تراثنا ـ العددان [85 و 86]

399
/

۱
۲

تراثنا

صاحب الامتیاز :

مؤسّسة آل البيت لإحياء التراث

المدير المسؤول :

السيّد جواد الشهرستاني

العددان الأول والثاني [٨٥ و ٨٦]

السنة الثانية والعشرون

محتويات العدد

* كلمة العدد :

* التراث وازدواجية المعايير.

............................................................... هيئة التحرير ٧

* الفوائد البديعة من «وسائل الشيعة» (٣).

................................................ السيد علي الحسيني الميلاني ١٠

* عدالة الصحابة (١٤).

....................................................... الشيخ محمد السند ٤٨

* تاريخ النظرية الفقهية في المدرسة الإمامية (١).

...................................................... السيد زهير الاعرجي ٧٨

* ديك الجن وفن الرثاء

.............................................. الشيخ عبد الرسول الغفاري ١٥٦

۳

محّرم ـ جمادي الآخرة

١٤٢٧ هـ

* فهرس مخطوطات مكتبة أمير المومنين عليه‌السلام العامّة / النجف الأشرف (٢٠).

......................................... السيد عبد العزيز الطباطبائي قدس‌سره ٢٠٠

* من المخطوطات العربية في مكتبة المتحف البريطاني / لندن (٢).

................................................ الشيخ محمد مهدي نجف ٢٢٤

* من ذخائر التراث :

* الإبانة عن المماثلة في الاستدلال بين طريقي النبوّة والإمامة ـ للكراجكي.

................................................... تحقيق علي جلال باقر ٢٧٥

* من أنباء التراث.................................................................

........................................................... هيئة التحرير ٣٩٥

۴

۵
۶

كلمة العـدد :

التراث وازدواجية المعايير

هيئة التحرير

بسم الله الرحمن الرحيم

لمصلحة من يدمّر تأريخنا ، تراثنا ، معالم حضارتنا ..؟! لِمَ تجدّ المساعي الشرّيرة كي تقضي على المكانة الخالدة التي رسمها الزمن لقادة فكرنا وديننا؟! رسماً رشح عن عطاء أغدق على الإنسانية حكمةً وعدلاً ونبلاً إلى يومنا هذا. أليس لكونه عهداً عملياً وخطاباً واعياً يحاكي العقول النيّرة والضمائر الحيّة ، فتجافيه حينئذ تلك التي امتلأت غيضاً وحقداً حتّى أنّها لم تألُ جهداً لحذفه ونفي كلّ ما يمتّ له بنوع صلة أو ارتباط؟!

نعم ، لقد فجّر الحقد مرقد الإمامين العسكريّين عليهما‌السلام بمدينة سامرّاء في العراق ، ولن تكون فعلتهم الشنيعة هذه نهاية المطاف ، بل إنّه نهج وفكر يدوم بدوام دواعي الكراهية والعداء لمدرسة آل البيت عليهم‌السلام ورؤاها السامية.

لا نبثّ شكوىً ولا نستعطف أحداً ولا نحمّل غيرنا الفكرة والرؤية عنوةً ، ولسنا بصددها هنا ، فآل بيت المصطفى عليهم‌السلام ـ تأريخاً وسيرةً وعطاءً وتجسيداً لقيم السماء ـ كالشمس في رابعة النهار ، بل أبزغ وأسنى ، حيث

۷

لا اُفول لمكانتهم الشامخة وتعالميهم الرائدة. ولسنا أيضاً في مقام تناول التيّار السلفي التكفيري بالنقد والتحليل ، فأمره كان ولا زال واضحاً ويزيده الله تبارك وتعالى يوماً بعد آخر فضيحةً وهزيمة.

إنّما ننطلق في إشارتنا لهذه الجريمة من زاوية التراث ، فهو القاسم المشترك ونقطة الالتقاء مع سائر الحضارات والثقافات والأديان ، وقد حظى بعناية واحترام الكلّ بالإجماع.

نعم ، إنّه ضمير الأُمّة ، المرآة التي ترى فيه الاُمّة تحقّق الممكن. والمتمسّكون بالتراث لا يتمسّكون به لمجرّد أنّه تراث الآباء والأجداد ، بل لأنّهم يقرءُون فيه ما ينبغي أن يكون ؛ إنّه قراءة للمستقبل في صورة الماضي.

وليس التراث في الوعي المعاصر قطعة عزيزة من التأريخ فحسب ، ولكنّه دعامة من دعامات وجودنا وأثر فاعل في مكوّنات وعينا الراهن ، وأثر قد لا يبدو للوهلة الاُولى بيّناً لكنّه يعمل فينا في خفاء ويؤثّر في تصوّراتنا.

وتراثنا الإسلامي قد قُيّض له أن سلّم به قسم كبير من العالم منذ أكثر من ألف عام واستطاع أن يزوّد الإنسانية بحضارة حقيقية وعلم صحيح ورجال عظام ما زالوا إلى يومنا هذا هم النموذج الأرفع. فهو عالمي ، بمعنى أنّه تراث حضارة عالمية ، حضارة الإنسانية ، فالثقافة الإسلامية تمثّل ثقافة على المستوى العالمي؛ كونها غير محدودة ولا منغلقة ، بل متفتّحة قابلة لاستيعاب كلّ الثقافات التي احتكّت بها.

وخلاصته : إنّه تفاعل الناس مع القرآن والنبي وآله الأطهار وصحبه الأخيار.

أقلّ ما يقال في حقّ مرقد الإمامين العسكريين عليهما‌السلام : إنّه تراث محترم لدى كافّة الاُمم والشعوب والحضارات والثقافات. وعليه ، فهل نالت

۸

جريمة تفجير هذا المرقد الطاهر الحدّ الأدنى من اهتمام المحافل الدولية والمنظّمات المختصّة؟! مثلما نال الانحراف المستمرّ في برج بيزا الإيطالي متابعة هذه الدوائر التي طالما عبّرت عن قلقها حياله ، بل إنّ المقطوعة الموسيقية المسروقة من إحدى سمفونيّات بيتهوفن بقيت ليومنا هذا مورد عناية ومتابعة تلك الجهات ، وهكذا لوحة الموناليزا .. ومنظّمة الثقافة والعلوم «اليونسكو» التابعة للاُمم المتحدة راقبت عن كثب وعملت ما بوسعها من أجل الحصول على نتائج لائقة بهذا الشأن ، بل وذرفت دموع التماسيح من أجل تمثال «بوذا» الذي دمّرته حكومة الطالبان في أفغانستان ، التمثال الذي يجسّد الشرك والكفر بأجلى مصاديقه ، لكنّها لم تنبس ببنت شفة ـ حتّى يومنا هذا ـ تضامناً أو اهتماماً بقضية تفجير المرقد المقدّس للإمامين العسكريّين عليهما‌السلام ، هذا الصرح الذي يمثّل بكلّ شموخ مفهوم العدل والحرية والإنسانية بأروع مضامينه.

إنّ هذه الازدواجية في التعامل مع القيم والأحداث ما هي إلاّ إفرازة من التراكمات التأريخية والمصالح السياسية والاقتصادية والثقافية لقوى الهيمنة والتسلّط العالمي.

ولن تزيدنا هذه الظلامة إلاّ عزماً وتصميماً في الذود عن مبادئنا السامية وديننا الحنيف وفكرنا الحقّ.

(يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ الله بِأَفْوَاهِهِمْ وَالله مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ).

والحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين.

هيئة التحرير

۹

الفوائـد البديـعة

مـن

«وسائل الشـيعة»

(٣)

السـيّد عليّ الحسـيني الميلاني

(١٢)

القرآن القرآن

عن يعقوب الأحمر ، قال : «قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إنّ علَيَّ ديناً كثيراً ، وقد دخلني ما كاد القرآن يتفلّت منّي.

فقال أبو عبد الله عليه السلام : القـرآن القـرآن ..

إنّ الآية من القـرآن والسـورة لتجيء يوم القيامة حتّى تصـعد ألف درجة ـ يعني في الجنّة ـ فتقول : لو حفظتني لبلغتُ بك ها هنا» (١).

أقول :

الظاهر : إنّ الرجل ـ وهو يعدُّ من فقهاء أصحاب الأئمّة عليهم السلام (٢) ـ كان حافظاً للقرآن الكريم ، فلمّا أصابته الهموم بسبب كثرة

__________________

(١) وسائل الشيعة ٦ / ١٩٤ ح ٧٧١٠.

(٢) معجم رجال الحديث ٢١ / ١٤٣.

۱۰

الديون عليه ، فلم يوفّق لتلاوة القرآن والمواظبة على ذلك ، وخاف أن يعرضه النسيان ، شكا حاله إلى الإمام عليه السلام ، ففزع عند ذلك حين ذكر القرآن ـ كما في رواية أُخرى عنه في الباب ـ فجعل عليه السلام يؤكّد على الاهتمام به قائلاً : القرآن القرآن ، ثم ذكر له ما لحفظ الآية الواحدة منه من الفضل فضلاً عن كلّه ..

فكأنّه يريد أن يقول له : إنّ تلك الهموم التي أنت فيها على أثر الدَين لا تقاس بما ستخسـره من المراتب ، وما سيصيبك من الهمّ على خسرانها ؛ بسبب تفلّت آية أو سورة واحدة من القرآن منك.

وعلى الجملة ، فإنّه لا ينبغي للمؤمن أن تؤدّي همومه الدنيوية ـ مهما كثرت واشتدّت ـ إلى الغفلة عن التكاليف الدينية والوظائف المعنوية ، وإنّ الأئمّة عليهم السلام ليفزعون إذا علموا بوقوع أحد من شيعتهم في مثل ذلك.

وعليك بتلاوة القرآن على كلّ حال :

هذا في وصـيّة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لأمير المؤمنين عليه السلام (١) ، فانظر إلى عظمة القرآن وما لتلاوته من الأثر ، حتّى جاء ذلك في وصايا النبيّ ، وأمر بتلاوته على كلّ حال!

و «التلاوة» وإنْ استعملت بمعنى «القراءة» إلاّ أنّها أخصّ منها ؛ فقد قال الراغب الأصبهاني : «التلاوة تختصّ باتّباع كتب الله المنزلة ، تارةً بالقراءة وتارةً بالارتسام ؛ لِما فيها من أمر وترغيب وترهيب ، أو ما يتوهّم

__________________

(١) وسائل الشيعة ٦ / ١٨٦ ح ٧٦٨٧.

۱۱

فيه ذلك ، وهي أخصّ من القراءة ؛ فكلّ تلاوة قراءة وليس كلّ قراءة تلاوة» (١).

لكن قد ورد في الأخبار تلاوة آيات أو سور خاصّة لأحوال أو أغراض معيّنة.

القرآن عهد الله إلى خلقه :

والمهمُّ هو أنّ «القرآن عهد الله إلى خلقه ـ كما روي عن أبي عبـد الله عليه السلام ـ فقد ينبغي للمرء المسلم أن ينظر في عهده وأن يقرأ منه في كل يوم خمسين آية» (٢).

قال الراغب : «العهد : حفظ الشيء ومراعاته حالاً بعد حال ، وسمّي الموثق الذي يلزم مراعاته : عهداً» (٣) ..

قال الله تعالى : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِى أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) (٤)

فلمّا أمر عليه وآله الصلاة والسلام بتلاوة القرآن على كلّ حال ، أراد الإيعاز إلى وجوب حفظ القرآن ومراعاته ، في أوامره ونواهيه ، وترغيبه وترهيبه ، في كلّ الأحوال ، ولو أنّ المرء المسلم قرأ في كلّ يوم ـ ولو خمسين آية ـ بهذا القصد لكان من أهل الوفاء بعهد الله ، وقد أفادت الآية المباركة أنّ : مَن وفى بعهد الله فإنّ الله يوفي بعهده ، (وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ الله) (٥)؟!

__________________

(١) مفردات غريب القرآن : ٧٥.

(٢) وسائل الشيعة ٦ / ١٩٨ ح ٧٧٢١.

(٣) مفردات غريب القرآن : ٣٥٠.

(٤) سورة البقرة ٢ : ٤٠.

(٥) سورة التوبة ٩ : ١١١.

۱۲

ومن جهة أُخرى ، فإنّ القرآن ذكرٌ ؛ قال تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (١) ، ومَن تعاهد القرآن ، بأن تلاه على كلّ الأحوال ، كان ذاكراً لله ، وقد قال تعالى : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) (٢).

لا يعذّب الله قلباً وعى القرآن :

وإذا تلا المسلم القرآن ، وتعاهد عهد الله ، وعمل بوصيّة نبيّه ، «اختلط القرآن بلحمه ودمه» ، كما في الخبر (٣) ، وكان قلبه وعاءً للقرآن ؛ وهل يعذّب الله ظرفاً هو وعاءٌ للقرآن؟!

قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : «لا يعذّب الله قلباً وعى القرآن» (٤).

من قرأ القرآن فكأنّما أُدرجت النبوّة في جنبيه :

وكيف يعذّب الله عبداً قرأ القرآن ، أي تلاه حقّ تلاوته ، حتّى كأنّ النبوّة أُدرجت في جنبيه؟!

عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : «مَن قرأ القرآن فكأنّما أُدرجت النبوّة بين جنبيه ، إلاّ أنّه لا يوحى إليه» (٥).

__________________

(١) سورة الحجر ١٥ : ٩.

(٢) سورة البقرة ٢ : ١٥٢.

(٣) وسائل الشيعة ٦ / ١٧٧ ح ٧٦٧٠.

(٤) وسائل الشيعة ٦ / ١٦٧ ح ٧٦٤٠.

(٥) وسائل الشيعة ٦ / ١٩١ ح ٧٧٠٤.

۱۳

القرآن شاهد وشافع :

ومَن كان قلبه وعاء كلام الله ، وكأنّ بين جنبيه النبوّة ، فإنّه سيكون له ما للقرآن من قدر وشأن في القيامة ..

فقد جاء في خبر عن سعد الخفّاف ، عن الإمام أبي جعفر عليه السلام أنّه قال : «يا سعد! تعلّموا القرآن ؛ فإنّ القرآن يأتي يوم القيامة في أحسن صورة نظر إليها الخلق ... حتّى ينتهي إلى ربّ العزة فيناديه تبارك وتعالى : يا حجّتي في الأرض وكلامي الصادق الناطق! ارفع رأسك وسلْ تعطَ ، واشـفع تُشـفّع ، كيف رأيت عبادي؟

فيقول : يا ربّ! منهم مَن صانني وحافظ علَيّ ولم يضّيع شيئاً ، ومنهم مَن ضيّعني واستخفّ بحقّي وكذّب بي ، وأنا حُجّتك على جميع خلقك.

فيقول الله عزّ وجلّ : وعزّتي وجلالي وارتفاع مكاني! لأُثيبنّ عليك اليوم أحسن الثواب ، ولأُعاقبنّ عليك اليوم أليم العقاب ...» (١).

ففي هذا الخبر نقاط ، منها :

١ ـ إنّ القرآن شاهد على العباد ؛ لأنّ الله يسأله عنهم ، وقد وصفه بالكلام الصادق الناطق.

٢ ـ إنّ القرآن شافع لمَن حافظ عليه ولم يضيّع منه شيئاً ، وهو مشفّع ؛ فللقرآن منزلة الشهادة والشفاعة معاً ، وقد ثبت ذلك لأهل البيت عليهم السلام أيضاً ، فإنّهم «شهداء دار الفناء ، وشفعاء دار البقاء» (٢) ؛ ولذا

__________________

(١) وسائل الشيعة ٦ / ١٦٥ ح ٧٦٣٦ ، الباب الأوّل من أبواب قراءة القرآن.

(٢) بحار الأنوار ٩٧ / ٣٤٤.

۱۴

أوصى بهما رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وأمر بالتمسّك بهما في حديث الثقلين المتواتر ، وغيره من الأحاديث الثابتة عنه ..

وكما أنّ الله جلّ وعلا سيسأل القرآن عن الّذين حافظوا عليه ، وعن الّذين ضـيّعوه ، فإنّه سيسأل الثقلين عن ذلك في يوم القيامة ؛ إذ جاء في الحديث : «إنّ الله سائلكم كيف خلفتموني في كتابه وفي أهل بيتي» (١).

٣ ـ بل إنّ المؤمن أيضاً سيكون له هذه المنزلة ؛ على ما تقدّم ، والله العالم.

حملة القرآن في الدنيا عرفاء أهل الجنّة :

فالمهمّ هو التلاوة بالمعنى المذكور ، ومَن كان كذلك يُعبَّر عنه بـ : «حامل القرآن» ، ويكون له ذلك المقام الرفيع في الآخرة ، وقد جاء في أكثر من خبر : «حملة القرآن في الدنيا عرفاء أهل الجنّة يوم القيامة» (٢).

قال الطريحي : «وفيه : حملة القرآن عرفاء أهل الجنة. قيل فيه : العرفاء جمع عريف ، وهو : القيّم بأُمور القبيلة والجماعة من الناس ، يلي أُمورهم ويتعرّف الغير منه أحوالهم ، وهو دون الرئيس. وسئل ابن عبّـاس عن معنى : أهل القرآن عرفاء أهل الجنّة ، فقال : رؤساء أهل الجنّة» (٣).

الحافظ للقرآن العامل به :

إذاً ، لا بدّ من العمل ، ومَن قرأ القرآن وحفظه وعمل به كان «مع

__________________

(١) كشف الغمّة ١ / ٥٠.

(٢) وسائل الشيعة ٦ / ١٦٩ ح ٧٦٥٠ ، وص ١٧٥ ح ٧٦٦٥.

(٣) مجمع البحرين ٥ / ٩٧.

۱۵

السفرة الكرام البررة» (١).

وكأنّه إشارة إلى قوله تعالى : (كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُف مُكَرَّمَة * مَرْفُوعَة مُطَهَّرَة * بِأَيْدِي سَفَرَة * كِرَام بَرَرَة) (٢).

وهنالك آثار لم يتّضح لي أن ترتّبها على مطلق القراءة أو القراءة بالمعنى الأخصّ :

«من قرأ القرآن ... خفّف على والديه وإنْ كانا كافرين» (٣) :

وهذه فائدة عظيمة لقراءة القرآن ، فإذا كانت للوالدين الكافرين فكيف بالوالدين المسلمَين العاصيَين؟! بل يمكن أن يقال بترتّبها للمسلمَين المطيعَين ، بأن ترتفع درجاتهما ويعلو شأنهما في الآخرة ببركة قراءة ولدهما للقرآن ..

لكنّ الرواية مقيّدة بـ «في المصحف».

«من قرأ القرآن في المصحف متّع ببصَرِه ...» (٤) :

وهذا أثر آخر من آثار قراءة القرآن في المصحف.

البيت إذا كثر فيه تلاوة القرآن :

وعن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : «نوّروا بيوتكم بتلاوة

__________________

(١) وسائل الشيعة ٦ / ١٧٦ ح ٧٦٦٧.

(٢) سورة عبس ٨٠ : ١١ ـ ١٦.

(٣) وسائل الشيعة ٦ / ٢٠٤ ح ٧٧٣٤.

(٤) وسائل الشيعة ٦ / ٢٠٤ ح ٧٧٣٤.

۱۶

القرآن ، ولا تتّخذوها قبوراً ، كما فعلت اليهود والنصارى ، صلّوْا في الكنائس والبيَع وعطّلوا بيوتهم ؛ فإنّ البيت إذا كثر فيه تلاوة القرآن كثر خيره ، واتّسع أهله ، وأضاء لأهل السماء كما تضيء نجوم السماء لأهل الدنيا» (١).

وعن أبي عبد الله عليه السلام : «إنّ البيت إذا كان فيه المسلم يتلو القرآن ، يتراياه أهل السماء كما يترايا أهل الدنيا الكوكب الدرّي في السماء» (٢).

ومن الأخبار في الباب ما يفيد أنّ لترك قراءة القرآن في البيت آثاراً سيّئةً على أهله :

عن أبي عبـد الله عليه السلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : «البيت الذي يقرأ فيه القرآن ويذكر الله عزّ وجلّ فيه تكثر بركته وتحضـره الملائكة ، وتهجره الشياطين ، ويضيء لأهل السماء كما تضيء الكواكب لأهل الأرض. وإنّ البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن ولا يذكر الله عزّ وجلّ فيه تقلّ بركته ، وتهجره الملائكة ، وتحضـره الشياطين» (٣).

وعن أبي عبـد الله عليه السلام ، عن أبيه ـ في حديث ـ قال : «كان يجمعنا فيأمرنا بالذكر حتّى تطلع الشمس ، ويأمر بالقراءة مَن كان يقرأ منّا ، ومَن كان لا يقرأ منّا أمـره بالذكر ، والبيت الذي يقرأ فيه القرآن ويذكـر الله عزّ وجلّ فيه تكثر بركته» (٤).

__________________

(١) وسائل الشيعة ٦ / ٢٠٠ ح ٧٧٢٧.

(٢) وسائل الشيعة ٦ / ١٩٩ ح ٧٧٢٤.

(٣) وسائل الشيعة ٦ / ١٩٩ ح ٧٧٢٥.

(٤) وسائل الشيعة ٦ / ١٩٩ ح ٧٧٢٥.

۱۷

وعن الرضا عليه السلام يرفعه إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم : «اجعلوا لبيوتكم نصيباً من القرآن ؛ فإنّ البيت إذا قرئ فيه القرآن يسّر على أهله ، وكثر خيره ، وكان سكّانه في زيادة ، وإذا لم يقرأ فيه القرآن ضيّق على أهله ، وقلّ خيره ، وكان سكّانه في نقصان» (١).

وعن أبي هارون ، قال : «كنت ساكناً دار الحسن بن الحسين ، فلمّا علم انقطاعي إلى أبي جعفر وأبي عبـد الله عليهما السلام أخرجني من داره ، قال : فمرّ بي أبو عبـد الله عليه السلام فقال : يا أبا هارون! بلغني أنّ هذا أخرجك من داره؟ قلت : نعم ، قال : بلغني أنّك كنت تكثر فيها تلاوة كتاب الله ، والدار إذا تُلي فيها كتاب الله كان لها نور ساطع في السماء ، وتعرف من بين الدور» (٢).

وفي بعض هذه الأخبار فوائد أُخرى :

منها : قوله عليه السلام : «كان يجمعنا فيأمرنا بالذكر حتّى تطلع الشمس ، ويأمر بالقراءة مَن كان يقرأ منّا ، ومَن كان لا يقرأ منّا أمره بالذكر» ؛ ففيه :

إنّ الإمام عليه السلام كان يجمع أهله وولده ويُجلسهم في مجلس واحـد ، وكان ذلك دأبه ومنهجـه ..

وأنّه كان يأمرهم ، لا أنّه كان يقترح عليهم ..

وأنّه كان يأمر بالذكر حتّى تطلع الشمس ... وبقراءة القرآن ..

فهكذا كانوا يؤدّبون أهاليهم وأولادهم ؛ وهل نحن كذلك؟!

ومنها قضية أبي هارون ، وأنّه أُخرج من الدار لانقطاعه إلى الأئمّة

__________________

(١) وسائل الشيعة ٦ / ٢٠٠ ح ٧٧٢٨.

(٢) وسائل الشيعة ٦ / ٢٠٠ ح ٧٧٢٩.

۱۸

عليهم السلام. ومَن هو (الحسن بن الحسين) الذي أخرجه للسبب المذكور؟ ولماذا؟

فهي قضية تحتاج إلى تحقيق ؛ ليُعرف أنّ في أقرباء الأئمّة عليهم السلام مَن كان مخالفاً لهم حتّى يُخرج مَن انقطع إليهم من الدار التي كان يسكنها؟!

مَن تعلّم القرآن فلم يعمل به :

وإذا كانت تلك آثار ترك قراءة القرآن في البيوت ، فما ظنّك بحال مَن تعلّم القرآن فلم يعمل به؟!

عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّه قال في حديث : «مَن تعلّم القرآن فلم يعمل به ، وآثر عليه حبّ الدنيا وزينتها ، استوجب سخط الله ، وكان في الدرجة مع اليهود والنصارى ، الّذين ينبذون كتاب الله وراء ظهورهـم» (١).

القرّاء ثلاثة :

ومن الناس مَن تعلّم قراءة القرآن أو حفظه من أجل الدنيا ، فما هي عاقبته؟

عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : «قرّاء القرآن ثلاثة : رجل قرأ القرآن فاتّخذه بضاعةً ، واستدرّ به الملوك ، واستطال به على الناس. ورجل قرأ القرآن فحفظ حروفه وضيّع حدوده وأقامه إقامة القدح ، فلا كثّر الله هؤلاء

__________________

(١) وسائل الشيعة ٦ / ١٨٣ ح ٧٦٨٣.

۱۹

من حملة القرآن. ورجل قرأ القرآن ، فوضع دواء القرآن على داء قلبه ، فأسهر به ليله ، وأظمأ به نهاره ، وقام به في مساجده ، وتجافى به عن فراشه ، فبأُولئك يدفع الله البلاء ، وبأُولئك يديل الله من الأعداء ، وبأُولئك ينزل الله الغيث من السماء ، فوالله لهؤلاء في قرّاء القرآن أعزّ من الكبريت الأحـمر» (١).

وعن أبي عبـد الله عليه السلام : «القرّاء ثلاثة : قارئ قرأ القرآن ليستدرّ به الملوك ويستطيل به على الناس ، فذاك من أهل النار. وقارئ قرأ القرآن فحفظ حروفه وضيّع حدوده فذاك من أهل النار. وقارئ قرأ القرآن فاستتر به تحت برنسـه ؛ فهو يعمل بمحكمه ويؤمن بمتشابهه ، ويقيم فرائضـه ، ويحلّ حلاله ويحرّم حرامه ، فهذا ممّن ينقذه الله من مضلاّت الفتن ، وهو من أهل الجنّة ، ويشفع في مَن يشاء» (٢).

وعنه عليه السلام في حديث : «عليكم بالقرآن فتعلّموه ، فإنّ من الناس مَن يتعلّم القرآن ليقال : فلان قارئ. ومنهم مَن يتعلّمه فيطلب به الصوت فيقال : فلان حسن الصوت ، وليس في ذلك خير. ومنهم مَن يتعلّمه فيقوم به في ليله ونهاره ، لا يبالي مَن علم ذلك ومَن لم يعلمه» (٣).

سبحان الله! ذاك من الشيطان :

عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : «قلت : إنّ قوماً إذا ذكروا شيئاً من القرآن أو حدّثوا به صعق أحدهم ، حتّى يرى أنّ أحدهم لو

__________________

(١) وسائل الشيعة ٦ / ١٨٢ ح ٧٦٧٨.

(٢) وسائل الشيعة ٦ / ١٨٣ ح ٧٦٨٠.

(٣) وسائل الشيعة ٦ / ١٩٤ ح ٧٧١١.

۲۰

قطعت يداه ورجلاه لم يشعر بذلك.

فقال : سبحان الله! ذاك من الشيطان ، ما بهذا أُمروا ، إنّما هو اللِين والرّقة والدمعة والوجل» (١).

__________________

(١) وسائل الشيعة ٦ / ٢١٣ ح ٧٧٦١.

۲۱

(١٣)

أوْلى الناس بالله وبرسوله : مَن بدأ بالسلام

عن أبي عبـد الله عليه السلام ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : «أوْلى الناس بالله وبرسوله : مَن بدأ بالسلام» (١).

وعنه عليه السلام : «... والبادي بالسلام أوْلى بالله ورسوله» (٢).

أقول :

أي : إنّ الأحقّ والأقدم برحمة الله وفضله ومغفرته ، والأقرب إلى طاعة رسوله واتّباعه ، هو مَن بدأ بالسلام ، فيكون هو الأكرم والأحبّ والأقرب عند الله ورسوله ؛ لأنّ في بدئه بالسلام على غيره إطاعةً وامتثالا لقوله تعالى : (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَة مِن رَبِّكُمْ وَجَنَّة عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ والأرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (٣) ..

ولقوله تعالى : (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَة مِن رَبِّكُمْ وَجَنَّة عَرْضُهَا السَّماوَاتُ وَالأرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (٤).

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٢ / ٥٦ ح ١٥٦٣٣.

(٢) وسائل الشيعة ١٢ / ٥٧ ح ١٥٦٣٧.

(٣) سورة الحديد ٥٧ : ٢١.

(٤) سورة آل عمران ٣ : ١٣٣.

۲۲

١ ـ السلام من أسماء الله :

فعن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : «السلام اسم من أسماء الله تعالى ، فافشـوه بينكم ، فإنّ الرجل المسلم إذا مرّ بالقوم فسلّم عليهم ، فإن لم يردّوا عليه ردّ عليه مَن هو خير منهم وأطيـب» (١).

٢ ـ السلام دعاءٌ :

فإنّ السلام طلب للخير والسلامة والعافية للغير ؛ قال الطريحي : «واختلفت الأقاويل في معـنى : السلام عليك ؛ فمن قائل : معناه الدعاء ، أي : سلِمْتَ من المكاره. ومن قائل : معناه اسم السلام عليك. ومن قائل : معناه اسم الله عليك ، أي : أنت في حفظه ، كما يقال : الله معك. وإذا قلت : السلام علينا ، والسلام على الأموات ، فلا وجه ؛ لكون المراد به الإعلام بالسلامة. بل الوجه أن يقال : هو دعاء بالسلامة لصاحبه من آفات الدنيا ومن عذاب الآخرة ، وضـعه الشارع موضـع التحيّة والبشرى بالسلامة ، ثمّ إنّه اختار لفظ السلام وجعله تحيةً لِما فيه من المعاني ، أو لأنّه مطابق للسلام الذي هو اسم من أسماء الله تعالى تيمّناً وتبرّكاً» (٢).

٣ ـ السلام تواضـع :

فعن أبي عبـد الله عليه السلام أنّه قال : «من التواضـع أنْ تسلّم على مَن لقيت» (٣) ..

__________________

(١) روضـة الواعظين : ٤٥٩.

(٢) مجمع البحرين ٢ / ٤٠٨.

(٣) وسائل الشيعة ١٢ / ٥٩ ح ١٥٦٤٣.

۲۳

بل قال عليه السلام : «رأس التواضـع أن تبدأ بالسلام على مَن لقيت ، وتردّ على مَن سلّم عليك ، وأن ترضى بالدون من المجلس ، ولا تحبّ المدحة والتزكية والبرّ» (١).

٤ ـ السلام تودّد :

ومن الواضح أن السلام تودّد وتحبّب إلى الناس ومجاملة معهم ، وكلّ ذلك ممّا ندب إليه الله تعالى والرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم ..

فعن أبي جعفر عليه السلام ، قال : «إنّ أعرابياً من بني تميم أتى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال له : أوصني. فكان ممّا أوصاه : تحبّب إلى الناس يُحبّوك» (٢).

وعن أبي عبـد الله عليه السلام : «مجاملة الناس ثلث العقل» (٣).

وعن أبي الحسن عليه السلام : «التوّدد إلى الناس نصف العقل» (٤).

٥ ـ السلام صِلة :

فعن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : «صِلوا أرحامكم في الدنيا ولو بسلام» (٥).

__________________

(١) روضـة الواعظين : ٣٨٢.

(٢) وسائل الشيعة ١٢ / ٥١ ح ١٥٦١٨.

(٣) وسائل الشيعة ١٢ / ٥٣ ح ١٥٦٢٣.

(٤) الكافي ٢ / ٦٤٣ باب التحبّب إلى الناس والتودّد إليهم.

(٥) بحار الأنوار ٧٤ / ١٠٤.

۲۴

٦ ـ السلام عطاءٌ :

فقد ورد عن أبي عبـد الله عليه السلام : «إنّ الله عزّ وجلّ قال : إنّ البخيل مَن يبخل بالسلام» (١).

٧ ـ السلام حـقٌ :

فعن أبي عبـد الله عليه السلام : «للمسلم على أخيه المسلم من الحق : أن يسلّم عليه إذا لقيه ، ويعوده إذا مرض ، وينصح له إذا غاب ، ويسمّته إذا عطس ... ويجيبه إذا دعاه ، ويتبعه إذا مات» (٢).

٨ ـ السلام إدخالٌ للسرور :

ولا ريب أنّ السلام على المؤمن إدخالٌ للسرور في قلبه ، وقد ورد أنّ ذلك أحبّ الأعمال إلى الله عزّ وجلّ ؛ وكيف لا يكون كذلك وفي الخبر عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّه قال : «مَن سَـرّ مؤمناً فقد سَرّني ومَن سرّني فقد سَـرّ الله» (٣)؟!

__________________

(١) الكافي ٢ / ٦٤٥.

(٢) وسائل الشيعة ١٢ / ٨٦ ح ١٥٧٠٩.

(٣) انظر : الكافي ٢ / ١٨٨ ـ ١٩٢.

۲۵

(١٤)

لو أُمر بالسجود لأحد فلمن؟

الزوج :

عن أبي عبـد الله عليه السلام : «إنّ قوماً أتوا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقالوا : يا رسول الله! إنّا رأينا أُناساً يسجـد بعضهم لبعض. فقال رسول الله : لو أمرت أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» (١).

مَن توسّط في علوم أهل البيت :

عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام ، عن آبائه ، عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، قال : «لم يكن سجودهم ـ يعني الملائكة ـ لآدم ، إنّما كان آدم قبلةً لهم ، يسجدون نحـوه لله عزّ وجلّ ، وكان بذلك معظّماً مبجّلاً ، ولا ينبغي لأحد أنْ يسجد لأحد من دون الله ، يخضع له كخضوعه لله ويعظّمه بالسجود له كتعظيمه لله ، ولو أمرت أحداً أن يسجد هكذا لغير الله لأمرت ضعفاء شيعتنا وسائر المكلّفين من متّبعينا أنْ يسجـدوا لمَن توسّط في علوم عليّ وصيّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ومحض وداد خير خلق الله عليّ بعد محمّـد رسول الله ...» (٢).

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢٠ / ١٦٢ ح ٢٥٣١٣.

(٢) وسائل الشيعة ٦ / ٣٨٨ ح ٨٢٥٦.

۲۶

أقـول :

إنّ السجود لله عزّ وجلّ عبارة عن غاية الخضوع والتذلّل له ، أمّا تكويناً ، فالإنسان والحيوانات والجمادات كلّها خاضعة له ؛ قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّماوَاتِ وَمَن فِي الأرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ) (١) والإنسان مكلّف بذلك أيضاً ، إذ خوطب بقوله عزّ وجلّ : (فَاسْجُدُوا للهِ وَاعْبُدُوا) (٢).

وهذا السجود لا يكون إلاّ لله عزّ وجلّ ، ولا يشركه فيه أحدٌ من خلقه ، بالضرورة من الدين ، فتفيد الأحاديث أنّه «لو» أُمر بالسجود بهذا المعنى لغير الله لكان «الزوج» و «مَن توسّط في علوم عليّ» وأهل البيت عليهم الصلاة والسلام.

ثمّ إنّ من لوازم السجود بالمعنى المذكور هو الطاعة المطلقة والانقياد التام لجميع التكاليف الإلهيّة ، ومقتضى المنع عن أن يسجد أحد لأحد هو المنع عن الإطاعة المطلقة لأحد من الناس ، إلاّ من قام الدليل على وجوب إطاعته كذلك ، وهو النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، كما في قوله تعالى : (مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ الله) (٣) ، وسائر أهل العصمة كما في قوله تعالى : (أَطِيعُوا الله وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ) (٤).

__________________

(١) سورة الحج ٢٢ : ١٨.

(٢) سورة النجم ٥٣ : ٦٢.

(٣) سورة النساء ٤ : ٨٠.

(٤) سورة النساء ٤ : ٥٩.

۲۷

فالروايات تدلُّ على وجـوب الخضـوع والتذلّل على الزوجة «لزوجها» ، وعلى الشيعة لمَن «توسّط» في نقل علوم أهل البيت عليهم السلام إليهم ، لكنْ لا بقدر ما يجب بالنسبة إلى الله عزّ وجلّ ؛ فإنّه خاصٌّ بـه ، وتدلّ على وجـوب الإطاعـة ، لكنْ لا الإطاعـة المطلقة ؛ فإنّها خاصّـة بالله وأهل العصـمة.

أقـول :

وهذا المعنى ثابت للوالدين أيضاً ؛ فالأولاد مأمورون بالتذلّل والإطاعة كذلك بالنسبة إليهما ؛ فإنّه وإن لم أجد رواية بالمضمون المذكور فيهما إلاّ أنّـه يكفي للدلالة على ذلك قوله تعالى : (وَقَضَـى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) (١) ، فإنّ هذا مقام عظيمٌ ..

لكن الآية الأُخرى تخرج الإطاعة عن الإطلاق وتقيّده ، وهي : قوله تعالى : (وَوَصَّيْنَا الأنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْن وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا ...) (٢).

قاعدة عامّة :

وتعطينا هذه الآيات والروايات ونحوها قاعدةً عامّة ، وهي : الموازنة

__________________

(١) سورة الإسراء ١٧ : ٢٣ ـ ٢٤.

(٢) سورة لقمان ٣١ : ١٤ ـ ١٥.

۲۸

بين «النعمة» و «الشكر» ، أو فقل : بين «العمل» و «الأجْر». ولنوضّح ذلك بإيجاز :

تقول الروايات الواردة في كتب الفريقين ، بتفسير قوله تعالى : (قُل لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) (١) : إنّ أهل المدينة اتّفقوا على أنْ يجمعوا مالاً يضـعوه بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ليصرفه في أُموره ، كأجر وعوض لما جاء به ، والجهد الذي بذله من أجل هدايتهم وتزكيتهم وتعليمهم ، فلّما أتوا بالمال إليه ـ وكان كثيراً ـ وردّه صلّى الله عليه وآله إليهم ، نزلت الآية المباركة لتدلّ على أنّ الذي أتى به إليهم فأخرجهم من ظلمات الشرك والجهل والفقر إلى نور الهداية والعلم والرشاد ، لا يقابل ولا يساوم بشـيء من أموال الدنيا ، بل إنّ أجر الرسالة إنّما هو المودّة في قرباه صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وهم أهل بيته الأطهار عليهم السلام ..

وهذا الأجر أيضاً لهم وعائد إليهم ؛ لأنّ بمودّتهم ثمّ بإطاعتهم ومتابعتهم يستمرّون على الهدى ، ويكونون من أهل الفلاح في الآخرة والأُولى (٢).

وهنا يأتي دور «مَن توسّط» بين الأُمّة والأئمّة عليهم السلام في نقل علومهم ، فإنّهم في الحقيقة وسائط لهداية الضعفاء من المكلّفين وأسبابٌ لحياتهم المعنويّة التي لا يساويها شيء من المنافع الدنيويّة ، فلو أمر أحدٌ بأنْ يسجـد لأحـد ، فإنّ هؤلاء الوسائط أهلٌ لأنْ يُسجـد لهم ؛ لحقوقهم

__________________

(١) سورة الشورى ٤٢ : ٢٣.

(٢) راجع : رسالتنا في تفسير آية المودّة ، في الجزء الأوّل من كتابنا : تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات.

۲۹

العظيمة على كلّ واحد من أفراد الأُمّة ..

وكذلك الوالدان ؛ فإنّهما الواسطة في وجود الولد ، والوجود نعمةٌ ليس فوقها نعمة ، بل كلّ النعم ـ مادّية ومعنوية ـ متفرّعة عنها ..

وأيضاً : هما الواسطة في التعليم والتزكية والتربية ، وفي الرزق وسائر الأُمـور الدنيوية ، وهذه الحقوق الكثيرة والعظيمة كمّاً وكيفاً لا تعوّض بشـيء ، ومن هنا قضى ربّك ألاّ تعبدوا إلاّ إيّاه ، وقضى بالإحسان إلى الوالدين ، وجعله في سياق العبادة له ، وجاء في الأخبار أنّ رضا الله في رضا الوالدين وسخطه في سخطهما (١) ، إلى غير ذلك ممّا هو مذكور في محـلّه ..

ولذا جاء في «رسالة الحقوق» للإمام السجّاد عليه السلام ـ مقدّماً حقّ الأُم ؛ لأنّه أعظم ـ : «وحقّ أُمّك : أنْ تعلم أنّها حملتك حيث لا يحتمل أحدٌ أحداً ، وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحد أحداً ، ووَقَتْكَ بجميع جوارحها ، ولم تبالِ أن تجوع وتطعمك ، وتعطش وتسقيك ، وتعرى وتكسوك ، وتضحى وتظلّك ، وتهجر النوم لأجلك ، ووَقَتْكَ الحرّ والبرد لتكون لها ، فإنّك لا تطيق شكرها إلاّ بعون الله تعالى وتوفيقه.

وأمّا حقّ أبيك : فأنْ تعلم أنّه أصلك ، وأنّه لولاه لم تكن ، فمهما رأيت في نفسك ممّا يعجبك فاعلم أنّ أباك أصل النعمة عليك فيه ، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك ، ولا قوة إلاّ بالله».

وكذلك الزوج بالنسبة إلى الزوجة ؛ فإنّ حقوقه عليها في مصالحها الدينية والدنيويّة لا تخفى ، ويكفي درساً لنا في هذا الباب ما فعله الإمام السجّاد عليه السلام وما قاله لدى ورود صهره عليه ..

__________________

(١) مستدرك الوسائل ١٥ / ١٧٦ ح ١٧٩١٩.

۳۰

(١٥)

مرحباً بمَن كفى المؤنة وستر العورة

قال أبو عبـد الله عليه السلام : «كان علي بن الحسين عليه السلام إذا أتاه ختنه على ابنته أو على أُخته ، بسط له رداءه ثمّ أجلسه ثمّ يقول : مرحباً بمَن كفى المؤنة وسـتر العورة» (١).

بيانٌ :

الخَتَن في اللّغة : الصـهر ؛ قال الزبيدي : والخَتَن بالتحريك : الصهر. نقله الليث ..

وهو : زوج ابنته ، ونسـبه الجوهري إلى العامّة ... وفي الحديث : عليّ ختن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، أي : زوج ابنته (٢).

فالإمام الصادق عليه السلام يحدّثنا عن دأب الإمام السجّاد وديدنه إذا ورد عليه ختنه ؛ لأنّ كلمة «كان إذا أتاه بسط ... ثمّ يقول ...» ظاهرة في الدوام والاستمرار.

كما أنّ ظاهر الرواية أنّ مجرّد كون الرجل صهره على أُخته أو ابنته هو العلّة لما كان الإمام زين العابدين يفعله ويقوله ... فلا تلحظ حينئذ الجهات والصفات الأُخرى.

وقد كان بسط الرداء للشخص وإجلاسه عليه كنايةً عن الإكرام

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢٠ / ٦٥ ح ٢٥٠٥٠.

(٢) تاج العروس في شرح القاموس ٩ / ١٨٩ «ختن».

۳۱

والإعزاز له ، وهذا وارد عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أيضاً ؛ ففي البحار ، عن المناقب لابن شهرآشوب ، في مكارم أخلاقه وسيرته : «وكان يكرِم مَن يدخل عليه حتّى ربّما بسط ردائه ، ويؤثِر الداخل بالوسادة التي تحته» (١).

ويفهم من كلمة «ربّما» أنّ هذا الفعل كان غايةً في الإكرام ، ومن الواضح أنّه لا يُبذل إلاّ لأهله ، وقضيّة إكرامه صلّى الله عليه وآله وسلّم أُخته من الرضاعة لمّا جيء بها معروفة ، والأجمل من ذلك ما روي من ورود أبيه وأُمّه وأخيه من الرضاعة عليه :

فإنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كان جالساً يوماً ، فأقبل أبوه من الرضاعة ، وهو الحارث بن عبـد العزّى ، واختلف في إسلامه ، فوضع له بعض ثوبه فقعد عليه. ثمّ أقبلت أُمّه ، أي حليمة ، فوضع لها شقّ ثوبه من جانبه الآخر ، فجلست عليه. ثمّ أقبل أخوه من الرضاعة ، وهو عبـد الله بن الحارث المذكور ، فقام صلّى الله عليه وآله فأجلسه بين يديه تكريماً له (٢).

ثمّ إنّه عليه السلام كان يرحّب بالختن ويصفه بـ : «مَن كفى المؤنة وستر العورة» مشيراً إلى علّة هذا التكريم والترحـيب.

إنّ مؤنة عيالك عليك ، فإن جاء مَن كفاك فيها كُلاًّ أو بعضاً فقد أحسن إليك وتفضّل عليك ، وإنّ ستر العورة من أهمّ واجباتك الشرعية والعقلائية ، ومَن ستر عورتك فقد حفظ كرامتك وشرفك وخفّف عنك وظيفةً مهمّة من وظائفك الشرعية والعرفية.

ثمّ لا يخفى أنّ الإمام عليه السلام يشير في كلامه إلى الجهتين المادّية

__________________

(١) مناقب آل أبي طالب ١ / ١٢٧ ، وانظر : بحار الأنوار ١٦ / ٢٢٨.

(٢) الشفا بتعريف حقوق المصطفى بشرح القاري والخفاجي ٢ / ٩٠ ـ ٩١.

۳۲

والمعنوية ، فكان الصـهر يستحقُّ التكريم لكلتا الناحيتين.

لكن لا يتوهّم الزوج أو الصهر أنّ لا حقوق للزوجة ووالدها عليه ؛ فقد قررّت الشريعة ، وجاء في السُـنة المباركة ـ قولاً وفعلاً ـ أنّ للزوجة على الزوج أيضاً حقوقاً ، وكذلك لوالدها ، حتّى ورد أنّ «الآباء ثلاثة : أبٌ ولّدك وأبٌ زوّجك وأبٌ علّمك» ، ولبيان هذه الناحية مجالٌ آخر إن شاء الله تعالى.

۳۳

(١٦)

من أدخل على أخيه المؤمن سروراً

فقد أدخل على أهل البيت سروراً

عن أبي عبـد الله عليه السلام في كتاب له إلى بعض الولاة :

«ومَن أدخل على أخيه المؤمن سروراً فقد أدخل على أهل البيت سروراً ، ومَن أدخل على أهل البيت سروراً فقد أدخل على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم سروراً ، ومَن أدخل على رسول الله سروراً فقد سرّ الله. ومَن سـرّ الله فحقيق على الله عزّ وجلّ أنْ يدخله جنّته» (١).

أقول :

أمّا إنّ إدخال السـرور على أهل البيت عليهم السلام إدخال السرور على رسول الله ، وإدخال السرور على رسول الله إدخال السرور على الله ... فواضـح.

لكنّ المقصود هنا بيان أنّه كيف يكون إدخال السّرور على المؤمن إدخال السرور على أهل البيت عليهم السلام؟

إنّه لا بدّ من الرجوع إليهم لفهم كلامهم ؛ فإنّ كلامهم يفسّر بعضه بعضاً ، وهذه قاعدة عامّة ، وقد وجدنا ذلك في موارد كثيرة وجرّبناه في سائر الأبواب ..

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٧ / ٢٠٧ ح ٢٢٣٥٤ ؛ والحديث طويل ومحلّ الشاهد في ص ٢١١.

۳۴

إنّ المقصود من «المؤمن» في مثل هذه الروايات هو «الشيعي» ، ولمّا تتبّعنا ما ورد عنهم في هذا المورد رأينا أنّهم يجعلون «الشيعي» منهم ، فمَن عامله بالحسنى فقد عاملهم ، ومَن أساء إليه فقد أساء إليهم :

يقول الراوي : «كنت عند أبي عبـد الله عليه السلام ، فقال رجل : اللهم صلّ على محمّـد وأهل بيت محمّـد. فقال له أبو عبـد الله عليه السلام : يا هذا! قد ضيّقت علينا ، أما علمت أنّ أهل البيت خمس أصحاب الكساء؟

فقال الرجل : كيف أقول؟

قال : قل : اللهمّ صلّ على محمّـد وآل محمّـد ، فنكون نحن وشيعتنا قد دخلنا فيه» (١).

دلّت هذه الرواية على الفرق بين «أهل البيت» و «آل محمّـد» ، وأنّ الثاني يعمّ سائر الأئمّة ، و «الشيعة» داخلون تحت «آل محمّـد» كدخولهم عليهم السلام.

وأوضـح من ذلك : ما روي عن الإمام العسكري عليه السلام في حديث :

«فإنّ موالينا وشيعتنا منّا وكلّنا كالجسد الواحد» (٢).

إذا عرفت ذلك ، فإليك بعض الروايات المشتملة على ترتّب آثار الأعمال مع الشـيعة الموالين لأهل البيت عليهم السلام :

قال عليه السلام لإسحاق بن عمّار في حديث :

«ما أراك ـ يا إسحاق ـ إلاّ قد أذللت المؤمنين ، فإياك إياك ، إنّ

__________________

(١) وسائل الشيعة ٧ / ٢٠٥ ح ٩١٢١.

(٢) وسائل الشيعة ٩ / ٢٢٩ ح ١١٩٠٤.

۳۵

الله تعالى يقول : مَن أذلّ لي وليّاً فقد أرصدني بالمحاربة» (١).

وعن أبي هارون ، عن أبي عبـد الله عليه السلام ، قال : «قال لنفر عنده وأنا حاضر : ما لكم تستخفّون بنا؟

فقام إليه رجل من خراسان فقال : معاذ لوجه الله أنْ نستخفّ بك أو بشيء من أمرك.

قال : بلى ، إنّك أحد من استخفّ بي.

فقال : معاذ لوجه الله أن أستخفّ بك.

فقال له : ويحك! ألم تسمع فلاناً ونحن بقرب الجحفة وهو يقول لك : احملني قدر ميل فقد ـ والله ـ عييت. والله ما رفعت به رأساً. لقد استخففت بـه ، ومَن استخفّ بمؤمن فينـا فبنـا استخفّ وضـيّع حرمـة الله عـزّ وجـلّ» (٢).

وفي هذه الرواية درسٌ وعبرةٌ.

وعنه عليه السلام : «إنّ الله عزّ وجلّ خلق المؤمنين من نور عظمته وجلال كبريائه ، فمَن طعن عليهم وردّ عليهم فقد ردّ على الله في عرشه ، وليس من الله في شيء وإنّما هو شرك الشيطان» (٣).

وعنه عليه السلام : «قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : إنّ الله عزّ وجلّ خلق المؤمن من عظمة جلاله وقدرته ، فمَن طعن عليه أو ردّ عليه قوله فقد ردّ على الله» (٤).

__________________

(١) وسائل الشيعة ٩ / ٣١٥ ح ١٢١٠٩.

(٢) وسائل الشيعة ١٢ / ٢٧٢ ح ١٦٢٨٦.

(٣) وسائل الشيعة ١٢ / ٣٠٠ ح ١٦٣٥٥.

(٤) وسائل الشيعة ١٢ / ٣٠٠ ح ١٦٣٥٦.

۳۶

وإليكم الرواية التالية :

عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام ، قال : «مَن لم يستطع أنْ يصلنا فليصل فقراء شيعتنا ، ومَن لم يستطع أن يزور قبورنا فليزر قبور صلحاء إخواننا» (١).

وبعد :

فما معنى إدخال السـرور؟

صحيحٌ أنّ المؤمن يسـرُّ إذا ما سلّمت عليه ، أو زرته في داره ، أو أعطيته شيئاً من المال ... لكنّ المقصـود بقرينة كلمة «الإدخال» هو : رفع همّ كبير منه ، وقضاء حاجة مهمّة له ، وحلّ مشكلة مستعصية عليه ، ويشهد بذلك قوله عليه السلام في الرواية نفسها :

«مَن أغاث لهفاناً من المؤمنين أغاثه الله يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه ، وآمنه يوم الفزع الأكبر ، وآمنه من سـوء المنقلب».

__________________

(١) وسائل الشيعة ٩ / ٤٧٥ ح ١٢٥٢٩.

۳۷

(١٧)

المختار من الأوراد والأذكار

وفي الروايات الواردة في كتاب وسائل الشـيعة ذكرٌ لبعض الأوراد والأذكار وآثارها ، تفضّل بها الأئمّة عليهم السلام ابتداءً ، أو إجابةً لطلب بعض المؤمنين.

ومن المعلوم أنّ للأذكار والأوراد والأدعية أثراً معنوياً عامّاً وهو الارتباط بالله سبحانه وتعالى ، وهو ما يحصل بتلاوة القرآن أيضاً ، بل مطلق العبادات ، أمّا معنى هذا الارتباط وكيفيّته وحدّ أثره في نفوس الأشخاص ، فلبيانه مجال آخر. وعلى كلّ حال ، فإنّ هذا الأثر مشـترك.

ولكلٍّ منها أثر خاصٌ أو آثار معيّنة ، مادّية أو معنويّة ..

أمّا الأثر العام الذي أشرنا إليه ، فيكفي للقيام بالعمل لغرض تحصيله الأوامر المطلقة الواردة في ذكر الله ، كقوله تعالى : (قُلِ ادْعُوا الله أو ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأسْماءُ الْحُسْنَى) (١).

بل في بعضها الوعد بترتّب الأثر ، كقوله تعالى : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) (٢) ؛ وهل يوجد شيء فوق أن يذكر الله عبده؟

وأمّا الأثر الخاص الذي يراد الوصول إليه عن طريق ذكر أو ورد أو دعاء معيّن ، فلا يحصل إلاّ بوجود المقتضي وشرطه وعدم المانع عن

__________________

(١) سورة الإسراء ١٧ : ١١٠.

(٢) سورة البقرة ٢ : ١٥٢.

۳۸

التأثير ، تماماً كما يراد العلاج من مرض باستعمال دواء ، فإنّ تشخيص الدواء للمرض لا يكون إلاّ بواسطة الطبيب الحاذق ، ولا يكون مؤِثّراً إلاّ إذا استعمل حسب ما يقرّره من حيث الزمان والكم والكيف وغير ذلك ، وفي حال عدم وجود ما يمنع من تأثيره في البدن ، وللتفصيل مجال آخر كذلك.

سورة (قل هو الله أحَد) حين دخول المنزل :

عن علي عليه السلام ـ في حديث ـ : «إذا دخل أحدكم منزله ، فليسلّم على أهله ، يقول : السلام عليكم. فإنْ لم يكن له أهل فليقل : السلام علينا من ربّنا ، وليقرأ : (قل هو الله أحَد) حين يدخل منزله ؛ فإنّه ينفي الفقر» (١).

«سبحان الله العظيم» بعد صلاة الفجر :

قيل : «يا رسول الله! علّمني كلاماً ينفعني الله به وخفّف علَيّ.

فقال : إذا صلّيت الصبح فقل عشر مرّات : (سبحان الله العظيم وبحمده ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم) فإنّ الله يعافيك بذلك من العمى والجنون والجذام والفقر والهرم» (٢).

«كان بالمدينة عندنا رجل يكنّى : أبا القمقام ، وكان محارفاً ، فأتى أبا الحسن عليه السلام ، فشكا إليه حرفته ، وأخبره أنّه لا يتوجّه في حاجة فتقضى له. فقال له أبو الحسن عليه السلام : قل في آخر دعائك من صلاة الفجر : (سبحان الله العظيم ، استغفر الله وأسأله من فضله) عشر مرّات.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٥ / ٣٢٣ ح ٦٦٧٦.

(٢) وسائل الشيعة ٦ / ٤٧٥ ح ٨٤٧٩.

۳۹

قال أبو القمقام : فلزمت ذلك ، فوالله ما لبثت إلاّ قليلاً حتّى ورد علَيّ قوم من البادية فأخبروني أنّ رجلاً من قومي مات ولم يعرف له وارث غيري. فانطلقت فقبضـت ميراثه وأنا مستغن» (١).

«ما علمت شيئاً موظّفاً غير ...» :

عن محمّـد بن مسلم ، قال : «سألت أبا جعفر عليه السلام عن التسبيح ، فقال : ما علمت شيئاً موظّفاً غير تسبيح فاطمة عليها السلام ، وعشر مرّات بعد الغداة تقول : (لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت ويميت ويحيي ، بيده الخير وهو على كلّ شيء قدير). ولكنّ الإنسان يسبّح ما شاء تطوّعاً» (٢).

«إنّا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة» :

وفي خصوص تسبيح فاطمة عليها السلام ... عن أبي هارون :

«عن أبي عبـد الله عليه السلام ، قال : يا أبا هارون! إنّا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة عليها السلام كما نأمرهم بالصلاة ، فالزمه فإنّه لم يلزمه عبـد فشقي» (٣).

«من قال إذا صلّى المغرب ... اُعطي خيراً كثيراً» :

عن أبي عبـد الله عليه السلام : «مَن قال إذا صلّى المغرب ، ثلاث

__________________

(١) وسائل الشيعة ٦ / ٤٧٥ ح ٨٤٨١.

(٢) وسائل الشيعة ٦ / ٤٧٦ ح ٨٤٨٢.

(٣) وسائل الشيعة ٦ / ٤٤١ ح ٨٣٩١.

۴۰

مرات : (الحمد لله الذي يفعل ما يشاء ولا يفعل ما يشاء غيره) أُعطي خيراً كثيراً» (١).

لا إله إلاّ الله ، لدفع الوسوسة :

عن محمّـد بن حمران ، قال : «سألت أبا عبـد الله عليه السلام عن الوسوسـة ، وإنْ كثرت.

فقال : لا شيء فيها. تقول : لا إله إلاّ الله» (٢).

وعن جميل بن درّاج ، عن أبي عبـد الله عليه السلام ، قال : «قلت له : إنّه يقع في قلبي أمر عظيم.

فقال : قل : لا إله إلاّ الله.

قال جميل : فكلّما وقع في قلبي شيء قلت : لا إله إلاّ الله ، فيذهب عنّي» (٣).

«لا حول ولا قوّة إلاّ بالله» ... للهمّ والفقر :

عن رسـول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : «مَن تظاهرت عليه النعم فليقل : الحمد لله ربّ العالمين. ومَن ألحَّ عليه الفقر فليكثر من قول : لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم ؛ فإنّه كنز من كنوز الجنة ، وفيه شفاء من اثنين وسبعين داء ، أدناها الهمّ» (٤).

__________________

(١) وسائل الشيعة ٦ / ٤٨٣ ح ٨٥٠١.

(٢) وسائل الشيعة ٧ / ١٦٨ ح ٩٠٢٨.

(٣) وسائل الشيعة ٧ / ١٦٧ ح ٩٠٢٥.

(٤) وسائل الشيعة ٧ / ١٧٥ ح ٩٠٤٥.

۴۱

«من كثرت همومه فعليه بالاستغفار» :

عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : «مَن كثرت همومه فعليه بالاستغفار» (١).

الاستغفار ، لطلب الولد :

«سأل رجل أبا جعفر عليه السلام ـ وأنا عنده ـ فقال : إنّي كثير المال وليس يولد لي ولد ، فهل من حيلة؟

قال : استغفر ربّك سنةً في آخر الليل مائة مرة ، فإنْ ضيّعت ذلك بالليل فاقضـه بالنهار ، فإنّ الله يقول : (استغفروا ربّكم ...)» الآية (٢).

«لا إله إلاّ الله الحقّ المبين» ١٠٠ مرّة :

عن أبي عبـد الله عليه السلام : «مَن قال مائة مرة : لا إله إلاّ الله الحقّ المبين ، أعاذه الله العزيز الجبّار من الفقر ، وآنس وحشة قبره ، واستجلب الغنى ، واستقرع باب الجنّة» (٣).

«ما شاء الله» ١٠٠٠ مرّة :

عن أبي عبـد الله عليه السلام : «مَن قال : ما شاء الله ألف مرّة في دفعة واحدة ، رزق الحج من عامه ، فإن لم يرزق أخّره الله حتّى يرزقه» (٤).

__________________

(١) وسائل الشيعة ٧ / ١٧٦ ح ٩٠٤٩.

(٢) وسائل الشيعة ٧ / ١٧٨ ح ٩٠٥٦ ، والآية من سورة نوح عليه السلام ٧١ : ١٠.

(٣) وسائل الشيعة ٧ / ٢٢٣ ح ٩١٧٤.

(٤) وسائل الشيعة ٧ / ٩٢ ح ٨٨٢٢.

۴۲

الحمد لله ربّ العالمين على كلّ حال :

عن أمير المؤمنين عليه السلام : «مَن قال إذا عطس : (الحمد لله ربّ العالمين على كلّ حال) لم يجد وجع الأُذنين والأضـراس» (١).

علّمْني شيئاً إذا أنا قلته كنت معكم :

عن إسماعيل بن سهل ، قال : «كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام : علّمْني شيئاً إذا أنا قلته كنت معكم في الدنيا والآخرة. قال : فكتب بخطّه أعرفه : أكثِر من تلاوة (إنّا أنزلناه) ، ورطِّب شفتيك بالاستغفار» (٢).

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٢ / ٩٣ ح ١٥٧٢٩.

(٢) وسائل الشيعة ١٦ / ٦٩ ح ٢١٠٠٣.

۴۳

(١٨)

تعلُّم الإنسان من الحيوان

وجاء في بعض الروايات الأمر بتعلّم بعض الصفات من الحيوانات ، وهذا من أساليب الإرشاد والهداية ، كما لا يخفى ، ويدلّ ذلك على علم الأئمّة عليهم السلام بحالات الحيوانات ولغاتها :

علم الأئمّة بلغات الحيوانات وحالاتها :

ومن الأخبار في علم الإمام عليه السلام بلغات الحيوانات وحالاتها ما روي عن سليمان الجعفري ، عن الرضا عليه السلام : «إنّ عصفوراً وقع بين يديه وجعل يصيح ويضطرب ، فقال : أتدري ما يقول؟ قلت : لا. قال : يقول لي : إن حيّةً تريد أن تأكل فراخي في البيت. فقم وخذ تلك النسعة (١) وادخل البيت واقتل الحيّة. فقمت وأخذت النسعة ودخلت البيت وإذا حيّة تجول في البيت فقتلتها» (٢).

وعن أبي عبـد الله عليه السلام ، قال : «قال رسول صلّى الله عليه وآله وسلّم : استوصوا بالصنانيات خيراً ـ يعني الخطاف ـ فإنّه آنس طير بالناس هم. ثمّ قال رسول الله : أتدرون ما تقول الصنانية إذا هي ترغّمت؟ تقول : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله ربّ العالمين. حتّى تقرأ أُمّ الكتاب ، فإذا كان في آخر ترغّمها قالت : ولا الضالّين» (٣).

__________________

(١) النسعة : سير عريض من جلد ، مجمع البحرين ٤ / ٣٩٧.

(٢) وسائل الشيعة ١١ / ٥٣٦ ح ١٥٤٧٧.

(٣) وسائل الشيعة ١١ / ٥٢٤ ح ١٥٤٤٤.

۴۴

وعن أبي عبـد الله عليه السلام : «مَن اتّخذ في بيته طيراً فليتّخذ ورشاناً (١) ؛ فإنّه أكثر شيء لذكر الله عزّ وجلّ وأكثر تسبيحاً ، وهو طير يحبّنا أهل البيت» (٢).

وفي رواية عنه : «إنّه نهى ابنه إسماعيل عن اتّخاذ الفاختة ، وقال : إنْ كنت لا بُدّ متّخذاً فاتّخذ ورشاناً ؛ فإنّه كثير الذكر لله عزّ وجلّ» (٣).

أمرهم باتّخاذ بعض الحيوانات في المنازل :

وإذا كان يقول في الرواية السابقة : «إنْ كنت لا بُدّ ...» ففي رواية يأمر عليه السلام باتّخاذ الحيوان ، لكنْ الحمام الراعبي :

عن داود بن فرقد ، قال : «كنت جالساً في بيت أبي عبـد الله عليه السلام ، فنظرت إلى حمام راعبي يقرقر طويلاً ، فنظر إليّ أبو عبـد الله عليه السلام فقال : يا داود! تدري ما يقول هذا الطير؟ قلت : لا والله جعلت فداك.

قال : يدعو على قتلة الحسين عليه السلام ؛ فاتّخذوه في منازلكم» (٤).

والأدلّة على علم الأئمّة ـ كالأنبياء عليهم السلام ـ بحالات الحيوانات ولغاتها كثيرة ، وقد أُقيم عليه البرهان في علم الكلام ، والتفصيل في محلّه.

__________________

(١) الورشان : طائر يشبه الحمام ، لسان العرب ٦ / ٣٧٢.

(٢) وسائل الشيعة ١١ / ٥٢٦ ح ١٥٤٤٩.

(٣) وسائل الشيعة ١١ / ٥٢٧ ح ١٥٤٥١.

(٤) وسائل الشيعة ١١ / ٥١٨ ح ١٥٤٢٥.

۴۵

موعظة الإنسان بحال الحيوان :

وكم وعظوا الناس بالنظر إلى حال الحيوانات؟ وكم هي مؤثّرةٌ في النفوس؟

ففي رواية ـ مثلاً ـ عن أبي عبـد الله عليه السلام ، قال : «أما يستحيي أحدكم أنْ يغنّي على دابّته وهي تسبّح؟!» (١).

ولا يخفى أنّه عليه السلام يقصـد الآية المباركة : (وَإِن مِن شَيْء إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِن لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) (٢) ..

ففي الوقت الذي يسبّح الحيوان بحمده ، يغنّي الراكب عليه! أما يستحيي من ربّه؟! أما يستحيي من نفسه؟! أما يستحيي من دابّته؟!

تعلّموا من الديك :

وصفات من الديك :

قال الرضا عليه السلام : «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : تعلّموا من الديك خمس خصال : محافظته على أوقات الصلاة ، والغيرة ، والسخاء ، والشجاعة ، وكثرة الطروقة» (٣).

وفي موضع آخر وصف الديك بـ : «الأبيض» ، وأنّ هذه الخصال هي من خصال الأنبياء عليهم السلام :

عن الرضا عليه السلام ، قال : «في الديك الأبيض خمس خصال من

__________________

(١) وسائل الشيعة ١١ / ٤١٩ ح ١٥١٥٠.

(٢) سورة الإسراء ١٧ : ٤٤.

(٣) وسائل الشيعة ٢٠ / ٢٤٢ ح ٢٥٥٣٩.

۴۶

خصال الأنبياء عليهم السلام : معرفته بأوقات الصلوات ، والغيرة ، والسخاء ، والشجاعة ، وكثرة الطروقة» (١).

تعلّموا من الغراب :

ومن هذا الباب : أمرهم عليهم السلام بتعلّم صفات من الغراب :

قال الصّادق عليه السلام : «تعلّموا من الغراب ثلاث خصال : استتاره بالسفاد ، وبكوره في طلب الرزق ، وحـذره» (٢).

للبحث صلة ...

__________________

(١) وسائل الشيعة ٤ / ١١٣ ح ٤٦٥٢.

(٢) وسائل الشيعة ١٧ / ٧٨ ح ٢٢٠٣٢.

۴۷

عـدالـة الصـحابـة

(١٤)

الشـيخ محمّـد السـند

تعرّضنا في الحلقة السابقة (١) للبحث في أزمة كتب السيرة وأسباب النزول ، الناشئة من أثر سياسة الحزب القرشي في مواجهة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ودعوته الجديدة ، من خلال تشييد قاعدة الإزراء بشخصيّته (صلى الله عليه وآله وسلم) ، والحطّ من قدره ، والتنزيل من عظمته ، وإثارة الشكوك حول عصمته ، والنيل من حكمته ، والطعن في هديه وسيرته ، في مقابل بناء رموز للتطاول على مقامه الشريف (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وإحاطتها بهالات من التقديس تحرّم التعرّض إليها ..

وذكرنا موردين للمزايدة بين عصمة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعدالة الصحابة ، أوّلها كان : الصلاة على موتى المنافقين ، ثمّ أُسارى بدر.

وبحثنا ، في عدّة نقاط ، ما ورد في تفسير الآية الخاصّة بالأسرى وما ذُكر من أسباب في نزولها ، وها نحن نستمر في ما بدأناه ..

__________________

(١) المنشورة في العدد المزدوج (٧٧ ـ ٧٨) لسنة ١٤٢٥ هـ.

۴۸

ذكر الآلوسي في ذيل قوله تعالى : (ما كانَ لِنَبِيّ أن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى ...) (١).

قال : «أخرج أحمد ، والترمذي وحسّنه ، والطبري ، والحاكم وصحّحه ، عن ابن مسعود رضي‌الله‌عنه ، قال : لمّا كان يوم بدر جيء بالأُسارى ، وفيهم العبّـاس ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ما ترون في هؤلاء الأُسارى؟

فقال أبو بكر ...» ثمّ ذكر الرواية المتقدّمة (٢) وكلام أبي بكر وعمر وعبـد الله بن رواحة ، وفي الذيل : «فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : إنّ الله تعالى ليلين قلوب رجال حتّى تكون ألين من اللبن ، وإنّ الله سبحانه ليشـدّد قلوب رجال حتّى تكون أشـدّ من الحجارة» (٣).

أقـول :

هذه الرواية شاهدة لما مرّ استنتاجه : إنّ موقف عمر في قضية الأُسارى من المحطّات التي يجب التوقّف عندها ؛ لمعرفة رأيه تجاه قرابة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وعشـيرته ؛ لأنّ تعريضـه (صلى الله عليه وآله وسلم) بالموقف المتشـدّد : «إنّ الله سبحانه ليشـدّد قلوب رجال حتّى تكون أشدّ من الحجارة» هو تمثّل منه (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله تعالى : (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلكَ فَهِيَ كالْحِجارَةِ

__________________

(١) سورة الأنفال ٨ : ٦٧.

(٢) قد ذكر مصدرها في الحلقة السابقة ، وهو تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن) ٨ / ٤٦ ، الذي يرويها عن مسلم في صحيحه : كتاب الجهاد ب ١٨ : باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر وإباحة الغنائم.

(٣) روح المعاني ١٠ / ٣٤ ؛ وانظر : مسند أحمد بن حنبل ١ / ٣٨٣ ، المعجم الكبير ١٠ / ١٤٣.

۴۹

أوْ أشَدُّ قَسْوَةً) (١) ..

وبقوله تعالى : (أفَمَن شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ فَهُوَ عَلى نُور مِن رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسيَةِ قُلُوبُهُم مِن ذِكْرِ اللهِ أُولئِكَ في ضَلال مُبِين) (٢) ..

وبقوله تعالى : (وَلكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ مَا كَانُوا يَعْمَلونَ) (٣) ... وغيرها من الآيات الذامّة لقساوة القلب.

تداعيات موقف عمر وأحكام الأسير :

وممّا أوجب اضطراب مؤدّى آيتي الأسير عند أهل سُـنّة الخلافة : ما التزموه في ما يخصّ قصّة الأُسارى في بدر بحسب روايات عمر وموقفه فيها ..

وكلماتهم تشتّتَت في نسبة مفاد قوله تعالى في سورة محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) : (فإذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَروا فَضَرْبَ الرِّقابِ حتَّى إذا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فإمَّا مَنّاً بَعْدُ وإمّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أوْزارَها) (٤) ؛ فقد ذكر القرطبي أنّهم اختلفوا في تأويل هذه الآية على خمسة أقوال :

الأوّل : إنّها منسوخة ، وهي في أهل الأوثان لا يجوز أن يفادَوا ولا يُمنّ عليهم ، والناسخ لها عندهم : قوله تعالى : (فاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ) (٥) ، وقوله تعالى : (فإمّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ

__________________

(١) سورة البقرة ٢ : ٧٤.

(٢) سورة الزمر ٣٩ : ٢٢.

(٣) سورة الأنعام ٦ : ٤٣.

(٤) سورة محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) ٤٧ : ٤.

(٥) سورة التوبة (البراءة) ٩ : ٥.

۵۰

بِهِم مَنْ خَلْفَهُمْ) (١) ، وقوله تعالى : (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً) (٢) ؛ قاله قتادة والضحّاك والسدي وابن جريج والعوفي ، عن ابن عبّـاس.

واسـتدلّ على هذا القول بفعل أبي بكر.

الثاني : إنّها في الكفّار جميعاً ، وهي منسوخة على قول جماعة من العلماء وأهل النظر ، منهم : قتادة ومجاهد ؛ قالوا : إذا أُسـر المُشرك لم يجز أن يمنّ عليه ، ولا أن يفادى به فيردّ إلى المشركين ، ولا يجوز أن يفادى عندهم إلاّ بالمرأة ؛ لأنّها لا تقتل ، والناسخ لها قوله تعالى : (فاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ) ؛ إذ كانت براءة آخر ما نزلت بالتوقيف ، فوجب أن يُقتل كلّ مشرك إلاّ مَن قامت الدلالة على تركه من النساء والصبيان ومَن يؤخذ منه الجزية. وهو المشهور من مذهب أبي حنيفة ؛ خيفة أن يعودوا حرباً للمسلمين.

الثالث : إنّها ناسخة لقوله تعالى : (فاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ) ؛ قاله الضحّاك والحسن وعطاء ..

فعن عطاء : لا يقتل المشرك ولكن يُمنّ عليه ويفادى. وبزعم الحسن : أن ليس للإمام قتل الأسير المشرك بعد وضع الحرب أوزارها والإثخان ، لكنّه يختار : إمّا أن يمنّ ، أو يفادي ، أو يسترق.

الرابع : قول سعيد بن جبير أنّها غير ناسخة ولا منسوخة ، والفداء والأسر لا يكون إلاّ بعد الإثخان والقتل بالسيف لقوله تعالى : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أن يَكونَ لَهُ أسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ في الأرْضِ) (٣) ، فإذا أُسر بعد ذلك

__________________

(١) سورة الأنفال ٨ : ٥٧.

(٢) سورة التوبة (البراءة) ٩ : ٣٦.

(٣) سورة الأنفال ٨ : ٦٧.

۵۱

فيتخيّر الإمام بين القتل وغيره.

الخامس : إنّ الآية محكمة والإمام مخيّر في كلّ حال ؛ روي ذلك عن ابن عبّـاس ، وقاله ابن عمر والحسن وعطاء ، وهو مذهب مالك والشافعي والثوري والأوزاعي وأبي عبيد وغيرهم ، ويروى ذلك عن أهل المدينة أيضاً ..

واسـتدلّ بفعل النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لكلّ ذلك ؛ إذ قتل عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث يوم بدر صبراً ، وفادى سائر أُسارى بدر ، ومنّ على ثمامة وهو أسير في يده (١).

ويدفع دعاواهم :

أوّلاً :

إنّه لا دليل على النسخ ؛ إذ هو متوقّف على دليل قاطع وإلاّ لزم تعطيل آيات الكتاب بمجرّد التخرّص والتظنّي ، كما إنّ النسخ يتوقّف على تعارض ما بين المفادين ، والحال أن لا تنافي بين الآيات ؛ إذ آية الأُسارى كالمفصّل لما أجمل من الإطلاق في آيات قتال المشركين ، مع إنّه متوقّف على تأخّر آيات القتال المطلقة على آية الأُسارى.

ثانياً :

إنّه لا قرينة على اختصاص آية الأُسارى بالمشركين كي يفرض رفع حكمها مطلقاً ؛ فهي ـ على ظاهرها ـ شاملة لغير المشركين ، وتكون نسبة مدلولها لمدلول آيات قتال المشركين هي العموم والخصوص من وجه.

__________________

(١) انظر : تفسير القرطبي ١٦ / ١٩٢.

۵۲

ثالثاً :

إنّ آية الأُسارى صريحة في كون المنّ أو الفداء هو بعد الإثخان فيهم وهزيمتهم و (تضع الحرب أوزارها) فكيف يثبت قبله؟!

ونظير ذلك قولهم بالقتل بعد الإثخان مع إنّ الآية صريحة في الانتهاء بالغاية ، وهي : الإثخان.

رابعاً :

ما استدلّوا به من قتل النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بعض أفراد المشركين بعد الإثخان لا ينافي ظهور وصريح الآية ؛ لإنّها موارد خاصّة ، كعقوبة متخصّصة ، نظير استباحته (صلى الله عليه وآله وسلم) دماء نفر في فتح مكّة ولو كانوا متعلّقين بأستار الكعبة ..

وأمّا فعل أبي بكر وعمر فلا حجّية فيه حسب ما يقرّ أهل سُـنّة الخلافة من عدم عصمتهما وعدم حجّية فعلهما ، بل إنّ الذي ورّطهم في هذا الفهم المقلوب للآيات هو فعل عمر وموقفه اعتراضاً على الساحة النبوية ، من أن إبقاء الأسير بعد انتهاء الحرب كان منهيّاً عنه.

خامساً :

إنّ الذي التزموا به من النسخ المتبادل المتعاكس بين آية الأُسارى وآيات قتال المشركين لا يبرّر ولا يفسّر موقف عمر بالاعتراض والمطالبة بقتل الأسرى بعد الحرب يوم بدر ؛ وذلك لأنّ بين قوله تعالى في شأن الأُسارى في سورة الأنفال : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أن يَكونَ لَهُ أسْرى حَتَّى يُثْخِنَ في الأرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا واللهُ يُريدُ الآخِرَةَ وَاللهُ عَزيزٌ حَكيمٌ) ،

۵۳

وبين قوله تعالى في سورة القتال (سورة محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم)) : (فإذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَروا فَضَرْبَ الرِّقابِ حتَّى إذا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فإمَّا مَنّاً بَعْدُ وإمّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أوْزارَها) تمام التطابق ..

فإنّ آية الأنفال في الأُسارى تنفي وتنهى أن يكون لنبيّ أسرى ـ أي شدّ وثاق ـ قبل الإثخان وقبل إنهاك العدو وهزيمته وانتهاء الحرب والقتال في المعركة ، وشدّ الوثاق عبارة وكناية عن الأسر والاسترقاق ؛ فالآيتان في السورتين متطابقتان على تحديد القتل للأُسارى إلى غاية الإثخان ، وهو انتهاء الحرب ، وأنّ بعد الحرب لا يقتل الأسير ، وهو ما لا يتطابق مع إصرار عمر على قتل أُسارى بدر بعد الحرب.

ومن وضوح دلالة الآيتين على ذلك اضطر غير واحد منهم إلى الإقرار بأنّ معنى الآية في الأنفال هو : عتاب الله عزّ وجلّ لأصحاب النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، والمعنى : ما كان ينبغي لكم أن تفعلوا هذا الفعل الذي أوجب أن يكون للنبيّ أسرى قبل الإثخان ، ولهم هذا الإخبار بقوله تعالى : (تُريدونَ عَرَضَ الدُّنْيا) ، والنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يأمر باستبقاء الرجال وقت الحرب ولا أراد قط عرض الدنيا وإنّما فعله جمهور مباشـري الحرب (١).

فموضع العتاب الإلهي ومورد قوله تعالى : (لَوْلا كِتابٌ مِنَ الله سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فيما أخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظيمٌ) (٢) هو : أخذ الأُسارى واستبقاؤهم وقت الحرب قبل الإثخان ؛ فالمؤاخذ على هذه الغنيمة هو بلحاظ أنّها أُخذت من غير حلّها ، مع الالتفات إلى أنّ الأُسارى لم يؤخذوا كلّهم وقت الحرب بل فيهم القليل ممّن أُخذ بعد الحرب ، كـ : العبّاس وعقيل ونوفل.

__________________

(١) تفسير القرطبي ٨ / ٤٥.

(٢) سورة الأنفال ٨ : ٦٨.

۵۴

والعجيب أن تراهم مع كلّ ذلك يتمحّلون لاعتراض عمر ، والذي كان بعد الحرب ، ورأيه بقتل الأُسارى ، بأنّ النهي والعتاب في الآية طال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أيضاً ؛ لأنّه لم ينهَ عن استبقاء الأسرى حين رآهم من العريش ، وفي المقابل فإنّ سعد بن معاذ وعمر بن الخطّاب وعبـد الله بن رواحة كرهوا ذلك ، مع إنّ الروايات التي رووها عن عمر ـ في ما زعم من فعله ـ تشير إلى أنّه كان بعد الحرب ، فكيف يتّفق ذلك مع القول بأنّ موضع النهي في الفعل الذي حدث كان أثناء الحرب؟!

وتمحّلوا أنّ قتل الأسرى الّذين فودوا ببدر كان أوْلى من فدائهم ، ويومئذ كان المسلمون قليلون فلمّا كثروا واشتدّ سلطانهم أنزل الله عزّ وجلّ بعد هذا في الأسارى : (فَإِمَّا مَنَّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً) في سورة محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) (سورة القتال) ، فزعموا أنّ الآية الثانية في الأسرى ناسخة للأُولى وقد تقدّم تمام المطابقة بين الآيتين ، كما هو حكم الأُسارى من التفصيل بين أخذهم أثناء الحرب أو بعدها في مذهب الإمامية ، كما رووه عن الصادق عليه‌السلام : «كان أبي يقول : إن للحرب حُكمين : إذا كانت الحرب قائمة لم تضع أوزارها ولم يثخن أهلها فكلّ أسير أخذ في تلك الحال فإنّ الإمام بالخيار إن شاء ضرب عنقه وإن شاء قطع يده ورجله من خلاف بغير حسم وتركه يتشحّط في دمه حتّى يموت ؛ وهو قول الله عزّ وجلّ : (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ الله وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِنْ خِلاَف أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الاْخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) في سورة المائدة الآية ٣٣ ...

والحكم الآخر إذا وضعت الحرب أوزارها وأثخن أهلها فكلّ أسير أُخذ في تلك الحال فكان في أيديهم فالإمام فيه بالخيار إن شاء منّ عليهم

۵۵

وإن شاء فاداهم أنفسهم وإن شاء استعبدهم فصاروا عبيداً» (١).

وقد روي عن الكلبي في قوله تعالى : (فَشُدُّوا الْوَثَاقَ) : «نزلت في العبّـاس لمّا أُسر في يوم بدر فقال له النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : افد نفسك وابنيْ أخيك ـ يعني عقيلا ونوفلا ـ وحليفك ـ يعني عتبة بن أبي جحدر ـ فإنّك ذو مال.

فقال : إنّ القوم استكرهوني ولا مال عندي.

قال : فأين المال الذي وضعته بمكّة عند أُمّ الفضل حين خرجت ، ولم يكن معكما أحد ، وقلت : إن أُصبت في سفري فللفضل كذا ، ولعبد الله كذا ، ولقثم كذا؟!

قال : والذي بعثك بالحقّ نبيّاً ما علم بهذا أحد غيرها ، وإنّي لأعلم أنّك لرسول الله.

ففدّى نفسـه بمائة أُوقية ، وكلّ واحد بمائة أوقية ، فنزلت : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِمَن فِي أَيْدِيكُم مِنَ الأسْرَى) (٢) ، فكان العبّـاس يقول : صدق الله وصـدق رسوله ؛ فإنّه كان معي عشرون أوقية فأُخذت ، فأعطاني الله مكانها عشرين عبداً ، كلّ منهم يضرب بمال كثير ، أدناهم يضرب بعشرين ألف درهـم» (٣) ..

وهذه الرواية تدلّ على كون الأسرى من بني هاشم لم يكن موقفهم معادياً لمعسكر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وإنّما أُكرهوا على المجيء إلى بدر ، فهم كالأُسارى انتقلوا من أسر إلى آخر ، بل إنّ موقفهم متعاطف مع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ؛ فقد رووا تجاوب العبّـاس مع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وإنّه ذكر أنّه كان

__________________

(١) الكافي ٥ / ٣٢.

(٢) سورة الأنفال ٨ : ٧٠.

(٣) بحار الأنوار ١٨ / ١٣٠.

۵۶

مُكرهاً ، وأنّه تشهّد الشهادتين ..

روى القمّي في تفسيره بعد ذلك أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لعقيل : «قد قتل الله ـ يا أبا يزيد! ـ أبا جهل بن هشام ، وعتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، ومنية وبنية ابني الحجّاج ، ونوفل بن خويلد ، وسهيل بن عمرو ، والنضر بن الحارث بن كلدة ، وعقبة بن أبي معيط ، وفلاناً وفلاناً.

فقال عقيل : إذاً لا تُنازَع في تهامة ، فإن كنت قد أثخنت القوم ألا فاركب أكتافهم. فتبسّـم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من قوله.

وكان القتلى ببدر سبعين ، والأسرى سبعين ، وقد قتل أمير المؤمنين عليه‌السلام سبعة وعشرين ولم يؤسـر أحداً» (١).

وهذا دالّ بوضوح على أنّ أُسارى بني هاشم الثلاثة كانوا في اصطفاف لنصرة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وإن أكرهتهم قريش للقتال في بدر ..

قال السـيّد المرتضى قدس‌سره : «إنّهم لمّا تباعدوا عن العريش وعن مرآه (صلى الله عليه وآله وسلم) أسروا من أسروا من المشركين بغير علمه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ولا يبعد أن يكون هو عليه السلام لم يأسر حتّى فرّ الكفار وانهزموا وتباعدوا وانتهى الأمر إلى آخره ووضعت الحرب أوزارها ، فحينئذ أُسر من أُسر ...

وأمّا الأمر بالقتل في قوله تعالى : (فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَان) (٢) ، فالمراد به : الكثرة لا محالة ، لا عموم ضرب أعناق الكفّار بلا خلاف ، فالقتل المدلول عليه بالآية لا ينافي الأسـر ، وممّا يدلّ على أنّ المراد به : الكثرة ، هذه الآية ؛ فإنّها كالمفسّـرة لتلك ..

وكذلك قوله تعالى : (فإذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَروا فَضَرْبَ الرِّقابِ

__________________

(١) تفسير القمّي ١ / ٢٦٩.

(٢) سورة الأنفال ٨ : ١٢.

۵۷

حتَّى إذا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ) ...

والأمر بالقتل كان مقيّداً بحال المحاربة ، كما هو المتبادر من قوله تعالى : (فإذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَروا فَضَرْبَ الرِّقابِ) ؛ فإنّ الظاهر من الأمر بضرب الرقاب وقت اللقاء ، وهو حال الحرب ، ولا يسمّى ما بعد الحرب وحصول الأسرى مكتوفين بأيدي الخصوم وتبدّد شملهم وزوال فئتهم عن مراكزهم : لقاءً.

وأيضاً المتبادر من مثل هذه العبارة حدثان ذلك الفعل وفواتحه ، لا أواخـره ، وإن دام.

على أنّ ضرب الأطراف الذي فُسّر به ضرب البنان غير معهود من صاحب الشرع في الأسير ؛ فإنّه يجري مجرى المثلة ، وإنّما يجوز وقت التحام الحرب وحين المسايفة» (١).

ومن الموارد الأُخرى التي خاضوا في مزايداتها بين عصمة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وعدالة الصحابة :

آية الحجاب في حقّ نساء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)

وهو قوله تعالى : (يا أيُّها الَّذِينَ آمَنوا لا تَدْخُلوا بُيوتَ النَّبِيِّ إلاّ أن يُؤْذَنَ لَكُمْ إلَى طَعام غَيْرَ ناظِرينَ إنَاهُ ولكِنْ إذَا دُعِيتُمْ فادْخُلوا فإذَا طَعِمْتُمْ فانتَشِروا ولاَ مُسْتَأنِسينَ لِحَدِيث إنَّ ذلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِ مِنكُمْ وَاللهُ لاَ يَسْتَحْيِ مِنَ الْحَقِّ وَإذَا سَأَلْتُـمُوهنَّ مَتاعاً

__________________

(١) بحار الأنوار ٣٤ / ٣٨٨.

۵۸

فَسْألُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَاب ذلِكُمْ أطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وقُلُوبِهِنَّ ومَا كانَ لَكُمْ أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ ولاَ أنْ تَنكِحُوا أزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أبَداً إنَّ ذلِكُمْ كانَ عِندَ اللهِ عَظِيماً) (١).

وهي قصّة تشريع الحجاب ؛ فإنّها من الموارد التي جعلها أهل سُـنّة الخلافة والجماعة من مناقب عمر ، المنقولة عن لسانه ، وأنّ استقامته فاقت عصـمة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وقد نزل الوحي بموافقته على خلاف موقف النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ..

وفي الحقيقة هذه الحادثة هي أيضاً من الموارد الشنيعة التي تعدّ من المواقف المحسوبة على عمر ، والتي أُريد لها تغطية حقيقة الحدث وملابساته ، ولو كنّا نحن وما رواه أهل سُـنّة الجماعة ولحن الآيات الكريمة لاستكشفنا حقيقة الأمر ـ كما سيتبيّن ـ وهي : إنّ آية الحجاب واردة انتهاراً لسلوك عدّة من الصحابة البارزين!

فقد روى أبي داود الطيالسي في مسـنده بسنده عن أنس بن مالك ، قال : قال عمر : وافقت ربّي عزّ وجلّ في أربع :

قلت : يا رسول الله! لو صلّيت خلف المقام ، فنزلت هذه الآية : (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً) (٢) ، وقلت : يا رسول الله! لو ضربت على نسائك الحجاب ؛ فإنّه يدخل عليك البرّ والفاجر ، فأنزل الله عزّ وجلّ : (وإذَا سَألْتُـمُوهنَّ مَتاعاً فَسْألُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَاب) ... الحديث (٣).

والرواية كما ترى يرويها عمر نفسـه!

__________________

(١) سورة الأحزاب ٣٣ : ٥٣.

(٢) سورة البقرة ٢ : ١٢٥.

(٣) مسند أبي داود الطيالسي : ٩.

۵۹

ورواه الطبراني (١) في الصغير بسنده عن عمر بن الخطاب إلاّ أنّ فيه : وافقت ربّي في ثلاث ... وذكر الثالثة في قصّة أُسارى بدر ، التي مرّ أنّها ورطة وقع فيها وقد حاول التخلّص من وصمتها بجعلها منقبة.

ورواه في الكبير (٢) عن عبـد الله بن عمر ، أنّه قال في أبيه : فضل عمر الناس بأربع : بذكره الأسارى يوم بدر ، فأمر بقتلهم ، فأنزل الله عزّ وجلّ : (لَوْلا كِتابٌ مِنَ الله سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فيما أخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظيمٌ) ، وبذكره الحجاب ، فقالت زينب : وإنّك لتغار منّا والوحي ينزل في بيوتنا ، فأنزل الله عزّ وجلّ : (وإذَا سَألْتُـمُوهنَّ مَتاعاً فَسْألُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَاب) ... الحديث.

وقال ابن جرير الطبري في تفسيره في ذيل قوله تعالى : (وإذَا سَألْتُـمُوهنَّ مَتاعاً فَسْألُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَاب) :

«قال بعضهم : نزلت بسبب قوم طعموا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في وليمة زينب بنت جحش ثمّ جلسوا يتحدّثون في منزل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبرسول الله إلى أهله حاجة ، فمنعه الحياء من أمرهم بالخروج من منزله» (٣).

وروى بإسناده عن أنس بن مالك أنّه : «كان ابن عشر سنين مقدم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المدينة ، فكنت أعلم الناس بشأن الحجاب حين أُنزل في مبتنى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بزينب بنت جحش أصبح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بها عروساً ، فدعا القوم فأصابوا من الطعام حتّى خرجوا ، وبقي منهم رهط عند

__________________

(١) المعجم الصغير ـ للطبراني ـ ٢ / ٣٨.

(٢) المعجم الكبير ـ للطبراني ـ ٩ / ١٦٧.

(٣) جامع البيان ـ لابن جرير الطبري ـ ٢٢ / ٤٥.

۶۰

رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأطالوا المكث ، فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وخرج ، وخرجت معه لكي يخرجوا ، فمشى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومشيت معه ، حتّى جاء عتبة حجرة عائشة زوج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ثمّ ظن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّهم قد خرجوا ، فرجع ورجعت معه ، حتّى دخل على زينب فإذا هم جلوس لم يقوموا ، فرجع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ورجعت معه ، فإذا هم قد خرجوا ، فضرب بيني وبينه ستراً ، وأُنزل الحجاب» (١).

وروى بإسناده عن أنس بن مالك ، قال : «قال عمر بن الخطّاب : قلت لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : لو حجبت عن أُمّهات المؤمنين ؛ فإنّه يدخل عليك البرّ والفاجر ، فنزلت آية الحجاب» (٢).

وروى بإسناده عن عبـد الله ، قال : «أمر عمر نساء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بالحجاب ، فقالت زينب : يا بن الخطّاب ، إنّك لتغار علينا والوحي ينزل في بيوتنا ، فأنزل الله : (وإذَا سَألْتُـمُوهنَّ مَتاعاً فَسْألُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَاب)» (٣).

وروى بإسناده أنّ الإطعام كان في بيت أُمّ سلمة (٤).

وذكر الطبري في تفسير الآية : «وقوله : (إنَّ ذلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ). يقول : إنّ دخولكم بيوت النبيّ من غير أن يؤذن لكم ، وجلوسكم فيها مستأنسين للحديث بعد فراغكم من أكل الطعام الذي دعيتم له ، كان يؤذي النبيّ ، فيستحي منكم أن يخرجكم منها إذا قعدتم فيها للحديث بعد

__________________

(١) جامع البيان ـ لابن جرير الطبري ـ ٢٢ / ٤٦.

(٢) جامع البيان ـ لابن جرير الطبري ـ ٢٢ / ٤٦.

(٣) جامع البيان ـ لابن جرير الطبري ـ ٢٢ / ٤٧.

(٤) جامع البيان ـ لابن جرير الطبري ـ ٢٢ / ٤٧.

۶۱

الفراغ من الطعام ، أو يمنعكم من الدخول إذا دخلتم بغير إذن مع كراهيّته لذلك منكم ، والله لا يستحي من الحقّ أن يتبيّن لكم ، وإن استحيى نبيّكم فلم يبين لكم كراهية ذلك ؛ حياءً منكم.

(وَإذَا سَأَلْتُـمُوهنَّ مَتاعاً فَسْألُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَاب). يقول : وإذا سألتم أزواج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ونساء المؤمنين اللواتي لسن لكم بأزواج متاعاً فاسألوهنّ من وراء حجاب ؛ يقول : من وراء سـتر بينكم وبينهنّ ، ولا تدخلوا عليهنّ بيوتهنّ.

(ذلِكُمْ أطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وقُلُوبِهِنَّ). يقول تعالى ذكره : سؤالكم إيّاهنّ المتاع ، إذا سألتموهنّ ذلك من وراء حجاب ، أطهر لقلوبكم وقلوبهنّ من عوارض العين فيها ، التي تعرض في صدور الرجال من أمر النساء وفي صدور النساء من أمر الرجال ، وأحرى من أن لا يكون للشيطان عليكم وعليهنّ سبيل.

وقد قيل : إنّ سبب أمر الله النساء بالحجاب إنّما كان من أجل أنّ رجلا كان يأكل مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعائشة معهما ، فأصابت يدها يد الرجل ، فكَرِه ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)» (١) ..

وروى ذلك عن مجاهد.

وقال : «وقيل : نزلت من أجل مسألة عمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ..

وروى بسنده عن عائشة ، قالت : إنّ أزواج النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كنّ يخرجن بالليل إذا تبرّزن إلى المناصـع ، وهو صعيد أفيح ، وكان عمر يقول : يا رسول الله! احجب نساءك. فلم يكن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يفعل ، فخرجت

__________________

(١) جامع البيان ـ لابن جرير الطبري ـ ٢٢ / ٤٨.

۶۲

سودة بنت زمعة زوج النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وكانت امرأة طويلة ، فناداها عمر بصوته الأعلى : قد عرفناك يا سودة ؛ حرصاً أن ينزل الحجاب. قال : فأنزل الله الحجاب» (١).

وروى بسـنده عن عائشة : «قالت : خرجت سودة لحاجتها بعدما ضرب علينا الحجاب ، وكانت امرأة تفرع النساء طولا ، فأبصرها عمر ، فناداها : يا سودة! إنّك والله ما تخفين علينا ، فانظري كيف تخرجين ـ أو كيف تصنعين ـ؟

فانكفأت فرجعت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وإنّه ليتعشّى ، فأخبرته بما كان وما قال لها وإنّ في يده لعِرقاً ، فأُوحي إليه ثمّ رفع عنه وإنّ العِرق لفي يده ، فقال : لقد أذن لكنّ أن تخرجن لحاجتكنّ» (٢) ..

وقد ذكر عدّة طرق لهذه الروايات ، وقد وردت في مصادرهم الحديثية الأُخرى.

وقبل أن نورد بقية أقوالهم ورواياتهم نستخلص جملة أُمور ـ ممّا سبق ـ تؤكّد أنّ هذه الواقعة لنزول الآية هي إحدى الدواهي التي أقدم عليها بعض كبار الصحابة ، ثمّ جعلت منقبة له ؛ تغطيةً للحدث ، كما سيتبيّن أنّ جملة آيات الحجاب واردة ردعاً لسلوكيات عدّة من الأسماء اللامعة في الصحابة :

الأمر الأوّل :

إنّ ما رووه في مصادرهم الحديثية بطرق متعدّدة أنّ : «زينب بنت

__________________

(١) جامع البيان ـ لابن جرير الطبري ـ ٢٢ / ٤٩.

(٢) جامع البيان ـ لابن جرير الطبري ـ ٢٢ / ٤٩.

۶۳

جحش قالت لعمر : إنّك لتغار علينا والوحي ينزل في بيوتنا ، فأنزل الله تعالى آية الحجاب» شاهد على أنّ نزول آية الحجاب كان قبل اعتراض عمر على نساء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ؛ وذلك لأنّ نزول آية الحجاب ـ كما في أكثر مروياتهم ـ هو عند بناء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بزينب وعرسـه بها وإطعامه ، وقبل ذلك لم تكن زينب في بيت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كي تخاطب عمر بأنّ : «الوحي ينزل في بيوتنا» ، كما أنّ لحن قولها هو مواجهته على تطاوله على أمر حجاب نساء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).

الأمر الثاني :

إنّ ما رووه من رواية عائشة أنّ : خروج سودة ليلاً لحاجتها بعدما ضرب عليهنّ الحجاب واعتراض عمر لها ، هو الآخر يشهد بأنّ نزول آية الحجاب لم يكن على وفق مراد عمر ؛ بل ظاهر ذلك هو : كون الآية نزلت رادعة لسلوك عمر مع نساء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، كما ستأتي شواهد أُخرى على ذلك.

الأمر الثالث :

إنّ انكفاء سودة بعد قول عمر لها ، وتشهيره بها ، ونزول الوحي بالإذن لنساء النبيّ أن يخرجن لحاجتهنّ ، شاهد على ردع الوحي لسلوك عمر مع نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ؛ لأنّه تشهير باسم زوج الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أمام الناس ، وبأعلى صوته ، وجهاره بمعرفته لها ، وأنّها لا تخفى عليه ، فكيف يمكن توجيه ذلك؟!

