|
تراثنا |
صاحب الامتياز: مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث المدير المسؤول: السيّد جواد الشهرستاني |
|
العددان الأول والثاني [٨٩ و ٩٠] |
السنة الثانية والعشرون |
* كلمة العدد :
* التشيّع وحدة مفهوم.
............................................................... هيئة التحرير ٧
* الفوائـد البديعة من «وسائل الشـيعة» (٥).
................................................ السـيّد علي الحسيني الميلاني ١٠
* الأعلام الجليّة في أصالة نسخة الشهيد من الصحيفة السجاديّة.
........................................... السيّد حسن الموسوي البروجردي ٣٥
* تاريخ النظرية الرجالية في المدرسة الإمامية (١)
.................................................... السـيّد زهير الأعرجي ١٥١
|
محّرم ـ جمادى الآخرة |
١٤٢٨ هـ |
* فهرس مخطوطات مكتبة أمير المؤمنين عليهالسلام العامّة.
......................................... السـيّد عبـد العزيز الطباطبائي قدسسره ٢٤٠
* من المخطوطات العربية في المتحف البريطاني / لندن (٤).
................................................ الشيخ محمّـد مهدي نجف ٢٧٣
* من ذخائر التراث :
* مناظرة الملك ركن الدولة للصدوق ابن بابويه رحمهالله.
..................................................... تحقيق : جـواد الورد ٣٠١
* من أنباء التراث
........................................................... هيـئة التحرير ٤٤٤
* صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة «مناظرة الملك ركن الدولة للصدوق ابن بابوية» للفقيه والمتكلّم أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه الشيخ الصدوق رحمهالله (ت ٣٨١ هـ) والمنشورة في هذا العدد.
كلمة العـدد :
الـتـشـيّع
وحدة مـفـهوم
هيئة التحرير
بسم الله الرحمن الرحيم
صفونة التشيّع وعربنة التسنّن ، أحدث موضات الجناح المناوئ ضمن مسلسل حملته الإعلامية المضلّلة التي لا زال يمارسها منذ صدر الاسلام إلى يومنا هذا ، وقد قرأنا له من قبل : التشيّع السياسي ، التشيّع الاجتماعي ، التشيّع الديني ، التشيّع العلوي ...
إنّ صياغة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لطبيعة التشكيلة القيادية وبناءه الهيكلية الرائدة في إدارة الأُمّة أوجدا تحفّظاً وامتعاضاً لدى شريحة اعتقدت أنّها الأجدر والأكفأ في تسلّم المهام ، ورغم وجوده (صلى الله عليه وآله وسلم) بين ظهرانيهم كانت تطفح بين الفينة والأُخرى مواقف ترسم توجّهاً مستقبليّاً للانقضاض على الحكم واستلابه من رجاله الشرعيين ؛ إنّها نار الخيبة التي ما اختبأت تحت الرماد حتى بحضوره (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فراحت تسوّق الأوهام والإشكاليّات عبر شتّى الوسائل والآليّات ، وكان المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) يدحضها في كلّ مرّة بمختلف دلائل الدعم والإسناد لعليّ بن أبي طالب عليهالسلام.
شفافية الخطاب النبويّ في تفهيم الأُمّة أصل الولاية المتجلّي في غدير خمّ لم تثن القوم عن مواصلة الطموح وترجمة الأماني إلى حقيقة
تقفز على كلّ المعايير والقيم المقدّسة التي صاغتها إرادة السماء ، وللأسف فإنّ طيفاً كبيراً قد ضاع وسط أفكار هلامية ضبابية نادى بها التيار الممتعض من قرارات الرسول الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) لا سيّما المختصّ منها بشؤون إدارة الأُمّة ومستقبلها.
رغم كلّ ذلك نقول: الاختلاف في الفهم طبيعة غريزية في الجنس البشري ، فقد اختلف الكاثوليك والبروتستانت والأرثوذكس في فهم القيم والمبادئ التي نادى بها المسيح عليهالسلام ، واختلف ماركس وهيغل وفيورباخ في فهم المذهب الوجودي الإلحادي ... واختلفنا نحن المسلمون في فهم الإسلام ، فاعتقدته الشيعة كما ترى واعتقده الآخرون كما يرون. ويلعب العقل عندنا كما لدى الكثيرين من غيرنا دوراً محورياً في فهم النصّ والحدث ، فنشأت فينا الفرق والمذاهب والتيارات المختلفة ، ونشأنا نحن أتباع التشيّع على الاعتقاد بكون الفكر الشيعيّ هو المعنى الصحيح للإسلام ، انبثاقاً من الأدلّة والبراهين والشواهد التي تؤكّد أنّ النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أولى أصل الولاية اهتماماً خاصّاً بالقول والفعل والتقرير ، وجسّد (صلى الله عليه وآله وسلم) وجوب العمل بها من بعده في شامخة غدير خمّ (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى)(١).
لذا فإنّ محاولة النيل من التشيّع عبر نعته بالسياسيّ تارةً والدينيّ أُخرى والاجتماعيّ ثالثة والصفويّ رابعةً ... أو قراءته من خلال بعض التجارب التاريخية والرؤى الفكرية المعيّنة ... أو دراسة الإسلام دراسة انتقائية ... كلها جناية صارخة بحقّه ؛ إذ كلّ تجربة أو رؤية في هذا السياق لا بدّ من عرضها على مفهوم التشيّع فإن وافقته وإلاّ يُضرَب بها عرض
__________________
(١) سورة النجم ٥٣ : ٣ ـ ٤.
الحائط.
وما مصطلحات : تقيّة المجاهد ، اجتهاد وانفتاح ، رجوع إلى العالم المختصّ ، إنسانية ، وحدة ، توحيد ، سنّة ، مقارعة الظالمين ، انتظار إيجابيّ ، عَبرة ... والمصطلحات المعاكسة لها ... التي تقال في التشيّع ، إلاّ جهدٌ آخر للطعن والنيل من وحدة مفهومه وسلامة انتمائه.
إنّ صفونة التشيّع وعربنة التسنّن يافطة جديدة لن تجرّ لهم نفعاً أيضاً ، فلقد رفعوا من قبلُ غيرَها في عكاظ تضليلاتهم وما ربحوا وعادوا بخفّي حنين ، بل مارسوا أشدّ أنواع الظلم والتعسّف والاضطهاد بحقّ التشيّع منذ البدء حتّى يومنا هذا ، وهذه الذراع التي تمتدّ الآن لقتل الأطفال والنساء والشيوخ الآمنين وتهجّر الناس قسراً من ديارهم وتنعت الشيعة بالكفر والضلال هي ذات الذراع التي امتدّت لتغتال أمير المؤمنين عليهالسلام في محراب الصلاة وتذبح ريحانة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) الحسين الشهيد عليهالسلام وخيرة صحبه وأبنائه في كربلاء وتسبي أطفاله ونساءه.
إنّ وقفة تأمّل قصيرة مستشرفة ورق التأريخ تظهر شموخ التشيّع ورسوخ قيمه ومبانيه التي تعني الإسلام بأوجز بيان رغم كلّ مساعي الحذف والنفي والتزييف الفكريّ والمادّي ، بل وتظهر حجم الحقد والحسد اللذين أعميا بصرهم وبصيرتهم ، وتثبت أنّ نور الإيمان لا يدرك بهذه الآليّات الدنيئة. (وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّور)(١).
هيئة التحرير
__________________
(١) سورة النور ٢٤ : ٤٠.
|
الفوائـد البديـعة مـن وسائل الشيعة (٥) |
|
السـيّد عليّ الحسـيني الميلاني
(٢٨)
حقوق المؤمنين
ومن تعاليم أهل البيت عليهم السلام في مجال التربية والتهذيب : الأخبار الواردة عنهم في حقوق المؤمنين ، بمفاهيم راقية ومعاني دقيقة ، بيّنوها بعبارات جميلة وأساليب بديعة.
وقد رأيت أنّ أذكر جملةً منتخبةً من أخبارهم في الباب ؛ لشدّة الحاجة إلى مثلها في هذا الزّمان ، الذي قلَّ فيه التعاطف بين المؤمنين ، للظروف الصعبة التي يمرّون بها ، فإنّ أحاديث الأئمّة عليهم السلام تعطف بعضهم على بعض ، كما ورد عن أبي عبـد الله عليه السلام ـ في حديث ـ : «وأحاديثنا تعطف بعضكم على بعض ، فإنْ أخذتم بها رشدتم ونجوتم ، وإنْ تركتموها ضللتم وهلكتم ، فخذوا بها وأنا بنجاتكم زعيم»(١).
هذا ، وقد رتّبت ما انتخبت في مقدّمة وفصول ، وأسأل الله أنْ يوفّقنا للعمل فإنّه المأمول.
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٦/٣٤٦ ح ٢١٧٢٤.
أمّا المقدّمة فهي في شأن المؤمن :
وقد ورد في الأخبار في شأن المؤمن ما يذهل الأفكار والعقول ، وذكرها كلّها يطول ، ومجمل مدلولها أنّ إكرام المؤمن إكرام لله ولأهل البيت عليهم السلام ، وإهانته إهانةٌ لله وأهل البيت عليهم السلام ، وإليك بعض النصوص :
عن الإمام العسكري عليه السلام ـ في حديث ـ : «فأمّا من قويت بصيرته ، وحسنت بالولاية لأوليائه والبراءة من أعدائه معرفته ، فذلك أخوكم في الدين ، أمسُّ بكم رحماً من الآباء والاُمّهات ... فإنّ موالينا وشيعتنا منّا وكلّنا كالجسد الواحد ...»(١).
ففي هذا الخبر :
١ ـ المعيار في الأُخوّة الدينية بين المؤمنين ، بعد معرفة الله ورسوله ، أمران يكمّل أحدهما الآخر ، هما : الولاية لأولياء الله ، والبراءة من أعداء الله.
وعليه ، فموضوع بحثنا والمقصود من عنوان «المؤمنين» هو الشيعي الجامع بين الوصفين.
٢ ـ إنّ نسبة المؤمن إلى المؤمن ـ في اعتبار الأئمّة عليهم السلام ـ أقرب وأقوى من النسبة بين الأبناء وآبائهم وأُمّهاتهم.
٣ ـ إنّ شيعة أهل البيت عليهم السلام منهم ، وهم وشيعتهم كالجسد الواحد ، ولا يخفى ما لهذا الكلام من دلالات.
__________________
(١) وسائل الشيعة ٩/٢٢٩ ح ١١٩٠٤.
وعن أبي عبـد الله عليه السلام ـ فيما كتبه إلى النجاشي الوالي على الأهواز ـ قال : «من زار أخاه إلى منزله لا لحاجة إليه ، كتب من زوّار الله ، وكان حقيقاً على الله أن يكرم زائره».
وقال عليه السلام : «ومن أدخل على أخيه المؤمن سروراً فقد أدخل على أهل البيت سروراً ، ومن أدخل على أهل البيت سروراً فقد أدخل على رسول الله صلّى الله عليه وآله سروراً ، ومن أدخل على رسول الله صلّى الله عليه وآله سروراً فقد سرّ الله ، ومن سرّ الله فحقيق على الله أنْ يدخله جنّته»(١).
فعندما يزور أخاه المؤمن لا لحاجة بل أداءً لحقٍّ من حقوقه الثابتة بأمر الله عزّ وجلّ ، فهو من زوّار الله ، يقول الإمام عليه السلام : «وكان حقيقاً على الله» أي ثابتاً عليه عقلاً ونقلاً «أنْ يكرم زائره» وإكرام الله تعالى فوق «أنْ يدخله جنّته» فإنّه يكون من أهل الجنّة المكرمين ، يقول تعالى : (إِلاَّ الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَـحْرُومِ * وَالَّذِينَ ... أُولئِكَ فِي جَنَّات مُكْرَمُونَ * ... أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئ مِنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيم * كَلاَّ ...)(٢).
والمستفاد من الآيات وما ورد بذيلها من الأخبار : إنّ «المكرمين» في الجنّة أعلى درجةً من سائر أهلها ، كما أنّ هناك درجات أعلى من درجة المكرمين.
وقد جاء الإكرام في رواية عن أبي عبـد الله عليه السلام قال :
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٧/٢٠٧ ـ ٢١٢ ح ٢٢٣٥٤.
(٢) سورة المعارج ٧٠ : ٢٢ ـ ٣٩.
«من أتاه أخوه المسلم فأكرمه فإنّما أكرم الله عزّ وجلّ»(١).
فإكرام الأخ المسلم بالمعنى المذكور من قبل إكرامٌ لله ، ومن أكرم الله تعالى أكرمه ؛ لأنّه لا يجازي الإحسان إلاّ بالإحسان.
وفي المقابل : من أذلَّ وليّاً من أولياء الله ورسوله ؛ فسيرى عقاب عمله.
عن إسحاق بن عمّار : «قال لي أبو عبـد الله عليه السلام : يا إسحاق ، كيف تصنع بزكاة مالك إذا حضرت؟ قال : يأتوني إلى المنزل فأعطيهم. فقال لي : ما أراك ـ يا إسحاق ـ إلاّ قد أذللت المؤمنين. فإيّاك إيّاك ، إنّ الله تعالى يقول : من أذلّ لي وليّاً فقد أرصد لي بالمحاربة»(٢).
أقول :
١ ـ سنذكر خبر إسحاق بن عمّار ـ وقد كان ربّ مال كثير ـ ببعض التفصيل.
٢ ـ انظر كيف يربّي الإمام أصحابه وشيعته! إنّه يريد أنْ يفهم ـ إسحاقاً وغيره ـ بأنّ أداء الحقوق يكون بإيصالها إلى أصحابها ، لا أنْ يأتوا إلى المنزل لأخذها ، أليس ندّعي التشيّع لهم والإقتداء بهم؟! وهم عليهم السلام كانوا يأخذون الطعام وغيره إلى المستحقّين.
٣ ـ إنّ إذلال الولي من أولياء الله ، يساوي إرصاد الله بالمحاربة. وكيف تكون عاقبة من أرصد الله بالمحاربة؟
فانظر إلى جزاء من أكرم المؤمن ، وإلى عاقبة من أذلّه.
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٦/٣٧٦ ح ٢١٨٠٤.
(٢) وسائل الشيعة ٩/٣١٥ ح ١٢١٠٩.
وبعد :
فقد قسّمنا الحقوق بحسب الأخبار المختارة إلى ثلاثة أنواع :
الأوّل : أداء حقِّ المؤمن في حوائجه المعنويّة.
والثاني : أداء حقّ المؤمن بالسعي في حوائجه.
والثالث : أداء حقّ المؤمن ببذل المال في حوائجه.
وقبل الورود في الأنواع ، نذكّر بالمطلب التالي :
عن أمير المؤمنين عليه السلام : «سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول : الحوائج أمانة من الله في صدور العباد ، فمن كتمها كتبت له عبادة»(١).
يفيد هذا الخبر : إنّ الحاجة بحكم الأمانة ، فكما يجب حفظ الأمانة وردّها إلى صاحبها ، كذلك الحاجة ، على المؤمن أنْ لا يظهرها ولا يخبر بها أحداً ، بل يرجع إلى الله سبحانه ويطلبها منه.
ولذا ورد عن أحدهم أنّه دخل على أبي عبـد الله عليه السلام فذكر له بعض حاله ، فناوله الإمام عليه السلام كيساً فيه أربعمائة دينار ، ثمّ قال له : «إيّاك أنْ تخبر الناس بكلّ حالك ، فتهون عليهم»(٢).
وقال أبو عبـد الله عليه السلام : «إنّ الله فوّض إلى المؤمن أُموره كلّها ، ولم يفوّض إليه أنْ يكون ذليلاً ...»(٣).
فهم ـ عليهم السلام ـ يريدون العزّة والكرامة لشيعتهم ، فإنّ في ذلك
__________________
(١) وسائل الشيعة ٩/٤٤٥ ح ١٢٤٥٨.
(٢) وسائل الشيعة ٩/٤٤٥ ح ١٢٤٥٧.
(٣) وسائل الشيعة ١٦/١٥٦ ح ٢١٢٣٢.
العزّة والكرامة لهم ولله عزّ وجلّ ، لكنّهم مع ذلك لا يمنعون من بيان الحال إلى المؤمن ؛ لأنّ المؤمنين بعضهم من بعض كما سيأتي.
ولذا ورد عنهم عليهم السلام : «من شكا الحاجة إلى مؤمن فكأنّما شكاها إلى الله ، ومن شكاها إلى كافر فكأنّما شكى الله»(١).
وهم ـ في نفس الوقت ـ يوصون من قضيت الحاجة على يده بالكتمان وعدم المنِّ.
عن رسول الله صلّى الله عليه وآله : «المستتر بالحسنة تعدل سبعين حجّة»(٢).
وعنه صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ في حديث ـ : «من اصطنع إلى أخيه معروفاً فامتنّ به أحبط الله عمله ، وثبّت وزره ، ولم يشكر له سعيه»(٣).
فانظر كيف يؤدّبون شيعتهم!
إنْ كانت لك حاجة فلا تخبر بها أحداً ، واكتمها ، وارجع إلى الذي ابتلاك بها واسأله ، فهو أقدر على قضائها وفرجك ؛ لأنّ عزّك في استغنائك عن الناس ، فإذا ضاق عليك الأمر فاعلِم أخاك المؤمن ـ لا غيره ـ بحاجتك إن كان قادراً على قضائها ، فهو مأمور بذلك وبالستر عليك ، بل لك الفضل عليه إذا أخبرته بذلك فوفّق لتحصيل الأجر والثواب.
وقد أشرنا إلى أنّ الحوائج على أنواع ، نذكرها في الفصول التالية :
__________________
(١) وسائل الشيعة ٩/٤٤٧ ح ١٢٤٦٣.
(٢) وسائل الشيعة ٩/٤٥٦ ح ١٢٤٨٩.
