نسخة بخطّ نسخ جيّد الصفحة الأُولى والثانية منقوشة ملوّنة ٢١٥ ورقة رقم ٩٦٣.

نسخة بخطّ نسخ كتبه عبد الله تابش ابن فتح الله الأصفهاني فرغ سنة ١٤ جمادى الأُولى سنة ١٣٧٢ في ٤٣٤ ورقة رقم ٦٠٠.

نسخة بخطّ محمّـد بن ملاّ بنياد علي المراغي أتمها في شوّال سنة ١٢٢٢ وبعده في المجموعة الصحيفة الكاملة بكاملها وشيء من مفتاح

 

۲۳۶

الفلاح بشأن قيام الليل وصلاته وآدابها ثمّ زاد الميعاد للمجلسي بكامله كلّه بخطّ واحد وقبل المصحف أحاديث في فضل القرآن ٢٥٩ ورقة رقم ٣٢٨.

نسخة بخطّ نسخ جيّد كتبه حسن بن علي بن نعمة الله بن حسين الجيلاني الأصفهاني بأمر الحاج محمّـد جعفر الأصفهاني المثقالي فروش وفرغ منه ١٧ محرم سنة ١٢٤٧ ، وأسماء السور مكتوبة بالشنجرف ، في ٣٩٤ ورقة رقم ٩٦٥.

نسخة نفيس بخطّ نسخ جميل مؤطّر بالذهب واللازورد والشنجرف والسطر الأوّل والأخير والأوسط من كلّ صفحة بخطّ أخشن فالخطّ الأوسط مكتوب باللازورد وتشكيله بالشنجرف والأوّل والأخير بالذهب وتشكيلهما باللازورد وخلال الأسطر ترجمة إلى الفارسية بخطّ فارسي مكتوب بالشنجرف كتبه الخطّاط زين العابدين بن شمس الدين إسماعيل القصري وفرغ منه ٢٢ صفر سنة ١٠٧٣ أوراقه ٤٤٧ رقمه ٦٦٩.

نسخة بخطّ نسخ جميل كتبه الخطّاط حسن الخونساري فرغ منه في شهر رمضان سنة ١٢١٦ حسب أمر الحاج محمّـد حسين خان بيگلر بيكي أوراقه مجدولة بالذهب واللازورد والشنجرف وأسطره مجدول بالذهب خلالها ترجمة فارسية مكتوبة بخطّ فارسي جميل بالشنجرف وبالصفحة الأُولى والثانية تزيين ونقوش دقيقة ملوّنة جميلة ورؤوس السور كلّها منقشة مزيّنة باللازورد والشنجرف والذهب وأسماء السور مكتوبة بالشنجرف على الذهب وجلده أيضاً قيّم فاخر قد تأثّر بالإستعمال رقم ١٨٢٠.

نسخة بالقطع الصغير بخطّ نسخ ممتاز بخطّ أحد خطّاطي العهد القاجاري في القرن الثالث عشر مؤطر بالذهب بأوّله لوحة جميلة رائعة ورؤوس السور مطلية بالذهب ومكتوبة بالشنجرف والورقتين الأوليين

 

۲۳۷

مزوقة بالأوراد والأزهار وجلدها كذلك منمّق مزيّن بالأزهار من النوع الممتاز ٢٢٥ ورقة رقم ٩٦٢.

نسخة بالحجم الصغير والخطّ النسخ الجميل الدقيق رؤوس السور مطلية بالذهب ومكتوبة بالشنجرف والصفحة الأُولى والثانية فيهما لوحة وتزويق وتزيين والأجزاء مكتوبة بالذهب كتابة القرن الثاني عشر رقم ٢١٦٧.

نسخة بالقطع الصغير والخطّ النسخ الجميل بأوّله لوحتان جميلتان وأوراقها مجدولة مؤطّرة بالذهب والشنجرف واللازورد ورؤوس السور مطلية بالذهب مكتوبة بالشنجرف والأوراق كلّها مزيّنة بأزهار ذهبية كتابة القرن الثاني عشر رقم ١٩٩٢.

نسخة بقطع صغير بخطّ نسخ جميل كتبه محمّـد باقر في دار الأحزان أصفهان وفرغ منه سنة ١٢٠٣ الصفحات الست الأولى بها لوحات جميلة فنية ومزوّقة بالأزهار والأوراد وكذا رؤوس السور مطلية بالذهب ومنقوشة باللازورد والشنجرف ومكتوبة بالشنجرف وكذا رؤوس الأجزاء والأوراق مجدولة بالذهب ورؤوس الآى معلّمة بالذهب ، ويظهر أنّه كان خطّاطاً ماهراً في فنه ، في ٢٤٣ ورقة رقم ٧٣٢.

(١٣٦١)

قرب الإسناد

لأبي العبّاس عبد الله بن جعفر بن الحسين بن مالك بن جامع الحميري القمّي أدرك القرن الرابع قال النجاشي : شيخ القمّيين ووجههم قدم الكوفة سنة نيف وتسعين ومائتين صنّف كتباً كثيرة منها قرب الإسناد ووثّقه شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي في الفهرست والرجال.

 

۲۳۸

نسخة بخطّ العلاّمة الشيخ محمّـد علي بن أبو القاسم الغروي الأردوبادي المتوفّى سنة ١٣٨٠ هـ فرغ منها آخر نهار السبت ٨ شوّال سنة ١٣٣٥ في الكوفة نقلاً لها عن نسخة منقولة عن خطّ العلاّمة المحدّث النوري رحمه‌الله ثمّ قابلها على نسخة خطّ العلاّمة الشيخ شير محمّـد بن صفر علي الهمداني وفرغ من المقابلة والتصحيح غرّة شوّال سنة ١٣٦٩ وعلى هذه النسخة طبع الكتاب في النجف الأشرف ، وبآخرها فائدة في ترجمة الحميري صاحب الكتاب للعلاّمة الاوردبادي كتبها بخطّه وبظهر الورقة الأُولى مذكرات (بما) في الكتاب من فوائد ونوادر ، في ١٠١ ورقة رقم ١٨٨٩.

(١٣٦٢)

قرب الإسناد

للحميري الشيخ الجليل أبي جعفر محمّـد بن عبد الله بن جعفر بن الحسين.

نسخة كتابة القرن الحادي عشر بخطّ أحد خطّاطي العهد الصفوي الذي نفق فيه سوق الحديث ودأب الخطّاطون يجهدون في انتساخ كتب الحديث وتكثيرها ونشرها ومعه كتاب مسائل علي بن جعفر المشتهر بالجعفريات والأشعثيّات والمجموع في ١٧٤ ورقة ، مقاسها ١٢ × ١٩ تسلسل ٦٥١.

(١٣٦٣)

قرة العين في شرح ثار الحسين عليه‌السلام

للشيخ علي بن حسين بن الشيخ موسى المروي.

 

۲۳۹

أوّله : (الحمد لله ربّ العالمين الحمد لله الذي وعد عباده المظلومين بالنصر على اعدائهم الظالمين ...) ، إنّي لمّا رأيت هذا الثار المشهور بين سائر الناس أكثره كذب وتصحيف حدثتني نفسي بأنّ اجمع ثاراً صحيحاً ... وسميت هذا الكتاب بكتاب قرة العين في شرح ثار الحسين ...).

نسخة بقلم محمّـد أمين بن حسن كتبها سنة ١٢٩٧ بآخر كتاب تذكار الحسين للشيخ عيسي بن حسين علي ابن كبة النجفي وهذا الكتاب للشيخ علي بن عيسى بن موسى المروي تسلسل ٨٠١.

(١٣٦٤)

قرة العيون

فيها مطالب فلسفية وكلامية وغيرها للمحقّق المحدّث الفيض الكاشاني محمّـد محسن بن مرتضى المتوفّى سنة ١٠٩٠.

نسخة فرغ منها الكاتب في أصفهان سنة ١٢٧٤ ، ومعها الرواشح السماوية للمحقّق الداماد ، برقم ٣٤٨.

نسخة بخطّ عبد الله فرغ منها في شوّال سنة ١٢٤٦ في ٨١ ورقة رقم ٢٠٢.

وبأوّلها قطعة من كتاب دلائل المرام في تفسير آيات الأحكام للمولى محمّـد جعفر الإسترابادي وبآخرها فائدة في الفروق فيما بين الملة والدين والمذهب وضروري الدين وضروري المذهب وأُصول الدين وأُصول المذهب فارسية ويتلوها شرح الحديث القدسي كنت كنزاً مخفياً أيضاً فارسي.

نسخة بأوّل مجموعة كتبت بخطّ نسخ في القرن الثالث عشر رقم المجموعة ١١٣٢.

 

۲۴۰

(١٣٦٥)

قرة العيون

في الفلسفة للمحقّق النراقي مهدي بن أبي ذر النراقي الكاشاني المتوفّى سنة ١٢٠٩ فرغ منه في ربيع الثاني سنة ١١٨٢.

نسخة مكتوبة في حياة المؤلّف وعلى نسخة الأصل بخطّه كتبها مهر علي في مدينة يزد وفرغ منها في ذي القعدة سنة ١٢٠٦ ضمن مجموعة بخطّه هذا أوّلها رقم ٨٣٥ ثمّ جاء في آخرها : تمّ المرور وما أردت إلاّ الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلاّ بالله ... محمّـد بيدابادي فصحّحه بعناية على نسخة الأصل كما ينص عليه في بعض الموارد كذا في نسخة الأصل وللبيدابادي هذا تعاليق وحواش أيضاً عليها في الهوامش.

(١٣٦٦)

قرة العيون

في أعز الفنون

للفيض الكاشاني.

ملمّع بالعربية والفارسية والغالب عليها العربية.

نسخة بخطّ السيّد محمّـد مهدي بن محمّـد جواد العلوي ، فرغ منها ١٣ شعبان سنة ١٢٢٦ بأوّل المجموعة رقم ١٩٤٢ ، بخطّ فارسي جيّد.

(١٣٦٧)

القسطاس المستقيم

هو تعليقة على حاشية المولى عبد الله اليزدي الشهابادي على تهذيب

 

۲۴۱

المنطق للتفتازاني وهذه التعليقة للشيخ محمّـد حسين بن محمّـد إسماعيل اليزدي سبط المولى محمّـد صادق الأردستاني فرغ منها أواخر ذي الحجّة سنة ١٣٥٣.

نسخة قديمة ترجع إلى عصر المؤلّف ولعلّه بخطّه أو كتب في حياته تقع في ١٥٥ ورقة ، مقاسها ١٤ × ٢٠ تسلسل ٩٣٧ عليها خطّ العلاّمة الشيخ محمّـد صالح بن أحمد بن صالح آل طعّان المتوفّى سنة ١٣٣٣ ترجم له في أنوار البدرين ص ٢٦٩.

(١٣٦٨)

القسطاس المستقيم

في الأوزان والمقادير

للشيخ حسين بن محمّـد النجم آبادي الطهراني ، ولد في النجف الأشرف ، وتوفّي في طهران سنة ١٣٤٧ حضر الأبحاث العالية في الفقه وأُصوله في النجف الأشرف على أعلام العصر كالحجّة ميرزا حسين الخليلي الطهراني ، وميرزا حبيب الله الرشتي وغيرهم وكان جامعاً للفنون مشاركاً في العلوم مضطلعاً فيها.

أوّله : (الحمد لله الذي علم البيان ووضع الميزان).

وهو كتاب قيّم من أجود ما كتب في موضوعه أن لم يكن أجودها كلّها حيث أن مؤلّفه كان خبيراً بكلّ ما يتوقف عليه تحقيق هذه المسائل من المعقول والمنقول والعلوم الرياضية التاريخية وما إلى ذلك.

نسخة بخطّ ابن المؤلّف الحاج الشيخ حسن النجم آبادي ، كتبها عن نسخة الأصل بخطّ والده المؤلّف ، بخطّ فارسي جميل ، وفرغ منها في رجب سنة ١٣٧١ ، في ١١٩ ورقة.

 

۲۴۲

وبأوّلها فهرس الكتاب مع تعيين أرقام الصفحات وكذلك بأوّلها ترجمة المؤلّف ، وقصيدة عربية ممّا قيل في رثائه ، رقم ٢٢٢٨ ، وبأوّلها صورة المؤلّف رحمه‌الله.

(١٣٦٩)

قصبة الياقوت

الناجمة في أجمة اللاهوت

تأليف : محمّـد حسين بن محمّـد إسماعيل الحسيني التفرشي.

مرتب على عقود أربعة عشرة في النبوة والولاية.

صدّره بأسم السلطان محمّـد شاه ورئيس وزرائه الحاج ميرزا آقاسي.

نسخة نفيسة خزائنية بخطّ نسخ جيّد تاريخها ١٧ ربيع الثاني سنة ٢٦٣ مؤطّرة بالذهب اللاجور بأوّلها لوحة فنية والعناوين مكتوبة بالشنجرف وهي المهداة لخزانة أحد الرجلين أمّا السلطان محمّـد شاه أو رئيس وزرائه وتقع في ١٤٤ ورقة رقم ١٥٧١.

(١٣٧٠)

قصة داش تمور

منظومة روائية هزلية خلاعية في ٢٦٤ بيتاً من نظم الشاعر الهزلي ملاّ أحمد فوق الدين اليزدي الملقّب فوقي من شعراء القرن الحادي عشر. أوّلها :

ايكه بودتن زگلت نرم تر

كاش رخت بوده زخوى نرم تر

 

۲۴۳

نسخة بخطّ محمّـد تقي ضمن مجموعة هزلية كلّها بخطّه ، فرغ منها شوّال سنة ١٢٤٩ ، رقم المجموعة ١٦٣٤ وبآخرها قصة خلاعية أُخرى لعلّها لفوقي أيضاً ، في أحد عشر بيتاً.

(١٣٧١)

قصة السفاح

وهو عبد الله بن محمّـد أوّل الخلفاء العباسيين وسديف مولى بني هاشم طبع مع أخبار المختار لأبي مخنف لوط بن يحيي الأزدي المتوفّى سنة ١٥٧ بآخر المجلّد العاشر من كتاب بحار الأنوار وقصة السفاح أيضاً لأبي مخنف.

نسخة مع أخبار المختار لأبي مخنف ملحقة بكتاب المنتخب للطريحي تسلسل ٨٦٧.

وبآخرها قصيدة لامية في رثاء الحسين عليه‌السلام أوّلها :

تريدنّ مني يا عواذل سلوة

عن الحزن هذا مطلب ليس يحصل

وقصيدة أُخرى للشيخ مغامص رحمه‌الله أوّلها ولعلّها هي التي ذكرها شيخنا في حرف الميم بعنوان المراثي .. لمغامس بن داغر وقال توجد في مجموعة مكتوبة سنة ١٠٠٠ في مكتبة ميرزا محمّـد الطهراني.

لبني الهادي مناحي

في غدوي ورواحي

صاح ما قلبي بصاحي

ما لحزني من براح

واحسيناه

وهي قصيدة طويلة.

 

۲۴۴

(١٣٧٢)

قصيدة بانت سعاد

نسخة بخطّ نسخ جيّد ممتاز فثلاث صفحات من أوّلها والصفحة الأخيرة منها بخطّ الخطّاط السيّد يوسف بن نور الدين الحسيني الشيرازي التبريزي كتبها في طهران كتبها سنة ١٣٣٨ وأمّا ما عدا هذه الصفحات فهي بخطّ الخطّاط مولانا علاء الدين بن محمّـد التبريزي قد كان كتبها في القرن الثالث عشر في ١٠ أوراق برقم ١٤٥٥.

(١٣٧٣)

القصيدة الرائيه

في مدح أهل البيت عليهم‌السلام وذم أعدائهم وهي كبيرة في أكثر من ألف ومائتي بيت.

نسخة بخطّ نسخ جيّد في ١٤٦ ورقة ناقصة الآخر ولعلّها ناقصة الأوّل أيضاً رقمها ١١٩٢.

(١٣٧٤)

القصيدة الرمانيه

في وصف الرمان وخصائصه والترغيب في أكله من نظم السيّد ضياء الدين عبد الله بن أبي تراب بن عبد الفتاح الحسيني الطباطبائي.

نسخة ضمن مجموعة من مؤلّفاته ومنظوماته مكتوبة في حياته إنّ لم تكن بخطّه فإنّ عليها تعليقات بخطّه رقم المجموعة ٩٥٣.

 

۲۴۵

(١٣٧٥)

قصيدة فوقي

قصيدة نونية فارسية هزلية روائية خلاعية من نظم ملاّ أحمد فوق الدين اليزدي الملقّب فوقي من الشعراء الهزليين في القرن الحادي عشر مستهلها :

منم كه داده زلب داد هرزه افشانى

بطرز خويش ندارم درين جهان ثانى

إلى تمام المائة بيت.

نسخة بخطّ محمّـد تقي ضمن مجموعة هزلية ، فرغ منها شوّال سنة ١٢٤٩ ، رقم المجموعة ١٦٣٤ ، وبآخرها قطعات ومنظومات وأدبيات فارسية هزلية أظنّها لفوقي.

(١٣٧٦)

قصيدة في الصنعة والعلوم الغريبة

فارسية رائية أوّلها :

آيا خلاصه تقدير در ظهور قدر

دمى بعالم تحقيق ذات خود بنگر

مكتوب عليها أنّها من كلام بديهي.

 

۲۴۶

نسخة ضمن مجموعة في هذا الموضوع كلّها بخطّ حاج ملاّ محمّـد نعمت اللهي ، رقمها ١٧٥٠.

(١٣٧٧)

قصيدة في الصنعة والكيميا والأحجار

نونية فارسية ، أوّلها :

سوگند من بطه يس والضحى دان

در عمر خود نديدم يك طالب حجر دان

مكتوب عليها : من كلام جابر عليه الرحمة.

ضمن مجموعة في هذا الموضوع بخطّ حاج ملاّ محمّـد نعمت اللهي رقم ١٧٥٠.

(١٣٧٨)

قصيدة في علم الأحجار والصنعة والكيميا

فارسية نونية أوّلها :

رمزى از سر حجر گويم بدان

ترسم از شادى بميرى ناگهان

مكتوب عليها إنّها من كلام شاه نعمت الله ولي.

نسخة ضمن مجموعة في هذا الموضوع رقم ، ١٧٥٠ كلّها بخطّ حاج محمّـد نعمت اللهي.

(١٣٧٩)

قصيدة في علم الصنعة

فارسية مكتوب عليها : قصيدة ابن ولد در علم صنعت أوّلها :

 

۲۴۷

زآب بسته تو بگشاى آب بيضارا

بآب آش ما نور عالم آرارا

نسخة بخطّ حاج ملاّ محمّـد نعمت اللهي ، ضمن مجموعة كلّها في هذا الموضوع وكلّها بخطّه رقم ١٧٥٠.

(١٣٨٠)

قصيدة في علم الصنعة

فارسية نونية أوّلها :

اگر از طور پرسيدت شخص

چه بود طور گومرا بسكون

مكتوب عليها إنّه قال ابن يمين عليه الرحمة.

نسخة ضمن مجموعة في هذا الموضوع بخطّ حاج ملاّ محمّـد نعمت اللهي ، رقم المجموعة ١٧٥٠.

(١٣٨١)

القصيدة المنفرجة

أوّلها :

اشتدي ازمة تنفرجي

قد آذن ليلك بالبلج

اختلف في ناظمها فقيل إنّها من نظم أبي الفضل يوسف بن محمّـد ابن يوسف التوزري المعروف بابن النحوي المتوفّى سنة ٥١٣ كما نسبه إليه في كشف الظنون وهو المكتوب على نسختنا هذه وقيل لأبي الحسن يحيى ابن العطار القرشي الحافظ ذكره في كشف الظنون وقال والأوّل أرجح وقيل

 

۲۴۸

لأبي عبد الله أحمد بن محمّـد الأندلسي القرشي كما ذكره ابن قضيب البان في كتاب حل العقال ص ١١٣ وقيل لأبي عبد الله محمّـد بن أحمد بن إبراهيم الأندلسي القرشي كما ذكره السبكي في طبقات الشافعية على ما نقله عنه في كشف الظنون وقيل لأبي عبد الله محمّد بن علي التوزري على ما نقله السبكي عن كتاب الغرة اللائحة حسب نقل كشف الظنون.

وقد ذكر في كشف الظنون عدة شروح عليها فراجعه قال وهذه القصيدة سمّاها الشيخ تاج الدين السبكي بالفرج بعد الشدّة قال وهي مجرّبة لكشف الكروب.

نسخة ضمن مجموعة بخطّ نسخ حسَن جيّد كتبت في القرن الحادي عشر رقم التسلسل ٥٩٧.

(١٣٨٢)

القضاء والقدر

لبعض المتكلمين المحققّين من أصحابنا أوّله : (ربّ أفض علم التحقيق وسدد رائي بالتحقيق الحمد لله الذي أحاط علمه بالأشياء جملة وتفصيلاً عينها في قضاء السابق تعيينا ثمّ نزلها بقدرة المعلوم تنزيلاً رتبها بمقتضى مشيته أحسن ترتيب وخصص على وفق عنايته بالتبعيد والتقريب .... أمّا بعد فقد سألني من عزت على مسألته ولزمتني من طريق الأخوة اجابته إنّ املي ما حضرني في القضاء والقدر فاسعفته بتأليف هذا المختصر مرتباً لمباحثه في فصول ومنقحاً لأُصوله عن فضول).

نسخة ناقصة الآخر ضمن مجموعة رقم ١٣١٢.

 

۲۴۹

(١٣٨٣)

القضاء والقدر

للحكيم المحقّق صدر الدين الشيرازي محمّـد بن إبراهيم المشتهر بالمولى صدرا المتوفّى سنة ١٠٥٠ وهو رسالة في بيان العناية الإلهيّة ومعنى القضاء والقدر واللوح والقلم وإثبات جودة نظام العالم على أتمّ ما يتصور وأتمّ ...) كذا ذكر المصنّف في مقدّمته أوّله :

(الحمد لله الذي أخرج من مكنونات عنايتها أدرج في القلم ، وأبرز في فضاء الوجود ما خفى في العدم ...) كتبه بالتماس جماعة منه ذلك.

وهي غير رسالته في القدر أيّ في الجبر والإختيار وهذه أيضاً موجودة في المكتبة.

نسخة بخطّ مهر علي كتبها في مدينة الكاظمية عن خطّ المصنّف وفرغ منه في ذي الحجّة سنة ١٢١٤ ونقل صورة خطّ المصنّف وفائدة له في المراد بالأمانة في قوله تعالى (إنّا عرضنا الأمانة ...) نقلها عن خطّ المصنّف ضمن مجموعة كلّها بخطّ مهر علي رقم ٨٣٥.

(١٣٨٤)

قضايا أمير المؤمنين عليه‌السلام

لعلّه ترجمة لبعض الكتب المؤلّفة في عجائب قضايا أمير المؤمنين عليه‌السلام ، باللغة العربية وأوّل أحاديثه حول رجل شرب الخمر على عهد أبي بكر فاتو به إليه فأظهر أنّه كان جاهلاً بالحرمة ولم يسمع بها

 

۲۵۰

فيرجع فيه إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقضى عليه‌السلام أن يطاف به على الصحابة فإنّ شهد عليه اثنان أنهما بلغوه حكم الخمر وقرأه عليه الآية فيقام عليه الحد وإلاّ فيستتاب.

أوّله : (روايت كرده اند از طريق عامّ وخاصّ).

نسخة بخطّ فارسي بآخر المجموعة رقم ١٩٩٨ كتبت سنة ١٣٣٢.

(١٣٨٥)

قطرات العلوم

شرح على نصاب الصبيان لأبي نصر الفراهي ، والشارح ملك النحّاة الشيخ عبد الله بن محمّـد حسن بن إسماعيل الخوراسكاني الأصفهاني المولود سنة ١٢٧٧ ، وهاجر في طلب العلم إلى أصفهان ومنها إلى شيراز ، ثمّ كاشان ثمّ ألقى رحله في طهران.

ترجم لنفسه في كتابه هذا عند شرح قول الناظم :

عرف بوى است وعرف نيكوئى

مسك مشك وبراءه بيزارى

فرغ منه سنة ١٣٢٣ وطبع سنة ١٣٢٤.

نسخة بخطّ نسخ بهوامشها حواش كثيرة يظن قوياً أنّها خطّ المؤلّف ، فقد ذكر بأوّل الكتاب أنّ التعاليق كلّها من المتن فلابدّ من إدخالها في المتن عند الإستنساخ فيلتزم الإهتمام والإحتفاظ بها عند تجليد الكتاب أنّ لا يمحى من الحواش شيء ولا يلصق عليها شيء والمتن والحواش وهذا

 

۲۵۱

التنبيه كلّه خطّ واحد ممّا يوجب الإطمئنان بكون النسخة بخطّ المؤلّف كما أنّه بخطّه أيضاً فوائد متفرقة بأوّل الكتاب وبآخره خاتمة ، وهي منظومة فارسية لبديعي الشاعر نظم اللغات المثلثة ، تقع في ٢٦٥ ورقة ، مقاسها ٨ / ١٦ × ٣ / ٢١ ، تسلسل ٣١٢.

(١٣٨٦)

قطعة في زيارات الأئمّة

تسلسل ٥٠٢.

(١٣٨٧)

القلائد السنية

على القواعد الشهيدية

القواعد الكلّية تصنيف الشهيد الأوّل شمس الدين محمّـد بن مكي العاملي المستشهد سنة ٧٨٦ نقح فيها القواعد الكلّية الأُصولية والفقهية وعليه شروح وحواش كثيرة منها هذا الشرح المسمّى بالقلائد السنية للشيخ محمّـد بن علي بن أحمد الحرفوشي الحريري العاملي تلميذ السيّد نور الدين أخي صاحب المدارك توفّى سنة ١٠٥٩ وطبع منتخبات من هذا الشرح على هوامش المتن في طبعة سنة ١٠٣٨.

نسخة بخطّ محمّـد حسين بن محمّـد كاظم القزويني فرغ منها في يوم الثلاثاء رابع شعبان ١١٠٨ المتن مكتوب كلّه بالحمرة في ٢١٨ صفحة ، مقاسها ١٤ × ٥ / ٢١ تسلسل ٦٨٢.

 

۲۵۲

(١٣٨٨)

قلندر نامه

أوّلها : (سپاس وستايش مر خدا وندى راست كه آفريدگار زمين وزمانست ...).

نسخة بخطّ السيّد شمس الدين الأوقاتي ضمن مجموعة أخلاقية عرفانية قيّمة كلّها بخطّه الفارسي المنتهي في الروعة ، فرغ منها في جمادي الثانية سنة ١٢٧١ ، وهي من الورقة ١٣ أ ـ ٢١ أ ، رقم ١٣٣٥.

(١٣٨٩)

قلندر نامه

لخواجه عبد الله الأنصاري.

أوّله : (سپاس وستايش مر خداوندى را كه آفريد كار خلق زمين وزمانست ...) ...

دلا بعشق ومحبت نخست آلهى شد

پس انگهان پى اسرار حجيگاهى شد

قال شيخنا دامّ ظلّه في الذريعة نسخة منها كتبت في القرن العاشر في دار الكتب الوطنية بطهران رقم ١٨ / ٧٢٧ ف وأُخرى في كتب التقوى.

نسخة ناقصة الآخر كتابة القرن العاشر ، ضمن المجموعة رقم ٦ / ١٧٥٤.

 

۲۵۳

(١٣٩٠)

قناديل العسجدات

في معرفة أحكام القضاء والشهادات

تأليف الشيخ محمّـد بن محمّـد علي الهرندي الأصفهاني.

رتّبه على مقدّمة وصفة وقبتين في كلّ منها قناديل كلّ قبة جزء فالكتاب يقع في جزئين الجزء الأوّل في القضاء والجزء الثاني في الشهادات فرغ من القبة الأولى أي الجزء الأوّل سلخ شهر رمضان سنة ١٢١٢.

نسخة يشتمل على الجزئين والجزء الآخر غير تام والجزء الثاني بغير خطّ الجزء الأوّل وفرغ كاتب الجزء الأوّل ضحوة يوم الأربعاء ٣ ربيع الأوّل سنة ١٢٢٤ على نسخة الأصل بخطّ المصنّف غفر الله له ويظهر من ترحمه عليه أنّه توفّي قبل هذا التاريخ يقع في ٣٠٤ ورقة ، مقاسها ٨ / ١٤ × ٢١ رقم ٦٠٤ وبآخره بلغ قبالاً.

(١٣٩١)

قواعد الاحكام

نسخة قيّمة بخطّ سعد الدين بن فخر الدين بن عبد الله الحافظ الآملي فرغ منها أواخر ربيع الأوّل سنة ٨٢٧ وبخطّ جيّد مقرو والعناوين مكتوبة بخطّ أخشن وعليه تملّك الشيخ فضل الله النوري وختمه وختم مكتبته وخطّ علي أكبر وختمه تاريخ ختمه ١١٥٥ وغيرهما من الأعلام ٣١١ ورقة رقم ١٧٧٠.

 

۲۵۴

الجزء الأوّل بخطّ إبراهيم بن حسن الگوهرزي فرغ منه ٢٢ جمادى الثانية سنة ١٠٥١ في ٢٦٣ ورقة رقم ٨٠٩ وبأوّله فوائد قيّمة كثيرة منها أنّه سئل فخر المحققّين عن سبب قول والده رحمهما الله في القواعد في بعض مسائله على أشكال وفي بعضها فيه أشكال وفي بعضها فيه أشكال منشؤه كذا وفي بعضها على رأي وفي بعضها الأقرب وعلى قول وفيه قول والأقوى ثمّ جوابه عن ذلك كلّه تفصيلاً.

وغير ذلك من الفوائد وعليه خطّ العلاّمة السيّد أبو طالب الحسيني التبريزي.

الجزء الثاني من كتاب النكاح إلى نهاية الكتاب كتابة القرن الثاني عشر رقم ٨١٠.

الجزء الأوّل بخطّ يوسف بن خلف فرغ منه ١٨ شهر رمضان سنة ٩١٥ وكتب أوّله في النجف الأشرف أوراقه ١٩٦ رقمه ٥٤٣.

(١٣٩٢)

قواعد الأحكام

في معرفة الحلال والحرام

تصنيف العلاّمة الحلّي آية الله جمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف ابن المطهر الحلّي المتوفّى سنة ٧٢٦ كتاب قيّم يشتمل على مائة ألف واحد وأربعين مسألة عليه شروح وحواشي كثيرة.

نسخة قيّمة فاخرة بخطّ محمّـد بن الحسن بن الحسين الصلواتي ترجم له شيخنا في أعلام القرن الحادي عشر معروفاً فرغ منها ١٤ صفر سنة ٩٩٤ بخطّه الفاخر الجيّد وبأوّله شرح خطبة القواعد بقلم نجل المؤلّف فخر

 

۲۵۵

المحققّين محمّـد المتوفّى سنة ٧٧٠ وفائدة في الأوزان والمقادير الشرعيّة من إفادات العلاّمة ميرزا هادي الشيرازي مجموعها في ٢٧٢ ورقة تسلسل ٥٥ بهوامشه تعاليق كثيرة منها وهي أكثرها حواشي السيّد عميد الدين وحواشي نجل المؤلّف فخر الدين وعلى النسخة خطوط جملة من العلماء منهم ملاّ سهيل وتاريخ ختمه سنة ١٠٨٢ ومحمّـد مزيد بن محمّـد شفيع والشيخ أبو القاسم بن محمّـد رضا الجزائري والسيّد باقر بن محمّـد الحسيني والسيّد لطف علي الموسوي استعاره من الفاضل البهي ميرزا محمّـد علي اللاهيجي ومظفر محمود رضوي أو محمود مظفر.

(١٣٩٣)

القواعد الشريفية

في أُصول الفقه للسيد محمّـد شفيع بن علي أكبر الموسوي صاحب الروضة البهية المتوفّى سنة ١٢٨٠ يبدأ بمباحث الحقيقة والمجاز وينتهي بمباحث التعادل والترجيح.

ذكر شيخنا دامّ ظلّه أنّه من تقريرات أُستاذه شريف العلماء وقد طبع في إيران ومرّ بعنوان الأُصول الكربلائية وتمّمه بإلحاق بعض المبادئ اللغوية ولده السيّد علي أكبر المتوفّى بعده بسنتين سنة ١٢٨٢.

نسخة فرغ من تحريرها سنة ١٢٥٨ في ٢٨٣ ورقة بالقطع الكبير رقم ٦٦.

(١٣٩٤)

قواعد العقائد

للمحقّق الطوسي منه نسخة في الرضويّة كتبت سنة ٦٨٧.

 

۲۵۶

وقد طبعت مع الزام النواصب سنة ١٣٠٢ وعليها شرح اسمه الغرية منه نسخة في سپهسالار برقم ٢٩١٩.

نسخة بخطّ ضياء الدين بن سديد الدين الإسترابادي العربي فرغ منها سنة ٨٣١ وبعده كتاب قواعد المرام لابن ميثم البحراني بخطّ هذا الكاتب أيضاً وبينهما فوائد أدبية وأشعار عربية كثيرة لطيفة وعليه تملّك السيّد حيدر ابن إبراهيم الحسيني وختمه من أعلام القرن الثالث عشر رقم ٢٣٠٨.

(١٣٩٥)

قواعد القرآن

في التجويد مرتب على اثني عشر باباً ، فارسي أوّله : (الحمد لله ربّ العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة على خير خلقه محمّـد وآله وصحبه أجمعين باب أوّل در بيان استعاذه وبسمله)

نسخة قديمة بخطّ السيّد محمود بن يوسف بن سيّد مقصود الخوافي ، كتبها في بلخ سنة ٩٦٦ بأوّله كتاب ثاقب المناقب ، تسلسل ٦٩٤ ، وعليها حواشي منه ومن غيره فارسية وتصحيحات ومعها رسائل وفوائد في التجويد.

وبآخرها مستزاد فارسي منسوب إلى الشيخ فريد الدين العطار على نهج مستزاد المولى جلال الدين الرومي في معناه وعلى وزنه ورويه أوّله :

نقل قدم از مخزن اسرار بر آمد

خود گنج نهان شد

ومعها أيضاً مستزاد المولى الرومي أوّله :

هر لحظه بشكلى بت عيار برآمد

دل برد ونهان شد

 

۲۵۷

(١٣٩٦)

قواعد الكتريسته

فارسي لم أعرف مصنفه ، وهو أحد رجال القرن الثالث عشر.

نسخة منه بخطّ فارسي لعلّه خطّ مؤلّفه ، فرغ منها ١٦ شوّال ١٢٧٧ في ٨٤ ورقة ، رقم التسلسل ١٦٠٣.

(١٣٩٧)

القواعد الكلّية

الأُصولية والفرعية

ويعرف بالقواعد والفوائد تصنيف الشهيد الأوّل وهو الفقيه المحقّق الشيخ السعيد محمّـد بن مكي الشهيد سنة ٧٨٦ الجزيني العاملي وعليه عدّة شروح منها القلائد السنيّة للحرفوشي وطبع القواعد في إيران.

نسخة كتابة القرن الحادي عشر مقابلة مصحّحة جاء في آخرها : بلغ قبالاً بقدر الوسع والطاقة .. وتقع في ٢٧٢ ورقة رقم ٦١٤.

للموضوع صلة ...

 

۲۵۸

من ذخائر الترّاث

۲۵۹

 

۲۶۰

منهـاج الحـقّ واليقيـن

فـي تفضيـل علـيّ أميـر المؤمنيـن عليه‌السلام

علـى سـائر الأنبيـاء والمرسليـن عليهم‌السلام

ما خلا محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) خاتم النبيّين

تأليف

ولي بن نعمة الله الحسيني الرضوي الحائري

من أعلام القرن العاشر الهجري

تحقيـق

مشتاق صالح المظفر

 

۲۶۱

 

۲۶۲

مقـدّمة التحقيـق

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين ، والحمد حقّه كما يستحقّه حمداً كثيراً ، وأفضل الصلاة وأتمّ التسليم على خاتم الرسل وأشرف الخلائق أجمعين محمّـد وآله الطيّبين الطاهرين.

يدرك كلّ مشاهد إلى ما حولنا من العالم حقيقة واضحة وجليّة ، وهي أنّ هذا العالم تحكمه قوانين وسنن ، ويمكن لكلّ إنسان الوصول إلى هذه الحقيقة بأدنى نظرة إلى محيطه الذي يعيش فيه.

وهذه القوانين والسنن الكونية خاضعة للمشيئة الإلهية النابعة من الحكمة الربانيّة ، والعلم الذي لا يحيط به إلاّ هو سبحانه ، ولقد اقتضت الحكمة الإلهية ـ والتي لا يمكن أن يحيط بها أحد إلاّ بما شاء سبحانه : (وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيء مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ)(١) ـ أن يكون لكلّ مخلوق من مخلوقاته ، وكلّ آية من آياته مرتَبة ودرجة : (وَكُلُّ شَىء عِندَهُ بِمِقْدَار * عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ)(٢)فليس لدى الإنسان عندما يضع بين يديه الحقيقة الناصعة وهي : (إِنَّ اللهَ

__________________

(١) سورة البقرة ٢ : ٢٥٥.

(٢) سورة الرعد ١٣ : ٨ ـ ٩.

           

۲۶۳

بِكُلِّ شَيْء عَلِيمٌ)(١) و : (عَلَى كُلِّ شَيء قَدِيرٌ)(٢) ليس لدى الإنسان سوى التسليم والرضا بما أراد الله وشاء ، وذلك لحكمته سبحانه : (خَلَقَ السَّماوَاتِ وَالأرْضَ بِالْحَقِّ)(٣).

ومن هذه السنن الحاكمة للنظام الوجودي تفضيل بعض المخلوقات على بعض.

ومن الواضح لدينا أنّ الناس كذلك يختلفون في درجاتهم وقابليّاتهم واستعداداتهم وكمالاتهم ، وهذا أمر لا يختلف عليه اثنان.

والانبياء عليهم‌السلام ليسوا بمستثنين من هذه القاعدة ـ وهي التفضيل ـ كما يُنبئنا به القرآن الكريم : (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْض)(٤).

فكان النبيّ الخاتم صلوات الله عليه وآله أفضل الأنبياء ، بل أفضل المخلوقات ، كما نطقت بذلك الأخبار المتواترة الصحيحة لكلّ المسلمين ، ولم يخرج أهل بيته صلوات الله عليهم من هذه الدائرة ، وهي دائرة التفضيل ، وذلك بصريح قول النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «عليّ منّي وأنا من عليّ» ، و : «فاطمة بضعة منّي» و : «حسين منّي وأنا من حسين».

ولذا نرى علماءنا الماضين قد اهتمّوا بموضوع التفضيل اهتماماً كبيراً ، وأفردوا له كتباً ورسائل قلّ نظيرها في عصور المتأخرين ، ومنها هذه الرسالة التي بين أيدينا.

__________________

(١) سورة التوبة ٩ : ١١٥.

(٢) سورة البقرة ٢ : ١٠٦.

(٣) سورة الأنعام ٦ : ٧٣.

(٤) سورة البقرة ٢ : ٢٥٣.

           

۲۶۴

ترجمة المؤلِّف

السيّد ولي بن نعمة ا لله الحسيني الرضوي الموسوي الحائري فاضل عالم صالح محدِّث ، له عدّة كتب في المناقب ، قال الأفندي : ولم أعرف خصوص عصره.

عاصر سيّدنا المترجَم له والد الشيخ البهائي وسائر تلاميذ الشهيد الثاني ، والظاهر كان آخر كتاب ألّفه سنة ٩٨١ هـ ، وبين هذا وذاك حُصرت سنة وفاته فقيل بعد تأليفه كتاب كنز المطالب.

وعلى هذا فقد عدّه الشيخ الطهراني في كتابه إحياء الداثر من القرن العاشر من أعلام هذا القرن.

وكلّ من ترجم له لم يتسنّى له معرفة مشايخه في الرواية وأساتذته في الدرس ، وتلامذته والراوين عنه ، وكم له من الإجازات وممّن أخذها ولمن أعطى إجازة رواياته ، كلّ هذا بقي مجهولاً في صفحات التاريخ.

وحتّى لم تصل إليهم أيّة معلومة تُخبرهم من أيّ مدينة كان السيّد وفي أي بلد وُلد ، إلاّ أنّ الزركلي قال : إنّه من أهل كربلاء استظهاراً منه ؛ لمجاورته لحائر الإمام الحسين عليه‌السلام(١).

__________________

(١) انظر : إحياء الداثر من القرن العاشر : ٢٧٢ ، أعيان الشيعة ١٠ : ٢٨٠ ، أعلام الزركلي ٨ : ١١٨ ، أمل الآمل ٢ : ٣٣٩/١٠٤٢ ، تعليقة أمل الآمل : ٣٣٠ ، رياض العلماء ٥ : ٢٨٦ ، روضات الجنّات ٨ : ١٧٩/٨٣٣ ، الفوائد الرضوية : ٧٠٢ ، معجم رجال الحديث ٢٠ : ٢٢١/١٣٢٠ ، مستدركات علم الرجال ٨ : ١١٢/١٥٧٤١ ، كشف الحجب والأستار : ٣٨١ ، ٤٧٦ ، ٤٨٨ ، ٥٦٥ ، معجم المؤلّفين (كحالة) ١٣ : ١٦٩ ، معجم مؤلّفي الشيعة : ١٩٢.

           

۲۶۵

مؤلّفاته :

١ ـ أنوار السرائر ومصباح الزائر(١) :

كتبه باللغة الفارسية وهو مختصر في فضائل الأئمّة وزياراتهم عليهم‌السلام.

٢ ـ تحفة الملوك الذي هو خير من الذهب المسكوك(٢) :

في المواعظ والأخلاق ورتّبه على مقدّمة في كيفية التفكّر في صنع الصانع جلّ جلاله ، وثمانية أبواب :

الأول : في صفة الدنيا وحقيقة أحوالها وسرعة فنائها وعدم بقائها.

الثاني : في محاسبة النفس وكيفيّتها.

الثالث : في ذكر الموت.

الرابع : في المحشر وأهل يوم القيامة.

الخامس : في أحوال الماضين من الملوك والسلاطين.

السادس : في حسن العدل.

السابع : في قبح الظلم.

الثامن : في صفة الحلم وحسن عاقبة الحليم.

الخاتمة : في التواضع واحتقار النفس وذمّ التكبّر.

٣ ـ درر المطالب وغرر المناقب في فضائل عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام(٣).

وقد سمّاه البعض بكنز المطالب في فضائل عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام.

__________________

(١) الذريعة ٢ : ٤٢٩/١٦٨٨.

(٢) الذريعة ٣ : ٤٧٢/١٧٣٤.

(٣) الذريعة ٨ : ١٣٥/٥٠٧.

           

۲۶۶

٤ ـ العسل المصفّى في فضل الصلاة على النبيّ المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)(١).

رتّبه على ثمانية أبواب.

٥ ـ مجمع البحرين في فضائل السبطين(٢).

٦ ـ مصباح الزائرين في فضائل زيارة خامس آل العبا(٣) :

رتّبه على خمسة وعشرين باباً وخاتمة ، والباب الرابع والعشرين في فضل زيارة الإمام الحسين عليه‌السلام ليلة الجمعة ، وذكر فيه قصّة الأعمش مع جاره المنكر للزيارة ، وذكر في خاتمة الكتاب فضائل تربة كربلاء.

٧ ـ منهاج الحقّ واليقين في تفضيل أمير المؤمنين على سائر الأنبياء والمرسلين عليهم‌السلام(٤).

وقد جمع فيه الأدلّة والبراهين على تفضيله من كتب الفريقين ، ورتّبه على خمسة عشر مطلباً وفي بعض نسخ الكتاب أربعة عشر مطلباً. وقد نقل عنه السيّد البحراني في مدينة المعاجز.

وكتابنا هذا لم يطبع من قبل ، ولله الحمد الذي وفقنا لتحقيقه وطبعه بهذه الصورة القشيبة ، سائلين المولى القدير أن يوفّقنا دوماً لنشر فضائل أهل البيت عليهم‌السلام وبتسديد ودعاء مولانا ومولى الكونين إمامنا عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه‌السلام رزقنا الله في الدنيا زيارته ومجاورته ، وفي الآخرة شفاعته وصحبته إنّه مجيب الدعاء.

ونذكر الآن المصادر التي استفاد منها السيّد ولي مباشرة ، مع ذكر

__________________

(١) الذريعة ١٥ : ٢٦٣/١٧٠٧.

(٢) الذريعة ٢٠ : ٢٣/١٧٧٠.

(٣) الذريعة ٢١ : ١٠٨/٤١٥٧.

(٤) الذريعة ٢٣ : ١٥٩/٧٤٩٠.

           

۲۶۷

مؤلّفيها ومصادر الترجمة لكلّ مؤلّف :

١ ـ الأربعون :

رواية أسعد بن إبراهيم بن الحسن بن عليّ الإربلي(١).

ونحن بصدد تحقيقه ، وقد جمعنا نسخه وقابلناها مع بعض ، وسيتمّ قريباً إن شاء الله تعالى.

٢ ـ تفسير الإمام العسكري عليه‌السلام :

المنسوب للإمام العسكري عليه‌السلام(٢).

٣ ـ حلية الأولياء :

لأبي نُعيم أحمد بن عبـد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الأصبهاني(٣).

٤ ـ رسالة العلم اللدنّي (الرسالة اللدنّية) :

لأبي حامد محمّـد بن محمّـد بن أحمد الطوسي الشافعي الغزالي(٤).

__________________

(١) انظر : رياض العلماء ٢ : ٤١٣ ، أعيان الشيعة ٣ : ٢٩٤ ، الأنوار الساطعة في المائة السابعة : ١٧ ، الذريعة ١ : ٤١٠/٢١٣١ و ٤١٦/٢١٥٥ ، بحار الأنوار ١٣ : ٣١٢/٥٢ ، و ٣١٣.

(٢) انظر ما قاله الشيخ الطهراني في الذريعة ٤ : ٢٨٣/١٢٩٤ ، و ٢٨٥/١٢٩٥ ، حول الكتاب وفيه الكفاية.

(٣) انظر : سير أعلام النبلاء ١٧ : ٤٥٣/٣٠٥ ، العبر ٢ : ٢٦٢ حوادث سنة ٤٣٠ هـ ، تذكرة الحفاظ ٣ : ١٠٩٢ ، وفيات الأعيان ١ : ٩١ ، الوافي بالوفيات ٧ : ٨١ ، مرآة الجنان ٣ : ٤١ ، طبقات الشافعية الكبرى ٤ : ١٨/٢٥٣ ، طبقات الشافعية للأسنوي ٢ : ٤٧٤ ، تاريخ الإسلام حوادث سنة ٤٣٠ هـ ص٢٧٤/٣٢٨ ، هدية العارفين : ٧٤ (ضمن كشف الظنون ج٥).

(٤) انظر : سير أعلام النبلاء ١٩ : ٣٢٢/٢٠٤ ، وفيات الأعيان ٤ : ٢١٦/٥٨٨ ، الوافي بالوفيات ١ : ٢٧٤/١٧٦ ، مرآة الجنان ٣ : ١٣٦ حوادث سنة ٥٠٥ ، طبقات الشافعية    

۲۶۸

٥ ـ غاية المطلوب :

مخطوط ، ولم ينسبه المؤلّف.

٦ ـ الفردوس :

لشيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فناخسرو ... الديلمي ، أبو شجاع الهمذاني ، مؤرّخ همذان وكتاب الفردوس(١).

٧ ـ كتاب محمّـد بن مؤمن (نزول القرآن في شأن أمير المؤمنين عليه‌السلام) :

لمحمّد مؤمن الشيرازي(٢).

٨ ـ كشف الغمّة في مناقب الأئمّة عليهم‌السلام :

للشيخ بهاء الدين أبو الحسن عليّ بن عيسى بن أبي الفتح

__________________

الكبرى ٦ : ١٩١/٦٩٤ ، طبقات الشافعية للأسنوي ٢ : ١١١/٨٦٠ ، شذرات الذهب ٤ : ١٠/١٣ ، معجم المؤلّفين (كحالة) ١١ : ٢٦٦ ، هدية العارفين : ٧٩ (ضمن كشف الظنون ج٦).

(١) انظر : الوافي بالوفيات ١٦ : ٢١٧/٢٤٤ ، شذرات الذهب ٤ : ٢٣ ، طبقات الشافعية الكبرى ٧ : ١١١/٨٠٣ ، طبقات الشافعية للأسنوي ٢ : ٢١/٦٩٩ ، تذكرة الحفّاظ ٤ : ١٢٥٩/١٠٦٣ ، سير أعلام النبلاء ١٩ : ٢٩٤/١٨٦ ، العِبر ٢ : ٣٩٣ ، تاريخ الإسلام حوادث سنة ٥٠٩ هـ ص ٢١٩/٢٥٦ ، أعلام الزركلي ٣ : ١٧٩ ، معجم المؤلّفين (كحالة) ٤ : ٣٠٩ ، هدية العارفين : ٤١٩ (ضمن كشف الظنون ج٥).

(٢) انظر : المناقب لابن شهرآشوب ١ : ٣٢ ، معالم العلماء : ١١٨/٧٨٤ ، فهرست منتجب الدين : ١١٥/٣٩٣ ، الطرائف ١ : ١٣٧/١٣١ وص : ٢٠٧ ، رياض العلماء ٥ : ١٥٥ ، أمل الآمل ٢ : ٢٩٦/٨٩٣ ، الفوائد الرضوية : ٥٩٩ ، معجم المؤلّفين (كحالة) ١٢ : ٦٩ ، الذريعة ٢٤ : ١٠٦/٥٥٨ ، الثقات العيون في سادس القرون : ٢٩١ ، معجم رجال الحديث ١٨ : ١٩٢/١١٦٨٨ ، جامع الرواة ٢ : ١٨٦.

           

۲۶۹

الإربلي(١).

٩ ـ الكشكول :

لم ينسبه المؤلّف إلى أحد.

١٠ ـ كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام :

للحافظ أبو عبد الله محمّد بن يوسف بن محمّد الشافعي الكنجي(٢).

١١ ـ كنز جامع الفوائد : (جامع الفوائد) (كنز الفوائد) :

وعُرف الكتاب بأسماء أُخرى ، هو للشيخ علم بن سيف بن منصور النجفي الحلّي(٣).

١٢ ـ المجتبى في توضيح أسرار المصطفى والمرتضى :

لم ينسبه المؤلّف لأحد.

__________________

(١) انظر : رياض العلماء ٤ : ١٦٦ ، روضات الجنّات ٤ : ٣٤١/٤٠٧ ، أمل الآمل ٢ : ١٩٥/٥٨٨ ، الفوائد الرضوية : ٣١٤ ، الأنوار الساطعة في المائة السابعة : ١٠٧ ، الذريعة ١٨ : ٤٧/٦١٩ ، فوات الوفيات ٣ : ٥٧/٣٤٧ ، هدية العارفين : ٧١٤ (ضمن كشف الظنون ج٥) ، الغدير ٦ : ٦٨٧/٦٤ ، أعلام الزركلي ٤ : ٣١٨ ، البحار صفر : ١٤٥ ، وج١ : ١٠ ، معجم المؤلفين (كحالة) ٧ : ١٦٣.

(٢) انظر : تاريخ الإسلام حوادث سنة ٦٥٨ ص ٣٦٨ ترجمة ٤٦٩ ، الوافي بالوفيات ٥ : ٢٥٤/٢٣٣٤ ، كشف الظنون ٢ : ١٤٩٧ ، هدية العارفين ٢ : ١٢٧ ، معجم المؤلّفين (كحالة) ١٢ : ١٣٤ ، الأعلام للزركلي ٧ : ١٥٠ ، الكنى والألقاب ٢ : ٥٩٧/٦٣٠ ، معجم البلدان ٤ : ٥٤٧/١٠٤٠٧.

(٣) انظر : رياض العلماء ٣ : ٣٢١ ، أعيان الشيعة ٨ : ١٤٩ ، إحياء الداثر من القرن العاشر : ١٤٣ ، معجم المؤلّفين (كحالة) ٦ : ٢٩٤ ، كشف الحجب والأستار : ٤٧٥ ، الذريعة ٢ : ٦٦ (جامع الفوائد) ١٨ : ١٤٩ (كنز جامع الفوائد) ، بحار الأنوار ١ : ١٣ و ٣١.

           

۲۷۰

١٣ ـ مصباح الأنوار في فضائل إمام الأبرار :

للشيخ هاشم بن محمّـد(١).

١٤ ـ مطالب السؤول في مناقب آل الرسول :

لأبي سالم محمّـد بن طلحة بن الحسن القرشي العدوي النصيبي الشافعي(٢).

١٥ ـ المعراج :

للشيخ أبي جعفر الصدوق محمّـد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي(٣).

١٦ ـ مفاتيح الغيب (التفسير الكبير) :

لفخر الدين محمّـد بن عمر بن الحسين القرشي البكري

__________________

(١) انظر : رياض العلماء ٥ : ٣٠٤ ، الذريعة ٢١ : ١٠٣/٤١٣٦ ، الثقات العيون في سادس القرون : ٣٣١. وروضات الجنّات ٨ : ١٨٠/٧٣٥ ، أمل الآمل ٢ : ٣٤١/١٠٥٠ ، بحار الأنوار ١ : ٢١ و ٤٠ ، خاتمة المستدرك ١ : ١٢ ، إيضاح المكنون ٢ : ٤٩١ ، معجم المؤلّفين (كحالة) ١٣ : ١٣٣ ، كشف الحجب والأستار : ٥٢٦/٢٩٦١ ، الفوائد الرضوية : ٧٠٦ ، معجم رجال الحديث ٢٠ : ٢٧١/١٣٢٩٩.

(٢) انظر : سير أعلام النبلاء ٢٣ : ٢٩٣/٩٩ ، الوافي بالوفيات ٣ : ١٧٦/١١٤٦ ، طبقات الشافعية الكبرى ٨ : ٦٣/١٠٧٦ ، طبقات الشافعية للأسنوي ٢ : ٢٨٢/١٢٠٠ ، مرآة الجنان ٤ : ٩٩/ حوادث سنة ٦٥٢ هـ ، العبر ٣ : ٢٦٩ ، تاريخ الإسلام حوادث سنة ٦٥٢ هـ ص ١٣٤/٨٥ ، الأعلام للزركلي ٦ : ١٧٥ ، معجم المؤلّفين (كحالة) ١٠ : ١٠٤ ، هدية العارفين : ١٢٥ (ضمن كشف الظنون ج٦) وذكره بلقب الحفار.

(٣) انظر : رجال النجاشي : ٣٨٩/١٠٤٩ ، فهرست الطوسي : ٢٣٧/٧١٠ ، رياض العلماء ٥ : ١١٩ ، روضات الجنّات ٦ : ١٣٢/٥٧٤ ، أمل الآمل ٢ : ٢٨٣/٨٤٥ ، أعيان الشيعة ١٠ : ٢٤ ، الذريعة ٢١ : ٢٢٦/٤٧٣٧ ، البحار صفر : ٦٩ ، معالم العلماء : ١١١/٧٦٤ ، الفوائد الرضوية : ٥٦٠.

           

۲۷۱

الطبرستاني(١).

١٧ ـ مقتضب الأثر في إمامة الاثني عشر :

لأحمد بن محمّـد بن عبيد الله بن الحسن بن عيّاش بن إبراهيم بن أيّوب الجوهري(٢).

١٨ ـ المناقب (مائة منقبة) لابن شاذان :

هو الشيخ أبو الحسن محمّـد بن أحمد بن عليّ بن الحسن بن شاذان ، الفقيه النبيه القمّي الإمامي(٣).

١٩ ـ المناقب :

للموفق بن أحمد بن محمّـد أبو المؤيّد المكّي ، العلاّمة خطيب خوارزم(٤).

__________________

(١) انظر : سير أعلام النبلاء ٢١ : ٥٠٠/٢٦١ ، تاريخ الإسلام : حوادث سنة ٦٠٦ هـ ص ٢٠٤/٣١١ ، وفيات الأعيان ٤ : ٢٤٨/٦٠٠ ، الوافي بالوفيات ٤ : ٢٤٨/١٧٨٧ ، طبقات الشافعية الكبرى ٨ : ٨١/١٠٨٩ ، أعلام الزركلي ٦ : ٣١٣ ، معجم المؤلّفين (كحالة) ١١ : ٧٩.

(٢) انظر : رجال النجاشي : ٨٥/٢٠٧ ، رجال الطوسي : ٤٤٩/٦٤ ، النابس في القرن الخامس : ٢٣ ، أعيان الشيعة ٣ : ١٢٥ ، معجم رجال الحديث ٣ : ٧٧/٨٨٤.

(٣) انظر : أمل الآمل ٢ : ٢٤١/٧١٢ ، رياض العلماء ٥ : ٢٦ ، روضات الجنّات ٦ : ١٧٩/٥٧٧ ، معالم العلماء : ١١٧/٧٧٨ ، الفوائد الرضوية : ٣٩٠ ، النابس في القرن الخامس : ١٥٠ ، خاتمة المستدرك ٣ : ١٣٨ ، أعيان الشيعة ٩ : ١٠١ ، كشف الحجب والأستار : ٥٥٥/٣١٢٩ ، بحار الأنوار ١ : ٤٠ ، تكملة الرجال ٢ : ٣٣٥ ، معجم المؤلّفين (كحالة) ٨ : ٢٩٥ ، معجم رجال الحديث ١٥ : ١٧/١٠١٢٧ ، الذريعة ٢ : ٤٩٤/١٩٤٢ ، و ١٦ : ٢٥١/١٠٠٢ ، و ١٩ : ٢/١٠ ، هدية العارفين : ٦٣ (ضمن كشف الظنون ج٦).

(٤) انظر : تاريخ الإسلام للذهبي حوادث سنة ٥٦٨ هـ ص ٣٢٦ ترجمة ٣٠٥ ، إنباه

           

۲۷۲

٢٠ ـ المناقب (مناقب آل أبي طالب) :

لفخر الشيعة ، وتاج الشريعة ، أفضل الأوائل ، والبحر المتلاطم الزخار الذي ليس له ساحل ، محيي آثار المناقب والفضائل ، رشيد الملّة والدين ، شمس الإسلام والمسلمين ، أبو عبـد الله محمّـد بن عليّ بن شهرآشوب بن أبي نصر السروي المازندراني(١).

٢١ ـ منهج التحقيق إلى سواء الطريق :

كلّ من نقل عنه نسبه إلى أحد علماء الإمامية(٢).

٢٢ ـ كتاب النصرة :

لم ينسبه المؤلّف ، لأحد من العلماء.

النسخ المعتمدة :

١ ـ النسخة المحفوظة في مكتبة جامعة طهران ، كتبها السيد

__________________

الرواة على أنباه النحاة ٣ : ٣٣٢ ترجمة ٧٧٩ ، الجواهر المضيّة في طبقات الحنفية ٣ : ٥٢٣ ترجمة ١٧١٨ ، العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين ٦ : ١٤٢ ترجمة ٢٥٦٠ ، بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة ٢ : ٣٠٨ ترجمة ٢٠٤٦.

(١) أنظر : أمل الآمل ٢ : ٢٨٥/٨٥١ ، الثقات العيون في سادس القرون : ٢٧٣ ، رياض العلماء ٥ : ١٢٤ ، روضات الجنّات ٦ : ٢٩٠/٥٨٥ ، الفوائد الرضوية : ٥٦٨ ، نقد الرجال ٤ : ٢٧٦/٥٧٥ ، خاتمة المستدرك ٣ : ٥٦/د ، أعيان الشيعة ١٠ : ١٧ ، معجم رجال الحديث ١٧ : ٣٥٤/١١٣٣٢ ، بحار الأنوار صفر : ١٤١ ، وج ١ : ٩ ، معالم العلماء : ١١٩/٧٩١ ، تاريخ الإسلام : حوادث سنة ٥٨٨ ص ٣٠٩/٣١٥ ، لسان الميزان ٦ : ٣٩٥/٧٨٨٩ ، طبقات المفسّرين للداوودي ٢ : ٢٠١/٥٣٨ ، الوافي بالوفيات ٤ : ١٦٤ ، بغية الوعاة ١ : ١٨١/٣٠٤ ، كشف الظنون ١ : ٧٧ ، إيضاح المكنون ١ : ٦٩ ، ١٠٣ ، و ٢ : ٢٨٨ ، ٤٢١ ، ٤٢٧ ، ٤٥٢ ، ٥٦٠ ، هدية العارفين ٢ : ١٠٢ ، ووصفة بالطبرسي ، معجم المؤلّفين (كحالة) ١١ : ١٦.

(٢) انظر : الذريعة ٢٣ : ١٨٤/٨٥٧٠.

           

۲۷۳

حسن بن مهدي الحسني الطباطبائي في مدينة تبريز سنة ١٣٢٤ هـ ، وقال : وقد كتبته لنفسي ، ولذا وجدنا فيها عبارات زائدة لم ترد في بقية النسخ وقد وضعناها في الهامش ، وهي نسخة كاملة وفيها مطلب بأكمله لم يرد في النسختين الاُخرتين. رمزنا لها بحرف «ط».

٢ ـ النسخة المحفوظة في مكتبة الإمام الرضا عليه‌السلام (آستان قدس رضوي) في مشهد المقدّسة ، كتبها نظرخان گيلاني في سنة ١٠٦٩ هـ ، وهي نسخة كاملة تحتوي على أربعة عشر مطلباً. رمزنا لها بحرف «ق».

٣ ـ النسخة المحفوظة في مكتبة آية الله العظمى السيد محسن الحكيم قدس‌سره في النجف الأشرف ، ولم يُذكر في الصفحة الأخيرة اسم ناسخها ولا تاريخ كتابتها. وهي نسخة كاملة تحتوي على أربعة عشر مطلباً. رمزنا لها بحرف «م».

منهجية التحقيق :

عندما حصلت على نسخة الكتاب من مكتبة جامعة طهران ، عمدت فوراً إلى كتابتها من ألفها إلى يائها ، تيمّناً وتبرّكاً بفضائل مولاي وسيّدي ونور عيني أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، فقد ورد في الحديث الشريف عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : «لأخي عليّ بن أبي طالب فضائل لا يُحصى عددها ـ إلى أن قال ـ : ومن كتب فضيلة من فضائل عليّ بن أبي طالب عليه‌السلاملم تزل الملائكة تستغفر له ما بقي لتلك الكتابة رسم» الحديث موجود في أمالي الصدوق : ٢٠١/١٠.

ومن ثّم قمت بالمهام التالية :

 

۲۷۴

١ ـ بعدما أتممت كتابة النسخة «ط» قابلتها مع نسختي «ق ، م» ، وحين المقابلة وجدت هناك عبارات لا توجد في النسختين بل كتبها الناسخ لنفسه كما صرّح في آخر صفحة «ط» فأنزلتها في الهامش.

٢ ـ استفاد المصنّف من عدّة مصادر متقدّمة فبعضها صرّح باسمها في المتن وفي البعض الآخر لم يصرّح ، ففي القسم الأوّل ذكرنا اسم المصدر أوّلاً ومن ثمّ المصادر التي أوردت الحديث نصّاً ، وفي القسم الثاني أطلقنا عنان التخريج فذكرنا ما بوسعنا عدداً أكثر من المصادر المتقدّمة والمتأخرة. وقمنا أيضاً بتخريج الآيات الكريمة من القرآن المجيد وإعرابها.