وهذا بحدّ ذاته شاهد على أنّ سلوكه لم يكن مناسباً ، وخصوصاً

۶۴

بعـدما نزل الوحـي بالإذن لهنّ في الخروج للحاجـة ليلاً على خلاف ما قام به من اعتراض سـودة في الطريق.

الأمر الرابع :

من ذلك يظهر اشتباه ما ادّعوه ؛ تبريراً لفعل وسلوك عمر مع سودة أنّه : «حرصاً على أن ينزل الحجاب ، فنزل الحجاب» (١) ..

وكيف يتصـوّر الحرص على العفاف والسـتر والغيرة على الحجاب مع ندائه بأعلى صـوته باسم سـودة في الطريق ، وجهاره أنّها لا تخفى عليه؟!

هل هذا إلاّ من التشهير بأُمّهات المؤمنين وهتك لخفارتهنّ؟!

بل لعلّ قوله تعالى : (يَا أيُّها الْنَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَلبِيبِهِنَّ ذلِكَ أدْنَى أن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَّحِيماً) (٢) ، والأمر بإدناء الجلباب لكي لا يؤذين في خروجهنّ هو الوحي الذي نزل على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بعـد.

الأمر الخامس :

إنّ ما رووه في سبب نزول الآية : إنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) تأذّى «من أجل أنّ رجلاً كان يأكل معه (صلى الله عليه وآله وسلم) وعائشة معهما ، فأصابت يدها يد الرجل ، فكره ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)» ، يتطابق مع الآيات السابقة الواردة في نفس المضمار من قوله تعالى : (يا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأحَد مِنَ النِّسَاءِ إنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ

__________________

(١) زاد المسير ـ لابن الجوزي ـ ٦ / ٢١٢.

(٢) سورة الأحزاب ٣٣ : ٥٩.

۶۵

تَخْضَعْنَ بالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) (١) ؛ فالآية تُظهر أنّ نساء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كنّ في معرض التخاطب مع بعض الصحابة من فئة (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ) ..

وهذه الفئة هي من أوائل الّذين اندسّوا في صفوف المسلمين في مكّة ، كما تشير إلى ذلك سورة المدّثّر (٢) ، وسورة المدّثّر رابع سورة نزلت على الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) في أوائل البعثة.

وهذه الفئة من الصحابة (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ) قد كشف القرآن عن أنّهم سيتقلّدون السلطة وزمام الأُمور بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وأنّهم من أصحاب الصفوف الخلفية في الحروب والقتال ، كما في سورة محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) (٣) ، وأنّهم ممّن صفتهم ـ كما في سورة الأحزاب (٤) ـ : نعامة

__________________

(١) سورة الأحزاب ٣٣ : ٣٢.

(٢) سورة المُدّثّر ٧٤ : ٣١ : (ومَا جَعَلْنَا أصْحَابَ النَّارِ إلاَّ مَلاَئِكَةً ومَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إلاَّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ويَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إيمَاناً ولاَ يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ والْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أرَادَ اللهُ بِهذَا مَثَلاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَن يَشَاءُ ويَهْدِي مَن يَشَاءُ).

(٣) سورة محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) ٤٧ : ٢٠ ـ ٢٣ : (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلاَ نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ يَنظُرُونَ إلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأوْلَى لَهُمْ * طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإذَا عَزَمَ الأمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ * فَهَلْ عَسَيْتُمْ إن تَوَلَّيْتُمْ أن تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ).

(٤) سورة الأحزاب ٣٣ : ١٢ ـ ١٩ : (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً * ... أشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَة حِدَاد أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأحْبَطَ اللهُ أعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً).

۶۶

في الحروب ، وجبن في القتال ، وذوي ألْسِنة حداد في السلم و...

وهذه الفئة هي التي ينهى الله تعالى نساء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الخضوع معهم في القول والتخاطب ؛ ممّا يبيّن أنّ لهم عِشرة قريبة مع أُمّهات المؤمنين.

قال الطبري في تفسـيره : «(ومَا كانَ لَكُمْ أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ) ، يقول تعالى ذكره : وما ينبغي لكم أن تؤذوا رسول الله وما يصلح ذلك لكم.

(ولاَ أنْ تَنكِحُوا أزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أبَداً) يقول : وما ينبغي لكم أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً ؛ لأنّهن أُمّهاتكم ، ولا يحلّ للرجل أن يتزوّج أُمّـه.

وذكر أنّ ذلك نزل في رجل كان يدخل قبل الحجاب ، قال : لئن مات محمّـد لأتزوّجن امرأة من نسائه. سمّاها ؛ فأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك : (ومَا كانَ لَكُمْ أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ ولاَ أنْ تَنكِحُوا أزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أبَداً) ..

ثمّ ذكر رواية مسـندة في ذلك ، عن ابن زيد : قال : ربّما بلغ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ الرجل يقول : لو أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) توفّي تزوّجت فلانة من بعده. قال : فكان ذلك يؤذي النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فنزل القرآن : (ومَا كانَ لَكُمْ أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ ...). الآية» (٤٠) ..

الأمر السادس :

قد كنّى الطبري عن هذا الصحابي بـ : «الرجل» دون أن يصرّح

__________________

(١) جامع البيان ـ لابن جرير الطبري ـ ٢٢ / ٥٠.

۶۷

باسـمه ، ولكنّه وصفه بـ : «كان يدخل قبل الحجاب» ، أي : ممّن يتردّد بالدخـول في بيوت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وهذا الإخفاء لاسمه هو كالتكنية والإخفاء لاسـم الصحابي الذي نزل فيه صدر الآية في قوله المتقدّم : «وقد قيل : إنّ سـبب أمر الله النساء بالحجاب إنّما كان من أجـل أنّ رجلا كان يأكل مع رسول الله وعائشة معهما ، فأصابت يدها يد الرجل ، فكره ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)» ؛ فهنا أيضاً أخفوا اسم هذا الصحابي الذي هو أيضاً ممّن يدخل في بيوت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)!

ثمّ قال الطبري في تفسير الآية اللاحقة (١) : «(إِن تُبْدُوا شَيْئاً أوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيماً) ، يقول تعالى ذكره : إن تظهروا بألسنتكم شيئاً ـ أيّها الناس! ـ من مراقبة النساء ، أو غير ذلك ممّا نهاكم عنه ، أو أذىً لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بقول : لأتزوّجن زوجته بعد وفاته ، (أوْ تُخْفُوهُ) ، يقول : أو تخفوا ذلك في أنفسكم ، (فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيماً) ، يقول : فإنّ الله بكلّ ذلك ، وبغيره من أُموركم وأُمور غيركم عليم لا يخفى عليه شيء ، وهو يجازيكم على جميع ذلك» (٢).

الأمر السابع :

وفي ذيل آيات الحجاب قوله تعالى : (إنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلَّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً * إنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالأخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً * وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلوا بُهْتَاناً

__________________

(١) سورة الأحزاب ٣٣ : ٥٤.

(٢) جامع البيان ـ لابن جرير الطبري ـ ٢٢ / ٥٠.

۶۸

وَإِثْماً مُّبِيناً * يَا أَيُّهَا الْنَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَلبِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً * لَئِن لَمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً * مَّلْعُونِينَ أيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً * سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) (١).

وهذا الذيل يُنزل لعنة الله في الدنيا والآخرة على مَن نزلت آيات الحجاب فيهم من الصحابة الّذين آذوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في نسائه ، وأنّهم من فئة (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ) ..

قال النحّاس في معاني القرآن : «وقوله عـزّ وجلّ : (ومَا كانَ لَكُمْ أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ ولاَ أنْ تَنكِحُوا أزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أبَداً) ، قال قتادة : قال رجل من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم : إن مات رسـول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم تزوّجت فلانة ؛ قال معمر : قال هذا طلحة لعائشـة» (٢).

وقال النحّاس : «وقوله جلّ وعزّ : (يَا أَيُّهَا الْنَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَلبِيبِهِنَّ) ، قال أبو مالك والحسـن : كان النساء يخرجـن بالليل في حاجاتـهنّ فيؤذيـهنّ المنافـقون ويتوهّمون أنّهنّ إماء ، فأنزل الله جلّ وعزّ : (يَا أَيُّهَا الْنَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ) إلى آخـر الآية» (٣).

__________________

(١) سورة الأحزاب ٣٣ : ٥٦ ـ ٦٢.

(٢) معاني القرآن ـ للنحّاس ـ ٥ / ٣٧٣.

(٣) معاني القرآن ـ للنحاس ـ ٥ / ٣٧٧ ـ ٣٧٨.

۶۹

الأمر الثامن :

قولهم : إنّ الأمر بإدناء الجلباب نزل لكون نساء النبيّ والمؤمنين يؤذَيْن في خروجهن ليلاً لقضاء حاجتهنّ ، وقد روت عائشة (١) أنّ عمر قد تعرّض لسودة بنت زمعة في خروجها ليلاً لقضاء حاجتها وأنّها انكفأت راجعة شاكية لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما آذاها به عمر ، فأوحى الله تعالى لنبيّه الإذن بأن يخرجن أي بجلباب فلا يؤذين.

وقال الجصّاص في أحكام القرآن : «قوله تعالى : (وَإذَا سَألْتُـمُوهنَّ مَتاعاً فَسْألُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَاب) قد تضمّن حظر رؤية أزواج النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ، وبيّن به أنّ ذلك (أطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وقُلُوبِهِنَّ) ؛ لأنّ نظر بعضهم إلى بعض ربّما حدث عنه الميل والشهوة فقطع الله بالحجاب الذي أوجبه هذا السبب ..

قوله تعالى : (ومَا كانَ لَكُمْ أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ) ، يعني بما بيّن في هذه الآية من إيجاب الاستئذان وترك الإطالة للحديث عنده والحجاب بينهم وبين نسائه» (٢).

وقال ابن الجوزي في زاد المسير ، في أسباب نزول آيات الحجاب : «والثالث : إنّ عمر بن الخطّاب قال : قلت : يا رسول الله! إنّ نساءك يدخل عليهنّ البرّ والفاجر ، فلو أمرتهنّ أن يحتجبْن. فنزلت آية الحجاب ..

أخرجه البخاري من حديث أنس ، وأخرجه مسلم من حديث ابن عمر ، كلاهما عن عمر.

__________________

(١) جامع البيان ـ لابن جرير الطبري ـ ٢٢ / ٤٩.

(٢) أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ ٣ / ٤٨٣.

۷۰

والرابع : إنّ عمر أمر نساء رسول الله [صلّى الله عليه وآله وسلّم] بالحجاب ، فقالت زينب : يا بن الخطّاب! إنّك لتغار علينا والوحي ينزل في بيوتنا. فنزلت الآية ..

قاله ابن مسعود.

والخامس : إنّ عمر كان يقول لرسول الله [صلّى الله عليه وآله وسلّم] : احجب نساءك. فلا يفعل ، فخرجت سودة ليلة فقال عمر : قد عرفناك يا سودة. حرصاً على أن ينزل الحجاب ، فنزل الحجاب ..

رواه عكرمة ، عن عائشة.

والسادس : إنّ رسول الله [صلّى الله عليه وآله وسلّم] كان يطعم معه بعض أصحابه ، فأصابت يد رجل منهم يد عائشة وكانت معهم ، فكره النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ذلك ، فنزلت آية الحجاب ..

قاله مجاهد ...

قوله تعالى : (ومَا كانَ لَكُمْ أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ) ، أي : ما كان لكم أذاه في شيء من الأشياء. قال أبو عبيدة : (كان) من حروف الزوائد. والمعنى : ما لكم أن تؤذوا رسول الله [صلّى الله عليه وآله وسلّم] ..

(ولاَ أنْ تَنكِحُوا أزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أبَداً) ، روى عطاء عن ابن عبّـاس ، قال : كان رجل من أصحاب رسول الله [صلّى الله عليه وآله وسلّم] قال : لو توفّي رسول الله [صلّى الله عليه وآله وسلّم] تزوّجت عائشة. فأنزل الله [تعالى] ما أنزل ..

وزعم مقاتل : إنّ ذلك الرجل : طلحة بن عبيد الله (١).

__________________

(١) زاد المسير ـ لابن الجوزي ـ ٦ / ٢١٢ ـ ٢١٣.

۷۱

وقال الطبرسي في مجمع البيان في ذيل الآية : «فإذا سألتم أزواج النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم شيئاً تحتاجون إليه ، فاسألوهنّ من وراء الستر ..

قال مقاتل : أمر الله المؤمنين ألاّ يكلّموا نساء النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم إلاّ من وراء حجاب.

وروى مجاهد ، عن عائشة ، قالت : كنت آكل مع النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم حيساً في قعب ، فمرّ بنا عمر ، فدعاه فأكل فأصابت إصبعه إصبعي ، فقال : (حس! لو أطاع فيكنّ ما رأتكنّ عين) فنزل الحجاب» (٤٩).

الأمر التاسع :

تُبـيّن رواية مجاهـد أنّ الصحابـي الذي أصابـت يده يد زوج

__________________

(١) مجمع البيان ـ للطبرسي ـ ٨ / ١٧٧.

وانظر : فتح الباري شرح صحيح البخاري ٨ / ٤٠٨ ، تفسير القرآن العظيم ـ لابن كثير ـ ٣ / ٥١٣ ، مجمع الزوائد ـ للهيثمي ـ ٧ / ٩٣ ، السُـنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٦ / ٤٣٥ ح ١١٤١٩ ، المعجم الأوسط ٣ / ٢١٢ ، المعجم الصغير ١ / ٨٤.

وذكره السيوطي في لباب النقول في أسباب النزول : ١٧٨ ، وفي الدرّ المنثور ٥ / ٢١٣ ؛ وفيه : «وأخرج النسائي وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه بسند صحيح عن عائشة ، قالت : ...

وأخرج ابن سـعد عن ابن عبّـاس ، قال : نزل حجاب رسول الله في عمر ؛ أكل مع النبيّ طعاماً فأصاب يده بعض أيدي نساء النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ، فأمر بالحجاب».

حس : كلمة يقولها الإنسان عند التوجّع ممّا آذاه ، مثل : «أوه». والحِيس : الطعام المتّخذ من التمر والأقط ـ أي : اللبن المحمض المجمّد ـ والسمن. والقعب : القدح الضخم ؛ انظر : معجم مقاييس اللغة ٢ / ٩ ـ ١٠ ، لسان العرب ٦ / ٦١ مادّة «حيس» ، ونهاية ابن الأثير ١ / ٤٧٦.

۷۲

النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فكره (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك هو : عمر ، وقد تقدّم أنّ كراهته (صلى الله عليه وآله وسلم) لذلك كانت سبب نزول آية الحجاب ، فآية الحجاب نزلت للنهي عن ما ابتدر من عمر ، لا ما ادّعاه هو لنفسه من كونه أغير من سيّد الأنبياء وأشرف المرسلين حبيب إله العالمين ، الذي وصفه ربّ العزّة : (وَإنَّكَ لَعَلَى خُلُق عَظِـيم) (١) و : (مَا ضَـلَّ صَاحِـبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى) (٢) ، وقد قال تعالى في وسط آيات الحجاب : (إنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلَّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) ..

فانظر هذه المحبّة الإلهية إلى خُلُق نبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ثمّ وعيد الإله تعالى بلعن وتعذيب الّذين يؤذون نبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وبعد كلّ ذلك يأتي عمر مدّعياً أنّه أكثر غيرة وعفّة من سـيّد الرسل؟! ، والحال أنّه الذي نزلت فيه هذه الآيات.

وقال الشيخ الطوسي في التبيان في ذيل الآية : «(فإذَا طَعِمْتُمْ فانتَشِروا ولاَ مُسْتَأنِسينَ لِحَدِيث) ، أي : تفرّقوا ولا تقيموا ولا تستأنسوا بطول الحديث ؛ وإنّما مُنعوا من الاستئناس من أجل طول الحديث ؛ لأنّ الجلوس يقتضي ذلك ، والاستئناس هو ضدّ الاستيحاش ، والأُنس ضدّ الوحشة. وبيّن تعالى فقال : لأنّ ذلك الاستئناس بطول الجلوس (كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِ مِنكُمْ) ، أي : من الحاضرين ، فيسكت على مضض ومشقّة ، (وَاللهُ لاَ يَسْتَحْيِ مِنَ الْحَقِّ) ..

ثمّ قال : (وَإذَا سَألْتُـمُوهنَّ مَتاعاً) يعني : إذا سألتم أزواج النبيّ

__________________

(١) سورة القلم ٦٨ : ٤.

(٢) سورة النجم ٥٣ : ٢ و ٣.

۷۳

شيئاً تحتاجوه إليه (فَسْألُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَاب) وستر (ذلِكُمْ أطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وقُلُوبِهِنَّ) من الميل إلى الفجـور.

ثمّ قال : (ومَا كانَ لَكُمْ أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ) ، قال أبو عبيدة : (كان) زائدة ، والمعنى : ليس لكم أن تؤذوا رسول الله بطول الجلوس عنده ومكالمة نسائه ، و (لاَ) يحلّ لكم أيضاً (أنْ تَنكِحُوا أزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أبَداً) ؛ لأنّهنّ صرن بمنزلة أُمّهاتكم في التحريم.

وقال السدي : لمّا نزل الحجاب قال رجل من بني تيم : أنُحجـب من بنات عمّنا؟! إن مات عرّسنا بهنّ. فنزل قوله : (ولاَ أنْ تَنكِحُوا أزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أبَداً إنَّ ذلِكُمْ) إن فعلتموه (كانَ عِندَ اللهِ عَظِيماً).

ثمّ قال لهم : (إن تُبْدُوا شَيْئاً) أي : إن أظهرتموه من مواقعة النساء (أوْ تُخْفُوهُ فَإنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيماً) لا يخفى عليه شيء من أعمالكم لا ظاهرة ولا باطنة» (١).

وقال الطبرسي : «ونزل قوله : (ومَا كانَ لَكُمْ أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ) إلى آخر الآية في رجل من الصحابة قال : لئن قبض رسول الله صلّى الله عليه وآله لأنكحنّ عائشة بنت أبي بكر ، عن ابن عباس ؛ قال مقاتل : وهو طلحة بن عبيد الله ..

وقيل : إنّ رجلين قالا : أينكح محمّـد نساءنا ولا ننكح نساءه؟! والله لئن مات لنكحنا نساءه. وكان أحدهما يريد عائشة والآخر يريد أُمّ سلمة ، عن أبي حمزة الثمالي» (٢).

__________________

(١) التبيان ـ للشيخ الطوسي ـ ٨ / ٣٥٧ ـ ٣٥٨.

(٢) مجمع البيان ـ للطبرسي ـ ٨ / ١٧٤.

۷۴

الأمر العاشر :

يظهر من مجموع الروايات الواردة عندهم أنّ سبب نزول آيات الحجاب كان بشأن ما صدر من فعل مجموعة من الصحابة البارزين ، الّذين يكثر دخولهم بيوت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وكانوا يدخلون دون استئذان ، ويطيلون الحديث مع أُمّهات المؤمنين ؛ كما ذكر ذلك عدّة من مفسّـري أهل سُـنّة الجماعة ، ممّن تقدّم نقل كلماتهم ..

وأنّ الرجل الآخر ينتمي إلى بني أُمية والعاص ؛ لأنّ مقتضى كلامه في أُمّ سلمة ؛ إذ كانت ذا نسب بهم.

روى الطبري بسـنده عن أنس بن مالك ، قال : «أنا أعلم الناس بهذه الآية ، آية الحجاب : لمّا أُهديت زينب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صنع طعاماً ودعا القوم ، فجاؤوا فدخلوا وزينب مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في البيت ، وجعلوا يتحدّثون ، وجعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يخرج ثمّ يدخل وهم قعود. قال : فنزلت هذه الآية : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ ... إلى : فَسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَاب). قال : فقام القوم وضُرب الحجاب» (١).

فالتعبير في هذه الرواية بـ «القوم» دالّ على «عدّة» هي مورد الخطاب لنزول الآيات : (لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ).

ومن الظاهر كونهم ممّن يكثِر الاختلاط بالنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) والدخول في بيوته ؛ فهم من مبرّزي الصحابة.

__________________

(١) جامع البيان ـ ابن جرير الطبري ٢٢ / ٤٧.

۷۵

وكانوا ممّن يعتاد جلوسـه على الطعام في بيوت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وقد مرّ في رواية مجاهد مرور عمر بالنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي البيت عائشة ، وقد قال تعالى في الآية : (وَلكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيث إِنَّ ذلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِ مِنكُمْ وَالله لاَ يَسْتَحْيِ مِنَ الْحَقِّ) ، كما أنّ قوله تعالى : (وَإِذَا سَأَلْتُـمُوهنَّ مَتَاعاً فَسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَاب) ؛ ممّا يدلّ على كثرة خلطتهم للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وبيوته ، وقد مرّ في الروايات مخاطبة عمر لزينب بنت جحش وسودة بنت زمعة وعائشـة.

وأنّ هذه السلوكيات من هذه الفئة من الصحابة الملتصقين كان يؤذي النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، كما في قوله تعالى : (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ الله) ..

بل الآيات صعّدت لهجة النكير مع هؤلاء الصحابة ؛ إذ تجاسروا على ذلك وعلى القول بنكاح أزواج النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله تعالى في ذيل تلك الآيات : (إنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً) ..

بل شدّدت النذير : (لَئِن لَمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً * مَّلْعُونِينَ أيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً * سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً).

وهذه الفئة والجماعة من الصحابة هم الّذين قد ورد الخطاب عنهم : (يا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأحَد مِنَ النِّسَاءِ إنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) ، وقد تقدّمت رواياتهم أنّ رجلين من هؤلاء قد تجاسروا مسقطين رداء الحياء والعِفّة والأدب معلنين إرادة نكاح أزواجه (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد وفاته.

۷۶

الأمر الحادي عشر :

رغم كلّ هذه التوصيات القرآنية وقوله تعالى باتّحاد الحجاب في الحديث مع نساء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وقوله تعالى : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) (١) ...

رغم كلّ ذلك فكيف يفسّر خروج عائشة للحرب على إمام زمانها في صخب الجيش ومعترك الرجال وإخراج طلحة والزبير لها في هذا المسير؟!

للبحث صلة ...

__________________

(١) سورة الأحزاب ٣٣ : ٣٣.

۷۷

تاريخ النظرية الفقهية

في المدرسة الإمامية

(١)

السـيّد زهير الأعرجي

بسـم الله الرحمن الرحـيم

الفقه وعصر النصوص الشرعية :

لا نستطيع فصل الفقه فصلاً زمنيّاً عن عصر التشريع. فإذا كان الفقه يعبّر عن جملة من الإلزامات الشرعية في الأوامر والنواهي ، فإنّه يعكس أيضاً المبنى العقلي لرسالة السماء. بمعنى أنّ الدين السماوي جاء بقوانين اجتماعية مطابقة لمباني العقلاء تخصّ الفرد والجماعة ، وبنظام اخلاقي لتنظيم العلاقات بين الأفراد ، وبنظام روحي يربط الإنسان بربّه عزّ وجلّ. وتلك القوانين الدينية لتنظيم حياة الإنسان غلب عليها تسمية «الفقه» او «الأحكام الشرعية». وبكلمة ، فإنّ «التشريع» يضمّ كلَّ القوانين المنظِّمة لشؤون الإنسان عبر مفاهيم الحلال والحرام. وإذا آمنّا بأنّ القرآن الكريم والسنّة المطهّرة هما مصدرا التشريع الإسلامي ، فلا بدّ لنا من الإيمان بتضافرهما في توضيح مراد الشارع من أجل تحقيق أهداف الدين في بناء علاقة المكلّف مع ربّه ، وفي بناء العلاقات الاجتماعية بين المكلّفين

۷۸

أنفسهم.

إذن ، فالأحكام الشرعية تستنبط من دليلين أساسيّين هما : القرآن المجيد ، والسنّة الشريفة.

الدليل القرآني :

وهو الدليل الأوّل المحفوظ بين الدفّتين ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وقد نزل القرآن الكريم على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكُتب في حياته. وقد حفل هذا الكتاب المجيد بما يؤيّد ذلك : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (١) ، (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْح مَحْفُوظ) (٢) ، (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَاب مَكْنُون * لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ) (٣) ، (رَسُولٌ مِنَ الله يَتْلُوا صُحُفاً مُّطَهَّرَةً) (٤) ، (كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُف مُكَرَّمَة * مَرْفُوعَة مُطَهَّرَة * بِأَيْدِي سَفَرَة * كِرَام بَرَرَة) (٥). فالصحف المطهّرة ، واللّوح المحفوظ ، والكتاب المكنون كلّها صفات تدلّ على كون الموصوف كتاباً محفوظاً بين الدفّتين.

وكان أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام على أوثق اتصال بكتاب الله. فقد كانوا القرآن الناطق الذي يعبّر عن روح الكتاب المجيد الصامت ومفاهيمه السماوية. فلا عجب أنْ نقرأ في الخبر عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه قال عن

__________________

(١) سورة الحجر ١٥ : ٩.

(٢) سورة البروج ٨٥ : ٢١ ـ ٢٢.

(٣) سورة الواقعة ٥٦ : ٧٧ ـ ٧٩.

(٤) سورة البينة ٩٨ : ٢.

(٥) سورة عبس ٨٠ : ١١ ـ ١٦.

۷۹

تدوين القرآن : «... فما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) آية من القرآن الاّ أقرأنيها وأملاها علىّ فكتبتها بخطّي وعلّمني تأويلها وتفسيرها ، وناسخها ومنسوخها ، ومحكمها ومتشابهها ، وخاصّها وعامّها ، ودعا الله أن يعطيني فهمها وحفظها ، فما نسيتُ من كتاب الله ، ولا علماً أملاه علىَّ وكتبته منذ دعا لي بما دعا» (١).

وقد وصلنا القرآن الكريم كاملاً يداً بيد من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وحتّى أئمّة الهدى عليهم‌السلام إلى يومنا هذا ، ولم تمسّه يدُ الباطل والتحريف مطلقاً. وإلى ذلك أشار المولى عزّ وجلّ : (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيم حَمِيد) (٢).

والحقيقة الجديرة بالالتفات : إنّ القرآن المجيد لمّا كان كتاب هداية سماوية ، فإنّه تعامل مع قضايا التشريع تعامل الكلّيّات. وتُركت تفصيلات الشريعة إلى السنّة النبوّية الشريفة ، فكان بيت النبوّة متصدّياً لتوضيح أحكام الإسلام التي جاء بها القرآن الكريم.

والمشهور بين الفقهاء : إنّ الآيات القرآنية التي لها علاقة مباشرة بأحكام الفقه لا تتجاوز خمسمائة آية من مجموع (٦٣٢٦) آية. فتكون نسبة آيات الأحكام إلى كلّ آيات القرآن الكريم في حدود ثمانية بالمائة (٨ %).

فقد «اشتهر بين القوم أنّ الآيات المبحوث عنها نحو من خمسمائة آية ، وذلك إنّما هو بالمتكرّر والمتداخل ، وإلاّ فهي لا تبلغ ذلك» (٣).

__________________

(١) الكافي ١ / ٦٢ ح ١.

(٢) سورة فصلّت ٤١ : ٤١ ـ ٤٢.

(٣) كنز العرفان ١ / ٥.

۸۰

وقد تضمّنت موضوعات : الطهارة ، والصلاة ، والصوم ، والزكاة ، والخمس ، والحجّ ، والجهاد ، والمكاسب ، والبيع ، والدَيْن ، والرهن ، والضمان ، والصلح ، والوكالة ، والوفاء بالعقد ، والإجارة ، والشركة ، والإبضاع ، والإيداع ، والعارية ، والسبق والرماية ، والشفعة ، واللقطة ، والغصب ، والإقرار ، والوصية ، والحجر ، والوقف ، والسكنى ، والصدقة ، والهبة ، والنذر ، والعهد ، واليمين ، والعتق ، والنكاح ، والطلاق ، والظهار ، والإيلاء ، واللعان ، والارتداد ، والمطاعم والمشارب ، والمواريث ، والحدود ، والجنايات ، والقضاء ، والشهادات.

ولا شكّ أنّ فهم الأحكام في النصوص القرآنية غير منفكّ عن فهم المواضيع والألفاظ المعبّرة عنهما.

فدلالة اللفظ القرآني تعني أنّ «اللفظ المفيد وضعاً إن لم يحتمل غير ما فهم منه بالنظر اليه فهو النصّ. وإن احتمل ، فإن ترجّح أحد الاحتمالين بالنظر إليه أيضاً فهو الظاهر والمرجوح المؤوّل. وإن تساويا الاحتمالان فهو المجمل. والقدر المشترك بين النصّ والظاهر هو المحكم. والمشترك بين المجمل والمؤوّل هو المتشابه. وقد يتركّب بعض هذه مع بعض.

مثال النص : قوله تعالى : (قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ) (١) ، إذ لا يحتمل غير الوحدانية. ومثال الظاهر : قوله تعالى : (وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) (٢). ومثال المؤوّل : (... يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) (٣) في إرادة القدرة.

__________________

(١) سورة الاخلاص ١١٢ : ١.

(٢) سورة المائدة ٥ : ٦.

(٣) سورة الفتح ٤٨ : ١٠.

۸۱

ومثال المجمل : (وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ) (١) في احتمال أقبل وأدبر» (٢).

الدليل الروائي :

وهو الدليل الثاني الذي اُبتلي بمشاكل السند والتوثيق والجرح والتعديل. فالشيعة دوّنت السنّة الشريفة المتعلّقة بأحاديث الأحكام وغيرها في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). فقد دوّن أمير المؤمنين عليه‌السلام السنّة النبوّية في حياة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). كما يشير عليه‌السلام إلى ذلك ويقول : «وما ترك (صلى الله عليه وآله وسلم) شيئاً علّمه الله من حلال ولا حرام ، ولا أمر ولا نهي ، كان أو يكون منـزلاً على أحد قبله من طاعة أو معصية ، إلاّ علّمنيه وحفظته ، فلم أنسَ حرفاً واحداً. ثمّ وضع يده على صدري ودعا الله لي أن يملأ قلبي علماً وفهماً وحكماً ونوراً.

فقلتُ : يا نبيّ الله. بأبي أنت وأمّي. منذ دعوت الله لي بما دعوت ، لم أنسَ شيئاً ، ولم يفتني شيء لم أكتبه» (٣).

وكتابة أمير المؤمنين عليه‌السلام تلك أثمرت في تدوين كتابين في أحكام الشريعة هما :

١ ـ كتاب الامام علي عليه‌السلام في الآداب والسنن وأحكام الحلال والحرام من إملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وخطّ أمير المؤمنين عليه‌السلام. وقد ذكره النجاشي (ت ٤٥٠ هـ) في كتابه الرجالي (٤) ، والشيخ الطوسي (ت

__________________

(١) سورة التكوير ٨١ : ١٧.

(٢) كنز العرفان ١ / ٣ ـ ٤.

(٣) الكافي ١ / ٦٢ ح ١.

(٤) رجال النجاشي ٢ / ٢٦١.

۸۲

٤٦٠ هـ) في التهذيب (١) ، وأشارا إلى أنّ الإمام الصادق عليه‌السلام كان يرجع إليه عند الضرورة.

٢ ـ الجامعة للإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وهي «صحيفة طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، واملائه من فَلْقِ فيه (٢) ، وخطّ علي عليه‌السلام بيمينه ، فيها كلّ حلال وحرام ، وكلّ شيء يحتاج إليه الناس حتّى الأرش في الخدش» (٣).

وهذان الكتابان كانا من أوائل الكتب التي جمع فيهما العلم الفقهي على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). وقد تكرّر ذكرهما في أخبار الائمّة عليهم‌السلام. وربّما كانا كتاباً واحداً سمّي بـ : كتاب علي مرّة وبـ : الجامعة أخرى ، وبـ : الصحيفة ثالثة. والله العالم.

وفي المقابل نأت مدرسة الصحابة نفسها عن كتابة أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بدعوى احتمالية اختلاطها بالقرآن الكريم. وهو اجتهاد لم يصبه التوفيق ؛ لأنّ كتاب الله المجيد محفوظ بين الدفّتين بإرادة الله تعالى القائلة : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (٤).

يقول السيوطي :

«أراد عمر بن الخطّاب أن يكتب السنن واستشار فيها أصحاب

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٩ / ٣٢٤ ح ١.

(٢) فلق فيه : شق فمه.

(٣) الفصول المهمة في أصول الأئمة ١ / ٤٨٥.

(٤) سورة الحجر ١٥ : ٩.

۸۳

رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأشار إليه عامّتهم بذلك. فلبث عمر بن الخطّاب شهراً يستخير الله تعالى في ذلك شاكّاً فيه. ثمّ أصبح يوماً وقد عزم الله تعالى له. فقال : إنّي كنت فكّرت لكم من كتابة السنن ما قد علمتم. ثمّ تذكّرت فإذا أناس من أهل الكتاب كتبوا مع كتاب الله كتباً فاكبّوا عليها وتركوا كتاب الله. وإنّي والله لا ألبس كتاب الله بشيء. فترك كتابة السنن» (١).

وروى ابن سعد بسنده عن الزهري قال :

«لمّا أراد عمر بن الخطاب أن يكتب السنن فاستخار الله شهراً ثمّ أصبح وقد عزم الله له فقال : ذكرت قوماً كتبوا كتاباً فأقبلوا عليه وتركوا كتاب الله» (٢).

وروي أيضاً عن قرظة بن كعب الانصاري أنّه قال :

أردنا الكوفة فشيَّعنا عمر إلى صرار ، وقال : تدرون لم شيّعتكم؟ قلنا : نعم ، نحن أصحاب رسول الله. فقال : إنّكم تأتون أهل قرية لهم دوىٌ بالقرآن كدويّ النحل ، فلا تصدّوهم بالأحاديث فتشغلوهم. جرّدوا القرآن ، وأقلّوا الرواية عن رسول الله ، وامضوا وأنا شريككم (٣).

وقد جرت سيرة التأريخ على رفض كتابة سنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من قبل مدرسة الصحابة لحين تولّي معاوية بن أبي سفيان ، وإصرار أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام على تدوين السنّة تدويناً تامّاً.

__________________

(١) تنوير الحوالك في شرح موطأ مالك ـ الفائدة الثانية.

(٢) تنوير الحوالك في شرح موطأ مالك ـ الفائدة الثانية ، وفتح الباري بشرح صحيح البخاري ـ المقدمة : ٦.

(٣) الطبقات الكبرى ـ ابن سعد ٦ / ٧ والمستدرك للحاكم ١ / ١٠٢.

۸۴

لم يتعبّد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالاجتهاد :

وبسبب الوضع السياسي الذي أعقب عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومحاولات السلطة خلق الأحاديث المزوّرة المؤيّدة لشرعيّتها ، والمحاولات المستميتة لمنع كتابة أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فقد وقع خلاف حول مسألة مهمّة وهي : اجتهاد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). فطرح السؤال بالشكل التالي : هل كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يجتهد فيما لا نصّ فيه؟ والسؤال يحمل في ذاته تناقضاً صريحاً ، فكيف يجتهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو الذي لا ينطق عن الهوى؟ وكيف يجتهد من عند نفسه وهو المأمور ببيان الأحكام الشرعية إلى الأمّة دون تبديل أو تغيير ، وقد قال تعالى في شأنه : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقَاوِيلِ * لاَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَـمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ) (١)؟

وقد وقف فقهاء أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام موقفاً واضحاً في إدانة تلك الفكرة التي كان هدفها تثبيت «منهج الرأي» الشخصي في الشريعة الإسلامية. فقد «ذهبت الامامية وجماعة تابعوهم إلى أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن متعبّداً بالاجتهاد في شيء من الأحكام ، خلافاً للجمهور (٢) لقوله تعالى : (فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنْزَلَ الله) (٣) ، (وَمَن لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ الله فَأُولئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) (٤) ، (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) (٥) ،

__________________

(١) سورة الحاقة ٦٩ : ٤٤ ـ ٤٦.

(٢) من أهل السنّة.

(٣) سورة المائدة ٥ : ٤٨.

(٤) سورة المائدة ٥ : ٤٤.

(٥) سورة النجم ٥٣ : ٣ ـ ٤.

۸۵

(... قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ ...) (١)» (٢).

ولو تحقّق فرض اجتهاد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فإنّ ذلك يعني :

١ ـ جواز مخالفته من قبل المكلّفين ، لأنّ الاجتهاد لا يفيد علماً قطعياً. فقد يخطى المجتهد وقد يصيب. بينما لا تجوز مخالفة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

٢ ـ المعروف عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه كان يؤخّر الجواب على الأسئلة الواردة عليه حتّى يأتيه الوحي بذلك. ومثاله تأخير جواب الزوجة التي جاءته تشتكي زوجها ، فأنزل سبحانه آيات في ذلك. وتأخير البيان عن وقت الحاجة ، بدون مبرّر شرعي أو عقلي ، ينفي دور الدين في الحياة الاجتماعية.

٣ ـ إنّ الاجتهاد يفيد الظنّ ، بينما يفيد الوحي القطع. وإذا كانت لديه (صلى الله عليه وآله وسلم) القدرة على الاتصال بالوحي ، فلا يمكن أن يرجع إلى الظنّ.

أهل البيت عليهم‌السلام والتنظيم العلمي للأفكار الفقهية :

وبعد انتهاء عصر نزول القرآن ووفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان لا بدّ لأئمّة الهدى عليهم‌السلام من التصدّي لشرح الأحكام الشرعية ، وتنظيم أفكارها ، وتصنيف مصطلحاتها. فكان الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام أوّل من قام بذلك.

__________________

(١) سورة يونس ١٠ : ١٥.

(٢) نهج الحق وكشف الصدق : ٤٠٥ ـ ٤٠٦.

۸۶

وقد أشار في خطبته : «ثمّ اختار سبحانه لمحمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) لقاءَه ، ورضي له ما عنده ، وأكرمه عن دار الدنيا ، ورغب به عن مقارنة البلوى ، فقبضه إليه كريماً (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وخلّف فيكم ما خلّفت الأنبياء في أممها إذ لم يتركوهم هَمَلاً بغير طريق واضح ، ولا عَلَم قائم ، كتابَ ربّكم مبيّناً حلاله وحرامه ، وفرائضه وفضائله ، وناسخه ومنسوخه ، ورخصه وعزائمه ، وخاصّه وعامّه ، وعبره وأمثاله ، ومرسله ومحدوده ، ومحكمه ومتشابهه ، مفسّراً مجمله ، ومبيّناً غوامضه ، بيّن مأخوذ ميثاقُ علمه ، وموسع على العبادِ في جهله ، وبين مثبت في الكتاب فرضُهُ ، ومعلوم في السنّة نسخه ، وواجب في السنّة أخذه ، ومرخّص في الكتاب تركه ، وبين واجب بوقته ، وزائل في مستقبله ، ومباينٌ في محارمه ، من كبير أوعد عليه نيرانه ، أو صغير أرصد له غفرانه ، وبين مقبول في أدناه ، موسّع في أقصاه» (١).

ففي هذه الخطبة تعرّض أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى قضايا كلّية تخصّ المسائل الفقهية في الحلال والحرام ، والنافلة والفريضة ، والناسخ والمنسوخ ، والرخصة والعزيمة ، والخاصّ والعامّ ، ونحوها. وتلك الكلّيات وضعتها الشريعة من أجل تيسير أمور الاستنباط والاستدلال للأجيال اللاحقة لعصر النصّ.

فمن الحلال مثلاً : النكاح. ومن الحرام المقابل له : الزنا.

ومن الفضائل «او النوافل» ركعتي الصبح ، ونحوهما. ومن الفرائض : فريضة الصبح.

ومن الناسخ قوله : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ) (٢) ،

__________________

(١) شرح نهج البلاغة : ١ / ٢٦.

(٢) سورة التوبة ٩ : ٥.

۸۷

ومن المنسوخ : (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) (١).

والرخص كقوله تعالى : (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَة غَيْرَ مُتَجَانِف لاِِثْم فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢) ، والعزائم كقوله : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ الله وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ) (٣).

والخاصّ كقوله تعالى : (وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ ...) (٤) ، والعام كالألفاظ الدالّة على الأحكام العامّة لسائر المكلّفين مثل : (... وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ ...) (٥).

والعبر : كقصّة أصحاب الفيل ، والآيات التي تتضمّن عذاباً نازلاً بأمم الانبياء من قبلُ. والأمثال : كقوله تعالى : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً ...) (٦).

والمرسل (أو المطلق) كقوله : (ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَة مِن قَبْلِ أَن يَتَمَـاسَّا) (٧) ، والمحدود (اي المقيد) كقوله : (وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَة مُؤْمِنَة وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ) (٨).

والمحكم كقوله تعالى : (قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ) (٩) ، والمتشابه كقوله :

__________________

(١) سورة البقرة ٢ : ٢٥٦.

(٢) سورة المائدة ٥ : ٣.

(٣) سورة محمّـد ٤٧ : ١٩.

(٤) سورة الاحزاب ٣٣ : ٥٠.

(٥) سورة الروم ٣٠ : ٣١.

(٦) سورة البقرة ٢ : ١٧.

(٧) سورة المجادلة ٥٨ : ٣.

(٨) سورة النساء ٤ : ٩٢.

(٩) سورة الاخلاص ١١٢ : ١.

۸۸

(... إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) (١)» (٢).

وهذا التنظيم العلمي للأفكار الدينية وضع الفقهاء على مسرح التقنين الشرعي للأحكام.

وفي حديث آخر يصفُ عليه‌السلام عمّا في أيدي الناس من اختلاف الأخبار : «إنّ في أيدي النّاس حقّاً وباطلاً ، وصدقاً وكذباً ، وناسخاً ومنسوخاً ، وعامّاً وخاصّاً ، ومحكماً ومتشابهاً ، وحفظاً ووهماً. ولقد كُذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على عهده حتّى قام خطيباً ، فقال : من كذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار ...» (٣).

وهذا الحديث يصنّف الأخبار المروية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى : أحاديث صحيحة ، وأحاديث كاذبة ، وناسخ ومنسوخ ، وعامّ وخاصّ ، ومحكم ومتشابه. وقد ذكرنا فيما سبق أمثلة على ذلك.

وفاطمة الزهراء عليها‌السلام قامت أيضاً بدور مهمّ لبيان حكمة التشريع ، فقالت في خطبتها : «فجعل الله الإيمان تطهيراً لكم من الشرك ، والصلاة تنـزيهاً لكم عن الكبر ، والزكاة تزكية للنفس ونماء في الرزق ، والصيام تثبيتاً للإخلاص ، والحجّ تشييداً للدين ، والعدل تنسيقاً للقلوب ، وطاعتنا نظاماً للملّة ، وإمامتنا أماناً من الفرقة ، والجهاد عزّاً للإسلام ، وذلاًّ لأهل الكفر والنفاق ، والصبر معونة على استيجاب الأجر ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مصلحة للعامّة ، وبرّ الوالدين وقاية من السخط ، وصلة الأرحام منسأة في العمر ، والقصاص حقناً للدماء ، والوفاء بالنذر تعريضاً للمغفرة ،

__________________

(١) سورة القيامة ٧٥ : ٢٣.

(٢) شرح نهج البلاغة ١ / ٢٥ ـ ٢٦.

(٣) نهج البلاغة ٢ / ١٨٨.

۸۹

وتوفية المكاييل والموازين تغييراً للبخس ، والنهي عن شرب الخمر تنـزيهاً عن الرجس ، واجتناب القذف حجاباً عن اللعنة ، وترك السرقة إيجاباً للعفّة ، وحرّم اللهُ الشركَ إخلاصاً له بالربوبية» (١).

وفي تلك الخطبة الرائعة تبيان لعلل أُصول الدين وفروعه ، وتنظيم للاعتقادات والأوامر والنواهي.

بذور الدليل العقلي :

ولا شكّ أنّ أهل البيت عليهم‌السلام كانوا يدرّبون أصحابهم على التحليل العقلي للروايات ، وكانوا يضعون لهم القواعد والأُصول الكفيلة بتحقيق ذلك. ونستطيع أن نستقرئ من حالات عامّة وردتنا عن ذلك العصر بما يؤيّد ذلك :

١ ـ جواز نقل الرواية بالمعنى. وهذه القاعدة مهمّة ؛ لأنّ مفهومها يدلّ على أنّ المحور في الحديث هو المعنى لا مجرّد التقيّد بالنصّ.

عن محمّـد بن مسلم ، قال : «قلت لأبي عبـد الله عليه‌السلام : أسمعُ الحديث منك ، فأزيد وأنقص. قال عليه‌السلام : إن كنتَ تريد معانيه فلا بأس» (٢).

٢ ـ الترجيح بين الخبرين المتعارضين :

عن زرارة ، قال : «يأتي عنكم الخبران أو الحديثان المتعارضان فبأيّهما آخذ؟ فقال عليه‌السلام : يا زرارة خذ بما اشتهر بين أصحابك ، ودع الشاذّ النادر. فقلتُ : إنّهما معاً مشهوران مرويان مأثوران عنكم. قال عليه‌السلام : خذ

__________________

(١) بحار الأنوار ٢٩ / ٢٢٣.

(٢) بحار الأنوار ٢ / ١٦٤.

۹۰

بقول أعدلهما عندك ، وأوثقهما في نفسك ...» (١).

٣ ـ قاعدة (لا تعاد). وهي قاعدة تفيد بطلان الصلاة إذا انتهكت أمور : الطهارة والوقت والقبلة والركوع والسجود.

عن زرارة عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام ، قال : «لا تعادُ الصلاة إلاّ من خمس : الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود. ثمّ قال : القراءة سنّة ، والتشهّد سنّة. ولا تنقض السنّةُ الفريضةَ» (٢).

٤ ـ قاعدة «البناء على الاكثر» عند الشكّ في عدد ركعات الصلاة ، عندما يكون شكّه في الرباعية الواجبة بعد إكمال السجدتين من الركعة الثانية.

عن عمّار ، قال : «قال أبو عبـد الله عليه‌السلام : يا عمّار أجمعُ لك السهو كلّه في كلمتين : متى شككت فخذ بالأكثر ، فإذا سلّمت فأتِمَّ ما ظننت أنّك نقصت» (٣).

٥ ـ قاعدة التجاوز :

عن اسماعيل بن جابر ، قال : «قال أبو عبـد الله عليه‌السلام : إن شكَّ في الركوع بعدما سجد فليمضِ. وإن شكّ في السجود بعدما قام فليمضِ. كلّ شيء شكّ فيه ممّا قد جاوزه ودخل في غيره فليمضِ عليه» (٤).

وعن محمّـد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «كلّ ما شككت فيه ممّا قد مضى فامضيه كما هو» (٥).

__________________

(١) بحار الأنوار ٢ / ٢٤٥.

(٢) بحار الأنوار ٨٥ / ١٣٦.

(٣) بحار الأنوار ٨٥ / ١٧٠.

(٤) بحار الأنوار ٨٥ / ١٥٩.

(٥) وسائل الشيعة ٨ / ٢٣٧.

۹۱

٦ ـ قاعد «الحلّ» في المشتبه مع عدم العلم :

عن عبـد الله بن سنان عن أبي عبـد الله عليه‌السلام ، قال : «كلّ شيء فيه حلال وحرام ، فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام منه بعينه ، فتدعه» (١).

٧ ـ قاعدة الاستصحاب عند الشكّ :

عن زرارة قال : «قلتُ له : الرجل ينام ، وهو على وضوء ، أتوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء؟ فقال : يا زرارة قد تنام العين ولا ينام القلب والأُذن. فإذا نامت العين والأُذن والقلب وجب الوضوء. قلت : فإن حرّك على جنبه شيء ، ولم يعلم به؟ قال : لا ، حتّى يستيقن أنّه قد نام ، حتّى يجيء من ذلك أمر بيّن. وإلاّ ، فإنّه على يقين من وضوئه ... ولا تنقض اليقين أبداً بالشكّ ، وإنّما تنقضه بيقين آخر» (٢).

نموذج مقارَن :

ولو جاز لنا أن نعرض نموذجاً مقارَناً بين ينبوع التشريع الإلهي المتمثّل بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأئمّة أهل البيت عليهم‌السلام من جهة ، ومدرسة الرأي من جهة أُخرى لعرضنا النموذج التالي :

أ ـ نموذج أهل البيت عليهم‌السلام :

رواية عذافر الصيرفي ، قال : «كنت مع الحكم بن عتيبة عند أبي جعفر عليه‌السلام ، فكان يسأله وكان أبو جعفر عليه‌السلام مكرّماً. فاختلفا في شيء ، فقال أبو جعفر عليه‌السلام : هذا خطّ علي عليه‌السلام وإملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ،

__________________

(١) بحار الأنوار ٢ / ٢٧٤.

(٢) وسائل الشيعة ١ / ٢٤٥.

۹۲

[ثمّ] أقبل على الحكم ، وقال : يا أبا محمّـد اذهب أنت وسلمة وأبو المقداد حيث شئتم يميناً وشمالاً ، فو الله لا تجدون العلم أوثق منه عند قوم كان ينـزل عليهم جبرئيل» (١).

ب ـ نموذج مدرسة الرأي :

طرحت مسألة «العول» (٢) في الإرث بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وكانت من المسائل المستجدّة أيّام خلافة عمر بن الخطّاب. فتحيّر عمر ، فأدخل النقص على الجميع استحساناً ، وقال : والله ما أدري أيّكم قدّم وأيّكم أخّر. ما أجد شيئاً أوسع لي من أن اُقسم المال عليكم بالحصص وأدخل على ذي حقٍّ ما أدخل عليه من عول الفريضة (٣).

وفي مناسبة ثانية سُئل عمر بن الخطّاب عن رجل طلّق امرأته في الجاهلية تطليقتين وفي الإسلام تطليقة واحدة فهل تُضمّ التطليقتان إلى الثالثة أم لا؟ فقال للسائل : لا آمرك ولا أنهاك (٤).

وهذا الجهل بأحكام الشريعة هو الذي أدّى إلى القول بالرأي والاستحسان والقياس. بينما بقيت مدرسة أهل البيت عليهم‌السلام ثابتة على العلم

__________________

(١) رجال النجاشي ٢ / ٢٦٠ رقم ٩٦٧ ، محمّـد بن عذافر الصيرفي.

(٢) العول : هو اصطلاح يطلقه الفقهاء على زيادة السهام على التركة بوجود الزوج أو الزوجة. كما لو ترك الميّت زوجة وأبوين وبنتين ، ففرض الزوجة الثمن ، وفرض الأبوين الثلث ، وفرض البنتين الثلثان. ولا تحتمل الفريضة ثمناً وثلثاً وثلثين.

ولكن علماء الإمامية قالوا بعدم العول وبقاء الفريضة ، وإنّ النقص يدخل دائماً على البنات والأخوات دون الزوج والزوجة والأم والأب ، وعليه فإنّ للزوجة الثمن وللأبوين الثلث والباقي للبنتين.

(٣) المستدرك ٤ / ٣٤٠ واحكام القرآن ـ للجصاص ـ ٢ / ١٠٩.

(٤) كنز العمال ٥ / ١١٦.

۹۳

الذي لا يوجد أوثق منه ، عند قوم كان ينـزل عليهم جبرئيل عليه‌السلام ، كما في الرواية.

وقد ورد عن الإمام الباقر عليه‌السلام : «خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حجّة الوداع ، فقال : يا أيّها الناس ، ما من شيء يقرّبكم من الجنّة ويباعدكم عن النار إلاّ وقد أمرتكم به ، وما من شيء يقرّبكم من النار ويباعدكم عن الجنّة إلاّ وقد نهيتكم عنه» (١).

وورد عنه عليه‌السلام أيضاً : «يا جابر ، لو كنّا نفتي الناس برأينا وهوانا لكنّا من الهالكين. ولكنّا نفتيهم بآثار من رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وأصول علم عندنا نتوارثها كابراً عن كابر ، نكنـزها كما يكنـز هؤلاء ذهبهم وفضّتهم» (٢).

تطوّر معنى كلمة «الفقه» :

المرحلة الأولى : كان العرب يطلقون على العلم بالشيء والفهم له بالفقه. فقد أورد الجوهري في الصحاح بأنّ اعرابياً قال لعيسى بن عمر : شهدتُ عليك بالفقه (٣). وفي لسان العرب : الفِقه : العلم بالشيء والفهم له ، والفقه الفطنة (٤) ، وإلى هذا المعنى أشار قوله تعالى : (قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ) (٥). أي لا نعلم حقيقة كثير ممّا تقول.

والمرحلة الثانية : تمثّلت بأمر الله سبحانه وتعالى فرقة من المؤمنين للتفقّه في الدين ، فدخلت الكلمة مرحلة جديدة من الفهم انحصر بالفهم

__________________

(١) الكافي ٢ / ٧٣ ح ٢.

(٢) بصائر الدرجات : ٣٢٠ ، الاختصاص : ٢٨٠ بتفاوت يسير.

(٣) الصحاح ـ مادة فقه ـ ٦ / ٢٢٤٣.

(٤) لسان العرب ١٣ / ٥٢٢.

(٥) سورة هود ١١ : ٩١.

۹۴

الديني. يقول تعالى : (فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَة مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (١). فأصبحت كلمة الفقه تعني معارف الشريعة. وهكذا كان المعنى في السنّة الشريفة. حيث يشير رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ذلك بالقول : «من يرد الله به خيراً يفقّهه في الدين» (٢).

وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «ربَّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه».

وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أفضل العبادة الفقه ...» (٣).

وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام : «من اتّجر بغير فقه فقد ارتطم في الربا» (٤).

وفي المرحلة الثالثة : دخلت الكلمة مرحلة أخرى عندما انحصرت بالاجتهاد ، فأصبح المجتهد فقيهاً. أي عالماً بالأحكام الشرعية الفرعية من أدلّتها التفصيلية. وبمعنى ثالث أنّ الفقه في هذه المرحلة بات أخصّ من المعارف الدينية وانحصر مدلوله على الأحكام العملية ، أو ما يسمّى بالعبادات والمعاملات. وأصبح للفقهاء مدارسهم الخاصّة المبنية على الاجتهاد في الأحكام العملية دون الاعتقادية ، وفي الأحكام الفرعية الظنّية المستنبطة دون الضروريّات أو الموضوعات الخارجية.

وعندما نتحدّث في هذا البحث عن المدارس الفقهية والنظرية

__________________

(١) سورة التوبة ٩ : ١٢٢.

(٢) امالي المفيد ١ / ١٥٨ ح ٩ ، صحيح البخاري ١ / ١٦.

(٣) الخصال : ٢٩ ح ١٠٤.

(٤) نهج البلاغة ٤ / ١٠٣.

۹۵

الفقهية ، فإنّنا نعني المرحلة الثالثة والأخيرة من معاني كلمة «الفقه».

الحياة التشريعية في ظلّ المدارس الفقهية

اتسمت الحياة التشريعية للطائفة الإمامية بصبغة بذل الجهد العلمي من أجل البحث عن الدليل الشرعي للأحكام الفقهية. وقد تطوّر الجهد العلمي من مجرّد نقل الروايات إلى مراحل معقّدة في البحث عن الدليل. ولذلك فقد قسّمنا ذلك التطوّر إلى مراحل زمنية تمثّل كلّ مرحلة منها قرناً كاملاً من الزمان ، حصرنا فيه نشاط الفقهاء على صعيد البحوث الفقهية.

۹۶

المدارس الفقهية في التاريخ الإمامي

١ ـ مدرسة القرن الأوّل الهجري

وهي مدرسة الاتصال بالنصوص الشرعية مباشرة ، حيث عاصرت رسول الله (ت ١١ هـ) ، والإمام أمير المؤمنين (ت ٤٠ هـ) ، والإمام الحسن (ت ٥٠ هـ) ، والإمام الحسين (ت ٦١ هـ) ، والإمام زين العابدين (ت ٩٥ هـ) ، وفترة من حياة الإمام الباقر (ت ١١٤ هـ) عليهم أفضل الصلاة والسلام أجمعين. وهو القرن الذي نعم بظلال الرسالة الإلهية وبحضور رسول الرحمة عليه أفضل الصلاة والسلام وأئمّة الهدى عليهم‌السلام.

فلا ريب أن يكون من أقرب العصور إلى منبع التشريع. ولا شكّ أنّ النشاط العلمي عند اتّباع أهل البيت عليهم‌السلام كان منصبّاً على تدوين الروايات ، خصوصاً فيما يتعلّق بروايات الأحكام. وقد نقلت لنا الكتب الرجالية مصنّفات عديدة للرواة الفقهاء. ومن هؤلاء الرواة أصحاب التصانيف :

١ ـ أبو رافع إبراهيم بن مالك الأنصاري (ت ٤٠ هـ) ، وكتابه السنن والاحكام والقضايا.

قال النجاشي : «أسلم أبو رافع قديماً بمكّة ، وهاجر إلى المدينة. وشهد مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مشاهده ، ولزم أمير المؤمنين عليه‌السلام من بعده. وكان من خيار الشيعة ، وشهد معه حروبه ، وكان صاحب بيت ماله بالكوفة» (١).

__________________

(١) رجال النجاشي ١ / ٦١ ـ ٦٥ رقم ١.

۹۷

٢ ـ برير بن خضير الهمداني (استشهد مع الإمام الحسين عليه‌السلام يوم الطفّ سنة ٦١ هـ) ، وكتابه القضايا والاحكام يرويه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام والحسن بن علي عليه‌السلام (١).

٣ ـ مجموعة من أعلام وصحابة القرن الأوّل الذين لا نعرف بوجه الدقّة سنين وفاتهم ولكنّنا نعلم أنّهم عاشوا خلال ذلك القرن. مثل : عبيد الله ابن أبي رافع وكتابه قضايا أمير المؤمنين عليه‌السلام (٢) ، وعلي بن أبي رافع وله كتاب في فنون الفقه (٣) ، وربيعة بن سميع وله كتاب في زكوات النعم (٤) ، وعبيد بن محمّـد بن قيس البجلي وله كتاب في الفقه (٥). وغيرهم من الأعلام الذين صنّفوا الروايات حسب المواضيع الفقهية.

وكانت المدينة المنوّرة المنطلق الأوّل لفقهاء الشيعة من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأئمّة الهدى عليهم‌السلام. ثمّ تلتها الكوفة في عهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

ولا شكّ أنّ من بين الصحابة من كان فقيهاً موالياً لآل البيت عليهم‌السلام كسلمان الفارسي ، وأبو ذر الغفاري ، وأبو رافع إبراهيم مولى رسول الله ، وابن عبّاس حبر الأمّة. وكان من التابعين جمع من شيعة آل البيت عليهم‌السلام حفظوا سنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأئمّة الحقّ عليهم‌السلام وتداولوها بأمانة بحيث اعترف «الذهبي» بذلك بمرارة قائلاً : «فهذا ـ أي التشيّع ـ كثر في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق ، فلو رُدّ حديث هؤلاء ـ أي الشيعة ـ

__________________

(١) تنقيح المقال ١ / ١٦٧.

(٢) الفهرست ـ للشيخ الطوسي ـ : ١٣٧ رقم ٤٦٧.

(٣) رجال النجاشي ١ / ٦٥ ـ ٦٧ رقم ٢.

(٤) رجال النجاشي ١ / ٦٧ ـ ٦٨ رقم ٣.

(٥) الفهرست ـ للشيخ الطوسي ـ : ١٣٨ رقم ٤٧٠.

۹۸

لذهبت جملة الآثار النبوية» (١).

ومع ذلك ، فإنّ مدرسة القرن الأوّل الهجري كانت لا تزال تعيش عصر النصّ الشرعي عند الطائفة. فلم تتبلور بعد مسائل الخلاف بين الإمامية والمذاهب الأخرى ، ولم تظهر بعد وسائل الاجتهاد الجديدة التي ابتدعها أرباب المذاهب كالقياس والاستحسان والرأي والمصالح المرسلة.

وبكلمة ، فإنّ مدرسة القرن الأوّل في الوسط الإمامي كانت تمثّل حالة الإصغاء للنصوص ، وحالة الرجوع إلى المعصوم عليه‌السلام. فلم تكن هناك فتاوى خارج نطاق المدوّنات الحديثية.

٢ ـ مدرسة القرن الثاني الهجري

والقرن الثاني يعكس عصر انتشار علوم آل محمّـد عليهم‌السلام. فازدهرت علوم الفقه في هذا القرن بفضل نعمة وجود أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام : الإمام الباقر عليه‌السلام (ت ١١٤ هـ) ، والإمام الصادق عليه‌السلام (ت ١٤٨ هـ) ، والإمام الكاظم عليه‌السلام (ت ١٨٤ هـ) ، وشطر من حياة الإمام الرضا عليه‌السلام (ت ٢٠٣ هـ).

وتعتبر هذه الفترة من فترات الخصب الفكري والمذهبي ؛ لأنّها عاصرت انحلال الدولة الأموية وانقراضها بموت مروان سنة ١٣٢ هـ ، وظهور الدولة العباسية إلى اوائل ايام هارون الرشيد الذي ولي سنة ١٧٠ هـ.

تألّق أئمة أهل البيت عليهم‌السلام :

وقد كان النشاط العلمي لأئمّة أهل البيت عليهم‌السلام في قمّة عطائه عندما كانوا يبثّون أحكام الإسلام على مرأى ومسمع من السلطة الظالمة التي كانت

__________________

(١) ميزان الاعتدال ١ / ٥ رقم ٢.

۹۹

تعيش أصعب أيّامها. وكانت وجوه الشيعة ورواتهم متجاهرين بالولاء لأهل البيت عليهم‌السلام. وتعبّر بعض النصوص التأريخية عن حجم المساهمة العلمية التي قدّمها أئمّة الهدى عليهم‌السلام للأُمّة الإسلامية من خلال بثّ الأحكام الشرعية الصحيحة. ومن تلك النصوص :

١ ـ «قال عبـد الله بن عطاء المكّي : ما رأينا العلماء عند أحد أصغر منهم عند أبي جعفر ، يعني الامام الباقر عليه‌السلام. ولقد رأيتُ الحكم بن عتيبة مع جلالته وسنه ، عنده ، كأنّه صبيٌّ بين يدي معلِّم يتعلَّم منه» (١).

٢ ـ «إنّ رجلاً سأل ابن عمر عن مسألة فلم يدرِ ما يجيبه ، فقال : اذهب إلى ذلك الغلام ـ وأشار إلى الباقر عليه‌السلام ـ فسله ، وأعلمني بما يجيبك. فسأله وأجابه. فأخبر ابن عمر ، فقال : إنّهم أهل بيت مفهّمون» (٢).

وفي تلك النصوص التأريخية دلالات مهمّة :

١ ـ تواضع علماء المذاهب الإسلامية أمام نجم من نجوم أهل بيت النبوّة عليهم‌السلام. ونقصد بالتواضع : الانبهار والإذعان والتسليم للكمال العلمي لأهل البيت عليهم‌السلام. مع أنّ الحكم بن عتيبة ، وابن عمر لم يكونا ليذعنان لولا قلّة بضاعتهما العلمية في الأحكام الشرعية.

٢ ـ جهل أئمّة المذاهب بالأحكام الشرعية النابعة من مصادرها الرئيسية الحقيقية. والمصادر الحقيقية هي : القرآن الكريم ، وسنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) التي حفظها أهل بيته المطهّرين عليهم‌السلام. ولذلك فقد أشار ابن عمر على السائل بأن يسئل الإمام الباقر عليه‌السلام.

__________________

(١) حلية الأولياء ٣ / ١٨٦.

(٢) مناقب آل أبي طالب ٣ / ٣٢٩.

۱۰۰

٣ ـ إنّ حالة الصراع الاجتماعي والمذهبي ملحوظة في تلك النصوص. فهم مع جهلهم وإذعانهم لعلوم آل محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يوجّهوا أتباعهم إلى اتّباع الحقّ والاعتراف بولاية أهل البيت عليهم‌السلام.

وعلى أي تقدير ، فإنّ فضل أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام في نشر العلوم الفقهية ساهم في تنشيط الساحة العلمية الإسلامية ، خصوصاً في القرن الثاني الهجري.

الرواة الفقهاء :

ولا شكّ أنّ للشيعة رجالاً من الرواة الفقهاء كانوا قد تميّزوا بعلمهم خلال عصر النصّ. وانقادت الطائفة لهم بالفقه. واجمعت على تصديق هؤلاء الأوّلين من أصحاب الإمامين الباقر والصادق عليهما‌السلام : «فقالوا : أفقه الأوّلين ستّة : زرارة بن أعين ، ومعروف بن خرّبوذ ، وبريد بن معاوية ، وأبو بصير الأسدي ، والفضيل بن يسار ، ومحمّـد بن مسلم الطائفي. وقالوا : وأفقه الستّة زرارة ، وقال بعضهم : مكان أبي بصير الأسدي أبو بصير المرادي ، وهو ليث بن البختري» (١).

وعن سليمان بن خالد قال : «سمعتُ أبا عبـد الله عليه‌السلام : ما أحد أحيى ذكرنا وأحاديث أبي إلاّ زرارة وأبو بصير ليث المرادي ومحمّـد بن مسلم وبريد بن معاوية العجلي. ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هذا ، هؤلاء حفاظ الدين ، وأمناء أبي على حلال الله وحرامه ، وهم السابقون الينا في الدنيا ، والسابقون إلينا في الآخرة» (٢).

__________________

(١) رجال الكشي : ٥٠٧ رقم ٤٣١.

(٢) تنقيح المقال ـ ترجمة زرارة.

۱۰۱

ثمّ تخرّجت ثلّة اخرى من شبّان صحابة الإمام الصادق عليه‌السلام وهم : جميل بن درّاج ، وعبـد الله بن مسكان ، وعبـد الله بن بكير ، وحمّاد بن عثمان ، وحمّاد بن عيسى ، وأبان بن عثمان (١).

ومن فقهاء الشيعة الرواة في القرن الثاني أيضاً : أبان بن تغلب (ت ١٤١ هـ) وله من الكتب : كتاب معاني القرآن ، والقراءات ، والأُصول في الرواية على مذهب الشيعة (٢) ، وفي رجال ابن داود أنّه روى عن الإمام الصادق عليه‌السلام ثلاثين ألف حديث. وجابر بن يزيد الجعفي (ت ١٢٨ هـ) ، ومحمّـد بن مسلم الطائفي (ت ١٥٠ هـ). وأبو حمزة الثمالي ثابت بن أبي صفيّة الكوفي (ت ١٥٠ هـ) وكتابه رسالة الحقوق عن علي بن الحسين (٣) ، وقد أوردها الشيخ الصدوق في كتاب الخصال بسند معتبر ؛ وتشتمل الرسالة على خمسين حقّاً ، أوّلها حقّ الله تعالى وآخرها حقّ أهل الذمّة.

والكتب الرجالية كـ : رجال النجاشي والفهرست للشيخ الطوسي طافحة بأسماء الرواة الذين صنّفوا كتباً فقهية. منهم : أبان بن عبـد الملك الثقفي وكتابه الحج ، وإبراهيم بن محمّـد بن أبي يحيى وكتابه في الحلال والحرام ، ومعاوية بن عمّار وكتبه في الصلاة والحج والطلاق والدعاء ، وعلي بن أبي حمزة البطائني وكتبه في الصلاة والزكاة والتفسير وأبواب الفقه ونحوها.

ولكن التأليف في تلك الفترة ينبغي أن يفهم أنّه كان تجميعاً

__________________

(١) رجال الكشي : ٦٧٣ رقم ٧٠٥.

(٢) الفهرست ـ لابن النديم ـ : ٣٠٨.

(٣) رجال النجاشي ١ / ٢٩١ رقم ٢٩٦.

۱۰۲

للروايات الصحيحة ضمن فهرسة موضوعية يحدّدها المؤلّف. وكان الاستدلال محدوداً بمطابقة السؤال على الرواية الصحيحة. والقاعدة ، أنّ العلم كلّه كان في حسن تبويب الأحاديث وفهرستها.

فيمكن عدّ تلك الكتب الروائية مصنّفات في حفظ الرواية وصيانتها لا كتباً تحليلية أو استدلالية. ولا شكّ أنّ تلك الكتب الروائية كانت تشكّل العمود الفقري للأُصول الأربعمائة التي تواتر الحديث عنها في كتب الفقه والرجال.

الإفتاء بناءً على النصّ :

ويبدو من دراسة الوضع الاجتماعي والعلمي لذلك العصر ، أنّ الإفتاء كان نشطاً على ضوء فهم دلالة النصّ فيما روي فيه نصّ خاصّ ، أو الإفتاء بالمروي الذي استفيد منه الحكم ، أو تطبيق القواعد الأصولية كالترجيح بين الخبرين المتعارضين ، وقاعدة «لا تعاد» ، وقاعدة «البناء على الأكثر» ، وقاعدة «التجاوز» ونحوها من القواعد.

فقد جاء في ترجمة «أبان بن تغلب» أنّ الإمام الباقر عليه‌السلام قال له : «اجلس في مسجد المدينة وافتِ الناس ، فإنّي أُحبُّ أن يرى في شيعتي مثلك» (١).

والمروي عن معاذ عن أبي عبـد الله الصادق عليه‌السلام ، قال : «قال لي : بلغني أنّك تقعد في الجامع فتفتي الناس؟

قلتُ : نعم ، وأردتُ أن أسألك عن ذلك قبل أن أخرج. إنّي أقعد في

__________________

(١) مستدرك الوسائل ١٧ / ٣١٥.

۱۰۳

المسجد فيجي الرجل ، فيسألني عن الشيء. فإذا عرفته بالخلاف لكم أخبرته بما يفعلون. ويجيء الرجل أعرفه بحبّكم ومودّتكم فأخبره بما جاء منكم. ويجيء الرجل ولا أعرفه ولا أدري من هو فأقول : جاء عن فلان كذا ، وجاء عن فلان كذا. فأدخل قولكم فيما بين ذلك.

قال : فقال لي : اصنع كذا ، فإنّي كذا أصنع» (١).

وفي ذلك دلالات على جواز إفتاء الأصحاب بالنصوص فيما إذا ورد في الواقعة نصّ خاصّ ، أو استفيد من المروي حكماً شرعيّاً.

عصر المصنّفات الحديثية :

ويمكّننا عدّ عصر الكاظمين : الإمام الكاظم عليه‌السلام (ت ١٨٣ هـ) ، والإمام الرضا عليه‌السلام (ت ٢٠٣ هـ) بعصر المصنّفات الحديثية التي وصلتنا بمتونها وسند رجالها. وكان الرواة الستة الذين اجمع الأصحاب على فقاهتهم وتوثيقهم ، دليل على اهتمام الطائفة بالأحكام الشرعية. وأجمع أصحابنا تسمية الفقهاء من أصحاب أبي إبراهيم (٢) وأبي الحسن (٣) على تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء وتصديقهم ، وأقرّوا لهم بالفقه والعلم. وهم ستة نفر آخر ، دون الستة نفر الذين ذكرناهم في أصحاب أبي عبـد الله الصادق عليه‌السلام. منهم : يونس بن عبـد الرحمن (ت ٢٠٨ هـ) وهو الذي أُشير إليه في العلم والفتيا ، وصفوان بن يحيى بيّاع السابري (ت ٢١٠ هـ) ، ومحمّـد بن أبي عمير (ت ٢١٧ هـ) وله مصنّفات كثيرة ، وعبـد الله بن

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٦ / ٢٣٤.

(٢) الامام الكاظم عليه‌السلام.

(٣) الامام الرضا عليه‌السلام.

۱۰۴

المغيرة (سنة وفاته غير معلومة) ، والحسن بن محبوب السرّاد (ت ٢٢٤ هـ) ، وأحمد بن محمّـد بن أبي نصر (ت ٢٢١ هـ). وقال بعضهم مكان الحسن بن محبوب : الحسين بن علي بن فضّال (ت ٢٢٤ هـ) ، وفضالة بن أيّوب (لم نعثر على تأريخ وفاته). وقال بعضهم : مكان فضالة : عثمان بن عيسى. وأفقه هؤلاء : يونس بن عبـد الرحمن وصفوان بن يحيى (١).

وكان لكلّ هؤلاء الأعلام وغيرهم مصنّفات في ترتيب الروايات على ضوء المواضيع الفقهية. ولم يصلنا من تلك المصنّفات إلاّ القليل ، ولكن الروايات جمعت وصنّفت من جديد في عصور لاحقة ضمن متون حديثية أخرى. وما وصلنا من تلك التصانيف :

١ ـ مسند الإمام موسى بن جعفر عليه‌السلام. ومؤلّفه موسى بن إبراهيم المروزي ، ويحتوي على «روايات يرويها عن الإمام موسى الكاظم عليه‌السلام بسند : أخبرنا بها أحمد بن عبدون ، عن أبي بكر الدوري ، عن أبي الحسن محمّـد بن أحمد الجرمي قال : حدّثنا محمّـد بن خلف بن عبـد السلام قال : حدّثنا موسى بن إبراهيم المروزي قال : حدّثنا موسى بن جعفر عليه‌السلام» (٢).

وكان المروزي معلماً لولد السندي بن شاهك الذي سجن الإمام الكاظم عليه‌السلام في سجنه ببغداد. فسمع المروزي روايات الإمام الكاظم عليه‌السلام وهو في سجن السندي بن شاهك.

ذكر النجاشي في رجاله سنده إلى المروزي : «أخبرنا الحسين بن عبيد

__________________

(١) رجال الكشي : ٨٣٠ رقم ١٠٥٠ ، تنقيح المقال ٣ / ٧٥٧.

(٢) الفهرست ـ للشيخ الطوسي ـ : ١٩٥ رقم ٧٢٢.

۱۰۵

الله قال : حدّثنا إسماعيل بن يحيى بن أحمد العبسي قال : حدّثنا محمّـد بن أحمد بن أبي سهل الحزني أبو الحسين قال : حدّثنا محمّـد بن خلف بن عبـد السلام أبو عبـد الله يوم الجمعة بعد الصلاة لستٍّ بقين من المحرّم سنة ثمان وسبعين ومائتين في جامع المدينة قال : حدّثنا موسى بن إبراهيم بالكتاب» (١).

٢ ـ «الأشعثيّات» (٢) ، أو «الجعفريّات» (٣). رواه محمّـد بن محمّـد بن الأشعث الكوفي بسند متّصل بالإمام الصادق عليه‌السلام. ويشتمل على ألف حديث مصنّفة على أساس كتب الفقه. حيث تبدأ بالطهارة ، والصلاة ، والزكاة ... وتنتهي بالتفسير ، والطبّ ، والأطعمة.

٣ ـ مسائل علي بن جعفر. وعلي بن جعفر هو ابن الإمام الصادق عليه‌السلام رواها عن أخيه الإمام موسى الكاظم عليه‌السلام.

٤ ـ مسند الامام الرضا عليه‌السلام ، ويسمّى أيضاً بـ : صحيفة الرضا عليه‌السلام ، والرضويّات ، وصحيفة أهل البيت عليهم‌السلام. وكلّ تلك الأسماء تعبّر عن كتاب واحد يشتمل على ٢٤٠ حديثاً ، رواها عبـد الله بن أحمد بن عامر الطائي عن الإمام الرضا عليه‌السلام. جاء في أحد أسانيدها : «قال : حدّثنا علي بن موسى الرضا عليه‌السلام إمام المتّقين وقدوة أسباط سيّد المرسلين ، ممّا أورده في مؤلّفه المعنون بـ : صحيفة أهل البيت سنة ١٩٤ هـ ، قال : حدّثني أبي موسى بن جعفر قال ...» (٤).

__________________

(١) رجال النجاشي ٢ / ٣٣٩ رقم ١٠٨٢.

(٢) نسبة إلى راويه : محمّـد بن محمّـد بن الاشعث.

(٣) نسبة إلى اتصال سند روايته بالامام جعفر الصادق عليه‌السلام.

(٤) الذريعة إلى تصانيف الشيعة ١٥ / ١٧ رقم ٩٢.

۱۰۶

مدرسة الإمام الصادق عليه‌السلام :

كان عميد مدرسة القرن الثاني الهجري في نشر أُصول مذهب أهل البيت عليهم‌السلام : الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام. حتّى أنّ الفترة القصيرة التي قضاها الإمام الصادق عليه‌السلام في الكوفة وهي سنتين تعدُّ من أخصب الفترات في نشر المذهب في تلك المنطقة. وإلى ذلك أشار «الحسن بن علي بن زياد الوشّاء» مخاطبـاً «ابـن عيسى القمّي» بالقـول : «إنّي أدركت فـي هذا المسجد ـ يعني مسجد الكوفة ـ تسعمائة شيخ كلٌّ يقول : حدّثني جعفر بن محمّـد عليه السلام» (١).

ونستشفّ من مصنّف الحافظ أبو العبّاس بن عقدة الهمداني الكوفي (ت ٣٣٣ هـ) في أسماء الرجال الذين رووا الحديث عن الإمام الصادق عليه‌السلام حجم المدرسة الفقهية العظيمة التي أسّسها عليه‌السلام ، فذكر ترجمة (٤٠٠٠) رجل (٢). وكان تلامذة الإمام الصادق عليه‌السلام من الرواة النشطين في التصنيف والكتابة. فقد ترجم الشيخ آغا بزرك الطهراني (ت ١٣٧٠ هـ) في كتاب الذريعة لمائتي رجل من مصنّفي تلامذة الإمام الصادق عليه‌السلام عدا غيرهم من المؤلّفين من أصحاب سائر الأئمّة عليهم‌السلام وذكر لهم (٧٣٩) كتاباً أصلاً (٣). فلهشام الكلبي أكثر من مائتي كتاب ، ولابن شاذان مائة وثمانون كتاباً (٤) ، ولابن أبي عمير أربعة وتسعين كتاباً (٥).

__________________

(١) رجال النجاشي : ٣٧ رقم ٨٠.

(٢) الولاية : ٦٠.

(٣) الذريعة إلى تصانيف الشيعة ٦ / ٣٠١ ـ ٣٧٤ رقم ١٦١٢ إلى رقم ٢٣٥٦.

(٤) الذريعة إلى تصانيف الشيعة ١ / ٩٣ رقم ٤٥٠.

(٥) الذريعة إلى تصانيف الشيعة ١ / ٣٦١ رقم ١٨٩٥.

۱۰۷

ولم يكن نشاط كتابة المصنّفات وكثرتها في هذا القرن نابعاً من فراغ ، فقد حثَّ أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام شيعتهم وأصحابهم على تدوين الأحاديث والسنن خوفاً من ضياعها. فهذا عاصم يقول : سمعتُ أبا بصير يقول : قال أبو عبـد الله الصادق عليه‌السلام : «اكتبوا فإنّكم لا تحفظون إلاّ بالكتابة» (١).

ورواية أُخرى عن أبي بصير أيضاً قال : دخلتُ على أبي عبـد الله عليه‌السلام ، فقال : «ما يمنعكم من الكتاب؟ إنّكم لن تحفظوا حتّى تكتبوا ، إنّه خرج من عندي رهطٌ من أهل البصرة يسألون عن أشياء فكتبوها» (٢).

ورواية ثالثة عن أبي بصير أيضاً قال : سمعتُ أبا عبـد الله عليه‌السلام يقول : «اكتبوا فإنّكم لا تحفظون حتّى تكتبوا» (٣).

ولكن الكتابة كانت على الأغلب وليدة الحاجة لحفظ الأحاديث ، أي إنّ الراوي كان يجمع ما سمعه من روايات ويدوّنها في كتابه خوفاً من ضياعها. فلم يكن هدف الكتابة مجرّد التصنيف ، بل كان الهدف هو حفظ الروايات. فكانت تلك الكتب وسيلة من وسائل حفظ السنّة الشريفة عن طريق أهل البيت عليه‌السلام.

٣ ـ مدرسة القرن الثالث الهجري

ويشمل شطراً قصيراً من حياة الإمام الرضا عليه‌السلام (ت ٢٠٣ هـ) ، وأبناء الرضا عليه‌السلام : الإمام الجواد عليه‌السلام (ت ٢٢٠ هـ) ، والإمام الهادي عليه‌السلام

__________________

(١) الوسائل : ٢٧ / ٨١ ح ٣٣٢٦١.

(٢) مستدرك الوسائل ٧ / ٤٩ ح ٥.

(٣) الوسائل ٢٧ / ٨١ ح ١٦.

۱۰۸

(ت ٢٥٤ هـ) ، والإمام العسكري عليه‌السلام (ت ٢٦٠ هـ).

وقد شهد هذا القرن كتابة الروايات المنقولة عن أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام ، خصوصاً أبناء الرضا عليه‌السلام ، مباشرة على شكل مصنّفات مثل :

١ ـ أجوبة الإمام الهادي عليه‌السلام عن مسائل القاضي يحيى بن أكثم (١) ، ورسالة الإمام الهادي في الردّ على أهل الجبر والتفويض وإثبات العدل والمنـزلة بين المنـزلتين (٢).

٢ ـ رسالة المنقبة للإمام أبي محمّـد العسكري عليه‌السلام ويشتمل على أكثر علم الحلال والحرام. خرجت سنة خمس وخمسين ومائتين للهجرة (٣).

٣ ـ التفسير المنسوب للامام الحسن العسكري عليه‌السلام (٤).

ولأصحاب أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام كتب فقهية تتضمّن نصوصاً شرعية كتبت حسب المواضيع ككتاب الوضوء ، والصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والحجّ ... إلى العتق والتدبير. فللحسين بن سعيد بن حمّاد بن مهران الأهوازي (من القرن الثالث الهجري) كتبٌ في ذلك ، وأحمد بن إسحاق الأشعري له كتاب علل الصلاة ، ومحمّـد بن الحسن الصفّار (ت ٢٩٠ هـ) له كتبٌ تشابه كتب الحسين بن سعيد ، وظريف بن ناصح الكوفي البغدادي (ت بعد القرن الثاني الهجري) له كتاب الديّات لأمير المؤمنين عليه‌السلام. كتبه الإمام عليه‌السلام إلى أمرائه ورؤوس أجناده ، وأورده الشيخ الصدوق كاملاً في

__________________

(١) تحف العقول : ٣٥٩.

(٢) تحف العقول : ٤٥٨.

(٣) بحار الأنوار ٥٠ / ٣١٠.

(٤) خاتمة المستدرك : ٥ / ١٨٦.

۱۰۹

كتاب من لا يحضره الفقيه ـ الديات.

وكانت تلك الكتب الروائية نتيجة طبيعية لنشاط الراوي الثقة في تثبيت النصوص الشرعية تحريراً ، ونتيجة طبيعية من نتائج الحثّ الشرعي على تدوين كلّ ما يسمعونه عن أئمّتهم عليهم‌السلام.

وقد صُنّفت الروايات على شكل كتب سُميّت لاحقاً بـ : الأُصول الأربعمائة (١). والظاهر أنّ تلك الأصول الأربعمائة كانت من أكثر كتب الروايات دقّة لأنّ الروايات فيها نُقلت عن المعصوم عليه‌السلام دون واسطة. وقد أحصي صاحب الوسائل (ت ١١٠٤ هـ) الكتب الروائية التي تمّ تصنيفها من عهد أمير المؤمنين عليه‌السلام وحتّى عهد أبي محمّـد الحسن العسكري عليه‌السلام فكانت ما يزيد على ستّة آلاف وستمائة كتاب ، تميّز منها أربعمائة كتاب روائي بغير واسطة سمّيت بالأصول الأربعمائة.

ولكن بعد فترة زمنية ليست بالمديدة ، جُمعت تلك الأصول الأربعمائة في مجموعات الحديث الكبرى التي اُلّفت في أواخر عهد الغيبة الكبرى وأوائل عهد الغيبة الصغرى ، وهي : الكافي ، ومن لا يحضره الفقيه ، والتهذيب ، والاستبصار. وبعد أن جُمعت الأُصول في تلك المجاميع قلّت الرغبة في استنساخ أعيانها. وبدأ التوجّه نحو الإستفادة من المجاميع الحديثية الجديدة.

تحليل مدرسة فقه النصّ

وهي مدرسة القرنين الثاني والثالث الهجريّين ، حيث كان النصّ فيها

__________________

(١) إعلام الورى ٢ / ٢٠٠.

۱۱۰

محور المتون الفقهية. فلا شكّ أنّ أوّل بوادر فقه النصّ كان قد تحقّق على أيدي تلامذة أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام في القرنين الأوّل والثاني من الهجرة. فقد كان هؤلاء الأصحاب من أكثر الأفراد حفظاً واستيعاباً ودقّة في حمل أحاديث بيت النبوّة عليهم‌السلام وإفتاء الناس بها. فتخرّج ستّة فقهاء على أيدي الإمامين الباقر والصادق عليهما‌السلام وهم : زرارة بن أعين ، ومحمّـد بن مسلم الطائفي ، وأبو بصير الأسدي ، وبريد بن معاوية ، والفضيل بن يسار ، ومعروف بن خرّبوذ. ثمّ تخرّجت ثلّة أخرى من شبّان صحابة الإمام الصادق عليه‌السلام وهم : جميل بن درّاج ، وعبـد الله بن مسكان ، وعبـد الله بن بكير ، وحماد بن عثمان ، وحمّاد بن عيسى ، وأبان بن عثمان. وتخرّجت أيضاً مجموعة من تلاميذ الإمامين الكاظم والرضا عليهما‌السلام وهم : يونس بن عبـد الرحمن ، وصفوان بن يحيى ، ومحمّـد بن أبي عمير ، وعبـد الله بن المغيرة ، والحسن بن محبوب ، والحسين بن علي بن فضّال ، وفضالة بن أيّوب وغيرهم.

وكان هؤلاء الأعلام ومن تخرّج على أيديهم على درجة عالية في فهم الفقه وأصول الاجتهاد والاستنباط. ولكن ذلك الاستنباط كان محصوراً في تلك الفترة بالاقتصار على نقل الروايات بأسانيدها مع تمييز الصحيح عن السقيم من الأحاديث. ومع لحاظ ارتباط عصر هؤلاء الأعلام مع عصر الأئمّة عليهم‌السلام وعدم وجود تغيّر حقيقي في الزمان والمكان ، فقد كان الفقيه يفتي بنصٍّ قرآنيٍّ أو رواية صحيحة مروية عن المعصوم عليه‌السلام عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). وقد كانت كتابة الأحاديث والروايات في عهد مبكّر ، بحيث كان الراوي يجمع رواياته عن المعصومين عليهم‌السلام في كتاب أو أصل. وكانت الأصول الأربعمائة عند الشيعة الإمامية أقوى دليل على اهتمام

۱۱۱

الأصحاب بفقه النصوص الشرعية.

ولكن كثرة الروايات واضطراب الأسانيد جعل الفقه الإسلامي يدخل عالماً جديداً. فمن المؤكّد أنّ فقه النصوص الشرعية ، ذاته ، كان بحاجة إلى تطوير بسبب تغيّر الزمن. وكان القرن اللاحق وهو الرابع الهجري مصداقاً لتلك الحاجة. فظهر توجّه جديد في قضية تشخيص الحكم ، وهو الإفتاء بمتون الروايات مع حذف أسانيدها. فخرج الفقه الإسلامي من إطار نقل الرواية المجرّدة إلى ساحة الفتوى الواسعة. فكان كتاب الشرائع لوالد الشيخ الصدوق ، علي بن الحسين بن موسى بن بابويه (ت ٣٢٩ هـ) من أوائل الكتب التي عرضت الروايات والنصوص على صورة الفتاوى المنسجمة مع حاجات العصر. ثمّ قام الشيخ الصدوق ، محمّـد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه (ت ٣٨١ هـ) باقتفاء أثر والده فألّف كتابي المقنع والهداية في الفقه.

واستمرّ الشيخ المفيد ، محمّـد بن النعمان (ت ٤١٣ هـ) على نفس النهج فألّف كتاب المقنعة. وكذلك قام الشيخ الطوسي ، محمّـد بن الحسن (ت ٤٦٠ هـ) بنفس العمل ، فألّف كتاب النهاية في مجرّد الفتاوى.

ولمّا كانت تلك الكتب الفقهية مستوحاة من نفس الروايات والأصول ، فقد عُوملت متونها من قبل الفقهاء المتأخّرين معاملة الكتب الحديثية.

ولكن فقه النصّ وأسلوب تجريد المتون عن الأسانيد لم يكونا ليسدّا حاجة الفرد في فهم التكليف الشرعي من خلال تغير الزمان والمكان. فقد طرأت أمور وحوادث اجتماعية لم تكن معهودة زمن النصّ ولم ترد بعينها في متون الروايات. ومن هنا كان لا بدّ من نموّ التيّار العلمي القاضي

۱۱۲

باستثمار مباني الفقه الاستدلالي الذي يمكن من خلاله استنباط الأحكام الشرعية من العمومات والإطلاقات والأصول الواردة في القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة.

٤ ـ مدرسة القرن الرابع الهجري

ولم يكن الفقه الاستدلالي وليد الحاجة الملحّة فحسب ، بل كان أمراً قد خطّط له أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام من البداية عندما درّبوا أصحابهم على الأوثقية والأعدلية والأرجحية. وهذا التمرين يعكس صورة من صور الاستدلال الفقهي ونمطاً من أنماط الاستنباط الشرعي.

عصر القديمين : من النصّ إلى الاستدلال

والقديمان هما : الحسن بن علي بن أبي عقيل النعماني أحد مشايخ جعفر بن قولويه ، عاصر السمري آخر سفراء الإمام صاحب الزمان عليه‌السلام (ت قبل سنة ٣٦٩ هـ). وابن الجنيد أبو علي الأسكافي (ت ٣٨١ هـ) من مشايخ الشيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ). ويعرفان بالقديمين لأنّهما عاشا أوائل الغيبة الكبرى. وكان ابن أبي عقيل العماني الحذّاء أوّل من كتب في الفقه الاستدلالي ، وكتابه المتمسّك بحبل آل الرسول يعدّ من الكتب الفقهية الاستدلالية الأولى عند الطائفة. وقد أثنى عليه الفقهاء الأوائل كالشيخ النجاشي الذي قال بشأنه : «كتاب مشهور في الطائفة ، وقلّ ما ورد الحاجّ من خراسان إلاّ طلب واشترى منه نسخاً ، وسمعتُ شيخنا أبا عبـد الله [المفيد] رحمه الله يكثر الثناء على هذا الرجل رحمه الله» (١).

__________________

(١) رجال النجاشي : ٣٥ رقم ١٠٠.

۱۱۳

وهذا النصّ يعبّر أيضاً عن تعدّد النسخ الخطّية للكتاب في ذلك الزمان ، وعن اهتمام أتباع أهل البيت عليهم‌السلام في الأمصار المختلفة بالعناية بالأحكام الشرعية. وقد نقل العلاّمة الحلّي (ت ٧٢١ هـ) الكثير من آراء ابن أبي عقيل في كتابه «مختلف الشيعة» في جميع أبواب الفقه.

ولذلك لم يتوانَ السيّد بحر العلوم في التصريح بأنّ ابن أبي عقيل من أوائل من استخدم الاستدلال الفقهي ، قال : «هو أوّل من هذّب الفقه واستعمل النظر ، وفتق البحث في الأصول والفروع في ابتداء الغيبة الكبرى وبعده الشيخ الفاضل [ابن الجنيد]» (١). بل أنّ مصنّف كتاب روضات الجنّات قال : «إنّ هذا الشيخ هو الذي ينسب إليه إبداع اساس النظر في الأدلّة ، وطريق الجمع بين مدارك الأحكام بالاجتهاد الصحيح ، ولذا يعبّر عنه وعن الشيخ أبي علي بن الجنيد في كلمات فقهاء أصحابنا ، بالقديمين. وقد بالغ في الثناء عليه أيضاً صاحب كتاب السرائر وغيره وتعرّضوا لبيان خلافاته الكثيرة في مصنّفاتهم» (٢).

أمّا محمّـد بن أحمد بن الجنيد الأسكافي فكان له كتابان في الفقه الاستدلالي هما : تهذيب الشيعة لأحكام الشريعة ، والأحمدي للفقه المحمّـدي. والكتاب الأوّل وصفه الشيخ الطوسي بأنّه كتاب «كبير نحواً من عشرين مجلّداً ، يشتمل عدّة من كتب الفقه على طريقة الفقهاء» (٣). وكتاب الأحمدي في الفقه المحمّـدي مختصر لكتابه الكبير تهذيب الشيعة لأحكام الشريعة ؛ وطريقة الفقهاء تعني الاستدلال ، لا مجرّد عرض الروايات

__________________

(١) الفوائد الرجالية ٢ / ٢٢٠.

(٢) روضات الجنات ٢ / ٢٥٩.

(٣) الفهرست ـ للشيخ الطوسي ـ : ١٦٠ رقم ١٦.

۱۱۴

والأحاديث دون مناقشة. وأشار مصنّف كتاب روضات الجنّات إلى أنّ ابن الجنيد تبع الحسن بن أبي عقيل العماني فأبدع أساس الاجتهاد في أحكام الشريعة. ونقل عن إيضاح العلاّمة أنّه قال : وجدتُ بخطِّ السيِّد السعيد محمّـد بن معد ، ما صورته : وقع إليَّ من هذا الكتاب [كتاب تهذيب الشيعة] مجلد واحد. وقد ذهب من أوّله أوراق وهو كتاب النكاح. فتصفّحته ولمحتُ مضمونه فلم أرَ لأحد من هذه الطائفة كتاباً أجود منه ، ولا أبلغ ولا أحسن عبارة ، ولا أدّق معنى. وقد استوفى منه الفروع والأصول ، وذكر الخلاف في المسائل واستدلّ بطريق الإمامية وطريق مخالفيهم. وهذا الكتاب اذا اُمعن النظر فيه وحصلت معانيه علم قدره ومرتبته ، وحصل منه شيء كثير ولا يحصل من غيره.

ثمّ يقول العلاّمة : قد وقع إلىّ من مصنّفات هذا الشيخ المعظّم الشأن كتاب الأحمدي في الفقه المحمّـدي وهو مختصر هذا الكتاب ، جيّد يدلّ على فضل هذا الرجل وكماله وبلوغه الغاية القصوى في الفقه ، وجودة نظره. وأنا ذكرتُ خلافه وأقواله في كتاب مختلف الشيعة في أحكام الشريعة (١).

الكليني والصدوقان :

ومن أعلام هذا القرن : الكليني ، والصدوقان.

أ ـ الشيخ الكليني : وهو أبو جعفر الكليني ، محمّـد بن يعقوب بن إسحاق (ت ٣٢٩ هـ) وكتابه الكافي في الأصول والفروع والروضة في ثمانية أجزاء.

__________________

(١) روضات الجنات ٦ / ١٤٥ ـ ١٤٧.

۱۱۵

وقد انصرف ثقة الإسلام الكليني قدس‌سره إلى جمع أحاديث أهل البيت عليهم‌السلام في كتابه الكافي الذي لم يسبقه أحد في إنجاز مثل ذلك المشروع العملاق في ذلك العصر. فقام بجمع تلك الروايات المتفرّقة في بطون مئات الكتب والمصنّفات بين دفّتي كتاب واحد خلال عشرين عاماً. وقد رُتّب الكتاب على ثلاثة أقسام هي :

الأوّل : أُصول الكافي : ويتضمّن روايات في ثمانية كتب هي : كتاب العقل والجهل ، وفضل العلم ، والتوحيد ، والحجّة ، والإيمان والكفر ، والدعاء ، وفضل القرآن الكريم ، والعِشرة. وتنضوي تلك الكتب تحت عناوين : العقيدة ، والموت ، والبعث ، والثواب والعقاب ، وفضائل العلم ونحوها.

الثاني : فروع الكافي : وتتضمّن الروايات التي تعلّقت أوّلاً : بالعبادات. وثانياً : بالمعاملات ، أي العقود والإيقاعات والأحكام. صنّفها في ستّة وعشرين كتاباً فقهيّاً هي : كتاب الطهارة ، والحيض ، والجنائز ، والصلاة ، والزكاة ، (والخمس في كتاب الحجّة من أُصول الكافي) ، والصيام ، والحج ، والجهاد ، والمعيشة ، والنكاح ، والعقيقة ، والطلاق ، والعتق والتدبير والكتابة ، والصيد ، والذبائح ، والأطعمة ، والأشربة ، والزي والتجمّل والمروءة ، والدواجن ، والوصايا ، والمواريث ، والحدود ، والديّات ، والشهادات ، والقضاء والأحكام ، والإيمان والنذور والكفّارات.

وإذا أدخلنا تلك الكتب في التقسيم المتّفق عليه للمواضيع الفقهية. فيكون :

أ ـ العبادات : وفيها أحكام الطهارة ، والوضوء ، والغسل ، والحيض ، والصلاة ، والخمس ، والصوم ، والاعتكاف ، والحجّ ، والعمرة ، والجهاد.

۱۱۶

ب ـ المعاملات : وفيها :

١ ـ العقود : وتدخل فيها : التجارة ، والبيع ، والسلف ، والصرف ، والخيارات ، والشفعة ، والإجارة ، والمزارعة ، والمساقاة ، والجعالة ، والسبق والرماية ، والشركة ، والمضاربة ، والوديعة ، والعارية ، والضمان ، والحوالة ، والكفالة ، والدّين ، والرهن ، والصلح ، والوكالة ، والهبة ، والصدقة ، والوقف ، والسكنى ، والعمرى ، والوصية ، والنكاح ، والرضاع ، والقسم ، والمكاتبة.

٢ ـ الإيقاعات : ويدخل فيها : الإقرار ، والطلاق ، والظهار والإيلاء واللعان ، والعتق ، والتدبير ، والإيمان ، والنذور ، والعهود.

٣ ـ الأحكام : ويدخل فيها : اللقطة ، والغصب ، وإحياء الموات ، والحجر ، والكفّارات ، والصيد ، والذباحة ، والأطعمة ، والأشربة ، والميراث ، والقضاء ، والشهادات ، والحدود ، والتعزيرات ، والقصاص ، والديّات.

الثالث : روضة الكافي : ويشتمل على الأخبار المتعلّقة بالعقائد ، والتفسير ، والأخلاق ، والقصص ، والتاريخ ونحوها.

ويتميز الكافي بالالتزام بنصوص الروايات عن أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام ، واستخراجه إيّاها من الأصول المعتبرة عند الطائفة ، والتزامه ـ على الأغلب ـ بذكر جميع سلسلة السند بينه وبين المعصوم عليه‌السلام ، وترتيب الروايات على أساس الصحّة والوضوح ، وعدم إيراد الأخبار المتعارضة ، والرواية عن مجموعة من مشايخه الثقات بالقول «عدّة من أصحابنا». وقد أخرج عن شيخه علي بن إبراهيم القمّي ما يزيد على ربع أحاديث الكافي.