(٣) وسائل الشيعة ٩/٤٥٢ ح ١٢٤٨١.
الفصل الأول
أداء حقّ المؤمن في حوائجه المعنوية
إنّه ليست الحوائج مادّية دائماً ، بل ربّما يحتاج إليك المؤمن في أمر غير مادّي ، لكنّه أهمّ وأجلّ من كلّ حاجة مادّية ..
أنْ يمحضه النصيحة إذا استشاره :
إنّ المؤمن بحاجة ماسّة إلى الاستشارة والاستنارة من عقول الآخرين وأفهامهم في مختلف الأُمور ؛ لأنّ «من شاور الرجال شاركها في عقولها»(١) ، وإنّه «خاطر بنفسه من استغنى برأيه»(٢) ، وسنبحث عن المشاورة في مجال آخر.
لكنّ على المؤمن إذا جاءه المؤمن ليستشيره أنْ يمحضه النصيحة ، وإلاّ عاقبه الله :
عن أبي عبـد الله عليه السلام : «من استشاره أخوه المؤمن فلم يمحضه النصيحة سلبه الله لبّه»(٣).
أنْ يحفظ مروّته ويستر عيوبه :
وعن أبي عبـد الله عليه السلام قال : «حدّثني أبي ، عن آبائه ، عن علي عليه السلام ، عن النبي صلّى الله عليه وآله أنّه قال : أدنى الكفر أن
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٢/٤٠ ح ١٥٥٨٧.
(٢) وسائل الشيعة ١٢/٤٠ ح ١٥٥٨٩.
(٣) وسائل الشيعة ١٧/٢٠٨ ح ٢٢٣٥٤.
يسمع الرجل من أخيه الكلمة فيحفظها عليه يريد أنْ يفضحه بها ، (أُولئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ).
وحدّثني أبي ، عن آبائه ، عن علي عليه السلام أنّه قال : من قال في مؤمن ما رأت عيناه ، وسمعت أُذناه ما يشينه ويهدم مرؤته ، فهو من الذين قال الله عزّ وجلّ : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
حدّثني أبي ، عن آبائه ، عن علي عليه السلام قال : من روى عن أخيه المؤمن رواية يريد بها هدم مرؤته وثلبه ، أوبقه الله بخطيئته حتّى يأتي بمخرج ممّا قال ، ولن يأتي بالمخرج منه أبداً»(١).
أنْ يعزّه ويحفظ كرامته :
ومن آداب أهل البيت عليهم السلام وسيرتهم أنّهم إذا علموا بحاجة مؤمن بادروا إلى قضائها قبل أنْ يسأل ، وهذا ممّا أمروا به شيعتهم :
عن أبي عبـد الله عليه السلام ـ في حديث ـ : «وإذا علمت أنّ له حاجةً تبادره إلى قضائها ، ولا تلجئه إلى أن يسألكها ، ولكن تبادره مبادرةً»(٢).
وعنه عليه السلام قال : «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : من أكرم أخاه المؤمن بكلمة يلطفه بها وفرّج عنه كربته ، لم يزل في ظلّ الله الممدود عليه من الرحمة ما كان في ذلك»(٣).
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٧/٢١١ ح ٢٢٣٥٤.
(٢) وسائل الشيعة ١٢/٢٠٥ ح ١٦٠٩٧.
(٣) وسائل الشيعة ١٦/٣٧٦ ح ٢١٨٠٥.
وعنه عليه السلام : «قال الله عزّ وجلّ : ليأذن بحرب منّي من أذلّ عبدي المؤمن ، وليأمن غضبي من أكرم عبدي المؤمن»(١).
أن يحترمه ولا يحقّره :
ومن حقوق المؤمن أن يحترمه ولا يحقّره ، وفي ذلك أخبار كثيرة :
فعن أبي عبـد الله عليه السلام : «من حقّر مؤمناً مسكيناً أو غير مسكين ، لم يزل الله عزّ وجلّ حاقراً له ماقتاً ، حتّى يرجع من محقرته إيّاه»(٢).
هذا في الأعمّ من المسكين وغيره. وأمّا في خصوص الفقير والمسكين فالنصوص أكثر.
ثمّ إنّ للاحترام في الأخبار مصاديق :
عن إسحاق بن عمّار : «قلت لأبي عبـد الله عليه السلام : من قام من مجلسه تعظيماً لرجل ، قال : مكروه إلاّ لرجل في الدين»(٣).
أي : من أجل كونه مؤمناً من أهل الديانة ، لا من أجل الدنيا وكونه موسراً ، ولذا ورد المنع من إكرام الرجل من أجل ماله ، في روايات عديدة.
وعن أبي جعفر عليه السلام قال : «يا أبا حمزة ، أيّما مسلم أتى مسلماً زائراً أو طالب حاجة ، وهو في منزله ، فاستأذن عليه فلم يأذن له ولم يخرج إليه ، لم يزل في لعنة الله حتّى يلتقيا.
قلت : جعلت فداك ، في لعنة الله حتى يلتقيا؟
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٢/٢٦٤ ح ١٦٢٦٣.
(٢) وسائل الشيعة ١٢/٢٧١ ح ١٦٢٨٢.
(٣) وسائل الشيعة ١٢/٢٢٦ ح ١٦١٥٥.
قال : نعم»(١).
يتعجّب أبو حمزة ؛ لأنّ لعنة الله ليست بشيء هيّن ، ولا تكون لشيء هيّن ، لكنّ الإمام يؤكّد بقوله «نعم» ، وذلك لأنّ عدم الخروج إليه تحقير واستخفافٌ بالمؤمن ، ومن استخفّ بأخيه المؤمن فقد استخفّ بأهل البيت عليهم السلام :
فعن أبي عبـد الله ، قال لنفر عنده : «ما لكم تستخفّون بنا؟! فقام إليه رجل من خراسان فقال : معاذ لوجه الله أنْ نستخفّ بك أو بشيء من أمرك.
فقال : بلى ، إنّك أحد من استخفّ بي.
فقال : معاذ لوجه الله أن استخفّ بك.
فقال له : ويحك! ألم تسمع فلاناً ، ونحن بقرب الجحفة ، وهو يقول لك : احملني قدر ميل فقد والله عييت ، والله ما رفعت به رأساً لقد استخففت به ، ومن استخفّ بمؤمن فبنا استخفّ ، وضيّع حرمة الله عزّ وجلّ»(٢).
نعم ، مجرّد عدم رفع الرأس في هكذا مورد استخفاف ، فكان عليه أنْ يرفع له رأساً ، فإنْ كان معذوراً من حمله فيعتذر إليه.
كذلك الخروج من المنزل لمن أتاه ، فإنّ عليه أنْ يخرج إليه إلى الباب ، فإنْ كان معذوراً من أن يكلّمه أو يدعوه إلى داخل المنزل فليعتذر إليه. ثمّ إنّ على الضيف أن يعذره ويرجع كما قال الله عزّ وجلّ : (وَإِن قِيلَ
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٢/٢٢٩ ح ١٦١١٦١.
(٢) وسائل الشيعة ١٦/٢٧٢ ح ١٦٢٨٦.
لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا)(١) ، اللّهم إلاّ أن يكون مجيؤه بوعد سابق ، فيكون صاحب المنزل مخلفاً للوعد ، إلاّ أنْ يكون العذر أمراً طارئاً ، فعلى الضيف قبول العذر.
فعن أمير المؤمنين عليه السلام في وصيّته لمحمّد بن الحنيفة قال : «لا تصرم أخاك على ارتياب ، ولا تقطعه دون استعتاب ، لعلّ له عذراً وأنت تلوم به ، اقبل من متنصّل عذراً ، صادقاً كان أو كاذباً ، فتنالك الشفاعة»(٢).
ثمّ إذا دخل ... فمن حقوقه لمّا يخرج أن يمشي صاحب المنزل معه :
فعن الرضا ، عن آبائه ، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله : «إنّ من حقّ الضيف أنْ تمشي معه فتخرجه من حريمك إلى الباب»(٣).
وهذا في الضيف بصورة عامّة.
فهكذا ، أدَّبوا شيعتهم ..
أن يحمله على الصحّة :
ويحتاج المؤمن إلى المؤمن في أنْ يحمل أقواله وأفعاله على الصحّة قدر الإمكان ، وهذا من حقوقه ، فلا يظنّ بكلمة خرجت منه سوءاً :
فعن أمير المؤمنين عليه السلام : «لا تظنّن بكلمة خرجت من أخيك سوءاً وأنت تجد لها في الخير محتملاً»(٤).
__________________
(١) سورة النور ٢٤ : ٢٨.
(٢) وسائل الشيعة ١٢/٢١٧ ح ١٦١٢٥.
(٣) وسائل الشيعة ١٢/٢٢٦ ح ١٦١٥٤.
(٤) وسائل الشيعة ١٦/٣٨٠ ح ٢١٨١٣.
ولا يعيّرنّه بشيء من عثراته :
فعن سيّدنا أبي عبـد الله عليه السلام : «أدنى ما يخرج به الرجل من الإيمان أن يؤاخي الرجل الرجل على دينه فيحصي عليه عثراته وزلاّته ليعيّره بها يوماً ما»(١).
لأنّه إذا حمل كلّ ذلك على الصحّة ، فسوف لا تبقى عثرة حتّى يعيّره بها ، فإنْ لم يجد لها في الخير محتملاً ، فليس له أن يعيّر بها.
ولا يطعن عليه أو يردّ عليه قوله :
فعن أبي عبـد الله عليه السلام قال : «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : إنّ الله عزّ وجلّ ، خلق المؤمن من عظمة جلاله وقدرته ، فمن طعن عليه أو ردّ عليه قوله فقد ردّ على الله»(٢).
فإنّه إنْ كان قابلاً للحمل على الصحّة فواضحٌ ، وإلاّ ذكّره بالحقّ فيما بينهما ، فلا يطعن عليه أو يردّ قوله فيهان بين الناس ، وقد خلقه الله من عظمة جلاله.
أنْ يحبّه ويحبّ له ما يحبّ لنفسه :
وممّا يحتاج إليه المؤمن من أخيه المؤمن هو الحبٌّ ، وبذلك روايات كثيرة ، بل ورد الأمر بالمودّة بين المؤمنين وهي فوق الحبّ :
فعن أبي عبـد الله عليه السلام : «إنّ من حقّ المؤمن على المؤمن
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٢/٢٧٦ ح ١٦٢٩٤.
(٢) وسائل الشيعة ١٢/٣٠٠ ح ١٦٣٥٦.
المودّة له في صدره ...»(١).
وأمّا أنْ يحبّ له ما يحبّ لنفسه ، فالأخبار به لا تحصى ... بل في رواية :
«أيسر حقٍّ منها أن تحبّ له ما تحبّ لنفسك ، وتكره له ما تكره لنفسك»(٢).
أنْ يدعو له :
وهذا أيضاً من حوائج المؤمنين ومن حقوق بعضهم على البعض ، بل من أولاها وأهمّها ، وإليك بعض الأخبار ؛ لترى كيف أدّب الأئمة عليهم السلام أصحابهم :
عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه قال : «رأيت عبـد الله بن جندب بالموقف فلم أر موقفاً كان أحسن من موقفه ، مازال مادّاً يده إلى السماء ودموعه تسيل على خديه حتّى تبلغ الأرض ، فلمّا انصرف الناس.
قلت : يا أبا محمّد ، ما رأيت موقفاً قطّ أحسن من موقفك.
قال : والله ما دعوت إلاّ لإخواني ، وذلك لأنّ أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام أخبرني أنّه من دعا لأَخيه بظهر الغيب نودي من العرش : ولك مائة ألف ضعف مثله ، فكرهت أن أدع مائة ألف ضعف مضمونة لواحدة لا أدري تستجاب أم لا»(٣).
وعن ابن أبي عمير قال : «كان عيسى بن أعين إذا حجّ فصار إلى
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٢/٢٠٧ ح ١٦١٠٠.
(٢) وسائل الشيعة ١٢/٢٠٥ ح ١٦٠٩٧.
(٣) وسائل الشيعة ١٣/٥٤٤ ح ١٨٤٠٢.
الموقف أقبل على الدعاء لإخوانه حتّى يفيض الناس ، قال : فقلت له : تنفق مالك وتتعب بدنك ، حتّى إذا صرت إلى الموضع الذي تبثّ فيه الحوائج إلى الله عزّ وجلّ أقبلت على الدعاء لإخوانك وتركت نفسك؟
فقال : إنّي على ثقة من دعوة الملَك لي ، وفي شكِّ من الدعاء لنفسي»(١).
وعن إبراهيم بن أبي البلاد ـ أو عبـد الله بن جندب ـ قال : «كنت في الموقف ، فلمّا أفضت لقيت إبراهيم بن شعيب فسلّمت عليه وكان مصاباً بإحدى عينيه ، وإذا عينه الصحيحة حمراء كأنها علقة ، فقلت له : قد أصبت بإحدى عينيك وأنا والله مشفق على الأخرى ، فلو قصرت من البكاء قليلاً.
قال : لا والله يا أبا محمّد ، ما دعوت لنفسي اليوم بدعوة.
فقلت : فلمن دعوت؟
قال : دعوت لإِخواني ، فإنّي سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : من دعا لأَخيه بظهر الغيب وكّل الله به ملَكاً يقول : ولك مثلاه ، فأردت أن أكون أنا أدعو لإِخواني ويكون الملَك يدعو لي ، لأَنّي في شكّ من دعائي لنفسي ، ولست في شكٍّ من دعاء الملَك لي»(٢).
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٣/٥٤٤ ح ١٨٤٠٣.
(٢) وسائل الشيعة ١٣/٥٤٥ ح ١٨٤٠٤.
الفصل الثاني
أداء حقّ المؤمن بالسّعي في حوائجه
ومن حقوق المؤمن على أخيه المؤمن أنْ يسعى في قضاء حوائجه ؛ لأنّه ليس كلّ أحد بقادر على قضاء الحاجة بنفسه ، ولكنْ يمكنه السّعي وراء قضائها ، إذ له وجاهة ومكانة بين الناس ، يمكنه بذل شيء منها في سبيل حاجة أخيه المؤمن :
فعن أمير المؤمنين عليه السلام : «إنّ الله فرض عليكم زكاة جاهكم ، كما فرض عليكم زكاة ما ملكت أيديكم»(١).
فليبذل المؤمن من جاهه لقضاء حاجة أخيه ، ففي الأخبار :
قال أبو عبـد الله عليه السلام : «قال الله عزّ وجلّ : الخلق عيالي ، فأحبّهم إليَّ ألطفهم بهم وأسعاهم في حوائجهم»(٢).
وقد ذكروا عليهم السلام طرفاً من الثواب الموعود به لذلك :
فعن أبي عبـد الله عليه السلام : «مشيُ الرجل في حاجة أخيه المؤمن ، يكتب له عشر حسنات ، وتمحى عنه عشر سيئات ، وترفع له عشر درجات ، ويعدل عشر رقاب ، وأفضل من اعتكاف شهر في المسجد الحرام»(٣).
وأفادت الأخبار أنّ هؤلاء السّاعين في حوائج المؤمنين هم خلقٌ منتجبون ، انتجبهم الله سبحانه لهذا الأمر :
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٦/٣٨١ ح ٢١٨١٦.
(٢) وسائل الشيعة ١٦/٣٦٧ ح ٢١٧٨١.
(٣) وسائل الشيعة ١٦/٣٦٦ ح ٢١٧٧٥.
فعن أبي عبد الله عليه السلام : «إنّ الله عزّ وجلّ خلق خلقاً من خلقه ، انتجبهم لقضاء حوائج فقراء شيعتنا ليثيبهم على ذلك الجنّة ، فإنْ استطعت أنْ تكون منهم فكن»(١).
ثمّ إنّ الثواب غير منوط بقضاء الحاجة ، بل إنّه يترتّب لمن مشى فيها قضيت أو لم تقض :
فعن أبي عبـد الله عليه السلام عن آبائه عن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال : «أوحى الله إلى داود عليه السلام : إنّ العبد من عبادي ليأتيني بالحسنة يوم القيامة فأحكمه في الجنّة ، قال داوُد : يا ربّ ، ما هذا العبد ...؟ قال : عبد مؤمن سعى في حاجة أخيه المسلم ، أحبّ قضاءها ، قضيت له أم لم تقض»(٢).
ومن لا يستطيع السعي ، فليكن ذلك من همّه ، فإنّه سيؤجر عليه :
فعن أبي جعفر عليه السلام : «إنّ المؤمن لترد عليه الحاجة لأخيه فلا تكون عنده ، فيهتمّ بها قلبه ، فيدخله الله تبارك وتعالى بهمّه الجنّة»(٣).
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٦/٣٥٧ ح ٢١٧٥٤.
(٢) وسائل الشيعة ١٦/٣٦٨ ح ٢١٧٨٤.
(٣) وسائل الشيعة ١٦/٣٣٧ ح ٢١٧٠٣.
الفصل الثالث
أداء حقّ المؤمن ببذل المال في حوائجه
ويتّضح ذلك في ضمن مطالب :
الأوّل :
لقد ورد في غير خبر أنّ «المؤمن أخو المؤمن ، عينه ودليله» :
فعن أبي عبد الله عليه السلام قال : «المؤمن أخو المؤمن ، عينه ودليله ، لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشّه ولا يعده عدةً فيخلفه»(١).
بل في بعض الأخبار : أنّ المؤمن من المؤمن :
فعن أبي جعفر عليه السلام إنّه قال : «أحبّ أخاك المسلم وأحبّ له ما تحبّ لنفسك ، واكره له ما تكره لنفسك ، إذا احتجت فسله وإذا سألك فأعطه ، ولا تدّخر عنه خيراً فإنّه لا يدّخر عنك. كن له ظهراً فإنّه لك ظهر ، إن غاب فاحفظه في غيبته وإنْ شهد فزره وأجلّه وأكرمه ، فإنّه منك وأنت منه ...»(٢).