٣ ـ بعد أن قمنا بهاتين العمليّتين المتقدّمتين ما بقي علينا إلاّ أن نضبط المتن ، لكي نقدّم للقارئ العزيز متناً عربيّاً سليماً من التلكؤات ، ونصّاً متماسكاً مترابط العبارات ، فلجأنا ـ واللجوء عادة يكون اضطرارياً بالطبع ـ إلى عملية التلفيق بين النسخ مع الإشارة في الهامش أنّ هذا مثبت من «ق» أو من «م» أو هذا لم يرد في «ط» يعني أنّه مثبت من كلا النسختين ، أو هذا لم يرد في «ق» أو لم يرد في «م».

٤ ـ نرى دائماً أنّ الفهرسة تعتمد اعتماداً كليّاً على موضوعيّة الكتاب ، فبعض الكتب نجدها تتحمل إلى عشرين نوعاً من الفهرسة ، لكثرة مواضيعه وتفرّعاته وصفحاته ، وبعض لا يحتمل إلاّ لثلاثة أنواع أو أكثر بقليل لالتزام المؤلّف بموضوع خاص.

ونحن حدّدنا أنفسنا في فهرسة الكتاب ؛ لأنّ موضوعه واحد وصفحاته قليلة فذكرنا فهرس للآيات الكريمة والأحاديث الشريفة ومصادر التحقيق وختامه الفهرس الموضوعي.

 

۲۷۵

اعتراف واعتذار :

لا بدّ للإنسان من زلل وعثار ، لماذا؟ لإنّه أضعف الموجودات ،

فيا أيّها القارئ النبيه كلّما وجدت من خلل أو خطأ في المتن أو الهامش فتذكّر أني إنسان والإنسان معرّض للسهو والنسيان ، فعليك بحفظ اللسان. فأنا أعترف دوماً بالتقصير ، وأعتذر لأنّي أتطفّل دوماً على مقام التحقيق ، سائلاً المولى التسديد والتوفيق والمسير على خير طريق.

والحمد لله وصلّى الله على نبيّنا محمّـد وآله الطيبين الطاهرين.

الفقير إلى رحمة ربّه الغني

مشتاق صالح المظفر

١٧ ربيع الأوّل ١٤٢٨ هـ

مولد النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)

 

۲۷۶

 

۲۷۷

 

۲۷۸

 

۲۷۹

 

۲۸۰

 

۲۸۱

 

۲۸۲

 

۲۸۳

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي بفضله أوضح لنا(١) سبيل(٢) الهدى واليقين ، ومنَّ علينا بمحمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) خاتم النبيّين إذ بعثه رحمة للعالمين ، وجعلنا من أُمّته خير أُمم المرسلين ، وهدانا إلى ولاية مولانا(٣) أمير المؤمنين ، ولم يجعلنا من المكذِّبين الضالّين ، وصلّى الله على أشرف المخلوقين ، وخاتم الأنبياء والمرسلين محمّـد الذي خصّه الله نبيّاً وآدم بين الماء والطين ، وعلى آله الطيّبين وذرّيته الأكرمين ، صلاةً تتعاقب عليهم تعاقب الشهور والسنين(٤).

أمّا بعد(٥) :

فيقـول أقـلّ خلـق الله علمـاً وعمـلاً(٦) ، وأكثـرهم جرمـاً(٧) وزللاً ، الـفقيـر إلـى الله(٨) الغنـي ، والمعتـصـم بحـول الله وقوّتـه القـويّ ،

__________________

(١) في «ط» : أوضح لنا بفضله.

(٢) في «م» : سبل.

(٣) في «ق» : بولاية عليّ. بدل من : إلى ولاية مولانا. وفي «م» : بولاية عليّ بن أبي طالب عليه‌السلامأمير المؤمنين.

(٤) في «ط» : (وذريعة الأكرمين من آل طه ويس ، ولعنة الله على أعدائهم ومبغضيهم وشانئيهم ومنكريهم والشاكّين فيهم ، والمنحرفين عنهم أجمعين. صلاة تتعاقب عليهم بتعاقب الشهور والسنين ، ولعنة وبيلة تتجدّد في كلّ آن وحين ، وعدد ما في علم ربّ العالمين ، آمين آمين ثمّ آمين) بدل من : (وعلى آله الطيبين وذرّيته الأكرمين صلاة تتعاقب عليهم تعاقب الشهور والسنين).

(٥) في «م» : وبعد.

(٦) في «ق ، م» : الخلائق عملاً. بدل من : خلق الله علماً وعملاً.

(٧) (جرماً) لم ترد في «ق ، م».

(٨) لفظ الجلالة (الله) لم يرد في «ق».

           

۲۸۴

ولـيّ(١) بـن نعمة الله الحسيني الرضويّ الحائريّ : إنّه قد جرى البحث بين أصحابنا من الفرقة(٢) الإمامية فبعضهم قالوا : إنّ أمير المؤمنين(٣) عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام أفضل من الأنبياء عليهم‌السلام ، وبعض منهم قالوا : إنّ عليّاً عليه‌السلاملا يُفضّل على الأنبياء(٤) وثبتوا على قولهم.

فالتمس منّي(٥) بعض الأخلاّء حسن الأخـوان(٦) وزيـن الأصـدقاء مـن أهل الزمـان ، وهو ذو الخصائل الرضيـة ، والصفات المرضيّـة ، والأفعـال الزكيـة ، والأخـلاق البهيّـة ، والسعـادة الأبديّـة ، الفائق بين الأنام من الأمثال والأقران ، على كافّة الأصحاب والأخوان ، الموفّق بتوفيقات الله(٧) الصمد القوي مولانا(٨) الخواجة عليّ الآملي(٩) أن أجمع شيئاً من الدلائل الواضحة والبراهين اللائحة ، ما يطابق الحقّ(١٠) ، فجمعت هذه الرسالة إجابة لملتمسه من كتب الفريقين وسمّيته : «منهاج الحقّ واليقين في تفضيل عليّ أمير المؤمنين عليه‌السلام على سائر(١١) الأنبياء والمرسلين عليهم‌السلام ما خلا محمّـد خاتم النبيّين صلّى الله عليه وآله

__________________

(١) في «ط» : وليّ الله.

(٢) في «ط»: الفرق.

(٣) (أمير المؤمنين) : لم يرد في «ق ، م».

(٤) قوله : (وبعض منهم قالوا : إنّ عليّاًعليه‌السلام لا يُفضّل على الأنبياء) لم يرد في «ق».

(٥) في «ق» : التمس. بدل من : فالتمس منّي.

(٦) (حسن الأخوان) لم يرد في «ق». وفي «م» : من الاخوان.

(٧) لفظ الجلالة (الله) أثبتناه من «ق».

(٨) (مولانا) لم يرد في «ق».

(٩) في «ط» زيادة : بلّغه الله إلى آماله الديني والدنيوي.

(١٠) في «ط» زيادة : الواقع.

(١١) في «ط» : كافة.

           

۲۸۵

المعصومين(١)» ، ورتّبته على عدّة مطالب.

أقول ـ ومن الله(٢) التوفيق ومنه الهداية إلى حقّ الحقيق(٣) ـ :

أمّا حجّة القائلين بتفضيل عليّ أمير المؤمنين(٤) على الأنبياء والمرسلين(٥) فهو ما رواه أحمد بن حنبل في «مسنده» : عن عائشة أنّها قالت : سمعت(٦) رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول في معنى الخوارج : «إنّهم شرّ الخلق والخليقة ، فيقتلهم خير الخلق والخليقة ، وأقربهم عند الله وسيلة»(٧).

وأيضاً يكفي في ذلك كونه عليه‌السلام نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) التي هي أشرف النفوس من جميع مخلوقات الله(٨) بقول الله عزّوجلّ : (وَأَنْفُسَنَا

__________________

(١) قوله : (ما خلا محمّـد خاتـم النبيّين صلّى الله عليـه وآله المعصوميـن) لم يرد في «ق ، م».

(٢) في «ق ، م» : وبالله.

(٣) قوله : (ومنه الهداية إلى حقّ الحقيق) لم يرد في «ق ، م».

(٤) (أمير المؤمنين) أثبتناه من «ق ، م».

(٥) (والمرسلين) أثبتناه من «ق». وفي «م» : على كلّ الأنبياء. من دون ذكر (المرسلين).

(٦) في «ط» : سمعت عن.

(٧) أورده القاضي المغربي في شرح الأخبار ١ :١٤٢/ ذيل حديث ٧٤ و ٢ : ٦٠/٨٦ ، الكوفي في مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام ٢ : ٣٦١/ ذيل حديث ٨٣٩ ، و ٥٣٤/ ذيل حديث ١٠٣٥ ، الطبري في المسترشد : ٢٨١/٩٢ ، ابن المغازلي في المناقب : ٥٦/ ذيل حديث ٧٩ ، ابن شهرآشوب في المناقب ٣ : ٨٦ ، الطبري في بشارة المصطفى لشيعة المرتضى : ٣٧١/٥ ، ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ٢ : ٢٦٧ ، الإربلي في كشف الغمة ١ : ١٥٩ ، ابن جبر في نهج الإيمان : ٥٥٩ ، الإحسائي في عوالي اللئالي ٤ : ٨٧/١١٠ ، الحلّي في المحتضر : ٩٥ ، النباطي العاملي في الصراط المستقيم ٢ : ٧٠ ، الشيرازي في الأربعين : ٤٥٨.

(٨) في «ق ، م» : مخلوقاته. بدل من : مخلوقات الله.

           

۲۸۶

وَأَنْفُسَكُمْ) (١) ، فإذا كانت نفسه (صلى الله عليه وآله وسلم) أشرف نفوس العالمين ، وعليّ عليه‌السلام نفسه (صلى الله عليه وآله وسلم) وشقيق نوره ؛ فحينئذ عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام(٢)أفضل من الأنبياء عليهم‌السلام.

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان أطيب الناس كلاماً ، عليّ أولى الناس به ؛ لأنّه نفسه(٣)؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أحسن الناس خَلْقاً وخُلُقاً ، عليّ أولى الناس به ؛ لأنّه نفسه(٤)؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أشجع الناس كافّة ، عليّ أولى الناس به ؛ لأنّه نفسه؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أفضل الناس حسباً وأجلّهم نسباً ، عليّ عليه‌السلامأولى الناس به ؛ لأنّه نفسه(٥)؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أبرأ الناس عن عبادة الأوثان ، عليّ عليه‌السلام أولى الناس به ؛ لأنّه نفسه(٦)؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يأكل ممّا ذُبح على النصب(٧) ، عليّ عليه‌السلامأولى الناس به ؛ لأنّه نفسه؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أعلم(٨) الناس علماً ، وهو (٩) مدينة العلم ،

__________________

(١) سورة آل عمران ٣ : ٦١.

(٢) (بن أبي طالب عليه‌السلام) أثبتناه من «م».

(٣) هذه الفقرة لم ترد في «م».

(٤) (لأنّه نفسه) أثبتناه من «ق».

(٥ و ٦) (لأنّه نفسه) أثبتناه من «م».

(٧) في «م» : يأكل ما ذبح على النصب.

(٨) في «ق» : أولى. وفي «م» : أوفى.

(٩) في «ط» : وكان.

           

۲۸۷

عليّ عليه‌السلام أولى الناس به ؛ لأنّه لمدينة العلم باب؟!

أليس إذا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في جيش كان هو الأمير ، عليّ عليه‌السلامأولى الناس به ؛ لأنّه نفسه وبمنزلة سمعه وبصره ورأسه من جسده؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يفرّ من الزحف ، عليّ عليه‌السلام أولى الناس به؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان المطهَّر من كلّ دَنَس ، عليّ عليه‌السلام أولى الناس به؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ألقى في قلوب أوليائه المحبّة ، عليّ عليه‌السلامأولى الناس به ؛ لأنّه قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «عليّ منّي وأنا من عليّ» ، فكيف لا يكون عليّ عليه‌السلامأولى الناس به؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أدخل(١) في قلوب الكافرين(٢) الرعب ، عليّ عليه‌السلام أولى الناس به؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المخصوص بسكنى(٣) المسجد ، وعليّ عليه‌السلامخُصَّ كذلك ، عند سدّ أبواب سائر الأصحاب(٤) ، فكيف لا يكون عليّ عليه‌السلامأولى الناس به؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حبّه إيمان وبغضه كفر ، كذلك عليّ عليه‌السلام حبّه إيمان وبغضه كفر(٥) ، فكيف لا يكون عليّ عليه‌السلام أولى الناس به؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال الله تعالى في حقّه : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ

__________________

(١) في «ق» : ألقى.

(٢) في «ق» : أعدائه. وفي «م» : الذين كفروا.

(٣) في «ط» : مخصوص بسكن. وفي «م» : المخصوص بسكن.

(٤) في «م» : الصحابة.

(٥) قوله : (كذلك عليّ حبّه إيمان وبغضه كفر) أثبتناه من «ق ، م».

           

۲۸۸

تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهَ)(١) ، عليّ عليه‌السلام أولى الناس به؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال الله تعالى في حقّه : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ)(٢) ، عليّ عليه‌السلام أولى الناس به؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أوضح الناس بياناً ، وأقوى الناس جناناً ، عليّ عليه‌السلام أولى الناس به؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أهدى الناس هدىً ، عليّ عليه‌السلام أولى الناس به؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أسمح الناس كفّاً ، عليّ عليه‌السلام أولى الناس به؟!

أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال في غدير خُم : «من كنت مولاه فعليّ مولاه»(٣) فرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(٤) مولى جميع خلق الله ، فكيف لا يكون عليّ عليه‌السلام كذلك وهو أولى الناس به(٥)؟!

__________________

(١) سورة آل عمران ٣ : ٣١.

(٢) سورة النساء ٤ : ٨٠.

(٣) هذا هو حديث الغدير ، وهو متواتر ذُكر في كتب الفريقين تكراراً ومراراً.

(٤) في «ط» : وعليّ. بدل من : فرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

(٥) في «ط» زيادة : ونفسه.

           

۲۸۹

المطلب الأوّل

من كتاب «مقتضب الأثر في إمامة الإثني عشر» : وهو ما رواه أحمد بن محمّـد بن صالح ، عن سليمان(١) بن محمّـد ، عن زياد بن مسلم(٢) ، عن عبدالرحمن ، عن زيد بن جابر ، عن سلام بن أبي عمرة(٣) ، عن أبي سلمى(٤) ـ راعي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ قال : سمعت رسول الله يقول : «ليلة أُسري بي إلى السماء ، قال الجليل(٥) جلّ جلاله : (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ ـ فقلت ـ : وَالْمُؤْمِنُونَ)(٦) فقال تعالى : صدقت يا محمّـد ، مَنْ خلّفت(٧) في أُمّتك(٨)؟ قلت : خيرها ، قال الله تعالى : عليّ بن أبي طالب؟ قلت : نعم.

قال : يا محمّـد ، إنّي اطّلعت على الأرض(٩) اطّلاعة فاخترتك منها ، فشققت لك اسماً من أسمائي ، فلا أُذكر في موضع إلاّ وذُكرت معي ، فأنا المحمود وأنت محمّـد.

__________________

(١) في «ق ، م» : سلمان.

(٢) في المقتضب والبحار : الريّان بن مسلم.

(٣) في «ق ، م» : عن سلامة ، وما في المتن أثبتناه من المصدر والبحار. ولم يرد الاسم في «ط».

(٤) في «ط ، ق» : عن أبي سلمان ، وفي «م» : عن أبي سليمان ، وما في المتن أثبتناه من المصدر والبحار.

(٥) في «م» : قال لي الجليل.

(٦) سورة البقرة ٢ : ٢٨٥.

(٧) في «ق ، ط» زيادة : في الأرض.

(٨) في المصدر والبحار : لاُمّتك.

(٩) في «ق» : إلى الأرض. وفي «م» : على أهل الأرض.

           

۲۹۰

ثمّ اطّلعت ثانية(١) فاخترت منها عليّاً ، وشققت له اسماً من أسمائي ، فأنا الأعلى وهو عليّ.

يا محمّـد ، إنّي خلقتك وخلقت عليّاً وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة من ولده من نوري ، وعرضت ولايتكم على أهل السماوات والأرض ، فمن قَبِلَها كان عندي من المؤمنين ، ومن جحدها كان عندي من الكافرين.

يا محمّـد ، لو أنّ عبداً من عبيدي عبدني حتّى ينقطع أو يصير كالشنّ البالي ، ثمّ أتاني جاحداً لولايتكم ما غفرت له حتّى يقرّ بولايتكم.

يا محمّـد ، أتحبّ أن تراهم؟ قلت : نعم يا ربّ ، فقال لي : التفت عن(٢) يمين العرش ، فالتفتُّ فإذا بعليّ وفاطمة والحسن والحسين وعليّ بن الحسين ومحمّـد بن عليّ وجعفر بن محمّـد وموسى بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمّـد بن عليّ وعليّ بن محمّـد والحسن بن عليّ والمهدي ، في ضحضاح من نور قياماً يصلّون وهو في وسطهم ـ يعني المهدي عليه‌السلام ـ»(٣).

ومن ذلك ما رواه محمّـد بن مؤمن في كتابه(٤) : في تفسير قوله

__________________

(١) في «ط» : ثانياً. وكلاهما لم يردا في المصدر والبحار.

(٢) في «ط» : إلى ، وفي «م» : من ، وما في المتن من «ق».

(٣) مقتضب الأثر : ١٠ ـ ١١ ، وعنه في بحار الأنوار ٣٦ : ٢١٦/١٨ ، وأورده ابن شاذان في مائة منقبة : ٦٤/١٧ ، الطوسي في الغيبة : ١٤٧/١٠٩ ، الخوارزمي في مقتل الحسين عليه‌السلام : ٩٥ ، ابن طاووس في الطرائف ١ : ٢٥٥/٢٧٠ ، الشيرازي في الأربعين : ٣٥٣ ، شرف الدين الاسترآبادي في تأويل الآيات ١ : ٩٨/٩٠ ، الحرّ العاملي في الجواهر السنيّة : ٢٤١.

(٤) اسم كتابه : (نزول القرآن في شأن أمير المؤمنين عليه‌السلام) مخطوط.

           

۲۹۱

تعالى : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ)(١).

بإسناده إلى أنس بن مالك ، قال : سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن قوله تعالى : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ) ، قال : «إنّ الله تعالى خلق آدم عليه‌السلام من طين حيث شاء ، ثم قال : (وَيَخْتَارُ) إنّ الله تعالى اختارني وأهل بيتي على جميع الخلق فانتخبنا(٢) ، وجعلني الرسول ، وجعل عليّ بن أبي طالب الوصيّ ، ثمّ قال : (مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) يعني : ما جعلت للعباد أن يختاروا ، ولكن أختار من أشاء ، فأنا وأهل بيتي صفوة الله وخيرته من خلقه».

ثمّ قال : (سُبْحَانَ اللهِ وَتَعالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [الله منزّه عمّا يشركون] (٣) به كفّار مكّة(٤) ، ثمّ قال : (وَرَبُّكَ ـ يعني يا محمّـد ـ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُم ـ من بغض المنافقين لك ولأهل بيتك ـ وَمَا يُعْلِنُونَ)(٥)[من الحبّ لك ولأهل بيتك] (٦)»(٧).

وأيضـاً من ذلك ما ذكـره أبو نعيـم في كتابه الذي استخرجـه من كتـاب «الاستيعـاب»(٨) في تفسيـر قوله تعالـى : (وَاسْـأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَـا

__________________

(١) سورة القصص ٢٨ : ٦٨.

(٢) في «م» : فانتجبنا.

(٣) ما بين المعقوفتين أثبتناه من الطرائف والبحار.

(٤) في «ق» : كفّار أهل مكّة.

(٥) سورة القصص ٢٨ : ٦٩.

(٦) ما بين المعقوفتين أثبتناه من الطرائف والبحار.

(٧) نقله ابن طاووس عن محمّـد بن مؤمن في الطرائف ١ : ١٤٠/١٣٦ ، وعنه في البحار ٣٦ : ١٦٧ الشيرازي في الأربعين : ٤٠ ، ابن شهرآشوب في المناقب ١ : ٣١٦ ، وأورد صدره القاضي المغربي في شرح الأخبار ٢ : ٥٧٣/٧٠٣.

(٨) (الاستيعاب) لم يرد في «م».

           

۲۹۲

مِنْ قَبْلِكَ مِن رُسُلِنَـا)(١) على ما بعثـوا؟ فقـال : إنّ النبـيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلة أُسـري به جمـع الله بينه وبيـن الأنبيـاء ، ثمّ قـال له : «سلهـم يـا محمّـد علـى مـاذا بُعثتـم؟ فسألـهم(٢) ، فقالـوا : بُعثنـا على شهـادة أن لا إلـه إلاّ الله ، والإقـرار بنبوّتـك ، وعلـى الولايـة لعليّ بن أبـي طالب»(٣).

هذا الخبر ما ذكره(٤) ابن عبد البرّ في كتاب الاستيعاب.

قال أبو جعفـر الطوسـي : انظـر الآن أيُّها المستبصـر لنفسـك فـي فوزهـا وسعادتهـا ، وقربهـا إلـى ربّهـا عزّ وجـلّ ، كيف افتـرض الله علـى الأنبيـاء آدم ومـن دونـه(٥) ، مـن الإقـرار بولايـة أميـر المؤمنيـن عليه‌السلاموجليـل قـدره ، وما خصّـه الله تعالـى مـن الكرامـة والتعظيـم ، إذ قـرن ولايتـه والإقـرار بهـا بنبـوّة الرسـول (صلى الله عليه وآله وسلم) ووحدانيتـه جـلّ وعـلا ، ومـن افتـرض الله تعالـى الإقـرار بولايتـه علـى الأنبيـاء آدم ومـن دونـه ،

__________________

(١) سورة الزخرف ٤٣ : ٤٥.

(٢) في «ق» : على ما بُعثتم إذ بُعثتم. وفي «م» : على ما بُعثتم.

(٣) أورده الحسكاني في شواهد التنزيل : ٢ : ١٥٧/٨٥٧ ، عن ابن مسعود ، باختلاف يسير ، ابن البطريق في العمدة ٣٥٢/٦٨٠ ، وخصائص الوحي المبين : ١٧٠/١٢١ ، عن أبي نعيم في كتابه الذي استخرجه من كتاب الاستيعاب ، ابن طاووس في الطرائف ١ : ١٤٥/١٤٧ ، عن أبي نعيم ، وكذلك ابن جبر في نهج الإيمان : ٥٠٥ ـ ٥٠٦ ، وشرف الدين الاسترآبادي في تأويل الآيات ٢ : ٥٦٢/٢٨ ، عن أبي نعيم ، الشيرازي في الأربعين : ٤٢ ، عن تفسير الثعلبي ، وباختصار في الفردوس للديلمي ٥ : ٤١٤/٨٥٩٢.

وأورده دون الشهادة الأُولى ابن شاذان في مائة منقبة : ١٤٣/٨٣ ، عن ابن عبّاس ، الخوارزمي في المناقب : ٣١٢/٣١٢ ، عن ابن مسعود ، الإربلي في كشف الغمّة ١ : ٥٤٦.

(٤) في «م» : ممّا ذكره.

(٥) في «م» : ومن ذرّيّته.

           

۲۹۳

واجـب(١) علـى جميـع خلـق الله تعالـى الإقـرار بولايتـه ، خصوصـاً هذه الأُمّـة ، إذ صـار الإقـرار أمـانة في أعنـاقهم ، وبهـا إكمـال دينـهم ، وإتمـام النعمـة عليهـم ، ورضـا الربّ عليهـم(٢).

__________________

(١) في «م» : وجب.

(٢) في «م» : عنهم. ولم أعثر على هذا القول في كتب الشيخ.

           

۲۹۴

المطلب الثاني

ومن ذلك ما روي عن عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام أنّه قال : «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ما خلق الله عزّوجلّ خلقاً أفضل منّي ولا أكرم عليه(١)منّي ، قال عليّ عليه‌السلام : فقلت : يا رسول الله فأنت أفضل أم جبرئيل؟ قال : يا عليّ ، إنّ الله تعالى فضّل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقرّبين ، وفضّلني على جميع النبيّين(٢) والمرسلين ، والفضل بعدي لك يا عليّ(٣) وللأئمّة من بعدك»(٤).

وروى الخوارزمـي فـي «مناقبـه»(٥) : مرفوعـاً إلـى النبـيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّـه قـال : «لمّـا نفـخ الله الـروح فـي آدم عليه‌السلام ، قـال الله تعـالـى : وعزّتـي وجـلالي لـولا عبـدان أُريـد أن أخلقهمـا فـي دار الدنيـا لمـا خلقتـك ، قـال آدم : إلهـي فيكونـان منّـي؟ قـال : نعـم ، يا آدم ارفـع رأسـك وانظـر ، فـرفـع رأسـه فـإذا مكتـوب : لا إلـه إلاّ الله محمّـد نبـيّ الرحمـة وعلـيّ مقيـم الحجّـة(٦) ، مـن عـرف حـقّ علـيّ زكـى وطـاب ، ومـن أنكـر حقّـه

__________________

(١) (عليه) لم ترد في «م».

(٢) في «ط» : الأنبياء.

(٣) (يا عليّ) أثبتناه من «ق ، م».

(٤) أورده الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ١ : ٢٦٢/صدر حديث ٢٢ ، وعلل الشرائع : ٥/ صدر حديث ١ ، وكمال الدين : ٢٥٤/ صدر حديث٤ ، وعن الصدوق شرف الدين الاسترآبادي في تأويل الآيات ٢ : ٨٧٦/٩ ، ونقله أيضاً المجلسي في البحار ١٨ : ٣٤٥/٥٦ ، عن العيون والعلل ، و ٢٦ : ٣٣٥/١ ، عن الكمال والعلل والعيون ، و ٦٠ : ٣٠٣/١٦.

(٥) (في مناقبه) لم يرد في «ق».

(٦) في «ط» : الجنّة. وفي «م» : مقسّم الجنّة.

           

۲۹۵

لُـعن(١) وخـاب»(٢).

وقد تكلّم السيّد المرتضى علم الهدى في هذا المعنى ، فقال : إذا كان الله تعالى عالماً(٣) بأنّ اللطف في تكليف الأُمم بنبوّة نبيّنا وإمامة أئمتنا عليهم‌السلام ، فقد صحّ القول على ذلك ، بأنّه لولاهم ما خلق الله تعالى الخلق ، ولا كلّف ولا أثاب ولا عاقب ؛ لأنّ كونهم ألطافاً في التكليف لا ينوب غيرهم منابهم(٤).

ومن ذلك ما ذكره الشيخ أبو جعفر الطوسي في «مصباح الأنوار» : عن أنس بن مالك ، قال : صلّى بنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في بعض الأيام صلاة الفجر ، ثمّ أقبل علينا بوجهه الكريم ، فقلت : يا رسول الله ، إن رأيت أن تفسّر لنا قول الله تعالى : (أُولئِكَ مَعَ الَّذِيْنَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً)(٥).

فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أمّا النبيّون : فأنا ، وأمّا الصدِّيقون : فأخي عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، وأمّا الشهداء : فعمّي حمزة ، وأمّا الصالحون : فابنتي فاطمة وأولادها الحسن والحسين».

قال : وكان العبّاس حاضراً ، فوثب وجلس بين يدي

__________________

(١) في «م» : كفر.

(٢) المناقب للخوارزمي : ٣١٨/٣٢٠ ، عن عبـد الله بن مسعود ، وعنه العلاّمة الحلّي في كشف اليقين : ٧ ـ ٨ ، الشيرازي في الأربعين : ٧٤ ، وأورده ابن شاذان في مائة منقبة : ١٠٩/٥ ، الطبري في بشارة المصطفى : ١١٦/٥٧ ، الراوندي في قصص الأنبياء : ٥٢/ ٢٧ ، عن ابن عبّاس باختلاف يسير.

(٣) في «م» : عليماً.

(٤) انظر الشافي في الإمامة ١ : ٥٤ وما بعدها.

(٥) سورة النساء ٤ : ٦٩.

           

۲۹۶

رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال : ألسنا أنا وأنت وعليّ وفاطمة والحسن والحسين من نبعة واحدة؟ قال : «وكيف ذلك يا عم؟» ، قال العبّاس : لأنّك تُعرِّف بعليّ وفاطمة والحسن والحسين دوننا. فتبسّم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال : «أمّا قولك يا عم : ألسنا من نبعة واحدة ، فصدقت ولكن يا عم ، إنّ الله تعالى خلقني وعليّاً وفاطمة والحسن والحسين قبل أن يخلق الله تعالى آدم ، حيث(١) لا سماء مبنيّة ، ولا أرض مدحيّة(٢) ، ولا ظلمة ولا نور ، ولا جنّة ولا نار ، ولا شمس ولا قمر».

قال العبّاس : وكيف كان بدؤ خلقكم يا رسول الله؟

قال : «يا عم ، لمّا أراد الله تعالى أن يخلقنا تكلَّم بكلمة خلق منها نوراً ، ثمّ تكلَّم بكلمة فخلق منها روحاً ، فمزج(٣) النور بالروح ، فخلقني وأخي عليّاً وفاطمة والحسن والحسين ، فكنّا نسبّحه(٤) حين لا تسبيح ، ونقدّسه حين لا تقديس.

فلمّا أراد الله أن يُنشئ الصنعة(٥) فتق نوري فخلق منه العرش ، فنور العرش من نوري ، ونوري خير من نور العرش.

ثمّ فتق نور أخي(٦) عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، فخلق منه نور الملائكة ، فنور الملائكة من نور عليّ ، ونور عليّ أفضل من نور الملائكة.

__________________

(١) في «ط» : حين.

(٢) قوله : (ولا أرض مدحيّة) لم يرد في «ق».

(٣) في «ط» : فزوّج.

(٤) في «ط» : نسبّح الله.

(٥) في «ق» : الصنيعة. وفي «م» : لصنعتي.

(٦) (أخي) أثبتناه من «ق ، م».

           

۲۹۷

ثمّ فتق نور ابنتي فاطمة ، فخلق منه نور السماوات والأرض ، ونور ابنتي فاطمة من نور الله(١) ونور ابنتي فاطمة أفضل من نور السماوات والأرض(٢).

ثمّ فتق نور ولدي الحسن ، فخلق منه نور الشمس والقمر ، ونور الشمس والقمر من نور ولدي الحسن(٣) ، ونور ولدي الحسن أفضل من نور الشمس والقمر(٤).

ثمّ فتق نور ولدي الحسين ، فخلق منه الجنّة والحور العين ، فالجنّة والحور العين من نور ولدي الحسين(٥) ، ونور ولدي الحسين أفضل من الجنّة والحور العين.

ثمّ أمـر الله الظلمـات أن تمـرّ علـى السحـائب(٦) فاظلمّت السمـاوات علـى الملائكـة فضجّت الملائكـة بالتسبيـح والتقديس ، وقالت الملائكـة(٧) : إلهنا وسيّدنـا منـذ خلقتنـا وعرّفتنـا هذه الأشبـاح لم نر بؤسـاً ، فبحـقّ هذه الأشبـاح إلاّ كشفت عنّـا هذه الظلمـة ، فأخـرج الله تعالى من نـور ابنتـي فاطمـة قناديـل معلّقة في بطنـان العـرش فأزهـرت السمـاوات والأرض ، ثمّ أشرقت بنورهـا ، فلأجل ذلك سُمّيت الزهراء ،

__________________

(١) قوله : (ونور ابنتي فاطمة من نور الله) لم يرد في «ق».

(٢) من قوله : (ونور ابنتي) إلى هنا لم يرد في «م».

(٣) قوله : (ونور الشمس والقمر من نور ولدي الحسن) لم يرد في «ق» وبعد هذه الجملة في المصدر زيادة : ونور ولدي الحسن من نور الله.

(٤) من قوله : (ونور الشمس والقمر) إلى هنا لم يرد في «م».

(٥) قوله : (فالجنّة والحور العين من نور ولدي الحسين) لم يرد في «ق ، م».

(٦) في المصادر : سحائب النظر. وفي «م» : السحاب.

(٧) (الملائكة) لم ترد في «م».

           

۲۹۸

فقالت الملائكة(١) : إلهنا وسيّدنا لمن هذا النور الأزهر الذي قد أزهرت منه السماوات والأرض؟

فأوحى الله تعالى إليهم : هذا نور اخترعته من نور جلالي لأمَتي فاطمة ابنة حبيبي ، وزوجة وليّي وأخي نبيّي وأبو حُججي على عبادي ، أُشهدكم ملائكتي(٢) أنّي قد جعلت ثواب تسبيحكم لهذه المرأة وشيعتها ومحبّيها(٣) إلى يوم القيامة».

فلمّا سمع العبّاس من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك(٤) وثب قائماً وقبّل بين عيني عليّ عليه‌السلام وقال : والله(٥) يا عليّ ، أنت الحجّة البالغة لمن آمن بالله(٦).

وهذا الحديث يدلّ على أنّ عليّاً عليه‌السلام أفضل من الأنبياء عليهم‌السلام ؛ لأنّه هو والنبيّ علّة الموجودات.

ومن ذلك ما رواه الشيخ أبو جعفر في كتاب «المعراج» : عن رجاله مرفوعاً عن عبـد الله بن عبّاس ، قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يخاطب عليّاً عليه‌السلام ويقول : «يا عليّ ، إنّ الله تبارك وتعالى كان ولا شيء معه ، فخلقني وخلقك روحين من نور جلاله ، وكنّا أمام(٧) عرش ربّ

__________________

(١) في «ط» : فقالت السماوات.

(٢) في «ط» زيادة : وسكّان سماواتي.

(٣) في «ق» : ثمّ محبّيها. وفي «م» : ثمّ لمحبّيها.

(٤) (ذلك) أثبتناه من «ق ، م».

(٥) (والله) أثبتناه من «ق ، م».

(٦) مصباح الأنوار (مخطوط) نقله عنه شرف الدين الاسترآبادي في تأويل الآيات ١ : ١٣٧/١٦ ، وعنه في البحار ٢٤ : ٣١/٢ ، و ٣٧ : ٨٢/٥١ ، البحراني في مدينة المعاجز ٣ : ٢٢١/ ٨٤٠ و ٤١٩/٩٤٩.

(٧) في «ط» زيادة : العرش.

           

۲۹۹

العالمين نسبّح الله ونقدّسه ونحمده ونهلّله(١) ، وذلك قبل خلق السماوات والأرضين.

فلمّا أراد أن يخلق آدم عليه‌السلام خلقني وإيّاك من طينة علّيّين. وعجننا بذلك النور(٢) وغمسنا في جميع الأنوار وأنهار الجنّة ، ثمّ خلق آدم واستودع صلبه(٣) تلك الطينة والنور ، فلمّا خلقه استخرج ذرّيته(٤) من ظهره ، فاستنطقهم(٥) وقرّرهم بربوبيّته ، فأوّل من أقرّ له بالربوبيّة من الخلق(٦) أنا وأنت يا عليّ ، والنبيّون على قدر منازلهم وقربهم من الله عزّوجلّ ، فقال الله تبارك وتعالى : صدّقتما وأقررتما(٧).

يا محمّـد ويا عليّ ، سبقتما خلقي إلى طاعتي ، وكذلك كنتما في سابق علمي ، فأنتما صفوتي من خلقي ، والأئمّة من ذرّيتكما وشيعتكما(٨)وكذلك خلقتكم(٩).

ثمّ قال : يا عليّ ، وكانت الطينة في صلب آدم ونوري ونورك بين عينيه ، فما زال ذلك النور ينتقل(١٠) بين أعين النبيّين والمنتجبين حتّى وصل

__________________

(١) في «ط» زيادة : ونمجّده.

(٢) في «ط» : بالنور. بدل من : بذلك النور.

(٣) في «ط» : في صلبه.

(٤) في «م» : ذريّةً ذريّةً.

(٥) في «ط» : فلمّا استنطقهم. وفي «م» : فأنطقهم.

(٦) في «ق ، م» : فأوّل خلق أقرّ له بالربوبية. وكذلك تأويل الآيات ، وعنه في البحار : فأوّل خلق إقراراً بالربوبية.

(٧) في «م» : وبررتما.

(٨) من قوله : (وكذلك كنتما في سابق) إلى هنا لم يرد في «م».

(٩) قوله : (وكذلك خلقتكم) لم يرد في «ق».

(١٠) في «ط» : يُنقل.

           

۳۰۰

النور(١) والطينة إلى صلب عبد المطّلب فافترق نصفين ، فخلقني الله من نصفه واتخذني نبيّاً ورسولاً ، وخلقك من النصف الآخر فاتخذك خليفة ووصيّاً ووليّاً.

فلمّا كنت من عظمة ربّي(٢) كقاب قوسين أو أدنى(٣) ، قال لي : يا محمّـد ، من أطوع خلقي لك؟ قلت : عليّ بن أبي طالب ، قال : فاتخذه خليفة(٤) ووصيّاً ، فقد اتخذته صفيّاً ووليّاً.

يا محمّـد ، كتبت اسمك واسمه(٥) على عرشي قبل أن أخلق خلقي(٦) محبّة منّي إليكما ولمن أحبّكما وتولاّكما وأطاعكما ، ومن تولاّكما كان عندي من المقرَّبين ، ومن جحد ولايتكما كان عندي من الكافرين الضالّين.

ثمّ قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : فمن ذا يلج بيني وبينك؟ وأنا وأنت من نور واحد وطينة واحدة ، فأنت أحقّ الناس بي في الدنيا والآخرة ، ولدك ولدي وشيعتك شيعتي ، وأولياؤكم أوليائي ، وأنتم معي غداً في الجنّة»(٧).

وهذا الحديث يدلّ على أنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام أفضل من الأنبياء

__________________

(١) من قوله : (ينتقل بين أعين) إلى هنا لم يرد في «م».

(٢) في «ط» : عظمته وقربه إليّ. بدل من : عظمة ربّي.

(٣) (أو أدنى) لم يرد في «ق ، م».

(٤) في «ق» : وليّاً.

(٥) في «ط» : واسم عليّ. بدل من : واسمه.

(٦) في «ق» : خلقاً. وفي التأويل : أحداً ، وعنه في البحار : الخلق.

(٧) المعراج : (مخطوط) نقله عنه شرف الدين الاسترآبادي في تأويل الآيات ٢ : ٧٧٣/٤ ، وعنه في البحار ٢٥ : ٣/٥.

           

۳۰۱

والمرسلين ؛ لأنّه سبقهم إلى الإقرار هو والنبيّ المختار.

ومن ذلك ما رواه محمّـد بن يعقوب النهشلي(١) ، عن عليّ بن موسى الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمّـد ، عن أبيه محمّـد بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن عليّ ، عن عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام ، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، عن جبرئيل ، عن ميكائيل(٢) ، عن اسرافيل ، عن الله جلّ جلاله أنّه قال : «أنا الله الذي لا إله إلاّ أنا خلقت الخلق بقدرتي ، واخترت منهم الأنبياء ، واصطفيت من الكلّ(٣) محمّـداً فبعثته إلى خلقي ، وأيّدته بعليّ ، وجعلته أميني(٤)وخليفتي ، ووليّي على عبادي ، يبيّن لهم كتابي ، ويشرّفهم(٥) بحكمي وجعلته العلم الهادي(٦) ، وبأبي الذي أُؤتى(٧) منه ، وبيتي الذي من دخله كان آمناً من ناري(٨) ، وحصني الذي من لجأ إليه حصّنته(٩) من مكروه الدنيا والآخرة ، ووجهي الذي من توجّه إليه لم أصرف عنه وجهي ، وحجّتي على أهل سماواتي وأرضي ، فلا أقبل عمل عامل إلاّ بالإقرار بولايته مع نبوّة أحمد رسولي ، ويدي المبسوطة في عبادي ، ونعمتي التي أنعمت بها على

__________________

(١) في «ق ، ط ، م» : الهاشمي ، وما في المتن أثبتناه من المصادر.

(٢) (عن ميكائيل) لم يرد في «ق».

(٣) في «ق» : الكمّل.

(٤) في «ق ، م» : أميري.

(٥) في «م» : ويشربهم.

(٦) في المصادر زيادة : من الضلالة.

(٧) في «ط» : يؤتى.

(٨) (من ناري) لم يرد في «ق ، م».

(٩) في «ط ، م» : حصّنه.

           

۳۰۲

خلقي ، فمن أحببته(١) من عبادي عرّفته ولايته.

فبعزّتي حلفت وبجلالي أقسمت أنّه لا يتولّى عليّاً عبد من عبادي إلاّ زحزحته(٢) من ناري وأدخلته جنّتي ، ولا يعدل عن ولايته إلاّ من أبغضته وأدخلته ناري ولا أُبالي(٣)»(٤).

__________________

(١) في «ق ، م» : أُحبّه.

(٢) ظاهراً في «م» : إلاّ خرّجته. وهي غير واضحة.

(٣) (ولا أُبالي) لم يرد في «ق ، م».

(٤) أورده باختلاف يسير الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ٤٩/١٩١ ، والأمالي : ٢٩١/٣٢٦ ، الطبري في بشارة المصطفى لشيعة المرتضى : ٦١/٤٥ ، والحلّي في المحتضر : ٩١ ، ونقله الحرّ العاملي في وسائل الشيعة ٢٧ : ١٨٦/٣٠ ، عن الأمالي ، والمجلسي في البحار ٣٨ : ٩٨/١٧ ، عن العيون والأمالي.

           

۳۰۳

المطلب الثالث

ومن ذلك ما ذكر في كتاب «كنز(١) جامع الفوائد» : إنّ الله سبحانه وتعالى لمّا خلق إبراهيم كشف عن بصره فرأى نوراً إلى جنب العرش(٢) ، فقال : إلهي ما هذا النور؟ فقيل له : هذا نور محمّـد صفوتي من خلقي(٣)ورأى نوراً(٤) إلى جنبه ، فقال : إلهي ما هذا النور؟ فقيل له(٥) : هذا نور عليّ بن أبي طالب ناصر ديني(٦) ، ورأى إلى جنبيهما(٧) ثلاثة أنوار ، فقال : إلهي ما هذه الأنوار؟ فقيل له : هذا نور فاطمة ، فطمت محبّيها عن النار ، ونور ولديها الحسن والحسين.

قال إبراهيم : إلهي وسيّدي وأرى تسعة أنوار قد أحدقوا(٨) بهم ، قيل : يا إبراهيم ، هؤلاء أنوار الأئمّة من ولد عليّ بن أبي طالب وفاطمة(٩) ، فقال إبراهيم : إلهي(١٠) بحقّ هؤلاء الخمسة إلاّ عرّفتني مَن التسعة من ولد عليّ وفاطمة؟ قيل : يا إبراهيم أوّلهم عليّ بن الحسين وابنه محمّـد وابنه

__________________

(١) (كنز) لم يرد في «ق ، م» والظاهر كلاهما صحيح ؛ لورودهما في الذريعة ، وهو اختصار لتأويل الآيات. انظر الذريعة ٥ : ٦٦ و ١٨ : ١٤٩.

(٢) (العرش) أثبتناه من «ق ، م».

(٣) (من خلقي) لم يرد في «ق».

(٤) في «ق» : ورأى نوراً آخر.

(٥) في «ق» : فقال. بدل من : فقيل له. وفي «م» : فقال له.

(٦) في «ط» : ناصري ووليّي. بدل من : ناصر ديني.

(٧) في «م» : جنبهم. وكذلك «ق» ولكن سهى الناسخ فكتب : جهنم.

(٨) في بعض المصادر : قد حفّوا.

(٩) من قوله : (قال إبراهيم : إلهي وسيّدي) إلى هنا لم يرد في «ق».

(١٠) (إلهي) أثبتناه من «ق ، م».

           

۳۰۴

جعفر وابنه موسى وابنه عليّ وابنه محمّـد وابنه عليّ وابنه الحسن والحجّة القائم ابنه.

فقال إبراهيم : إلهي وسيّدي أرى أنواراً قد أحدقوا بهم لا يُحصي عددهم إلاّ أنت ، فقيل : يا إبراهيم ، هؤلاء شيعتهم وشيعة عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، فقال إبراهيم : وبما تُعرف شيعته؟ فقيل : بصلاة إحدى وخمسين ، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، والقنوت قبل الركوع(١) ، والتختّم باليمين(٢) ، فعند ذلك قال إبراهيم : اللّهمّ اجعلني من شعية عليّ بن أبي طالب(٣).

فأخبر الله تعالى نبيّه في كتابه(٤) : (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لاَبْرَاهِيمَ)(٥)»(٦).

فإذا كان إبراهيم سأل الله تعالى أن يجعله من شيعته فكيف لا يكون

__________________

(١) في «ط» زيادة : وبسجدتي الشكر.

(٢) في «ق ، م» زيادة : والتعفير بالجبين.

(٣) (بن أبي طالب) لم يرد في «ق». وفي المصادر : شيعة أمير المؤمنين.

(٤) (في كتابه) أثبتناه من «ق ، م».

(٥) سورة الصافات ٣٧ : ٨٣.

(٦) كنز جامع الفوائد (مخطوط) ، أورده شرف الدين الاسترآبادي في تأويل الآيات ٢ : ٤٩٦/٩ ، نقلاً من تفسير محمّـد بن العبّاس بن ماهيار : عن محمّـد بن وهبان ، عن أبي جعفر محمّـد بن عليّ بن رُجيم (رحيم ، وخيم) ، عن العبّاس بن محمّـد ، عن أبيه ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة البطائني ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، قال : سأل جابر الجعفي أبا عبـد الله جعفر بن محمّـد الصادق عليه‌السلام عن تفسير قوله تعالى : (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لاَبْرَاهِيمَ) ، وعنه في البحار ٣٦ : ١٥١/١٣١ و ٨٥ : ٨٠/ ٢٠ ، ومدينة المعاجز ٤ : ٣٩/١٢٦ ، وباختلاف يسير شاذان بن جبرئيل في الفضائل : ٤٥٨/١٩٦ ، عن ابن أبي أوفى ، وعنه في مدينة المعاجز ٣ : ٣٦٣/٩١.

           

۳۰۵

عليّ أفضل منه(١).

ومن ذلك ما ذكره الشيخ الثقة(٢) أبو الحسن محمّـد بن أحمد بن عليّ بن الحسن(٣) بن شاذان في «مناقبه» : عن الإمام أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن الحسين بن عليّ عليهم‌السلام ، قال : «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : لمّا أُسري بي إلى السماء لقيني أبي(٤) نوح ، فقال لي : يا محمّـد ، من خلّفت على أُمّتك؟ قلت : عليّ بن أبي طالب ، قال : نِعمَ الخليفة خلّفت.

ثمّ لقيني أخي موسى عليه‌السلام ، فقال لي : يا محمّـد ، من خلّفت على أُمّتك؟ فقلت : عليّ بن أبي طالب ، فقال : نِعمَ الخليفة خلّفت.

ثمّ لقيني عيسى عليه‌السلام ، فقال : يا محمّـد ، من خلّفت على أُمّتك؟ فقلت : عليّاً ، فقال : نِعمَ الخليفة خلّفت ، فقلت : يا جبرئيل(٥) ، ما لي لا أرى إبراهيم؟ قال : فعدل بي إلى حضيرة ، فإذا هو فيها ، وحوله أطفال رضّع و (٦) فيها شجرة لها ضروع كضروع الغنم(٧) ، كلّما خرج ضرع من فم واحد(٨) ردّه إليه(٩) ، فقال : يا محمّـد ، من خلّفت على أُمّتك؟ فقلت :

__________________

(١) في «م» : فكيف لا يكون أفضل.

(٢) في «ق ، م» : وذكر الشيخ الفقيه. بدل من العبارة المذكورة.

(٣) في «ط ، ق» : الحسين ، وفي «م» : محمّـد بن عليّ بن الحسين ، وما أثبتناه من المصدر.

(٤) (أبي) لم يرد في «ق ، م».

(٥) في «ط» : قال : فقلت لجبرئيل عليه‌السلام.

(٦) قوله : (هو فيها وحوله أطفال رضّع و) لم يرد في «ق ، م» والمصدر.

(٧) في «ط» زيادة : وكلّ واحد من الضروع في فم صبي.

(٨) في «ط» زيادة : منهم.

(٩) في «ق ، م» : ردّه الله إلى آخر.

           

۳۰۶

عليّاً ، فقال : نِعمَ الخليفة خلّفت على أُمّتك(١) ، وإنّي يا محمّـد سألت الله ربّي أن يولّيني غذاء أطفال شيعة عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام فأنا أُغذيهم إلى يوم القيامة(٢)»(٣).

وهذا ممّا يدلّ على تفضيل عليّ عليه‌السلام على إبراهيم ، حيث ولاّه الله تعالى أن يغذّي أطفال شيعة عليّ عليه‌السلام(٤).

وفي الكتاب المذكور : وهو ما روي عن أبي ذرّ ، قال : نظر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)إلى عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، فقال : «هذا خير الأوّلين(٥) من أهل السماوات والأرضين(٦) ، هذا سيّد الصدّيقين ، وسيّد الوصيّين ، وإمام المتّقين ، وقائد الغرّ المحجّلين.

إذا كان يوم القيامة جاء عليّ على ناقة من نوق الجنّة ، وقد أضاءت القيامة من ضوئها ، على رأسه تاج مرصّع بالزبرجد والياقوت ، فتقول الملائكة : هذا ملك مقرَّب ، ويقول النبيّون : هذا نبيٌّ مرسل ، فينادي مناد من بطنان العرش : هذا الصدِّيق الأكبر ، هذا وصيّ حبيب الله ، هذا(٧)عليّ بن أبي طالب ، فيقف على متن(٨) جهنّم فيُخرج منها من يُحبّ ،

__________________

(١) (على أُمّتك) أثبتناه من «ق».

(٢) (إلى يوم القيامة) لم يرد في «ق ، م» وغاية المرام.

(٣) مائة منقبة : ١٥٩/٩٧ ، عن أحمد بن محمّـد الحسيني رحمه‌الله ، عن وريزة بن عليّ ، عن جدّه وريزة بن محمّـد بن العسّال ، وعنه في البحار ٢٧ : ١٢١/١٠٢ ، وغاية المرام ١ : ٢٣٦/٢١.

(٤) في «م» : عليّ بن أبي طالب.

(٥) في المصادر زيادة : وخير الآخرين. إلاّ ج٢ من غاية المرام.

(٦) في «ق ، م» : والأرض.

(٧) (هذا) أثبتناه من «ق ، م».

(٨) في «ط» : شفير متن.

           

۳۰۷

ويُدخل فيها من يُبغض ، ويأتي أبواب الجنّة فيُدخل أولياءه الجنّة بغير حساب»(١).

فإذا قال له النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «هذا خير الأوّلين من أهل السماوات والأرضين»(٢) ، فكيف لا يكون أفضل من سائر الأنبياء والمرسلين عليهم سلام الله(٣)؟!

ومن ذلك ما رواه صاحب كتاب «جامع الفوائد»(٤) : عن الصدوق أبي جعفر محمّـد بن بابويه بإسناده يرفعه إلى أبي ذرّ رضي‌الله‌عنه ، قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : «افتخر اسرافيل على جبرئيل ، فقال : أنا خير منك ، فقال جبرئيل : ولِمَ أنت خير منّي؟ قال : لأنّي صاحب الثمانية حملة عرش الله(٥) ، وأنا صاحب النفخة في الصور ، وأنا أقرب الملائكة إلى الله عزّ وجلّ ، فقال جبرئيل : بل أنا خير منك ، فقال اسرافيل : بماذا أنت خير منّي؟ فقال جبرئيل : لأنّي أمين الله على وحيه ، ورسوله إلى أنبيائه

__________________

(١) مائة منقبة : ١١٤/٥٥ ، بسنده عن محمّـد بن عبيد الله الحافظ ، عن جعفر بن محمّـد الدقّاق ، عن عبـد الله بن محمّـد الكاتب ، عن سليمان بن الربيع ، عن نصر بن مزاحم ، عن عليّ بن عبـد الله ، عن الأشعث ، عن مرة ، وعنه في غاية المرام ١ : ١٦١/٥٨ ، و ٢ : ١٨١/٥٨ ، وبحار الأنوار ٢٧ : ٣١٥/١٣ ، وأورده ابن طاووس في التحصين : ٦٠٥/ باب ٧ ، بسنده عن أبي محمّـد هارون بن موسى التعلكبري ، عن عبد العزيز بن عبـد الله ، عن جعفر بن محمّـد ، عن عبد الكريم ، عن فتحان العطّار أبو نصر ، عن أحمد بن محمّـد ، عن عروة ، ونقله المجلسي في البحار ٢٦ : ٣٠٩/٧٥ ، و ٣١٦/٨١ ، عن تفضيل الأئمّة للحسن بن سليمان إلى قوله : سيّد الوصيّين. وأورده الحلّي في المحتضر : ١٥١.

(٢) في «ق ، م» : والأرض.

(٣) في «ق ، م» : من سائر الأنبياء عليهم‌السلام.

(٤) في «م» : كتاب الفوائد. وكلاهما صحيح ، وهو مختصر لتأويل الآيات.

(٥) في «ط» : حملة العرش.

           

۳۰۸

المرسلين(١) ، وأنا صاحب الخسوف ، وما أهلك الله تعالى أُمّة من الأُمم إلاّ على يدي.

قال : فاختصما إلى الله تبارك وتعالى ، فأوحى الله تعالى إليهما : اسكتا ، فوعزّتي(٢) وجلالي لقد خلقت من هو خير منكما(٣) ، قالا : يا ربّ وتخلق من هو خير منّا! ونحن خُلقنا من نور؟! فقال : نعم ، فأوحى الله تعالى إلى حُجب القدرة انكشفي فانكشفت(٤) ، فإذا على ساق العرش مكتوب : لا إله إلاّ الله محمّـد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين خير خلق الله ، فقال جبرئيل : يا ربّ أسألك بحقّهم عليك أن تجعلني خادمهم ، قال الله تعالى : قد فعلت ، فجبرئيل عليه‌السلامخادم أهل البيت وإنّه لخادمنا»(٥).

وروى(٦) أبو صالح ، عن ابن عبّاس في قوله تعالى : (قُلِ الْحَمْدُ للهِ وَسَلاَمٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى)(٧) قال : هم أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : عليّ بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين وأولادهم إلى يوم القيامة ، هم صفوة الله وخيرته من خلقه(٨).

__________________

(١) (المرسلين) أثبتناه من «ق ، م».

(٢) في «ط» : أن اسكتا وعزّتي.

(٣) في «م» : لقد خلقت خير منكما.

(٤) (فانكشفت) لم ترد في «م».

(٥) جامع الفوائد : (مخطوط) ، أورده الديلمي في إرشاد القلوب ٢ : ٢٩٥ ، وعنه في البحار ١٦ : ٢٦٤/٦٨ ، و ٢٦ : ٣٤٤/١٧ ، وشرف الدين الاسترآبادي في تأويل الآيات ٢ : ٨٣٤/٧ ، عن الصدوق ، والبحراني في مدينة المعاجز ٤ : ٥٥/١٣٦ ، عن ابن بابويه ، و ٢ : ٣٩٤/٦٢٣ ، عن كتابنا هذا عن جامع الفوائد.

(٦) هذا الحديث لم يرد في «ق ، م».

(٧) سورة النمل ٢٧ : ٥٩.

(٨) أورده ابن شهرآشوب في المناقب ٣ : ٤٣١ ، وعنه في البحار ٤٣ : ٣٧٩.

           

۳۰۹

المطلب الرابع

وهو ما ذكره محمّـد بن يوسف الكنجي الشافعي في كتابه «كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب» ـ في سؤال أبي عقال(١) ـ قال : حدّثنا الحسن بن عليّ بن شهاب ، عن مالك(٢) ، عن أبي سلمة ، عن أبي سعيد ، قال : سأل أبو عقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فقال : يا رسول الله مَنْ سيّد المسلمين؟

فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «مَنْ تراك تظنّ يا أبا عقال؟» ، فقال : آدم عليه‌السلام ، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «ها هنا من هو أفضل من آدم» ، فقال أبو عقال : يا رسول الله أليس خلقه الله(٣) بيده ونفخ فيه من روحه ، وزوّجه حوّاء أمَته(٤) ، وأسكنه جنّته ، فمن يكون أفضل منه؟

فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «من فضّله الله عزّوجلّ» ، فقال : شيث؟ فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أفضل من شيث ، فقال : إدريس(٥)؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : أفضل من إدريس ونوح» ، قال : فهود؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أفضل من هود

__________________

(١) أبو عقال : هو هلال بن زيد بن حسن بن اُسامة بن زيد بن حارثة الكلبي ، الدمشقي ، مولى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).

تهذيب التهذيب ١١ : ٧٠/١٢٥ ، تهذيب الكمال ٣٠ : ٣٣٦/٦٦١٩.

(٢) في «ط ، ق» : الحسن بن عليّ بن شهاب بن مالك. وما أثبتناه من المصدر. وفي «م» : الحسن بن عليّ بن شهاب بن مالك بن أبي سلمة بن أبي سعيد.

(٣) في «ط» : أليس الله تعالى قد خلقه. بدل من : أليس خلقه الله. وفي «م» : (أليس قد خلقه الله) ومن دون ذكر : (يا رسول الله).

(٤) في «ط» : أمَة الله. بدل من : أمَته.

(٥) في «ق ، م» : ا دريس إذاً.

           

۳۱۰

وصالح(١)» ، قال : فموسى؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أفضل من موسى وهارون» ، قال : فإبراهيم؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أفضل من إبراهيم وإسماعيل وإسحاق» ، قال : فيعقوب؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : أفضل من يعقوب ويوسف(٢)» ، قال : فداود؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أفضل من داود وسليمان» قال : فأيّوب؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أفضل من أيّوب ويونس(٣)» ، قال : فزكريا؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أفضل من زكريا ويحيى» ، قال : فاليسع؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أفضل من اليسع وذي الكفل(٤)» ، قال : فعيسى؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أفضل من عيسى».

قال أبو عقال : ما علمت(٥) من هو يا رسول الله أملك مقرَّب؟ فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «هو مكلِّمك يا أبا عقال(٦)» ، يعني به نفسه ، فقال أبو عقال : سررتني يا رسول الله.

فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أفلا أُزيدك على ذلك؟» ، قال أبو عقال : نعم ، فقال(٧) : «اعلم يا أبا عقال ، إنّ الأنبياء والمرسلين(٨) ثلاثمائة وثلاثة عشر نبيّاً ، لو جُعلوا في كفّة وصاحبك في كفّة لرجح(٩) عليهم».

قال أبو عقال(١٠) : ملأتني سروراً يا رسول الله ، فمن بعدك أفضل

__________________

(١) في المصدر زيادة : ولوط.

(٢) في «ط» زيادة : والأسباط.

(٣) في «ط» زيادة : وذي الكفل.

(٤) في «ط» : والعزير. بدل من : وذي الكفل.

(٥) قوله : (ما علمت) أثبتناه من «ق» والمصدر. وفي «م» ما علمته.

(٦) في «ق ، م» : مكلّمك. بدل من الجملة المذكورة.

(٧) في «ط» زيادة : النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

(٨) في «ط» إنّ الأنبياء مائة وأربعة وعشرون ألف نبيّ والمرسلون منهم.

(٩) في «ط» زيادة : صاحبك.

(١٠) في المصدر : فقلت. بدل من : فقال أبو عقال.

           

۳۱۱

الناس(١)؟ قال : «عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، ولكن ياأبا عقال ، فضل عليّ على سائر الخلق(٢) كفضل جبرئيل على سائر الملائكة»(٣).

وهذا الحديث يدلّ على فضل أمير المؤمنين عليه‌السلام على جميع الأنبياء والمرسلين(٤) عليهم‌السلام حيث قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)(٥) : «فضل عليّ على سائر الخلق كفضل جبرئيل على سائر الملائكة».

__________________

(١) في المصدر : فمن أفضل الناس بعدك؟

وبعد هذه الفقرة زيادة في المصدر : فذكر له نفراً من قريش ، ثمّ قال : عليّ بن أبي طالب ، فقلت : يا رسول الله فأيُّهم أحبّ إليك؟ قال : عليّ بن أبي طالب ، فقلت : ولِمَ ذلك؟ فقال : «لأنّي خُلقت أنا وعليّ بن أبي طالب من نور واحد» ، قال : فقلت : فلِمَ جعلته آخر القوم؟ قال : «ويحك يا أبا عقال أليس قد أخبرتك أنّي خير النبيّين ، وقد سبقوني بالرسالة وبشّروا بي من قبلي فهل ضرّني شيء إذ كنت آخر القوم ، أنا محمّـد رسول الله ، وكذلك لا يضرّ عليّاً إذا كان آخر القوم».

(٢) في «ق ، م» : الخلق.

(٣) كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام : ٣١٥ ـ ٣١٧ ، وقال الكنجي : هذا حديث حسن عال ، وفيه طول أنا اختصرته.

(٤) (والمرسلين) لم يرد في «ق ، م».

(٥) (النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)) لم يرد في «ق».

           

۳۱۲

المطلب الخامس

وممّا يدلّ على قولنا هو (١) ما ذكره ابن شهرآشوب في «مناقبه» : عن أبي حمزة الثمالي أنّه قال : دخل عبـد الله بن عمر(٢) على عليّ بن الحسين زين العابدين عليهما‌السلام ، فقال له : يابن الحسين أنت الذي تقول : «إنّ يونس بن متّي إنّما لقي من الحوت ما لقي(٣) ؛ لأنّه عرضت عليه ولاية جدّي فتوقّف عندها؟» قال : «بلى ، ثكلتك أُمّك» ، قال عبـد الله بن عمر(٤) : فأرني برهان ذلك إن كنت من الصادقين(٥).

قال أبو حمزة(٦) : فأمر عليّ بن الحسين عليهما‌السلام بشدّ عينيه بعصابة وعيني بعصابة ، ثمّ أمر بعد ساعة بفتح(٧) أعيننا ، فإذا نحن على شاطئ البحر تضرب أمواجه ، فقال ابن عمر : يا سيّدي ، دمي في رقبتك(٨) الله الله في نفسي(٩).

فقال له عليّ بن الحسين : «أوَمَا(١٠) أردت البرهان؟» ، فقال

__________________

(١) في «ق» : ممّا يؤيّد قولنا وهو. وكذلك «م» ولكن بدون (وهو).

(٢) في «ط» زيادة : بن الخطّاب.

(٣) في «ط» : إنّما بقي في بطن الحوت ما بقي.

(٤) (قال عبـد الله بن عمر) أثبتناه من «ق ، م«،

(٥) في «م» : العارفين.

(٦) فى «ق» : قال عبـد الله بن عمر. وبعدها في «ط» زيادة : فلمّا قال عبـد الله بن عمر ذلك.

(٧) في «ق» : تفتح. وفي «م» : فأمر بفكّها. بدل من : (بفتح أعيننا).

(٨) في «م» دمي في رقبتك يا سيّدي.

(٩) في «ط» زيادة : ودمي.

(١٠) (أوما) لم ترد في «ق ، م».

           

۳۱۳

عبـد الله بن عمر : أرني إن كنت من الصادقين.

ثمّ قال عليّ بن الحسين عليه‌السلام : «يا أيّتها الحوت» ، فأطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم وهو يقول : لبّيك لبّيك يا وليّ الله ، فقال عليّ بن الحسين عليه‌السلام : «من أنت؟» ، قال : أنا حوت يونس يا سيّدي ، قال عليّ بن الحسين عليه‌السلام : «حدِّثنا بخبر يونس(١)».