ب ـ الصدوقان : وهما :

__________________

۱۱۷

١ ـ علي بن الحسين بن موسى بن بابويه (ت ٣٢٩ هـ) وهو أبو الشيخ الصدوق ويطلق عليهما بالصدوقان. ويلقّب الأب بالصدوق الأوّل أيضاً. وهو أوّل من ابتكر طرح أسانيد الروايات ، وجمع بين النظائر ، وأتى بالخبر مع قرينه في رسالته إلى ابنه الصدوق الثاني التي سميت برسالة الشرائع.

٢ ـ محمّـد بن علي بن بابويه القمّي (الشيخ الصدوق) (ت ٣٨١ هـ) وله كتاب من لا يحضره الفقيه في الحديث في أربعة أجزاء. وكتباً فقهية هي : المقنع والهداية. وله كتاب علل الشرائع أيضاً.

وكتاب من لا يحضره الفقيه على قسمين : مسانيد ومراسيل. وتلك المراسيل تزيد على ثلث الأحاديث المورّدة فيه. وقد اعتمد الأصحاب على تلك المراسيل وقالوا إنّها كمراسيل محمّـد بن أبي عمير في الحجية والاعتبار ، لأنّ المؤلّف لم يورد فيه إلاّ ما يفتي به ويحكم بصحّته ويعتقد أنّه حجّة بينه وبين ربّه. أضف إلى ذلك زيادة حفظ الصدوق وحسن ضبطه وتثبّته في الرواية وتأخّر كتابه عن الكافي. ولكن هذا الرأي قد تعرّض للنقد ، وقيل إنّ صحّة السند عند المصنّف حجّة عليه لا حجّة على غيره. وطبيعة الاجتهاد الفقهي تقتضي أن يكون للمجتهد رأي في الرواة من حيث التوثيق أو التضعيف.

وأحاديث من لا يحضره الفقيه خمسة آلاف وتسعمائة وثلاثة وستون حديثاً. المسندة منها : ثلاثة آلاف وتسعمائة وثلاثة عشر حديثاً ، والمراسيل : الفان وخمسون حديثاً.

يقول الشيخ الصدوق قدس‌سره في سبب تأليفه الكتاب : «لمّا ساقني القضاء إلى بلاد الغربة ... وردها الشريف الديِّن أبو عبـد الله ... فدام بمجالسته

۱۱۸

سروري ، وانشرح بمذاكرته صدري ، وعظم بمودّته تشرّفي لأخلاق قد جمعها إلى شرفه من ستر وصلاح ، وسكينة ووقار ، وديانة وعفاف ، وتقوى وإخبات. فذاكرني بكتاب صنّفه محمّـد بن زكريّا المتطبّب الرازي وترجمه بكتاب من لا يحضره الطبيب وذكر أنّه شاف في معناه وسألني أن أُصنّف له كتاباً في الفقه والحلال والحرام ، والشرائع والأحكام موفياً على جميع ما صنّفت في معناه وأترجمه بكتاب من لا يحضره الفقيه ليكون إليه مرجعه ، وعليه معتمده ، وبه أخذه ، ويشترك في أجره من ينظر فيه ، وينسخه ويعمل بمودعه. هذا مع نسخه لأكثر ما صحبني من مصنّفاتي وسماعه لها وروايتها عنّي ووقوفه على جملتها وهي مائتا كتاب وخمسة وأربعون كتاباً. فأجبته أدام الله توفيقه إلى ذلك لأنّي وجدته أهلاً له وصنّفتُ له هذا الكتاب بحذف الأسانيد لئلاّ تكثر طرقه وإن كثرت فوائده. ولم أقصد فيه قصد المصنّفين في إيراد جميع ما رووه ، بل قصدتُ إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحّته ، واعتقد فيه أنّه حجّة فيما بيني وبين ربّي تقدّس ذكره وتعالت قدرته. وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعوّل وإليها المرجع» (١).

ونستدلّ من ذلك النصّ على ما يلي :

١ ـ إنّ المصنّف حذف الأسانيد من أجل الاختصار. فالمراسيل حجّة بينه وبين الله تعالى ، باعتبار صحّة سندها في رأيه.

٢ ـ إنّه لم يكن تأليفه بمعنى تأليف كتاب ، بل كان يقصد إتمام وسيلة الإفتاء والحكم. فالمقصود من التأليف هو : الإفتاء ، والحكم بصحّة

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ١ / ٣.

۱۱۹

الأحاديث الواردة فيه.

٣ ـ إنّ جميع ما فيه استخرجه المصنّف من كتب مشهورة عند الطائفة. فهو لم يأتِ بحديث بعيد عن مسامع أجلاّء الطائفة أو بعيد عن أنظارهم.

وللشيخ الصدوق قدس‌سره كتاب علل الشرائع والاحكام والاسباب وهو يتضمّن (٣٨٥) باباً. أوّل الأبواب : «العلّة التي من أجلها سمّيت السماء سماء ، والدنيا دنيا ، والآخرة آخرة ...» وآخرها «نوادر العلل». وبعض الروايات في هذا الكتاب تحتاج إلى تدقيق في السند ومطابقة في المتن ، وبعضها لا تلائم مقام الإمامة. ولا يُعرف سبب تأليف الكتاب ، خصوصاً وأنّ ملاكات الأحكام مجهولة وغير قابلة للفهم لدى الفقهاء.

وكتاب المقنع رسالة فتوائية للشيخ الصدوق من الطهارة وحتّى الديّات ، ملحقاً بها باب النوادر. دوّن ألفاظها من متون الأحاديث المسندة. فقد حذف المصنّف أسنادها بغية الاختصار ، وثقةً بوجودها في الكتب الرئيسية التي استند عليها. فقال في مقدّمته : «إنّي صنّفتُ كتابي هذا وسمّيته كتاب المقنع ، لقنوع من يقرأه بما فيه. وحذفتُ الأسانيد منه لئلاّ يثقل حمله ولا يصعب حفظه ولا يملّ قارئه ، إذ كان ما أُبيّنه فيه في الكتب الأُصولية موجوداً مبيّناً على المشايخ العلماء الفقهاء الثقات رحمهم الله» (١).

فقهاء قم المشرّفة :

وقد شهد القرنان الثالث والرابع نشاطاً ملحوظاً لفقهاء مدينة قم

__________________

(١) المقنع : ٥.

۱۲۰

المشرفة في تدوين الروايات ، وكان على رأسهم الشيخ الكليني (ت ٣٢٩ هـ) ، وابن قولويه (ت ٣٦٩ هـ) ، وابن الجنيد (ت ٣٨١ هـ) بالري ، والشيخ الصدوق (ت ٣٨١ هـ) المدفون بالري. وجملة من الرواة الفقهاء الذين كانت لهم كتب في الفقه جوهرها روايات موثّقة عن أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام في أبواب الفقه المختلفة. ومن هؤلاء الأعلام : أحمد بن محمّـد بن عيسى الأشعري ، ومحمّـد بن أحمد بن يحيى بن عمران ، وسعد ابن عبـد الله بن أبي خلف الأشعري ، وإسماعيل بن آدم بن عبـد الله بن سعد الأشعري ، وعلي بن إبراهيم وأهمّ كتبه : قرب الاسناد ، وعلي بن الحسين بن بابويه (ت ٣٢٩ هـ) ، ومحمّـد بن الحسن بن الوليد (ت ٣٤٣ هـ) ، وأحمد بن محمّـد بن خالد البرقي وغيرهم.

وكانت فتاوى هؤلاء الأعلام تعدّ بمثابة الروايات ؛ لأنّهم كانوا لا يفتون إلاّ بالنصوص. وإلى ذلك أشار الشهيد الأوّل (ت ٧٨٦ هـ) باعتماد الأصحاب على رسالة علي بن بابويه القمّي (ت ٣٢٩ هـ) ، فقد «كان الأصحاب يتمسّكون بما يجدونه في شرائع الشيخ أبي الحسن بن بابويه عند إعواز النصوص لحسن ظنّهم به ، وأنّ فتواه كروايته» (١) ، بينما صرّح الشيخ المجلسي بأنّ : «علماءنا يعدّون فتاواه من جملة الأخبار» (٢).

وتميّز هذا القرن بتدوين الحديث وجمعه بطريقة علمية تحدّد ضوابط صحّة الأحكام الشرعية من أحاديث أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام. فكان الكافي ، ومن لا يحضره الفقيه من أهمّ موسوعات هذا القرن في الحديث.

__________________

(١) الذكرى : ٤ ـ ٥.

(٢) بحار الأنوار ١ / ٢٦.

۱۲۱

ميـزة تلك الفترة :

ثمّة ميزة أخرى لهذا القرن والقرن الذي لحقه لمسناها في الرسائل الفقهية المختصرة التي كان يكتبها الفقهاء. فكان الفقهاء يجيبون على استفسارات المؤمنين من شيعة أهل البيت عليهم‌السلام ، ويكتبون الجواب على شكل رسالة فقهية يلقيها عادة الفقيه على تلامذته. ولكن تلك الرسائل كانت تعبّر عن الاستدلال في مراحله الأوّلية بحيث لا تتجاوز عرض الأحاديث الصحيحة من غير تعرّض للمناقشة أو الاحتجاج أو النقد أو التفريع.

ولا شكّ أنّ الانتقال من عصر النصّ إلى عصر الاستدلال كان له ما يبرّره. فقد كان عصر النصّ مثقلاً بالمرتكزات الذهنية التي يفهمها الراوي بسبب ارتباطه بذلك العصر الذي كان يعيش فيه. وكان لا بدّ للفقهاء الذين عاشوا عصوراً بعيدة عن النصّ التوجّه نحو الاستدلال الشرعي لاستنباط الأحكام ، للأسباب التالية :

١ ـ وجود تعارض ظاهري بين الروايات المروية عن أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام ، وقد يرجع ذلك إلى :

أ ـ ظروف التقية التي كان يعيشها أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام ، ممّا اضطرّهم : إلى الإفتاء بآراء مخالفة لآرائهم من أجل الحفاظ على الكيان الشرعي للأمّة.

ب ـ اختلاط بعض القرائن الموازية للنصوص أو اختفائها ، ممّا يسبّب صعوبة في فهم النصّ أو في فهم مراد الشارع.

ج ـ لجوء بعض الرواة إلى نقل معاني الحديث بدل نقل ألفاظه ، وقد سبّب ذلك وضع بعض النصوص في موضع حرج. فقد يستخدم الراوي أحياناً الفاظاً ركيكة أو مشتركة ، فيختلط اللفظ الأوّل باللفظ الثاني الذي استخدمه الراوي وعندها يرتبك معنى الرواية.

۱۲۲

د ـ وجود رواة مدسوسين من قبل السلطة لتشويه مذهب أهل البيت عليهم‌السلام ، فأصبح الأمر يتطلّب التدقيق في رجال الرواية من أجل التأكّد من صحّة الرواية ذاتها وصحّة نسبتها إلى أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام.

٢ ـ إنّ في الروايات الشريفة التي وصلتنا عامّاً وخاصّاً ، مطلقاً ومقيّداً ، مجملاً ومبيّناً. فكان لا بدّ من معرفة القواعد العامّة التي تحكم التفريق بين العامّ والخاصّ ، والمطلق والمقيّد ، والمجمل والمبيّن.

٣ ـ تبدّل الثقافة الاجتماعية خلال القرون المتلاحقة. فقد كانت بعض الألفاظ تستعمل لمعان معيّنة ، ثمّ تبدّل ذلك الاستعمال ليدلّ على معان اُخر. فعلى سبيل المثال ، كان معنى «يتوضّأ» : يغسل يده فقط. ففي قوله عليه‌السلام عندما سئل عن غسل الجنابة في الماء القليل : «يضع يده ويتوضّأ ثم يغتسل ...» (١). ثمّ غلب استعمال كلمة الوضوء على معناها الشرعي.

٤ ـ تغيّر الزمان والمكان يستدعي فهماً لمقاصد الشريعة في المعاملات يتناسب مع ذلك التغيّر. وهذا يستدعي فهماً معمّقاً لمباني الاستدلال الشرعي.

٥ ـ مدرسة القرن الخامس الهجري

وتميّز هذا القرن والفترة القصيرة التي سبقته بظهور كتب فقهية اقتصرت على تلخيص مضمون الروايات وحذف أسانيدها وتجنّبت التفريع كما أشرنا إلى ذلك آنفاً ، مثل المقنع والهداية للشيخ الصدوق (ت ٣٨١ هـ) ، والمقنعة للشيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ) ، والنهاية للشيخ الطوسي

__________________

(١) الكافي ٣ / ٤ ح ٢.

۱۲۳

(ت ٤٦٠ هـ).

ومن أعلام هذا القرن مجموعة شامخة من الفقهاء ، منهم :

١ ـ الشيخ المفيد : وهو محمّـد بن محمّـد بن النعمان (ت ٤١٣ هـ) وكتابه الفقهي المقنعة وهو رسالة في الفقه. حيث بارى فيها كتاب المقنع في الفقه لاستاذه الشيخ الصدوق. وقام الشيخ الطوسي ـ تلميذ الشيخ المفيد ـ بشرح المقنعة في عشرة أجزاء سمّاه تهذيب الأحكام.

وللشيخ المفيد رسائل فقهية عديدة تعبّر في محتواها عن أجوبة فقهية للمسائل الشرعية التي كانت موطن ابتلاء القرنين الرابع والخامس.

منها : أجوبة المسائل السروية وهي إحدى عشر مسألة في النكاح وغيرها من الموضوعات.

ومنها : أحكام النساء وهي رسالة فيما يخصّ النساء من الأحكام الشرعية مرتّبة على ١٤ باباً وفصول. أوّلها : «الحمد لله الذي هدى العباد إلى معرفته ... وبعد فإنّي لمّا عرفت من آثار السيدة الجليلة الفاضلة أدام الله إعزازها ، جمع الأحكام التي تعمّ المكلّفين من الناس ، وتختصّ النساء منهم على التمييز لهنّ والإبراز ...» (١).

ومنها : كتاب الإعلام فيما اتفقت عليه الإمامية من الأحكام ، ممّا أجمعت العامّة على خلافه جمع فيه المسائل الفقهية التي اتفقت عليه الإمامية من أوّل كتاب الطهارة إلى آخر أبواب الديّات ؛ وتلك المسائل ممّا لا يوافقهم فيه فقهاء المذاهب الأربعة.

ومنها : رسالة في تحريم ذبائح أهل الكتاب.

__________________

(١) نسخة مخطوطة ، محفوظة في مكتبة المرعشي النجفي ، برقم ٢٤٣ ـ ١.

۱۲۴

ومنها : جوابات أهل الموصل في العدد والرؤية وهي رسالة في مناقشة ثبوت شهر رمضان برؤية الهلال. وقد كان النقاش آنذاك موجّهاً على أنّ شهر رمضان هو ثلاثون يوماً دائماً كما في بعض الروايات. ولكنّه قدس‌سره تبنّى القول بالرؤية واحتجّ في ذلك بالدليل.

وغيرها من الرسائل والأسئلة الفقهية التي كان يتصدّى للإجابة عنها باعتباره زعيماً دينيّاً للطائفة الإمامية في عصره.

منهجية (الاجماعيات) :

ويتميّز المنهج الاستدلالي للشيخ المفيد بكونه ثمرة منهج مدرستين استفاد منهما هما المدرسة الإمامية والمدرسة السنّية. ولذلك صنّف كتاب الإعلام بما اتفقت عليه الإمامية من الأحكام الشرعية ، ممّا اتفقت العامّة على خلافهم فيه. وهو كتاب يحتوي على إجماعيّات الإمامية ، التي حصل للعامّة إجماع على خلافها. وقد فسّر الشيخ قدس‌سره مراده بـ : «العامّة» ، كالتالي : «ولم أرد بالعامّة فيما سلف ، ولا أعني فيما يستقبل : الحنبليّين دون الشافعيّين ، ولا العراقيّين دون المالكيّين ، ولا متأخّراً دون متقدّم ، ولا تابعيّاً دون من نُسب إلى الصحبة. بل ، اُريد بذلك كلّ من كانت له فتيا في أحكام الشريعة ، وأخذ عنه قوم من أهل الملّة ، ممّن ليس له حظّ في الإمامة من آل محمّـد صلى الله عليه وعليهم ، أو كان معروفاً بالأخذ عن آل محمّـد عليهم‌السلام خاصّة» (١). ولو عُدّت تلك الإجماعات ضمن الطائفة فإنّها لا تعدو مائة فرع ، علماً بأنّ الفروع الفقهية تفوق الآلاف. بمعنى أنّ المسائل

__________________

(١) الإعلام بما اتفقت عليه الامامية : ٥.

۱۲۵

المتّفق عليها بين فقه المذاهب الإسلامية ـ شيعية وسنّية ـ أكثر وأعمّ وأشمل ، وهو ما يجعلنا نؤمن بأنّ المذاهب الإسلامية أخذت من مذهب أهل البيت عليهم‌السلام. وتلك المسائل الفقهية التي اتفقت العامّة على خلاف الإمامية فيها هو من اجتهادات أئمّة المذاهب أنفسهم.

وهذا الكتاب يختلف عن محاولة السيّد المرتضى (ت ٤٣٦ هـ) في كتابه الانتصار الذي جمع فيه الاجماعيّات المجرّدة التي أجمعت عليه الإمامية ، ويختلف عن محاولة الشيخ الطوسي في الخلاف والعلاّمة الحلّي في تذكرة الفقهاء حيث جُمعت فيهما الخلافيّات التي اختلف فيها الفقهاء من المدرستين الشيعية والسنّية فقط. لكن الشيخ المفيد قدس‌سره جمع في كتابه هذا اجماعيّات الشيعة التي قابلتها إجماعيّات العامّة. ومقتضى الأمر أنّ الشيخ المفيد قدس‌سره كان مطّلعاً بدقّة على أفكار المدرستين الإمامية والسنّية. وإلاّ ، فإنّ طرق هذا الباب صعبٌ للغاية.

قال في باب أحكام الحجّ : «لم يجمع العامة في هذا الباب على خلاف ما اتّفقت الإمامية عليه إلاّ في مسألة واحدة ... وأمّا ما سواها من أحكام الحجّ فليس للإمامية على الإطباق فيه قولٌ إلاّ وكافّة العامّة توافقهم عليه أو بعضهم ، حسب ما قدّمناه» (١).

وقال في باب أحكام البيوع : «وليس في أحكام البيوع اتفاق على شيء ، في خلافه إجماع من العامّة فأذكره على التفصيل ، وكلّ مسألة في هذا الباب اتّفق أهل الامامية عليها على قول فيها أو اختلفوا ، ففيها إجماع من العامّة او اختلاف» (٢).

__________________

(١) الإعلام بما اتفقت عليه الامامية : ٣٤.

(٢) الإعلام بما اتفقت عليه الامامية : ٣٥.

۱۲۶

منهجية كتاب المقنعة :

على أنّ أهمّ كتب الشيخ المفيد قدس‌سره الفقهية هو كتاب المقنعة ، وهو كتاب فقهيٌّ يحتوي على الأحكام الشرعية المجرّدة عن الاستدلال. يقول قدس‌سره في منهجية تأليفه إنّه ألّفه : «امتثالاً لما رسمه السيّد الأمير الجليل أطال الله في عزّ الدين والدنيا مدّته ... من جمع مختصر في الأحكام ، وفرائض الملّة ، وشرائع الإسلام ، ليعتمده المرتاد لدينه ، ويزداد به المستبصر في معرفته ويقينه. ويكون إماماً للمسترشدين ، ودليلاً للطالبين ، وأميناً للمتعبّدين ، يفزع إليه في الدين ، ويقضي به على المختلفين. وأن أفتتحه بما يجب على عامّة المكلّفين من الاعتقاد ، الذي لا يسع إهماله البالغين. إذ هو أصل الإيمان ، والأساس الذي عليه بناء جميع الأديان ، وبه يكون قبول الأعمال ، ويتميّز الهدى من الضلال» (١).

ويحتوي الكتاب على قسمين ، الأوّل : في أصول الدين. في التوحيد والنبوّة والإمامة والمعاد. والثاني : في فروع الدين والأحكام من كتاب الصلاة وحتّى كتاب الفرائض والوصايا. وهذا الكتاب يعبّر عن محاولة الشيخ المفيد قدس‌سره لصياغة رسالة عملية جامعة لكلّ أبواب الفقه ممّا يحتاجه المكلّف في دينه ودنياه.

ومنهج الكتاب أنّه يستدلّ على الأكثر في المستحبّات والمسنونات من الأعمال والأذكار ، بينما يعرض الأحكام الواجبة كما هي دون استدلال. وقد جمع بين الفقه والفتوى. فقد كان القدماء كالشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) والسيد المرتضى (ت ٤٣٦ هـ) ممّن يفرّقون بين «الفقه»

__________________

(١) المقنعة : ٢٧.

۱۲۷

و «الفتوى». و «الفقه» يعبّر عن المسائل الفقهية على نسق الواجبات والمحرّمات المنصوصة التي لا تحتاج إلى جهد استدلالي أو نظر اجتهادي. بينما تعبّر «الفتوى» عن مسائل غير معنونة في النصوص تسمّى بالزيادات على الفقه.

ولذلك تجد في نهاية كتاب الصلاة باب «٣٥» زيادات ، وفي نهاية كتاب الزكاة باب «٣٨» زيادات ، وفي نهاية كتاب الصوم باب «٣٧» زيادات ، وهكذا. وهذا المنهج يختلف عن منهج أهل الحديث من فقهائنا ، حيث صنّفوا كتبهم على أساس المسائل المنصوص عليها ، وإيراد الفاظ الحديث الدالّة على الحكم غالباً ، كما نرى ذلك في الكافي ، ومن لا يحضره الفقيه ، والاستبصار ، والتهذيب. بينما التزم الشيخ المفيد توضيح المسائل والأحكام بصورة تبيّن اختلاف عصر الغيبة عن عصر النصّ.

أمّا كتاب أحكام النساء للشيخ المفيد قدس‌سره فهو من الكتب الفقهية الفريدة التي اهتمّت بمسائل النساء ومشاكلهنّ الشرعية. وقد ذكر المصنّف أنّه ألّفه بإشارة ورغبة من «السيدة الجليلة» التي دعا لها بالتوفيق. ولا يهمّنا من هي تلك «السيدة الجليلة» بقدر ما يهمّنا أنّه ذكر الأحكام المرتبطة بالنساء مرتّبة على الكتب الفقهية من الطهارة إلى الديّات ، وقرنها كثيراً بأحكام الرجال أيضاً.

وبالإجمال ، فإنّ منهجية الشيخ المفيد قدس‌سره تمثّلت بعرض الأحكام الشرعية عرضاً مجرّداً عن الاستدلال ، ومجرّداً عن سلسلة الأسانيد في الروايات. فقد كان الاختصار والابتعاد عن الإسهاب والإطناب من خصائص منهجية ذلك الشيخ الجليل رضي‌الله‌عنه.

٢ ـ السيّد المرتضى : علم الهدى (ت ٤٣٦ هـ) وكتابه الفقهي

۱۲۸

الانتصار في انفرادات الإمامية وجمل العلم والعمل ، والمسائل الناصرية. درس مع أخيه الشريف الرضي عند الشيخ المفيد.

وكتاب الانتصار في انفرادات الإمامية صنّفه للأمير عميد الدين في بيان الفروع التي اُتّهم فيها الشيعة بمخالفتهم للإجماع. فأثبت أنّ في تلك الفروع موافقاً من فقهاء سائر المذاهب ، وإنّ لهم عليها حجّة قاطعة من الكتاب والسنّة.

حاول السيّد المرتضى (ت ٤٣٦ هـ) تطوير المنهج الفقهي من حيث الاستدلال وإرجاع الفروع إلى الأصول ، محاولاً في ذلك تتميم ما قام به استاذه الشيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ).

٣ ـ الشيخ أبو الصلاح الحلبي (ت ٤٤٧ هـ) من تلامذة السيّد المرتضى والشيخ الطوسي. وصفه الشهيد الثاني بأنّه خليفة المرتضى في البلاد الشامية. كتابه الفقهي الكافي.

٤ ـ الشيخ الديلمي : أبو يعلى حمزة بن عبـد العزيز الملقّب بـ : «سلاّر» (ت ٤٤٨ هـ) ، وكتابه المراسم العلوية في الأحكام النبوية. وهو كتاب مختصر يتناول أحكام العبادات والمعاملات. ذكر فيه أنّ له كتاباً كبيراً في الفقه لم يصلنا.

يقول قدس‌سره في شرح منهجيته العلمية وتبويبه لأبواب كتاب المراسم العلوية : «وقد عزمت على جمع كتاب مختصر يجمع كلّ رسم ويحوي كلّ حتم من الشريعة. وأبنيه على القسمة ليقرب حفظه ويسهل درسه ، ومن الله أستمد المعونة والتسديد ...

أقول : أوّلاً : إنّ الرسوم الشرعية تنقسم قسمين : عبادات ومعاملات. فالعبادات تنقسم ستّة أقسام : طهارة ، وصلاة ، وصوم ، وحجّ ، واعتكاف ،

۱۲۹

وزكاة. والمعاملات تنقسم قسمين : عقود وأحكام. فالعقود : النكاح وما يتبعه ، والبيوع وما يتبعها ، والإجارات وأحكامها ، والإيمان والنذور ، والعتق والتدبير ، والمكاتبة ، والرهون ، والوديعة ، والعارية ، والمزارعة ، والمساقاة ، والإجارات ، والضمانات ، والكفالات ، والحوالات ، والوكالات ، والوقوف ، والصدقات ، والهبات ، والاقرارات ، والوصايا. وإن قيل إنّ العقود التي هي الإيمان والنذر إيقاعات ، دخل معها الطلاق والعتاق وما في حكمها. وما عدا ذلك أحكام. وهذا القسم يشتمل على جنايات وغير جنايات. وغير الجنايات : الذبائح والإرث والقضاء» (١).

ومنهجية «سلاّر» امتداد طبيعي لمنهجية أسلافه من الفقهاء القدماء كالصدوقين ، والمفيد ، وأبو الصلاح في اختصار الألفاظ ومحاولة اختزال الاستدلال وضغطه إلى أبعد الحدود.

٥ ـ الشيخ أبو جعفر الطوسي : شيخ الطائفة (ت ٤٦٠ هـ) درس عند الشيخ المفيد والسيّد المرتضى. جمع الروايات في كتابيه التهذيب في عشرة أجزاء ، والاستبصار في أربعة أجزاء. وفي الفقه كتابيه : المبسوط في فقه الإمامية والنهاية في مجرّد الفقه والفتاوى.

وبقي كتاب النهاية في مجرّد الفقه والفتاوى محور البحث والتدريس والشروح في الحوزة العلمية الإمامية ، حتّى ظهر كتاب شرائع الإسلام للمحقّق الحلّي فاستعيض عن مؤلَّف شيخ الطائفة وأصبح الكتاب الجديد من الكتب الدراسية في الفقه الإمامي. ويحوي كتاب النهاية على «٢٢» كتاباً في مسائل الفقه موزّعاً على «٢١٤» باباً.

__________________

(١) المراسم العلوية : ٢٨ بتصرف.

۱۳۰

أمّا المبسوط في فقه الإمامية ـ وهي موسوعة فقهية في «٨» أجزاء بالطبعة الحديثة ـ وتشتمل على جميع أبواب الفقه. قال في مقدّمته : «كنتُ عملتُ على قديم الوقت كتاب النهاية ، وذكرت جميع ما رواه أصحابنا في مصنّفاتهم وأصولها من المسائل ، وفرقوه في كتبهم ، ورتّبته ترتيب الفقه ، وجمعتُ فيه النظائر ... ولم اتعرّض للتفريع على المسائل ولا لتعقيد الأبواب ، وترتيب المسائل وتعلّقها والجمع بين نظائرها. بل أوردت جميع ذلك أو أكثره بالالفاظ المنقولة ، حتّى لا يستوحشوا من ذلك وعملتُ بآخره مختصر جمل العقود ، وفي العبارات سلكتُ فيه طريق الإيجاز والاختصار ، وعقود الأبواب في ما يتعلّق بالعبادات ووعدتُ فيه أن أعمل كتاباً في الفروع خاصّة ، يضاف إلى كتاب النهاية ، ويجتمع مع ما يكون كاملاً كافياً في جميع ما يحتاج إليه.

ثمّ رأيت أنّ ذلك يكون مبتوراً يصعب فهمه على الناظر فيه ؛ لأنّ الفرع إنّما يفهمه إذا ضبط الأصل معه ، فعدلتُ إلى عمل كتاب يشتمل على عدد جميع كتب الفقه التي فصّلها الفقهاء ، وهى نحو من ثمانين كتاباً أذكر كلّ كتاب منه على غاية ما يمكن تلخيصه من الألفاظ ، واقتصرتُ على مجرّد الفقه دون الأدعية والآداب ، واعقد فيه الأبواب وأقسم فيه المسائل ، وأجمع بين النظائر واستوفيه غاية الاستيفاء ، وأذكر أكثر الفروع التي ذكرها المخالفون ، وأقول ما عندي على ما يقتضيه مذهبنا ويوجبه أصولنا بعد أن أذكر جميع المسائل ...» (١).

ونستطيع تشخيص منهج المبسوط في فقه الإمامية عبر النقاط التالية :

__________________

(١) المبسوط : المقدمة ، ١ / ٢ ـ ٣.

۱۳۱

أوّلاً : عدم الجمود على ألفاظ النصوص.

وقد وصف الشيخ الطوسي الحالة السائدة في زمانه بأنّ أحدهم يستوحش لو بُدِّل لفظ مكان لفظ آخر.

ثانياً : تفريع المسائل وتشعيبها بصورة جديدة.

فقد كان المتقدّمون من الفقهاء يقتصرون على الفروع المذكورة في النصوص ، لكنّهم يعرضون عن تفريع فروع جديدة على تلك الفروع. وبذلك يستنتجون أحكاماً جديدة لم يتعرّض لها النصّ بدلالة المطابقة. ولكن الشيخ الطوسي قدس‌سره نحى منحىً جديداً في تفريع المسائل واستنتاج أحكام جديدة لم يتعرّض لها النصّ بدلالة المطابقة.

ثالثاً : محاولة جمع أبواب الفقه جمعاً جديداً ، بضمّ المسائل بعضها إلى بعض ، وجمع النظائر ، وتفريق المتغايرات.

وقد وعد الشيخ الطوسي قدس‌سره في المقدّمة بأن يجمع شتات الأشباه والنظائر في الفقه. ويبوّب كلّ ذلك في أبواب خاصّة بعد ما أكثر الفروع واستحدثها.

رابعاً : معالجة مدلول النصّ معالجة أصولية.

وبذلك فقد فتح للاستنباط أبواب جديدة من خلال استخراج القواعد التي يستفيد منها الفقيه في عملية الاستنباط والبحث عن الدليل.

واستخدم الشيخ الطوسي في كتاب الخلاف في الاحكام أُسلوب الفقه المقارن. فأورد فيه آراء الفقهاء من المذاهب الأُخرى بالعرض والنقد والاستدلال. ويطلق على نفس الكتاب عنوان مسائل الخلاف أيضاً. وهو مرتّب على ترتيب كتب الفقه أوّله : «الحمد لله حقّ حمده ... سألتم أيّدكم الله إملاء مسائل الخلاف بيننا وبين من خالفنا من جميع الفقهاء وذكر

۱۳۲

مذهب كلِّ من خالف على التعيين ، وبيان الصحيح منه وما ينبغي أن يعتقد. وأن أقرن كلّ مسألة بدليل يحتجّ به على كلِّ من خالفنا ويوجب العلم من ظاهر القرآن أو السنة المقطوع بها ، أو دليل خطاب أو استصحاب حال على ما ذهب إليه الأكثر من أصحابنا أو دلالة أصل أو فحوى خطاب ، وأن أذكر خبراً عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). وإن كانت المسألة مسألة إجماع من الفرقة المحقّة ذكرت ذلك ، وإن كان فيها خلاف بينهم أومأت إليه» (١).

وقد صرّح فيه بأنّه ألّفه بعد كتابي التهذيب والاستبصار وناظر فيه المخالفين جميعاً (٢) ، وهو في مجلّدين.

ولشيخ الطائفة أيضاً كتاب الجمل والعقود في العبادات. ألّفه بطلب من تلميذه وخليفته في بلاد الشام القاضي عبـد العزيز بن البرّاج قاضي طرابلس (ت ٤٨١ هـ) ، كما صرّح بذلك في قوله : «... فإنّي مجيب إلى ما سأل الشيخ الفاضل أطال الله بقاءه من املاء مختصر يشتمل على ذكر كتب العبادات وذكر عقود أبوابها وحصر جملها وبيان أفعالها ، وانقسامها إلى الأفعال والتروك ، وما يتنوّع إلى الوجوب والندب ، وأن أضبط أبوابها بالعدد ، ليسهل على من يريد حفظها» (٣). فأُخرجَ أُصول المسائل الفقهية في عبارات مقتضبة وأُدرجها في فصول وعقود خاصّة. حيث شرع في الفقه من أوّل كتاب الطهارة إلى آخر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

٦ ـ القاضي عبـد العزيز الحلبي : سعد الدين أبو القاسم عبـد العزيز ابن نحرير ، ابن البرّاج الطرابلسي (ت ٤٨١ هـ) تتلمذ على يدي السيّد

__________________

(١) الخلاف : ٦.

(٢) الذريعة إلى تصانيف الشيعة ٧ / ٢٣٥ رقم ١١٣٧.

(٣) الجمل والعقود : ١٥٥ ضمن الرسائل العشرة.

۱۳۳

المرتضى والشيخ الطوسي. اُرسل من قبل الشيخ الطوسي إلى مدينة «حلب» موطنه ، وبقي في طرابلس قاضياً مدّة عشرين سنة. له كتابان في الفقه : المهذّب وجواهر الفقه ؛ وكتب أخرى كـ : المعتمد ، والروضة ، والمقرّب ، وعماد المحتاج في مناسك الحاج ، والجواهر في الفقه ، والمعالم ، وشرح جمل العلم والعمل وغيرها (١). ولم يصلنا إلاّ كتاب الجواهر في الفقه ، والمهذّب ، وشرح جمل العلم والعمل.

وكتاب المهذّب يحتوي على دورة فقهية كاملة في مجلّدين ، ويتميّز بعرض دقيق ومعمّق لمطالب الفقه الرئيسية. وهو حصيلة ممارسة فقهية طويلة. فقد اشتغل المصنّف بالقضاء ردحاً من الزمن قُدر بثلاثين سنة. فيكون الكتاب مرآة علمية تاريخية لمجتمع القرن الخامس الهجري في الشام وما كان يحمله من مشاكل وصعوبات ومنازعات وقضايا حقوقية متضاربة او متنازع عليها بين الأفراد. والكتاب وإن لم يفصّل في استدلالاته إلاّ أنّه يناقش آراء الشيخ الطوسي في عدّة من الموارد.

وسوف نعرض بإذنه تعالى نماذج من مناقشات ابن البرّاج مع الشيخ الطوسي ، ضمن مناهج الفقهاء في المدرسة الإمامية. وذلك المستوى من النقاش الاستدلالي في منتصف القرن الخامس الهجري له دلالالته العلمية الكبيرة ، فهو يدلّل على أنّ آفاق الاستدلال الفقهي كانت مفتوحة. وكان أُسلوب الإفحام العلمي ترجع إلى قوّة الدليل العقلي فضلاً عن الدليل الشرعي. يضاف إلى ذلك أنّ أخلاقية البحث العلمي كانت تجبر الشيخ الطوسي على التوقّف والإمساك ، وهو ما عليه من قوّة فكرية وعلمية فائقة.

__________________

(١) معالم العلماء : ٨٠ ، بحار الأنوار ١٠٢ / ٤٤١.

۱۳۴

وكتاب جواهر الفقه لابن البرّاج (ت ٤٨١ هـ) يعدُّ رسالة عملية مختصرة مؤلّفة من «٨٣٩» مسألة في مختلف أبواب الفقه ، جُمعت في (٣٧) باباً ، اقتصر فيه المؤلّف على ذكر الفتيا. ومن المرجح أنها كانت رسالة عملية ، ومن تلك المسائل نعرض نموذجاً :

مسألة : اذا دفع «زيد» إلى «عمرو» ألفين منفردين ، فقال : أحدهما قراض على أن يكون الربح من هذا الألف لي ، وربح الآخر لك. هل يكون ذلك قراضاً صحيحاً أم لا؟

الجواب : هذا قراض غير صحيح ؛ لأنّ من حقِّ القراض الصحيح ، أن يكون ربح كلِّ جزء من المال بينهما. وليس هذا كذلك (١).

مسألة : إذا كانت رائحة ماء الورد قد زالت عنه ، هل يجوز استعماله في الطهارة أم لا؟

الجواب : لا يجوز استعماله في ذلك ، وفي أصحابنا من جوّز استعماله (٢) لأنّه عنده ، بزوال الرائحة عنه يخرج عن كونه مضافاً. وهذا غير صحيح لأنّه ماء ورد ، زالت رائحته أم لم تزل. وليس زوال هذه الرائحة بمخرج له من كونه مستخرجاً من الورد. ومعنى الإضافة ثابت في ذلك (٣).

وهذا الكتاب ابتدأه المصنّف بالطهارة وانتهى بالحدود والشهادات ، واعقبها بباب المعمّيات والألغاز الشرعية «العويص». ويغطّي الكتاب جميع مساحات الفقه ، إلاّ أنّه يضطرب في الترتيب الموضوعي المعروف. فيتقدّم

__________________

(١) جواهر الفقه : ١٢٤ ، مسألة ٤٤٥.

(٢) يقصد الشيخ الصدوق (ت ٣٨١ هـ). قال في كتاب الهداية : «لا بأس أن يتوضّأ بماء الورد للصلاة ويغتسل به من الجنابة».

(٣) جواهر الفقه : ٨ ، مسألة ٥.

۱۳۵

كتاب «الحجّ» كتاب «الصلاة» و «الطهارة» ، و «الإرث» قبل «النكاح» ، و «الجهاد» قبل «البيع».

منهجية القرن الخامس

تميّزت منهجية القرن الخامس الهجري بانفتاح باب الاجتهاد المطلق ، وتنظيم مناهج الاستنباط عبر بناء أصول الفقه ، وتفريع المسائل تفريعاً دقيقاً ، وبناء صرح البحوث المقارنة أو الخلافية بين الإمامية والمذاهب الأربعة. وبذلك تميّزت الصناعة الفنية الاجتهادية ، وانخرط في هذا السلك رجال كان همهم الرئيسي : الاجتهاد من أجل تشخيص عمل المكلّف على الصعيد الشرعي.

وقد انفصلت في هذا القرن البحوث الأصولية عن البحوث الفقهية. نتحسّسُ ذلك بوضوح في كتب السيِّد المرتضى (ت ٤٣٦ هـ) الأصولية وكتب الشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) الفقهية.

فقد قام السيّد المرتضى في الذريعة بدراسة المسائل الأُصولية بشكل مستقل وبطريقة موضوعية شملت مباحث الألفاظ من الأوامر والنواهي ، ودلالات هيئات الألفاظ وموادّها.

ونستطيع ، بالإجمال ، استعراض ملامح تلك المدرسة ضمن النقاط التالية :

أوّلاً : الاستدلال على الحكم الشرعي ضمن قواعد محدّدة وضوابط معيّنة في معالجة النصوص. فقد كان من واجبات الفقيه سابقاً فهم النصوص الشرعية الصحيحة أو الاقتصار على استعراض نصوص الكتاب المجيد والصحيح من السنّة الشريفة. ولكن الأمر تبدّل الآن من حيث فهم

۱۳۶

السند والمتن والدلالة. فأصبحت القاعدة فهم المدلول اللفظي للرواية أوّلاً ، ثمّ تمحيص الحديث من حيث السند والدلالة الأصولية ثانياً.

ثانياً : تفريع المسائل الفقهية بشكل لم يسبق له مثيل. فقد استحدثت فروع جديدة لم تتعرّض لها نصوص الروايات. وكان الشيخ الطوسي قدس‌سره رائداً في ذلك. فقد ذكر في كتابه المبسوط في فقه الإمامية أنّ الذي دعاه إلى تصنيف ذلك الكتاب هو أنّ الإمامية لم يكونوا يفرّعون الفروع إلى زمانه. بل كانوا يقفون عند النصوص الشرعية التي وصلت إليهم عن المتقدّمين من المحدثين ؛ وكان ذلك طعناً على الطائفة. فقام هو قدس‌سره بتصحيح ذلك الخلل المبنائي.

ثالثاً : تأسيس مبادئ الفقه المقارَن عبر مصنّفات عمالقة القرن الخامس ، وهي : الأعلام فيما اتفقت الإمامية عليه من الأحكام ممّا اتفقت العامّة على خلافهم فيه للشيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ) ، والانتصار أو انفرادات الإمامية في بيان الفروع التي شنّع على الشيعة بأنّهم خالفوا فيها الاجماع للسيّد المرتضى (ت ٤٣٦ هـ) ، والخلاف للشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) حيث تناول فيه المسائل الفقهية بين الشيعة الإمامية والمذاهب الأربعة في مختلف أبواب الفقه.

رابعاً : بروز ظاهرة الإيمان بـ : حجية الإجماع بشكل ملحوظ في معرض الاستدلال عند الشيخ المفيد والسيّد المرتضى والشيخ الطوسي. فعند عدم وجود نصّ شرعي في المورد ، أو عدم الاقتناع بسلامة النصّ من حيث السند أو الدلالة ركن فقهاء ذلك العصر إلى الإجماع. وفلسفة الإجماع تفصح عن أنّ الفقهاء ـ في مذهب ما ـ لا يجمعون على حكم من دون وجود نصٍّ مؤيِّد أو دلالة تدلّ على سلامة ذلك الحكم الشرعي. فمن

۱۳۷

غير الممكن أن يخطأ فقهاء الأمّة جميعاً دون أن ينشقّ عليهم أحدٌ ويصيب الواقع. والتمسّك بالإجماع أملاه توسّع البحث الفقهي وتكامله ، وتفتيش الفقهاء عن أدلّة جديدة يسندها الكتاب المجيد والسنّة الشريفة والعقل.

۱۳۸

٦ ـ مدرسة القرن السادس الهجري

تميّزت هذه المدرسة بدقّة مباحثها ، ونضوج أساليبها الاستدلالية ، ومن أبرز علمائها : ابن زهرة ، وابن حمزة الطوسي ، وابن ادريس الحلي ، وأبي المجد الحلبي.

١ ـ السيّد أبو المكارم ابن زهرة (ت ٥٨٥ هـ) حلبي المنشأ.

ذكرت بعض المصادر التاريخية أنّه درس عند الشيخ الطوسي. وهو غير صحيح ؛ لأنّ ولادته كانت سنة ٥١١ للهجرة ، ووفاة الشيخ الطوسي كانت سنة ٤٦٠ هـ. والأقرب أنّه درس عند الشيخ ابن حمزة الطوسي من فقهاء القرن السادس الهجري ، ولابن زهرة كتاب فقهي هو : غنية النـزوع إلى علمي الأصول والفروع ، وهو كتاب كبير يضمّ أقساماً ثلاثة : أصول الدين ، وأصول الفقه ، والفقه. ويحوي القسم الفقهي على دورة فقهية كاملة بعبارة موجزة ، سلك فيه المؤلّف طريقة جديدة حيث حاول إثبات رأيه في المسألة المبحوثة ، بالآيات القرآنية وبما روي من طرق أهل السنّة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). ثمّ أورد ما تواتر عن أهل بيت العصمة والنبوّة عليهم‌السلام. وغالباً ما يتمسّك المصنّف بالإجماع ، او بما ورد في كتب التفسير واللغة لإثبات حجّته.

٢ ـ ابن حمزة الطوسي : عماد الدين (من فقهاء القرن السادس الهجري) وكتابه الفقهي الوسيلة إلى نيل الفضيلة. وله كتب أخرى مثل : الواسطة ، والرائع في الشرائع ، والثاقب في المناقب ، وقضاء الصلاة ، ومسائل في الفقه.

٣ ـ محمّـد بن منصور العجلي : المشهور بابن ادريس الحلّي (ت ٥٩٨ هـ) وهو من أحفاد الشيخ الطوسي من جهة أمّه ، وهو أوّل من

۱۳۹

ناقش آراء شيخ الطائفة وفنّد بعضها. وكتابه الفقهي السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي ، وهو من الكتب الفقهية الفتوائية الاستدلالية ، طبع على الحجر في إيران سنة ١٢٤٧ هـ ، وثانية سنة ١٢٧٠ هـ.

نعرض نموذجاً ، وهو بحثه في النكاح المؤجّل ، فقال : «النكاح المؤجّل مباح في شريعة الإسلام مأذون فيه ، مشروع بالكتاب والسنّة المتواترة بإجماع المسلمين ، إلاّ أنّ بعضهم ادّعى نسخه ، فيحتاج في دعواه إلى تصحيحها ؛ ودون ذلك خرط القتاد. وأيضاً فقد ثبت بالأدلّة الصحيحة أنّ كلّ منفعة لا ضرار فيها في عاجل ولا في آجل مباحة بضرورة العقل. وهذه صفة نكاح المتعة فيجب إباحته بأصل العقل ، فإن قيل : من أين لكم نفي المضرّة عن هذا النكاح في الأجل والخلاف في ذلك؟ قلنا : من ادّعى ضرراً في الأجل فعليه الدليل.

وأيضاً فقد قلنا أنّه لا خلاف في إباحتها من حيث أنّه قد ثبت بإجماع المسلمين ، أنّه لا خلاف في إباحة هذا النكاح في عهد النبي عليه السلام بغير شبهة ، ثمّ ادّعى تحريمها من بعد ونسخها ولم يثبت النسخ. وقد ثبتت الإباحة بالإجماع ، فعلى من ادّعى الحظر والنسخ ، الدلالة. فإن ذكروا الأخبار التي رووها في أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حرّمها ونهى عنها ، فالجواب عن ذلك أنّ جميع ما يروونه من هذه الأخبار ـ إذا سلمت من الضعف والمطاعن ـ أخبار آحاد. وقد بيّنت أنّها لا توجب علماً ولا عملاً في الشريعة ، ولا يرجع بمثلها عمّا علم وقطع عليه.

أيضاً قوله تعالى بعد ذكر المحرّمات من النساء : (وَأُحِلَّ لَكُم مَا وَرَاءَ ذلِكُمْ أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيَما تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن

۱۴۰

بَعْدِ الْفَرِيضَةِ) (١) ولفظة (اسْتَمْتَعْتُمْ) لا تعدو وجهين : إمّا أن يراد بها الانتفاع والالتذاذ الذي هو أصل موضوع اللفظة ، أو العقد المؤجّل المخصوص الذي اقتضاه عرف الشرع.

ولا يجوز أن يكون المراد هو الوجه الأوّل. لأمرين :

أحدهما : إنّه لا خلاف بين محصّلي من تكلّم في أصول الفقه في أنّ لفظ القرآن إذا ورد وهو محتمل لأمرين أحدهما وضع اللغة والآخر عرف الشريعة ، فإنّه يجب حمله على عرف الشريعة. ولهذا حملوا كلّهم لفظ صلاة وزكاة وصيام وحجّ على العرف الشرعي دون الوضع اللغوي. وأيضاً فقد سبق أنّ القول بإباحة ذلك جماعة معروفة الأقوال من الصحابة والتابعين كأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، وابن عباس ومناظراته لابن الزبير معروفة رواها للناس كلّهم ، ونظم الشعراء فيها الأشعار فقال بعضهم :

أقـول للشيخ لمـا طـال مجلسه

يا شيخ هل لك في فتوى ابن عبّاس

وعبد الله بن مسعود ، ومجاهد ، وعطاء ، وجابر بن عبدالله الأنصاري ، وسلمة بن الأكوع ، وأبي سعيد الخدري ، والمغيرة بن شعبة ، وسعيد بن جبير ، وابن جريج. وقد ذكر العلاّمة الأخباري أبو جعفر محمّـد بن حبيب المتوفّى ٢٤٥ هـ في كتابه المحبر جملة من الصحابة الذين أباحوا المتعة : خالد بن عبدالله الأنصاري ، وزيد بن ثابت الأنصاري ، وعمران الحصين الخزاعي ، وسلمة بن الأكوع الأسلمي ، وعبـد الله ابن العبّاس بن

__________________

(١) سورة النساء ٤ : ٢٤.

۱۴۱

عبـد المطلب رضي‌الله‌عنه ، وابن جريج ، وأنّهم كانوا يفتون بها. فادّعاء الخصم الاتفاق على حظر النكاح المؤجّل باطل» (١).

٤ ـ علاء الدين أبو الحسن علي بن الحسن بن أبي المجد الحلبي (من أعلام القرن السادس الهجري) وكتابه إشارة السبق إلى معرفة الحقّ وهو كتاب في أصول الدين وفروعه إلى الأمر بالمعروف ، فقد جمع في هذا الكتاب العقائد والأحكام. وقد طبع الكتاب ضمن الجوامع الفقهية طبعة حجرية سنة ١٢٧٦ للهجرة ـ ثمّ طبع لاحقاً بشكل منفصل ـ ويضمّ الكتاب مجموعة من المعارف المبسوطة في أصول الدين ، ومجموعة من الأحكام الشرعية المختصرة في الطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحجّ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ويشعر المرء بعد التدقيق بالكتاب أنّ مؤلّفه قصد تصميمه على هذا الشكل أي الانتهاء لحدّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

٧ ـ مدرسة القرن السابع الهجري

وأهمّ فقهائها : المحقّق الحلّي صاحب كتاب الشرائع.

١ ـ المحقّق الحلّي : أبو القاسم جعفر بن حسن بن بحر بن سعيد (ت ٦٧٦ هـ). وكتابه الفقهي شرائع الإسلام في مجلّدين ، وكتاب النافع ، والمعتبر في شرح المختصر ، ونكت النهاية.

وكتاب شرائع الإسلام نظّم الأبواب الفقهية تنظيماً جديداً ، وأخذ به فقهاء الإمامية حتّى اليوم. فقد قُسّمت الابواب الفقهية إلى أربعة أقسام :

__________________

(١) السرائر : ٦١٢.

۱۴۲

الأوّل : العبادات. الثاني : العقود. الثالث : الإيقاعات. الرابع : الأحكام.

ويبرّر المصنّف هذا النمط من التقسيم ، بالصورة التالية : إنّ الحكم الشرعي إمّا أن يتقوّم بقصد القربة أو لا. والأوّل : العبادات. والثاني : أمّا أن يحتاج إلى اللفظ من الجانبين : الموجب والقابل ، أو من جانب واحد ، أو لا يحتاج إلى اللفظ. فالأوّل : العقود. والثاني : الإيقاعات. والثالث : الأحكام. وهذا التقسيم يجمع كلّ أبواب الفقه.

٢ ـ الشيخ ابن ميثم البحراني (ت ٦٧٩ هـ) ، وله كتاب مصباح السالكين.

٣ ـ الشيخ يحيى بن سعيد الحلّي (ت ٦٩٠ هـ) وله كتاب الجامع للشرائع.

٨ ـ مدرسة القرن الثامن الهجري

وتميّز هذا القرن بالتنظيم العلمي للأفكار الفقهية على شكل قواعد وأبواب ، ومن أبرز الفقهاء في هذه المرحلة : العلاّمة الحلّي ، وفخر المحقّقين ، والشهيد الأوّل.

١ ـ العلاّمة الحلّي : الحسن بن يوسف بن علي بن مطهّر (ت ٧٢٦ هـ). وكتبه في الفقه : تذكرة الفقهاء ، والقواعد ، ومنتهى المطلب في تحقيق المذهب ، والمختلف.

وكتاب تذكرة الفقهاء من أضخم كتب الإمامية في الفقه الاستدلالي المقارَن ، يبدأ من الطهارة وحتّى كتاب النكاح. يقول في المقدّمة : «قد عزمنا في هذا الكتاب الموسوم بتذكرة الفقهاء على تلخيص فتاوى العلماء ، وذكر قواعد الفقهاء على أحقّ الطرائق ، وأوثقها برهاناً ، وأصدق الأقاويل

۱۴۳

وأوضحها ... وأشرنا في كلّ مسألة إلى الخلاف ، واعتمدنا في المحاكمة بينهم طريق الإنصاف» (١). ورتّب الكتاب على أربع قواعد ، ذكر في الأولى قضايا العبادات. ووضع تحتها عناوين الطهارة ، والصلاة ، والزكاة ، والخمس ، والصوم ، والحجّ والعمرة. ثمّ ذكر بقية القواعد في العقود ، والإيقاعات ، والأحكام.

أمّا كتاب المختلف فقد بحث فيه المسائل الخلافية بين فقهاء الشيعة بصورة مستقلّة. فقد كثر الاختلاف العلمي بين فقهاء الإمامية نتيجة ابتعادهم عن عصر النصوص ، وتفاوتهم في الإيمان بسلامة بعض الروايات من حيث السند والدلالة. فكان لا بدّ للفقيه من الإلمام بمختلف وجوه الرأي في المسألة الواحدة من أجل استنباط حكمها الشرعي. فكان كتاب المختلف من المحاولات الرائدة في جمع المسائل المختلف فيها بين علماء الإمامية.

٢ ـ فخر المحقّقين : محمّـد بن الحسن الحلّي (ت ٧٧١ هـ) ابن العلاّمة الحلّي (ت ٧٢٦ هـ). وكتابه الفقهي إيضاح الفوائد في شرح اشكالات القواعد.

٣ ـ الشهيد الأوّل : محمّـد بن مكّي العاملي (ت ٧٨٦ هـ) وكتبه الفقهية : اللمعة الدمشقية ، والدروس الشرعية في فقه الإمامية ، والذكرى ، والبيان.

واللمعة الدمشقية رسالة فقهية ملخّصة ، جمع فيها المصنّف أبواب الفقه ولخّص فيها مسائله وأحكامه. وقد جمعت اللمعة بين الوجازة

__________________

(١) تذكرة الفقهاء ١ / ٤.

۱۴۴

والاختصار ، وحسن التعبير ، وروعة التنسيق بين الأبواب والأحكام والمسائل. وتتميّز اللمعة الدمشقية بميزتين :

الأولى : التنظيم الفنّي للمسائل الفقهية.

الثانية : الصياغة الرائعة للتعبيرات الفقهية.

وقد اتّبع الشهيد الأوّل في منهج اللمعة الدمشقية أسلوب المحقّق الحلّي في تنظيم الأبواب الفقهية الذي استخدمه في المختصر النافع. وكان منهج المصنّف مرتّباً بصورة موضوعية. فهو يعرض الأحكام العامّة في الباب الفقهي ، ثمّ يعرض ما يتبعه من ملحقات ، ثمّ يتبعها بعرض المسائل المرتبطة بتلك الأحكام ، ثمّ يعرض المستحبّات والمكروهات الخاصّة بالباب.

ولكتاب اللمعة الدمشقية شروح عديدة ، أهمّها : الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية للشهيد الثاني ، ومنها : شرح العالمة الأصفهانية ابنة المولى الأصفهاني المعاصرة لصاحب الرياض ، ومنها : شرح والد صاحب الحدائق (١).

أمّا كتاب الدروس الشرعية في فقه الإمامية فهو كتاب فقهي من الطهارة وحتّى الرهون ، لم يكمله المصنّف في حياته. وأهمّ الشروح عليه : مشارق الشموس في شرح الدروس. وكتاب الدروس من الكتب الفقهية الشاملة لكثير من الفروع التي يحتاجها المكلّف زمن المصنّف. ويعدُّ كتاباً مختصراً لكتابه الاستدلالي المفصّل ذكرى الشيعة. وقد حال استشهاده بينه وبين اتمامه. فقام السيّد جعفر بن أحمد الملحوس الحسيني الحلّي

__________________

(١) الروضة البهية ١ / ١١١.

۱۴۵

بتكملته ، فكتب تكملة الدروس وهو من الضمان إلى الديّات.

وقد حوى الجزء الأوّل من الدروس على (١٢٦) درساً في الطهارة والصلاة والصوم والزكاة والخمس والحجّ. وقد طغى على الكتاب الطابع الفتوائي الذي ينعكس في عبارات الفقهاء مثل : الأقوى ، والأجود ، والأظهر ، والأشبه ، والأقرب ونحوها. فيقول مثلاً : في التيمّم : «لا يعيد المتيمّم لزحام عرفة أو الجمعة أو مع نجاسة ثوبه على الأقوى» (١). وفي تغسيل أحد الزوجين للآخر : «والأظهر أنّه من وراء الثياب» (٢). وفي صلاة الميّت : «الأجود ترك ما لا يترك في ذات الركوع والإبطال بما يبطل به خلا ما يتعلق بالحدث والخبث» (٣).

أمّا كتاب ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة فقد خرج منه الطهارة والصلاة فقط (٤).

بينما ضمَّ كتاب القواعد والفوائد ما يقرب من (٣٠٠) قاعدة فقهية وفوائد وتنبيهات (٥).

٩ ـ مدرسة القرن التاسع الهجري

ومن أبرز فقهائها : المقداد السيوري ، وابن فهد الحلّي.

١ ـ الفاضل المقداد بن عبـد الله السيوري (ت ٨٢٦ هـ). وكتابه الفقهي : نضد القواعد الفقهية على مذهب الإمامية. وله كتب أخرى مثل :

__________________

(١) الدروس : ٢٠.

(٢) الدروس : ٩.

(٣) الدروس : ٦١.

(٤) الذريعة إلى تصانيف الشيعة ١٠ / ٤٠ رقم ٢٢١.

(٥) الذريعة إلى تصانيف الشيعة ٦ / ١٧٣ رقم ٩٤٣.

۱۴۶

كنـز العرفان في فقه القرآن ، والتنقيح الرائع في شرح المختصر النافع.

وكتاب نضد القواعد الفقهية يشتمل على ترتيب كتاب القواعد والفوائد للشهيد الأوّل محمّـد بن مكّي العاملي (ت ٧٨٦ هـ). فهو يرتّب أبواب الفقه والأصول ضمن ضوابط أصولية كليّة وفرعية تستنبط منها الأحكام الشرعية. يقول في سبب التأليف : «... كان شيخنا الشهيد الأوّل قدس‌سره قد جمع كتاباً يشتمل على قواعد وفوائد في الفقه تأنيساً للطلبة بكيفية استخراج المعقول من المنقول وتدريباً لهم في اقتناص الفروع من الأصول ، لكنّه غير مرتّب ترتيباً يحصله كلّ طالب وينتهز فرصة كلّ راغب ، فصرفتُ عنان العزم إلى ترتيبه وتهذيبه وتقريبه ...» (١).

ويحتوي الكتاب على مقدّمة حول أغراض الأحكام الشرعية ومطلبين «اسماها قطبين» الأوّل : في القواعد العامّة وما يتفرّع عليها ، وهي ضوابط أصولية كلّية. والثاني : في العبادات وغيرها من أبواب الفقه ، وهي مصاديق جزئية في المسائل الفقهية.

٢ ـ ابن فهد الحلي جمال السالكين أبو العبّاس أحمد (ت ٨٤١ هـ). وكتابه الفقهي المهذّب البارع في شرح المختصر النافع.

١٠ ـ مدرسة القرن العاشر الهجري

ومن أبرز فقهاء هذه المدرسة : المحقّق الكركي ، والشهيد الثاني ، والمقدّس الأردبيلي.

١ ـ المحقّق الكركي : الشيخ علي بن عبـد العالي المعروف بالمحقّق

__________________

(١) نضد القواعد الفقهية : ٤.

۱۴۷

الثاني (ت ٩٤٥ هـ) ، وكتابه الفقهي جامع المقاصد في شرح القواعد. وهو كتاب فقهي استدلالي مبسوط ، يشرح فيه كتاب قواعد الأحكام للعلاّمة الحلّي (ت ٧٢٦ هـ). ويتعرّض المصنّف فيه إلى شرح كلام العلاّمة قدس‌سره في القواعد مستعرضاً آراء الفقهاء في مختلف المسائل ويناقشها مناقشة استدلالية. ويحتوي الكتاب على كتب فرعية هي : الطهارة ، والصلاة ... حتّى كتاب النكاح ولكن لم يكمله. فقام المحقّق الهندي (ت ١١٣٧ هـ) بإتمامه في كتاب كشف اللثام.

٢ ـ الشهيد الثاني : زين الدين الجبعي العاملي (ت ٩٦٥ هـ) ، له كتب : الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ، ومسالك الأفهام في شرح شرائع الإسلام ، وروض الجنان في شرح إرشاد الأذهان ، وتمهيد القواعد الأصولية والعربية ، والعديد من الحواشي والشروح.

الروضة البهية :

والروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية هي شرح مزجي استدلالي مختصر كتاب اللمعة الدمشقية ، وتتميّز بالاختصار والشمول والاستيعاب.

ومنهجية الكتاب تسير على طريق استخدام قوّة التعبير ، والاشارة إلى الدليل ، وعرض الآراء الفقهية المهمّة ؛ ثمّ نقد آراء الشهيد الأوّل ـ مصنّف المتن ـ وإظهار رأي الشارح. وقد ذكر الشيخ آغا بزرك الطهراني ما يقرب من تسعين حاشية وشرح عليه (١).

يقول في مقدّمة الكتاب شارحاً منهجه : «هذه تعليقةٌ لطيفةٌ ، وفوائد

__________________

(١) الذريعة إلى تصانيف الشيعة ١١ / ٢٩٠ رقم ١٧٥٧ ، ٦ / ٩٠ ـ ٩٨ ، ١٣ / ٢٩٢ ـ ٢٩٦.

۱۴۸

خفيفة اضفتها إلى المختصر الشريف والمؤلَّف المنيف المشتمل على أمّهات المطالب الشرعية الموسوم بـ : اللمعة الدمشقية .... جعلتها جاريةً له مجرى الشرح الفاتح لمغلقه ، والمقيِّد لمطلقه ، والمتمّم لفوائده ، والمهذِّب لقواعده ، ينتفع به المبتدي ويستمدُّ منه المتوسّط والمنتهي ...» (١).

ومن المفيد أن نعرض نموذجاً بقلمه :

يقول المصنّف في شرحه على وجوب التيمّم بالتراب الطاهر والحجر : «[يجب] التيمّم [بالتراب الطاهر والحجر] ؛ لأنّه من جملة الأرض إجماعاً ، والصعيد المأمور به هو وجهها ؛ ولأنّه ترابٌ اكتسبَ رطوبةً لزجةً وعملت فيه الحرارةُ فأفادته استمساكاً. ولا فرق بين أنواعه من رُخام وبِرام (٢) وغيرهما ، خلافاً للشيخ [الطوسي] حيث اشترط في جواز استعماله فَقْدَ التراب. أمّا المنع منه مطلقاً (٣) فلا قائل به. ومن جوازه بالحجر يُستفاد جوازه بالخزف بطريق أولى ، لعدم خروجه بالطبخ عن اسم الأرض وإن خرج عن اسم التراب. كما لم يخرج الحجر مع أنّه أقوى استمساكاً منه ، خلافاً للمحقّق في المعتبر محتجّاً بخروجه مع اعترافه بجواز السجود عليه. وما يخرج عنها بالاستحالة يمنع من السجود عليه ، وإن كانت دائرة السجود أوسع بالنسبة إلى غيرها» (٤).

ونستلهم من هذا النصّ طبيعة المنهج العلمي الذي استخدمه الشهيد

__________________

(١) الروضة البهية في شرح اللمعة ١ / ٢١٥.

(٢) بِرام : نوع من الحجر تصنع منه الآلات الحجرية.

(٣) أي بوجود التراب او بعدم وجوده.

(٤) الروضة البهية في شرح اللمعة ١ / ٤٥٠.

۱۴۹

الثاني قدس‌سره في الكتابة :

أوّلاً : الاستدلال بالنص ، والعقل ، والإجماع على جواز التيمّم بالحجر. فقد استدلّ بالإجماع على أنّه من جملة الأرض ، وبالعقل على أنّه تراب اكتسب رطوبة لزجة وعملت فيه الحرارة فأفادته استمساكاً ، وبالنصّ على أنّ الصعيد في قوله تعالى : (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) (١٤٢) هو وجه الأرض.

ثانياً : التعدّي عن مورد النصّ من جواز التيمّم بالحجر إلى جواز التيمّم بالخزف ؛ لعدم خروج الخزف بالطبخ عن اسم الأرض وإن خرج عن اسم التراب.

ثالثاً : ناقش رأي المحقّق الحلّي قدس‌سره الذي يقول بخروج الخزف من الأرض وعدم صدقها عليه بسبب الطبخ. فتسائل المصنّف : كيف يُخرج المحقّق الخزف من عنوان الأرض ، في الوقت الذي يجوّز فيه السجود على الأرض؟ فإنّ ما يخرج عن الأرض بالاستحالة يمنع من السجود عليه!

بقية أعمال الشهيد الثاني :

ومسالك الأفهام في شرح شرائع الإسلام شرح مزجي لكتاب شرائع الإسلام للمحقّق الحلّي. وكان منهجه الاختصار في الشرح في أوائل الكتاب ، لكنّه استدرك وبدّل منهج الاختصار وبدأ بالإطناب. فأخذ الكتاب في التوسّع حتّى أصبح كتاباً ضخماً في مجلّدين بالطبعة الحجرية.

وكتاب روضة الجنان في شرح إرشاد الأذهان وهو شرح مزجي

__________________

(١) سورة النساء ٤ : ٤٣.

۱۵۰

استدلالي خرج منه مجلّد في الطهارة والصلاة. طبع مع كتاب منية المريد للمصنّف في إيران سنة ١٣٠٧ هـ.

وكتاب تمهيد القواعد الأصولية والعربية يشتمل على قسمين. الأوّل : يتضمّن مائة قاعدة أصولية وما يتفرّع عليها من أحكام. والثاني : مائة قاعدة من القواعد العربية ، ويليهما فهرس مبسوط لتسهيل استخراج مطالب الكتاب. طبع مع كتاب الذكرى سنة ١٢٧٢ هـ في إيران (١).

ومنهج الشهيد الثاني هو شرح المتون والتعليق عليها بكتابة الحواشي. كما لاحظنا ذلك في شرح اللمعة الدمشقية ، وشرح شرائع الإسلام ، وشرح إرشاد الأذهان. وينطبق الأمر أيضاً على الحواشي التي كتبها على كتب : قواعد الأحكام ، والشرائع ، والإرشاد.

٣ ـ المقدّس الأردبيلي : أحمد بن محمّـد (ت ٩٩٣ هـ) ، له كتاب مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان ، وزبدة البيان في أحكام القرآن.

مجمع الفائدة والبرهان :

وكتاب مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان هو شرح استدلالي معمّق لكتاب إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان للعلاّمة الحلّي (ت ٧٢٦ هـ). ويتضمّن أغلب أبواب الفقه عدا بعض الأبواب التي فقدت بتلف الصحف التي دوّنت عليها ، كأبواب النكاح والطلاق والعتق والعطايا والوصايا.

__________________

(١) الذريعة إلى تصانيف الشيعة ٤ / ٤٣٣ رقم ١٩٢٣.

۱۵۱

ففي كتاب «الطهارة» ، نعرض جانباً من منهجه الاستدلالي. يقول في شرحه للمطهّرات : «ومن المطهّرات : الاستحالة (بصيرورة) الخمر خلاًّ عند القائلين بنجاستها إذا كانت بنفسها ، أو بالعلاج بنحو الخلّ القليل.

الدليل الأوّل : إجماع المسلمين. والثاني : إجماعنا ، قاله في المنتهى ، والأخبار الصحيحة مثل خبر عبـد العزيز بن المهتدي قال : كتبتُ إلى الرضا عليه‌السلام : جعلتُ فداك العصير يصيرُ خمراً فيصبُّ عليه الخلّ وشيء يُغيّره حتّى يصيرَ خلاًّ. قال : لا بأس (١).

والاجتناب عن الأخير (٢) أفضل للخبر الصحيح الدالّ على المنع حينئذ ، وحمل على الاستحباب للجمع.

قال في المنتهى : يستحبّ تركه لينقلب من نفسه ، كما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير عن أبي عبـد الله عليه‌السلام سئل عن الخمر يجعل فيها الخَلّ فقال : لا ، إلاّ ما جاء من قبل نفسه (٣). واعلم أنّه لا إشعار في هذه الأخبار على الطهارة والنجاسة ، بل على الحلّ فقط.

(وبالنار) (٤) اذا صار رماداً أو دخاناً و (قيل) أو فحماً (وقيل) بل خزفاً. وما وجدتُ عليها دليلاً إلاّ الخروج عن اسم ما كان نجساً ، مثلاً الأرض والطين كانا نجسين فإذا صارا رماداً مثلاً فليسا بأرض ولا طين. ونقلوا خبراً ما أفهمه.

وقال في المنتهى في طهارة الرماد : والأقرب أن يقال ، بعد ردّ الخبر :

__________________

(١) الوسائل : باب ٣١ ، ح ٨ من ابواب الاشربة المحرمة.

(٢) أي ما صار خلاً لعلاج.

(٣) الوسائل : باب ٣١ ح ٧ من أبواب الاشربة والاطعمة.

(٤) عطف على قوله : بصيرورة الخل خمراً.

۱۵۲

النار أقوى إحالة من الماء وكان الماء مطهّراً فالنار أولى. ولأنّ الناس بأسرهم لم يحكموا بنجاسة الرماد ، إذ لا يتوقون منه ولو كان نجساً لتوقّوا منه قطعاً انتهى.

وفيه تأمّل ؛ لأنّا لا نسلّم كون النجاسة للإسم وهو ظاهر فيما إذا تنجّس. والمصنّف في المنتهى منع من طهارة الكلب والخنزير بانقلابهما ملحاً» (١).

وأُسلوبه الاستدلالي قدس‌سره كما ترى يتلخّص بعرض الحكم الشرعي ثمّ يلحقه بالدليل من آية او رواية صحيحة ، ثمّ يناقش آراء الفقهاء وسند الروايات التي استدلّوا بها.

زبدة البيان :

وكتاب زبدة البيان في أحكام القرآن يتضمّن تفسيراً لآيات الأحكام يبدؤه بالطهارة وينهيها بكتاب القضاء والشهادات.

يقول في مقدّمة الكتاب ناقلاً كلام الشيخ الطبرسي في تفسيره ، عارضاً الرأي المشهور بأنّه لا يجوز تفسير القرآن بغير نصّ وأثر : «التفسير معناه كشف المراد عن اللفظ المشكل ، والتأويل ردّ أحد المحتملين إلى ما يطابق الآخر. وقيل التفسير كشف المغطّى ، والتأويل انتهاء الشيء ومصيره ، وما يؤول إليه أمره ، وهما قريبان من الأوّلين. فالمعنى من فسّر وبيّن وجزم وقطع بأنّ المراد من اللفظ المشكل ـ مثل المجمل والمتشابه ـ كذا ، بأن يحمل المشترك اللفظي مثلاً على أحد المعاني من غير مرجّح فقد

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان ١ / ٣٥٤.

۱۵۳

أخطأ ...» (١).

وبكلمة ، فقد أخرج من كتابه التفسير الممنوع وهو التفسير بغير نصّ ، أي التفسير الذي يريده المفسّر من غير دليل. بل بمجرّد رأيه وميله واستحسانه. وهذا المنهج العلمي في تفسير آيات الأحكام طغى على الكتاب.

وقال في معرض عرضه لآية : (لَيْسَ عَلَى الأعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الأعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ ... لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (٢) ، «فيه إشارة إلى سبب جواز الأكل مع عدم جواز التصرّف في مال الغير بغير إذنه عقلاً ونقلاً ، وهو حصول الرضا بقرينة الأبوّة وغيرها. وهذا المقدار قد يفيد علماً بالرضا وذلك كاف مع أنّه قد يقال يكفي الظنّ بل لا يحتاج إليه ، فإنّ الله قد جوّزه وهو السبب فتأمّل.

وقال في مجمع البيان : «هذه الرخصة في أكل مال القرابات ، وهم لا يعلمون ذلك كالرخصة لمن دخل حائطاً [أي بستاناً] وهو جائع أن يصيب من ثمره ، أو مرَّ في سفر بغنم وهو عطشان أن يشرب من لبنه توسعة منه على عباده ولطفاً لهم ورغبة لهم عن دناءة الأخلاق وضيق العيش.

وقال الجبائي : إنّ الآية منسوخة بقوله تعالى : (لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَام غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ) (٣) ، وبقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : لا يحلّ مال امرىء مسلم الاّ بطيب نفس منه.

والمروي عن أئمّة الهدى عليهم‌السلام أنّهم قالوا : لا بأس بالأكل لهؤلاء من

__________________

(١) زبدة البيان في أحكام القرآن : ٢.

(٢) سورة النور ٢٤ : ٦١.

(٣) سورة الأحزاب ٣٣ : ٥٣.

۱۵۴

بيوت من ذكره الله تعالى بغير إذنهم قدر حاجتهم من غير إسراف (١).

وأنت تعلم أنّ حصول الرخصة لمن دخل حائطاً أيضاً محلُّ التأمّل. وما جوّزه بعض الأصحاب ومن جوّزه ما قيّده بالجائع ولا بالحائط بل قال : للمارّ على الغلّة وغيرها أن يأكل منها. وإنّي ما رأيت جواز اللبن ، وأنّه لا منافاة بين الآيتين حتّى يكون ما هنا منسوخة وهو ظاهر. وعدم صلاحية الخبر للناسخية أظهر. وإنّ المروي عنهم : متبع وإن كان قدر الحاجة الذي في ما روي عنهم غير ظاهر من الآية بل ظاهرها دالٌ على عدمه. نعم لا بدّ من عدم الإسراف والتضييع ...» (٢).

وكانت منهجيته (رضوان الله عليه) هي :

أوّلاً : تفسير الآيات الخاصّة بالأحكام الشرعية بالاستناد إلى الدليل الشرعي من سنّة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وامتدادها بأهل البيت عليهم‌السلام.

ثانياً : مناقشة آراء الفقهاء والمفسرين ونقدها نقداً علمياً كما فعل مع الشيخ الطبرسي ، والجبائي في جواز شرب اللبن والنسخ ونحوها.

ثالثاً : عرض رأيه الذي يتبنّاه استناداً على الدليل الشرعي.

للبحث صلة ...

__________________

(١) مجمع البيان ٧ / ١٥٦.

(٢) زبدة البيان في أحكام القرآن : ٣٧٠.

  

۱۵۵

ديـك الجنِّ

وفـنُّ الـرثـاء

الشيخ عبد الرسول الغفاري

بسـم الله الرحمن الرحـيم

نسبه :

هو أبو محمّـد ، عبـد السلام بن رَغْبان بن عبـد السلام بن حبيب بن عبـد الله ، ينتهي نسبه إلى تميم ، ثمّ إلى كلاب.

ولد في حمص سنة ١٦١ هـ ، وقد أشار البعض أنّه ولد في قرية اسمها (سلميه) من أعمال حمص ، فهو عربي الأصل والنشأة والوطن.

ونقل ابن خلّكان في الوفيات : إنّه مولى لطيء ، كما ذكره ابن الجرّاح في كتاب الورقة (١).

أغلب المصادر متّفقة على سنة ولادة الشاعر دون اختلاف يذكر ، كما أجمعت على أنّ سنة وفاته في ٢٣٥ هـ أو ٢٣٦ هـ ، عدا الصفدي ، فإنّه قال :

__________________

(١) وفيات الاعيان : ٣ / ١٨٤.

بينما يذكر محقّق الوفيات ـ الدكتور إحسان عبّاس ـ في هامش الصفحة : لم يرد في كتاب (الورقة) المطبوع ما ذكره ابن خلّكان.

۱۵۶

وتوفّي في حدود الأربعين ومائتين (١).

يؤكّد الشاعر على نسبه ويفتخر باعتزاز أنّه من كلب ، فهي خير من أنجبت من الرجال الأشاوس فقال :

كَلبٌ قَبِيلي وكَلبٌ خَيرُ من وَلَدَتْ

حَوّاءُ مِنْ عَرَب غُرٍّ وَمِنْ عَجَمِ

وعَيَّرَتْنَا وَمَا إن طُلَّ فِي أَحَد

وَطُلّ في مُؤتَة والدِينُ لَم يَرمِ

ثُمّ يسترسل في شعره ليؤكّد أنّ قبيلته هي التي دافعت عن حمى الإسلام ، وأنّ رجالها اشتركوا في أغلب الحروب والغزوات ، كغزوة أُحد ومُؤته وحنين ويوم الطفوف فيقول :

غَداةَ مؤتةَ والإشراكُ مكتَهلٌ

والدِينُ أمْرَدُ لَم ييفعْ فيحتَلِمِ

وَيَومَ صفِّينَ مِنْ بَعدِ الخريبةِ كَمْ

دَم اُطِلَّ لِنَصرِ الدِّينِ إِثْرَ دَمِ

وَفِي الفُراتِ فِداءَ السِبط قَدْ تُرِكَتْ

أشلاؤنا فِي الوَغى لَحْماً على وَضَمِ

غَدَاة شَالَتْ من التقوى نَعَامَتُها

وآذنتْ صَعقاتُ الحَقِّ بالنّقَمِ

إن تعبَسِي لدم منّا هُريق بها

فقد حقنّا دَم الإسلام فابتسمي

ذكر الجهشياري : إنّ حبيب بن عبـد الله بن رغبان ـ الجدّ الأكبر لديك الجنِّ ـ كان كاتباً في أيّام الخليفة المنصور ، وكان يتقلّد الإعطاء ، وكان موجوداً في سنة ثلاث وأربعين ومائة ، وأنّ ديك الجنِّ الشاعر من ولده ، وإليه ينسب مسجد ابن رغبان بمدينة السلام ، وأنّه مولى حبيب بن مسلمة الفهري (٢).

وفي نسبه قال الشيخ عبّاس القمّي في الكنى :

أبو محمّـد ، عبـد السلام بن رَغْبان ـ بفتح الراء المهملة وسكون الغين

__________________

(١) الوافي بالوفيات : ١٨ / ٢٥٧ ، تاريخ أبي الفداء : ٢ / ٣٨.

(٢) وفيات الاعيان : ٣ / ١٨٦.

۱۵۷

المعجمة ـ ، أصله من مؤته ، وولد في حمص ، وهو شاعر مشهور مجيد ، يذهب مذهب أبي تمّام في شعره ، وكان مقيماً في حمص ، ولم يبرح نواحي الشام ، وكان يتشيّع ، له مراث كثيرة في الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما‌السلام : ، وله قصّة لطيفة مع الرشيد مشهورة ، ذكرها الشيخ يوسف البحراني في كشكوله ، وشيخنا المتبحّر النوري ـ نوّر الله مرقده ـ في كتاب ظلمات الهاوية.

قيل : إنّه لمّا كان شيعيّاً نسبوه إلى الإلحاد ... (١).

من النصّ المتقدّم نفهم : إنّ مؤتة هي الموطن الأصلي لآباء الشاعر (٢) ، بينما ولادة الشاعر ومحلّ إقامته كانت حمص ، ويؤكّد الشيخ القمّي كلام من سبقه في أنّ الشاعر لم يبرح نواحي الشام.

ثمّ يطالعنا القمّي في كون الشاعر له قصّة لطيفة مع الرشيد.

وشيء آخر : إنّ تشيّع ديك الجنِّ أصبح سبباً في قذفه بشتّى التهم ورميه بالإلحاد.

لذا ينبغي ـ في المقام ـ أن أذكر ما وسعني النظر بعد جولة سريعة في سطور الكشكول.

أقول : ورد في الجزء الثالث من كشكول الشيخ يوسف البحراني في الصفحة ٢٩ إلى الصفحة ٣٢ قصّة (الحسن الكركدان المعروف بديك الجنّ) مع المتوكّل العباسي في العراق.

وخلاصة القصّة : إنّ المتوكّل من شدّة سكره يضطرب ـ وبانزعاج ـ

__________________

(١) الكنى : ٢ / ٢١٢.

(٢) كان جدّه تميم من أهل مؤتة ، وأسلم على يدي حبيب بن مسلمة الفهري.

انظر الأغاني : ١٤ / ٢٨٧.

۱۵۸

فيرسل على الشاعر ليلاً فيأتيه ، ويسأله عن أبيات قالها الشاعر ؛ لأنّ المتوكّل فزع منها وأقلقت مضجعه ، والأبيات هي :

أَصْبَحتُ جَمَّ بَلابِلِ الصدَرِ

وَأبلَيتُ مَطوِيّاً عَلى الجَمْرِ (١)

اِن بُحْتُ يَوماً طَلّ فيهِ دَمِي

وإنْ سَكتُ يَضِيقُ بِه صَدْرِي (٢)

فقال المتوكّل مخاطباً الكراكدان : قلْ لي ما يطلّ به دمك ويضيق صدرك؟

فقال : ولي الأمان؟

فقال : قل ، ولك الأمان.

فقال :

مِمّا جَنَاه عَلى أبي حَسَن

عُمرٌ وصاحِبُهُ أَبُو بَكْرِ

جَعَلُوكَ رَابِعَهم أبا حسن

مَنَعُوكَ حَقَ الإرثِ والصِهرِ (٣)

وإلى الخِلاَفَةِ سَابَقُوك وما

سَبَقُوك فِي أُحُد ولا بَدْرِ

وَقَتَلْتَ فِي بَدْر مَشَائِخَهُم

فَلأَجْلِ ذَا طَلَبُوكَ بِالوتْرِ

فَعَلى الذي يَرْضى بِفِعْلِهِم

أضْعافَ ما حمَلوا مِنَ الوِزْرِ

ثمّ يتسلسل الشيخ البحراني في سرد القصّة وما فيها من محاورة المتوكّل للشاعر ، حتّى يستخلّصا بكفر يزيد وأسلافه الأمويّين ، الذين ما آمنوا بدين ولا نبيّ وإنّما أعمتهم الرئاسة ، وأنّ الملك لعقيم (٤).

وذكر الشيخ شبيه هذه القصّة وتلك المحاورة ، بين الرشيد والشاعر

__________________

(١) في الديوان «وَأبِيتُ مُنْطَوِيّاً عَلى الجَمْرِ».

(٢) في الديوان : «وَلَئِنْ كَتَمْتُ يَضِيقُ بِه صَدْرِي».

(٣) في الديوان «ظَلَموا وَرَبِّ الشفع والوترِ».

(٤) الكشكول : ٣ / ٢٩ ـ ٣٣.

۱۵۹

إسحاق بن إبراهيم ، الملقّب بديك الجنِّ ، إذ واش من الوشاة أغرى الرشيد بأن يوقع بهذا الشاعر ، وكان يحثّه على قتله ، وقد ادّعى أن لا يُثبت صانعاً ولا يقول ببعثة ولا نبوّة ، وهو ممّن يقع في الإسلام وأهله ـ على حدّ زعمه ـ وهكذا حمل الرشيد على هذا الإغراء ، فبعث وراء الشاعر ، وبعد حوار واستظهار ما في ضميره ، وجده على خلاف ما قيل له ، بل العداوة والبغضاء والحسد ـ وما أكثرها بين الشعراء وذوي النعم ـ دفعت بهذا الواشي أن يتّهم الشاعر إسحاق بن إبراهيم.

هذه القصّة بما فيها من الأشعار ، نقلها البحراني في كشكوله الجزء الثالث من الصفحة ٥٦ إلى الصفحة ٦١.

وتعليقنا على القصّتين هو :

إنّ في القصّة الأولى يطالعنا اسم الشاعر الحسن الكركدان.

وفي القصة الثانية أنّ الشاعر هو إسحاق بن إبراهيم. وفي القصّة الأولى كانت المحاورة مع المتوكّل ، بينما في القصّة الثانية مع الرشيد.

ثمّ إنّ تهمة الإلحاد جاءت مفتعلة من حسّاد الشاعر.

وعليه كلا القصّتين اجنبيّتان عمّا نحن فيه ، فتأمّل.

أمّا الشعر الذي أورده الشيخ في كشكوله ، فهي أبيات من قصيدة تتكوّن من ١٥ بيتاً.

وقد آثرنا أن نذكرها ؛ حتّى يتمّ التعليق في ما ورد في شأن عقيدة الرجل الذي نحن بصدد ذكر أخباره وأغراضه الشعرية.

أقول : وتكملة الأبيات هي :

طَلَبَ النَّبِيُّ صَحِيفةً لهُمُ

يُمْلِي ليأمَنَهُم مِنَ الغَدْرِ

فَأَبَوا عَلَيهِ ، وَقَال قائِلُهُم

قُوْمُوا بِنَا قَدْ فَاهَ بالهُجْرِ

۱۶۰

وَمَضوا إلى عَقْدِ الخِلافِ وَمَا

حَضَروه إلاّ داخِلَ القبرِ

ثمّ بعد بيتين ممّا تقدّم ذِكْرهما قوله :

غمَّتْ مُصِيبتُكَ الهُدى فغدا

الإسلامُ لا يَدري بما يَدري

وتَشَعَّبَتْ طُرُقُ الضلالِ فَلَو

لاكُمْ مَشوا بالشّركِ والكُفْرِ

أَنْتُم أدِلاّءُ الهُدَى وَبِكُم

قَدْ سِيْرَ في بَرٍّ وَفِي بَحْرِ

وَدَعائِمُ التَقوى وَقَادَتُها

لِلفَوزِ يَومَ الحَشْرِ والنَّشْرِ

والعارِفو سِيما الوُجُوه عَلى الأ

عْرَافِ معرفةً بلا نُكْرِ

وَمَقاسمُ النِيرانِ أَنْتَ لِمَنْ

أَخَذُوا العُهودَ بِعَالَمِ الذّرِّ

فَتَقُولُ يَا نَار اتْرُكي لِي ذَا

وَلِذَا خُذِي ، فَتَدِينُ للأمر (١)

هذه تمام الأبيات وهي لديك الجنِّ عبـد السلام بن رغبان ، أبو محمّـد.

وفي ما يبدو هناك أكثر من شاعر يُعرف بديك الجنِّ ؛ إذاً فهو لقب مشترك بين ثلاث من الشعراء ، وقد خلط المؤرّخون بين نتاج هؤلاء الثلاث والجميع ممّن يتشيّع في ولائه لأهل البيت عليهم‌السلام.

فالقصّتان إن كانتا لهما شيء من الصحّة فلا تَصْدُقان على شاعرنا عبـد السلام بن رغبان ؛ لأنّك عرفت ممّا تقدّم من النصوص ، وبإجماع أهل السير والتراجم : إنّ عبـد السلام لم يخرج من الشام ، ولم يغادر وطنه إلى وطن آخر.

__________________

(١) الديوان : ص ٤٩ ـ ٥١.

۱۶۱

لماذا لقّب بديك الجن؟!

أمّا سبب تسميته بديك الجنِّ ، فهناك أقوال منها :

١ ـ كان يخرج إلى البساتين في كلّ صباح متنزّهاً ، وهذا ما يشبه الديكة عندما تستيقض مبكّرة إلى المزارع.

٢ ـ قيل : كانت عيناه خضراوين كالديك ، وربّما يعود هذا التعليل لابن عساكر في تاريخه (١).

٣ ـ قيل : لأنّه ذكر الديك في شعره ، ويُنسب ذلك إلى المقدّمة في ديوانه بقلم المرحوم الشيخ محمّـد السماوي.

٤ ـ وقيل : كان يقلّد صوت الديك فسمّي به ، كما جاء ذلك في نفحة اليمن للشرواني.

٥ ـ إنّه يضرب مثلاً للديك النجيب الحاذق.

٦ ـ قال أدهم الجندي :

ولقّب بديك الجنّ ؛ لأطواره الغريبة ، كان من شعراء الدولة العباسية ، وكان يسكن حمص في دار واقعة في حيِّ باب الدريب (بدخلة حارة الشرفا) بالساحة المعروفة (بصليبة العصياني) ما زالت معروفة بدار ديك الجنّ حتّى الآن ، ولم يبرح نواحي الشام ، ولا وفد إلى العراق ولا إلى غيرها من البلاد العربية منتجعاً شعره ... (٢).

٧ ـ وفي تسميته قال الدُميري :

ديك الجنّ : دويبة توجد في البساتين ، إذا ألقيت في خمر عتيق حتّى

__________________

(١) انظر تاريخ دمشق : ٣٨ / ١٣٨.

(٢) اعلام الأدب والفن : ١ / ١٩.

۱۶۲

تموت ، وتترك في محارة وتسدّ رأسها وتدفن في وسط الدار ؛ فإنّه لا يُرى فيها شيء من الأرضة أصلاً ، قاله القزويني.

ثمّ قال : وديك الجنّ لقب لأبي محمّـد عليه‌السلام الحمصي الشاعر المشهور ... (١).

٨ ـ ويروى أنّه لُقِّب بهذا الاسم ؛ لقصيدة قالها في رثاء ديك عمير ، وكان هذا قد ذبحه وأقام منه مائدة دعا إليها أصدقاءه :

دَعَانا أَبُو عَمْرو عُمَيرُ بنُ جَعْفر

عَلى لَحْمِ دِيك دَعوةً بَعْدَ مَوْعِدِ

فَقَدَّمَ دِيكَاً غَدّ دَهْراً ذَمْلّقاً

مُؤنِسَ أبياتِ مُؤَذّنَ مَسْجِدِ

٩ ـ وجاء في تاج العروس للزبيدي :

الديك في كلام أهل اليمن : الرجل المشفق الرؤوف ، ومنه سمّي الديك ديكاً.

والديك أيضاً : الربيع في كلامهم ؛ كأنّه لتلوّن نباته فيكون على التشبيه بالديك.

وممّا يناسب المقام ، قصيدته التي قالها في الديك والغزل والخمر (٢) :

أَمَا تَرَى رَاهِبَ الأسْحَارِ قَدْ هَتَفا

وَحَثّ تَغْريدَه لمّا عَلا الشَّعَفا (٣)

أوْفَى بِصِبغ أبِي قَابوسَ مَفْرَقُهُ

كَدُرّةِ التَّاجِ لِمَّا أنْ عَلا شَرَفا (٤)

مُشَنَّفٌ بِعَقيق فَوْقَ مَذْبَحِهِ

هَلْ كُنت فِي غَيرِ أُذن تعرف الشُّنُفا (٥)

__________________

(١) حياة الحيوان : ١ / ٣٤٩.

(٢) ديوان المعاني : ٢ / ١٣٧ ، ومحاضرات الأدباء : ٣ / ٣٠٢ ، وديوان ديك الجن : ١٧٧ ، وديوان ديك الجن (مهنّا) : ١١٧.

(٣) راهب الأسحار : الديك. الشّعفا جمع شعفة : رأس الجبل.

(٤) صبغ أبي قابوس : لون شقائق النعمان.

(٥) مشنّف : علّق في أذنه شنف أي حليّ. العقيق : خرز أحمر. مذبحه : حيث يذبح ، رقبته.

۱۶۳

لمّا أراحَتْ رُعاةُ اللّيلِ عَازبةً

مِنَ الكواكب كانتْ ترتعي السُّدُفا (١)

هزَّ اللّواءَ على ما كانَ من سِنَة

فارتجَّ ثمّ عَلا واهتزَّ ثمَّ هفا (٢)

ثمّ استمرّ كما غنّى على طَرَب

مِرِّيحُ شَرْب على تَغريده ، وضفا (٣)

إذا استَهَلَّ استهلَّتْ فوقه خُصَلٌ

كالحيِّ صيح صباحاً فيه فاختلفا (٤)

فاصرِف بصرفك وجهَ الماءِ يومكَ ذا

حتّى ترى نائماً منهُم ومنصرفا (٥)

فقام مختلفاً ، كالبَدر مُطّلِعاً

والظبي مُلتفتاً ، والغُصن منعطفا (٦)

رفّتْ غلالةُ خدّيهِ فلو رُميا

باللّحظِ أو بالمنى هَمّا بأن يكِفا (٧)

كأنّ قافاً أُديرتْ فوقَ وَجْنتِهِ

واخْتطَّ كاتبها مِنْ فَوقها ألِفا

واستلَّ راحاً كبيض صادَفت حجفاً

خلائقاً أو كنار صادفت سعفا (٨)

صفراء أو قلّما اصفرَّت فأنت ترى

ذوباً من التبرِ رصُّوا فوقه الشرفا

 فلَم أزَلْ من ثلاث واثنتين ومِنْ

خمس وست وما استعلى وما لطفا

حتّى توهَّمت نوشروان لي خَوَلاً

وخلت أنَّ نَدِيمي عاشر الخُلَفا (٩)

__________________

(١) عازبة : بعيدة. السّدفا جمع السّدفة : الظلمات.

(٢) سنة : نعاس. هفا : حلّق بجناحيه وطار.

(٣) مرّيح : الكثير المرح. الشرب : الشاربون. الضفا : فاض.

(٤) استهلّ : رفع صوته ، تلألأ فرحاً. خُصل : أطراف الشجر المتدلية. اختلف : أخذ من خلف.

(٥) أصرف : ردّ ، أنفق. صرف : خمر غير ممزوجة.

(٦) مختلفاً : مهتاجاً.

(٧) رفّت : اختلجت ، لمعت. يكفا : يسيلا.

(٨) بيض : سيوف. حجفاً : تروساً.

(٩) نوشروان : كسرى أنوشروان ملك الفرس. خَوَل : عبيد ، إماء وغيرهم من الحاشية.

۱۶۴

شهرته الأدبية :

فاقت شهرة ديك الجنِّ كلَّ الأمصار والبلدان ، وأصبح شعره يردّد على الألسن وتتناقله الركبان والشعراء ، حتّى صار البعض منهم يبذل الأموال للقطعة من شعره ، كما أنّ شعراء العراق قد افتتنوا بشعره وهو في الشام.

وفد عليه أبو تمام واستعان به ، أي بديك الجنّ ، ولمّا ألمّ الفقر بالطائي مدّة ، ناوله عبـد السلام قطعة من شعره ، وقال له : يا فتى اكتسب بهذا واستعن به على قولك ؛ فنفعه في العلم والمعاش (١).

قال عبـد الله بن محمّـد بن عبـد الملك الزبيدي : كنت جالساً عند ديك الجنِّ ، فدخل عليه حَدِث فأنشده شعراً عمله ؛ فأخرج ديك الجنِّ من تحت مصلاّه درجاً كبيراً فيه كثير من شعره فسلّمه إليه ، وقال : يا فتى تكتسب بهذا واستعن به على قولك ، فلمّا خرج سألته عنه ، فقال : هذا فتى من أهل جاسم ، يذكر أنّه من طيء ، يكنّى أبا تمّام ، واسمه : حبيب بن أوس ، وفيه أدب وذكاء ، وله قريحة وطبع (٢).

نستخلص ممّا تقدّم :

أوّلاً : إنّ أبا تمّام أخذ من ديك الجنِّ ، وتأدّب عليه ، وتعلّم منه.

ثانياً : كما يظهر من الروايتين السابقتين أنّ الشاعر ديك الجنِّ كان كريماً سخيّاً حتّى في شعره ، وهذا على العكس من بقية الشعراء إذ أنّهم كانوا يحرصون كلّ الحرص أن لا يفوقهم أحد عليهم وأن لا يتكسّبوا

__________________

(١) أعيان الشيعة : ٨ / ١٢.

(٢) وفيات الأعيان : ٣ / ١٨٤.

۱۶۵

بشعرهم ، وقصّة بشّار مع سلم الخاسر غير خفيّة عليك ، فاطلبها في مظانّها.

ثالثاً : ويضاف إلى ما تقدّم : إنّ أبا تمّام استفاد كثيراً من شعر ديك الجنِّ ، ولا يستبعد إذا ما قلنا أنّ معاني ديك الجنّ قد سطا عليها الطائي فرسم منها صور ممدوحيه ، وقد أشرنا إلى الكثير من سرقات أبي تمّام في كتابنا : النقد الأدبي بين النظرية والتطبيق فراجع.

قالوا فيه :

جلّ المصادر ـ قديمها وحديثها ـ ذكرت سيرة شاعرنا ، وأنّ جميع الأدباء أطروا عليه بكلمات المدح والثناء ، وتناولوا معاناته ، وما أدّى به ذلك إلى الثكل ، فبقى دهره حزيناً دامي القلب والعين.

أمّا أقوال العلماء فيه كثيرة وإليك نبذة منها :

قال الحافظ ابن عساكر :

عبـد السلام بن رغبان : ... من أهل حمص ، شاعر مطبوع ، له شعر حسن (١).

وقال ابن رشيق القيرواني :

«... وأبو تمام من المعدودين في إجادة الرثاء ، ومثله عبـد السلام بن رغبان ديك الجنِّ ، وهو أشهر في هذا من حبيب ، وله فيه طريق انفرد بها» (٢).

وقال أبو منصور الثعالبي :

ديك الجنّ : هو عبـد السلام بن رغبان الحمصي ، شاعر مفلّق في

__________________

(١) تاريخ دمشق : ٣٨ / ١٣٨.

(٢) العمدة : ٢ / ١٤٩.

۱۶۶

المحدثين ، أدرك زمان المتوكّل.

ثمّ قال : ولست أعرف سبب تلقيبه بديك الجنّ ، ويشبه أن يكون قال بيتاً يشتمل على ذكر ديك الجنّ ؛ فلقّب بذلك ... (١).

وقال ابن شهر آشوب : ... إنّ ديك الجنّ فاق شعراء عصره ، وهو شاعر الدنيا ، وصاحب الشهرة في الأدب ، طار ذكره وشعره في الأمصار ، حتّى صاروا يبذلون الأموال للقطعة من شعره ، افتتن بشعره الناس في العراق وهو في الشام ...

وجاء في العمدة :

إنّ دعبل بن علي الخزاعي ورد حمص فقصد دار عبـد السلام بن رغبان ديك الجنّ ، فكتم نفسه عنه ، خوفاً من قوارصه ، فقال : ما له يستتر وهو أشعر الجنّ والإنس ، أليس هو الذي يقول :

بِها غَيرُ مَعْذُول فَداوِ خمارها

وَصِلْ بِعَشيّاتِ الغبوقِ ابتكارَها

وَنَلْ مِنْ عَظِيم الردف كُلَّ عَظِيمة

إذا ذُكِرَت خَافَ الحَفِيظانُ نَارَها؟

فظهر إليه ، واعتذر له ، وأحسن نزله.

أقول : ويبدو أنّ لدعبل كانت أكثر من زيارة لديك الجنِّ ، نستظهر ذلك من خلال الخبر المنقول في العمدة والآخر في وفيات الأعيان.