الثاني :
وما أكثر الروايات الواردة في «ذمّ البخل» :
فعن رسول الله صلّى الله عليه وآله : «قال الله عزّ وجلّ : حرّمت الجنّة على المنّان والبخيل والقتّات»(٣).
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٢/٢٠٥ ح ١٦٠٩٦.
(٢) وسائل الشيعة ١٢/٢١٠ ح ١٦١٠٩
(٣) وسائل الشيعة ١٢/٤٥٣ ح ١٢٤٨٠.
وعنه صلّى الله عليه وآله : «خصلتان لا تجتمعان في مسلم : البخل وسوء الخلق»(١).
وعنه عليه السلام : «ما كان في شيعتنا فلا يكون فيهم ثلاثة أشياء : لا يكون فيهم من يسأل بكفّه ، ولا يكون فيهم بخيل ، ولا يكون فيهم من يؤتى في دبره»(٢).
وعنه : «شابّ سخي مرهق في الذنوب ، أحبّ إلى الله من شيخ عابد بخيل»(٣).
وعن أبي جعفر عليه السلام : «ما من عبد يبخل بنفقة ينفقها فيما يرضي الله ، إلا ابتلي بأنْ ينفق أضعافها فيما أسخط الله»(٤).
وعن أمير المؤمنين عليه السلام : «البخل جامع لمساوىء العيوب ، وهو زمام يقاد به إلى كلّ سوء»(٥).
الثالث :
وكذلك ما ورد عنهم في «فضل الإنفاق في سبيل الله» :
ولكنَّ المهمّ ما تفيده بعض الأخبار من أنَّ الله سبحانه وتعالى إنّما يعطي الأموال من أجل أن تُصرف في الموارد التي عيّنها :
فعن أبي عبد الله عليه السلام : «إنّما أعطاكم هذه الفضول من الأموال
__________________
(١) وسائل الشيعة ٩/٣٩ ح ١١٤٧١.
(٢) بحار الأنوار ٧٠/٣٠٧.
(٣) وسائل الشيعة ٩/١٧ ح ١١٤٠٧.
(٤) بحار الأنوار ٧٥/١٧٣.
(٥) بحار الأنوار ٧٠/٣٠٧.
لتوجّهوها حيث وجّهها الله ، ولم يعطكموها لتكنزوها»(١).
ولا يخفى ما في هذا الخبر من نكات :
١ ـ فقد عبَّر بكلمة «الفضول» ؛ ليشير إلى أنّ المقصود هو المال الزائد على قدر الحاجة ، وإلاّ فقد ورد الذمّ الشديد منهم على بذل ما يحتاج الإنسان إليه لنفسه وعائلته بحسب شؤونه.
٢ ـ وعبّر بكلمة «الإعطاء» ولم يقل «التمليك» ونحوه ، وكأنّه للإشارة إلى أنّ هذا المال الزائد ـ الذي هو ملك له بلا كلام إنْ حصل عليه بطريق شرعي ـ بمنزلة الأمانة التي عليه أن يوصلها.
٣ ـ وقد عيَّن الله المكان الذي على المؤمن أن يوصل إليه المال ، «لتوجّهوها حيث وجّهها الله» ، وليس الأمر بيد المؤمن حتّى يضعه حيث يشاء.
الرابع :
وإنّ أوّل شيء يؤكّدون عليه هو «المواساة» :
عن أبي عبد الله عليه السلام ـ في حديث ـ قال : «إنّ من أشدّ ما افترض الله على خلقه ثلاثاً : إنصاف المؤمن من نفسه حتّى لا يرضى لأخيه من نفسه إلاّ بما يرضى لنفسه منه ، ومواساة الأخ في المال ، وذكر الله على كلّ حال ، ليس «سبحان الله والحمد لله» ولكن عند ما حرّم الله عليه فيدعه»(٢).
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٦/٢٩٧ ح ٢١٥٩٤.
(٢) وسائل الشيعة ٩/٤٢٧ ح ١٢٤٠٢.
وعن محمّد بن عجلان قال : «كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل رجل فسلّم ، فسأله : كيف مَنْ خلّفت من إخوانك؟
قال : فأحسن الثناء وزكّى وأطرى.
فقال له : كيف عيادة أغنيائهم على فقرائهم؟
فقال : قليلة.
قال : فكيف مشاهدة أغنيائهم لفقرائهم؟
قال : قليلة.
قال : فكيف صلة أغنيائهم لفقرائهم في ذات أيديهم؟
قال : إنّك لتذكر أخلاقاً قلّما هي فيمن عندنا.
قال : فقال : فكيف تزعم هؤلاء أنّهم شيعة»(١).
وعن أبي إسماعيل قال : «قلت لأبي جعفر عليه السلام : جعلت فداك ، إنّ الشيعة عندنا كثير.
فقال : فهل يعطف الغني على الفقير؟ وهل يتجاوز المحسن عن المسيء ويتواسون؟
فقلت : لا.
فقال : ليس هؤلاء شيعة ، الشيعة من يفعل هذا»(٢).
وعن سعيد بن الحسن قال : «قال أبو جعفر عليه السلام : أيجيء
__________________
(١) وسائل الشيعة ٩/٤٢٨ ح ١٢٤٠٤.
(٢) وسائل الشيعة ٩/٤٢٨ ح ١٢٤٠٥.
أحدكم إلى أخيه فيدخل بيده في كيسه فيأخذ حاجته فلا يدفعه؟
فقلت : ما أعرف ذلك فينا.
فقال أبو جعفر عليه السلام : فلا شيء إذاً.
قلت : فالهلاك إذاً؟
فقال : إنّ القوم لم يعطوا أحلامهم بعد»(١).
أقول :
إلاّ أنّهم لا يكتفون بهذا ، بل يأمرون بـ : «الايثار» ، أنظر إلى كلام الإمام :
عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله عليه السلام ـ في حديث ـ أنّه قال له : «أخبرني عن حقّ المؤمن على المؤمن.
فقال : يا أبان ، دعه لا تردّه.
قلت : بلى ، جعلت فداك ، فلم أزل اُردّد عليه.
فقال : يا أبان ، تقاسمه شطر مالك ، ثمّ نظر إليّ فرأى ما دخلني.
فقال : يا أبان ، أما تعلم أنّ الله قد ذكر المؤثرين على أنفسهم؟
قلت : بلى ، جعلت فداك.
فقال : إذا أنت قاسمته فلم تؤثره بعد إنّما أنت وهو سواء ، إنّما تؤثره
__________________
(١) وسائل الشيعة ٥/١٢٠ ح ٦٠٩٠.
إذا أنت أعطيته من النصف الآخر»(١).
وعن جميل عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «خياركم سمحاؤكم وشراركم بخلاؤكم ، ومن صالح الأعمال البرّ بالإخوان والسّعي في حوائجهم ، وفي ذلك مرغمة الشيطان وتزحزح عن النيران ودخول الجنان.
يا جميل ، أخبر بهذا الحديث غرر أصحابك.
قلت : مَن غرر أصحابي؟
قال : هم البارّون بالإخوان في العسر واليسر. ثمّ قال : أما إنّ صاحب الكثير يهون عليه ذلك ، وقد مدح الله صاحب القليل فقال : (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(٢)»(٣).
وعن المفضّل قال : «كنت عند أبي عبد الله عليه السلام ، فسأله رجل في كم تجب الزكاة من المال؟
فقال له : الزكاة الظاهرة أم الباطنة تريد؟ قال : أريدها جميعاً.
فقال : أمّا الظاهرة ، ففي كلّ ألف خمسة وعشرون درهماً. وأمّا الباطنة ، فلا تستأثر على أخيك بما هو أحوج إليك منك»(٤).
هذا ، ومن الأخبار في بذل المال في حوائج المؤمنين :
عن عمّار الساباطي : إنّ الصّادق عليه السلام قال له : «يا عمّار ، أنت
__________________
(١) وسائل الشيعة ٩/٤٢٧ ح ١٢٤٠٣.
(٢) سورة الحشر ٥٩ : ٩.
(٣) بحار الأنوار ٧١/٣٩٤.
(٤) بحار الانوار ٧١/٣٩٦.
ربّ مال كثير.
قال : نعم جعلت فداك.
قال : فتؤدّي ما افترض الله عليك من الزكاة؟
فقال : نعم.
قال : فتخرج الحق المعلوم من مالك؟
قال : نعم.
قال : فتصل قرابتك؟
قال : نعم.
قال : فتصل إخوانك؟
قال : نعم.
قال عليه السلام : يا عمّار ، إنّ المال يفنى والبدن يبلى والعمل يبقى ، والديّان حيٌّ لا يموت. يا عمّار ، أما أنّه ما قدّمت فلن يسبقك ، وما أخّرت فلن يلحقك»(١).
وعن أبي جعفر عليه السلام : «إنّ رجلاً جاء إلى أبي علي بن الحسين فقال له : أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ : (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَـحْرُومِ)(٢) ما هذا الحقّ المعلوم؟
فقال له علي بن الحسين عليه السلام : الحق المعلوم الشيء يخرجه من ماله ، ليس من الزكاة ولا من الصدقة المفروضتين.
قال : فإذا لم يكن من الزكاة ولا من الصدقة فما هو؟
__________________
(١) وسائل الشيعة ٩/٥٠ ح ١١٤٩٥.
(٢) سورة المعارج ٧٠ : ٢٤ ـ ٢٥.
فقال : هو الشيء يخرجه الرجل من ماله ، إنْ شاء أكثر وإنْ شاء أقلّ ، على ما يملك.
فقال له الرجل : فما يصنع به؟
فقال : يصل به رحماً ، ويقوّي به ضعيفاً ، ويحمل به كلاًّ ، أو يصل به أخاً له في الله أو لنائبة تنوبه.
فقال الرجل : الله أعلم حيث يجعل رسالته»(١).
وعن أبي جعفر عليه السلام : «إنّ من حقّ المؤمن على أخيه المؤمن : أنْ يشبع جوعته ، ويواري عورته ، ويفرّج عنه كربته ، ويقضي دينه ، فإذا مات خلفه في أهله وولده»(٢).
وعن أبي عبد الله عن آبائه عن النبي صلّى الله عليه وآله : «من أغاث لهفاناً من المؤمنين أغاثه الله يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه ، وآمنه يوم الفزع الأكبر ، وآمنه من سوء المنقلب ، ومن قضى لأخيه المؤمن حاجة ، قضى الله له حوائج كثيرة من إحداها الجنّة ...»(٣).
وعن أبي عبد الله عليه السلام : «من أغاث أخاه المؤمن اللهفان عند جهده فنفّس كربته وأعانه على نجاح حاجته ، كتب الله عزّ وجلّ له بذلك ثنتين وسبعين رحمة من الله ، يعجّل له منها واحدة يصلح بها أمر معيشته ، ويدّخر له إحدى سبعين رحمة ؛ لأفزاع يوم القيامة وأهواله»(٤).
وعنه عليه السلام : «أيّما مؤمن نفّس عن مؤمن كربة وهو معسر ،
__________________
(١) وسائل الشيعة ٩/٤٩ ح ١١٤٩١.
(٢) وسائل الشيعة ١٢/٢٠٤ ح ١٦٠٩٥.
(٣) وسائل الشيعة ١٧/٢٩ ح ٢٢٣٥٤.
(٤) وسائل الشيعة ١٦/٣٧٠ ح ٢١٧٨٩.
يسّر الله له حوائجه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر على مؤمن عورة يخافها ، ستر الله عليه سبعين عورة من عورات الدنيا والآخرة. قال : والله في عون المؤمن ما كان المؤمن في عون أخيه. فانتفعوا بالعظة وارغبوا في الخير»(١).
فانظر أيّ أثر يترتّب من الله على إغاثة المؤمن وتنفيس كربة من كربه؟!
ولكنْ لا يخفى أنّ في الخبر كلمة : «وهو معسر» ، وفي الذي قبله : «عند جهده» ، وفي ذلك إشارة إلى أنّ على المؤمن أنْ يبذل غاية جهده في حلّ مشكلاته ، فإنْ لم يتمكّن ووقع في العسر ، فهناك موضع إغاثة الغير.
فلنكتف بهذا القدر ، وهو كاف لمن كان من أهل الخير ، والله هو الموفق.
للبحث صلة ...
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٦/٣٧١ ح ٢١٧٩٠.
|
الأعلام الجليّة في أصالة نسخة الشهيد من الصحيفة السجاديّة |
|
السـيّد حسن الموسوي البروجردي
بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّد الأنْبِياءِ وَالْمُرْسَلِينَ مُحَمَّـد وَعِتْرَتِهِ الطَيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ ، لاسِيَّمَا بَقِيَّةِ اللهِ فِي الأرَضِينَ الحُجَّةِ بنِ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيّ عَجَّلَ اللهُ فَرَجَهُ الشَّرِيفَ ، وَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى أعْدَائِهِمْ أَجْمَعِين مِنَ الآنَ إلَى قِيامِ يَومِ الدِّينِ.
وبعد :
فإنّ من أهمّ وأعرق الوثائق الحديثيّة ـ التي عهدها المسلمون من القرن الأوّل(١) ، وتكاتفت الجهود الكريمة على العناية بها ، وحفظها ،
__________________
(١) قال محمّد بن عليّ بن شهر آشوب (ت ٥٨٨ هـ) ـ في معرض ردّه على قول الغزالي ـ في مقدّمة كتابه معالم العلماء : ٣٨ : «إنّ أوّل من صنّف فيه ٍ[أي الإسلام] أميرالمؤمنين عليّ عليهالسلام جمع كتاب الله جلّ جلاله ، ثمّ سلمان الفارسي رضیاللهعنه ، ثمّ أبو ذر الغفّاري رحمهالله ، ثمّ الأصبغ بن نباتة ، ثمّ عبيدالله بن أبي رافع ، ثمّ الصحيفة الكاملة عن زين العابدين عليهالسلام».
ونشرها ، وحمايتها ، وروايتها على صفحات القلوب والأوراق .. وتناقلوها ورووها جيلاً بعد جيل بتمام الدقّة والرعاية في الضبط والإتقان ، وتوارث ذلك الخلف عن السلف ـ هي : الصحيفة الكاملة السجّادية لمنشئها الإمام عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، زين العبّاد والسيّد السجّاد عليه آلاف التحيّة والثناء من ربّ العباد إلى يوم التناد وقد فتح الله من قلبه عليهالسلامعلى لسانه ينابيع الحكمة والحقائق النبويّة ، ولذا سُمّيت هذه الصحيفة بـ : «إنجيل أهل البيت» و «زبور آل محمّد»(١) ؛ لأنّه كما أنّ الإنجيل والزبور جريا على لسان عيسى بن مريم وداود ـ على نبيّنا وآله وعليهما السلام ـ فإنّ هذه الأدعية الإلهيّة جرت على لسان من اشتهر بكثرة السجود والعبادة والبكاء عليه الصلاة والسلام ما تعاقب الغداة والعشيّة .. (٢).
__________________
(١) أوّل من ذكر هاتين التسميتين للصحيفة هو ابن شهر آشوب المازندراني (ت ٥٨٨ هـ) ، حيث قال ـ في معالم العلماء : ١٦٠ ، مرّة في ترجمة عمير بن المتوكّل ـ : إنّها ملقّبة بـ : «زبور آل محمّد عليهمالسلام».
ومرّة أُخرى في ترجمة يحيى بن عليّ بن محمّد بن الحسين الرقّي : ١٦٦ ، قال : إنّه روي عن الصادق عليهالسلام الدعاء المعروف بـ : «إنجيل أهل البيت عليهمالسلام».
كما أشار إلى ذلك السيّد الداماد (ت ١٠٤٠ هـ) ، والمولى التقي المجلسي (ت ١٠٧٠ هـ) .. وأضرابهما في بعض كتابتهما حول الصحيفة (لاحظ بحار الأنوار ١١٠ / ٦١).
ولكن لايخفى أنّ التلقيب الثاني ـ يعني الزبور ـ ورد في ترجمة الرقّي المذكور ، وهو كما صرّح ابن شهرآشوب روى عن الصادق عليهالسلام الدعاء المعروف بإنجيل أهل البيت عليهمالسلام ، والظاهر أنّ مراده رحمهالله به هو الدعاء المعروف بالإنجيليّة الذي رواه جمع من الأعلام ، وهذا الدعاء لم يرد في الصحيفة بجميع رواياتها ، كما أنّ ابن شهرآشوب صرّح بأنّه يروي الدعاء بلفظ المفرد ، وهو لا يتطابق مع لفظ الأدعية للإمام عليهالسلام ؛ ففيه وجه تأمّل ونظر. (لاحظ : الصحيفة الثالثة السجادية : ١٠٠ ـ ١٠٢)
(٢) لاحظ : بحار الأنوار ١١٠ : ٦١ / صورة ٤١.
والصحيفة السجّادية ليست دعوات وحسب .. بل هي بحقّ موسوعة علميّة ، عقائديّة ، اجتماعيّة ، سياسيّة .. بشتّى ألوانها التي يعجز البيان عن إطرائها وتوصيفها ..
وهي أثر خالد لا محيص للموحّدين ـ من الشيعة والسنّة ـ عن التدبّر في ألفاظها ، والتفكّر في معانيها ..
دواعي العمل :
إنّ ما بأيديكم من الوريقات ، هي نظرة متواضعة حول نسخة فريدة نفيسة لتلك الصحيفة الشريفة ، بخطّ العالم الكبير ، فقيه آل الرسول ، الشهيد الأوّل محمّد بن مكّي العاملي رضوان الله تعالى عليه.
ومن الأُمور المشجّعة على هذا العمل : إنّ متن هذه الجوهرة النفيسة كان مرجعاً للصحائف المخطوطة والمطبوعة المتداولة في عصرنا ، كما أنّه كان مرجعاً لعدّة من النسخ والصحائف المخطوطة المفقودة ـ كما سيأتي ذكر بعضها ـ.