قال : إنّ الله تعالى لم يبعث نبيّاً من لدن آدم إلى أن صار(٢) جدّك محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) إلاّ وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت ، فمن قَبِلها من الأنبياء(٣) : سلم وتخلّص ، ومن توقّف عنها(٤) وتتعتع(٥) في حملها لقى ما لقى آدم من المعصية ، ولقى ما لقى نوح من الغرق ، وما لقى(٦) إبراهيم من النار ، وما لقى يوسف من الجُب ، وما لقى أيّوب من البلاء ، وما لقى داوُد من الخطيئة ، إلى أن بعث الله تعالى يونس ، فأوحى الله تعالى إليه : أن يا يونس تولّ(٧) أمير المؤمنين عليّاً والأئمّة الراشدين في(٨) صلبه ـ في كلام له ـ.

قال يونس عليه‌السلام : كيف أتولّى من لم أره ولم أعرفه ، وذهب مغاضباً(٩) ، فأوحى الله تعالى إليّ أن التقم يونس ولا توهن له عظماً

__________________

(١) في المصدر : أنبئنا بالخبر.

(٢) (أن صار) أثبتناه من «ق ، م».

(٣) في «ط» زيادة : والمرسلين.

(٤) في «ط» : ومن وقف منها. وفي «م» : ومن وقف عنها.

(٥) التعتعة : التردّد. انظر الصحاح ٣ : ١١٩١ ـ تعع.

(٦) في «ط» : ولقى ما لقى. وكذلك بقية الموارد في هذا الحديث.

(٧) في «ط» : أن يقبل يونس تولّي.

(٨) في «م» والمصدر : من.

(٩) في المصدر : مغتاظاً.

           

۳۱۴

فالتقمته(١) ، فمكث في بطني أربعين صباحاً يطوف معي في البحار في ظلمات ثلاث(٢) ينادي : لا إله إلاّ أنت سبحانك إنّي كنت من الظالمين ، قد قبلت ولاية عليّ بن أبي طالب والأئمّة الراشدين من ولده ، فلمّا أن آمن بولايتكم أمرني ربّي فقذفته على ساحل البحر(٣)(٤).

وذكر في كتاب «الكشكول» : عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال : «ما تكاملت النبوّة لنبيّ قط في البداية حتّى عُرضت عليه(٥) ولايتي وولاية أهل بيتي ، ومَثَلوا له فأقرّ بطاعتهم»(٦).

وقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أتاني جبرئيل عليه‌السلام فقال : يا محمّـد ، إنّ ربّك يأمرك بحبّ عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام وولايته»(٧).

__________________

(١) (فالتقمته) لم يرد في «ق ، م» والمصدر.

(٢) في «ط» زيادة : وهو.

(٣) في المصدر زيادة : فقال زين العابدين : «ارجع أيّها الحوت إلى وكرك» ، واستوى الماء.

وفي حاشية «م» زيادة من نسخة : (فقال زين العابدين عليه‌السلام : «ارجعي أيّتها الحوت إلى وكرك» فرجع الحوت واستوى الماء ، الظلمات الثلاث : ظلمة الليل ، وظلمة قعر البحر ، وظلمة بطن الحوت).

(٤) مناقب آل أبي طالب ٤ : ١٥١ ، باختلاف يسير ، وعنه في البحار ١٤ : ٤٠١/١٥ و ٤٦ : ٣٩ ، و ٦٤ : ٥٢/٣١ ، وأورده الطبري في دلائل الإمامة : ٢١٠/٢٤ ، باختلاف ، وعنه في مدينة المعاجز ٢ : ٣٢/٣٧٣.

(٥) في «ط» : له.

(٦) الكشكول : مجهول النسبة ، أورده الصفّار في بصائر الدرجات : ٩٣/٧ ، بسنده عن أحمد بن محمّـد ، عن عليّ بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي ، عن حذيفة بن أُسيد الغفار ، وعنه في البحار ٢٦ : ٢٨١/٢٧ ، باختلاف يسير.

(٧) أورده الصفّار في بصائر الدرجات : ٩٤/٩ ، بسنده : عن أبي الجوزاء ، عن           

۳۱۵

ومن ذلك ما ذكره محمّـد بن طلحة في كتاب «مطالب السؤول في مناقب آل الرسول»(١) : عن(٢) محمّـد بن عليّ بن ماجيلويه ، قال : حدّثني عمّي محمّـد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن هلال(٣) ، عن فضل بن دكين(٤) ، عن معمّر(٥) بن راشد ، قال : سمعت أبا عبـد الله جعفر بن محمّـد الصادق(٦) عليهما‌السلام يقول(٧) : «أتى يهوديّ إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فقام بين يديه يُحدّ النظر إليه(٨) ، فقال : يا يهودي(٩) ما حاجتك؟ قال : أنت أفضل أم موسى بن عمران النبيّ الذي كلّمه الله وحمّل عليه التوراة والعصا ، وفلق له البحر ، وأظلّه(١٠) بالغمام.

فقال له النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : إنّه يُكره للعبد أن يزكّي نفسه ، ولكن : إنّ آدم لمّا أصاب الخطيئة(١١) كانت توبته أن(١٢) قال : اللّهمّ إنّي أسألك بحقّ

__________________

الحسين بن علوان ، عن سعد بن طريف ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، وعنه في البحار ٣٩ : ٢٧٣/٥٠.

(١) في «ق ، م» : (مطالب السؤول) فقط.

(٢) في «ط» : وهو ما رواه. بدل : عن.

(٣) في «ط ، ق» : أحمد بن جلال ، وفي «م» : أحمد بن خلال ، وما أثبتناه من الأمالي وهو الموجود في كتب التراجم.

(٤) في «ق» : فضل بن ذليف ، وفي «م» : الفضل بن دلين.

(٥) في «ط» محمّـد بن راشد.

(٦) في «ق» : سمعت أبا عبـد الله ، وفي «م» : سمعت أبا عبـد الله الصادق.

(٧) في «ط«: أنّه قال ، وكلاهما لم يردا في «ق».

(٨) (إليه) أثبتناه من «ق ، م».

(٩) في «ط» فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : يا أخا اليهود.

(١٠) في «ط» : وظلّله.

(١١) في «ق ، م» : خطيئته.

(١٢) قوله : (كانت توبته أن) لم يرد في «م».

           

۳۱۶

محمّـد وآل محمّـد أن تغفر لي خطيئتي ، فغفرها الله له.

وإنّ نوحاً عليه‌السلام لمّا ركب السفينة وخاف الغرق قال : اللّهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّـد وآل محمّـد أن تنجّيني من الغرق ، فنجّاه الله منه.

وإنّ إبراهيم عليه‌السلام لمّا أُلقي في النار قال : اللّهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّـد وآل محمّـد أن تنجّيني منها ، فجعلها الله عليه برداً وسلاماً.

وإنّ موسى عليه‌السلام لمّا ألقى عصاه فأوجس في نفسه خيفة ، قال : اللّهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّـد وآل محمّـد أن آمنتني منها(١) ، فقال الله تعالى : (لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الأعْلَى)(٢).

يا يهودي ، إنّ موسى لو أدركني ثمّ لم يؤمن بي وبنبوّتي ، ما نفعه إيمانه شيئاً ولا نفعته النبوّة ، يا يهودي ومن ذريّتي المهدي عليه‌السلام ، إذا خرج نزل عيسى بن مريم عليه‌السلام لنصرته فقدّمه وصلّى خلفه(٣)(٤).

ومن ذلك ما ذكره أبو نعيم ـ وهو من أعيان علماء أهل السنّة ـ في كتابه «حلية الأولياء» : ذكر إكرام الله تبارك وتعالى لذريّة النبوّة(٥) أنّ عيسى بن مريم يصلّي خلف المهدي وهو من الأنبياء وأُولي العزم(٦).

ولا شك أنّ اقتداء الفاضل بالمفضول قبيح عقليّ ، وإذا كان عيسى

__________________

(١) في «ط» : أن آنستني. وفي الأمالي : لما آمنتني منها.

(٢) سورة طه ٢٠ : ٦٨.

(٣) في «ط» : فيقدّمه ويصلّي خلفه ويؤمّه.

(٤) لم أعثر عليه في مطالب السؤول. بل وجدته كاملاً بسنده ومتنه في أمالي الصدوق : ٢٨٧/٣٢٠ ، وجامع الأخبار : ٤٤/٤٨ ، وروضة الواعظين ٢ : ٣٦/٦١٦ ، ونقله المجلسي عن الأمالي والجامع في بحار الأنوار ١٦ : ٣٦٦/٧٢ ، و ٢٦ : ٣١٩/١.

(٥) في «م» : للذريّة النبويّة.

(٦) لم أعثر عليه في الحلية.

           

۳۱۷

يقتدي بالمهدي ، وكيف لا يفضّل عليّ عليه‌السلام بعيسى ، وهو أفضل من المهدي؟ بالنصّ من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ؛ لقوله للحسن والحسين : «وأبوهما خير منهما».

ولقول الصادق عليه‌السلام لرجل من أصحابه حين سأله : «هل تزور جدّي أمير المؤمنين عليه‌السلام؟» ، فقال الرجل : ما زرته ، فقال له الصادق عليه‌السلام : «لولا أنّك من شيعتنا ما نظرت إليك أبداً ، ألا تزور من يزوره الله تعالى مع الملائكة(١) ، وتزوره الأنبياء» ، فقال الرجل : ما علمت ذلك.

فقال له : «اعلم أنّ عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام أفضل عند الله تبارك وتعالى من الأئمّة كلّهم ، وله بقدر ثواب أعمالهم ، وعلى قدر أعمالهم فُضّلوا»(٢).

وكيف لا يكون كذلك وقد قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ وهو مشهور بين الجمهور في قتله لعمرو بن عبد ود العامري في يوم الخندق ـ : «ضربة عليّ يوم الخندق أفضل من عمل الثقلين إلى يوم القيامة»(٣).

__________________

(١) في «ق ، م» : مع ملائكته.

(٢) أورده ابن قولويه في كامل الزيارات : ٣٥/١ ؛ باختلاف في أوّل الحديث ، بسنده عن أبيه ومحمّـد بن يعقوب ، عن محمّـد بن يحيى العطّار ، عن حمدان بن سليمان النيسابوري ، عن عبـد الله بن محمّـد اليماني ، عن منيع بن الحجّاج ، عن يونس ، عن أبي وهب البصري أو (القصري) ، وعنه في البحار ١٠٠ : ٢٥٧/٣ ، الكليني في الكافي ٤ : ٥٧٩/٣ ، المفيد في المزار : ٣١/٢ ، عن ابن قولويه ، الطوسي في التهذيب ٦ : ٢٠/٤٥ ، وعنه في وسائل الشيعة ١٤ : ٣٧٥/١٩٤٢٠ ، ابن طاووس في فرحة الغري : ١٠٢/٥٣ ، المشهدي في المزار الكبير : ٣٦/١١ ، الحلّي في المحتضر : ٨٩ ، وعنه في البحار ٢٥ : ٣٦١/١٩ ، نقلاً من كتاب المزار لمحمّد بن عليل الحائري.

(٣) ورد الحديث بألفاظ مختلفة إليك مصادرها ونصوصها من دون أسانيدها :

           

۳۱۸

فإذا كانت ضربة واحدة من(١) عليّ عليه‌السلام تفضّل على عبادة الثقلين ، فبما(٢) يُقاس بقايا أعماله عليه‌السلام ، أوَليس الأنبياء هم من جملة الثقلين؟ وقد ورد في ذلك أخبار كثيرة وفيرة(٣).

ومن ذلك ما رواه أنس بن مالك من حديث الطائر ـ وهو مشهور بين الجمهور ـ الذي أُهدي لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : «اللّهمّ إئتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطائر» فأتى عليّ(٤) عليه‌السلام فأكل معه(٥).

__________________

ابن طاووس في الطرائف ٢ : ٢٣٣ ، ابن جبر في نهج الإيمان : ٦٢٧ ، الإربلي في كشف الغمّة ١ : ٢٩٢ ، الحاكم النيشابوري في المستدرك على الصحيحين ٣ : ٥٧٣/٤٣٨٣ ، الحسكاني في شواهد التنزيل ٢ : ٩/٦٣٦ ، الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ١٣ : ١٩ ، ابن عساكر في تاريخ دمشق ٥٠ : ٣٣٣ ، الديلمي في الفردوس ٣ : ٤٥٥/٥٤٠٦ ، الخوارزمي في المناقب : ١٠٦/١١٢ ، ومقتل الحسين عليه‌السلام : ٤٥ ، المتقي الهندي في كنز العمّال ١١ : ٦٢٣/٣٣. ٣٥ ، بهذا النص : «لمبارزة عليّ بن أبي طالب لعمرو بن عبد ود يوم الخندق أفضل من أعمال أُمّتي إلى يوم القيامة».

ابن طاووس في بناء المقالة الفاطمية : ١٢٢ ، وفيه : «لقتل عليّ عمرو بن عبد ود يعدل عمل أُمّتي إلى يوم القيامة» ، وفي إقبال الأعمال : ٧٨٢ ـ فصل فيما نذكره من جواب من سأل عمّا في يوم الغدير من الفضل ـ وفيه : «لضربة عليّ يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين» ، وفيه نصّ آخر : «لضربة عليّ لعمرو بن عبد ود أفضل من عمل أُمّتي إلى يوم القيامة» ، البرسي في مشارق أنوار اليقين : ٣٦٥ ، مثل النصّ الأوّل للإقبال ، ابن أبي الجمهور في عوالي اللئالي ٤ : ٨٦/١٠٢ ، وفيه : «لضربة عليّ لعمرو يوم الخندق تعدل عبادة الثقلين».

(١) في «ط» زيادة : عبادة.

(٢) في «ط» : فيها.

(٣) (وفيرة) لم ترد في «ق ، م».

(٤) في «م» : عليّ بن أبي طالب.

(٥) الحديث متواتر وله أسانيد ومصادر كثيرة جدّاً ، وقد أفرده بعض المحقّقين

           

۳۱۹

قوله : «أحبّ خلقك» عامّ في النبيّين وغيرهم ، و : «أحبّ» أفعل التفضيل ، وزيادة المحبّة من الله تعالى إنّما تكون بزيادة العمل الموجب للأفضلية ، وذلك حاصل لعليّ عليه‌السلام.

وفي كتاب «غاية المطلوب» : روي عن سعد بن عُبادة أنّه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «لمّا عُرج بي إلى السماء فكنت من ربّي كقاب قوسين أو أدنى ، سمعت النداء من قِبَل الله عزّوجلّ أن : يا محمّـد من تُحبّ ممّن معك(١) في الأرض؟ فقلت : أُحبّ من يُحبّه الله تبارك وتعالى ويأمرني بحبّه ، فسمعت النداء من الله تعالى أن : يا محمّـد أحبَّ(٢) عليّاً عليه‌السلام فإنّي أُحبّه وأُحبّ من يُحبّه.

فرجعت إلى السماء الرابعة فلقيني جبرئيل عليه‌السلام فقال لي : يا رسول الله(٣) ، ما قال لك العزيز وما قلت له؟ قال : قلت : حبيبي جبرئيل(٤) سمعت النداء : يا محمّـد ، من تُحب ممّن معك(٥) في الأرض؟ فقلت : أُحبّ من يُحبّه الله العزيز ويأمرني بحبّه ، فسمعت النداء من قِبَل الله

__________________

بالتأليف ، وإليك المصادر التي ذكرته نصّاً وبنفس الراوي : الإسكافي في المعيار والموازنة : ٢٢٤ ، الترمذي في صحيحه ٥ : ٦٣٦/٣٧٢١ ، ابن عساكر في تاريخ دمشق ٤٢ : ٢٤٦.

وقد ورد حديث الطائر بنصّين ظاهراً ، نصّ يقول : إنّ وجبة الطعام نزلت من السماء فيها طائر مشوي ، ونصّ آخر يقول : إنّ امرأة أهدت لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)طائرين في طبق. وقد وردت نصوص أُخرى جمعها ابن عساكر في تاريخ دمشق ، فتأمّل.

(١) في «ق ، م» : ممّن تبعك.

(٢) في «ق» : أحبب.

(٣) في «ط» زيادة : من قبل الله.

(٤) من قوله: (فقال لي: يا رسول الله) إلى هنا لم يرد في «ق».

(٥) في «م» : ممّن تبعك.

           

۳۲۰

تبارك وتعالى : يا محمّـد أحبَّ(١) عليّاً عليه‌السلام فإنّي أُحبّه وأُحبُّ من يُحبّه ، فبكى جبرئيل عليه‌السلامحتّى علا منه النحيب ، وقال : والذي بعثك بالحقّ نبيّاً ، لو أنّ أهل الأرض كلّهم يحبّونه كما يُحبّه أهل السماوات لما خلق الله تعالى النار ، (قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ الله يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)(٢)(٣).

__________________

(١) في «م» : أحبب.

(٢) سورة آل عمران ٣ : ٧٣ ـ ٧٤.

(٣) غاية المطلوب : مخطوط. أورده باختلاف شاذان بن جبرئيل في الفضائل : ٥٤٣/٢٣٢ ، الروضة في الفضائل : ١٥٦ (مصورة من مكتبة السيد المرعشي) وعنهما في البحار ٣٩ : ٢٤٨/١١.

           

۳۲۱

المطلب السادس

وهو ما ذكره في كتاب «المجتبى في توضيح أسرار المصطفى والمرتضى» : خبر حرّة بنت حليمة(١) ومخاطبتها مع الحجّاج بن يوسف الثقفي ، لمّا طلبها الحجّاج ، قال لها : لا أشكّ(٢) أنّك تكونين رافضية ، فقالت الحرّة : فراسة من غير مؤمن ، قال الحجّاج(٣) : هذا مضافاً إلى ما بلغني عنكِ ، فقالت : وما هو؟ قال الحجّاج : بلغني أنّكِ تفضّلين عليّاً على أبي بكر وعمر وعثمان ، قالت : والله إنّ الذي وشى إليكَ عنّي(٤) فهو كاذب ومفتري(٥) علَيَّ ، والله ما أنا أُفضّله على أبي بكر وعمر وعثمان(٦) ، ولكنّي أُفضّله على آدم وعلى نوح وعلى إبراهيم وعلى داوُد وعلى سليمان وعلى موسى وعلى عيسى.

فقال لهـا الحجّـاج : ويلك(٧) أنا أنكـر عليـكِ تفضيلك إيّاه على رجـال صحبـوا رسـول الله وأنتِ تُفضّلينـه على سبعة من الأنبيـاء؟! قال لهـا الحجّـاج : فإن لم تأتينـي بصحّة ما قلتِ لأخذت ما فيـه عينـاك في هذا الساعـة ، فقالت الحـرّة : إذا أتيتـك بشيء تعرف صحّتـه لا تناكرني فيه ،

__________________

(١) في «ط» : تعنّت حليمة. بدل من : حرة بنت حليمة.

(٢) في «ط» : أشكّ.

(٣) من قوله : (لا أشكّ أنّك) إلى هنا لم يرد في «م».

(٤) في «م» : جعل لي إليك.

(٥) (ومفتري) لم ترد في «ق ، م».

(٦) قوله : (والله ما أنا أُفضّله على أبي بكر وعمر وعثمان) لم يرد في «م».

(٧) (ويلك) أثبتناه من «ق ، م».

           

۳۲۲

قـال الحجّاج : فعاهدت الله على ذلك(١) ، فقال لها الحجّاج : أخبريني بما فضّلته(٢) على آدم؟.

فقالت : قال الله تبارك وتعالى في قصّة آدم عليه‌السلام : (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى)(٣) ، ومولاي عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام قال الله تبارك وتعالى في حقّه وشكره ومدحه في سورة هل أتى فقال : (وَكَانَ سَعْيُكُم مَشْكُوراً)(٤) ، ومولاي عليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه لم(٥) يعص الله تعالى طرفة عين أبداً ، ولم تأخذه في الله لومة لائم ، فهل عندك يا حجّاج(٦) ما ينافي هذا؟ قال : لا ، ثمّ قال لها : فما فضيلته على نوح(٧)؟.

قالت(٨) : قال الله تبارك وتعالى في قصة نوح عليه‌السلام : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُواْ امْرَأَةَ نُوح وَامْرَأَةَ لُوط كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ)(٩) ، ومولاي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه قد(١٠) زوّجه الله تبارك وتعالى فاطمة الزهراء والبتول العذراء

__________________

(١) (قال الحجّاج : فعاهدت الله على ذلك) أثبتناه من «ق ، م».

(٢) في «م» : ما فضيلته.

(٣) سورة طه ٢٠ : ١٢١ ـ ١٢٢.

(٤) سورة الإنسان ٧٦ : ٢٢.

(٥) في «ق» : ومولاي لم ، وفي «م» : وهؤلاء لم.

(٦) (يا حجّاج) لم يرد في «ق ، م».

(٧) في «ق» : فبما فضّلته على نوح؟ ، وفي «م» : فيما فضيلة على نوح.

(٨) في «ط» : فقالت الحرّة.

(٩) سورة التحريم ٦٦ : ١٠.

(١٠) من قوله: (ومولاي أمير المؤمنين) إلى هنا لم يرد في «ق ، م».

           

۳۲۳

صلوات الله وسلامه عليها وعلى بعلها وأبيها وأُمّها وبنيها(١) في السماء(٢)تحت سدرة المنتهى ، وكان وليّها الملك الأعلى ، وولد له منها الحسن المجتبى والحسين الشهيد بكربلاء(٣).

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام : «يا عليّ(٤) ، إنّ ولديك هذين سيّدي شباب أهل الجنّة».

ولقد دخل عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام(٥) يوماً على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)وهما على ظهر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فقال عليّ عليه‌السلام لهما(٦) : «نِعمَ المطيّة مطيّتكما ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : نِعمَ الراكبان هما ، وأبوهما خير منهما».

فإذا كانا سيّدي شباب أهل الجنّة ـ من الأنبياء والأولياء والصالحين والشهداء(٧) من عباده ـ وأبوهما خير منهما ، فعليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه حينئذ أفضل(٨) الخلق قدراً ، وأجلّهم منزلة ، فهل عندك يا حجّاج ما ينافي هذا؟ فقال : لا ، ثمّ قال لها : فبما فضّلته على إبراهيم الخليل عليه‌السلام(٩)؟.

فقالت : قال الله تبارك وتعالى في قصّة إبراهيم الخليل صلوات الله

__________________

(١) من قوله : (الزهراء والبتول) إلى هنا لم يرد في «ق ، م».

(٢) في «ط» زيادة : الأعلى.

(٣) في «ق ، م» : وولد له منها الحسن والحسين عليهما‌السلام.

(٤) (بن أبي طالب عليه‌السلام : يا عليّ) لم يرد في «ق ، م».

(٥) في «ق ، م» : ولقد دخل عليّ عليه‌السلام.

(٦) (عليّ عليه‌السلام لهما) لم يرد في «ق ، م».

(٧) (والشهداء) لم يرد في «ق».

(٨) في «ق ، م» : فعليّ حينئذ أفضل. ومن قوله : (فإذا كان سيدي) إلى هنا لم يرد في «م».

(٩) (الخليل عليه‌السلام) لم يرد في «ق ، م».

           

۳۲۴

عليه(١) : (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلكِنْ لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَل مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(٢) ، ومولاي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه قال(٣) قولاً ما قاله أحد قبله قط ولا يقوله أحد بعده إلاّ كذّاب ، وهو قوله(٤) : «لو كشف الغطاء ماازددت يقيناً» ، فهل عندك يا حجّاج ما ينافي هذا؟ قال : لا ، ثمّ قال لها : فبما فضّلته على داوُد عليه‌السلام؟

فقالت : إنّ الله تبارك وتعالى قال في قصّته وفي حقّه(٥) : (وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَـانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً)(٦) ، ومولاي عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حقّه : «أقضاكم عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام»(٧) ، فهل عندك يا حجّاج ما ينافي هذا؟ فقال الحجّاج : لا ، ثمّ قال لها : فبما فضّلته على سليمان؟

__________________

(١) (الخليل صلوات الله عليه) لم يرد في «ق ، م».

(٢) سورة البقرة ٢ : ٢٦٠.

(٣) في «ق ، م» : ومولاي قال.

(٤) قوله : (الاّ كذّاب ، وهو قوله) لم يرد في «ق ، م».

(٥) في «ق ، م» : قالت : قال الله تعالى في حقّه.

(٦) سورة الأنبياء ٢١ : ٧٨ ـ ٧٩.

(٧) في «ق ، م» : أقضاكم عليّ.

           

۳۲۵

فقالت له : قال الله تبارك وتعالى في قصّة سليمان بن داوُد(١) عليهما‌السلام : (وَهَبْ لِي مُلْكاً لاَّ يَنْبَغِي لاَِحَد مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)(٢) ومولاي أمير المؤمنين عليه‌السلام(٣) لمّا عرضت له الدنيا ، قال لها : «إليكِ عنّي غرّي غيري(٤) ، يا غدّارة قد طلّقتكِ ثلاثاً لا رجعة لي إليك ولا لي رغبة فيكِ» ، فهل عندك يا حجّاج ما ينافي هذا؟ قال الحجّاج : لا ، ثمّ قال الحجّاج لها : فبما فضّلته على موسى بن عمران؟

فقالت له : قال الله تبارك وتعالى في قصّة موسى بن عمران عليه‌السلام لمّا خاف وخرج منها خائفاً يترقّب وقال : (فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ * وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ)(٥) حتّى قال الله تعالى : (يَامُوسَى لاَتَخَفْ إِنِّي لاَيَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ)(٦) ، ومولاي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلاملمّا(٧) أراد المشركون قتل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، بات على فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ووقاه بنفسه ، ولم يخش ولم يخف(٨) من كثرة الأعداء وشدّة المشركين ، حتّى باهى الله تعالى به ملائكته المقرَّبين(٩) ، فأنزل الله تبارك

__________________

(١) في «ق ، م» : قصّة سليمان.

(٢) سورة ص ٣٨ : ٣٥.

(٣) (أمير المؤمنين عليه‌السلام) لم يرد في «ق ، م».

(٤) (غرّي غيري) لم يرد في «ق ، م».

(٥) سورة الشعراء ٢٦ : ١٣ ـ ١٤.

(٦) سورة النمل ٢٧ : ١٠.

(٧) في «ق ، م» : ومولاي لمّا.

(٨) في «ق» : ولم يخف ولم يخش. وقوله : (ولم يخف) لم يرد في «م».

(٩) من قوله : (من كثرة الأعداء) إلى هنا لم يرد في «ق ، م».

           

۳۲۶

وتعالى وتقدَّس في حقّه ومدحه(١) : (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ)(٢) ، فهل عندك يا حجّاج ما ينافي هذا؟ قال : لا ، ثمّ قال الحجّاج لها : فبما فضّلته على عيسى بن مريم عليه‌السلام(٣)؟

قالت(٤) : قال الله تبارك وتعالى في قصّة مريم ابنة عمران(٥) : (فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنْسِيّاً)(٦) ، فوضعته في أصل جذع النخلة ، فأمّا مولاي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه وآله أجمعين(٧) لمّا وقعت أُمّه في المخاض فُتحت لها باب الكعبة ودخلت فيها ، ووضعته(٨) في وسط البيت الحرام ، ولذلك والله صارت الكعبة مطافاً للعاكف والباد(٩) ، وما فُضّل بهذه الفضيلة ولا شُرِّف بهذا الشرف غيره(١٠) ، فهل عندك يا لعين ابن اللعين(١١) ما ينافي ذلك؟ قال : لا(١٢).

__________________

(١) في «ق ، م» : فأنزل الله في حقّه.

(٢) سورة البقرة ٢ : ٢٠٧.

(٣) في «ق ، م» : على عيسى.

(٤) في «ط» : فقالت الحرّة.

(٥) في «ق ، م» : في قصّة مريم.

(٦) سورة مريم ١٩ : ٢٣.

(٧) في «ق ، م» : ومولاي. بدل من قوله : (فأمّا مولاي ... وآله أجمعين).

(٨) في «م» : ووضعت.

(٩) قوله : (ولذلك والله صارت الكعبة مطافاً للعاكف والباد) لم يرد في «ق ، م».

(١٠) في «ط» زيادة : أحد قط.

(١١) قوله : (يا لعين بن اللعين) لم يرد في «ق ، م».

(١٢) في «ط» زيادة : يا بنة الواسعة الرطبة.

           

۳۲۷

ثمّ قال : والله(١) لو لم تذكرين هذه الدلائل الواضحة والبراهين القاطعة(٢) لكنت عذّبتكِ(٣) عذاباً شديداً ، ثمّ أمر لها بجوائز سنيّة ، وعطايا حسنة هميّة(٤)(٥).

__________________

(١) في «ق ، م» : والله والله.

(٢) قوله : (والبراهين القاطعة) لم يرد في «ق ، م».

(٣) في «ق ، م» : لكنت أُعذبنَّكِ.

(٤) في «ق ، م» : وعطايا هنيّة.

(٥) أورد الخبر شاذان بن جبرئيل في الفضائل : ٣٨٢/١٦٢ ، وأحد العلماء في الروضة في الفضائل : ١٦١ (مصورة من مكتبة السيد المرعشي قدس‌سره) ، ونقله المجلسي عنهما في بحار الأنوار ٤٦ : ١٣٤/٢٥ ، وذكره النباطي العاملي في الصراط المستقيم ١ : ٢٣٠ ، باختصار.

           

۳۲۸

المطلب السابع

ومن ذلك ما ذكره أخطب خطباء خوارزم(١) في «مناقبه» : بإسناده عن أبي البختري(٢) ، قال : رأيت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام(٣)صعد المنبر بالكوفة وعليه مدرعة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، متقلّداً بسيف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(٤) ، متعمّماً بعمامة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فقعد صلوات الله عليه على المنبر وكشف عن بطنه(٥) ، فقال :

«سلوني من قبل أن تفقدوني ، فإنّما بين الجوانح(٦) منّي علم جمّ ، هذا سقط العلم ، هذا لعاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، هذا ما زقّني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)زقّاً من غير وحي أُوحي إليَّ ، فوالله الذي لا إله إلاّ هو (٧) لو ثُنيت لي الوسادة فجلست عليها لأفتيت(٨) لأهل التوراة بتوراتهم ، ولأهل الإنجيل بإنجيلهم ، ولأهل الزبور بزبورهم ، ولأهل القرآن بقرآنهم(٩) ، حتّى يُنطق الله تعالى التوراة والإنجيل والزبور والقرآن(١٠) ، فيقولوا : صدق عليّ ،

__________________

(١) في «ق ، م» : ومن ذلك ما رواه الخوارزمي.

(٢) في «ط» النجري ، وفي «ق» : البختري ، وما في المتن أثبتناه من المصدر. ظاهراً هو الصحيح. انظر سير أعلام النبلاء ٥ : ١٩٦/٧٤. وقوله : (بإسناده عن أبي البختري) لم يرد في «م».

(٣) في «ق ، م» : رأيت عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، وفي المصدر : رأيت عليّاً عليه‌السلام.

(٤) قوله : (متقلّداً بسيف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)) لم يرد في «م».

(٥) في «ط» : بطنه الشريف.

(٦) في «م» : الجواهر.

(٧) قوله : (الذي لا إله إلاّ هو) لم يرد في «ق ، م».

(٨) في حاشية «ط» في نسخة : لحكمت.

(٩) في «ق ، م» : ولأهل الفرقان بفرقانهم. وكلا العبارتين لم تردا في المصدر.

(١٠) في «ق ، م» : والفرقان ، وفي المصدر : التوراة والانجيل فيقولا.

           

۳۲۹

قد أفتاكم بما أنزل الله تبارك وتعالى فينا(١) (وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ)(٢)(٣).

صدق الله العليّ العظيم وصدق رسوله النبيّ الكريم وصدق سيّدنا ومولانا وإمامنا أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وآله أجمعين(٤).

ومن ذلك ما روي(٥) في كتاب «الأربعين» : عن عمّار بن خالد ، عن إسحاق الأزرق ، عن عبد الملك بن سليمان ، قال : وُجد(٦) في ذخيرة حواري عيسى عليه‌السلام في رقّ(٧) مكتوب بالقلم السرياني منقول من التوراة ، وذلك لمّا تشاجر موسى والخضر عليهما‌السلام في قصة السفينة والغلام والجدار : ورجع موسى عليه‌السلام إلى قومه ، فسأله أخوه هارون عمّا استعلمه من الخضر وشاهده من عجائب البحر ، فقال موسى عليه‌السلام : بينما أنا والخضر على شاطئ

__________________

(١) (فينا) أثبتناه من «ق ، م». وفي المصدر : فيَّ.

(٢) سورة البقرة ٢ : ٤٤.

(٣) المناقب : ٩١/٨٥ ، بسنده عن أحمد بن الحسين ، عن الحاكم أبو عبـد الله محمّـد بن عبـد الله الحافظ ، عن أبي محمّـد أحمد بن عبـد الله المزكّي ، عن أحمد بن محمّـد بن حرب ، عن أبي طاهر أحمد بن عيسى بن محمّـد بن عمر بن أبي طالب ، عن يحيى بن عبـد الله العلوي ، عن نوح بن قيس ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرّة ، وعنه الإربلي في كشف الغمّة ١ : ٢٣٣ ، العلاّمة الحلّي في كشف اليقين : ٥٥ ، المجلسي في بحار الأنوار ٤٠ : ١٧٨ ، وأورده باختلاف يسير ضمن حديث طويل عن الأصبغ بن نباتة. الصدوق في الأمالي : ٤٢٢/ ٥٦٠ ، والتوحيد : ٣٠٤/١ ، المفيد في الاختصاص : ٢٣٥ ، الطبرسي في الاحتجاج ١ : ٦٠٩/١٣٨.

(٤) هذا التصديق لم يرد في «ق ، م».

(٥) في «ط» : ما ذكره.

(٦) في «ط» : وجدت.

(٧) في «ق ، م» : ورق.

           

۳۳۰

البحر إذ سقط بين أيدينا طائر ، فأخذ في منقاره قطرة من ماء البحر ورمى بها نحو المشرق ، وأخذ منها قطرة ثانية ورمى بها نحو المغرب ، ثمّ أخذ ثالثة(١) ورمى بها نحو السماء ، ثمّ أخذ رابعة(٢) ورمى بها نحو الأرض ، ثمّ أخذ(٣) خامسة وألقاها في البحر ، فبُهتّ أنا والخضر من ذلك(٤).

وسألت الخضر عن ذلك(٥) فقال : لا أعلم ، فبينما نحن كذلك(٦) ، وإذا بصيّاد يصيد في البحر ، فنظر إلينا(٧) وقال : ما لي أراكما في فكرة(٨)؟ من أمر هذا الطائر(٩) ، فقلنا : هو كذلك ، فقال(١٠) : أنا رجل صيّاد وقد علمت إشارته وأنتما نبيّان لا تعلمان! فقلنا : إنّا لا نعلم إلاّ ما علّمنا الله عزّوجلّ ، فقال(١١) : هذا طائر(١٢) في البحر يسمّى : مسلماً ؛ لأنّه إذا صاح يقول في صياحه : مسلم مسلم(١٣).

وإشارته(١٤) برمي الماء من منقاره نحو المشرق والمغرب والسماء

__________________

(١) في «ط» : القطرة الثالثة.

(٢) في «ط» : القطرة الرابعة.

(٣) في «ط» زيادة : قطرة.

(٤) في «ط» زيادة : العمل.

(٥) في «ق ، م» : وسأله عنه. وكذلك المصادر إلاّ البحار.

(٦) في «ط» زيادة : في البهت والحيرة. وفي الأربعين : وسألت الخضر عن ذلك فلم يُجب وإذا نحن بصيّاد.

(٧) في «ط» زيادة : الصيّاد.

(٨) في «ط» : ما لي أراكما في الحيرة والفكرة وأظنّكما مبهوتين.

(٩) في «ط» زيادة : الذي فعل كيت وكيت.

(١٠) في «ط» زيادة : لنا الصيّاد.

(١١) في «ط» زيادة : لنا الصيّاد : نعم.

(١٢) في «ط» : هذا الطائر الذي رأيتما.

(١٣) في «ق ، م» : (مسلم) مرة واحدة.

(١٤) في «ط» : فأمّا إشارته.

           

۳۳۱

والأرض وفي البحر يقول : يأتي(١) في آخر الزمان نبيٌّ يكون أعلم أهل المشرق والمغرب وأهل السماوات والأرض(٢) عند علمه مثل هذه القطرة الملقاة(٣) في هذا البحر ، ويرث علمه ابن عمّه ووصيّه عليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه.

فعند ذلك سكن ما كنّا فيه من التشاجر(٤) ، واستقلّ كلّ واحد منّا علمه(٥) ، ثمّ غاب الصيّاد عنّا ، فعلمنا أنّه ملك بعثه الله تعالى إلينا ليعرّفنا نقصنا حيث ادّعينا الكمال(٦).

فإذا كان علم أهل السماوات وعلم أهل الأرض عند علمه صلوات الله عليه كالقطرة الملقاة في هذا البحر ، وموسى والخضر عليهما‌السلام هما(٧)نبيّان ، ولا يكون رجحان الفضائل(٨) إلاّ بالعلم وزيادة العمل(٩) وهو حاصل

__________________

(١) في «ط» : إنّما يأتي.

(٢) في «ط» : أهل السماوات والأرض وأهل المشرق والمغرب. وقوله في المتن : (وأهل السماوات والأرض) لم يرد في «م».

(٣) في «ط»: التي ألقيت.

(٤) في المصادر إلاّ المدينة : المشاجرة.

(٥) في «ط» زيادة : (وغاب عنّا الصيّاد وما درينا أفي السماء أم في الأرض رسف ، فعلمنا عند ذلك أنّه ملك أرسله الله تعالى ليعلّمنا رشدنا) ، وبدل هذه الزيادة ، ما أثبتناه في المتن من مخطوطة الأربعين.

(٦) الأربعون لسعد الإربلي : الحديث الثاني (مخطوط) نقله عن الأربعين الحلّي في المحتضر : ١٠٠ ـ ١٠١ ، شرف الدين الاسترآبادي في تأويل الآيات ١ : ١٠٤/٩ ، المشهدي في تفسير كنز الدقائق ٢ : ٢٣ ـ ٢٤ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ١٣ : ٣١٢/٥٢ ، عن رياض الجنان ، عن أربعين سيد حسين بن دحية الكلبي ، ونقله السيد البحراني في مدينة المعاجز ٢ : ١٣٤/٤٥٤ ، عن كتابنا هذا.

(٧) في «ط» : كانا.

(٨) في «ط» : الفضل.

(٩) في «ق ، م» زيادة : والعصمة.

           

۳۳۲

لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه(١) مع كمال المنزلة من الله تبارك وتعالى(٢).

وقد قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام(٣) : «علّمني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ألف باب من العلم يفتح لي من كلّ باب ألف باب»(٤).

وأيضاً من ذلك : ما رواه الغزالي بعبارة أُخرى في رسالة العلم اللدنّي(٥) ما هذا لفظه : قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(٦) عليه‌السلام : «إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أدخل لسانه في فمي ، فانفتح(٧) في قلبي ألف باب من العلم ، ففتح لي من كلّ باب ألف باب»(٨).

__________________

(١) في «ق ، م» : وهو حاصل لعليّ.

(٢) قوله : (مع كمال المنزلة من الله تبارك وتعالى) لم يرد في «م».

(٣) في «ق» : وقال عليّ. وفي «م» : قال.

(٤) أورده سليم بن قيس في كتابه ٢ : ٩١٢/٦٤ ، القاضي المغربي في شرح الأخبار ٢ : ٣٠٨/٦٢٩ ، الطبري في دلائل الإمامة : ٢٣٥ ، ونوادر المعجزات : ١٣١ ، شاذان بن جبرئيل في الفضائل : ٢٧٥/ صدر حديث ١٢١ ، عن ابن عبّاس ، الطبرسي في إعلام الورى ١ : ٢٦٧ ، ابن طاووس في الطرائف ٢ : ٢٤٧ ، والأمان : ٦٨ ، ابن ميثم البحراني في شرح مائة كلمة : ٥٦ ، الإربلي في كشف الغمّة ١ : ٢٦٢ ، ابن أبي جمهور في عوالي اللئالي ٤ : ١٢٣/٢٠٧ ، الشيرازي في الأربعين : ٤٢٩.

(٥) (اللدنّي) أثبتناه من «ق ، م».

(٦) (عليّ بن أبي طالب) لم يرد في «ق ، م» والعكس ما في المصدر.

(٧) في «ط» : فاُلقح.

(٨) الرسالة اللدنّية : ١٠٦ (ضمن مجموعة رسائل الغزالي ج٣) ، وعنه ابن طاووس في الطرائف ١ : ٢٠٥/٢١٥ ، الشيرازي في الأربعين : ٤٣٨ ، المجلسي في بحار الأنوار ٤٠ : ١٢٦ ، عن الطرائف عن الغزالي.

           

۳۳۳

المطلب الثامن

ومن ذلك ما ذكره الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمه‌الله في كتابه(١) «مصباح الأنوار في مناقب الأئمّة الأطهار» : بإسناده فقال(٢) : إنّ سلمان الفارسي والمقداد بن الأسود الكندي(٣) وأبو ذرّ الغفاري وجماعة من أصحاب النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) دخلوا عليه والحزن(٤) ظاهر في وجوههم ، فجثوا بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا : نفديك بالآباء والأُمّهات إنّا نسمع في عليّ(٥)كلاماً قد أحزننا ، وإنّا نستأذنك في الردّ عليهم ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «وما عساهم أن يقولوا في أخي وابن عمّي عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام؟» ، فقالوا : يا رسول الله ، إنّهم يقولون : وأيُّ فضيلة لعليّ بن أبي طالب في سبقه للإسلام(٦) ، وإنّما أدركه وهو طفل صغير. ونحن نحزن(٧) من هذا الكلام والنكث(٨).

فقال لهم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «هذا الذي يحزنكم؟» ، فقالوا : نعم يا رسول الله نفديك بآبائنا وأُمّهاتنا ، فقال لهم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)(٩) : «هل علمتم

__________________

(١) في «ق ، م» : في كتاب.

(٢) (بإسناده فقال) لم يرد في «ق ، م».

(٣) (الكندي) لم يرد في «ق ، م».

(٤) في «ط» زيادة : والكآبة.

(٥) في «ط» : في مولانا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه. بدل من : في عليّ.

(٦) في «ط» : سبق الإسلام. وفي «ق» : سبق إلى الإسلام.

(٧) (نحزن) أثبتناه من «م».

(٨) النكث : نكث العهد وهو نقضه بعد إحكامه. تهذيب اللُّغة ١٠ : ١٨١ ـ نكث.

(٩) من قوله : (هذا الذي يحزنكم) إلى هنا لم يرد في «ق ، م».

           

۳۳۴

من الكتب الأُولى أنّ إبراهيم الخليل هرب(١) من نمرود وهو حمل ، فوضعته أُمّه بين أثلاث(٢) بشاطئ نهر يتدفّق بين غروب الشمس ، وإقبال النهار ، فلمّا وضعته واستقرّ على وجه الأرض ، قام من تحتها يمسح التراب عن وجهه ورأسه(٣) ، ويكثر(٤) من الشهادة بالوحدانية.

ثمّ أخذ ثوباً وتوشّح به وأُمّه تراه ، فلمّا رأته فزعت منه فزعاً شديداً ، ثمّ هرول بين يديها ناظراً إلى السماء ، فكان منه ما قال الله عزّوجلّ في كتابه لمّا رأى كوكباً ثمّ رأى الشمس والقمر ، فقال الله تبارك وتعالى : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ)(٥).

وعلمتم أنّ موسى بن عمران كان فرعون في طلبه ، وقد شقّ بطون النساء الحوامل ، وذبح الأطفال والأولاد لقتل موسى عليه‌السلام ، فلمّا ولدته أُمّه أُمرت أن تأخذه من تحتها وتجعله في التابوت ثمّ تُلقيه في اليم ، فبقيت متحيّرة(٦) حتّى كلّمها وقال : يا أُمّي ألقيني في التابوت واقذفيني في اليم ، فقالت ـ : وهي فزعة من كلامه ـ : إنّي أخاف عليك الغرق ، فقال لها : لا تخافي ولا تحزني إنّ الله تعالى رادّني إليك.

ثمّ إنّها فعلت ذلك ، فبقي في التابوت واليَمّ إلى أن قذفه اليم إلى الساحل ، لا يطعم طعاماً ولا يشرب شراباً.

__________________

(١) في الهداية الكبرى : هربت به أُمّه ، وفي المدينة والبحار : هرب به أبوه ، وفي الفضائل : ذهب به أبوه.

(٢) أثلاث : الثَلَّة التراب الذي يُخرج من حفر البئر. تهذيب اللُّغة ١٥ : ٦٣ ـ ثل.

(٣) في «م» : التراب من رأسه.

(٤) في «ط» : ويكرّر.

(٥) سورة الأنعام ٦ : ٧٥.

(٦) في «ط» زيادة : متفكّرة.

           

۳۳۵

وروي : إنّ المدّة كانت سبعين يوماً ، وروي : سنة(١) ، وقال الله تبارك وتعالى في حال طفوليّته : (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي * إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَن يَكْفُلُهُ)(٢).

وهكذا عيسى بن مريم عليه‌السلام قال الله تعالى : (فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلاَّ تَحْزَنِي)(٣) إلى آخر الآية ، فكلّم أُمّه وقت ولادتها إيّاه وقال لها(٤) : (فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً)(٥) الآية ، وقال حين أشارت إليه في قومها : (قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً * وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ مَادُمْتُ حَيّاً * وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً)(٦) فتكلّم عيسى بن مريم عليه‌السلام وقت ولادته ، وأُوتي الكتاب(٧) والنبوّة ، وأُوصي بالصلاة والزكاة لثلاثة أيّام من مولده ، وكلّمهم في اليوم الثاني.

وقد علمتم أنّ الله تبارك وتقدّس خلقني وعليّاً من نور واحد ، وكنّا في صلب(٨) آدم نسبّح الله تبارك وتعالى ، ثمّ نقلنا من صلب إلى صلب(٩) ، فلم يزل نورنا ينتقل من أصلاب الرجال الطاهرة إلى الأرحام الزكية

__________________

(١) في «ط» : سنة كاملة.

(٢) سورة طه ٢٠ : ٣٩ ـ ٤٠.

(٣) سورة مريم ١٩ : ٢٤. بدل من : وقال لها.

(٤) في «م» : وقال الله تعالى.

(٥) سورة مريم ١٩ : ٢٦.

(٦) سورة مريم ١٩ : ٢٩ ـ ٣٢.

(٧) في «ط» زيادة : والحكمة.

(٨) في «ط» زيادة : أبينا.

(٩) قوله : (من صلب إلى صلب) لم يرد في «ق ، م».

           

۳۳۶

المطهرة ، يسمع تسبيحنا(١) في الظهور والبطون في كلّ عهد وعصر إلى عبد المطلب(٢) ، فإنّ نورنا كان يظهر في ملاحة وجوه آبائنا وأُمّهاتنا(٣).

فلمّا افترق نورنا نصفين : نصف في عبـد الله(٤) ، ونصف في أبي طالب ، وكان يسمع تسبيحنا في ظهورهم ، وكان عمّي وأبي إذا هما جلسا(٥) في ملأ من الناس ، أنار نوري في(٦) صلب أبي ونور عليّ في(٧)صلب أبيه ، إلى أن خرجنا من أصلاب(٨) آبائنا وبطون أُمّهاتنا.

ولقد هبط عليَّ أخي جبرئيل عليه‌السلام وقت ولادة عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام(٩) وقال لي : يا محمّـد ، الحقّ يُقرِئك السلام ويهنّيك بولادة أخيك وابن عمّك عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، ويقول لك : هذا أوان ظهور نبوّتك وإعلان أخيك وابن عمّك(١٠) ووزيرك وصفوتك وخليفتك ، ومن شددت به أزرك وأعليت(١١) به ذكرك.

فقلت له : الحمد لله ، فقمت مبادراً فوجدت فاطمة بنت أسد قد جاءها المخاض وحولها النسوة والقوابل ، فقال لي أخي جبرئيل عليه‌السلام :

__________________

(١) في «ق» : الزاكية تسبيحاً. بدل من : الزكية المطهرة يسمع تسبيحنا. وفي «م» لم ترد (المطهرة).

(٢) في «م» : إلى ظهر عبد المطّلب.

(٣) في «م» : في ملاحة آبائنا.

(٤) في «ط» : عبد المطّلب.

(٥) في «ق ، م» : إذا هم جلسوا.

(٦ و ٧) في «ط»: من.

(٨) في «ق» : صلب.

(٩) في «ق» : ولادة عليّ عليه‌السلام. وقد سقطت من «م».

(١٠) من قوله : (عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام) إلى هنا أثبتناه من «ق ، م».

(١١) في «ط ، م» : وأعلنت.

           

۳۳۷

سجّف بيننا وبين النساء سجفاً(١) ، فإذا وضعت عليّاً عليه‌السلام فالتقيه أنت ، ففعلت ما أمرني به جبرئيل عليه‌السلام وقال : أمدد يدك اليمنى فالتق بها عليّاً فإنّه صاحب اليمين ، فمددت يدي اليمنى نحو أُمّه ، فإذا بعليّ(٢) مائل على يدي ، واضعاً يده اليمنى في أُذنه اليمنى يؤذّن ويقيم الحنفية ، ويشهد لله تعالى بالوحدانية ، ويقرّ برسالتي.

ثمّ أثنى فقرأ(٣) : والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لقد ابتدأ في الصحف الذي أنزل الله تبارك وتعالى على آدم عليه‌السلام ، وقام بها شيث ابنه ، فتلاها من أوّلها إلى آخرها من أوّل حرف إلى آخر حرف(٤) ، حتّى لو حضر شيث عليه‌السلاملأقرّ له أنّه أحفظ منه ، ثمّ تلا صحف نوح(٥) ثمّ صحف إبراهيم ، ثمّ تلا توراة موسى وإنجيل عيسى عليه‌السلام ، ثمّ قرأ القرآن من أوّله إلى آخره ، فوجدته يحفظه كحفظي له ، من قبل أن يسمع منّي منه حرفاً ولا آية ، ثمّ خاطبني وخاطبته(٦) بما خاطب الأنبياء الأوصياء ، ثمّ عاد إلى طفوليّته ، فبماذا تحزنون ، وماذا عليكم من قول أهل الشرك والشكّ.

وقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : بالله عليكم تعلمون(٧) أنّي أفضل الأنبياء ،

__________________

(١) في «ق» : ستجيف بيننا وبين النساء سجافاً. وفي «م» : اسجف بيننا وبين النساء سجافاً.

والسجف : الستر. المحكم والمحيط الأعظم ٧ : ٢٧٨ ـ سجف.

(٢) في «ط» : فإذا بعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام.

(٣) قوله : (ثمّ أثنى فقرأ) لم يرد في «ط».

(٤) قوله : (إلى آخر حرف) لم يرد في «م».

(٥) قوله : (صحف نوح) لم يرد في «ق ، م».

(٦) (وخاطبته) لم يرد في «م».

(٧) في «ط» : ألم تعلمون.

           

۳۳۸

وعليّ عليه‌السلامأفضل الأوصياء ، وهو وصيّي على المسلمين جميعاً ، وإنّ آدم عليه‌السلاملمّا رأى اسمي واسم أخي(١) واسم فاطمة ابنتي(٢) ، وسبطيّ(٣)الحسن والحسين مكتوبة على ساق العرش بالنور ، قال : إلهي هل خلقت خلقاً من قبلي أكرم(٤) عليك منّي؟ قال : لا يا آدم ، قال : فما هذه الأسماء(٥) التي أراها على ساق العرش مكتوبة؟ قال الله تبارك وتقدّس : يا آدم ، لولا هذه الأسماء لما خلقت سماءً مبنيّة ، ولا أرضاً مدحيّة ، ولا ملك مقرَّب ، ولا خلقتك أنت(٦) يا آدم.

فقال آدم عليه‌السلام : إلهي وسيّدي(٧) فبحقّهم عليك إلاّ ما غفرت لي خطيئتي ، فغفر له(٨) ، وكنّا نحن الكلمات(٩) التي تلقّاها آدم من ربّه فغفر له ، فقال الله عزّوجلّ : أبشر يا آدم هذه الأسماء(١٠) من ذرّيتك وولدك ، فحمد الله تعالى آدم وافتخر على الملائكة(١١).

فإذا كان هذا من فضل الله ، و (١٢) فضلنا على الله تبارك وتعالى ، وما

__________________

(١) في «ط» زيادة : علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

(٢) في «م» : ابنتي فاطمة.

(٣) في «ط» : واسما سبطاي.

(٤) في «ط» : يا إلهي وسيّدي وربّي أخلقت من قبلي خلقاً هو أكرم.

(٥) في «ط» زيادة : المكرّمة.

(٦) (أنت) لم ترد في «ق ، م».

(٧) في «ط» : إلهي وسيّدي وربّي.

(٨) في «ط» : فغفر الله له.

(٩) في «ط» : فكنّا نحن والله الكلمات.

(١٠) في «ط» زيادة : المكرّمة.

(١١) في «ط» زيادة : أجمعين بتلك الفضيلة والسعادة.

(١٢) (فضل الله و) أثبتناه من «ق ، م». والمصدر.

           

۳۳۹

أعطى إبراهيم وموسى وعيسى من الفضل(١) إلاّ أعطانا الله تبارك وتعالى أوفى(٢) منه.

فقال سلمان والمقداد وأبو ذرّ ومن معهم(٣) : يا رسول الله(٤) ، فنحن بحمد الله تعالى(٥) الفائزون ، فلك ولأُمّتك خُلقت الجنّة ، ولأعدائك(٦) خلقت النار ، فهنيئاً لعليّ(٧) بما أعطاه الله تعالى من الفضل والإنعام ، والمزيّة والإكرام ، من الفضائل الجسام ، والمناقب العظام(٨)(٩).

إنّ هذا لهو الفضل الكبير والرجحان العظيم ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

__________________

(١) في «ط» : وما أعطى إبراهيم الخليل وموسى بن عمران وعيسى بن مريم صلوات الله عليهم أجمعين من الفضل والكرامة.

(٢) في «ط» : أفضل وأعلى وأكبر. بدل من : أوفى.

(٣) في «ط» : فقال سلمان الفارسي والمقداد بن الأسود الكندي وأبو ذرّ الغفاري ومن كان معهم من الصحابة.

(٤) في «ط» زيادة : نفديك بالآباء والأُمّهات.

(٥) في «ط» زيادة : هم.

(٦) في «م» : ولأعدائكم.

(٧) في «ط» : فلك ولأُمّتك المرحومة خُلقت الجنّة والنعيم ، ولأعدائكم أُعدّت النار والعذاب والأليم ، فهنيئاً لمولنا عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه.

(٨) في «ق ، م» : بما أعطاه الله من فضله من الفضائل. وفي المصدر إلى قوله : بما أعطاه الله تعالى.

(٩) مصباح الأنوار : ٩٧ (مخطوط ، مصورة من مكتبة السيّد المرعشي رحمه‌الله) ، وعنه في مدينة المعاجز ١ : ٥١/٢ ، وأورده باختلاف الخصيبي في الهداية الكبرى : ٩٨ ، شاذان بن جبرئيل في الفضائل : ٣٥٤/١٥٣ ، ابن فتّال النيشابوري في روضة الواعظين ١ : ٢٠١ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٣٥ : ١٩/١٥ ، عن الفضائل والروضة.

           

۳۴۰

المطلب التاسع

ومن ذلك ما ذكره الفقيه أبو الحسن محمّـد بن أحمد بن عليّ بن الحسين بن شاذان ، عن ابن عبّاس ، قال : كنّا جلوساً مع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ دخل علينا عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، فقال : «السلام عليك يا رسول الله» قال : «وعليك السلام يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته» ، قال عليّ(١) : «وأنت حيّ يا رسول الله!» ، فقال : «نعم ، وأنا حيّ ، وإنّك يا عليّ(٢)مررت بنا أمس يومنا(٣) وأنا وجبرئيل عليه‌السلام(٤) في حديث ، فقال جبرئيل عليه‌السلام : ما بال أمير المؤمنين عليه‌السلاممرّ بنا ولم يسلّم(٥) أما والله لو سلّم(٦) يسرّنا(٧) ورددنا عليه السلام(٨) ، فقال عليّ : رأيتك(٩) ودحية(١٠) قد استخليتما في حديث فكرهت أن أقطعه عليكما ، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : إنّه لم

__________________

(١) في «ط» : قال عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه. وبعد هذه الجملة في بعض المصادر زيادة : تدعوني بأمير المؤمنين.

(٢) (يا عليّ) أثبتناه من «ق ، م» والمصدر.

(٣) في «ط» : مررت بنا أمس غد يومنا. وفي «م» : مررت بنا يوماً.

(٤) في «ط» : زيادة : كنّا.

(٥) في «ط» زيادة : علينا.

(٦) قوله : (أما والله لو سلّم) لم ترد في «ق ، م».

(٧) في «ط ، ق» : يسرّنا ، وما في المتن من «م» ، وفي المصادر : لسررنا.

(٨) (السلام) أثبتناه من «م».

(٩) في «ط» : فقال عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه : رأيتك يا رسول الله.

(١٠) هو دحية بن خليفة بن فروة بن فضالة الكلبي القضاعي ، صحأبي مشهور ، أوّل مشاهده الخندق ، وقيل : أُحد ، وكان يُضرب به المثل في حسن الصورة ، وكان جبرئيل عليه‌السلامينزل على صورته ، بعثه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بكتابه إلى قيصر.

انظر : الإصابة ٢ : ١٦١/٢٣٨٦ ، سير أعلام النبلاء ٢ : ٥٥٠/١١٦.

           

۳۴۱

يكن دحية ، وإنّما كان جبرئيل عليه‌السلام ، فقلت : يا جبرئيل كيف سمّيته أمير المؤمنين؟

فقال : كان الله تعالى أوحى إليَّ(١) في غزوة بدر أن اهبط على محمّـد(٢) ومُره أن يأمر أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب أن يجول بين الصَفّين ، فإنّ الملائكة يحبّون أن ينظروا إليه وهو يجول بين الصَفّين(٣).

فسمّاه الله تبارك وتقدّس من السماء أمير المؤمنين(٤) ، فأنت يا عليّ أمير من في السماء ، وأمير من في الأرض ، وأمير من مضى ، وأمير(٥) من بقي ، فلا أمير قبلك ولا أمير بعدك ؛ لأنّه لا يجوز أن يسمّى بهذا الاسم(٦)من لم يسمّه الله تعالى»(٧).

فانظروا يا أُولي العقول والأبصار إلى هذا الحديث ، إذا كان أمير المؤمنين(٨) عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام أمير من في السماء وأمير من في

__________________

(١) في «ق» : كان أوحى الله تعالى إليَّ ، وفي «م» : كما أوحى الله إليَّ.

(٢) في «ط» : أن اهبط على حبيبي محمّد بن عبدالله (صلى الله عليه وآله).

(٣) في «ط» : الصفوف.

(٤) في «م» : بأمير المؤمنين.

(٥) (أمير) لم يرد في «ق».

(٦) في «ط» زيادة : إلاّ من سمّاه الله به ، ولا يجوز أن يسمّى بهذا الاسم.

(٧) مائة منقبة : ٧٧/٢٦ ، بسنده عن سهل بن أحمد بن عبـد الله ، عن عليّ بن عبـد الله ، عن إسحاق بن إبراهيم الدبري ، عن عبد الرزاق بن همام ، عن معمر ، عن عبـد الله بن طاووس ، عن أبيه ، عن ابن عبّاس ، وعنه ابن طاووس في اليقين : ٢٤١/ باب ٧٩ ، والبحراني في مدينة المعاجز ١ : ٦٥/١٤ ، شرف الدين الاسترآبادي في تأويل الآيات ١ : ١٨٥/٣١ ، ابن طاووس في التحصين : ٥٦٩/ باب ٢٣ عن كتاب نور الهدى ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٣٧ : ٣٠٧/٣٦ ، عن اليقين.

(٨) (أمير المؤمنين) لم يرد في «ق ، م».

           

۳۴۲

الأرض ، وأمير من مضى وأمير من بقي ، فكيف لا يفضّل عليّ(١) على الأنبياء وهو أميرهم ، على مضمون هذه الرواية(٢).

وأيضاً من ذلك ما رواه الفقيه أبو الحسن ابن شاذان أيضاً في مناقبه(٣) : عن جعفر بن محمّـد ، عن أبيه ، عن جدّه(٤) الحسين بن عليّ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، قال : «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : فاطمة عليها‌السلام مهجة(٥) قلبي وابناها ثمرة فؤادي ، وبعلها نور بصري(٦) ، والأئمّة من ولده أُمناء ربّي ، وحبله الممدود بينه وبين خلقه ، من اعتصم به نجا ، ومن تخلّف عنه هوى»(٧).

فإذا كان عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام نور بصر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) والبصر أفضل وأشرف أعضاء الإنسان ، فكيف لا يكون عليّ عليه‌السلام أفضل ـ من غير

__________________

(١) (عليّ) أثبتناه من «ق ، م».

(٢) في «ط» زيادة : والله أعلم.

(٣) في «ق ، م» : وأيضاً من ذلك ما رواه ابن شاذان.

(٤) في «ق ، م» : عن جعفر بن محمّـد ، عن أبيه ، عن الحسين. وفي المصدر : عن جعفر بن محمّـد ، قال : حدّثني أبي ، عن أبيه ، عن الحسين ....

(٥) في «ط»: بهجة.

(٦) في «م» : ولعليّ نور بصري.

(٧) مائة منقبة : ١٠٣/٤٤ ، بسنده : عن الحسن بن حمزة ، عن عليّ بن محمّـد بن قتيبة ، عن الفضل بن شاذان ، عن محمّـد بن زياد ، عن جميل بن صالح ... ، وعنه في مقتل الحسين عليه‌السلامللخوارزمي : ٥٩ ، وأورده شاذان بن جبرئيل في الفضائل : ٤١٧/١٧٩ ، ابن طاووس في الطرائف ١ : ١٦٩/١٨٠ ، عن الزمخشري في المناقب ، ابن جبر في نهج الإيمان : ٢٠٥ ، العلاّمة الحلّي في نهج الحق وكشف الصدق : ٢٢٧ ، عن الزمخشري ، النباطي في الصراط المستقيم ٢ : ٣٢ ، الشيرازي في الأربعين : ٣٧٦ ، عن الزمخشري ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٢٣ : ١١٠/١٦ ، عن الطرائف ، و ١٤٢/٩٥ ، عن الفضائل ، و ٢٩ : ٦٤٩/٦٨ ، عن نهج الحق للعلاّمة.

           

۳۴۳

النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ من الأنبياء(١)؟!

وأيضاً من ذلك(٢) ما رواه الفقيه أبو الحسن محمّـد بن أحمد بن عليّ بن الحسين بن شاذان في مناقبه : بالإسناد عن أبي معاوية(٣) قال : قال لي الأعمش : يا أبا معاوية ، ألا أُحدّثك حديثاً(٤) لا تختار عليه؟ قلت : بلى فديتك ، قال : حدّثني أبو وائل ـ ولم يسمعه أحد غيري(٥) ـ عن عبـد الله(٦) ، قال : «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ ولم يسمعه أحد منه غيري(٧) ـ : قال لي جبرئيل عليه‌السلام : يا محمّـد(٨) ، عليّ خير البشر ومن أبي فقد كفر»(٩).