وقال فيه أبو نواس : لمّا أراد مصر فاجتاز بحمص إذ مرّ بدار عبـد السلام بن رغبان ، وقال لجاريته : قولي له : أخرج ، فقد فتنت أهل العراق بقولك :

مورّدةٌ من كفِّ ظبي كأنّما

تناولها من خدّه فأدارها (٢)

__________________

(١) ثمار القلوب في المضاف والمنسوب : ٦٩.

(٢) حلبة الكميت للنواجي.

۱۶۷

وقال فيه أبو تمّام تلميذه ـ لمّا قدم حمص ، وأراد الاجتماع بديك الجنّ واختفى منه ، جاء إلى منزله ، وقال لأهله ـ : مروه يخرج ، قد فُتِنَ أهل العراق بقوله :

* مشعشعة من كف ظبي كأنّما *

فخرج إليه واجتمع به (١).

قال ابن خلّكان :

وهو من شعراء الدولة العبّاسية ، ولم يفارق الشام ، ولا رحل إلى العراق ، ولا إلى غيره منتجعاً بشعر ، ولا متصدّياً لأحد ، وكان يتشيّع تشيّعاً حسناً ، وله مراث في الحسين عليه‌السلام ، وكان ماجناً خليعاً عاكفاً على القصف واللهو متلافاً لما ورثه ، وشعره في غاية الجودة (٢).

وقال : ... إنّ دعبلاً الخزاعي لمّا اجتاز بحمص ، سمع ديك الجنّ بوصوله فاختفى منه أن يظهر لدعبل ؛ لأنّه كان قاصراً بالنسبة إليه ، فقصده في داره فطرق الباب واستأذن عليه فقالت الجارية : ليست هو ههنا فعرف قصده ، فقال لها : قولي له : أخرج ، فأنت أشعر الإنس والجنِّ بقولك :

فَقَامَ يَكَادُ الكأسُ تُحرِقُ كَفَّهُ

مِنَ الشَّمسِ أَوْ مِنْ وَجْنَتَيهِ استَعارَها

مورّدةٌ مِنْ كَفِ ظَبي كَأَنَّما

تَنَاوَلَها مِنْ خَدِّه فَأَدارَها (٣)

فلمّا بلغه ذلك خرج إليه وأضافه.

وقال العلاّمة الأديب ضياء الدين يوسف الحسني اليمنيّ (ت ١١٢١ هـ) :

__________________

(١) حياة الحيوان : ١ / ٣٤٩.

(٢) وفيات الأعيان : ٣ / ١٨٤.

(٣) وفيات الأعيان : ٣ / ١٨٤ ، حياة الحيوان : ١ / ٣٤٩.

۱۶۸

أبو محمّـد عبـد السلام بن رغبان ... الملقّب ديك الجنّ ، الشاعر المشهور ، فاضل ، أعار النجوم قلادة فكره ، وكاد يحرق حاسده ذكاه بجمره ، فالطاووس إلى رونق محسنه يَجُنّ ، ويتمنّى لو أُلبس ديباجة شعر ديك الجنّ.

۱۶۹

شعر ديك الجنِّ وأخباره

أغلب ما وصلنا من ترجمة حياة ديك الجنّ من الكتب القديمة هي كتب الأدب والتراجم والطبقات ، منها : طبقات الشعراء لابن المعتزّ ، وكتاب الأغاني لأبي الفرج ، ثمّ ديوان المعاني ، وكتاب وفيات الأعيان لابن خلّكان ، ثمّ نتف من الأخبار في كتب أدبية متفرّقة.

أمّا من كتب المتأخّرين ، فأهمّ المصادر التي تناولت حياة الشاعر : كتاب أعيان الشيعة ، وما عداه يُعدّ من المصادر الثانوية ؛ لأنّها أخذت عمّن سبق ، ولم تزد إلاّ بعض الأخبار أو التحليل والتعليق ، وأغلبها تندرج تحت اجتهادات شخصية لا يوثّقها نصٌّ أو نقل يعتدّ به.

وشاعرنا ـ ديك الجنّ ـ عاش فترة نضوج المعارف الإسلامية والفنون الأدبية وكثرة العلماء والأدباء والشعراء ، وعاصر زمن تدوين هذه العلوم والأخبار والأشعار ، وهذا ما لا يخفى على الجميع من روّاد الأدب والمعرفة.

لكن مع هذا الاهتمام في تدوين النصوص الأدبية وأخبار الشعراء في هذا العصر ، والذي يعدّ العصر الذهبي نسبة لبقية العصور ، تكاد تخلو الموسوعات الأدبية القديمة من ترجمة مفصّلة لحياة شاعرنا وما له من أخبار ونوادر إلاّ ما جاء في محاضرات الأدباء والأغاني لأبي الفرج ، لذا يقف السائل متحيّراً عندما يستفهم عن شعر ديك الجنّ ، وهل كان له ديوان من الشعر؟!

ولِمْ لا يبرز إذا كان مجموعاً؟!

۱۷۰

ولماذا افتقرت المكتبة الأدبية إلى دراسة مفصّلة عن حياة الشاعر ومذهبه ، وسبب خموله من بين شعراء عصره؟!

هذه أسئلة وغيرها كثيرة تُراود كلّ محقّق ..

أقول : في اعتقادي أنّ هناك جملة من الأسباب اشتركت في ضياع هذا الرجل ، حتّى جعلته غريباً في وجوده وشعره ، منها :

أوّلاً : إنّ انتماء الشاعر المذهبي ـ سواء كان شيعياً أم اسماعيلياً ـ هو الذي حسر عنه تمجيد الأُدباء له ، ومن ثمّ عدم اهتمام المصنّفين به وبشعره إلى أن أهمله التاريخ وعدّه من شعراء المعارضين للدولة والسلطة الحاكمة.

ثانياً : إذا كان الشاعر شيعيّاً ، فيعني أنّه ينتمي إلى حزب يعارض سياسة الدولة العباسية ، بل وأنّ المجتمع هو كذلك على دين الملك.

إذن كان الشاعر يعيش العزلة من جانبين : من جانب السلطة ، ومن جانب المجتمع.

وهكذا شخص غريب في بيئته لابدّ أن تندرس آثاره وأخباره فيؤول كلّ شيء إلى الضياع ، وبالخصوص إذا كان الفرد تحوم حوله الشبهات والتهم ، وأنّ سيرته تخالف سيرة أبناء جلدته.

لهذا ليس عجيباً أن يكون هذا الرجل وحزبه ضعيفاً عند المجابهة ، أو أن يكون متكتّماً على عقيدته وسياسته ، ولو لفترة من الزمان ، لذا يكون الانتماء إلى حزبه أو مذهبه محدوداً ، وينحسر ذاك الانتماء إذا كانت التقية أحد قيوده وشرائطه ، غير أنّ شاعرنا انفرد عن أقرانه ، فأعلن ولاءه ، وجاهر بمعتقده ، بل أنّ سيرته المرفوضة ـ خلقيّاً ـ من المجتمع المحافظ وجرأته في النقد والتهجّم ... جعلته في موضع الرفض ، وهذان السببان يُعدّان من الأسباب المهمّة في انزواء الشاعر وكراهة الالتقاء به.

۱۷۱

ثالثاً : ثمّ من الأسباب الأخرى ـ وممّا لا يقلُّ أهمّيّة عمّا تقدّم ـ هو فاجعته بزوجه (ورد) وغيرته عليها ، وقد كانت أغلى شيئاً عنده وأنيسه الوحيد ، وكان يعدّها روحه التي بين جنبيه ، وقلبه النابض في جوانحه.

وكانت لها الأثر العميق في نفسية الشاعر وشخصيته الأدبية والمعنوية على حدّ سواء ، وقد خلّفت فيه الحزن والكآبة ، وما يكاد يمرّ عليه طيف خيالها إلاّ واعتصر قلبه ألماً وحزناً لا ينقشع فيه ذلك الألم والحزن طالما صورتها متجسّدة أمامه كلّ حين.

رابعاً : الجوّ المذهبي في الشام ، إذ لم يكن الجوّ حليفاً للشاعر ؛ حتّى يساعده على الظهور والبروز والوقوف بين أقرانه من الشعراء ، إذ كانت الشام آنذاك أُمويّة عثمانية ، أمّا الشاعر فشعره يدوّي في الآفاق بحبّه وانتمائه لأهل البيت عليهم‌السلام.

خامساً : ما عمله حسّاده وشانئيه من الوثابة وإغراء السلطان به ؛ حتّى اتّهموه بالزندقة والإلحاد (١).

سادساً : جرأة الشعراء على سرقة شعره وتضمينه في شعرهم ، فهذا ابن الوكيع التنيسي استطاع أن يدرّس شعر المتنبّي ويتتبّع سرقاته الشعرية ، وقد كان شعر ديك الجنّ هو المورد والمعين الذي سطا عليه المتنبّي ، ومن قبله أبو تمّام.

فلا يستبعد أنّ ابن وكيع عندما ألّف كتابه المنصف في نقد الشعر وبيان سرقات المتنبّي ومشكل شعره إنّما اعتمد على ديوان ديك الجنّ ، ولا يستبعد إذا ما قلنا : إنّه كان يضع أمامه نسخة ديوان عبـد السلام ويتتبّع فيها

__________________

(١) انظر ديوان المعاني : ٢ / ٢٥١ ، والكشكول : ٣ / ٢٩ و ٥٦.

۱۷۲

سرقات المتنبّي ، وإلاّ كيف استطاع أن يعقد هذه المقارنة والمقابلات الدقيقة ، ويختار المناسب من شعر ديك الجنّ ؛ ليجعله مصدراً لشعر المتنبّي؟!

أقولُ : هذه الجرأة من المتنبّي ومن غيره أدّت ؛ إلى إتلاف ديوان ديك الجنّ ، وهو احتمال ليس ببعيد طالما كشف ابن وكيع النقاب عن تلك السرقات.

والذي يؤكّد لنا ما تقدّم ـ على وجود ديوان مخطوط للشاعر ـ تلويح الثعالبي إليه ، وهو يذكر : إن ابن طباطبا طلب ديوان ديك الجنّ من أبي عمرو وجعفر بن شريك ، فلم يعطه إيّاه ، فقال يعاتبه :

يَا جَوَاداً يُمسي ويُصْبِحُ فِيْنا

وَاحِداً فِي النَّدَى بِغَيرِ شَرِيكِ

أَنْتَ مِنْ أسمَح النّاسِ بِشِعْرِ النَّا

سِ ، مَاذا الِلّجاج فِي شِعْرِ ديكِ

يَا حَلِيفَ السَّماح لَوْ أَنَّ دِيكَ الـ

ـجنِّ مِنْ نَسلِ ديكِ عَرشِ المَليكِ

لَمْ يكُنْ فِيهِ طَائِلٌ بَعْدَ أنْ يُد

خِلَه الذّكر فِي عداد الدُّيُوكِ (١)

بل لا يستبعد أن يكون ديوان ديك الجنّ موجوداً إلى زمن البحتري ، ثمّ كان نصيبه كباقي الدواوين (الخمسمائة) التي عمد إليها البحتري فحرقها ...!

ديوان ديك الجن

مهما يكن من أمر لم نعثر على هذا الديوان ، وإنّما ورد شعره مبثوثاً في بطون الكتب والمصادر الأدبية والنقدية ، وقد جمعه الأُستاذين

__________________

(١) ثمار القلوب في المضاف والمنسوب : ٤٧٠.

۱۷۳

عبـد المعين الملوحي ، ومحيي الدين درويش ، وطبعاه في حمص بسوريّا سنة ١٩٦٠ م ، وقد ضمّ المجموع في دفّتيه ١٠٩ قطعة شعرية ما بين قصيدة ومقطوعة ، وبلغ عدد الأبيات ٤١٧ بيتاً.

ثمّ أُعيد طبع (الشعر) ثانية بتحقيق الأُستاذين الدكتور أحمد مطلوب ، وعبـد الله الجبوري ، وقد أضافاً إلى مجموعة الملوحي ، ودرويش (٢٢) قصيدة وقطعة تقع في (٢٢٤) بيتاً. ثمّ نشر هذا العمل في بيروت عام ١٩٦٤ م ، وكانت هذه الزيادات مصدرها علويّات ديك الجنّ ، وعدّتها (١٥٦) بيتاً ، جمعها المرحوم الشهيد الشيخ محمّـد السماوي.

والمصدر الآخر : ما عَثر عليه المحقّقان من أبيات وقطع في كتب التاريخ والأدب.

ثمّ بمساعدة دار الثقافة البيروتية أضيف ثلاثون بيتاً لمحقّق شاء أن يكتم اسمه ، وقد طبع الجميع من قبل الدار المذكورة سنة ١٩٨١ م ، وتزامناً مع هذا العمل ، يطالعنا الأستاذ هلال ناجي فيستدرك على المجموع فيضيف (٣٢) مقطوعة وقصيدة تقع في (١١١) بيتاً ، طبعها في مجلّة الكتاب العدد الخامس آيار ١٩٧٤ م ، ثمّ استلّ هذا المستدرك وطبع في مطبعة العبايجي ـ بغداد.

ثمّ يطالعنا الأخ الأستاذ عبـد الله المهنّا فيجمع ديوان ديك الجنّ ، ويشرح مفرداته ، وكان عمله هذا يَضمّ بين دفّتيه (١٦٢) مقطوعة ، والجديد فيه (٢٨) بيتاً موزّعة على (١١) مقطوعة ، نقلها عن كتاب المحبّ والمحبوب والمشموم والمشروب للسريّ الرّفاء ، وقد صدر عمل (المهنّا) عن دار الفكر اللبناني بيروت ١٩٩٠ م.

والآن بين أيدينا ـ وآخر ما صدر ـ هو عمل الأستاذ انطوان مُحسن

۱۷۴

القوّال ، إذ جمع شعر الديك مع شرح وتحقيق لطيف ، معتمداً في عمله هذا على من سبقه.

ضمَّ الديوان (١٨٩) قطعة وقصيدة ، ونشر عن دار الكتاب العربي بيروت ، الطبعة الثانية سنة ١٩٩٤ م.

۱۷۵

ديك الجنّ وفن الرثاء

الرثاء والغزل توأمان عند ديك الجنّ من حيث الجودة ، وصدق المشاعر ، ورصف الكلمات بعضها إلى جوار البعض الآخر بريشة أديب بارع ، وكأنّما خبّر في عمله كالمهندس في بناء الأبراج الشاهقة ، فبالإضافة إلى أنّه كان مجيداً في الغزل والحكمة ، فإنّه في الرثاء كذلك.

وأبرز العناوين التي تطالعنا في رثاء الشاعر ، هو رثاء الزهراء عليها‌السلام ، والإِمام الحسين عليه‌السلام ، وقتلى الطفوف والشهداء الذين صُرّعوا بين يدي سيد الشهداء وأخوته الأطهار.

قال في رثاء الزهراء عليها‌السلام :

يا قَبْرَ فاطِمةَ الّذي ما مِثْلُهُ

قَبْرٌ بِطَيبةَ طابَ فيه مَبيتا

إذْ فِيكَ حَلَّتْ بِضْعَةُ الهادي الّتي

بِحِلى محاسِنِ وَجْهِها حُلّيتا

إن تَنْأَ عَنْهُ فَمَا نأيْتَ تَباعُداً

أوْ لَمْ تَبِنْ بَدْراً فَما أُخفيتا

فَسَقى ثَرَاكَ الغَيْثُ ما بَقِيَتْ بِهِ

لُمَعُ القُبُورِ بطَيبة وبَقِيتا

فَلَقَدْ بِرَيّاها ظَلَلْت مُطَيَّباً

تِسْتَافُ مِسكاً في الاُنُوفِ فَتيتا

وَلَقَدْ تَأمّلْتُ القبورَ وأهلَها

فَتَشَتَّتَتْ فِكَري بها تَشْتِيتا

كَمْ مُقْرَب مُقْصى وَكَمْ مُتَبَاعِد

مُدْنىً ، فَسَاوَرَتِ الحَشَا عِفْريتا

وقفةٌ من الشاعر في تخيّل صادق على بعد المسافة من تلك القبور ، فهو يخاطب قبر الزهراء عليها‌السلام بقوله : يا قبر : لا يمثلك أيّ قبر في طيبة ـ وهي المدينة المنوّرة بالرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ لأنّك تضمّ ابنة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فازددت جمالاً بجمال وجهها المبارك.

۱۷۶

يا قبر سقى الله تُربك بغيث السماء ، مادمت حاوياً لأشلاء هذا البدن الطاهر ، العبق بريحها الطيّب.

ثمّ يقول : لقد وقفت وقفة المتأمّل عند هذه القبور ، وأجلت النظر بما فيها من نساء ورجال ، فاضطربت أفكاري ، وعلمت كم من ميّت كان معروفاً فصار منسيّاً ، وكم من ميّت خيّل إلى البعض أنّه سيندرس ذكره لكنّه ظلّ حيّاً في الضمائر والنفوس.

وقال في رثاء الإمام الحسين عليه‌السلام (١) :

يا عينُ لا للغضا ولا الكُثُبِ

بُكا الرزايا سوى بكا الطَرَبِ (٢)

جُودي وجِدِّي بملء جَفنِكِ ثمَّ

احتفلي بالدموع وانسكبي

يطالعنا الشاعر في بائيّته هذه مستهلاًّ قصيدته بالبكاء لمصيبة ألمّت بالمسلمين ، لذا بكاء الشاعر لا للرسوم والأطلال ، لا للطرب واللعب ...

يَا عَيْنُ فِي كَرْبَلاء مَقَابِرُ قَدْ

تَرَكْنَ قَلْبِي مَقَابِرَ الكُربِ (٣)

مَقَابِر تَحْتَها مَنَابِرُ مِنْ

عِلْم وحِلْم وَمَنْظَر عَجَبِ

مِن البَهالِيلِ آل فاطِمَة

أهْلِ المَعالي والسّادَةِ النُّجُبِ (٤)

كَمْ شَرِقَتْ مِنْهُمُ السيوفُ وكَمْ

رُوِّيَتِ الأرضُ مِنْ دَم سَرِبِ (٥)

__________________

(١) الأغاني : ١٤ / ٥١ ، ديوان الشاعر الحمصي : ٧٤ ، وديوان ديك الجن تحقيق مهنا : ٣٥ ، وأعيان الشيعة : ٣٨ / ٣٣.

(٢) الغضا : الغيضة ، مجتمع الشجر في مغيض الماء. الكثب جمع كثيب : التل من الرمل. الرزايا جمع رزية : المصيبة العظيمة احتفلي : امتلئي.

(٣) الكرب : الأحزان.

(٤) البهاليل جمع بهلول : السيد الجامع لكل خير. النجب جمع نجيب : الكريم الحسيب.

(٥) شرقت : امتلأت ، احمرّت. سرب : سائل.

۱۷۷

نَفْسِي فِداءٌ لكُمْ ومن لَكُمُ

نَفْسي وأُمّي وأُسْرَتي وأبِي

لا تَبْعدوا يا بَني النبيّ عَلى

أنْ قَدْ بَعُدْتُم والدّهرُ ذو نُوَبِ (١)

يا نَفْسُ لا تسأمِي ولا تَضِقي

وارسي على الخَطْب رَسْوَةَ الهُضُبِ (٢)

صُوني شعاع الضّمِيِر واستَشْعِري

الصّبرَ وحُسْنَ العزاءِ ، واحْتَسِبي

فالخَلْقُ في الأرضِ يَعْجَلُون ومَوْ

لاكِ عَلى تَوْأد ومُرْتَقَبِ (٣)

لابُدَّ أنْ يُحْشَرَ القَتِيلُ وأنْ

يُسْألَ ذو قتله عَن السَبَبِ (٤)

فَالوَيْلُ والنّارُ والثُّبُورُ لمنْ

قد أسلَمُوه للجَمْرِ واللّهَبِ (٥)

إنّه يبكي بسخاء ، ويذرف الدمع بملء جفنيه ؛ لأنّ المصائب عظيمة ، ليس كمن يستخفّه الطرب فيبكي حنيناً على رسوم اندرست ، وكثبان عفى الدهر عليها ...

ثمّ يناشد عيونه الباكية بحرقة ؛ لتسحّ بدموعها على مقابر العزّ والشرف احتوتها كربلاء الطهر والإباء ، وكلّما تذكّر تلك المصائب ، اعتصر قلبه بل أصبح مقبرة الأحزان ، أمام مقابر كربلاء التي ضمّت رجال التقى والعزّ والشرف ، هم السادة الأطهار من آل البيت عليهم‌السلام ، هم الأماجد ذوو الحسب الرفيع.

إنّهم أرخصوا دماءهم حتّى احمرّت السيوف منها ، وارتوت الأرض من دمائهم الزكية.

__________________

(١) نوب جمع نائبة : مصيبة.

(٢) ارسي : اثبتي وارسخي. الخطب : الأمر العظيم المكروه. استشعري : البسي. احتسبي : قدّميه ، احتسب عند الله خيراً أو أجراً.

(٣) توأد : تؤدة : تأن.

(٤) يحشر : يبعث في القيامة.

(٥) الثبور : الهلاك.

۱۷۸

ثمّ يعقّب بكلام فيه الفداء بالنفس والآباء والأبناء ، سائلاً تلك الأجساد الطواهر التي ضمّتها أرض الشهادة ، فيقول : يا بني النبيّ لا تبعدوا عنّا ؛ كي لا يعضّنا الدهر بالنائبات المفجعة.

ثمّ يخاطب نفسه بعدم الجزع ، بل عليها أن تتحلّى بالصبر في الفادحات ، فإنّ في الصبر أجراً عظيماً :

يَا صَفْوَةَ اللهِ في خلائِقِهِ

وأكرَمَ الأعجَمين والعَرَبِ (١)

أَنْتُم بُدُورُ الهُدَى وأنجُمُهُ

وَدَوحَةُ المَكرُماتِ والحَسَبِ (٢)

وساسَةُ الحَوْضِ يَوْمَ لا نَهَلٌ

لمورِديكُمْ مواردَ العَطَبِ (٣)

فَكَّرتُ فيكُمْ وفي المُصابِ فما

انفَكَّ فؤادي يَعُومُ في عَجَبِ

ما زِلتُمُ في الحَيَاةِ بينَهُمُ

بَيْنَ قَتِيل وبَيْنَ مُسْتَلبِ

قَدْ كَانَ في هَجْرِكُمْ رِضىً بِكُمُ

وَكَمْ رِضىً مُشْرَج على غَضَب (٤)

حَتّى إذا أوْدَعَ النبيُّ شجا

قَيْدَ لهَاةِ القصاقِص الحَرِبِ (٥)

مع بعيدين أحْرَزا نَسَباً

مع بُعدِ دار عن ذلك النّسَبِ

ما كَانَ تَيْمٌ لهاشِم بأخ

ولا عَديٌّ لأحْمَد بأَبِ

لكن حَدِيثا عَداوة وقِلىً

تَهَوَّرا في غيابةِ الشُّقُبِ (٦)

__________________

(١) الصفوة في كلِّ شيء : خالصه ، خياره. الأعجمين : الناس من غير العرب.

(٢) دوحة : شجرة عظيمة.

(٣) نهل : شرب. العطب : الهلاك.

(٤) مشرج : مضموم.

) شجا : ما اعترض ونشب في الحلق من عظم ونحوه. لهاة : اللحمة المشرفة على الحلق في أقصى سقف الفم. القصاقص : القوي. الحَرِب : الشديد الغيظ.

(٦) قِلى : بغض. تهوّرا : أيّ الخليفتين ، سقطا في قعر مهاوي العداوة والبغض. الشّقب : الهاوي بين الجبال.

۱۷۹

قاما بِدَعوى فِي الظُّلمِ غَالِبة

وحُجّة جَزلَة من الكَذِبِ

ثمّ يندب ديك الجنّ أئمّة الهدى عليهم‌السلام ومن هم أكرم الناس من عرب وعجم ، فيقول : أنتم بُدور الرشاد والصلاح بكم يهتدي الناس ، فأنتم الشجرة الطيبة التي يستظلّ بها المؤمنون ، وأنتم القادة والساسة في تدبير الأمور.

وكلّما أبصرت في رزاياكم وجدتها عظيمة ، وإن لفّكم التراب فأصبحتم رهائن القبور ، إلاّ أنّكم أحياء بين الناس أحياء في الضمير والوجدان.

ثمّ إنْ هَجَرَكم أهل الحلّ والعقد ـ من الحكّام والساسة ـ فذلك باعث لسخط الربّ عليهم ، أمّا محبّة الناس لكم ، ففيها رضى الخالق.

ولا يخفى أنّ في الأبيات تعريضاً بقريش لمّا هجرت النبيَّ ومن آمن به وتركته في الشعب.

وبعد هذا يُشير إلى الشيخين : أبي بكر وعمر ، فقد أحرزا مدحاً بإصهار الرسول إليهما ، رغم عدم القرابة بينهما وبين الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فلا تيم ولا عدي آباء للنبي. ومع تلك العلاقة السببية لم يرعيا مكانة الزهراء من أبيها فاسخطاها ، وإنّك تجد الإشارة دقيقة جدّاً إلى ما فعلاه بالزهراء عليها‌السلام وما جنياه من الظلم والعداوة.

من ثَمَّ أوصَى بهِ نَبِيّكُمُ

نصّاً فأبْدى عَداوةَ الكَلِبِ

ومن هُنَاك انبَرى الزّمانُ لهم

بَعْدَ التياط بغارِب جشبِ (١)

لا تسْلقُوني بحدِّ ألسُنِكُمْ

ما أرَبُ الظّالِمينَ مِنْ أرَبِي

__________________

(١) التياط (الصواب اللياط) : الالتصاق. جشب : الخشن.

۱۸۰

إنَّا إلى الله راجعونَ على

سَهْوِ اللّيالي وَغَفْلةِ النُّوَبِ

غدا عليٌّ ورُبَّ مُنْقَلَب

أشأمَ قَدْ عادَ غيرَ مُنْقَلبِ

فاغترَّهُ السّيفُ وَهْوَ خادِمُهُ

متى يُهِبْ في الوَغَى به يُجِبِ (١)

أودى ولو مَدّ عَيْنَهُ أسَدَ

الغاب لناجى السَّرحانَ في هَرَبِ (٢)

يا طُولَ حُزْني ولَوْعَتي وتبا

ريحي ، ويا حَسْرَتي ويا كُرَبِي

لِهَولِ يَوْم تَقَلَّصَ العِلْمُ والدِّينُ

بِثَغْرَيْهِما عَنِ الشَّنَبِ (٣)

ذَلِكَ يَومٌ لَمْ تَرْمِ جائحَةٌ

بِمِثْلِهِ المُصْطَفى وَلَمْ تُصِبِ (٤)

يَومٌ أصَابَ الضُّحى بِظُلْمَتِهِ

وَقَنَّعَ الشّمسَ من دُجَى الغُهَبِ (٥)

وغادَرَ المعولاتِ مِنْ هَاشمِ

الخَيرِ حَيارى مَهْتُوكَةَ الحُجُبِ

بعد تلك الأبيات الرثائية المفجعة ، ينقلنا ديك الجنِّ إلى الحوادث التي ألمّت بأمير المؤمنين عليه‌السلام ، وتآمر القوم بعد استشهاد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ؛ فأقصوا وصيّه من الخلافة ؛ فهذا عمر بن الخطّاب قد أظهر لهاشم عداوته ، واجتمع الزمان مع القوم في خناقه ومعاندته لآل الرسول عليهم‌السلام حتّى صرعهم بين قتل وسبي ، وفي هذا المعنى إشارة صريحة في الأبيات السابقة.

ثمّ تجد في البيت : (فاغترّهُ السيفُ وهو خادمه ...) إشارة على مصرع الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام بسيف الغدر والخيانة ، إذْ أقدم ابن ملجم المرادي في تحقيق مأربه ، فاستلّ سيفه ؛ ليغتال أمير العلم والمعرفة والبيان

__________________

(١) اغترّه : غافله.

(٢) السّرحان : الذئب.

(٣) الشّنب : الأسنان.

(٤) جائحة : بليّة.

(٥) غهب : غيهب : ظلمة.

۱۸۱

علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

فيا عجباً من السيف الذي كان خادماً مطيعاً لأمر مولاه وإذا يسقط مولاه صريعاً في محرابه ، هذا البطل الضرغام الذي كانت تهابه الأسود والسباع ...!

ثمّ يتحسّر الشاعر على مصرع سيّده أمير المؤمنين عليه‌السلام ويشتدّ جزعه ، إنّه يوم تذهل فيه العقول ، ويخرس كلّ منطيق ، حتّى بدى الفجر مظلماً مسودّاً ؛ لهول المصاب ، واختفت الشمس بقناع الليل الحالك في ظلامه.

تَمْرِي عُيُوناً على أبِي حَسَن

مَحْفوفةً بالكُلومِ والنّدَبِ (١)

تَغْمُرُ رَبْعَ الهُمومِ أعيُنُها

بالدَّمعِ حُزْناً لِرَبْعِها الخَرِبِ

تَئِنُّ والنَّفْسُ تَسْتَدِيرُ بِها

رَحَىً مِن المَوْتِ مَرّةَ القطبِ (٢)

لَهْفِي لِذاك الرّواءِ أم ذلِكَ

الرأي ، وتِلكَ الأنباءِ والخطبِ (٣)

يا سَيّدَ الأوصياءِ والعاليَ

الحجّةِ والمُرْتَضَى وذا الرُتَبِ

إنْ يَسْرِ جَيشٌ الهُمُومِ مِنْكَ إلى

شَمْسِ مِنىً والمَقامِ والحُجُبِ (٤)

فَرُبّمَا تَقْعَصُ الكُماةَ بأقـ

ـدَامِكَ قَعْصاً يُجثي على الرُّكَبِ (٥)

ورُبَّ مُقْوَرَّة مُلَمْلَمَة

في عارِض للحمامِ مُنْسَكِبِ (٦)

__________________

(١) تمري عيوناً : تمسحها لترسل دمعاً. الكلوم : الجراح. النَّدب : آثار الجراح الباقية على الجلد.

(٢) تستدير : تدور. القطب : حديدة تدور عليها الرّحى.

(٣) الرّواء : حسن المنظر. الخطب : الخطوب : الأمور العظيمة المكروهة.

(٤) منى : بلدة قرب مكّة ينزلها الحجّاج أيام الحج ؛ لاداء بعض المناسك.

(٥) تقعصه : تقتله مكانه. الكماة جمع كميّ : الشجاع المقدام.

(٦) مقوّرة : ضامرة. ململمة : مجتمعة. الحِمام : الموت.

۱۸۲

فَلَلْتَ أرجاءَها وَجَحْفَلَها

بذي صِقال كوامِضِ الشُّهُبِ (١)

أو أسْمرِ الصَّدْرِ أصفَر أزرقِ

الرّأسِ وإنْ كانَ أحْمَرَ الحَلَبِ (٢)

أوْدى عليٌّ صلّى على روحِهِ

الله صَلاةً طَويلَةَ الدّأبِ

وكُلُّ نفس لِحَيْنِها سَببٌ

يَسْري إليهَا كهيئَةِ اللَّعِبِ (٣)

الناسُ بالغيبِ يَرْجُمُونَ وما

خِلْتُهُمُ يَرْجُمونَ عن كَثَبِ (٤)

وفي غد فاعْلَمَنْ لِقاؤهُمُ

فإنَّهُمْ يَرْقُبونَ ، فارتَقِبِ

بمصرع الإِمام علي عليه‌السلام نزفت عيون الهاشميّات دماً ، فهي مكلومة إلى الأبد ، وأمّا ديارهنّ فقد أصابها البلى ، واعتراها الخراب والدمار ، وإنّ دار أبي حسن هي مهوى الدموع وهي دار الهموم والأحزان ، وأمّا العقائل من المخدّرات ، فقد لازمن الحزن ـ وهو سرمدي لهنّ ـ ونفسهن توّاقة للموت بعد الإمام علي عليه‌السلام ، وهكذا رحى الموت يستدير بهنّ إذ لا خير في البقاء بعد أبي الحسن.

وبعد ذلك يتحسّر ديك الجنّ مرّة بعد مرّة على فقدان أمير المؤمنين عليه‌السلام ، أمير العدل والجمال والعقل والمعرفة ، ويعدّد مناقبه ومآثره في الحرب والسلم ، ثمّ يختم قصيدته بالصلاة على أمير المؤمنين عليه‌السلام.

وممّا قاله في رثاء الإمام الحسين عليه‌السلام :

جَاؤوا برأسِكَ يا بنَ بنتِ محمّـد

مُتَرَمِّلاً بِدِمائهِ تَرمِيلاً

وكأنَّما بِكَ يا بن بنتِ محمّـد

قَتَلُوا جِهاراً عامِدينَ رَسُولا

__________________

(١) فللت : هزمت.

(٢) الحَلَب : اللبن ، هنا يقصد الدم.

(٣) حَيْن : هلاك ، مرت.

(٤) يرجمون : يتكلّمون بالظنّ. كثب : قرب.

۱۸۳

قَتَلوكَ عطشاناً ولمّا يرقبوا

في قتلِكَ التنزيل والتّأويلا

ويكبّرون بأن قُتِلْتَ وإنّما

قَتلَوا بك التكبير والتّهليلا

نقضوا الكتابَ المستبين وأبرموا

ما ليس مرضيّاً ولا مقبولا (١)

ربّما نسبت هذه الأبيات لخالد بن معدان الطائي (٢) كما أنّ البعض نسبها لابن سنان الخفاجي ، قيل : إنّ خالداً ـ وهو من فضلاء التابعين ـ لمّا شاهد رأس الإِمام الحسين عليه‌السلام بالشام أخفى نفسه شهراً من جميع أصحابه ، فلمّا وجدوه بعد إذ فقدوه ، سألوه عن سبب ذلك ، فقال : ألا ترون ما نزل بنا ، ثمّ أنشأ يقول الأبيات.

وقد نسبها ابن شهر آشوب في المناقب إلى خالد ؛ إذ أنّه بقي إلى ما بعد قتل الإِمام الحسين عليه‌السلام.

وأمّا المجلسي ، فإنّه ينقل عن بعض كتب المناقب القديمة أنّ خالد بن معدان كان يومئذ بالشام ، فإنّه روى عن تلك الكتب بإسناده عن البيهقي ، عن علي بن محمّـد بن الأديب يذكر بإسناد له : إنّ رأس الإِمام الحسين عليه‌السلام لمّا صلب بالشام اختفى خالد بن معدان ، ـ هو أفضل التابعين ـ عن أصحابه فطلبوه شهراً حتّى وجدوه ، فسألوه عن عزلته ، فقال : أما ترون ما نزل بنا ، ثمّ انشأ يقول :

__________________

(١) الديوان : ١٨٦ ، اعيان الشيعة : ٣٨ / ٣٠ و ٢٩ / ١٤٠ ، أدب الطف : ١ / ٢٨٨.

(٢) أقول : إنّ خالد بن معدان الطائي من فضلاء التابعين ، أرسله عبـد الله بن عباس أيام ولايته من قبل أمير المؤمنين عليه‌السلام على البصرة بجند من أهل البصرة إلى الأهواز ، ممدّاً به معقل بن قيس الرياحي أمير الجيش المحارب بأمر علي عليه‌السلام للناجي الخارجي بالأهواز ، وكتب إليه معه : وجّهت إليك خالد بن معدان الطائي مع رجال من المسلمين ، وهو من أهل الدين والصلاح والنجدة ، فاعرف ذلك له إن شاء الله. انظر كتاب الغارات ١ / ٣٥٢.

۱۸۴

* جاؤا برأسك يا بن بنت محمّـد *

الأبيات ...

قال : وقد نسب إلى خالد بن معدان في رثاء الإِمام الحسين عليه‌السلام قالها حين مجيء السبايا والرؤوس إلى الشام ...

قال السيّد شبّر : ويبعد أن يكون هو الطائي هذا ؛ لأنّه يكون قد بلغ المائة أو تجاوزها ، ولو كان كذلك لذكر ، ويمكن كونه الكلاعي الشامي الحمصي المتوفّى سنة ١٠٣ هـ أو أكثر (١).

ومن روائع شعر ديك الجنّ قصيدته الرائية في رثاء الإِمام الحسين عليه‌السلام وأخوته وبني عمومته من آل جعفر وعقيل ...

وهي مشهورة ، ويذكر الشاعر مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام في آخرها :

ما أنتِ منّي ولا رَبْعاك لي وَطَرُ

الهَمُّ أمْلَكُ بي والشَّوقُ والفِكَرُ

وراعها أنّ دمعي فاضَ منتثراً

لا أوْ تَرى كَبِدي للحُزنِ تنتثرُ

أينَ الحُسَيْنُ وقَتلى من بَني حَسَن

وجَعْفَر وعَقِيل غالهم غَمِرُ

قَتلى يَحِنُّ إليها البَيْتُ والحَجَرُ

شوقاً ، وتَبْكِيهُمُ الآياتُ والسُّوَرُ

ماتَ الحُسَينُ بأيد في مغائظها

طولٌ عليه وفي إشفاقِها قِصَرُ (٢)

لا دَرَّ دَرُّ الأعادي عِنْدَما وَتَرُوا

ودرَّ دَرُّكِ ما تَحْوِينَ يا حُفَرُ (٣)

لَمَّا رأوا طُرُقاتِ الصَّبر مُعْرِضَةً

إلى لقاء ولقيا رَحْمَة صَبَرُوا

__________________

(١) أدب الطف : ١ / ٢٩٠.

(٢) مغائظ : من الغيض.

(٣) لا درَ دَرُّ الأعادي : أي لا كثُر خيرهم والأصل هو دعاء : (لله درّه) ، أي لله : ما خرج منه من خير ن ودرّ الحليب : كثر ودرّت الدنيا على أهلها : كثر خيرها. وُتِروا : ظلموا ، أصيب بظلم.

۱۸۵

قالوا لأنفُسِهِمْ : يا حبّذا نَهَلٌ

محمّـد وعليٌّ بَعْدَهُ صَدَرُ (١)

رِدُوا هَنِيئاً مَريئاً آل فَاطِمَة

حَوْضَ الرّدَى فارتَضوا بالقَتْلِ واصطَبِروا

الحَوضُ حَوْضُهُمُ ، والجدُّ جَدُّهُمُ

وَعِنْدَ ربِّهِمُ في خَلْقِهِ غِيَرُ

أبكِيكُمُ يا بَني التَّقوى وأُعوِلُكُمْ

وأَشْرَبُ الصَّبرَ وهو الصّابُ والصَّبرُ (٢)

أبكِيْكُمُ يا بَني بِنْتِ الرّسُولِ ولا

عَفَتْ مَحَلّكُمُ الأنواءُ والمَطَرُ (٣)

مالي فَراغٌ إلى عُثمانَ أندُبُهُ

ولا شَجَاني أبُو بَكْرِ ولا عُمَرُ

لَكُم عَدِيٌّ وتَيْمٌ ، بل أزِيدُكُمُ

أمَيَّةً ، ولنا الأعلامُ والغُرَرُ

في كِلِّ يَوم لقلبي مِنْ تَذَكُّرِهم

تَغْرِيبةٌ وَلِدَمْعِي مِنْهُمُ سَفَرُ (٤)

مَوْتاً وَقَتْلاً بِهامات مُفَلّقة

مِنْ هاشِم غابَ عَنها النَّصرُ والظَّفَرُ (٥)

كَفى بأنّ أنَاةَ الله واقِعَةٌ

يَوْماً ، ولله في هذا الوَرَى نَظَرُ (٦)

أنسى عليّاً وتَفنيدَ الغُواةِ له

وفي غَد يُعْرَفُ الأفّاكُ والأشِرُ (٧)

مَنْ ذا الذي كَلَّمَتْهُ البِيدُ والشَّجرُ؟

وسَلّمَ التُرْبُ إذ ناداهُ والحَجَرُ (٨)؟

حتى إذا أَبْصَرَ الأحْياءُ مِن يَمَن

بُرْهانَهُ آمَنُوا مِنْ بَعْدِما كَفَروا

__________________

(١) النهل : الشُرب ، أي : الإقدام على الموت جهاداً في سبيل الله ، إذ من قبلهم صدر عنها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين عليه‌السلام فنهلوا من كؤوسها.

(٢) الصاب : شجر مرّ ، وكانت العرب تشبّه الصبر به ، كما أنّ هناك نباتاً يسمى بالصبر مرّ كالحنظل.

(٣) عفت : اندرست ، محت.

(٤) تغريبة : من الغربة ، وربما أراد بها الحزن والاعتصار.

(٥) هامات مفلّقة : رؤوس مجروحة من شدة الضرب فهي مشققة.

(٦) أناة : الحلم. الورى : الناس.

(٧) تفنيد : تكذيب. الأفّاك : الكاذب. الأشر : الأثيم ، الشرير.

(٨) البيد : مفردها بيداء : الصحراء.

۱۸۶

أَمْ مَنْ حَوَى قَصَبات السَّبقِ دُونَهُمُ

يَوْمَ القليبِ وفي أعْناقِهم زوَرُ (١)

أَمْ مَنْ رَسا يَوْمَ أُحْد ثَابِتاً قَدَماً

وفي حُنَين وسَلْع بَعْدَما عَثَروا (٢)

أمْ مَنْ غَدا داحياً بابَ القُموص لَهُمْ

وفاتِحاً خيبراً مِنْ بَعْدِ ما كُسِروا (٣)

أَليْسَ قامَ رسول الله يخطُبُهمْ

وقال : مولاكُمُ ذا أيُّها البَشَرُ

أضَبْعَ غَيْرِ عليٍّ كان رافِعَه

محمّـد الخيرِ أمْ لا تَعْقِلُ الحُمُرُ (٤)

وقال من مرثية في الإِمام الحسين عليه‌السلام (٥) :

أصْبَحْتُ مُلقى في الفِراشِ سَقِيما

أَجِدُ النَّسيمَ مِنَ السّقام سَموما (٦)

ماء من العَبَراتِ حَرَّى أرضُهُ

لو كان مِنْ مَطَر لكَانَ هَزِيما (٧)

وبلابِلٌ لو أنّهُنَّ مآكِلٌ

لم تُخْطِىء الغِسلِينَ والزَّقُوما (٨)

__________________

(١) يوم القليب : يوم معركة بدر ، والقليب : البئر الذي قذفت فيه قتلى قريش.

(٢) رسا : ثبت ، رسخ. سلع : اسم جبل ، وفي البيت إشارة إلى المعارك التي دارت بين المسلمين وقريش ، وهي : معركة أُحد وحنين ومن قبل معركة بدر ، وكلّها تشهد بمواقف أمير المؤمنين عليه‌السلام وشجاعته.

(٣) داحياً ـ من الدحي ـ : الإزالة. وهنا أراد الشاعر قلع باب خيبر إذ قلعها أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وفي ذلك يقول ابن أبي الحديد المعتزلي :

يا قالع الباب التي عن هزّها

عجزت أكفٌ أربعون وأربعُ

القموص : جبل بخيبر عليه حصن أبي الحقيق اليهودي.

(٤) الضبع : العضد ، أو الاُبط أو ما بينهما. وفي البيتين الأخيرين إشارة إلى بيعة يوم الغدير.

(٥) انظر : ديوان ديك الجن : ٦٠ ، وديوان ديك الجن تحقيق (مهنّا) : ١٥٥.

(٦) يتوجّع الشاعر ، ولشدة ألمه اصبح طريح الفراش ، لا يجد الهناء حتى في الهواء العليل ، فليس النسيم إلا من ريح السموم.

(٧) مطر هزيم : لا ينقطع.

(٨) بلابل : وساوس. الغسلين : ما انغسل من لحوم أهل النار ودمائهم. الزقوم : شجر له ثمر مرّ.

۱۸۷

وَكَرىً يُرَوّعُنِي سَرَى لو أنّه

ظِلٌّ لكانَ الحَرَّ واليَحْمُوما (١)

مَرَّتْ بِقَلْبي ذِكْرَياتُ بَنِي الهُدى

فَنَسِيتُ مِنْهَا الرَّوْحَ والتّهويما (٢)

وَنَظَرْتُ سِبطَ محمّـد في كَربلا

فَرْداً يُعاني حُزْنَهُ المَكْظوما

تَنْحو أضالِعَهُ سيُوفُ أُمَيَّة

فتراهُم الصّمصُوَم فالصّمصوما (٣)

فالجِسمُ أضحى في الصّعِيدِ موزّعاً

والرّأسُ أمسى في الصِعاد كَريما (٤)

يُطْلِعُنا الشاعر في هذه الأبيات على صورة من أحاسيسه الصادقة تجاه أرض البطولات التي أضحت الأجساد فيها مبضّعة بسيوف الطغاة.

لقد أصبح الشاعر ديك الجنّ ـ لهول تلك المصائب ـ طريح الفراش ، مريضاً يتلوّى من الألم ، فلم يجد للحياة من لذّة أو طعم حلو المذاق ، بل وحتّى النسيم من الهواء إذا مرّ به فلا يجد له اُنساً بل كأنّه ريح السموم.

ثمّ يصف الشاعر حزنه وما انطوت عليه نفسه ، فأمّا عيونه فالدموع تنحدر غزيرة على خدّيه الملتهبين ، ولو كان دمعه مطراً ، لما كان له انقطاع.

أمّا وساوسه لو كانت مألوفة تؤكل لكانت أشدّ مرارة وقذارة من غسالة أهل النار وصديدهم ، وأشدّ مرارة من شجر الزقّوم.

ثمّ يتذكّر الشاعر ما جرى لأبناء عليّ عليه‌السلام ، وما حلّ بهم فيقول : نسيت راحتي ونومي ، ثمّ نظرت سبط النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في كربلاء وحيداً مثخناً

__________________

(١) كرى : نعاس. اليحموم : الدخان الأسود.

(٢) الرّوح : الرحمة ، الاستراحة. التّهويم : هزّ الرأس من النعاس.

(٣) تنحو : تقصد. الصمصوم : ربما كانت بمعنى الماضي في الأمر ، المصمّم.

(٤) الصعيد : التراب. الصعاد : الرماح.

۱۸۸

بالجروح يتألّم من حزنه المكتوم ، وسيوف أعدائه وقاتليه تضرب أضالعه الشريفة ، وجميعهم مصمّم على قتله ، حتّى فصلوا رأسه عن جسده الطاهر ، فالرأس منه فوق الرماح ، وجسده أشلاء موزّعة على التراب.

۱۸۹

يك الجنّ والفخر

من شأن كلِّ أديب أو شاعر أن يفتخر بأدبه ، وشاعرنا ـ على أنّه عربي أصيل ينتمي إلى بني كلاب ـ يفتخر بهذا النسب ، كما أنّه يمدح كسرى وقيصر ؛ لأنّهما أهل حضارة عريقة ، وقد أخذ عليه النقّاد هذا اللون من المدح حتّى رموه بالشعوبية ، ياليتهم عرفوا معنى الشعوبية؟! والذي صدر إنّما لقلّة معرفة ، وعدم وضوح هذا المصطلح عند الكثير ...

بين الفخر والشعوبية

الفخر : هو مدح الإنسان نفسه أو قبيلته بما له ولها من المنزلة والفروسية والمآثر في السلم والحرب ، وهو غرض عرفته جميع العصور الأدبية ، وإذا كسدت بضاعة هذا الفنّ في صدر الإسلام فقد راجت سوقه في العهد الأُموي ، وما بعده من العصور.

وقد افتخر الشاعر بعقيدته ومذهبه في قصائده ، وأجاد في سبك معاني قصائده تلك ، وذهب يتغنّى ويفخر بأمجاده ، ولكن في قصائد أخرى يتحمّس الشاعر ؛ لينتقل إلى ربوع الشام المتاخمة للروم مهد القياصرة.

وهكذا يدفع بنفسه فيذكر الأكاسرة ؛ لما لهم من قديم حضارة وتراث ، وفي ذلك يقول مفتخراً :

إنِّي بِبَابكَ لاَوُدّي يُقَرّبني

ولا أَبي شَافِعٌ عِندي ولا نَسَبي (١)

__________________

(١) ثمار القلوب في المضاف والمنسوب : ٦٠٤ ، ديوان ديك الجن : ١٥٦ ، ديوان الشاعر تحقيق (مهنّا) : ٢٩.

۱۹۰

إنْ كانَ عرفُك مَذخوراً لذي سَبَب

فاضمُمْ يَدَيْكَ عَلى حرٍّ أخي سَبَبِ (٦١)

أو كُنتَ وافقْتَهُ يَوماً على نَسَب

فاضْمُمْ يديكَ فَإنِّي لستُ بالعربي

إنِّي امْرؤٌ بازِلٌ في ذروتَيْ شَرَف

لقيصَر ولكسرى محتدي وأبي (٦٢)

حَرفٌ أمُونٌ ورأيٌ غيرُ مشترك

وصارِمٌ من سيوفِ الهندِ ذو شطبِ (٦٣)

خوَّاضُ ليل تهابُ الجنُّ لجّتَه

وينطوي جَيشُها عن جيشهِ اللَّجِبِ

ما الشَّنفَريّ وسليكٌ في مُغَيّبة

إلاّ رَضيعا لبان في حِمى أشِبِ (٦٤)

والله ربّ النبي المصطفى قَسَماً

برّاً وحقِّ منى والبيتِ ذي الحُجُبِ

والخمسةِ الغرِّ أصْحاب الكساء معاً

خير البريّة من عُجْم ومن عَرَبِ

ما شِدّة الحِرص من شأني ولا طلبي

ولا المكاسِبُ من هَمِّي ولا أرَبي

لكِن نوائِبُ نابتني وحادِثةٌ

والدَّهْرُ يَطْرُقُ بالأحْداثِ والنُّوَبِ

وليس يَعْرِفُ لي قَدْري ولا أدبي

إلاَّ امْرؤٌ كانَ ذا قَدْر وذا أدَبِ

لا يَفْتُنَنَّكَ شكري إن ظَفِرْتَ بهِ

فإنّها فُرْصَةٌ وافتْكَ من كَثَبِ

واعلَم بأنّكَ ما أَوْدَعْتَ من حَسَن

عندي ففي حَسَن أنْقى من الذَّهَب

من هنا نسب الشاعر إلى الشعوبية ، وأوّل من أشاع هذه التهمة أبو الفرج الأصفهاني فقال :

«كان شديد التشيّع والعصبية على العرب ، يقول : ما للعرب علينا

__________________

(١) العرف : الجود والمعروف من الخير. السبب : الذريعة والمودّة.

(٢) البازل : الرجل المجرّب. قيصر : لقب ملك الروم. كسرى : لقب ملك الفرس.

(٣) حرف : الناقة العظيمة. أمون : المطية المأمونة لا تعثر ولا تفتر. شطب السيف : خطوط تتراءى في متنه.

(٤) الشنفرى : شاعر جاهلي من الصعاليك والعدّائين. السلَيك بن السلكة : شاعر جاهلي من الصعاليك والعدّائين. مغيّبة : صحراء تغيّب سالكيها. أشب : ملتفّ ، كثير الشجر حتى لا يجاز فيه.

۱۹۱

فضل ، جمعتنا وإيّاهم ولادة إبراهيم عليه‌السلام ، وأسلمنا كما أسلموا ، ومن قتل منهم رجلاً منّا قُتِلَ به ، ولم نجد الله عزّوجلّ فضّلهم علينا إذ جمعنا الدين» (١).

وأخذت هذه الكلمات تجترّ في كتب الأدب والتراجم والمجاميع الشعرية.

فهذا ابن خلّكان يقول :

«وكان يفخر على العرب ، ويقول : ما لهم فضل علينا أسلمنا وأسلموا» (٢).

غير أنّ بروكلمان نقل ما يشعر بالتفاضل فقال :

وكان يتعصّب لأهل الشام على العرب ذاهباً مذهب الشعوبية ، ومن ثمّ لم يتمّ له عزم على مغادرة وطنه (٣).

وسرى هذا الاتهام عند المعاصرين من الكتّاب ، فالدكتور محمّـد محجوب يسرد أسماء جماعة من الشعراء في قائمة الشعوبيّين ، فيذكر منهم : أبا نواس ، ودعبل الخزاعي ، والخريمي ، وأبا إسحاق المتوكّل ، وابن الرومي ... ثمّ يحشر ديك الجنّ في صفوف أُولئك ، لاصقاً به ذلك التشنيع والاتهام فيقول :

... فهؤلاء هم شعراء الشعوبية الذين استطعنا أن نستنشق نزعتهم تلك من أشعارهم ، أو الذين أشار الرواة إلى أنّهم من صميم الشعوبيّين.

على أنّ هناك شاعراً آخر من الموالي لم نجد له بيتاً واحداً يشير إلى

__________________

(١) الاغاني : ١٤.

(٢) وفيات الأعيان ٣ / ١٨٤.

(٣) انظر تاريخ الأدب العربي بروكلمان : ٢ / ٧٧.

۱۹۲

شعوبيّته ، ومع ذلك فقد نصّ ابن خلّكان على عصبيّته على العرب بقوله : «وكان يفخر على العرب ...» ، ونعني به ديك الجنّ : عبـد السلام بن رغبان ... الكلبي الذي ولد بمدينة حمص ، وتوفّي في خلافة المتوكّل سنة ٢٣٥ هـ.

ثمّ ينقل كلام الجهشياري فيقول : وإذا علمنا أنّه كان متشيّعاً ، وأنّه كان ماجناً خليعاً عاكفاً على اللهو والقصف ـ كما يقول ابن خلّكان ، وهذا من مظاهر الشعوبية ـ فقد حقّ لنا بعد هذا أن ننظمه في سمط الشعوبية ، كما فعل الأُستاذ السباعي مع بشّار والخريمي وغيرهما (١).

أقول : إنّ العبارات المنسوبة لديك الجنِّ والأبيات المارّة الذكر ، ليست حجّة لأُولئك الكتّاب والأُدباء ، الذين أدرجوا الشاعر في صنف الشعوبية ، بعدما عرفت أنّ ديك الجنِّ ليس فارسيّاً ، ولا روميّاً ، ولا من الترك ، أو الهنود أو ... بل هو عربيٌّ أصيل ، وأنّه ينتمي إلى بني كلاب ، فهو تميمي كلبي حمصي.

إذن هو من قبيلة عربية ، وولاؤه عربي ، ومنشؤه وموطنه بلاد العرب ، أي : الشام التي عرفت بحضارتها منذ آلاف السنين.

ثمّ إنّ الشاعر لم يبرح وطنه إلى بلاد أخرى ، ولم يتكسّب بشعره ، ولم يدخل بلاط الحكومة ، ولم يختلط مع ساسة البلاد ووعّاظ السلاطين ... فأي عذر لهؤلاء عندما صنّفوا الشاعر في حقل الشعوبية ...؟!

__________________

(١) مظاهر الشعوبية : ٣١٤ ، وتاريخ الأدب العربي : ٣ / ٢٩٢ ، والشعوبية : ٧٤.

۱۹۳

ديك الجنّ والمديح في شعره

يكاد مديح الشاعر ـ الذي هو بأيدينا يكون على قلّته ـ منحصراً في أهل البيت عليهم‌السلام ، عدا عدّة قصائد في جعفر وأخيه ابني علي الهاشمي إذْ مدحهما وهما اُمراء في السلمية ...

قال في مدح أهل البيت عليهم‌السلام (١) :

شَرَفي مَحَبَّةُ مَعْشَر

شَرُفوا بسُورةِ «هَلْ أتى؟»

وَوِلايَ فِيمَنْ فَتْكُهُ

لذوي الضَّلالةِ أخْبتا (٢)

وإذا تَكَلَّمَ في الهُدى

حَجّ الغَويَّ وأسكَتا

فَلِفَتْكِهِ وَلِهَدْيِهِ

سَمّاهُ ذُو العَرْشِ الفَتى

ثَبْتٌ إذا قَدَما سوا

هُ في المَهاوي زَلَّتا

لم يَعْبُدِ الأصنامَ قَطُّ

ولا أرابَ ، ولا عَتا (٣)

غَرَسَتْ يَدُ البَارِي لَهُ

رِبْعَ الرّشادِ فَأَنْبَتا

وأقامَهُ صِنْوا لأحمـ

ـدَ دَوْحُهُ لَنْ يُنحَتا

صِنْوانِ هَذا مُنْذِرٌ

وافى ، وذا هَاد أتى

يَهْدِي لما أوفَى بِهِ

حُكْمُ الكِتابِ وأَثْبَتا

فَهُوَ القَرِينُ لَهُ وما

افتَرَقا بصَيف أو شِتا

__________________

(١) انظر الديوان : ٤٧ وديوان ديك الجن تحقيق (مهنا) : ٥٠.

(٢) أخبت : خشع وتواضع.

(٣) أراب : صار ذا ريب. عتا : استكبر وتمرّد.

۱۹۴

لكِنَّما الأعداءُ لَمْ

يَدَعُوهُ أن يَتَلفّتا

ثِقْلُ الهُدى وكتابُهُ

بَعْدَ النّبيّ تَشَتَّتا

واحَسْرَتا من غَصْبِهِ

وسُكُوتِهِ ، وَاحَسْرَتا

طالَتْ حياةُ عَدوّهِ

حَتّى مَتى؟ وإلى مَتى؟

يفتخر ديك الجنِّ بالشرف الذي ناله من خلال الانتساب إلى أهل البيت عليهم‌السلام بولائه لا بحسبه ، فإنّ محبّته لهم شرف ؛ لأنّ الله سبحانه شرّف أهل بيت نبيه بقرآن أنزله فيهم ، فمن الذكر الحكيم آيات وسور في مدحهم والثناء عليهم ، والشاعر يصرّح بتلك السورة التي نزلت في تكريم هؤلاء الأطهار وهي (سورة الدهر).

ولاء الشاعر : لمن يكافح ويجاهد من أجل إعلاء كلمة الحقّ ، ولمن يبطش بأهل الضلالة والكفر ...

ثمّ يؤكّد الشاعر على لقب أمير المؤمنين عليه‌السلام ، الذي نادى به جبرائيل عليه‌السلام في السماء في أكثر من معركة : «لا فتى إلاّ عليّ ...»

الأبيات كثيرة المعاني سهلة الألفاظ خالية من التعقيد.

۱۹۵

مصادر البحث

١ ـ القرآن الكريم.

٢ ـ اتجاهات الشعر العربي في القرن الثاني الهجري ، الدكتور محمّـد مصطفى هدارة ، مكتبة الدراسات الأدبية ، دار المعارف ، القاهرة.

٣ ـ اتجاهات الغزل في القرن الثاني الهجري ، يوسف حسين بكّار ، دار الأندلس ، بيروت.

٤ ـ أخبار النساء ، ابن القيّم الجوزية؛ محمّـد بن أبي بكر ، الطبعة الأولى ، دار مكتبة الحياة ، بيروت.

٥ ـ أدب الطفّ ، جواد شبّر ، الطبعة الأولى ، بيروت ١٩٧٧ م ، وطبعة مؤسّسة البلاغ ١٤٠٩ هـ.

٦ ـ أعلام الأدب والفنّ ، أدهم الجندي ، دمشق ، ١٩٥٤ م.

٧ ـ أعيان الشيعة ، محسن الأمين العاملي ، طبع دار التعارف ، بيروت.

٨ ـ الأغاني ، أبو الفرج الأصبهاني ، دار الكتب العلمية ، بيروت ١٩٨٦ م ، وطبعة دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

٩ ـ الإيضاح في علوم البلاغة ، القزويني ، شرح عزّ الدين التنوخي.

١٠ ـ تاريخ آداب اللغة العربية ، القزويني ، تحقيق محمّـد عبـد المنعم الخفاجي ، الطبعة الثالثة ، دار الجيل ، بيروت ١٩٩٣ م.

١١ ـ تاريخ الأدب العربي ، بروكلمان ، الطبعة الثانية ، والطبعة الثالثة ، دار الكتاب الإسلامي ، قم.

١٢ ـ تاريخ الأدب العربي ، السباعي.

١٣ ـ تاريخ دمشق ، ابن عساكر ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ٢٠٠١ م.

١٤ ـ تزيين الأسواق في أخبار العشّاق ، الطبعة الأولى ، منشورات دار حمدو ، بيروت ١٩٧٢ م.

١٥ ـ التشيّع وأثره في شعر العصر العبّاسي الأوّل ، الدكتور محسن غياض ، مطبعة النعمان ، النجف الأشرف.

۱۹۶

١٦ ـ ثمار القلوب في المضاف والمنسوب ، أبو منصور الثعالبي ، دار النهضة في مصر ١٩٦٥ م.

١٧ ـ حلبة الكميت ، النواجي.

١٨ ـ حياة الحيوان ، كمال الدين الدميري ، المكتبة الإسلامية لرياض الشيخ ، وطبعة دار القاموس الحديث ، بيروت.

١٩ ـ ديوان الصبابة ، شهاب الدين أحمد المغربي ابن حجلة التلمساني ، دار حمدو بيروت ، وطبعة مصر بتحقيق محمّـد زغلول.

٢٠ ـ ديوان ديك الجنّ ، تحقيق الدكتور أحمد مطلوب ، بيروت ١٩٦٤ م.

٢١ ـ ديوان ديك الجنّ ، تحقيق عبـد الله المهنّا ، دار الفكر اللبناني ، بيروت ١٩٩٠ م.

٢٢ ـ ديوان المعاني ، أبو هلال العسكري ، دار الأضواء ، بيروت ١٩٨٩ م.

٢٣ ـ ديوان ديك الجنّ ، تحقيق الملوحي ودرويش ، حمص ، ١٩٦٠ م.

٢٤ ـ ديوان ديك الجنّ ، تحقيق انطوان محسن القوّال ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، الطبعة الثانية ، ١٩٩٤ م.

٢٥ ـ روضة المحبّين ، ابن القيّم الجوزية ، محمّـد بن أبي بكر ، دار الكتاب ، بيروت.

٢٦ ـ زهر الأدب وثمر الألباب ، أبو إسحاق القيرواني ، دار الكتاب ، بيروت وطبعة دار الجيل ، تحقيق الدكتور زكي مبارك.

٢٧ ـ سير أعلام النبلاء ، محمّـد بن أحمد الذهبي ، مؤسّسة الرسالة ، الطبعة الأولى ، بيروت ١٩٨١ م.

٢٨ ـ شرح المقامات ، أحمد بن عبـد المؤمن القيسي ، الطبعة الثانية ، بولاق ، القاهرة ١٣٠٠ هـ ، وطبعة المكتبة الثقافية ، بيروت.

٢٩ ـ الشعوبية ، الدجيلي.

٣٠ ـ ظلمات الهاوية ، الشيخ النوري.

٣١ ـ العمدة في محاسن الشعر ، ابن رشيق القيرواني ، دار الجيل ، الطبعة الرابعة ، بيروت ١٩٧٢ م.

۱۹۷

٣٢ ـ الغارات ، إبراهيم بن محمد الثقفي (ت ٢٨٣ هـ) ، قم ، مطبعة بهمن.

٣٣ ـ الغدير في الحديث والتاريخ والأدب ، عبـد الحسين الأميني ، مؤسّسة الأعلمي ، بيروت ، وطبعة إيران.

٣٤ ـ الغيث المسجم في شرح لامية العجم ، صلاح الدين الصفدي ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، الطبعة الأولى ، ١٩٧٥ م.

٣٥ ـ الفهرست ، ابن النديم (ت ٣٧٧ هـ) ، الطبعة الثالثة ، دانشگاه طهران.

٣٦ ـ قواعد الشعر ، أبو العباس ، أحمد بن ثعلب ، الدار المصرية اللبنانية ، القاهرة ، ١٩٩٦ م.

٣٧ ـ كتاب الغارات ، إبراهيم بن محمّـد الكوفي الثقفي (ت ٢٨٣ هـ).

٣٨ ـ الكشكول ، يوسف البحراني ، مطبعة النعمان ، النجف الأشرف ١٩٦١ م.

٣٩ ـ الكنى والألقاب ، عبّاس القمّي ، مطبعة العرفان ، صيدا ١٣٥٨ هـ والمطبعة الحيدرية ، النجف ١٣٧٦ هـ.

٤٠ ـ لسان العرب ، ابن منظور ، أدب الحوزة ، قم.

٤١ ـ المثل السائر ، ضياء الدين ابن الأثير ، دار نهضة مصر للطبع والنشر ، القاهرة.

٤٢ ـ مثير الأحزان ، ابن نما.

٤٣ ـ مجلّة المجمع العلمي العربي ، دمشق ، ج ٥ / ٤٠٥.

٤٤ ـ مجمع البحرين ، الشيخ الطريحي (ت ١٠٨٥ هـ) ، مكتب نشر الثقافة الإسلامية ، طهران.

٤٥ ـ محاضرات الأدباء ، الراغب الأصفهاني ، تحقيق د. عمر الطبّاع ، دار الأرقم ، بيروت ، ١٩٩٩ م.

٤٦ ـ المحبّ والمحبوب والمشموم والمشروب ، الريّ الرّفاء.

٤٧ ـ المختصر في أحوال البشر ، أبو الفداء؛ إسماعيل بن علي ، دار الكتب العلمية ، بيروت ١٩٩٧ م. وطبعة أولى القاهرة.

٤٨ ـ المستطرف من كلّ فنّ مستظرف ، الأبشيهي.

٤٩ ـ مظاهر الشعوبية ، الدكتور محمّـد محجوب.

٥٠ ـ نسمة السحر ، يوسف بن يحيى الصنعاني (ت ١١٢١ هـ) ، دار المؤرّخ العربي ، الطبعة الأولى ، بيروت ١٩٩٩ م.

۱۹۸

٥١ ـ نشوار المحاضرة ، القاضي المحسن بن علي التنوخي ، ١٩٧١ م.

٥٢ ـ نقد الشعر ، قدامة بن جعفر ، تحقيق محمّـد عبـد المنعم ، دار الكتب العلمية ، بيروت.

٥٣ ـ نهاية الإرب ، النويري ، دار الكتب العصرية ، القاهرة ١٩٣٥ م. وطبعة أُخرى.

٥٤ ـ الوافي بالوفيات ، صلاح الدين الصفدي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ٢٠٠٠ م.

٥٥ ـ وفيات الأعيان ، ابن خلّكان (ت ٦٨١) ، تحقيق إحسان عباس ، دار الثقافة ، بيروت ، الطبعة الثانية.

۱۹۹

فهرس مخطوطات

مكتبة أميـر المؤمنين عليه‌السلام العامّـة

النجف الأشرف

(٢٠)

السـيّد عبـد العزيز الطباطبائي قدس‌سره

(١١٧٠)

صلاة الآيات

للشيخ حسن بن أمان الله العظيم آبادي الهندي الحائري.

أوّله : (الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة على سيّد المرسلين وآله الطيِّبين الطاهرين) وبعد فيقول ... أنّ هذه العجالة الأنيقة والوجيزة الرشيقة ...).

نسخة بخطّ فارسي جميل ، كتابة القرن الثالث عشر بآخر مجموعة أكثرها من رسائل المصنّف ، رقم ٤١٥.

(١١٧١)

صلاة الجماعة

للعلاّمة الفقيه المحقّق الشيخ محمّـد حسين الغروي الأصفهاني ، المتوفّى سنة ١٣٦١.

أوّله : (الحمد لله والصلاة على نبيِّه محمّـد وآله ، وبعد فهذه نبذة ممّا

۲۰۰

يتعلّق بصلاة الجماعة وفيه فصول ...).

نسخة الأصل بخطّ المؤلّف النسخ الجميل في ٥٧ ورقة ، رقم ٢٠٩٦.

(١١٧٢)

صلاة الجمعة

للشيخ حسن بن أمان الله العظيم آبادي الهندي الحائري.

أوّله : (الحمد لله البارّ بالبريّات الجامع للشتات المؤلّف بين المختلفات وصلّى الله على أوّل من قام خطيباً في الجمعات ...).

نسخة بخطّ فارسي جميل الكتابة من القرن الثالث عشر ضمن مجموعة فقهية أكثرها للمؤلّف ، رقم ٤١٥.

(١١٧٣)

صلاة الجمعة

للشهيد الثاني الشيخ زين الدين بن علي بن أحمد الشامي العاملي الشهيد عام ٩٦٦.

نسخة كتبها محمّـد جواد الموسوي الحسيني الحائري بخطّ نسخ جيّد في سنة ١٢٥٥ عن نسخة منقولة عن خطّ الشيخ علي بن محمّـد ابن المصنّف بأوّل مجموعة رقم ٤١٥.

(١١٧٤)

صلاة الجمعة

للمولى إسماعيل بن الحسين بن محمّـد رضا بن علاء الدين محمّـد المازندراني المعروف بالمولى إسماعيل الخاجوئي.

۲۰۱

اختار الحرمة ، وردّ فيها على المحقّق الفيض الكاشاني في كتاب الشهاب الثاقب حيث حاول فيه إثبات وجوبها وهذه رسالة مبسوطة وأمّا كتاب الفيض فهو مطبوع.

أوّلها : الحمد لله الذي جعل الصلاة ذريعة للتقرّب ومعراجاً للمؤمنين وأمر بفعلها.

نسخة مكتوبة في حياة المؤلّف وعليها تعليقات كثيرة منه مد ظلّه ، ضمن مجموعة رقم التسلسل ٥٩٧.

(١١٧٥)

صلاة الجمعة

للمحدث الفقيه الورع التقي محمّـد تقي بن مقصود علي الأصفهاني المجلسي الأوّل ، المتوفّى سنة ١٠٧٠ ، ولكن خطبة نسختنا هذه تخالف ما نقله شيخنا في الذريعة له من الخطبة ، والخطبة في نسختنا هكذا أوّله : (الحمد لله الذي لم يجعل لمرقى أقدام الأوهام ومرمى سهام الأفهام على حمى عظمته مجرى ...).

ونقل شيخنا دام ظلّه في الذريعة عن المحدّث الفيض في الشهاب الثاقب أنّ المجلسي أورد في رسالته مائتي حديثاً حول صلاة الجمعة وهي تنطبق على نسختنا. وفي آخرها مبحث حجية أخبار الآحاد وخاتمة في الرجال تعرّض لحال الرواة في سلسلة أسناد ما رواه من الأحاديث المائتين على حسب الحروف المعجم بدأ بأبان ، وختم بيونس ، ثمّ تتميم في اختلاف اصطلاح المتقدّمين في الصحيح والضعيف مع المتأخّرين والرسالة مبسوطة حسنة.

۲۰۲

نسخة فرغ الكاتب منها سنة ١١٧٩ ، وقبله فائدة للشيخ الحرّ العاملي في أنّ لا قائل بأصالة الوجوب في الأفعال ولكن الكثير قائلون بأصالة الحرمة عند الشكّ ...) ، وبعد الرسالة مسألة من إفادات المولى رفيع الدين الجيلاني ، رقم المجموعة ٨٦٤.

(١١٧٦)

صلاة الجمعة

للمحقّق الكركي وهو المحقّق الثاني الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي العاملي الكركي ، المتوفّى سنة ٩٤٠.

أوّله : (بعد الحمد لله على سوابغ نعمه الغامرة والصلاة على محمّـد حبيبه وآله العترة الطاهرة ، فقد طال تكرار سؤال المتردّدين إليّ عن حال شرعية صلاة الجمعة في هذه الأزمان ...). فرغ منها ٦ محرّم سنة ٩٢١.

نسخة ضمن مجموعة بخطّ نسخ تبدأ من ورقة ٧٠ ب وتنتهي بورقة ٧٧ ب رقم المجموعة ٤١٤.

نسخة ضمن مجموعة بخطّ نسخ جيّد كتبت في أوائل القرن الثالث عشر ، رقم المجموعة ٩٥١.

(١١٧٧)

صلاة الجمعة

فارسي.

رسالة مبسوطة الظاهر أنّه في إثبات الوجوب العيني لصلاة الجمعة ، استدلالية مبسوطة ، تأليف المحدّث الفقيه المولى محمّـد صالح المازندراني ،

۲۰۳

ردّ فيه على القائلين بالواجب التخييري مبسوطاً ، وعقد بآخره فصلاً مشبعاً جمع الإجماعات المدعاة في مسائل تحقّق الخلاف فيها أوّلها : دعوى السيّد المرتضى الإجماع على وجوب خمس تكبيرات في كلّ ركعة للسجود والركوع والقيام من السجود وعلى وجوب القنوت وأمثال هذه الإجماعات.

نسخة عتيقة ، كتابة عام ١١١٠ قريبة من عهد المؤلّف ، ١٦٤ ورقة ، بمقاس ١٣ × ٢٠ ، تسلسل ٦١٠.

(١١٧٨)

صلاة الجمعة

فارسي.

للمحقّق الخونساري جمال الدين محمّـد بن الحسين الخونساري ، كتبها باسم الشاه سليمان الصفوي.

نسخة بخطّ أحد خطّاطي القرن الثاني عشر بخطّ نستعليق جميل ، في ١٠٢ ورقة ، مقاسها ١٠ × ١٦ ، تسلسل ٣٣٨.

(١١٧٩)

صلاة العيدين

للشيخ حسن بن أمان الله العظيم آبادي الهندي الحائري.

أوّله : اعلم أنّ صلاة العيدين واجبة في كلّ زمان على كلّ مكلف إلاّ ما استثنى ...).

نسخة بخطّ فارسي جميل ، كتابة القرن الثالث عشر ، ضمن مجموعة فقهية أكثرها للمؤلّف ، رقم ٤١٥.

۲۰۴

(١١٨٠)

صلاة المسافر

للفقيه المحقّق العلاّمة المشارك في العلوم العقلية والنقلية الشيخ محمّـد حسين الغروي الأصفهاني ، المتوفّى سنة ١٣٦١.

أوّله : (الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام علي سيّد المرسلين محمّـد وآله الطاهرين وبعد فهذه نبذة من القول فيما يتعلّق بصلاة المسافر والكلام تارة في شرائط القصر وأُخرى في أحكامه فهنا مقامان).

آخره : (وهذا آخر ما أردنا إيراده فيما يتعلّق بصلاة المسافر ، ونسأل الله جلّ جلاله العفو عن الجرائم والجرائر والحمد لله أوّلاً وآخر والصلاة على نبيّه باطناً وظاهراً ٢٠ جمادى الأُولى سنة ١٣٥٩.

نسخة الأصل بخطّ المؤلّف النسخ الجميل ٤٤ ورقة ، رقم ٢٠٩٤.

(١١٨١)

صواعق اليهود

فارسي.

هو رسالة فارسية في أحكام الجزية ، تأليف شيخ الإسلام العلاّمة المحدّث المجلسي محمّـد باقر بن محمّـد تقي الأصفهاني ، المتوفّى سنة ١١١١.

أوّله : (الحمد لله الذي أعزّ الإسلام والمسلمين ، وأذلّ الكفر ، وأتى بالدين المبين ...).

نسخة ضمن مجموعة من رسائله الفارسية ، كتبها محمّـد حسين بن

۲۰۵

محمّـد أمين بخطّ نسخ جيّد ، تاريخ فراغه من بعضها سنة ١١٢٥ ، من الورقة ١٠٠ ب ـ ١٠٥ ب ، وعليها تملّك السيّد عبد الباقي الخواتون آبادي سبط المؤلّف ، رقم التسلسل ٦٥٤.

(١١٨٢)

الصوم

للشيخ هادي بن محمّـد أمين الطهراني ، المتوفّى سنة ١٣٢٠.

نسخة بخطّ جيّد ، رقمها ٨٧٢.

(١١٨٣)

الصوم

للفقيه الأكبر الشيخ جعفر بن الشيخ خضر الجناجي النجفي ، المتوفّى سنة ١٢٢٨.

أوّله : (الحمد لله الذي خلق الأنام ، وأوضح لهم مبهمات الأحكام ...).

نسخة بخطّ نسخ جيّد ، فرغ منها الكاتب في أصفهان غرّة ذي الحجّة سنة ١٢٢٠ ، في حياة المؤلّف ، ضمن مجموعة رقم ٨٥٢.

(١١٨٤)

صيغ العقود

للشهيد الثاني زين الدين بن علي بن أحمد الشامي العاملي الشهيد سنة ٩٦٦.

۲۰۶

نسخة بخطّ السيّد مرتضى الموسوي الخلخالي النجفي ، فرغ منها ٢٦ ربيع الأوّل سنة ١٢٨٦ ، في النجف الأشرف ، بآخر مجموعة من رسائل المؤلّف ، رقم ٧٣١.

(١١٨٥)

صيغ العقود والإيقاعات

للمحقّق الكركي الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي ، المتوفّى سنة ٩٤٠.

مطبوع ضمن مجموعة كلمات المحقّقين في طهران سنة ١٣١٥ ، ونسخة خطّ المؤلّف في المكتبة الرضوية ، ذكره شيخنا دام ظلّه في حرف الصاد بهذا العنوان ، وفي حرف الجيم بعنوان جواهر الكلمات في صيغ العقود والإيقاعات ، وذكر في المقامين أنّه شرحه سميّه ومعاصره الشيخ نور الدين علي الملسي بن عبد العالي ، المتوفّى سنة ٩٣٨.

نسخة ضمن مجموعة كتابة القرن الحادي عشر عليها حواش وتعليقات للمؤلّف ولغيره ، وهي مقابلة ومصحّحة بآخرها : بلغ المقابلة ، وبآخرها أيضاً فائدة في صيغة عقد الإيجار للصلاة بالنيابة ، وفائدة أُخرى في الفرق بين الكتاب والباب والفصل ، رقم المجموعة ٧٦٨ وبآخر المجموعة أيضاً فوائد منها : إحصاء مسائل بعض الكتب الفقهية ، وتعيين ما تحويه من الفروع.

ومنها : خطبتان للنكاح مرويّتان ، إحداهما : عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، والثانية : عن أمير المؤمنين عليه‌السلام.

نسخة ضمن مجموعة رقم ٣٨٨ كتابة القرن الثالث عشر ، وهذه

۲۰۷

النسخة أصحّ من التي قبلها.

نسخة بخطّ يعقوب بن أصيل الأبرقوي ، ولعلّه من تلامذة المؤلّف ، كتبها في حياة المؤلّف ضمن جملة من رسائل المحقّق ، فرغ منها سنة ٩٤٠ ، وبآخرها : تمّت المقابلة في أوّله إلى آخره ، بنسخته المقروّة عند المصنّف رقم ٨٥٥.

نسخة بخطّ عبد الواحد بن عبد الرحيم بن داود الاسترابادي ، كتبها في رجب سنة ٩٦٤ ، وبآخرها بخطّه : بلغت المقابلة بنسخة مصحّحة ، فلله الحمد والمنّة على ذلك ، ضمن مجموعة من مؤلّفات المحقّق الكركي ، كلّها بخطّ هذا الكاتب ، فرغ من المجموعة ٢٥ رجب سنة ٩٦٤ ، وهي من الورقة ١٨٢ ب إلى الورقة ١٩٦ ، ورقم المجموعة ١٩٦٨.

نسخة كتبت بخطّ نسخ جيّد ، فرغ منها الكاتب في مشهد الرضا عليه‌السلام ٢٧ ربيع الآخر سنة ٩٨٤ ، ولقرب عهده وكتابته بمشهد الرضا ، حيث فيه نسخة الأصل بخطّ المصنّف ، لعلّه كتبها عن نسخة المصنّف ، والكاتب أخي محمّـد سرندي الثوني ، ٢٦ ورقة ، رقم ١٦٥٩.

(١١٨٦)

صيغ النكاح

فارسي.

رسالة وجيزة فارسية في بيان صيغ عقد النكاح بأنواعه وبجميع ألفاظه والاحتياطات اللازمة فيه ، من تأليف الشيخ محمّـد باقر بن علي أكبر الدامغاني ، نزيل كرمانشاه ، كتبها باستدعاء بعض أصحابه.

أوّله : (الحمد لله الذي أحلّ النكاح وندب إليه ...).

۲۰۸

وهي ثلاثة أوراق بخطّ المؤلّف ، فرغ منها ٢٤ ذي الحجّة سنـة ١٢٨٢ ، ضمن مجموعة رقم ١٩٢٤.

(١١٨٧)

ضابطة كلّية

فارسي.

في أنّ المجعول لا يمكن أن يكون بسيطاً ـ فارسي ـ في أوّل مجموعة رقم ١٤٧٩ ، وبأسفلها : إنّه من إفادات الملاّ صادق الأرجستاني رحمه‌الله.

(١١٨٨)

ضبط الأعلام الأعجمية والمعربة

ملحق بنسخة من صراح اللغة رقم ١٦٤١.

(١١٨٩)

ضوء المصباح

في النحو ، المتن للمطرزي ، المتوفّى سنة ٦١٠.

وشرحه جماعة منهم تاج الدين محمّـد بن محمّـد الاسفرائني ، وسمّاه المفتاح ، ثمّ لخّصه وسمّاه ضوء المصباح ، وترجم كمال الدين المدرّس ضوء المصباح إلى التركية ، وشرح رضي الدين الخوارزمي خطبة ضوء المصباح وسماه درة النوء في شرح خطبة الضوء ، وعلى ضوء المصباح حواشي متعددة ، ذكر بعضها في كشف الظنون ج ٢ ص ١٧٠٨.

نسخة فرغ منها الكاتب سنة ٨٩٠ ، وبظهر الورقة الأُولى فوائد أدبية

۲۰۹

كثيرة ، وخطوط جملة ممّن ملكوا الكتاب ، منهم : الفاضل الهندي مؤلّف كشف اللثام ، وختمه : لك البهاء كلّه ، تاريخه سنة ١٠٨٨ ، ١٢١ ورقة ، رقم ٢٢٨٣.

(١١٩٠)

ضوابط الأُصول

تأليف العلاّمة المحقّق السيّد إبراهيم ابن السيّد محمّـد باقر الموسوي القزويني الحائري ، المولود في ذي الحجّة سنة ١٢١٤ ، المدرّس الكبير ، من أعاظم العلماء المحقّقين ، والذي اشتهر بكتابه هذا ، فيعرف ويعرف بالسيّد إبراهيم صاحب الضوابط ، أدرك عصر صاحب الرياض ، وحضر في كربلاء أبحاث شريف العلماء المازندراني والسيّد المجاهد ، وفي النجف على الفقيه المدقّق الشيخ موسى بن جعفر كاشف الغطاء ، وتوفّي رحمه‌الله بالوباء سنة ١٢٦٢ ، وقد تخرّج عليه جماعة من أكابر العلماء وأعلام الأُمّة ، تجد تراجمهم مبثوثة في الكرام البررة.

وقد تصدّى جملة من تلامذته لشرح كتابه هذا ، منهم : السيّد أبو الحسن والشيخ محمّـد التنكابنيّان ، والشيخ مهدي الكجوري والشيخ محمّـد باقر اليزدي والشيخ حسين الأردكاني وغيرهم ، وللمؤلّف نفسه ملخّص هذا الكتاب سمّاه نتائج الأفكار ، ترجم له تلميذه في قصص العلماء ترجمة مبسوطة ، وكذا صاحب الروضات وشيخنا العلاّمة الرازي دام ظلّه في الكرام ص ١٠.

نسخة قيّمة مصحّحة وعليها حواشي : «منه دام ظلّه» مكتوبة في حياة المؤلّف بخطّ يوسف بن كاظم الهمداني ، ولعلّه من تلاميذه ، كتبها سنة ١٢٥٠ ، وعليها تعليق محمّـد بن حسينعلي خوئي بخطّه ، وتقع في ٣٣٤

۲۱۰

ورقة ، مقاسها ٢٠ × ٣٠ ، تسلسل ٢٤٦.

(١١٩١)

الضوابط الخمس في الشكّ والسهو والنسيان

للعلاّمة المحدّث المحقّق الفيض الكاشاني محمّـد محسن بن مرتضى ، المتوفّى سنة ١٠٩١.

رسالة صغيرة في ورقتين في بعض مسائل الشكّ والسهو والنيسان في الصلاة وأحكامها وصلاة الاحتياط وسجدتي السهو.

أوّله : (الحمد لله على جزيل نواله والصلاة على محمّـد وآله ...).

رتّبها على خمس ضوابط.

نسخة بخطّ الخطّاط السيّد نجم الدين محمّـد بن سعد الدين محمّـد الحسيني الكرماني ، كتبها بنسخ جيّد في ورقتين ملحقة بكتاب خلاصة الأذكار بخطّه أيضاً للمؤلّف ، وفرغ منها في ذي القعدة سنة ١١٠٦ ، مجدولة بالذهب ، وعليها تعليقات وتوضيحات ، وبعدها عدّة زيادات ، رقم ١٠٤٨.

(١١٩٢)

ضياء الأحكام

لتحقيق شرائع الإسلام

للشيخ طاهر بن عبد علي الحجامي ، أوّل من هاجر من هذه الأُسرة إلى النجف الأشرف ، ولد حدود سنة ١٢٠٠ ، وتوفّي سنة ١٢٧٩.

أوّله : (الحمد لله الذي أطلق ألسنتنا بالصواب والحكمة وأرشدنا إلى الاعتراف بشرائع ...).

۲۱۱

نسخة الأصل بخطّ المصنّف رحمه‌الله ، وقد بدأ بكتاب الطلاق ولم يتمّ ، والمجموعة كانت في ملكه ، وهو الذي جمعها وعليها خطّه ، ثمّ وقفها ، ضمن المجموعة رقم ٢٠٤٦.

(١١٩٣)

ضياء العالمين

في بيان إمامة الأئمّة المصطفين

للعلاّمة الشريف العدل الفتوني أبي الحسن بن محمّـد طاهر بن عبد الحميد بن موسى بن علي بن معتوق الفتوني العاملي النباطي الأصفهاني الغروي ، المتوفّى سنة ١١٣٨ أو حدود ١١٤٠ من تلامذة المجلسي وهو من أحسن ما كتب في موضوعه ، مرتّب على مقدّمة مبسوطة ومقصدين وخاتمة.

والمقصد : الأوّل في اثني عشر مقالة في إثبات إمامة الأئمّة الإثني عشر.

والمقصد الثاني : في إبطال إمامة غيرهم.

والخاتمة : في مثالب أعدائهم ، وكلّه في نسختنا في مجلّدين ، نسخة تامّة وأقدم ما رأيت من نسخها نسخة المكتبة الجعفرية في كربلاء ، فرغ منها المؤلّف في النجف الأشرف يوم الغدير ١٨ ذي الحجّة سنة ١١٣٧.

الجزء الأوّل بخطّ محمّـد صادق الكروني ، تاريخها سنة ١٢٨١ ، في ٣٢٠ ورقة رقم ٤٧٩.

الجزء الثاني بخطّ محمّـد صادق الكروني ، فرغ منهما في النجف الأشرف ١٠ ربيع الأوّل سنة ١٢٨٤ ، في ٣٤٨ ورقة ، رقم ٤٨٠.

۲۱۲

(١١٩٤)

طبّ الأئمّة

في الأحاديث المأثورة عن الأئمّة عليهم‌السلام بهذا الصدد من جمع الأخوين ابني بسطام وهما : أبو عتاب عبدالله ، والحسين ابنا بسطام بن شاپور الزيّات ، ذكر شيخنا في الذريعة أنّ رواياته ٤٠٩ حديثاً ، وأنّه طبع بالهند ، وله ترجمة ذكرها في ج ٤ ص ١١٤.

نسخة بآخر مجموعة طبّية ، كتبت سنة ١٠٧٤ ، ولعلّ هذا الكتاب أقدم من هذا التاريخ.

وبآخره أشعار وأبيات وتملّك محمّـد جعفر بن محمّـد صادق البيدگلي الكاشاني ، تاريخه سنة ١٠٩٤ ، رقم ٣٠٩.

(١١٩٥)

طب أكبري

فارسي.

للحكيم محمّـد أكبر بن حاجي محمّـد مقيم ، المعروف بشاه أرزاني ، فرغ من تأليفه سنة ١١١٢ ، وهو ترجمة وشرح لشرح الأسباب والعلامات لنفيسي وبعض الإضافات عليه من كتب أُخرى.

نسخة المجلّد الأوّل بخطّ محمّـد حسن القزويني ، فرغ منها في ذي الحجّة سنة ١٢٨٣ ، في ٣٠٥ ورقة ، رقم ٨٠٤.

۲۱۳

(١١٩٦)

طبيعيّات

فارسي.

ترجمة إلى الفارسية لأحد المؤلّفات الإفرنجية لأحد أساتذة مدرسة دار الفنون الطهرانية.

أوّله : (بر هيچكس پوشيده وپنهان نماند كه مقصود مؤلّف در اين كتاب بيان حقيقت أشياء وكشف مبادى ونتائج هر جيز است ...) ، وهو من الكتب المدرسية.

نسخة بخطّ فارسي جيّد جميل ، ٨٣ ورقة ، وبأوّله شعر فارسي ، رقم ١٦٠٩.

(١١٩٧)

الطرائف

في مذاهب الطوائف

أو طرائف عبد المحمود في الاستدلال على إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام من طرق العامّة ومصادرهم.

تصنيف السيّد رضيّ الملّة والدين علي بن موسى بن جعفر بن طاوس الحسيني الحلّي ، المولود سنة ٥٨٩ ، المتوفّى سنة ٦٦٤ ، جعله السيد باسم عبد المحمود بن داود المصري تقية.

نسخة مكتوبة رابع شوال سنة ٩٢٧ ، جاء في آخرها : بلغت مقابلته وكذلك نقل من أصله.

۲۱۴

وبظهر الورقة الأُولى هكذا : ممّا وقفه وأوقفه الأُستاذ المحقّق صدر الملّة والدين دام ظلّه ... الخ ، في ٢١٨ ورقة ، ١٧ × ٢٥ ، تسلسل ٢٥٤.

نسخة بخطّ السيّد محمّـد هاشم بن نور الدين الحسيني ، كتبها بخطّ نسخ جيّد ، بدأ به ١٦ جمادى الأُوّلى ، وفرغ منها يوم السبت ١٩ شعبان سنة ١٠٧٨ ، وعليها تملّكات وأختام ، رقم ٢٤٧٨.

(١١٩٨)

طراز اللغة

نسخة من باب الراء فصل الهمزة (ابر) إلى فصل الذال منه (ذعر) بخطّ نسخ جيّد ، والعناوين مكتوبة بالشنجرف ، أو بخطّ أخشن ناقص الآخر ٤٨ ورقة كبيرة ، رقم ١٠٢.

وبعده كتاب الصراط المستقيم في التفسير للسيّد حسين البروجردي.

(١١٩٩)

طراز الحلّة

هو شرح بديعية العميان المسمّاة بالحلّة السيرا في مدح خير الورى ، والحلّة السيرا نظم شمس الدين أبي عبدالله محمّـد بن أحمد بن علي بن جابر الأندلسي الهواري ، المتوفّى سنة ٧٨٠ ، وهو من شعراء الغدير ، له ترجمة في الغدير ، جزء ٦ ص ٥٨.

وشرحها الناظم ، وسمّا الشرح طراز الحلّة.

نعم ذكر في كشف الظنون أنّه شرحها شهاب الدين أبو جعفر أحمد ابن يوسف بن مالك الرعيني ، الأندلسي ، المتوفّى سنة ٧٧٩ ، وكان رقيق ابن جابر ، (صاحب الحُلّة).

۲۱۵

وهذا الشرح للماتن ناظم الأصل كما يظهر ذلك بوضوح من خطبة الكتاب أوّله : (الحمد لله على ما يسّر من فنون البراعة لأرباب هذه الصناعة ، وفجّر من عيون البلاغة على ألسنة اليراعة ...).

نسخة بخطّ نسخ ، والبديعة مكتوبة بالشنجرف ، كتابة القرن الثالث عشر ضمن مجموعة من البديعيّات وشروحها ، رقم ١١٨٣.

(١٢٠٠)

طرح الكونين

ورفض العالمين

هو كتاب حشر الأشياء ومعاد كلّ شيء أو حشر العوالم في معاد الأشياء وحشرها ، ذكره شيخنا بهذا العنوان ج ٧ ص ٢٢ من الذريعة.

هو تأليف صدر الحكماء والمتألّهين صدر الدين محمّـد بن إبراهيم الشيرازي ، المتوفّى سنة ١٠٥٠ مؤلّف الأسفار ، الشهير بالملاّ صدرا ، طبع بهامش كشف الفوائد وفي ضمن مجموعة من رسائله مرتّب على ثمانية فصول.

نسخة بخطّ محمّـد باقر بن أحمد ، فرغ منها ١١ شعبان سنة ١٢٦٨ ، في ٦٢ ورقة ، مقاسها ١١ × ٧ / ١٥ ، تسلسل ١٥٣.

(١٢٠١)

طريق النجاة

للحاج كريم خان بن إبراهيم الكرماني ، شيخ الفرقة الشيخية ، فرغ منه ٢٨ صفر سنة ١٢٧٩.

۲۱۶

نسخة بخطّ نسخ جيّد ، أربع مجلّدات في مجلّد واحد ، كتبها علي بن محمّـد الكرماني ، وفرغ منها في جمادى الآخرة سنة ١٢٨٠ ، في عهد المؤلّف ، في ٢٩٤ ورقة ، رقم ١١٤٢.

(١٢٠٢)

الطهارة

من تقريرات أبحاث الحجّة السيّد حسين الكوهكمري ، وكان عنوان تدريسه كتاب الشرائع ، ولعلّ المقرّر هذا اسمه عبد الرحيم ، كما يظهر من النسخة ضمن مجموعة رقم ٣٨٨ ، ولعلّها بخطّ المقرّر ، وبعدها أيضاً قطعة في كتاب الطهارة شرحاً على بعض المتون لبعض المتأخّرين ، وهو في آداب التخلّي.

(١٢٠٣)

الطهارة والصلاة

للشيخ محمّـد بن الشيخ علي بن الشيخ الأكبر جعفر كاشف الغطاء ، توفّي سنة ١٢٦٨.

أوّلها : (الحمد لله الذي خلق الأنام وأوضح لهم مبهمات الأحكام ...).

نسخة لعلّها كتبت في حياة المؤلّف كما هو الظاهر بأوّل المجموعة ، وبعدها في المجموعة كتاب الصوم والاعتكاف ، للمؤلّف أيضاً ، بخطّ آخر وخطبتهما واحدة ، وقد تشوشت أوراقها عند التجليد ، فوقع أكثرها بعد كتاب الزهرة البارقة ، فليلاحظ ، فإنّها تامّة لا نقص فيها ، رقم ٢٠٤٦.

۲۱۷

(١٢٠٤)

طوفان البكاء

في مقاتل الشهداء

فارسي.

في مقتل النبي والأئمّة الطاهرين من عترته وسيرتهم ، وضعه في مقدّمة وخاتمة بينهما ١٤ آتشكده ، وهو تألّيف المولى إبراهيم بن محمّـد باقر الهروي القزويني المقيم بها ، والمتوفّى سنة ١٢٥٣ ، ترجم له في دانشمندان آذربايجان ، وفهرس المؤلّفين لمشار ج ١ ص ٤٥ طبع أكثر من عشر مرّات.

نسخة بخطّ رديء ، فرغ من كتابتها مشهدي آقا جان الفسائي في آخر شعبان سنة ١٢٧١ ، ٢٨١ ورقة ، مقاسها ٢ / ١٥ × ٢١ ، تسلسل ٢٨٨.

نسخة بخطّ نسخ جميل ، كتبها أحد الخطّاطين ، وفرغ منها في جمادى الأُوّلى سنة ١٢٦٢ ، والنسخة مؤطّرة مجدولة ، ولها لوحة جميلة ، في ٢٦٣ ورقة رقم ١٣٦٦.

(١٢٠٥)

ظفر نامه تيموري

لشرف الدين علي اليزدي.

نسخة تامّة قيّمة للغاية بأوّلها لوحة فنّية ، وأوراقها كلّها مجدولة باللازورد والشنجرف ، وهي بخطّ فارسي جميل ، فرغ منها الكاتب القدير غرّة رجب سنة ١٠١٤ ، والعناوين مكتوبة بالشنجرف ، وبأوّلها فهرس عامّ

۲۱۸

للبلدان المذكورة في الكتاب مع ترقيم الصفحات وتعيينها ، وبآخرها فهرس عامّ للأماكن والأعلام الواردة في الكتاب ، وهو عمل قيّم للغاية ، أمر بذلك صنيع الدولة وزير المعارف الإيرانية في عهده ، في ٣٢٢ ورقة ، رقم ١٢٧٢.

نسخة قيّمة للغاية بخطّ أحد الخطّاطين الجيّدين ، كتبها بخطّ فارسي رائع ، والأوراق كلّها مجدولة بالذهب واللازورد ، والعناوين والآيات مكتوبة بالذهب الأبريز ، والظاهر أنّ النسخة خزائنية لكنّها ناقصة من أوّلها قليلاً من الخطبة بمقدار سبع صحائف ، وفرغ منها الكاتب في صفر ٨٩٨ ، عدد أوراقها ٦٣٤ ورقة ، رقم ١٢٦٨.

(١٢٠٦)

عالم آرا

فارسي.

في تاريخ الملوك الصفوية لاسكندر بيك المنشي.

المجلّد الأوّل بخطّ فارسي ، والعناوين مكتوبة بالشنجرف ، وإن كان الخطّ يبدو أنّه كتابة القرن الحادي عشر ، في ١٤٦ ورقة ، رقم ١٢٧٤.

المجلّد الثاني بخطّ محمّـد وجيه بن محمّـد صبور الجوشقاني ، فرغ منه ٣ شعبان سنة ١٠٨٩ ، بخطّ فارسي جيّد ، والعناوين مكتوبة بالشنجرف ، ناقص من أوّله بضعة أسطر ، ويقع في ١٤٣ ورقة ، رقم ١٢٧٥.

(١٢٠٧)

عالم اراء

نسخة بخطّ خطّاط العهد الصفوي محمّـد رضا ، كتبها بخطّه الفارسي البديع ، وفرغ منها في العشرين من شهر رمضان سنة ١٠٧٨ ، وبأوّلها لوحة

۲۱۹

وتزينات ، والنسخة مجدولة بالذهب ، والعناوين مكتوبة بالشنجرف ، ٣٠٩ ورقة ، رقم ١٢٧٣.

نسخة كتابة القرن الحادي عشر بخطّ فارسي جيّد ، في ٣٤٣ ورقة ، رقم ١٢٧٦.

(١٢٠٨)

العامّ والخاصّ

رسالة في مبحث العامّ والخاصّ من مباحث علم أُصول الفقه.

تأليف الفقيه الشيخ عبدالله بن نصير الدين المازندراني.

نسخة الأصل بخطّه بأوّل مجموعة من رسائله كلّها بخطّه ، رقم ٣٩٤.