ومن المعلوم أنّ أكثر طرق رواية الصحيفة ـ إجازة أو وجادة أو غير ذلك ـ ترجع إلى الشهيد(١) ـ قدّس الله سرّه الشريف ـ ؛ هذا وقد احتجبت هذه الدرّة اليتيمة عن الأنظار قرابة ثلاثة قرون ، مع أنّها أولى بالاعتبار في التصحيح والمقابلة ؛ لأنّ هذه النسخة أكثر إتقاناً من باقي النسخ المقابلة بالواسطة الواحدة أو بأكثر من واسطة .. عن هذه النسخة ، ولأجل هذا ؛ عزمت على تعريفها وإحياء أمرها ؛ كي تكون هذه خطوة متقدّمة لتصحيح
__________________
(١) انظر : كتاب الإجازات من بحار الأنوار ١١٠ / ٤٣ ـ ٦٦ ، فإنّ جميع الطرق التي ذكرها المجلسي ترجع إلى الشهيد رحمهماالله.
وتحقيق الصحائف (١).
وقد سمّيتها بـ :
الأعلام الجليّة في أصالة نسخة الشهيد من الصحيفة السجّاديّة
فنقدّم هذه الكرّاسة في مباحث :
المبحث الأوّل : توثيق الصحيفة السجّاديّة
والبحث عنه يقع في عدّة مواضع :
الأوّل : توثيق الصحيفة من حيث الشهرة.
والثاني : من حيث المتن.
والثالث : من حيث الرواية.
ولكنّ هذه البحوث بشكل واسع تحتاج إلى محلّ آخر لتقصّي الكلام حولها ، مع أنّه كتبت مقالات مختلفة في المجلاّت ، وكُتُب مستقلّة مفصّلة لهذا الغرض ؛ فلا داعي لذكر وتكرار كلمات القوم في ذلك ، فلذا آثرنا ذكر زبدة العبارات ـ على قدر بضاعتنا ـ حتّى لا يخلو المقام من فوائدها ، وسعينا جهد الإمكان لذكر الكلمات التي لم يسلّط عليها الضوء ـ في غالب الكتابات التي كتبت في هذا المجال ـ ، حرصاً منّا على أن يصل الباحث ـ من خلال ما كتبوه ، وما سنذكره ـ على نتيجة أكمل وأتمّ ..
والله الموفّق للأُمور ..
__________________
(١) قابل ـ راقم السطور ـ الصحيفة المشهورة بنسخة الشهيد ومع كلّ النسخ التي قوبلت مع أُصول نسخة الشهيد ، وهذه الصحيفة المصحّحة قيد التصحيح والمقابلة مع النسخ الأُخرى.
توثيقها من حيث النسبة إلى صاحبها وشهرتها بين العلماء :
يكفي في ذلك قول ابن إدريس (ت ٥٩٨ هـ) في مقدّمة شرح صحيفته ، ما لفظه : «وكان أعظم ما يتداول(١) بين المتعبّدين الصحيفة المنقولة عن سيّد العابدين عليهالسلام إذ هي حلاوة ثمرة أصلها سيّد المرسلين ونفسُ نفس متّصلة بحضرة قُدس ربّ العالمين»(٢).
وهذا الكلام ـ في ذلك العصر ـ يدلّ على شهرة الصحيفة واهتمام العلماء بها.
وقال السيّد الداماد (ت ١٠٤٠ هـ) : «الصحيفة الكريمة السجّادية المسمّاة إنجيل أهل البيت ، وزبور آل الرسول عليهمالسلام متواترة ، كما سائر الكتب في نسبتها إلى مصنّفيها ، وذكر الإسناد لبيان طريق حمل الرواية ، وإجازة تحمّل النقل ، وذلك سَنَن المشايخ في الإجازات»(٣).
وقال السيّد الشارح السيّد عليّ خان المدني (ت ١١٢٠ هـ) : «نسبة
__________________
(١) في الذريعة : (ما يتداوى به) ، والظاهر أنّ النسخة التي رآها صاحب الذريعة كتبت من نسختنا التي سيجيء تعريفها.
(٢) شرح الصحيفة لابن إدريس : ٢ (مخطوطة في المكتبة الرضويّة برقم ١٤٨٤٩ ، وكان تاريخها ١٠٨٨ هـ ، ونسخة أخرى بخطّ الشيخ عبدالرحيم بن محمّد عليّ التستري ، تلميذ العلاّمة الأنصاري كتبها سنة ١٣٠٥ هـ عن نسخة تاريخها ١٠٨٨ هـ ، ونسخة أُخرى في مكتبة أمير المؤمنينعليهالسلام برقم ١٠٧٤ ، بآخر مجموعة كلّها بخطّ ، تاريخ بعض ما فيها سنة ١٠٦٢ و ١٠٦٥ هـ ورقم المجموعة ١٥٢٠ ، لاحظ مجلّة ٨١ ـ ٨٢ صفحة ٢٢١)
وهو قيد التحقيق تحت يد العلاّمة الخبير آية الله السيّد محمّد مهدي آل الخرسان ـ حفظه الله ورعاه ـ الذريعة ١٣ / ٣٥٨ رقم ١٣٢٦.
(٣) شرح الصحيفة للسيّد الداماد : ٥٦.
الصحيفة الشريفة إلى صاحبها عليهالسلام ثابتة بالاستفاضة التي كادت تبلغ حدّ التواتر ..»(١).
وقال السيّد الصدر (ت ١٣٥٤ هـ) في إجازته للسيّد المرعشي (ت ١٤١١ هـ) : «فقد استجازني ... في رواية كتاب نهج البلاغة في خطب مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام ، والصحيفة الكاملة السجّاديّة المعروفة بزبور أهل البيت عليهمالسلام ، وإن كانا متواترين وإلى منشئها ، سلام الله عليهما إلاّ أنّ الانسلاك في سلسلة الرواة عنهم ممّا يُرغب فيه ويُندب إليه ...»(٢).
وممّا لا شكّ في نسبتها إلى صاحبها : تداولها بين علماء الإماميّة في كلّ الطبقات والعصور ، واهتمامهم بروايتها ، وذكرهم لها في إجازات مستقلّة ، ورواية كلّ من الشيخ النجاشي (ت ٤٥٠ هـ)(٣) ، وشيخ الطائفة الطوسي (ت ٤٦٠ هـ)(٤) ، وابن شهرآشوب السروي المازندراني رحمهمالله(ت ٥٨٨ هـ) في فهارسهم على كتب الإماميّة ، ووفور الشروح عليها(٥).
__________________
(١) رياض السالكين ١ / ٥٨.
(٢) مقدّمتان توثيقيتان حول الصحيفة السجاديّة / منشورتان في مجلّة علوم الحديث ، العدد الثالث ، الصفحة ٤٧.
(٣) رجال النجاشي : ٤٢٦ / ١١٤٤.
(٤) الفهرست للطوسي : ٤٧٧ / ٧٦٩.
(٥) كتب في فهرس شروح الصحيفة وتعريف نسخها : الشيخ العلاّمة آغا بزرگ الطهراني ضمن الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، والاُستاذ العلاّمة السيّد محمّد حسين الحسيني الجلالي ضمن كتابه باسم دراسات حول الصحيفة السجّادية ، فقد بحث فيها عن الشروح ضمن : الصحيفة عبر القرون ، وأيضاً طبع هذه الدراسة مع تحقيقه على نسخة من رواية عليّ بن مالك بقم ، والسيّد محمّد حسين الحكيم باسم : نسخه هاي خطي ، شروح وترجمه هاي صحيفه سجّاديّه ، وحسين درگاهي باسم :
كلّ ذلك يورث القطع بانتسابها إلى صاحبها عليهالسلام ، ويبعث على اليقين بشهرتها في البلدان الإسلاميّة.
وأضف إلى ذلك وجود النسخ القديمة منها بكثرة كاثرة ـ كما سيمرّ بعضها ـ حيث قلّما يجد الباحث هذه الكثرة في باقي الكتب .. فإنّ كثرة نسخها مطلقاً في جميع القرون ، يُعجِزُ الباحث عن استقصائها حتّى بنحو الجمع والإشارة ، ويكفيك أنّ الأعداء والمغرضين حاولوا التشكيك في كثير من تراث الأئمّة عليهمالسلام لكنّهم تضاءلوا وتصاغروا أمام الصحيفة السجّادية ، فلم ينبس مشكّك منهم ببنت شفة (١).
ونري في ذلك البين بعض فطاحل المذهب وقوائم الدين من علمائنا الأخيار قد استنسخوا بخطوطهم الشريفة نسخة من الصحيفة السجاديّة ؛ وذلك مثل : السيّد أبي الرضا فضل الله الراوندي (من أعلام القرن السادس الهجري) ، وابن السكون النحوي (المتوفّى حدود سنة ٦٠٠ هـ) ، وعلي بن أحمد السديدي الحلّي (من أعلام القرن السابع الهجري) ، والشهيد الأوّل محمّد بن مكّي العاملي (ت ٧٨٦ هـ) فإنّه كتب نسختين ، وتقي الدين إبراهيم بن علي الكفعمي (ت ٩٠٥ هـ) ، والشيخ شمس الدين محمّد الجبعي جدّ شيخنا البهائي ، والشهيد الثاني علي بن زين الدين العاملي
__________________
كتابنامه صحيفه سجّاديّه وفؤاد سزگين في تاريخ التراث العربي ، ومقدّمتان لآية الله المرعشي والسيّد المشكاة ، نشر هذان العملان قبل أكثر من ستّين سنةً في طهران ، وفي مقدّمة نسخة من الصحيفة بتصحيح وطبع الشيخ محمّد الآخوندي ، وطبع أخيراً بشكل لائق مستقلّ برعاية اُستاذنا العلاّمة السيّد محمّد رضا الجلالي دام توفيقه في مجلّة علوم الحديث.
(١) عرفت حتّى الآن أكثر من ١٥٠٠ نسخة من الصحيفة السجّادية في المكتبات العامّة والخاصّة.
(ت ٩٦٥ هـ) ، والمولى محمّد تقي المجلسي (ت ١٠٧٠ هـ) و....
وهذا غير الخطوط التي جاءت على نسخ الصحيفة من قبل العلماء في مقابلة وتصحيح وإجازة وانهاء .. وغيرها من موارد التوثيق والاهتمام.
توثيقها من حيث المتن :
قال السيّد الداماد (ت ١٠٤٠ هـ) : «إنّ في إنجيل أهل البيت ، وزبور آل محمّد عليهمالسلام ، رموزاً سماويّة وألفاظها إلهيّة ، وأساليب وَحيانيّة ، وأفانين فرقانيّة»(١).
حكى ابن شهر آشوب (ت ٥٨٨ هـ) : «إنّ بعض البلغاء بالبصرة ذكرت عنده الصحيفة الكاملة فقال : خذوا عنّي حتّى أُملي عليكم مثلها ، فأخذ القلم وأطرق رأسه فما رفعه حتّى مات»(٢).
وقال المولى التقي المجلسي (ت ١٠٧٠ هـ) : «إنّه لا شكّ في أنّ الصحيفة الكاملة ، عن مولانا سيّد الساجدين بذاتها وفصاحتها وبلاغتها واشتمالها على العلوم الإلهيّة التي لا يمكن لغير المعصوم الإتيان بها ، والحمد لله ربّ العالمين على هذه النعمة الجليلة العظيمة التي اختصّت بنا معشر الشيعة»(٣).
وقال السيّد السند العليّ (ت ١١٢٠ هـ) : «واعلم أنّ هذه الصحيفة عليها مسحة من العلم الإلهي ، وفيها عبقة من الكلام النبويّ ، كيف لا ، وهو
__________________
(١) شرح الصحيفة السجّادية : ٥٥.
(٢) مناقب آل أبي طالب ٤ / ١٣٧.
(٣) بحار الأنوار ١١٠ / ٦٦ ، قاله في روايته المؤرّخة ١٠٦٤ هـ.
قبس من نور مشكاة الرسالة ، ونفحة من شميم رياض الإمامة ، حتّى قال بعض العارفين : إنّها تجري مجرى التنزيلات السماويّة ، وتسير مسير الصحف اللوحيّة والعرشيّة ؛ لما اشتملت عليه من أنوار حقائق المعرفة ، وثمار حدائق الحكمة ..»(١).
وقال أيضاً ـ بعد ذكر جملة كثيرة من طرق روايتها ـ : «وأمّا الصحيفة [من حيث العبارة فهي أظهر من أن تذكر ، فهي كالقرآن المجيد في نهاية الفصاحة ، وأمّا من جهة الإحاطة بالعلوم الإلهيّة ، فهي أيضاً ظاهرة لمن كان له أدنى معرفة بالعلوم»(٢).
وقال العلاّمة المتتبّع الأفندي الإصفهاني (ق ١٢) : «الحرقة والجذبة الشديدة في أدعية عليّ بن الحسين عليهالسلام ظاهرة ، والفصاحة والبلاغة والهيبة في أدعية أمير المؤمنين عليهالسلام باهرة إلاّ أنّ غاية امتياز الأدعية المذكورة في مطاوي الصحيفة الكاملة السجّاديّة المعروفة بين أصحابنا الإماميّة تارة بزبور آل محمّد عليهمالسلام ، وتارة بإنجيل أهل البيت ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ في تلك الصفات والفضائل والدرجات من بينها ونهاية الاعتماد عليها ممّا لايخفى على أُولى النُّهى ؛ لأنّ تواتر أدعيتها ، وجزالة معانيها ، ولطافة ألفاظها ، وطرافة عباراتها بل إعجازها وإفحامها ممّا قد أغنانا من مؤنة إيراد الحجج في إثباتها أو تجشّم زحمة في ذكر أسانيدها وطرقها إلى مولانا السجّاد الذي هو قائلها»(٣).
ويكفي في ذلك اعتماد أجلّة الأئمّة المحدّثين والمصنّفين عليها ،
__________________
(١) رياض السالكين ١ / ٥١.
(٢) بحار الأنوار ١١٠ / ٥٩ رقم ٤١.
(٣) الصحيفة الثالثة السجّاديّة : ٤ ـ ٥.
ونقلهم عنها في كتبهم ، حيث يندر ـ إن لم يستحلّ عادةً ـ من كتب الأدعية المعتمدة عدم النقل منها ، كـ : شيخ الطائفة الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) حيث نقل عن الصحيفة عدّة أدعية في كتابيه مصباح المتهجّد الكبير والصغير ، والشيخ قطب الدين الراوندي (ت ٥٧٣ هـ) في كتابه سلوة الحزين وتحفة العليل (١) ، والسيّد عليّ بن طاوس (ت ٦٦٤ هـ) في كتبه الدعائيّة ، والشهيد الأوّل محمّد بن مكّي (ت ٧٨٦ هـ) في مزاره ، وإبراهيم بن عليّ الكفعمي (ت ٩٠٥ هـ) في البلد الأمين .. وغيره ، وغير هؤلاء من الفطاحل والعظام ، وذلك شاهد صدق على اعتمادهم من حيث انتساب المتن إلى منشئها.
هذا غيض من فيض ممّا وردت في كلمات أعلام الطائفة ؛ فإنّ استيفاء كلماتهم ـ نضّر الله وجههم وتغمّدهم بالرحمة والرضوان ـ تتطلّب مكاناً وسيعاً وعلماً واسعاً.
توثيقها من حيث الرواية(٢) :
اهتمّ العلماء والمحدّثون ـ كما قلنا ـ جيلاً بعد جيل وطبقةً بعد طبقة وعكفوا على رواية ودراية هذه الصحيفة المباركة ، واختصّوها بإجازات مستقلّة عن مشايخهم على كثرتها وتعدّدها ..
فقال السيّد الداماد (م ١٠٤٠ هـ) : «أسانيد طرق المشيخة ـ رضوان الله تعالى عليهم ـ في روايتهم للصحيفة الكاملة المكرّمة متواترة ، وتحمّلهم
__________________
(١) طبع في سلسلة منشورات مكتبة العلاّمة المجلسي ؛ برقم ٦.
(٢) سيجيء البحث عن رواة الصحيفة للشهيد وعن الشهيد.
لنقلها مختلفة ..»(١).
وقال المولى محمّد تقي المجلسي (م ١٠٧٠ هـ) ـ بعد ذكره عدّةً من طرق الصحيفة ـ : «والذي رأيت من أسانيد الصحيفة بغير هذه الأسانيد فهي أكثر من أن تحصى ولا شكّ لنا في أنّها من سيّد الساجدين ، أمّا من جهة الإسناد فإنّها كالقرآن المجيد ، وهي متواترة من طرق الزيديّة أيضاً ..»(٢).
وقال العلاّمة الأفندي (ق/١٢) : «اطّلعنا على عدّة نسخ من الصحيفة الشريفة الكاملة السجّاديّة بطرق أُخرى أيضاً غير مشهورة قد تربو على العشرة الكاملة»(٣). ثمّ ذكر ثمانية منها.
وقال في موضع آخر ـ في تعداد أسانيد الصحيفة ـ : «إنّها ترتقي إلى ستّة وخمسين ألف سند ومائة إسناد»(٤).
ولا يخفى عليك أنّ المراد بهذا العدد هو تعداد مشايخ الإجازات لا الرواة الأصليّين للصحيفة ؛ لأنّه وحتّى اليوم ـ يعني سنة ١٤٢٦ هـ ـ توجد روايات مختلفة ضمن صحائف متفاوتة في المكتبات أو ذكرها أصحاب الإجازات والتراجم ضمن إجازاتهم لتلامذتهم(٥) ، تنتهي رواتها إلى عدّة أعلام هم :
الأوّل : الحسين بن أشكيب المروزي ، من أصحاب الإمام الهادي
__________________
(١) شرح الصحيفة السجّادية : ٥٦.