__________________

(١) في «ط» : فإذا كان أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه نور البصر ، ومعلوم أنّ البصر أفضل وأشرف أعضاء الإنسان ، فكيف لا يكون أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه أفضل من جميع الأنبياء ما خلا نبيّنا محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فإنّه عبد من عبيده بقوله عليه‌السلام.

(٢) في «ط» : ومن ذلك أيضاً.

(٣) في «ق ، م» : ما رواه ابن شاذان في مناقبه عن أبي معاوية.

(٤) في «م» زيادة : عن عبـد الله ولم يسمعه أحد غيري.

(٥) (ولم يسمعه أحد غيري) أثبتناه من «ق» والمصدر. وفي «م» : ولم يسمعه غيري منه.

(٦) في «ط» : عن أبي عبـد الله صلّى الله عليه. وفي «ق» زيادة بعد عبـد الله : ولم يسمعه أحد غيري.

(٧) في «ط» : ولم يسمعه منه أحد غيري. وفي «م» : ولم يسمعه أحد غيري.

(٨) (يا محمّـد) أثبتناه من «ق ، م».

(٩) مائة منقبة : ١٢٣/٦٣ ، بسنده عن أبي عبـد الله أحمد بن محمّـد بن الحسن بن أيوب الحافظ ، عن أبي عليّ أحمد بن جعفر الصولي ، عن محمّـد بن الحسين ، عن حفص بن عمر الكوفي ... ، وعنه في بحار الأنوار ٢٦ : ٣٠٦/٦٦ ، وأورده الطبري في المسترشد : ٢٧٩/٩١ ، الحلّي في المحتضر : ١٥١ ، علماً أنّ للحديث طرقاً متعددة وكثيرة في كتب الطائفتين اخترنا فقط الأحاديث التي أسانيدها توافق سند المتن.

           

۳۴۴

وأيضاً من ذلك ما رواه ابن شهرآشوب في مناقبه : عن رجاله أنّ عليّاً عليه‌السلام قال : «إنّي كنت من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كالعضد من المنكب ، وكالذراع من العضد ، وكالكفّ من الذراع ، ربّاني صغيراً ، وآخاني كبيراً ، ولقد كان لي منه مجلس سرّ ، لا يطّلع عليه أحد إلاّ الله.

أوصى إليَّ دون أصحابه وأهل بيته ، وإنّي سألته مرّة أن يدعو لي بالمغفرة ، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : أفعل ذلك لأجلك(١) يا عليّ ، فقام (صلى الله عليه وآله وسلم) وصلّى صلاة ، فلمّا فرغ من صلاته رفع يديه بالدعاء فسمعته يقول : اللّهمّ إنّي أسألك بحقّ عليّ عبدك(٢) أن تغفر لعليّ(٣).

فقلت : يا رسول الله ، ما هذا؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : يا عليّ أوأجد أكرم(٤)منك على الله فأستشفع به إليه؟»(٥).

فإذا علم من دعاء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه أفضل وأكرم على الله من الأنبياء ، حيث ما دعا له بهم ودعا له به(٦).

وأيضاً من ذلك ما روي عن ابن مسعود ، أنّه قال : قلت للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : أرني الحق(٧) ، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «ألج المخدع» ، فلمّا دخلت رأيت عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ساجداً وهو يقول في سجوده : «اللّهمّ إنّي

__________________

(١) (لأجلك) لم يرد في «م».

(٢) في المصدر : عندك.

(٣) في «ط» : أن تغفر لي ولعليّ.

(٤) في «ط» : يا عليّ هل يوجد أحد أكرم.

(٥) لم أعثر عليه في المناقب ، بل وجدته في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٢٠ : ٣١٥/٦٢٥ ، وعنه الشيرازي في الأربعين : ٥٩ ، والتستري في إحقاق الحق ٧ : ٨٧.

(٦) في «ق» : ما دعا له به. بدل من : حيث ما دعا له بهم ودعا له به.

(٧) في التأويل زيادة : انظر إليه عياناً ، وفي الفضائل : لأتّصل إليه ، وفي المدينة عن المناقب الفاخرة : حتّى اتّبعه.

           

۳۴۵

أسألك بحقّ محمّـد نبيّك أن تغفر لعليّ وليّك» ، فلمّا خرجت لأخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فرأيته ساجداً وهو يقول في سجوده : «اللّهمّ إنّي أسألك بحقّ(١) عليّ وليّك أن تغفر لمحمّد نبيّك»(٢).

وأيضاً من ذلك ما رواه(٣) في كتاب «مشارق أنوار اليقين في مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام» : عن محمّـد بن سنان ، عن ابن عبّاس ، قال : كنّا جلوساً عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ أقبل عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، فقال له النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «مرحباً بمن خلقه الله قبل آدم بأربعين ألف سنة» ، قال : فقلنا : يا رسول الله ، أكان الابن قبل الأب؟ قال : «نعم ، إنّ الله خلقني وعليّاً من نور واحد قبل خلقه(٤) بهذه المدّة ثمّ قسمه نصفين ، ثمّ خلق الأشياء(٥)من نوري ونور عليّ ، ثمّ جعلنا عن يمين العرش ، فسبّحنا فسبّحت الملائكة ، وهلّلنا فهلّلت الملائكة ، وكبّرنا فكبّرت الملائكة ، فكلّ من سبّح الله(٦) وكبّره فإنّ ذلك من تعليمي وتعليم عليّ عليه‌السلام»(٧).

__________________

(١) في «م» : بمحمّد وبحقّ عليّ.

(٢) لم أعثر على هكذا نصّ ، بل وجدت شبيهه في الفضائل لشاذان بن جبريل : ٣٦٠/ صدر حديث ١٥٤ ، وعنه في البحار ٤٠ : ٤٣/٨١ ، وشرف الدين الاسترآبادي في تأويل الآيات ٢ : ٦١٠/٧ ، وعنه في البحار ٣٦ : ٧٣/٢٤ ، البحراني في مدينة المعاجز ٣ : ٢١٩/٨٣٩ ، و ٤١٧/٩٤٨ ، عن المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة للشريف الرضي.

(٣) في «ق ، م» : ما ذكره.

(٤) في المصدر : قبل خلق آدم.

(٥) في «م ، ق» : جميع الأشياء.

(٦) في «ط» زيادة : وهلّله.

(٧) مشارق أنوار اليقين : ٧٨ ، وعنه في بحار الأنوار ٢٥ : ٢٤/٤٢ ، وأورده ضمن حديث طويل الديلمي في ارشاد القلوب ٢ : ٢٩٧ ، عن ابن عبّاس في تفسير قوله

           

۳۴۶

فإذا كان كلّ من سبّح الله وكبّر الله(١) وعبـد الله ـ من الأنبياء والملائكة(٢) ـ من تعليم النبيّ(٣) وتعليم عليّ عليه‌السلام ، فكيف لا يكون عليّ أفضل ـ من غير نبيّنا محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ من الأنبياء ؛ لأنّهما(٤) المعلّم.

وروي(٥) عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال : «لمّا خلق الله سبحانه وتعالى آدم وحوّاء تبخترا في الجنّة ، فقال آدم لحوّاء : ما خلق الله تعالى خلقاً(٦) أحسن منّا ، فأوحى الله تعالى إلى جبرئيل أن ائت بعبديَّ إلى الفردوس الأعلى ، فلمّا دخلا الفردوس نظرا إلى جارية على درنوك(٧) من درانيك الجنّة ، على رأسها تاج من نور ، وفي أُذنيها قرطان من النور ، قد أشرقت الجنان من نور وجهها.

فقال آدم : حبيبي جبرئيل من هذه الجارية التي قد أشرقت الجنّة من نور وجهها(٨)؟ فقال : هذه فاطمة(٩) بنت نبيّ(١٠) من ولدك يكون في آخر الزمان ، قال : فما هذا التاج الذي على رأسها؟ قال : بعلها عليّ بن

__________________

تعالى : (وإنّا لنحن الصافون * وإنّا نحن المسبّحون) ، وعنه في بحار الأنوار ٢٦ : ٣٤٥/١٨ ، الحلّي في المحتضر : ١٦٥ ، شرف الدين الاسترآبادي في تأويل الآيات ٢ : ٥٠١/٢٠ ، وعنه في البحار ٢٤ : ٨٨/٤ ، و ٣٥ : ٢٩/٢٥.

(١) في «ط» : وهلّله وكبّره.

(٢) قوله : (من الأنبياء والملائكة) لم يرد في «ق ، م».

(٣) في «ق» : يكون من تعليمي ، وفي «م» : من تعليم رسول الله.

(٤) في «ط» : لأنّهم.

(٥) في «ط» : وأيضاً من ذلك ما روي.

(٦) (خلقاً) لم يرد في «ق ، م».

(٧) الدرنوك : البساط. وجمعه : درانك. تهذيب اللُّغة ١٠ : ٤٣١ ـ درنك.

(٨) من قوله : (فقال آدم) إلى هنا لم يرد في «ق ، م».

(٩) الاسم المبارك (فاطمة) أثبتناه من «ق ، م».

(١٠) في «م» : بنت محمّـد نبييّ.

           

۳۴۷

أبي طالب(١) ، قال : وما القرطان(٢)؟ قال : ولديها الحسن والحسين.

قال آدم : حبيبي جبرئيل أَخُلقوا قبلي؟ قال : هم موجودون في غامض علم الله قبل أن تُخلق أنت بأربعة آلاف سنة(٣)»(٤).

وأيضاً من ذلك ما ذُكر في بعض كتب المناقب : إنّ صعصعة بن صوحان دخل على(٥) أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ لمّا ضُرِب ـ وقال : يا أمير المؤمنين أنت أفضل أم آدم أبو البشر؟ قال عليّ عليه‌السلام : «تزكية المرء نفسه قبيح ، ولكن قال الله تعالى لآدم : (يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ)(٦) ، وإنّ كثيراً من الأشياء أباحها الله تعالى عليَّ أنا تركتها وما قاربتها»(٧).

ثمّ قال : أنت أفضل يا أمير المؤمنين أم نوح؟

__________________

(١) في «م» : لعليّ بن أبي طالب.

(٢) في «م» : وما هذا القرطان.

(٣) في «م» : قبل أن تخلق بأربعين ألف سنة.

(٤) أورده الخوارزمي في مقتل الحسين عليه‌السلام : ٦٥ ـ ٦٦ ، وفيه : قبل أن أخلقكما بألفي عام. الإربلي في كشف الغمّة ٢ : ١٥٨ ، عن ابن خالويه في كتاب الآل ، وعنه بحار الأنوار ٤٣ : ٥٢ ، الحلّي في المحتضر : ١٣ ، وعنه في بحار الأنوار ٢٥ : ٥/٨ ، البياضي في الصراط المستقيم ١ : ٢٠٩.

(٥) في «ط» : العبدي جاء إلى. بدل من : دخل على.

(٦) سورة البقرة ٢ : ٣٥.

(٧) في «ط» : وأنا كثيراً ما من الأشياء أباحه الله تعالى عليَّ ولكن أنا تركتها وما قاربتها. وفي «ق» : وأنا كثير من الأشياء أباحه الله تعالى عليَّ أنا تركتها وما قاربتها. وفي «م» : وإنّ كثيراً من الأشياء أباحها الله تعالى وأنا تركتها.

وما في المتن تلفيق من النسخ.

           

۳۴۸

قال عليه‌السلام : «إنّ نوحاً دعا على قومه ، وأنا ما دعوت على(١) ظالمي حقّي ، وابن نوح كان كافراً ، وابناي سيّدا شباب أهل الجنّة».

ثمّ قال : أنت أفضل أم موسى؟

قال عليه‌السلام : «إنّ الله تعالى أرسل موسى إلى فرعون ، فقال : (أَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ)(٢) ، حتّى قال الله تعالى : (لاَتَخَفْ إِنِّي لاَيَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ)(٣) ، وقال : (رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ)(٤)(٥) ، وأنا(٦) ما خفت حين أرسلني رسول الله بتبليغ سورة براءة أن أقرأها على قريش في الموسم(٧) ، مع أنّي كنت قتلت كثيراً من صناديد قريش ، فذهبت بها إليهم وقرأتها عليهم وما خفتهم».

ثمّ قال : أنت أفضل أم عيسى بن مريم؟

قال عليه‌السلام : «عيسى كانت أُمّه(٨) في بيت المقدس ، فلمّا حان وقت ولادتها سمعت قائلاً يقول لها(٩) : اخرجي فإنّ هذا(١٠) بيت عبادة لا بيت ولادة ، وأنا أُمّي فاطمة بنت أسد لمّا قرب وضع حملها كانت في الحرم ،

__________________

(١) (على) أثبتناها من «م».

(٢) سورة الشعراء ٢٦ : ١٤.

(٣) سورة النمل ٢٧ : ١٠.

(٤) سورة القصص ٢٨ : ٣٣.

(٥) من قوله : (حتّى قال الله تعالى) إلى هنا أثبتناه من «ق ، م».

(٦) في «ط» زيادة : (ما خفت حين بتّ في فراش رسول الله ليلة الغار و).

(٧) في «م» : في موسم الحجّ.

(٨) في «م» : أُمّه كانت. بدون اسم (عيسى).

(٩) (لها) أثبتناها من «ق ، م».

(١٠) في «ط» زيادة : البيت.

           

۳۴۹

فانشق حائط الكعبة وسمعت قائلاً يقول لها(١) : ادخلي فدخلت في وسط البيت ، وأنا ولدت فيه ، وليس لأحد هذه الفضيلة غيري ، لا قبلي ولا بعدي»(٢).

فإذا كان هذا حال عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام في الولادة وذاك حال عيسى عليه‌السلام في الولادة ، فانظروا واعتبروا يا أُولي الأبصار(٣).

__________________

(١) (لها) أثبتناها من «ق ، م».

(٢) لم أعثر عليه في مصادر المتقدّمين ، بل وجدته في الأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري ١ : ٢٧ ـ ٢٩ ، واللمعة البيضاء في شرح خطبة الزهراء عليها‌السلام للتبريزي : ٢٢٠ ، وكلاهما عن كتاب المناقب.

(٣) (يا أُولي الأبصار) لم يرد في «ق».

           

۳۵۰

المطلب العاشر(١)

أيضاً من ذلك ما روى بعض علمائنا الإمامية في كتاب له سمّاه : «منهج التحقيق إلى سواء الطريق» بالإسناد المتّصل عن سلمان الفارسي رضي‌الله‌عنه ، قال : كنّا جلوساً مع أمير المؤمنين عليه‌السلام بمنزله ـ لمّا بويع عمر بن الخطّاب ـ قال : كنت أنا والحسن والحسين عليهما‌السلام ومحمّـد بن الحنفية ومحمّـد بن أبي بكر وعمّار بن ياسر والمقداد بن الأسود الكندي رضي الله عنهم ، فقال له ابنه الحسن عليه‌السلام : «يا أمير المؤمنين ، إنّ سليمان بن داوُد سأل ربّه مُلكاً لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه ذلك ، فهل ملكت أنت ممّا ملك سليمان بن داوُد؟».

فقال عليه‌السلام : «والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، إنّ سليمان بن داوُد سأل الله عزّوجلّ الملك فأعطاه ، وإنّ أباك ملك ما لم يملكه ـ بعد جدّك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ أحد قبله ولا يملكه أحد بعده».

فقال الحسن عليه‌السلام : «نريد أن ترينا ممّا فضّلك الله تعالى به من الكرامة».

فقال عليه‌السلام : «أفعل إن شاء الله تعالى ، فقام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فتوضّأ وصلّى ركعتين ودعا الله عزّوجلّ بدعوات لم يفهمها أحد ، ثمّ أومأ بيده إلى جانب(٢) المغرب ، فما كان بأسرع من أن جاءت سحابة بيضاء(٣) فوقفت على الدار ، وإذا بجانبها سحابة أُخرى ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أيّتها

__________________

(١) هذا المطلب إلى آخره لم يرد في «ق ، م».

(٢) في حاشية «ط» في نسخة : جهة. وكذلك المصادر.

(٣) (بيضاء) لم ترد في المصادر.

           

۳۵۱

السحابة اهبطي بإذن الله تعالى ، فهبطت وهي تقول : أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّـداً رسول الله وأنّك خليفته ووصيّه ، من شكّ فيك فقد هلك ، ومن تمسّك بك سلك(١) سبيل النجاة.

قال : ثمّ انبسطت السحابة إلى الأرض كأنّها بساط موضوع.

فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : اجلسوا على الغمامة ، فجلسنا وأخذنا مواضعنا ، فأشار إلى السحابة الاُخرى فهبطت وهي تقول كمقالة(٢) الأولى ، فجلس أمير المؤمنين عليها(٣) ، ثمّ تكلّم بكلام وأشار إليها بالمسير نحو المغرب ، وإذا بالريح قد دخلت تحت السحابتين فرفعتهما رفعاً رقيقاً ، فتأمّلت(٤) نحو أمير المؤمنين عليه‌السلام وإذا به على كرسيّ والنور يسطع من وجهه يكاد يخطف الأبصار».

فقال الحسن عليه‌السلام : «يا أمير المؤمنين ، إنّ سليمان بن داوُد كان مطاعاً بخاتمه ، وأمير المؤمنين عليه‌السلام بماذا يطاع(٥)؟».

فقال : «أنا عين الله في أرضه ، أنا لسانه(٦) الناطق في خلقه ، أنا نور الله الذي لا يُطفى ، أنا باب الله الذي يؤتى منه وحجّته على عباده ، ثمّ قال : أتحبّون أن أُريكم خاتم سليمان بن داوُد؟ قلنا : نعم ، فأدخل يده في جيبه فأخرج خاتماً من ذهب فصّه من ياقوتة حمراء ، مكتوب عليه : «محمّـد وعليّ».

__________________

(١) قوله : (ومن تمسّك بك سلك) أثبتناه من المصادر.

(٢) في «ط» : كما قاله. وما في المتن من نسخة في حاشية «ط» والمصادر.

(٣) في المصدر زيادة : منفرداً ، وفي البحار عن المحتضر : مفرده.

(٤) في «ط» ومدينة المعاجز : فتمايلت. وما في المتن من المحتضر والبحار.

(٥) في المحتضر : مطاع.

(٦) في المحتضر : لسان الله.

           

۳۵۲

قال سلمان : فتعجبّنا من ذلك ، فقال عليه‌السلام : «من أيّ شيء(١)تعجبون؟ وما العجب من مثلي ، أنا أُريكم اليوم ما لم تروه أبداً».

فقال الحسن عليه‌السلام : «أُريد أن تريني يأجوج ومأجوج والسدّ الذي بيننا وبينهم» ، فسارت الريح تحت السحاب(٢) فسمعنا لها دويّاً كدويّ الرعد ، وعلت في الهواء وأمير المؤمنين يقدمنا حتّى انتهينا إلى جبل شامخ في العلوّ ، وإذا شجرة جافّة قد تساقطت أوراقها وجفّت أغصانها.

فقال الحسن عليه‌السلام : «ما بال هذه الشجرة قد يبست؟ فقال عليه‌السلام : سلها فإنّها تجيبك ، فقال الحسن عليه‌السلام : أيّتها الشجرة ما لك قد حدث بك ما نراه من الجفاف؟» فلم تجبه ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «بحقي عليك(٣) إلاّ ما أجبته».

قال الراوي : والله لقد سمعتها تقول : لبّيك لبّيك يا وصيّ رسول الله وخليفته ، ثمّ قالت : يا أبا محمّـد(٤) : إنّ أمير المؤمنين كان يجيئني في كلّ ليلة وقت السحر ويصلّي عندي ركعتين ويُكثر من التسبيح ، فإذا فرغ من دعائه جاءته غمامة بيضاء ينفح منها رائحة(٥) المسك ، وعليها كرسيّ فيجلس عليه فتسير به ، وكنت أعيش بمجلسه وبركته(٦) ، فانقطع عنّي منذ أربعين يوماً فهذا سبب ما تراه منّي.

فقام أمير المؤمنين عليه‌السلام وصلّى ركعتين ومسح بكفّه عليها فاخضرّت

__________________

(١) (شيء) أثبتناه من المصادر.

(٢) في المحتضر : فسارت السحابة فوق الريح.

(٣) (بحقي عليك) أثبتناه من المحتضر والبحار.

(٤) (يا أبا محمّـد) أثبتناه من المحتضر والبحار.

(٥) في المحتضر والبحار : ريح.

(٦) في المحتضر والبحار : وكنت أعيش ببركته.

           

۳۵۳

وعادت إلى(١) حالها ، وأمر الريح فسارت بنا وإذا نحن بملك يده بالمغرب وأُخرى بالمشرق ، فلمّا نظر الملك إلى أمير المؤمنين قال : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّـداً عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحقّ ليُظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون ، وأشهد أنّك وصيّه وخليفته حقّاً وصدقاً.

فقلت : يا أمير المؤمنين ، من هذا الذي يده في المغرب ويده الأُخرى في المشرق؟ فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «هذا الملك الذي وكّله الله بظلمة الليل وضوء النهار ولا يزوله(٢) إلى يوم القيامة ، وإنّ الله تعالى جعل أمر الدنيا إليَّ ، وإنّ أعمال العباد تعرض عليَّ في كلّ يوم ، ثمّ ترفع إلى الله تعالى.

ثمّ سرنا حتّى وقفنا على سدّ يأجوج ومأجوج ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلامللريح : «اهبطي بنا ممّا يلي هذا الجبل» وأشار إلى جبل شامخ في العلوّ ـ وهو جبل الخضر ـ فنظرنا إلى السدّ وإذا ارتفاعه مدّ(٣)البصر ، وهو أسود كقطعة الليل الدامس(٤) ، يخرج من أرجائه الدخان ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «يا أبا محمّـد ، أنا صاحب هذا الأمر على هؤلاء العبيد» ، قال سلمان : فرأيت أصنافاً ثلاثة طول أحدهم مائة وعشرون ذراعاً ، والثاني طول كلّ واحد ستّون ذراعاً ، والثالث يفرش إحدى أُذنيه

__________________

(١) في «ط» : على ، وما في المتن من المحتضر والبحار.

(٢) في المحتضر : بالليل والنهار فلا يزول ، وفي البحار : بظلمة الليل والنهار لا يزول.

(٣) في «ط» ما يحدّ ، وما في المتن من المحتضر والبحار ، وهو أقرب للسياق.

(٤) الدامس : أدمس الظلام وأدمس ، إذا اشتدّ ظلامه. تهذيب اللُّغة ١٢ : ٣٧٩ ـ دمس.

           

۳۵۴

تحته والأُخرى يلتحف بها.

ثمّ إنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام أمر الريح فسارت بنا إلى جبل قاف ، فانتهينا إليه وإذا هو من زمرّدة خضراء وعليها ملك على صورة النسر ، ثمّ نظر إلى أمير المؤمنين ، قال الملك : السلام عليك يا وصيّ رسول ربّ العالمين وخليفته(١) ، أتأذن لي في الردّ(٢) ، فردّ عليه السلام وقال : «إن شئت تكلّم وإن شئت أخبرتك عمّا تسألني عنه» ، فقال الملك : بل تقول أنت(٣) يا أمير المؤمنين.

فقال : «تريد أن آذن لك أن تزور الخضر عليه‌السلام» فقال : نعم ، فقال عليه‌السلام : «قد أذنت لك ، فأسرع الملك بعد أن قال : بسم الله الرحمن الرحيم.

ثمّ قال : فمشينا إلى(٤) الجبل هنيئة فإذا بالملك قد عاد إلى مكانه بعد زيارة الخضر ، فقال سلمان : يا أمير المؤمنين رأيت الملك ما زار الخضر إلاّ حين أخذ إذنك(٥) ، فقال عليه‌السلام : «يا سلمان(٦) والذي رفع السماء بغير عمد ، لو أنّ أحدهم رام أن يزول من مكانه بقدر نَفَس واحد لما زال حتّى آذن له ، وكذلك يصير حال ولدي الحسن وبعده الحسين وتسعة من ولد الحسين تاسعهم قائمهم».

__________________

(١) في المحتضر والبحار : يا وصيّ رسول الله وخليفته.

(٢) في المحتضر والبحار : الكلام. بدل من : الردّ.

(٣) (أنت) أثبتناها من المحتضر والبحار.

(٤) في المحتضر : ثمّ مشينا على ، وفي البحار : ثمّ تمشينا على. بدل من : ثمّ قال فمشينا إلى.

(٥) في المحتضر : ما زار حتّى أخذ الإذن.

(٦) (يا سلمان) أثبتناه من المحتضر.

           

۳۵۵

فقلنا : ما اسم الملك الموكّل بقاف؟

فقال عليه‌السلام : «ترحائيل»(١) فقلنا(٢) : يا أمير المؤمنين ، كيف تأتي كلّ ليلة إلى هذا الموضع وتعود؟ فقال عليه‌السلام : «كما أتيت بكم ، والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة إنّي لأملك من(٣) ملكوت السماوات والأرض ما لو علمتم ببعضه لما احتمله جَنانكم(٤) ، إنّ اسم الله الأعظم اثنان وسبعون حرفاً ، وكان لآصف(٥) بن برخيا حرف واحد فتكلّم به ، فخسف الله تعالى الأرض ما بينه وبين عرش بلقيس حتّى تناول السرير ، ثمّ عادت الأرض كما كانت أسرع من طرف النظر ، وعندنا نحن والله اثنان وسبعون حرفاً ، وحرف واحد عند الله تعالى استأثر به في علم الغيب ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم ، عرفنا من عرفنا ، وأنكرنا من أنكرنا».

ثمّ قام عليه‌السلام وقمنا وإذا نحن بشاب في الجبل يصلّي بين قبرين ، فقلنا : يا أمير المؤمنين من هذا الشاب؟

فقال عليه‌السلام : «صالح النبيّ عليه‌السلام ، وهذان القبران لاُمّه وأبيه ، وإنّه يعبـد الله بينهما ، فلمّا نظر إليه صالح لم يتمالك نفسه حتّى بكى وأومأ بيده إلى أمير المؤمنين ، ثمّ عاد إلى صلاته(٦) وهو يبكي ، فوقف أمير المؤمنين عليه‌السلامعنده حتّى فرغ من صلاته ، فقلنا له : ممّ بكاؤك(٧)؟ فقال

__________________

(١) في المحتضر : برجائيل ، وفي البحار : ترجائيل.

(٢) في «ط» : فقال ، وما في المتن من المحتضر والبحار.

(٣) (من) أثبتناها من المحتضر والبحار.

(٤) الجنان : القلب. المحكم والمحيط الأعظم ٧ : ٢١٢ ـ جنن.

(٥) في المحتضر والبحار : إنّ اسم الله الأعظم على اثنين وسبعين حرفاً وكان عند آصف ....

(٦) في المحتضر والبحار : ثمّ أعادها إلى صدره.

(٧) في المحتضر والبحار : ما بكاؤك.

           

۳۵۶

صالح : إنّ أمير المؤمنين عليه‌السلامكان يمرّ بي عند كلّ غداة ، فيجلس فتزداد عبادتي بنظري إليه ، فقطع ذلك منذ عشرة أيّام فأقلقني ذلك» فتعجّبنا من ذلك.

فقال عليه‌السلام : «أتريدون أن أُريكم سليمان بن داوُد؟» فقلنا : نعم ، فقام ونحن معه ، فدخل بنا بستاناً ما رأينا أحسن منه ، وفيه جميع الفواكه والأعناب ، وأنهار تجري والأطيار يتجاوبن على الأشجار ، فحين رأته الأطيار أتت ترفرف حوله حتى توسطنا البستان ، وإذا سرير عليه شاب ، ملقى على ظهره ، واضع يده على صدره ، فأخرج أمير المؤمنين الخاتم من جيبه وجعله في اصبع سليمان عليه‌السلام ، فنهض قائماً وقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ، ووصيّ رسول ربّ العالمين ، أنت والله الصدّيق الأكبر والفاروق الأعظم ، قد أفلح من تمسّك بك ، وقد خاب وخسر من تخلّف عنك ، وإنّي سألت الله عزّوجلّ بكم أهل البيت فاُعطيت ذلك الملك».

قال سلمان : فلمّا سمعنا كلام سليمان بن داوُد لم أتمالك نفسي حتّى وقعت على أقدام أمير المؤمنين أُقبّلها ، وحمدت الله تعالى على جزيل عطائه بهدايته إلى ولاية أهل البيت عليهم‌السلام الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، وفعل أصحأبي كما فعلت.

ثمّ سألت أمير المؤمنين : ما وراء قاف؟ قال : «وراءه ما لا يصل إليكم علمه» ، فقلت(١) : أتعلم ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال عليه‌السلام : «علمي بما وراءه كعلمي بحال هذه الدنيا وما فيها ، وإنّي الحفيظ الشهيد عليها بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكذلك الأوصياء من ولدي من بعدي».

__________________

(١) في المحتضر والبحار : فقلنا.

           

۳۵۷

ثمّ قال عليه‌السلام : «إنّي لأعَرف بطرق السماوات من طرق الأرض ، نحن الاسم المخزون المكنون ، نحن الأسماء الحسنى التي إذا سُئل الله تعالى بها أجاب ، نحن الأسماء المكتوبة على(١) العرش ، ولأجلنا خلق الله عزّوجلّ السماء والأرض والعرش(٢) والكرسي والجنّة والنار ، ومنّا تعلّمت الملائكة التسبيح والتقديس والتوحيد والتهليل والتكبير ، ونحن الكلمات التي تلقّى آدم من ربّه فتاب عليه».

ثمّ قال عليه‌السلام : «أتريدون أن أُريكم عجباً؟» ، قلنا : نعم ، قال : «غضّوا أعينكم» ، ففعلنا ، ثمّ قال عليه‌السلام : «افتحوها» ، ففتحناها فإذا نحن بمدينة ما رأينا أكبر منها ، الأسواق فيها قائمة ، وفيها أُناس ما رأينا أعظم من خلقهم ، على طول النخل ، قلنا : يا أمير المؤمنين من هؤلاء؟ قال : «بقيّة قوم عاد ، كفّار لا يؤمنون بالله تعالى أحببت أن أُريكم إيّاهم ، وهذه المدينة وأهلها أُريد أن أُهلكهم وهم لا يشعرون» ، قلنا : يا أمير المؤمنين ، تهلكهم بغير حجّة! قال : «لا ، بل بحجّة عليهم» ، فدنا منهم وتراءى لهم ، فهمّوا أن يقتلوه ونحن نراهم وهم يرونه(٣) ، ثمّ تباعد عنهم ودنا منّا ثمّ مسح بيده على صدورنا(٤) ، وصعق بهم صعقة.

قال سلمان : لقد ظنّنا أنّ الأرض قد انقلبت والسماء قد سقطت ، وأنّ الصواعق من فِيه قد خرجت ، فلم يبق منهم في تلك الساعة أحد ، قلنا :

__________________

(١) في «ط» : تحت ، وما في المتن من المحتضر والبحار.

(٢) قوله : (ولأجلنا خلق الله عزّوجلّ السماء والأرض والعرش) أثبتناه من المحتضر والبحار.

(٣) في المحتضر : وهم لا يروننا ، وفي البحار : وهم يرون.

(٤) في المحتضر والبحار زيادة : وأبداننا وتكلّم بكلمات لم نفهمها وعاد إليهم ثانية حتى صار بإزائهم.

           

۳۵۸

يا أمير المؤمنين ، ما صنع الله بهم؟ قال عليه‌السلام : «هلكوا وصاروا كلّهم في(١)النار» ، قلنا : هذا معجز ما رأينا ولا سمعنا بمثله.

فقال عليه‌السلام : «أتريدون أن أُريكم أعجب من ذلك؟» ، قلنا : لا نُطيق ـ بأسرنا ـ على احتمال شيء آخر ، فعلى من لا يتولاّك ولا يؤمن بفضلك وعظيم قدرك عند الله تعالى لعنة الله ولعنة اللاعنين والناس والملائكة أجمعين إلى يوم الدين.

ثمّ سألناه الرجوع إلى أوطاننا ، فقال : «أفعل ذلك إن شاء الله تعالى» ، وأشار إلى السحابتين فدنتا منّا ، فقال عليه‌السلام : «خذوا مواضعكم» ، فجلسنا على سحابة وجلس عليه‌السلام على الأُخرى ، وأمر الريح فحملتنا حتّى صرنا في الجو ، حتّى رأينا الأرض كالدرهم ، ثمّ حطّتنا في دار أمير المؤمنين عليه‌السلام في أقل من طرف النظر ، وكان وصولنا إلى المدينة وقت الظهر والمؤذّن يؤذّن ، وكان خروجنا منها وقت علت الشمس ، فقلنا : يا لله العجب كنّا في جبل قاف مسيرة خمس سنين وعُدنا في خمس ساعات من النهار!

فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «لو أنّني أردت أن أخرق(٢) الدنيا بأسرها والسماوات السبع وأرجع في أقل من الطرف لفعلت ، بما عندي من اسم الله الأعظم».

فقلنا : يا أمير المؤمنين أنت والله الآية العظمى ، والمعجز الباهر(٣)بعد أخيك وابن عمّك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(٤).

__________________

(١) في المحتضر والبحار : إلى.

(٢) في البحار : أجوب.

(٣) في «ط» : المعجزات الباهرة. وما في المتن من المحتضر والبحار.

(٤) أورده الحلّي في المحتضر : ٧١ ـ ٧٦ ، وعنه في بحار الأنوار ٢٧ : ٣٣/٥ ،

           

۳۵۹

أقول : ومن تأمّل وتعمّق وأخذ بجوامع مجامع هذا الحديث الشريف ، تيقّن وتقرّ عيناه بأفضلية مولانا أمير المؤمنين على جميع الأنبياء والمرسلين ما خلا نبيّنا (صلى الله عليه وآله وسلم)(١).

__________________

والبحراني في مدينة المعاجز ١ : ٥٤٩/٣٥١ ، كاملاً ، و ٢٤٤/١٥٥ ، مختصراً. والكلّ نقله عن «منهج التحقيق إلى سواء الطريق» لأحد علماء الإمامية.

(١) إلى هنا انتهى ما سقط من «ق ، م».

           

۳۶۰

المطلب الحادي عشر(١)

أيضاً من ذلك ما رواه ابن شيرويه الديلمي(٢) في كتاب «الفردوس» قال : حدّثنا عبد الرزاق ، حدّثنا معمّر ، عن الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن ابن عبّاس رضي‌الله‌عنه قال : لمّا قتل(٣) عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام عمرو بن عبد ود(٤) ، ودخل على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وسيفه يقطر دماً ، فلمّا رآه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)كبّر وكبّر المسلمون.

فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «اللّهمّ اعط عليّاً فضيلة لم تعطها أحداً قبله ، ولا تعطها أحداً بعده».

فهبط جبرئيل ومعه أُترجة من الجنّة(٥) ، فقال له : إنّ الله عزّوجلّ يقرأ عليك السلام(٦) ، ويقول لك : حيِّ بهذه عليّ بن أبي طالب ، فدفعها إليه(٧)فانفلقت في يده فلقتين ، فإذا فيها حريرة خضراء مكتوب فيها سطران بخضرة(٨) :

«تحية من الطالب الغالب إلى عليّ بن أبي طالب»(٩).

__________________

(١) في «ق ، م» : المطلب العاشر.

(٢) (الديلمي) لم يرد في «ط».

(٣) في «ط» زيادة : أمير المؤمنين.

(٤) في «م» زيادة : العامري.

(٥) في «م» : من أُترج الجنّة.

(٦) في «م» : يقرئك السلام.

(٧) في «م» : فدفعتها إليه.

(٨) في كفاية الطالب : بصفرة.

(٩) لم نعثر عليه في فردوس الأخبار ، بل أورده الخوارزمي في المناقب : ١٧٠/٢٠٤

           

۳۶۱

وأيضاً من ذلك ما رواه صاحب «مصباح الأنوار» : عن العلاء بن الحسن الهمداني ، قال : حدّثنا أبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي ، عن عبـد الله بن عمر ، قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد(١) سئل : بأيّ لغة خاطبك ربّك ليلة المعراج؟ فقال : «خاطبني ربّي(٢) بلغة عليّ بن أبي طالب ، فألهمني ربّي أن قلت : أنت خاطبتني(٣) أم عليّ؟ فقال : يا أحمد(٤) ، أنا شيء لا كالأشياء(٥) ، لا أُقاس بالناس ، ولا أُوصف بالشبهات ، خلقتك من نوري ، وخلقت عليّاً من نورك ، فاطّلعت على سرائر قلبك فلم أجد في قلبك(٦) أحبّ إليك من عليّ بن أبي طالب ، فخاطبتك بلسانه كيما يطمئن قلبك(٧)»(٨).

__________________

عن شيخه ابن شيرويه الديلمي ، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب : ٧٧ ـ ٧٨ ، بإسناده عن أبي محمّـد عبد الرحمن بن أبي الفهم البلداني ، عن أبي الفرج عبد الوهاب الحرّاني ، عن أبي عليّ بن تيهان ، عن الحسن بن الحسين بن زوما ، عن أبي بكر أحمد بن نصر بن عبـد الله الذراع ، عن صدقة ، عن سلمة بن شبيب ... ، الحلّي في المحتضر : ٩٩ ، عن الخوارزمي ، شرف الدين الاسترآبادي في تأويل الآيات ٢ : ٤٥٢/١٢ ، عن ابن شيرويه ، البحراني في تفسير البرهان ٤ : ٤٣٤/٦ ، عن ابن شيرويه ، ومدينة المعاجز ١ : ٣٨١/٢٤٨ ، عن ابن شيرويه ، و ٢ : ٤٤٠/٦٦٦ ، عن شرف الدين.

(١) (وقد) أثبتناها من «م».

(٢) من قوله : (بأيّ لغة خاطبك) إلى هنا لم يرد في «م» ، وكلمة (ربّي) لم ترد في «ق».

(٣) في «ق ، م» : تخاطبني.

(٤) في «ط» : يا محمّـد.

(٥) في «ق» : ليس كالأشياء.

(٦) في «ق» : إلى قلبك ، وفي «م» : على قلبك.

(٧) في «ط» : كيما تطمئن. وفي «ق» : كما يطمئن قلبك.

(٨) مصباح الأنوار : مخطوط.

           

۳۶۲

فانظروا(١) يا أُولي الأبصار والعقول كلّم الله موسى عليه‌السلام على ذروة جبل ، وكلّم الله محمّـداً فوق العرش بلغة عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، أين الثرى من(٢) الثريا.

وأيضاً من ذلك ما رواه الفقيه أبو الحسن(٣) بن شاذان في «مناقبه» : عن ابن عبّاس ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «لمّا عُرج بي إلى السماء ، انتهى بي المسير مع جبرئيل إلى السماء(٤) الرابعة فرأيت بيتاً من ياقوت أحمر ، فقال لي جبرئيل : يا محمّـد ، هذا هو البيت المعمور ، خلقه الله تعالى قبل خلق السماوات والأرضين بخمسين ألف عام ، قم يا محمّـد فصلّ إليه.

قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : وجمع الله النبيّين لي(٥) فصفَّهم جبرئيل ورائي صفّاً ، فصلّيت بهم ، فلمّا سلّمت أتاني آت من عند ربّي ، فقال لي : يا

__________________

أورده الخوارزمي في المناقب : ٧٨/٦١ ، ومقتل الحسين عليه‌السلام : ٤٢ ، ابن طاووس في الطرائف ١ : ٢٢٩/٢٤٢ ، عن المناقب ، الإربلي في كشف الغمّة ١ : ٢٠٩ ، العلاّمة الحلّي في كشف اليقين : ٢٢٩ ـ ٢٣٠ ، الحلّي في المحتضر : ٩٥ ، الديلمي في إرشاد القلوب ٢ : ٤٨ ، النباطي العاملي في الصراط المستقيم ١ : ٢٠٧ ، الحرّ العاملي في الجواهر السنية : ٢٩٥ ، المجلسي في البحار ١٨ : ٣٨٦ ، والكلّ عن المناقب للخوارزمي ، الفيض الكاشاني في التفسير الصافي ٣ : ١٧٧ ، عن كشف الغمّة ، البحراني في مدينة المعاجز ٢ : ٤٠٢/٦٢٦ ، عن ابن شهرآشوب ، ولم نعثر عليه في المناقب ، المجلسي في بحار الأنوار ٣٨ : ٣١٢/١٤ ، عن الطرائف.

(١) في «ق ، م» : انظروا.

(٢) في «ق» : إلى ، وفي «م» : وأين.

(٣) (أبو الحسن) لم يرد في «ق ، م».

(٤) قوله : (انتهى بي المسير مع جبرئيل إلى السماء) لم يرد في «ط».

(٥) في «ق ، م» : لي النبيّين. وفي المائة منقبة : ثمّ أمر الله تعالى حتّى اجتمع جميع الرسل والأنبياء. بدل من : وجمع الله النبيّين لي.

           

۳۶۳

محمّـد ، ربّك يقرئك السلام ويقول لك : سل الرسل على ماذا أُرسلتم من قبلي ، فقلت : معاشر الأنبياء على ما بعثكم ربّي من قبلي؟

فقالت الرسل : على ولايتك وولاية عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، وهو قوله تعالى : (وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ)(١)»(٢).

وكيف لا يكون عليّ بن أبي طالب أفضل منهم ؛ لأنّهم مبعوثون بنبوّة محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) وولاية عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام(٣).

وأيضاً من ذلك : ما روي عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلامأنّه(٤) قال : «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لفاطمة عليها‌السلام : يا بُنية(٥) إنّ الله تعالى أشرف على الدنيا فاختارني على رجال العالمين ، ثمّ اطّلع ثانية(٦) فاختار زوجك(٧) على رجال العالمين ، ثمّ اطّلع ثالثة(٨) فاختاركِ على نساء العالمين ، ثمّ اطّلع رابعة فاختار ابنيك على شباب العالمين»(٩).

__________________

(١) سورة الزخرف ٤٣ : ٤٥.

(٢) مائة منقبة : ١٤٣/٨٢ ، عنه في البحار ٢٦ : ٣٠٧/٦٩ ، وأورده ابن جبر في نهج الإيمان : ٥٠٥ ، من دون ذكر الآية ، شرف الدين الاسترآبادي في تأويل الآيات ٢ : ٥٦٣/ ٣٠ ، عن الحسن بن أبي الحسن الديلمي ، وكذلك المجلسي في بحار الأنوار ٣٦ : ١٥٥.

(٣) من قوله : (منهم ؛ لأنّهم) إلى هنا أثبتناه من «ق ، م».

(٤) (عليّ بن أبي طالب أنّه) لم يرد في «ق ، م».

(٥) في «ط» : يا ابنتي ، وفي «ق ، م» : يا بنيّ ، وما في المتن من كشف الغمّة.

(٦) في «ق ، م» : ثانياً.

(٧) في «ق» زيادة : عليّ بن أبي طالب.

(٨) في «ق ، م» : ثالثاً.

(٩) أورده الإربلي في كشف الغمّة ٢ : ١٧٤. وقد ورد الحديث في عدّة مصادر لكن بألفاظ قريبة من هذا اللفظ اخترنا المطابق للمتن فقط.

           

۳۶۴

وروي في معنى قوله تعالى : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَات فَتَابَ عَلَيْهِ)(١) ، قال : سأله بحقّ محمّـد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلامإلاّ تبت عليَّ ، فتاب الله عليه(٢).

وأيضاً من ذلك ما ذكره عليّ بن عيسى الإربلي في كتاب «كشف الغمّة في مناقب الأئمّة» : عن أبي عبـد الله جعفر ابن محمّـد(٣) عليه‌السلام : «إنّ امرأة من الجنّ(٤) يقال لها : عفراء ، كانت تتردد(٥) إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فتسمع من كلامه ، فتأتي صالحي(٦) الجنّ فيُسلمون على يديها ، وقد فقدها النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أيّاماً فسأل جبرئيل عليه‌السلام عنها ، فقال : إنّها زارت أُختاً لها في الله ، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : طوبى للمتحابّين في الله(٧) ، إنّ الله تبارك وتعالى خلق في الجنّة عموداً من ياقوتة حمراء(٨) ، عليه سبعون ألف قصر ، في

__________________

(١) سورة البقرة ٢ : ٣٧.

(٢) أورده الكليني في الكافي ٨ : ٣٠٥/ ذيل حديث ٤٧٢ ، عن أحدهما عليهما‌السلام ، الصدوق في الأمالي : ١٣٤/٢ ، والخصال : ٢٧٠/٨ ، ومعاني الأخبار : ١٢٥/١ ، المفيد الخزاعي في الأربعين : ١٦/١٧ ، ابن الفتال النيشابوري في روضة الواعظين ١ : ٣٥٩/٤ ، ابن المغازلي في المناقب : ٦٣/٨٩ ، ابن البطريق في العمدة : ٣٧٩/٧٤٥ ، وخصائص الوحي المبين : ١٣٠/٧٢ ، ابن طاووس في الطرائف ١ : ١٥٨/١٦٦ ، الإربلي في كشف الغمّة ٢ : ١٧٥ ، الشيرازي في الأربعين : ٤٥١ ـ ٤٥٢ ، وفي الكلّ عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وعن ابن عبّاس ، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).

(٣) في «ط» زيادة : الصادق.

(٤) في «ط» زيادة : كانت ، وفي «ق» : كان.

(٥) في المصدر : تنتاب.

(٦) في «ط» : يوماً لحيّ من. بدل من : صالحي.

(٧) في «م» : زيادة : فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).

(٨) في «م» : ياقوت أحمر.

           

۳۶۵

كلّ قصر سبعون(١) ألف غرفة ، خلقها الله تعالى للمتحابّين في الله والمتزاورين في الله(٢).

فلمّا رجعت وأتت إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فقال لها : يا عفراء ، أي شيء رأيت(٣)؟ قالت : رأيت عجائب كثيرة ، قال : فأعجب ما رأيت؟

قالت : رأيت إبليس في البحر الأخضر على صخرة بيضاء ، مادّاً يديه إلى السماء وهو يقول : إلهي(٤) ، إذا بررت قَسَمَك وأدخلتني نار جهنّم فأسألك بحقّ محمّـد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين إلاّ خلّصتني منها وحشرتني معهم.

فقلت : يا أبا الحارث(٥) ما هذه الأسماء(٦) التي تدعو بها؟ فقال لي : رأيتها على ساق العرش من قبل أن يخلق الله تعالى آدم بسبعة آلاف سنة ، فعلمت(٧) أنّهم أكرم خلق الله(٨) ، فأنا أسأله بحقّهم.

فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : لو أقسم(٩) أهل الأرض على الله بهذه الأسماء

__________________

(١) (سبعون) لم ترد في «م».

(٢) في «ق» : خلقها للمتحابين والمتزاورين في الله ، وقوله : (والمتزاورين في الله) لم يرد في «م» والمصدر.

(٣) في «ط» زيادة : عجيباً ، وفي «ق» : عجباً ، وفي «م» : عجائب.

(٤) في «ط» زيادة : وسيّدي ومولاي وربّي.

(٥) في «ق» : يا رب ، وفي «م» : يا حارث.

(٦) في «م» : ما هذا الدعاء.

(٧) في «م» : فقلت.

(٨) في المصدر زيادة : على الله.

(٩) في المصدر : والله لو أقسم.

           

۳۶۶

لأجابهم الله تعالى»(١)(٢).

أقول : انظروا يا أهل(٣) الألباب والبصائر لو علم المنحوس إبليس أنّ أحداً أفضل وأكرم على الله تعالى من هؤلاء ؛ لكان سأل الله بهم ، وما سأل الله تعالى بمحمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين.

__________________

(١) كشف الغمّة ٢ : ١٧٥ ، وعنه في بحار الأنوار : ٩٤ : ٢٠/١٥ ، ومستدرك الوسائل ٥ : ٢٣٢/٩ ، وأورده الصدوق في الخصال : ٦٣٨/١٣ ، الفتال النيشابوري في روضة الواعظين ٢ : ٣٤٩/٣ ، إلى قوله : والمتزاورين ، ونقله البحراني في مدينة المعاجز ١ : ١٢٦/٧٢ ، عن ابن شهرآشوب ، ولم نعثر عليه فيه ، والحويزي في تفسير الثقلين ٥ : ٢٠/٣٤ ، عن روضة الواعظين.

(٢) في «ط» زيادة : فأسألك اللّهمّ بحقّ محمّـد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليك ، وبحقّك عليهم أن ترزقني المجاورة عند قبر الحسين وتخلّصني من التبريز وأهلها.

وهذه التعليقة خاصّة للناسخ حيث قال في أحد المواضع : إنّي كتبت هذه النسخة لي خاصة. ولم ترد التعليقة في «ق ، م».

(٣) في «م» : يا أُولي.

           

۳۶۷

المطلب الثاني عشر(١)

ومن ذلك أيضاً ما ذكره ابن شيرويه الديلمي(٢) في كتاب «الفردوس» من باب العين : عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «عليّ منّي(٣) مثل رأسي من بدني»(٤) ، وزاد في رواية أُخرى : «بل مثل عيني من رأسي»(٥).

ولا شكّ أنّ الرأس أفضل وأشرف من أعضاء البدن ، وكذلك العين أفضل من أجزاء الرأس ، وإذا كان عليّ عليه‌السلام أفضل وأشرف(٦) من أعضاء النبيّ ، والنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أفضل من جميع الأنبياء ، فكيف لا يكون عليّ عليه‌السلامأفضل من الأنبياء عليهم‌السلام(٧)!

__________________

(١) في «ق ، م» : المطلب الحادي عشر.

(٢) في «ق ، م» : ذُكر. بدل من هذه الجملة في المتن.

(٣) (منّي) أثبتناها من المصدر. وتؤيّده جميع المصادر أدناه.

(٤) الفردوس بمأثور الخطاب ٣ : ٦٢/٤١٧٤ ، وأورده الطوسي في الأمالي : ٣٥٣/٧٢ ، ابن شهرآشوب في المناقب ٢ : ٢٤٦ ، ابن البطريق في العمدة : ٢٩٦/٤٩١ ، ابن طاووس في الطرائف ١ : ١٠٤/٧٦ ، ابن جبر في نهج الإيمان : ٣٥١ و ٤٨٠ ، الإربلي في كشف الغمّة ١ : ٥١٧ ، العلاّمة الحلّي في كشف اليقين : ٢٨١ ، الحلّي في المحتضر : ٩٨ ، البياضي العاملي في الصراط المستقيم ١ : ٢٥٢ و ٢ : ٥٨ ، الشيرازي في الأربعين : ٥٧ و ٧٥ ، الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ٧ : ١٢ ، ابن المغازلي في المناقب : ٩٢/١٣٥ ، الخوارزمي في المناقب : ١٤٤/١٦٧ ، السيوطي في الجامع الصغير ٢ : ١٧٧/٥٥٩٦ ، المتّقي الهندي في كنز العمّال ١١ : ٦٠٣/٣٢٩١٤. وفي بعض المصادر : عليّ منّي بمنزلة رأسي من بدني.

(٥) لم نعثر على هذا النصّ في المصادر.

(٦) (وأشرف) لم يرد في «ط».

(٧) قوله : (فكيف لا يكون عليّ عليه‌السلام أفضل من الأنبياء عليهم‌السلام) لم يرد في «ق».

           

۳۶۸

وأيضاً من ذلك ما رواه في «مصباح الأنوار»(١) : عن سعيد بن منصور ، قال : حدّثنا الدراوردي(٢) ، عن العلاء بن عبدالرحمن ، عن أبيه ، عن عبد خير ، عن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام أنّه قال : «أُهدي إلى النبيّ قنو (٣) موز ، فجعل يقشّر الموز(٤) ويجعلها في فمي ، فقال له قائل : يا رسول الله ، إنّك تحبّ عليّاً؟ قال : أوما علمت أنّ عليّاً منّي وأنا من عليّ ، حيث أكون يكون ، وحيث يكون أكون»(٥).

وفي الكتاب المذكور : روى سويد بن سعيد ، قال : حدّثنا يحيى بن سليم الطائفي(٦) ، عن الأزور بن غالب ، عن سليمان التيمي(٧) ، عن

__________________

(١) في «ق ، م» : وفي مصباح الأنوار.

(٢) في نسخة «م ، ق ، ط» : الورداري ، وما في المتن أثبتناه من المصادر ، وهو الموافق للكتب الرجالية ، وهو : عبد العزيز بن محمّـد بن عبيد ، أبو محمّـد المدني ، ودراورد قرية في خراسان.

انظر : تهذيب التهذيب ٦ : ٣١٥/٦٨٠ ، ميزان الاعتدال ٤ : ٣٧١/٥١٣٠ ، سير أعلام النبلاء ٨ : ٣٦٦/١٠٧.

(٣) القنو : العذق. والجمع : القنوان والأقناء. الصحاح ٦ : ٢٤٦٨ ـ قنا.

(٤) في «م» : الموزة.

(٥) مصباح الأنوار : مخطوط ، أورده الخوارزمي في مقتل الحسين عليه‌السلام : ٣٦ ، والمناقب : ٦٤/٣٣ ، وعنه الإربلي في كشف الغمّة ١ : ١٩٤ ، ابن جبر في نهج الإيمان : ٤٨٠ ، ابن شهرآشوب في المناقب ٢ : ٢٥٠ ، المجلسي في بحار الأنوار ٣٨ : ٢٩٨ ، و ٣٩ : ٢٧٥. وقوله : (حيث أكون يكون وحيث يكون أكون) لم يرد في المصادر.

(٦) في «ط» : يحيى بن شكيم الطائفي. وما في المتن من «ق ، م» ، وهو الموافق للكتب الرجالية. انظر تهذيب التهذيب ١١ : ١٩٨/٣٦٧ ، سير أعلام النبلاء ٩ : ٣٠٧/٩٢.

(٧) في «ط» : الأوذر ، وفي «ق» : الأوز ، وفي «م» : الأزور ، وما في المتن أثبتناه من المسترشد ، وهو الموافق للمصادر الرجالية. وهو الراوي عن سليمان التيمي. انظر ميزان الاعتدال ١ : ٣٢٢/٧٠١ ، الجَرح والتعديل ٢ : ٣٣٦/١٢٧٤.

           

۳۶۹

أبي مجلز ، عن عبـد الله(١) ، قال رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكفّه في كفّ عليّ ، وهو يقبّله ، فقلت له : يا رسول الله ما منزلة عليّ منك؟ قال : «منزلتي من الله تعالى»(٢).

وروى أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «نحن بني(٣)عبد المطّلب سادات أهل الجنّة ، أنا رسول الله سيد الأنبياء وعمّي سيّد الشهداء ، وعليّ وفاطمة والحسن والحسين والمهدي(٤)»(٥).

__________________

(١) في «ط ، ق» : عن مخلّد ، عن عبـد الله ، وفي «م» : مخلّد بن عبـد الله ، وما في المتن أثبتناه من المسترشد وهو الموافق لكتب التراجم.

واسم أبي مجلز : لاحق بن حميد بن سعيد السدوسي البصري. انظر تهذيب التهذيب ١١ : ١٥١/٢٩٣ ، لسان الميزان ٩ : ٢٨٠/١٤٨١٦.

(٢) مصباح الأنوار : مخطوط ، أورده الطبري في المسترشد : ٢٩٢ ، الشيخ الطوسي في الأمالي : ٢٢٦/٤٤ ، بسنده عن أبي مجلز ، عن عبـد الله بن سعود ، ابن شهرآشوب في المناقب ٢ : ٢٤٩ ، عن الأمالي ، الطبري في بشارة المصطفى لشيعة المرتضى : ٤٢١/٢٩ ، عن أبي مخلد ، عن ابن مسعود ، الحلّي في المحتضر : ٩٣ ـ ٩٤ ، عن الأمالي. وفي بعض المصادر : كمنزلتي من الله تعالى.

(٣) في «ط» : أولاد.

(٤) في «ق ، م» : إلى المهدي عليه‌السلام.

(٥) أورده كلّ بطريقه عن أنس الصدوق في الأمالي : ٥٦٢/١٥ ، القاضي المغربي في شرح الأخبار ٣ : ٤/٩١٨ ، الطوسي في الغيبة : ١٨٣/١٤٢ ، المفيد الخزاعي في الأربعين : ٨/٣ ، ابن الفتال النيشابوري في روضة الواعظين ٢ : ٢٨/٥ ، ابن البطريق في العمدة : ٥٢/٤٨ ، و ٢٨٠/٤٥٥ ، الإربلي في كشف الغمّة ٤ : ١٢٦ ، ١٩٤ ، ٢٠٤ ، رضي الدين الحلّي في العدد القوية : ٩٠/١٥٥ ، ابن ماجة في السنن ٤ : ٤٥٥/٤٠٨٧ ، ابن حيان الأنصاري في طبقات المحدّثين ٢ : ٢٩٠/٢٤٩ ، الحاكم النيشابوري في المستدرك ٤ : ٢٢٠/٤٩٩٣ ، أبو نعيم الاصفهاني في ذكر أخبار أصبهان ٢ : ١٣٠ ، الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ٩ : ٤٣٤/٥٠٥ ، ابن المغازلي في المناقب : ٤٨/٧١ ، الديلمي في الفردوس بمأثور الخطاب ٤ : ٢٨٤/٦٨٤٠ ،

           

۳۷۰

وروى شريك ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث الأعور صاحب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(١) عليه‌السلام قال : بلغنا أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كان في جمع من أصحابه فقال : «أُريكم(٢) آدم في علمه ونوحاً في فهمه وإبراهيم في حكمته؟» فلم يكن بأسرع من أن طلع عليّ ، فقال أبو بكر : يا رسول الله ، أقست رجلاً بثلاثة من الرسل ، بخ بخ لهذا الرجل من هو يا رسول الله؟

قال : «ألا تعرفه يا أبا بكر؟» قال : الله ورسوله أعلم ، قال(٣) : «أبو الحسن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام» قال أبو بكر : بخ بخ لك يا أبا الحسن وأين مثلك يا أبا الحسن(٤).

وروي عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال : «من أراد أن ينظر إلى اسرافيل في رفعته ، وإلى ميكائيل في درجته ، وإلى جبرئيل في عظمته ، وإلى آدم في هيبته ، وإلى نوح في صبره ودعوته ، وإلى إبراهيم في سخاوته ، وإلى سليمان في ملكه(٥) وعظمته(٦) ، وإلى موسى في شجاعته ، وإلى عيسى في

__________________

محبّ الدين الطبري في ذخائر العقبى : ١٥ ، ٨٩ ، الباعوني في جواهر المطالب ١ : ٢٢٨ ، المتّقي الهندي في كنز العمّال ١٢ : ٩٧/٣٤١٦٢ ، باختلاف بين المتن والمصادر ، وفيما بين المصادر نفسها.

(١) في المصادر : صاحب راية عليّ عليه‌السلام.

(٢) في نسخة «ق ، م ، ط» : أيّكم ، وما في المتن أثبتناه من المصادر.

(٣) في «ط» : فقال النبيّ : أفلا تعرفه يا أبا بكر؟ قال : يا رسول الله ، الله ورسوله أعلم ، قال : ذلك.

(٤) أورده الخوارزمي في المناقب : ٨٨/٧٩ ، وعنه الإربلي في كشف الغمّة ١ : ٢٣٢ ، العلاّمة الحلّي في كشف اليقين : ٥٤ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٣٩ : ٣٩ ، عن كشف الغمّة.

(٥) في «ط» زيادة : وحشمته.

(٦) قوله : (وإلى سليمان في ملكه وعظمته) لم يرد في المصدر.

           

۳۷۱

سياحته ، وإلى محمّـد في شرفه ومنزلته ، فلينظر إلى عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام»(١).

انظروا إلى(٢) هذا الحديث أنّ الصفات التي تفرّقت في جميع الأنبياء عليهم‌السلام والملائكة ، جمعها النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في عليّ وحصرها فيه ، فكيف لا يكون عليّ حينئذ أفضل منهم؟!

وفي الكتاب المذكور : روي عن أبي موسى الأشعري أنّه قال لعمرو بن العاص ـ لّما تفاوضا في الحكومة ـ : ويحك يا عمرو ، ما يدعوك إلى أن تريد أن تجعل(٣) الخلافة في غير عليّ عليه‌السلام ، أما سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)يقول : «إنّما مثل أهل بيتي مثل(٤) سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق».

أما تذكر يوماً كنّا بباب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فخرج إلينا ، فقال : «إبراهيم خليل الله ، وموسى كليم الله ، وعيسى روح الله ، وأنا محمّـد رسول الله(٥)وحبيب الله(٦) ، وعليّ وليّ الله ، ثمّ هو وديعتي عند الله.

أما تذكر إذ(٧) كنّا في سفر مع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ أقبل علينا(٨) عليّ وهو يسيّر الناقة ، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «لئن شئتم لأريتكم أشبه الناس خلقاً

__________________

(١) أورده رجب البرسي في مشارق أنوار اليقين : ٩٦.

(٢) في «ط» : انظروا في.

(٣) في المصدر : إلى أن تجعل.

(٤) في «ق» : كمثل. وفي المصدر : فيكم كمثل.

(٥) في المصدر: وأنا حبيب الله. بدل من: وأنا محمّد رسول الله.

(٦) (وحبيب الله) لم يرد في «ق ، م».

(٧) في «ط» أن ، وفي «م» : أنّا.

(٨) (علينا) لم يرد في «ق ، م».

           

۳۷۲

وخُلقاً(١) وأشبههم منطقاً بإبراهيم الخليل» ، قالوا : من هو يا رسول الله؟ فقال : «هذا المُقبل عليّ بن أبي طالب نور الله بين عينيه» ، فرفعوا أبصارهم فإذا وجه(٢) أمير المؤمنين عليه‌السلام يغني عن نور(٣) الشمس(٤)(٥).

وأيضاً من ذلك ما ذكره فخر الدين الرازي في تفسيره «مفاتيح الغيب»(٦) في تفسير فاتحة الكتاب : عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال : «لا تسبّوا عليّاً ؛ فإنّه ممسوس في ذات الله»(٧).

انظروا يا أُولي العقول والأبصار أنّ عليّاً الذي هو نور الله بين عينيه ، وأنّه ممسوس في ذات الله ، فكيف لا يفضّل على الأنبياء عليهم‌السلام ، ولم يسمع لأحد من الأنبياء(٨) أنّه نور الله بين عينيه ، ولا قيل لأحد(٩) منهم(١٠) أنّه ممسوس في ذات الله تعالى.

وروي عن ابن عبّاس أنّه قال : قلت لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : أوصني

__________________

(١) قوله : (خلقاً وخُلقاً) لم يرد في «ق ، م».

(٢) في «م» : زيادة : عليّ بن أبي طالب.

(٣) (نور) لم يرد في «ق ، م».

(٤) في المصدر : يضيء في الشمس.

(٥) أورده القاضي المغربي في شرح الأخبار ٢ : ٤٠٥/٧٥٠ ، باختلاف يسير.

(٦) في «ق» : مفاتح الغيب ، وفي «م» : مفاتيح القلوب.