(١٢٠٩)

عجائب البلدان

فارسي.

أوّله : (الحمد لله الذي زيّن سماء الدين بزينة الكواكب ونوّر الغبراء بأشعّتها الثواقب ... وآله الأطهار والأئمّة الأخيار ... أمّا بعد : بر ضمير منير أرباب فطنت ... مختصرى مشتمل بر مباحث سطوح أجسام ومقادير أبعاد أجرام وتحقيق مبادى أقاليم ونهايات آن وتبيين مواضع ... موشّح ومرشّح ساخت باسم ... (وزير) غياث الملّة والدين حبيب الله ... وبناء اين رساله بر مقدّمه ودو مقاله وخاتمه وضع كرديم.

نسخة حديثة ناقصة من الإقليم الرابع أكثره ، وبعده رسالة في أُصول الدين للمحقّق القمّي ، رقم ٢٢١٣.

۲۲۰

(١٢١٠)

عجالة في التجويد

للشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي ، المتوفّى سنة ١٢٤١.

أوّلها : (الحمد لله الذي نزّل الفرقان على عبده تنزيلاً ... أمّا بعد : فيقول ... هذه (عجالة) في بعض أسرار التجويد ، مشتملة على أعلى التسديد وأغلى التجريد جمعتها لالتماس من وجبت عليّ طاعته ... ورتّبتها على فصول ستّة وخاتمة ...).

نسخة بآخر مجموعة من رسائل المؤلّف وأجوبة مسائله ، كتبت بخطّ نسخ جيّد في حياته سنة ١٢٣٦ ، رقم ١٦٦٣.

(١٢١١)

العجالة

شرح الشافية

الشافية في الصرف لابن الحاجب.

وهذا الشرح لكمال الدين محمّـد بن معين الدين محمّـد الفسوي الفارسي ، صهر العلاّمة المحدّث التقي المجلسي ، فرغ منه سنة ١١٠٨ ، وقتل سنة ١١٢٤.

نسخة من أوّلها إلى مباحث التصغير ، ومعها شرح تهذيب المنطق ، للمولى عبدالله اليزدي بالفارسية ، في ٣٥ ورقة ، رقم ٧٢٥.

۲۲۱

(١٢١٢)

عدّة الداعي ونجاح الساعي

لأبي العبّاس أحمد بن فهد الحلّي الأسدي ، المتوفّى سنة ٨٤١ ، وكانت ولادته سنة ٧٥٧ ، فرغ من تأليفه ليلة الاثنين المسفر صباحها عن ٢٦ جمادى الأُولى سنة ٨٠١.

نسخة بخطّ محمّـد بن ناصر بن عامر الباعي الجزائري ، فرغ منها ٢٦ جمادى الأُولى سنة ٧٦٨ [كذا] ، بظهر الورقة الأخيرة قصيدة أوّلها :

خلّ ادّكار الأربعِ

والمنزلِ المربّعِ

والظاعنِ المودّعِ

وعدّ عنه وادّعِ

وبأوّلها خطّ محمّـد بيك بن حسين الأصفهاني ، وتاريخ ختمه ١١١٧ ، وخطّ جلال الدين محمّـد ، في ٨٤ ورقة ، رقم ٢٢٨٩.

نسخة بخطّ حسين بن علي رضا ، فرغ منها يوم الاثنين من شهر صفر سنة ١٠٧٢ ، عليها تصحيحات وبعض التعليقات ، وبالهامش : بلغ سماعاً أدام الله تعالى بقاءه ، وبأسفله : بلغت المقابلة ثانياً بعونه تعالى ، وتقع في ١٧٢ ورقة ، مقاسها ٧ / ١٣ × ١٨ ، تسلسل ٧٧٧.

نسخة أُخرى قيّمة الظاهر ، أنّها بخطّ المولى أبو الحسن بن عز الدين علي نقي بن الشيخ أبي العلاء محمّـد هاشم الطغائي الكمره اي (الكمرأي) ، ذكره شيخنا في ترجمة والده ، وذكر في الرياض في ترجمة والده : إنّ له أولاداً علماء ...

فرغ منها بخطّه الشريف سنة ١٠٨١ ، ثمّ صحّحها وقابلها ، وكتب في آخر النسخة بالهامش : تمّت مقابلته في مجالس متعدّدة ، آخرها صبح يوم

۲۲۲

الجمعة حادي عشر جمادى الأُولى سنة ١٠٨١ ، وعليها تملّك العلاّمة الخطيب المتتبّع الشيخ جواد ابن الفقيه جلال الدين ابن العالم الأديب الزاهد الشيخ أسد الله بن العلم الأورع الأزهد الشيخ عبد المجيد ابن الناسك السالك العالم التقي الوفي الشيخ علي ابن جامع أشتات الفضائل البارع الكامل الشيخ عبد المجيد ، المتوفّى سنة ١١٦٢ ، ابن الشيخ محمود الكرهرودي العراقي ، وملأ جانبيه بخطّه الشريف فوائد كثيرة من نظم ونثر ، ومنها ما كتبه في نسبه وأسماء آبائه ـ كما ذكرناه ملخصاً ـ وهو الذي أهدى مكتبته الخاصّة القيّمة الثمينة برمّتها إلى مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فجزاه الله عن إمامه خيراً ، وأجزل له أجراً ، والنسخة تقع في ١٣٢ ورقة ، مقاسها ٢ / ١٠ × ١٨ ، تسلسل ٧٥.

نسخة بخطّ نسخ جيّد ، كتبها محمـّد صالح بن الحاج عبدالله ، وفرغ منها أواسط ربيع الأوّل سنة ١٠٨٤ ، عليها بلاغات وتصحيحات ، وتقع في ١٠٢ ورقة رقم ٨٣٢.

نسخة بخطّ نسخ جيّد ، كتبها محمّـد باقر بن محمّـد قاسم الهروي ، فرغ منها ٢١ جمادى الآخرة سنة ١٠٨٨ ، وتقع في ٢١٢ ورقة ، رقم ٨٢٦.

نسخة جعفر بن الحسين الجعفري العاملي البعلبكي ـ من ذرية حبيب ابن مظاهر الأسدي ـ ، كتبها في بلدة ملاير في إيران ، وفرغ منها ٩ شعبان سنة ١٢٦٦ ، وفي آخرها شرح الأسماء الحسنى بالفارسية ، رقم ٦٥٨.

نسخة بخطّ الخطّاط عبدالله ... والبقية والتاريخ ممحى نسخة مؤطّرة ، بخطّ نسخ جميل ، في ١٠٤ ورقة ، ٤ / ١٠ × ٢٣ ، تسلسل ٢٠٠٠.

للموضوع صلة ...

۲۲۳

من المخطوطات العربية

في مكتبـة المتحف البريطاني

لندن

(٢)

الشيخ محمّـد مهدي نجف

بسم الله الرحمن الرحيم

(٢٥)

نسخة أُخرى من تحرير الأحكام الشرعيّة

Or. ٨٤٠٥

تضمّ بين دفّتيها القسم الأوّل من الكتاب.

ناقصة من أوّلها بضع صفحات عند مطابقتها مع النسخة المطبوعة ، وأوّل الموجود هو آخر الفصل الأوّل من المقصد الثاني من كتاب الطهارة ، في موجبات الوضوء.

جاء في آخرها : فهذه الأسباب كلّها لا يتعلّق بها حكم المرض ، ويمضي التبرّعات المنجّزة معها من الأصل ، وكذا لو حصل الطاعون ببلد وهو ساكن فيه. تمّ النصف الأوّل من الكتاب الموسوم بتحرير الأحكام.

مجهولة الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن الحادي عشر الهجري.

في ٢٦٧ ورقة ، ٢٦ × ٥ / ٢٠ سم. في كلّ صفحة ٢١ سطراً × ١٤ سم.

۲۲۴

(٢٦)

تحرير أُصول الهندسة والحساب

(تحرير إقليدس)

 Add. ٢٣٣٨٧

تأليف : الخواجه نصير الدين ، أبي جعفر ، محمّـد بن محمّـد بن الحسن الطوسي ، المولود سنة ٥٩٧ ، والمتوفّى سنة ٦٧٢ هجرية.

سُمّي الكتاب بتحرير إقليدس ، لأنّ إقليدس أوّل من دوّن المقالات الثلاثة عشرة ، التي استخرجها من كتب السابقين من الحكماء ، وبعده وصلت المقالتان إليها ، فصارت خمس عشرة مقالة. فهو أوّل كتاب أُلّف في الهندسة ، وكان الكتاب يونانيّاً ، فنقله إلى العربية الحجّاج بن يوسف بن مطر الكوفي أوّلاً ، في زمن هارون الرشيد ، فقيل له : الهاروني ، ونقله ثانياً في زمن المأمون ، فقيل له : المأموني ، ثمّ نقله إسحاق بن حنين بن إسحاق العبادي ، الذي توفّي سنة ٢٩٨ هجرية ، وأصلحه ثابت بن قرّة الحرّاني ، المتوفّى سنة ٢٨٨ هجرية ، ثمّ حرّره سلطان المحقّقين ، خواجه نصير الدين الطوسي ، فقيل له : تحرير أُصول الهندسة والحساب.

وقد ذكر في أوّله : أنّ مجموع الأشكال في المقالات الخمس عشرة أربعمائة وثمانية وستّون شكلاً ، في نسختي الحجّاج وثابت ، مع زيادة عشرة أشكال في نسخة ثابت ، فحرّر جميعها ، وفصّله وشرحه بما لم يسبقه أحد ولم يلحقه ، وأشار إلى مواضع الخلاف بين النسختين ، وصدّره بذكر الحدود وغيرها ممّا يحتاج بيان الأشكال إليه.

أوّله بعد البسملة : الحمد لله الذي منه الابتداء ، وإليه الانتهاء ، وعنده حقائق الأنباء ...

۲۲۵

آخره : قد وفّقني الله تعالى في تحرير هذا الكتاب ، حسب ما قصدته ، فلنختم الكلام ... وفرغ المصنّف من تحريره قدّس الله روحه ، ونوّر ضريحه ، في ٢٢ شعبان المبارك ، سنة ٦٤٦ هجرية ، والحمد لله ربّ العالمين ، وكان الفراغ من نسخه ومقابلته على نسخة الأصل ، في خامس عشر ربيع الآخر ، سنة ٦٥٦ هجرية ...

نسخة نفيسة تقع في ٢١٦ ورقة ، ١٧ × ١٣ سم. في كلّ صفحة ١٧ سطراً × ٩ سم.

* الذريعة ٣ : ٣٧٩ ، كشف الظنون ١ : ١٣٩ ، هديّة العارفين ٢ : ١٣١ ، الفوائد الرضوية : ٦٠٢ ، فوات الوفيات ٢ : ١٤٩. معجم المؤلّفين ١١ : ٢٠٧ ، الأعلام ٧ : ٣٠.

Brockelmann : g, II : ٥٠٨ ـ ٥١٢, s, II : ٩٢٤ ـ ٩٣٣.

(٢٧)

نسخة أُخرى منه

Add. ٢١٩٥٢

كتبها : عبدالكريم بن عبدالغني الرشتي الجيلاني ، يوم الخميس ، من العشر الأوّل من شهر ذي الحجّة الحرام سنة ١٠٦٨ هجرية.

يليها بعض الزيادات المنقولة من كتاب إقليدس ، وبنفس الخطّ. في ١٤٩ ورقة.

(٢٨)

تحرير المجسطي

Or. ١٧

تأليف : الخواجه نصير الدين ، أبي جعفر ، محمّـد بن محمّـد بن

۲۲۶

الحسن الطوسي المولود سنة ٥٩٧ ، والمتوفّى سنة ٦٧٢ هجرية.

المجسطي : لفظ يوناني ، يقصد منه الهندسة العليا ، على الترتيب التعليمي ، فيه براهين مسائل علم الهيئة ، واستخراج الجيوب والسهام والأوتار والزوايا والآت الرصد ونتائجه ، وأوساط الكواكب وتعديلاتها ، وغير ذلك من مسائل النجوم ، وينسب تأليفه إلى بطليموس الفلوزي ، نقله عن اليونانية إلى العربية ، إسحاق بن حنين العبادي ، المتوفّى سنة ٢٩٨ ، بمشاركة أبيه حنين بن إسحاق المتوفّى سنة ٢٦٠ هجرية. وأصلحه ثابت بن قرّة مع الحجّاج بن يوسف بن مطر ، ثمّ حرّره سلطان المحقّقين ، خواجه نصير الدين الطوسي المذكور.

رتّبه على ثلاث عشرة مقالة ، في ماية وأحد وأربعين فصلاً ، في أحوال السماء وكرويّتها وأوضاعها وحركاتها ومركزها ، وأحوال الأرض وكرويّتها والأماكن المسكونة منها ، واختلافها بحسب الطول والعرض وغير ذلك.

أوّله بعد البسملة : الحمد لله مبدأ كلّ مبدأ ، وغاية كلّ غاية ، ومفيض كلّ خير ، ووليّ كلّ هداية ... وبعد : فقد كنت برهة من الزمان عازم على ... كتاب المجسطي المنسوب إلى بطليموس ... وها أنا أخوض في المقصود ، وأقول : الكتاب يشتمل على ثلاث عشرة مقالة ، ومائة حاشية ، وأحد وأربعين فصلاً ، ومائة وستة وسبعين شكلاً ، على ما في النسخة التي نقلها إسحاق بن حنين ، وأصلحها ثابت بن قرّة ...

آخره : ... وأقول : وإذا وفّقني الله تعالى أيضاً لإتمام ما قصدته ... تمّ الكتاب على يد أضعف عباد الله وأحوجهم إلى غفرانه عليّ بن محمّـد بن البخاري الصيرفي ، المدعو بعلاء ... في سنة سبع وسبعين وسبعمائة.

۲۲۷

نسخة نفيسه في ١٠٤ ورقة ، ٥ / ٢٥ × ١٨ سم. في كلّ صفحة ٣٣ سطراً × ١٢ سم.

* الذريعة ٣ : ٣٩٠ ، كشف الظنون ٢ : ١٥٩٤ ، البداية والنهاية ١٣ : ٢٦٧ ، الأعلام ٧ : ٣٠ ، معجم المؤلّفين ١١ : ٢٠٧ ، أعيان الشيعة ٩ : ٤١٤.

Brockelmann : g, II : ٥٠٨ ـ ٥١٢, s, II : ٩٢٤ ـ ٩٣٣.

(٢٩)

نسخة أُخرى

Add. ٢٣٣٩٢

جاء في آخرها : ... مصلّياً على جميع أوليائه ، خصوصاً على خاتم أنبيائه ... تمّ الكتاب يوم الأربعاء ، من شهر محرّم الحرام ، بعون الملك العلاّم ، سنة ٩٥٥ هجرية.

فرغت من إتمام أشكال هذا الكتاب ... في أواخر شهر جمادي الآخر سنة (٩٥٦) ببلدة قزوين ، وأنا الفقير إلى الله الغني ابن عليّ محمّـد حسين ...

في ١٦٠ ورقة ، ٢٤ × ٥ / ١٤ سم. في كلّ صفحة ٢٥ سطراً × ٥ / ٦ سم.

(٣٠)

تحفة الطالب لمعرفة من ينسب

إلى عبدالله وأبي طالب

Add. ١٨٥١٠

تأليف : محمّـد بن الحسين بن عبدالله بن الحسين الحسيني ،

۲۲۸

السمرقندي ، المتوفّى حدود سنة ١٠٤٣ هجرية.

أوّله بعد البسملة : الحمد لله الذي شرّف بمحمّـد (صلى الله عليه وآله) الآباء والأبناء في المبادئ والعواقب ، وجعل نسله المطهّر الأسنى من فاطمة البتول وعليّ ابن أبي طالب.

آخره : قد وقع من تحرير هذا الكتاب ... بحسب الأمر ... السيّد صالح ابن المرحوم المغفور المبرور السيّد درويش ... بقلم الفقير الحقير ابن عبدالكريم محمّـد حسين ... في تاريخ يوم الجمعة ، السادس من شهر ذي الحجّة الحرام ، وقت الظهر ، سنة ١١٧٩ هجرية.

في ٦٧ ورقة ، ٥ / ٢١ × ١٤ سم. في كلّ صفحة ١٤ سطراً × ٥ / ٩ سم.

* معجم المؤلّفين ١٠ : ٢٠٩ ، مجلّة تراثنا ٢ / ٥٦ برقم ١٠٠ ، فهرس المكتبة الوطنية في برلين برقم : ٩٤٠٥, ٩٤٠٤.

Brockelmann : g, II : ٣٨٢.

(٣١)

التدوين في ذكر أهل العلم بقزوين

Add. ٢١, ٤٦٨

تأليف : عبدالكريم بن محمّـد بن عبدالكريم بن الفضل بن الحسين ابن الحسن الرافعي القزويني المتوفّى سنة ٦٢٣ هجرية.

أوّله بعد البسملة : سبحان مقلّب الليل والنهار عبرة لأولي الأبصار ، والحمد لله الذي رفع بنعمته الأقدار ، ووضع برحمته الأغلال والآصار ... وبعد فقد كان يدور في خلدي أن أجمع ما حضرني من تاريخ بلدي ... سمّيته كتاب التدوين في ذكر أهل العلم بقزوين ورأيت أن أصدّره بأربعة

۲۲۹

فصول ، أحدها في فضائل البلدة وخصائصها ، وثانيها في اسمها ، وثالثها في كيفية بنائها وفتحها ، ورابعاً في نواحيها وأوديتها ...

آخره من ترجمة يحيى بن زكريّا أبو عليّ الوزّان القزويني المعروف بحنكويه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وبارك الحجر الأسود من حجارة الجنّة. توفّي سنة سبع عشر وثلاثمائة ، وقيل : ثمان عشر والله أعلم.

وقد وفّق الله الفراغ من إتمام كتاب التدوين في تاريخ سنة اثني وتسعين وسبعمائة على يد أضعف عباد الله عبدالرحمن بن نصر الله بن سليمان عفا الله عنهم ...

وعلى الكتاب عدّة تملّكات ، منها تملّك سنة ٩٥٧ هجرية.

نسخة نفيسة ، في ٥١٦ ورقة ، ٢٢ × ١٥ سم. في كلّ صفحة ٢٥ سطراً × ٧ / ١١ سم.

* كشف الظنون ١ : ٣٨٢ ، مرآة الجنان ٤ : ٥٦ ، فوات الوفيات ٢ : ٣ ، شذرات الذهب ٥ : ١٠٨ ، هدية العارفين ١ : ٦٠٩ ، معجم المؤلّفين ٦ : ٣.

Brockelmann : g,I : ٣٩٣, s : I : ٦٧٨.

(٣٢)

التذكرة النصيريّة في علم الهيئة

Or. ١١٢٠٩

تأليف : الخواجه نصير الدين ، أبي جعفر محمّـد بن محمّـد بن الحسن الطوسي المولود سنة ٥٩٧ والمتوفّى سنة ٦٧٢ هجرية :

ألّفه بعد تحرير المجسطي ، وينظر فيه إلى شرحه وبيانه ، ولذا يطلق عليه اسم «شرح تحرير المجسطي» أيضاً. وفرغ من تأليفه سنة ٦٥٧ هجرية

۲۳۰

في مراغة.

أوّله بعد البسملة : الحمد لله مفيض الخير وملهم الصواب ... نريد أن نورد جملة من علم الهيئة تذكرة لبعض الأحباب ...

آخره : والثاني أبعدها ، وهو بعد الثوابت عن مركز الأرض ، فكان خمسة وعشرون ألف ألف وأربعمائة واثنا عشر ألفاً وثمان ماية وتسعة وسبعين فرسخاً. ولنختم الكتاب هاهنا حامدين لله تعالى ومصلّين على نبيّه المصطفى ... وقع الفراغ منه في يوم الخميس الحادي عشر من شوّال سنة ثمان وثمانين وستمئة هجرية (٦٨٨) بحماه المحروسة. كتبه عليّ بن أحمد ابن إبراهيم بن مشرف ...

نسخة نفيسه في ٧٤ ورقة ، ١٩ × ١٣ سم. في كلّ صفحة ١٣ سطراً.

* الذريعة ٤ : ٥٠ ، كشف الظنون ١ : ٣٩١ ، العبر ٣ : ٣٢٦ ، شذرات الذهب ٥ : ٣٣٩ ، النجوم الزاهرة ٧ : ٢٤٤ ، معجم المؤلّفين ١١ : ٢٠٧.

Brockelmann : g, II : ٥٠٨ ـ ٥١٢ ـ s, II : ٩٢٤ ـ ٩٣٣.

(٣٣)

تذكرة المجتهدين (مشايخ الشيعة)

Or. ٨٥١٨

تأليف : شرف الدين يحيى بن عزّ الدين حسين بن عشيرة بن ناصر ، مفتي البحرين الأردكاني اليزدي ، الأصفهاني ، من أعلام القرن العاشر الهجري.

أوّله بعد البسملة : الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على محمّـد وآله الطاهرين ، فهذه رسالة في معرفة مشايخ الشيعة تغمّدهم الله تعالى ...

۲۳۱

منهم الشيخ عليّ بن إبراهيم بن هاشم صاحب الإمام الحسن العسكري ...

آخره : ومنهم الشيخ الأجلّ الفاضل الشهيد الثاني ، زين الدين عليّ بن أحمد العاملي ، له مصنّفات كثيرة ، وقتل في سنة إحدى وستّين وتسعمائة ، قتل الله قاتله.

تمّت الرسالة بعون الله ... وحرّر ذلك العبد المذنب المسمّى عليّ بن حاجي عبدالكريم الطبسي ... في تاريخ ١٥ شهر صفر سنة اثنين وثمانين وتسعمائة ...

نسخة نفيسة ، في ٨ أوراق ، ٥ / ١٨ × ١٢ سم ، في كلّ صفحة ٢٠ سطراً.

* الذريعة ٤ : ٤٦ ، أعيان الشيعة ١٠ : ٢٨٨ ، فهرست دانشكاه طهران ٨ : ٥٥٥ ، نشرية كتابخانه مركزي دانشكاه ٥ / ٤٣٢ ، مجلّة كلّية الآداب بتبريز العدد ٣ / السنة ١٩.

(٣٤)

تسليك النفس إلى حظيرة القدس

Or. ١٠٩٧١

تأليف : أبي منصور الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر الحلّي المعروف بالعلاّمة ، المولود سنة ٦٤٨ ، والمتوفّى سنة ٧٢٦ هجرية.

في نكات علم الكلام ودقايقه ، مرتّب على مراصد ، المرصد الأوّل في الأمور العامّة.

أوّله بعد البسملة : الحمد لله القديم الأزلي ، الدائم الأبدي ... أمّا بعد فقد أجبت سؤالك أيّها الولد الصالح محمّـد ، جعلني الله فداك في تصنيف هذا الكتاب ...

۲۳۲

آخره : هذا آخر ما قصدنا إثباته في هذا الكتاب والله الموفّق ، وفرغ المصنّف من تسويده في ثاني عشر المحرّم سنة أربع وسبعمائة ، كتب العبد ... عليّ بن الحسن بن الرضيّ العلويّ الحسينيّ في ثامن عشر شهر صفر يوم الأربعاء سنة ستّة عشر وسبعماية (٧١٦).

نسخة نفيسة في ٨٢ ورقة ، ١٨ × ١٠ سم. في كلّ صفحة ١٧ سطراً × ٥ / ٦ سم.

* الذريعة ٤ : ١٨٠ ، إيضاح المكنون ١ : ٢٨٦ ، معجم المؤلّفين ٣ : ٣٠٣ ، العبر ٤ : ٧٧ ، مرآة الجنان ٤ : ٢٧٦ ، النجوم الزاهرة ٩ : ٢٦٧.

Brockelmann : g, II : ١٦٤, s, II : ٢٠٦ ـ ٢٠٩.

(٣٥)

تشريح الأفلاك

Or. ٤٣١٨

تأليف : بهاء الدين ، محمّـد بن الحسين بن عبدالصمد العاملي الحارثي ، الجباعي المولود سنة ٩٥٣ ، والمتوفّى سنة ١٠٣١ هجرية.

رتّب المؤلّف كتابه هذا على مقدّمة وخمسة فصول وخاتمة ، وهو متن متين ، إهتمّ لشرحه جملة من العلماء.

أوّله بعد البسملة : ربّنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فَقِنا عذاب النّار ، واجعلنا من المتفكّرين ...

آخره : هذا ما غفلت عنه عوائق الزمان ولم ينتبه له طوارق الحدثان ، قد تمّ الكتاب.

مجهول الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن الحادي عشر الهجري ،

۲۳۳

كتبت بعض التعليقات والشروح وفوائد كثيرة أخرى بين أسطر الكتاب وفي هوامش الصفحات.

ضمن مجموع ، من الورقة ٢٥ ـ ٤٣ ، ١٩ × ٥ / ١٢ سم. في كلّ صفحة ٨ سطراً × ٦ سم.

* الذريعة ٤ : ١٨٥ ، ايضاح المكنون ١ : ٢٩٠ ، معجم المؤلّفين ٩ : ٢٤٣ ، هديّة العارفين ٢ : ٢٧٣ ، أمل الآمل ١ : ١٥٥ ، الفوائد الرضوية : ٥٠٢.

Brockelmann : g, II : ٤١٤ ـ ٤١٥, s, II : ٥٩٥ ـ ٥٩٧.

(٣٦)

تلخيص البيان في مجازات القرآن

Or. ٨٢٣٨

تأليف : الشريف ، أبي الحسن محمّـد بن الحسين بن موسى بن محمّـد بن موسى بن إبراهيم بن الإمام الكاظم عليه‌السلام ، المعروف بالرضي. ولد سنة ٣٥٩ والمتوفّى سنة ٤٠٦ هجرية.

وقد يقال لهذا الكتاب أيضاً «مجازات القرآن» لدلالته على موضوعه. وصفه ابن خلّكان بأنّه نادر في بابه.

ناقص الأوّل والآخر بعض الأوراق.

أوّله في تفسير قوله تعالى من السورة التي يذكر فيها يونس عليه‌السلام : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْق عِنْدَ رَبِّهِمْ) : ... وتخطّى إلى غير الواجب ومعناه إنّه انتقل إلى فعل ذلك ، كما ينتقل الماشي وإن لم يحرّك قدمه ولم ينقل خطوه. قوله سبحانه : (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) وهذه ...

ينتهي الموجود من الكتاب في تفسير قوله سبحانه وتعالى : (مِن

۲۳۴

شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ) وهذه استعارة ، والمراد بالوسواس هاهنا الكلام الخفي ... قال رؤبه.

نسخة نفيسة ، مجهولة الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن السابع الهجري.

في ٢٤١ ورقة ، ١٦ × ٥ / ١٢ سم. في كلّ صفحة ١١ سطراً × ١٣ سم.

* الذريعة ٤ : ٤٢١ ، طبقات أعلام الشيعة ق / ٥ : ١٦٤ ، كشف الظنون ١ : ٤٧٢ ، مجلّة تراثنا العدد ٥ : ٤٥ ، تاريخ بغداد ٢ : ٢٤٦ ، وفيات الأعيان ٢ : ٢ ، تذكرة الحفّاظ ٣ : ٢٨٩ ، معجم المؤلّفين ٩ : ٢٦٢.

Brockelmann : g, I : ٨٢.

(٣٧)

نسخة أُخرى

Or. ٨٢٤١

كتبت بخطّ مغربي ، ناقصة الورقة الأولى ، وبعض الأوراق من آخرها.

أوّلها : ... وقد كنت أوردت في كتابي الكبير الموسوم بحقايق التأويل في متشابه التنزيل ...

آخرها : ومن السورة التي يذكر فيها المطفّفين وبقية المفصّل إلى آخر القرآن ... وهو أن يكون المراد أنّهم غير مقرّبين عند الله سبحانه بصالح الأعمال واستحقاق الثواب.

وهذا الموضع يطابق الصفحة ٣٦١ من النسخة المطبوعة فلاحظ.

مجهولة الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن التاسع الهجري.

في ١٤٥ ورقة ، ٢٦ × ٥ / ١٨ سم. في كلّ صفحة ١٩ سطراً × ١٣ سم.

۲۳۵

(٣٨)

تلخيص المقال في تحقيق أحوال الرجال

Or. ٣٥٧٦

تأليف : ميرزا محمّـد بن عليّ بن إبراهيم الحسيني الاسترآبادي المتوفّى بجوار بيت الله الحرام سنة ١٠٢٨ هجرية.

وهو الرجال المعروف بالوسيط ، وهو تلخيص لكتابه الكبير الموسوم بـ «منهج المقال».

أسماه الشيخ الطهراني في الذريعة : «تلخيص الأقوال في معرفة الرجال» وقال : هو الرجال الوسيط ... الذي فرغ من جزئه الثاني في مشهد أمير المؤمنين عليه‌السلام في (٩٨٦) ثمّ إنه بعد ذلك جاور بيت الله الحرام.

أوّله بعد البسملة : الحمد لله ، وسلام على عباده الذين اصطفى ، أمّا بعد : فهذا الكتاب تلخيص المقال في تحقيق أحوال الرجال ، قد أثبت فيه الأسماء على ترتيب حروف المعجم ...

آخره : فرغ منه مؤلّفه الراجي عفو ربّه الهادي محمّـد بن عليّ ، عاشر ذشهر جمادي ، سنة ثمان وثمانين وتسعماية ، وقد وقع الفراغ من تسويد هذا الكتاب في تاريخ ظهيرة يوم الاثنين ، رابع شهر ربيع الأوّل سنة سبع وثمانون بعد الألف. كتبه العبد ابن عبدالواحد زين العابدين.

في ٢٣٠ ورقة ، ٥ / ٢٥ × ١٧ سم. في كلّ صفحة ٢٣ سطراً × ١٠ سم.

* الذريعة ٤ : ٤٢٠ ، سلافة العصر : ٤٩٩ ، هديّة العارفين ٢ : ٢٧١ ، مصفّى المقال : ٤٣٠ ، الفوائد الرضوية : ٥٥٤ ، معجم المؤلّفين ١٠ : ٢٩٨.

۲۳۶

Brockelmann : s, II : ٥٢٠, ٥٧٢.

Supplement p. ٤٢٣ ,No. ٦٣٤.

(٣٩)

تهذيب الأحكام

Or. ١١٠٢٢

تأليف : شيخ الطائفة ، أبي جعفر ، محمّـد بن الحسن بن عليّ الطوسي ، المولود سنة ٣٨٥ ، والمتوفّى سنة ٤٦٠ هجرية.

هو شرح لكتاب المقنعة لأُستاذه وشيخه محمّـد بن محمّـد بن النعمان المعروف بالشيخ المفيد رضوان الله تعالى عليهما. وأحد الكتب الأربعة القديمة المعوّل عليها عند الشيعة الإماميّة الاثنا عشرية من لدن تأليفه وحتّى اليوم. استخرجه من الأُصول المعتمدة للقدماء.

أوّله بعد البسملة : الحمد لله ولي الحمد ومستحقّه ، وصلواته على خير خلقه محمّـد وآله وسلّم تسليماً ، ذاكرني بعض الأصدقاء أيّده الله ممّن أوجب حقّه بأحاديث أصحابنا أيّدهم الله ورحم السلف منهم ، وما وقع فيها من الاختلاف والتباين والمنافاة والتضادّ ... وسألني أن أقصد إلى رسالة شيخنا أبي عبدالله أيّده الله تعالى الموسومة بـ (المقنعة) لأنّها شافية في معناها ، كافية في أكثر ما يحتاج إليه من أحكام الشريعة ...

جاء في آخر كتاب الطهارة ما صورته : وافق الفراغ من نسخه على يد ... ابن سلطانعليّ ابن خواجه عليّ السبزواري عفا الله عنهما في ثالث شهر ذي الحجّة الحرام سنة ألف وخمسين من الهجرة النبوية.

ينتهي المجلّد بكتاب الحجّ ، ناقص الآخر ، آخره : ... روى الحسين ابن سعيد ، عن محمّـد بن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله

۲۳۷

أنّه سُئل عن رجل أدخل فهداً إلى الحرم ، أله أن يخرجه؟ فقال : هو سبع ، وكلّما أدخلت من السبع الحرم أسيراً فلك أن تخرجه.

في ٣١٥ ورقة ، ٢٥ × ٥ / ١٩ سم. في كلّ صفحة ٢٤ سطراً × ٥ / ١٣ سم.

* الذريعة ٤ : ٥٠٤ ، الفهرست للطوسي : ١٦٠ ، رجال النجاشي ٢ : ٣٣٢ ، هدية العارفين ٢ : ٧٢ ، إيضاح المكنون ١ : ٣٤١ ، معجم المؤلّفين ٩ : ٢٠٢ ، مصفّى المقال : ٤٠٢ ، الفوائد الرضوية : ٤٧٠.

Brockelmann : g, I : ٤٠٥, s, I : ٧٠٦ ـ ٧٠٧.

(٤٠)

نسخة أخرى

Or. ٩١٧٩

ناقصة الورقة الاُولى من ديباجة الكتاب ، أوّلها : والإمامة ، لأنّ شرح ذلك يطول ، وليس أيضاً المقصد بهذا الكتاب بيان ما يتعلّق بالأصول ...

جاء في الورقة (١١٦) ما نصّه : تمّ الجزء الأوّل من كتاب تهذيب الأحكام ، ويتلوه الجزء الثاني ... وأنا العبد الفقير إلى رحمة ربِّه الباري ابن حاجي منصور ، حسين السبزواري في مشهد الإمام الثامن عليّ بن موسى الرضا ...

آخرها : تمّت الزيادات من الجزء الثاني من كتاب تهذيب الأحكام في باب الصلاة ، ويتلوه كتاب الزكاة إن شاء الله. تمّت وقت الظهر ، يوم الخميس ، من أواخر شهر محرّم الحرام سنة سبع وسبعين وألف ، على يد أقلّ الخلائق حسين بن منصور السبزواري.

والنسخة كلّها مجدولة بماء الذهب. في ٢٨٩ ورقة ، ٢٦ × ٥ / ١٥ سم.

۲۳۸

في كلّ صفحة ٢٥ سطراً × ٩ سم.

(٤١)

نسخة أخرى منه

Or. ٨٠١١

تبدأ بكتاب الزكاة إلى آخر كتاب الحجّ.

ناقصة الآخر ، آخرها : فلا يدري ما صنع ، فعليه فداه ، لأنّه لا يدري لعلّه قد هلك.

مجهولة الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن الثامن الهجري ، في ٢٦٩ ورقة ، ٢٣ × ٥ / ١٦ سم في كلّ صفحة ٢٠ سطراً × ١٣ سم.

(٤٢)

تهذيب الوصول إلى علم الأُصول

Or. ٤٢١٣

تأليف : أبي منصور ، الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر الحلّي المعروف بالعلاّمة ، المولود سنة ٦٤٨ ، والمتوفّى سنة ٧٢٦ هجرية.

عنونه الشيخ الطهراني في الذريعة بـ (تهذيب طريق الوصول إلى علم الأُصول) وقال : عبّر كذلك في كشف الظنون وقد يخفّف ويقال تهذيب الأُصول ، وتهذيب الوصول كما عبرّ به في الخلاصة.

أوّله بعد البسملة : الحمد لله رافع درجات العارفين إلى ذروة العلا ... أمّا بعد : فهذا كتاب تهذيب الوصول إلى علم الأُصول ، حرّرت فيه طرق الأحكام على الإجمال ...

آخره : وليكن هذا آخر ما يذكر في هذا الكتاب ، ومن أراد التطويل في هذا الفنّ ، فليطلبه من كتابنا المسمّى بنهاية الوصول ، فإنّه قد بلغ الغاية ،

۲۳۹

وتجاوز النهاية ، والله الموفّق للصواب.

تمّ ، كاتبه عليّ رضا بنفسه لنفسه في أواخر عشر الثالث من شهر صفر سنة (١٠٢٩) هجرية.

في ١١١ ورقة ، ٢٥ × ٥ / ١٣ سم في كلّ صفحة ١٣ سطراً × ٦ سم.

في هوامش صفحات الكتاب شروح وتعليقات وفوائد كثيرة.

* الذريعة ٤ : ٥١١ ، كشف الظنون ١ : ٥١٥ ، الدرر الكامنة ٢ : ٧١ ، تنقيح المقال ١ : ٣١٤ ، مرآة الجنان ٤ : ٢٧٦ ، معجم المؤلّفين ٣ : ٣٠٣.

Brockelmann : g, II : ١٦٤, s, II : ٢٠٦ ـ ٢٠٩.

Supplement p. ١٧٣, No. ٢٦٣.

(٤٣)

جامع المقاصد في شرح القواعد

Or. ٧٨٠٩

تأليف : نور الدين ، أبي الحسن عليّ بن الحسين بن عبدالعال ، المعروف بالمحقّق الكركي ، المولود سنة ٨٦٨ ، والمتوفّى عام ٩٤٠ هجرية.

شرح مبسوط لكتاب «قواعد الأحكام» تأليف العلاّمة الحلّي الحسن ابن يوسف بن عليّ بن المطهّر المتوفّى سنة ٧٢٦ هجرية.

وصل المؤلّف قدس‌سره إلى مبحث تفويض البضع من كتاب النكاح في جُمادى الأولى من عام ٩٣٥ هجرية ، ولم يتيسّر له إتمامه بعد ذلك ، فأتّمه الفاضل الهندي بكتابه الموسوم «كشف اللثام عن وجه قواعد الأحكام» ، فابتدأ بشرح كتاب النكاح إلى آخر القواعد ، ثمّ شرح بعد ذلك كتاب الحجّ

۲۴۰

والطهارة والصلاة.

يبتدأ بكتاب الوقف والعطايا إلى كتاب الوصايا.

أوّله بعد البسملة : كتاب الوقف والعطايا وفيه مقاصد ...

جاء في آخره : قد كمل النصف الأوّل من كتاب قواعد الأحكام ، وكمل بكماله النصف الأوّل من الشرح ...

مجهول الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن العاشر الهجري ، في ٤٤٠ ورقة ، ٥ / ٢٤ × ١٣ سم. في كلّ صفحة ٢١ سطراً × ٥ / ٧ سم.

هذه النسخة من ممتلكات السيّد نعمة الله الجزائري ، في السنة السابعة والثمانين بعد الألف.

* الذريعة ٥ : ٧٢ ، روضات الجنّات ٤ : ٣٦١ ، رياض العلماء ٣ : ٤٥١ ، أمل الآمل ١ : ١٢٢ ، نقد الرجال : ٢٣٨ ، الأعلام ٤ : ٢٨١ و ٢٩٩ ، الفوائد الرضوية : ٣٠٥ ، معجم المؤلّفين ٧ : ٧٤ ، هديّة العارفين ١ : ٧٤٤.

Brockelmann : g, II : ٤١١, s, II : ٥٧٤ ـ ٥٧٥.

(٤٤)

نسخة أُخرى

Or. ٧٨١٠

تضمّ كتاب النكاح فقط.

أوّلها بعد البسملة : الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة على رسوله محمّـد وآله الطاهرين. قوله : كتاب النكاح. مقتضي كلام أهل اللغة إنّ استعمال لفظ النكاح ...

آخرها من نفس الكتاب : قوله : ولو دخل ولم يسمّ لها شيئاً ،

۲۴۱

قيل : ... إلى هنا وجد كلام الشارح.

مجهولة الناسخ والتاريخ ، مختلفة الخطّ ، من خطوط القرن الثالث عشر الهجري.

في ٢٢٤ ورقة ، ٢٥ × ١٩ سم. في كلّ صفحة ٢٥ سطراً × ٥ / ١١ سم.

(٤٥)

جنّة الأمان الواقية

«مصباح الكفعمي»

Or. ٨٣٤٢

تأليف : تقي الدين ، إبراهيم بن عليّ بن الحسن بن محمّـد بن صالح العاملي ، المعروف بالكفعمي ، المولود سنة ٨٤٠ ، والمتوفّى سنة ٩٠٥ هجرية.

أوّله بعد البسملة : الحمد لله الذي جعل الدعاء سلّماً نرتقي به أعلى مراتب المكارم ، ووسيلة إلى اقتناء غرر المحامد ودرر المراحم ... وبعد فإنّي جمعت من الأدعية الصالحة ... وسمّيته جنّة الأمان الواقية وجنّة الإيمان الباقية ...

رتّب المؤلّف كتابه هذا على خمسين فصلاً ، الفصل الأوّل منه في الوصية ، والفصل الآخر في آداب الداعي ، وأورد في آخره فهرس لعناوين الكتب التي اعتمدها والبالغة عدّها إلى ثمانية وثلاثين ومائتين كتاباً ، وفرغ من تأليفه في ٢٧ ذي القعدة الحرام من عام ٨٩٥ هجرية.

ناقص الآخر ، وآخر الموجود في تكبيرات وأعمال صلاة العيد : الخروج إلى صلاة العيد ، فأطعم قبل خروجك ، وليكن إفطارك على شيء من التربة ... من فتنته عافانا ، الله أكبر الذي بالإسلام اصطفانا ، الله أكبر

۲۴۲

الذي ...

في ٤٢٥ ورقة ، ٥ / ٣٠ × ٢١ سم. في كلّ صفحة ١٤ سطراً × ١١ سم.

* الذريعة ٥ : ١٥٦ ، إيضاح المكنون ١ : ٣٦٩ ، نفح الطيب ٤ : ٣٩٧ ، تنقيح المقال ١ : ٢٧ ، روضات الجنّات ١ : ٢٠ ، معجم المؤلّفين ١ : ٦٥.

Brockelmann : s, II : ١٣٣

(٤٦)

جوامع الجامع

Or. ٨٣٩٠

تأليف : أمين الدين أبي عليّ الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي المولود حدود سنة ٤٦٨ ، والمتوفّى سنة ٥٤٨ هجرية.

الكتاب مورد البحث هو التفسير الوسيط في المقدار والحجم ، فإنّه أصغر من الكبير المسمّى بـ «مجمع البيان» وأكبر من الصغير المسمّى بـ «الكافي الشافي» وقد ألّفه بعدهما ، وانتخبه منهما بالتماس ولده الحسن بن الفضل كما صرّح به في أوّله ، وتمّمه في اثني عشر شهراً ، شرع فيه في ١٨ صفر ٥٤٢ وفرغ منه في ٢٤ محرّم الحرام سنة ٥٤٣ هجرية.

أوّله بعد البسملة : الحمد لله الذي أكرمنا بكتابه الكريم ، ومنّ علينا بالسبع المثاني والقرآن العظيم ... فإنّي لمّا فرغت من كتابي الكبير في التفسير الموسوم بمجمع البيان لعلوم القرآن ، ثمّ عثرت من بعد بكتاب الكشّاف لحقائق التنزيل لجار الله العلاّمة ... أُسمّيه كتاب «جوامع الجامع».

جاء في آخره بعد إكمال سورة الناس : ... وكان ابتدائي بتأليف سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة ، في يوم السبت ، الثاني عشر من صفر ، وفراغي

۲۴۳

منه بعون الله ومنّه ، لستٍّ بقين من المحرّم ، الشهر الثاني عشر في مدّة شهور العام ...

مجهول الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن الثالث عشر الهجري.

في ٤٢٠ ورقة ، ٢٦ × ٥ / ١٥ سم ، في كلّ صفحة ٢٨ سطراً × ٥ / ١٠ سم.

* الذريعة ٥ : ٢٤٨ ، كشف الظنون ١ : ٦١١ ، الفوائد الرضوية : ٣٥٠ ، تنقيح المقال : ٢ : ٧ ـ ٨ ، طبقات أعلام الشيعة ق / ٦ : ٢١٦ ، معجم المؤلّفين ٨ : ٦٦ ، روضات الجنّات ٥ : ٣٥٧ ، أمل الآمل ٢ : ٢١٦.

(٤٧)

الجوهر النفيس في شرح كتاب التجريد

Add. ١٦, ٦٦٠

تأليف : أبي منصور ، الحسن بن يوسف بن عليّ المطهّر الحلّي ، المعروف بالعلاّمة ، المولود سنة ٦٤٨ ، والمتوفّى سنة ٧٢٦ هجرية.

أسماه الشيخ الطهراني في الذريعة بـ (الجوهر النضيد في شرح منطق التجريد).

أوّله بعد البسملة : الحمد لله المتفرّد بوجوب الوجود ، المتوحّد بالكرم ... وبعد فيقول الحسن بن يوسف بن المطهّر إنّ الله تعالى لمّا وفّقني للاستفادة من شيخنا الإمام الأعظم ... نصير الملّة والدين محمّـد بن الحسن الطوسي ... وقفت على مختصره الموسوم بالتجريد في علم المنطق ... فشرعت في إملاء هذا الكتاب الموسوم بـ«الجوهر النفيس في شرح كتاب التجريد» لإبانة مشكلاته ...

۲۴۴

آخره : فلا يمكن ضبطها كما أمكن ضبط المواضع في صناعتي الأولتين ، ولكن هذا آخر ما يورده في شرح هذا الكتاب. تمّت بعون ملك الوهّاب.

مجهول الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن الثالث عشر الهجري.

في ١٢٨ ورقة ، ٤ / ٢٢ × ٥ / ١٢ سم. في كلّ صفحة ٢٢ سطراً × ٨ سم.

* الذريعة ٥ : ٢٩٠ ، مرآة الجنان ٤ : ٢٧٦ ، تنقيح المقال ١ : ٣١٤ ، روضات الجنّات ٢ : ٢٦٩ ، معجم المؤلّفين ٣ : ٣٠٣.

Brockelmann : g, II : ١٦٤, s, II : ٢٠٦_ ٢٠٩.

(٤٨)

حاشية أنوار التنزيل

Or. ٨٤٥٦

تأليف : بهاء الدين محمّـد بن الحسين بن عبدالصمد الحارثي الجباعي ، العاملي ، المولود سنة ٩٥٣ ، والمتوفّى سنة ١٠٣١ هـ.

أنوار التنزيل وأسرار التأويل المعروف بتفسير البيضاوي لناصر الدين أبي سعيد عبدالله بن عمر البيضاوي الشافعي ، المتوفّى بتبريز سنة خمس وثمانين وستمائة (٦٨٥) وقيل : ٦٩٢.

أوّلها بعد البسملة : الحمد لله الذي جعل نسخة عالم الإمكان شرحاً لآيات قدرته وتفسيراً ...

آخره : قوله : التي بذّت ، بالباء الموحّدة والذال المعجمة المشدّدة أي غلبت ، المراد بالمنطيق البليغ ... قوله : والسورة الطايفة إلخ ، هذا التعريف إنّما هو على مذهب ... وقد سبق لنا الكلام في هذا المقام عند أوّل تفسير الفاتحة فتذكره. تمّت الرسالة البهائية في حاشية الآيات الإلهية.

۲۴۵

مجهولة الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن الحادي عشر الهجري.

في ١٠٧ ورقة ، ٢٠ × ٥ / ١٣ سم. في كلّ صفحة ٢٠ سطراً × ٨ سم.

* إيضاح المكنون ١ : ١٤١ ، الذريعة ٦ : ٤٤ ، معجم المؤلّفين ٩ : ٢٤٣ ، هديّة العارفين ٢ : ٢٧٣ ، أمل الآمل ١ : ١٥٥ ، روضات الجنّات ٧ : ٥٦ ، أعيان الشيعة ٩ : ٢٣٤.

Brockelmann : g, II : ٤١٤_ ٤١٥, s, II : ٥٩٥_ ٥٩٧.

(٤٩)

حاشية معالم الدين

Or. ٨٤٦٤

تأليف : علاء الدين ، حسين بن رفيع الدين محمّـد بن محمود المرعشي ، الآملي ، الأصفهاني ، المعروف بـ (خليفة سلطان) ، المتوفّى سنة ١٠٦٤ هـ.

معالم الدين وملاذ المجتهدين ، مقدّمة في اُصول الفقه ، للشيخ جمال الدين أبي منصور الحسن بن زين الدين بن عليّ بن أحمد المتوفّى عام ١٠١١ هجرية.

تداولت هذه المقدّمة في المُدارسة فيها بين المحصّلين منذ عصرها وحتّى الآن. وقد عُلّقت عليها خلال هذه الفترة من الزمن حواش كثيرة مبسوطة ومختصرة ، منها هذه الحاشية.

أوّلها بعد البسملة : الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على محمّـد وآله الطاهرين. أمّا بعد : فيقول العبد ... المدعو بخليفة سلطان.

آخرها : تمّت هذه الحاشية ... يوم الخميس ، ٢٣ شهر شعبان ، بيد أقلّ الطلبة ... محمّـد بن رضاي الجيلاني الكُهدَمي ، في مشهد الحسين ... ١٢٣٤ هجرية.

ضمن مجموع من الورقة ٧٥ ـ ١١٥ بحجم ٥ / ٢٠ × ٥ / ١٤ سم. في

۲۴۶

كلّ صفحة ٢١ سطراً × ٥ / ٩ سم.

* الذريعة ٦ : ٢٠٦ ، معجم المؤلّفين ٦ : ٢٩٢ ، روضات الجنّات ٢ : ٣٤٦ ، أعيان الشيعة ٦ : ١٦٤.

(٥٠)

نسخة أُخرى

Or. ٨٥٣٠

مجهولة الناسخ والتاريخ ، مختلفة الخطّ ، حديثة الكتابة ، من خطوط القرن الرابع عشر الهجري.

في ٣٩ ورقة ، ٧ / ١٨ × ١٢ سم.

(٥١)

حاشية معالم الدين

Or. ٨٤٦٤

تأليف : ميرزا محمّـد بن حسن الشرواني (الشيرواني) الأصفهاني ، المعروف بالفاضل الشرواني (الشيرواني) ، المتوفّى سنة ١٠٩٨ هـ.

أوّلها بعد البسملة : قوله الفقه في اللّغة الفهم إلخ : إنّما ابتدأ بتعريف الفقه دون أُصول الفقه ...

آخرها : تمّ هذه الحاشية يوم الجمعة ، ثامن شهر محرّم الحرام ، في سنة خمسة وثلاثين ومائتين بعد الألف ، بيد محمّـد رضاي الجيلاني في كربلا ...

ضمن مجموع من الورقة ١ ـ ٧٥ بحجم ، ٥ / ٢٠ × ٥ / ١٤ سم. في

۲۴۷

كلّ صفحة ٢١ سطراً × ٥ / ٩ سم.

* الذريعة ٦ : ٢١٠ ، روضات الجنّات ٧ : ٩٣ ، الكنى والألقاب ٣ : ٢١٣ ، الفوائد الرضوية : ٤٦٧ ، هديّة الأحباب : ٢٥٢ ، أعيان الشيعة ٩ : ١٤٢.

(٥٢)

حاشية معالم الدين

Or. ٨٤٠٤

تأليف : محمّد باقر الوحيد البهبهاني المتوفّى بالحائر الحسيني ١٣٠٦ هجرية.

أوّلها بعد البسملة : الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على محمّـد ... قوله : وبالأفعال الخ ، إن قلت : من جملة الأفعال فعل المعصوم ...

كتبها محمّـد بن رضاي الجيلاني الكُهدَمي بتاريخ سنة ١٢٣٤ ، كما ورد ذلك في الرسالة السابقة لها ، والمتّحدة معها بالخطّ.

ضمن مجموع من الورقة ١١٥ ـ ١٤٧ بحجم ٥ / ٢٠ × ٥ / ١٤ سم. في كلّ صفحة ٢١ سطراً × ٥ / ٩ سم.

* انظر الذريعة ٦ : ٢٠٦ برقم ١١٤٢.

(٥٣)

الحاوي في علم التداوي

Or. ١٣٣٨٥

تأليف : نجم الدين ، محمود بن صائن الدين الياس الشيرازي ، المتوفّى سنة ٧٣٠ هجرية.

۲۴۸

الكتاب مرتّب على خمس مقالات : الأوّل في العلل ، والثاني في الحميّات ، والثالث في علل الأعضاء الظاهرة ، والرابع في الأدوية المفردة ، والخامس في الأدوية المركّبة.

أوّله بعد البسملة : الحمد لله الواحد الماجد السبّوح ، خالق الجنّ والإنس ... وألفت هذا الكتاب ، وسمّيته بالحاوي في علم التداوي ، ورتّبته على خمس مقالات ...

آخره : باللوز والفستق المقشّرين ، والله أعلم بالصواب ، وإليه المرجع والمآب ، تمّ الكتاب ... على يد ... محمود بن عمر بن أبي بكر المعروف بخالق ... في العشر الأوّل من شهر شوّال سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة (٧٣١) ...

نسخة خزائنيّة نفيسة ، زُيّنت الأوراق الأولى منها بالنقوش المذهّبة ، وكتب عليها عنوان الكتاب واسم مؤلّفه ، وصاحبه عبدالرحيم بن إبراهيم ، وجميع صفحاته مؤطّرة بماء الذهب.

في ٤٥٧ ورقة ، ٢٤ × ٥ ١٤ سم. في كلّ صفحة ١٩ سطراً.

* كشف الظنون ج ١ : ٦٢٨ ، الذريعة ٦ : ٢٣٦ ، معجم المؤلّفين ١٢ : ١٥٣.

Brockelmann : s, II : ٢٩٨ ـ ٢٩٩

(٥٤)

حاوي المقال في علم الرجال

Or. ٨٦٨٨

تأليف الشيخ عبدالنبي بن سعد الجزائري الغروي الحائري المتوفّى سنة ١٠٢١ هجرية.

۲۴۹

أوّله بعد البسملة : نحمدك اللهمّ على ما هديتنا لصحيح المقال من خلاصة الأقوال ، وحبوتنا من ممارسة الرجال بحسن الردّ والإهمال ، ونصلّي على من قبلت لمحبّته ضعف الأعمال ، وعدّلت بشريعته عوج الأديان بنهاية الاعتدال ، وعلى آله الجارين على ذلك المنوال في جميع الأقوال والأفعال ...

جاء في آخر الجزء الأوّل منه : هذا آخر ما أردنا إيراده في الجزء الأوّل من كتاب الحاوي ، ويتلوه في الجزء الثاني الفصل الثاني في رجال الحسن إن شاء الله ... وكان الفراغ من كتابته يوم الخميس ، ضحوة النهار ، يوم الخامس من شهر ربيع الآخر ، سنة الخامسة عشر بعد الألف من الهجرة ... بقلم ... قطب الدين بن الشيخ تمام بن حسن الصيمري ...

جاء في هامش نفس الصفحة صورة بلاغ مقابلة على مصنّف الكتاب ، نصّه : ثُمّ بلغ قراءة وفّقه الله لمرضاته ، وسهّل إلى سبيل الخير توفيقاته ، وقد أجزت له أن يرويه ويقرئه لمن شاء وأحبّ ، كيف شاء وأحبّ ... وكتب الفقير عبد النبي بن سعد عفي عنه.

يليله الفصل الثاني في رجال الحسن ، وهم الممدوحون من الإمامية ، مدحاً لا يبلغ حدّ التوثيق ، وفيه أقطاب. القطب الأوّل في الهمزة وفيه أبواب ، الباب الأوّل إبراهيم.

جاء على ظهر الورقة الاُولى منه ما نصّه : بسم الله وله الحمد ، هذا كتاب حاوي المقال في علم الرجال ... أمّا الجزء الأوّل من هذه النسخة هو بخطّ أحد الفضلاء من تلاميذ المؤلّف ، والجزء الثاني بخط ولد المصنّف ، وكلا الجزئين مَقروّ عليه ، ومجاز منه ، ثُمّ إنّ هذه النسخة هي نفس النسخة التي أشار إليها صاحب الروضات في ترجمة المؤلّف ، وذكر أنّه وجدها عند

۲۵۰

السيّد محمّـد باقر الرشتي ، فإنّك ترى خاتمه الشريف على ظهر الصفحة الاُولى موجوداً للآن ، فليعن كلّ من أراد التضلّع في هذا الفنّ بهذه الجوهرة النفيسة ، واليغن به عن غير أهله. وكتب هذه الأحرف بيمناه الداثرة محمّـد باقر بن محمّـد تقي بن محمّـد باقر بن محمّـد تقي الرازي أصلاً ، الأصفهاني مولداً ومنشاءً ومسكناً ، في ١٣ ذي القعدة ، سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة بعد الألف الهجرية (١).

في ٢٤٩ ورقة ، ٣ / ٢٩ × ٢٠ سم. عدد أسطر الصفحات مختلفة.

* الذريعة ٦ : ٢٣٧ ، رياض العلماء ٣ : ٢٧٢ ، معجم المؤلّفين ٦ : ٢٠٠ ، روضات الجنّات ٤ : ٢٨٦ ، أعيان الشيعة ٨ : ١٢٦ ، الفوائد الرضوية : ٢٥٨.

(٥٥)

حدائق الحقائق في شرح نهج البلاغة

Or. ٨٣٩٠

تأليف : أبي الحسن محمّـد بن الحسين بن الحسن البيهقي ، النيسابوري ، المعروف بقطب الدين الكيدري. المتوفّى بعد سنة ٥٧٦ هجرية.

إشتمل هذا الشرح على نوادر اللّغة والأمثال ، ودقائق النحو والبلاغة ، وملح التواريخ ، وغوامض علم الكلام ، وعلوم الأوائل ، وأُصول اللّغة وآداب الشريعة ، وعلم الأخلاق والطبّ والهيئة وغير ذلك.

أوّله بعد البسملة : سبحان من حسرت أبصار البصائر عن كنه معرفته ،

__________________

(١) الشيخ محمّـد باقر هذا المشهور بأُلفت ، المولود سنة ١٣٠١ ، والمتوفّى سنة ١٣٨٤ هجرية ، ترجم له الشيخ الطهراني في نقباء البشر : ١٩٨ فلاحظ.

۲۵۱

وقصرت ألسن البلغاء عن أداء مدحته ...

آخره : لأنّه ذو الحول والمنّة ، وولي الطول والمنّة ووافق الفراغ من تصنيفه في أواخر شهر الله المنّان شعبان ، سنة ست وسبعين وخمس ماية (٥٧٦) ، وفرغ من تحريره لنفسه يوم الأحد ، الثامن والعشرين من شهر ربيع الأوّل ، محمّـد بن أسد الله بن ملاّ ولي دوست ، سنة خمس وسبعين بعد الألف (١٠٧٥) ...

في ٣٤٥ ورقة ، ٨ / ٢٩ × ١٧ سم. في كلّ صفحة ٢٦ سطراً × ١١ سم.

* الذريعة ٦ : ٢٨٥ ، أعيان الشيعة ٩ : ٢٥٠ ، الفوائد الرضوية : ٤٩٣ ، روضات الجنّات ٦ : ٢٩٥ ، طبقات أعلام الشيعة ق / ٦ : ٢٥٩ ، معجم المؤلّفين ٩ : ٢٣٧.

(٥٦)

خلاصة الحساب

Add. ٢٣٥٦٩

تأليف : بهاء الدين محمّـد بن الحسين بن عبدالصمد العاملي ، الحارثي ، الجباعي ، المولود سنة ٩٥٣ ، والمتوفّى سنة ١٠٣١ هجرية.

رتّب المؤلف كتابه هذا على مقدّمة وعشرة أبواب ، في عاشرها مسائل تمرينيّة وخاتمة ، جمع فيه فنون الحساب بشكل مختصر ، وقد أصبح من لدن تصنيفه مرجعاً في البحث والتدريس.

أوّله بعد البسملة : نحمدك يامن لا يحيط بجميع نعمه عدد ، ولا ينتهي تضاعف قسمه ...

ناقص الآخر ، جاء في آخره : السابع مجذور إذا زيد عليه جذر.

مجهول الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن الثاني عشر الهجري.

۲۵۲

ضمن مجموع من الورقة ١٠٣ ـ ١٣٥ ، ٥ / ١٩ × ٩ سم. في كلّ صفحة ١٦ سطراً × ٢ / ٥ سم.

* الذريعة ٧ : ٢٢٤ ، معجم المؤلّفين ٩ : ٢٤٣ ، هديّة العارفين ٢ : ٢٧٣ ، أمل الآمل ١ : ١٥٥ ، روضات الجنّات ٧ : ٥٦ ، أعيان الشيعة ٩ : ٢٣٤.

Brockelmann : g,II,٤١٤ ـ ٤١٥, s,II : ٥٩٥ ـ ٥٩٧

(٥٧)

الخواصّ الكبير

Add. ٢٣٤١٩

تأليف : أبي موسى ، جابر بن حيّان بن عبدالله الكوفي المتوفّى سنة ٢٠٠ هجرية.

أوّله بعد البسملة : المقالة الأُولى من كتاب الخواصّ الكبير لجابر بن حيّان رحمه الله ، الصوفي ، الأزدي ، وهو أحد وسبعون مقالة ، ويعرف بكتاب الجامع.

قال أبو موسى جابر : الحمد لله كما هو أهله ومستحقّه ... من كان حافظاً لقواعد كُتبنا هذه وترتيبها ، وما عليه موضوعها ، فسيعلم علماً يقيناً إنّا وعدنا أن نذكر في جملة كتبنا مفردات من علم الخواصّ ... وجملة كتب الخواصّ أحد وسبعون كتاباً منها سبعون كتاباً برسم الخواصّ ، ومنها كتاب واحد يعرف بخواصّ الخواصّ ، وأشرف هذه الكتب ، وينبغي أن يقرأ هذه الكتب ، وعند استيعاب النظر في جميعها وعلمها ... وكتابنا. هذا يعرف بكتاب الجميع ، معناه جمع الكتب ...

آخره : فليكن الآن آخر هذه المقالة ، وآخر هذا الكتاب ، والسلام ،

۲۵۳

والحمد لله وحده ... وكان الفراغ من تعليق هذه النسخة في يوم الخميس ، غرّة شعبان المكرّم ، لسنة خمس عشر ومأتين وألف (١٢١٥).

ضمن مجموع يبدأ بالورقة ٩٠ ، وينتهي بالورقة ٢٣٤ ، ٢٦ × ٥ / ١٦ سم. في كلّ صفحة ٢٢ سطراً × ٥ / ١٠ سم.

* الفهرست لابن النديم : ٤٢٠ ، تاريخ الحكماء : ١٦٠ ، أعيان الشيعة ٤ : ٣٠ ، معجم المؤلّفين ٣ : ١٠٥ ، الأعلام ٢ : ١٠٣ ، هديّة العارفين ١ : ٢٤٩ ، الذريعة ٧ : ٢٦٩ ، روضات الجنّات ٢ : ٢١٨.

Brockelmann : g, I : ٢٤٠.

(٥٨)

نسخة أُخرى

Or. ٤٠٤١

أوّلها بعد البسملة : المقالة الأُولى من كتاب الخواصّ الكبير لجابر بن حيّان الصوفي : الحمد لله كما هو أهله ومستحقّه الكريم ...

نسخة نفيسة ، مجهولة الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن الثامن الهجري.

في ٩٩ ورقة ، ٥ / ١٩ × ٥ / ١٢ سم. في كلّ صفحة ٢٥ سطراً × ٥ / ٩ سم.

Supplement p. ٥٣٤ ,No. ٧٨٢.

(٥٩)

درر النحور في مدائح الملك المنصور

Add. ١٨١٨٢

نظم : صفي الدين ، أبي المحاسن عبد العزيز بن سرايا بن عليّ بن أبي القاسم بن أحمد بن نصر السنبسي الحلّي ، المولود سنة ٦٧٧ ،

۲۵۴

والمتوفّى سنة ٧٥٠ ، وقيل ٧٥٢ هجرية.

هو مجموعة قصائد ، مدح بها الملك المنصور ، ناصر الدين أبو الفتح أرتق ، الجالس بعد أخيه بولق أرسلان ، واستقلّ بالملك ، ولُقّب بالمنصور بعد قتله وزيره التقش في سنة ٦٠١ هجرية ، إلى أن توفّي سنة ٦٣٦ هجرية ، وهو سميّ جده الأعلى السلطان أرتق ، مؤسّس الدولة الأرتقيّة ، في ماردين ، وديار بكر.

نسخة قديمة نفيسة ، كتبت بخطّين مختلفين ، وقد أتلفت الرطوبة الكثير من صفحاتها ، وفُرّقت أوراقها ، وجُمعت مرّة أُخرى من دون معرفة ، وتمّ تجليدها مرّة أُخرى ، فصارت ورقة العنوان برقم ٢٥٩ منه الآن ، وكذلك باقي أوراقه.

جاء على ظهر الورقة ٢٥٧ / ب تملّك بتاريخ سنة ٨٦٤ هجرية.

مجهولة الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن التاسع الهجري في ٢٧٣ ورقة ٥ / ٢٠ × ٢ / ١٤ سم. في كلّ صفحة ١٧ سطراً × ١١ سم.

* الذريعة ٨ : ١٢٠ ، كشف الظنون ١ : ٧٩٧ ، تنقيح المقال ٢ : ١٥٤ ، الكنى والألقاب ٢ : ٤٢١ ، أعيان الشيعة ٨ : ١٩ ، النجوم الزاهرة ١٠ : ٢٣٨.

Brockelmann : g, II : ١٥٩ ـ ١٦٠, s, II : ١٩٩ ـ ٢٠٠.

(٦٠)

ديوان أمير المؤمنين عليه السلام

(مع الترجمة بالفارسية)

 Add. ٧٥٣٥

أوّله بعد البسملة :

الناس من جهة التمثال أكفاء

أبوهم آدم والاُمّ حوّاء

۲۵۵

كُتب تحت كلّ كلمة من الشعر معناها بالفارسيّة.

جاء على ظهر الورقة الأُولى منه نصّه : ديوان حضرت مولاي متّقيان ، إمام الثقلين ، صاحب قاب قوسين ، أسد الله الغالب ، وغالب كلّ غالب ، أبي الحسنين عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين ... بخطّ مير عليّ أست ، ومي نمايند بخطّ مولانا سلطانعليّ مشهدي أست ، أمّا بخط مير عليّ أشبه أست ، وظاهر آنكه خطّ مير عليست ، والله العالم.

الصحفات كلّها مجدولة بماء الذهب ، في ١١٢ ورقة ٥ / ٢٣ × ٥ / ١٥ سم ، في كلّ صفحة ١٢ سطراً.

(٦١)

ديوان حسّان بن ثابت

Add. ١٩٥٣٩

نظم : أبي الوليد حسّان بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة ابن عدي الأنصاري. المولد قبل النبي (صلى الله عليه وآله) بثمان سنين ، وعاش مئة وعشرين سنة ، ومات في زمن معاوية بن أبي سفيان.

أوّله بعد البسملة : قال حسّان بن ثابت بن المنذر بن حرام ... في يوم فتح مكة ...

جاء على ظهر الورقة الثانية منه ما صورته : ديوان حسّان بن ثابت ، رواية أبي سعيد الحسن بن عبدالله المرزباني السيرافي.

عن أبي عليّ إسماعيل بن محمّـد الصفار.

عن أبي سعيد السكّري.

عن ابن حبيب.

ورواية أبي الحسن محمّـد بن العباس بن أحمد.

۲۵۶

عن السكّري.

عن أبي جعفر محمّـد بن حبيب الهاشمي.

سماع لمحمّـد بن أحمد بن عمر الخلال أبي الغنائم.

آخره : نجز الديوان المبارك يوم الجمعة المبارك ، يوم عاشوراء من شهور محرّم الحرام سنة ١٠٣٣ ، على يد كاتبه لنفسه ، محمّـد بن زين الحموي ... وكتب من خطّ محمّـد بن أحمد بن عمر الخلال أبو الغنائم.

في ١١٤ ورقة ، ٢١ × ٥ / ١٥ سم. في كلّ صفحة ١٧ سطراً × ١٠ سم.

* الذريعة ٩ : ٢٣٧ ، كشف الظنون ١ : ٧٨٥ ، الأعلام ٢ : ١٧٥ ، أعيان الشيعة ٤ : ٦٢١ ، تنقيح المقال ١ : ٢٩٤ ، منهج المقال : ٩٥ ، معجم المؤلّفين ٣ : ١٩١.

Brockelmann : s, I : ٦٧ ـ ٦٨.

(٦٢)

ديوان الشريف الرضي

Add. ٢٥٧٥٠

نظم : أبي الحسن محمّـد بن الحسين بن موسى بن محمّـد بن موسى ابن إبراهيم بن الإمام الكاظم عليه‌السلام المعروف بالشريف الرضي المولود سنة ٣٥٩ ، والمتوفّى سنة ٤٠٦ هجرية.

أوّله بعد البسمله : حرف الهمزة والألف.

جزاء أمير المؤمنين ثنائي

على نعم ما تنقضي وعطاء

أقام الليالي عن بقايا فريستي

ولم يبق منها اليوم غير دماء

ينقص من أوّله بمقدار صفحة واحدة فقط.

۲۵۷

آخره : تمّ الديوان المبارك المسمّى بديوان الشريف الرضي ليلة الأحد ... خامس عشر رجب الأصمّ ، من شهور سنة ستٍّ وأربعين وألف هجرية ، وقد فرغ من تسطيره وترتيبه على حروف الهجاء ، ولم تكن النسخة المنقول منها مرتّبة على هذا الترتيب العبد ... زين العابدين بن أبي الجود بن زين العابدين الأنصاري الخزرجي الشهير بابن الكشك الحنفي.

في ٢٨٦ ورقة ، ٥ / ٢٨ × ١٨ سم. في كلّ صفحة ٢٧ سطراً × ٩ سم.

* الذريعة ٩ : ٣٧٢ و ٥٢١ ، كشف الظنون ١ : ٧٩٤ ، روضات الجنّات ٦ : ١٩٠ ، شذرات الذهب ٣ : ١٨٢ ، تاريخ بغداد ٢ : ٢٤٦ ، أمل الآمل ٢ : ٢٦١ ، مرآة الجنان ٣ : ١٨.

Brockelmann : g, I : ٨٢.

(٦٣)

ديوان الشريف الرضي (ج ٣)

Add. ١٩٤١٠

نظم : أبي الحسن ، محمّـد بن الحسين بن موسى بن محمّـد بن موسى بن إبراهيم بن الإمام الكاظم عليه‌السلام ، المعروف بالشريف الرضي ، المولود سنة ٣٥٩ ، والمتوفّى سنة ٤٠٦ هجرية.

ترتيب : أبي حكيم ، عبدالله بن إبراهيم بن عبدالله بن حكيم الخَبْرِيّ ، الشافعي ، المتوفّى سنة ٤٧٦ ، وقيل : سنة ٤٨٩ هجرية.

رتّبه على الأبواب والقوافي.

أوّله بعد البسملة ، وقال يفتخر بقريش ونزار على قحطان واليمن ، وذلك في شهر رمضان من سنة خمس وثمانين وثلثمائة :

۲۵۸

أراكَ سَتُحدِثُ للقَلْب وَجْدَاً

إذا ما الركائبُ وَدّعْنَ نَجْدا

آخره : انتهى الجزء الثالث من شعر الرضي ، ويتلوه في الرابع قافية الراء. وقال يرثي الحسين بن عليّ عليهما‌السلام في يوم عاشوراء سنة سبع وسبعين وثلثمائة ، والحمد لله ربّ العالمين ...

ورد على ظهر الورقة الأولى منه ما صورته : هذا الجزء بخطّ الشيخ الإمام ، قبلة الكتّاب ، المعروف بياقوت المستعصمي ... كتبه ... بن السهروردي حامداً مصلّياً ...

وبذيله ما لفظه : صدّقت على ذلك ، وصحّ عندي ، وثبت أنّ هذا الكتاب بخط ياقوت المستعصمي ، وكتبه العبد الفقير شرف بن الأمير الخوارزمي مولداً.

وبذيله أيضاً شهادة أخرى على صحّة خطّ المستعصمي ، بتاريخ خمس وثمانمائة للهجرة.

نسخة نفيسة ، في ١٣٢ ورقة ، ٥ / ٢٣ × ٥ / ١٧ سم ، في كلّ صفحة ١٣ سطراً × ٥ / ١١ سم.

* معجم المؤلّفين ٦ : ١٧ ، طبقات الشافعية الكبرى ٣ : ٢٠٣ ، المنتظم ٩ : ٩٩ ، هديّة العارفين ١ : ٤٥٢ ، النجوم الزاهرة ٥ : ١٥٩.

Brockelmann : g, I : ٣٨٨, s, I : ٦٧١.

(٦٤)

ديوان صفيّ الدين الحلّي

Or. ١٣٥٢

نظم : صفي الدين ، أبي المحاسن ، عبد العزيز بن سرايا بن عليّ بن

۲۵۹

أبي القاسم بن أحمد بن نصر السنبسي الحلّي ، المولود سنة ٦٧٧ ، والمتوفّى سنة ٧٥٠ ، وقيل : ٧٥٢ هجرية.

وهو غير ما تقدّم لصفيّ الدين الحلّي بعنوان «درر النحور».

أوّله بعد البسملة : الحمد لله الذي علّم الإنسان البيان ، ومنّ به عليه ، والصلاة على سيّدنا محمّـد الذي مدح الشعر ...

آخره : تمّ ديوان العارف بالله تعالى ، الشيخ صفيّ الدين الحلّي بحمده ... وكان الفراغ من كتابته يوم الثلاثاء المبارك ، ثاني عشر صفر الخير من شهور سنة ١٠٨٦ هجرية.

في ٣٠٧ ورقة ، ٥ / ٢٠ × ٥ / ١٤ سم. في كلّ صفحة ١٧ سطراً × ١٠ سم.

* الذريعة ٩ : ٦١٥ ، كشف الظنون ١ : ٧٩٧ ، النجوم الزاهرة ١٠ : ٢٣٨ ، أعيان الشيعة ٨ : ١٩ ، الكنى والألقاب ٢ : ٤٢١ ، تنقيح المقال ٢ : ١٥٤.

Brockelmann : g, II : ١٥٩ ـ ١٦٠, s, II : ١٩٩ ـ ٢٠٠.

Supplement p. ٦٨٢, No. ١٠٨٥.

(٦٥)

نسخة أُخرى من ديوان صفي الدين الحلّي

Add. ٧٥٧٤

جاء في آخرها : وقع الفراغ من ديوان صفيّ الدين الحلّي على يد أفقر العباد ... محمّـد أمين بن يونس أفندي ، العمري ، الموصلي ، الحنفي مذهباً ، والقادري طريقة ، في الليلة الثاني والعشرين ، من شهر شعبان ، الواقع في سنة مائتين وألف بعد الهجرة (١٢٠٠) ...

في ٣٣٩ ورقة ، ٢٢ × ٥ / ١٦ سم. في كلّ صفحة ١٧ سطراً × ١٠ سم.

۲۶۰

(٦٦)

ديوان كشاجم

Add. ١٩, ٥٣٨

نظم : أبي الفتح ، محمود بن الحسين بن السندي بن شاهك الكاتب ، المعروف بكشاجم ، المتوفّى سنة ٣٥٠ ، وقيل : ٣٦٠ هجرية.

كشاجم : هو اختصار للكاتب ، الشاعر ، والمنجّم (ك ، شا ، جم).

أوّله بعد البسملة : قال أبو الفتح محمود بن الحسين بن السندي بن شاهك الكاتب المعروف بكشاجم يمدح الرسول (صلى الله عليه وآله) ، حرف الهمزة قال : ...

آخره : تمّ الديوان اللطيف على يد الفقير ... محمّـد بن إسماعيل ، خادم حضرت نبي الله يحيى ، وكان الفراغ من نسخه في أوائل شهر رجب المبارك سنة (١٠٥٤) أربع وخمسين وألف.

في ٩٤ ورقة ، ٢١ × ١٥ سم. في كلّ صفحة ١٩ سطراً × ٥ / ٨ سم.

* الذريعة ٩ : ٩١١ و ٥ : ٧ / ٤٦ ، كشف الظنون ١ : ٨٠٧ ، معجم المؤلّفين ١٢ : ١٥٩ ، الفهرست لابن النديم ١ : ١٣٩ ، حسن المحاضرة ١ : ٣٢٢ ، شذرات الذهب ٣ : ٣٧.

(٦٧)

الرجال

Or. ٧٩٦٥

(تسمية الرجال الذين رووا الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله) وعن أهل البيت عليهم‌السلام وهم الأئمة الاثنا عشر).

تأليف : شيخ الطائفة ، أبي جعفر ، محمّـد بن الحسن بن علي

۲۶۱

الطوسي ، المولود سنة ٣٨٥ ، والمتوفّى سنة ٤٦٠ هجرية.

أوّله بعد البسملة : الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة على خيرته من خلقه محمّـد ، والطاهرين ... أمّا بعد : فإنّي قد أجبت إلى ما تكرّر سؤال الشيخ الفاضل فيه ...

جاء على ظهر الورقة الأولى ، بعد ذكر العنوان المتقدّم ، رواية الكتاب نصّه :

رواية : ولده أبو علي الحسن بن محمّـد عنه.

رواية : أبي عبدالله الحسين بن هبة الله بن رطبة عنه.

رواية : أبي البركات الغيداق بن جعفر الديلمي عنه.

سماع : العبد المذنب التائب المستغفر ، قريش بن السبيع بن المهنّا العلوي الحسيني المدني ، نفعه الله بالعلم ، وزيّنه بالحلم ، بفضله وكرمه ، آمين ربّ العالمين.

وفي أعلى الصفحة قراءة نصّها :

قرأت جميع هذا الكتاب ، على الفقيه الغيداق بن جعفر فحقّ سماعه فيه ، في مجالس عدّة آخرها ، الثلاثاء خامس عشرين ربيع الأوّل ، من سنة أربع وثمانين وخمسائة. وكتب قريش العلوي.

آخره : يقول حدّثني محمّـد بن أبي عمير كتاب عبيدالله بن علي الحلبي ، ولم يسمع منها غير هذا الكتاب ... تمّ كتاب الرجال ... إتّفق الفراغ من نسخ هذا الكتاب ، يوم الجمعة ، الحادي والعشرين من شهر الله الأصبّ ، سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة ، على يد العبد المذنب ، محمّـد بن سرهنك بن المرتضى الحسني ...

في مقدّمة الكتاب وآخره عدّة قراءات وسماعات اُخرى ، منها سماع

۲۶۲

خامس عشر من ربيع الأوّل ، سنة أربع وثمانين وخمس ماية.

نسخة نفيسة ١١٩ ورقة ، ٧ / ١٧ × ٥ / ١٤ سم. في كلّ صفحة ١٧ سطراً.

* الذريعة ١٠ : ١٢٠ ، الفهرست للطوسي : ١٦٠ ، تأسيس الشيعة : ٣١٣ ، لؤلؤة البحرين : ٢٩٢ ، مصفّى المقال : ٤٠٢ ، المنتظم ٨ : ٢٥٢ ، النجوم الزاهرة ٥ : ٨٢ ، الكامل في التاريخ ١٠ : ٥٨ ، معالم العلماء : ١٠٢ ، روضات الجنّات ٦ : ٢١٦.

Brockelmann : g, I : ٤٠٥, s, I : ٧٠٦ ـ ٧٠٧.

(٦٨)

الرسالة الأضحوية في المعاد

Or. ٨٧٢٢

تأليف : الشيخ الرئيس أبي علي الحسين بن عبدالله بن الحسن بن علي ابن سينا ، المولود سنة ٣٧٠ ، والمتوفّى سنة ٤٢٨ هجرية.

أوّلها بعد البسملة : أفاض الله على روح الشيخ الأمين (١) في الدارين أنوار الحكمة ، وطهّر نفسه من أدناس الطبيعة ... والآن فلنعد إلى الغرض الذي عنه انفصلنا ، وهو القول في المعاد ، ولنثبت فهرسة الفصول الموردة في هذه الرسالة ... الفصل الأوّل : في ماهية المعاد ، والثاني : في اختلاف الأراء فيه. الثالث : مناقضة الآراء الباطلة ، الرابع : الشيء الذي هو إنّية

__________________

(١) قيل : إنّه أهدى هذه الرسالة إلى الشيخ الأمين أبي بكر محمّـد بن عبدالله ، وقيل : هو أبو بكر بن محمّـد بن عبدالرحيم ، وقيل أيضاً : الوزير الأمين أبو سعد الهمداني ، وقيل : أبو بكر أحمد بن محمّـد بن البرقي الخوارزمي ، الذي وصفه السمعاني بكونه أُستاذ ابن سينا.

۲۶۳

الإنسان ... السابع : أحوال طبقات الناس بعد الموت ...

مجهولة الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن الرابع عشر الهجري ، في ٢٣ ورقة ، ٢١ × ٥ / ١٦ سم. في كلّ صفحة ٢١ سطراً × ٨ سم.

* الذريعة ١١ : ٩٠ ، تاريخ الحكماء : ٤١٣ ، النجوم الزاهرة ٥ : ٢٥ ، عيون الأنباء : ٤٣٧ ، مرآة الجنان ٣ : ٤٧ ، وفيات الأعيان ١ : ٣٧٥ ، روضات الجنّات ٣ : ١٧٠ ، شذرات الذهب ٣ : ٢٣٣ ، معجم المؤلّفين ٤ : ٢٠.

Brockelmann : g, I : ٤٥٢ ـ ٤٥٨.

(٦٩)

رسالة في الآداب والحكم والأخبار

Add. ٢٣٤٧٥

جمع : جمال الدين ، ياقوت بن عبدالله الرومي المستعصمي البغدادي ، المتوفّى سنة ٦٩٨ هجرية.

أوّلها بعد البسملة : قال علي رضي‌الله‌عنه وكرّم الله وجهه : من أبصر عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره ... إلى آخره.

آخرها : تمّ المجموع بحمد الله تعالى وحسن توفيقه ، كتبه وجمعه ياقوت المستعصمي ، في شهر الله رجب من سنة أربع وتسعين وستماية حامداً لله تعالى على نعمه ...

نسخة نفيسة ، في ٣٨ ورقة ، ٧ / ١٧ × ٥ / ١٣ سم. في كلّ صفحة ٨ سطراً.

* مفتاح السعادة ١ : ٧٧ ، معجم المؤلّفين ١٣ : ١٨٠.

Brockelmann : g, I : ٣٥٣, s, I : ٥٩٨.

۲۶۴

(٧٠)

رسالة في تحقيق أجزاء القضيّة

Or. ٧٨٢٦

تأليف : علي بن الحسين العاملي ، من أعلام القرن الحادي عشر الهجري.

أوّلها بعد البسملة : الحمد لله كثيراً كما هو أهله ، والصلاة على من شرفت به أنبياؤه ورسله ... وبعد فيقول الفقير إلى الله علي بن حسين العاملي ، هذه فائدة في بيان أجزاء القضيّة ... إعلم أنّ القضية قول يحتمل الصدق والكذب ...

آخرها : ولنقتصر على هذا القدر من تحقيق هذا المقام ... فرغ من مشقه ... علي بن حسين العاملي ... في عشية حادي عشر ذي الحجّة الحرام سنة ١٠٩٥ هجرية.

ضمن مجموع من الورقة ١٦٢ ـ ١٧١ ، بحجم ٥ / ١٤ × ٥ / ١١ سم. في كلّ صفحة ١٧ سطراً × ٥ سم.

(٧١)

رسالة في فنّ تدبير الحجر

Add. ٧٧٢٢

تأليف : أبي موسى ، جابر بن حيّان بن عبدالله الصوفي ، الكوفي المولود سنة ١٢٠ ، والمتوفّى سنة ٢٠٠ هجرية ، وقيل : غير ذلك.

آخرها : وقد ألقيت إليك عهداً وميثاقاً إن أعطيت كتابي سفيهاً فيكون ... تمّ الكتاب بعون الله تعالى شأنه في رمضان ١٢١١ هجرية.

مجهولة الناسخ ، ضمن مجموع ، يبدأ بالورقة ١٢٩ / أ ـ ١٣٤ ، بحجم

۲۶۵

٢١ × ٥ / ١٤ سم. في كلّ صفحة ٢٠ سطراً × ٨ سم.

* الفهرست لابن النديم : ٤٢٠ ، تاريخ الحكماء : ١٦٠ ، أعيان الشيعة ٤ : ٣٠ ، معجم المؤلّفين ٣ : ١٠٥ ، الأعلام ٢ : ١٠٣ ، هدية العارفين ١ : ٢٤٩.

Brockelmann : g, I : ٢٤٠.

(٧٢)

رسائل حجّة الإسلام الشفتي

Or. ٣٥٨٦

تأليف : محمّـد باقر بن محمّد نقي بن محمّـد زكي بن محمّـد تقي بن شاه قاسم الموسوي المعروف بحجّة الإسلام الشفتي ، المولود سنة ١١٧٥ ، والمتوفّى سنة ١٢٦٠ هجرية.

تشتمل على اثنتين وعشرين رسالة ، في أحوال عشرين رجلاً من الرواة ، ورسالتين في المنطق والصلاة ، مرتبة على النحو التالي :

الرسالة الاُولى : تبدأ بالورقة ١٦ / ب ـ ٢٠ / أفي تحقيق حال عمر بن يزيد.

أوّلها بعد البسملة : بعد حمد الملك الفيّاض العلاّم ، والصلاة على سيّد الرسل وأشرف الأنام ... يقول العبد الظالم على نفسه ... محمّـد باقر بن محمّـد نقي الموسوي ... هذه كلمات وافية ، وعبارات شافية ، في تحقيق حال عمر بن يزيد ...

الرسالة الثانية : تبدأ بالورقة ٢٠ / ب ـ ٢٩ / أفي تحقيق حال سهل بن زياد الآدمي.

أوّلها بعد البسملة : الحمد لله المتفرّد بالقدم والكمال ، والمتقدّس

۲۶۶

بقدس جماله عن مضاهية الأشياء والأمثال ... هذه مقالة في تحقيق الحال في سهل بن زياد الآدمي أبي سعيد الرازي ...

الرسالة الثالثة : تبدأ بالورقة ٢٩ / ب ـ ٥٣ / أ. في تحقيق حال إبراهيم ابن هاشم القمّي.

أوّلها بعد البسملة : ومنه الإعانة فيما يفتقر إليه في الدنيا والدين ، الحمد لله المتأبّد مملكته بالخلود والدوام ... لما كَتبت في سالف الزمان رسالة في تحقيق الحال في إبراهيم بن هاشم وأغفلت ...

الرسالة الرابعة : تبدأ بالورقة ٥٣ / ب ـ ٥٦ / ب ، المسمّاة رسالة «عدّة» وبيان المقصود فيها.

أوّلها بعد البسملة : الحمد لله عدّة الرواة والأخبار ، وربّة الجبال والأحجار والأشجار ... قد أكثر ثقة الإسلام في الرواية بقوله (عدّة من أصحابنا) في كتابه الكافي ، فتارة يروي عن أحمد بن محمّـد بن عيسى ...

الرسالة الخامسة : تبدأ بالورقة ٥٧ / أ ـ ٥٩ / أ ، في تحقيق حال أحمد ابن محمّـد بن خالد البرقي.

أوّلها بعد البسملة : الحمد لله الذي فضّل مداد العلماء على دماء الشهداء ، وختم النبوّة بأحمد المحمود في السموات العلى عليه وعلى آله أكمل التحية والصلاة ... هذه رسالة في تحقيق الحال في أحمد بن محمّـد بن خالد البرقي ...

الرسالة السادسة : تبدأ بالورقة ٥٩ / ب ـ ٦٣ / أ ، في بيان حال أحمد ابن محمّـد بن عيسى.

أوّلها بعد البسملة : بعد الحمد للمنعم المفضال ، والصلاة على سيّد البريّة وعترته ... هذه مقالة في تحقيق الحال في أحمد بن محمّـد

۲۶۷

بن عيسى ...

الرسالة السابعة : تبدأ بالورقة ٦٣ / ب ـ ١٠٤ / أ ، في تحقيق حال إسحاق بن عمّار.

أوّلها بعد البسملة : الحمد لله المنقذ عباده من الجهالة ، ووفّق لإصابة الحقّ من طلبه بالجدّ والطاعة ... هذه رسالة في تحقيق الحال في إسحاق بن عمّار ...

الرسالة الثامنة : تبدأ بالورقة ١٠٤ / ب ـ ١٢٤ / أ ، في تحقيق حال حسين بن خالد.

أوّلها بعد البسملة : ومنه الإعانة للفوز بجنّات النعيم ، وبه الاستعاذة للحذر من الشيطان الرجيم ... هذه رسالة في تحقيق الحال في حسين بن خالد ...

الرسالة التاسعة : تبدأ بالورقة ١٢٤ / ب ـ ١٣٢ / ب ، في تحقيق حال حمّاد بن عيسى الجهني.

أوّلها بعد البسملة : الحمد لله ربّ العالمين ، حمداً كثيراً فوق حمد الحامدين ... هذه مقالة أبرزناها في هذه الصفحات لتحقيق الحال في حمّاد بن عيسى الجهني ...

الرسالة العاشرة : تبدأ بالورقة ١٣٣ / أ ـ ١٣٤ / ب ، في تحقيق حال عبدالحميد بن سالم العطّار وابنه.

أوّلها بعد البسملة : هذه مقالة في حال عبدالحميد بن سالم العطّار وحال إبنه محمّـد بن عبدالحميد ...

الرسالة الحادية عشرة : تبدأ بالورقة ١٣٥ / ب ـ ١٤٢ / أ ، في تحقيق حال محمّـد بن عيسى اليقطيني.

۲۶۸

أوّلها بعد البسملة : الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة على أشرف الأوّلين والآخرين ... لمّا اختلفت مقالة العلماء في محمّـد بن عيسى اليقطيني ، أي محمّـد بن عيسى بن عبيد بن يقطين ، أحببت أن أكتب رسالة مشتملة على مقالاتهم ...

الرسالة الثانية عشرة : تبدأ بالورقة ١٤٢ / ب ـ ١٥٣ / ب ، في تحقيق حال أبان بن عثمان.

أوّلها بعد البسملة : الحمد لله الذي لو حمدته دوام خلود ربوبيّته بكلّ شعرة ... هذه مقالة في تحقيق حال أبان بن عثمان ...

الرسالة الثالثة عشرة : تبدأ بالورقة ١٥٤ / أ ـ ١٧٤ / أ ، في تحقيق حال أبي بصير ليث بن البختري ، وأبي بصير يحيى بن القاسم.

أوّلها بعد البسملة : بعد حمد المنعم المفضال العلاّم ، والصلاة على مفخر الرسل ، أكمل الأنام ... هذه رسالة الإرشاد البصير الخبير ، إلى تحقيق الحال في أبي بصير ...

الرسالة الرابعة عشرة : تبدأ بالورقة ١٧٤ / ب ـ ١٨٠ / أ ، في بيان الأشخاص الذين لقّبوا بـ (ما جيلويه).

أوّلها بعد البسملة : الحمد لله المعين لمن استعانه في كلّ شدّة وصعاب ... أنّ ماجيلويه لقب لأربعة ...

الرسالة الخامسة عشرة : تبدأ بالورقة ١٨٠ / ب ـ ١٨٢ / أ ، في بيان حال محمّـد بن أحمد.

أوّلها بعد البسملة : يقول المفتقر إلى عفو ربِّه ... قد تكرّر وكثر في الأسانيد رواية محمّـد بن أحمد عن العمركي ...

الرسالة السادسة عشرة : تبدأ بالورقة ١٨٢ / ب ـ ١٨٩ / أ ، في تحقيق

۲۶۹

حال محمّـد بن إسماعيل.

أوّلها بعد البسملة : الحمد لله الذي أنشأ السموات والأرضين ... هذه رسالة لدفع القال والقيل في تعيين محمّـد بن إسماعيل ...

الرسالة السابعة عشرة : تبدأ بالورقة ١٨٩ / ب ـ ١٩١ / أفي تحقيق حال محمّـد بن خالد البرقي.

أوّلها بعد البسملة : بعد حمد الله المنعم بكلّ الآلاء والصلاة على من التجأ إليه قاطبة البريّة ... هذه مقالة في تحقيق الحال في محمّـد بن خالد البرقي ...

الرسالة الثامنة عشرة : تبدأ من الورقة ١٩١ / ب ـ ٢٠٠ / أ ، في شرح حال محمّـد بن سنان.

أوّلها بعد البسملة : الحمد لله الذي جعل منازل الرجال على قدر روايتهم عن النبي وآله ... هذه رسالة في تحقيق الحال في محمّـد بن سنان ...

الرسالة التاسعة عشرة : تبدأ من الورقة ٢٠٠ / ب ـ ٢٠٨ / أ ، في شرح حال شهاب بن عبد ربّه.

أوّلها بعد البسملة : اختلف العلماء في شأنه ، فقيل : إنّ حديثه معدود في الحسان ، وهو مختار شيخنا الشهيد الثاني ...

الرسالة العشرون : تبدأ بالورقة ٢٠٨ / ب ـ ٢١١ / أ ، في تحقيق حال محمّـد بن الفضيل.

أوّلها بعد البسملة : الحمد لله ربّ العالمين ، والعاقبة للمتّقين ... قد أكثر شيخنا الصدوق الرواية في الفقيه وغيره عن محمّـد بن الفضيل ...

الرسالة الحادية والعشرون : تبدأ بالورقة ٢١١ / ب ـ ٢١٤ / أ ، في

۲۷۰

تحقيق أنّ معاوية بن ميسرة ومعاوية بن شريح واحد.

أوّلها بعد البسملة : الحمد لله الخالق للأرضين والسموات ... هذه كلمات وافية في تحقيق الحال في معاوية بن شريح ومعاوية بن ميسرة وأنّهما واحد ...

الرسالة الثانية والعشرون : تبدأ بالورقة ٢١٤ / ب ـ ٢١٦ / أوهي رسالة صغيرة للمؤلّف قدّس سرّه في جواب مسألة في المنطق.

الرسالة الثالثة والعشرون : تبدأ بالورقة ٢١٦ / ب ـ ٢٢٥ / أوهي للمؤلّف أيضاً مختصرة في الصلاة.

هذه المجموعة كلّها بخطٍّ واحد ، مجهولة الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن الثالث عشر الهجري.

في ٢٢٥ ورقة ، ٥ / ٢٠ × ٥ / ١٤ سم. في كلّ صفحة ١٩ سطراً.

* الذريعة ١٠ : ٢٤٦ ، طبقات أعلام الشيعة ق / ١٣ : ١٩٢ ـ ١٩٦ ، هدية العارفين ٢ : ٣٧١ ، الفوائد الرضوية ٤٢٦ ، أعيان الشيعة ٩ : ١٨٨ ، معجم المؤلّفين ٩ : ٩٦.

Brockelmann : s, II : ٨٢٧.

Supplement p. ٤٢٦, No. ٦٣٧.

(٧٣)

الروضة البهيّة في شرح اللّمعة الدمشقيّة

Or. ١١٠٢٧

تأليف : زين الدين بن علي بن أحمد بن تقي بن صالح بن مشرف العاملي ، الجبعي ، المعروف بالشهيد الثاني ، كان مولده سنة ٩١١ ، والمستشهد عام ٩٦٥ هجرية.

۲۷۱

اللمعة الدمشقية : رسالة فقهيّة جليلة ، جمع فيها مؤلّفها ـ الشهيد السعيد محمّـد بن جمال الدين مكّي الجزيني العاملي المعروف بالشهيد الأوّل المتوفّى سنة ٧٨٦ هجرية ـ أبواب الفقه ، ولخّص أحكامه ومسائله ، كتبها قدّس سرّه جواباً على رسالة حاكم خراسان علي بن مؤيّد. وقد اهتمّ العلماء في شرح غوامضها والتعليق عليها.

أوّله بعد البسملة : الحمد لله الذي شرح صدورنا بلمعة من شرائع الإسلام كافية في بيان الخطاب ، ونوّر قلوبنا من لوامع دروس الأحكام بما فيه تذكرة وذكرى لأولي الألباب ...

يضمّ المجلّد الذي هو موضوع البحث كتاب الطهارة والصلاة والزكاة.

آخره تمّ الجزء الأوّل من الروضة البهيّة في شرح اللّمعة الدمشقيّة ، يتلوه في الثاني كتاب الإجارة على يد مصنّفها ... واتّفق الفراق منه يوم الثلاثاء ، سادس شهر جمادى الآخر ، سنة ستٍّ وخمسين وتسعمائة ... وقد وقع الفراغ من تسويده يوم السبت ، عشرين شهر جمادى الأُولى من سنة أحد أربعين ومائتين بعد الألف (١٢٤١) ... محمّـد هاشم بن محمّـد صالح قرية كادية ، من محالّ شهر لاهيجان ...

في ٢٨٥ ورقة ، ٣ / ٢٩ × ٢٠ سم. في كلّ صفحة ٢٠ سطراً × ٥ / ٩ سم.

* الذريعة ١١ : ٢٩٠ ، إيضاح المكنون ١ : ٥٩٣ ، هدية العارفين ١ : ٧٤٧ ، الكنى والألقاب ٢ : ٣٨١ ، روضات الجنّات ٣ : ٣٥٢ ، أمل الآمل ١ : ٨٥ ، أعيان الشيعة ٧ : ١٤٣ ، معجم المؤلّفين ٤ : ١٩٣.

Brockelmann : g, II : ٣٢٥, s, II : ٤٤٩ ـ ٤٥٠.

۲۷۲

(٧٤)

نسخة أُخرى

Or. ١٢٩٧

جاء في آخرها : قد فرغ في هذا تحرير الكتاب ، يوم الأحد ، خامس شهر محرّم الحرام سنة ١٢٥٤ ، في يد أقلّ الطلبة ، ميرزا أبو القاسم بن عبد الجبّار بن عبدالنبي ...

في ٢٨٧ ورقة ، ٣٠ × ٥ / ٢٠ سم. في كلّ صفحة ٢٦ سطراً × ١٣ سم.

Supplement p. p ٢١٣, No. ٣٣٤.

(٧٥)

زهر الرياض وزلال الحياض

Or. ٧٥٤٩

تأليف : أبي المكارم ، بدر الدين الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن شدقم الحسيني ، كان حيّاً في حدود سنة ٩٩٦ هجرية.

كتاب في التاريخ ، والسّير ، وأخبار الخلفاء والأئمّة ، وما يتعلّق بالمدينة المنوّرة ، في ثلاث مجلّدات.

والمجلّد موضوع البحث هو الثالث منه ، أوّله بعد البسملة : أحمد الله على جزيل نواله ، وأُصلّي على من هدانا بإرساله ، سيّدنا محمّـد البارع بجماله ، وعلى الكرام من آله ، وبعد : فهذا الجزء الثالث من كتاب زهر الرياض وزلال الحياض. حرف الميم. الإمام مالك بن أنس ...