(٢) بحار الأنوار ١١٠ / ٥٩ رقم ٤١.
(٣) الصحيفة الثالثة السجّادية : ١١.
(٤) بحار الأنوار ١١٠ / ٦١.
(٥) لي دراسة خاصّة حول هذه الصحائف والروايات ، وشرح أسانيدها ، وتوثيق طرقها ، ونسخها ؛ لم تطبع بعد.
والعسكري عليهماالسلام(١).
الثاني : عليّ بن مالك ، عن أحمد بن عبدالله ، عن محمّد بن صالح(٢).
__________________
(١) رأى نسخة منها الميرزا عبدالله الأفندي الإصفهاني وأخبر عنها في الصحيفة الثالثة : ١١ ، وهي نسخة عتيقة نفيسة بخطّ ابن مقلة ، الخطّاط المشهور في العصر العبّاسي ، الذي هو واضع خطّ النسخ في زمن الخلفاء العبّاسيّة وناقله عن الخطّ الكوفي.
وتوجد عند العلاّمة المحقّق السيّد محمّد عليّ الروضاتي حفظه الله نسخة من هذه الرواية ، كتبه محمّد باقر الحسيني السلطاني الشوشتري عام ١١٢٣ هـ بأمر السلطان حسين الصفوي ، وطبعه مركز التحقيقات الكامبيوتريّة في الحوزة العلميّة في اصفهان ، بتحقيق السيّد أحمد السجّادي مع تقريظ العلاّمة المذكور.
(٢) توجد نسخة منه في المكتبة الرضويّة على صاحبها ألف تحيّة وصلاة برقم ١٢٤٠٥ ، كتبها الحسن بن إبراهيم الزامي في سنة ٤١٦ هـ ، وهي أقدم نسخة وجدت من الصحيفة ، وحقّقها وطبعها الاُستاذ كاظم مدير شانه چي في المشهد المقدّس.
ونسخة أُخرى في المكتبة المرعشيّة في قم ، برقم ٣٦٨٥ ، وهي نسخة قديمة بالنسخ المعرب ، وجاء على الورقة الواحدة والعشرين ما لفظه : «بلغ عند مستجمع العلوم شيخ الإسلام والمسلمين زين الملّة والدين مدّ ظلّه وأيّده الله تعالى». يظهر منه أنّ المراد به الشهيد الثاني زين الدين بن عليّ العاملي المستشهد عام ٩٦٥ هـ ، وطبعها العلاّمة السيّد محمّد حسين الحسيني الجلالي ـ حفظه الله ورعاه ـ في قم المقدّسة مع تحقيقات ضافية ومقدّمات شافية.
ونسخة أُخرى أيضاً في المكتبة المرعشيّة برقم ١٢٩٠٨ ، بخط بهاء الدين محمّد بن محمّد تقي في ١١٠٠ هـ ، وكتبها عن نسخة تاريخها ٤٩٦ هـ.
ومخطوطة أُخرى في جامعة الإلهيات بطهران برقم ٣١٣ من نسخ القرن السابع الهجري ، ووقع في طريقها الحاكم أبو القاسم عبيدالله بن عبدالله الحسكاني الحنفي النيشابوري من أعلام القرن الخامس الهجري صاحب كتاب شواهد التنزيل.
وأُخرى في مكتبة إحياء التراث الإسلامي بقم ، برقم : ٣١٣٩ من القرن العاشر أو
الثالث : عليّ بن حمّاد بن العلاء(١).
الرابع : أبو عيسى عبيدالله بن الفضل بن محمّد بن هلال النبهاني(٢).
الخامس : أبو الحسن عليّ بن النعمان الأعلم المصري(٣).
__________________
الحادي عشر ، وقد نُقِلَت «من نسخة صحيحة غاية الصحّة بخطّ السيّد الإمام العالم الزاهد فضل الله بن عليّ الحسني».
أقول : وهو السيّد أبو الرضا فضل الله الراوندي العالم المشهور في القرن السادس الهجري ، وتلميذ أبي علي الطوسي المفيد الثاني ، وصاحب كتاب النوادر المطبوع .. وغيره من الكتب ، وهو روى الصحيفة عن شيخه أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسن المقري النيسابوري قراءة عليه براوند ، عن الحسكاني المذكور .. وعندي منها مصوّرة.
وأيضاً نسخة منها كانت في مكتبة الشيخ سليمان البحراني الماحوزي (١٠٧٥ ـ ١١٢١ هـ) ورآها المحقّق الأفندي ، وقال : «مجموعة عتيقة ، من جملتها الصحيفة السجّاديّة ، وتاريخ كتابتها سنة خمس وتسعين وتسعمائة برواية غريبة. وكان بينها وبين النسخ المشهورة منها أنواع الاختلافات ؛ بل ليس ذلك بعينه النسخ الأُخر من الصحيفة السجّاديّة التي عندي أيضاً ، ولم أجد هذه النسخة في غير هذا الموضع ... ثمّ بيّن أنواع الاختلافات بين هذه النسخة والنسخة المشهورة. ثمّ ذكر صدر هذه النسخة وإسنادها ، وهو موافق لرواية فضل الله الراوندي. (الفوائد الطريقة : ٥١٢ ـ ٥١٣)
(١) ذكرها العلاّمة المجلسي في كتاب الإجازات من بحار الأنوار ١٠٩ / ١٠١ ، وآغا بزرگ الطهراني في الذريعة ١ / ٢٣١ ، وهذه الرواية وقعت في طريق الشيخ محمّد بن أحمد بن نعمة الله بن خاتون العاملي ، وذكرها في إجازته للسيّد ظهير الدين الميرزا إبراهيم بن الحسين الحسني الهمداني (١٠٢٦ هـ) في مكّة المكرّمة سنة ١٠٠٨ هـ.
(٢) إن صحّت الرواية عنه ؛ فمنه نسخة في مكتبة أيا صوفيا باستامبول برقم : ٢٨١٩ ، وطبعه العلاّمة السيّد محمّد حسين الحسيني الجلالي مصوّرة من هذه النسخة في شيكاكو ـ أمريكا ، وعندي منها نسخة.
(٣) منها نسخة في مكتبة متحف كاخ گلستان بطهران برقم ٢١٠٥ ، كتبها ياقوت
السادس : محمّد بن أحمد بن مسلم بن مطهّر ، عن أبيه أحمد المطهّر(١).
السابع : جعفر بن محمّد بن زيد ، عن أبيه.
ذكر هذا الطريق الأمير ماجد بن الأمير جمال الدين محمّد الحسيني الدشتكي في إجازته للمولى محمّد شفيع في سنة ١٠٨٧ هـ ، فهو يروي
__________________
المستعصمي الخطّاط المشهور في القرن السابع الهجري ، كتبها في سنة ٦٩٤ هـ.
ونسخة أُخرى في مكتبة أيا صوفيا باستامبول برقم ١٩٤٦ ، كتبت سنة ٦٩٧ هـ ، في مدينة بغداد ، وهو برواية أبي المفضل الشيباني.
ونسخة أُخرى في مكتبة الميرزا محمّد الكاظميني في يزد برقم ٤٣٤ ، كتبها عبدالرحيم بن شمس الخلوتي التبريزي عام ٧٩١ ، والكاتب هو من الخطاطين المعروفين في القرن الثامن والتاسع وتوفّي عام ٨٥٩ هـ ، وهذه الصحيفة برواية أبي علي الحسن بن محّمد بن إسماعيل بن أشناس البزّار ، عن أبي المفضّل الشيباني .. الخ ، وعندي منها مصوّرة.
ونسخة أُخرى في مكتبة فخرالدين النصيري الخاصّة في طهران ، كتبها محمّد بن محمّد عبدالقهّار الشيرازي في رمضان المبارك سنة ٧٦١ هـ ، وعندي منها مصوّرة ، وهذه النسخة أيضاً بطريق ابن أشناس.
ونسخة أُخرى في مكتبة العاطفي الخاصّة في مدينة كاشان من نسخ القرن الحادي عشر ، وعندي مصوّرتها ، وهذه أيضاً بطريق ابن أشناس.
ونسخة أُخرى في مكتبة الرضويّة برقم ٣٢١٤ ، كتبت في جمادى الآخرة ١٠٨٦ هـ.
(١) توجـد في المكتبـة المرعشيّة نسخة من هذه الروايـة برقم ٣٦٨٥ ، بخطّ الحسيـن بن محمّـد الحسيني الشيـرازي ، تاريخهـا في يوم الجمعـة الحادي عشـر من شهر ربيـع الآخر سنة ٦٩٥ هـ ، وقد وصفهـا مفهرس المكتبـة السيّد أحمـد الحسيني الإشكـوري بمـا تعريبـه : «هذه النسخـة تحتوي علـى إحدى وأربعيـن دعاء ، وتنقص ثلاثـة عشر أدعيـة من النسـخ المعروفة للصحيفـة ، وسند هذه النسخة قصير ، ولم يذكـر فيها مقدّمة الصحيفـة المعروفـة هنا». (فهرسة مكتبة السيّد المرعشي رحمهالله ١٠ / ٨١)
الصحيفة عن آبائه الذين كانوا من مشايخ الزيديّة(١).
الثامن : الإمام علي بن محمّد الهادي النقي عليهالسلام ، عن آبائه عليهمالسلام.
وهذا طريق العلاّمة المحدّث أبي الفيض محمّد المرتضى بن محمّد الحسيني الزبيدي الحنفي (١١٤٥ ـ ١٢٠٥ هـ) ، صاحب كتاب تاج العروس ، ذكره في كتابه إتحاف السادة المتّقين في شرح إحياء علوم الدين عند نقله دعاء عرفة ، عن الصحيفة السجّاديّة(٢).
فأمّا الراوون عن هؤلاء الفطاحل ، فلا مجال لسرد أساميهم في هذا المقال.
وأمّا الستة الأوائل ، رووا الصحيفة عن عمير بن المتوكّل ، وهو يرويها عن والده المتوكّل عمر بن هارون البلخي.
والمتوكّل يروي الصحيفة عن اثنين :
الأوّل : عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام ، وهو يروي عن أبيه الإمام محمّد بن عليّ الباقر عليهالسلام.
الثاني : يحيى بن زيد ، وهو يروي عن أبيه زيد بن عليّ(٣) عليهماالسلام.
__________________
(١) انظر : بحار الأنوار ١١٠ / ٩٥ ـ ٩٧ ، ولا توجد ـ حتّى الآن ـ نسخة من هذه الرواية.
(٢) إتحاف السادة ٤ / ٤٨٠ ، وهو روى الصحيفة عن اثنين من شيوخه ، وهما عن الشيخ محمّد الكوراني ، وينتهى الإسناد إلى أولاد الإمام الهادي عليهالسلام ، عن الإمام ، عن آبائه عليهمالسلام ، عن الباقر عليهالسلام.
(٣) أخبر السيّد العلاّمة الجليل السيّد مرتضى النجومي ـ دام علاه ـ قضيّة تدلّ على وجود نسخة الأصل من الصحيفة بخط زيد الشهيد في مكتبة الفاتيكان (لاحظ
وكلّ منهما يروي الصحيفة عن منشئ هذه الأدعية المباركة الإمام عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما.
__________________
كيمياى هستي : ١٥٣) ، كما نقل العلاّمة المحقّق الأفندي الإصفهاني في الصحيفة الثالثة : ٤٣ ، عن نسخة الصحيفة برواية الشيخ الفقيه ابن شاذان ـ من أكابر قدماء أصحابنا ومن المعاصرين للشيخ المفيد رحمهالله ـ ، أنّه قال في أوائل صحيفته ما هذا نصّه : «ودعاء المتوكّل يعني ابن هارون راوي الصحيفة الكاملة في الدفتر على نحو ما وجد في صحيفة زيد وصحيفة الصادق عليهالسلامسوى الصلاة على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)» ، يظهر من قوله : «سوى الصلاة على النبيّ ...» وجود رواية زيد في ذلك الزمان ، وأنّه رأى نسخة زيد بن علي عليهماالسلام.
وقال السيّد المرعشي (١٤١١ هـ) ، عن السيّد جمال الدين الكوكباني اليماني الأصل ، الزيدي المذهب ، وكان نزيل الهند (١٣٤٠ هـ) : إنّه توجد عند الزيديّة صحيفة ليست بتامّة تنقص عن المشهورة وتقرب من نصفها ... (لاحظ مقدّمتين توثيقيتين حول الصحيفة السجادية : ٥٠ ـ ٥١).
وقال السيّد الجلالي : ولم أُوفَّق ـ بالرغم من السعي الحثيث ـ للوقوف على نسخة زيديّة ولا إسماعيليّة لدراستها ، وعسى أن يسهِّل الله ذلك. (مقدّمة الصحيفة برواية الإسكافي : ١٦)
قال راقم السطور : قد طبعت أخيراً الصحيفة السجّاديّة في اليمن ، في نسخ كثيرة ، والمطبوعة نفس الرواية المشهورة بين الإماميّة ، فالظاهر أنّ كلّ النسخ المتوفّرة عند الزيديّة في اليمن هي هذه النسخة المشهورة. (لاحظ : فهرس مخطوطات المكتبة الغربية بجامع كبير صنعاء : ٣٦٤ ، وفهرس المخطوطات اليمنيّة ١ / ٨٩٧ ومصادر التراث في مكتبات اليمن ١ / ١٤٣ ، ٢٤٩ ، ٣٨١ ، ٤٨٤ ، ٥٤٥ ، ج ٢ : ١٣٥ ، ١٩٩ ، ٢٨٥ ، ٣٠٢)
المبحث الثاني : الأسباب في اختلاف الروايات :
بعد أن استبان لنا بأنّ هذه الصحيفة المباركة وصلت إلينا برواية عمير بن المتوكّل ، وهو عن أبيه .. ومن بعدهما انتشرت الصحيفة .. ورواها عنهما عدّة من الأعلام والمحدّثين .. بقي هنا شيء ، هو : إنّه لِمَ حدث الاختلاف بين هذه الروايات؟
إنّ من نظر إلى النسخ المطبوعة أو المخطوطة من هذه الروايات ، وجد فيما بينها اختلافات بيّنة ، سواء في المقدّمة(١) ، أو في تعداد الأدعية ، أو في بعض ألفاظها ، أو التقديم والتأخير ، أو تداخل بعض الأدعية مع بعض آخر ، أو وجود جملة في رواية ونقصانها في أُخرى .. إلى غير ذلك من الاختلافات.
وقايس المحقّق الأفندي (ق ١٢) النسخة المشهورة مع نسخة برواية من روايات نسخة علي بن مالك ، وقال ـ في بيان أنواع الاختلاف بين هاتين الروايتين ـ :
ثمّ من جملة اختلافاتها مع النسخ المشهورة : اختلافها في عناوين الأدعية.
ومنها : في ترتيب ذكر الأدعية.
__________________
(١) كما يلاحظ هذا في مقدّمة الرواية المشهورة بوضوح ، حتّى قال جامع رواية ابن المطهّر وابن الأعلم ، عند ذكر رواية ابن المطهّر : «فذكر الحديث [يعني المقدّمة] بتمامه إلى رؤيا النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) التي ذكرها جعفر بن محمّد عن آبائه صلوات الله عليهم .. وكذا لم يرد ذلك في رواية ابن مالك.
كما أنّ المقدّمة بتمامها فاقدة في رواية ابن المطهّر منفردة في نسخة مكتبة السيّد المرعشي رحمهالله المؤرّخة ٦٩٥ هـ ، والمحفوظة برقم : ٣٦٨٥.
ومنها : اختلافها في الديباجة ، حيث لا يوجد في هذه النسخة ذكر الديباجة وفهرست أبواب الأدعية ، وغير ذلك.
ومنها : فيها أدعية لا توجد في غيرها ، وكذا قد توجد في النسخ المشهورة أدعية لا توجد فيها.
ومن ذلك أنّ في هذه النسخة ... إلى أن قال : وبالجملة عدد أدعية هذه النسخة ثمانية وثلاثون دعاءً ، فتأمّل ، وعدد أدعية النسخ المتداولة من الصحيفة الكاملة أربعة وخمسون دعاءً(١) ...
فتلك مشكلة لا يمكن التغاضي عنها ، كيف وُجدت كلّ تلك الاختلافات في هذه الأدعية مع أنّها صدرت عن مشرّع واحد وعن راو واحد ..؟!
والجواب عن ذلك يحتاج إلى دراسة معمّقة وطويلة للتعرّف على الحقيقة التأريخيّة لتلك الاختلافات ، وذلك يتطلّب مزيداً من الدقّة والتأمّل ، ولا مجال في هذا المقال لبسط الشرح والبيان لتلك البحوث ، ولكن هذه القضيّة ضروريّة جدّاً لا يمكن إهمالها في البحث ، فلذا كتبنا كلمات قليلة في هذا المضمار لعلّها تسهم في إثراء وإغناء البحث ، ورسم صورة أوضح في بيان حلّ هذا الإشكال.
فنقول : إنّ الأمر الواضح هو أنّه لا اختلاف في متون الأدعية حين صدروها عن منشئها الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين عليهماالسلام لابْنَيه الإمام محمّد بن عليّ الباقر وزيد بن عليّ عليهمالسلام .. وقد عرفتَ بأنّهما الراويان الأوّلان وأنّ كتابتها ونشرها كان بواسطة هذين الابْنَين ، ولا مجال لفرض
__________________
(١) الفوائد الطريفة : ٥١٢ ـ ٥١٣.
وقوع الاختلاف في الرواية منهما ؛ لأنّ صريح ما جاء في مقدّمة الصحيفة ينفي هذا الاحتمال ، ولأنّه حين أذن الإمام الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلامللمتوكّل بمقابلة وعرض الصحيفة بخطّ زيد بن عليّ مع خطّ أبيه الإمام محمّد بن عليّ الباقر عليهماالسلام ، قال المتوكّل بعد العرض : «فنظرتُ وإذا هُما أمرٌ واحدٌ ولَمْ أجِدْ حَرْفاً مِنهَا يُخالِفُ ما فِي الصَّحِيفَةِ الأُخْرى».