(٧) التفسير الكبير ١ : ١١٩ ، وفيه : فإنّه كان مخشوشاً ، وأورده الطبراني في المعجم الكبير ١٩ : ١٤٨/٣٢٤ ، أبو نعيم الأصفهاني في حلية الأولياء ١ : ٦٨ ، الهيثمي في مجمع الزوائد ٩ : ١٣٠ ، المتقي الهندي في كنز العمّال ١١ : ٦٢١/٣٣٠١٧ ، ابن شهرآشوب في المناقب ٣ : ٢٥٥ و ٣٢٧ ، ومنتجب الدين في الأربعين : ٥٤/٢٦ ، باختلاف يسير.

(٨) قوله : (ولم يسمع لأحد من الأنبياء) لم يرد في «م».

(٩) قوله : (ولا قيل لأحد) لم يرد في «ق».

(١٠) (منهم) أثبتناها من «م».

           

۳۷۳

يا رسول الله ، فقال : «يابن عبّاس ، عليك بمودّة عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، والذي بعثني بالحقّ نبيّاً ، لا يقبل الله عزّوجلّ من عبد حسنة حتّى يسأله عن حبّ عليّ بن أبي طالب ، وهو أعلم بذلك ، فإن جاء بولايته قبل عمله على ما كان فيه ، وإن لم يأت الله بولايته لم يسأله عن شيء ، ثمّ يأمر به إلى النار.

يا بن عبّاس ، والذي بعثني بالحقّ نبيّاً(١) إنّ النار أشدّ غضباً على مبغض عليّ كغضبها(٢) على من زعم أنّ لله ولداً.

يا بن عبّاس ، لو أنّ الملائكة المقرّبين والأنبياء المرسلين اجتمعوا على بغضه ـ ولن(٣) يفعلوا ـ لعذّبهم الله تعالى بالنار».

فقلت : يا رسول الله فهل يبغضه أحد؟ فقال : «يابن عبّاس ، نعم يبغضه قوم يذكرون أنّهم من أُمّتي ، لم يجعل الله لهم في الإسلام نصيباً(٤).

يا بن عبّاس(٥) ، من علامة بغضهم له أنّه يفضّل من هو دونه عليه»(٦).

__________________

(١) من قوله : (لا يقبل الله عزّوجلّ من عبد حسنة) إلى هنا لم يرد في «م».

(٢) في «م» : كبغضها.

(٣) في «ق ، م» : وإن لم.

(٤) من قوله : (نعم يبغضه) إلى هنا لم يرد في «ق».

(٥) في «ط» زيادة : علامة.

(٦) أورده باختلاف يسير الطوسي في الأمالي : ١٠٥/ ضمن حديث ١٥ ، عماد الدين الطبري في بشارة المصطفى : ٧٨/ ضمن حديث ٩ ، ابن حمزة الطوسي في الثاقب في المناقب : ١٤٣/ ضمن حديث ٧ ، شاذان بن جبرئيل في الفضائل : ١٢/ ضمن حديث ٢ ، الإربلي في كشف الغمّة ٢ : ١٢ ـ ١٣ ، الحلّي في المحتضر : ١٠٨ ، العلاّمة الحلّي في كشف اليقين : ٤٦٤ ، شرف الدين الاسترآبادي في تأويل الآيات ١ : ٢٧٧/ قطعة من الحديث ضمن حديث ٦.

           

۳۷۴

وروى جابر بن عبـد الله الأنصاري أنّه قال : كنت عند الخندق وقد حفر الناس ، فحفر عليّ عليه‌السلام ، فقال له النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «بأبي من يحفر وجبرئيل يكنس بين يديه ، ويعينه ميكائيل ، ولم يكن يعين قبله أحداً من الخلق لكرامته(١) على الله تعالى»(٢).

__________________

(١) في «م» : لكرامة ، ولم ترد هذه الجملة في المصادر.

(٢) أورده شرف الدين الاسترآبادي في تأويل الآيات ٢ : ٦٠٧/٩ ، عن مصباح الأنوار ، وعنه السيد البحراني في مدينة المعاجز ١ : ٤٦٧/٣٠٧ ، المجلسي في بحار الأنوار ٣٠ : ٢٧٣/١٤٤ ، و ٣٩ : ١١٣/٢٢.

           

۳۷۵

المطلب الثالث عشر(١)

أيضاً من ذلك ما ذكره الإمام الهمام الحسن بن عليّ العسكري(٢) عليهما‌السلام في قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوْا لآِدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أبي وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ)(٣).

قال عليه‌السلام : «ولمّا امتحن الله الحسين عليه‌السلام ومن معه بالعسكر الذين قتلوه وحملوا رأسه ، قال لعسكره : أنتم من بيعتي(٤) في حلّ فالحقوا في عشائركم ومواليكم ، وقال لأهل بيته : قد جعلتكم(٥) في حلّ من مفارقتي(٦) ، فإنّكم لا تطيقونهم ؛ لتضاعف أعدادهم وقوامهم(٧) ، وما المقصود(٨) غيري ، فدعوني والقوم فإنّ الله عزّوجلّ يعينني ولا يخلّيني من حسن نظره ، كعادته في أسلافنا الطيّبين.

فأمّا عسكره ففارقوه وأمّا أهله والأدنون من أقربائه فأجابوه ، وقالوا : لا نفارقك فإنّه يحزننا ما يحزنك(٩) ، ويصيبنا ما يصيبك ، وإنّا أقرب ما نكون إلى الله إذا كنّا معك ، فقال لهم : فإن كنتم قد وطّنتم أنفسكم على ما

__________________

(١) في «ق ، م» : المطلب الثاني عشر.

(٢) في «م» : أيضاً ما ذكر الإمام الحسن بن عليّ العسكري ، وفي «ق» : من ذلك ما ذكر الإمام حسن بن علي العسكري.

(٣) سورة البقرة ٢ : ٣٤.

(٤) في «ط» : ومن تبعني.

(٥) في «ط» : قد جُعلتم.

(٦) في «م» : من مصادقتي.

(٧) في «م» : وأقوامهم. وفي المصدر : وقواهم.

(٨) في «ق» : وما المقصد.

(٩) في «ط» : فإنّه يجري بنا ما يجري بك.

           

۳۷۶

قد وطّنت نفسي عليه(١).

فاعلموا أنّ الله إنّما يهب المنازل الشريفة لعباده باحتمال المكاره ، وإنّ الله وإن كان قد خصّني ـ مع من خصّني(٢) من أهلي الذين أنا آخرهم بقاءً في الدنيا ـ من المكرمات بما يسهّل معها على احتمال الكريهات(٣) فإنّ لكم شطر ذلك من المكرمات(٤).

واعلموا أنّ الدنيا حلوها ومرّها حلم(٥) ، والانتباه(٦) في الآخرة ، والفائز من فاز فيها(٧) والشقي من شقي فيها ، أولا أُحدّثكم بأوّل أمرنا وأمركم معاشر أوليائنا ومحبّينا والمتعصّبين(٨) لنا ، ليسهل عليكم احتمال ما أنتم له معرضون؟ قالوا : بلى يابن رسول الله.

قال : إنّ الله تعالى لمّا خلق آدم وسوّاه وعلّمه أسماء كلّ شيء وعرضهم على الملائكة ، جعل محمّـداً وعليّاً وفاطمة والحسن والحسين أشباحاً خمسة في ظهر آدم ، وكانت أنوارهم تضيء في الآفاق من السماوات والحجب والجنان والكرسي والعرش ، فأمر الله الملائكة بالسجود لآدم تعظيماً له ؛ لأنّه قد فضّله ، بأن جعله وعاءً لتلك الأشباح التي قد عمّ أنوارها الآفاق ، فسجدوا إلاّ إبليس أبي أن يتواضع لجلال عظمة الله

__________________

(١) (عليه) أثبتناه من «م».

(٢) قوله : (مع من خصّني) أثبتناه من «ق ، م».

(٣) في «م» : من احتمال المكروهات.

(٤) في «م» : الكرامات.

(٥) في «م» : واعلموا أنّ الدنيا حلوها مرّ ومرّها حلو.

(٦) من قوله : (احتمال الكريهات) إلى هنا لم يرد في «ق».

(٧) في «م» : فارقها. بدل من : فاز فيها.

(٨) في «ط» : والمبغضين لنا ، وفي المصدر : والمعتصمين بنا.

           

۳۷۷

تعالى ، وأن يتواضع لأنوارنا أهل البيت ، وقد تواضعت لها الملائكة كلّها(١)واستكبر وترفّع ، وكان بإبائه ذلك(٢) وتكبّره من الكافرين»(٣).

قال عليّ بن الحسين عليهما‌السلام : «حدّثني أبي ، عن أبيه ، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال : يا عباد ، الله إنّ آدم لمّا رأى النور ساطعاً من صلبه ـ إذ كان الله نقل أشباحنا من ذروة العرش إلى ظهر آدم ـ رأى النور ولم تبين الأشباح ، فقال : يا ربّ ما هذه الأنوار؟ قال الله تعالى : أنوار أشباح نقلتهم من أشرف بقاع عرشي إلى ظهرك ، ولذلك أمرت الملائكة بالسجود إذ كنت وعاءً لتلك الأشباح.

فقال آدم : يا ربّ لو بيّنتها لي ، فقال الله تعالى : انظر يا آدم إلى ذروة العرش ، فانطبع فيه صور أنوار أشباحنا التي في ظهره(٤) كما ينطبع وجه الإنسان في المرآة الصافية فرأى أشباحنا ، فقال آدم : ما هذه الأشباح يا ربّ؟ قال الله تبارك وتعالى : يا آدم هذه أشباح أفضل خلائقي وبريّاتي ، هذا محمّـد وأنا الحميد المحمود(٥) في أفعاله ، شققت له اسماً من اسمي(٦) ، وهذا عليّ وأنا العليّ العظيم شققت له اسماً من اسمي ، وهذه فاطمة وأنا فاطر السماوات

__________________

(١) في «ط» : كلّهم ، وكلاهما لم يردا في «ق».

(٢) (ذلك) لم يرد في «ط».

(٣) تفسير الإمام العسكري عليه‌السلام : ٢١٨/١٠١ ، وعنه في بحار الأنوار ١١ : ١٤٩/٢٥ ، و ٤٥ : ٩٠/٢٩.

(٤) قوله : (التي في ظهره) أثبتناه من «ق ، م».

(٥) (المحمود) لم يرد في «م».

(٦) في «ط» : اسمائي. وكذا الموردين التاليين.

           

۳۷۸

والأرض ، فاطم أعدائي من رحمتي يوم فصل قضائي(١) ، وفاطم أوليائي عمّا يشينهم ، فشققت لها اسماً من اسمي ، وهذا الحسن وهذا الحسين ، فأنا المحسن المجمل(٢) وأنا قديم الإحسان(٣) ، فشققت لهما اسماً من اسمائي(٤) ، هؤلاء خيار خليقتي(٥) وكرام بريّتي ، بهم آخذ ، وبهم أُعطي ، وبهم أُثيب ، وبهم أُعاقب(٦).

فتوسّل بهم يا آدم ، وإذا دهتك(٧) داهية فاجعلهم إليَّ شفعاءَك ، فإنّي آليت على نفسي قسماً حقّاً لهم ، ألاّ أُخيّب بهم آملاً(٨) ، ولا أردّ بهم سائلاً ، فلذلك حين زلّت منه الخطيئة دعا الله عزّوجلّ فتاب عليه وغفر له»(٩).

وأيضاً من ذلك ما ذكر في «تفسير الإمام الهمام الحسن بن عليّ العسكري عليهما‌السلام (١٠)» : في تفسير قوله تعالى(١١) : (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ)(١٢) قال : «واذكروا يا بني اسرائيل : (وَإِذِ اسْتَسْقَى

__________________

(١) قوله : (يوم فصل قضائي) لم يرد في «م».

(٢) (المجمل) أثبتناه من «م» والمصادر.

(٣) قوله : (وأنا قديم الإحسان) لم يرد في «م».

(٤) في «م» : اسمي. ومن قوله : (وهذا الحسن وهذا الحسين) إلى هنا لم يرد في «ق».

(٥) في «ط ، م» : خلقي.

(٦) قوله : (وبهم أُعاقب) لم يرد في «ق ، م».

(٧) في «ط» :أمَّكَ.

(٨) في «ط» : أُجيب بهم آملاً. بدل من : ألاّ أُخيّب بهم آملاً.

(٩) تفسير الإمام العسكري عليه‌السلام : ٢١٩/١٠٢ ، وعنه الاسترآبادي في تأويل الآيات ١ : ٤٤/١٩ ، المجلسي في بحار الأنوار ١١ : ١٥٠ ، و ٢٦ : ٣٢٧/ ضمن حديث ١٠.

(١٠) في «ق ، م» : تفسير الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام.

(١١) في «ق ، م» : في قوله عزّوجلّ.

(١٢) سورة البقرة ٢ : ٦٠.

           

۳۷۹

مُوسَى لِقَوْمِهِ)(١) طلب لهم السقيا ؛ لما لحقهم من العطش في التيه ، وضجّوا بالبكاء(٢) إلى موسى عليه‌السلام ، وقالوا : أهلكنا العطش ، فقال موسى عليه‌السلام : اللّهمّ بحقّ محمّـد سيّد الأنبياء ، وبحقّ عليّ سيّد الأوصياء ، وبحقّ فاطمة سيّدة النساء(٣) وبحقّ الحسن سيّد الأولياء وبحقّ الحسين سيّد الشهداء وبحقّ عترتهم(٤) وخلفائهم سادة(٥) الأزكياء إلاّ سقيت عبادك(٦).

فأوحى الله إليه : يا موسى (اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ ـ فضربه بها ـ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاس مَشْرَبَهُمْ)(٧) فلا يزاحم الآخرين في مشربهم»(٨).

ومن ذلك ما روي عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال : «ليلة أُسري بي إلى السماء لم أجد باباً ولا حجاباً ولا شجرة ولا ورقة ولا نمرقة(٩) ولا مدرة من ياقوت(١٠) إلاّ وعليه مكتوب : عليّ عليّ عليّ ، وإنّ اسم

__________________

(١) من قوله : (قال : واذكروا) إلى هنا لم يرد في «ق ، م».

(٢) في «ط» زيادة : والعويل.

(٣) في «ق» : سيدة نساء العالمين.

(٤) في «ط» زيادة : وذريتهم.

(٥) في «ط» : سادات.

(٦) في المصدر : لما سقيت عبادك هؤلاء.

(٧) سورة البقرة ٢ : ٦٠.

(٨) تفسير الإمام العسكري عليه‌السلام : ٢٦١/١٢٩ ، وعنه الاسترآبادي في تأويل الآيات ١ : ٦٤/ ٤٢ ، المجلسي في بحار الأنوار ١٣ : ١٨٤ ، و٩٤ : ٨/١٠ ، الطبرسي في مستدرك الوسائل ٥ : ٢٣٦/١٣.

(٩) (ولا نمرقة) لم ترد في «ط». والنمرقة : الوسادة. المحكم والمحيط الأعظم ٦ : ٦٣٣ ـ النمرق.

(١٠) في «ط» : ولا ياقوتة. بدل من : من ياقوت.

           

۳۸۰

عليّ(١) عليه‌السلام مكتوب على كلّ شيء ، حتّى على وجه الشمس والقمر والماء والحجر والورق والشجر»(٢).

وإنّ الله تعالى قال لموسى ليلة الخطاب : يابن عمران ، إنّي لا أقبل الصلاة إلاّ ممّن(٣) تواضع لعظمتي ، وألزم قلبه خوفي ومحبّتي ، وقطع نهاره بذكري ، وعرف حقّ أوليائي ـ الذين لأجلهم خلقت(٤) سماواتي وأرضي وجنّتي وناري ـ محمّـداً وعترته ، فمن عرف حقّهم جعلت له عند الجهل حلماً ، وعند الظلمة نوراً ، وأعطيته قبل السؤال ، وأجبته قبل الدعاء»(٥).

وروى وهب بن منبّه أنّ موسى عليه‌السلام ليلة الخطاب وجد كلّ حجرة وشجرة(٦) في الطور ناطقة بذكر محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) ونقبائه عليهم‌السلام ، فقال : يا ربّ إنّي لم أرَ شيئاً ممّا خلقت إلاّ وهو ناطق بذكر محمّـد(٧) (صلى الله عليه وآله وسلم) ونقبائه ، فقال الله تبارك وتعالى : يابن عمران ، إنّي خلقتهم قبل الأنوار ، وجعلتهم خزنة(٨) الأسرار ، يشاهدون أنوار ملكوتي ، وجعلتهم تراجمة علمي ، ولسان حكمتي ،

__________________

(١) في «ط» : عليّ بن أبي طالب.

(٢) أورده البرسي في مشارق أنوار اليقين : ٢٨٣ ، باختلاف يسير إلى قوله : على كلّ شيء ، ونصّاً أورده أبو الحسن المرندي في مجمع النورين : ٢٣.

(٣) في «ط» : إلاّ لمن.

(٤) في «ط» : خلقت لأجلهم.

(٥) أورده البرسي في مشارق أنوار اليقين : ٢٨٤ ، وعنه في الجواهر السنيّة : ٢٦٧ ـ ٢٦٨.

(٦) في المشارق : شجرة ومدرة.

(٧) في «م» : بذكر الله وذكر محمّـد.

(٨) في «ط» زيادة: علمي.

           

۳۸۱

ومعدن سرّي ، خلقت الدنيا والآخرة لأجلهم.

فقال موسى عليه‌السلام : يا ربّ فاجعلني من أُمّة محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فقال الله تبارك وتعالى : ياموسى إذا(١) عرفت محمّـداً وأوصيائه وعترته ، وعرفت فضلهم وآمنت بهم فأنت من أُمّته»(٢).

__________________

(١) في «ط» : ياموسى بن عمران فإذا.

(٢) أورده البرسي في مشارق أنوار اليقين : ٢٨٥ ، وعنه الحرّ العاملي في الجواهر السنيّة : ٢٦٨.

           

۳۸۲

المطلب الرابع عشر(١)

قد مدح الله تبارك وتعالى السابقين في كتابه العزيز فقال : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ)(٢) فتميّزنا أنّ عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام أسبق السابقين في الجهاد بإجماع الأُمّة ، قال الله تبارك وتعالى : (فَضَّلَ اللهُ الْمُـجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً)(٣) ، وقال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَة تُنجِيكُم مِنْ عَذَاب أَلِيم * تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بَأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ)(٤).

فجعل الإيمان والجهاد في سبيل الله هي التجارة المنجية ، وقال الله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ)(٥) ، ولا ريب أنّ عليّاً عليه‌السلام كان في الجهاد وقتال المشركين كالبنيان المرصوص ، وقد وصف الله تعالى المجاهدين فقال : (وَلاَيَطَأُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَيَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ)(٦) ، وقال الله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدَوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ)(٧) ،

__________________

(١) في «ق ، م» : المطلب الثالث عشر.

(٢) سورة الواقعة ٥٧ : ١٠ ـ ١١.

(٣) سورة النساء ٤ : ٩٥.

(٤) سورة الصف ٦١ : ١٠ ـ ١١.

(٥) سورة الصف ٦١ : ٤.

(٦) سورة التوبة ٩ : ١٢٠.

(٧) سورة التوبة ٩ : ٢٠.

           

۳۸۳

وقال الله تعالى : (يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لاَئِم)(١).

ولا شك أنّ عليّاً(٢) عليه‌السلام كان في الجهاد أشدّ بلاءً ، وأعظم عناءً ، وأثبت جَناناً ، وأشدّ أركاناً من(٣) جميع خلق الله في حومة القتال(٤) ، وأبرزها للأقران ، وأشجعها في الميدان(٥) ، وأبذلها نفساً لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وهو الذي كشف الكرب عن وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في بدر ، وحنين ، والخندق ، وخيبر ، وأُحد ، وذات السلاسل ، وتبوك ، وغزوة بني النضير ، ومحاربة الجنّ في بئر العلم(٦) ، وقتال الناكثين والقاسطين والمارقين والعَمَّان(٧) وغيرهم(٨).

أمّا غزوة بدر : فهي كانت(٩) الداهية العظمى ، والمحنة الكبرى التي هدّت قوائم الشرك(١٠) ، وفرّقت(١١) طواغيته في قليب الهلاك والدمار(١٢) ، ودوّخت(١٣) مردة الكفّار ، وسقتـهم كاسات البوار ، وهي أوّل حرب

__________________

(١) سورة المائدة ٥ : ٥٤.

(٢) في «ط» زيادة : أمير المؤمنين.

(٣) قوله : (جَناناً وأشدّ أركاناً من) لم يرد في «ق ، م».

(٤) في «ق» : الجهاد ، وفي «م» : القتال. بدل من : حومة القتال.

(٥) قوله : (وأشجعها في الميدان) لم يرد في «ق ، م».

(٦) قوله : (في بئر العلم) لم يرد في «ق ، م».

(٧) إنّ المراد من العمّان ظاهراً هو العبّاس بن عبد المطّلب ، وأبي لهب.

(٨) (وغيرهم) لم يرد في «ق ، م».

(٩) (كانت) لم ترد في «ط».

(١٠) في «ط» زيادة : وشرك الباطل.

(١١) في «م» : وأفريت. بمعنى : قطّعت. الصحاح ٦ : ٢٤٥٤ ـ فرا.

(١٢) (والدمار) لم يرد في «ق ، م».

(١٣) في «ط» : ودوّجت. ومعنى دوّخت : أي قهرت وأذلّت. انظر الصحاح ١ : ٤٢١ ـ دوخ.

           

۳۸۴

كانت(١) ـ ولا نطوّل بذكره ـ.

ولم يزل عليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه(٢) يقتل واحداً بعد واحد ، من أبطال المشركين وشجعان الكافرين(٣) ، حتّى قتل وحده نصف المشركين(٤) ، وقتل المسلمون ـ بأجمعهم كافّة(٥) ـ مع ثلاثة آلاف من الملائكة المسوّمين النصف الآخر ، وشاركهم أيضاً في ذلك النصف.

وأمّا غزوة أُحد :

قال الراوي لهذا الحديث ـ وهو زيد بن وهب(٦) ـ قلت لابن مسعود(٧) : انهزم(٨) الناس يوم أُحد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتّى لم يبق معه أحد(٩) إلاّ عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام وأبو دجانة وسهل بن حنيف ، وقتل منهم سبعين رجلاً(١٠) وانهزم الباقون ، وبقي النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وحده ، وما زال

__________________

(١) في «ط»: وسقاهم زعاق البوار ، وأذاقهم كأس الفرار والعار ، وهو حرب كان.

(٢) في «ق ، م» : ولم يزل عليّ عليه‌السلام.

(٣) قوله : (وشجعان الكافرين) لم يرد في «ق ، م».

(٤) في «ق» : المقتولين.

(٥) قوله : (بأجمعهم كافّة) لم يرد في «م» وفي «ق» : (بأجمعهم) فقط.

(٦) هو أبو سليمان الجهني الكوفي ، مخضرم قديم ، كان ثقة كثير الحديث ، أسلم في حياة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وهاجر إليه فلم يدركه ، وهو معدود من كبار التابعين ، سكن الكوفة وصحب الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام.

انظر : رجال البرقي : ٦ ، رجال الطوسي : ٤٢/٦ ، تهذيب التهذيب ٣ : ٣٦٨/٧٨١ ، الإصابة ٣ : ٤٦/٢٩٩٥ ، أسد الغابة ٢ : ١٤٩/١٨٧٧ ، الاستيعاب ٢ : ٥٥٩/٨٦١ ، سير أعلام النبلاء ٤ : ١٩٦/٧٨.

(٧) (لابن مسعود) لم يرد في «ط».

(٨) في «ط» : رأيت انهزام.

(٩) (أحد) لم يرد في «ق ، م».

(١٠) (رجلاً) لم يرد في «ق ، م».

           

۳۸۵

عن موضعه شبراً واحداً ، وكان يباشر القتال بنفسه الشريفة حتّى فنيت نباله ، وكان تارة يرمي عن قوسه وتارة بالحجارة.

وأصاب عتبة بن أبي وقاص شفتيه ورباعيّته ، وضربه ابن قمية على كريمته الشريفة ، فلم يضع(١) سيفه شيئاً إلاّ وهن ؛ لضربه(٢) بثقل السيف.

ثمّ وقع (صلى الله عليه وآله وسلم) مغشيّاً عليه ، وحجب الله تبارك وتعالى أبصار المشركين عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وصاح إبليس لعنه الله في المدينة(٣) : قُتل رسول الله(٤).

قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «لمّا انهزم الناس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)لحقني من الجزع عليه ما لم أملك نفسي ، وكنت أمامه (صلى الله عليه وآله وسلم) أضرب المشركين بسيفي ، فرجعت أطلبه فلم أره ، فقلت : ما كان رسول الله ليفرّ وما رأيته في القتلى ـ أظنّه رُفع(٥) من بيننا إلى السماء ـ فكسرت جفن سيفي ، وقلت في نفسي : لأُقاتلنّ(٦) به حتّى أُقتل ، وحملت على القوم فانفرجوا(٧) فإذا أنا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقع مغشيّاً(٨) عليه ، فنظر إليَّ وقال : يا عليّ ما فعل الناس؟ فقلت : كفروا يا رسول الله ، ولّوا الدبر وأسلموك إلى عدوّك.

__________________

(١) في «ق» : تصنع ، وفي «م» : يصنع.

(٢) في «م» : الضربة.

(٣) في «ط» : وصاح عدوّ الله إبليس اللعين في المدينة.

(٤) في «ط» : ألا قد قتل رسول الله.

(٥) في «ق» : رفعه.

(٦) في «ق ، م» : لأقتلنّ.

(٧) في «ق» : فافرجوا ، وفي «م» : فرجعوا إليَّ.

(٨) في «م» : واقع مغشيّ.

           

۳۸۶

فنظر (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى كتيبة قد أقبلت إليه ، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : يا عليّ ردّهم عنّي ، فحملت عليهم أضربهم يميناً وشمالاً حتّى قتلت منهم هشام بن أُميّة المخزومي وانهزم الباقون ، وأقبلت إليه كتيبة أُخرى ، فقال لي (صلى الله عليه وآله وسلم) : احمل يا عليّ على هذه ، فحملت وقتلت منهم عمرو (١) بن عبـد الله الجُمحي وانهزم الباقون ، وجاءت كتيبة أُخرى فقتلت منها(٢) بشر بن مالك العامري وانهزم الباقون»(٣).

ولم يزل عليّ عليه‌السلام يقاتل في ذلك اليوم ويفرّق جموع(٤) القوم ، حتّى أصابه في رأسه ووجهه وبدنه سبعون جراحة ، وهو قائم وحده بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يغفل عنه طرفة عين(٥) ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «ياعليّ ، أما تسمع مديحك في السماء؟! إنّ ملكاً اسمه رضوان ينادي بأعلى صوته وهو يقول(٦) :

لا سيف إلاّ ذو الفقار

ولا فتى إلاّ عليّ

ورجع الناس إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وكان جبرئيل عليه‌السلام يعرج إلى السماء في ذلك اليوم وهو يقول :

لا سيف إلاّ ذو الفقار

ولا فتى إلاّ عليّ

وسمعه(٧) الناس كلّهم ، وقال جبرئيل عليه‌السلام : يا رسول الله قد

__________________

(١) في «ق ، م» : عمر.

(٢) في «م» : منهم.

(٣) في «ق» : وانهزمت البقية ، وفي «م» : وانهزمت.

(٤) في «م» : جميع.

(٥) قوله : (لا يغفل عنه طرفة عين) لم يرد في «ط».

(٦) في «ق ، م» : ينادي بهذا النداء.

(٧) في حاشية «ط» في نسخة : وتبعه.

           

۳۸۷

عجبت(١) الملائكة من حسن مواساة أمير المؤمنين عليه‌السلام لك بنفسه ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «وما يمنعه من ذلك وهو منّي وأنا منه» فقال جبرئيل عليه‌السلام : وأنا منكما(٢).

وذكر أهل السير أنّ قتلى أُحد جمهورهم مقتولين(٣) بسيف عليّ عليه‌السلام ، وكان الفتح له ، وسلامة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من المشركين بسببه ، ورجوع الناس إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وثباته عليه‌السلام ، يذبّ عنه دونهم ، ببذل نفسه العزيزة في نصره ، وتوجّه العتاب من الله تعالى إلى كافّتهم ؛ لموضع الهزيمة ، والملائكة في السماء مشغولون بمدحه(٤) ، متعجّبون من مقامه وثباته وسطوته وحملاته(٥).

ويكفينا «لا فتى إلاّ عليّ لا سيف إلاّ ذو الفقار(٦)» لتفضيل أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام(٧) على جميع الأنبياء.

وبما روي عن جعفر بن محمّـد ، عن أبيه ، عن عليّ بن الحسين ، عن أبيه(٨) عليهم‌السلام ، قال : «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام : يا أبا الحسن ، لو وُضع إيمان الخلائق وأعمالهم(٩) في كفّة ، ووُضع عملك

__________________

(١) في «ط» : عجب.

(٢) أورده المفيد في الإرشاد ١ : ٨٣ ـ ٨٥ ، الإربلي في كشف الغمّة ١ : ٣٦٦ ـ ٣٦٧ ، باختلاف يسير ، وأورد ذيل الحديث العلاّمة الحلّي في كشف اليقين ١ : ١٢٨ ـ ١٢٩.

(٣) في «م» : قُتل.

(٤) في «ط» زيادة : وثنائه.

(٥) (وحملاته) لم يرد في «ق ، م».

(٦) قوله : (لا سيف إلاّ ذو الفقار) لم يرد في «ق ، ط».

(٧) قوله : (عليّ عليه‌السلام) لم يرد في «ط ، ق».

(٨) (عن أبيه) لم يرد في «ط ، ق».

(٩) (وأعمالهم) لم ترد في «ط».

           

۳۸۸

في(١) يوم أُحد في كفّة أُخرى(٢) ، لرجح عملك على جميع الخلائق ، وإنّ الله تعالى باهى بك يوم أُحد ملائكته المقرّبين ، ورفع الحجب من السماوات(٣) ، وأشرقت بك الجنّة وما فيها(٤) ، وابتهج بفعلك ربّ العالمين ، وإنّ الله تعالى يعوّضك(٥) بذلك اليوم ما يغبطك(٦) به كلّ نبيّ ورسول وصدّيق وشهيد»(٧).

وهذا الحديث أوضح دليل وأبْيَن حجّة على تفضيل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه(٨) على سائر الأنبياء والمرسلين(٩) ، انظروا يا أُولي الأبصار هذا عمله في يوم أُحد ، وذاك فعله في يوم الخندق الذي فضّله النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) على جميع أعمال الثقلين إلى يوم القيامة(١٠) ، إنّ هذا لهو الرجحان العظيم(١١). وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم(١٢).

__________________

(١) (في) لم ترد في «ط ، م».

(٢) في «ط» : على أُخرى ، وفي «ق» : على كفّة أُخرى.

(٣) في «ط» : عن السماوات.

(٤) في المصدر : وأشرفت إليك الجنّة وما فيها.

(٥) في «ط» : يعطيك.

(٦) في «ط» : ما يعطي.

(٧) أورده ابن شاذان في مائة منقبة : ١٠٦/٤٧ ، وعنه القندوزي الحنفي في ينابيع المودّة ١ : ٢٠٢/٤.

(٨) في «ق ، م» : تفضيل عليّ عليه‌السلام.

(٩) في «م» : على سائر الأنبياء. وفي «ق» : على سائر النبيّين والمرسلين.

(١٠) قوله : (إلى يوم القيامة) لم يرد في «م».

(١١) في «ق» : الذي فضله على جميع الثقلين إلى يوم القيامة ، إن هذا لهو الراجح العظيم.

(١٢) من قوله : (وذلك فضل الله) إلى هنا أثبتناه من «ق».

           

۳۸۹

ومن(١) ذلك ما ذكر في كتاب «النصرة» قال : (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إَلَى اللهِ)(٢) ، فإنّ عيسى عليه‌السلام لمّا أحسّ منهم الكفر طلب النصرة(٣) ، وعليّ عليه‌السلام تيقّن الكفر من قريش ومن أعداء الله وأعداء محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) وجاهروه به(٤) ، فبات على فراشه ـ كما تقدّم وصفه ـ وفداه بمهجته ، بعد ذلك رمى نفسه في كتائبهم عند الحروب وبذلها(٥) لعلاّم الغيوب ، وفرّج كلمّا دخل فيه وباشره من الكروب ، ولم يطلب منه نصرة ولا استعانة بغير الله من سائر بريّته مدّة حياته.

ومحمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) في كلّ وقت يريد منه الانفراد والاجتهاد فيفديه بمهجته ، مع أنّهم رووا أنّ عيسى عليه‌السلام يصلّي آخر الزمان ـ بعد نزوله ـ خلف المهدي عليه‌السلام مؤتمّاً به ، ومن المعلوم أنّ عليّاً عليه‌السلام أفضل من المهدي عليه‌السلامالذي هو إمام لعيسى على نبيّنا وعليه السلام.

وقد تقدّمت الأخبار من صحاح الحفّاظ من أئمّة المذاهب الأربعة بأوصاف ونعوت عليّ عليه‌السلام وأقرّوا بالعجز عن حصر ما اجتمع له من المناقب(٦).

ومن ذلك ما ذكر في كتاب(٧) : «مصباح الأنوار» : عن يونس ، عن

__________________

(١) هذا الحديث أثبتناه من نسخة «م» وبه تنتهي النسخة ، ولم نعثر على هذا الحديث إلاّ في الطرائف ، وعليه صححنا المتن.

(٢) سورة الصف ٦١ : ١٤.

(٣) من قوله : (فإنّ عيسى عليه‌السلام) إلى هنا أثبتناه من الطرائف.

(٤) في «م» : وجاهدهم ، وما في المتن من الطرائف.

(٥) في «م» : ويعدّ لها. وما في المتن من الطرائف.

(٦) أورده ابن طاووس في الطرائف ٢ : ٢٣٢ ـ ٢٣٣.

(٧) في «ط» : ومن ذلك ما ذكره الشيخ رحمه الله تعالى في كتابه.

           

۳۹۰

إسحاق ، قال : خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى غزوة تبوك ، وخلّف(١) عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام على أهله(٢) وأمره بالإقامة فيهم ، فأرجف المنافقون وقالوا : ما خلّفه رسول الله إلاّ استثقالاً به ، فلمّا سمع عليه‌السلام ذلك أخذ سلاحه وخرج إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ وهو نازل بالجرف(٣) ـ فقال : «يا رسول الله ، زعم المنافقون أنّك إنّما خلّفتني استثقالاً بي».

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «كذبوا ، ولكنّي خلّفتك لما تركت ورائي ، فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك ، ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي» فرجع إلى المدينة ، ومضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لسفره.

قال : فكان من أمر الجيش أنّه انكسر وانهزم الناس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فنزل جبرئيل عليه‌السلام وقال : يا نبيّ الله ، إنّ ربّك يقرئك السلام ويبشّرك بالنصر ، ويخيّرك إن شئت أنزلت لك الملائكة فيقاتلوا ، وإن شئت عليّاً عليه‌السلام فادعه يأتيك(٤) ، فاختار النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عليّاً عليه‌السلام.

فقال جبرئيل عليه‌السلام :

ناد عليّاً مظهر العجائب

تجده عوناً لك في النوائب

__________________

(١) في «ط» زيادة : أمير المؤمنين.

(٢) (على أهله) لم يرد في «ط».

(٣) الجُرْف : موضع على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام ، وفيه بئر جُشم وبئر جَمَل ، قالوا : سُمّي الجُرف لأنّ تُبَّعاً مرّ به فقال : هذا جرف الأرض ، وكان يسمّى العِرض. معجم البلدان ٢ : ١٤٩/٣٠٥٣.

(٤) في «ط» زيادة : سعياً.

           

۳۹۱

كلّ(١) همّ وغمّ سينجلي

بولايتك يا عليّ يا عليّ يا عليّ(٢)

فقال جبرئيل عليه‌السلام : أدِر وجهك نحو المدينة وناد : يا أبا الغوث أغثني(٣) ، يا عليّ أدركني(٤).

قال سلمان الفارسي رضي‌الله‌عنه : وكنت فيمن تخلّف مع عليّ عليه‌السلام ، فخرج يوماً يريد الحديقة ، فمضيت معه فصعد النخلة يُنزل كرباً ، فهو ينثر(٥) وأنا أجمع إذ سمعته يقول : لبيّك لبيّك يا رسول الله ها أنا ذا جئتك ، ونزل والحزن ظاهر عليه ودمعه ينحدر ، فقلت له : ما شأنك يا أبا الحسن؟

قال : «يا سلمان ، انكسر جيش رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يدعوني ويستغيث بي» ، ثمّ مضى عليه‌السلام فدخل منزل فاطمة عليها‌السلام وأخبرها وخرج ، وقال لي : يا سلمان ضع قدمك موضع قدمي لا تخرم(٦) منه شيئاً.

قال سلمان : فاتّبعته حذو النعل بالنعل(٧) ، سبع عشرة خطوة ، فعاينت الجيوش والعساكر ، فصرخ الإمام صرخة لهب الجيشان وتفرّقوا ، ونزل جبرئيل عليه‌السلام إلى رسول الله فسلّم عليه فردّ عليه السلام واستبشر به ،

__________________

(١) في «ط» :

كلّ همّ وغمّ سينجلي

بعظمتك يا الله بنبوّتك يا محمّـد

بولايتك يـا عليّ يـا عليّ يـا عليّ

(٢) من قوله : (فقال جبرئيل) إلى هنا لم يرد في مدينة المعاجز.

(٣) في «ق» : أدركني. وكذلك المدينة.

(٤) في المدينة زيادة : أدركني يا عليّ.

(٥) في «ط» : ينشر الكرب.

(٦) في «ط» : لا تحرف. والخرم : النقصان أو العدول. الصحاح ٥ : ١٩١٠ ـ خرم. أي لا تنقص منه شيئاً ولا تعدل عنه.

(٧) في «ط» زيادة : فعددت.

           

۳۹۲

ثمّ عطف الإمام عليه‌السلام على الشجعان ، فانهزم الجمع وولّوا الدُبُر ، وردّ الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً(١) وكفى الله القتال بعليّ أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وسطوته وهمّته وعلاه ، وأبان(٢) الله من فضله ومعجزه في هذه المواطن(٣) بما عجز عنه جميع خلق الله ، وكشف الله من فضله الباهر ، إتيانه من المدينة ـ شرّفها الله ـ إلى تبوك في سبع عشرة خطوة ، وسماعه نداء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على بعد المسافة(٤) وتلبيته ، وأمر الله النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بنداء عليّ عليه‌السلام ، ونزول : ناد عليّاً ، وطلب الإعانة منه من أعظم الفضائل وأظهر الآيات(٥).

وهذا أدلّ دليل على فضل عليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه على جميع الأنبياء(٦) والمرسلين ، وعدم نظيره في الخلق ، حيث أمر الله تعالى سيّد أنبيائه وأشرف خلقه طلب الإعانة منه.

وفضل أمير المؤمنين عليه‌السلام قد عجز الأنام(٧) عن حصره وتعداده ،

__________________

(١) قوله : (لم ينالوا خيراً) لم يرد في «ق».

(٢) في «ط» : وآتاه.

(٣) في المدينة : في هذا الموطن.

(٤) في «ق» : على بعد تلك المسافة.

(٥) نقله السيد البحراني في مدينة المعاجز ٢ : ٩/٣٥٤ ، عن كتاب «درر المطالب» للمصنّف ، ونقله المجلسي في البحار ٣٧ : ٢٦٧/ أقول ، عن كتاب المستدرك لابن البطريق ، إلى قوله : ومضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لسفره.

وأورد الشعر فقط الكفعمي في المصباح ١ : ٣٦٢ ، وذكر له فوائد فقال : وممّا ذكر لردّ الضائع والآبق تكرار هذين البيتين ، وعنه في مستدرك الوسائل ١٥ : ٤٨٣/٤.

(٦) في «ق» : فضل عليّ على الأنبياء.

(٧) في «ط» : عجز الأقلام.

           

۳۹۳

وتحيّر أُولو الألباب لباهر(١) علمه ، وتضيق(٢) الصحائف عن فضله وفهمه ، إذ آياته في الأقطار(٣) ظاهرة ، ومعجزاته في الآفاق على ألسن الخلق جارية ، وبيّنات أقواله وأفعاله بين الناس على سائر طبقاتهم دائرة ، وكلّ قلب نحوه منصرف ، إلاّ أن تكون الطينة غير حرّة ، والنطفة(٤) غير زكية ، والقلب غير سليم ، والعادة(٥) غير سابقة ، فتولّى عليه الشيطان وكان من الغاوين(٦).

__________________

(١) في «ط» : الباهر عن.

(٢) في «ط» : وتضايق.

(٣) في «ق ، ط» : الأخطار. وما أثبتناه هو الأنسب للسياق.

(٤) في «ط» زيادة : المنعقدة.

(٥) في «ط» : والسعادة.

(٦) في «ط» : وسقيم يستولي عليه الشيطان ، ويستحوذ عليه عدوّ الرحمن فكان من الغاوين.

           

۳۹۴

المطلب الخامس عشر(١)

ومن ذلك ما رواه جابر بن عبـد الله الأنصاري ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أوّل ما خلق الله نوري ، ابتدعه من نوره واشتقّه من جلال عظمته ، فأقبل يطوف بالقدرة حتّى وصل إلى جلال العظمة في ثمانين ألف سنة ، ثمّ سجد لله تعظيماً(٢) ، ففتق منه نور عليّ(٣) ، فكان نوري محيطاً بالعظمة ، ونور عليّ عليه‌السلام محيطاً بالقدرة.

ثمّ خلق العرش واللوح والشمس وضوء النهار ونور الأبصار والعقل والمعرفة وأبصار العباد(٤) وأسماعهم وقلوبهم من نوري ، ونوري مشتقّ من نوره ، فنحن الأولون ونحن الآخرون ، ونحن السابقون ، ونحن المسبّحون ، ونحن الشافعون ، ونحن كلمة الله ، ونحن خاصّة الله ، ونحن أحبّاء الله ، ونحن وجه الله ، ونحن جنب(٥) الله ، ونحن عين الله ، ونحن أُمناء الله ، ونحن خزنة وحي الله ، ونحن سدنة الله ، ونحن غيب الله ، ونحن معدن التنزيل ومعنى التأويل ، وفي أبياتنا هبط جبرئيل(٦) ، ونحن محالّ قدس الله ، ونحن مصابيح الحكمة ، ونحن مفاتيح الرحمة ، ونحن ينابيع النعمة ، ونحن شرف الأُمّة ، ونحن سادة الأئمّة ، ونحن نواميس العصر ، وأخيار

__________________

(١) في «ق» : المطلب الرابع عشر.

(٢) في «ق» : تعظيماً لله.

(٣) في «ق» : نوري. بدل من : نور عليّ.

(٤) من قوله : (والعقل والمعرفة وأبصار العباد) لم يرد في «ط».

(٥) في «ط» : حبيب.

(٦) في «ط» : وآيات الله بنا هبط.

           

۳۹۵

الدهر(١) ، ونحن سادة العباد ، ونحن ساسة البلاد ، ونحن الكفاة والولاة(٢) ، والحماة والدعاة وطريق النجاة(٣) ، ونحن السبيل ، ونحن الدليل(٤) ، ونحن النهج القويم ، والصراط المستقيم(٥).

من آمن بنا(٦) آمن بالله ، ومن ردّ علينا ردّ على الله ، ومن شكّ فينا شكّ في الله ، ومن عرفنا عرف الله ، ومن تولّى عنّا تولّى عن الله ، ومن أطاعنا أطاع الله ، ونحن الوسيلة إلى الله ، والوصلة(٧) إلى رضوان الله ، ولنا العصمة والخلافة والهداية ، وفينا النبوّة والولاية ، ونحن معدن الحكمة وباب الرحمة ، وشجرة العصمة ، ونحن كلمة التقوى(٨) ، والمثل الأعلى ، والحجّة العظمى ، والعروة الوثقى التي من تمسّك بها نجا»(٩).

وذكر في تفسير قوله تعالى : (وَللهِ الأسْماءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا)(١٠) ، قال الصادق عليه‌السلام : «نحن أسماء الله التي لا يقبل الله تعالى من

__________________

(١) في «ط» : ونحن أخيار الدهر. وفي البحار : وأحبار الدهر.

(٢) في «ط» : ونحن الولاة.

(٣) قوله : (والحماة والدعاة وطريق النجاة) لم يرد في «ط». وفي البحار : والولاة والحماة والسقاة والرعاة وطريق النجاة.

(٤) قوله : (ونحن الدليل) لم يرد في «ق» ، وفي البحار : والسلسبيل.

(٥) في «ط» : ونحن الصراط المستقيم.

(٦) في «ط» : زيادة فقد. وكذا الموارد التالية.

(٧) في «ط» : والوسيلة.

(٨) في «ط» زيادة : نحن. وكذا المواردين التاليين.

(٩) نقله كاملاً المجلسي في بحار الأنوار ٢٥ : ٢٢/٣٨ ، عن رياض الجنان ، وصدر الحديث في ج١٥ : ٢٤/٤٤ ، وج٥٧ : ١٧٠/١١٧.

(١٠) سورة الأعراف ٧ : ١٨٠.

           

۳۹۶

العباد عملاً إلاّ بها وبمعرفتها(١).

والله تبارك وتعالى خلقنا فأحسن صورنا(٢) ، وجعلنا حجّة على عباده ، ولسانه الناطق في خلقه ، ويده المبسوطة بالرحمة ، ووجهه الذي يؤتى منه(٣) ، وبابه الذي ندلّ عليه ، ونحن خزّانه(٤) في سماواته وأرضه.

وبنا أثمرت الأشجار وأورقت ، وجرت الأنهار وأغدقت(٥) ، وبنا ينزل الغيث من السماء ، وبنا يمسك الله تعالى الأرض أن تميد بأهلها ، وبنا ينبت عشب الأرض ، وبنا يُرزق العباد ، وبنا تنفجر الأنهار(٦) ، وبعبادتنا عبـد الله تبارك وتعالى ، ولولانا ما عبـد الله تعالى ، ونحن الأدلاّء على الله تعالى»(٧).

وروى ابن عبّاس رضي‌الله‌عنه قال : قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «والذي بعثني بالحقّ بشيراً ونذيراً ما استقرّ الكرسي ولا دار الفلك ولا قامت السماوات إلاّ بأن كتب الله عليها(٨) : لا إله إلاّ الله محمّـد رسول الله عليّ أمير المؤمنين وليّ الله(٩) ، وأنّ الله تبارك وتعالى لمّا عرج بي إلى السماء واختصّني

__________________

(١) أورده العياشي في تفسيره ٢ : ٤٢/١١٩ ، باختلاف يسير ، الكليني في الكافي ١ : ١٤٣/٤ ، باختلاف يسير ، وعنه الاسترآبادي في تأويل الآيات ١ : ١٨٩/٣٦.

(٢) في «ط» : صورتنا.

(٣) في «ط ، ق» : يؤتى به ، وما في المتن أثبتناه من الكافي والتوحيد.

(٤) في «ط» : خزانة علمه.

(٥) في «ط» : وأغرقت ، وفي «ق» : وأغدقت. وما أثبتناه هو الصحيح ، والماء الغدق : الكثير ، وغدقت عين الماء : أي غَزُرت. الصحاح ٤ : ١٥٣٦ ـ غدق.

(٦) في «ق» : وبنا تعجز العيون.

(٧) أورده الكليني في الكافي ١ : ١٤٤/٥ ، الصدوق في التوحيد : ١٥١/٨ ، الحلّي في المحتضر : ١٥٤ ، والكلّ باختلاف.

(٨) في «ط» فيها. وفي المصدر : إلاّ بعد أن كُتب عليها.

(٩) في «ط» : عليّ وليّ الله أمير المؤمنين.

           

۳۹۷

بلطيف(١) ندائه.

قال : يا محمّـد ، قلت : لبّيك وسعديك ، فقال : أنا المحمود وأنت محمّـد ، شققت اسمك من اسمي ، وفضّلتك على جميع بريّتي ، فانصب أخاك عليّاً(٢) علماً لعبادي يهديهم إلى ديني.

يا محمّـد ، إنّي قد جعلت عليّاً أمير المؤمنين ، فمن تأمّر عليه لعنتُه ، ومن خالفه عذّبته ، ومن أطاعه قرّبته ، ومن تقدّم عليه أخّرته(٣) ، ومن عصاه أمحقته ، فهو سيّد الوصيّين ، وحجّتي على الخلق أجمعين»(٤).

وفي الكتاب المذكور : روي عن ابن عبّاس ، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال : «عليّ منّي بمنزلة رأسي من بدني ، عليّ منّي كعيني من جسدي ، عليّ منّي كجلدي ، عليّ منّي كلحمي ، عليّ منّي كعظمي ، عليّ منّي كدمي في عروقي ، عليّ أخي ووصيّي في أهلي ، وخليفتي على أُمّتي في الدنيا ، إذا متُّ عوض منّي في أُمّتي»(٥).

وروى حذيفة بن اليمان قال : قام النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فقبّل بين عيني عليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه وقال له : «يا أبا الحسن ، أنت عضوٌ من أعضائي تزول حيث زلت ، وإنّ لك في الجنّة درجة وهي

__________________

(١) في «ق» : بلطف.

(٢) في «ط» : عليّاً أخاك.

(٣) في المصدر : أخزيته.

(٤) أورده ابن شاذان في مائة منقبة : ٧٤/٢٤ ، وعنه ابن طاووس في اليقين : ٢٣٩ ، البحراني في مدينة المعاجز ٢ : ٤٠١/٦٢٥ ، ونقله ابن طاووس في التحصين : ٥٦٧/٢٢ ، عن كتاب نور الهدى ، والاسترآبادي في تأويل الآيات ١ : ١٨٦/٣٤ ، عن كنز الفوائد ، وكذلك المجلسي في البحار ٣٧ : ٣٣٨.

(٥) أورده ابن شاذان في مائة منقبة : ١٣٢/٧٢ ، باختلاف يسير ، وعنه البحراني في غاية المرام ١ : ٢٣٦/٢٠ ، و ٢ : ١٨١/٥٩.

           

۳۹۸

الوسيلة ، فطوبى لك ولشيعتك من بعدك»(١).

وانظروا يا أُولي العقول إذا كان نبيّنا محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) أفضل وأشرف من جميع الأنبياء ، وعليّ عليه‌السلام كرأسه من بدنه وكعينه من رأسه ، وكلحمه منه ، وكعظمه منه ، ودمه في عروق بدنه ، فكيف لا يكون عليّ أفضل من الأنبياء ، ولا شكّ أنّ هذا لهو الفضل العظيم والرجحان المبين لأمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وآله أجمعين.

وروى الشيخ الجليل أبو جعفر في «مناقبه» : بإسناده عن رجاله مرفوعاً إلى المفضّل بن عمر ، قال : دخلت على الصادق عليه‌السلام ذات يوم فقال لي : «يا مفضّل ، هل تعرف محمّـداً وعليّاً وفاطمة والحسن والحسين كنه معرفتهم؟» ، قلت : يا سيّدي وما كنه معرفتهم؟ قال : «يامفضّل ، من عرفهم كنه معرفتهم كان مؤمناً في السنام الأعلى» قال : قلت : عرّفني ذلك يا سيّدي؟

قال : «يا مفضّل ، اعلم أنّهم علموا ما خلق الله عزّوجلّ وذرأه وبرأه ، وإنّهم كلمة التقوى وخزناء(٢) السماوات والأرضين والجبال والرمال والبحار ، وعرفوا كم في السماء نجم وفلك ، ووزن الجبال ، وكَيل ماء البحار وأنهارها وعيونها ، وما تسقط من ورقة إلاّ علموها (وَلاَ حَبَّة فِي ظُلُمَاتِ الأرْضِ وَلاَ رَطْب وَلاَ يَابِس إِلاَّ فِي كِتَاب مُبِين)(٣) ، وهو علّمهم وقد علموا ذلك» ، قلت : يا سيّدي ، قد علمت وأقررت به وآمنت

__________________

(١) أورده ابن شاذان في مائة منقبة : ١١٢/٥٣ ، وعنه البحراني في غاية المرام ٦ : ٦٧/٨٤.

(٢) في «ط» : وحرز.

(٣) سورة الأنعام ٦ : ٥٩.

           

۳۹۹

به.

قال : «نعم يا مفضّل ، نعم يا مكرّم ، نعم يا محبور(١) ، نعم يا طيّب ، طبت وطابت لك الجنّة ولكلّ مؤمن بها(٢)»(٣).

هذا آخر ما أردنا إيراده(٤) من فضائل مولانا ومقتدانا(٥) أمير المؤمنين وإمام المتقّين(٦) عليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه.

تمّت وكملت

والحمد(٧) لله الدالّ على ولايته ، ولا هدىً إلاّ بهديه وهدايته ، والصلاة على أشرف بريّته ، وأفضل خليفته محمّـد المختار ، المرشد والدليل لملّة الأبرار وآله المنتجبين ، جرثومة المجد ، ودوحة الفخار ، السامين بطيب النجار ، الأصفياء السادة ، الأوصياء القادة ، سلام الله وصلاته عليهم ما دامت الحجّة قائمة بهم ولديهم ، وسلّم تسليماً كثيراً آمين ربّ العالمين.

__________________

(١) في «ق» : يا محبوب.

(٢) في «ط» زيادة : ومؤمنة. وأثبتنا مكانها من المصادر : بها.

(٣) مصباح الأنوار : مخطوط. عنه الاسترآبادي في تأويل الآيات ٢ : ٤٨٨/٤ ، البحراني في مدينة المعاجز ٢ : ١٢٩/٤٤٨ ، المجلسي في بحار الأنوار ٢٦ : ١١٦/٢٢.

(٤) في «ق» : ما أوردته. بدل من : ما أردنا إيراده.

(٥) (ومقتدانا) أثبتناه من «ق».

(٦) (وإمام المتقّين) أثبتناه من «ق».

(٧) من هنا إلى الأخير : من نسخة «م».

           

۴۰۰

فهرس مصادر ومراجع التحقيق

١ ـ الاحتجاج ، لأبي منصور أحمد بن عليّ الطبرسي (من أعلام القرن السادس الهجري) ، دار الأُسوة ـ قم المقدَّسة ١٤١٣ هـ.

٢ ـ إحقاق الحق ، للسيّد نورالله الحسيني المرعشي التستري (ت ١٠١٩ هـ) ، مكتبة السيد المرعشي النجفي قدس‌سره ـ قم المقدّسة.

٣ ـ إحياء الداثر من القرن العاشر ، للشيخ العلاّمة آغا بزرك الطهراني (ت ١٣٨٨ هـ) ، جامعة طهران ـ ١٣٦٦ ش.

٤ ـ الاختصاص ، للشيخ المفيد محمّـد بن محمّـد بن النعمان العكبري (ت ٤١٣ هـ) ، مؤسسة الأعلمي ـ بيروت ١٤٠٢ هـ.

٥ ـ الأربعون حديثاً ، للشيخ المفيد محمّـد بن أحمد بن الحسين الخزاعي النيسابوري (من أعلام القرن الخامس الهجري) ، مدرسة الإمام المهدي عليه‌السلام ـ قم المقدّسة ١٤١١ هـ.

٦ ـ الأربعون حديثاً ، لمنتجب الدين عليّ بن عبيد الله بن بابويه الرازي (من أعلام القرن السادس الهجري) ، مدرسة الإمام المهدي عليه‌السلام ـ قم المقدّسة ١٤٠٨ هـ.

٧ ـ الأربعين في إمامة الأئمّة الطاهرين عليهم‌السلام ، لمحمّد طاهر بن محمّـد حسين الشيرازي النجفي القمّي (ت ١٠٩٨ هـ) ، نشر المحقّق سيد مهدي الرجائي ـ قم المقدّسة ١٤١٨ هـ.

٨ ـ الإرشاد ، للشيخ المفيد محمّـد بن محمّـد بن النعمان (ت ٤١٣ هـ) ، مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام ـ قم المقدّسة ١٤١٣ هـ.

٩ ـ إرشاد القلوب ، للحسن بن أبي الحسن محمّـد الديلمي (من أعلام القرن الثامن الهجري) ، دار الأُسوة ـ قم المقدّسة ١٤٢٤ هـ.

١٠ ـ الاستيعاب في معرفة الأصحاب ، لابن عبدالبرّ يوسف بن عبـد الله القرطبي (ت ٤٦٣ هـ) ، دار الجيل ـ بيروت ١٤١٢ هـ.

 

۴۰۱

١١ ـ أُسد الغابة في معرفة الصحابة ، لابن الأثير عليّ بن محمّـد الجزري (ت ٦٣٠ هـ) ، دار الفكر ـ بيروت ١٤٠٩ هـ.

١٢ ـ الإصابة ، لابن حجر أحمد بن عليّ العسقلاني (ت ٨٢٥ هـ) ، دار الكتب العلمية ـ بيروت.

١٣ ـ الأعلام ، لخير الدين الزركلي (ت ١٣٩٦ هـ) ، دار العلم للملايين ـ بيروت ١٩٨٤ م.

١٤ ـ إعلام الورى بأعلام الهدى ، لأبي عليّ الفضل بن الحسن الطبرسي (من أعلام القرن السادس الهجري) ، مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام ـ قم المقدّسة ١٤١٧ هـ.

١٥ ـ أعيان الشيعة ، للسيد محسن الأمين العاملي (ت ١٣٧١ هـ) ، دار التعارف ـ بيروت ١٤٠٦ هـ.

١٦ ـ إقبال الأعمال ، لابن طاووس عليّ بن موسى الحسيني (ت ٦٦٤ هـ) ، دار الكتب الإسلامية ـ طهران.

١٧ ـ الأمالي ، للصدوق محمّـد بن عليّ بن بابويه القمّي (ت ٣٨١ هـ) ، مؤسسة البعثة ـ قم المقدّسة ١٤١٧ هـ.

١٨ ـ الأمالي ، لأبي جعفر محمّـد بن الحسن الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) ، مؤسسة البعثة ـ قم المقدّسة ١٤١٤ هـ.

١٩ ـ الأمان من أخطار الأسفار ، لابن طاووس عليّ بن موسى الحسيني (ت ٦٦٤ هـ) ، مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام ـ قم المقدّسة ١٤٠٩ هـ.

٢٠ ـ أمل الآمل ، للشيخ محمّـد بن الحسن الحرّ العاملي (ت ١١٠٤ هـ) ، مطبعة الآداب ـ النجف الأشرف.

٢١ ـ إنباه الرواة على أنباه النحاة ، لأبي الحسن عليّ بن يوسف القفطي (ت ٦٢٤ هـ) ، دار الفكر العربي ـ القاهرة ١٤٠٦ هـ.

٢٢ ـ الأنوار الساطعة في المائة السابعة ، للشيخ العلاّمة آغا بزرك الطهراني (ت ١٣٨٨ هـ) ، دار الكتاب العربي ـ بيروت ١٩٧٢ م.

٢٣ ـ الأنوار النعمانية ، للسيد نعمة الله الموسوي الجزائري (ت ١١١٢ هـ) ، مطبعة شركت ـ تبريز.

 

۴۰۲

٢٤ ـ إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون ، لإسماعيل باشا بن محمّـد أمين الباباني البغدادي ، دار الفكر ـ بيروت ١٤٠٢ هـ.

٢٥ ـ بحار الأنوار ، للعلاّمة محمّـد باقر المجلسي (ت ١١١٠ هـ) ، مؤسسة الوفاء ـ بيروت ١٤٠٣ هـ.

٢٦ ـ البرهان في تفسير القرآن ، للسيد هاشم بن سليمان البحراني التوبلي (ت ١١٠٧ هـ) ، مؤسسة البعثة ـ قم المقدّسة ١٤١٥ هـ.

٢٧ ـ بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ، لعماد الدين محمّـد بن أبي القاسم الطبري (من أعلام القرن السادس الهجري) ، مؤسسة النشر الإسلامي ـ قم المقدّسة ١٤٢٠ هـ.

٢٨ ـ بصائر الدرجات ، للشيخ محمّـد بن الحسن بن فرّوخ الصفّار (ت ٢٩٠ هـ) ، مؤسسة الأعلمي ـ طهران ١٤٠٤ هـ.

٢٩ ـ بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة ، لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي (ت ٩١١ هـ) ، دار الفكر ـ بيروت ١٣٩٩ هـ.

٣٠ ـ بناء المقالة الفاطمية ، لأبي الفضائل أحمد بن موسى بن طاووس (ت ٦٧٣ هـ) ، مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام ـ قم المقدّسة ١٤١١ هـ.

٣١ ـ تأويل الآيات الظاهرة ، للسيد شرف الدين عليّ الحسيني الاسترآبادي النجفي (من أعلام القرن العاشر الهجري) ، مدرسة الإمام المهدي عليه‌السلام ـ قم المقدّسة ١٤٠٧ هـ.

٣٢ ـ تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير الأعلام ، للمؤرّخ محمّـد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت ٧٤٨ هـ) ، دار الكتاب العربي ـ بيروت ١٤٠٧ هـ.

٣٣ ـ تاريخ بغداد ، للخطيب أحمد بن عليّ البغدادي (ت ٤٦٣ هـ) ، دار الكتاب العربي ـ بيروت.

٣٤ ـ تاريخ مدينة دمشق ، لابن عساكر عليّ بن الحسن بن هبة الله الشافعي (ت ٥٧١ هـ) ، دار الفكر ـ بيروت ١٤١٥ هـ.

٣٥ ـ التحصين ، لابن طاووس عليّ بن موسى الحسيني (ت ٦٦٤ هـ) ، دار العلوم ـ بيروت ١٤١٠ هـ.

۴۰۳

٣٦ ـ تذكرة الحفّاظ ، للمؤرّخ محمّـد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت ٧٤٨ هـ) ، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

٣٧ ـ تعليقة أمل الآمل ، للميرزا عبـد الله أفندي الأصبهاني (من أعلام القرن الثاني عشر الهجري) ، مكتبة السيد المرعشي قدس‌سره ـ قم المقدّسة ١٤١٠ هـ.

٣٨ ـ تفسير الإمام العسكري عليه‌السلام ، تحقيق ونشر مدرسة الإمام المهدي عليه‌السلام ـ قم المقدّسة ١٤٠٩ هـ.

٣٩ ـ تفسير الصافي ، للفيض الكاشاني محمّـد محسن بن مرتضى (ت ١٠٩١ هـ) ، مؤسسة الأعلمي ـ بيروت ١٣٩٩ هـ.

٤٠ ـ تفسير العياشي ، لأبي النضر محمّـد بن مسعود السمرقندي (من أعلام القرن الثالث الهجري) ، المكتبة العلمية الإسلامية ـ طهران.

٤١ ـ التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) ، للفخر الرازي محمّـد بن عمر البكري الشافعي (ت ٦٠٦ هـ) ، الطبعة الثالثة.

٤٢ ـ تفسير كنز الدقائق ، للميرزا محمّـد بن محمّـد رضا المشهدي القمّي (ت ١١٢٥ هـ) ، مؤسسة النشر الإسلامي ـ قم المقدّسة ١٤١٠ هـ.

٤٣ ـ تفسير نور الثقلين ، للشيخ عبد عليّ بن جمعة العروسي الحويزي (ت ١١١٢ هـ) ، المطبعة العلمية ـ قم المقدّسة ١٣٨٣ هـ.