نسخة نفيسة ، كتبها يحيى بن شمس بن أحمد بن شمس البحراني البلادي ، وفرغ من نسخها في غرّة محرّم الحرام سنة ٩٩٥ هجرية.

۲۷۳

في ٣١٧ ورقة.

* الذريعة ١٢ : ٧٠ ، أمل الآمل ٢ : ١٧٨ ، معجم المؤلّفين ٣ : ٢٥١ ، أعيان الشيعة ٥ : ١٧٥ ، هدية العارفين ١ : ٢٩٠ ، تاريخ آداب اللّغة العربية ٣ : ٣١٥ ، إيضاح المكنون ١ : ٦١٨ ، معجم المؤلّفين ٣ : ٢٥١.

Brockelmann : s, II : ٨٢٧.

Supplement p. ٤٢٦, No. ٦٣٧.

للموضوع صلة ...

۲۷۴

من ذخائر الترّاث

۲۷۵
۲۷۶

۲۷۷
۲۷۸

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي بعث الأنبياء والمرسـلين ، لهداية الخلق إلى الحقّ المبين ، وأيّدهم من عنده بالمعجزات ، وسـدّدهم بخارق العادات ، والصلاة والسـلام على خاتم النبيّين محمّـد بن عبـد الله الصادق الأمين ، وعلى أخيه ووصيّه وصاحب سـرّه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ، وعلى بضعته الزهراء أُم الأئمّة النجباء ، وعلى سـيّدَي شـباب أهل الجنّة الحسـن والحسـين ، وعلى التسـعة المعصومين من وُلد الحسـين ، وسـلّم تسـليماً كـثيراً.

أمّـا بعـد ..

دأب علماؤنا الأعلام ـ قـدّس الله أرواحهم ـ منذ أن نشـأ الخلاف والجدال في ما بين المسـلمين أنفسـهم من جهة ، وما بين المسـلمين وبين أصحاب الديانات السـماوية الأُخرى من جهة أُخرى على اسـتخدام أُسـلوب المناظرة والدعوة إلى الجدال بالتي هي أحسـن.

ومن دون شـكّ فإنّ هذا الأُسـلوب أُسـلوب حضاري بعيد عن التعصّب والتزمّت ، يحاول من خلاله المناظر أن يقنع الطرف المقابل بصحّة ما يؤمن به ويعتقده ، ويحاول إثبات ذلك بما لديه من الأدلّة والبراهين

۲۷۹

والحجج ، العقلية والنقلية.

وهذا الأُسـلوب لم يكـن بدعة ابتدعوها ، بل عملا منهم بما جاء من عند العزيز الحكـيم في محكـم كـتابه من آيات بيّنات ، يدعو فيها الباري عزّ وجلّ عباده إلى اتّباع هذا الأُسـلوب الذي يتوافق مع العقل ، فضلا عن حصول النفع المطلوب.

ولا يخفى أنّ الحوار البنّاء لا يخلو من الحقّ إجمـالا حتّى وإنْ لم يُعلم كونه مع أيّ من الطرفين على وجه التفصيل ، قال الله تعالى في أدب الحوار : (وإنّـا أو إيّـاكم لعلى هدىً أو في ضلال مبين) (١).

وفي هذا العصر الذي كـثرت فيه المُحاورات والمناظرات ، بل الجدال والنقاش والمراء ، وباتت تُنقل جلسـاتها عبر وسـائل الإعلام المرئية والمسـموعة إلى جميع أنحاء العالم ، وصار يتابعها شرائح المجتمع المختلفة ، حتّى أصبحت بعض هذه الشرائح تحدّد موقفها تجاه الطرف الآخر وتطّلع على سـلبياته وإيجابياته وصحّـة ما يعتقد بها من خلال هذه المناظرات ، فلذلك أصبحت تحدّد مصير شعوب وطوائف ، وتغيّر معتقدات وأفكار طالما رسخت في أذهان بعضهم لقرون طويلة.

فصار الحريّ بالمناظرين والمتحاورين أن يلجأوا إلى الأساليب الشفّافة والحوارات البنّاءة ، والابتعاد قدر الإمكان عن التجريح والتكفير الذي يؤدّي إلى زرع بذور الفتن والبغضاء بين الناس.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «الفتـنة نائمة لعن الله من أيقظها» (٢).

__________________

(١) سورة سـبأ ٣٤ : ٢٤.

(٢) انظر : المبسوط ١٠ / ١٢٤ ، فردوس الأخبار ٢ / ١٢٧ ح ٤٤٠٥ ، الجامع الصغير : ٣٧٠ ح ٥٩٧٥ ، كنز العمّال ١١ / ١٢٧.

۲۸۰

وقد لخصّ العلاّمة السـيّد علي الحسـيني الميلاني ـ حفظه الله ـ ما جاء في القرآن الكـريم من كـيفية الجدال وأنواعه في مقـدّمته العلمية التي وضعها لكـتاب «دلائل الصدق» ، نوردها بنصّها لِما فيها من فائدة جمّة.

قال السـيّد الميلاني :

«ولقد أقـرّت الأديان السـماوية أُسـلوب (الجدل) ، واتّخذه الأنبياء السـابقون طريقاً من طرق الدعوة .. وقد ورد في القرآن الكـريم نماذج من ذلك كـما سـيأتي ..

وأمّا نبيّنا (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ففي الوقت الذي أُرسـل كـما خاطبه الله عزّ وجلّ في الآية المباركـة : (يا أيّها النبيّ إنّا أرسـلناك شـاهداً ومبشّراً ونذيراً * وداعياً إلى الله بإذنه وسـراجاً منيراً) (١) فقد حدّد له كـيفية الدعوة وأداتها بقوله له : (ادعُ إلى سـبيل ربّك بالحكـمة والموعظة الحسـنة) (٢) ثمّ أمره بالجدال حين يكـون هناك جدال منهم ، فقال بعد ذلك : (وجادلهم بالتي هي أحسـن) (٣).

وفي الجملة ، فإنّ الوظيفة الأوّلية هي البلاغ والدعوة إلى سـبيل الله ، فإن كـان هناك مَن تنفعه (الحكـمة) فبها ، وإن كـان من عموم الناس فبالنصيحة والموعظة الحسـنة ، فإن وجد في القوم من يريد الوقوف أمامه أو التغلّب عليه وجب عليه جداله ...

وفي ضوء ما تقـدّم ، فإنّ الجدال قد يكون حقّـاً ، وقد يكون باطلا ،

__________________

(١) سـورة الأحزاب ٣٣ : ٤٥ و ٤٦.

(٢) سـورة النحل ١٦ : ١٢٥.

(٣) سـورة النحل ١٦ : ١٢٥.

۲۸۱

قال تعالى : (ويجادل الّذين كـفروا بالباطل ليدحضوا به الحقّ) (١).

وهنـاك في القـرآن الكـريم مـوارد من تعليـم الله سـبحانه النبيَّ الكريـم (صلى الله عليه وآله وسلم) طريقة الاسـتدلال.

ففي سورة يس مثلا : (وضرب لنا مثـلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أوّل مرّة وهو بكلّ خلق عليم * الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه توقدون * أَوَليـس الذي خلق السـماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاّق العليم * إنّـما أمره إذا أراد شـيئاً أن يقول له كن فيكون * فسـبحان الذي بيده ملكوت كلّ شيء وإليه ترجعون) (٢).

وفي سـورة البقرة : (وقالوا لن يدخل الجنّة إلاّ من كـان هوداً أو نصارى تلك أمانيّهم قل هاتوا برهانكـم إنْ كـنتم صادقين) (٣).

وفي سـورة البقرة ـ أيضاً ـ : (قل إن كـانت لكـم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنّوا الموت) (٤).

وفي سـورة المائدة : (لقد كـفر الّذين قالوا إنّ الله هو المسـيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شـيئاً إنْ اراد أن يهلك المسـيح ابن مريم وأُمّه ومن في الأرض جميعاً ولله ملك السـماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشـاء والله على كـلّ شيء قدير) (٥).

__________________

(١) سـورة الكـهف ١٨ : ٥٦.

(٢) سـورة يس ٣٦ : ٧٨ ـ ٨٣.

(٣) سـورة البقرة ٢ : ١١١.

(٤) سـورة البقرة ٢ : ٩٤.

(٥) سـورة المائدة ٥ : ١٧.

۲۸۲

وفي سـورة المائدة ـ أيضاً ـ : (وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحبّاؤه قل فلِمَ يعذّبكـم بذنوبكـم بل أنتم بشـر ممّن خلق ...) (١).

وفـي سـورة الأنعـام : (قـل أندعـو مـن دون الله مـا لا ينـفعنـا ولا يضـرّنا ...) (٢).

وفي سـورة الأنبياء : (أم اتّخذوا آلهة من الأرض هم ينشـرون * لو كـان فيهما آلهة إلاّ الله لفسـدتا ... أم اتّخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكـم هذا ذِكـر مَن معي وذِكـر مَن قبلي ...) (٣).

كـما جاءت في القرآن الكـريم موارد كـثيرة من مجـادلات واحتجاجات الأنبياء السـابقين ..

ففي قضايا إبراهيم عليه‌السلام .. قال تعالى : (ألم تر إلى الذي حاجّ إبراهيم في ربّه أنْ آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربّي الذي يحيي ويميت قال أنا أُحيي وأُميت قال إبراهيم فإنّ الله يأتي بالشـمس من المشـرق فأْتِ بها من المغرب فبُهت الذي كـفر والله لا يهدي القوم الظالمين) (٤).

وقال تعالى : (وحاجّه قومه قال أتحاجّـونّي في الله وقد هـدانِ ولا أخاف ما تشـركـون به إلاّ أن يشـاء ربّي شـيئاً وسـع ربّي كـلّ شـيء علماً أفلا تتذكّرون) (٥).

__________________

(١) سـورة المائدة ٥ : ١٨.

(٢) سـورة الأنعام ٦ : ٧١.

(٣) سـورة الأنبياء ٢١ : ٢١ ـ ٢٤.

(٤) سـورة البقرة ٢ : ٢٥٨.

(٥) سـورة الأنعام ٦ : ٨٠.

۲۸۳

وقال سـبحانه وتعالى : (قالوا أأنت فعلتَ هذا بآلهتنا يا إبراهيم * قال بل فعله كـبيرهم هذا فاسـألوهم إنْ كـانوا ينطقون * فرجعوا إلى أنفسـهم فقالوا إنّكـم أنتم الظالمون * ثمّ نكـسـوا على رؤوسـهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون * قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكـم شـيـئـاً ولا يـضـرّكـم * أُفّ لـكـم ولِـمـا تـعـبـدون مـن دون الله أفـلا تعقلون) (١).

وفي قضايا نوح عليه‌السلام .. قال تعالى : (قال يا قوم أرأيتم إنْ كـنت على بيّنة من ربّي وآتاني رحمةً من عنده فعُمّيت عليكم أنلزمكـموها وأنتم لها كارهون ... قالوا يا نوح قد جادلـتـنا فأكـثرت جدالنا ...) (٢)» (٣).

وقد اتّبع العلاّمة الشـيخ أبو الفتح الكـراجكـي في هذه الرسـالة ـ التي بين يديك ـ أُسـلوب المناظرة والجدال بالتي هي أحسـن ، سـعياً منه إلى إثبات المماثلة بين أدلّة النبوّة وأدلّة الإمامة ؛ وذلك بطريقة المناظرة والحوار الذي يدور بين ثلاثة أشـخاص افترضهم يختلفون في العقائد : يهودي ، ومعتزلي ، وشـيعي.

مبتدئاً بالمعتزلي الذي يحاول تثبيت نبوّة نبيّنا محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) من خلال إيراد النصوص بالأفعال ـ التي هي المعجزات الخارقة للعادات التي أظهرها الله عزّ وجلّ على يده (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ ، والنصوص بالأقوال ، الذي هو القرآن الذي عجز الخلق كافّة عن الإتيان بمثله ، في مقابل اليهودي الذي

__________________

(١) سـورة الأنبياء ٢١ : ٦٢ ـ ٦٧.

(٢) سـورة هود ١١ : ٢٨ ـ ٣٢.

(٣) دلائل الصدق (أجلى البرهان) ١ / ٧ ـ ١٠.

۲۸۴

يرفض هذه النصوص مسـتنداً على أدلّة المعتزلي عينها التي يعتمدها في رفض مماثلة الشـيعي بين أدلّة تثبيت النبوّة وأدلّة تثبيت الإمامة.

أمّـا الشـيعي فيحـاول أن يثبت للمعتـزلي ولليهودي في آن واحد إمامـة أميـر المؤمنيـن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام وأحقّـيّته بخـلافة أخيه رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، متّبعاً نفس أُسـلوب المعتزلي في تثبيت نبوّة نبيّنا محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وذلك من خلال إيراد النصوص بالأفعال منه (صلى الله عليه وآله وسلم) التي خصّ بها أمير المؤمنين عليه‌السلام دون الناس أجمعين ، وميّـزه عن سـائر الأُمّة في الدنيا والدين.

وكـذا النصوص بالأقوال ، الجليّ منها الذي علم سـامعوه من الرسـول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) مراده منه بالاضطرار والاسـتدلال ، والخفيّ الذي لا يقطع على أنّ سـامعيه من الرسـول (صلى الله عليه وآله وسلم) علموا النصّ بالإمامة منه اضطراراً ، كـما سـيأتي بيانه.

وبالجملة : فإنّ هذه الرسالة التي بين يديك ـ عزيزي القارئ ـ لو نظرت إليها بتجرّد عن كلّ المؤثّرات الخارجية والأهواء النفسـية تراها عبارة عن نقاش علمي يدور بين مجموعة من المتحاورين ، الّذين يسعى كلّ واحد منهم إلى إثبات صحّة ما يؤمن به من خلال الأدلّة العقلية والنقلية ، والحجج الدامغة التي يوردها ، مقرّين في نهاية الأمر ومسلّمين للّذي كان الدليل والبرهان إلى جانبه في تثبيت ما أراد تثبيته ، إلاّ أنّ ثمّـة مَن تأخذه العزّة بالأثم ويبقى على تزمّته وعناده وعدم الإذعان إلى الدليل والبرهان ، ويهدي الله من يشاء ويضلّ من يشـاء.

۲۸۵

من هو الكـراجِكـي؟

هو : الشـيخ الجليل القدر ، العالم الفاضل ، الفقيه المجتهد ، المحدّث الثقة ، الحكيم المتكـلّم ، الرياضي المتبحّر ، الرفيـع الشـأن والمنزلة ، أبو الفتح محمّـد بن عليّ بن عثمان الكَـراجِكـي.

نسـبته :

اختلف المؤرّخون في نسـبته ، فمنهم من قال : نسـبة إلى «كـراجك» ، وهي قرية تقع على باب مدينة «واسـط» في العراق ، وقيل : قرية من قرى حلب.

ومنهم من قال : نسـبة إلى «الخيم» قرية أو محلّة في مصر ، كـان أبو الفتح قد نزلها وسـمّي نسـبة إليها بـ «الخيمي».

ومنهم من قال : نسـبة إلى عمل الخيم ، التي هي «الكـراجِك».

كـما ينسـب الكـراجكـي إلى «طرابلس الشـام» ، فيوصف بـ : «الطرابلسـي» ، لإقامته فيها مدّة طويلة.

وينسـب أيضاً إلى «صور» ، المدينة السـاحلية اللبنانية ، فقد وصفه الطهراني في «الطبقات» بـ : «الصوري» ؛ إذ أقام فيها ، وفيها توفّي ودُفن ، وقد صنّف فيها بعض مؤلّفاته.

۲۸۶

أقوال علماء الجمهور بحقّـه :

للكراجكي مكانة علمية واجتماعية مرموقة ، ومشـاركات في علوم عصره ، وقد ترجم له ومدحه كـثير من المؤرّخين وأصحاب المعاجم والتراجم من المخالف والمؤالف ، فصدق عليه ما قاله السَّـرِيّ الـرَّفّاء (١) :

وشـمائلٌ شَهِدَ العدوُّ بفَضلِها

والفضلُ ما شهدتْ به الأعداءُ

ولا يسـعنا في هذه العجالة ذِكـر ما قاله جميعهم ، مقتصرين على ذِكـر أقوال بعضهم :

* قال الذهبي في «سـير أعلام النبلاء» : «شـيخ الرافضة وعالمهم ، أبو الفتح محمّـد بن عليّ ، صاحب التصانيف ...».

* وقال في «العبر» : «أبو الفتح الكـراجكـي ... رأس الشـيعة وصاحب التصانيف ... وكـان نحوياً ، لغوياً ، منجّماً ، طبيباً ، متكـلّماً ، متفنّناً ، من كـبار أصحاب الشـريف المرتضى ...».

* وقال عنه الصفدي في «الوافي بالوفيات» : «شـيخ الشـيعة ... وكـان من فحول الرافضة ، بارعاً في فقههم ، لقي الكـبار ، مثل المرتضى ...».

* وقال عنه اليافعي في «مرآة الجنان» : «رأس الشـيعة ، صاحب التصانيف ، كـان نحوياً ، لغوياً ، منجّماً ، طبيباً ، متكـلّماً ، من كـبار أصحاب الشـريف المرتضى».

* وقال عنه العماد الحنبلي في «شـذرات الذهب» : «أبو الفتح

__________________

(١) انظر : ديوان السـريّ الرفّـاء : ١٦.

۲۸۷

الكراجكي ، أي : الخيمي ، رأس الشـيعة ، وصاحب التصانيف ، محمّـد بن عليّ ، مات بصور في ربيع الآخر ، وكان نحوياً ، لغوياً ، منجّماً ، طبيباً ، متكـلّماً ، متفنّناً ، من كـبار أصحاب الشـريف المرتضى ، وهو مؤلّف كـتاب : تلقين أولاد المؤمنين».

* وقال عنه العسـقلاني في «لسـان الميزان» : «محمّـد بن عليّ الكـراجكـي ، بفتح الكـاف وتخفيف الراء وكـسـر الجيم ثمّ الكـاف ، نسـبة إلى عمل الخيم وهي الكـراجِك ، بالغ ابن طيّ في الثناء عليه في (ذِكـر الإمامية) ، وذَكـر أنّ له تصانيف في ذلك ، وذكـر أنّـه أخذ عن أبي الصلاح ، واجتمع بالعين زربي ، ومات في ثاني ربيع الآخر سـنة ٤٤٩» (١).

مؤلّفاته :

قال العلاّمة المحقّـق السـيّد عبـد العزيز الطباطبائي قدس‌سره في مقدّمة تحقيقه لرسـالة في فهرسـت مصنّفات الشـيخ : «رسـالة في فهرسـت مصنّفات الشـيخ أبي الفتح محمّـد بن عليّ بن عثمان الكـراجكـي الخيمي ، المتوفّى ٤٤٩ ، عملها بعض تلامذته من أولاد العلماء المعاصرين له ، وجدتها ضمن مجموعة برقم ٦٩٥٥ ، من مخطوطات المكـتبة المركـزية في جامعـة طهـران ، فاسـتنـسـخت عليـها لنفسـي في غـرّة جمـادى الأُولى

__________________

(١) وللتفصيل راجع مصادر ترجمته التالية :

الأنسـاب ـ للسـمعاني ـ ٥ / ٤٢ ، سـير أعلام النبلاء ١٨ / ١٢١ رقم ٦١ ، العبر ٢ / ٢٩٤ ، لسـان الميزان ٥ / ٣٠٠ رقم ١٠١٦ ، مرآة الجنان ٣ / ٥٤ ، الوافي بالوفيات ٤ / ٩٦ ، شـذرات الذهب ٣ / ٢٨٣ ، مقدّمة كـنز الفوائد ـ للشـيخ عبـد الله نعمة ـ ، تراثنـا : العددان ٣ و ٤ (٤٣ و ٤٤) السـنة الحـادية عشـر / رجب ـ ذو الحجّـة ١٤١٦ هـ.

۲۸۸

سـنة ١٤٠٣».

وروماً منّي للاختصار أُورد أسماء هذه المؤلّفات فقط دون ذِكر التفاصيل ، تاركـاً للمتتبّع الرجوع إلى أصل الرسـالة المنشـورة في مجلّة «تراثنا» الغرّاء ، العددين الثالث والرابع (٤٣ و ٤٤) ، السـنة الحادية عشـر / رجب ـ ذو الحجّة ١٤١٦ هـ :

الكـتب الفقهية :

١ ـ كـتاب الصلوات (الصلاة) ، وهو : روضة العابدين ونزهة الزاهدين.

٢ ـ الرسـالة الناصرية في عمل ليلة الجمعة ويومها.

٣ ـ كـتاب التلقين لأولاد المؤمنين.

٤ ـ كـتاب التهذيب.

٥ ـ كـتاب في المواريث ، وهو : معونة الفارض على اسـتخراج سـهام الفرائض.

٦ ـ كـتاب المنهاج إلى معرفة مناسـك الحاجّ.

٧ ـ كـتاب المقنع للحاجّ والزائر.

٨ ـ المنسـك العصيّ.

٩ ـ منسـك لطيف في مناسـك النسـوان.

١٠ ـ كـتاب نهج البيان في مناسـك النسـوان.

١١ ـ كـتاب الاسـتطراف ، في ذِكـر ما ورد في الفقه في الأنصاف.

١٢ ـ مختصر كـتاب «الدعائم» للقاضي النعمان.

١٣ ـ كـتاب الاختيار من الأخبار.

۲۸۹

١٤ ـ كـتاب ردع الجاهل وتنبيه الغافل.

١٥ ـ البسـتان في الفقه.

١٦ ـ كـتاب الكافي ، في الاسـتدلال على صحّة القول برؤية الهلال.

الكـتب الكـلامية :

١ ـ نقض رسـالة فردان بعد (١) المروذي في «الجزء».

٢ ـ كـتاب غاية الإنصاف في مسـائل الخلاف.

٣ ـ كـتاب حجّة العالِم في هيئة العالَم.

٤ ـ كـتاب ذِكـر الأسـباب الصادّة عن معرفة الصواب.

٥ ـ رسـالة نعتها بـ : دامغة النصارى.

٦ ـ كـتاب الغاية في الأُصول.

٧ ـ كـتاب رياضة العقول في مقـدّمات الأُصول.

٨ ـ كـتاب المرشـد ، المنتخب من «غرر الفوائد».

٩ ـ جواب رسـالة الأخوان (الأخوين).

كـتب في الإمامة :

١ ـ كـتاب عدّة البصير في حجّ يوم الغدير.

٢ ـ كـتاب التعجّب في الإمامة من أغلاط العامّة.

٣ ـ كـتاب الاسـتبصار في النصّ على الأئمّة الأطهار.

٤ ـ كـتاب معارضة الأضداد باتّفاق الأعداد.

__________________

(١) كـذا.

۲۹۰

٥ ـ المسـألة القيسـرانية.

٦ ـ المسـألة التـبّانية.

٧ ـ مختصر كـتاب «التنزيه» تصنيف المرتضى.

٨ ـ كـتاب الانتقام ممّن غدر بأمير المؤمنين عليه‌السلام.

٩ ـ كـتاب الفاضح.

الكـتب النجومية وما يتعلّق بها :

١ ـ كـتاب مزيل اللبس ومكـمّل الأُنس.

٢ ـ كـتاب نظم الدرر في مبنى الكـواكـب والصور.

٣ ـ كـتاب إيضاح السـبيل إلى علم أوقات الليل.

٤ ـ كـتاب في الحسـاب الهندي وأبوابه ، وعمل الجذور والمكـعّبات المفتوحة والصمّ.

الكـتب المختلفة :

١ ـ العيون في الآداب.

٢ ـ كـتاب معدن الجواهر ورياضة الخواطر.

٣ ـ رياض الحكـم.

٤ ـ كـتاب موعظة العقل (العقلاء) للنفس.

٥ ـ كـتاب التعريف بوجوب حقّ الوالدين.

٦ ـ كـتاب ادِّكـار الإخوان بوجوب (حقّ) حقوق الإيمان.

٧ ـ نصيحة الإخوان.

۲۹۱

٨ ـ كـتاب التحفة في الخواتيم.

٩ ـ الرسـالة العلوية.

١٠ ـ كـتاب الجليس.

١١ ـ كـتاب انتفاع المؤمنين بما في أيدي السـلاطين.

١٢ ـ كـتاب الأنيس.

كـتب في الأنسـاب وعلوم أُخرى :

١ ـ مختصر كـتاب ابن خداع ـ للشـريف المرتضى ـ.

٢ ـ تشـجير.

٣ ـ كـتاب الزاهر في آداب الملوك.

٤ ـ كـتاب كـنز الفوائد.

٥ ـ كـتاب التأديب.

٦ ـ المجالس في مقدّمات صناعة الكـلام.

٧ ـ كـتاب الإقناع عند تعذّر الإجماع.

٨ ـ كـتاب الكـفاية في الهداية.

٩ ـ كـتاب الأُصول في مذهب آل الرسـول عليهم‌السلام.

١٠ ـ مختصر البيان عن دلالة شـهر رمضان.

١١ ـ جواب الرسـالة الحازمية.

١٢ ـ القول في معرفة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بالكـتابة وسـائر اللغات.

١٣ ـ الرسـالة العامرية.

١٤ ـ مختصر طبقات الورّاث.

۲۹۲

١٥ ـ الجدول المدهش.

١٦ ـ الرسـالة الصوفية.

١٧ ـ كـتاب الإيضاح عن أحكـام النكـاح.

١٨ ـ رسـالة التنبيه على أغلاط أبي الحسـين البصري.

١٩ ـ الكـتاب الباهر في الأخبار.

٢٠ ـ نصيحة الشـيعة.

٢١ ـ مسـألة العدل في المحاكـمة إلى العقل.

٢٢ ـ كـتاب هداية المسـترشـد.

مختصرات «كـنز الفوائد» :

١ ـ الذخر للمعاد في صحيح الاعتقاد.

٢ ـ الإعلام بحقيقة إسـلام أمير المؤمنين عليه‌السلام (وأولاده الكـرام).

٣ ـ رسـالة في وجوب الإمامة.

٤ ـ التذكـرة بأُصول الفقه.

٥ ـ البرهان على طول عمر صاحب الزمان عليه‌السلام.

٦ ـ رسـالة في مسـح الرجلين في الوضوء.

٧ ـ التنبيه على حقيقة البلاغة.

٨ ـ الإيضاح بين طريقَي الزيدية والإمامية.

٩ ـ ومجلس الكـرّ والفـرّ.

١٠ ـ الكـلام في الخلأ والملأ.

١١ ـ الردّ على الغلاة.

۲۹۳

١٢ ـ الردّ على المنجّمين.

١٣ ـ تفضيل الأنبياء على الملائكـة عليهم‌السلام.

هذا ، وقد اسـتدرك السـيّد عبـد العزيز الطباطبائي قدس‌سره على هذا الفهرسـت قائلا : «وللكـراجكـي كـتب لم يرد ذِكـرها في هذا الفهرسـت ، فلعلّه ألّفها بعد هذا الفهرسـت ، وهي :

١ ـ الإبانة عن المماثلة ، في الاسـتدلال لإثبات النبوّة والإمامة (الرسـالة التي بين يديك).

٢ ـ كـتاب التفضيل.

٣ ـ الجواب عن ثلاث آيات.

٤ ـ البيان عن اعتقاد أهل الإيمان.

٥ ـ دليل النصّ بخبر الغدير.

٦ ـ شـرح الاسـتبصار في النصّ على الأئمّة الأطهار.

٧ ـ شـرح «جمل العلم والعمل» للشـريف المرتضى علم الهدى.

٨ ـ كـتاب الوزيري.

٩ ـ المزار.

١٠ ـ مختصر زيارة إبراهيم الخليل عليه‌السلام.

١١ ـ أخبار الآحاد.

١٢ ـ مسـألة في كـتابة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).

١٣ ـ النوادر.

١٤ ـ رسـالة في جواب سـؤال عن وجوب الحجّ وبعض علله ومناسـكـه.

١٥ ـ روضة العابدين.

۲۹۴

١٦ ـ تهذيب المسـترشـدين.

١٧ ـ كـتاب الفهرسـت.

١٨ ـ كـتاب المنازل.

١٩ ـ كـتاب المؤمن.

كُـتبٌ نُسـبت إلى الكراجكي بغير أسـمائها :

١ ـ مسـألة في العدد.

٢ ـ كتاب النجوم.

٣ ـ النصوص.

٤ ـ نصيحة الشـيعة.

٥ ـ الوصيّـة.

٦ ـ رسـالته إلى ولده.

۲۹۵

النسـخ المعتمدة

اعتمدت في تحقيق هذه الرسـالة على مصوّرات لثلاث نسخ مخطوطة ، هي :

١ ـ صورة نسخة مخطوطة ، كُـتب في خاتمتها : «وكـتب هذه الأسطر بيمناه البالية الجانية ، محمّـد إبراهيم بن محمّـد معصوم الحسـيني ، في شهر محرّم الحرام سـنة ١٢٨٢» ، محفوظة في المكـتبة المركزية لجامعة طهران ، ضمن مجموعة تحت رقم ١٣٢٨.

وقد رمزت لها بـ : «أ».

٢ ـ صورة نسخة مخطوطة ، تبدأ من «فصل في حكاية مجلس» من دون مقـدّمة ، محفوظة في المكتبة المركزية لجامعة طهران ، ضمن مجموعة تحت رقم ١٣٢٨ ، ولم يذكر فيها اسم الناسـخ أو سـنة النسـخ.

وقد رمزت لها بـ : «ب».

٣ ـ صورة نسخة مخطوطة ، كُـتب في نهايتها : «فرغ من تسويده الواثق بالله الغالب ، ابن الحاجّ أبي تراب أبو طالب ، جعلهما الله من المتمسّكين بولاية عليّ بن أبي طالب وأولاده المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين» من دون ذِكر سـنة التسـويد ، محفوظة في مكتبة البرلمان الإيراني السابق ، ضمن مجموعة رقم ١٣٥٩ (١٢٩٥).

وقد رمزت لها بـ : «ج».

۲۹۶

منهجيّـة التحقيـق

١ ـ مقابلة النسـخ الثلاث ومعارضتها على بعضها ، وتثبيت الاختلافات ذات التأثير البيّن على المعنى ، وغضضت الطرف عمّا كـان فيها من اختلاف بسـيط غير مخلّ بسـياق اللفظ ؛ وقد آثرت في عملي اتّباع أُسـلوب التلفيق بين النسـخ الثلاث بغية الوصول إلى نصّ متكـامل ؛ لعدم إمكانية اعتماد إحداها أصلا للعمل ؛ وذلك للأسـباب التاليـة :

أ ـ عدم وجود تواريخ كـتابة النسختين «ب» و «ج» ، فتعذّر ـ لذلك ـ معرفة أيّ النسـخ أقدم من الأُخرى.

ب ـ كـثرة الاختلافات الواقعة في ما بين النسـخ الثـلاث.

ج ـ التصحيفات والأغلاط والأسقاط الواقعة في النسـخ الثـلاث.

٢ ـ ضبط النصّ ، من حيث التقطيع والتوزيع ، وتصحيح الأغلاط الإملائية والنحوية البيّنة دون الإشـارة إلى ذلك.

٣ ـ تخريج الآيات القرآنية الكريمـة.

٤ ـ تخريج الأحاديث النبوية الشـريفة ، وإرجاعها إلى مصادرها الأصلية ، وقد اقتصرت فيها على ذِكـرِ بعضِ أقدم المصادر المخـرِّجة لها.

٥ ـ توضيح المطالب الهامّـة ، بشـرحها والتعليق عليها ، أو إحالتها على مصادرها الأصلية.

٦ ـ شـرح معاني الكـلمات الغامضة والغريبة.

۲۹۷

وفي الختـام :

أُسدي شكري الجزيل إلى كلّ الّذين ساهموا معي في إخراج هذا الأثر النفيـس إلى الملأ العلمي ، ولِما أبدوه من ملحوظات قيّمة وجهود طـيّـبة ..

ولا سـيّما سـماحة المحقّق حجّة الإسـلام والمسـلمين السـيّد علي الخراسـاني الكـاظمي ..

والإخوة المحقّـقين : السـيّد محمّـد علي الحكـيم ، جواد حسـين الورد ، وعامر عبـد الحسـين عبّـاس ..

والإخوة في هيئة تحرير مجلّة «تراثنـا» ، ولا سـيّما الأُسـتاذ

عامر الشـوهاني.

داعيـاً المولى العليّ القدير أن يوفّقنا جميعاً لِما فيه خدمة سادتنا وموالينا أهل البيت عليهم‌السلام وبثّ علومهم ونشـرها ، إنّـه نعم المولى والمجيـب.

وآخر دعوانا أنِ «اللّهمّ كـن لولـيّك الحجّة بن الحسـن ، صلواتك عليه وعلى آبائـه ، في هذه السـاعة ، وفي كـلّ سـاعة ، ولـيّـاً وحافظاً ، وقائداً وناصراً ، ودليلا وعيناً ، حتّى تسـكـنه أرضك طوعاً ، وتمتّـعه فيها طويلا».

والحمد لله أوّلا وآخـراً ، وصلّى الله على سـيّدنا محمّـد وآله الطـيّبين الطاهرين المعصومين المنتجبين ، وسـلّم تسـليماً كثيراً.

دمشق / ١٧ ربيع الأوّل ١٤٢٧

علي جلال باقر الداقوقي

۲۹۸

۲۹۹

۳۰۰

۳۰۱

۳۰۲

۳۰۳

۳۰۴

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله على ما منحنيه من إرشـاده وهدايته ، وصلواته على من بعثه ببرهانه وآياته ، سـيّدنا (١) محمّـد صاحب شـريعته ودلالته ، وعلى أخيه أمير المؤمنين المختار لوصيّته ، الذي أبان لأُمّته وجوب رئاسـته (٢) وإمامته ، كـما أبان الله عزّ وجلّ عن حقّه في تثبيت نبوّته ورسـالته ، وعلى آله (٣) من بعده من ذرّيّته وسـلالتـه.

الحقّ واضح لطالبه ، والباطل مهلك لصاحبه ، نصب (٤) الله سـبحانه بفضله الأدلّة للمكـلّفين ، وأزاح بعدله علل المعتدين ، فمن اسـتعمل عقله اهتدى ، ومن تبع هواه ارتدى (٥).

__________________

(١) في «ج» : «سـندنا».

(٢) في «أ» : «وكـيلته» ؛ والظاهر أنّـه تصحيف : «وكـالته».

(٣) في «أ» : «الأئمّـة».

(٤) في «أ» : «فقد نصب».

(٥) ارتدى : أراد بها السقوط والوقوع في الردى ، وهو الموت والهلاك ؛ والصحيح هو الوارد في كلام المولى جلّ وعلا ، والمنقول عن العرب كذلك : «تردّى».

قال تعالى : (وما يغني عنه مالُه إذا تردّى) سورة الليل ٩٢ : ١١.

وقال تعالى : (فلا يصدّنّـك عنها من لا يؤمن بها واتّبع هواه فَـتَـرْدى) سورة طـه ٢٠ : ١٦.

والفعل في كلّ ذلك : رَدَيَ رَدَىً وتَـرَدّى : أي تهوّر ووقع في الـرَّدى ، أمّا قوله : «ارتدى» فمعناه : لبـسَ الـرِّداء ؛ والارتداء : كـناية عن تقلّد السيف ؛ وهو الـرِّداء ، اللّهمّ إلاّ أن يكون ذلك على تجوّز بعيد ، وقد ألجأه إلى ذلك السجع ، فجاء بالزيادة على الفعل الثلاثي قياساً في زيادتها ـ أي زيادة الهمزة والتاء ـ على الأفعال ، وهو

۳۰۵

وقد بلغني ما جرى بينك يا أخي ـ أيّدك الله ـ وبين خصمك في الإمامة ، وإنكـاره عليك أن تكـون أصلا كـالرسـالة ، ودعواه أنّـه لا مماثلة بين طريقيهما في الدلالة (١) ، وأنّ الإمامة مسـألة فقهية ، وفرع من الفروع السـمعية ، التي لا يضلّ من جحدها ، ولا يكـفر من أنكـرها.

وقد أَثبتُّ لك في الكـتاب ما تعلم به بطلان جميع ما ذكـر (٢) ، وأُوضـح لك عن أنّ الإمـامة أصل يتعلّق بالنبـوّة ، مَن خـالف فيه فقـد كـفر ، وأنّ الحجج في إثباتهما متماثلة ، والطاعن في الإمامة كـالطاعن في الرسـالة.

فمن الدليل على أنّ الإمامة أصلٌ : وجوبُها في العقل ، وثبوت الحجّة على أنّها انتظام التكـليف في العدل ؛ وذلك أنّ الله عزّ وجلّ قد كـلّف الخلق إصابة الحقّ ، وهو يُعرف من وجهين ، وهما : العقل ، والسـمع.

ووجدنا قد أزاح علل مَن كـان في وقت رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في ما تعبّدهم به من العقليات ، بأن أوجدهم العقول وفي ما تعبّدهم من السـمعيات ، بأن أقام لهم الرسـول ، والناس من بعده عليه‌السلام مكـلّفون (بنظير ما كـان كـلّفه) (٣) مَن كـان في وقته ، فوجب في عدل الله سـبحانه وحكـمته أن يزيح علل المكـلّفين في كـلّ زمان بإيجاد العقول ، ومن يقوم مقام الرسـول.

__________________

جائز ما لم يقم دليل على خلافه ، كما نحن فيه هنا.

انظر مادّة «ردي» في : جمهرة اللغة ٢ / ١٠٥٧ ، لسان العرب ٥ / ١٩٥.

(١) في «أ» : «الدلالة بينهما».

(٢) في «ج» : «ذكـروا».

(٣) في «ج» : «بنظر مَن كـان كـلّفه».

۳۰۶

ولو جاز أن يكـلّفهم السـمعيات ويعدمهم السـمع ، لجاز أن يكـلّفهم العقليات ويعدمهم العقل ، وذلك لا يجوز عند من أقـرّ بالعدل (١) ، فبان أنّ الإمامة أصل وليسـت بفرع.

وقد ظنّ أهل الخلاف أنّ النـاس يسـتغنون بعد رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الإمام بما في أيديهم من الكـتاب والسُـنّة ، وهذا محال.

لأنّ السُـنّة قد اختلف حاملوها (٢) ، وتضادّ في الأخبار ناقلوها ، والكـتاب أيضاً مختلَف فيه ، والحاجة داعية إلى صادق ينبئ عن معانيه ، ولتسـكـن النفس إلى أمانته (٣) ، وتتعلّق بعلمه وطهارته.

وشيء آخر ، وهو : أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كان منبّهاً على العقليات ، كما كان مُعْرِباً (٤) في السمعيات ، مفزعاً للأُمّة (٥) في التأويلات ، وملجأً لهم عند المشـكلات ، ولم يكـن الله سـبحانه وتعالى ليعمّ الكـلّ بالتكـليف ، ويخصّ البعض بيسـر السـبيل ، فلم تبق شـبهة في وجوب الإمامة ، وأنّها أصلٌ متعلّق (٦) بالنبوّة.

ومن ذلك : ما يشهد به الدليل من [أنّ] (٧)

__________________

(١) في «أ» : «بالعقل».

(٢) في «ج» : «عاقلوها».

(٣) في «ج» : «أمانيه».

(٤) في «أ» : «معـرّفاً».

والإعراب والـتَّعريب معناهما واحد ، وهو الإبانة ؛ يقال : أعربَ عنه لسانه وعرَّبَ ، أي : أبان وأفصح وأوضح.

انظر : لسان العرب ٩ / ١١٤ مادّة «عرب».

(٥) في «أ» : «للإمامة» ، وهو تصحيف واضح.

(٦) في «أ» : «يتعلّق».

(٧) أضفناه ليسـتقيم السـياق.

۳۰۷

الإمـامَ (١) قـائمٌ مقامَ الرسـول في التهـذيب والتعريف ، والتعليم والتوفيق (٢) ، والأمر والنهي ، والعقد والحلّ ، وأنّ الأُمّـة يلزمها من تبجيله وتعظيمه واتّباعه وطاعته ، نظير ما كان يلزمها للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ..

قال الله سـبحانه وتعالى : (يا أيّها الّذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسـول وأُولي الأمر منكـم) (٣) ، فعطف طاعته على طاعته ، وجعل الحكـم واحداً في وجوبه على الأُمّة ، وقد بيّن سـبحانه وتعالى فقـال : (من يطع الرسـول فقد أطاع الله) (٤) ، (فعلمنا أنّ من يطع أُولي الأمر فقد أطاع الرسـول وأطاع الله) (٥).

وليـس يقبح أن ينصرف قوله سـبحانه وتعالى : (وأُولي الأمر منكـم) إلى الأئمّة ، الّذين هم خَلَفُ الرسـول (صلى الله عليه وآله وسلم) (٦) على تنفيذ الشريعة في الأُمّـة ؛ لأنّـه فرض طاعتهـم كما فـرض طاعة نبيّـه ، فوجب أن يكون حكمهم في العصمة والكمال كحكـمه ، وإلاّ كان قد أمر بطاعة ذي النقص والخلل ، الذي يجور ويجهل ، ومن لا يذهب (٧) إلى ما يذهب إليه في هذه الأُمّـة لأحد عصمةً ، ولا غـيّـرَ (٨) بالكمال أحداً (٩) من الأُمّـة.

وأيضاً : فإنّ أقوال الناس في هذه الآية ثلاثة :

__________________

(١) في «أ» : «الإمامة» ، وهو تصحيف واضح.

(٢) في «أ» : «والتوقيف».

(٣) سـورة النسـاء ٤ : ٥٩.

(٤) سـورة النسـاء ٤ : ٨.

(٥) أثبتناه من «أ».

(٦) في «أ» : «رسـوله صلواته عليه وعلى آله».

(٧) في «ج» : «ينقاد».

(٨) في «ج» : «ولا يمرّ».

(٩) في «أ» : «أحدٌ».

۳۰۸

منهم من يقول : إنّ أُولي الأمر هم العلماء (١).

ومنهم من يقول : هم أُمراء السـرايا (٢).

ومنهم من يقول : هم الأئمّة الأبرار (٣) من أهل بيت الرسـول (المختار المصطفين صلوات الله عليه وعليهم) (٤).

ووجدنا هذا القول الثالث قد انتظم الأقوال كـلّها ، ودخل فيه القولان اللذان تقـدّما ؛ لأنّ الأئمّة من أهل بيت رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أفضل العلماء قدراً ، وأعلاهم (٥) منزلةً ، وأشـهرهم ذِكـراً ، ولأنّ (٦) إمارة السـرايا في قبضتهم ، وهي أحد متصرّفاتهم التي في نظرهم ، فوجب أن يكـون هذا القول أَوْلى (٧).

فقد (بان من هذا) (٨) الوجه أيضاً (٩) ، أنّ الإمامة أصل وليسـت بفرع ، وأنّ الإقرار بها فرض عامّ ، متقـدّم على كـلّ فرض أتى به الشـرع ، وأنّـه لا يتقـدّمها إلاّ الإقرار بالله وبرسـوله فقط ، وإن كان الإقرار بالإمام يشـتمل على الإقرار بالله وبالرسـول ، كـما أنّ طاعة الإمام هي طاعة لله

__________________

(١) انظر : تفسـير الطبري ٤ / ١٥١ ـ ١٥٢ ح ٩٨٦٦ ـ ٩٨٧٩ ، تفسـير الثعلبي ٣ / ٣٣٤ ، تفسـير القرطبي ٥ / ١٦٨.

(٢) انظر : تفسـير الطبري ٤ / ١٥٠ ـ ١٥١ ح ٩٨٥٦ ـ ٩٨٦٤ ، تفسـير الثعلبي ٣ / ٣٣٥ ، تفسـير القرطبي ٥ / ١٦٧.

(٣) في «أ» : «الأزكـياء».

(٤) في «أ» : «المصطفى».

(٥) في «أ» : «وأعظمهم».

(٦) في «أ» : «ثمّ إنّ».

(٧) راجع دلالة الآية الكـريمة على الأئمّة المعصومين عليهم‌السلام ، وأنّهم هم المعنيّون بقوله تعالى : (وأُولي الأمر منكـم) في : دلائل الصدق ٤ / ٢٢٠ ـ ٢٢٦.

(٨) في «ج» : «تبيّن بهذا».

(٩) لم ترد في «أ».

۳۰۹

وللرسـول.

وممّا يزيد (١) ذلك إيضاحاً وبياناً ، أنّ كلّ فريضة افترضها الله تعالى في الشـرع من العبادات المختصّة بالسـمع ، قد تنقص عن كمالها تارةً ، ويسـقط وجوبها تارة ، ويتغيّر الحكم فيها من حالة إلى حالة ..

كـالصلاة ، التي هي على الحاضر سـبع عشـرة ركـعة في اليوم والليلة ، فإذا سـافر نقصت عن تلك العدّة ، فصارت إحدى عشـرة ركـعة ، ثمّ تسـقط عن الحائض أصلا ، ولا يلزمها في تركـها القضـاء.

والزكـاة ، التي يختلف حكـمها ، وما يخرجه المكـلّفون بحسـب اختلاف ما يملكون فيها ، حتّى إنّ الأكـثر تسـقط عنهم ، ويموتون وهي لم تجب عليهم.

والصوم ، الذي يلزم المسـتطيع الحاضر ، ولا يجوز للحائض والمسـافر ، وكـذلك يسـقط عن المريض والعاجز.

والحجّ ، الذي يختصّ بالمسـتطيع ، ويسـقط (٢) فرضه عمّن هو بخلاف ذلك.

وما يجري هذا المجرى من العبادات السـمعية ، والفرائض الفقهية ، التي يختلف وجوبها ، ولا تتماثل أحوال المكـلّفين فيها.

ثمّ إنّ جميع ما ذكـرناه ، وما يجري مجراه ، لا يلزم المكـلّف في سـائر السـاعات ، ولا ينبغي عليه في جميع اللحظات ، وإنّما يختصّ بأوقات معيّنات ، وليـس كـذلك حكـم الإمامة ووجوبها ، والفرض على الأُمّـة من الإقرار بالإمام ووجوب طاعته عليها ؛ لأنّ هذا فرض عامّ شامل ،

__________________

(١) في «أ» : «يؤيّـد».

(٢) في «ج» : «إلاّ من يسـقط».

۳۱۰

لا ينقص ، ولا يسـقط ، ولا يختصّ ببعض العقلاء دون بعض ، ولا بوقت دون وقت ، بل هو لازم في جميع الأحوال لزوماً واحداً ، لا يسـقط عن أحد ما دام عاقـلا ، وهو كالإقرار بالله سـبحانه وبرسـوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وهذا جليٌّ لمتأمّله (١).

أخبرني أبو الرجاء محمّـد بن طالب البلدي ، قال : أخبرني أبو المفضّل ، محمّـد بن عبـد الله بن محمّـد بن المطّلب (٢) الشـيباني ، قال : حدّثنا محمّـد بن علي بن شـاذان بن خبّاب أبو عبـد الله الأزدي في الكـوفة ، قال : حدّثنا أحمد بن رشـيد بن خيثم الهلالي (٣) ، قال : حدّثنا عمّي سـعيد بن خيثم ، قال : حدّثنا فضيل بن مرزوق ، عن (عطيّة العـوفي) (٤) ، عن أبي سـعيد الخدري ، قال : «جاء رجل إلى النبيّ ، فقال : يا رسـول الله! علّمني شـرائع الإسـلام.

قال : تشـهد أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّـداً رسـول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكـاة ، وتصوم شـهر رمضان ، وتحجّ البيت إنِ اسـتطعت إليه سـبيلا.

فلمّا ولّى الرجـل ، قال له النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : أفلا أُخبرك بأوكـدهنّ ، وبما هو أملك لكـم بعد الإيمان بالله ورسـوله؟

فقال : بلى ، وما هو يا نبيّ (٥) الله؟

__________________

(١) في «ج» : «لمن تأمّله».

(٢) في «ج» : «عبـد المطّلب».

(٣) في «أ» : «الحمداني».

(٤) في «ج» : «عطيّة النوفي» ، وفي «أ» : «النوفي» ؛ وما أثبتناه هو الصحيح.

انظر : تهذيب التهذيب ٧ / ٢٢٤ رقم ٤١٣.

(٥) في «أ» : «رسـول».

۳۱۱

قال : مودّة هذا وولايته ـ وأشـار إلى عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ـ ، ثمّ وُلده من بعـده.

قال : يا رسـول الله! وإنّها لمنهنّ؟!

قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : أَوَلم أُخبرك بأنّها أوكـدهنّ؟! بل هي أوكـدهنّ! قالها ثلاثاً».

وهذا كـلّه كـاشـف عن أنّ المعرفة بالإمام هي الآن في شـرع الإسـلام أفضل الفرائض وأعظمها ، وأوجب العبادة وألزمها ، بعد المعرفة بالله ورسـوله ، وأنّ الإمامة في الرتبة (تالية للرسـالة) (١) ، وإذا كـانت تَلِها (٢) ، فمن أنكـر حقّها ، وجحد مسـتحقّها ، فقد كـفر.

وكـيف لا تكـون الإمامة بائنة كـالنبوّة ، وتثبت الأدلّة على أنّ الإمام في وقته يجب أن يماثل النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في عصره ، في كـمال علمه وعصمته ، فيُعلم من حيث أُمرنا باتّباعه وطاعته؟!

وأمّا في جواز ظهور المعجز على يده ، فإنّ النصّ يجوز خفاؤه ، وانقطاع نقله ؛ لكـتمان النقلة له ، فلا برح (٣) من قطع عذر المكـلّفين في تعريفهم مَن يجب اتّباعه بعلم يظهر على يده ، ويجوز ذلك أيضاً بجواز وجه فيه من اللطف يعلمه الله تعالى دون خلقه ؛ ولهذه الفصول كـلام يأتي في موضعه.

وقد دلّ ما ذكـرناه من كـمال علم الإمام وعصمته ، على أنّـه يكـون

__________________

(١) في «ج» : «كـالرسـالة».

(٢) في «ج» : «أبينها».

(٣) لعلها : «بُـدّ».

۳۱۲

أفضل أهل عصره ، (كـما أنّ النبيّ أفضل أهل عصره) (١).

ودلّ على أنّ الإمام منصوص عليه من قبل الله تعالى ، وأنّ الله تعالى هو الذي اختاره إماماً لخلقه ، وليـس للأُمّة حكـم في اختياره ، كـما أنّ الله سـبحانه وتعالى يعرّف النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ويختاره نبيّاً لخلقه ، وليـس للأُمّة حكـم في اختياره.

فالطريقتان متماثلتان ، والنبيّ والإمام حجّتان لله تعالى على خلقه بالعيان.

وممّا يدلّك على صحّة المماثلة بين الطريقتين في إثبات الرسـالة والإمامة ، أنّ المخالف في إحداهما نظير المخالف فيهما ، والطاعن على إحداهما كالطاعن عليهما ، وأنّ من سلك إبطال إمامة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، فإنّما اسـتعار كـلام اليهود (٢) في إبطال نبوّة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).

إنّك تجد الطريق إلى إثبات نبوّة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إنّما هي إثبات المعجزات الواردة على يديه ، وكـذلك إثبات إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام هي إثبات النصوص من رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

* ثمّ تجد معجزات النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قسـمين : أقوال ، وأفعال.

فالأفعـال (٣) :

تسـبيح الحصى في كفّـه (٤) ..

__________________

(١) لم ترد في «ج».

(٢) في «أ» : «الملحدين».

(٣) في «أ» : «وهذه الأفعال».

(٤) روى الراوندي في الخرائج والجرائح ١ / ٤٧ ح ٦١ ، عن أنس ، أنّـه (صلى الله عليه وآله وسلم) أخذ

۳۱۳

__________________

كفّـاً من الحصى فسـبّحن في يده ، ثمّ صبّهنّ في يد عليّ فسـبّحن في يده ، حتّى سـمعنا التسـبيح في أيديهما ، ثمّ صبّهنّ في أيدينا فما سـبّحت في أيدينا.

وروى ابن شـهر آشـوب في مناقب آل أبي طالب ١ / ١٢٦ ، أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أتاه مكـرز العامري وسـأله آيةً ، فدعا تسـع حصيّات فسـبّحن في يده.

وفي حديث : فوُضعن على الأرض فلم يسـبّحن وسـكـتن ، ثمّ عاد وأخذهنّ فسـبّحن.

وعن ابن عبّـاس : قال : قدم ملوك حضرموت على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فقالوا : كـيف نعلم أنّـك رسـول الله؟ فأخذ كـفّـاً من حصى ، فقال : «هذا يشهد أنّي رسول الله» ، فسـبّح الحصى في يده وشـهد أنّـه رسـول الله.

وربّ سـائل يسـأل : ألم يُـرْوَ حديث تسـبيح الحصى في الصحاح والسـنن والمسـانيد حتّى اقتصر المحقّق على ذِكـر ما تقـدّم من الكـتب التي أخرجت الحديث من دون سـند ، أم أنّـه تعمّد إهمال هذه الكـتب لغاية في نفسـه؟!

أقـول : بعد التحقيق والتدقيق العلمي ، بعيداً عن التعصّب وتأثيرات النفس ، تبيّن أنّ حديث تسـبيح الحصى ـ في كـتب الجمهور ـ هو من الأحاديث الضعيفة ، أو الموضوعة لأجل غاية في النفس ، طبقاً لقواعدهم في الحكـم على الأحاديث الواهية والضعيفة والموضوعة.

ونؤكّد أنّ تضعيف هذا الحديث لا يعني :

أ ـ إخراجه من دائرة الإمكـان ، ففي المعجزات التي ظهرت على يده صلوات الله وسـلامه عليه وعلى آله ما هو أبهر من تسـبيح الحصى.

ب ـ الحطّ من قدر المعجزات ، أو التشـكـيك بها ، أو إنكـارها ، حاشـا لله ، فهذه المعجزات قد تواتر نقلها وملئت بها بطون الكـتب ، كـما سـيأتي.

هذا ، وقد ورد الحديث في عدد من مصادر الجمهور بألفاظ مختلفة ، ومن طرق متعدّدة ، لكـنّه يُعلّ بعلل شـتّى ، منها : تضارب ألفاظه ، وضعف سـنده ، وجرح رواته.

وروماً للاختصار فسـأقتصر على ذِكـر السـند دون اللفظ.

* فقد رواه البخاري في «التاريخ الكـبير» :

في ج ٨ / ٤٤٢ ح ٣٦٣٥ : عن ابن عبـد ربّه ؛ قال إسـحاق بن إبراهيم : أخبرنا

۳۱۴

__________________

عمرو بن الحارث الزبيدي ، قال : حدّثنا عبـد الله بن سـالم ، عن الزبيدي ، قال : حدّثـنا حميد بن عبـد الله ، أنّ عبـد الرحمن بن أبي عوف حدّثه ، أنّـه سـمع ابن عبـد ربّه ، أنّـه سـمع عاصم بن حميد ، قال : كـان أبو ذرّ ...

وقد ورد اسـم علىّ عليه‌السلام في الحديث ، إلاّ أنّـه اقتصر على ذكِر تسـبيح الحصى في يـد أبي بكر وعمر وعثمان بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) من دون ذِكـر تسـبيحهنّ في يـد عليّ عليه‌السلام!

وفي السـند :

إسـحاق بن إبراهيم الحمصي ، المعروف بـ : ابن زبريق.

قال النسـائي : ليـس بثقة.

وقال أبو داود : ليـس بشـيء.

وكـذّبه محدّث حمص محمّـد بن عوض الطائي.

انظر : ميزان الاعتدال ١ / ٣٣١ رقم ٧٣١.

* ورواه البزّار في «البحر الزخّار» ـ المعروف بـ «مسـند البزّار» ـ من طريقين :

ففي ج ٩ / ٤٣١ ح ٤٠٤٠ : حدّثنا إسـحاق بن إبراهيم بن حبيب ومحمّـد بن معمر ، قالا : حدّثنا قريـش بن أنـس ، عن صالح بن أبي الأخضر ، عن الزهري ، عن سـويد بن يزيد ، قال : رأيت أبا ذرّ ...

وفي السـند :

إسـحاق بن إبراهيم الحمصي ، وقد عرفت حاله.

وفي السـند :

صالح بن أبي الأخضر.

قال ابن معين : ليـس بالقوي.

وقال مرّة : ضعيف.

وقال البخاري وأبو حاتم : ليّن.

وقال البخاري والنسـائي : ضعيف.

وقال الترمذي : يُضعَّف في الحديث.

وقال ابن عَديّ : في بعض حديثه ما ينكَر ، وهو من الضعفاء.

انظر : تهذيب التهذيب ٤ / ٣٨٠ رقم ٦٤٠.

۳۱۵

__________________

وفي السـند كـذلك :

الزهري.

روى الذهبي ، عن خارجة بن مصعب ، أنّه قال : «قدمت على الزهري وهو صاحب شرطة بني أُميّة ، فرأيته ركب وفي يديه حربة وبين يديه الناس في أيديهم الكـافركوبات [وهو نوع من الأسلحة ، كما جاء في كـتاب «فرهنـگ فارسي» ، للدكتور محمّـد معين / نشر مؤسّـسة أمير كبير ـ طهران] ، فقلت : قبّح الله ذا عالم ، فلم أسمع منه».

وقال : كـان يدلّس.

وكان يحيى بن سـعيد لا يرى إرسـال الزهري وقتادة شـيئاً ويقول : هو بمنزلة الريـح.

وكان الشافعي يقول : إرسال الزهري ليـس بشيء ، فضلا عن صحبته للخلفاء مـن بني مروان ، وتربيته أولادهم ، وولايته القضاء لهم.

قال مكحول : إنّـه أفسـد نفسـه بصحبة الملوك.

انظر : ميزان الاعتدال ٢ / ٤٠٤ رقم ٢٤٠٠ وج ٦ / ٣٣٥ رقم ٨١٧٧ ، تهذيب التهذيب ٩ / ٤٥١ رقم ٧٢٣ ، سـير أعلام النبلاء ٥ / ٣٣٩ رقم ١٦٠.

وفي ج ٩ / ٤٣٤ ح ٤٠٤٤ : حدّثنا عمر بن الخطّاب ، قال : حدّثنا إسـحاق بن إبراهيم الحمصي ، قال : حدّثنا عمرو بن الحارث ، عن عبـد الله بن سـالم ، عن الزبيدي ، عن الوليد بن عبـد الرحمن ، عن جبير بن نفير ، عن أبي ذرّ ...

وفي السـند :

إسـحاق بن إبراهيم الحمصي ، وقد عرفت حاله.

* ورواه الطبراني في «المعجم الأوسـط» من طريقين :

في ج ٢ / ٥٣ ح ١٢٦٦ : حدّثنا أحمد ، قال : حدّثنا المنتصر بن الوليد الجارودي ، قال : حدّثنا أبي ، قال : حدّثنا حميد بن مهران ، عن داود بن أبي هند ، عن رجل من أهل الشـام ـ يعني : الوليد بن عبـد الرحمن الجرشـي ـ ، عن جبير بن نفير المصري ، عن أبي ذرّ ...

وفي السـند :

الوليد بن عبـد الرحمن الجرشـي.

۳۱۶

__________________

كان على خراج الغوطة لدى أحد حكّام بني أُمّية الجائرين ، ألا وهو هشام بن عبـد الملك ، وهذا بحدّ ذاته كـاف لأن يجعله يداري وليّ نعمته في رواية مثل هذه الأحاديث ، أضف إلى ذلك أنّـه كـان ممّن قدم على الحجّاج ـ والحجّاج هذا معروف السـيرة ـ.

انظر : تهذيب التهذيب ١١ / ١٤٠ رقم ٢٣٤.

وفي ج ٤ / ٤٢٤ ح ٤٠٩٧ : حدّثنا عليّ بن سـعيد ، قال : حدّثنا موهب بن يزيد ابن موهب الرملي ، قال : حدّثنا عبـد الله بن وهب ، قال : حدّثنا محمّـد بن أبي حميد ، عن ابن شـهاب ، عن سـعيد بن المسـيّب ، عن أبي ذرّ ...

وفي ذيل الحديث : «ثمّ أعطاهنّ عليّـاً ، فوضعهنّ في يده فخرسـن».

قال الزهري : «هي الخلافة التي أعطاها اللهُ أبا بكـر ، وعمر ، وعثمان».

وقد تقدّم حال الزهري ؛ وفي قوله هذا تعريض بخلافة أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام ، وهو دالٌّ على ميله وانحرافه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ونصبه العداء له! وكـفى بهذا جرحـاً!

وفي السـند :

محمّـد بن أبي حميد.

قال عبـد الله بن أحمد : أحاديثه مناكـير.

وقال الدوري عن ابن معين : ضعيف ، ليـس حديثه بشـيء.

وقال الجوزجاني : واهي الحديث ، ضعيف.

وقال البخاري : منكَر الحديث.

وقال النسـائي : ليـس بثقة.

وقال أبو داود والدارقطني : ضعيف.

وقال ابن حبّان : لا يُحتجّ به.

انظر : التهذيب ٩ / ١٣٢ رقم ١٨٣.

وفي السـند كـذلك :

الزهري ، وقد عرفت حاله.

* ورواه أبو نُعيم في «دلائل النبوّة» من طريقين :

ففي ج ١ / ٤٣١ ح ٣٣٨ : حدّثنا محمّـد بن أحمد بن الحسـن ، حدّثنا أحمد بن

۳۱۷

__________________

يوسـف بن الضحّاك ، حدّثنا سـليمان بن أحمد ، قال : حدّثنا أحمد بن صدقة ، قال : حدّثنا المنذر بن الوليد الجارودي ، قال : حدّثنا أبي ، حدّثنا حميد بن مهـران ، عن داود بن أبي هنـد ، عن رجـل مـن أهـل الشـام ـ يعـني : الوليد بن عبـد الرحمن الجرشـي ـ ، عن جبير بن نفير الحضرمي ، عن أبي ذرّ الغفاري ...

وفي الحديث يقول أبو ذرّ : «وفينا أبو بكـر وعمر وعثمان وعليٌّ» إلاّ أنّ تسـبيح الحصى ينتهي عند عثمان ، فلاحظ وتأمّل!!

وفي السـند :

الوليد بن عبـد الرحمن الجرشـي ، وقد ذكـرنا حاله.

وفي ج ١ / ٤٣٢ ح ٣٣٩ : حدّثنا أحمد بن إسـحاق ، حدّثنا أبو بكـر بن أبي عاصم ، حدّثنا الفضل بن داود ، حدّثنا قريـش بن أنـس ، عن صالح بن أبي الأخضر ، عن الزهري ، عن سـويد بن يزيد ، عن أبي ذرّ ...

وقد ذَكـر الحديث من دون ذِكـر الخلفاء قاطبة.

وفي السـند :

صالح بن أبي الأخضر والزهري ، وقد تقـدّم حالهما.

* ورواه البيهقي في «دلائل النبوّة».

ففي ج ٦ / ٦٤ ـ ٦٥ : أخبرنا أبو الحسـن علي بن أحمد بن عبـدان ، أنبأنا أحمد ابن عبيـد الصفّار ، حدّثنا الكـديمي ، حدّثنا قريـش بن أنـس ، وأنبأنا صالح بن أبي الأخضر ، عن الزهري ، عن رجل يقال له : سـويد بن يزيد السُّلميّ ، قال : سـمعت أبا ذرّ يقول : ...

وكـذلك رواه محمّـد بن بشّار ، عن قريـش بن أنـس ، عن صالح بن أبي الأخضر ـ وصالح لم يكـن حافظاً ، والمحفوظ رواية شـعيب بن أبي حمزة ـ ، عن الزهري ، قال : ذكر الوليد بن سـويد أنّ رجلا من بني سـليم كبير السـنّ كان ممّن أدرك أبا ذرّ بالربذة ذُكـر له فذَكـر هذا الحديث عن أبي ذرّ.

وفي السـند :

الكُديمي.

قال ابن عَديّ : قد اتُّهم الكُديمي بالوَضْع.

وقال ابن حبّان : لعلّه قد وضَع أكـثر من ألف حديث.

۳۱۸

__________________

وقال أبو عبيـد الآجري : رأيت أبا داود يطلق في الكـديمي الكـذب.

وقال ابن عديّ : ادّعى الرواية عمّن لم يرهم ، ترك عامّةُ مشـايخنا الرواية عنه.

انظر : ميزان الاعتدال ٦ / ٣٧٨ رقم ٨٣٥٩.

وفيه أيضاً : صالح بن أبي الأخضر والزهري ، وقد عرفت حالهما.

* ورواه ابن عسـاكـر في «تاريخ دمشـق» من طرق عدّة اتّفق بعضها مع ما ذكـرنا من الطرق السـابقة ، باسـتـثناء طريقين ينتهيان إلى أنس بن مالك :

ففي ج ٣٩ / ١٢٠ : أخبرنا أبو بكـر محمّـد بن عبـد الباقي ، حدّثنا أبو محمّـد الجوهري ـ إملاءً ـ ، أخبرنا أبو الحسـن عليّ بن محمّـد بن أحمد بن لؤلؤ الورّاق ، حدّثنا عبـد الرحمن بن محمّـد بن المغيرة ، حدّثنا إسـحاق بن وهب العلاّف ، حدّثنا عمرو بن حمّاد الفراهيدي ـ بالبصرة ـ ، حدّثنا محرز القتّات ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك.

وفي السـند عدد من المجاهيل غير المعروفين ، منهم : عمرو بن حمّاد الفراهيدي ، قال عنه ابن حجر في تقريب التهذيب ١ / ٧٣٢ رقم ٥٠٣١ : مجهول.

وفي ج ٣٩ / ١٢٠ كـذلك : أخبرنا أبو محمّـد بن طاووس وأبو الفتح بن الرأس النجّار الأقبابي وأبو العشـائر القيسـي ، قالوا : أخبرنا عليّ بن محمّـد الفقيه ، حدّثنا عبـد الرحمن بن عثمان ، حدّثنا خيثمة بن سـليمان ، حدّثنا أحمد بن سـليمان الصوري ، حدّثنا محمّـد بن مُصَفّى ، حدّثنا يوسـف بن الصباح ، حدّثنا جرير بن عبـد الحميد ، حدّثنا سـعيد القافلائي ، عن الحسـن ، عن أنس بن مالك.

وفي السـند :

محمّـد بن مُصَفّى.

قال النسـائي : كـان مخلّطاً ، وأرجو أن يكـون صدوقاً ، وقد حدّث بأحاديث مناكـير.

وقال ابن حبّان : كـان يُخطئ.

وقال أبو زُرعة : كـان ممّن يدلّس تدليـس التسـوية.

نعم ، هؤلاء هم رواة حديث تسـبيح الحصى المزيد ، وقد عرفت أحوالهم ، فكـيف يراد أن نصدّق مثل هذا الحديث المزيد فيه ورائحة الوضع فيه واضحة جـدّاً؟!

۳۱۹

__________________

وإليك أقوال بعض العلماء حول الحديث :

١ ـ قال ابن حجر : «وأمّا تسـبيح الحصى ، فليسـت له إلاّ هذه الطريق الواحدة مع ضعفها».

انظر : شـرح الزرقاني على المواهب اللدنّـيّة ٦ / ٤٩٩.

٢ ـ قال شـهاب الدين الخفاجي في «نسـيم الرياض في شـرح شـفا القاضي عياض» ٣ / ٧٠ : «وفي (الشـرح الجديد) أنّـه لم يذكـر عليّـاً رضي الله تعالى عنه وكـرّم وجهه ، فإن كـان تسـبيحها في يد غيره مخصوصاً بالخلفاء ، فهو خليفة كـابنه الحسـن أيضاً ، وأجاب بأنّه لم يكـن حاضراً ثمّة ، أو لأنّ خلافته أدركـت الفتنة ، على أنّ مثله لا يشـين مقامه رضي الله تعالى عنه مع ما له من المناقب.

الظاهر أنّ هذه الواقعـة تعـدّدت ؛ لأنّ رواية أبي ذرّ أنّـه لم يكن ثمّـةَ غيره ،

وما في رواية البيهقي يقتضي أنّـه حضرها جماعة من الصحابة ، لقوله : (رجلا رجلا) ، وعلى كـليهما لم يكـن معهم عليٌّ رضي الله تعالى عنه ، وفيها إشارة إلى عـدم امتـداد خلافته اسـتقلالا».

٣ ـ يقول العلاّمة الشـيخ الأميني قدس‌سره في «الغدير» ١٠ / ١٤٤ ـ ١٤٦ : «أبو ذرّ الغفاري ، أنا لا أدري أنّ أبا ذرّ هذا هل هو الذي يقول فيه رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (ما أظلّت الخضراء ، ولا أقلّت الغبراء ، على ذي لهجة أصدق من أبي ذرّ) ، أو الذي يقول فيه عثمان : (إنّـه شـيخ كـذّاب) ، ورآه أهلا لأن يهلك في المنفى؟!

ولسـتُ أدري مَن الحَـكَـمُ ها هنا؟! هو الذي يخضع لقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟! أو الذي يبـرّر موقف عثمان ويبـرّئه عن كـلّ شِـيَـة؟!

وعلى كـلّ ، ففي مَن قبله مِن رواة السـوء كـفاية في تفنيد الحديث».

ويقول قدس‌سره : «من عجيب ما نراه في هذه الرواية وأمثالها من الموضوعات في مناقب الثلاثة أو الأربعة ، تنظيم هذا الصفّ كـالبنيان المرصوص الذي لا اختلاف فيه ، فلا يأتي قطّ أوّلا إلاّ أبو بكـر ؛ وثانياً إلاّ عمر ، وثالثاً إلاّ عثمان ، ورابعاً ـ إنْ كـان لهم رابع ـ إلاّ عليّ عليه‌السلام!

سبحان الله! فكـأنّهم متبانون على الترتيب ، فلا يتقـدّم أحدٌ أحداً ، ولا يتأخّر أحدٌ عن أحد ، ففي حديث التسبيح : جاء أبو بكـر فسـلّم ، ثمّ جاء عمر فسـلّم ، ثمّ جاء عثمان فسـلّم ، ثمّ جاء عليٌّ فسـلّم».

۳۲۰

ونبوع الماء من بين أصابعه (١) ..

ومجيء الشـجرة إليه (٢) ..

__________________

٤ ـ وقال السـيّد عليّ الحسـيني الميلاني حفظه الله ، في «الرسائل العشر في الأحاديث الموضوعة في كـتب السُـنّة» ، الرسـالة رقم ٩ ، رسـالة في الأحاديث الواردة في الخلفاء على ترتيـب الخلافة ، ص ٧ : «ثـمّ ظهر لي أنّ الحكـم بالوضع لا يختصّ بأخبار أبواب المناقب ، بل أكاد أقطع بأنّ كلّ حديث كان كـذلك ـ في مطلق الأبواب ـ فهو موضوع ، حتّى التي جاء فيها عن رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّـه يقول : جئت أنا وأبو بكـر وعمر وعثمان ... خرجت أنا وأبو بكـر وعمر وعثمان ... أين أبو بكـر وعمر وعثمان ...

وقد يكـون فيها ذِكـر عليّ بعدهم ، وقد لا يكـون ، ولربّما جاء اسـمه مقـدّماً على عثمان ، لكـنّهما متى ذُكـرا فهما مؤخّران عن أبي بكـر وعمر!!».

ونخلص من كـلّ ما تقـدّم بأنّ حديث تسـبيح الحصى حديث موضوع جملة وتفصيلا ، وإنْ صحَّ منه شيء فلا يصـحُّ إلاّ تسـبيحها في يد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فزاد القـوم فيه وحـرّفوه ؛ فتـدبّـر!

(١) انـظـر : صـحـيـح البخـاري ١ / ٨٩ ح ٣٤ وج ٥ / ٣٥ ح ٧٩ و ٨٠ وص ٣٨ ح ٨٦ وص ٢٦٠ ح ١٨٢ ، مسـند أحمد ٣ / ٣٤٣ ، سـنن الترمذي ٥ / ٥٥٦ ح ٣٦٣١ وص ٥٥٧ ح ٣٦٣٣ ، مصنّـف عبـد الرزّاق ١١ / ٢٦٧ ح ٢٠٥٣٥ ، دلائل النبـوّة ـ لأبي نُعيم ـ ١ / ٤٠٧ ح ٣١٤ وص ٤٠٩ ح ٣١٧ ، دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ ٦ / ١١ و ١٢.

وانظر ـ كـذلك ـ : مناقب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ـ لمحمّـد بن سـليمان الكـوفي القاضي ـ ١ / ٧٥ ـ ٨٠ ح ٣٠ ـ ٣٥ ، الاحتجاج ـ للطبرسـي ـ ١ / ٥١٧ ، إعلام الورى بأعلام الهدى ١ / ٧٥ ، الثاقب في المناقب ـ لابن حمزة الطوسـي ـ : ٤٤ ، روضة الواعظين ١ / ١٦٥ ، الخرائج والجرائح ١ / ٢٨ ح ١٧ ، مناقب آل أبي طالب ـ لابن شـهر آشـوب ـ ١ / ١٤٤.

(٢) انـظر : دلائل النبـوّة ـ لأبي نُعيم ـ ١ / ٣٨٩ ـ ٣٩٣ ح ٢٨٩ ـ ٢٩٧ ، دلائل النبـوّة ـ للبيهقي ـ ٦ / ١٣ ـ ١٧ ، المسـتدرك على الصحيحين ٢ / ٦٧٦ ح ٤٢٣٧ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٨ / ١٥٨ ح ٦٤٩٠.

وانظر ـ كـذلك ـ : نهج البلاغة : ٣٠١ خطبة رقم ١٩٢ ، إعلام الورى بأعلام الهدى ١ / ٧٤ ، الطرائف : ٤١٥ ، كـشـف الغمّة ١ / ٢٣ ، روضة الواعظين ١ / ١٦٦ ، مناقب آل أبي طالب ـ لابن شـهر آشـوب ـ ١ / ١٧١ ـ ١٧٢.

۳۲۱

ونحو ذلك ممّا ظهر على يديـه (١).

__________________

(١) ومن المعجزات الباهرة التي ظهرت على يد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) :

١ ـ ردّ الشـمس :

روى الطبراني ، عن أسـماء بنت عميس ، أنّ رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صلّى الظهر بالصهباء ، ثمّ أرسـل عليّـاً في حاجة ، فرجع وقد صلّى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) العصر ، فوضع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) رأسـه في حجر عليّ فنام ، فلم يحرّكـه حتّى غابت الشـمس ، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «اللّهمّ إنّ عبـدك عليّـاً احتبـس بنفسـه على نبيّه ، فـرُدّ عليه الشـمس» ، قالت : فطلعت عليه الشـمس حتّى رفعت على الجبال وعلى الأرض ، وقام عليٌّ فتوضّـأ وصلّى العصر ، ثمّ غابت ، وذلك بالصهباء.

انظر : المعجم الكـبير ٢٤ / ١٤٤ ح ٣٨٢ وص ١٤٧ ـ ١٥٢ ح ٣٩٠ و ٣٩١.

هذا في حياة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، كما إنّها رُدّت لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام مرّة أُخرى بعد وفاة رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أرض بابل بعد منصرفه من صِفّين.

ولقد أشبع الشيخ محمّـد حسـن المظفّر قدس‌سره ذلك كـلّه دراسـةً وتحليلا ، في كتابه «دلائل الصدق» ، الذي قامت بتحقيقه مؤسّـسـة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث / فرع دمشـق ، وقد عضّدت ما جاء به الشـيخ المظفّر قدس‌سره بما يدحض تشـكـيك المشـكّـكين به ، وقول القائلين بوضعه ، وضعف سـنده ، إضافة إلى ذِكـر أكـثر من خمسـة وعشـرين مصدراً خرّجت الحديث.

راجـع : دلائل الصدق ٦ / ٢٠٧ ـ ٢٢٣.

وانظر ـ كـذلك ـ : الكـافي ٤ / ٥٦٢ ح ٧ ، خصائص أمير المؤمنين ـ للشـريف الرضي ـ : ٢٤ ، مناقب أمير المؤمنين ـ لمحمّـد بن سـليمان الكـوفي ٢ / ٥١٦ ـ ٥١٨ ح ١٠٢٠ ـ ١٠٢٣ ، الإرشـاد ١ / ٣٤٥ ـ ٣٤٧ ، من لا يحضره الفقيه ١ / ١٣٠ ح ٦١٠ وج ٤ / ٢٨ (مشـيخة الفقيه) ، الخرائج والجرائح ١ / ٥٢ ح ٨١ ، المسـتجاد من كـتاب الإرشـاد ـ للعلاّمة الحلّي ـ : ١٤٠ ـ ١٤٣ ، مناقب آل أبي طالب ـ لابن شـهر آشـوب ـ ٢ / ٣٥٣ ـ ٣٥٥.

٢ ـ انشـقاق القمر :

عن أبي نُعيم ـ في قوله تعالى : (اقتربتِ السـاعةُ وانشَقَّ القمر) ـ قال ابن عبّـاس : اجتمعت المشـركـون إلى رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، منهم الوليد بن المغيرة ، وأبو جهل بن هشـام ، والعاصُ بن وائل ، والعاص بن هشـام ، والأسـود بن عبـد

۳۲۲

والأقوال :

هي القرآن خاصّـة ، الذي هو كـلام الله سـبحانه.

* وكـذلك النصوص من رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على أمير المؤمنين عليه‌السلام قسـمان : أحدهمـا أفعـال ، والآخـر أقـوال.

__________________

يغوث ، والأسـود بن المطّلب بن أسـد بن عبـد العزّى ، وزمعَة بن الأسـود ، والنضر ابن الحارث ، ونظراؤهم كـثير ، فقالوا للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : إن كـنت صادقاً فشُقّ القمر لنا فرقتين ، نصفـاً على أبي قبيـس ـ جبل بمكّـة ـ ، ونصفاً على قُعيقعان ـ جبل بالأهواز ـ ؛ فقال لهم رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : إن فعلت تؤمنوا؟ قالوا : نعم ؛ وكانت ليلة بَدْر ، فسأل رسـولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اللهَ عزّ وجلّ أن يعطيه ما سألوا ، فأمسى القمرُ قد مَـثُـلَ نِصفاً على أبي قبيـس ، ونصفـاً على قُـعيـقعان ، ورسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ينـادي : يا أبا سـلمة بن عبـد الأسـد ، والأرقم بن أبي الأرقم! اشـهدوا.

وفي روايـة : إنّ أحبـار اليهـود طلبـوا مـن الرسـول (صلى الله عليه وآله وسلم) آيـةً ليؤمنـوا به ، فسـأل (صلى الله عليه وآله وسلم) ربّـه عزّ وجلّ أن يريهم آية ، فأراهم القمر قد انشـقّ ، فصار قمرين ، أحدهما على الصَّـفا ، والآخر على المروَة.

انظر : دلائل النبوّة ـ لأبي نُعيم ـ ١ / ٢٨٠ ح ٢٠٩.

وراجع : صحيح البخاري ٥ / ٥٩ ـ ٦٠ ح ١٣٧ ـ ١٣٩ ، مسـند أحمد ٣ / ٢٠٧ ، صحيح مسـلم ٨ / ١٣٢ و ١٣٣ ، سـنن الترمذي ٤ / ٤١٤ ح ٢١٨٢ ، مسـند أبي يعلى ٥ / ٤٢٤ ح ٣١١٣ ، الإحسـان بترتيب صحيح ابن حبّان ٨ / ١٤٥ ح ٦٤٦١ ـ ٦٤٦٣ ، تفسـير الطبري ١١ / ٥٤٤ ـ ٥٤٧ ح ٣٢٦٨٨ ـ ٣٢٧١٩ ، تفسـير الفخر الرازي ١٥ / ٩٢.

وانظر ـ كـذلك ـ : الأمالي ـ للطوسـي ـ : ٣٤١ ح ٦٩٧ ، مناقب الإمام أمير المؤمنين ـ لمحمّـد بن سـليمان الكـوفي ـ ١ / ٤٢ ـ ٤٤ ح ١٣ ، روضة الواعظين ١ / ١٦٦ ، مجمع البيان ٩ / ٢٧٧ ـ ٢٧٨ ، مناقب آل أبي طالب ـ لابن شهر آشوب ـ ١ / ١٦٣.

۳۲۳

فأمّا النصّ بالأفعال من رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) :

فهو ما خصّ بـه أميـر المؤمنين عليه‌السلام دون الناس أجمعين ، وتميّز (١) به عن سـائر الأُمّـة في الدنيا والدين ، من التفضيل الموجب للإجلال والتعظيم ..

كمؤاخـاته له (٢) عليه‌السلام (٣) ..

__________________

(١) في «ج» : «وميّز».

(٢) في «أ» : «بنفسـه» بدل «له».

(٣) روى أحمـد بن حنبل في «فضائل الصحابة» ، من عـدّة طرق ، أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) آخى بين الناس وترك عليّـاً حتّى بقي آخرهم لا يرى له أخاً ، فقال : يا رسـول الله! آخيت بين أصحابك وتركـتني؟!

فقال : «إنّما تركـتك لنفسي ، أنت أخي وأنا أخوك ، فإنْ ذكـرَكَ أحدٌ فقل : أنا عبـدُ الله وأخو رسـوله ؛ لا يدّعيها بعدك إلاّ كـذّاب.

والذي بعثني بالحقّ ، ما أخّرتك إلاّ لنفسي ، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسـى ، إلاّ أنّـه لا نبيَّ بعدي ، وأنت أخي ، ووارثي».

فضائل الصحابة ٢ / ٧٦٥ ح ١٠٥٥ وص ٧٩٢ ح ١٠٨٥ وص ٨٢٩ ح ١١٣٧ ، ينابيع المودّة ١ / ١٧٧ ح ١ عن مسـند أحمد ـ ولم نجده فيه ـ.

وانظر : سـنن الترمذي ٥ / ٥٩٥ ح ٣٧٢٠ ، الطبقات الكـبرى ـ لابن سـعد ـ ٣ / ١٦ ، السـيرة النبوية ـ لابن هشـام ـ ٣ / ٣٦ ، السـيرة النبوية ـ لابن حبّان ـ : ١٤٩ ، المسـتدرك على الصحيحين ٣ / ١٥ ـ ١٦ ح ٤٢٨٨ ـ ٤٢٨٩ ، الاسـتيعاب ٣ / ١٠٩٨ ، مناقب الإمام عليّ عليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٨٨ ـ ٨٩ ح ٥٧ ـ ٦٠ ، مصابيح السُـنّة ٤ / ١٧٣ ح ٤٧٦٩ ، تاريخ دمشـق ٤٢ / ٥١ ـ ٦٢ ، كـنز العمّال ١٣ / ١٠٥ ـ ١٠٦ ح ٣٦٣٤٥ وص ١٤٠ ح ٣٦٤٤٠.

وانظر ـ كـذلك ـ : الأمالي ـ للصدوق ـ : ٤٢٧ ح ٥٦٣ ، الأمالي ـ للطوسـي ـ : ٥٨٦ ح ١٢١٤ وص ٥٨٧ ح ١٢١٥ ، مناقب أمير المؤمنين ـ لمحمّـد بن سـليمان الكـوفي ـ ١ / ٣٤٣ ح ٢٦٩ ، شـرح الأخبار ١ / ١٩١ ح ١٥٠ ، كـشـف الغمّة ١ / ٣٢٦ ، دلائل الصدق ٦ / ١٢٢.

۳۲۴

وإنكاحـه سـيّدة نسـاء العالمين ابنـتـه (١) ..

وأنّـه لم يُـوَلِّ عليه أحد قطّ من أصحابه في جيش إلاّ (جعله المقـدّم) (٢) فيه على جميـع من معـه ..

وأنّـه لم ينقم عليه مع طول الصحبة وتراخي المـدّة ..

ولا أنكر منـه فِعـلا ..

ولا اسـتبطاه في صغيـر من الأُمـور ولا كبير ، مع كثرة ما توجّه منه إلى جماعة من أصحابه من التقريـع ، تصريحاً أو تلويحاً ..

ونحو ما ذكـرناه من الأفعال المفضّـلة له على مَن سـواه.

وإنّما شـهدت هذه الأفعال والأحوال باسـتحقاقه للإمامة على الأنام ، ونبّهت على أنّـه أَوْلى بالمقام (٣) ، من قبل أنّها دلّت على الفضل العظيم والاختصاص الشـديد.

فقد كـشـفت عن قـوّة الأسـباب التي هي (أشـرف الولايات) (٤) ؛

__________________

(١) انظر : فضائل الصحابة ـ لأحمد بن حنبل ـ ٢ / ٧٦١ ـ ٧٦٢ ح ١٠٥١ ، وانظر : سـنن النسـائي ٦ / ٦٢ ، السـنن الكـبرى ـ للنسـائي ـ ٣ / ٢٦٥ ح ٥٣٢٩ وج ٥ / ١٤٣ ح ٨٥٠٨ ، المعجم الكـبير ٤ / ٣٤ ح ٣٥٧١ ، الإحسـان بترتيب صحيح ابن حبّان ٩ / ٥١ ح ٦٩٠٩ ، الطبقات الكـبرى ـ لابن سـعد ـ ٨ / ١٦ رقم ٤٠٩٧ ، المسـتدرك على الصحيحين ٢ / ١٨١ ح ٢٧٠٥ ، مشـكـاة المصابيح ٣ / ٣٦٠ ح ٦١٠٤ ، مجمع الزوائد ٩ / ٢٠٤ ، موارد الظمآن : ٥٤٩ ح ٢٢٢٤.

وانظر ـ كـذلك ـ : الأمالي ـ للطوسـي ـ : ٤٩ ح ٤٤ ، الأمالي ـ للصدوق ـ ٦٥٣ ح ٨٩٠ ، روضة الواعظين ١ / ٣٣٣ ح ٤٣٢ ، شـرح الأخبار ٢ / ٣٥٥ ـ ٣٥٩ ح ٧١٣ ـ ٧١٥ ، إعلام الورى ١ / ٢٩٧ ، مناقب أمير المؤمنين ـ لمحمّـد بن سليمان الكوفي ـ ٢ / ٢٠٣ ح ٦٧٥ ، دلائل الصدق ٦ / ١٨٧.

(٢) في «ج» : «عليٌّ المتقـدّم».

(٣) في «ج» : «بمقام رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) منهم».

(٤) في «ج» : «أطرف الدلالات».

۳۲۵

لأنّ من (كان أكبر) (١) فضلا ، وأعلى في الدين مكـاناً ، فهو أَوْلى بالتقديم (٢) وأحقّ بالتعظيم ..

ولأنّ العادة في من يرشّح لشـريف الولايات ويؤهّل لعظيمها أن يبيّنه (على بعض ما ذكرناه ، وقد قال قوم من أصحابنا : إنّ دلالة الفعل ربّما كـانت أكـثر من دلالة القول وأبعد من الشـبهة) (٣) ؛ لأنّ القول يدخله المجازات ، ويحتمله ضروباً من التأويلات ، ولا يحتملها الفعل (٤).

وكـذلك كـانت آيات رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) التي هي الأفعال ، أكـثر من آياته التي هي الأقوال ؛ لأنّ الشـبهة لا تعترض مَن شـاهد تلك الأفعال كـاعتراضها لمن سـمع الأقوال ، وقد جمع الله تعالى الدلالتين لسـيّدنا رسـول الله حتّى (٥) لم يجتمعا (٦) لأحد من الأنبياء قبله.

وأمّا النصّ بالأقوال على إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فينقسـم قسـمين :

أحدهمـا : هـو النـصّ الجـلي ، الـذي عـلم سـامعوه مـن

رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مراده منه بالاضطرار ، وإن كـان الآن يُعلم ثبوته بالاسـتدلال ، وهو قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «سـلِّموا على عليّ بإمرة المؤمنين» (٧).

__________________

(١) في «ج» : «هو أكـثر».

(٢) في «ج» : «بالتقـدّم».

(٣) في «ج» بدل ما بين القوسـين : «عليـه».

(٤) في «ج» : «العقل».

(٥) لم ترد في «أ».

(٦) في «ج» : «يجمعها».

(٧) تاريخ دمشـق ٤٢ / ٣٠٣ ، شـرح المقاصد ٥ / ٢٥٩.

۳۲۶

وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «هذا خليفتي فيكـم مِن بعدي ، فاسـمعوا له وأطيعوا» (١).

والآخر : هو النصّ الخفي ، الذي لا يُقطع على أنّ سـامعيه من الرسـول (صلى الله عليه وآله وسلم) علموا النصّ بالإمامة منه اضطراراً ، ولا يمنع عندنا أن يكـون علموه اسـتدلالا ، من حيث اعتبار دلالة اللفظ.

فأمّـا نحـن ، فإنّـا لا نعلـم ثبوتـه والمراد منـه إلاّ بالاسـتدلال ،

كـقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسـى» (٢).

__________________

وانظر : الكافي ١ / ٢٩٢ ح ١ ، كتاب سُليم بن قيس : ١٢٧ ، الإرشاد ١ / ٤٨ ، عيون أخبار الرضا ١ / ٧٣ ح ٣١٢ ، مجمع البيان ٦ / ١٨٤ ، إعلام الورى ١ / ٣٠٧ ، ٣٢٢ ، بشـارة المصطفى ـ للطبري ـ : ٢٨٦ ، نهج الإيمان ـ لابن جبر ـ : ٤٦١ ـ ٤٧٤ ، مناقب آل أبي طالب ـ لابن شهر آشوب ـ ٣ / ٦٥ ـ ٦٧ ، اليقين باختصاص مولانا عليّ بإمرة المؤمنين ـ لابن طاووس ـ : ١٢٩ ـ ٤٥٨.

(١) تهذيب الآثار ٤ / ٦٢ ح ١٢٧ ، تفسـير الطبري ٩ / ٤٨٣ ـ ٤٨٤ ح ٢٦٨٠٦ ، تفسـير البغوي ٣ / ٣٤١ ـ ٣٤٢ ، تاريخ دمشـق ٤٢ / ٤٩ ـ ٥٠ ، تفسـير ابن كـثير ٣ / ٣٤٠ ، البداية والنهاية ٣ / ٣٢ ـ ٣٣ ، شـرح نهج البلاغة ١٣ / ٢١١ ، كـنز العمّال ١٣ / ١٣٣ ح ٣٦٤١٩.

وانظـر : شـرح الأخبـار ١ / ١٠٧ ، ١١٦ ، منـاقب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ـ لمحمّـد بن سليمان الكوفي ـ ١ / ٣٧٠ ـ ٣٧٦ ح ٢٩٤ ـ ٢٩٦ ، الأمالي ـ للطوسي ـ : ٥٨٣ ، مناقب آل أبي طالب ـ لابن شهر آشوب ـ ٢ / ٣٢.

(٢) مسـند أحمد ١ / ١٧٠ و ١٧٣ و ١٧٥ و ١٧٧ و ١٧٩ و ١٨٢ و ١٨٤ و ١٨٥ وج ٣ / ٣٢ و ٣٣٨ وج ٦ / ٣٦٩ و ٤٣٨ ، صحيح البخاري ٥ / ٨٩ ح ٢٠٢ وج ٦ / ١٨ ح ٤٠٨ ، صحيح مسـلم ٧ / ١٢٠.

وانظر : سـنن الترمذي ٥ / ٥٩٦ ح ٣٧٢٤ وص ٥٩٩ ح ٣٧٣٠ و ٣٧٣١ ، سـنن ابن ماجة ١ / ٤٢ ـ ٤٣ ح ١١٥ وص ٤٥ ح ١٢١ ، السـنن الكبرى ـ للنسـائي ـ ٥ / ٤٤ ح ٨١٣٨ ـ ٨١٤٣ وص ١١٩ ـ ١٢٥ ح ٨٤٢٩ ـ ٨٤٤٩ من طرق كـثيرة وص ٢٤٠ ح ٨٧٨٠ ، مسـند الطيالسـي : ٢٨ و ٢٩ ح ٢٠٥ و ٢٠٩ ، مصنّف عبـد الرزّاق

۳۲۷

__________________

٥ / ٤٠٦ ح ٩٧٤٥ وج ١١ / ٢٢٦ ح ٢٠٣٩٠ ، مسـند الحميدي ١ / ٣٨ ح ٧١ ، الطبقات الكـبرى ـ لابن سـعد ـ ٣ / ١٦ ـ ١٧ ، مصنّف ابن أبي شـيبة ٧ / ١١٤٩٦ ـ ١٥ وج ٨ / ٥٦٢ ح ٤ ، فضائل الصحابة ـ لأحمد بن حنبل ـ ٢ / ٧٠٠ ـ ٧٠١ ح ٩٥٤ و ٩٥٦ و ٩٥٧ وص ٧٠٣ ـ ٧٠٤ ح ٩٦٠ وص ٧٣٢ ـ ٧٣٣ ح ١٠٠٥ ـ ١٠٠٦ و ٧٤٠ ـ ٧٤١ ح ١٠٢٠ وص ٧٥٥ ح ١٠٤١ وص ٧٥٧ ح ١٠٤٥ وص ٧٨٥ ح ١٠٧٩ ، مسـند سـعد بن أبي وقّاص ـ للدورقي ـ : ٥١ ح ١٩ وص ١٠٣ ح ٤٩ وص ١٣٦ ح ٧٥ و ٧٦ وص ١٣٩ ح ٨٠ وص ١٧٤ ـ ١٧٧ ح ١٠٠ ـ ١٠٢ ، التاريخ الكـبير ١ / ١١٥ رقم ٣٣٣ ، السُـنّة ـ لابن أبي عاصم ـ : ٥٥١ ح ١١٨٨ وص ٥٨٦ ـ ٥٨٩ ح ١٣٣١ ـ ١٣٥١ وص ٥٩٥ ـ ٥٩٦ ح ١٣٨١ ـ ١٣٨٧ ، مسـند البزّار ٣ / ٢٧٦ ـ ٢٧٩ ح ١٠٦٥ و ١٠٦٦ و ١٠٦٨ وص ٢٨٣ ـ ٢٨٥ ح ١٠٧٤ ـ ١٠٧٦ وص ٣٢٤ ح ١١٢٠ وص ٣٦٨ ح ١١٧٠ ، مسـند أبي يعلى ١ / ٢٨٥ ـ ٢٨٦ ح ٣٤٤ وج ٢ / ٥٧ ح ٦٩٨ وص ٦٦ ح ٧٠٩ وص ٧٣ ح ٧١٨ وص ٨٦ ح ٧٣٨ و ٧٣٩ وص ٩٩ ح ٧٥٥ وص ١٣٢ ح ٨٠٩ وج ١٢ / ٣١٠ ح ٦٨٨٣ ، المعجم الكـبير ١ / ١٤٦ ح ٣٢٨ وص ١٤٨ ح ٣٣٣ و ٣٣٤ وج ٢ / ٢٤٧ ح ٢٠٣٥ وج ٤ / ١٧ ح ٣٥١٥ وص ١٨٤ ح ٤٠٨٧ وج ٥ / ٢٠٣ ح ٥٠٩٤ و ٥٠٩٥ وج ١١ / ٦١ ح ١١٠٨٧ وص ٦٣ ح ١١٠٩٢ وج ١٢ / ٧٨ ح ١٢٥٩٣ وج ١٩ / ٢٩١ ح ٦٤٧ وج ٢٣ / ٣٧٧ ح ٨٩٢ وج ٢٤ / ١٤٦ ـ ١٤٧ ح ٣٨٤ ـ ٣٨٩ ، المعجم الأوسـط ٣ / ٢١١ ح ٢٧٤٩ وج ٤ / ٤٨٤ ح ٤٢٤٨ وج ٥ / ٤٣٩ ح ٥٣٣٥ وج ٦ / ٣٢ ح ٥٥٦٩ وص ١٣٨ ح ٥٨٤٥ وص ١٤٦ ح ٥٨٦٦ وج ٧ / ٣٦١ ح ٧٥٩٢ وج ٨ / ٧٤ ح ٧٨٩٤ ، المعجم الصغير ٢ / ٢٢ و ٥٤ ، الكـنى والأسـماء ـ للدولابي ـ ١ / ١٩٢ ، الجعديات ٢ / ٧٧ ح ٢٠٥٨ ، مسـند الشاشي ١ / ١٦١ ح ٩٩ وص ١٦٥ ـ ١٦٦ ح ١٠٥ و ١٠٦ وص ١٨٦ ح ١٣٤ وص ١٨٨ ـ ١٨٩ ح ١٣٧ وص ١٩٥ ح ١٤٧ و ١٤٨ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٨ / ٢٢١ ح ٦٦٠٩ وج ٩ / ٤٠ ـ ٤١ ح ٦٨٨٧ و ٦٨٨٨ ، الغيلانيات ١ / ٩٧ ح ٥٠ وص ١٧٠ ح ١٢٨ ، طبقات المحدّثين بأصفهان ـ لأبي الشـيخ ـ ٤ / ٢٦٤ ح ١٠٢٠ رقم ٦٥٥ ، العلل الواردة في الأحاديث ـ للدارقطني ـ ٤ / ٣٧٣ ـ ٣٧٦ رقم ٦٣٨ ، المسـتدرك على الصحيحين ٢ / ٣٦٧ ح ٣٢٩٤ وج ٣ / ١١٧ ح ٤٥٧٥ ، حلية الأولياء ٧ / ١٩٥ ـ ١٩٦ ، السـنن الكـبرى ـ للبيهقي ـ ٩ / ٤٠ ،

۳۲۸

وكـقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «مَن كـنت مولاه فعليٌّ مولاه» (١).

فأمّا النصّ الجلي ـ الذي قدّمنا ذِكـره ـ فتفـرّد بنقله الشـيعة الإمامية خاصّة ، من دون خصومهم ، (إلاّ مَن لم يفطن بما عليه من أصحاب حديث العامّة ، فإنّهم قد أتوا به أيضاً في رواياتهم ، وجميع أهل النظر من مخالفي الإمامية يجحدونه وينكـرونه كـما يجحد) (٢) اليهود والنصارى معجزات رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) التي هي الأفعال وتنكـرها ، وينفرد المسـلمون دونهم بنقلها.

__________________

الاسـتيعاب ٣ / ١٠٩٧ وقال : «وهو من أثبت الآثار وأصحّها» ، تاريخ بغـداد ١ / ٣٢٥ وج ٣ / ٤٠٦ وج ٤ / ٢٠٤ و ٣٨٣ وج ٨ / ٥٣ و ٢٦٨ وج ٩ / ٣٦٥ وج ١٠ / ٤٣ وج ١١ / ٤٣٢ وج ١٢ / ٣٢٣ ، مناقب الإمام عليّ عليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٧٩ ـ ٨٧ ح ٤٠ ـ ٥٦ من عدّة طرق ، تاريخ دمشـق ٤٢ / ١٤٢ ـ ١٨٦ من طرق كـثيرة جـدّاً.