كما وقد نقل العلاّمة الأفندي في الصحيفة الثالثة عند النقل عن الصحيفة برواية ابن شاذان : إنّ ابن شاذان قال في أوائل تلك الصحيفة : «ودعاء المتوكّل ـ يعني ابن هارون ـ راوي الصحيفة الكاملة في الدفتر على نحو ما وجد في صحيفة زيد وصحيفة الصادق ، سوى الصلاة على النبيّ صلّى الله عليه وآله»(١).
وبذلك يندفع احتمال وقوع الاختلاف في رواية الإمام محمّد الباقر وزيد الثائر.
فصحيفة المتوكّل دوّنت من تلك الصحيفتين ، ومن هنا أيضاً يندفع احتمال وقوع الاختلاف في صحيفة المتوكّل ، فمن أين جاء الاختلاف إذن ..؟! ومن أين شرع ..؟!
في محاولتنا الإجابة عن هذا السؤال ، لابدّ لنا من عدّة نقاط مختصرة :
الأُولى : يمكن القول بأنّ ذلك النقصان في عدد الأدعية أو فقدان جملة منها في رواية أو وصول بعض الكلمات بالمعنى أو حصول التقديم والتأخير في بعض الأدعية ، ناشئ من النسيان أو أسباب أُخرى ، حيث إنّ الصحيفة كانت في ذلك الزمان مؤلّفة من عدّة أبواب وأوراق .. ومن
__________________
(١) الصحيفة الثالثة السجّاديّة : ٤٣.
المحتمل أن يكون كلّ باب منها كان في صحيفة مستقلّة منفصلة عن بقيّة الصحائف على رقّ أو جلد .. أو غيرها ، وبمرور الزمان حدث ضياع لبعض تلك الصحائف ، أو الاختلاف في ترتيبها وتسلسلها ، أو ضمّ بعضها إلى البعض الآخر .. فلذا صار الاختلاف بين النقولات في هذا المجال.
ويشهد لذلك رواية ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب الكليني رحمهالله : عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ وعليّ بن إبراهيم ، عن أبيه جميعاً ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطيّة ، عن أبي حمزة الثمالي قال : «... قرأتُ صحيفةً فيها كلامُ زهد من كلامِ عَليِّ بن الحُسَين عليهالسلام ، وكتبتُ ما فِيها ثمّ أتيتُ عليَّ بنَ الحسينِ ـ صلوات الله عليه ـ فعرضتُ ما فِيهَا عليه فعرفه وصَحَّحه ... إلخ»(١).
ويحتمل في هذا أنّ الصحيفة كانت مجزّأة كلّ صفحة أو صفحات تحتوي على دعاء خاصّ.
وكما يؤيّد هذا المطلب قول المتوكّل بن هارون الراوي للصحيفة :
«ثمّ أَمْلَى عَلَيَّ أبو عَبْدِالله عليهالسلام الأدعيةَ ، وَهِيَ خَمْسَةٌ وسَبْعُونَ باباً ، سَقَط عَنِّي منها أحدَ عَشَر باباً ، وحفظتُ منها نَيِّفاً وَسِتِّينَ باباً»(٢).
ومع كلّ هذا ، فإنّ الأدعية الواصلة إلينا من الصحيفة السجّاديّة من الرواية المشهورة أربعة وخمسون دعاءً .. فتأمّل.
كما أنّ هناك سبباً آخر لضياع بعض أدعية الصحيفة قد يرتبط بالنسّاخ أو الرواة ، وهذا الأمر ظاهرٌ في رواية عليّ بن مالك ، والتي اعتمدها المحقّق العلاّمة السيّد محمّد حسين الحسيني الجلالي ـ حفظه الله ورعاه ـ
__________________
(١) الكافي ٨ / ١٤ رقم ٢ ، الفهرست : ٦٨ رقم ١٣٨.
(٢) انظر مقدّمة الصحيفة السجّادية.
حيث إنّ عدد الأدعية المذكورة في نسخته التي حقّقها وطبعها واحد وأربعون دعاءً(١).
والحال أنّنا نجد نفس رواية عليّ بن مالك ـ والتي اعتمدها وحقّقها الأُستاذ المرحوم كاظم مدير شانه چي ـ تحتوي على ثمانية وثلاثين دعاءً ، وكذلك في رواية السيّد فضل الله الراوندي الذي روى صحيفته بطريقه عن علي بن مالك ولم تطبع إلى الآن(٢) ، وهذا يدلّ بوضوح على ذلك.
الثانية : جرت على الحديث الشريف ـ منذ نشأته الأُولى إلى فترة حكم عمر بن عبدالعزيز ـ تطوّرات مختلفة ومباحث متباينة ، منها منع تدوينه ـ كلاًّ أو بعضاً ـ في فترات من التاريخ في صدر الإسلام ، ومرّت عليه قضايا عجيبة مستنكرة من حرق الأحاديث ، وإلقائها في الماء ، أو دفنها .. وغير ذلك.
وبعد مرور هذا الزمن الطويل ، تُرِك الحديث الشريف ـ خوفاً من السلطة أو انقياداً لها ـ وكفى ذلك في فقدان جملة من الأحاديث ، مضافاً إلى طروق آفة النسيان على بعض حفّاظها جملة أو تفصيلاً ، ممّا أدّى إلى وصول بعضها إلينا عن طريق النقل بالمضمون ، وقد ترك كلّ ذلك آثاراً وتبعات سيّئةً(٣).
__________________
(١) مرّ ذكر نسخة رواية عليّ بن مالك في البحث عن روايات الصحيفة.
(٢) مرّ عليك وصف نسخته.
(٣) وهذا لا يقلّل من قيمة الحديث وحجّيّته واعتباره بشيء ، وذلك لأنّه قد حفظه وصانه الحفّاظ وأئمّة المحدّثين الذين لا يعتقدون بالمنع ، وجعلوا محافظة الحديث نصب أعينهم ـ كتابةً كانت أو عن ظهر القلب ـ خصوصاً تلامذة مدرسة أهل البيت عليهمالسلام.
وخصّ ذلك المنع شيعة آل محمّد عليهمالسلام بشدّة بالغة ، ومن قرأ صفحات التاريخ يرى ذلك عياناً كما في عمليّات إحراق كتب الشيعة لرفضهم سياسة الحكّام ، وما جنته تلك الأيادي من جرائم نكراء ـ طعنت قلب الصدق والحقيقة بحراب الخبث وأسنّة الحقد ـ ، لشاخص على صفحات التاريخ لكلّ ذي عينين يبصر بنور الحقيقة والوجدان.
ونتيجةً لتلك الظروف القاسية ـ التي كانت تترصّد كلّ ما يخرج عن أهل بيت النبوّة ـ ، احتبست الصحيفة السجّادية لفترة ما .. كما يستفاد ذلك من مقدّمة الصحيفة ، حيث أخرج يحيى بن زيد بن عليّ بن الحسين عليهمالسلام إلى المتوكّل الراوي للصحيفة بشكل مقفّل مختوم ..(١).
وذلك إمّا خوفاً من القتل ، أو من ضياع الأثر في خزائن أعداء آل محمّد .. قال يحيى ـ عند إعطائه الصحيفة إلى المتوكّل البلخي ، وأمره بإيصالها إلى المدينة إلى ابني عمّه محمّد وإبراهيم ابني عبدالله بن الحسن قبل قتل يحيى وصلبه بقليل ـ :
«فَخِفْتُ أن يَقَع مِثلُ هذا العلمِ إِلَى بَنِي أُميّة فَيَكْتُمُوهُ وَيَدَّخِرُوهُ في خَزَائِنِهِمْ لأَنْفُسِهِم فاقْبِضْهَا وَاكْفِنِيهَا وَتَربَّصْ بِها».
وأيضاً قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليهماالسلام ـ عند دفع الصحيفة إلى ابني عبدالله بن الحسن ـ :
«لا تَخْرُجا بِهذِهِ الصَّحِيفَةِ مِنَ الْمَدِينَةِ».
__________________
(لاحظ : تدوين السنة الشريفة للسيّد محمد رضا الحسيني الجلالي ، ومنع تدوين الحديث أسباب ونتائج للسيّد علي الشهرستاني ، وتاريخ الحديث بين سلطة النصّ ونصّ السلطة للسيّد محمّد علي الحلو ..).
(١) لاحظ مقدّمة الصحيفة المباركة السجّاديّة.
وعلّل عليهالسلام هذا فقال :
«إِنَّ ابْنَ عَمِّكُمَا خَافَ عَلَيها أَمْراً أَخَافُه أنا عَلَيكُما».
وبقيت كذلك ، إلى أن حال وقت ظهورها بما ينبغي لها أن تظهر ، مع مراعاة كلّ جوانب الدقّة والأمانة الملازمة للحيطة والحذر ، فدخلت البيوت ، بل القلوب ، وفاضت رشحاتها لتبعث في الأُمّة من جديد روح الأمل والحياة في عالم العبوديّة والولاء ..
الثالثة : يحتمل قويّاً أنّه كما سقطت عن الراوي الأوّل ـ أعني المتوكّل ـ بعض تلك الأدعية ، فذلك لم يرو بعضها الأُخر الراوون لها بدلائل مختلفة ، وهذا مرتبط باعتقاد الرواة ؛ لأنّ هذه الأدعية قد رواها عدّة من المحدّثين من الشيعة والسنّة.
فالراوون من الشيعة لم يدوّنوا وينشروا بعض تلك الأدعية ـ خوفاً وتقيّةً ـ واكتفوا بحفظها عن ظهر القلب ؛ لاشتمالها على ظلامات آل محمّد عليهمالسلام ، والشكوى من حكّام الجور في ذلك الزمان .. مثل : «دعاء الإمام السجّاد عليهالسلام على أهل الشام»(١) ، و :«دعائه عليهالسلام لمّا اشتُكيَ إليه من جور بني أُميّة»(٢) ، و :«دعائه على أعداء آل محمّد وظالميهم»(٣) أو الأدعية التي وردت منه عليهالسلام في «ذكر آل محمّد عليهم الصلاة والسلام»(٤) ،
__________________
(١) جاء هذا الدعاء في النسخة التي رواها ابن أشناس البزّار ، وعدّه المحقّق الأفندي من جملة الأدعية الأحد وعشرين الساقطة من أصل الصحيفة الكاملة. (انظر : الصحيفة الثالثة : ١٧ ـ ١٩)
(٢) الصحيفة الجامعة : ١٣٧ ـ ١٣٨ / ٦٩ وانظر تخريجاته في صفحة ٨٢٥ الرقم ٦٩.
(٣) الصحيفة الجامعة : ١٤١ / ٧١ و ١٤٢ / ٧٢ و ١٤٣ / ٧٣ و ٣٦٥ / ١٥٥ و ٣٦٧ / ١٥٦ و ٣٦٨ / ١٥٧ و ٣٦٨ / ١٥٨ و ٣٦٩ / ١٥٩ و ٣٧٢ / ١٦٠.
(٤) هذا الدعاء ـ مع تصريحه بالإمامة والوصاية لآل محمّد عليهمالسلام ـ ورد في بعض
وترغيب الناس إلى اتّباعهم ، وما ورد منه في أهل ولايته وأوليائه .. وغير ذلك ممّا روي في كتب الأدعية أو الملحقات للصحيفة (١) ، التي تثير غضب الأُمراء والحكّام في ذلك الوقت.
وذلك واضح أيضاً من مقدّمات الصحيفة المشهورة في الروايتين الواردتين فيها ؛ فإنّه ورد في رواية ابن الأعلم المصري حديث رؤيا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نزوة رجال على منبره ، ونزول آية : «الشجرة الملعونة» وتأويلها في بني أُميّة ، إلى ما قال الصادق عليهالسلام في ملك بني أُميّة ، وعداوتهم لأهل البيت عليهمالسلام وأهل مودّتهم وشيعتهم ، وبيان تأويل بعض الآيات على كفر بني أُميّة ، وفي النهاية سقوطهم عليهم لعائن الله ...
فإنّ هذه كلّها لم ترد في رواية ابن المطهّر ـ الواردة في نفس المقدّمة بتصريح ناقلها ـ ، كما لم ترد في رواية علي بن مالك بكلا طريقيها المطبوعين أخيراً.
وما يشاهد في هذا إلاّ يد العقيدة أو الخوف(٢)؟!
وأمّا العامّة ، فواضح أنّهم لم يرووا مثل هذه الأدعية ، وعتّموا عليها ؛ لأنّها تخالف متبنّياتهم الفكريّة واعتقاداتهم وآرائهم التابعة للرأي والسلطان ..؟!
__________________
نسخ وروايات الصحيفة في المتن وبعضها الأُخرى في الملحقات. (انظر : الصحيفة الجامعة : ٤٣ الدعاء ١٣)
(١) لاحظ هذه الأدعية وما معناها في الصحيفة الجامعة ، تأليف العلاّمة السيّد محمّد باقر الأبطحي حفظه الله.
(٢) كما قد حدث مثله في زماننا هذا ، فقد طبعت الصحيفة السجّاديّة ، وحذفت قطعة مهمّة من مقدّمة الصحيفة ، من كلام الإمام الصادق عليهالسلام ؛ فلاحظ وتأمّل.
المبحث الثالث : الرواية المشهورة :
الرواية المشهورة ـ المتداولة في زماننا هذا ـ مرجعها إلى رواية ابن الأعلم المصري ، وأحمد بن مسلم بن المطهّر(١) ، كما يظهر ذلك من مقدّمات الصحائف ـ ومن جملتها نسخة الشهيد ، التي هي النسخة الأُمّ ، ومحلّ دراستنا ـ فإنّها جميعاً ذكرت هذين الطريقين في مقدّماتها.
وذلك أنّ الرواية المشهورة كانت مدمجة من الروايتين المذكورتين ، بمعنى أنّ راوي النسخة المشهورة جمع بين روايتين من روايات الصحيفة ، واتّخذ رواية ابن المطهّر ورواية ابن الأعلم ولفّق بينهما(٢).
وعلى أيّ حال ، فإنّ في الرواية المشهورة ميزات ، وهي :
١ ـ إنّ أكثر ـ بل جميع ـ طرق الإجازات للصحيفة ترجع إلى رواية هذه الصحيفة.
٢ ـ كما مرّ هذه الصحيفة جمعت بين رواية ابن الأعلم المصري وابن المطهّري.
٣ ـ اشتملت الصحيفة الكاملة ـ بتصريح المتوكّل بن هارون ـ على
__________________
(١) شرحنا حال رواة الصحيفة في دراسة مستقلّة وسننشرها إن شاء الله تعالى.
(٢) توجد من رواية ابن المطهّر نسخة منفردة ـ كما مرّ ـ وعدد الأدعية فيها «٤١» ، وتنقص «١٣» دعاء من الصحيفة الموجودة ، ومع هذا فقد جاء في مقدمة الصحيفة في ذكر الأبواب اسم ٥٤ دعاءً موجوداً حتّى اليوم ، وهذا لايوافق عبارة جامع الصحيفة بعد ذكر الأبواب : «وباقي الأبواب بلفظ أبي عبدالله الحسني ...» ، وساق الاسناد إلى ابن الأعلم ، ولعلّ الجامع سرد عناوين الأدعيّة الموجودة في رواية ابن الأعلم المصري ليميّز بينها وبين رواية ابن الأعلم ، ولكن النسّاخ أكملوا فهرس عناوين الأدعية ، التي وجدت في رواية ابن الأعلم ، والله أعلم.
خمسة وسبعين دعاءً ، وقال المتوكّل : «سقط عنّي منها أحد عشر باباً ، وحفظت منها نيّفاً وستّين» ، ومع هذا يبقى منها ٥٤ دعاءً ، ويُرى بعض تلك الأدعية في الروايات الأُخرى للصحيفة ، مثل رواية عليّ بن مالك المطبوع(١) ، وأيضاً في نسخة ابن إدريس من المشهورة.
٤ ـ إنّ بين نسخة ابن إدريس للصحيفة المشهورة ، وبين نسخة ابن السكون التي هي الأصل للصحائف الموجودة اختلافات لفظيّة ، تنصّ على مواضع الاختلاف في هامش المخطوطة ، وكما مرّ فإنّ في نسخة ابن إدريس زيادة دعاء لم يرد في نسخة ابن السكون.
سبب شهرتها :
إنّ أوّل من روّج هذه الرواية بهذا الشكل والترتيب ، هو : الشهيد الأوّل محمّد بن مكّي رحمهالله في القرن الثامن ، حتّى أنّه كتب الصحيفة مرّتين ـ كما سيجيء ـ وذلك يدلّ على اهتمامه بها.
وكما لايخفى على الباحث الضليع أنّ نسخة الشهيد وروايتها ، هي أصل جميع نسخ الصحيفة من الرواية المشهورة(٢) ، ومنه انتشرت نسخها
__________________
(١) وهو الدعاء (٣٧) من رواية ابن مالك.
(٢) قال الخاتون آبادي (١١٥١ هـ) ـ حفيد المجلسيّ ـ : «واعلم أنّ نسخ الصحيفة المشهورة الموجودة بين الناس مأخوذة من النسخة البهائيّة [أي الشيخ البهائي] وهي بخطّ جدّه العالم الزاهد ، صاحب الكرامات والمقامات ، الشيخ محمّد بن عليّ بن الحسن الجبائي ـ رضي الله عنهما ـ وكتب في آخرها إنّه نقلها من خطّ الشهيد ..» (مناقب الفضلاء : ٥٠٣ العدد الرابع من ميراث حديث شيعه) ، وسيجيء البحث عن هذه النسخ إن شاء الله.