٤٤ ـ تكملة الرجال ، للشيخ عبد النبيّ الكاظمي (ت ١٢٥٦ هـ) ، مكتبة السيد الحكيم قدس‌سره ـ النجف الأشرف.

٤٥ ـ تهذيب الأحكام ، للشيخ محمّـد بن الحسن الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) ، دار الكتب الإسلامية ـ طهران ١٣٩٠ هـ.

٤٦ ـ تهذيب التهذيب ، لابن حجر أحمد بن عليّ العسقلاني (ت ٨٢٥ هـ) ، دار الفكر ـ بيروت ١٤٠٤ هـ.

٤٧ ـ تهذيب الكمال في أسماء الرجال ، لجمال الدين أبي الحجّاج يوسف المزّي (ت ٧٤٢ هـ) ، مؤسسة الرسالة ـ بيروت ١٤١٣ هـ.

٤٨ ـ تهذيب اللغة ، لأبي منصور محمّـد بن أحمد الأزهري (ت ٣٧٠ هـ) ، المؤسسة المصرية ـ القاهرة ١٣٨٤ هـ.

۴۰۴

٤٩ ـ التوحيد ، للشيخ الصدوق محمّـد بن عليّ الحسين بن بابويه القمّي (ت ٣٨١ هـ) ، مؤسسة النشر الإسلامي ـ قم المقدّسة ١٣٩٨ هـ.

٥٠ ـ الثاقب في المناقب ، لابن حمزة محمّـد بن عليّ الطوسي (من أعلام القرن السادس الهجري) ، مؤسسة أنصاريان ـ قم المقدّسة ١٤١٢ هـ.

٥١ ـ الثقات العيون في سادس القرون ، للشيخ العلاّمة آغا بزرك الطهراني (ت ١٣٨٨ هـ) ، دار الكتاب العربي ـ بيروت ١٣٩٢ هـ.

٥٢ ـ جامع الأخبار ، للشيخ محمّـد بن محمّـد السبزواري (من أعلام القرن السابع الهجري) ، مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام ـ قم المقدّسة ١٤١٤ هـ.

٥٣ ـ جامع الرواة ، للشيخ محمّـد بن عليّ الأردبيلي الغروي الحائري (من أعلام القرن الحادي عشر الهجري) ، مكتبة السيد المرعشي قدس‌سره ـ قم المقدّسة ١٤٠٣ هـ.

٥٤ ـ الجامع الصغير ، لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي (ت ٩١١ هـ) ، دار الفكر ـ بيروت ١٤٠١ هـ.

٥٥ ـ الجرح والتعديل ، للحافظ عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي (ت ٣٢٧ هـ) ، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ١٣٧١ هـ.

٥٦ ـ الجواهر السنيّة في الأحاديث القدسيّة ، للمحدّث محمّـد بن الحسن الحرّ العاملي (ت ١١٠٤ هـ) ، انتشارات طوس ـ مشهد المقدّس.

٥٧ ـ الجواهر المضيّة في طبقات الحنفية ، لعبد القادر بن محمّـد بن محمّـد بن أبي الوفاء القرشي الحنفي (ت ٧٧٥ هـ) ، مؤسسة الرسالة ـ بيروت ١٤١٣ هـ.

٥٨ ـ جواهر المطالب في مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، لأبي البركات محمّـد بن أحمد الدمشقي الباعوني (ت ٨٧١ هـ) ، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية ـ قم المقدّسة ١٤١٥ هـ.

٥٩ ـ حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ، لأبي نعيم أحمد بن عبـد الله الأصبهاني (ت ٤٣٠ هـ) ، دار الكتاب العربي ـ بيروت ١٤٠٥ هـ.

٦٠ ـ خاتمة المستدرك ، للميرزا حسين النوري الطبرسي (ت ١٣٢٠ هـ) ، مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام ـ قم المقدّسة ١٤١٥ هـ.

٦١ ـ خصائص الوحي المبين ، لابن البطريق يحيى بن الحسن الأسدي الحلّي

۴۰۵

(ت ٦٠٠ هـ) ، دار القرآن الكريم ـ قم المقدّسة ١٤١٧ هـ.

٦٢ ـ الخصال ، للشيخ الصدوق محمّـد بن عليّ بن بابويه القمّي (ت ٣٨١ هـ) ، مؤسسة النشر الإسلامي ـ قم المقدّسة ١٣٦٢ هـ.

٦٣ ـ دلائل الإمامة ، لأبي جعفر محمّـد بن جرير بن رستم الطبري الصغير (من أعلام القرن الخامس الهجري) ، مؤسسة البعثة ـ قم المقدّسة ١٤١٣ هـ.

٦٤ ـ ديوان السيد الحميري ، لإسماعيل بن محمّـد بن يزيد الحميري (ت ١٧٣ هـ) ، دار صادر ـ بيروت ١٩٩٩ م.

٦٥ ـ ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ، لمحبّ الدين أحمد بن عبـد الله الطبري (ت ٦٩٤ هـ) ، مؤسسة الوفاء ـ بيروت ١٤٠١ هـ.

٦٦ ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، للشيخ العلاّمة آغا بزرك الطهراني (ت ١٣٨٨ هـ) ، دار الأضواء ـ بيروت ١٤٠٣ هـ.

٦٧ ـ ذكر أخبار أصبهان ، لأبي نعيم أحمد بن عبـد الله الأصبهاني (ت ٤٣٠ هـ) ، مطبعة بريل ـ ليدن ١٩٣١ م.

٦٨ ـ رجال الطوسي ، لشيخ الطائفة محمّـد بن الحسن الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) ، المطبعة الحيدرية ـ النجف الأشرف ١٣٨١ هـ.

٦٩ ـ رجال النجاشي ، لأبي العبّاس أحمد بن عليّ الأسدي الكوفي (ت ٤٥٠ هـ) ، مؤسسة النشر الإسلامي ـ قم المقدّسة ١٤٠٧ هـ.

٧٠ ـ الرسالة اللدنية (ضمن مجموعة رسائل الغزالي) ، لأبي حامد محمّـد بن محمّـد الغزالي (ت ٥٠٥ هـ) ، دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤٠٦ هـ.

٧١ ـ روضات الجنّات في أحوال العلماء والسادات ، للميرزا محمّـد باقر الموسوي الخوانساري الأصبهاني (ت ١٣١٣ هـ) ، مكتبة إسماعيليان ـ طهران ١٣٩٠ هـ.

٧٢ ـ الروضة في فضائل مولانا عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، لبعض العلماء ـ نسخة مصوّرة من مكتبة السيد المرعشي النجفي قدس‌سره ـ قم المقدّسة. تاريخ نسخها ١٠٣١ هـ.

٧٣ ـ روضة الواعظين ، للشيخ محمّـد بن الفتّال النيشابوري (ت ٥٠٨ هـ) ،

۴۰۶

انتشارات دليل ما ـ قم المقدّسة ١٤٢٣ هـ.

٧٤ ـ رياض العلماء وحياض الفضلاء ، للميرزا عبـد الله أفندي الأصبهاني (من أعلام القرن الثاني عشر الهجري) ، مكتبة السيد المرعشي قدس‌سره ـ قم المقدّسة.

٧٥ ـ السنن ، لابن ماجة محمّـد بن يزيد القزويني (ت ٢٧٥ هـ) ، دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٩ هـ.

٧٦ ـ سير أعلام النبلاء ، لمحمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت ٧٤٨ هـ) ، مؤسسة الرسالة ـ بيروت ١٤٠٥ هـ.

٧٧ ـ الشافي في الإمامة ، للشريف المرتضى عليّ بن الحسين الموسوي (ت ٤٣٦ هـ) ، مؤسسة الصادق عليه‌السلام ـ طهران ١٤١٠ هـ.

٧٨ ـ شذرات الذهب في أخبار من ذَهب ، لأبي الفلاح عبد الحي بن العماد الحنبلي (ت ١٠٨٩ هـ) ، دار الآفاق الجديدة ـ بيروت.

٧٩ ـ شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار عليهم‌السلام ، للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمّـد التميمي المغربي (ت ٣٦٣ هـ) ، مؤسسة النشر الإسلامي ـ قم المقدّسة ١٤٠٩ هـ.

٨٠ ـ شرح مائة كلمة ، للشيخ ميثم بن عليّ بن ميثم البحراني (ت ٦٧٩ هـ) مؤسسة النشر الإسلامي ـ قم المقدّسة ١٣٩٠ هـ.

٨١ ـ شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد عبد الحميد بن هبة الله المعتزلي (ت ٦٥٥ هـ) مكتبة السيد المرعشي النجفي قدس‌سره ـ قم المقدّسة ١٤٠٤ هـ.

٨٢ ـ شواهد التنزيل لقواعد التفضيل ، للحاكم الحسكاني عبيد الله بن عبـد الله الحنفي النيشابوري (من أعلام القرن الخامس الهجري) ، مؤسسة الأعلمي ـ بيروت ١٣٩٣ هـ.

٨٣ ـ الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية ، لإسماعيل بن حمّاد الجوهري (ت ٣٩٣ هـ) ، دار العلم للملايين ـ بيروت ١٣٧٦ هـ.

٨٤ ـ صحيح الترمذي ، لأبي عيسى محمّـد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت ٢٩٧ هـ) ، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

٨٥ ـ الصراط المستقيم إلى مستحقّي التقديم ، لأبي محمّـد عليّ بن يونس

۴۰۷

العاملي النباطي البياضي (ت ٨٧٧ هـ) ، المكتبة المرتضوية.

٨٦ ـ طبقات الشافعية ، لعبد الرحيم بن حسن بن عليّ الأسنوي (ت ٧٧٢ هـ) ، دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤٠٧ هـ.

٨٧ ـ طبقات الشافعية الكبرى ، لعبد الوهاب بن عليّ بن عبد الكافي السبكي (ت ٧٧١ هـ) ، دار إحياء الكتب العربية ـ القاهرة.

٨٨ ـ طبقات المحدّثين ، لأبي الشيخ الأنصاري عبـد الله بن محمّـد بن جعفر بن حيّان (ت ٣٦٩ هـ) ، مؤسسة الرسالة ـ بيروت ١٤٠٧ هـ.

٨٩ ـ طبقات المفسّرين ، لمحمّد بن عليّ بن أحمد الداوودي (ت ٩٤٥ هـ) ، دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤٠٣ هـ.

٩٠ ـ الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف ، لابن طاووس علي بن موسى الحسيني الحسني (ت ٦٦٤ هـ) ، مؤسسة الأعلمي ـ بيروت ١٤٢٠ هـ.

٩١ ـ العِبَر في خبر من غبر ، للمؤرّخ محمّـد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت ٧٤٨ هـ) ، دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤٠٥ هـ.

٩٢ ـ العُدد القويّة ، لرضي الدين عليّ بن يوسف بن المطهّر الحلّي (من أعلام القرن الثامن الهجري) ، مكتبة السيد المرعشي قدس‌سره ـ قم المقدّسة ١٤٠٨ هـ.

٩٣ ـ العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين ، لمحمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي (ت ٨٣٢ هـ) ، دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٩ هـ.

٩٤ ـ علل الشرائع ، للشيخ الصدوق محمّـد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي (ت ٣٨١ هـ) ، المكتبة الحيدرية ـ النجف الأشرف ١٣٨٥ هـ.

٩٥ ـ العمدة ، لابن البطريق يحيى بن الحسن الأسدي الحلّي (ت ٦٠٠ هـ) ، مؤسسة النشر الإسلامي ـ قم المقدّسة ١٤٠٧ هـ.

٩٦ ـ عوالي اللئالي ، لابن أبي جمهور محمّـد بن عليّ بن إبراهيم الإحسائي (ت ٩٤٠ هـ) ، مطبعة سيد الشهداء ـ قم المقدّسة ١٤٠٣ هـ.

٩٧ ـ عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ، للشيخ الصدوق محمّـد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي (ت ٣٨١ هـ) ، انتشارات جهان ـ طهران.

٩٨ ـ غاية المرام وحجّة الخصام ، للسيد هاشم بن سليمان البحراني التوبلي

۴۰۸

(ت ١١٠٧ هـ) ، مؤسسة التاريخ العربي ـ بيروت ١٤٢٢ هـ.

٩٩ ـ الغدير ، للشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي (ت ١٣٩٠ هـ) مركز الغدير ـ قم المقدّسة ١٤٢٤ هـ.

١٠٠ ـ الغيبة ، للشيخ محمّـد بن الحسن الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) ، مؤسسة المعارف الإسلامية ـ قم المقدّسة ١٤١١ هـ.

١٠١ ـ فرحة الغري ، للسيد عبد الكريم بن طاووس الحسني (ت ٦٩٣ هـ) مركز الغدير للدراسات الإسلامية ـ قم المقدّسة ١٤١٩ هـ.

١٠٢ ـ الفردوس بمأثور الخطاب ، لأبي شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه الديلمي (ت ٥٠٩ هـ) ، دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤٠٦ هـ.

١٠٣ ـ الفضائل ، لشاذان بن جبرئيل بن أبي طالب القمّي (من أعلام القرن السادس الهجري) ، مؤسسة ولي العصر عليه‌السلام ـ قم المقدّسة ١٤٢٢ هـ.

١٠٤ ـ فهرست أسماء علماء الشيعة ومصنّفيهم ، لمنتجب الدين عليّ بن عبيد الله بن بابويه الرازي (من أعلام القرن الخامس الهجري) ، مجمع الذخائر الإسلامية ـ قم المقدّسة ١٤٠٤ هـ.

١٠٥ ـ الفوائد الرضوية في أحوال علماء المذهب الجعفرية ، للشيخ عبّاس القمّي ـ طبعة ايران ـ باللغة الفارسية.

١٠٦ ـ قصص الأنبياء ، لقطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي (ت ٥٧٣ هـ) ، مجمع البحوث الإسلامية ـ مشهد المقدّس ١٤٠٩ هـ.

١٠٧ ـ الكافي ، للشيخ محمّـد بن يعقوب الكليني الرازي (ت ٣٢٨ هـ) ، دار الكتب الإسلامية ـ طهران ١٣٨٨ هـ.

١٠٨ ـ كامل الزيارات ، لابن قولويه جعفر بن محمّـد بن جعفر القمّي (ت ٣٦٨ هـ) ، نشر صدوق ـ طهران ١٣٧٥ هـ.

١٠٩ ـ كتاب الرجال ، لأبي جعفر أحمد بن أبي عبـد الله البرقي (ت ٢٨٠ هـ) ، نشر جامعة طهران ١٣٤٢ ش.

١١٠ ـ كتاب سليم بن قيس ، للتابعي سليم بن قيس الهلالي (ت ٧٦ هـ) ، نشر الهادي ـ قم المقدّسة ـ ١٤١٥ هـ.

۴۰۹

١١١ ـ كشف الحجب والأستار عن أسماء الكتب والأسفار ، للسيد اعجاز حسين النيسابوري الكنتوري (ت ١٢٤٠ هـ) ، مكتبة السيد المرعشي النجفي قدس‌سره ـ قم المقدّسة ١٤٠٩ هـ.

١١٢ ـ كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون ، لحاجي خليفة مصطفى بن عبـد الله الرومي الحنفي (ت ١٠٦٧ هـ) ، دار الفكر ـ بيروت ١٤٠٢ هـ.

١١٣ ـ كشف الغمّة في معرفة الأئمّة عليهم‌السلام ، لأبي الحسن عليّ بن عيسى الإربلي (ت ٢٩٢ هـ) ، المجمع العالمي لأهل البيت عليهم‌السلام ـ قم المقدّسة ١٤٢٦ هـ.

١١٤ ـ كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام ، للعلاّمة الشيخ حسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي (ت ٧٢٦ هـ) ، وزارة الإرشاد ـ طهران ١٤١١ هـ.

١١٥ ـ كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، لأبي عبـد الله محمّـد بن يوسف القرشي الكنجي الشافعي (ت ٦٥٨ هـ) ، دار إحياء تراث أهل البيت عليهم‌السلام ـ طهران ١٤٠٤ هـ.

١١٦ ـ كمال الدين وتمام النعمة ، للشيخ الصدوق محمّـد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي (ت ٣٨١ هـ) ، مؤسسة النشر الإسلامي ـ قم المقدّسة ١٤٠٥ هـ.

١١٧ ـ الكنى والألقاب ، للشيخ عبّاس القمّي (ت ١٣٥٩ هـ) ، مؤسسة النشر الإسلامي ـ قم المقدّسة ١٤٢٥ هـ.

١١٨ ـ كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال ، للعلاّمة عليّ بن حسام المتقي الهندي (ت ٩٧٥ هـ) ، مؤسسة الرسالة ـ بيروت ١٤٠٥ هـ.

١١٩ ـ لسان الميزان ، لابن حجر أحمد بن عليّ العسقلاني (ت ٨٢٥ هـ) ، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ١٤١٥ هـ.

١٢٠ ـ اللمعة البيضاء في شرح خطبة الزهراء عليها‌السلام ، للشيخ محمّـد عليّ بن أحمد التبريزي الأنصاري (ت ١٣١٠ هـ) ، نشر الهادي ـ قم المقدّسة ١٤١٨ هـ.

١٢١ ـ مائة منقبة من مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام ، لابن شاذان أحمد بن عليّ بن الحسن القمّي (من أعلام القرن الرابع الهجري) ، الدار الإسلامية ١٤٠٩ هـ.

١٢٢ ـ مجمع الزوائد ، للحافظ عليّ بن أبي بكر الهيثمي (ت ٨٠٧ هـ) ، دار

۴۱۰

الكتاب العربي ـ بيروت ١٤٠٢ هـ.

١٢٣ ـ مجمع النورين وملتقى البحرين ، لأبي الحسن بن محمّـد المرندي الدولت آبادي (ت ١٣٤٩ هـ) ، انتشارات آل عبا عليهم‌السلام ـ قم المقدّسة ١٣٨١ هـ.

١٢٤ ـ المحتضر ، للشيخ حسن بن سليمان الحلّي (من أعلام القرن التاسع الهجري) ، المطبعة الحيدرية ـ النجف الأشرف ١٣٧٠ هـ.

١٢٥ ـ المحكم والمحيط الأعظم ، لابن سيده عليّ بن إسماعيل المرسي (ت ٤٥٨ هـ) ، دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤٢١ هـ.

١٢٦ ـ مدينة المعاجز ، للسيد هاشم بن سليمان البحراني التوبلي (ت ١١٠٧ هـ) ، مؤسسة المعارف الإسلامية ـ قم المقدّسة ١٤١٣ هـ.

١٢٧ ـ مرآة الجنان وعبرة اليقظان ، لعبـد الله بن أسعد بن عليّ اليافعي اليمني المكّي (ت ٧٦٨ هـ) ، دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٧ هـ.

١٢٨ ـ المزار ، للشيخ المفيد محمّـد بن محمّـد بن النعمان العكبري (ت ٤١٣ هـ) ، مدرسة الإمام المهدي عليه‌السلام ـ قم المقدّسة ١٤٠٩ هـ.

١٢٩ ـ المزار الكبير ، لأبي عبـد الله محمّـد بن جعفر المشهدي (من أعلام القرن السادس الهجري) ، مؤسسة النشر الإسلامي ـ قم المقدّسة ١٤١٩ هـ.

١٣٠ ـ المستدرك على الصحيحين ، للحاكم محمّـد بن عبـد الله النيسابوري (ت ٤٠٥ هـ) ، دار المعرفة ـ بيروت ١٤١٨ هـ.

١٣١ ـ مستدرك الوسائل ، للميرزا حسين النوري الطبرسي (ت ١٣٢٠ هـ) ، مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام ـ قم المقدّسة ١٤٠٧ هـ.

١٣٢ ـ مستدركات علم الرجال ، للشيخ عليّ بن محمّـد النمازي الشاهرودي ـ حسينة عماد زاده ـ أصفهان ١٤١٢ هـ.

١٣٣ ـ المسترشد في إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، للحافظ محمّـد بن جرير بن رستم الطبري (من أعلام القرن الرابع الهجري) ، مؤسسة كوشانبور الثقافية ـ قم المقدّسة ١٤١٥ هـ.

١٣٤ ـ مشارق أنوار اليقين ، للحافظ رجب بن محمّـد بن رجب البرسي الحلّي (ت ٨١٣ هـ) ، انتشارات الشريف الرضي ـ قم المقدّسة ١٤٢٢ هـ.

۴۱۱

١٣٥ ـ المصباح ، للشيخ تقي الدين إبراهيم الكفعمي العاملي (ت ٩٠٥ هـ) ، مكتبة الولاء ـ بيروت ١٤١٣ هـ.

١٣٦ ـ مصباح الأنوار ، لهاشم بن محمّـد ـ مخطوط ـ مصورة من مكتبة السيد المرعشي قدس‌سره ـ قم المقدّسة.

١٣٧ ـ معالم العلماء ، لمحمّد بن علي بن شهرآشوب المازندراني (ت ٥٨٨ هـ) ، المطبعة الحيدرية ـ النجف الأشرف ١٣٨٠ هـ.

١٣٨ ـ معاني الأخبار ، للشيخ الصدوق محمّـد بن عليّ بن بابويه القمّي (ت ٣٨١ هـ) ، مؤسسة النشر الإسلامي ـ قم المقدّسة ١٣٦١ هـ.

١٣٩ ـ معجم البلدان ، لياقوت بن عبـد الله الحموي الرومي البغدادي (ت ٦٢٦ هـ) ، دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٠ هـ.

١٤٠ ـ معجم رجال الحديث ، للسيد أبو القاسم الموسوي الخوئي قدس‌سره(ت ١٤١٣ هـ) ، الطبعة الخامسة ١٤١٣ هـ.

١٤١ ـ المعجم الكبير ، للحافظ سليمان بن أحمد الطبراني (ت ٣٦٠ هـ) ، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

١٤٢ ـ معجم مؤلّفي الشيعة ، لعليّ الفاضل القائيني النجفي ـ وزارة الإرشاد ـ طهران ١٤٠٥ هـ.

١٤٣ ـ معجم المؤلّفين ، لعمر رضا كحالة (ت ١٤٠٨ هـ) ، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

١٤٤ ـ المعيار والموازنة في فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام ، لأبي جعفر محمّـد بن عبـد الله الإسكافي المعتزلي (ت ٢٢٠ هـ) ، مؤسسة المحمودي للطباعة والنشر ـ بيروت ١٤٠٢ هـ.

١٤٥ ـ مقتضب الأثر ، لابن عيّاش أحمد بن عبيد الله الجوهري (ت ٤٠١ هـ) ، مكتبة الطباطبائي ـ قم المقدّسة.

١٤٦ ـ مقتل الحسين عليه‌السلام ، لأبي المؤيّد الموفّق بن أحمد المكّي أخطب خوارزم (ت ٥٦٨ هـ) ، مكتبة المفيد ـ قم المقدّسة.

١٤٧ ـ المناقب ، للموفّق بن أحمد بن محمّـد المكّي الخوارزمي (ت ٥٦٨ هـ) ،

۴۱۲

مؤسسة النشر الإسلامي ـ قم المقدّسة ١٤١١ هـ.

١٤٨ ـ مناقب آل أبي طالب ، لابن شهرآشوب محمّـد بن عليّ المازندراني (ت ٥٨٨ هـ) ، دار الأضواء ـ بيروت ١٤١٢ هـ.

١٤٩ ـ مناقب الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، للحافظ محمّـد بن سليمان القاضي الكوفي (من أعلام القرن الثالث الهجري) ، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية ـ قم المقدّسة ١٤١٢ هـ.

١٥٠ ـ مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، لابن المغازلي عليّ بن محمّـد الشافعي (ت ٤٨٣ هـ) ، دار الأضواء ـ بيروت ١٤٠٣ هـ.

١٥١ ـ ميزان الاعتدال ، للحافظ محمّـد بن أحمد الذهبي (ت ٧٤٨ هـ) ، دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٦ هـ.

١٥٢ ـ النابس في القرن الخامس ، للعلاّمة الشيخ آغا بزرك الطهراني (ت ١٣٨٨ هـ) ، دار الكتاب العربي ـ بيروت ١٣٩١ هـ.

١٥٣ ـ نقد الرجال ، للسيد مصطفى بن الحسين الحسيني التفرشي (من أعلام القرن الحادي عشر الهجري) ، مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام ـ قم المقدّسة ١٤١٨ هـ.

١٥٤ ـ نهج الإيمان ، لزين الدين عليّ بن يوسف بن جبر (من أعلام القرن السابع الهجري) مجمّع الإمام الهادي عليه‌السلام ـ مشهد المقدّس ١٤١٨ هـ.

١٥٥ ـ نهج الحقّ وكشف الصدق ، للعلاّمة الشيخ حسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي (ت ٧٢٦ هـ) ، دار الهجرة ـ قم المقدّسة ١٤١٤ هـ.

١٥٦ ـ نوادر المعجزات ، لأبي جعفر محمّـد بن جرير بن رستم الطبري (من أعلام القرن الخامس الهجري) ، مدرسة الإمام المهدي عليه‌السلام ـ قم المقدّسة ١٤١٠ هـ.

١٥٧ ـ الهداية الكبرى ، لأبي عبـد الله الحسين بن حمدان الخصيبي (ت ٣٣٤ هـ) ، مؤسسة البلاغ ـ بيروت ١٤٠٦ هـ.

١٥٨ ـ هدية العارفين أسماء المؤلّفين وآثار المصنّفين ، لإسماعيل باشا البغدادي ـ دار الفكر ـ بيروت ١٤٠٢ هـ.

١٥٩ ـ الوافي بالوفيات ، لصلاح الدين خليل بن ايبك الصفدي (ت ٧٦٤ هـ) ،

۴۱۳

دار النشر فرانزشتايز ـ فيسبادن ١٣٨١ هـ.

١٦٠ ـ وسائل الشيعة ، للشيخ محمّـد بن الحسن الحرّ العاملي (ت ١١٠٤ هـ) ، مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام ـ قم المقدّسة ١٤٠٩ هـ.

١٦١ ـ وفيات الأعيان ، لأبي العبّاس أحمد بن محمّـد بن أبي بكر بن خلّكان (ت ٦٠٨ هـ) ، دار صادر ـ بيروت ١٣٩٨ هـ.

١٦٢ ـ اليقين ، لابن طاووس عليّ بن موسى الحسيني (ت ٦٦٤ هـ) ، دار العلوم ـ بيروت ١٤١٠ هـ.

١٦٣ ـ ينابيع المودّة لذوي القربى ، للشيخ سليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي (ت ١٢٩٤ هـ) ، دار الأُسوة ـ قم المقدّسة ١٤١٦ هـ.

 

۴۱۴

من ذخائر الترّاث

۴۱۵

 

۴۱۶

نبـذة من كتـاب

جـواهـر الـكلام

في الحِكَم والأحكام ، من قصر أخبار سيّد الأنام

محمّـد المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام

تأليف

القاضي ناصح الدين أبي الفتح عبـد الواحد بن محمّـد بن عبـد الواحد التميميّ الآمديّ

المتوفّى حدود سنة ٥٥٠ هـ

وصاحب كتاب «غرر الحِكَم ودرر الكلم»

تحقيق

السيّد حسن الموسويّ البروجردي

 

۴۱۷

 

۴۱۸

مقـدّمة التحقيـق

بسم الله الرحمن الرحيم

الكلام مأخوذ من مادّة : (كَلْم) بمعنى الجَرح(١) ؛ وهو لا يؤثّر أثره المطلوب ولا يؤدّي بلاغته المقصودة ، إلاّ إذا كان في غاية الإيجاز والسلامة ، ولذلك جاء في أقوال العرب قولهم : «خير الكلام ما قلّ ودلّ»(٢).

ومن هنا ، نرى أنّهم كانوا يعدّون بعضَ الكلمات والجُمَل المتناهية في البلاغة مُعجزاً من الكلام ، وفي هذا المضمار نجد أنّ أعراب البادية أصفى قريحةً وأشدّ تمكّناً من أداء اللغة ووجوه بلاغاتها ؛ لأنّهم رضعوا من الطبيعة صفاءها ، واستلهموا من المعاني أسناها ، وكانوا يعيرون أشدّ الاهتمام للُّغة وبلاغتها شعراً وخطاباً وسجعاً ، وكانوا يقدّسون أو يكافؤون الشعراء والخطباء ؛ لما يحملون من تراث فكريٍّ ولغويٍّ وأدبيٍّ لا يتيسّر إلاّ للأوحديّ منهم.

__________________

(١) الكَلْم : الجراحة ، والجمع كُلُوم وكلام. (لاحظ : الصحاح للجوهري ٥ / ٢٠٢٣ ، النهاية ٤ / ١٩٩ ، لسان العرب ١٢ / ٥٢٤)

(٢) لاحظ : أدب الإملاء والاستملاء : ٨٣ ، وورد عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : «من أكثر أهجر». (دستور معالم الحِكَم : ٢٧)

           

۴۱۹

ولشدّة تعلّقهم بالبلاغة واحترامهم لأربابها ، كانوا يطلقون على الشاعر المفلَّق الفحل صفة : (العبقريّ)(١) ، وينسبونه إلى وادي (عبقر) ، زاعمين أنّ جنّ هذا الوادي أو بعضهم يأتون إلى هذا الشاعر ويلقون على لسانه مايعجز عنه الآخرون.

بل لشدّة هذا الاهتمام كانوا يكتبون أروع القصائد بماء الذهب ويعلّقونها على الكعبة ، فلذلك نشأت عندهم المعلّقات ، التي يعتزّون بها ربّما أكثر من اعتزازهم بأبطالهم ومحاربيهم.

ولهذا الأدب الثَّرّ كانوا أرقى أُمّةً في الفصاحة لايجاريهم فيها أحد ولا تكسر لهم في ذلك شوكة ، حتّى إذا جاء الرسول الأعظم محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم)بالقرآن الكريم بُهتوا وتحيّروا وعجزوا عن مجاراته ، مع أنّه تحدّاهم بأن يأتوا بسورة من مثله ، فلذلك راحوا ينعتونه تارةً بأنّه (شعر) ، أو (سحر) ، وأُخرى بأنّه (من أساطير الأوّلين) ووو ..

حتّى عجب قيس بن عاصم المنقريّ ـ رغم كفره ـ فقال لمّا سمع آيات من الذكر الحكيم : «والله إنّ له لطَلاوة ، وإنّ عليه لَحَلاوة ، وأسفله لَمُغْدِق ، وأعلاه مثمر ، ومايقول هذا بشر ...»(٢).

وكانت بلاغة النبيّ محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) تالية لكتاب الله من حيث

__________________

(١) عن البيضاوي : «العبقري منسوب إلى عبقر ، تزعم العرب أنّه اسم بلد الجنّ ؛ فينسبون إليه كلّ شيء عجيب ..». (بحار الأنوار ٦٨ / ٧٤)

وقال أبو عبيدة : «العبقري : من الرجال الذي ليس فوقه شيء ، ويطلق على السيّد والبيت والكبير. وقيل : هو منسوب إلى عبقر ، موضع بالباديّة يسكنه الجنّ ، فأطلقه العرب على كلّ ما كان عظيماً في نفسه فائقاً في جنسه». (مقدّمة فتح الباري : ١٤٩)

(٢) تفسير القرطبي ١٧ / ١٥١.

           

۴۲۰

الفصاحة ، والإعجاز ، وإيفاء المعنى ، والاختصار ، وجميع وجوه وفنون البلاغة ، والطبقة العليا من الكلام العربيّ الفصيح ، حتّى لقد طوتْ بلاغته صفحات بلغاء قريش وأدبائها وشعرائها وخطبائها وكهّانها ، ولهذا اعتنى الأُدباء والبلغاء كلّ العناية بكلمات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جمعاً وشرحاً وتدويناً ، وحذوا حذوها ، وساروا على نهجها ، وأخذوا منها فنون الفصاحة والمعاني السامية ؛ وذلك على مرّ العصور وفي جميع الأزمان ، حتّى كان معاصروه (صلى الله عليه وآله وسلم) ليتشوّقون إلى سماع كلماته والاهتداء بهديها ، وكان السبّاق إلى هذا السبيل من هذا المعين إمام البلاغة ، وربيب النبوّة ، وغَذِيّ الوحي : ابن عمّه ووصيّه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، الذي كان كلامه مَضْرَب المثل في البلاغة بعد كلام الله وكلام رسوله ، حتّى قال حبر الأُمّة عبـد الله بن العبّاس : «وجدنا كلام عليّ دون كلام الخالق ، وفوق كلام المخلوق»(١).

ولقد تنبّه إلى مشربي الفصاحة ـ أعني : رسول الله محمّـد بن عبـد الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ـ عبـد الواحد التميمي الآمدي ، فكان منه أن جمع كلماتهما كلاًّ على انفراد في كتاب مستقلّ :

الأوّل منهما : جواهر الكلام في الحِكَم والأحكام من قصر أخبار سيّد الأنام (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وهو هذا الكتاب الذي بين يديك.

وثانيهما : غرر الحِكَم ودرر الكلم من كلمات أمير المؤمنين عليه‌السلام.

فجمع من ذلك ما تعثّر أو تعذّر جمعه على أهل زمانه ، وكان كتاباه

__________________

(١) جواهر المطالب لابن الدمشقي ١ / ٢٩٩.

           

۴۲۱

آيتين من آيات الإعجاز النبويّ والعلويّ ..

ونحمد الله سبحانه وتعالى أن تفضّل علينا بنسخة من المتبقّي من الكتاب الأوّل ؛ لتحقيقه ، وإظهاره إلى عالم النور في هذه الوريقات ، وقبل ذلك نذكر مقدّمة في تحقيق حال المؤلّف وكتابيه القيّمين.

* * *

 

۴۲۲

حيـاة المؤلّف

اسمه ونسبه وكنيته :

عبـد الواحد بن أبو نصر محمّـد بن عبـد الواحد بن محمّـد بن عبـد الواحد ، القاضي ، ناصح الدين ، أبو الفتح ، التميميّ الآمديّ.

هكذا عنونه وكنّاه ونسبه كلّ مَن ترجم له وذكره ؛ منهم :

المصنّف نفسه في مقدّمة كتاب الغرر والمتبقّى من كتاب الجواهر.

تلميذه ابن شهرآشوب المازندراني (ت ٥٨٨ هـ)(١).

أبوالحسن علي بن محمّـد الواسطي (من أعلام القرن السادس الهجري)(٢).

أبو البركات مبارك بن المستوفي الإربلي (ت ٦٣٧ هـ)(٣).

المولى عبـد الله بن عيسى الأفندي الإصفهاني (ق ١٢)(٤).

مصطفى بن عبـد الله القسطنطني ، المعروف بحاجي خليفة چلبي (ت ١٠٦٧ هـ)(٥).

السيّد محمّـد باقر الخوانساري (ت ١٣١٣ هـ)(٦).

__________________

(١) معالم العلماء : ٨١ / ٥٤٩.

(٢) لاحظ : مجلّة علوم الحديث ، العدد السابع ، الصفحة ٢٧٥ ، عيون الحِكَم والمواعظ للواسطي في حلّته الجديدة ، لعلي موسى الكعبي.

(٣) تاريخ إربل ١ / ١١٢.

(٤) رياض العلماء ٣ / ٢٨١.

(٥) كشف الظنون ١ / ٦١٦.

(٦) روضات الجنّات ٥ / ١٧٠ رقم ٤٧٣.

           

۴۲۳

المحدّث الميرزا حسين النوري (ت ١٣٢٠ هـ)(١).

الشيخ محمّـد محسن ، المدعوّ بآغا بزرك الطهراني (ت ١٣٥٨ هـ)(٢).

الشيخ عبّاس القمّي (ت ١٣٥٩ هـ)(٣) .. وغيرهم(٤).

وقد ذكر كنية أبيه : (أبو نصر) حاجي خليفة في كشف الظنون ، نقلاً عن نسخة من كتاب جواهر الكلام.

وأيضاً فيه توصيف الأب بـ : (القاضي) ، ويظهر منه أنّ الأب والابن كلاهما كانا قاضيان بآمِد.

وأطلق عليه المولى العلاّمة الأفندي : (السيّد) ، وقال : هكذا وجدنا نسبه في بعض المواضع ، ثمّ قال : والمشهور أنّه لم يكن من السادات.

وأيضاً انفرد بإضافة اسم من أجداده ، وهو : (ابن المحفوظ) بعد جدّه (محمّـد) ، ولم يذكر هذا أحد من مترجميه ، وأوّل من أورده هو الأفندي ، فقال ـ بعد سرد نسبه عن كتاب تاريخ إربل الذي لم يذكر المحفوظ ـ : ولا يبعد أن يكون لفظة (المحفوظ) من ألقاب جدّه ، وكان لفظة (بن) من غلط النسّاخ ؛ فتأمّل.

__________________

(١) خاتمة مستدرك الوسائل ٣ / ٩١.

(٢) طبقات أعلام الشيعة ٢ / ١٦٩ ، الثقات العيون في سادس القرون.

(٣) الكنى والألقاب ٢ / ٧.

(٤) مختصر البصائر : ١٣٩ ، بحار الأنوار ١ / ١٦ و ١ / ٣٤ ، معجم رجال الحديث١٢ / ٤١ ، إيضاح المكنون ١ / ٤١٤ ، هدية العارفين ١ / ٦٣٥ ، الأعلام ٤ / ١٧٧ ، معجم المؤلّفين ٦ / ٢١٣.

           

۴۲۴

نسبته بالتَمِيمِيّ :

بفتح التاء المنقوطة باثنتين من فوقها ، والياء المنقوطة باثنتين من تحتها ، بين الميمين المكسورين ، هذه نسبة إلى بني تميم ، والمنتسب إليها جماعة كثيرة ، وهو يطلق على قبيلة مشهورة عربيّة منتشرة في البلاد(١).

نسبته بالآمِديّ :

بمدّ الألف ، وكسر الميم ، وفي آخرها الدال المهملة ، هذه نسبة إلى (آمِد) ، بليدة قديمة حصينة ، حسنة البناء من الجزيرة من ديار بكر(٢).

وهي أعظم مدن دياربكر ، وأجلّها قدراً ، وأشهرها ذكراً ، وكانت طوائف من العرب في الجاهلية قد نزلت الجزيرة(٣).

وقال المحقّق الأفندي : والذي سمعنا من بعض الجماعة أنّ «آمِد» بكسر الميم اسم لخصوص بلد دياربكر ، ودياربكر اسم جميع تلك الناحية ، وقد رأيت بخطّ صاحب القاموس تصحيح الآمدي بكسر الميم أيضاً ... وعامّة الناس يقولون بضمّ الميم.

وقال في تقويم البلدان : (آمِد) بمدّ الألف وكسر الميم ، وفي آخرها دال مهملة ؛ من بلاد الجزيرة بين دجلة والفرات من دياربكر من الإقليم الرابع ، ومدينة آمِد أولية من دياربكر ، وهي على غربي دجلة ، كثيرة الشجر والزرع(٤).

__________________

(١) الأنساب للسمعاني ١ / ٤٧٨ ، وانظر : معجم قبائل العرب ١ / ١٢٦.

(٢) الأنساب ١ / ٦٦.

(٣) معجم البلدان ١ / ٥٧.

(٤) تقويم البلدان : الورقة ١٤٦ من مصوّرة نسخة مكتبة الفاتيكان.

           

۴۲۵

قال ابن حوقل : وهي مدينة عليها سور على غاية الحصانة كثيرة الخصب.

قال في العزيزي : وآمد مدينة جليلة عليها حصن عظيم وسور من الحجارة السود التي لا يعمل فيها ولا تضرّها النار ، والسور مشتمل عليها ، وعلى عيون ماء ، ولها بساتين ومزارع كثيرة ـ انتهى(١).

المعروفون بالآمدي :

قد اشتهر لفيف من العلماء والمحدّثين .. وغيرهم بهذا اللقب ، منهم :

١ ـ أبو الحسن ، سيف الدين ، علي بن أبي علي محمّـد بن سالم التغلبي الآمدي (ت ٦٣١ هـ) صاحب كتاب الإحكام في أُصول الأحكام(٢).

٢ ـ أبو الحسين الآمدي ، ذكره النجاشي في طريقه إلى إبراهيم بن بشر(٣).

٣ ـ أبو القاسم ، الحسن بن بشر بن يحيى الآمدي (ت ٣٧١ هـ) ، صاحب كتاب الموازنة بين الطائين والمؤتلف والمختلف في أسماء الشعراء.

٤ ـ أبو بكر ، محمّـد بن عثمان الآمدي(٤).

٥ ـ أبو علي ، الحسين بن أحمد بن عبـد الله بن وهب بن

__________________

(١) رياض العلماء ٣ / ٢٨٣ ، ولاحظ سفرنامه ناصرخسرو ، في وصف بلدة (آمد) ، حين وروده إليها في سنة ٤٨٣ هـ ، وهذه السنة زمان حياة مؤلّفنا.

(٢) الإحكام في أُصول الأحكام ١ / ٨ ، مقدّمة التحقيق.

(٣) رجال النجاشي : ٢٣ رقم ٣٥.

(٤) تاريخ بغداد ٣ / ٢٦٠ رقم ١٣٠٢.

           

۴۲۶

عبـد العزيز الآمدي ، ذكره الشيخ الطوسي في الأمالي ، ونقل عنه أبو المفضّل الشيباني(١).

٦ ـ ابراهيم بن علي الآمدي (ت ٥٧٥ هـ)(٢).

٧ ـ أبو عبـد الله ، محمّـد بن أحمد بن تغلب الآمدي ، يروي عنه أبو سعيد عبـد الكريم بن محمّـد السمعاني في أدب الإملاء(٣).

عصره ومعاصروه :

لم يتسنّ لنا الوقوف على سنة ولادته ووفاته بالدقّة والضبط ، نعم ذكر إليان سركيس (ت ١٣٥١ هـ) : إنّ تاريخ وفاته في سنة ٥١٠ هـ ، كما على ظهر نسخة مخطوطة من كتاب غرر الحِكَم التي رآها في بيروت ، وتاريخها ١٠٠٧ هـ(٤) ، وذكر العلاّمة السيّد محمّـد صادق بحر العلوم ـ سبقاً من القلم ـ هذا التاريخ هو تاريخ ولادته(٥).

ذكر المستشرق كارل بروكلمن (Brockelmann) تاريخ وفاته سنة ٤٣٦ الهجريّة ، المطابق مع سنة ١١٤٤ الميلادي ، والحال أنّ في هذا النقل اشتباهاً فاحشاً ؛ وهو أنّ سنة ١١٤٤ الميلادي تطابق سنة ٥٣٦ الهجريّة ، والظاهر أنّه اشتبه في ذكره بدلاً من ٥٣٦ هـ(٦).

__________________

(١) الأمالي : ٤٩٧ رقم ٥٨.

(٢) لسان الميزان ١ / ٨١ رقم ٢٤٤ ، ميزان الاعتدال ١ / ٥٠ رقم ١٥٩.

(٣) أدب الإملاء والاستملاء : ٧ و ٣٣.

(٤) معجم المطبوعات العربيّة ١ / ٩ ، الذريعة ١٦ / ٣٨ رقم ١٦٤ ، طبقات أعلام الشيعة ٢ / ١٦٩ ، الثقات العيون في سادس القرون.

(٥) معالم العلماء : ١٠ ، المقدّمة.

(٦) الذيل لبروكلمن ١ / ٧٥ ، وبمثل ذلك ارتأى إيوانف المستشرق في المخطوطات

           

۴۲۷

وقال المستشرق الألماني وليم أهلورد (Vilheim Ahlwardt) في ذلك أنّه كان حيّاً إلى سنة ٥٢٠ هـ ، ولكن لم يذكر مصدر كلامه ، ولعلّه مأخوذ من كلام حاجي خليفة ذيل كتاب جواهر الكلام عند ذكر بعض مشايخه الذين أخذ الآمدين منهم في جمع كتابه الجواهر ؛ ويعدّ منهم أحمد بن محمّـد بن محمّـد الغزالي الطوسي الواعظ المتوفّى ٥٢٠ هـ.

وأيضاً صرّح الچلبي أنّ الآمدي نقل عن الغزالي في سنة ٥١٠ هـ بآمِد ، والظاهر أنّ هذا مستند كلامه.

وأيضاً أرّخ حاجي خليفة (ت ١٠٦٧ هـ) وفاته في سنة ٥٥٠ هـ ، واستظهر إسماعيل باشا البغدادي (ت ١٣٣٩ هـ) ، والزركلي (ت ١٤١٠ هـ) وغيرهما : إنّ تاريخ وفاته في حدود سنة ٥٥٠ هـ(١) ، وهذا أوفق بعصره وطبقته ؛ وذلك لرواية ابن شهرآشوب المولود سنة ٤٨٨ هـ والمتوفّى ٥٨٨ هـ ، وأبو عبـد الله البُستي المولود ٥٠٠ هـ والمتوفّى ٥٨٤ هـ ، عنه.

وأمّا كلام صاحب الروضات من أنّ الآمدي : كان من جملة معاصري شيخنا الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) ، وسيّدنا المرتضى (ت ٤٣٦ هـ) والرضي (ت ٤٠٦ هـ) رحمهم الله تعالى(٢) ، ففيه ما فيه.

والحقّ أنّه من معاصري تلامذة الشيخ الطوسي ونظرائه ، ومتأخّر طبقة عنهم ، كما صرّح بذلك الأفندي ، وقال : هذا الشيخ معاصر لابن شهرآشوب

__________________

العربيّة في مكتبة أنجمن آسيائي بنگال ، ذيل عنوان : «أكاليم أمير المؤمنين عليّ [عليه السّلام]».

(١) إيضاح المكنون ١ / ٤١٤ و ٦٣٥ ، الأعلام ٤ / ١٧٧ ، معجم المؤلّفين ٦ / ٢١٣.

(٢) روضات الجنّات ٥ / ١٧٢ ـ ١٧٣.

           

۴۲۸

ومتأخّر عن الشيخ الطوسي(١).

عقيدته ومذهبه :

صرّح جمع غفير من أعلام الإماميّة وفطاحل المذهب بتشيّع الرجل ، منهم :

تلميذه ابن شهرآشوب المازندراني (ت ٥٨٨ هـ) ، والعلاّمة محمّـد باقر المجلسي (ت ١١١٠ هـ) ، والمولى المحقّق الأفندي الأصفهاني (ق ١٢) ، والمحدّث الخبير النوري الطبرسي (ت ١٣٢٠ هـ) ، والعلاّمة السيّد حسن الصدر العاملي الكاظمي (ت ١٣٥٤ هـ) ، والمحدّث القمّيّ (ت ١٣٥٩ هـ) ، وشيخ مشايخ الحديث آغا بزرك الطهراني (ت ١٣٨٩ هـ).

فقد صرّح ابن شهرآشوب بتشيّعه في كتاب المناقب حيث قال ـ في أثناء تعداد كتب الخاصّة ، وبيان أسانيد تلك الكتب ـ : «وقد أذن لي الآمدي في رواية غرر الحِكَم»(٢) ، وأيضاً لذكره إيّاه في المعالم مطلقاً(٣) ، مع دأبه لذكر مذهب الرجل إن لم يكن من الإماميّة(٤).

وأيضاً ذكره العلاّمة المجلسي في مقدّمة بحار الأنوار في ضمن الإشارة إلى أسماء المصنّفين في الأخبار من جملة علمائنا الأخيار ؛ وعدّ

__________________

(١) رياض العلماء ٣ / ٢٨٢.

(٢) المناقب ١ / ١٤.

(٣) معالم العلماء : ٨١ رقم ٥٤٩.

(٤) معالم العلماء : ١٦ رقم ٧٧ ، ٢٥ رقم ١٢٣ ، ٦١ رقم ٤١٩ ، ٧١ رقم ٤٨٢ ، ٧٢ رقم ٤٨٥ و ٤٨٦ ، ٧٦ رقم ٥٠٦ ، ٨١ رقم ٥٥٠ ، ٨٤ رقم ٥٧٢ ، ١١٨ رقم ٧٨٧ ، ١١٩ رقم ٧٩٠.

           

۴۲۹

كتابه غرر الحِكَم ودرر الكلم من جملة الكتب المعتبرة التي ينقل عنها في البحار(١).

وجزم في تشيّعه المحقّق الأفندي ، وقال في حقّه : فاضل عامل محدّث إماميّ ، ثمّ قال : وبالجملة : فقد عدّه جماعة من الفضلاء من جملة أجلّة العلماء الإماميّة(٢).

وارتأى المحدّث النوري تشيّعه ، وقال : لا مجال للشكّ في كونه من علمائنا الإماميّة(٣).

وقال السيّد الصدر في بغية الوعاة في طبقات مشايخ الإجازات ، في أواخر الطبقة الثامنة ضمن مشايخ القطب الراوندي(ت ٥٧٣ هـ) : وعن ابن شهرآشوب أيضاً ، عن الآمدي صاحب غرر الحِكَم ودرر الكلم ناصح الدين ، أبي الفتح عبـد الواحد بن محمّـد التميميّ الإمامي الشيعي ، وقد شرح كتابه الآقا جمال الدين الخوانساري للشاه سلطان حسين الصفوي بالفارسية(٤).

وذكر المحدّث القمّي (ما هذا معرّبه) : الفاضل المذكور إماميّ المذهب ، كما صرّح بذلك جمع من العلماء ، منهم قطب المحدّثين ابن شهرآشوب ، الذي هو من المجازين من قبله ، ومن تفحّص في روايات

__________________

(١) بحار الأنوار ١ / ١٦ و ٣٤.

(٢) رياض العلماء ٣ / ٢٨١ ، قال النوري في خاتمة المستدرك ٣ / ٩٦ : «ثمّ إنّ صاحب الرياض مع سعة اطّلاعه لم ينقل في ترجمته احتمال عامّيته عن أحد ، بل صرّح بأنّ جملة من الفضلاء ... فلا ينبغي التأمّل بعد ذلك فيه».

(٣) خاتمة مستدرك الوسائل ٣ / ٩١ ، في عدّ مشايخ ابن شهرآشوب ، الشيخ الواحد والعشرون.

(٤) شرح غرر الحِكَم للمحقّق الخوانساري ١ : قط ، مقدمة التحقيق.

           

۴۳۰

كتابه الغرر ، وتدبّر فيها يظهر له إماميّته(١).

وقد عدّه شيخنا الطهراني في ضمن طبقات أعلام الشيعة من الثقات العيون في سادس القرون(٢).

شاهد صادق :

أورد شيخنا المحدّث النوري ؛ جملة من أحاديث كتاب غرر الحِكَم ودرر الكلم عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، التي لا يقدم العامي على روايتها.

وقال ـ في الدليل الثالث والرابع في إثبات تشيّع الآمدي ـ :

وأمّا ثالثاً : فلأنّه المتأمّل في هذا الكتاب الشريف [أي الغرر] الخبير بأحاديث كتب أصحابنا يعلم أنّه جمع ما فيه منها واستخرجه عنها ، وهذا متوقّف على الأُنس بمؤلّفات أصحابنا ، وطول التصفّح في الأخبار المناسبة له.

وهذا من غير الإماميّ المخلص بعيد غايته ، بل لم نجد فيهم من دخل في هذا الباب ، وتمسّك بطريقة الأصحاب.

وأمّا رابعاً : فلأنّه أخرج فيه بعض الأخبار الخاصّة التي يستوحش منها المريضة قلوبهم ... ثمّ أورد قائمة من تلك الأخبار ، مثل :

قوله عليه‌السلام : «... وليس منّا أهل البيت إمام ، إلاّ وهو عارفٌ بأهلِ ولايته»(٣).

وقوله عليه‌السلام : «أنا خليفة رسول الله فيكم ، ومقيمكم على حدود

__________________

(١) الفوائد الرضويّة : ٢٥٩ ـ ٢٦٠.

(٢) طبقات أعلام الشيعة ٢ / ١٦٩.

(٣) غرر الحِكَم ودرر الكلم ١ / ٢٥٥ رقم ١.

           

۴۳۱

دينكم وداعيكم إلى جنّة المأوى»(١).

وقوله عليه‌السلام : «بنا اهديتم الظلماء ، وتَسَنَّمْتُمُ العلياء ، وبنا انفجرتم عن السِّرار»(٢).

وقوله عليه‌السلام : «بنا فتح الله ، وبنا يختِمُ ، وبنا يمحو مايشاء ويُثْبِتُ ، وبنا يدفع الله الزمان الكَلِب ، وبنا ينزل الله الغيث ، فلايغرنّكم بالله الغرور»(٣).

وقوله عليه‌السلام : «واعجباً ، أَتكُون الخلافة بالصحابة ولا تكون بالصحابة والقرابة»(٤).

وقوله عليه‌السلام : «... ولقد قُبِضَ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وإنّ رأسه لعلى صدرِي ، ولقد سَالَت نَفْسُهُ في كَفِّي ، فأَمْررتُها على وجهِي ، ولقد ولَّيت غُسْلَهُ (صلى الله عليه وآله وسلم) والملائكُة أعواني ، فضجّتِ الدارُ والأفنية ، ملأٌ يَهْبِطُ وملأٌ يعرج ، وما فارقَتْ سمعي هينمةً منهم يصلُّون عليه حتّى واريناه في ضريحهِ ، فمن ذا أحقّ به منِّي حيّاً وميّتاً»(٥).

وقوله عليه‌السلام : «لا تخلو الأرضُ من قائم لله بحججهِ إمّا ظاهراً مشهوراً ، وإمّا باطناً مغموراً ؛ لئلاَّ تَبْطُلَ حُجَجُ اللهِ وبيِّناته»(٦).

وقوله عليه‌السلام : «إنّما الأئمّة قوّام الله على خلقه ، وعرفاؤه على عباده ، ولا يدخل النّار إلاّ من أنكرهم وأنكروه».

.. ونظير هذه الكلمات الكثيرة التي لم يوردها إلاّ رجل إماميّ

__________________

(١) غرر الحِكَم ودرر الكلم ١ / ٢٥٦ رقم ١٣.

(٢) غرر الحِكَم ودرر الكلم ١ / ٣٠٨ رقم ٣٨.

(٣) غرر الحِكَم ودرر الكلم ١ / ٣٠٨ رقم ٣٨.

(٤) غرر الحِكَم ودرر الكلم ٢ / ٣٠٦ رقم ٦٤.

(٥) غرر الحِكَم ودرر الكلم ٢ / ٣٠٨ رقم ٨٦.

(٦) غرر الحِكَم ودرر الكلم ٢ / ٣٦٢ رقم ٣٨٤.

           

۴۳۲

مخلص(١).

مؤلّفاته وآثاره العلميّة :

١ ـ جواهِرُ الكلامِ في الحِكَم والأحكامِ من قِصَر أخبار سيّد الأنام.

وهو هذا الكتاب ، وسنبحث عنه.

٢ ـ غُرَر الحِكَم ودُرَر الكَلِم.

ذكره ابن شهرآشوب المازندراني (ت ٥٨٨ هـ) ، ورواه عن مؤلِّفه بدون الواسطة ، ونقل عنه في كتابه المناقب(٢) .. وغيرهم من الأعلام كـ : علي بن محمّـد الليثي الواسطي (من أعلام القرن السادس الهجري) ، وزين الدين علي بن يوسف بن جبر (من أعلام القرن السابع) ، وعلي بن يونس العاملي (ت ٨٧٧ هـ) ، والعلاّمة المجلسيّ (ت ١١١٠ هـ) .. وغيرهم كثيرون من المتقدّمين والمتأخّرين.

وبالجملة ، هذا الكتاب معروف مشهور للغاية ، وقد شرحه المحقّق الآغا جمال الدين بن الآغا حسين الخوانساري (١١٢٥ هـ) بالفارسيّة ، وهذا الشرح مبسوط في مجلّدين ضخمين ؛ ألّفه باستدعاء الشاه سلطان حسين الصفوي(٣).

وأيضاً له شروح وتراجم وتلخيصات كثيرة ، منها كتاب منتخب الجواهر العليّة في الكلمات العلويّة للمولى عليّ البغدادي ، قال في مقدّمته :

__________________

(١) خاتمة مستدرك الوسائل ٣ / ٩٣ ـ ٩٤.

(٢) لاحظ : المناقب ١ / ٣٢٧ و ٣١٨.

(٣) الذريعة ١٣ / ٣٧٦ رقم ١٤٠٩ ، حقّقه الفاضل المرحوم السيّد جلال الدين المحدّث الأُرموي ، وطبعه في مكتبة جامعة طهران.

           

۴۳۳

«غصتُ في بحر غرر الحِكَم ودرر الكلم التي جمعها من حكمه ـ صلوات الله عليه ـ أوحديّ الزمان ، وعلاّمة العصر والأوان ، عبـد الواحد الآمدي التميمي ...»(١).

جمع المؤلّف فيه الكلم القصار ، والحِكَم والأمثال ، من أحاديث وأخبار مولانا أمير المؤمنين عليه صلوات المصلّين ، وذكر في مقدّمته في سبب جمعه وتأليفه :

«فإنّ الذي حداني على تخصيص فوائد هذا الكتاب وتعليقتها وجمع كَلِمه وتنميقها ؛ ماتنجح به أبو عثمان الجاحظ عن نفسه ، وعدّده وزبره في طرسه ، وحدّده من المائة الحكميّة الشاردة عن الأسماع ، الجامعة لأنواع الانتفاع ، التي جمعها عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام.

فقلت : يا لله العجب! من هذا الرجل ، وهو علامة زمانه ، ووحيد أقرانه ، مع تقدّمه في العلم ، وتسنّمه ذروة الفهم ، وقربه من الصدر الأوّل ، وضربه في الفضل بالقدح الأفضل والقسط الأجزل ، كيف غشى عن البدر المنير؟ ورضي من الكثير باليسير؟ وهل ذلك إلاّ بعض من كلّ؟ وقلّ من جلّ؟ وطلّ من وبل؟ ..».

والمؤلّف حذف أسانيد الكلمات ؛ رعايةً للاختصار ، مع تصريحه بوجود ما عنده من الأسانيد ، حتّى أدّى إلى تقليل حجم الكتاب والإفادة من أخباره.

أقول : بلاغة ورفعة هذه المرويّات تضمّنت درجة عالية علميّة تدلّ بنفسها على صحّتها ، وعلى قول المناطقة (قضية قياساتها معها).

__________________

(١) منتخب الجواهر العليّة : ٤٣ ، المطبوع ضمن ميراث حديث شيعه ، العدد السابع.

           

۴۳۴

وكتاب الغرر مرتّب ـ بيد مؤلّفه الآمدي ـ على أساس الكلمة الأُولى ، وفقاً لحروف الهجاء على طريقة السلف من العلماء ، وجعله ماتوافق من أواخر حكمه وتطابق من خواتم كلمه مسجّعاً مقرّناً ؛ لكونه أوقع بسماع الآذان ، ويسهل حفظه على قاريه ..

ولهذا الكتاب عدّة طبعات في إيران ، العراق ، مصر ، الهند وبيروت ، وأيضاً له عدّة نسخ كثيرة جدّاً يقرب إلى مائة وخمسين مخطوطة ؛ ولنذكر هنا أقدم هذه المخطوطات :

١ ـ مخطوطة المكتبة الرضويّة عليه‌السلام برقم ١١٦٨ ، تاريخها ٥١٧ هـ.

٢ ـ مخطوطة مكتبة المرعشي برقم ٦٤٥٩ ، كتبت في القرن السابع الهجري.

٣ ـ مخطوطة المكتبة الرضويّة عليه‌السلام برقم ١٧٧٢١ ، كتبت في القرن السابع الهجري.

٤ ـ مخطوطة مكتبة مدرسة غرب همدان برقم ١٢٤٢٥ ، تاريخها ٧٠٤ هـ.

٥ ـ مخطوطة مكتبة ملك في طهران برقم ٢٣٣٧ ، تاريخها ٧١٩ هـ.

٦ ـ مخطوطة مكتبة أمير المؤمنين عليه‌السلام العامّة في النجف الأشرف تاريخها سنة ٧٤٠ هـ ، عن نسخة تاريخها سنة ٥٨٢ هـ.

٧ ـ مخطوطة المكتبة الرضويّة عليه‌السلام برقم ٩٦٢٥ ، كتبت في القرن الثامن الهجري.

٨ ـ مخطوطة مكتبة جامعة طهران برقم ٩٥ ، كتبت في القرن الثامن الهجري عليها ، إجازة لكن ألصق عليها الأوراق.

٩ ـ مخطوطة مكتبة الجامعة الأمريكيّة في بيروت تاريخها ٧٩٣ هـ.

 

۴۳۵

١٠ ـ مخطوطة مكتبة طوپقپو في إسطنبول تاريخها ٨٧٨ هـ.

١١ ـ مخطوطة المكتبة الوطنيّة في طهران برقم ١٨٤٥ / ع ، تاريخها ٨٩١ هـ.

١٢ ـ مخطوطة مكتبة السيّد المرعشي تاريخها ٨٩٩ هـ.

١٣ ـ مخطوطة مكتبة مجلس الشورى تاريخها ٩٠٠ هـ.

٢ ـ كَشَّافُ العُقُولِ والأَدْيانِ.

ذكره شيخنا الطهراني في الذريعة ، وقال : إنّه للمولى عبـد الواحد الآمدي ، نقل عنه محمّـد الدهدار(١) في كتاب معرفة الإمام كلام عليّ بن موسى الرضا عليهما‌السلام : «بشرطها وشروطها وأنا من شروطها ...» ، قال : يعني الاعتقاد بإمامتي وفرض طاعتي(٢).

أقول : إن صحّ نسبة الكتاب إليه ؛ يظهر جليّاً من هذا الكلام إماميّة الرجل.

هذا الكتاب :

ذكره أبو البركات مبارك بن المستوفي الإربلي (ت ٦٣٧ هـ) ، وزين الدين علي بن يوسف بن جبر (من أعلام القرن السابع) ، وحاجي خليفة چلبي (ت ١٠٦٧ هـ) ، وإسماعيل باشا البغدادي (ت ١٣٣٩ هـ) ، وشيخنا الطهراني (ت ١٣٨٩ هـ).

__________________

(١) هو المولى العارف ، الشيخ محمّـد بن الشيخ محمود بن محمّـد دهدار الحقري الشيرازي الدهلوي ، المتخلّص بعياني ، من أعلام القرن الحادي عشر.

(٢) الذريعة ١٨ / ١ رقم ٣٨٢ و ٢١ / ٢٤٧ رقم ٤٨٦٥.

           

۴۳۶

جمع فيه المؤلّف قصار كلمات الرسول المكرّم والنبيّ المعظّم محمّـد بن عبـد الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وألّفه بعد سنة ٥١٠ هـ ، وطريقته فيه كطريقته في كتاب الغرر والدرر ، مجرّدةً عن الأسانيد ، مرتّبةً على حروف المعجم ، ليسهل حفظه على قاريه .. وهو مجلّد واحد كبير ، اشتمل على ثمانية عشر ألف حديث في أجزاء ؛ واختصّ كلّ جزء بحرف ، ورتّب بعض الحروف على كلمات خاصّة مثلاً بحرف ياء النداء .. وهكذا.

وذكر الآمدي في خطبته أنّه لم يذكر فيه شيء ممّا ذكره القاضي محمّـد بن سلامة القضاعي المغربي (ت ٤٥٤) في كتابه الشهاب في الحِكَم والآداب.