(١) انظر : مصنّـف ابن أبي شـيبة ٧ / ٥٠٣ ح ٥٥ ، مسـند أحـمـد ١ / ١٥٢ وج ٤ / ٢٨١ و ٣٦٨ و ٣٧٠ و ٣٧٢ و ٣٧٣ وج ٥ / ٤١٩ ، وورد مؤدّاه في الأخبار الموفّقيات : ٢٦٠ ح ١٧١ ، سنن ابن ماجة ١ / ٤٣ ح ١١٦ وص ٤٥ ح ١٢١ ، سنن الترمذي ٥ / ٥٩١ ح ٣٧١٣ وقال : «هذا حديث حسن صحيح» ، العقد الفريد ٣ / ٣١٢ ، مسـند الشاشي ١ / ١٢٧ و ١٦٥ ـ ١٦٦ ح ١٠٦ ، المعجم الكبير ٣ / ١٧٩ ح ٣٠٤٩ وص ١٨٠ ح ٣٠٥٢ وج ٤ / ١٧٣ ح ٤٠٥٢ وج ٥ / ١٦٥ و ١٦٦ ح ٤٩٦٨ و ٤٩٦٩ وص ١٧٠ ح ٤٩٨٣ وص ١٧١ ح ٤٩٨٥ و ٤٩٨٦ وص ١٩٣ ح ٥٠٦٥ وص ١٩٤ ح ٥٠٦٦ وص ١٩٥ ح ٥٠٦٨ ـ ٥٠٧١ وص ٢١٢ ح ٥١٢٨ وج ١٢ / ٧٧ ذ ح ١٢٥٩٣ وج ١٣ / ٢٩١ ح ٦٤٦ ، تاريخ أصبهان ١ / ١٦٢ ذيل رقم ١٤٢ ، المسـتدرك على الصحيحين ٣ / ١١٨ ح ٤٥٧٦ و ٤٥٧٧ وتعقّبهما الحاكم قائلا : «حديث صحيح على شـرط الشـيخين ولم يخرّجاه» وأقـرّ الذهبيُّ الحديثَ الأوّلَ في «التلخيص» وص ١١٩ ح ٤٥٧٨ وتعقّبه الحاكم بقوله : «هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرّجاه» وأقـرّه الذهبي في «التلخيص» أيضاً ، وص ١٢٦ ح ٤٦٠١ ، تاريخ بغداد ٧ / ٣٧٧ وج ١٢ / ٣٤٤ ، مصابيح السُـنّة ٤ / ١٧٢ ح ٤٧٦٧.

(٢) في «ج» : «للأُمّة تنظر لِما عليه من أصحاب مذهب».

۳۲۹

فالشـيعة تسـتدلّ على ثبوت النصّ الجليّ بتواترها ، كـما يسـتدلّ المسـلمون على ثبوت معجزات النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ التي هي الأفعال ـ بتواترهم بها.

فكـلُّ طعن (يطعنها بها) (١) النصّاب على الشـيعة في ما يذكـرونه من تواترهم (بثبوت النصّ الجليّ ، وارد عليهم في ما يذكـرونه من تواترهم) (٢) بنقل الأفعال من المعجزات الواردة على يد الرسـول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وإنّما اسـتعارته النواصب منهم.

والطريقة في الاسـتدلال على ثبوت النصّ الجليّ ، هي الطريقة على ثبوت الأفعال من معجزات الرسـول (صلى الله عليه وآله وسلم).

فقد بان لك ـ من هذا الوجه ـ أنّ الطاعن في الإمامة كـالطاعن في الرسـالة ، وأنّ المثبت للإمامة كـالمثبت للرسـالة.

وأمّا النصّ الخفيّ على أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فقد نقله الشـيعي والناصبي ، واتّفقت الأُمّة على صحّته ، (ولم يخالف القول بخلافه في أنّ رسـول الله نطق به) (٣).

لكنّ النواصب تدّعي ، أنّـه ليـس بحجّة في ثبوت إمامة أمير

__________________

(١) في «أ» : «تعلّق به».

(٢) أثبتـناه من «أ».

(٣) كذا في «أ» ، وفي «ج» : «ولم يخالف بجعل الخلافة في آل رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لطف به».

وفي كليهما اضطراب ، والمراد هو أنّـه لم يخالف أحدٌ من الأُمّـة القولَ في أنّ رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد نطق بالنصـوص الخفـيّـة الدالّـة على إمامـة أميـر المؤمنيـن عليّ عليه‌السلام.

۳۳۰

المؤمنين عليه‌السلام ، وتؤوّله (١) تأويلات تصرفه بها عن المراد ، وتقول : هو دالٌّ على فضيلة ورتبة جليلة ، وليـس بدالّ على إمامته.

وهذا نظير تسـليم (اليهود والنصارى) (٢) لها ، أنّ رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أتى الناس بآيات الأقوال التي هي القرآن ، وزعمهم أنّها ليسـت بحجّة في ثبوت نبوّته ، وقولهم : هي دالّة على بلاغة في المنطق وفصاحة جليلة ، وليسـت بدالّة على النبـوّة.

فتحتاج الشـيعة أن تبيّن (٣) لمخالفيها أنّ هذا النصّ الخفيّ دالٌّ على الإمامة ، كما يحتاج المسـلمون كافّـة إلى أن يبيّـنوا (٤) لمخالفيهم أنّ الأقوال ـ التي هي القرآن ـ دالّة على النبـوّة ، فالطاعن على إحدى الطريقتين كـالطاعن عليهما ، والمثبت لإحداهما كـالمثبت لهما ، فقد بان لك من هذا الوجه صحّة ما ذكـرنا (٥).

__________________

(١) في «أ» : «وتتأوّله».

(٢) في «ج» : «اليهودي والنصراني».

(٣) في «ج» : «تنهي».

الإنهاء : الإبلاغ. وأنهيتُ إليه الخبر فانتهى وتناهى أي بلغ ، وتقول : أنهيتُ إليه السـهم أي أوصلته إليه ، وأنهيت إليه الكـتابَ والرِّسـالة ، وأنهى الشـيءَ : أبلغهُ.

انظر : لسـان العرب ١٤ / ٣١٤ مادّة «نهي».

(٤) في «ج» : «ينهوا».

(٥) هذه المقـدّمة بتمامها لم ترد في «ب».

۳۳۱

فصـل في حكـاية مجلس

وقد فرضنا أنّ ثلاثة اجتمعوا في مجلس ، أحدهم يهودي ، والآخر معتزلي (١) ، والآخر شـيعي إمامي ، وأنّهم تناظروا في النبـوّة والإمامة ، فتراجع (٢) بينهم النظر ، حتّى حصل ـ في التشـبيه ـ كـالكَـرّ والفـرّ ..

وإنّ اليهودي افتـتح الكـلام ، فسـأل المعتزلي عن الدلالة على صحّـة نبـوّة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)؟

__________________

(١) المعتزلة : إحدى الفرق الإسـلامية الرئيسـة ، ويسـمّون بالعدلية أو : أصحاب العدل ؛ ظهرت في أوائل القرن الثاني الهجري ، وسـبب تسـميتهم بالمعتزلة نسـبة إلى واصل بن عطاء الذي اعتزل مجلس الحسـن البصري بسـبب اختلافهم حول مرتكب الكبيرة هل هو كافر أو مؤمن؟ فكان واصل يذهب إلى القول بأنّـه ليـس بمؤمن ولا كافر ، فاعتزل حلقة الحسـن وأخذ يقـرّر ما ذهب إليه لمن معه.

وينبزهم خصومُهم بالقدرية ، لقولهم بنفي القدر ، وهم يردّون هذه النسـبة إليهم لقولهم بإثباته.

وأُصول المعتزلة خمسـة ، هي : التوحيد ، العدل ، الوعد والوعيد ، المنزلة بين المنزلتين ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكـر ؛ وهم فرق عديدة إلاّ أنّ أشـهرها مدرسـتان ، المدرسـة البصرية ، والمدرسـة البغـدادية.

وأبرز رجال المعتزلة : واصل بن عطاء ، النظّام ، أبو الحسـين البصري ، أبو الهذيل العلاّف ، الكـعبي ، أبو علي وابنه أبو هاشـم الجبّائـيّين ، أبو جعفر الإسـكـافي ، أبو القاسـم البلخي ، القاضي عبـد الجبّار.

انظر : طبقات المعتزلة : ٢ وما بعدها ، مقالات الإسـلاميّين : ١٥٥ وما بعدها ، الملل والنحل ـ للشـهرسـتاني ـ ١ / ٣٨ وما بعدها ، الفرق بين الفرق : ٩٣ وما بعدهـا.

(٢) في «ب» و «ج» : «فترجّح».

۳۳۲

فقال المعتزلي :

الدليل (١) على ذلك ، أنّ الله تعالى أبانه بالمعجزات الخارقة للعادات ، التي أظهرها على يده (٢) ، ودلّ بها على صدقه ، كـتسـبيح الحصى في كـفّه ، ونبع الماء من بين أصابعه ، وحنين الجذع إليه ، ومجيء الشـجرة حتّى وقفت (٣) بين يديه ، وفي واحدة من هذه كـفاية في إثبات النبـوّة.

قال له اليهودي :

من أين ثبت عندك صحّـة ذلك؟

قال المعتزلي :

من نقل المسـلمين بأسـرهم ، وقد اشـتمل بعضهم على الصفات التي ينقطع العذر معها بخبرهم لكـثرتهم ، وبعد تعارفهم واسـتحالة التواطؤ والافتعال منهم وعليهم ، وقد نقلوا بأجمعهم نقلا متواتراً ، عن أسـلافهم ، عمّن قبلهم ، إلى أن يتّصل (٤) النقل بالّذين عاصروا النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، أنّهم شـاهدوا هذه الآيات الخارقة للعادات على يده ، وأخبروا بها خَلَفَهُم ؛ فوجب علينا تصديقهم ؛ لأنّ من المسـتحيل كـذب مثلهم.

__________________

(١) في «ب» : «الدلالة».

(٢) في «ج» : «أظهر على يديه».

(٣) في «أ» و «ج» : «وقعت».

(٤) في «ج» : «اتّصل».

۳۳۳

فلمّا اسـتوفى المعتزلي دليله .. قال له الشـيعي :

رحم الله من أنصف من نفسـه ، وأوجب عليها من الحقّ مثل ما أوجبه لها على خصمه.

اعلم ـ رحمك الله ـ أنّ حجّتك على اليهودي (حجّتنا) (١) عليك ، فإن تَكُنْ صحيحة ، فالتزم (٢) كـلّ ما سـاقته (٣) إليك ، وإن تكن باطلـة لم يبق شـيء في يدك.

قال له المعتزلي :

وكـيف ذلك؟

قال له الشـيعي :

لأنّك لم تزل تَسمَعُنا ـ معاشر الشيعة ـ ونحن نقول : إنّ أميرالمؤمنين عليه‌السلام هو الإمام المفترض الطاعة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وإنّه نصّ عليه النصّ الجليّ الذي أبانه الله تعالى ، مثل قوله يوم الدار (٤) : «أيّـكم

__________________

(١) في «ب» : «حجّة لنا» ، وفي «ج» : «هي حجّـة لنا».

(٢) في «ب» : «ما لقوم» ؛ وفي «ج» : «فالقول».

(٣) في «ج» : «سـاقه».

(٤) يوم الدار : هو اليوم الذي نزلت فيه آية (وأنذر عشـيرتك الأقربين) سورة الشعراء ٢٦ : ٢١٤ ، والذي دعا فيه رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عشـيرته وأقرباءه إلى طعام صنعه لهم ليطلب منهم مؤازرته وتحمّل أعباء نشر الرسالة معه قائلا لهم : «أيّـكم يؤازرني ...؟» الحديث ، فلم يُجِـبه إلى ذلك سوى الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام.

۳۳۴

يبايعـني على هذا الأمر يكُن أخي ، ووزيري ، وخليفـتي من بعـدي؟» (١).

وقوله : «سـلّموا على عليّ بإمرة المؤمنين» (٢).

وقوله ـ وقد أشـار إليه ـ : «هذا خليفتي فيكـم من بعدي ، فاسـمعوا له وأطيعوا» (٣).

ففي (٤) واحـدة من هذه النصوص كـفاية في إثبات إمامته ، فدليلنا الآن على صحّة هذه النصوص هو دليـلك الذي أوردته بعينـه ؛ وذلك (٥) أنّـا ـ معاشـر الشـيعة ـ قد طـبّقنا الأرض كـثرةً ، حتّى اشـتمل بعضنا على

__________________

(١) انظر : فضائل الصحابة ـ لأحمد بن حنبل ـ ٢ / ٨٠٧ ـ ٨٠٨ ح ١١٠٨ وص ٨٧١ ح ١١٩٦ وص ٨٨٧ ح ١٢٢٠ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ١٢٥ ـ ١٢٦ ح ٨٤٥١ ، مسند البزّار ٢ / ١٠٥ ـ ١٠٦ ح ٤٥٦ ، المعجم الأوسط ٣ / ٢٤١ ح ٢٨٣٦ ، تفسير الحبري : ٣٤٨ ، تهذيب الآثار ٤ / ٦٠ ح ٥٠ وص ٦٢ ح ١٢٧ ، تاريخ الطبري ١ / ٥٤٢ ـ ٥٤٣ ، تفسير الطبري ٩ / ٤٨٣ ـ ٤٨٤ ح ٢٦٨٠٦ ، العلل الواردة في الأحاديث ـ للدارقطني ـ ٣ / ٢٧٥ رقم ٢٩٣ ، المسـتدرك على الصحيحين ٣ / ١٤٣ ح ٤٦٥٢ ، تفسير الثعلبي ٧ / ١٨٢ ، دلائل النبوّة ـ لأبي نعيم ـ ٢ / ٤٢٥ ح ٣٣١ قطعة منه ، دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ ٢ / ١٧٩ ـ ١٨٠ قطعة منه ، شواهد التنزيل ١ / ٤٢٠ ـ ٤٢١ ح ٥٨٠ ، تفسير البغوي ٣ / ٣٤١ ـ ٣٤٢ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٤٩ ـ ٥٠ ، الوفا بأحوال المصطفى : ١٨٣ ـ ١٨٤ ح ٢٤٩ ، كفاية الطالب : ٢٠٥ ـ ٢٠٦ ، فرائد السمطين ١ / ٨٥ ح ٦٥ ، تفسير ابن كثير ٣ / ٣٣٩ ، السيرة النبوية ـ لابن كثير ـ ١ / ٤٥٧ ـ ٤٥٩ ، البداية والنهاية ٣ / ٣٢ ـ ٣٣ ، مجمع الزوائد ٨ / ٣٠٢ ، الدرّ المنثور ٦ / ٣٢٧ ـ ٣٢٨ ، كنز العمّال ١٣ / ١٣١ ـ ١٣٣ ح ٣٦٤١٩ ، ينابيع المودّة ١ / ٣١١ ـ ٣١٢ ح ١ و ٢.

(٢) تقدّم تخريجه في الصفحة ٥٠ هامش ٧.

(٣) تقدّم تخريجه في الصفحة ٥١ هامش ١.

(٤) في «أ» و «ب» : «وفي».

(٥) في «ب» و «ج» : «وذاك».

۳۳۵

الصفات التي معها ينقطع العذر بخبرنا ؛ لكـثرتنا ، وبعد (١) تعارفنا ، واسـتحالة التواطؤ والافتعال منّـا وعلينا.

وقد نقلنا بأجمعنا ، نقلا متواتراً عن أسـلافنا ، عمّن قبلهم (٢) من متقـدّمي سـلفنا ، إلى أن يتّصل (٣) النقل بالّذين عاصروا الرسـول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، أنّهم سـمعوا هذه النصوص الجليّة منه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ونقلوا ذلك إلينا ؛ فمن الواجب عليك تصديقنا ؛ لأنّـه لم تجر العادة بكـذب مثلنا.

وهذا بعينه هو كـلامك وحجّتك التي أجريتها (٤).

قال المعتزلي للشـيعي :

لا يصحّ لك ما ذكـرت ؛ لأنّـا جميعاً قد اتّفقنا على الإقرار بالنبـوّة ، والتمسّك بالشـريعة ، وقد كـان سـلفنا موجودين في الأوقات التي تذكـر أنّ النصّ كـان فيها على صاحبكـم ، وكـانوا ذوي ديانة وأمانة ، طائعين لله سـبحانه ولرسـوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فلو (٥) كـان ما تدّعيه من النصّ حقّـاً ، لم يختصّ سـلفكـم بنقله دون سـلفنا ، ولسـلّمه الكـلّ إقراراً وإذعاناً ، ونقلوه بأجمعهم إلينا ، كـما نقلوا ما سـواه من معجزات النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إلينا.

فلمّا رأيناكـم اختصصتم بذلك دوننا ، علمنا بطلان دعواكـم ، وفسـاد قولكـم ، وخرج الدليل من أيديكـم.

__________________

(١) في «ب» هنا زيادة : «كـثرة».

(٢) في «ج» : «قبلنا».

(٣) في «ج» : «اتّصل».

(٤) في «ب» : «اخترتها».

(٥) في «أ» : «ولو».

۳۳۶

فرام الشـيعي الجواب عن هذه الزيادة ، فسـبقه اليهودي إلى الكلام فقال للمعتزلي :

أخبرني ـ أعزّك الله ـ هل تأمّلت ما هو عائد لنا عليك في ما ذكـرت ، ولازم لك في النبـوّة على ما أوردت ، أو لَمْ تتأمّـل ذلك؟

قال المعتزلي :

وما الذي يعود علَيَّ منه ويلزمني؟

قال اليهودي :

أُخاطبك بمثل ما خاطبتَ به الشـيعي سـواء ، فأقول : لا يصحّ لك ما ذكـرت ، لأنّـا معاشـر اليهود ، قد اتّفقنا مع المسـلمين على الإقرار بالله تعالى ، واعتقاد توحيده ، والإقرار بموسـى نبيّه عليه‌السلام ، وقد كـان سـلفنا موجودين في الأوقات التي تذكـر أنّ المعجزات ظهرت فيها على يد صاحبكـم ، وقد كـانوا ذوي ديانة وأمانة ، طائعين لله عزّ وجلّ ولنبيّـه موسـى عليه‌السلام ، فلو كـان ما تدّعيه من ظهور المعجزات حقّـاً ، لم يختصّ به سـلفكـم دون سـلفنا؟! ولسـلّم ذلك الكـلّ إقراراً وإذعاناً ، ونقلوه بأجمعهم إلينا ، كـما نقلوا ما سـواه من معجزات نبيّنا موسـى عليه‌السلام.

فلمّا اختصصتم بذلك دوننا ، علمنا بطلان دعواكـم ، وفسـاد قولكـم ، وخرج الدليل من أيديكـم.

فانظر ، فإن كـان هذا كـلاماً صـحيحـاً ، فقد أفسـد (١) عليك دليلك

__________________

(١) في «ج» : «أفسـدتُ».

۳۳۷

في النبوّة ، وإن كـان باطلا ، فقد سـقط الكـلام عن صاحبك ، ولزمك بما أورده عليك أن تقول معه بالإمامة ، وما نراه إلاّ مسـتمرّاً ، وهو من خاصّ كـلامنا ، وأظنّـكـم اسـتعرتموه منّـا.

قال المعتزلي لليهودي :

هذا الكلام لا يغنيك ، ولا ينفذك (١) مِن توجّه الحجّة (٢) عليك ؛ لأنّ أسـلافـكم ـ معـشـر اليهـود ـ كانـوا مـن المعـاداة لسـيّدنـا ونبـيّـنا (٣) رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والحسـد والبغضة له ، على أمر حملهم على إنكـار ما شـاهدوه من معجزاته ، ودفع ما علموه من آياته ، فطووا ذلك وكـتموه ، وسـتروه ولم ينقلوه.

والجحد والكـتمان يجوز على الخلق العظيم والجمّ الغفير ، وليـس ذلك كـالافتعال الذي هو منهم مسـتحيل ..

والذي يوضح عن الفرق بين الافتعال والكـتمان ، أنّ الخبر لا بُـدّ له من صيغة ، وتلك الصيغة لا يجوز وقوعها من الجماعة افتعالا ، إلاّ بعد الاتّفاق والتواطؤ (باجتماع أو مراسـلة) (٤) ، والخلق العظيم والجمّ الغفير يسـتحيل منهم الاتّفـاق والتواطؤ ، فافتعـال الخبـر لا يقع (٥) منهم ..

__________________

(١) الـنَّـفاذُ : الجَوازُ ؛ أي : جواز الشيء والخلوص منه ، تقول : نَـفَـذْتُ أي جُـزْتُ ، وقد نَـفَـذَ يَـنْـفُـذُ نَـفَـاذاً ونُـفُـوذاً.

انظر : لسان العرب ١٤ / ٢٢٩ مادّة «نفذ».

(٢) في «أ» و «ج» : «الحكـمة».

(٣) لم ترد في «أ» و «ب».

(٤) في «أ» : «بالإجماع أو المراسـلة».

(٥) في «ب» و «ج» : «لا يصحّ».

۳۳۸

وأمّـا (١) كـتمانه فممكـن ؛ لأنّ الكـتمان لا صيغة له ، وإنّما هو طيّ الخبر وترك نقلـه ، فمتى اتّفقت الأسـباب الحاملة على ذلك حصل الطيّ ولم يحتج فيه إلى التقاء ولا مكـاتبة.

وهذا فرق صحيح لمن اعتبره.

ولسـنا نشـكّ في أنّ البراهمة (٢) ، وجميع فرق الفلاسـفة جحدوا جميع معجزات موسـى ، وأنكـروها ، وطواها المتقـدّمون منهم ، ولم ينقلوها.

فأمّا دعواك أنّ سـلفكـم كـانوا من أهل الديانة والأمانة ، والطاعة لله تعالى ولموسـى عليه‌السلام ، فليـس الأمر كـذلك ، والمعلوم من حالهم كـثرة عنادهم ومخالفتهم لنبيّهم ..

أليـس هم الّذين قالوا لموسـى : (لن نؤمن لك حتّى نرى الله

__________________

(١) في «أ» و «ب» : «فأمّا».

(٢) البراهمة أو البرهمانية : نسـبة إلى برهمان أو برهام ، وهو اسـم مؤسّس هذه الطريقة.

وقيل : هم قبيلة بالهند فيهم أشـراف أهل الهند ، ويقولون : إنّهم من وُلد برهمي ملك من ملوكـهم ؛ ولهم علامة ينفردون بها ، وهي خيوط ملوّنة بحمرة وصفرة يتقلّدونها تقلّد السـيوف ؛ وقيل : إنّهم قائلون بالتوحيد!

ومن أُصول هذه الطائفة ـ كـذلك ـ نفي النبوّات أصلا ، وقرّروا اسـتحالتها في العقول ، معلّـلين ذلك بأنّ النبيّ إن أتى بمـا يوافـق العقول فهو تحصـيل حاصـل ولا حاجة لنا به ، وإن أتى بما يخالف العقل فهو مرفوض ؛ وقد تفرّقوا أصنافاً ، فمنهم : أصحاب البددة ، وهم البوذيّون ؛ وأصحاب الفكـر والوهم ، وهم العلماء منهم بالفلك والنجوم وأحكـامها المنسـوبة إليهم ؛ وأصحاب التناسـخ.

انظر : الفصل في الملل والأهواء والنحل ١ / ٨٦ ، الملل والنحل ٣ / ٧٠٦ ـ ٧١٦.

۳۳۹

جهـرة) (١) ..

وهم الّذين لمّا غاب نبـيّهم عنهم اتّخذوا العجل إلهـاً من دون الله (٢) ..

وهم (الّذين آذوا موسى فبرّأه الله ممّا قالوا وكان عند الله وجيـهاً) (٣)؟!

وأحوالهم في وقتـه وبعده أظهر من أن تخفى ؛ فليـس ببديـع (٤)

__________________

(١) سـورة البقرة ٢ : ٥٥.

(٢) كـما ورد في القرآن الكـريم في قوله تعالى : (وإذ واعدنا موسـى أربعين ليلة ثمّ اتّخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون) سـورة البقرة ٢ : ٥١.

وكـذلك قوله تعالى : (واتّخذ قوم موسـى من بعده من حليّهم عجلا جسـداً له خوارٌ ألم يروا أنّـه لا يكـلّمهم ولا يهديهم سـبيلا اتّخذوه وكـانوا ظالمين) سـورة الأعراف ٧ : ١٤٨.

(٣) سـورة الأحزاب ٣٣ : ٦٩.

وتمام الآية : (يا أيّها الّذين آمنوا لا تكـونوا كـالّذين آذوا موسـى فبرّأه الله ممّا قالوا وكـان عند الله وجيهاً).

أمّا إيذاء موسـى عليه‌السلام فقد ورد عن أمير المؤمنين الإمام عليّ عليه‌السلام ، أنّ موسـى وهارون عليهما‌السلام صعدا الجبل ، فمات هارون ، فقالت بنو إسـرائيل : أنت قتلته! فأمر الله الملائكـة فحملته حتّى مرّوا به على بني إسـرائيل ، وتكـلّمت الملائكـة بموته حتّى عرفوا أنّـه قد مات ، وبـرَّأه الله من ذلك.

انظر : مجمع البيان ٨ / ١٦١ ـ ١٦٢ ، تفسـير القرطبي ١٤ / ١٦١ ، الدرّ المنثور ٦ / ٦٦٦.

(٤) في «أ» : «يندفع».

والبديع : الجديد من الشـيء ، سِقاء بديع : جديد ، وكـذلك زِمام بديع.

والبديعُ : المُـبْـتَدِع والمُـبْـتَـدَع ، وشـيء بِدْعٌ ـ بالكسـر ـ أي : مُبتدَع ، وأبدعَ الشـاعرُ : جاء بالبديـع.

انظر : لسـان العرب ١ / ٣٤٢ ـ ٣٤٣ مادّة «بدع».

۳۴۰

منهم كـتمان ما علموه من معجـزات رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وإنكـار ما شـاهدوه من آياته ، اتّباعـاً لأهوائهم ، وظنّـاً بآرائهم ، وخوفـاً من الطعن على أحبارهم ورؤسـائهم ، وليـس ذلك بمبطل لنقلنا ، ولا قادح في تواترنا (١) الوارد مورداً يثبت به الحجّة على مخالفينا.

فقال الشـيعي :

سـبحان (الله الذي يسـخّر المبطِل) (٢) لإيراد الحقّ ، وينطقه وهو كـاره بالصدق.

يا هذا! إنّك أتقنت الاحتجاج على خصمك في النبوّة بما لم تعلم أنّـه احتجاجنا (٣) عليك في الإمامة ، وتخلّصت من مطالبته لك بكـلام هو بعينه كـلامنا الذي نتخلّص به من مطالبتك.

أمَـا علمت أنّـا (كـذلك نقول لك : إنّ أسلافكم ـ معشـر النصّاب ـ كـانوا من المعاداة (٤) لأمير المؤمنين عليه‌السلام) (٥) وشـدّة الحسـد له والشـنآن على أمر حملهم على إنكار ما سمعوه من النصّ عليه ، ودفع ما علموه من الاسـتخلاف له والردّ إليه (٦) ، فطووا ذلك وكـتموه ، ولم ينقلوه وسـتروه ،

__________________

والمراد هنا ، أنّ إنكار معجزات النبيّ محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) ليـس بالأمر المبتـكَر والجديد عند اليهود ، فقد سـبق منهم إنكار معجزات النبيّ موسى عليه‌السلام أيضـاً.

(١) في «ج» : «التواتر».

(٢) في «أ» : «من يسـخّر الباطل» ؛ وفي «ب» : «من سـخّر المبطِل».

(٣) في «ج» : «احتجاج».

(٤) فى «ج» : «المعاندين».

(٥) ما بين القوسـين سـقط من «أ».

(٦) في «أ» : «عليه».

۳۴۱

والجحد والكـتمان يجوزان ـ كـما ذكـرتَ ـ على الخلق العظيم والجمّ الغفير ، وإن كـان الافتعال منهم يسـتحيل (١) ؛ لِما ذكـرته في كـلامك من الإيضاح والتبيين ، ولِعِلمنا أنّ أهل الكـتابين قد أنكـروا ما ظهر على يد رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من الآيات والبراهين؟!

فأمّا دعواكـم أنّ سـلفكـم كـانوا من أهل الديانة والأمانة والطاعة لله تعالى ولرسـوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فليـس الأمر كـذلك ، والمعلوم كـثرة عنادهم ونفاقهم ومخالفتهم للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وشـقاقهم ..

أليـس هم الّذين دحرجوا الـدِّباب (٢) ليلة العقبة تحت رجل ناقته ، طلباً لقتله (صلى الله عليه وآله وسلم) (٣)؟!

وهم الّذين كـانوا يضحكـون خلفه إذا صلّى بهم؟!

ويقطعون الصلاة وينصرفون إلى نظر التجارة واللهو ، حتّى نزل القرآن يهتف بهم (٤)؟!

__________________

(١) في «ج» : «مسـتحيل».

(٢) الدِّبَـابٌ ؛ واحدها : الـدَّبَّـةُ : ظرفٌ يُجعل فيه الزيت والبِزْر والدُّهن ؛ انظر مادّة «دبب» في : لسـان العرب ٤ / ٢٧٨ ، تاج العروس ١ / ٤٧٩.

(٣) انظر : الخصال ٤ / ٤٩٩ ، الاحتجاج ١ / ١٢٧ ـ ١٣٢ ، مجمع البيان ٥ / ٨٤.

(٤) إشـارة إلى قوله تعالى : (وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضّوا إليها وتركـوك قائماً قل ما عند الله خيرٌ من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين) سـورة الجمعة ٦٢ : ١١.

انظر : صحيح البخاري ٢ / ٤٨ ح ٥٩ وج ٣ / ١١٦ ح ١٢ وص ١١٩ ح ١٦ وج ٦ / ٢٦٧ ح ٣٩٣ ، صحيح مسـلم ٣ / ٩ ـ ١٠ ، سـنن الترمذي ٥ / ٣٨٦ ح ٣٣١١ ، السـنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٦ / ٤٩٠ ح ١١٥٩٣ ، مسـند أحمد ٣ / ٣٧٠ ، مصنّف ابن أبي شـيبة ٢ / ٢٢ ح ٨ ، مسـند عبـد بن حميد : ٣٣٥ ح ١١١٠ و ١١١١ ، مسـند أبي يعلى ٣ / ٤٠٥ ـ ٤٠٦ ح ١٨٨٨ وص ٤٦٨ ح ١٩٧٩ ، صحيح

۳۴۲

وهم الّذين أمرهم عند موته بتجهيز جيش أُسـامة ، ولعن المتخلّفين عنه ، فخالفوا أمره وتخلفّوا عنه (١)؟!

وأفعالهم القبيحة في وقته وبعده أكـثر من أن تحصى (٢).

__________________

ابن خزيمة ٣ / ١٦١ ـ ١٦٢ ح ١٨٢٣ وص ١٧٤ ح ١٨٥٢ ، تفسـير مجاهد : ٦٦٠ ، تفسـير الحسـن البصري ٢ / ٣٤٨ ، تفسـير الطبري ١٢ / ٩٧ ـ ٩٩ ح ٣٤١٣٤ ـ ٣٤١٤٧ ، أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ ٣ / ٦٧٠ ، سـنن الدارقطني ٢ / ٤ ـ ٥ ح ١٥٦٧ و ١٥٦٨ ، تفسـير الثعلبي ٩ / ٣١٧ ، السـنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٣ / ١٨١ ـ ١٨٢.

(١) انظر : صحيح البخاري ٥ / ٩٦ ح ٢٢٣ وص ٢٩٠ ح ٢٦٢ وج ٦ / ٤٠ ح ٤٥٠ و ٤٥١ وج ٨ / ٢٣٠ ح ٦ وج ٩ / ١٣٢ ح ٤٧ ، صحيح مسـلم ٧ / ١٣١ ، سـنن الترمذي ٥ / ٦٣٥ ح ٣٨١٦ ، السـنن الكـبرى ـ للنسـائي ـ ٥ / ٥٣ ح ٨١٨٥ و ٨١٨٦ ، مسـند أحمد ٢ / ٢٠ و ١٠٦ و ١١٠ ، فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ ٢ / ١٠٥٢ ح ١٥٢٥ وص ١٠٥٤ ح ١٥٢٩ ، مسـند أبي يعلى ٩ / ٣٥٢ ح ٥٤٦٢

وص ٣٩٠ ح ٥٥١٨ ، مصنّف عبـد الرزّاق ١١ / ٢٣٤ ح ٢٠٤١٣ ، مصنّف ابن أبي شـيبة ٧ / ٥٣٢ ح ٣ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٢ / ١٤٦ ، المغازي ـ للواقدي ـ ٣ / ١١١٩ ، السـيرة النبوية ـ لابن هشـام ـ ٦ / ٦٥ ، تاريخ الطبري ٢ / ٢٢٤ ـ ٢٢٥ ، الإحسـان بترتيـب صحيـح ابـن حبّـان ٩ / ٩٤ ح ٧٠٠٤ ، المـلل والنحـل ـ للشـهرسـتاني ـ ١ / ١٢ ، تاريـخ دمشـق ٨ / ٥٨ ـ ٦٢ ، أنسـاب الأشـراف ١ / ٤٩٣ وج ٢ / ١١٥ ، تاريخ دمشـق ٨ / ٤٦ رقم ٥٩٦ ، شـرح نهج البلاغة ٦ / ٥٢ وج ١٧ / ١٧٥ ـ ١٨٣ ، فتح الباري ٨ / ١٩٢ ب ٨٨ ح ٤٤٦٩.

(٢) ومن هذه الأفعال على سـبيل المثال لا الحصر :

١ ـ فرارهم يوم حنين وتركـهم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في سـاحة المعركـة مع ثلّة قليلة من المؤمنين ، حتّى نزلت الآية المباركـة (ويوم حنين إذ أعجبتكـم كـثرتكـم فلم تُغنِ عنكـم شـيئاً وضاقت عليكـم الأرض بما رحبت ثمّ ولّيتم مدبرين) سـورة التوبة ٩ : ٢٥.

انظر : صحيح البخاري ٥ / ٣١٩ ح ٣٣٣ وص ٣٢٠ ح ٣٣٧ ، صحيح مسـلم ٣ / ١٠٦ ، وج ٦ / ١٦٦ ـ ١٦٩ ، السـنن الكـبرى ـ للنسـائي ـ ٥ / ١٩٧ ح ٨٦٥٣ ، مصنّف عبـد الرزّاق ٥ / ٣٧٩ ح ٩٧٤١ ، السـير ـ لأبي إسـحاق الفزاري ـ : ٢٠٣

۳۴۳

فليـس ببديع منهم كـتمان ما سـمعوه من نصّه على خليفته ، وإنكـارهم مـا علمـوه مـن اسـتخلافه له على أُمّـته ؛ اتّباعـاً لأهوائهـم ، وظنّـاً بأردى آرائهـم ، وشـحّـاً على أن تكـون الرئاسـة غيـر متداولـة بـينهم ، ثمّ اقـتدى بهم في الكـتمان للنـصّ خَلَـفُهم ؛ خوفـاً مـن الطعن على رؤسـائهم والتكـذيب لأسـلافهم ، وليـس ذلـك بمبطـل (١) لنـقلنـا ،

__________________

ـ ٢٠٤ ح ٣٠٧ و ٣٠٨ ، سـنن سـعيد بن منصور ٢ / ٢٥٩ ح ٢٦٩٦ ، تاريخ الطبري ٢ / ١٦٨ ، تاريخ اليعقوبي ١ / ٣٨١.

٢ ـ اتّهام النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بعدم العدالة في إعطاء الصدقات ، وأنّـه (صلى الله عليه وآله وسلم) يعطي قريشـاً ويترك الأنصار ، وذلك حين أفاء الله تعالى عليه من أموال هوازن ما أفاء يوم حنين ، فنزل قوله تعـالى : (ومنهم من يلمزك في الصدقات) سـورة التوبة ٩ : ٥٨.

انظر : صحيح البخاري ٤ / ٢٠٢ ـ ٢٠٣ ح ٥٤ ، وج ٥ / ٣١٨ ح ٣٣١ ، صحيح مسـلم ٣ / ١٠٥ ، مسـند أحمد ٣ / ٦٨ و ٧٣ ، الجمع بين الصحيحين ٢ / ٤٩٣ ح ١٨٥٧.

٣ ـ اسـتصغارهم لأمر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، واسـتهزاؤهم بحكـم الله تعالى لمّا أمرهم بالإحلال في حجّة الوداع ، وغضبه (صلى الله عليه وآله وسلم) من عصيانهم وعدم امتثالهم أمره.

انظر : صحيح البخاري ٣ / ١٩ ح ٣٦٢ وص ٣٨٢ ـ ٣٨٣ ح ٢١ ، صحيح مسـلم ٤ / ٣٧ ، سـنن أبي داود ٢ / ١٦١ ح ١٧٨٩ ، سـنن ابن ماجـة ٢ / ٩٩٢ ـ ٩٩٣ ح ٢٩٨٠ و ٢٩٨٢ ، سـنن النسـائي ٥ / ١٧٨ ، مسـند أحمد ٣ / ٣٠٥ و ٣١٧ و ٣٦٦ ، مسـند أبي يعلى ٣ / ٤١٢ ح ١٨٩٧ ، المعجم الكـبير ٧ / ١٢٢ ـ ١٢٧ ح ٦٥٦٩ ـ ٦٥٨٤ ، صحيح ابن خزيمـة ٤ / ١٦٥ ـ ١٦٦ ح ٢٦٠٦ ، مسـند أبي عوانـة ٢ / ٣٣٣ ح ٣٣٢٧ وص ٣٤٢ ح ٣٣٦٣ و ٣٣٦٤ ، الإحسـان بترتيب صحيـح ابن حبّان ٦ / ٩٠ ح ٣٩١٠ وص ٩٠ ح ٣٩١٣ ، المسـتدرك على الصحيحين ١ / ٦٤٧ ح ١٧٤٢ ، السـنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٥ / ١٩.

٤ ـ قولهم له (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما طلب منهم دواةً وكـتفاً ليكـتب لهم : «إنّـه ليهجر ، حسـبنا كـتاب الله».

انظر : الصفحة ٤ الهامش ١.

(١) في «ج» : «مبطلا».

۳۴۴

ولا قادح (١) في تواترنا الوارد مورداً يثبت به الحجّـة على مخالفينا.

وأُزيدك على هذا زيادة تنفعك في تثبيت النبوّة ، وتؤكّـد (٢) عليك دليل الحقّ في القول بالإمامة ، وهي :

إنّـه ليـس من شـرط الحجّة بأن يطّلع الخلق عليها ، ولا من واجب الرواية أن يتّفق المؤالف والمخالف فيها ؛ لو كـان ذلك واجباً لكـانت الأنبياء عليهم‌السلام لم تأت بحجّة ولا برهان (٣) ؛ لوجود المخالفين لهم في جميع الأزمان ، ولم يصحّ لنا الأخبار بعد رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، لوجود الاختلاف فيها بين أهل الإسـلام.

وإنّما شـرط الحجّة أن توضح عن صحّة الدعوى ، ومن واجب الرواية الصحيحة أن تكون محفوظة مع من يقطع العذر إذا رُوي بتواتره ، والقرينة تكـون معه ، فاعرف ذلك تنتفع بـه.

قال المعتزلي للشـيعي :

دعواكـم للنصّ باطلة من وجه لا يلزمنا مثله في النبوّة ، وهو : أنّ أسـلافنا أخبرونا ، عن أسـلافهم ، عمّن قبلهم من أسـلافهم ، متّصلا ذلك بالسـلف الأوّل منهم ، أنّهم لم يسـمعوا ما ادّعيتموه من هذا النصّ على صاحبكـم ، ولا كـان له حقيقة كـما زعمتم ، ونحن أكـثر منكـم ، وأسـلافنا أكـثر من أسـلافكـم (٤) ، وإنّما يتمّ لكـم أن يكـون تواتركـم حجّة لكـم متى

__________________

(١) في «ج» : «قادحاً».

(٢) في «ج» : «ومؤكّـداً».

(٣) في «ج» : «أئمّتنا عليهم‌السلام لم يأتوا الحجّـة ولا برهان».

(٤) في «ج» : «سـلفكـم».

۳۴۵

لم يعارضه ما يبطله عليكـم ، وقد عارضه نقل سـلفنا ، وهم أكـثر منكـم.

قال اليهودي للمعتزلي :

ما تراك أيّها المتكـلّم إلاّ تفتح لنا على نفسـك أبواباً سـهلة المدخل ، قريبة التناول ، إن كـان هذا الكـلام مبطلا عليه ما رواه من النصّ ، فهو مبطلٌ عليك ما رويت من المعجزات ؛ لأنّ لنا أن نقول :

وكـذلك نحن ـ معاشر اليهود ـ مع مَن شاركـنا مِن جحد المعجزات التي رويت ، من النصارى والمجوس ، وجميع الفلاسـفة والبراهمة ، أكـثر منكـم معشـر المسـلمين ، وقد أخبرنا أسـلافنا ، عن أسـلافهم ، عن السـلف الأوّل منهم ، الذي كـان في عصر نبيّـكـم ـ ولا شـكّ أنّ سـلفنا في ذلك الوقت أكـثر من سـلفكـم ـ أنّهم لم يشـاهدوا له آية ، ولا رأوا على يده معجـزة ، وإنّما يصير تواتركـم حجّة متى لم يعارَض ، وقد عارضه ما هو أبلغ منه وآكـد ، فدلّ على بطلانه وفسـاد ما تـدّعونه.

قال المعتزلي لليهودي :

إنّكـم ـ معاشـر الكـفّار ـ جاحدون غير ناقلين ، نافون غير مثبتين ، والخبر في الحقيقة إنّما يخبر به الراوي عمّا أدركـه بحاسـة سـمعه أو بصره ، والنافي لم يدرك شـيئاً يخبر به ، فليـس قوله معارِضاً لقول مَن أخبر بما علمه ، وأدركـه بإحدى حواسّه وتَحقَّـقه ؛ ولذلك كان الجاحد ليـس بشـاهد ، وإنّما الشـاهد هو المثبِت دون النافي ، ونحن وسـلفنا مثبِتون محقّقون لِما علموه ، مخبرون بما أدركـوه ، وشـاهدون بما شـاهدوه ،

۳۴۶

فالخبـر معـنـا دونـكم ، وليـس يعارضـه إنـكاركـم ؛ لأنّ الإنـكار في إمكانـكم ، والجحد غير مسـتحيل منكم ، والحجّة ـ بتواترنا ـ لازمة لكم.

قال الشـيعي للمعتزلي :

إنّي أراك ـ أيّها الرجل ـ في ما تكـلّم به اليهودي بصيراً ، وفي ما تكـلّمني به أعمى ، وما ذاك إلاّ لأنّ معك في ما بيننا من الخُلف هوىً يصدّك عن الهدى.

تأمّـل ـ أصلحك الله ـ ما تكـلّم به اليهودي ، تجده بعينه كلاماً لنا ، وما أجبتـه به عن احتجاجه الذي لقّنته إيّاه تراه في الحقيقة جوابنا!

قال المعتزلي للشـيعي :

لي عليك واحدة ليـس لليهودي علَيَّ مثلها.

قال الشـيعي :

اذكـرها! فإنّ حجّة المحقّ قد أثبتها (١) الله تعالى وأظهرها.

قال المعتزلي :

نحن لا نعرف لكم ـ معشـر الشـيعة ـ بأوّل كان في عهـد رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، واليهودُ تعترف للمسـلمين بأوّل كان لهم في عهـده ، فـقـد أخـذتُ إقـرار اليهـودي بمـا تسـتمرّ لي بـه الحجّـة عليـه ، ولـم

__________________

(١) في «أ» و «ب» : «ثـبّـتـها».

۳۴۷

تـأخـذ إقراري بنظيره ، فيتّضح الحقّ لك فيه.

فرام الشـيعي الكـلام ، فقال اليهودي :

أنا أحقّ به ؛ لأنّـه قد ادّعى علَيَّ أنّ إقراري قد حصل معه (١) بما يتوجّه علَيَّ به الحجّة له ، والأمر بخلاف ما ادّعى ، وضـدّ ما حكـى!

ثمّ عطف على المعتزلي ، فقال له : أخبرني ـ أعزّك الله ـ كـيف يكـون في إقراري بسـلفك حجّة لك في صحّة معجِـزك؟!

وإنّما أقررتُ بوجود جماعة قليلة كـانوا مع نبيّك عاضدوه ، وسـاعدوه ، وعاصـروه ، وناصـروه ، ولم يكـن نقـل مثلهم يقطع العـذر ، ولا التعويل على قولهم يثلج الصدر ، فليـس لك في ذلك فائدة تعتمدها علَيَّ على وجه.

ولم أعتـرف لك من هذا إلاّ بمثل ما اعترفت أنت به من وجود جماعـة قليلة كانوا يطيعون لمسـيلمة (٢) ، ويـدّعون له النبـوّة ، وهم ـ عندي وعندك ـ لم يشـاهدوا له آية ، ولا في الاعتراف بهم ما يوجب الإقرار بأنّـه

__________________

(١) في «ب» : «منه».

(٢) هو : مُسـيلمة بن ثمامة بن كبيـر بن حبيب الحنفي ، متنبّئ ، كان يسـجع لقومه السـجعات مضاهاةً للقرآن ، وضع عنهم صلاتَي الفجر والعشـاء ، وأحلّ لهم الخمر والزنـا.

وُلد باليمامة قبل ولادة والد رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، كان من المعمّرين ، تلقّب بالجاهلية بالرحمن ، وعُرف برحمن اليمامة ، قالوا في وصفه : كـان رُوَيْجِلا ، أُصيغر ، أُخينس ، كـان اسـمه مَسْلَمة ، وسـمّاه المسلمون : مُسيلمة ، تصغيراً له ، قُتل في غزوة اليمامة عام ١١ هـ.

انظر : تاريخ الطبري ٢ / ١٩٩ ـ ٢٠٠ ، تاريخ الخلفاء ـ للسـيوطي ـ : ٨٩ ، شـذرات الذهب ١ / ٢٣.

۳۴۸

قد كان على يده معجزة ؛ إذ كانت النبـوّة لا تصحّ بهذا القدر.

قال المعتزلي لليهودي :

وأنتم ـ معشـر اليهود ـ وإن لم تعترفوا لي بذلك ، فإنّ الدليل يوجبه عليكـم ، ونقل المتواترين من المسـلمين اليوم حجّة تثبت ما نفيتم.

قال الشـيعي للمعتزلي :

أراك قد رجعت القهقرى ، وعدت (١) في تثبيت الحجّة على اليهودي إلى التواتر الأوّلي (٢) ، ولم ينفعك إقراره لك بالسلف الذي كان مع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أوّلا ، فهل تجد فرقاً بينك ـ في ذلك ـ وبيني ؛ إذ قلت لك : إنّك وإن لم تعترف لي بسـلف متقـدّم (٣) سـمع نصّاً ولا رأى اسـتخلافاً ، فإنّ الدليل يوجبه عليك ، ونقل المتواترين من الشـيعة اليوم يثبت من ذلك مـا نفيت.

فانظر أيّ حجّـة أوردتها عليه في ذلك ، فهي حجّـة لنا عليك ، حتّى لا تجد بين الموضعين فرقاً ، ولا ترى (٤) لك علينا متعلّـقـاً.

على أنّك لو سـلكت سـبيل الإنصاف ، وعدتَ إلى مرويّ الأخبار ، علمتَ أنّـه قد كان في زمن أمير المؤمنين طائفة تـنضاف إليه تعتـقد أنّ

__________________

(١) في «ج» : «تثبت من ذلك ما نفيت ، فانظر أي حجّة أوردتُها عليه في ذلك ، فهي حجّة».

(٢) في «ب» و «ج» : «الأدنى».

(٣) لم ترد في «أ».

(٤) في «ج» : «نرى».

۳۴۹

رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نصَّ بالإمامـة عليه (١).

قال المعتزلي للشـيعي :

لسـنا نشـكّ ـ معاشـرَ الشـيعة ـ أنّـكم اليوم قد جاوزتم في الكـثرة حدّ المتواترين ، الّذين إذا أخبروا عمّا شـاهدوه أو سـمعوه كـانوا صادقين ، ولكـنّـكـم لم تحضروا اسـتخلافاً ، ولا عاصرتم النبيّ فسـمعتم منه نصّاً ، وإنّما رويتم مِن غيركم ، وعوّلتم على قول مَن أخبركم ممّن روى ـ أيضاً ـ عن غيره وحكـى قول مخبـره.

__________________

(١) أقـول : هناك طائفة كبيرة من خيار الصحابة والتابعين وعَلِيّة القوم ـ فضلا عن بني هاشم ـ أبت أن تبايع أبا بكر بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، منهم :

المقداد بن عمرو الكندي ، وسلمان الفارسي ، وأبو ذرّ الغفاري ، وعمّار بن ياسر ، وحذيفة بن اليمان ، وخالد بن سعيد بن العاص الأُموي ، وأبان بن سعيد بن العاص ، وعمرو بن سعيد بن العاص ، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين ، وأبو الهيثم مالك بن التيّهان ، وبريدة بن الحصيب الأسلمي ، وجابر بن عبـد الله الأنصاري ، وأبو أيّوب الأنصاري ، وسهل بن حنيف ، وعثمان بن حنيف ، والبراء بن عازب ، والزبير ابن العوّام ، وسعد بن عبادة وقومه ، ومالك بن نويرة وقومه.

انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٤ / ٧٣ ، أنساب الأشراف ٢ / ٢٦٤ و ٢٦٧ و ٢٧٠ ـ ٢٧٢ و ٢٧٤ وج ٦ / ٤٥ ، تاريخ الطبري ٢ / ٢٣٣ ـ ٢٣٥ و ٢٣٧ ، العقد الفريد ٣ / ٢٧٣ ، الكامل في التاريـخ ٢ / ١٨٩ و ١٩٤ ، شـرح نهج البلاغـة ١ / ٢٢١ و ٦ / ١١ و ٤٠ و ٤٣ و ٤٨ ، الرياض النضرة ١ / ٢٣١ و ٢٣٣ و ٢٣٥ و ٢٤١ ، المختصر في أخبار البشر ١ / ١٥٦ ، البداية والنهاية ٥ / ١٨٦ و ١٨٧ ، السيرة الحلبية ٣ / ٤٧٩ و ٤٨٤.

وهؤلاء إنّما أبوا أن يبايعوا أبا بكر لعلمهم بأنّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قد نصّ بالخلافة على الإمام عليّ عليه‌السلام ، وذلك إمّا من خلال ما شاهدوه من الأفعال الصادرة عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) تجاه الإمام عليه‌السلام والتي تدلّ على استخلافه له عليه‌السلام ، أو من خلال ما سمعوه منه (صلى الله عليه وآله وسلم) من أقوال تؤكّد ذلك.

وقد تقـدّمت هذه الأفعال والأقوال في الصفحات من ٤٧ ـ ٥٣ ؛ فراجـع!

۳۵۰

فإذا نحن سـلّمنا لكم أنّـه قد كـان لهؤلاء النقلة إليكـم أوّلٌ عاصر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فما الحجّة على أنّهم كـانوا ممّن ينقطع العذر بنقله ، ويجب (قبول قوله) (١)؟!

وما المانع من أن يكـون أوائلكـم آحاداً ، وجماعة شـذّاذاً ، فنقلوا لكـم هذا الخبر ، ونقلوه إلى مَن بعدهم ممّن هم في العدد أكـثر منهم ، ثمّ نقله كـلٌّ منهم إلى مَن هم أكـثر منهم ، فنما وزاد وكـان في أوّله في حيّز (٢) الآحاد ، أو لعلّ هذه الطريقة (٣) نشـأت بعد عصر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وافتعلت لكـم الخبر فعوّلتم عليه؟!

قال اليهودي ـ وهو متعجّب من المعتزلي ـ :

ما بالكـم (٤) ـ معاشـر المعتزلة ـ تنكـرون في أيّ شـيء احتججتم به على الشـيعة ، ولا تتوقّفون عن مخاطبتهم بلسـان اليهود المخالفين لكـم في الشـريعة؟!

وما ذاك إلاّ لإحدى خصلتين :

إمّا أن يكـون لعدم المعرفة والبصيرة ، فأنتم تنبئون بما سـنح لكـم من غير نظر في عاقبته ولا رويّة ؛ فلذلك أسـرعتَ إلى إيراد هذا المقال ، ولم تتأمّل لزومه عليك (٥) في النبـوّة من غير انفصال ..

__________________

(١) في «ج» : «قبوله».

(٢) في «ب» و «ج» : «خبر».

(٣) في «ج» : «الطريقة المسـند به» ؛ وفي «ب» : «الطريقة المبتدأ به».

(٤) في «ب» و «ج» : «أراكـم».

(٥) في «أ» و «ب» : «لك».

۳۵۱

وإمّا أن يكـون ذلك لقلّة التقى والديانة ، وعدم المخافة من الله سـبحانه وتعالى ، فليـس لكـم صارف يصدّ ، ولا معلّم ورع يردّ ، فلذلك بادرتَ بالطعن على مَنْ يقول خصمك : إنّـه الإمام المسـتخلَف ، بما أن تمّ لك لم تبالِ أن يكـون طعناً على المسـتخلَف.

فهذا الذي أوردتَـه ـ عافاك الله ـ حجّتنا عليك ، وكـلامنا الذي توجّه أبداً إليك ، فنقول :

إنّـا لا نشـكّ ـ معاشـر المسـلمين ـ أنّكـم اليوم قد جاوزتم في الكـثرة حدّ المتواترين ، الّذين إذا أخبروا عمّا شـاهدوه أو سـمعوه كـانوا صادقين ، ولكـنّـكـم لم تشـاهدوا معجزةً منه ، ولا عاصرتم نبيّـكـم فرأيتم آيـة ، وإنّما رويتـم عن غيركـم ، وعوّلـتم على قول مَن أخبركـم ممّن روى ـ أيضاً ـ عن غيره وحكـى قول مخبره.

وقد سـلّمنا لكـم ، أنّـه قد كـان لهؤلاء النقلة إليكـم أوّلٌ عاصر نبيّـكـم ، فما الحجّة على أنّهم كـانوا ممّن ينقطع العذر بنقله ، ويجب قبول قوله؟!

وما المانع من أن يكـون أوائلكـم آحاداً أو جماعة شـذّاذاً افتعلوا (١) لكـم هذا الخبر ، وادّعوا أنّهم شـاهدوا معجزاً ظهر ، ونقلوا ذلك إلى مَن بعدهم ممّن هم في العدد أكـثر منهم ، ثمّ نقله كـلّ قوم إلى مَن هم أكـثر منهم ، فنما وزاد ، وكان أوّله (في خبر الآحاد) (٢) ، ولعلّ ذلك كـان من طائفة نشـأت بعد نبيّـكـم من جملة أصحاب حديثكـم؟!

__________________

(١) في «ب» : «فنقلوا».

(٢) في «أ» : «خبر الآحاد» ؛ ولعلّ ما في النسـخ الثلاث تصحيف ؛ صوابه : «حـيّـز الآحاد» بقرينة ما مـرّ سابقاً.

۳۵۲

وبهذا فرط (١) كـلامكـم (٢) ، وعمدتنا وعمدة النصارى والفلاسـفة والمجوس في مناظرتكـم ، فما خلاصكـم منّـا (٣) وجوابكـم؟!

قال المعتزلي لليهودي :

لو جاز على خَلَفِنا ـ وهم على ما هم عليه من الكـثرة والانتشـار ، والتفرّق في الأصقاع والديار (٤) ، وتعذّر التعارف بينهم ، واسـتحالة التواطؤ منهم ـ أن يخبروا عن أسـلافهم أنّهم متواترون مثلهم ، وأنّ حكـم أوائلهم في قطع العذر بما يخبرون به حكـمهم ، ويكـون الأمر بخلاف ما يقولون ، وبالضـدّ مـمّـا ينقـلـون ، وأوائـلهـم آحـاد ـ كما تزعمون ـ مفـتعلون ؛ وهـم لا يعلمون ، لجاز عليهم الكـذب في جميع ما يشـاهدون ، والافتعال في سـائر ما يخبرون ، حتّى لا نثق بشـيء من أخبارهم ، ولا نعلم صحّة ما غاب عنّا بنقلهم ، ولوجب أن نشـكّ في ما نقلوه من أخبار الملوك والممالك ، وذكـروه من مواضع البلاد والمسـالك ، وسـطروه من السِيَر والآثار ، ودوّنوه من الوقائع في الأعصار!

وهذا باب متى فتحناه أفسدت الطرق بيننا وبين العلم بأخبار الناس ، ووجب أن لا نثـق من ذلك إلاّ بما أدركـناه بالحواسّ.

__________________

(١) الفارِطُ : المتقدّم السابق ، فَـرَطَ يَـفْـرُطُ فُروطاً ، وفَـرَط القومَ يفرطهم فَـرْطاً وفَراطةً : تَـقَـدَّمهم ؛ ومنه قول النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أنا فَـرَطُكم على الحَوْض» أي : أنا متقـدِّمُـكم إليه.

انظر : لسان العرب ١٠ / ٢٣٣ ـ ٢٣٤ مادّة «فرط».

(٢) في «أ» : «فهذا من قطّ كـلامنا لكـم» ؛ ولم ترد في «ب».

(٣) في «أ» و «ب» : «منه».

(٤) في «ج» زيادة : «البعيدة».

۳۵۳

قال الشـيعي :

قد علمت (١) أنّ الله سـبحانه وتعالى ماثَلَ في الاسـتدلال بين طريقَي الرسـالة والإمامة ، وأنّ الطاعن منكـم ـ معشـر النصّاب ـ في النصّ على أمير المؤمنين عليه‌السلام ، إنّما أقام نفسـه مقام اليهودي والنصراني في الطعن على رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

وإنّـا سـنلقي أمركـم في طعونكـم بنقضكـم لها على أنفسـكـم ، إذا أوردوها عليكـم الكـفّار ، فاعتبروا يا أُولي الأبصار ، وأنا أُعيد عليك كـلامك تنبيهاً لك على الحقّ ، كـما أعدت عليك ما قبله حرفاً بحرف ..

فأقول : لو جاز على خَلَفِنا ـ وهم على ما هم عليه من الكـثرة والانتشـار ، والتفرّق في الأصقاع والديار ، وتعذّر التعارف بينهم ، واسـتحالة التواطؤ منهم ـ أن يخبروا عن أسـلافهم أنّهم متواترون مثلهم ، وأنّ (٢) حُكْـمَ أوائلهم في قطع العذر بما يخبرون به حُكْـمُـهُمْ ، ويكون الأمر بخلاف ما يقولون ، وبالضدّ ممّا ينقلون ، وأوائلهم آحاد ، كـما تزعمون ، مفتعِلون وهم لا يعلمون ، لجاز (٣) عليهم الكـذب في جميع ما يشـاهدون ، والافتعال في سـائر ما يخبرون ، حتّى لا نثق بشـيء من أخبارهم ، ولا نعلم صحّة ما غاب عنّا بنقلهم ، ولوجب أن نشـكّ في ما نقلوه من أخبار الملوك والممالك ، وذكـروه من مواضع البلاد والمسـالك ، وسـطروه من السـير والآثار ، ودوّنوه من الوقائع في الأعصار.

__________________

(١) في «ج» : «علمنا».

(٢) في «أ» و «ج» زيادة : «كان».

(٣) هذا جواب «لو» الشـرطية المتقـدّمة.

۳۵۴

وهذا باب متى فتحناه أفسـدت الطرق بيننا وبين العلم بأخبار الناس ، ووجب أن لا نثـق من ذلك إلاّ بما أدركـنا بالحواسّ.

فقـد بان لك رجوع كلامـك إليـك ، كما تبـيّن لك توجّـه طعنك عليـك.

وشـيء آخر إن اعتبرته حَسَمَ في الإمامة شـنعتك ، وإن اعتمدته أذهب في النبـوّة تعبك (١) ، وهو :

إنّ أوائلنا لو (٢) كانوا ـ كما زعمت ـ بعد زمن رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وافتعلوا خبر النصّ ، وأخبروا به ، لعلمت حالهم ، وعرف الزمان الذي كان فيه بدؤهم ومنشـأُهم ، ولم يجز أن يسـتتر (٣) أمرهم ، كـما يسـتتر (٤) حال كـلّ طائفة نشـأت في الإسـلام بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وعُرف بدؤها وحالها ، وخلوّ الزمان قبلها ممّن يقول بقولها ، لا سـيّما مع كـثرة تتبّعكـم ـ معشـر النصّاب ـ للشـيعة وأحوالها ، وحرصكـم على وجود عثرة لها ، وفي عدم العلم بأوّل ظهر للشـيعة بعد رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مذهبها ، أو دعوىً سُمعت في ذلك يلتبس الأمر بها ، دلالة على أنّهم صادقون في ما نقلوه ، وأوّلهم كـآخرهم في ما حملوه ، وأنّهم شـاهدوا رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وحضروا النصّ وسـمعوه.

فاعتبر ما ذكرت تجده صحيحاً ، وانظر إليه نظر منصف تره لائحاً!

واعلم أنّـه مسـتمرّ في النبـوّة كاسـتمراره في الإمامـة ، وأنّ

__________________

(١) في «أ» : «يقينك».

(٢) في «ب» : «إن».

(٣) في «ب» و «ج» : «يسـتر».

(٤) في «ب» و «ج» : «يسـتر».

۳۵۵

الطريقتين (١) واحدة ، وذاك أنّ المخبرين (بهذه المعجزات) (٢) لو كـانوا يرجعون فيها إلى طائفة نشـأت بعد رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ابتدعتها ، ولم يُعرف القول بذلك قبلها ، لظهر أمرها ، وعُلم وقت منشـئها ، وخلوّ الزمان قبلها (من راو لها) (٣) ، لا سـيّما مع تتبّع أعداء الملّة لأحوال أهلها ، واطّلاعهم في سـرّ الشـريعة وكـثير من أخبارها ، وحرصهم على وجود الطعن عليها ، والتمكّن من القدح فيها.

وكذلك لو كان الّذين في وقت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) [هم] (٤) المفتعِلين ، لوجب ما ذكـرناه من ظهور أمرهم في العالمين!

وكـيف لا يُظهر الله تعالى أحوالهم (وإطلاع الأخيار) (٥) بباطن أُمورهم؟! والتواتر حجّة الله تعالى في الخلق ، وأحد الأدلّة التي نصبها لمعرفة الحقّ ، فوجب في حكـمته أن يُعيـنَ على إظهار أمر المفتعِليـن ، لا سـيّما إذا كـان ذلك مختصّـاً بالدين ، كي لا تشـتبه (٦) حججه ، ولا يجد المسـتدلّ بالسـمع وجهاً يدرك الصواب معـه.

وهذا بيـان في إثبات المعجزات شـاف ، وهو في إثبات النصّ الجليّ ـ أيضـاً ـ كـاف.

فعندها تحيّر المعتزلي واليهودي جميعاً ، ورأى كـلّ واحد منهما أنّـه قد لزمه الإقرار بما لم يزل ينكـره ، ولم يجد اليهودي سـبيلا يسـلكـها في

__________________

(١) في «أ» و «ب» : «الطريقين».

(٢) في «أ» : «بالمعجزات».

(٣) في «أ» : «ممّن يقول بقولها».

(٤) أضفناه لاقتضاء المعنى.

(٥) في «ب» : «ونشـر الطباع للأخبار» ؛ وفي «ج» : «وييسّر الطبائع للإخبار».

(٦) في «أ» زيادة : «عليه».

۳۵۶

دفع معجزات رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وصحّتها ، فلمّا همَّ بالاعتراف بالإسـلام ، والإقرار بنبـوّة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ..

قال المعتزلي للشـيعي :

إنّ النظر قد نتج لي فائدة ، وصحيح الفكـر قد أحدث عندي نكـتة زائدة ، لا يصحّ معها من النصّ ما تدّعيه ، ولا تجد سـبيلا إليه.

قال الشـيعي :

قلها! وما أظنّـك تقول خيراً!

قال المعتزلي :

إنّي رأيت الخبر المتواتر القاطع للعذر يوجب لسـامعه علم الضرورة بصحّة مخبره ، وبذلك أجرى الله تعالى العادة بين خلقه ، فعلمت أنّ إيجابه لعلم الاضطرار شـرط في صحّته ، وقد رجعت إلى نفسـي عند سـماع خبرك ، فلم أجدها مضطـرّة إلى العلم بصدق نقلته ، وصحّة مخبره ، فدلّني ذلك على بطلانه ، وكـذب رواته (١).

فحينئـذ قال اليهودي للمعتزلي :

فرّجتَ عنّي ـ أيّها الرجل ـ كـربةً ، وأسـديت ـ بقولك هذا ـ إلى اليهود والنصارى نعمـةً ، جعلـت في أيديهـم ـ بها ـ حجّةً ، ولَـقُـدِّرَ أنّ

__________________

(١) في «أ» : «راويه».

۳۵۷

الأمـر يخـرج عن يـدي ، وأُفـارق بما أورده الشـيعي ديني ومعتقـدي ، لو لم يتداركـني حسـنُ نظرك ، وينعشـني صحيحُ خاطرك وفكـرتك ، فخذ الآن إليك ما يقضي به حكـمك (١) عليك.

إذا كـان من شـرط صحّة الخبر المتواتر القاطع للعذر ، أن يوجب العلم ويضطرّ ، وقد أجرى الله تعالى العادة بهذا الأمر ، فإنّي لا أجد نفسـي مضطرّة إلى العلم بصحّة المعجزات التي رواها المسـلمون ، ولو كـانت حقّـاً على (٢) قضيّتك (٣) ، لعلمت ضرورةً أنّهم فيها صادقون.

قال الشـيعي للمعتزلي :

هذه ثمرة غرسـك ، وعاقبة ما حكـيته لنفسـك ، أجب الآن اليهوديَّ عمّا لـقّنته ، وأعلِمنا كـيف خلاصك ممّـا جنيتـه.

قال المعتزلي :

أقول لليهودي : إنّك عارف بحقيقة ما نقلناه ، مضطرّ إلى العلم بصحّة المعجز الذي رويناه ، ولكـنّك سـلكـت طريق المناكـرة ، واسـتحسـنت قبيح المكـابرة.

قال الشـيعي :

فما تظنّ بي أن أقول لك؟!

__________________

(١) في «أ» : «علمك».

(٢) في «ب» : «علَيَّ».

(٣) في «أ» : «فضيلتك».

۳۵۸

قال المعتزلي :

أظنّك تدّعي علَيَّ العلم بصحّة النصّ ضرورة ، وأنّي أسـتعمل معك فيه المكـابرة.

قال الشـيعي :

هو والله كـذلك (١)!

قال المعتزلي :

فهل لك أن تتقاضى إلى غيرنا؟

قال الشـيعي :

ومن يصلح أن يقضي بيننا؟!

قال المعتزلي :

من نحسـن به الظنّ (٢) جميعاً ممّن كـان معتزلياً ثمّ صار شـيعياً ، فننشـده الله تعالى : هل كـان في وقت اعتزاله يعلم صحّة النصّ على عليّ ابن أبي طالب عليه‌السلام ضرورة ، أم لم يكن يعلم ذلك؟

__________________

(١) وهو مصداق قوله تعالى : (وجَحَدوا بها واسـتيقنتها أنفسهم ظلماً وعلُـوّاً فانظر كيف كان عاقبة المُفسدين) سورة النمل ٢٧ : ١٤.

(٢) في «ب» : «الظنّ به».

۳۵۹

فإنّي لا أشـكّ في أنّـه متّى اتّقى الله سـبحانه وتعالى قال : إنّـه لم يكـن يعلم صحّة النصّ في حال اعتزاله سـاعةً قطّ ؛ فيكـون هذا مانعاً لك من أن تدّعي علَيَّ علم الضرورة وتنسـبني إلى المكـابرة.

فعند ذلك قال اليهودي للمعتزلي :

أيّها المتكـلّم! أنت تقول إنّك من أهل العدل ، وقد ماثَلْت (١) حالي في مخالفتك لحالك في مخالفة الشـيعي سـواء ، من غير فصل ، فاحملني من النصفة على مثل ما حملته ، واجعل بيني وبينك حكـماً كـما جعلت بينك وبينه.

وهلمّ بنا إلى من نحسـن به الظنّ جميعاً مِمَّن كان يهودياً فصار مسـلماً ، ثمّ ننشـده الله ، هل كـان وقت يهوديّته يعلم صحّة ظهور المعجزات على يد نبيّـكـم ضرورة ، أم لم يكـن يعلم ذلك في حال يهوديّته سـاعةً قطّ؟

فيكـون هذا مانعاً لك من أن تدّعي علَيَّ علم الضرورة ، وتنسـبني إلى المكـابرة!

فلمّا رأى المعتزلي أنّ اليهوديَّ قد خصّه بالشـبهة التي ألقاها ، وأنّ المعجزات قد تعذّر عليه إثباتها بالضرورة التي ادّعاها ، عاد إلى نفسـه فخيّرها بين أن يرجع عن القول بإيجاب علم الضرورة في متواتر الأخبار ، ويعمل في إفسـاد هذه المقالة التي قوّى بها كـلمة الكـفّار ، وبين أن يصبر على ما جناه من القول بالاضطرار.

__________________

(١) في «أ» : «تأمّلت».

۳۶۰

ووجد كـلَّ واحد من الأمرين يسـوق إليه ما يكـرهه ، ويوجب عليه ما لم يزل ينكـره ؛ لأنّـه إنْ رجع عن القول بإيجاب علم الضرورة في متواتر الأخبار ، لزمه بكـلّ دليل يثبت به المعجزات القول بالنصّ الجليّ على أمير المؤمنين عليه‌السلام ؛ فإن بقي على القول بالاضطرار ، لزمه ترك القول بمعجزات الأفعال ؛ لأنّـه لا يقدر أن يثبتها ما دام قائلا بالشـبهة التي أوردها!

فرأى بقاءه على القول بالاضطرار مع دفع معجزات الأفعال التي ظهرت على يد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أسـهل عليه من الإقرار بالنصّ على الإمام ، بل هو أخفّ على قلبه من تثبيت شـريعة الإسـلام!

فقال لهما :

أُعلمكـما أنّ هذه المعجزات التي تكـلّفت تثبيتها ، واسـتدللت على صحّة النبوّة بها ، لا أرى القول يسـتمرّ لي بتواترها في الإسـناد ، ولا أجد منصرفاً عن إضافتها إلى طرق الآحاد ، وخبر الواحد عندي لا يثمر (١) علماً ، فلسـتما ترياني مسـتدلاًّ على النبوّة بها يوماً.

فأمّا اليهودي فلم يطق من السـرور صبراً ، إلى أن سـجد لله تعالى شـكـراً.

ثمّ قال : أحسـن الله بشـراك ، وأنعَم عن مخالفي الإسـلام جزاك ، هذا هو الأليق بك ، والأشـبه بمثلك ، ومَن أحقّ منك بالرجوع إلى الحقّ؟! أو أَوْلى في النظر بالصدق؟!

__________________

(١) في «ج» زيادة : «عليها».

۳۶۱

وأمّا الشـيعي فقال :

لا جزاك الله أيّها المعتزلي خيراً عن الإسـلام وأهله ، وحرمك شـفاعة من أبطلت معجزاته ، منكـراً لفضله (١) ، إن كـان قد حملتك الحميّة على ما بدر منك ، فللحقّ أهلٌ يغني الله بنصرتهم (٢) عنك.

ويحك! أما اتّقيت (٣) الله واختشـيت من رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن تقدم على جرائحه (٤) من معجزاته وآياته التي جعلها الله سـبحانه وتعالى دليلا على صدقه ، وقد نقلها من المسـلمين (أصحاب الحديثين) (٥) ، ودوّنها من المصنّفين جميع المختلفين ، فتزعم أنّك لا تعلم صحّتها ، ولا يحلّ لك أن تسـتدلّ على نبوّته (صلى الله عليه وآله وسلم) بها؟! لقد أتيت أمراً خطيراً ، فاحتقبت وزراً كـثيراً.

ويحك! أتظنّ أنّ إنكـارك اليوم ، وقد عرفت منشـأك ، وأوّلَ بدايتِك ، وعلم تقـدّم الإسـلام لك ولأهل مقالتك في ما نقله المسـلمون قبلك ، هيهات أن يكـون ذلك ، والله لا ينفعك ما ارتكـتبه في دفع الإمامة ،

__________________

(١) في «ج» : «لفضيلته».

(٢) في «ب» و «ج» : «بنصرهم».

(٣) في «ب» : «لقيت» ؛ وفي «ج» : «راقبت».

(٤) الجرائح : جمع الجَرح ، وجَرَحَ الشـيءَ واجترحَه : كـسـبه ؛ وفي التنزيل : (أم حسـب الّذين اجترحوا السـيّئات) أي : اكـتسـبوها ؛ وفلان جارحُ أهلِه وجارِحَتُهم ، أي : كـاسِبُهم.

انظر : لسـان العرب ٢ / ٢٣٤ مادّة «جرح».

(٥) في «أ» : «الأصحاب المحدّثين».

والمراد من «أصحاب الحديثين» : رواة الحديث من أهل السُـنّة والشـيعة.

۳۶۲

وأنّـه ليضـرّك في إثبات الرسـالة مضرّة ـ إن كـنت مسـلماً ـ أنسـتك (١) الحسـرة والندامـة.

فلمّا اسـتوفى الشـيعي كـلامه .. قال اليهودي للمعتزلي :

أخبرني الآن أيّها الإنسـان ، إذ كـنت قد أعطيت مخالفيك في الملّة القيادةَ ، ومكّنتهم من المراد ، وزعمت أنّك لا تسـتدلّ على نبوّة صاحبك بتلك المعجزات ، فما دليلك الذي تعتمد في هذا الباب؟!

قال المعتزلي :

دليلي على صحّة نبوّته (صلى الله عليه وآله وسلم) القرآنُ ، الذي أبانه الله تعالى ، وظهر عجز الخلق كافّـة عن الإتيان بمثله ، وهو دليل موجود لم ينعدم ، ومعجـزٌ باق لمن علم ، لا نرى أحداً يسـتطيع أن يعارضه ، ولا يتيـسّـر له أن يأتي بسورة مِن مِثله ، فمن شكَّ في ذلك فليتعاطَ المعارضة لنبـيّن له عجزه.

قال اليهودي :

وما في (٢) عجز أهل زماننا هذا عن معارضته من الدليل على عجز الّذين كـانوا في زمانه ، وهل يكـون عجز الأدون في البلاغة والفصاحة دليلا على عجز مَن هو في ذلك الغاية والنهاية؟!

__________________

(١) في «ب» و «ج» : «أنسـبتك».

(٢) لم ترد في «أ».

۳۶۳

قال المعتزلي :

علَيَّ بيان ذلك.

قال اليهودي :

أنت محتاج قبل أن تبيّن عجزهم إلى أن تدلّ على (أنّـه متحدّ لهم) (١).

قال المعتزلي :

دليلي على صحّة التحدّي ما تضمّنه القرآن من قوله : (قل فأتوا بسـورة مثله) (٢).

وقوله تعالى : (قل فأتوا بعشـر سـور من مثله مفتريات) (٣).

ونحو ذلك من الآيات (٤).

قال اليهودي :

صـدقت (٥)! إنّ هـذا الكـلام موجـود فيـه ، ولكـنّـك تعلـم أنّـا

__________________

(١) في «أ» : «أنّهم تحدّى بهم».

(٢) سـورة يونس ١٠ : ٣٨.

(٣) سـورة هود ١١ : ١٣.

(٤) كـقوله تعالى : (قل لئن اجتمعت الإنـس والجنُّ على أن يأتوا بمثلِ هذا القرآنِ لا يأتون بمثله ولو كـان بعضهم لبعض ظهيراً) سـورة الإسـراء ١٧ : ٨٨.

(٥) في «أ» : «قد علمت» ؛ وفي «ب» : «قد صدقت».

۳۶۴

لا نصدّقك على ما فيه ، فمـن أين يصـحّ لنا أنّـه واجَـه بذلك الفصحـاء مـن مخالفيه؟!

فلم يجد المعتزلي ملجأً يسـتند إليه ، غير الرجوع إلى النقل الذي كـان عـوّل عليه ، فقـال :

أخبرني سـلفي ، عن كـثرتهم ، عمّن قبلهم من أسـلافهم ، عن السـلف الأوّل منهم ، ممّن لا يجوز الكـذب عليهم ، أنّهم حضروا القوم ، وسـمعوا التحدّي بطرقهم ، وأنّهم لم يمتنعوا من المعارضة إلاّ لعجزهم.

فعند ذلك قال الشـيعي :

الحمد الله على ما ظهر لك من صحّة مقالي (١) ، ورجوعك راغماً إلى التعلّق باسـتدلالي.

ما الفرق بينك بما (٢) اسـتدللت به على صحّـة التحدّي وبين من اسـتدلّ بمثله على صحّة النصّ الجليّ؟!

فضاق الخناق على المعتزلي ، وبقي أسـيراً في يد الشـيعي ، ورأى أنّـه متى طالبه في نقل النصّ بعلم الاضطرار ، طالبه بمثل ذلك اليهودي في التحدّي بالقرآن ، وأمسـك عن الكـلام ، وظهر عجزه وفشـله للخاصّ والعـامّ.

__________________

(١) في «أ» : «مقالتي».

(٢) في «ب» و «ج» : «في ما».

۳۶۵

فقال له الشـيعي :

قف بحيث انتهى بك قصر خُطاك! فهو غاية قدرتك ونهاية مَداك ، واعلم أنّك اجتهدت وأطلت ، فلا النبـوّة نَصَرْتَ ، ولا الإمامة (١) أبطَلْتَ ، وقد ثبتت حجّة الله تعالى عليك ، ولم يبق في إنكـارك للنصّ شـبهة في يديك.

ثـمّ عطـف الشـيعي علـى اليهـودي ، فقـال : إنّ الـذي عُـرف منـكـم ـ معشـر اليهود ـ إنّما هو الاقتصار (٢) على التقليد ، إلى أن اختلطتم بأهل الاعتزال ، فعلّموكـم النظر والجدال ، فلا هم نصحوكـم في الرسـالة ، فاقتصروا (٣) بكـم على الكـلام فيها إلى أن تهتدوا طريقها ..

ولا أنتم طلبتـم (٤) بالنظر وجهَ الله سـبحانه ، فأنعمتم النظر (٥) لأنفسـكم فيها ، فكان (٦) يتبـيّن (٧) لكم مسـتحقّها.

وقد تعـيّن علَيَّ ممّا جرى فرض أُؤدّيه ، ولزمني حقٌّ أُبديه ..

اعلم أنّ العلم بما غاب يدرك من وجهين ، وهما : العقل ، والنقل ؛ فبالعقل تُدرك المعقولات ، وبالنقل تُدرك المحسـوسـات ..

__________________

(١) في «أ» و «ج» : «للإمامة».

(٢) في «أ» : «الاعتماد».

(٣) في «ج» : «واقتصروا».

(٤) في «ب» : «بطلتم» ؛ وفي «ج» : «أبطلتم».

(٥) أَنْـعَـمَ النظـرَ في الشيء : إذا أطال الفكرة فيه.

انظر : لسان العرب ١٤ / ٢١٣ مادّة «نعم».

(٦) في «أ» : «فكـانت».

(٧) في «أ» و «ج» : «تبيين».

۳۶۶

ومعجزات الأنبياء عليهم‌السلام من الأُمور المحسوسة ، فلذلك كان لا سـبيل لمن غاب (عنها إلى علمها إلاّ بسـماع النقل لها) (١) ، ثمّ لا طريق لنا إلى صحّة الأخبار بأسـرها ، كما لا سـبيل إلى إنكارها كلّها ؛ إذ كان منها (حقٌّ وباطل) (٢) ، وفيها صحيح وفاسـد.

والناقلون طائفتان :

(إحداهمـا : قليلة يجوز عليها التواطؤ والافتعال ، مخبرها مشـكّك ، لا يتميّز حقٌّ من باطل.

والأُخرى : كـثيرة لا يجوز عليها التواطؤ والافتعال) (٣) ، فعلى قولها التعويل إذا أخبرت عمّا أدركـته بالحواسّ ، وهؤلاء هم المعنـيّون (٤) بذِكر التواتر في ما سـلف من الكـلام ، فمتى أخبر المتواترون عمّا أدركـوه بمشـاهدة وسـماع ، فقد وجب تصديقهم في الحالين على الاجتماع ؛ لأنّ العادات لم تجرِ بكـذب مثلهم ، ولو كـذبوا لاختلفوا وبطل تواترهم ، ففي اتّفاقهم على ما ينقلون مع اسـتحالة التواطؤ منهم دليل صدقهم.

وقد روى المسـلمون ـ مـع اعتـرافك (٥) بكـثرتهم ـ معجـزاتِ رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وتحدّيه (٦) العرب بالقرآن عن سـلفهم الّذين شـاهدوهم ، وذكـروا أنّهم سـمعوا ذلك منهم ، ولا شـكّ في صدقهم أنّهم

__________________

(١) في «ج» : «عنه إلى علم باسـتماع النقل لها».

(٢) في «أ» : «حقّـاً وباطلا».

(٣) في «أ» العبارة هكـذا : «أحديهما : كـثيرة لا يجوز عليها التواطؤ والافتعال ؛ والأُخرى : قليلة يجوز عليها التواطؤ والافتعال ؛ أمّا الطائفة الأُولى».

(٤) في «أ» : «المعتنون».

(٥) في «ب» و «ج» : «معرفتـك».

(٦) في «أ» : «وأنّـه تحدّى».

۳۶۷

أخـذوا (١) عنهم ، وقالوا : شـاهدنا سـلفنا.

هذا ، وحكـمهم في التواتر وقطع العذر يحكـمنا ، فقد وجب تصديقهم في ما (٢) حكـوا مشـاهدته ، كـما وجب تصديقهم في ما ذكـروا سـماعه ؛ لأنّ الحالين واحدة.

وقالوا ـ أيضاً ـ : سـمعنا سـلفنا هؤلاء يخبرونا بأنّهم شـاهدوا سـلفهم الّذين أخبروهم بالمعجزات ، وحكـمهم بالتواتر وقطع العذر لحكـمهم (٣) ، وأخبروهم بمثل ذلك بعينه عمّن قبلهم.

وعلى هذا ، كـلّ خلَف من المسـلمين يروي عن سـلفه ، أنّـه سـمع خبر المعجزات والتحدّي بالقرآن منه ، ونقل ذلك عنه وشـاهده ، وقد بلغ حدّ التواتر وجاوزه ، إلى أن يتّصل النقل بالطائفة التي أخبروا عن تواترها ممّن عاصر النبيّ وشـاهد آياته ومعجزاته ، وحضرَ الفصحاءَ في وقتهم ، وسـمِع التحدّي بالقرآن يفزعهم ، وأنّهم شـاهدوا من حالهم أنّهم لم يثبتوا (إلاّ للسـيف أنْ ثبتت) (٤) الحجّة عليهم ، فظهر بعد (٥) التحدّي عجزُهم.

وهذا دليل واضح إذا تأمّلته ، مغن لك إذا تصفّحته.

ولم يبق بعده إلاّ أن أُميط عنك الشـبهة التي أوردها عليك المعتزلي ، وأُعرّفك فسـادها بالبرهان الماضي.

أمّا قوله : «أنّ من شـرط صحّة الخبر المتواتر ، أن يوجب علم

__________________

(١) في «ب» : «أخذوه».

(٢) في «أ» : «بما».

(٣) في «أ» : «وبحكـمهم».

(٤) في «أ» : «إلى السيف إن لم يثبت» ؛ وفي «ب» : «إلى السيف إن تثبت».

(٥) في «ج» : «بهذا».

۳۶۸

الضرورة لسـامعه بصحّة مخبره» ؛ فباطل مسـتحيل ، وهو دعوىً عارية عن (١) دليل.

والذي يوضح لك عن فسـاد ذلك ، أنّ الضرورات أوائل العلوم ومبادي العقول ، وهي الأُصول لكـلّ ما سـاق إليه الدليل ، فلا بُـدّ من تقـدّمها وتأخّر كـلّ دلالة عنها ، ومن المحال أن يكـون علوم الاسـتدلال متقـدّمة على الاضطرار.

ولسـنا نشـكّ في أنّ العلم بصحّة ما أتى به الخبر المتواتر إنّما حصل بعد علمنا أنّ المتواترين لا يجوز عليهم التواطؤ ، وأنّ اسـتحالة التواطؤ عليهم دليلٌ على بطلان الافتعال منهم.

وهذا اسـتدلال قد حصل قبل العلم بصحّة مخبر الخبر ، وهو يوضح لك أنّ العلم به لم يحصل إلاّ اسـتدلالا ، وأنّـه لو كان ضرورة لكان أوّلا.

فتأمّل هـذا! فإنّ المعتزلة لم يهتدوا (٢) إليه ، فإذا رأيت صوابه واضحاً فعـوِّل عليه ، ففيه كـفاية وغنىً إن كـنت تريد (بالنظر وجه) (٣) الله عزّ وجـلّ.

قال اليهودي :

لسـت أُريد غير السـبيل وقد أسـفر (٤) ، ولا أطلب إلاّ الدليل وقد

__________________

(١) في «ب» و «ج» : «من».

(٢) في «أ» و «ب» : «تهتد».

(٣) في «ج» : «النظر لوجه».

(٤) في «أ» : «اسـتقرّ».

۳۶۹

حضر (١) ، ولا أقصد سـوى الحقّ وقد بدا ، ولا أخاف إلاّ الله وقد هدى.

ثمّ (أعلنَ بكلِمَـتَي) (٢) الإخلاص ، وأحسـن (٣) لنفسـه الخلاص ، وشـفع ذلك بالولاية ، واسـتحكـم أُصول (٤) الهداية.

قال الشـيعي :

الحمد الله المنقذ من الردى ، والمبصر من العمى ، والممهل (٥) لمن عصاه ، والقابل لمن أتاه ، هنّاك الله ـ أيّها المسـلم ـ إحسـانهَ ، وجعل حظّك في الآخرة جنانَه ، وقد حصل ـ رحمك الله ـ العلم ، وبقي العمل ، فشـمّر ومعك فسـحة في الأجل.

ثمّ قال : اللّهمّ لك الحمد على ما وفّقتني ، اللّهمّ لا تسـلبني ما أعطيتني ، ربّ أعوذ بك أن يكـون حظّي من هدايتك أن أعلم ولا أعمل ، وآمُـرَ بما لا أفعل.

ثمّ انثنى إلى المعتزلي ، فقال : خفِ الله سـبحانه ، فقد أوضح لك الحـقّ وأبانه ، وأقام عليه دليله وبرهـانه ، وسـمعت الحجج في النبـوّة ، وبان لك أنّها نفسـها حججٌ في الإمامة ، ورأيت كـيفية اسـتدلالنا بالتواتر على صحّة المعجزات والتحدّي ، وهو بعينه اسـتدلالنا على صحّة النصّ الجـلي.

__________________

(١) في «ب» : «حصر».

(٢) في «أ» : «أعلى بكـلمة».

(٣) في «أ» : «مظهراً».

(٤) في «ج» : «أحوال».

(٥) في «ب» و «ج» : «والمهمل».

۳۷۰

ومعنا زيادة ورجحان ، وهي أنّ من أصحاب العامّة مَن قد نقل معنى النصّ الجلي ، وليـس في مخالفي الملّـة أحد نقل مع (١) المسـلمين المعجزات والتحدّي.

وقد أوجدتك فسـاد ما ظننته من أنّ التواتر يوجب علم الاضطرار ، وانزاحت العلّة بواضح الأدلّة وانقطعت الأعذار ، فاسـلك سـبيل الاسـتدلال ، معرِضاً (٢) عن طرق الضلال ، ولا يكـن مَن بَعُـدَ عن الشـريعة ، أقرب منك وأسـرع إلى الطاعة ، فليـس الخلف بيننا ممّا يرجى للمبطل فيه سـلامة ، ما لم يكـن منه التوبة والندامة.

قال المعتزلي :

قد سـمعت جميع ما ذكـرت ، ولم ينشـرح صدري لِما أوردت ، (وفوق كـلّ ذي علم عليم) (٣) ، ولسـت أرى مخالفة الشـيخين أبي عليّ (٤) وأبي هاشـم (٥) ، وهما أقدر منّي على الجواب والنقض ، ولم أزل

__________________

(١) في «أ» : «من».

(٢) في «أ» و «ب» : «معـرّجاً».

(٣) سـورة يوسـف ١٢ : ٧٦.

(٤) هو : أبو عليّ محمّـد بن عبـد الوهّاب بن سـلام الجُبّائي ، من أئمّة المعتزلة وإليه تنتسـب الطائفة الجبّائية ، و «جُبّى» من قرى البصرة ، له مقالات وآراء انفرد بها في المذهب ، له تفسـير حافل مطـوّل ، ردّ عليه الأشـعري.

وكانت ولادة الجبّائي في سـنة ٢٣٥ ، وتوفّي في شـعبان سـنة ٣٠٣ هـ.

انظر : طبقات المعتزلة : ٨٠ ، وفيات الأعيان ٤ / ٢٦٧ رقم ٦٠٧.

(٥) هو : أبو هاشـم عبـد السـلام بن أبي عليّ محمّـد الجُبّائي بن عبـد الوهّاب بن سـلام بن خالد بن حُمران ، متكـلّم مشـهور ، كـان هو وأبوه من كـبار المعتزلة ، له

۳۷۱

قطّ نافياً للرفض.

قال الشـيعي :

ليسـت جميع العلل ينجع فيها الدواء ، وقد عبـد الناس قبلك الهوى ، وآثروا الضلال على الهدى ..

قال الله تعالى : (أفرأيت من اتّخذ إلـهـه هواه) (١).

وقال سـبحانه : (وأمّا ثمود فهديناهم فاسـتحبّوا العمى على الهدى) (٢).

ولسـنا نشـكّ في أنّ عصبية الرجال مفتاح الضلال ، وطاعة الرؤسـاء

__________________

مقالات على مذهب الاعتزال.

توفّي يوم الأربعاء لاثنتي عشـرة ليلة بقيت من شـعبان سـنة ٣٢١ ببغداد ، ودفن في مقابر البسـتان من الجانب الشـرقي.

نقل الخطيب البغـدادي ، عن أبي الحسـن الأزرق ، قال : «قال لي أبو هاشـم عبـد السـلام بن محمّـد بن عبـد الوهّاب الجُبّائي : وُلدت في سـنة سـبع وسـبعين ومئتين ...

قلت : وكـان عمره سـتّـاً وأربعين سـنة وثمانية أشـهر وإحدى وعشـرين يوماً».

وقال ابن الجوزي : «توفّي أبو هاشـم بن أبي عليّ الجُبّائي لسـتّ وأربعين سـنة».

وقال ابن حجر : «مات سـنة إحدى وعشـرين وثلاثمئة كـهلا ... قال الخطيب : عاش سـبعاً وأربعين سـنة غير أشـهر».

فما في «وفيات الأعيان» أنّ ولادته كـانت سـنة سـبع وأربعين ومئتين غلطٌ قطعاً ، وإلاّ لكان أبوه أبو عليّ يكبره باثنتي عشـرة سـنة فقط!!

انظر : تاريخ بغـداد ١١ / ٥٥ ـ ٥٦ رقم ٥٧٣٥ ، أعمار الأعيان : ٣٢ ، وفيات الأعيان ٣ / ١٨٣ رقم ٣٨٣ ، طبقات المعتزلة : ٩٤ ، لسـان الميزان ٤ / ١٦ رقم ٣٧.

(١) سـورة الجاثية ٤٥ : ٢٣.

(٢) سـورة فصّلت ٤١ : ١٧.

۳۷۲

في المحال مهلكة ووبال ؛ قال الله عزّ وجلّ حكاية عن أهل النار : (ربّنا إنّـا أطعنا سـادتنا وكـبراءنا فأضلّونا السـبيلا * ربّنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعناً كـبيراً) (١).

قال الذي أسـلم للشـيعي :

أيّها الموفّق السـديد ، والمرشـد المفيد! قد دللت فأبلغت ، ووعظت فبالغت ، وناديت فأسـمعت ، ونصحت فأفصحت (٢) ، حتّى ثـبَّـتَّ (٣) الحجّة وقهرت ، وبنيت المحجّة وأظهرت (٤) ، ووجب على الرائد الشـكـر ، ولم يبق لمعاند عذر.

وقد ذكـرت ـ رضي الله عنك ـ أنّ من أصحاب طريق العامّة مَن قد روى النصّ الجليّ ، على أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام بالإمامة ، فاذكر لنا بعضه لنقف عليه ، وزِدنا بصيرة في ما هديتـنا إليه.

قال الشـيعي :

* حدّثنا الشـيخ الفقيه أبو الحسـن محمّـد بن أحمد بن عليّ بن شـاذان القـمّي رضي‌الله‌عنه مـن كـتابه المعـروف بـ «إيضـاح دقائـق النواصـب» (٥) ـ

__________________

(١) سـورة الأحزاب ٣٤ : ٦٧ و ٦٨.

(٢) في «أ» و «ب» : «فأنصحت».

(٣) في «أ» : «بنيت».

(٤) في «ب» و «ج» : «وظهرت».

(٥) في حاشـية «أ» ما لفظـه :

«في كـتاب (أمل الآمل) للشـيخ محمّـد بن الحسـن الحرّ العاملي : محمّـد بن

۳۷۳

وهذا كـتاب جمع فيه ممّا سـمعه (١) من طريق العامّة مئة منقبة لأمير المؤمنيـن (عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام) (٢) والأئمّـة من وُلده صلوات الله عليهم ـ ، قال : حدّثنا محمّـد بن عبـد الله (بن عبيـد الله) (٣) ، قال : حدّثني محمّـد بن القاسـم ، قال : حدّثني عبّاد بن يعقوب ، قال : حدّثني عمرو بن أبي المقدام ، عن أبيه ، قال : حدّثني سـعيد بن جبير ، عن ابن عبّـاس ، قـال :

قال رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) :

«والذي بعثـني بالحقّ بشـيراً ونذيراً ، ما اسـتـقـرّ الكرسيّ والعرش ، ولا دار الفلك ، ولا قامت السـماء والأرض ، إلاّ بأن كـتب عليها : لا إله إلاّ الله ، محمّـدٌ رسـول الله ، عليٌّ أمير المؤمنين.

وإنّ الله تعالى لمّا عرج بي إلى السـماء ، واختصّني بلطيف ندائه ، قال : يا محمّـد!

قلت : لـبّيـك ربّي وسـعديك.

__________________

أحمد بن عليّ بن الحسـن بن شـاذان الكـوفي ، فاضل ، جليل ، له كـتاب مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام ، مئة منقبة من طرق العامّة ، روى عنه الكـراجكـي ، وهو يروي عن ابن بابويه. انتهى. [انظر : أمل الآمل ٢ / ٢٤١ ـ ٢٤٢ رقم ٧١٢].

وقال شـيخنا الفاضل المجلسـي في كـتاب (بحار الأنوار) : وكـتاب (المناقب) للشـيخ الجليل أبي الحسـن محمّـد بن أحمد بن عليّ بن الحسـن بن شـاذان القمّي ، أُسـتاد أبي الفتح الكـراجكـي ، ويثني عليه كـثيراً في (كـنزه) ، وذكـره ابن شـهر آشـوب في (المعالم). [انظر : بحار الأنوار ١ / ١٨].

كـتبه العبـد محمّـد باقـر».

(١) في «أ» : «سـمع».

(٢) لم ترد في «أ» و «ب».

(٣) لم يرد في «أ» ؛ وفي «ج» : «بن عبـد الله» ؛ وما أثبتناه من «ب» والمصدر وكـتاب «اليقين» لابن طاووس.

۳۷۴

فقال : أنا المحمود وأنت محمّـد ، شـققت اسـمك من اسـمي ، وفضّلتك على جميع بريّتي ، فانصب أخاك عليّـاً علماً لعبادي ، يهـديهم إلى ديني.

يا محمّـد! إنّي قد جعلت عليّـاً أمير المؤمنين ، فمن تأمّر عليه لعنته ، ومن خالفه عذّبته ، ومن أطاعه قـرّبته.

يا محمّـد! إنّي قد جعلت عليّـاً إمام المسـلمين ، فمن تقـدّم عليه أخزيته ، ومن عصاه أسـحقته (١).

إنّ عليّـاً سـيّد الوصيّين ، وقائد الغـرّ المحجّلين ، وحجّتي على الخلق أجمعين» (٢).

* وحدّثنا ـ أيضاً ـ الشـيخ أبو الحسـن بن شاذان من كـتابه ، قال : حدّثني الحسـن بن حمزة بن عبـد الله ، قال : حدّثنا أحمد بن الحسـن الخشّاب ، قال : حدّثنا أيّوب بن نوح ، قال : حدّثنا العبّاس بن عامر ، قال : حدّثني عمر بن أبان بن تغلب ، قال : حدّثني أبان بن تغلب ، قال : حدّثني عكـرمة ، عن ابن عبّـاس ، قال :

قال رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد منصرفه من حجّـة الوداع :

«أيّها الناس! إنّ جبرئيل الروح الأمين نزل علَيَّ من عند ربّي جلّ جلاله ، فقال : يا محمّـد! إنّ الله تعالى يقول : إنّي قد اشـتقت إلى لقائك ، فأَوْصِ بمَن (٣) يقدم في أمرك.

__________________

(١) كـذا في «أ» و «ج» ؛ وفي «ب» : «اسـتحفته».

(٢) انظر : مئة منقبة ـ لابن شـاذان ـ : ٧٢ المنقبة الرابعة والعشـرون.

وأخرجه السـيّد ابن طاووس في كـتابه «اليقين باختصاص مولانا عليّ عليه‌السلام بإمرة المؤمنين» نقلا عن ابن شـاذان : ٢٣٩ الباب ٧٨.

(٣) في «ب» و «ج» : «بخير».

۳۷۵

أيّها الناس! إنّـه قد اقترب أجلي ، وكـأنّي بكـم وقد فارقتموني وفارقتكـم ، وإذا (١) فارقتموني بأبدانكـم فلا تفارقوني بقلوبكـم.