بواسطة تلامذته في القرن التاسع(١).
وبعدهم في القرن العاشر : الشهيد الثاني زين الدين بن عليّ رحمهالله(ت ٩٦٥ هـ) ، حيث قابل نسخته مع نسخة الشهيد وسعى في نشرها وبثّها وروايتها.
وفي القرن الحادي عشر كان الشيخ بهاء الدين محمّد العاملي (ت ١٠٣٠ هـ) ، والمولى محمّد تقي المجلسي (١٠٧٠ هـ) ، ثمّ ولده العلاّمة محمّد باقر المجلسي رحمهمالله (١١١٠ هـ)(٢) ، مؤثّرين في شهرتها ونشرها في البلاد الإسلاميّة ، حيث تنتهي أسانيد الصحيفة في هذه القرون إلى هؤلاء الفطاحل ..
وقد أخبر المجلسيّ الأوّل رحمهالله ـ في شرح مشيخة الفقيه ، وفي بعض إجازاته للصحيفة السجّادية ـ عن المؤثّر الحقيقي الجوهري والعمدة في سبب انتشار هذه الرواية دون باقي نسخ الصحيفة ، وهي قصّة رؤياه ، ولمّا كانت مشتملة على حقيقة وتوجّه خاصّة على الرواية ، فلابأس أن ننقلها في هذا المقام ، وإن كانت مجرّد رؤيا ؛ لأنّها جزء من سبعين جزء من النبوّة ، وهي هذه :
__________________
(١) سيجيء ذكر تلامذة الشهيد الأوّل ، ومن روى الصحيفة عن الشهيد.
(٢) عدّ بعض تلامذة العلاّمة المجلسي رحمهالله له ـ في ذكر الكتب التي ينبغي أن تلحق ببحار الأنوار ـ : «الصحائف غير المشهورة التي عندكم». (بحار الأنوار ١١٠ / ١٧١)
وهذا الكلام يدلّ على وجود نسخ الروايات الأُخرى عند العلاّمة المجلسيّ ، ولكنّه رحمهالله اعتمد على نقله بالبداية على الرواية المشهورة ، وسعى على ترويج وتصحيح وتكثير هذه الرواية ، كما هو واضح ، وقليلاً ما نقل عن الروايات غير المشهورة ، واكتفى في نقله عنها بأدعية غير موجودة في المشهورة. (لاحظ : بحار الأنوار ٨٧ / ٣٠٨)
«إنّي كنت في أوائل البلوغ طالباً لمرضاة الله تعالى ، ساعياً في طلب رضاه ، ولم يكن لي قرار إلاّ بذكر الله تعالى ، إلى أن رأيت بين النوم واليقظة أنّ صاحب الزمان صلوات الله عليه كان واقفاً في الجامع القديم في أصبهان ، قريباً من باب الطيني الذي هو الآن مدرسي ، فسلّمت عليه صلوات الله عليه ، وأردت أن أُقبّل رجله صلوات الله عليه ، فلم يَدَعني ، وأخذني ، فقبّلتُ يده ، وسألت منه ـ صلوات الله عليه ـ مسائل قد أشكلت عليّ.
منها : إنّي كنت أُوَسوس في صلاتي ، وكنت أقول : إنّها ليست كما طُلبت منّي ، وأنا مشتغل بالقضاء ، ولا يمكنني صلاة الليل ، وسألت من شيخنا البهائي ـ رحمه الله تعالى ـ فقال : «صلِّ صلاة الظهر والعصر والمغرب بقصد القضاء ، وصلاة الليل» ، وكنت أفعل هكذا.
فسألت من الحجّة صلوات الله عليه : أُصلّي صلاة الليل؟
فقال ـ صلوات الله عليه ـ : «صلّها ، ولا تفعل كالمصنوع الذي كنت تفعل» إلى غير ذلك من المسائل التي لم تبق في بالي.
ثمّ قلت : يا مولاي ، لا يتيسّر لي أن أصِلَ إلى خدمتك كُلّ وقت ، فاعطني كتاباً أعمل عليه دائماً ، فقال ـ صلوات الله عليه ـ : «أعطيت لأجلك كتاباً إلى مولانا محمّد التاج» ، وكنت أعرفه في النوم ، فقال ـ صلوات الله عليه ـ : «رُح وخُذ منه».
فخرجت من باب المسجد الذي كان مقابلاً لوجهه عليهالسلام إلى جانب دار البطيخ ، محلّة من أصبهان ، فلمّا وصلت إلى ذلك الشخص ، فلمّا رآني ، قال لي : بعثك الصاحب ـ صلوات الله عليه ـ إليّ؟
قلت : نعم ، فأخرج من جيبه كتاباً ففتحته فظهر لي أنّه كتاب الدعاء ،
فقبّلته ووضعته على عيني ، وانصرفت عنه متوجّهاً إلى الصاحب ـ صلوات الله عليه ـ فانتبهتُ ولم يكن معي ذلك الكتاب ، فشرعت في التضرّع والبكاء والجوار لفوات ذلك الكتاب إلى أن طلع الصبح.
فلمّا فرغت من الصلاة والتعقيب ، وكان في بالي أنّ مولانا محمّداً هو الشيخ البهائي ، وتسميته بالتاج ، لاشتهاره من بين العلماء ، فلمّا جئت إلى مدرسه ـ وكان في جوار المسجد الجامع ـ فرأيته مُشتغلاً بمُقابلة الصحيفة ، وكان القارئ السيّد الصالح أمير ذوالفقار الجرپادقاني ، فجلست ساعة حتّى فرغ منه ، والظاهر أنّه كان في سند الصحيفة ، لكن للغمّ الذي كان لي لم أعرف كلامه وكلامهم ، وكنت أبكي ، فذهبت إلى الشيخ ، وقلت له رؤياي وأنا أبكي لفوات الكتاب.
فقال الشيخ : أبشر بالعلوم الإلهيّة ، والمعارف اليقينيّة ، وجميع ما كُنتَ تطلب دائماً ... فلم يسكن قلبي ، وخرجت باكياً متفكّراً إلى أن أُلقي في روعي أن أذهب إلى الجانب الذي ذهبت إليه في النوم ، فلمّا وصلتُ إلى دار البطيخ رأيت رجلاً صالحاً كان اسمه آقا حسن ، ويلقّب بـ : تاجا(١) ، فلمّا وصلت إليه وسلّمت عليه قال : يا فلان ، الكتب الوقفيّة التي عندي كلّ من يأخذها من الطلبة لا يعمل بشروط الوقف ، وأنت تعمل بها ، تعال وانظُر إلى هذه الكتب ، وكلُّ ما تحتاج إليه خذه.
فذهبت معه إلى بيت كتبه ، فأعطاني ـ أوّل ما أعطى ـ الكتاب الذي رأيته في النوم ، فشرعت في البكاء والنحيب وقلت : يكفيني ، وليس في بالي أنّي ذكرت له النوم أم لا.
__________________
(١) في إجازة المجلسي الأوّل : (المرحوم المبرور آقا غدير) لاحظ بحار الأنوار ١١٠ / ٦٠.
وجئت عند الشيخ وشرعت في المقابلة مع نسخته التي كتبها جدّ أبيه من نسخة الشهيد ، وكتب الشهيد نسختها من نسخة عميد الرؤساء وابن السكون ، وقابلها مع نسخة ابن إدريس بواسطة أو بدونها ، وكانت النسخة التي أعطانيها الصاحب ـ صلوات الله عليه ـ أيضاً مكتوبة من خطّ الشهيد ، وكانت موافقة غاية الموافقة حتّى في النسخ التي كانت مكتوبة على هامشها.
وبعد أن فرغت من المقابلة ، شرع الناس في المقابلة عندي.
وببركة إعطاء الحجّة ـ صلوات الله عليه ـ صارت الصحيفة الكاملة في جميع البلاد كالشمس طالعةً في كلّ بيت ، وسيّما في أصبهان ، فإنّ أكثر الناس لهم الصحيفة المتعدّدة ، وصار أكثرهم صلحاء وأهل الدعاء ، وكثير منهم مستجابي الدعوة.
وهذه الآثار معجزة من الصاحب عليهالسلام ، والذي أعطاني الله تعالى من العلوم بسبب الصحيفة لا أُحصيها ، وذلك من فضل الله علينا وعلى الناس والحمد لله ربِّ العالمين»(١).
وقال ولده العلاّمة في ذلك : «تصدّى والدي العلاّمة ـ قدّس الله رمسه ونوّر ضريحه ـ لتصحيحها وترويجها ، وإيضاح أسرارها ، وإفصاح أنوارها ، نحواً من خمسين سنة ، فكان في كلّ سنة يكرّر مدارستها وممارستها ، حتّى تكثّرت النسخ المصحّحة المضبوطة منها في جميع البلاد ونواحيها ..»(٢).
__________________
(١) روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه ١٤ / ٤١٨.
(٢) الفرائد الطريفة : ٥. وبمثل هذا قال سبط المجلسي الخاتون آبادي في مناقب الفضلاء ٤ / ٥٠٣ ، المطبوع ضمن ميراث حديث شيعه.
لاحظ بعض النسخ التي قابلها المجلسي الأوّل ، وكتب عليها إجازة روايتها في :
وقال حفيده الخاتون آبادي (ت ١١٥١ هـ) : «.. النسخة البهائية كانت عند شيخنا البهائي رحمهالله ، فاستنسخ والد جدّي ، المولى محمّد تقي المجلسي ـ طاب ثراه ـ منها ، وكتب بخطّه الشريف منها نسخة ، وبالغ في تصحيحها ؛ ثمّ أخذ في مباحثتها ومدارستها في أوقات التحصيل سيّما شهر رمضان ؛ وجعلها منتشرة بين الناس ؛ فاستنسخوا منها ، وكثرت النسخ بعدما كانت مهجورة ، وشاعت ...»(١).
أقول :
والنسخة المجلسيّة حفظت في مكتبة رضا في رامبور بالهند ؛ كما أفاد
__________________
فهرست نسخه هاى خطّى كتابخانه آية الله مرعشى ؛ ٣٢ / ٦٦٨ رقم ١٢٨٧٥ وبحار الأنوار ١١٠ / ٨٤ ، فيها إجازة كتبها لرواية الصحيفة للمولى محمّد صادق الكرباسي الإصفهاني الهمداني.
ونسخة في مكتبة سريزدي (مسجد حظيره) برقم ١٢٥ عليها إجازة مفصّلة بخطّ المجلسي راقم وسيأتي مصوّرة منها في آخر هذا المقال.
ونسخة أُخرى في المكتبة الرضويّة ـ على صاحبها ألف تحية وسلام ـ برقم : (٣٣٨٦) ، كتبت ١٩ ربيع الثاني ١٠٩٧ هـ ، وقوبلت بنسخة المولى محمّد تقي المجلسي ، ثمّ قوبلت بنسخة مصحّحة أُخرى.
ونسخة أُخرى من القرن الحادي عشر ، ثمينة جيّدة بأوّلها لوحة فنّيّة ، عليها تعاليق ، مصحّحة على نسخة المولى محمّـد تقي المجلسي رحمهالله وأتمّ المقابلة في ثالث شهر رمضان ١١٣٩ هـ.
ونسخة أُخرى في مكتبة إمام جمعه في زنجان ، حسنة الخطّ ، مجدولة ، مذهّبة ، قوبلت بنسخة المولى محمّد تقي المجلسي بتاريخ ٣ رمضان المبارك ١١٣٩ هـ. (دليل المخطوطات : ١١٧).
ونسخة من مجموعة في الإجازات في مكتبة السيّد المرعشي رحمهالله ، ومصوّرة منها توجد في مكتبة جامعة طهران في ميكروفيلمها برقم : ٣٠٤٦ ، وفيها طريق رواية الصحيفة السجّاديّة لمحمّد تقي المجلسي بخطّ محمّد مقيم بن محمّد باقر الإصفهاني ، عن خطّ المجلسي في ٦ شوّال ١٠٦٧ هـ.
(١) مناقب الفضلاء : ٥٠٣ (المطبوع ضمن ميراث حديث شيعه ، المجلّد الرابع).
العلاّمة السيّد محمّـد حسين الحسيني الجلالي في مقالة باسم : (أسبوعان في الهند).
وسيجيء ـ إن شاء الله ـ البحث عن طرق الرواية المشهورة.
ولايفوتنا أن نذكر بأنّ الصحائف غير المشهورة كانت في حيازة العلاّمة المجلسي وفي مكتبته ، ومع هذا لم ينقل عن الصحيفة إلاّ عن الرواية المشهورة ، وصرّح بذلك الملاّ ذو الفقار في فهرست الكتب التي ينبغي أن تلحق ببحار الأنوار ، وقال ـ في عدّ هذه الكتب ـ : «والصحائف غير المشهورة التي عندكم ـ دفع الله البلايا عنكم ـ»(١).
ومن هذه النكتة المهمّة ؛ تظهر أهميّة الرواية المشهورة عند العلاّمة المجلسيّ ، ويمكننا القول بأنّ الروايات غير المشهورة متروكة في زمان الشهيد الأوّل إلى ما بعده ، خصوصاً في عصر المجلسيين ـ تغمّدهما الله بالرحمة والرضوان ـ ، وهذا ملاحظٌ في نسخ هذه الروايات ، فإنّ أكثرها يرجع إلى ما قبل الشهيد والمجلسيّين ، وأيضاً لم نجد لها طريق في الرواية.
ملاحظة :
افتخر العلاّمة المجلسي ـ الأب ـ بتشرّفه بلقاء حضرة حجّة الله على الأنام بقيّة الله الأعظم ـ أرواحنا وأرواح العالمين لتراب مقدمه الفداء ـ وبحصوله على شرف المناولة التي ذكرنا ، ونقلها نفسه في أكثر إجازاته ؛ وأخبر عن هذه المناولة ، وقد أجاز عن هذا الطريق أيضاً منها إجازته لولده
__________________
(١) بحار الأنوار ١١٠ / ١٧١.
التي كتبها بعد إجازة الشهيد الثاني ، فقال فيها ما لفظه :
«أجزت للولد الأعزّ أن يروي عنّي الصحيفة بهذا الإسناد عن إمام الساجدين وزين العابدين والعارفين عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب مع الإسناد ـ الذي بلا واسطة ـ عن صاحب الزمان وخليفة الرحمن صلوات الله وسلامه عليه ، الذي وقع في الرؤيا مع سائر الأسانيد التي تزيد على ألف ألف سند ..»(١).
صرّح رحمهالله في بعض رواياته للصحيفة بـ : «إنّي أروي الصحيفة الكاملة ... بأسانيد متكثّرة وطرق مختلفة :
منها : ما أرويها مناولةً عن مولانا صاحب الزمان صلوات الله وسلامه عليه في الرؤيا الطويلة.
ومنها : ماوجدته بخطّ الشيخ شمس الدين صاحب الكرامات ، جدّ الحسين بن عبدالصمد أبي شيخنا بهاء الملّة والدين محمّد ، ونقله هو من خطّ الشهيد ، ونقله هو من خطّ شيخنا علي بن أحمد السديد المعروف بالسديدي ، ونقله هو من خطّ علي بن السكون ، وعارضها مع نسخة بخطّ محمّد بن إدريس الحلّي ، ورواه عن السيّد الأجل ...
وأمّا من جهة الإجازة ... إلى آخر أسانيده(٢).
بقي هنا ملاحظة ، وهي : إنّ الشيخ أبا المعالي الكلباسي (ت ١٣١٥ هـ) أورد على النوعين الأوّلين من طرق تحمّل المجلسي للصحيفة ـ يعني المناولة والوجادة ـ إشكالين هذا ما معناه :
__________________
(١) بحار الأنوار ١١٠ / ٥٠. ولاحظ ١١٠ / ٤٣ ، ٦٠.
(٢) بحار الأنوار ١١٠ / ٦٣.
أمّا على «المناولة» فقال فيه :
إن قصد بها المعنى اللغوي ، فلابأس به ، وإن كان المقصود بها هو المعنى المصطلح عليه عند أرباب الدراية ، ففيه : بأنّها لم تطابق المعنين المقرّرين للمناولة في علم الدراية ؛ لأنّ المناولة ضربان : مقرونة بالإجازة ، ومجرّدة عنها.
وعلى هذا فلم يطابق تعريف المناولة بعناية مولانا الحجّة ـ روحي وأرواح العالمين له الفداء ـ لأنّه لم يقترن بالإجازة من صاحب الكتاب على الأوّل(١) ، كأن يعطي الشيخ كتاباً ويقول : «هذا سماعي من فلان فاروه عنّي» ، وإعطاء الإمام عليهالسلام الكتاب بتوسّط الواسطة لا ربط له بالإجازة.
وعلى الثاني : فلايرتبط بالعناية المذكورة ؛ لأنّها تحتاج إلى أن يُناوِلَه الكتاب مقتصراً على : «هذا سماعي» ؛ فلايجوز له الرواية بها على ما صحّحه الفقهاء وأصحاب الأُصول ، وأين عناية مولانا الحجة عليهالسلام للصحيفة فيما ذكر من المعنين.
وأمّا على «الوجادة» ، فقال فيه :
إنّ الوِجادة المصطلحة على أن يجد شخص كتاباً رواه شخص عن شخص بخطّه ، أو حديثاً رواه شخص عن شخص بخطّه ، فيقول الشخص الأخير : «وجدتُ في كتاب فلان» ، أو «حدّثنا فلان»(٢) ؛ والمقصود بفلان
__________________
(١) عن بعض إنكار إفراد المناولة عن الإجازة.
(٢) هذا كلامه رحمهالله ، ولكن قال أكثر علماء علم الدراية : «ربّما دلّس بعضهم فَذَكَر الذي وَجَدَ
في كلٍّ من الكلامين المذكورين هو الشخص الأوسط.