سمع كتاب الجواهر أبو عبـد الله محمّـد بن إبراهيم بن أحمد البُستي(١) ، عن مؤلّفه الآمدي ، وقال أبو البركات الإربلي : رأيت طبقة

__________________

(١) ترجمه الإربلي في تاريخه ١ / ١١٢ ـ ١١٣ ، وقال فيه : من بُست ، صوفيّ مشهور ، وديّن مذكور ، ممّن ينسب إلى الكرامات ، ويشار إليه عند ذكر أصحاب المقامات ، كثير المجاهدة والرياضة ، حسن المعاملة والعبادة ، لم يطعم الخبز عمره ، إنّما كان يأكل يسيراً من اللبن ، ورد إربل ، ونزل بالقلعة في الجانب الغربي من مسجدها الجامع في آخر موضع فيه ، فهو إلى الآن يعرف بزاوية البُستي رحمه‌الله ، كان يزوره الأكابر وينعكفون على خدمته ، رأيته وأنا صغير مع والدي رحمه‌الله ، سكن من المسجد الجامع بالربض في القبّة التي بناها والدي شماليه ، وهي معروفة إلى الآن ...

ذكر أبو عبـد الله محمّـد بن سعيد الدبيثي ، قال : ذكر لي ما يدلّ على أنّ مولده سنة ٥٠٠ خمسمائة ، وتوفّي برُوذَراوَر من نواحي همذان ، في شهر رمضان من سنة أربع وثمانين وخمسمائة ، ودفن هناك.

له مصنّفات فيها كلام عادل ، يعجز الفهم عن إدراكه ، ومن كلامه : «الأرواح مراسيس القلوب فمن حيث يتوجّه الصفاء ، ويوجد الوفاء ، ومن حيث تغلّ

           

۴۳۷

سماعه في جزء منه.

وكان نسخة منه عند زين الدين حسين بن جبير ، ونقل عنها في كتابه نهج الايمان في موضعين عن الجزء الثالث منها.

ورأى نسخة منه حاجي خليفة ، وقال عنه : «.. مجلّد أوّله : الحمد لله استمطاراً لسحائب كرمه .. إلى آخره ، ذكر أنّه جمعه وانتخبه متوناً مجرّدةً ، ورتّبه على حروف المعجم ؛ ليسهل حفظه من مسموعاته على والده القاضي أبي نصر محمّـد وغيره ، كالشيخ أحمد الغزالي بآمد سنة عشر وخمسمائة ، وممّا نقله من الصحيحين ، وقوت القلوب ، وممّا رواه أبو بكر الآجري ، والقاضي أبو نصر بن ودعان الموصلي ، وحجّة الإسلام الغزالي ، والشيخ أبو الليث السمرقندي في تنبيه الغافلين ، والشيخ أبو بكر محمّـد بن أحمد الشاشي في الترغيب والترهيب»(١).

وذكر له إسماعيل باشا كتابين بهذا العنوان :

١ ـ جواهر الكلام في الحِكَم والأحكام من قصّة سيّد الأنام عليه الصلاة والسلام.

٢ ـ الحِكَم والأحكام من كلام سيّد الأنام(٢).

أقول : لم أجد هذا الكلام في غير هذا الموضع ، ولم أقف على مستنده ؛ والظاهر أنّه سهو منه ، ومن المستبعد جدّاً أن يترك الآمدي كتابين

__________________

الصدور يقع النفور».

أقول : (بُست) مدينة بين سجستان وغزنين وهراة من أعمال كابل ، وهي كبيرة كثيرة الأنهار والبساتين. (معجم البلدان ١ / ٦١٢ ، مراصد ابن عبـد الحقّ ١ / ١٥٣ ، وفيات ١ / ٤٥٤)

(١) كشف الظنون ١ / ٦١٦.

(٢) هديّة العارفين ١ / ٦٣٥ ، إيضاح المكنون ١ / ٤١٤.

           

۴۳۸

بهذا التقريب في الاسم.

واتّبعه في ذلك الطهراني في الذريعة وذكره في موضعين ، ولكنّه قال : ذيل الحِكَم والأحكام : ذكر في ذيل كشف الظنون أنّه للقاضي أبي الفتح الآمدي ، ولعلّ مراده غرر الحِكَم ودرر الكلم الآتي في حرف الغين ، كما أنّه ذكر حِكَم الأسرار للسبزواري وهو أسرار الحِكَم .. (١).

وأمّا اسم الكتاب :

فقد ذكره كلّ المفهرسين بعنوان : جواهر الكلام في الحِكَم والأحكام من قصّة سيّد الأنام.

قال الجوهريّ (ت ٣٩٣ هـ) : القصّة : الأمر والحديث. وَقدْ اقتصصتُ الحديثَ : رَوَيتُه عَلَى وَجْهِه. وقد قَصَّ عَلَيه الخَبَرُ قصصاً(٢).

وجاء في نسختنا الملخّصة عن خطّ المؤلّف : جواهر الكلام في الحِكَم والأحكام ، من قصر أخبار سيّد الأنام ، محمّـد المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام.

وهذا أقرب لموضوع الكتاب ، كما أنّه مأخوذ عن خطّ المؤلّف ، ولعلّ كلمة (قصّة) تصحيف من (قصر).

حول نبذة الجواهر :

لم أقف على ذكر لملخِّص هذا الكتاب في المخطوطة التي بين أيدينا ، ولا على ذكر له في الفهارس والمعاجم.

وعلى أيٍّ ، فقد ظفر الملخّص بنسخة خطّ المؤلّف عندما صرّح في

__________________

(١) الذريعة ٧ / ٥٣.

(٢) الصحاح ٣ / ١٠٥١.

           

۴۳۹

المقدّمة ، وأنّها عند شيخه الحافظ عزّالدين أبي العبّاس أحمد بن إبراهيم بن عمر.

وهو : أحمد بن إبراهيم بن عمر بن الفرج الواسطي الشافعي المغربي الصوفي الفاروثي ، عزّ الدين ، أبو العبّاس ، ولد بفاروث(١) في ٢٦ ذي القعدة سنة ٦١٤.

قال ابن كثير (ت ٧٧٤ هـ) : «سمع الحديث ورحل فيه ، وكانت له فيه يد جيّدة ، وفي التفسير والفقه والوعظ والبلاغة ، وكان ديّناً ، ورعاً ، زاهداً ، قدم إلى دمشق في دولة الظاهر ..»(٢).

وقال تقي الدين ابن فهد المكّي (ت ٨٧١ هـ) : «كان إماماً ، عالماً ، متقناً ، متضلّعاً من العلوم والآداب ، حسن التربية للمريدين ..»(٣).

وتوفّي سنة ٦٩٤ بواسط القصب.

وله ترجمة في تاريخ الإسلام ٥٢ / ٢٠٧ ، والوافي بالوفيات ٦ / ١٣٩ ، وفوات الوفيات ١ / ١٠٩.

وبالجملة ، تشتمل هذه النبذة على ٢٧٢ حديثاً من قصار كلمات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

نسخة الكتاب :

حصلنا على نسخة الكتاب من زميلنا الأخ المهذّب سماحة الشيخ

__________________

(١) قال في معجم البلدان ٤ / ٢٢٩ : الفاروث : قرية كبيرة ذات سوق على شاطئ دجلة بين واسط والمذار ، أهلها كلّهم روافض ، وربّما نسبوا إلى الغلوّ.

(٢) البداية والنهاية ١٣ / ٤٠٣.

(٣) لحظ الألحاظ : ٨٥ ـ ٨٦.

           

۴۴۰

محمّد بركت ـ أطال الله بقاءه ـ وهي ضمن مجموعة كتب في المكتبة الرضوية في مشهد المقدّسة كثيرة الأخطاء ، وتتكوّن من ٥ صفحات ، وفي كلّ صفحة ٢٧ سطراً.

وتوجد نسخة مصحّحة من الجزء الثاني من الكتاب تحت اسم (جواهر الكلام في الحِكَم من كلام سيد الأنام محمد المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم)) في مكتبة الأسد في سوريا برقم ١٧٩٤٥ والخطّ نسخي متأثرة بالرطوبة في ٧٨ ورقة.

وفي الختام :

إنّ أملي كبير بأن نعطي لهذه النبذة النفيسة ما تستحقّه من جهد وصبر ، والله تعالى هو الموفّق للصواب وهو من وراء القصد ، فله الحمد والمنّة.

والصلاة والسلام على الرسول المكرّم محمّـد بن عبـد الله ، وعلى وصيّه خير الأوصياء ، وآله الطيّبين الطاهرين ..

السيّد حسن الموسويّ البروجرديّ

قم المقدّسة

عيد الغدير الأغرّ

عام ١٤٢٧ هـ

 

۴۴۱

 

۴۴۲

 

۴۴۳

نبـذة

جـواهـر الـكلام

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على حبيبه ورسوله محمّـد سيّد الكونين ورسول الثقلين ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، وتابعيهم إلى يوم الدين.

هذه أحاديث شريفة انتجبتها من كتاب :

جواهر الكلام في الحِكَم والأحكام

من قصر أخبار سيّد الأنام

محمّـد المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام

ممّا جمعه ورتّبه ولخّصه ورصفه على حروف المعجم ، [و] صنّفه الإمام العالم الفاضل عبـد الواحد بن محمّـد بن عبـد الواحد الآمديّ التميميّ تغمّده الله برحمته وأسكنه بحبوحة جنّته.

وهو مجلّد واحد كبير بخطّ مصنّفه ، وذكر في خطبته أنّه لم يذكر فيه شيئاً ممّا ذكره الإمام القضاعيّ في كتابه الموسوم بـ : الشهاب ، ولا خبراً واحداً ؛ وكنت يوماً بين يدي سيّدنا وشيخنا الإمام الحافظ عزّ الدين أبي العبّاس أحمد بن إبراهيم بن عمر الفاروث(١) قدّس الله

__________________

(١) في الأصل : (الفاروق) ، والصحيح ما أثبتناه ، انظر عنه مقدّمة الكتاب.

           

۴۴۴

روحه ونوّر ضريحه.

وهذا كتاب جواهر الكلام نبذة ؛ فذكر أنّه يشتمل على ثمانية عشر ألف حديث ، والله الموفّق وهو نعم المعين.

* * *

 

۴۴۵

بابُ الألفِ

[١ / ١] الشَّيْبُ وَقارٌ(١).

[٢ / ٢] المُؤمِنُ أَلُوفٌ.

[٣ / ٣] الرَّأيُ مُشْتَركٌ.

[٤ / ٤] المُؤمِنُ غَيُورٌ.

[٥ / ٥] الغَادِرُ مَخْذُولٌ.

[٦ / ٦] المُؤمِنُ جَوادٌ بِمَا يَجِدُ.

[٧ / ٧] العَمَلُ مَعَ الكُفْرِ هَباءٌ.

[٨ / ٨] الصَّدَقةُ تَدْفَعُ(٢) البَلاءَ.

[٩ / ٩] المُؤمِنُ(٣) هَدِيّةُ اللهِ إلَى العَبْدِ.

[١٠ / ١٠] اليَمِينُ الكَاذِبةُ تُنَقِّصُ العُمْرَ.

[١١ / ١١] التَّوبَةُ تَجُبُّ مَا قَبْلَها.

[١٢ / ١٢] القَهْقَهَةُ مِن الشَّيْطانِ.

[١٣ / ١٣] الأَجَلُ نِعْمَ الرَّوَاءُ(٤).

[١٤ / ١٤] الدُّعَاءُ يَدْفَعُ القَدَرِ.

[١٥ / ١٥] الصَّلاةُ صِلةٌ بِاللهِ.

__________________

(١) قال في العين ٥ / ٢٠٧ : الوَقارُ : السَّكينةُ والوَداعةُ. ورجلٌ وَقورٌ ووَقّارٌ ومُتَوقِّر : ذو حِلم ورَزانَة.

(٢) في الأصل : (يدفع).

(٣) كذا في المخطوطة.

(٤) قال في النهاية ٢ / ٢٧٩ : الرَّواءُ بالفتح والمدّ : الماءُ الكَثيرُ. وقيل : العَذْب الذي فيه للوَارِدِين رِيّ ، فإذا كسرت الراء خَصَرْتَهُ ، يقال : ماءٌ رِوىً.

           

۴۴۶

[١٦ / ١٦] الدُّنْيا دَارُ البَلاَيا.

[١٧ / ١٧] العُلَمَاءُ مَصَابِيحُ النَّاسِ.

[١٨ / ١٨] الأَمْرُ بالمَعْرُوفِ صَدَقةٌ.

[١٩ / ١٩] الدُّنْيَا هُمومٌ وَغُمومٌ.

[٢٠ / ٢٠] الصِّيامُ جُنَّةٌ مِن النَّارِ.

[٢١ / ٢١] الأيَّامُ دُولٌ(١).

[٢٢ / ٢٢] المَعْزَلةُ عِبَادَةٌ.

[٢٣ / ٢٣] العِلْمُ بَالتَّعَلُّمِ.

[٢٤ / ٢٤] البَادِئُ أظْلَمُ.

[٢٥ / ٢٥] القُلُوبُ تشاهَدُ(٢).

[٢٦ / ٢٦] الدَّيْنُ يُفْسِدُ الدِّينَ.

[٢٧ / ٢٧] الأَمَلُ بِالدُّنْيا عَمَى القُلوبِ.

[٢٨ / ٢٨] الرِّضا بِالمَقدُورِ يُهَوِّنُ صِعابَ الأُمورِ.

[٢٩ / ٢٩] أَعْمَالُكُمْ عُمَّالُكُمْ كَما تَكُونُوا(٣) يُوَلَّى عَلَيْكُمْ.

[٣٠ / ٣٠] الدُّنيا دارُ مَنْ لاَ دَارَ لَهُ.

__________________

(١) الدُّوَل جمع الدَّولَة والدُّولةُ ـ ضمّاً وفتحاً ـ.

قال في مجمع البحرين ٥ / ٣٧٤ : يقال الدُّولَة بالضمّ [انتقال] المال ، وبالفتح [الغلبة في] الحرب.

قال العلاّمة المجلسي قدس‌سره في ذيل الحديث : إنّ ملك الدنيا وملكها وعزّها تكون يوماً لقوم ويوماً لآخرين. (بحار الأنوار ١ / ٨٣)

(٢) في الأصل : يتشاهد.

(٣) إسقاط النون على اللغة القليلة التي تحذف نون الرفع لمجرّد التخفيف. لاحظ : حاشية الدسوقي ٣ / ٥١٠.

           

۴۴۷

[٣١ / ٣١] الضَّرْبُ عَلَى الخَدِّ عِنْدَ المُصَيبَةِ يُحْبِطُ الأَجْرَ(١).

[٣٢ / ٣٢] الصَّدقَةُ لِصَاحِبِها يَومَ القِيامَةِ حِجَابٌ مِن النَّارِ.

[٣٣ / ٣٣] أَحْسَنُ العَفْوِ عَفْوُ مُقْتَدِر.

[٣٤ / ٣٤] أكْثَرُ أَهْلِ الجَنَّةِ البُلْهُ(٢).

[٣٥ / ٣٥] أَكْثَرُ صِياحِ أَهْلِ النَّارِ مِن سُواف(٣).

[٣٦ / ٣٦] أَبْغَضُكُمْ إِلَى اللهِ كُلُّ أكُول شَروب نَؤُوم(٤).

[٣٧ / ٣٧] أَخْوَفُ مَا أَخافُ عَلَى أُمَّتِي اتِّبَاعُ الهَوى.

[٣٨ / ٣٨] أَصْدَقُ الرُّؤيا رُؤيا السَّحَرِ.

[٣٩ / ٣٩] أَفْضْلُ الصَّدَقةِ الصَّدَقَةُ فِي رَمَضانِ.

[٤٠ / ٤٠] ارحَمْ تُرحَمْ.

[٤١ / ٤١] اسْتَغْفِرْ تُرزَقْ.

[٤٢ / ٤٢] أَخْلِصِ العَمَلَ فإنَّ الناقِدَ بَصِيرٌ.

[٤٣ / ٤٣] الْقَ اللهَ فقيراً وَلا تَلْقَهْ غَنِيّاً.

[٤٤ / ٤٤] اتّقِ الغَضَبَ فإنَّهُ عَطَبٌ(٥).

[٤٥ / ٤٥] ادْفَعُوا البَلايا بِالصَّدَقاتِ.

__________________

(١) نقل السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ / ٣٠٠ القول بتحريم ضرب الخدّ ، إلاّ في موت الأب والأخ.

(٢) قال في النهاية ١ / ١٥٥ : هو جمع الأبْلَه ، وهو الغافل عن الشرِّ المطبوع على الخير ... فأمّا الأبله ـ وهو الذي لا عقْلَ له ـ فغير مراد في الحديث.

(٣) قال في لسان العرب ٦ / ٤٣٤ : يقال : أَسافَ حتّى ما يَتَشكّى السُّواف إذاتَعَوَّد الحوادث.

(٤) زاد في تنبيه الخواطر ١ / ١٠٠ في أوّل الحديث : «أفضلكم منزلة عند الله تعالى أطوعكم جوعاً وتفكّراً ..».

(٥) قال في العين ٢ / ٢٠ : عطب الشيء يعطب عطبا ، أي هلك.

           

۴۴۸

[٤٦ / ٤٦] أكْرِمُوا الفُقَراءَ وَاتَّخِذُوا عِنْدَهُم هُدىً ؛ فإِنَّهُمْ شَفاعَةُ يَومِ القِيامَةِ.

[٤٧ / ٤٧] اعْمَلُوا لِماَ بَعْدَ المَوتِ ؛ فكَأنَّكُمْ بِالدُّنيا لَمْ تَكُنْ وَالآخِرةِ لَمْ تَزَلْ(١).

[٤٨ / ٤٨] أَلا لاَ دِينَ لِمَنْ لاَ صَلاةَ لَهُ.

[٤٩ / ٤٩] أَلا لا عَمَلَ لِمَنْ لاَ إخْلاصَ لَهُ.

[٥٠ / ٥٠] أَلا لاَ تَعْجَبُوا بِعَمَلِ عَامِل(٢) حَتَّى تَنْظُرُوا بِمَاذَا يُخْتَمُ له.

[٥١ / ٥١] إِذَا أَرادَ اللهُ صَلاحَ عَبْد شَغَلَهُ.

[٥٢ / ٥٢] إِذَا أرادَ [اللهُ] بِعَبْد خَيْراً أَلْهَمَهُ الإِحْسانَ.

[٥٣ / ٥٣] إِذَا زَنَى العَبْدُ نُزِعَ مِنْهُ الإيمانُ فإِذَا تَابَ رُدَّ عَلَيْهِ(٣).

[٥٤ / ٥٤] إِذَا جاوَزَ العَبْدُ الأَربَعينَ وَلَمْ يَغْلِبْ خَيْرُهُ شَرَّهُ فَلْيَنُحْ عَلَى نَفْسِهِ(٤).

[٥٥ / ٥٥] إِذَا رأيتُم الْحَريقَ فَكَبِّرُوا فإِنَّ التَّكْبِيرَ لَيُطْفِيهِ(٥).

[٥٦ / ٥٦] إِذَا عَمِلْتَ خَطِيئَةً فَأَتْبِعْها صَدَقَةً وَاسْتِغْفارَاً.

[٥٧ / ٥٧] إِنَّ اللهَ سُبْحانَهُ يَبْغَضُ مِنْ عِبادِهِ المُتلوِّنَ(٦).

[٥٨ / ٥٨] إِنَّ اللهَ تَعالَى غَيورٌ يحبُّ كلَّ غَيور.

__________________

(١) في الأصل : (لم يزل).

(٢) أي عجباً ينجرّ إلى القطع بنجاته.

(٣) حريّ بمراجعة شرح أُصول الكافي للمولى محمّـد صالح المازندراني ٩ / ٢٦١ ـ ٢٦٣ ، في معنى نزع الإيمان.

(٤) في مشكاة الأنوار ١ / ٣٨١ رقم ١٧ : (فليتجهّز إلى النار).

(٥) في الأصل : (لطفه).

(٦) قال في الصحاح ٦ / ٢١٩٧ : فلان مُتلوِّنٌ ؛ إذا كان لا يثبت على خلق واحد.

           

۴۴۹

[٥٩ / ٥٩] إِنَّ حُسْنَ الصُّحْبَةِ مِنْ الإِيمانِ.

[٦٠ / ٦٠] إِنَّ الْيَتِيمَ إِذَا ضُرِبَ اهْتَزَّ العَرشُ لِبُكائِهِ.

[٦١ / ٦١] إِنَّ اللهَ لَيَدْفعُ بالصَّدَقَةِ عَظائِمَ البَلايا.

[٦٢ / ٦٢] إِنَّ الصَّدَقةَ لَتَدْفَعُ البَلاءَ القضاءَ(١).

[٦٣ / ٦٣] إِنَّ المظلُومِينَ هُمُ الرَّابِحُونَ يَوْمَ القِيامَةِ.

[٦٤ / ٦٤] إِنَّ اللهَ سُبْحانَهُ لَيَنْظُرُ إلَى هذِهِ الأُمّةِ بالعُلَماءِ وَالضُعَفاءِ.

[٦٥ / ٦٥] إِنَّ فِي المَعَاريضِ لَمَنْدُوحةً(٢) عَنِ الكَذِبِ.

[٦٦ / ٦٦] إِنَّ رِزْقَ اللهِ لاَ يَجُرُّهُ(٣) حِرْصُ حَرِيص وَلاَ يَرُدُّهُ كَراهِيةُ كاره.

[٦٧ / ٦٧] إِنَّ المُؤمِنَ لَيَتمنَّى أَنْ يَرجِعَ إِلَى الدُّنيا لِيُهَلِّلَ تَهْلِيلَةً أَو يُسَبِّحَ تَسْبِيحَةً ؛ لِعِظَمِ مَا يَرَى مِنْ ثَوابِ ذَلِكَ.

[٦٨ / ٦٨] إِنَّ الطَّمَعَ يُفْسِدُ الأَعْمَالَ ، وَيُذِلُّ رِقابَ الرِّجالِ.

[٦٩ / ٦٩] إِنَّما أَحْكُمُ بالظَّواهِرِ ، وَاللهُ يَتَوَلَّى السَّرائِرَ(٤).

[٧٠ / ٧٠] أَيُّما امْرِىء حَمَى أَحَداً عَنْ حَدّ مِنْ حُدُودِ اللهِ فأَنا بريءٌ مِنْهُ.

__________________

(١) في بعض المصادر : والقضاء.

(٢) قال في غريب الحديث لابن سلام ٤ / ٢٨٧ : مندوحة يعني سعة وفسحة ... والمعاريض أن يريد الرجل أن يتكلّم بالكلام الذي إن صرّح به كان كذباً فيعارضه بكلام آخر يوافق ذلك الكلام في اللفظ ويخالفه في المعنى ، فيتوهّم السامع أنّه أراد ذلك.

(٣) في الأصل : تجرّه.

(٤) السّرائرُ : جمع السَّرِيرَةُ والسِّرُّ ، والسِّرُّ ؛ الذي يكتم منه قوله تعالى : (يَوْمَ تُبلَى السَّرائرُ) الطارق : ٩.

           

۴۵۰

[٧١ / ٧١] اللهَ اللهَ عِبادَ اللهِ افْتَدُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ النَّارِ بِالصَّدَقَةِ.

[٧٢ / ٧٢] إِياكُمْ وَالشُّبُهاتِ فإِنَّها تَقُودُ إِلَى الحَرامِ(١).

بابُ الْباءِ

[٧٣ / ١] بِئسَ الزَّادُ الحَرَامُ.

[٧٤ / ٢] بَائِعُ الأَكْفانِ يَتَمَنَّى لأُمَّتِي المَوْتَ ؛ لِيُنْفِقَ سِلْعَتَهُ.

[٧٥ / ٣] بَيْتٌ لاَ تمْرَ فِيهِ جِياعٌ أَهْلُهُ(٢).

[٧٦ / ٤] بِالهِمَمِ يَتَفاضلُ الرِّجالُ.

[٧٧ / ٥] بِالصَّبْرِ تَهونُ الرَّزايا.

بابُ التَّاءِ

[٧٨ / ١] تَفَضَّلوا تُخْدَمُوا.

[٧٩ / ٢] تَوكَّلوا تَرَحُّوا(٣).

[٨٠ / ٣] تَكَلَّمُوا تُعْرَفُوا.

__________________

(١) قال في شرح أصول الكافي ٢ / ١٩٦ ذيل شرح حديث الباقر عليه‌السلام : «الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة» ... من طريق العامّة : الفتنة تُشبِّه مُقْبِلةً وتُبيِّن مُدْبرةً ؛ قال شمر : معناه أنّ الفتنة إذا أقبلت شَبَّهتْ على القوم وأَرَتْهُم أنَّهم على الحقّ حتّى يدخلوا فيها ويَرْكَبوا منها ما لا يحلّ ، فإذا أدبرت وانقضت بان أَمْرُها ، فعَلِمَ مَنْ دخل فيها أنّه كان على الخطأ. والشُّبهة : الالتباس.

(٢) لعلّه لما في التمر من قوام البدن والشفاء ، كما ورد عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : «كلوا التمر ؛ فإنّ فيه شفاء من الأدواء». (مكارم الأخلاق للطبرسي : ١٦٨)

(٣) قال في لسان العرب ٥ / ١٦٧ : رحح ؛ عَيش رَحْرَاح أي واسع.

           

۴۵۱

[٨١ / ٤] تَفَرَّغُوا مِنْ هُمُومِ الدُّنيا مَا اسْتَطَعْتُمْ(١).

بابُ الثَّاءِ

[٨٢ / ١] ثَلاثٌ تُوهِنُ القُوَى(٢) : فَقْدُ الأَحِبَّةِ ، وَالفَقْرُ فِي الغُربَةِ ، وَدَوامُ الشِّدَّةِ.

[٨٣ / ٢] ثَوْبُ العَافِيَةِ أَلَذُّ مَلْبُوس وَأَهْنَأُ.

بابُ الْحَاءِ

[٨٤ / ١] حُسْنُ العَهدِ مِنَ الإيمانِ.

[٨٥ / ٢] حَصِّنُوا العُرى مِنْكُمْ بِأَمْوالِكُمْ.

[٨٦ / ٣] حُبُّ الدُّنيا أَعْظَمُ بَليَّة.

[٨٧ / ٤] حُبُّ الدُّنيا رَأسُ كلِّ خَطَيئَة.

[٨٨ / ٥] حُبُّ الدُّنيا وحُبُّ اللهِ سُبْحانَهُ لاَ يَجْتَمِعَانِ فِي القَلْبِ أَبَداً.

[٨٩ / ٦] حَدِّثْ عَنِ البَحرِ وَلاَ حَرَجَ(٣).

بابُ الْخَاءِ

[٩٠ / ١] خَيْرُكُمْ أَرْفَقُكُمْ بِعِيالِهِ.

__________________

(١) زاد في الدرّة الباهرة من الأصداف الطاهرة : في آخره : «... فإنّه من أقبل على الله تعالى بقلبه جعل الله قلوب العباد منقادة إليه بالودّ والرحمة ، وكان الله إليه بكلّ خير أسرع».

وفي تاج العروس ٦ / ٢٦ : تفرّغ أي تَخلَّى من الشغل ؛ يقال : تفرّغ لكذا ومن كذا ومنه الحديث تفرَّغوا من هموم ...

(٢) قال في تاج العروس ٢٠ / ١٠٧ : ضدُّ الضعْف ، يكون في البدن والعقل.

(٣) وذلك للغرائب الكثيرة التي كانت في البحار. (لاحظ : بحار الأنوار ٦٠ / ٤٩ ـ ٥٠)

           

۴۵۲

[٩١ / ٢] خَيْرُ النَّاسِ أنْفَعُهُمْ.

[٩٢ / ٣] خِيارُكُمْ مَنْ لاَ تأخُذُهُ لَومَةَ لاَئِم.

[٩٣ / ٤] خُذْ مِمَّا يَفْنَى لِمَا يَبْقَى.

بابُ الدَّالِ

[٩٤ / ١] دَارِ النَّاسَ تَسْلَمْ ، وَاعْمَلْ لِلآخِرَةِ تَغْنَمْ ، رَحِمَ اللهُ امْرءً حَفِظَ مَاءَ وَجْهِهِ وَلَمْ يُرقْهُ.

بابُ الرَّاءِ

[٩٥ / ١] رُبَّ نَظْرَة أَوْجَبَتْ حَسْرَةً.

[٩٦ / ٢] رُبَّ طامِع أَوبَقتْهُ المَطامِعُ.

[٩٧ / ٣] رُبَّ نِعْمَة سَلَبَها الأَشَرُ(١).

[٩٨ / ٤] رُبَّ خَلَف في ضِمْنِ تَلَفِ.

[٩٩ / ٥] رُبَّ تَلْمِيح أَمَضُّ مِنْ تَصْرِيح.

[١٠٠ / ٦] رُدُّوا نَوائِبَ الزَّمَانِ بالاستِغْفارِ.

[١٠١ / ٧] رَاحَةُ الأكيَاسِ فِي اعْتِزَالِ النَّاسِ.

[١٠٢ / ٨] رَغِيفٌ يَتَصَدَّقُ بِهِ العَبْدُ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الدُّنْيا وَمَا فِيهَا.

بابُ الزَّاي

[١٠٣ / ١] زِيارَةُ الأَوْلِيَاءِ عِبَادَةٌ.

[١٠٤ / ٢] زِيارَةُ المَقَابِرِ يُكَفِّرُ الذُّنُوبَ.

__________________

(١) قال في الصحاح ٢ / ٥٧٩ : الأشَرُ ؛ البَطَر ، والبطر بمعنى التكبّر.

           

۴۵۳

[١٠٥ / ٣] زُورُوا المَقابِرَ تُذَكِّرُكُمْ الآخِرَةَ.

بابُ السِّينِ

[١٠٦ / ١] سَيَأتِي(١) آخِرِ الزَّمانِ : عُلَماءٌ فَسَقةٌ ، وَقُرّاءٌ خَوَنةٌ ، وَأُمَراءٌ ظَلَمةٌ ؛ فَاحذَرُوهُمْ.

[١٠٧ / ٢] سَلامَةُ الدِّينِ وَالدُّنيا فِي : الْمُدارَاةِ وَالرِّفْقِ ، وَحُسْنِ الْخُلقِ.

بابُ الشِّينِ

[١٠٨ / ١] شَرُّ النَّاسِ مَنْ يَشْبَعُ وَجَارُهُ جَائِعٌ.

[١٠٩ / ٢] شَرُّ العُلَمَاءِ مَنْ يأتِي الأُمَراءَ ، وخيرُ الأُمَراءِ مَنْ يأتِي العُلَماءَ.

بابُ الصَّادِ

[١١٠ / ١] صَدَقةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ(٢).

[١١١ / ٢] صَدَقَةُ السِّرِّ تُنِيرُ القَلْبَ.

[١١٢ / ٣] صُحْبَةُ الأحْمَقِ تُمِيتُ القَلْبَ.

[١١٣ / ٤] صَلِّ صَلاةَ مُوَدِّع(٣).

__________________

(١) في الأَصل : (سيئات) ، والصحيح ما أثبتناه.

(٢) وزاد في بعض المصادر بعده : «.. فإذا تصدّق أحدكم بيمينه فليخفها عن شماله». (دعائم الاسلام ٢ / ٣٣٠ ، مسند زيد بن علي : ١٩٩)

(٣) في لبّ اللباب للقطب الراوندي ، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال : «صلّ صلاة مودّع ، فإذا دخلت في الصلاة فقل : هذا آخر صلاتي من الدنيا ، وكن كأنّ الجنّة بين يديك ، والنار تحتك ، وملك الموت وراءك ، والأنبياء عن يمينك ، والملائكة عن يسارك ،

           

۴۵۴

[١١٤ / ٥] صُحْبَةُ أَبْنَاءِ الدُّنيا تُفْسِدُ الدِّينَ.

[١١٥ / ٦] صِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي العُمْرِ ، وَتُوسِّعُ الرِّزْقَ.

[١١٦ / ٧] صُدُورُ الأَبْرَارِ حُصُونُ الأَسْرَارِ.

بابُ الضَّادِ

[١١٧ / ١] ضَارِبُ أَبَوَيْهِ أَو أَحَدِهِما لَمْ يَرحْ رَائِحَةَ الجنَّةِ.

بابُ الطَّاءِ

[١١٨ / ١] طَوبَى لِلْبَكَّائِينَ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ.

[١١٩ / ٢] طُوبَى لِمَنْ أَجْرَى اللهُ الخَيْرَ عَلَى يَدِهِ(١).

[١٢٠ / ٣] طُوبَى لِمَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ قَبْلَ أَنْ يُحاسَبَ.

[١٢١ / ٤] طُولُ العُمْرِ فِي طاعَةِ اللهِ مِنْ أَفْضَلِ السَّعادةِ.

[١٢٢ / ٥] طَعامُ الكَرِيمِ شِفاءٌ ، وَطَعامُ البخِيلِ دَاءٌ.

__________________

والربّ مطّلع عليك من فوقك ، فانظر بين يدي من تقف ، ومع من تناجي ، ومن ينظر إليك». (عنه في مستدرك الوسائل ٤ / ١٠٤ رقم ٣٣)

(١) في الكافي ١ / ١٥٤ رقم ٢ والمحاسن ١ / ٢٨٣ رقم ٤١٥ : عن محمّـد بن مسلم ، قال : «سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : إنّ في بعض ما أنزل الله من كتبه : إنّي أنا الله لا إله إلاّ أنا ، خلقت الخير وخلقت الشرّ ، فطوبى لمن أجريت على يديه الخير ، وويل لمن أجريت على يديه الشرّ ، وويل لمن يقول : كيف ذا وكذا ذا».

وجاء في السيرة النبويّة لابن كثير ١ / ٢٨٠ ، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال : «وجد في المقام ثلاثة أصفح : في الصفح الأوّل ... وفي الصفح الثالث : إنّي أنا الله ذو بكة ، خلقت الخير والشرّ وقدّرته ، فطوبى لمن أجريت الخير على يديه ...».

           

۴۵۵

بابُ الظَّاءِ

[١٢٣ / ١] ظُلْمُ الضَّعِيفِ أَفْحَشُ الظُلْمِ.

[١٢٤ / ٢] ظُلْمُ العِبادِ بِئسَ الزَّادُ.

بابُ الْعَينِ

[١٢٥ / ١] عَلَيْكَ بِالسَّخَاءِ فَإِنَّهُ أَفْضْلُ زِينَة(١).

[١٢٦ / ٢] عَجِبْتُ لِمَنْ يَضْحَكُ وَمِنْ وَرائِهِ النَّارُ(٢)!

[١٢٧ / ٣] عَجِبْتُ مَنْ يَسْتَحِي مِنَ النَّاسِ كَيْفَ لا يَسْتَحِي مِنْ ربِّهِ؟!

[١٢٨ / ٤] عَجَباً لِلمُتوَكِّلِ عَلَى اللهِ سُبْحَانَهُ مَا أَكْفَاهُ ، وَمَا أَغْنَاهُ ، وَمَا أَرْوَحَهُ.

[١٢٩ / ٥] عِلْمٌ لاَ يُعْمَلُ بِه كَكَنْز لاَ يُنْفَقُ مِنْهُ(٣).

__________________

(١) ومن قصار كلمات أمير المؤمنين عليه‌السلام : «عليك بالسخاء فإنّه ثمرة العقل». (عيون الحِكَم والمواعظ : ٣٣٥)

وجاء في الأمالي : ٣٠١ / ٤٣ : عن أبي عبـد الله عليه‌السلام لمعلّى بن خنيس : «يامعلّى ، عليك بالسخاء وحسن الخلق ؛ فإنّهما يزينان الرجل كما تزين الواسطة القلادة».

(٢) هذه ثالثة كلمة من الكلمات الأربعة التي جاءت في اللوح الذي ورد في قوله تعالى : (وَكانَ تَحْتَهُ كَنَزٌ لَهُمَا) [الكهف : ٨١] ذيل حديث عن أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام .. (لاحظ : معاني الأخبار : ٢٠٠ رقم ١ ، وعنه في بحار الأنوار ١٣ / ٢٩٥ رقم ١٢)

(٣) وعن الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام : «شرّ العلم علم لايعمل به». (عيون الحِكَم والمواعظ : ٢٩٣)

           

۴۵۶

[١٣٠ / ٦] عَظُمَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ الضِّحْكُ مِنْ غَيْرِ عَجَب(١).

[١٣١ / ٧] عُلمَاءُ السُّوءِتُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ يَومَ القِيامةِ بِمَقَارِيضَ مِنْ نَار.

بابُ الْغَينِ

[١٣٢ / ١] غِشُّ المُسْتَشِيرِ يُوجِبُ عَذابَ النَّارِ.

بابُ الْفاءِ

[١٣٣ / ١] فِي الاستِشَارةِ البَرَكَةُ.

[١٣٤ / ٢] فِي الصَّبرِ النَّصْرُ.

[١٣٥ / ٣] فِي الخَلْطِ البَلاءُ.

[١٣٦ / ٤] فِي تصَارِيفِ الدُّنيا عِبَرٌ.

[١٣٧ / ٥] فَسَادُ الدِّينِ(٢) حُبُّ الدُّنيا.

[١٣٨ / ٦] مَوْتُ العَالِمِ ثُلْمَةٌ فِي الإِسْلامِ.

[١٣٩ / ٧] فاتِحَةُ الكِتَابِ رُقْيةٌ مِنْ كُلِّ شَيء إِلاَّ السَّامَ.

بابُ الْقافِ

[١٤٠ / ١] قَيِّدوا النِّعَمَ بِالشُّكْرِ.

[١٤١ / ٢] قَساوَةُ القَلْبِ شَقَاوةٌ.

__________________

(١) انظر : باب كراهة الضحك من غير عجب في وسائل الشيعة ١٢ / ١١٥ ومستدرك الوسائل ٨ / ٤١٥.

(٢) وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام : «فساد العقل حبّ الدنيا». (عيون الحِكَم والمواعظ : ٢٨١ ، غرر الحِكَم ودرر الكلم ١ / ٤٣١ رقم ٣٣)

           

۴۵۷

[١٤٢ / ٣] قُلِ الْحَقَّ وَإِنْ كَانَ عَلَيْكَ.

[١٤٣ / ٤] قصِّرُوا آمالَكُمْ تَسْتَقِمْ أَعْمَالُكُمْ.

[١٤٤ / ٥] قَلِيلُ عَمَل مَعَ وَرَع خَيرٌ مِنْ كَثِيرِ عَمَل بِغَيْرِ ورع.

[١٤٥ / ٦] قَدِّمْ مَالَكَ أَمَامَكَ يَسُرُّك اللِحَاقُ بِهِ.

[١٤٦ / ٧] قُلْ خَيْراً تَغْنَمْ ، وَاسْكُتْ عَنْ شَرٍّ تَسْلَمْ.

[١٤٧ / ٨] قَلِيلٌ يَكفِيكَ خَيرٌ من كَثير يُطْغِيكَ.

[١٤٨ / ٩] قَضاءُ حَاجَةِ رَجُل مُسْلِم أَحَبُّ إِلَى اللهِ تَعالى مِنْ صَلاةِ مَائَةِ رَكعة تطوُّعاً.

بابُ الكَافِ

[١٤٩ / ١] كُلُّ ذِي نِعْمَة مَحْسُودٌ(١).

[١٥٠ / ٢] كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ.

[١٥١ / ٣] كُونُوا مِنْ قُرَناءِ السُّوءِ عَلَى حَذَر.

[١٥٢ / ٤] كَفَى بالإِقرارِ شَفِيعاً لِلمُذْنِب.

[١٥٣ / ٥] كُثْرُ مالِ الميِّتِ سَلْوةٌ لِوَرَثَتِهِ.

[١٥٤ / ٦] كَثْرَةُ النَّومِ تُحِيلُ النَّفْسَ ، وتُسِيئُ(٢) القلبَ.

[١٥٥ / ٧] كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ الأَكلُ مِنْ غَيْرِ جُوع.

__________________

(١) في المخطوطة : (محمود) ، ولم نجده بهذا اللفظ ، والظاهر أنّه تصحيف : (محسود) بـ : (محمود) ، كما ورد في المصادر عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «استعينوا على أُموركم بالكتمان ؛ فإنّ كلّ ذي نعمة محسود». (تحف العقول : ٤٨).

وفي لفظ آخر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : «استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان ؛ فإنّ كلّ ذي نعمة محسود». (نزهة الناظر وتنبيه الخاطر للحلواني : ١١).

(٢) لعلّه : (تشين).

           

۴۵۸

[١٥٦ / ٨] كَظْمُ الغَيظِ يُسْكِنُ غَضَبَ الْجَبَّارِ.

[١٥٧ / ٩] كمَا تُدِينُ تُدانُ.

بابُ اللاَّمِ

[١٥٨ / ١] لِلعَالِمِ العَامِلِ يَومَ القِيامةِ شَفَاعَةٌ كَشَفَاعَةِ الأنبِياءِ.

[١٥٩ / ٢] للصَّبرِ عَاقِبةٌ هِي أَحْلَى مِنَ الشَّهْدِ.

[١٦٠ / ٣] لَوْ بَغَى جَبَلٌ عَلَى جَبَل لَجَعَلَهُ اللهُ دَكّاً(١).

[١٦١ / ٤] لَو وُزِنَ خَوفُ المُؤمنِ وَرَجاؤُهُ لاَعْتَدَلا.

[١٦٢ / ٥] لَعْنُ المُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ.

[١٦٣ / ٦] لَعَنَ اللهُ الظَّلَمَةَ وَأَعْوانَ الظَّلَمةِ.

[١٦٤ / ٧] لَعَنَ اللهُ النَّاظِرَ وَالمَنْظُورَ إِليهِ.

[١٦٥ / ٨] لَيْسَ الانْتِقامُ مِنْ أَخْلاقِ الكِرامِ.

[١٦٦ / ٩] لَيْسَ لِفاسِق غِيْبَةٌ.

[١٦٧ / ١٠] لَيْسَ مِنَّا مَنْ وُسِّعَ عَلَيهِ فَقَتَّرَ عَلَى عِيالِهِ.

[١٦٨ / ١١] لَيْسَ مَعَ الْحَلاَّفِ ائتِلافٌ.

[١٦٩ / ١٢] لَنْ يَتَقَرَّبَ الْعَبْدُ إِلَى اللهِ بِمِثْلِ الرِّضا بِالقَضَاءِ(٢).

[١٧٠ / ١٣] لَنْ تَدْخُلَ المَلائِكَةُ بَيْتاً فِيهِ خَمْرٌ وَلا تَحِلَّهُ بَرَكَةٌ(٣).

__________________

(١) في ثواب الأعمال : ٢٧٥ : لجعل الله الباغي منهما دكّاً.

(٢) لاحظ باب الرضا بالقضاء من كتاب الكافي ٢ / ٦٠.

(٣) وفي إرشاد القلوب : ١٧٤ ، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «لا تدخل الملائكة بيتاً فيه خمر أو دفّ أوطنبور أو نرد ، ولا يستجاب دعاؤهم ، ويرفع الله عنهم البركة».

           

۴۵۹

[١٧١ / ١٤] لَنْ يُزَانَ العِلمُ بِمِثلِ العَمَلِ(١).

بابُ الْمِيمِ

[١٧٢ / ١] مَنِ اسْتَدَلَّ بِرأْيِهِ ذَلَّ.

[١٧٣ / ٢] مَن أَطاعَ هَواهُ هَلَكَ.

[١٧٤ / ٣] مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ عَرَفَ رَبَّهُ.

[١٧٥ / ٤] مَنْ ظَلَمَ عَلَى نَفْسِهِ اعْتَدَى.

[١٧٦ / ٥] مَنْ رَضِيَ بِالْقَضَاءِ اسْتَراحَ.

[١٧٧ / ٦] مَنْ أَحْسَنَ فَإِلى نَفْسِهِ أَحْسَنَ.

[١٧٨ / ٧] مَنْ أَلْقَى جِلْبَابَ الحَيَاءِ فَلاَ غِيْبَةَ لَهُ.

[١٧٩ / ٨] مَنْ كَدَّ عَلَى عِيَالِهِ فَهُوَ فِي جِهاد.

[١٨٠ / ٩] مَنْ كَثُرَ شُكْرُهُ دَامَتْ عَلَيْهِ النِّعْمَةُ.

[١٨١ / ١٠] مَنْ رَضِي بِمَا رَزَقَهُ اللهُ فَقَدْ قَرَّتْ عَيْنَاهُ.

[١٨٢ / ١١] مَنْ فَوَّضَ أَمْرَهُ إِلَى اللهِ كَفَاهُ.

[١٨٣ / ١٢] مَنْ سُئِلَ فأَفْتَى بِغَيْرِ عِلْم فَقَدْ ضَلَّ وَأَضَلَّ.

[١٨٤ / ١٣] مَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَقاهُ اللهُ عَذَابَهُ.

[١٨٥ / ١٤] مَنْ رَضِيَ بِقَضاءِ اللهِ نَالَ مِنَ اللهِ الرِّضَا.

__________________

(١) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : «ما زكى العلم بمثل العمل به». (عيون الحِكَم والمواعظ : ٤٧٧)

           

۴۶۰

[١٨٦ / ١٥] مَنْ مَشَى مَعَ ظَالِم فَقَدْ أَجْرَمَ(١).

[١٨٧ / ١٦] مَنْ لَمْ يَقْنَعْ بِالقَلِيلِ لَمْ يُغْنِهِ الكَثِيرُ.

[١٨٨ / ١٧] مَنْ مَدَحَ فَاسِقاً فَقَدْ أَغْضَبَ اللهَ سُبْحانَهُ.

[١٨٩ / ١٨] مَنْ دَخَلَ عَلَى السُّلْطَانِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أَو لِيَصْمُتُ.

[١٩٠ / ١٩] مَنْ أَعْطَى عَهْدَاً ثُمَّ غَدَرَ كَانَ اللهُ لَهُ خَصْماً.

[١٩١ / ٢٠] مَنْ كَثَّرَ سَوادَ قَوم فَهُوَ مِنْهُمْ.

[١٩٢ / ٢١] مَنْ دَعا لِظَالِم بِالبَقاءِ فَقَدْ أَحَبَّ أَنْ يُعْصَى اللهُ فِي أَرْضِهِ.

[١٩٣ / ٢٢] مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ مُؤمِن كَانتْ لَهُ حِجَاباً مَنَ النَّارِ.

[١٩٤ / ٢٣] مَنْ سَعَى بِمُؤْمِن أَقامَهُ اللهُ تَعَالَى مَقَامَ خِزْي يَوْمِ القِيامَةِ.

[١٩٥ / ٢٤] مَنْ كان هَيِّناً لَيِّناً حَرَّمَهُ اللهُ سُبْحانَهُ عَلَى النَّارِ.

[١٩٦ / ٢٥] مَنْ أَحَبَّ الْبَقَاءَ فَلْيَعُدَّ لِلمَصَائِب قَلْباً صَبُوراً.

[١٩٧ / ٢٦] مَنِ اصْطَنَعَ مَعْرُوفاً فَمَنَّ بِهِ أَحْبَطَ اللهُ أَجْرَهُ(٢).

[١٩٨ / ٢٧] مَنْ وَصَلَ رَحِمَهُ رَزَقَهُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ.

[١٩٩ / ٢٨] مَنْ عَلَّى صَوْتَهُ عَلَى وَالِدَيْهِ غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ.

__________________

(١) في بعض المصادر : «من مشى مع ظالم ليعينه وهو يعلم أنّه ظالم ؛ فقد خرج من الإيمان» ، وفي بعض : (خرج من الاسلام). (لاحظ : كنز الفوائد للكراجكي : ١٦٤ ، مشكاة الأنوار للطبرسي ٢ / ٢٩٣ رقم ٢)

(٢) جاء في مناهي النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) برواية الحسين بن زيد المعروف بذي الدمعة : «من اصطنع إلى أخيه معروفاً فأمتنّ به ، أحبط الله عمله ، وثبت وزره ، ولم يشكر له سعيه». (الأمالي للصدوق : ٥١٧ / ٧٠٧ ، ثواب الأعمال : ٢٨٩ ، من لايحضره الفقيه ٤ / ١٧)

           

۴۶۱

[٢٠٠ / ٢٩] مَنْ لَمْ يَرْضَ بِقَضَاءِ اللهِ فَلْيَتَّخِذْ إلهاً غَيْرَ اللهِ.

[٢٠١ / ٣٠] مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُصَدِّقُنِي وَيَبْغَضُ صَحَابَتِي فَقَدْ كَذَبَ(١).

[٢٠٢ / ٣١] مَنْ رَكَبَ مَحجَّةَ الظُّلْمِ قَلَعَ اللهُ دَولَتَهُ.

[٢٠٣ / ٣٢] مَنْ سَأَلَ مِنْ غَيرِ حَاجة فَكأنَّما يأكُلُ الجَمْرَ.

[٢٠٤ / ٣٣] مَنْ نَقَضَ مِيثَاقَهُ وَغَدَرَ بِعَهْدِهِ لَعَنَهُ اللهُ.

[٢٠٥ / ٣٤] مَنْ قَرأَ آيةَ الكُرْسِيِّ دَبْرَ كُلِّ صَلاة لَمْ يَكُنْ بينَهُ وَبَيْنَ الجَنَّةِ إِلاَّ الممَاتَ.

[٢٠٦ / ٣٥] مَنْ أَحَبَّ الآخِرَةَ فَلْيُخْرِجْ مِن قَلْبِهِ حُبَّ الدُّنيا فإِنِّهُما ضِدَّانِ لاَ يَجْتَمِعانِ.

[٢٠٧ / ٣٦] مَنْ صَلَّى عَلَيَّ عَشْرُ مَرَّات بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ بَنَى اللهُ لَهُ بَيتاً فِي الجَنَّةِ.

[٢٠٨ / ٣٧] مَنْ تَرَكَ للهِ سُبْحانَهُ شَيْئاً عَوَّضَهُ اللهُ خَيْراً مِمَّا تَرَكَ.

[٢٠٩ / ٣٨] مَنْ أَصْبَحَ حَزِيناً عَلَى الدُّنيا مَقَتَهُ رَبُّهُ.

[٢١٠ / ٣٩] مَنْ حَلَّتْ شَفاعَتُهُ دونَ حَدٍّ مِنْ حِدُودِاللهِ تَعَالى فَقَدْ ضَادَّ اللهَ

__________________

(١) لم نجده ، وعلى فرض صحّته فإنّ الصحابة في مثل هذه الأحاديث تتأوّل بأهل البيت عليهم‌السلام كما ورد ذلك في عدّة أحاديث فلاحظ : بصائر الدرجات ١١ رقم ٢ ، ومعاني الأخبار : ١٥٦ ، والأُصول الستة عشر : ١٦ ، وعيون أخبار الرضا عليه‌السلام٢ / ٨٧.

هذا ، إن لم يقل بذلك لكان المراد بالصحابة في مثل هذه الأخبار من اتّبع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)واقتفى أثره ، كسلمان الفارسي ، وأبي ذر الغفاري ، وعمّار ، والمقداد وحذيفة .. ونظرائهم كثيرون ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ ، لا الصحابة بأجمعهم حتّى من نافق أو ارتدّ ..

           

۴۶۲

تَعالى فِي حُكْمِهِ.

[٢١١ / ٤٠] مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُحبَّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ فَلْيَأكُلْ مَعَ ضَيْفِهِ.

[٢١٢ / ٤١] مَنْ تَعَلَّمَ القُرآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ لَقِيَ اللهَ سُبْحانَهُ أَجْذَمَ(١).

[٢١٣ / ٤٢] مَنْ أُعْطِيَ فَشَكَرَ وابْتُلِيَ فَصَبر وَظُلِمَ فَغَفَرَ أُولئكَ لَهُمْ الأمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ.

[٢١٤ / ٤٣] مَنْ أَتَى عَلَيْهِ أَربَعُونَ سَنَة وَلَمْ يَغْلِبْ خَيْرُهُ شَرَّهُ فَلْيَتَجَهَّزْ إِلَى النَّارِ.

[٢١٥ / ٤٤] مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلِينَ قَلْبُهُ وَقسوتُهُ فَلْيَمْسَحْ بِرَأسِ اليَتِيمِ

__________________

(١) ذكره الشريف الرضي رحمه‌الله في المجازات النبويّة : ٢٤٥ / ذيل حديث استشهاداً ، وقال أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه «غريب الحديث» ٣ / ٤٨ ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام : «من تعلّم القرآن ثمّ نسيه ...» ، قال : «والأجذم المقطوع اليد» ، واستشهد على ذلك بقول الشاعر :

وما كنت إلاّ مثل قاطع كفّه

بكفّ له أُخرى فأصبح أجذما

واعترض على هذا القول عبـد الله بن مسلم بن قتيبة قادحاً فيه وطاعناً عليه ، فقال : إنّما أتى أبو عبيد في فساد هذا التفسير من قبل البيت الذي استشهده ، وليس كلّ أجذم أقطع اليد ، وإذا نحن حملنا الحديث على ما ذهب إليه أبو عبيد رأينا عقوبة الذنب لا نشأ كلّ الذنب ؛ لأنّ اليد لا سبب لها في نسيان القرآن ، والعقوبات من الله سبحانه وتعالى تكون بحسب الذنوب ... ثمّ استشهد ابن قتيبة بعدّة آيات وأخبار في أنواع العقوبات.

ثمّ قال السيّد الرضي رحمه‌الله : قلت أنا : وقد خلط هذا الرجل في اعتراضه هذا تخليطاً كثيراً ؛ لأنّه أنكر غير منكر ، وطعن في غير مطعن ؛ وذلك أنّ أبا عبيد إنّما فسّر الأجذم في الحديث بأنّه المقطوع اليد على أصل صحيح ، وهو ما ذكرناه في الخبر الأوّل من أنّ الأقطع هناك كالأجذم هاهنا ، والمراد بـ : إنّه يلقى الله تعالى بعد نسيان القرآن ناقصاً بعد تمامه ، كالّذي قطعت يده فظهرت نقيصة أعضائه ، وإن كان أبو عبيد لم يبيّن هذا البيان ، فإنّه لم يرد غير هذا المراد ... ثمّ أورد الرضي ؛ على كلام ابن قتيبة عدّة أغلاط ، فحريّ بالمراجعة إليه جدّاً.

           

۴۶۳

وَليُحْسِنْ إِليهِ.

[٢١٦ / ٤٥] مَنْ سَاءَتْ سِيرَتُهُ سَاءَتْ مَنِيَّتُهُ.

[٢١٧ / ٤٦] مَنْ رَأى جَنَازةً فَلْيَقُلْ : «سُبْحانَ الحَيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ» ثلاثاً.

[٢١٨ / ٤٧] مَنْ نَامَ قَبْلَ العِشَاءِ فَلاَ أَنَامَ اللهُ يَقِينَهُ(١).

[٢١٩ / ٤٨] مَنْ عَيَّرَ أَخَاهُ بِذَنْب لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَعْمَلَهُ.

[٢٢٠ / ٤٩] مَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مايَتَصدَّقُ بِهِ فَلْيَسْتَغْفِرْ لِلمُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ ؛ فإِنَّها لَهُ صَدَقةٌ.

[٢٢١ / ٥٠] مَنْ جَارَ عَلَى مَنْ لاَ يَسْتَطِيعُ رَدَّ جَوْرِهِ كُنْتُ خَصْمَهُ بَيْنَ يَدَي اللهِ سُبْحانَهُ غَداً.

[٢٢٢ / ٥١] مِنْ البَلاءِ كَثْرَةُ المَعارِفِ.

[٢٢٣ / ٥٢] مِنْ تَمامِ التَّحيَّةِ الأخْذُ باليَدِ.

[٢٢٤ / ٥٣] مِنْ شَقَاوةِ العَبدِ تَضْييعُ عُمْرهِ فِي اللهوِ وَاللَعِبِ.

[٢٢٥ / ٥٤] مَا أَنْكَرتُمْ مِنْ زَمانِكُمْ فَبِمَا غَيَّرتُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ.

[٢٢٦ / ٥٥] مَا مِنْ صَباح إلاّ وَمَلَكانِ يُنَادِيانِ : وَيلٌ للرِّجَالِ مِنْ النِّساءِ وَوَيلٌ للنِّساءِ مِنْ الرِّجالِ.

[٢٢٧ / ٥٦] مَا مِنْ عَبد يَبِيتُ عَلَى وُضُوء إلاَّ بَاتَت المَلائِكَةُ تَسْتَغْفِرُ لَهُ.

[٢٢٨ / ٥٧] مَا صوتٌ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ صُوتِ مُذْنِب يقولُ : يَارَبِّ اغْفِرْ لي يَارَبِّ ارْحَمْنِي.

__________________

(١) كذا في المخطوطة ، ولعلّه الصحيح : (عينيه).

           

۴۶۴

[٢٢٩ / ٥٨] مَا مِنْ مُسْلِم يَكْسُو مُسْلِماً ثَوباً إِلاَّ كانَ فِي حِفْظِ اللهُ تَعالَى مَادَامتْ عَلَيْهِ رُقْعَتُهُ.

[٢٣٠ / ٥٩] مَا مِنْ قَوم لا يَأمُرونَ بِمَعْرُوف وَلاَ يَنْهَونَ عَنْ مُنْكَر إِلاَّ بَعَثَ اللهُ سُبْحانَهُ عَلَيْهِمْ مَنْ لاَ يَرْحَمُ صَغيرَهُمْ وَلاَ يُوَقِّرُ كَبِيرَهُم.

[٢٣١ / ٦٠] مُجالَسةُ الأَغْنِياءِ تُعْمِي القَلْبَ(١).

[٢٣٢ / ٦١] مَداوَمةُ المَعاصِي تُمِيتُ القَلْبَ.

[٢٣٣ / ٦٢] مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ أُكْرِمَ مَخَافَةَ شَرِّهِ.

[٢٣٤ / ٦٣] مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ آكِلُ الدُّنيا بالدِّينِ.

[٢٣٥ / ٦٤] مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَومِ لُوط.

[٢٣٦ / ٦٥] مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ سَعَى بَيْنَ أُمَّتِي بالنَّمِيمَةِ.

[٢٣٧ / ٦٦] مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى بَهِيمَةً.

بابُ حَرْفِ النُّونِ

[٢٣٨ / ١] نِعْمَ الْقَرِينُ التَّقْوَى.

[٢٣٩ / ٢] نِعْمَ الْكَنْزُ الصَّدَقةُ.

[٢٤٠ / ٣] نِيَّةُ السُّلْطَانِ يَصْلَحُ بِصَلاحِهَا الزَّمَانُ.

[٢٤١ / ٤] نَحْنُ مَعَاشِرَ الأَنبياءِ أُمِرْنَا أَنْ نُخاطِبَ النَّاسَ عَلَى قدْرِ

__________________

(١) ورد ذلك في وصيّة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لعليّ عليه‌السلام في من لايحضره الفقيه ٤ / ٣٥٩ ومكارم الأخلاق : ٤٣٧ ، وهذا نصّها : «ياعليّ ... وثلاثة مجالستهم تميت القلب : مجالسة الأنذال ، ومجالسة الأغنياء ، والحديث مع النساء».

           

۴۶۵

عُقُولِهِمْ.

[٢٤٢ / ٥] نَالَ الفَوزَ الأكبرَ مَنْ تَاجَرَ اللهَ بِالصَّدَقةِ.

[٢٤٣ / ٦] نُزُولُ الضَّيفِ فِي البَيْتِ بَرَكةٌ.

بابُ الْهاءِ

[٢٤٤ / ١] هَدِيَّةُ اللهِ إِلَى عَبْدِهِ السَّائِلِ عَلَى بَابِهِ.

[٢٤٥ / ٢] هَمُّ الدَّينِ وَغَمُّهُ أَمضَى الهُمُومِ وَالغُمُومِ.

[٢٤٦ / ٣] هَيْهَات أَنْ تَصْفُوَ الدُّنْيا لِشَارب أَو تَفِيَ لِصاحِب.

[٢٤٧ / ٤] هَوِّنوا عَلَيْكُمْ أُمُورَ الدُّنْيا ؛ فَمَتاعُها قَلِيلٌ وَمَا إِلَى بَقائِها مِنْ سَبِيل.

بابُ الواوِ

[٢٤٨ / ١] وَيْلٌ لِمَنْ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيا غَيرِهِ ؛ وَيْلٌ لَهُ.

[٢٤٩ / ٢] وَيْلٌ لِمَنْ تَرَكَ أهْلَهُ بِخَيْر وَقَدِمَ عَلَى اللهِ بِشَرٍّ ؛ وَيْلٌ لَهُ.

[٢٥٠ / ٣] وَرَعُكَ يُنْجِيكَ وَطَمَعُكَ يُشْقِيكَ.

بابُ اللاّم وَالأَلفِ

[٢٥١ / ١] لاَ تُحزِنُوا مُوْتَاكُمْ بِعَمَلِ السُّوءِ ؛ فَإِنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَيْهِمْ.

[٢٥٢ / ٢] لاَ تْعجَبُوا عَمَلَ عَامِل حَتَّى تَنْظُرُوا بِمَاذَا يُخْتَمُ لَهُ.

[٢٥٣ / ٣] لاَ تَكْرَهُوا الفَقْرَ فَإِنَّهُ شِعَارُ النَّبِيِّينَ وَالصَّالِحِينَ.

 

۴۶۶

[٢٥٤ / ٤] لاَ تَكْرَعُوا المَاءَ كَمَا تَكْرَعُ البَهَائِمُ.

[٢٥٥ / ٥] لاَ تَتَمنَّوا المَوْتَ فَإِنَّ هَولَ المُطَّلَعِ شَدِيدٌ.

[٢٥٦ / ٦] لاَ يَخدَعَنَّكُمْ الأَمَلُ عَنْ صَالِحِ العَمَلِ.

[٢٥٧ / ٧] لاَ تَتَمنَّوا الدُّوَلِ فَتُحْرَمُوهَا.

[٢٥٨ / ٨] لاَ تَغْضَبْ فَإِذَا غَضِبْتَ فَاسْكُتْ.

[٢٥٩ / ٩] لاَ تُمَزِّقْ أَعْرَاضَ النَّاسِ فَتُمَزِّقُكَ كِلابُ النَّارِ يَومَ القِيامَةِ.

[٢٦٠ / ١٠] لاَ تَثِقَنَّ بِمَودَّةِ مَنْ تُخْطِرُهُ إِليكَ الحَاجَةُ.

[٢٦١ / ١١] لاَ تَشْكُ إِلاَّ إِلَى رَبِّكَ.

[٢٦٢ / ١٢] لاَ يَرُدُّ القَدَرَ إلاَّ الدُّعاءُ.

[٢٦٣ / ١٣] لاَ خَيْرَ فِي مُؤمِن لايَسْتَحِي.

[٢٦٤ / ١٤] لاَ يُغْنِي حَذَرٌ مِنْ قَدَر.

[٢٦٥ / ١٥] لاَ طَاَعَةَ لِمَخْلُوق فِي مَعْصِيَةِ الخَالقِ.

[٢٦٦ / ١٦] لاَ يُؤمِنُ أَحَدٌ بِاللهِ حَتَّى يُؤمِنَ بِالقَدَرِ خَيرِهِ وَشَرِّهِ ، حُلْوِهِ وَمُرِّهِ.

[٢٦٧ / ١٧] لا يَجْتَمِعُ حُبُّ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ فِي قَلْب أَبَداً ؛ كَمَا لاَ يَجتْمِعُ النَّارُ وَالمَاءُ فِي إِنَاء أَبداً.