أيّها الناس! إنّـه لم يكـن لله نبيّ قبلي خلد في الدنيا فأخلد ، (وإنّ الله تعالى قال) (٢) : (وما جعلنا لبشـر من قبلك الخلد أفإن مِتَّ فهم الخالدون * كـلّ نفس ذائقة الموت) (٣).

ألا وإنّ ربّي أمرني بوصيّـتكـم ..

ألا وإنّي أُريد أن أدلّكـم على سـفينة نجاتكـم ، وباب حطّتكـم ، فمن أراد منكـم النجاة بعدي ، والسـلامة من الفتن المردية ، فليتمسّك بولاية عليّ بن أبي طالب ، فإنّـه الصدّيق الأكـبر ، والفاروق الأعظم ، وهو إمام كـلّ مسـلم (٤) بعدي ، من اقتدى به في الدنيا ورد علَيَّ حوضي ، ومن خالفه لم أره ولم يرني ، واختُلِـج دوني وأُخذ به ذات الشـمال إلى النار.

أيّها الناس! إنّي قد نصحت لكم ، ولكن لا تحبّون الناصحين.

أقول قولي هذا وأسـتغفر الله (٥) لي ولكـم» (٦).

* وحـدّثني ـ بقراءتـه علَيَّ ـ أبو عبـد الله الحسـين بن محمّـد بن عليّ الصيرفي ـ وكـان مشـتهراً بالخلاف لآل محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ ، قال :

__________________

(١) في «ب» : «فإذا».

(٢) في «أ» : «والله يقول».

(٣) سـورة الأنبياء ٢١ : ٣٤ و ٣٥.

(٤) في «أ» زيادة : «من».

(٥) في «أ» و «مئة منقبة» زيادة : «العظيم».

(٦) انظر : مئة منقبة : ٦٨ المنقبة الحادية والعشـرون.

۳۷۶

حدّثنا (١) القاضي أبو بكر محمّـد بن عمر الجعابي ، قال : أخبرنا أبو جعفر محمّـد بن الحسـين بن حفص الخثعمي ، قال : حدّثنا محمّـد بن مروان ، قال : حدّثنا عليّ بن هلال الأحمسـي (٢) ، عن شـريك ، عن عبـد الله بن محمّـد بن عقيل ، عن جابر ، قال :

قـام رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فينـا بأحجـار الزيـت (٣) ، فأخـذ بضبـع (٤) عليّ عليه‌السلام حتّى رُئي (٥) بياض إبطيهما ـ ولم يُر إلاّ ذلك اليوم ، ويوم غدير خُـمّ ـ ، فقال :

«أيّها الناس! هذا عليٌّ أمير المؤمنين ، وسـيّد المسـلمين ، وقائد الغـرّ المحجّلين ، وعَيـبة (٦) علمي ، ووصيّي في أهلي ، وخليفتي في

__________________

(١) في «أ» : «أخبرنا».

(٢) في «أ» : «الأحمس» ؛ وفي «ب» : «الأخمشـي» ؛ وما أثبتناه من «ج» هو الصحيح.

انظر : لسـان الميزان ٤ / ٢٦٦ رقم ٧٣٩.

(٢٠) أحْجَارُ الـزَّيْت : موضع بالمدينة قريبٌ من الـزَّوراء ، وهو موضع صلاة الاسـتسـقاء ، وقال العمراني : أحجار الـزَّيت موضع بالمدينة داخلها.

انظر : معجم البلدان ١ / ١٣٥ رقم ٢٧٠.

(٢١) الـضَّـبْـعُ ـ بسـكـون الباء ـ : وسَطُ العَضُدِ بلحمه ، يكـون للإنسـان وغيره ، والجمع : أضباعٌ ، وقيل : العَضُدُ كـلُّها ، وقيل : ما بين الإبط إلى نصف العضد من أعلاه ، تقول : أخذَ بضبعيه ، أي : بعَضُدَيه.

انظر : لسـان العرب ٨ / ١٦ مادّة «ضبع».

(٢٢) في «أ» : «بدا».

(٢٣) الـعَـيْـبةُ : وعاءٌ من أدم ، يكـون فيها المتاع ، والجمع : عيابٌ وعِيَبٌ ، فأمّا عيابٌ فعلى القياس ، وأمّا عِيَبٌ فكـأنّه إنّما جاء على جمع عيبة ، والعرب تكـنّي عن الصُّدور والقلوب التي تحتوي على الضمائر المُخفاة : بالعياب ؛ وذلك أنّ الرجل إنّما يضعُ في عَيبته حُـرَّ متاعه ، وصونَ ثيابه ، ويكـتمُ في صَدْرِه أخصَّ أسـراره

۳۷۷

أُمّتي ، يقضي ديني ، وينجز موعدي ، وهو معي على مفاتيح الجنّة ، ومعي في الشـفاعة.

أيّها الناس! من أحبّ عليّـاً فقد أحبّني ، ومن أحبّني فقد أحبّ الله تبارك وتعالى ، ومن أبغض عليّـاً فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله عزّ وجلّ.

أيّها الناس! إنّي سـألت ربّي عزّ وجلّ في عليّ خصلة فمنعنيها ، وابتدأني فيه بسـبع.

قال جابر : بأبي أنت وأُمّي يا رسـول الله! ما الخصلة التي سـألت الله عزّ وجلّ فمنعكـها؟

قال : فقال : ويحك يا جابر! سـألت ربّي أن يسـتقيم أمر هذه الأُمّة على عليّ من بعدي ، فأبى إلاّ أن يضلّ من يشـاء ويهدي من يشـاء.

فقلت : بأبي أنت وأُمّي يا رسـول الله! وما السـبع التي ابتدأك الله فيه؟

قال : ويحك يا جابر! أنا أوّل من يخرج يوم القيامة من قبره وعليٌّ معي ..

وأنا أوّل من يدنو إلى الصراط وهو معي ..

وأنا أوّل من يقرع باب الجنّـة وعليٌّ معي ..

وأنا أوّل من يسـكـن في علّـيّـين وعليٌّ معي ..

__________________

التي لا يُحِبُّ شُيوعها ، فسـمّيت الصدور والقلوبُ : عياباً.

انظر : لسـان العرب ٩ / ٤٩٠ مادّة «عيب».

۳۷۸

وأنا أوّل من (يتزوّج بالحور) (١) العين وعليٌّ معي ..

وأنا أوّل مَن يسـقى مِن (٢) الرحيق المختوم (ختامه مسـك وفي ذلك فليتنافس المتنافسـون) (٣) وعليٌّ معي ..

وأنا أوّل من ينظر إلى الله تعالى (٤) وعليٌّ معي» (٥).

قال الذي أسـلم :

ما معنى هذا الامتناع والإباء من الله تعالى في الخبر عند سـؤال رسـوله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ وما معنى النظر إلى الله تعالى؟

قال الشـيعي :

هو إعلامه تعالى لنبيّـه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ أُمّته لا تسـتقيم على وصيّـه

__________________

(١) في «ب» و «ج» : «يزوّج بحور».

(٢) لم ترد في «أ» و «ب».

(٣) سـورة المطـفّـفين ٨٣ : ٢٦.

(٤) في «أ» و «ب» : «عزّ وجلّ».

(٥) انظر : تفسـير فرات الكوفي ٢ / ٥٤٥ ح ٧٠٠.

ومن خطبة للإمام أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام أوردها ابن جرير الطبري في «المسـترشـد» يذكر عليه‌السلام فيها المواطنَ التي دعا فيها الرسـولُ (صلى الله عليه وآله وسلم) الناسَ إلى الاقتداء والتمسّك به عليه‌السلام من بعـده (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وأنّـه هو الوصيّ في أهله ، والخليفة في أُمّته ، قائلا : «هلك من قارن حسداً ... ـ إلى قوله : ـ ولنا خصائص حقّ الولاية ، وفينا الوصيّـة والوراثة ، وحجّة الله عليكم في حجّة الوداع يوم غدير خُمّ ، وبذي الحليفة ، وبعـد المقام الثالث بأحجار الزيت ...».

انظر : المسـترشـد : ٣٩٩.

۳۷۹

اختياراً ، (والعدل لا يقتضي) (١) الاضطرار ؛ لأنّـه يخرجهم عن (٢) التكـليف الذي يُسـتحقّ به الثواب والعقاب.

فأمّـا (٣) الضلال والهدى ، فأحد محتملاته أن يختصّ بالقيامة ، فيكـون الضلال للكـافر عن طريق الجنّـة ، والهـدى للمؤمنين إليها ، (وهو لا يشـاء أن يفعل ذلك إلاّ بأهله) (٤).

وأمّا النظر إلى الله فيحتمل ما يحمل عليه قوله تعالى : (إلى ربّها ناظرة) (٥) ، والمعنى فيه انتظارها لثواب الله جلّ اسـمه (٦).

فهذا طرف ممّا روي من هذا الطريق وفي هذا المعنى.

فأمّا من طريق الخاصّة فقد جاء منه (ما لا يخفى) (٧).

قال الذي أسـلم :

آمنّـا وصـدّقنـا ، والحمـد لله شـكـراً.

__________________

(١) في «أ» : «ولا يقتضي المصلحة».

(٢) في «ج» : «من».

(٣) في «أ» : «وأمّا».

(٤) في «أ» : «وهؤلاء يشـابه أن يفعل الإباء».

(٥) سـورة القيامة ٧٥ : ٢٣.

(٦) مجمع البيان ١٠ / ١٧٧ ، وانظر : تفسـير الطبري ١٢ / ٣٤٣ ـ ٣٣٤ ح ٣٥٦٥٦ ـ ٣٥٦٦٣ ، شـرح الأُصول الخمسـة : ٢٤٧ وما بعدهـا.

(٧) في «أ» : «ما لا يحصى كـثرةً» ؛ وفي «ب» : «ما لا يخفى كـثرةً».

۳۸۰

فقد أثبتُّ لك ـ يا أخي ـ في هذا الكـتاب ، من الإبانة عن المماثلة في الاسـتدلال بين طريقَي (١) النبـوّة والإمامة ، ما فيه غنىً وكـفاية.

والحمد لله أوّلا وآخراً ،

والصلاة على سـيّدنا محمّـد رسـوله المصطفى ،

وعلى أمير المؤمين وصيّه المرتضى ،

والأئمّة من بعدهما الأبرار الأولياء ،

وسـلّم تسـليماً (٢).

__________________

(١) في «ج» : «طريق».

(٢) جاء في نسـخة «أ» إنهاء لفظه :

«وقد وقع الفراغ من تنميقه ، بعون الله وحسـن توفيقه ، من قبيل الظهر من يوم الأربعاء ، العشـرين من شـهر رجب ، من السـنة الثالثة عشـر ، من المئة الثانية ، من الألف الثاني ، من الهجرة النبويّة (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وآله الّذين هم مصابيح الدجى ومفاتيح الهدى.

كـذا وجدت مختومة بهذه العبارة وفي آخرها على الهامش ما هذا لفظه : ظنّي أنّ هذه الرسـالة الشـريفة للشـيخ العالم الفاضل الفقيه الثقة المتكـلّم الجليل أبي الفتح محمّـد بن عليّ بن عثمان الكـراجكـي قدّس الله سـرّه ، وهو يروي عن الشـيخ المفيد ومن عاصره ، واسـم تلك الرسـالة : (الإبانة عن المماثلة في الاسـتدلال من طريق النبوّة والإمامة) التي عدّت من مصنّفاته في بعض كـتب الرجال ، والله تعالى يعلم حقيقة الحال.

وكـتب هذه الأسـطر بيمناه البالية الجانية : محمّـد إبراهيم بن محمّـد معصوم الحسـيني ، في شـهر محرّم الحرام سـنة ١٢٨٢».

وجاء في نسـخة «ج» إنهاء لفظه :

«وفرغ من تسـويده الواثق بالله الغالب ، ابن الحاجّ أبي تراب أبو طالب ، جعلهما الله من المتمسّكـين بولاية عليّ بن أبي طالب وأولاده المعصومين ، صلوات الله عليهم أجمعين».

۳۸۱

ثبت مصادر ومراجع التحقيق

١ ـ القـرآن الكـريم.

٢ ـ الاحتجاج ، لأحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي (ت نحو ٥٢٠) ، تحقيق إبراهيم البهادري وآخرين ، نشـر دار الأُسـوة ، قم ١٤١٦ هـ.

٣ ـ الإحسـان بترتيب صحيح ابن حبّان ، لعلاء الدين علي بن بلبان الفارسـي (ت ٧٣٩) ، تحقيق كـمال يوسـف الحوت ، نشـر دار الفكـر ، بيروت ١٤٠٧.

٤ ـ أحكـام القرآن ، لأبي بكـر أحمد بن علي الجصّاص الرازي (ت ٣٧٠) ، تحقيق صدقي محمّـد جميل ، نشـر دار الفكـر ، بيروت ١٤١٤.

٥ ـ الأخبار الموفّـقيات ، للزبير بن بكّار القرشي (ت ٢٥٦) ، تحقيق سامي مكّي العاني ، نشر عالم الكتب ، بيروت ١٤١٦.

٦ ـ الإرشـاد ، للشـيخ المفيد محمّـد بن محمّـد بن النعمان (ت ٤١٣) ، تحقيق ونشـر مؤسّـسـة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ، قم هـ.

٧ ـ أسـباب النزول ، لعلي بن أحمد الواحدي النيسـابوري (ت ٤٦٨) ، تحقيق مركـز البحوث والدراسـات ، نشـر دار الفكـر ، بيروت ١٤١٤.

٨ ـ الاسـتيعاب في معرفة الأصحاب ، لأبي عمر يوسـف بن عبـد الله بن محمّـد بن عبـد البَـرّ (ت ٤٦٣) ، تحقيق علي محمّـد البجاوي ، نشـر دار الجيل ، بيروت ١٤١٢.

٩ ـ إعلام الورى بأعلام الهدى ، للفضل بن الحسـن الطبرسـي (ت ٥٤٨) ، تحقيق ونشـر مؤسّـسـة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ، قم ١٤١٧.

١٠ ـ أعمار الأعيان ، لأبي الفرج عبـد الرحمن ابن الجوزي (ت ٥٩٧) ، تحقيق محمود محمّـد الطناحي ، نشـر الهيئة المصرية للكـتاب ، القاهرة.

١١ ـ أمل الآمل ، لمحمّـد بن الحسن الحرّ العاملي (ت ١١٠٤) ، تحقيق أحمد الحسـيني ، نشـر مؤسّـسة الوفاء ، بيروت ١٤٠٣.

۳۸۲

١٢ ـ الأنسـاب ، لأبي سـعد عبـد الكـريم بن محمّـد بن منصور السـمعاني (ت ٥٦٢) ، تحقيق عبـد الله عمر الباروني ، دار الجنان ، بيروت ١٤٠٨.

١٣ ـ أنسـاب الأشـراف ، لأحمـد بن يحيى بن جابر البلاذري (ت ٢٧٩) ، تحقيق سـهيل زكّار ورياض زركلي ، نشـر دار الفكـر ، بيروت ١٤١٧.

١٤ ـ الأمالي ، للشـيخ الصدوق محمّـد بن علي بن الحسـين بن بابويه القمّي (ت ٣٨١) ، تحقيق ونشـر مؤسّـسـة البعثة ، قم ١٤١٧.

١٥ ـ الأمالي ، للشـيخ أبي جعفر محمّـد بن الحسـن الطوسـي (ت ٤٦٠) ، تحقيق ونشـر مؤسّـسـة البعثة ، قم ١٤١٤.

١٦ ـ بحار الأنوار ، لمحمّـد باقر بن محمّـد تقي المجلسي (ت ١١١٠) ، نشـر دار إحياء التراث العربي ، بيروت ١٤٠٣.

١٧ ـ البداية والنهاية ، لابن كـثير إسـماعيل بن عمر القرشـي البصري (ت ٧٧٤) ، تحقيق مجموعة من الأسـاتذة ، نشـر دار الكـتب العلمية ، بيروت ١٤١٥.

١٨ ـ بشـارة المصطفى لشـيعة المرتضى ، لمحمّـد بن أبي القاسـم الطبري (ت ق ٦) ، تحقيق جواد القيومي ، نشـر مؤسّـسـة النشـر الإسلامي ، قم ١٤٢٢.

١٩ ـ تاريخ أصبهان ، لأبي نُعيم أحمد بن عبـد الله الأصبهاني (ت ٤٣٠) ، تحقيق سـيّد كسروي حسن ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت ١٤١٠.

٢٠ ـ تاريخ الأُمم والملوك (تاريخ الطبري) ، لمحمّـد بن جرير الطبري (ت ٣١٠) ، نشـر دار الكـتب العلمية ، بيروت.

٢١ ـ تاريخ البخاري ، لمحمّـد بن إسـماعيل بن إبراهيم الجعفي البخاري (ت ٢٥٦) ، نشـر دار الكـتب العلمية ، بيروت.

٢٢ ـ تاريخ بغـداد ، لأبي بكر أحمـد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي (ت ٤٦٣) ، نشـر دار الكـتب العلمية ، بيروت.

٢٣ ـ تاريخ الخلفاء ، لجلال الدين عبـد الرحمن بن أبي بكـر السـيوطي (ت ٩١١) ، نشـر دار الجيل ، بيروت ١٤١٥.

٢٤ ـ تاريخ دمشـق ، لأبي قاسـم علي بن الحسـن بن هبة الله بن عبـد الله الشـافعي المعروف بابن عسـاكـر (ت ٥٧١) ، تحقيق أبي سـعيد عمر بن غرامة

۳۸۳

العَمري ، نشـر دار الفكـر ، بيروت ١٤١٥.

٢٥ ـ تاريخ اليعقوبي ، لأحمد بن أبي يعقوب بن واضح الكـاتب (ت ٢٩٢) ، تحقيق عبـد الأمير مهنّا ، نشـر مؤسّـسـة الأعلمي ، بيروت ١٤١٣.

٢٦ ـ تفسـير ابن كـثير ، لعماد الدين أبو الفداء إسـماعيل بن كـثير (ت ٧٧٤) ، نشـر دار الجيل ، بيروت.

٢٧ ـ تفسـير البغوي (معالم التنزيل) ، للحسـين بن مسـعود الفرّاء البغوي (ت ٥١٦) ، نشـر دار الكـتب العلمية ، بيروت ١٤١٤.

٢٨ ـ تفسـير الثعلبي (الكـشـف والبيان) ، لإبي إسـحاق أحمد الثعلبي (ت ٤٢٧) ، تحقيق علي عاشـور ونظير السـاعدي ، نشـر دار إحياء التراث العربي ، بيروت ١٤٢٢.

٢٩ ـ تفسـير الحِبَري ، للحسـين بن الحكـم بن مسـلم الحبري (ت ٢٨٦) ، تحقيق محمّـد رضا الحسـيني ، نشـر مؤسّـسـة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ، بيروت ١٤٠٨.

٣٠ ـ تفسـير الحسـن البصري ، للحسـن بن يسار البصري (ت ١١٠) ، تحقيق محمّـد عبـد الرحيم ، نشـر دار الحديث.

٣١ ـ تفسـير الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور ، لجلال الدين عبـد الرحمن ابن أبي بكر السـيوطي (ت ٩١١) ، نشـر دار الفكـر ، بيروت ١٤١٤.

٣٢ ـ تفسـير الطبري (جامع البيان) ، لمحمّـد بن جرير الطبري (ت ٣١٠) ، نشـر دار الكـتب العلمية ، بيروت ١٤١٢.

٣٣ ـ تفسـير الفخر الرازي (التفسـير الكـبير) ، لمحمّـد بن عمر فخر الدين الرازي (ت ٦٠٦) ، تحقيق خليل محيي الدين ، نشـر دار الفكـر ، بيروت ١٤١٤.

٣٤ ـ تفسـير فرات الكوفي ، لفرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي (من أعلام عصر الغَيبة الصغرى) ، تحقيق محمّد الكاظم ، نشـر مؤسّـسـة النعمان ، بيروت ١٤١٢.

٣٥ ـ تفسـير القرطبي (الجامع لأحكـام القرآن) ، للقرطبي محمّـد بن أحمد الخزرجي (ت ٦٧١) ، نشـر دار الكـتب العلمية ، بيروت ١٤١٧.

۳۸۴

٣٦ ـ تفسـير مجاهد بن جبر ، لمجاهد بن جبر (ت ١٠٢) ، تحقيق محمّـد عبـد السـلام أبو الغيل ، نشـر دار الفكـر الإسـلامي ، مصر ١٤١٠.

٣٧ ـ تقريب التهذيب ، لأحمد بن علي بن حجر العسـقلاني (ت ٨٥٢) ، تحقيق مصطفى عبـد القادر ، نشـر دار الكـتب العلمية ، بيروت ١٤١٥.

٣٨ ـ تهذيب الآثار ، لمحمّـد بن جرير الطبري (٣١٠) ، تحقيق محمود محمّـد شـاكـر ، نشـر دار المدني ، القاهرة ١٤٠٣.

٣٩ ـ تهذيب التهذيب ، لأحمد بن علي بن حجر العسـقلاني (ت ٨٥٢) ، نشـر دار إحياء التراث ، بيروت.

٤٠ ـ الثاقب في المناقب ، لمحمّـد بن علي بن حمزة الطوسـي (ت ق ٦) ، تحقيق نبيل رضا علوان ، نشـر مؤسّـسـة أنصاريان ، قم ١٤١٢.

٤١ ـ الجامع الصغير ، لجلال الدين بن أبي بكر السيوطي (ت ٩١١) ، نشـر دار الكتب العلمية ، بيروت ١٤١٠.

٤٢ ـ الجعديات (مسـند علي بن الجعد ، المتوفّى سـنة ٢٣٠) ، لأبي القاسـم عبـد الله بن محمّـد البغوي (ت ٣١٧) ، تحقيق رفعت فوزي عبـد الله ، نشـر مكـتبة الخانجي ، القاهرة ١٤١٥.

٤٣ ـ الجمع بين الصحيحين ، لمحمّـد بن فتوح الحميدي (ت ٤٨٨) ، تحقيق علي حسـين البوّاب ، نشـر دار ابن حزم ، بيروت ١٤١٩.

٤٤ ـ جمهرة اللغة ، لمحمّـد بن الحسـن بن دريد (ت ٣٢١) ، تحقيق رمزي منير بعلبكي ، نشر دار العلم للملايين ، بيروت ١٩٨٨ م.

٤٥ ـ حلية الأولياء ، لأبي نُعيم أحمد بن عبـد الله الأصبهاني (ت ٤٣٠) ، نشـر دار الكـتب العلمية ، بيروت.

٤٦ ـ الخرائج والجرائح ، لقطب الدين سـعيد بن عبـد الله الراوندي (ت ٥٧٣) ، تحقيق ونشـر مؤسّـسـة الإمام المهديّ عليه‌السلام ، قم ١٤٠٩.

٤٧ ـ خصائص أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام ، للشـريف الرضي (ت ٤٠٦) ، نشـر المطبعة الحيدرية ، النجف الأشرف.

٤٨ ـ الخصـال ، للشـيخ الصدوق أبي جعفر محمّـد بن علي بن بابويه (ت

۳۸۵

٣٨١) ، تحقيق علي أكـبر الغفّاري ، نشـر مؤسّـسـة النشـر الإسلامي ، قم ١٤١٦.

٤٩ ـ دلائـل الصدق ، لمحمّـد حسـن المظفّر (ت ١٣٧٥) ، تحقيـق ونشـر مؤسّـسـة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ، دمشـق ١٤٢٢.

٥٠ ـ دلائل النبوّة ، لأبي بكـر أحمد بن الحسـين البيهقي (ت ٤٥٨) ، تحقيق الدكـتور عبـد المعطي قلعجي ، نشـر دار الكـتب العلمية ، بيروت ١٤٠٥.

٥١ ـ دلائل النبوّة ، لأبي نعيم أحمد بن عبـد الله الأصبهاني (ت ٤٣٠) ، تحقيق محمّـد رواس وغيره ، نشـر دار النفائس ، بيروت ١٤٠٦.

٥٢ ـ ديوان السريّ الرفّاء ، تقديم وشرح كرم البُسـتاني ، نشـر دار صادر ، بيروت ١٩٩٦ م.

٥٣ ـ الرسـائل العشـر في الأحاديث الموضوعة ، لعلي الحسـيني الميلاني ، نشـر (ياران) ، قم ١٤١٨.

٥٤ ـ روضة الواعظين ، لمحمّـد بن الفتّال النيشـابوري (ت ٥٠٨) ، تحقيق مجتبى الفرجي ، نشـر (دليل) ما ، قم ١٤٢٣.

٥٥ ـ السُـنّـة ، لأبي بكـر أحمد بن أبي عاصـم (ت ٢٨٧) ، تحقيق محمّـد ناصر الدين الألباني ، نشـر المكـتب الإسـلامي ، بيروت ١٤١٣.

٥٦ ـ سـنن ابن ماجة ، لابن ماجة محمّـد بن يزيد القزويني (ت ٢٧٣) ، تحقيق محمّـد فؤاد عبـد الباقي ، نشـر دار الكـتب العلمية ، بيروت.

٥٧ ـ سـنن الترمذي ، لأبي عيسـى محمّـد بن عيسـى بن سـورة الترمذي (ت ٢٧٩) ، تحقيق أحمد محمّـد شـاكـر ، نشـر دار الكـتب العلمية.

٥٨ ـ سـنن الدارقطني ، لعلي بن عمر الدارقطني (ت ٣٨٥) ، نشـر دار الفكـر ، بيروت ١٤١٤.

٥٩ ـ السـنن الصغرى ، لأحمد بن الحسـين البيهقي (ت ٤٥٨) ، تحقيق عبـد الله عمر ، نشـر دار الفكـر ، بيروت ١٤١٤.

٦٠ ـ سـنن سـعيد بن منصور ، لسـعيد بن منصور الخراسـاني المكّي (ت ٢٢٧) ، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي ، نشـر دار الكـتب العلمية ، بيروت.

٦١ ـ السـنن الكـبرى ، لأحمد بن شـعيب النَّسـائي (ت ٣٠٣) ، تحقيق

۳۸۶

عبـد الغفّار سـليمان وكـسـروي حسـن ، نشـر دار الكـتب العلميّة ، بيروت ١٤١١.

٦٢ ـ السـنن الكـبرى ، لأبي بكـر أحمد بن الحسـين البيهقي (ت ٤٥٨) ، نشـر دار الفكـر ، بيروت.

٦٣ ـ سـنن النسـائي ، لأحمد بن شـعيب النسـائي (ت ٣٠٣) ، نشـر دار الجيل ، بيروت.

٦٤ ـ سـير أعلام النبلاء ، لشـمس الدين محمّـد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت ٧٤٨) ، تحقيق نخبة من المحقّقين ، نشـر مؤسّـسـة الرسـالة ، بيروت ١٤١٤.

٦٥ ـ السـير والمغازي ، لمحمّـد بن إسـحاق المطّلبي (ت ١٥١) ، تحقيق سـهيل زكّار ، نشـر دار الفكـر ، بيروت ١٣٩٨.

٦٦ ـ السـيرة النبوية ، لعبـد الملك بن هشـام الحميري البصري (ت ٢١٣) ، تحقيق طه عبـد الرؤوف سـعد ، نشـر دار الجيل ، بيروت.

٦٧ ـ السـيرة النبوية ، لمحمّـد بن حبّان التميمي البسـتي (ت ٣٥٤) ، تحقيق عزيز بك وغيره ، نشـر مؤّسسـة الكـتب العلمية ، بيروت ١٤٠٧.

٦٨ ـ السـيرة النبوية ، لابن كثير إسماعيل بن عمر القرشي البصري (ت ٧٧١) ، تحقيق مصطفى عبـد الواحد ، نشـر دار الفكر ، بيروت.

٦٩ ـ شـذرات الذهب ، لأبي الفلاح عبـد الحيّ بن العماد الحنبلي (ت ١٠٨٩) ، نشـر دار الفكـر ، بيروت ١٤١٤.

٧٠ ـ شـواهد التنزيل ، لعبيدالله بن عبـد الله بن أحمد الحسـكـاني (ت ٤٧٠) ، تحقيق محمّـد باقر المحمودي ، نشـر مؤسّـسـة الأعلمي ، بيروت ١٣٩٣.

٧١ ـ شـرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار ، لأبي حنيفة النعمان بن محمّـد المغربي (ت ٣٦٣) ، نشـر مؤسّـسـة النشـر الإسلامي ، قم ١٤١٤.

٧٢ ـ شـرح الأُصول الخمسـة ، لعبـد الجبّار بن أحمد القاضي الهمذاني المعتزلي (ت ٤١٥) ، تحقيق عبـد الكـريم عثمان ، نشـر مكـتبة وهبة ، القاهرة ١٤٠٨.

٧٣ ـ شـرح الزرقاني على المواهب اللدنّية ، لمحمّـد بن عبـد الباقي

۳۸۷

الزرقاني (ت ١١٢٢) ، تحقيق محمّـد بن العزيز الخالدي ، نشـر دار الكـتب العلمية ، بيروت ١٤١٧.

٧٤ ـ شـرح المقاصد ، لسـعد الدين مسـعود بن عمر التفتازاني (ت ٧٩٣) ، تحقيق عبـد الرحمن عميرة ، نشـر منشـورات الشـريف الرضي ، قم ١٤٠٩.

٧٥ ـ شـرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد المعتزلي عزّ الدين عبـد الحميد ابن هبة الله المدائني (ت ٦٥٦) ، نشـر دار الجيل ، بيروت ١٤١٦.

٧٦ ـ شـواهد التنزيل ، لعبيد الله بن عبـد الله بن أحمد الحسكاني (ت ٤٧٠) ، تحقيق محمّـد باقر المحمودي ، نشر مؤسّـسة الأعلمي ، بيروت ١٣٩٣.

٧٧ ـ صحيح ابن خزيمة ، لأبي بكـر محمّـد بن خزيمة (ت ٣١١) ، تحقيـق محمّـد مصطفى الأعظمي ، نشـر المكـتب الإسـلامي ، بيروت ١٤١٢.

٧٨ ـ صحيح البخاري ، لمحمّـد بن إسـماعيل بن إبراهيم الجعفي البخاري (ت ٢٥٦) ، نشـر المكـتبة الثقافية ، بيروت.

٧٩ ـ صحيح مسـلم ، لمسـلم بن الحجّاج النيسـابوري (ت ٢٦١) ، نشـر دار الجيل ، بيروت.

٨٠ ـ الطبقات الكـبرى ، لابن سـعد (ت ٢٣٠) ، تحقيق محمّـد عبـد القادر عطا ، نشـر دار الكـتب العلميّة ، بيروت ١٤١٠.

٨١ ـ طبقات المحدّثين بأصفهان ، لأبي الشـيخ عبـد الله بن محمّـد بن جعفر بن حيّان الأنصاري (ت ٣٦٩) ، تحقيق عبـد الغفور عبـد الحقّ ، نشـر مؤسّـسـة الرسالة ، بيروت.

٨٢ ـ طبقات المعتزلة ، لأحمد بن يحيى بن المرتضى (ت ٨٤٠) ، تحقيق سـوسـنة ديقلد ـ فلزر ، نشـر دار مكـتبة الحياة ، بيروت.

٨٣ ـ الطرائف ، لعلي بن موسى بن طاووس (ت ٦٦٤) ، تحقيق مهدي الرجائي ، نشـر مؤسّـسـة البلاغ ، بيروت ١٤١٩.

٨٤ ـ العبر في خبر من غَبر ، لشـمس الدين محمّـد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت ٧٤٨) ، تحقيق أبو هاجر محمّـد السـعيد بن بسـيوني زغلول ، نشـر

۳۸۸

دار الكـتب العلمية ، بيروت.

٨٥ ـ العقد الفريد ، لأحمد بن محمّـد بن عبـد ربّه الأندلسي (ت ٣٢٧) ، نشر دار الأندلس ، بيروت ١٤١٦.

٨٦ ـ العلل الواردة في الأحاديث النبويّة ، لعلي بن عمر بن أحمد بن مهدي الدارقطني (ت ٣٨٥) ، تحقيق محفوظ الرحمن زين الله السـلفي ، نشـر دار طيبة ، الرياض ١٤٢٤.

٨٧ ـ عيون أخبار الرضـا عليه‌السلام ، للصدوق أبي جعفر محمّـد بن علي بن الحسـين بن بابويه القمّي (ت ٣٨١) ، تصحيح وتعليق حسـين الأعلمي ، نشـر مؤسّـسـة الأعلمي ، بيروت ١٤٠٤.

٨٨ ـ الغدير في الكـتاب والسُـنّة والأدب ، لعبـد الحسين أحمد الأميني النجفي (ت ١٣٨٩) ، نشـر مؤسّـسـة الأعلمي ، بيروت ١٤١٤.

٨٩ ـ الغيلانيات ، لمحمّـد بن عبـد الله الشـافعي (ت ٣٥٤) ، تحقيق حلمي كـامل ، نشـر دار ابن الجوزي ، السـعودية ١٤١٧.

٩٠ ـ فتح الباري شـرح صحيح البخاري ، لابن حجر العسـقلاني أحمد بن علي (ت ٨٥٢) ، تحقيق عبـد العزيز بن باز ومحمّـد فؤاد عبـد الباقي ، نشـر دار الكـتب العلمية ، بيروت ١٤١٠.

٩١ ـ فرائد السـمطين ، لإبراهيم بن محمّـد بن المؤيّد الجويني الخراسـاني (ت ٧٣٠) ، تحقيق محمّـد باقر المحمودي ، نشـر مؤسّـسـة المحمودي للطباعة والنشـر ، بيروت ١٣٩٨.

٩٢ ـ فردوس الأخبار ، لشيرويه بن شهردار بن شيرويه الديلمي (ت ٥٠٩) ، نشـر دار الفكر ، بيروت ١٤١٨.

٩٣ ـ الفَرق بين الفِرق ، لعبـد القاهر بن طاهر التميمي الشـافعي (ت ٤٢٩) ، نشـر دار الآفاق الجديدة ، بيروت ١٩٧٧ م.

٩٤ ـ فرهنـگ فارسي ، لمحمّـد معين ، نشر مؤسّـسة أمير كبير ، طهران.

٩٥ ـ الفِصَل في الملل والأهواء والنحل ، لابن حزم علي بن أحمد الأندلسـي الظاهري (ت ٤٥٦) ، تحقيق أحمد شـمس الدين ، نشـر دار الكـتب

۳۸۹

العلمية ، بيروت ١٤١٦.

٩٦ ـ الفصول المهمّة في معرفة أحوال الأئمّة عليهم‌السلام ، لعلي بن محمّـد ابن الصبّاغ المالكـي (ت ٨٥٥) ، نشـر دار الكـتب التجارية ، النجف الأشـرف.

٩٧ ـ فضائل الصحابة ، لأحمد بن حنبل (ت ٢٤١) ، تحقيق وصي الله بن محمّـد عبّـاس ، نشـر دار ابن الجوزي ، الرياض ١٤٢٠.

٩٨ ـ الكـافي ، لمحمّـد بن يعقوب الكـليني الرازي (ت ٣٢٩) ، تحقيق ونشـر دار الأُسـوة للطباعة والنشـر ، طهران ١٤١٨.

٩٩ ـ كـتاب سُليم بن قيـس الهلالي ، لسُليم بن قيـس الهلالي العامري الكـوفي (ت ٧٦) ، تحقيق محمّـد باقر الأنصاري ، نشـر مؤسّـسـة الهادي ، قم ١٤١٦.

١٠٠ ـ كـشـف الغمّـة ، لأبي الحسـن علي بن عيسـى بن أبي الفتح الأِربلّي (ت ٦٩٣) ، تحقـيق السيّد هاشـم الرسـولي المحـلاّتي ، نشـر مكـتبة بني هاشـم ، قم ١٣٨١.

١٠١ ـ كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، لمحمّـد بن يوسـف الكنجي الشافعي ، تحقيق محمّـد هادي الأميني ، نشـر دار إحياء تراث أهل البيت ، طهران ١٤٠٤.

١٠٢ ـ الكـنى والأسـماء ، لأبي بشـر الدولابي (ت ٣١٠) ، نشـر مجلس دائرة المعارف النظامية ، حيدر آباد الهند ١٣٢٢.

١٠٣ ـ كـنز العمّال ، لعلي بن حسـام الدين المتّقي الهندي (ت ٩٧٥) ، تحقيق بكـر بن حيّان ، نشـر مؤسّـسـة الرسالة ، بيروت ١٤١٣.

١٠٤ ـ كـنز الفوائد ، لأبي الفتح محمّـد بن عليّ بن عثمان الكـراجكـي (ت ٤٤٩) ، تحقيق عبـد الله نعمة ، نشـر دار الذخائر ، قم ١٤١٠.

١٠٥ ـ لسـان العرب ، لابن منظور (ت ٧١١) ، تحقيق علي شـيري ، نشـر دار إحياء التراث العربي ، بيروت ١٤٠٨.

١٠٦ ـ لسـان الميزان ، لابن حجر العسـقلاني (ت ٨٥٢) ، نشـر مؤسّـسـة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت ١٤٠٦.

۳۹۰

١٠٧ ـ مئة منقبة من مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام ، لابن شـاذان محمّـد بن أحمد القمّي (ت ٤٢٦) ، تحقيق نبيل رضا علوان ، نشـر انتشـارات أنصاريان ، قم ١٤١٣.

١٠٨ ـ المبسـوط ، لشمس الدين السرخسي (ت ٤٩٠) ، نشـر دار المعرفة ، بيروت ١٤٠٩.

١٠٩ ـ مجمع البيان في تفسـير القرآن ، لأبي عليّ الفضل بن الحسـن الطبرسـي (ت ٥٤٨) ، نشـر دار الفكـر ، بيروت ١٤١٤.

١١٠ ـ مجمع الزوائد ، لعلي بن أبي بكـر الهيثمي (ت ٨٠٧) ، نشـر دار الكـتب العلمية ، بيروت ١٤٠٨.

١١١ ـ مرآة الجنان وعبرة اليقظان ، لأبي محمّـد عبـد الله بن أسـعد بن علي ابن سـليمان اليافعي اليمني (ت ٧٦٨) ، تحقيق خليل منصور ، دار الكـتب العلمية ، بيروت ١٤١٧.

١١٢ ـ المسـتجاد من كـتاب الإرشـاد ، للحسـن بن يوسـف ابن المطـهّر الحلّي (ت ٧٢٦) ، تحقيق محمود البدري ، نشـر مؤسّـسـة المعارف الإسلامية ، قم ١٤١٧.

١١٣ ـ المسـتدرك على الصحيحين ، لأبي عبـد الله محمّـد بن عبـد الله الحاكـم النيسـابوري (ت ٤٠٥) ، تحقيق مصطفى عبـد القادر عطا ، نشـر دار الكـتب العلمية ، بيروت ١٤١١.

١١٤ ـ المسـترشـد ، لأبي جعفر محمّـد بن جرير بن رسـتم الطبري (ت ق ٤) ، تحقيق أحمد المحمودي ، نشر مؤسّـسـة الثقافة الإسـلامية لكوشانبور.

١١٥ ـ مسـند أحمد بن حنبل (ت ٢٤١) ، نشـر دار صادر ، بيروت.

١١٦ ـ مسـند أبي عوانة ، ليعقوب بن إسـحاق الأسـفرائيني (ت ٣١٦) ، تحقيق أيمن بن عارف الدمشـقي ، نشـر دار المعرفة ، بيروت ١٤١٩.

١١٧ ـ مسـند أبي يعلى ، لأحمد بن علي بن المثنّى التميمي الموصلي (ت ٣٠٧) ، تحقيق حسـين سـليم أسـد ، نشـر دار المأمون ، دمشـق ١٤١٠.

١١٨ ـ مسـند البزّار ، لأبي بكـر أحمد بن عمرو بن عبـد الخالق العتكـي

۳۹۱

البزّار (ت ٢٩٢) ، تحقيق محفوظ الرحمن زين الله وآخرين ، نشـر مكـتبة العلوم والحكـم ، المدينـة المنـوّرة ١٤١٤.

١١٩ ـ مسـند الحميدي ، لعبـد الله بن الزبير الحميدي (ت ٢١٩) ، تحقيق حبيب الرحمن الكـاظمي ، نشـر دار الكـتب العلمية ، بيروت ١٤٠٩.

١٢٠ ـ مسـند سـعد بن أبي وقّاص ، لأبي عبـد الله أحمد بن إبراهيم الدورقي البغدادي (ت ٢٤٦) ، تحقيق عامر حسـن صبري ، نشـر دار البشـائر الإسـلامية ، بيروت ١٤٠٧.

١٢١ ـ مسـند الشـاشـي ، للهيثم بن كـليب الشـاشـي (ت ٣٣٥) ، تحقيق محفوظ الرحمن زين الله ، نشـر مكـتبة العلوم والحكـم ، المدينة المنـوّرة ١٤١٠.

١٢٢ ـ مسـند الطيالسـي ، لأبي داود سـليمان بن داود الطيالسـي (ت ٢٠٤) ، نشـر دار المعرفة ، بيروت.

١٢٣ ـ مشـكـاة المصابيح ، لمحمّـد بن عبـد الله الخطيب التبريزي (ت ٧٤١) ، تحقيق سـعيد محمّـد اللحّام ، نشـر دار الفكـر ، بيروت ١٤١١.

١٢٤ ـ مصابيح السُـنّة ، للحسين بن مسعود بن محمّـد البغوي (ت ٥١٦) ، تحقيق يوسـف عبـد الرحمن المرعشـلي ، نشـر دار المعرفة ، بيروت ١٤٠٧.

١٢٥ ـ المصنّف ، لأبي بكـر عبـد الرزّاق بن همّام الصنعاني (ت ٢١١) ، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي ، نشـر المكـتب الإسـلامي ، بيروت ١٤٠٣.

١٢٦ ـ مصنّف ابن أبي شـيبة ، لعبـد الله بن محمّـد بن أبي شـيبة الكـوفي (ت ٢٣٥) ، تحقيق سـعيد اللحّام ، نشـر دار الفكـر ، بيروت ١٤٠٩.

١٢٧ ـ مطالب السـؤول ، لمحمّـد بن طلحة النصيبي الشـافعي (ت ٦٥٢) ، تحقيق السيّد عبـد العزيز الطباطبائي ، نشـر مؤسّـسـة البلاغ ، بيروت ١٤١٩.

١٢٨ ـ المعجم الأوسـط ، لأبي القاسـم سـليمان بن أحمد الطبراني (ت ٣٦٠) ، تحقيق أيمن صالح شـعبان ، نشـر دار الحديث ، القاهرة ١٤١٧.

١٢٩ ـ معجم البلدان ، لأبي عبـد الله ياقوت بن عبـد الله الحموي الرومي البغدادي (ت ٦٢٦) ، تحقيق فريد عبـد العزيز الجندي ، نشـر دار الكـتب العلمية ، بيروت.

۳۹۲

١٣٠ ـ المعجم الصغير ، لأبي القاسـم سـليمان بن أحمد الطبراني (ت ٣٦٠) ، نشـر دار إحياء التراث العربي ، بيروت ١٤١٧.

١٣١ ـ المعجم الكـبير ، لأبي القاسـم سـليمان بن أحمد الطبراني (ت ٣٦٠) ، تحقيق حمدي عبـد المجيد ، نشـر دار إحياء التراث العربي ، بيروت ١٤١٧.

١٣٢ ـ المغازي ، لمحمّـد بن عمر بن واقد الواقدي (ت ٢٠٧) ، تحقيق مارسـدن جونس ، نشـر مؤسّـسـة الأعلمي ، بيروت ١٤٠٩.

١٣٣ ـ مقالات الإسـلاميّين ، لأبي الحسـن علي بن إسـماعيل الأشـعري (ت ٣٢٤) ، تحقيق هلموت ريتر ، نشـر دار نشـر فرانز ، ألمانيا ١٤٠٠.

١٣٤ ـ الملل والنحل ، لمحمّـد بن عبـد الكـريم الشـهرسـتاني (ت ٥٤٨) ، تحقيق أحمد فهمي محمّـد ، نشـر دار الكـتب العلمية ، بيروت.

١٣٥ ـ مناقب آل أبي طالب ، لمحمّـد بن علي بن شـهر آشـوب المازندراني (ت ٥٨٨) ، تحقيق يوسـف البقاعي ، نشـر دار الأضواء ، بيروت ١٤١٢.

١٣٦ ـ مناقب الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، لمحمّـد بن سـليمان الكـوفي القاضي (ت ق ٣) ، تحقيق محمّـد باقر المحمودي ، نشـر إحياء الثقافة الإسـلامية ، قم.

١٣٧ ـ مناقب الإمام عليّ عليه‌السلام ، لابن المغازلي علي بن محمّـد الشـافعي (ت ٤٨٣) ، تحقيق جعفر هادي الدجيلي ، نشـر دار الأضواء ، بيروت ١٤١٢.

١٣٨ ـ المنتخب من مسـند عبـد بن حميد ، لأبي محمّـد عبـد بن حُميد (ت ٢٤٩) ، تحقيق صبحي البدري السـامرّائي ومحمود محمد خليل الصعيدي ، نشـر عالم الكـتب ، بيروت ١٤٠٨.

١٣٩ ـ من لا يحضره الفقيه ، لمحمّـد بن علي بن بابويه القمّي الصدوق (ت ٣٨١) ، تحقيق السيّد حسـن الموسـوي الخرسـان ، دار الكـتب الإسـلامية ، طهران ١٣٩٠.

١٤٠ ـ موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبّان ، لعلي بن أبي بكـر الهيثمي (ت ٨٠٧) ، تحقيق محمّـد عبـد الرزّاق حمزة ، نشـر دار الكـتب العلمية ، بيروت.

۳۹۳

١٤١ ـ ميزان الاعتدال ، لشـمس الدين محمّـد بن أحمد الذهبي (ت ٧٤٨) ، تحقيق عبـد الفتّاح أبو سِـنّة ، نشـر دار الكـتب العلمية ، بيروت ١٤١٦.

١٤٢ ـ نسـيم الرياض شـرح شـفاء القاضي عياض ، لشـهاب الدين الخفاجي (ت ١٠٦٩) ، نشـر المشـهد الحسـيني ، القاهرة ١٣١٤.

١٤٣ ـ نهج الإيمان ، لعلي بن يوسـف بن جبر (ق ٧ هـ) ، تحقيق السيّد أحمد الحسـيني ، نشـر مجتمع إمام هادي عليه‌السلام ، مشـهد ١٤١٨.

١٤٤ ـ نهج البلاغة ، جمع الشـريف الرضي (ت ٤٠٦) ، ضبطه صبحي الصالح ، نشـر دار الكـتاب اللبناني ، بيروت ١٤١١.

١٤٥ ـ الوفا بأحوال المصطفى ، لأبي الفرج عبـد الرحمن بن علي ابن الجوزي (ت ٥٩٧) ، تحقيق مصطفى عبـد القادر عطا ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.

١٤٦ ـ الوافي بالوفيات ، لصلاح الدين بن خليل بن أيبك الصفدي (ت ٧٥٠) ، تحقيق أحمد بن الأرناؤوط وتركـي مصطفى ، نشـر دار إحياء التراث ، بيروت.

١٤٧ ـ وفيات الأعيان ، لأبي العبّـاس شـمس الدين أحمد بن محمّـد بن أبي بكـر بن خلّـكـان (ت ٦٨١) ، تحقيق إحسـان عبّـاس ، نشـر دار صادر ، بيروت.

١٤٨ ـ اليقين بإختصاص مولانا عليّ بإمرة المؤمنين ، للسيّد رضي الدين علي بن طاووس الحلّي (ت ٦٦٤) ، تحقيق الأنصاري ، نشـر دار العلوم ، بيروت ١٤١٠.

١٤٩ ـ ينابيع المودّة ، لسـليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي (ت ١٢٩٤) ، تحقيق السيّد علي جمال أشـرف ، نشـر دار الأُسـوة ، قم ١٤١٦.

۳۹۴

من أنبـاء التـراث

هيئة التحرير

كتب صدرت محقّقة

* شفاء الصدور في شرح زيارة العاشور ، ج (١ ـ ٢).

تأليف : ميرزا أبي الفضل الطهراني.

هذا الكتاب أعدّ دراسة في بيان ما تضمّنته زيارة عاشوراء من معان رفيعة في تربية النفس ، وانتهاج ولاء أهل بيت الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) ، والبراءة من أعدائهم ، ومعرفة مقام الأئمة عليهم‌السلام ومراتبهم الإلهية ، وانتظار الفرج في ظهور الحجّة (عجّل الله تعالى فرجه الشريف).

اشتمل على بابين وخاتمة : في شرح سند زيارة عاشوراء ومتنها ، وفي فقه حديث الزيارة وذكر محتملاته وتحقيق ما هو المطلوب من العمل بهذه الزيارة ، وذكر بعض الفوائد المتعلّقة بها متناً

وحكماً وفضلاً ، وفي بيان معاني ألفاظ الزيارة الشريفة ، وفي شرح وبيان مشكلات الدعاء المعروف بـ : «دعاء علقمة» وتتمّة في تحديد الحائر الحسيني.

والكتاب ترجمة للأصل الصادر باللغة الفارسية.

ترجمة وتحقيق : محمّـد شعاع فاخر.

نشر : انتشارات المكتبة الحيدرية ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ.

* الإشراف على بعض من بفاس من مشاهير الأشراف ، ج (١ ـ ٢).

تأليف : أبو عبـدالله الفاسي.

يعتبر هذا الكتاب من سلسلة كتب الأنساب ، أُلِّف للحفاظ على نسب بيوت كبيرة من أشراف آل محمّـد عليهم‌السلام المنحدرين من نسلهم من حسنيّين

۳۹۵

وحسينيّين قطنوا شمال أفريقيا ، مهاجرين من مدينة جدّهم الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) ، يدعون الناس إلى الإسلام الحنيف ، فأسّسوا دولاً حوربت من قبل الطغاة الجاحدين لمذهب أهل البيت عليهم‌السلام ، فأخفيت أنساب العديد من هؤلاء الأشراف مخافة من دول الجور ، فقام المؤلّف بذكر أنسابهم بدراسة واسعة ، ينقل من خلالها الثقافات الأدبية والاجتماعية والتحوّلات السياسية ، ولا يخفى أنّ المصنِّف جمع أنساب الأشراف في خصوص مدينة فاس الواقعة في بلاد المغرب العربي.

تحقيق : جعفر السلمي.

نشر : انتشارات المكتبة الحيدريّة ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ.

* معارج الوصول إلى معرفة فضل آل الرسول والبتول.

تأليف : جمال الدين محمّـد بن يوسف الزرندي الحنفي.

جاء كتابه هذا بعد (نظم درر السمطين) حيث يبحث فيه عن مناقب أهل البيت عليهم‌السلام وتاريخهم ، بدأً بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب وانتهاءً بخاتم الأوصياء الإمام الثاني عشر المهدي المنتظر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) ،

وقد عدّ من جملة المؤلّفين القلائل من علماء السنّة الذين ألّفوا حول الأئمّة الأطهار عليهم‌السلام ، ويغلب على نثره أسلوب السجع ، يتخلّله بعض الأشعار من نظمه ونظم غيره.

تحقيق : محمّـد كاظم المحمودي.

نشـر : مجمـع إحيـاء الثقافة الإسلاميـة ـ قم ـ إيران / ١٤٢٥ هـ.

* بحوث في الفقه المعاصر ج (١ ـ ٥).

تأليف : الشيخ حسن الجواهري.

كتاب فقهي ، استدلالي تمّ بدراسة جديدة للمسائل المستحدثة يستعرض فيها الأدلّة وآراء العلماء وما دار حولها من بحوث.

يحتوي المجلّد الأوّل : الأئمّة عليهم‌السلام ودورهم في حفظ السنّة النبوية ، بيع التقسيط ، أثر الموت في حلول الأجل ، خصم الأوراق التجارية ، حطّ وتعجّل التداين ، نظرية الذمّة في الفقه الإسلامي ، ضابط الإعسار الذي يوجب الإنظار ، السَلَم وتطبيقاته المعاصرة ، بطاقات الائتمان ؛ المناقصات ، تغيّر قيمة العملة.

ويضمّ الثاني : حدود عرفات ، مزدلفة ، منى ، أدنى الحلّ ، البيع قبل القبض ،

۳۹۶

العقود المستجدّة ، المرابحة للآمر بالشراء ، مشاكل البنوك الإسلامية وأدوات حلّها ، التذكية الشرعية وطرقها الحديثة ، الاستنساخ ، أخلاقيّات الطبيب ، العلاج الطبيّ ، مرض الإيدز وما يترتّب عليه من أحكام فقهية ، موجبات الإفطار في مجال التداوي ، المفطرات في مجالات الحالات المرضية.

ويشتمل الثالث : الحداثة والعلمانية في مواجهة الإسلام ، عقود التوريد والمناقصات ، المواكبة الشرعية لمعطيات الهندسة الوراثية ، الولاية في النكاح ، عقود الصيانة وتكليفها الشرعي ، البيع قبل القبض ، إعادة النظر في القياس الفقهي ، الصوم وأثره في صحّة البدن.

أمّا الرابع ففيه : القراءة الجديدة للقرآن والنصوص الدينية ، النظام العالمي الجديد ، استثمار موارد الأوقاف (الإحباس) ، الإنجاب المدعوم طبّياً ، الجزاء المالي ، عقود الإذعان ، ضمان الطبيب ، بطاقات الائتمان ، القراض أو المضاربة.

وقد اشتمل الجزء الخامس على الربا في القرآن ، الربا في السنّة ، أنواع البيع ، الربا عند الإمامية ، ربا المعاوضة ، ربا القرض ، في ما ادعي أنّه خارج عن الربا ،

في مسائل شتّى ، الربا اقتصادياً ، كيف يكيّف الربا ، مضارّ الربا ، الربا بين مؤيّديه ومعارضيه ، الادّخار وارتباطه بالربا ، الأعمال المصرفية والبنكية ، والربا في القوانين العربية.

نشر : دار الذخائر ـ بيروت ـ لبنان / ١٤٢٧ هـ.

* اختيار معرفة الرجال.

تأليف : شيخ الطائفة أبي جعفر محمّـد ابن الحسن الطوسي (ت ٤٦٠ هـ).

كتاب رجالي ، من أُصول كتب الرجال عند الشيعة ، وثالث الكتب الرجالية الخمسة التي تكفّلت هذا العلم ، فهو يقوم بحفظ الإسناد ، وبيان موازين الجرح والتعديل ، وهو ما اختاره المصنّف في معرفة بعض الرواة من كتاب الكشّي ، ألقاها على تلامذته في البحث.

اعتُمد في تحقيق هذا الكتاب على ثلاث نسخ ، مع الاعتماد في التصحيح على كتب الرجال والحديث ، وقد وُضع لكلّ باب رقماً متسلسلاً خاصّاً به لمعرفة عدد أحاديثه ، مع رقم عامّ لكلّ الأحاديث في الكتاب ، فضلاً عن الترقيم العامّ لكلّ راو ذكرت ترجمته فيه.

تحقيق : جواد القيّومي الأصفهاني.

۳۹۷

نشر : مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين ـ قم ـ إيران / ١٤٢٧ هـ.

* بشارة الإسلام في علامات المهدي عليه‌السلام.

تأليف : السيّد مصطفى آل حيدر الكاظمي (ت ١٣٣٦ هـ).

كتاب تاريخي ، تخصّصي ، تناول أصل الإمامة ، وبحث في إمامة الإمام الثاني عشر من أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام ، ودراسة الأُمور التي تدور حوله ؛ احتوى على أبواب في الملاحم والفتن ، وأمر الغيبة ، وسيرة المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ، والرجعة وما قبل يوم القيامة.

يشتمل على جزءين بأبوابها ، الأوّل : في علامات ظهور الإمام والروايات التي وردت عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته عليهم‌السلام في حقّه عجّل الله تعالى فرجه الشريف.

والثاني : في رايته وعدد أصحابه ، وسيرته عليه‌السلام ؛ وخاتمة في النهي عن توقيت الظهور.

اعتُمد في تحقيقه على ثلاث نسخ مع تثبيت اختلافاتها ، وتصحيح الروايات بالرجوع إلى مصادرها ، ولم يُعتمد الترتيب التسلسلي للأحاديث ، بل وردت في كلّ

باب مجموعة من الأحاديث ، وهذه الأحاديث تعنونت بعنوان مصدرها.

تحقيق : نزار الحسن.

نشر : مؤسّسة عاشوراء ـ قم ـ إيران / ١٤٢٥ هـ.

* بصائر الدرجات الكبرى في فضائل آل محمّـد عليهم‌السلام ، ج (١ ـ ٢).

تأليف : شيخ القمّيين أبو جعفر محمّـد ابن الحسن الصفّار ، (ت ٢٩٠ هـ).

يعدّ من أُمّهات المصادر الحديثية المعتمد عليها عند الشيعة الإمامية ، وممّا اعتمد عليه علماؤنا وذكرته كتبهم ، وكان مصنّفه ؛ من أصحاب الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام ، احتوى معارف وتعاليم جليلة وقيمة من آثار آل محمّـد عليهم‌السلام ، وعلومهم ، ومناقبهم ، وأسرارهم ، وكونهم ورثة علم الأنبياء وورثة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم).

الكتاب مجلّدين في عشرة أجزاء ، كما قدّمت له مقدّمة فيها ، ترجمة المصنّف ، وتعريف بكتابه ، وذكر ست نسخ خطية اعتمد عليها ، مع توضيح لمنهجية التحقيق العلمية.

تحقيق : السيّد محمّـد السيد حسين المعلّم.

۳۹۸

نشر : المكتبة الحيدرية ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ.

* سرور أهل الأيمان.

تأليف : السيّد بهاء الدين علي بن عبـد الكريم النيلي النجفي (ت ٨٠٢ هـ).

اعتمد هذا الكتاب على الروايات الواردة عن المعصومين عليهم‌السلام في غيبة الإمام الحجّة المنتظر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) ، فاشتمل على علامات الظهور وذكر بعض ما يكون في أيّامه عليه‌السلام ، كما عُدَّ الكتاب منتخباً من كتاب الغيبة للمؤلّف ، حقّق بمنهج علمي اعتمد على التخريجات من مصادرها ، وإلحاق بعض الاستدراكات ، مع ذكر اختلاف النسخ ، كما قدّمت له مقدّمة فيها : ترجمة المؤلّف ، ومنهجيّة التحقيق ، وقد أُلحق في آخر الكتاب تراجم للرواة ، مع فهارس متنوّعة.

تحقيق : قيس العطّار.

نشر : منشورات (دليل ما) ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ.

* سيرة الزهراء عليها‌السلام.

تأليف : السيّد عبـد الحسين دستغيب.

تناول هذا الكتاب بحوثاً استهدفت

معرفة حياة وشخصية سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها‌السلام ، من خلال آيات الكتاب العزيز وأحاديث وسيرة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وذلك في عشرين فصلاً جاءت بعض عناوينها كالتالي : الزهراء عليها‌السلام في آية المباهلة وفي سورة الإنسان وفي آية المودّة وفي آية التطهير ، وعظمة شخصيّتها عليها‌السلام وجلالة قدرها في الروايات ، وفلسفة حبّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للزهراء عليها‌السلام ، ووجوه الشبه بين الزهراء عليها‌السلام والأنبياء عليهم‌السلام ، والزهراء في رحاب الكاملات من النساء الأربع ، ترجم الكتاب إلى العربية وحقّقه وعلّق عليه الشيخ قاسم الهاشمي.

نشر : منشورات (دليل ما) ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ.

* وسائل الشيعة ومستدركاتها ، ج (٤ ـ ٥).

تأليف : محمّـد بن الحسن الحرّ العاملي (ت ١١٠٤ هـ) والميرزا حسين النوري (ت ١٣٢٠ هـ).

كتاب جمع بين دفّتيه الأحاديث الفقهية من كتابي الوسائل والمستدرك ، حيث تَمَّ ترتيب أحاديثهما حسب الأبواب التي رتّبها الشيخ الحرّ العاملي قدس‌سره بنضد

۳۹۹

مستدرك كلّ باب منه بحياله مع جعل فاصلة مرموزة بينهما ، ليتسنّى للقارئ التمييز بين الوسائل والمستدرك ، اعتُمِد على عدّة محاور في التحقيق هي : ١ ـ مقابلة الروايات المنقولة بالمصادر المحقّقة كطبعة مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام ، والطبعة المحقّقة من قبل الشيخ عبدالرحيم الربّاني ، مع الرجوع إلى الطبعة القديمة ، هذا بالنسبة للوسائل ، أمّا المستدرك فقد قوبلت الطبعة المحقّقة لمؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام مع الحجرية والمصادر الموجودة. ٢ ـ الإيعاز إلى الموارد التي يشير إليها صاحب الوسائل بـ (تقدّم ، ويأتي) والإشارة لمواردها. ٣ ـ إرجاع الأحاديث المذكورة إلى مصادرها ، اعتُمِد في بعضها على تخريجات مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام ، كما أنّه لم يتمّ استعمال التسلسل العامّ الذي اعتمدته مؤسّسة آل البيت في تحقيقها ، بل الاكتفاء بالتسلسل الخاصّ لكلّ باب على حِدَة ، ولمّا كانت الأحاديث موزّعة على أبواب الفقه غير مبعثرة في الكتابين المذكورين ، كذلك سرت الطريقة هنا حسب التبويب السابق ، فحوى الجزء الأوّل المقدّمة ، وأبواب مقدّمة العبادات وباب خاصّ للنوادر ، وبعض من كتاب الطهارة ، واحتوى الثاني

والثالث بعضاً من أبواب كتاب الطهارة.

واحتوى الجزء الرابع على : أبواب أعداد الفرائض ونوافلها وما يناسبها ، والمواقيت ، والقبلة ، ولباس المصلّي ، وأحكام الملابس في غير الصلاة ، ومكان المصلّي.

واحتوى الجزء الخامس على : أبواب أحكام المساجد ، وأحكام المساكن ، وما يسجد عليه ، والأذان والإقامة ، وأفعال الصلاة ، والنية ، وتكبيرة الإحرام والافتتاح ، القراءة في الصلاة ، وقراءة القرآن في غير الصلاة.

تحقيق ونشر : مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ.

* شوارق النصوص ، ج (١ ـ ٢).

تأليف : السيّد حامد حسين الموسوي (ت ١٣٠٦ هـ).

تطرّق هذا الكتاب إلى الأحاديث الموضوعة ، فدرسها بأسانيدها ونصوصها بدراسة علمية معتمداً على كتب العامّة ، كشف النقاب بها عن الوضّاعين وأهل الافتراء ، تناول فيه جانباً كبيراً من الأكاذيب في فضائل الشيخين والمدائح الواردة فيهما ، سردت على طريقة الجمع

۴۰۰

والتدوين ورتّبت في ثلاثة أبواب : في ذكر جملة من الفضائل الموضوعة في أبي بكر وفيه ستة وثلاثون فصلاً ، وفي تكذيب بعض ما رووا في فضائل عمر وفيه ثلاثة وعشرون فصلاً ، وفي بيان بعض ما افتعلوه في الشيخين وفيه ثلاثة عشر فصلاً.

تحقيق : طاهر السلامي.

نشر : منشورات (دليل ما) قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ.

* خمسون درساً في الأخلاق.

تأليف : الشيخ عبّاس القميّ (ت ١٣٥٩ هـ).

كتاب أخلاقي ، تربوي ، يحتوي على عدّة كلمات طريفة ، ومواعظ وحكم شريفة ، تُرجم من الفارسية إلى العربية سابقاً ، اشتمل على مواضيع في : أعمال الخير ، فيحثّ على فعلها ، وفي : أعمال الشرّ ، فيرهّب ويمنع من الأخذ بها ، ويحثّ على تركها ، وتجنّبها ، مثل : الخوف والرجاء ، والعُجب ، والتكبّر ، واجتناب الحرام ، والإلفة ، والشكر ، والصبر ، وطول الأمل ، وسوء الخلق ، والرفق و...

اعتُمد في تحقيق هذه الرسالة على

نسخة معرّبة ، صُحِّحَت عباراتها أُضيف لها بعض الروايات تنسجم مع كلّ درس منها.

تحقيق : نزار نعمة الحسن.

نشر : مؤسّسة عاشوراء ـ قم ـ إيران / ١٤٢٥ هـ.

طبعات جديدة

لمطبوعات سابقة

* التفسير الموضوعي للقرآن الكريم.

تأليف : السيّد محمّـد باقر الصدر.

مجموعة محاضرات ، ألقاها السيّد في أواخر حياته ، أدلى بها لمقدّمة في منهجية تفسير القرآن على اتجاهين : الاتجاه التجزيئي هو : المنهج الذي يتناول تفسير القرآن الكريم آية فآية وفقاً لتسلسل تدوين الآيات في المصحف الشريف.

والاتجاه التوحيدي الموضوعي وهو : التفسير الذي يقوم بدراسة قرآنية لموضوع من الموضوعات العقائدية أو الاجتماعية أو الكونية.

وقد تمركز البحث في الكتاب حول الاتجاه الثاني ـ وهو الموضوعي ـ حيث يستهدف هذا التفسير تحديد موقف نظري للقرآن الكريم والرسالة الإسلامية من موضوعات الحياة أو الكون أو غيرها.

۴۰۱

نشر : مجمع الثقلين ـ قم ـ إيران / ١٤٢٥ هـ.

* تأمّلات في النصّ القرآني.

تأليف : عبدالأمير كاظم زاهد.

تضمّن هذا الكتاب لثلاثين مقالة ، كتبها المصنّف في صحيفة تصدرها الكلّية الإسلامية العالمية في طرابلس ليبيا ، وقد جاءت هذه المقالات على خمسة محاور : محور تفسير القرآن للتاريخ والحضارة (الرؤية الفلسفية للتأريخ) ، محور فقه القرآن (الجهد التشريعي المستنبط من القرآن) ، والفلسفة والفكر القرآني (تأمّلات في ظلال المعاني القرآنية) ، ودعوة للوقوف على المصطلح القرآني وتحليل آليات الاختزال فيه ، وإشكالية المنهج العلمي.

أعـادت نشـره (بيت الحكمـة) للنشـر ـ بغداد ـ العراق / ١٤٢٧ هـ.

* ينابيع المعاجز وأُصول الدلائل.

تأليف : السيّد هاشم البحراني (ت ١١٠٧ هـ).

يجمع الروايات الواردة عن أهل بيت العصمة والطهارة والدالّة على ما حباهم الله عزّ وجل من العلوم اللدنّية والمواهب

والكرامات والمعجزات ، في ٢١ باباً ، ذكر المصنّف في مقدّمة الكتاب أنّه ألّفه بعد كتاب مدينة المعاجز ، وقد تصدّرت الكتاب ترجمة للمؤلِّف تبيّن مقامه ومنزلته العلميّة مع ذكر نبذة من مؤلّفاته.

وقد قامت بطباعته سابقاً دار الكتب الإسلاميـة في قم ، وأعادت نشره منشـورات دار التفسيـر ـ قـم ـ إيـران / ١٤٢٧ هـ.

* تسلية الفؤاد في بيان الموت والمعاد.

تأليف : السيّد عبدالله شبّر.

يحتوي الكتاب على رسالة تناولت جانباً تربويّاً مهمّاً من الجوانب التربوية التي أشار إليها الدين الحنيف وأئمّة الهدى عليهم‌السلام في تذكير الغافلين وإيقاظ النائمين وموعظتهم وإرشادهم ، حيث تضمّنت ما يؤول إليه حال الإنسان في الموت وما بعده إلى الجنّة والنار ، حسبما ورد من الآثار والأخبار عن الأئمّة الأطهار عليهم‌السلام ، مع بيانات وجيزة وافية ومواعظ بليغة شافية.

اشتملت على ثمانية وثلاثين فصلاً بعناوينها منها : في ذكر الموت ، في حبّ لقاء الله ، في كراهة طلب الموت وتمنّيه ،

۴۰۲

في أحوال البرزخ والقبر والسؤال ، في نفخ الصدر وفناء الدنيا ، و...

سبق أن صدر في بيروت سنة ١٤١٥ هـ ، وأعادت طبعه المكتبة الحيدرية في قم سنة ١٤٢٧ هـ.

كتب صدرت حديثاً

* الدين النصيحة.

تأليف : الشيخ عبّاس كاشف الغطاء.

أعدّ هذا الكتاب دراسة في النصح والنصيحة وأهمّيتها في الدين الحنيف ، ومدى تأثيرها على سلوك النفس الإنسانية ، والأخذ بعنان هدايتها.

اشتمل على أربعة فصول في : تعريف النصيحة وشروطها ، وكيفيّتها وأنواعها ، والنصيحة في الفقه الإسلامي ، والنصيحة في التطبيقات الفقهية.

نشر : دار العلوم ـ بيروت ـ لبنان / ١٤٢٦ هـ.

* جواهر التاريخ ، ج (٢ ـ ٣).

تأليف : الشيخ علي الكوراني.

قام هذا الكتاب بدراسة للتاريخ الإسلامي ، فتناول أهمّ العصرين فيه العصر الأموي وشطراً من العصر العبّاسي ، حيث

سلّط الضوء على شخصية أبي سفيان ومعاوية اللذين خطّطا لدحر الرسالة المحمّـدية (صلى الله عليه وآله وسلم) وتشييد الإمبراطوريّة الأمويّة ، كما قدّم عرضاً لسيرة الإمام الحسن المجتبى عليه‌السلام وسيرة أهل البيت عليهم‌السلام وشيعتهم في صمودهم ومواجهتهم للظلم والجور من بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وقد اشتمل الجزء الثاني على اثنين وعشرين فصلاً ، والجزء الثالث على أربعة عشر فصلاً.

نشر : دار الهدى ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ.

* أهل البيت عليهم‌السلام في الكتاب المقدّس (التوراة ـ الإنجيل).

تأليف : كاظم النصيري الواسطي.

كتاب يهتمّ بكلّ ما يتعلّق بأهل البيت عليهم‌السلام في كتب الديانات السماوية اليهودية والنصرانية ، والتقييم لتلك النصوص على ضوء الكتاب والسنّة ، لرفع الالتباس الذي قد يقع فيه الشباب المسلم ، مع بيان لما جاء من الأسفار ، وعددها ، ولغاتها وعهودها ، وفرز القانوني منها عن غيرها عندهم ، بحثاً تحليلياً.

يضمّ هذا الكتاب بين دفّتيه فصولا ثمانية ، تشتمل موضوعاتها على : أسفار

۴۰۳

الكتاب المقدّس ، الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في بشارات الأنبياء ، الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في كتب المستشرقين ، فاطمة الزهراء عليها‌السلام في رؤيا يوحنّا ، الإمام الحسين عليه‌السلام في بشارات العهدين (القديم والجديد) ، الإمام المهدي عليه‌السلام في بشارات العهدين ، الإمام المهدي في المذاهب والفلسفات المادّية ، بشارة أهل البيت عليهم‌السلام في الأحاديث النبوية.

نشر : دار الأنصار للطباعة والنشر ـ قم ـ إيران / ١٤٢٤ هـ.

* المدرسة الشبّرية.

إعداد : المؤسسة الشبّرية لإحياء التراث.

ينقل الكتاب إلينا صورة من الحياة العلمية في النجف الأشرف ، وقد تناول من بين مدارسها ومعاهدها المدرسة الشبّرية التي تأسست في سنة ١٣٨٧ هـ على يد مؤسّسها السيد علي شبّر ؛ ، ليعرّف لنا شخصيّته العلمية ومؤلّفاته ، كما بيّن لنا جانباً من حياة أسرته العلمية وما قدّمته هذه الأُسرة والمدرسة الشبّرية من شخصيّات وأعلام في مختلف المجالات العلمية والأدبية ، وقد عرض جانباً من مكتبة المدرسة بمخطوطاتها ، وصوراً

لبعض طلاّبها الذين تخرّجوا منها.

نشر : (بهمن آرا) ـ إيران / ١٤٢٧ هـ.

* الحسين والوهابية.

تأليف : جلال معاش.

يحتوي الكتاب على قسمين : الأوّل : في أخلاق وخصال الحسين عليه‌السلام ، بعد طرح مقدّمة عن الأخلاق والنظريات الأخلاقية قديمها وحديثها.

والثاني : في مواقف الوهابية اتجاه الإسلام ، واتجاه الرسول وأهل بيته عليهم‌السلام ، واتجاه العالم ، وتبيين آراء بعض علماء أهل السنّة فيهم ، مع ذكر بعض الأحداث التي تخبر عنهم وعن سلوكيّاتهم.

نشر : دار القارئ ـ بيروت ـ لبنان / ١٤٢٥ هـ.

* المشجّر الوافي ، ج (١ ـ ٣).

تأليف : السيّد حسين أبو سعيدة الموسوي.

وهو كتاب يبحث في علم الأنساب ، يتناول الهاشمييّن من هاشم بن عبـد المناف إلى المعاصرين منهم في هذا القرن بثلاثة أجزاء.

يشتمل على ستة أقسام في : السلسلة الموسوية ، السلسلة

۴۰۴

الحسينية ، السلسلة الحسنية ، السلسلة العلوية ، السلسلة الطالبية ، السلسلة العباسية.

نشر : مؤسسة عاشوراء ـ قم ـ إيران / ١٤٢٥ هـ.

* خطوات الشيطان.

تأليف : السيد سعيد الأعرجي.

استهدف الكتاب في بحوثه التعرّف على ماهيّة الشيطان ، وما هو دوره وتأثيره على حياة الإنسان ، وكيف يخرجه من عزّ الطاعة إلى ذلّ المعصية ، ومنها ينتقل البحث إلى كيفية الحذر منه ، وكيف نعالج أنفسنا في التخلّص من مكائده.

اشتمل على سبعة فصول في : بحوث تمهيدية ، والخلق والماهية ، وخطوات الشيطان ، والإنسان الكامل والشيطان ، ودفع ومبارزة الشيطان ، ومأثور الحديث والشيطان ، ومحصّلة الكتاب.

نشر : منشورات (باقيات) ـ قم ـ إيران / ١٤٢٧ هـ.

* فلسفة الخمس.

تأليف : السيّد حسين أبو سعيدة الموسوي.

دراسة تحليلية تبحث في الحكمة التي أودعها الله في تشريع الخمس كفريضة من

الفرائض الدينية الواجبة ، ودورها الاقتصادي البنّاء في حياة الفرد والمجتمع.

اشتملت على فصول بعدّة أبواب ، تناول الفصل الأوّل منها : موقف الإسلام من الفقر ، الاقتصاد الإسلامي والملكية الفردية ، مبدأ التوازن الاجتماعي في الإسلام ، التوصيات الإسلامية التي حقّقت التوازن الاجتماعي ، أضواء على الزكاة ، الحكمة من تشريع الخمس ، الخمس في اللغة ، والفصل الثاني : ناقش فيه أدلّة ثبوت الخمس ، والفصل الثالث : الخمس في السنة الشريفة.

نشر : مؤسّسة عاشوراء ـ قم ـ إيران / ١٤٢٤ هـ.

* شمس وراء السحاب.

تأليف : سيّد جمال محمّـد صالح.

يبحث هذا الكتاب قضية الظهور ، كونها مسألة اعتقد بها جميع أصحاب الأديان السماوية ، وصرّح بها الإسلام باسم المهدي الموعود (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) ، ويعالج الأفكار المخالفة ويردّها ، كما يؤكّد على إثبات تواتر الأخبار عند المذاهب الإسلامية في مسألة المهدي المنتظر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف).

۴۰۵

نشر : مسجد جمكران ـ قم ـ إيران / ١٤٢٧ هـ.

* آراء وفتاوى علماء المسلمين في تحريم تكفير أتباع المذاهب الإسلامية.

إعداد : الشيخ فؤاد كاظم المقدادي.

جمع هذا الكتاب (آراء وفتاوى علماء المسلمين في تحريم تكفير أتباع المذاهب الإسلامية) ، حيث يبيّن إجماع علماء المذاهب الإسلامية ـ بشتّى اختلافاتهم الفقهية والاعتقادية ـ على حرمة تكفير المسلمين بعضهم بعض الآخر في الدين الإسلامي الحنيف ، وقد عالج المؤلّف في هذا الكتاب بدعة تكفير المسلمين ، حيث انتهكت بسببها دماء الأبرياء وأعراضهم وأموالهم نساءً ورجالاً وشيوخاً وأطفالاً ، خصوصاً على أرض العراق الجريح.

نشر : مجمع الثقلين العلمي ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ.

* مسند بريدة الأسلمي.

تأليف : السيّد أبو الفتح الدعوتي.

تناول هذا الكتاب المرويّات في كتب الفريقين عن طريق الصحابي الجليل بريدة الأسلمي رضي‌الله‌عنه ، وقد جمعت ودوّنت على

شكل مسند ، وقد قدّمت له مقدّمة وجيزة في ترجمة هذا الصحابي وولائه لأهل بيت النبوّة عليهم‌السلام.

وقد اشتمل الكتاب على ثلاثة فصول : بريدة الأسلمي كما عرّفه أصحاب السير والرجال ، وما روته كتب الشيعة من أحاديث يقع في سندها ، وأحاديث بريدة في الصحاح الستة.

نشر : منشورات (دليل ما) ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ.

* وظيفة القضاة.

تأليف : المحقّق الكابلي.

كتاب بيّن المؤلّف فيه آراءه الفقهية في باب القضاء ، والشهادات ، والحدود ، والقصاص ، والديّات ، من خلال دروس الخارج التي ألقاها في الحوزة العلمية ، وقد دوّنها بناءً على متن رسالة مباني تكملة المنهاج للسيّد الخوئي ؛.

نشر : دار نشر الإسلام ـ قم ـ إيران / ١٤٢٥ هـ.

* الإعجاز بين النظريّة والتطبيق.

يحتوي هذا الكتاب على مجموعة تقريرات لدروس السيّد كمال الحيدري ، قام بجمعها وتدوينها الشيخ محمود

۴۰۶

الجيّاشي ، ألقاها السيّد في الحوزة العلمية ، تتناول بحث الإعجاز وما تمثّله المعجزة في الحياة البشرية ، حيث يعدّ من أهمّ المباحث التي يتكوّن بمجموعها الفكر الديني عند الإنسان المؤمن.

اشتمل على قسميـن ، الأوّل : في حقيقة الإعجاز ، وقد تناول تعريف المعجزة كلامياً وفلسفياً ، وتصديق القرآن لقانون العلّية العامّة ، وإثبات القرآن ما يخرق العادة ، وظاهرة النبوّة وحقيقتها في الحياة البشرية. والقسم الثاني : في وجوه الإعجاز في القرآن الكريم ، وقد تناول أقسام المعجزة ، والقرآن كمعجزة عقلية ، والوجوه التي ذكرها العلماء في إعجاز القرآن ، وبحث الإعجاز في ضوء التحدّي القرآني.

نشر : دار فراقد ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ.

* الامام البخاري وصحيحه الجامع المختصر.

تأليف : الشيخ حسين الهرساوي.

يعدّ هذا الكتاب دراسة لأحاديث ورواة صحيح البخاري ؛ فتناول حياته واتجاهاته الفكرية ، ومدى تأثير السياسة الأمويّة والعباسيّة على صياغة الأحاديث

وروايتها ، ودور الرواة والمحدّثين في تبرير أساليب الحكّام وسياساتهم.

اشتمل على مقدّمة في تدوين الصحاح ، وعلى عشرة فصول في : البخاري وصحيحه ، والاتجاهات الفكرية في عصره ، وموقفه من أبي حنيفة ، وظلال فكر اليهود في الثقافة الإسلامية ، وموقف البخاري من النواصب والخوارج ، وكتابه في الضعفاء ، والضعفاء في البخاري ، ومنتقدي البخاري ونسخ البخاري وأهمّ شروحه.

نشر : منشورات (دليل ما) ـ قم ـ إيران / ١٤٢٥ هـ.

* أهل البيت عليهم‌السلام في تفسير الثعلبي.

تأليف : عادل الكعبي.

هذا الكتاب عبارة عن عمل تحقيقي اختصر فيه المحقِّق كتاب تفسير الكشف والبيان للثعلبي ، مقتصراً على استخراج الأحاديث المتعلّقة بفضائل أهل البيت عليهم‌السلام والأخبار المرويّة عنهم ومرويّاتهم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وقد حرص على نقل جميع الأسانيد الواردة لهذه الأحاديث والروايات كما هي في التفسير ، مع تصحيح الرواة اعتماداً على اُمّهات المصادر الرجاليّة ، كما أضاف في

۴۰۷

الهوامش تخريجات أخبار الفضائل من عدّة مصادر معروفة ومتداولة.

اشتمل على مقدّمة وباب في فضل القرآن الكريم ، ثمّ رتّبه على ترتيب سور القرآن الكريم ابتداءً بسورة الحمد ، وانتهاءً بسورة الإخلاص.

نشر : منشورات (دليل ما) ـ قم ـ إيران / ١٤٢٣ هـ.

ثقافة أهل البيت عليهم‌السلام والغزو الثقافي التكفيري.

تأليف : كاظم النصيري الواسطي.

كتاب يتناول الأدوار التي مرّ ويمرّ بها المسلمون عموماً ، وأتباع مدرسة أهل البيت خصوصاً ، مع بيان دور أهل البيت عليهم‌السلام في الثقافة الرسالية وتعميق جذورها ، مسلّطاً الضوء على المطالب التي لها علاقة بعقيدة المسلمين وتوجّهاتهم الفكرية ، والاجتماعية ، والسياسية ، لمواجهة مختلف التيّارات التبشيرية ، التكفيرية ، المنحرفة ، المعادية للإسلام وما فعلته بأهل البيت عليهم‌السلام ومراقدهم وزوّارهم.

يحتوي هذا الكتاب على فصول هي : أهل البيت عليهم‌السلام في الثقافة الرسالية ، مصطلح أهل البيت عليهم‌السلام ومنزلتهم ،

المسلمون والنهضة الحسينية (ثقافة عاشوراء) ، المسلمون وأتباع أهل البيت في أمريكا ، آسيا الوسطى ، حقيقة التأخّر في العالم الإسلامي ، مظاهر الضعف والفرقة في العالم الإسلامي.

نشر : دار الأنصار ـ قم ـ إيران / ١٤٢٧ هـ.

* خلاصة ميزان الحقِّ.

تأليف : محمّـد كوزل الآمدي.

اتّخذ هذا الكتاب أُسلوباً دراسياً يبحث في ميزان الحقِّ بحثاً عن معرفة أهل الحقّ وعلامات أحقِّيتهم ومعرفة أهل الباطل وأمارات بطلانهم وضلالتهم ، فدار الكلام فيه حول أهمّ ميزان للحقّ والحقيقة ، مستدلاًّ بما اتفق عليه الفريقان من سنّة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، مقتصراً على ما ورد من طريق أهل السنة واعترافهم بصحّته ، ثمّ ينقل ما روي من عدّة طرق ، لأنّ كثرة الطرق سببٌ للقول بالحسن ، وذلك في خمسة عشر فصلاً : في أنّ عليّاً عليه‌السلام ميزان لمعرفة المؤمن من المنافق ، وأنّه عليه‌السلام ميزان لمعرفة حبيب الله من بغيضه ، وميزان لمعرفة الذين يؤذون الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وميزان لمعرفة سابّ الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم).

۴۰۸

نشر : منشورات (دليل ما) ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ.

* دلالة المفردة القرآنية.

تأليف : عبـد الأمير كاظم زاهد.

أعدّ الكتاب دراسة فقهية أصولية استدلالية لكلمة (لا جُناح) ، حيث وقع في فهم لفظتها نوع من التباين ، هل أنّ دلالتها منحصرة في الإباحة التخييرية؟ أم أنّها دالّة على الجواز بالمعنى الأعمّ؟ فمن أجـل الاستدلال جمعت الآيات التي وردت فيها لفظة لا جُناح ، وتمّ عرض موضوعات الآيات التي وردت فيها ، مع ربط النصّ بسبب النزول ، مع آراء الفقهاء وأدلّتهم ، وفي آواخر البحث تمّ فحص الاحتمالات الواردة في أنّ : هل اللفظ مجمل قرآني؟ أو مشترك لفظي أو رخصة؟ أو ...

اشتمل على : بحث تمهيدي وأربعة مباحث أخرى ما ذُكر آنفاً.

نشر : بيت الحكمة ـ بغداد ـ العراق / ١٤٢٧ هـ.

* حكم الأرجل في الوضوء.

تأليف : محمّـد كوزل الآمدي.

يدور البحث فيه حول مسألة (طهارة

الأرجل في الوضوء) بدراسة مقارنة بين المذاهب الإسلامية ، في ما اتفقت عليه الشيعة الإمامية من المسح على الرجلين للمكلّف في الوضوء ، وما ذهب إليه جمهور العامّة من مسح الرجلين أو وجوب غسل الرجلين أو وجوب الجمع بين المسح والغسل أو التخيير بينهما أو استيعاب الرجلين بالمسح.

يتناول المؤلّف أقوال الجمهور ويعرض أدلّتهم من الكتاب والسنّة وما اعترفوا به ممّا جاء موافقاً لمذهب الشيعة الاثني عشرية ممّا ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وغيره من الصحابة والتابعين ، مكتفياً بما حكموا به من صحّة الحديث ويناقش من طعن به منهم.

نشر : منشورات (دليل ما) ـ قم ـ إيران / ١٤٢٥ هـ.

* محنة فاطمة عليها‌السلام.

تأليف : الشيخ عبـد الله الناصر.

تعرّض هذا الكتاب إلى دراسة وتحليل الظروف القاسية والمأساوية التي مرّ بها أهل بيت النبوّة عليهم‌السلام بعد رحيل الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) وما عانته سيدة النساء فاطمة الزهراء عليها‌السلام ، تناول بها الشواهد التاريخية.

وقد اشتمل على : مقدّمة ، وعرض

۴۰۹

وصايا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأهل بيته عليهم‌السلام ، ونبذة موجزة في فضائل فاطمة الزهراء عليها‌السلام ، وخمسة فصول : اقتحام بيت فاطمة وحرقه ، وإسقاط فاطمة عليها‌السلام محسناً ، وقضية فدك وخطبة فاطمة في المهاجرين والأنصار ، وأخيراً ظلامة فاطمة في الشعر ، كما أُلحق بالكتاب فهرس بالمصادر وفهرسة للمواضيع.

نشر : منشورات (دليل ما) ـ قم ـ إيران / ١٤٢٥ هـ.

* في رحاب الإمام الحسين عليه‌السلام.

تأليف : الشيخ مهدي الآصفي.

يحتوي الكتاب على دراسة لحركة وثورة الإمام الحسين عليه‌السلام من خلال تحليل وبيان كلمات وخطب الإمام الحسين عليه‌السلام ومواقفه خلال مسيره من الحجاز إلى العراق ، ومواقف أنصاره ، وأهل بيته وخطبهم وتضحياتهم.

اشتمل الكتاب على العناوين التالية : نقطة المفرق في حياة الإنسان ، تأمّلات في الخطاب الحسيني ، الأهداف السياسية ، رسالة الإمام الحسين عليه‌السلام إلى أخيه محمّـد ابن الحنفية ، ظاهرة الاستماتة في يوم عاشوراء ، مشاهد الولاء في زيارة وارث ، الولاء والبراءة في زيارة عاشوراء ، صورة

عن المجتمع الإسلامي ، الثوابت الأربعة ، الولاء والبراءة في يوم عاشوراء ، البيان الأوّل للثورة الحسينيّة.

نشر : المجمع العالمي لأهل البيت عليهم‌السلام ـ قم ـ إيران / ١٤٢٧ هـ.

* الشيخ مرتضى الأنصاري وآثاره العلمية.

تأليف : رشاد الأنصاري.

عمد المؤلّف إلى دراسة حياة الشيخ مرتضى الأنصاري ؛ ، فذكر نشأته ومصادر علمه وثقافته ، مع ذكر أهمّ رحلاته العلمية ، ثمّ تطرّق البحث إلى أساتذة الشيخ وتلامذته ، وختم بذكر وفاته ومدفنه ، كما ذكر آثاره العلمية ، فتناول البحث بيئة النجف العلمية ؛ باعتبارها المنهل الذي ارتوى منه الشيخ الأنصاري ، مع عرض موجز للدراسة في الحوزة العلمية وأسلوبها.

قُسِّم البحث على ما ذكر تقسيماً منهجيّاً على مقدّمة ، وتمهيد ، وبابين ، وكلّ باب تضمّن فصلين وخاتمة.

والكتاب في الأصل رسالة ماجستير نالت درجة الامتياز من جامعة روتردام الإسلامية في هولندا.

نشر : (طليعه نور) ـ إيران / ١٤٢٧ هـ.

۴۱۰

* الزهراء عليها‌السلام أهداف ، مواقف ، نتائج.

تأليف : السيّد محمّـد باقر الحكيم.

كتاب في السيرة والتاريخ ، جُمِعَت فيه عدّة محاضرات للسيّد محمّـد باقر الحكيم ؛ في سيرة فاطمة الزهراء عليها‌السلام ، الكتاب عبارة عن دراسة تحليلية ذات بحوث روائية تاريخية ، أعطت صورة واضحة للأدوار التي مرّت ونهضت بها سيّدة النساء عليها‌السلام ، مع تحليل للتركيبة الاجتماعية لقريش على ضوء بعدهم وقربهم من الإسلام ، مجيباً على العديد من التساؤلات.

يحتوي هذا الكتاب على ستّة فصول تضمّ : شخصية الزهراء عليها‌السلام ، الزهراء بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، حركة الزهراء عليها‌السلام ، مظلومية الزهراء عليها‌السلام ، حزن الزهراء عليها‌السلام ، وقفة عند بعض روايات العامّة في شأن الزهراء عليها‌السلام.

نشـر : مؤسّسة تراث الشهيـد الحكيـم ـ النجف الأشرف ـ العراق / ١٤٢٧ هـ.

* اختلاف الفقهاء في تركة سيّد الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم).

تأليف : محمّـد الصغير الطيّب السندي.

يستهدف ردّ الشبهات المثارة على ولاية أهل بيت النبوّة عليهم‌السلام ، التي كانت من نتائج جهل الأمّة بالكثير من الحقائق والحقوق الواردة في الكتاب والسنة في شأنهم : ، وبالأخصّ فيما يتعلّق بتركة سيّد الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فتناول أهمّ الأمور في حياة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) ، من إدارة شؤون الأمّة ورعايتها ، كما عالج الكتاب قضية فدك ، وذلك في ستة فصول : تركة سيّد الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم) ومصيرها بعد رحيله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وفدك بعد الغصب ، وأبو بكر ينازع فاطمة الزهراء عليها‌السلام في ميراثها ، ورواية أبي بكر المستمسك الوحيد عند الخصم.

نشر : المجمع العالمي لأهل البيت عليهم‌السلام ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ.

* الشيعة في كتاب بغية الطلب في تاريخ حلب.

تأليف : الشيخ حسين الواثقي.

أعدّ هذا الكتاب دراسة في أهمّيّة مدينة حلب ، ودور التشيّع فيها ـ بكونه المذهب الوحيد آنذاك ـ بعد ما تناولت الدراسة تاريخ مدينة حلب في القرن الخامس الهجري ، وقد استلّ المصنّف هذا البحث من كتاب بغية الطلب في تاريخ حلب لابن العديم (٥٨٨ ـ ٦٦٠ هـ).

۴۱۱

وقد اشتمل على مقدّمة ومباحث ، رتِّبت على : تسمية من حضر صفّين من أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، وقد تعرّض الكتاب إلى تراجم أربعين شخصية من علماء الشيعة الحلبيّين وغيرهم ، وبعض بيوت الشيعة بحلب ، والأشراف ونقبائهم بحلب ، كما أُلحقت بالكتاب عدّة فهارس متنوّعة وفهرس لمحتوى الكتاب.

نشر : منشورات (دليل ما) ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ.

* المرأة في الجاهليّة والإسلام.

تأليف : الشيخ محمّـد هادي اليوسفي الغروي.

يعدّ هذا الكتاب رسالة موجزة في الدفاع عن كرامة المرأة ، وصيانتها ، وحفظ حقوقها في ظلّ القانون الإلهي للشريعة الإسلامية السمحاء ، وقد جاء في الردّ على مقالة أصدرتها مجلّة لجماعة شيوعية عُرفت باسم «النهج» في دمشق ، تناولت فيها «حقوق المرأة في الجاهلية والإسلام» بالنقد والتجريح.

وقد اشتمل على المواضيع التالية : المرأة في الجاهلية والإسلام ، القيمومة الزوجية في نظر الإسلام ، الطلاق في

الإسلام ، إرث المرأة في التشريع الإسلامي ، أهليّة المرأة للولاية ، الحجاب ، حدود الاختلاط والخلاصة.

نشر : المجمع العالمي لأهل البيت عليهم‌السلام ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ.

* تاريخ مقام الامام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) في الحلّة.

تأليف : أحمد علي مجيد الحلّي.

اهتمَّ الكتاب بمقام الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) في الحلّة منذ سنة ٦٣٦ هـ وإلى زماننا الحاضر ، وذلك في سلسلة من المباحث في هذا المجال.

وقد اشتمل هذا الكتاب في دراسته لهذا المقام على مقدّمة وإثني عشر باباً : الحلّة مدينة النور ، تاريخ المقام في المخطوطات ، وتاريخه في الحكايات ، وذكر من زار المقام ، وذكر عمارته ، ومساحته الاصليّة ، وتاريخ الجامع ومدرسة الصاحب عليه‌السلام المجاورين له ، وذكر السدنة والأوقاف الخاصّة به ، وذكر الموقع ووصف المقام ، وذكر من شاهد الإمام من أهل الحلّة وصور فوتوغرافية.

نشر : (دليل ما) ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ.

۴۱۲

* الغلوّ والموقف الإسلامي.

تأليف : سعد متعب المنصوري.

يتناول الكتاب ظاهرة الغلوّ والتطرّف في العقيدة والسلوك ، فيعرّفها لغةً واصطلاحاً ، ثمّ يبيّنها من خلال كتاب الله والسنّة النبويّة الشريفة ، ويبحث امتدادها في التاريخ البشري وآثارها السلبية في الأمم والأديان السابقة.

يشتمل على مقدّمة وعشرة فصول ؛ فيذكر أضافة إلى ما ذكر : مقالات الغلوّ والمؤرّخون والربط السيّئ ، ومناشئ وأهداف الغلوّ ، والغلوّ عند بعض المسلمين ، وتوقيت نشاط الغلاة ، والمنهج القرآني وأهل البيت عليهم‌السلام في مواجهة الغلوّ وموقف علماء الشيعة من الغلوّ والغلاة.

نشر : المجمع العالمي لأهل البيت عليهم‌السلام ـ قم ـ إيران / ١٤٢٧ هـ.

* الوائلي تراث خالد.

تأليف : سليم الجبوري.

قدّم هذا الكتاب صورة عن حياة رائد المنبر الحسيني سماحة الدكتور الخطيب الشيخ أحمد الوائلي ؛ ، الذي كرّس جهوده في نشر مذهب أهل بيت الرسالة عليهم‌السلام ،

ورفع رايتهم في مختلف بلاد العالم ، كما بيّن تراث موطنه ومهده النجف الأشرف ، الذي ولد وترعرع ونشأ في محافله منذ الطفولة حتّى صاغت شخصيّته الفذّة في عبقريّته ونبوغه العلمي وكفاءته الذاتية.

اشتمل على خمسة فصول ، تناولت : السيرة الذاتية للشيخ ؛ ، مقالاته وأبحاثه المكتوبة ، لقاءاته مع الصحف والمجلاّت ، أشعاره التي لم يحوها الديوان ، أرشيف الوثائق والصور.

نشر : دار المحجّة البيضاء ـ بيروت ـ لبنان / ١٤٢٧ هـ.

* الحقيقة كما هي.

تأليف : الشيخ جعفر الهادي.

يدعو الكاتب فيه جميع المذاهب الإسلامية إلى الاتحاد على سبيل التعارف والأخوّة ، وإلى الاجتماع والمناقشة بهدوء وموضوعيّة وإخلاص وصدق نيّة في ما اختلفوا فيه ، وأن تعرض كلّ طائفة عقائدها ومواقفها الفكريّة والفقهيّة بحرّية وصراحة ، لإبطال ما يثار ضدّها مـن شبهات واتهامات ، ومن هذا المنطلق قام المؤلّف بتعريف المذهب الجعفري وعرض معتقداته وآرائه في أصول الدين وفروعه ، كما وضّح عقيدة الشيعة بالأئمّة

۴۱۳

الاثني عشر وكيفية أداء فرائضهم اليومية ، مستنداً بذلك إلى الكتاب والسنّة بشكل مختصر مبسّط.

نشر : المجمع العالمي لأهل البيت عليهم‌السلام ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ.

* دروس من السيرة النبويّة.

تأليف : الشيخ عدنان فرحان.

تناول الكتاب السيرة النبويّة الشريفة بدراسة استهدف من خلالها الإحاطة بأهمّ الأحداث والوقائع التي جرت في عهد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) ، قاصداً بها مواطن العبرة منها ، وقد اعتمد على مصادر السيرة الأساسية ، معرضاً عن طريقة الاستنتاج الشخصي ، حيث اقتبس منها المعلومات المناسبة ، وقد استعان ببعض المراجع اللغوية وكتب التفسير والحديث والأدب والتراجم والعلوم الأُخرى ، كما استشهد بالآيات القرآنية ، والأحاديث الشريفة ، والنصوص المختارة.

وقد اشتمل على سبعة وعشرين

درساً : ابتداءً بأهمّية دراسة السيرة النبوّية الشريفة وحتى الهجرة إلى المدينة.

نشـر : مؤسسـة العـارف للمطبـوعات ـ بيروت ـ لبنان / ١٤٢٧ هـ.

* تفسير سورة الممتحنة.

تأليف : السيّد محمّـد باقر الحكيم.

سلسلة محاضرات دوّنت بعد رحيله ، سلّط الضوء فيها على الجانب التربوي والتغييري في القرآن الكريم ، وقد دارت البحوث فيها حول أمرين مهمّين : الأوّل : الموقف العام تجاه العلاقات بين المؤمنين والكافرين. الثاني : علاقة النساء بشكل خاص ضمن إطار ذلك الموقف العام.

وقد انقسم البحث في السورة إلى أربعة مقاطع ، حيث تناول كلّ مقطع شطراً من السورة ومعاني آياتها ، فبيّن مفرداتها والبحث التفسيري المتعلّق بها وما تناولته الآيات من مواضيع ومفاهيم ودروس.

نشـر : مؤسسـة تراث الشهيـد الحكيـم ـ النجف الأشرف ـ العراق / ١٤٢٧ هـ.

۴۱۴