[٢٦٨ / ١٨] لا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إلاَّ رَبُّ النَّارِ.

بابُ الياءِ

[٢٦٩ / ١] يَسِيرُ الرِّياءِ يُفسِدُ الدِّينَ.

 

۴۶۷

[٢٧٠ / ٢] يَسْتَغْفِرُ لِلمَرأةِ المُطِيعَةِ لِبَعْلِها طَيْرُ الهَواءِ وَحِيتَانُ المَاءِ.

[٢٧١ / ٣] يُبعَثُ صَاحِبُ النُّخامَةِ فِي المَسْجِدِ يَومَ القِيامَةِ وَهِيَ فِي وَجْهِهِ.

[٢٧٢ / ٤] يَقُولُ اللهُ تَعالَى إِنِّي لأَسْتَحِي مِنْ الشَّيْخِ المُسْلِمِ أَنْ أَحْرِقَ شَيْبَتَهُ بِالنَّارِ ؛ فَلْيَسْتَحِي الشَّيْخُ أَنْ يَعْصيني؟!

هذا آخر ما جُمِع في هذه الأوراق من الأحاديث والله أعلم.

والحمد لله ربّ العالمين

وصلّى الله على محمّـد وآله وصحبه أجمعين(*).

* * *

__________________

(*) هذا آخر ما منّ الله علينا لتعليق هذه الرسالة المنيفة ، وقد فرغت من تصحيحها وتقويم نصّها وبعض التعاليق مستعجلاً ، بأمر أُستاذي الأجلّ ، العلم العلاّم السيّد محمّـد رضا الحسيني الجلالي ـ دام ظلّه ـ في ليلة الغدير الأغرّ من شهر ذي الحجّة الحرام سنة ١٤٢٧ الهجريّة ، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين ..

السيّد حسن الموسوي البروجردي

           

۴۶۸

مصادر البحث

١ ـ القرآن الكريم.

٢ ـ الإحكام في أُصول الأحكام ، علي بن محمّد الآسدي ، الشيخ عبد الرزّاق عفيقي ، المكتب الإسلامي ، بيروت ، لبنان ١٤٠٢ هـ.

٣ ـ أدب الاملاء والاستملاء ، أبو سعيد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي السمعاني ، سعيد محمد اللحام ، منشورات دار ومكتبة الهلال ، بيروت ١٤٠٩ هـ.

٤ ـ إرشاد القلوب ، الحسن بن أبي الحسن علي الديلمي (ق ٨) ، السيد هاشم الميلاني ، دار الأُسوة للطباعة والنشر ، قم ، إيران ١٤١٧ هـ.

٥ ـ الأصول الستة عشر ، نخبة من الرواة المتقدّمين ، انتشارات شبستري ، قم ، إيران ١٤٠٥ هـ.

٦ ـ الأعلام ، لخير الدين محمود بن محمد الزركلي (ت ١٤١٠ هـ) ، دار العلم للملايين ، بيروت ، لبنان ١٩٨٤ هـ.

٧ ـ الأمالي ، الشيخ الصدوق (ت ٣٨١ هـ) ، مركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة ، قم ، إيران ١٤١٧ هـ.

٨ ـ الأمالي ، الشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) ، دار الثقافة ، قم ، إيران ١٤١٤ هـ.

٩ ـ الأنساب ، أبو سعيد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي السمعاني (٥٦٢ هـ) ، عبـد الله عمر البارودي ، دار الجنان ، بيروت ، لبنان ١٤٠٨ هـ.

١٠ ـ ايضاح المكنون ، إسماعيل باشا البغدادي (ت ١٣٣٩ هـ) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان.

١١ ـ بحار الأنوار ، للعلاّمة محمّـد باقر بن محمّـد تقي المجلسي (ت ١١١٠ هـ) ، تحقيق : لجنة التحقيق ، طبع إيران.

١٢ ـ البداية والنهاية ، لابن كثير (ت ٧٧٤ هـ) ، تحقيق : علي شيري ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان ١٤٠٨ هـ ـ ١٩٨٨ م.

 

۴۶۹

١٣ ـ تاج العروس ، للإمام محب الدين الزبيدي الحنفي (ت ١٢٠٥ هـ) ، تحقيق : علي شيري ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان ١٤١٤ هـ.

١٤ ـ تاريخ إربل ، شرف الدين أبي البركات المبارك بن أحمد اللخمي الإربلي المعروف بابن المستوفي ، تصحيح سامي بن سيد حماس صغار ، وزارة الثقافة والاعلام ، بغداد ، العراق ١٩٨٠ م.

١٥ ـ تاريخ بغداد ، الخطيب البغدادي (ت ٤٦٣ هـ) ، تحقيق : مصطفى عبد القادر عطا ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ١٤١٧ هـ.

١٦ ـ تفسير القرطبي (الجامع لاحكام القرآن) ، أبو عبـد الله محمد بن أحمد الأنصري القرطبي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت لبنان ١٤٠٥.

١٧ ـ تقويم البلدان ، أبو الفداء إسماعيل بن نور الدين علي الأيوبي ، النسخة الخطّية من مكتبة الفاتيكان.

١٨ ـ ثواب الأعمال ، للشيخ الصدوق (ت ٣٨١ هـ) ، منشورات الشريف الرضي ، قم ، إيران ١٣٦٨ ش.

١٩ ـ جواهر المطالب في مناقب الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام شمس الدين أبي البركات محمد بن أحمد الدمشقي الباعوني الشافعي (٨٧١ هـ) ، الشيخ محمد باقر المحمودي ، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية ، قم ، إيران ١٤١٥ هـ.

٢٠ ـ حاشية الدسوقي ، لشمس الدين محمد عرفة الدسوقي (ت ١٢٣٠ هـ) ، دار إحياء الكتب العربية.

٢١ ـ خاتمة المستدرك الوسائل ، للميرزا حسين النوري (ت ١٣٢٠ هـ) ، مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ، قم ، إيران ١٤١٥ هـ.

٢٢ ـ دستور معالم الحكم ومأثور مكارم الشيم ، القاضي أبو عبـد الله محمد بن سلامة القضاعي ، محمد سعيد الرافع ، المكتبة الأزهرية ، القاهرة ، مصر.

٢٣ ـ دعائم الإسلام ، للقاضي النعمان المغربي (ت ٣٦٣ هـ) ، دار المعارف ، القاهرة ، مصر ١٣٨٣ هـ ـ ١٩٦٣ م.

٢٤ ـ الرجال ، لأبي العبّاس أحمد بن علي بن أحمد بن العبّاس النجاشي الأسدي الكوفي (ت ٤٥٠ هـ) ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم ـ إيران ١٤٠٧ هـ.

 

۴۷۰

٢٥ ـ روضات الجنات في أحوال السادات ، للميرزا محمد باقر الموسوي الخونساري (ت ١٣١٣ هـ) ، عنيت بنشره مكتبة إسماعليان ، قم ، إيران ١٣٩٠ هـ.

٢٦ ـ رياض العلماء وحياض الفضلاء ، للميرزا عبـد الله الأفندي الإصفهاني (ق ١٢) تحقيق : السيد أحمد الحسيني ، منشورات مكتبة آية الله المرعشي ، قم ١٤٠٣ ـ ١٤١٥ هـ.

٢٧ ـ السيرة النبوية ، لابن كثير (ت ٧٧٤ هـ) ، دار المعرفة ، بيروت ، لبنان ١٣٩٦ هـ ـ ١٩٧٦ م.

٢٨ ـ شرح أُصول الكافي ، للمولى محمد صالح المازندراني (ت ١٠٨١ هـ) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان ١٤٢١ هـ ـ ٢٠٠٠ م.

٢٩ ـ شرح غرر الحِكَم ، لجمال الدين بن الآغا حسين الخوانساري (١١٢٥ هـ) ، مير السيّد جلال الدين المحدّث الأرموي ، جامعة طهران ، الطبعة الثالثة ١٣٦٠ هـ.

٣٠ ـ الصحاح يا تاج اللغة وصحاح العربية ، إسماعيل بن حماد الجوهري ، أحمد عبـد الغفور عطار ، دار العلم الملايين ، بيروت ١٩٨٧.

٣١ ـ طبقات أعلام الشيعة ، للشيخ آغا بزرك الطهراني (ت ١٣٨٩ هـ) ، تحقيق : علي نقي منزوي ، منشورات إسماعيليان ، قم ـ إيران.

٣٢ ـ العين ، للخليل الفراهيدي (ت ١٧٠ هـ) ، مؤسسة دار الهجرة ، قم ، إيران ١٤٠٩ هـ.

٣٣ ـ عيون أخبار الرضا ، للشيخ الصدوق (ت ٣٨١ هـ) ، مؤسسة الاعلمي للمطبوعات ، بيروت ، لبنان ١٤٠٤ هـ ـ ١٩٨٤ م.

٣٤ ـ عيون الحِكَم والمواعظ ، لعلي بن محمد الليثي الواسطي (القرن السادس) ، دار الحديث ، قم ، إيران ، الطبعة الأُولى.

٣٥ ـ غرر الحِكَم ودرر الكِلَم ، عبد الواحد بن محمّد بن عبد الواحد التميمي الآمدي (ح ٥٥٠ هـ) ، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت ، لبنان ١٤٠٧ هـ.

٣٦ ـ غريب الحديث ، لأبي عبيد القاسم بن سلام الهروي (ت ٢٢٤ هـ) ، دار

 

۴۷۱

الكتاب العربي ، بيروت ، لبنان ١٣٨٤ هـ.

٣٧ ـ فتح الباري شرح صحيح البخاري ، لابن حجر العسقلاني (٨٥٢ هـ) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان.

٣٨ ـ الفوائد الرضوية في أحوال علماء المذهب الجعفريّة ، الشيخ عبّاس بن محمّد رضا القمّي (١٣٩٥ هـ) ، مكتبة مركزي ، طهران ، إيران.

٣٩ ـ الكافي ، للشيخ الكليني (ت ٣٢٩ هـ) ، دار الكتب الاسلامية ، طهران ، إيران ١٣٦٣ ش ، الطبعة الخامسة.

٤٠ ـ كشف الظنون ، مصطفى بن عبـد الله الشهير بحاجي خليفة وبكاتب چلبي (ت ١٠٦٧ هـ) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان.

٤١ ـ الكنى والألقاب ، الشيخ عباس القمي (ت ١٣٥٩ هـ) ، تقديم : محمد هادي الأميني ، مكتبة الصدر ، طهران ، إيران.

٤٢ ـ كنز الفوائد ، لأبي الفتح الكراجكي (ت ٤٤٩ هـ) ، مكتبة المصطفوي ، قم ، إيران ١٣٦٩ ش ، الطبعة الثانية.

٤٣ ـ لحظ الألحاظ ، لتقيّ الدين محمد بن فهد المكّي (ت ٨٧١ هـ) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان.

٤٤ ـ لسان العرب ، أبو الفضل جمال الدين محمد بن محرم بن منظور الإفريقي المصري ، نشر أدب الحوزة ، قم ـ بيروت ١٤٠٥.

٤٥ ـ لسان الميزان ، لابن حجر (ت ٨٥٢ هـ) ، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت ، لبنان ١٣٩٠ هـ ـ ١٩٧١ م.

٤٦ ـ المجازات النبوية ، للشريف الرضي (ت ٤٠٦ هـ) ، مكتبة بصيرتي ، قم ، إيران.

٤٧ ـ مجلّة علوم الحديث ، كلّيّة علوم الحديث ، طهران ـ إيران.

٤٨ ـ مجمع البحرين ، للشيخ الطريحي (ت ١٠٨٥ هـ) ، مكتب نشر الثقافة الإسلامية ، قم ، إيران ١٤٠٨ هـ.

٤٩ ـ المحاسن ، لأحمد بن محمد بن خالد البرقي (ت ٢٧٤ هـ) ، دار الكتب الاسلامية ، طهران ، إيران ١٣٧٠ هـ.

 

۴۷۲

٥٠ ـ مختصر البصائر ، حسن بن سليمان الحلّي ، منشورات المطبعة الحيدرية ، العراق ، النجف الأشرف ١٣٧٠ هـ.

٥١ ـ مستدرك الوسائل ، الميرزا النوري (ت ١٣٢٠ هـ) ، تحقيق : مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، بيروت ، لبنان ١٤٠٨ هـ.

٥٢ ـ مسند زيد بن علي ، لزيد بن علي (ت ١٢٢ هـ) ، دار الحياة ، بيروت ، لبنان.

٥٣ ـ مشكاة الأنوار ، لأبي الفضل علي الطبرسي (القرن السابع) ، دار الحديث ، قم ، إيران ١٤١٨ هـ.

٥٤ ـ مفتاح الكرامة ، للسيد محمد جواد العاملية (ت ١٢٢٦ هـ) ، مؤسسة النشر الاسلامي ، قم ، إيران ١٤١٩ هـ.

٥٥ ـ مكارم الأخلاق ، لأبي نصر الحسن بن الفضل الطبرسي (ت ٥٤٨ هـ) ، منشورات الشريف الرضي ، قم ، إيران ١٣٩٢ هـ.

٥٦ ـ معالم العلماء ، لرشيد الدين محمّـد بن علي بن شهرآشوب المازندراني (ت ٥٨٨ هـ) ، تحقيق : السيّد محمّـد صادق آل بحرالعلوم ، دار الأضواء ـ بيروت.

٥٧ ـ معاني الأخبار ، للشيخ الصدوق (ت ٣٨١ هـ) ، مؤسسة النشر الاسلامي ، قم ، إيران ١٣٧٩ هـ.

٥٨ ـ معجم البلدان ، شهاب الدين أبو عبـد الله ياقوت بن عبـد الله الحموي الرومي البغدادي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان ١٣٩٩ هـ.

٥٩ ـ معجم رجال الحديث ، السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي (ت ١٤١١ هـ) ، قم ، إيران ١٤١٣ هـ.

٦٠ ـ معجم قبائل العرب القديمة والحديثية ، عمر رضا كحالة ، دار العلم للملايين ، بيروت ، لبنان ١٣٨٨ هـ.

٦١ ـ معجم المطبوعات العربية ، ليوسف اليان سركيس (ت ١٣٥١ هـ) ، مكتبة آية الله المرعشي ، قم ، إيران ١٤١٠ هـ.

٦٢ ـ معجم المؤلّفين ، لعمر رضا كحّالة (من أعلام القرن ١٤) ، دار إحياء التراث

 

۴۷۳

العربي ، بيروت.

٦٣ ـ المناقب ، لابن شهرآشوب (ت ٥٨٨ هـ) ، المكتبة الحيدرية ، النجف الأشرف ، العراق ١٣٧٦ هـ.

٦٤ ـ من لا يحضره الفقيه ، للشيخ الصدوق (ت ٣٨١ هـ) ، مؤسسة النشر الاسلامي ، قم ، إيران الطبعة الثانية.

٦٥ ـ ميزان الإعتدال ، للذهبي (ت ٧٤٨ هـ) ، دار المعرفة ، بيروت ، لبنان ١٣٨٢ هـ.

٦٦ ـ نزهة الناظر وتنبيه الخاطر ، للحسين بن محمد الحلواني (القرن الخامس) ، نشر مدرسة الإمام المهدي (عج) ، قم ، إيران ١٤٠٨ هـ.

٦٧ ـ النهاية ، في غريب الحديث ، لابن الاثير (ت ٦٠٦ هـ) ، مؤسسة اسماعيليان للطباعة ، قم ، إيران ، الطبعة الرابعة.

٦٨ ـ هدية العارفين ، إسماعيل باشا البغدادي (ت ١٣٣٩ هـ) ، طبع بعناية وكالة المعارف إسطنبول سنة ١٩٥١ ، إعادت طبعة باالأوفست دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان.

٦٩ ـ وسائل الشيعة ، للحرّ العاملي (ت ١١٠٤ هـ) ، مؤسسة آل البيت عليهم‌السلاملإحياء التراث ، قم ، إيران ١٤١٤ هـ.

* * *

 

۴۷۴

من أنبـاء التـراث

هيئة التحرير

كتب صدرت محقّقة

* نوادر المعجزات.

تأليف : محمّـد بن جرير الطبري الإمامي.

كتاب من سلسلة مصادر بحار الأنوار ، تناول فيه دور معجزات الأئمّة الاثني عشر الأطهار في إثبات حججهم في كونهم خلفاء الرحمن على عباده ، وذلك في ثلاثة عشر باب ، بدءاً بمعجزات سيّد الأوصياء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، ومعجزات سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها‌السلام في بابين مستقلّين ، وانتهاءاً بالدلائل والبراهين عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآله عليهم‌السلام بوجود صاحب الزمان ، قدّم المؤلّف مقدّمة في كون الإعجاز مختصٌّ بالأنبياء وأوصياء

الأنبياء.

هذا كما قدّمت للكتاب مقدّمة في منهجية التحقيق ، والنسخ المعتمد عليها ، وقد ألحق المحقّق بها بحثاً علميّا في معنى الإعجاز ، وآثاره ، وفوارقه مع ما شابهه وشاكله.

تحقيق : الشيخ باسم محمّـد الأسدي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٤٦٤.

نشر : منشورات (دليل ما) ـ قم ـ إيران / ١٤٢٧ هـ.

* غرر الأخبار ودرر الآثار.

تأليف : الحسن بن علي بن محمّـد الديلمي.

كتاب من سلسلة مصادر بحار الأنوار

 

۴۷۵

يحمل في طيّه نزراً من فضائل ومناقب سيّد الأوصياء والموحّدين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام وذلك في ثلاثين فصلاً وقد قدّم له مقدّمة تحكي عظيم الأجر لمن ذكر فضائل الامام أمير المؤمنين عليه‌السلام في غفران الذنوب وقرب المنزلة من الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) كما ذكرت مقدّمة لمنهجية التحقيق اشتملت على أهمّية ذكر الفضائل ، وترجمة المؤلّف ، ومواصفات نسخ الكتاب وكتب المؤلّف وميزة هذا الكتاب.

تحقيق : اسماعيل الضيغم.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٤٦٠.

نشر : منشورات (دليل ما) ـ قم ـ إيران / ١٤٢٧ هـ.

* تبصرة الفقهاء ج (١ ـ ٣).

تأليف : الشيخ محمد تقي الرّازي النجفي الأصفهاني (ت ١٢٤٨ هـ).

كتاب فقهي استدلالي في ثلاث مجلّدات محقّقة ، اعتمد في تحقيقه على أربع مخطوطات ، وقد أُدرجت اختلافاتها في الهامش ، ذكرت له مقدمة في منهج التحقيق وأقوال العلماء في الكتاب ، كما ذكرت مقدّمة اُخرى عن حياة المؤلّف

العلمية ومؤلّفاته.

اشتمل على أبحاث كتاب الطهارة ، حيث حوى نصفه تقريباً ، كما ضمّ بحث أوقات الصلاة ، وقسماً من الزكاة ، وبعض أبحاث كتاب البيع.

تحقيق : السيّد صادق الحسيني الأشكوري.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ج ١ : ٥٢٨ ، ج ٢ : ٥٩٩ ، ج ٣ : ٤٣٨.

نشر : مجمع الذخائر الإسلامية ـ قم ـ إيران / ١٤٢٧ هـ.

* الملخّص في أُصول الدين.

تأليف : الشريف المرتضى (ت ٤٣٦ هـ).

كتاب كلامي ، عقائدي ، يهتم بسرد مباحث أُصول الدين ، ببيان استدلالي عقلي ونقلي ، بالإضافة إلى ردّ لبعض ما يعتقده المخالفون في هذا المضمار من المتكلّمين من أصحاب المذاهب الأُخرى.

يعدّ هذا الكتاب هو الأوّل للمصنّف في أصول الدين ويليه كتابه الذخيرة الذي يعتبر المتمّم لهذا الكتاب ، فأوجز فيه مطالبه التي استفرد بها في الثاني ، لكنّه

۴۷۶

لم يتمّه بسبب بعض العوائق ، كما صرّح بذلك في آخر كتاب الذخيرة ؛ بينما في مكان آخر يذكر أنّ هذا الكتاب هو المتمّم لكتاب الذخيرة وقد بني فيه على الإيجاز ؛ والملاحظ من هذا القول هو أن الملخّص والذخيرة كلّ منهما يتممّ الآخر في مباحثه ، وموضوعاته.

يضمّ هذا الكتاب أربعة أجزاء ـ كما في المخطوط ـ حذف الرابع منه لوجوده في كتاب الذخيرة فبقي منه ثلاثة أجزاء ، وتشتمل هذه الأجزاء على خمسة أبواب تحوي بين صفحاتها ثمانية وستّون فصلاً ، وعناوينه الرئيسية هي :الكلام في الصفات ؛ وفي نفي الرؤية عنه وجميع ضروب الإدراك ؛ وفي العدل ؛ وفي الإرادة وما يتعلّق بها ؛ والكلام وأحواله وأحكامه.

اعتمد في تحقيق هذا الكتاب على نسخة خطية وحيدة ، واستخراج مطالبه وأحاديثه وأشعاره وغيرها ، بالإضافة إلى تقويم النصّ وتقطيعه ، وقد تصدّر الكتاب مقدّمتين حول حياة المؤلف ، والعلاقة بين متكلّمي الشيعة والمعتزلة.

تحقيق : الشيخ محمّـد رضا الأنصاري القمي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٤٧٩.

نشر : مركز نشر دانشگاهي ـ طهران ـ إيران.

* كشف البراهين في شرح رسالة زاد المسافرين.

تأليف : الشيخ محمّـد بن أبي جمهور الأحسائي (ت ٩٤٠ هـ).

كتاب كلامي ، عقائدي ، يعنى بشرح رسالة زاد المسافرين لنفس المؤلّف رحمه‌الله ، والتي كتبها لبيان أُصول الدين ، وكانت موجزة فقام بفكّ عباراتها ، وتوضيح المبهم منها ، وتوسيع مطالبها ليسهل الاقتباس منها ، والانتفاع بها ، مبتدئاً بشرح مقدّمتها.

احتوى هذا الكتاب على مقدّمة للتعريف بالمؤلّف ومنهجية العمل ، وشرح مقدّمة المؤلّف ؛ وسبعة فصول هي : التوحيد ؛ الصفات الثبوتية ؛ الصفات السلبية ؛ العدل ؛ النبّوة ؛ الإمامة ؛ المعاد.

اعتمد في تحقيق هذا الكتاب على خمس نسخ خطّية قد تمّ مقابلتها مع الأصل ، وتصحيح الأخطاء ، مع عنونة للمطالب الرئيسية والفرعية ، وتثبيت الحواشي والتعليقات في محلّها

           

 

۴۷۷

المناسب ، واستخراج النصوص والروايات من مصادرها ، بالإضافة إلى ترجمة للأعلام ، وبعض المفردات اللغوية.

تحقيق : الشيخ وجيه بن محمّـد المسبّح.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٤٩٨.

نشر : مؤسّسة أمّ القرى للتحقيق والنشر ـ قم ـ إيران.

* التعريف بوجوب حقّ الوالدين.

تأليف : أبي الفتح محمّـد بن علي الكراجكي (ت ٤٤٩ هـ).

وهو الكتاب السابع من سلسلة مصادر بحار الأنوار.

كتاب يتناول حقّ الوالدين على الأبناء في القرآن الكريم ، والسنّة النبويّة ، وروايات أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام ، وهذا الكتاب هو ما كتبه الكراجكي لولده وصيّة له.

تناول الكتاب المواضيع التالية : وجوب حقّ إطاعة الوالدين ؛ آثار أداء حقوق الوالدين ؛ عظم حقوق الوالدين ؛ طهارة أصلاب وأرحام النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ؛ حثّ المؤلف ولده

بالمداومة على قراءة دعاء زين العابدين عليه‌السلام في أبويه عليهما‌السلام.

اعتمد في تحقيق هذا الكتاب على أربعة نسخ خطّية ، وتمّ استخراج الآيات والروايات والنصوص ، بالإضافة الى وضع عدّة فهارس لهذا الكتاب لغرض التسهيل على الطالب.

تحقيق : السيّد حسين الموسوي البروجردي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٦٣.

نشر : منشورات (دليل ما) ـ قم ـ إيران / ١٤٢٧ هـ.

طبعات جديدة

لمطبوعات سابقة

* مودّة أهل البيت وفضائلهم في الكتاب والسنّة.

تأليف : السيّد تقي يوسف الحكيم.

كتاب تدور مباحثه حول سيرة وفضائل أهل البيت عليهم‌السلام ، مسلّطاً الضوء على كلّ فضيلة على حدة ، متطرّقاً لرواتها من الفريقين مع ذكر مصادرها.

ينطوي هذا البحث على خمسة فصول : من هم أهل البيت ؛ حبّهم في

۴۷۸

الكتاب والسنّة والأدب ؛ بعض فضائلهم في الكتاب والسنّة ؛ معطيات حبّهم ؛ أهل البيت بين الغلوّ والبغض.

الحجم : رقعي.

عدد الصفحات : ١٤٠.

نشر : مركز الرسالة ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ.

* الصحابة في القرآن والسُنّة والتاريخ.

تأليف : السيّد سعيد كاظم العذاري.

بحث يتناول مسألة عدالة صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وهل أنّهم عدول كلّهم وفوق معايير الجرح والتعديل؟ مستنطقاً القرآن العظيم والسُنّة النبويّة الشريفة وأحداث التاريخ للوصول إلى الرأي النهائي في هذه المسألة ـ بحيادية وموضوعية ـ تبعاً للدليل ، ودون التأثّر بالمرتكزات الذهنية والأحكام المسبقة.

مبتدئاً بالمعنى اللغوي للصحبة ، متتبّعاً موارد ذكر الصحابة في آيات الذكر الحكيم بالمدح والثناء ، وبالذمّ والتقريع ، وما ورد عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)فيهم من روايات مادحة وذامّة.

مستعرضاً السيرة الذاتية لبعضهم ضمن الحركة التاريخية لمراحل الدعوة الإسلامية : التخلّف عن جيش أُسامة

والاعتراض على إمرته ، اتّهام الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بالهجر ، وحوادث ما بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، حرب الجمل وصفّين وما بعدها ، عهد معاوية ، وما جرى بين الصحابة في بيعة يزيد.

ثمّ الآراء في تقييم الصحابة : عدالة جميعهم ، ثبوتها في الواقع الخارجي ، عدالتهم قبل دخولهم في الفتنة ، ضرورة تأويل مواقفهم بما ينسجم مع القول بعدالتهم ، وأخيراً الرأي المعتدل ؛ إذ فيهم العادل وغير العادل والفاسق ، وأنّ الصحبة ليس لها دور في عدالة الصحابي ما لم يجسّد سيرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في سلوكه ومواقفه.

الحجم : رقعي.

عدد الصفحات : ١٣٣.

نشر : مركز الرسالة ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ.

* الصحيـح من سيـرة النبـي الأعظـم (صلى الله عليه وآله وسلم) ج (١ ـ ٣٥).

تأليف : السيِّد جعفر مرتضى العاملي.

موسوعة تدور أحداثها وتنطوي صفحاتها على دراسة دقيقة لسيرة النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) ، قام المؤلّف بتحقيقها

           

۴۷۹

وجمع أحداثها ووقائعها من كتب التاريخ بعد أن أحاط بقسم كبير من مجرياتها ، قلّما أحاط بها كتاب ، وحاول تنقيحها وتجريدها ممّا أتت به أيد مشبوهة ومغرضة ونفوس مريضة ، تدخّلت في سرد هذه السيرة لمصالح شتّى ، وحاولت طمر الحقيقة لأغراض معروفة ، ولم تقتصر الموسوعة هذه بأجزائها الخمسة والثلاثين على أقسامها العشرة بل تناول كلّ قسم منها أبواباً مفصّلة في التاريخ النبوي الشريف وأحداثه وهذه هي الطبعة الرابعة للكتاب المنقّحة والمزيدة.

اشتمل الكتاب بأقسامه العشرة على : مدخل إلى دراسة السيرة ، ما قبل البعثة ، إلى الهجرة ، بدر ، أحد ، الخندق ، الحديبية ، فتح مكّة ، من الفتح إلى الشهادة.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : كل جزء ما يقارب ٣٥٠ صفحة.

نشر : دار الحديث ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ.

كتب صدرت حديثاً

* نفحات الهداية.

هذا الكتاب إعداد مؤسّسة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) الثقافية ، وهو مجموعة من المحاضرات التي أدلى بها سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الشيرازي على الوافدين إليه من طلاّب العلوم الدينية وغيرهم ، تناول فيها مختلف المواضيع من أخلاق وتاريخ ومعارف إسلامية.

اشتمل على أربع وعشرين موضوعاً منها : نبيّ الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) خير هاد للبشرية ، الإمام أمير المؤمنين والسلامة في الدين ، أهمّية أحكام الله ، الإمام الحسين عليه‌السلام أقام الدين ، سيرة الإمام زين العابدين عليه‌السلام ، الحجّة المنتظر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) ، كيف تكون في نور الله ، شهر رمضان شهر بناء النفس والمجتمع ، قصّة أصحاب الحجر ، معركة الأحزاب دروس وعبر ، الحرّية في الإسلام ، حقوق المرأة في الإسلام ...

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٣٨٤.

نشر : انتشارات ياس الزهراء عليها‌السلام ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ.

           

۴۸۰

* الإمام علي الهادي عليه‌السلام سيرة وتاريخ.

تأليف : علي موسى الكعبي.

كتاب تدور أحداثه ومباحثه حول سيرة الإمام العاشر من أئمّة الهدى عليهم‌السلام الإمام علي بن محمّـد الهادي عليه‌السلام ، من الولادة وحتّى الشهادة ، وما جرى عليه وعلى شيعته من أئمّة الجور والضلال ، ومَن عاصره من حكّام بني العبّاس.

ينطوي هذا الكتاب على سبعة فصول هي : الحياة السياسية في عصر الإمام الهادي عليه‌السلام ، موقف السلطة من الإمام ، الهوية الشخصية للإمام ، إمامته ، مكارم أخلاقه ومنزلته ، عطاؤه العلمي ، شهادة الإمام الهادي عليه‌السلام.

الحجم : رقعي.

عدد الصفحات : ٢٧٦.

نشر : مركز الرسالة ـ قم ـ إيران / ١٤٢٧ هـ.

* تربية الطفل في الإسلام.

تأليف : السيّد شهاب الدين الحسيني.

اعتنى هذا الكتاب ببيان منهجية الإسلام ورعايته بمسألة تربية الطفل وبناء شخصيّته منذ الطفولة كفرد من

أفراد المجتمع معتمداً في ذلك على هدى كتاب الله والسنّة النبوية الشريفة وسيرة أهل البيت الأطهار عليهم‌السلام ومستنداً في بحثه إلى علم النفس والتربية.

مشتملاً على مقدّمة وخمسة فصول في : المنهج التربوي في العلاقات الأُسريّة ، مرحلة ما قبل الاقتران ، مرحلة ما بعد الولادة ، مرحلة الطفولة المبكّرة ، ومرحلة الصبا والفتوّة.

الحجم : رقعي.

عدد الصفحات : ١١٥.

نشر : مركز الرسالة ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ.

* قوانين السعادة الزوجية.

تأليف : الشيخ حسن موسى الصفّار.

مجموعة كتيّبات تشكّل سلسلة محاضرات إسلامية ألقاها المؤلّف على ثلّة من المثقّفين ، تهتمّ بقضايا الأُسرة في موضوع الزواج ، وإجراء عقود النكاح ، وإيقاع الطلاق والسعي لإصلاح ذات البين ، ومعالجة المشاكل العائلية ، ومتابعة الشأن التربوي ، والانفتاح على الشباب ، يعرض من خلالها تقارب آراء المذاهب الإسلامية في أُمّهات المسائل ، ويبيّنها بلغة عصرية واضحة ، ويقدّمها

           

۴۸۱

برؤية ثقافية اجتماعية.

كتيّب «الحقوق الزوجية» اشتمل على المواضيع التالية : العلاقات الزوجية ، المعاشرة الجنسية ، نفقة الزوجة ، حركة الزوجة خارج البيت ، المعاشرة بالمعروف ، حقّ الخدمة بين الزوجين.

وكتيّب «العلاقات الزوجية» يشتمل على : الخلافات الزوجية ، التحكيم والإصلاح في الخلافات الزوجية ، تعدّد الزوجات.

وكتيّب «عقد الزواج» يشتمل على : عقد الزواج ، إجراء عقد الزواج ، شرائط صحّة العقد ، الشروط في عقد الزواج ، مستحبّات ومكروهات العقد ، الصداق ، استحقاق المهر.

وكتيّب «قرار الزواج» يشتمل على : قرار الزواج ، الفتاة وقرار الزواج ، ولاية الأب ومصلحة البنت ، زواج الثيّب ، أولياء العقد ، الزنا وتحريم التزاوج ، الشذوذ الجنسي ، التزاوج مع اختلاف الدين ...

وكتيب «اختيار الزوج» يشتمل على : الحق في الكفاءة ، اختيار الزوج ، الخطوبة ، اختلاف المذهب هل يمنع التزاوج ، الفحص الطبّي قبل الزواج.

وكتيّب «الزواج أحكامه وأغراضه»

يشتمل على : الزواج حكمه واغراضه ، التزاحم بين الزوج وسائر المهام ، استحباب الزواج ، التزويج والمساعدة ، سنّ الزواج.

الحجم : رقعي.

عدد الصفحات : كل كتيب ما يقارب ١٠٠ صفحة.

نشر : مركز الراية للتنمية الفكرية ـ دمشق ـ سورية / ١٤٢٦ هـ.

* الزهراء في سماء المجد.

تأليف : الشيخ عبـد الشهيد مهدي الستراوي.

تناول الكتاب باختصار تاريخ وسيرة سيّدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين عليها‌السلام ، لتكون قدوةً وأسوةً للمرأة المسلمة في بناء شخصيّتها وتكاملها وتأثيرها في تربية المجتمع وهدايته.

اشتمل على ستة فصول : من هي فاطمة ، سيّدة نساء العالمين ، الولادة ، الاقتران بعلي ، الحياة الزوجية ، محنة الزهراء.

الحجم : رقعي.

عدد الصفحات : ١٥٢.

نشر : دار العلوم ـ بيروت ـ لبنان / ١٤٢٦ هـ.

۴۸۲

* عبير الأبرار وحنين الأحرار.

تأليف : الشيخ عبـد الأمير النصراوي.

ديوان شعر ، يحتوي على قصائد مدح ورثاء للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الطاهرين عليهم‌السلام ، احتوى على أشعار في الحنين للوطن ، والعاطفيّات ، والحكميّات ، والمراثي ، كما ضمّ مجموعة من الشعر الشعبي (الدارج) في النعي ، والأبوذية ، والفايزي ، والنصّاري ، وغيره.

الحجم : رقعي.

عدد الصفحات : ١٨٤.

نشر : دار المرشد للطباعة والنشر ـ بيروت ـ لبنان.

* أبعاد النهضة الحسينية.

تأليف : عباس الذهبي.

دراسة في النهضة الحسينية التي أخذت تجدّد في كلِّ عصر لترسم آثارها حيّةً مدى الأيّام في تعليم الأجيال وبناء شخصية من آمن بها حيث إنّها لازالت مكنونة في الوجدان البشري ، عرضها الكتاب في ستّة أبعاد في : البعد الغيبي ، والعبادي ، والأخلاقي ، والسياسي ،

والإعلامي ، والعسكري.

الحجم : رقعي.

عدد الصفحات : ١٨١.

نشر : مركز الرسالة ـ قم ـ إيران / ١٤٢٥ هـ.

* مدخل إلى مناهج المعرفة عند الاسلاميين.

تأليف : السيّد كمال الحيدري.

كتاب فلسفي ، تناول العديد من البحوث في الفلسفة الاسلامية ، متّخذاً من فلسفة مدرسة الحكمة المتعالية ونظرية المعرفة أساساً ومحوراً ، لأنّها استطاعت أن تعطي الإجابات العلمية المتقنة حول المبدأ والمعاد والنبوّة والإمامة وغيرها من المسائل التي يتألّف منها البناء العقائدي في النظرية الإسلامية ، حيث تناول بحث الوجود الذهني مدخلاً له في هذا الإطار ضمن التفسير الماهوي للمعرفة ، ومبحث نفس الأمر ، كما تعرّض في بحوثه إلى المدارس الخمسة في العصر الاسلامي ، ومن ثمّ تطرّق إلى منهج العلاّمة الطباطبائي في تفسير القرآن ، وقد استدرك في آخره فكر الشهيد محمّد باقر الصدر قدس‌سره في مجال نظرية المعرفة وعلم

۴۸۳

الكلام والفلسفة.

اشتمل الكتاب على خمسة فصول : التفسير الماهوي للمعرفة ، ونفس الأمر ، والمدارس الخمس في العصر الاسلامي ، ومنهج الطباطبائي قدس‌سره في تفسير القرآن الكريم ، وخصائص عامّة في فكر الشهيد محمّد باقر الصدر قدس‌سره.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٤٤٤.

نشر : دار الفراقد ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ.

* الوحدة الشيعيـة والغـزو الوهـابي ج (١ ـ ٢ ـ ٣).

تأليف : الشيخ نجاح الطائي.

جمع الكتاب العديد من المباحث التاريخية والعقائدية ، التي ارتآها المؤلّف في بحثه العلمي ، لكشف النقاب عن وقائع تاريخية مزعومة صدّقها العالم الإسلامي ، وقد فنّد الكثير من المزاعم ردّاً للشبهات المثارة ضدّ مذهب أهل البيت عليهم‌السلام ، مؤكّداً على قوّة الثقافة الشيعية وسعتها على احتواء الأُمّة وتوحيد كلمتها ، كما أشار من خلال بحوثه إلى التاريخ الشيعي ومدى تأثيره على رصّ الصفوف.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ج ١ : ٢٤٨ ، ج ٢ : ٣٥٠ ، ج ٣ : ٢٩٤.

نشر : دار الهدى لإحياء التراث ـ بيروت ـ لبنان / ١٤٢٦ هـ.

* الحجّة الدامغة على الألسن الجارحة.

تأليف : الشيخ فيصل البصري.

كتاب عقائدي ، كلامي ، يهتمُّ ببيان العقيدة الحقّة لمذهب أهل البيت عليهم‌السلامبالدليل الواضح والقاطع في ضمن دراسة تحليلية على ضوء الكتاب ، والسنّة النبوية ، والتاريخ.

يحتوي الكتاب على عدّة فصول أساسية هي : الصحبة والصحابي ، التقية منهج إسلامي واع ، الرجعة ، الفرقة الناجية.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٢٣٢.

نشر : دار باقيات ـ قم ـ إيران / ١٤٢٧ هـ.

* فيه آيات بيّنات.

تأليف : الشيخ مرتضى علي الباشا.

كتاب احتوى على جمع معلومات لمعالم مكّة المكرّمة ، لاسيّما ما يختصّ

۴۸۴

ببيت الله الحرام من آيات بيّنات ، تفيد الحاج والمعتمر ، وتزيده معرفةً وارتباطاً بالله ، اعتمد فيه على كتب الفريقين.

اشتمل على خمسة عشر فصل في : الكعبة المشرفة ، مقام إبراهيم ، الحجر الأسود ، حجر إسماعيل ، الحطيم ، ظهر الكعبة أو دبرها ، المستجار ، المتعوّذ ، الملتزم ، الركن اليماني ، المتعلّق باستار الكعبة ، فضل الصلاة في الحرمين ، أفضل مواضع المسجد ، بئر زمزم ، الصفا والمروة.

وزاد في آخره ثلاثة ملحقات في : فوائد متفرّقة ، صور مختارة ، تراجم مختصرة.

الحجم : رقعي.

عدد الصفحات : ٢٣٤.

نشر : مؤسّسة اُمّ القرى ـ بيروت ـ لبنان / ١٤٢٦ هـ.

* من هو الصدّيق؟ ومن هي الصدّيقة؟

تأليف : السيّد علي الشهرستاني.

الكتاب رسالة تبحث في مصداق مفردتي الصدّيق والصدّيقة ، إرتأى المؤلّف أن يدرسهما دراسة موضوعية ، وذلك حيث ارتبطت مفردات التاريخ بمعان سامية لها أثر كبير في غرس

العقيدة في نفوس الاُمّة ، لكنّها اتخذت أُسلوباً لتضليل المجتمع وانحرافهم ، اعتمد فيها على النصوص التاريخية لدى الفريقين ، كما بيّن جانباً مشرقاً من سيرة سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها‌السلاموأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلامفي كونهما مصداقاً لهاتين المفردتين.

اشتمل الكتاب على عدّة مواضيع منها : الصدّيق في اللغة والاستعمال ، عائشة والصدّيقية ، أبو بكر والصدّيقية ، دوافع الكذب عند الطرفين ، الغيب والمادّة ، بعض معايير الصدّيقية ، بعض منازل الصدّيقة الطاهرة ، بين فاطمة الصدّيقة وأعدائها ، تحريفات محمومة.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ١٧٠.

نشر : (دليل ما) ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ.

* من الخلق إلى الحق.

اعداد : طلال الحسن.

مجموعة من محاضرات السيّد كمال الحيدري ، ألقاها على طلاّب العلوم الدينية في الحوزة العلمية بقم المقدّسة ، دارت أبحاثها حول مواضيع تحثُّ الطالب على الفحص والارتقاء إلى الله ،

۴۸۵

وتحصيل أكبر قدر ممكن من مراتب الكمال ، وبالرغم من أنّ الرسالة تضمّنت مفاهيم عرفانية وفلسفية لكنّها امتازت بعباراتها الواضحة المعتمدة على بيان آيات الكتاب الحكيم سيّما استغراقها في الجانب الروائي ، وبيان الأدعية الواردة عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأئمّة أهل البيت عليهم‌السلام.

اشتملت الرسالة على مقدّمتين في : عالم الغيب ، وقوسي الوجود «النزول والصعود» ، وعلى فصلين في : الأسفار العلمية الأربعة ، والأسفار العقلية الأربعة.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٢٦٢.

نشر : دار فراقد ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ.

* وضوء عبـد الله بن عبّاس ودور السياسة في اختلاف النقل عنه.

تأليف:السيّد علي الشهرستاني.

هو ملخّص كتاب وضوء النبي للمؤلّف ، قام بتلخيصه الشيخ قيس العطّار ، يبحث فيه الروايات الواردة عن عبـد الله بن عبّاس رضي‌الله‌عنه في الوضوء ، دلالةً وسنداً ، كما درس حقيقة إمكان انتساب هذه الأخبار إلى ذلك الصحابي ،

ومدى تطابقه مع الثوابت الحديثية الاُخرى ، ليقف القارئ على حقيقة الأمر في مذهب ابن عبّاس رضي‌الله‌عنه الوضوئي ، وفي معرفة ملابسات الأحكام الشرعية وتاريخ التشريع الاسلامي.

اشتمل على عدّة مواضيع منها : ظاهرة اختلاف النقل عن الصحابي الواحد ، نماذج من اختلاف ابن عبّاس رضي‌الله‌عنه وعثمان في المسائل الفقهية ، مخالفة النهج الحاكم مع علي عليه‌السلام وابن عبّاس رضي‌الله‌عنه ، حرق الشيخين للمدوّنات ومنعهم للتحديث ، محاولة حصر الرواية بما سمع في عهد الشيخين ، وجعل سيرتهما بجانب القرآن والسنّة ...

الحجم : رقعي.

عدد الصفحات : ١٥٢.

نشر : دار مشعر ـ طهران ـ إيران / ١٤٢٦ هـ.

* مبادئ الفلسفة الاسلامية ج (١ ـ ٢).

تأليف : عبـد الجبّار القحطاني الرفاعي.

قدّم الكاتب دراسة جديدة في الفلسفة بشكل عام ، وفي الفلسفة الاسلامية بشكل خاص ، حيث دوّن لتعريف هذا العلم مدخلاً موجزاً ، تناول المؤلّف من

۴۸۶

خلاله : معنى الفلسفة ، أقسامها ، وظيفتها ، نشأتها ، وأزمنتها ، وأبرز تيّاراتها ومدارسها عبر التاريخ ، ومصيرها في العصر الحديث ، والمناهل الاسلاميّة للتفكير الفلسفي ، ومدارس الفلسفة الاسلامية ؛ كلّ هذا ليتعرّف الطالب على مبادئ الفلسفة ، ومسارها ، ومدارسها ، واتجاهاتها ؛ إضافة إلى المنهج الفلسفي عند العلاّمة الطباطبائي.

اشتمل الجزء الأوّل من هذا الكتاب بعد المقدّمة على : مدخل إلى الفلسفة ، منهج الدرس الفلسفي عند العلاّمة الطباطبائي قدس‌سره ، شرح بداية الحكمة حتّى نهاية المرحلة الخامسة من هذا الكتاب.

كما اشتمل الجزء الثاني : على المرحلة السادسة حتّى نهاية المرحلة الثانية عشر على بحوث في : المقولات العشر ، العلّة والمعلول ، انقسام الموجود إلى الواحد والكثير ، السبق واللحوق والقدم والحدوث ، في القوّة والفعل ، العلم والعالم ، إثبات ذاته وصفاته وأفعاله عزّ وجلّ.

الحج : وزيري.

عدد الصفحات : ج ١ : ٤٣٠ ، ج ٢ : ٤٢٨.

نشر : مركز دراسات فلسفة الدين ـ

بغداد ـ العراق / ١٤٢٦ هـ.

* الغيبة وآثارها في الحياة الانسانية.

تأليف : الشيخ عبـد الله الدقّاق.

تناول الكتاب بحثاً تربويّاً في تعريف الغيبة ، والنهي عنها وآثارها السلبية في الاُمّة ، واستند إلى كتاب الله عزّوجلّ وروايات الأئمّة الأطهار عليهم‌السلام لترسيخ روح التربية الإسلامية السليمة في الأُسرة المؤمنة.

اشتمل على ستّة فصول في : تعريف الغيبة وشروط تحقّقها وأقسامها ، دواعي الغيبة وبواعثها ، موارد جواز الغيبة ، علاج الغيبة وكفّارتها وأحكامها ، آثار الغيبة على الفرد والمجتمع ، فيما ورد في الغيبة من الروايات.

الحجم : رقعي.

عدد الصفحات : ١٢٨.

صدر في قم سنة ١٤٢٧ هـ.

* قوافل النور.

تأليف : حسين بركة الشامي.

كتاب تناول حياة الإمام الصادق عليه‌السلام ، فنظمها على بحر الرجز ، بدءً بولادته وانتهاءً بشهادته عليه‌السلام ، حيث جعل لكلِّ مقطع شعري عنوانه المختصّ

۴۸۷

به مع ذكر الرواية المنتقاة من مصدرها في الهامش.

اشتمل على العناوين التالية : المولد المبارك ، أسماؤه وألقابه ، خصاله وصفاته ، أقوال العلماء فيه ، رواته وتلامذته ، جامعة الإمام الصادق عليه‌السلام ، كرمه وسخاؤه ، قصص وطرائف رواية مالك ، الحوار مع الزنادقة ، المعتزلة والأشاعرة ، عصر الإمام الصادق عليه‌السلام ، شعر السيّد الحميري ، تدوين العلوم ، ثورة زيد الشهيد وثورة يحيى ، صبر الإمام الصادق عليه‌السلام ، وصية الإمام الصادق عليه‌السلام ، شهادته عليه‌السلام.

الحجم : رقعي.

عدد الصفحات : ١٨٠.

نشر : ديوان الوقف الشيعي ـ بغداد ـ العراق / ١٤٢٦ هـ.

* أهل البيت معالم مدرستهم وقيادتهم.

تأليف : الشيخ فؤاد كاظم المقدادي.

هذا الكتاب هو الجزء السادس من سلسلة كتب دورية تصدر عن مجمع الثقلين ، أعدّ فيه المؤلّف بحثاً ودراسة عن تاريخ وسيرة أهل البيت عليهم‌السلام ، وتعريف خطّهم الرسالي في حمل راية التوحيد وتثبيت أحكام الإسلام

المحمّدي الأصيل ، داعياً الاُمّة الإسلامية إلى وجوب معرفتهم ومودّتهم والالتزام بحبل ولائهم لتوحيد الكلمة ولمّ شعث المسلمين.

اشتمل على مدخل : حبُّ أهل البيت عليهم‌السلام منطلق وحدة المسلمين ، وعلى ثلاثة فصول في : معرفة أهل البيت عليهم‌السلام ، الأُصول الفارقة لمدرسة أهل البيت عليهم‌السلام ، قيادة أهل البيت عليهم‌السلام ، والخاتمة : مدرسة أهل البيت عليهم‌السلام رائدة الوحدة الإسلامية.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٣٠٣.

نشر : مجمع الثقلين العلمي ـ بغداد ـ العراق / ١٤٢٦ هـ.

* دراسات في الحكمة والمنهج.

تأليف : السيّد عمّار أبو رغيف.

قدّم الكتاب بحوثاً فلسفيّة بدراسة جديدة ، وبروح تبحث عن لمّ شتات الأفكار ، في مجموعة من المقالات المتناثرة ، والتي أعدّها المؤلّف في يرعان شبابه وطوال مسيرته الفكرية والجغرافية التي استغرقت عقوداً من الزمن ، ليعرض من خلالها ترابط أُصول الحكمة والروح التربوية في الإسلام ،

۴۸۸

وكيفية مدّ جسور التفاهم بين العقول البشرية ، إذ يعدّ أمراً حيويّاً وأساسيّاً في إثراء المعرفة وإغناء تجارب الشعوب في مختلف حقولها الفكرية.

اشتمل الكتاب على المواضيع التالية : نظرية الإدراك ، مدخل منهجي لدراسة النظرية التربوية في الإسلام ، ماذا جاء حول فلسفتنا ، مدخل نقدي لدراسة الفكر الوجودي وفلسفة كارل ياسپرز ، إطلالة على حياة صدر الدين الشيرازي ومنهجه الفلسفي ، دراسة حول نظرية الجمال ، قراءة في تجديد التفكير الديني في الإسلام ، ملاحظات ، حول الثقافة والمنهج ، نظرية المعرفة بين الشهيدين المطهّري والصدر ، أصالة الوجود عند صدر الدين الشيرازي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٤٢٠.

نشر : دار الفقه للطباعة والنشر ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ.

* فقه الشيعة.

تأليف : السيّد محمّد مهدي الموسوي الخلخالي.

تناول الكتاب موضوع الإجارة ، وكانت مباحثه تدور حول إجارة الأعيان

والإجارة على الأعمال ، وهي مجموعة من المحاضرات الفقهية ، التي أدلى بها المؤلّف في بحثه الخارج على جمع من الفضلاء في العاصمة طهران حيث قام بشرح كتاب العروة الوثقى منهجاً في بحثه.

اشتمل على سبعة فصول في : تعريف الإجارة وأركانها ، أركان الإجارة ، الإجارة من العقود اللاّزمة ، في أحكام العوضين ، الضمان في الإجارة ، ملكية الإجارة ، مسائل متفرّقة ، التنازع. وخاتمة فيها مسائل ، والتكملة في السرقفلية وتعريفها ، والملحق : تطوّرات قانون السرقفلية.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ١١٤٤.

نشر : انتشارات منير ـ طهران ـ إيران / ١٤٢٦ هـ.

* حياة أمير المؤمنين عليه‌السلام عن لسانه ، ج ٥.

تأليف : الشيخ محمّد محمّديان.

جمع وترتيب لبيانات وخطب ورسائل أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وما أُثر عنه من كلمات ؛ التي تحكي لمحات من سيرة حياته الشريفة ، والتي تعكس

۴۸۹

الظروف والمشاكل والاحتياجات والكثير من المسائل التي عاصرها وواجهها الإمام عليه‌السلام ، وتبيّن مواقفه منها ، إذ تعدّ هذه البيانات من أوثق المصادر وأقواها اعتماداً ، لمعرفة تفاصيل حياة الإمام عليه‌السلامالمباركة.

كما أُضيفت (تكملة) لبعض فصول الكتاب ، تمّ اختيارها من البيانات الواردة ضمن فصوله الأُخرى ، ترتبط بما ورد في الفصل الذي أُضيفت له التكملة ، بالإشارة إلى الرقم المسلسل للحديث ومحلّ الاستشهاد منه فقط.

اشتمل هذا الجزء على ثلاثة أبواب بفصولها في : حرب الجمل ، أمير المؤمنين عليه‌السلام في البصرة ، أمير المؤمنين عليه‌السلام في الكوفة.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٥٢٨.

نشر : مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ.

* لماذا الاختلاف في الوضوء.

تأليف : السيّد علي الشهرستاني.

كتاب لخّصه ورتّبه الشيخ قيس العطّار ، أزاح الستار عن سبب انقسام

المسلمين في اجتهداتهم الفقيه ، إلى من التزم بالكتاب والسنّة النبوية الشريفة ، وإلى من ارتأى الاجتهاد قبال النصّ ، ممّا أدّى إلى اختلاف فقهي في شتّى المجالات ، وانشقاق في صفوف المسلمين ، حيث كان العهد العثماني ومن ثمّ الخلفاء الأمويّون سبباً في ذلك لتمييز العلويّين من غيرهم.

اشتمل على عدّة مواضيع منها : المجتهدون في زمان النبي ، عثمان والوضوء ، من هو البادئ بالخلاف ، لماذا الإحداث في الوضوء ، علي والوضوء ، الأمويّون والوضوء ، العباسيّون والوضوء ...

الحجم : رقعي.

عدد الصفحات : ١٠٢.

نشر : دار مشعر ـ طهران ـ إيران / ١٤٢٦ هـ.

* أحكام الاُسرة في الإسلام.

تأليف : الشيخ محمّد جعفر شمس الدين.

قدّم الكتاب بحوثاً في أحكام الأُسرة وفقاً لنصوص قوانين الأحوال الشخصية للطوائف الدينية اللبنانية ، وقد اتّبع المؤلّف أُسلوب المقارنة في كلّ مراحل

۴۹۰

البحث بشكل منهجي ، لتتّضح مواضع الالتقاء والافتراق في نظام الزواج بين ما قرّرته الشريعة الإسلامية بمختلف مذاهبها ، ومارسمته المرجعيّات الدينية المسيحية وغيرها ، حيث اعتقد أنّ هذا النوع من البحث يضع الحدّ للسلبيّات الطائفية المقيتة.

اشتمل على مقدّمة ، مدخل وتمهيد : أساس قانون الأحوال الشخصية في لبنان ، مبحث موطِّئ : الخطبة كمقدّمة للزواج. وعلى ثمانية مباحث في : ماهية الزواج ومشروعيته وحكمه والحكمة منه ، عقد الزواج وشروط صحّته والموانع ، الآثار والمفاعيل لعقد الزواج ، آثار الأبوّة والاُمومة والبنوّة ، التبنّي ، النفقات ، الوصاية ، حلّ عقدة النكاح أو انحلالها.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٣٤٣.

نشر : دار الهادي ـ بيروت ـ لبنان / ١٤٢٦ هـ.

* الوقف وأحكامه.

تأليف : الشيخ محمّد جعفر شمس الدين.

عرض الكتاب دراسة مقارنة بين

أحكام الوقف الإسلامي والقانون ، كما قارن بين آراء الفقهاء في المذاهب الستّة : الاثني عشري ، والحنفي ، والشافعي ، والمالكي ، والحنبلي ، والزيدي ، معتمداً فيها على اُمّهات المصادر لديهم ، وقد ناقش من خلالها المعضلات والمآسي التي يواجهها القانون اللبناني ويعانيها المجتمع ، ويطرح المؤلّف آراءه الخاصّة وما توصّل إليه من سبل حلٍّ ويناقش عليها.

اشتمل على مقدّمة ومبحث افتتاحي موطّئ يحوي أربع نبذ في : حكمة الشريعة الإسلامية ، الوقف الإسلامي نسيج وحده ، آثاره الإيجابية ، سوء استغلال التشريع. وبابين ، الأوّل منهما في : ماهية الوقف ، وفيه ستّ فصول في : تعريف الوقف ومشروعيته وحكمه ، أنواع الوقف ، الوقف مثبتاته ومبرّزاته ، شروط صحّة الوقف ، أركان الوقف وشروطها ، متولّي الوقف. والباب الثاني في : التصرّف بالوقف وأحكامه ، وفيه أربع فصول : بيع الوقف واستبداله ، إجارة الوقف ، قسمة الوقف ، انتهاء الوقف.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٤٨٠.

۴۹۱

نشر : دار الهادي ـ بيروت ـ لبنان / ١٤٢٦ هـ.

* درر البحار.

تأليف : عبّاس حسن الموسوي.

كتاب جمع فيه المؤلّف سيرة المعصومين الأربعة عشر عليهم‌السلام ، بدءً من الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) وانتهاءً بالامام الحجّة ابن الحسن المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف ، بدراسة تحليلية عن ولاية أهل البيت عليهم‌السلام على ضوء الكتاب والسنّة ، حيث ذكر فيه أهمّ الأحداث التي جرت في زمانهم عليهم‌السلام ، من مواليدهم الشريفة حتّى الرحيل إلى الرفيق الأعلى ، وقد جعل لكلٍّ من المعصومين فصلاً خاصّاً حسب الترتيب ، وصدّر المواضيع بعناوين تختصّ بها.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٦٤٧.

نشر : مؤسّسة أنصاريان للطباعة والنشر ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ.

* تفسير آية المودّة.

تأليف : السيّد علي الحسيني الميلاني.

رسالة تناولت آية المودّة في

القربى عليهم‌السلام ، تبحث في بيان دلالتها على إمامة العترة الطاهرة وولايتهم العامّة بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وقد اعتمد فيها بالنقل من كتب السنّة فقط ، وهي من سلسلة أبحاث صدرت بعنوان (اعرف الحقّ تعرف أهله) برقم (١).

اشتملت على خمسة فصول في : تعيين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للمراد من «القربى» ، تصحيح أسانيد هذه الأخبار ، دفع شبهات المخالفين ، الأخبار والأقوال ، ودلالة الآية على الإمامة والولاية.

الحجم : رقعي.

عدد الصفحات : ١٤٦.

نشر : مركز الحقائق الإسلامية ـ قم ـ إيران / ١٤٢٧ هـ.

* نظريّة المعرفة بين الشهيدين مطهّري والصدر.

تأليف : السيّد عمّار أبو رغيف.

كتاب بيَّن وجوه الافتراق والاشتراك بين أفكار الشهيدين ، وأشار إلى أصالة وقدرة العقل الإسلامي ليتّجه من خلاله إلى البحث في نظرية المعرفة ، ومدى استطاعة العقل إدراك حقيقة الكون والطبيعة والإنسان.

اشتمل على العناوين التاليـة : نظرية

۴۹۲

المعرفة بين الشهيديـن ، طريقتنـا ، قيّمـة المعرفـة ، عرض وجهات النظر المختلفة ، تقويـم النظريّـات ونقدها ، عرض الموقف الفلسفي الإسـلامي ، مصدر المعرفة ، المعرفـة التصويرية ، المعرفة التصديقيـة ، حدود المعرفـة ، الادراك البشري ، تقويـم شامل للمرحلـة الأُولى من المقارنـة ، بديهيّات حساب الاحتمال ، الإيمان القلبـي بمبـدأ استحالة اجتمـاع النقيضيـن ، المعرفة البشريـة في ضـوء المذهب الذاتـي ، قيمـة المعرفـة ، مصـدر المعرفة ، حدود المعرفة ، الوجدان والعرفان.

الحجم : رقعي.

عدد الصفحات : ٦٦.

نشر : دار الفقه للطباعة والنشر ـ قم ـ إيران / ١٤٢٧ هـ.

* الأئمّة الأثنى عشر عليهم‌السلام.

تأليف : السيّد علي الحسيني الميلاني.

كتاب من سلسلة أبحاث (اعرف الحقّ تعرف أهله) برقم (٢) ، استلّه المؤلّف من شرحه لكتاب منهاج الكرامة للعلاّمة الحلّي قدس‌سره ، حيث أفرد منه القسم المرتبط بتراجم الأئمّة الإثني عشر عليهم‌السلام مع الردّ

على ابن تيمية ونقد كلامه حولهم عليهم‌السلاممعتمداً في ذلك على مصادر التأريخ والسيرة لأهل السنّة ، لتعمّ الفائدة القارئين باستقلالية البحث.

الحجم : رقعي.

عدد الصفحات : ٢٢٨.

نشر : مركز الحقائق الإسلامية ـ قم ـ إيران / ١٤٢٧ هـ.

* لطائف الرحمن الرحيم في آيات الكتاب المبين.

تأليف : محمّد حسين مرتضى.

جمع الكتاب آيات من كتاب الله الحكيم ، وأذكاراً وردت فيها عن المعصومين عليهم‌السلام ، وتعرّض لما ورد فيها من بركات عظيمة وفوائد عميمة لمن أخذ بها واستمسك بعروتها.

اشتمل على عشرة فصول بالعناوين التالية : النعيم في بسم الله الرحمن الرحيم ، المعين في آثار الحمد لله ربِّ العالمين ، التجليل لآية التهليل ، درّة الدرر في آيات السفر ، في آيات النوم ، في الآيات المرتبطة بالعدوّ ونحوه ، في الآيات المتعلّقة بالاستشفاء ودفع المضار الروحية والبدنية ، في الآيات المرتبطة بالزراعة ونحوها ، في الآيات المتعلّقة

۴۹۳

 بالدواب ، في الآيات المتعلّقة بالموت ، في النوادر.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٢٢٣.

نشر : دار جواد الأئمّة عليهم‌السلام ـ بيروت ـ لبنان / ١٤٢٦ هـ.

* مسألة فدك.

تأليف : السيّد علي الحسيني الميلاني.

كتاب من سلسلة أبحاث (اعرف الحقّ تعرف أهله) برقم (٣) ، ألمّ ببحث علمي مشوِّق في مسألة فدك وحديث : «إنّا معاشر الأنبياء لا نورِّث» ، وذلك بعد أسئلة طرحت على المؤلف من أحد أبناء السنّة عِبرَ إلانترنت ، يطلب منه الحيادية في البحث وعدم الانصياح إلى ميزان العاطفة التي لا تصلح للقضاء في باب المنازعات فكانت الإجابة على اختصارها حياديّة البيان جليّة البرهان ، معتمدةً على العديد من مصادر أهل السنّة في تفنيد المزاعم وإثبات كلمة الحقّ.

الحجم : رقعي.

عدد الصفحات : ٨٨.

نشر : مركز الحقائق الإسلامية ـ قم ـ إيران / ١٤٢٧ هـ.

* شرح المهذّب ج (١ ـ ٢).

تأليف : السيّد عبـد الرسول الشريعتمداري الجهرمي.

كتاب فقهي في جزءين ، احتويا شرح المجلّد الثاني من كتاب المهذّب في الفقه ، تصنيف قاضي القضاة سعد الدين أبي القاسم بن نحرير بن عبـد العزيز المعروف بابن البرّاج ، شرحه وحقّقه المؤلّف بدءً من كتاب الإجارات وانتهاءً بباب آداب القضاء من كتاب الدعوى والبيّنات ، كما ذكر مقدّمةً له بيَّن فيها منهجه العلمي والعملي للكتاب ، وأهمّية علم الفقه ، والنسخ التي عثر عليها والمعتمدة من كتاب المهذّب ، ومختصراً عن حياة المؤلّف ابن البرّاج.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ج ١ : ٦٩٦ ، ج ٢ : ٦١٥.

نشر : منشورات (دانش حوزه) ـ قم ـ إيران / ١٤٢٧ هـ.

 

۴۹۴