فالمَدار في الوجادة على وجدان الشخص الأوّل ما ذكره الشخص الأوسط من كون الكتاب بخطّ فلان أي الشخص الأخير ، أو كون الرواية رواها فلان أي الشخص الأخير ؛ فما وقع من الشخص الأوسط صار سبباً وطريقاً للرواية من الشخص الأوّل.
فما ذكره المولى المجلسي رحمهالله لرواية الصحيفة بالوجادة عن خطّ الجبعي من باب الاشتباه بين أن يجد الشخص قول شخص : «روى فلان هذه الرواية بخطّه» وأن يجد الشخص الرواية بخطّ فلان ، وهذا غلط(١) ؛ وذلك أن كلاًّ من طرق تحمّل الحديث تعدّ من باب المقدّمة لرواية الحديث أو الكتاب ، فما ذكره المجلسي من وجدان الصحيفة الشريفة بخطّ الشيخ شمس الدين بما أنّها لم تكن رواية له ، فلاتعدّ من الوجادة المصطلحة في علم الدراية.
فأقول في الجواب :
أمّا على الإشكال الأوّل في «المناولة» :
أوّلاً : قول الامام عليهالسلام للمجلسي : «إنّي أعطيت "لأجلك" كتاباً عند مولانا محمّد التاج ...» عبارة أُخرى عن المناولة المصطلحة ؛ وذلك لأنّ الإمام عليهالسلام كأنّما ناوله الكتاب ، ولكن بتوسّط الواسطة ، وهذا مصرَّح في
__________________
بخطّه وقال فيه : «عن فلان» أو «قال فلان» وذلك تدليسٌ قبيحٌ إن أوْهَمَ سَماعَه منه ، وجازفَ بعضُهم فأطلقَ في هذا "حدّثنا" و"أخبرنا" ، وهو غلطٌ منكر». (لاحظ : مقدّمة ابن الصلاح : ١١٧ ـ ١١٨ ، وفتح المغيث للسخاوي ٣ / ٢٥ ـ ٢٦ ، ووصول الأخيار إلى أُصول الأخبار ١ / ٤٤١ ، والرعاية لحال البداية : ١٥٠)
(١) لاحظ : الرسائل الرجاليّة ٢ / ٥٨٨ ـ ٥٨٩.
كلام بعضهم(١) أنّه غير عزيز ، فلربّما ناول الشيخ تلميذه كتاباً بواسطة من كان قريباً منه أو بعيداً في مجلس المناولة ، كما ورد في قوله : «رح وخُذ منه ...» إلى أن قال المجلسي : «فلمّا وصلتُ إلى ذلك الشخص ورآني قال لي : بعثك الصاحب صلوات الله عليه إليّ؟ قلت : نعم ، فأخرج من جيبه كتاباً ...».
ويعلم ـ جليّاً ـ من معرفة ذلك الشخص للعلاّمة المجلسي فور حضوره ، وتهيأة الكتاب من قبله ـ حتّى أنّ الكتاب كان في جيبه ـ الإجازةُ والمناولةُ ؛ وكلّ هذا عبارة أُخرى عن المناولة مع الإجازة.
كما تفهم المناولة مع الإجازة من قول المجلسي ؛ للإمام عليهالسلام : «يامولاي ، لايتيسّر لي أن أصِلَ إلى خدمتك كلّ وقت ، "فأعطني" كتاباً "أعمل عليه" دائماً ...».
يظهر من إجابة الإمام طلبه خصوصاً في قوله : «أعطني كتاباً» و «أعملُ عليه دائماً» : المناولة مع الإجازة التامّة ، كما مرّ نصّ بعضهم في هامش الرسالة من أنّ المناولة لاتتقوّم بالتصريح ، بل يكفي فيها مايفيد الرواية والمناولة.
ثانياً : إنّ المطلب المبحوث في علم الدراية وفي بحث المناولة : «هذا سماعي عن فلان فاروه عنّي» .. وغير ذلك من صيغ الرواية والإجازة ليس هنا مورده ؛ لأنّ الإمام عليهالسلام ليس كبقية المشايخ ينقل عن شيخه ويسمّيه ،
__________________
(١) قال بعضهم: المناولة وهي أن يُناوِله الشيخ ويدفع مكتوباً فيه خبر أو أخبار، أصلاً كان أو كتاباً ، له أو لغيره إلى راو معيّن أو إلى جماعة أو يبعثه إليه أو إليهم برسول ... كلّ ذلك مع تصريح أو غيره بما يفيد أنّه روايته وسماعه ... (انظر الوجيزة في دراية الحديث ٢ / ٥٥١، المطبوع ضمن رسائل دراية الحديث).
وإنّما قولهم قول آبائهم عليهمالسلام ، فلاحاجة لذكر هذا الأمر كإشكال على هذه المناولة بالخصوص.
وكأنّ الإمام عليهالسلام أجاز للمجلسي رواية الصحيفة عن آبائه عن منشيء هذه الصحيفة عليهم صلوات الله بلا واسطة الرواة ، وبمجرّد إجابة الإمام عليهالسلام له رحمهالله وإعطائه الصحيفة ليعمل بها في كلّ وقت ويأنس بها ؛ تحصل له الإجازة بقراءتها والعمل بها وروايتها ، ولايقدح بمثل هذه المناولة من قبل الإمام المعصوم ، بل نأخذها بتمام الاطمئنان.
وأمّا قول الكلباسي رحمهالله : «فلايجوز له الرواية بها على ما صحّحه الفقهاء وأصحاب الأُصول».
ففيه : إنّه قد ذهب إلى الجواز جماعة من المحدّثين والمحقّقين فجوّزوا الرواية بالمناولة المجرّدة عن الإجازة ، وأقاموا لها براهين(١) ، والبعض الآخر مردّد بين القبول والردّ ، حتّى قال شيخنا البهائي (ت ١٠٣٠ هـ) : وقبولها غير بعيد مع قيام القرينة الحاليّة (٢) على قصد الشيخ الإجازة في هذه الصورة وإن لم يتلفّظ بها (٣).
أقول : بل هو أقرب ؛ فإنّ في دفع الشيخ الكتاب إلى التلميذ إجازة صريحة ، والمناولة كافية للإجازة إن لم يصرّح بعدمها ، وجاء مثل هذا في كلامهم رحمهمالله ، فلاحظ.
نعم ، ظاهر بعض ذلك الخبر عن المجلسي ؛ يشعر بنوع من
__________________
(١) فتح المغيث للسخاوي ٢ / ٣٠١ ، مقدّمة ابن الصلاح : ١١٣ ، الرعاية لحال البداية : ١٤٥ ، وصول الأخيار ١ / ٤٣٨ ، الجوهرة العزيزة ٢ / ٤٥٠ ، المطبوعين ضمن رسائل في دراية الحديث.
(٢) مابين المعقوفتين من نهاية الدراية : ٤٦٣ ، وكذا المواضع التالية.
(٣) الوجيزة : ٢٠.
«الإعلام» الذي هو أحد طرق تحمّل الحديث ، وقد أوجب الكلّ العمل به إذا صحّ سنده ، وجوّز الرواية به كثير من علماء الحديث تنزيلاً له منزلة القراءة على الشيخ(١).
أمّا الجواب على الإشكال الثاني ـ يعني الوجادة ـ فأقول :
نعم ، قد جاء في كتب الدراية في معنى الوِجادة : أن يقف الإنسان على أحاديث بخطّ راويها أو في كتابه المرويِّ له فيقول : «وجدت أو قرأت بخطّ فلان ، أو في كتاب فلان بخطّه : حدّثنا فلان ..» ويسوق باقي الإسناد والمتن ويرويها الواجد ، ومثل هذا موجود في وجادة شيخنا المجلسي ؛ للصحيفة بعينه ؛ بل وتَحصَّل له ؛ رواية الصحيفة بخطّ الشيخ شمس الدين الجبعي ؛ على وجهين :
الأوّل : نفس الوجادة التي تعدّ واحدة من طرق تحمّل الحديث ، والجبعي تحمّل الصحيفة بطريق الوجادة عن خطّ الشيخ الشهيد ، والشهيد تحمّلها عن خطّ السديدي .. إلى آخر ما قاله المجلسي في إجازاته ورواياته من بيان تحمّل هؤلاء المشايخ الصحيفة بطريق الوجادة ، ومعلوم أيضاً أنّ للشهيد طرق مختلفة لرواية هذه الصحيفة إجازة ، فلابأس برواية الصحيفة لكلّ من وجد الصحيفة بخطّ الشهيد أو الجبعي ، وحتّى لمن بعدهم إلى زماننا هذا .. وهذا الذي استقرّ عليه العمل قديماً وحديثاً.
وقد بيّن المجلسي ؛ في الكلام المذكور عنه : إنّه روى الصحيفة وجادة عن خطّ الجبعي ، وهو عن الشهيد إلى أن قال : وعارضها مع نسخة
__________________
(١) وصول الأخيار ١ / ٤٤٠ ، نهاية الدراية : ٤٦٧ ـ ٤٦٨.
بخطّ محمّد بن إدريس الحلّي ، ورواه عن السيّد الأجلّ .. يعني ومن بعد أن يتحمّل هؤلاء المشايخ الصحيفة بطريق الوجادة بدّل طريق التحمّل من الوجادة إلى الإجازة .. أو غيرها.
الثاني : إنّ المجلسي ؛ وجد هذه الصحيفة المباركة التي بخطّ أحد فحول الأصحاب مع الإجازة والرواية وذلك أنّ على نسخة الشيخ شمس الدين إجازة عن شيخه له في رواية هذه الصحيفة عن الشهيد.
ويروي الجبعي هذه الصحيفة قراءة على شيخه عليّ بن عليّ بن محمّد بن طيّ ، وهو يرويها قراءة عن السيّد النقيب أبي العبّاس تاج الدين عبدالحميد بن جمال الدين أحمد بن علي الهاشمي الزينبي ، وهو عن الشيخ الجليل عزّ الدين حسن بن سليمان الحلّي تلميذ الشهيد والمجاز من قبله ؛
ح ؛ ويرويها أيضاً ابن طي بحقّ الإجازة ، عن الشيخ أبي القاسم عليّ بن الشيخ الشهيد ، عن والده ..
وجاءت هذه القراءة والإجازة بخطّ ابن طي المجيز للشيخ شمس الدين المجاز في آخر تلك النسخة الجبعيّة ، ونقلها العلاّمة المجلسي الابن في كتاب الإجازات من بحار الأنوار(١) ، فلايبقى في المقام كلام.
المبحث الرابع : التعريف بنسخة الشهيد ـ أي النسخة الأُمّ ـ وشرح ما فيها من الإجازات والمقابلات وبيان أصالتها :
كانت هذه النسخة في مكتبة العلاّمة السيّد محمّد تقي بن سيّد العلماء
__________________
(١) بحار الأنوار ١٠٧ / ٢١٣.
حسين بن دلدار عليّ بن محمّد معين بن عبدالهادي النقويّ الرضويّ النصير آباديّ اللكهنويّ الشهير بـ : «ممتاز العلماء».
سطور من حياته(١) :
كان فقيهاً ، متكلّماً ، مفسّراً ، نحويّاً ، ومن أكابر علماء الإماميّة.
ولد ممتاز العلماء في لكهنو سنة ١٢٣٤ هـ ، ونشأ بها ، وتعلّم مبادئ العلوم ، ثمّ قرأ على والده الفقيه السيّد حسين (ت ١٢٧٣ هـ) ، وعلى عمّه الفقيه السيّد محمّد (ت ١٢٨٤ هـ) ، وروى بالإجازة عنهما ، وعن محمّد حسن بن باقر النجفيّ صاحب الجواهر.
وحاز مرتبة عالية في العلم ، ونهض بمسؤوليّاته الدينيّة ، وأسّس مكتبة ضخمة ، فيها الكثير من نفائس المخطوطات(٢) ، وعلا شأنه ببلاد الهند.
وله تأليفات عديدة منها : إرشاد المبتدئين إلى أحكام الدين (مطبوع)(٣) ، مرشد المؤمنين في الفقه(٤) ، ظهير الشيعة في أحكام الشريعة (مطبوع) ، رسالة في المواريث ، مسألة في ذبيحة أهل الكتاب (مطبوع) ،
__________________
(١) له ترجمة في أعيان الشيعة ٩ / ١٩١ ، ريحانة الأدب ٦ / ٦ ، الذريعة ١ / ٥١٨ و ١٥ / ٢٠٣ و ٢٣ / ١٩٤ ، الكرام البررة ١ / ٢١١ ، الأعلام ٦ / ٦٣ ، معجم المؤلّفين ٩ / ١٢٨ ، فرهنگ بزرگان اسلام : ٤٧٩.
(٢) قال بعض أصدقائنا : إنّ في هذه المكتبة أكثر من ١٥٠٠ نسخة خطيّة من نفائس المخطوطات خصوصاً من نسخ الإماميّة.
(٣) الذريعة ١ / ٥١٨ رقم ٢٥٣٠.
(٤) الذريعة ٢٠ / ٣٠٨ رقم ٣١٢٤.
هداية المسترشدين في شرح تبصرة المتعلّمين(١) ، ينابيع الأنوار في تفسير كلام الجبّار(٢) ، الدعوات الفاخرة في الأدعية المأثورة عن العترة الطاهرة(٣) ... وغير ذلك.
وقد توفّي هذا العالم في شهر رمضان سنة تسع وثمانين ومأتين وألف.
وله ولد فقيه هو السيّد محمّد إبراهيم (المتوفّى ١٣٠٧ هـ).
وأمّا المخطوطة :
فقد رآها العلاّمة الشيخ عبدالحسين الأميني النجفي (١٣٢٢ ـ ١٣٩٠ هـ) صاحب كتاب الغدير ، وأخبر عنها في صحيفة المكتبة ، التي طبعت في مكتبة أميرالمؤمنين عليهالسلام في النجف الأشرف سنة ١٣٧٣ هـ(٤).
وشيخنا العلاّمة الطهراني رحمهالله لم يرها ، وقال عنها في الذريعة : «نسخة الصحيفة بخطّ الشهيد الأوّل كانت في خزانة كتب السيّد محمّد تقي بن الحسين بن دلدار علي ، ذكره حفيده السيّد علي نقي في تراجم المشاهير»(٥).
__________________
(١) الذريعة ٢٥ / ١٩٤ رقم ٢٢٧.
(٢) الذريعة ٢٥ / ٢٨٧ رقم ١٥٣ ، وقال آغا بزرك رحمهالله : «تفسير كبير ... فصّل فيه إلى سورة آل عمران في مجلّدين ضخمين. قال حفيده السيّد علي نقي بن أبي الحسن بن إبراهيم بن المصنّف : إنّه خرج منه تفسير ثلاثة أجزاء في ثلاث مجلّدات. ومرّ في ٤ / ٤١٨ تكملة ينابيع الأنوار هذا للسيّد إبراهيم شمس العلماء بن محمّد تقي المذكور».
(٣) الذريعة ٨ / ٢٠ رقم ٨٠٣.
(٤) صحيفة المكتبة رقم ٣١ ، ص ٢.
(٥) الذريعة ١٥ / ١٩.
توجد مصوّرة لهذه المخطوطة في مكتبة آية الله العظمى الگلپايگاني رحمهالله ، صوّرها نجله المرحوم حجّة الإسلام السيّد مهدي الگلپايگاني رحمهالله في سَفَره إلى بلاد الهند ، وتفضّل بها علينا مشكوراً مدير المكتبة الأُستاذ المحترم أبو الفضل عرب زاده دامت توفيقاته.
ولأن يتبيّن للقرّاء الأعزّاء أصالة هذه النسخة والأُصول المنقولة منها وحال الكاتبين لها ، وطبقة كلّ منهم ، أدرجنا الكلام فيها في بحثين :
الأوّل : حول ناسخ كلّ من هذه الأُصول ، وبيان سطور من حياتهم.
الثاني : وصف نسخهم والأصل المنقول لها.
قبل البدء ، لابدّ من القول ـ ردّاً على ما سمعته من البعض من أنّه قد لاتكون هذه المخطوطة بخطّ الشهيد ـ : إنّي قابلت كلّ ما جاء في نسخة الشهيد مع الكلمات التي نقلها الناقلون عن نسخة الشهيد من العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار(١) ، والكاتبين عن نسخة الشهيد أو المقابِلين بها فكلّ ذلك مطابق ـ طابق النعل بالنعل ـ لما جاء على النسخة التي بأيدينا.
وثانياً : قابلت خطّ الشهيد في كتابة هذه الصحيفة مع خطوطه الأُخرى الموجودة اليوم في المكتبات ؛ مثل : خطّه في إجازته لابن نجدة التي كتبها في رمضان سنة ٧٧٠ هـ ، وتوجد نسخة هذه الإجازة بخطّ المجيز الشهيد في مكتبة مدرسة النوّاب في مشهد المقدّسة ، ضمن مخطوطة كتاب «غاية المرام» بخطّ المجاز ـ أعني ابن نجدة ـ ، وقد رأيت تلك النسخة القيّمة في المكتبة المذكورة في سنة ١٤٢٥ هـ(٢) ، وعندي مصوّرة منها.
__________________
(١) بحار الأنوار ١٠٧ / ٢١١ ـ ٢١٢.
(٢) هذه النسخة موجودة في المكتبة المركزيّة لجامعة طهران برقم ٧٠٦.
وأيضاً لاحظت مخطوطة الصحيفة مع نسخة من كتاب «إيضاح الفوائد» بخطّ الشهيد رحمهالله ، وقد فرغ من كتابتها في منتصف ليلة الثلاثاء لخمس مضت من شوّال سنة ٧٥٦ هـ بالحلّة.
ولأجل التأكّد والتعرّف بتطابق هذه الخطوط كلّ مع الآخر ، وضعنا صورة بعض صفحات نسخة الصحيفة والنسختين المذكورتين في الصفحات التالية ؛ فلاحظ.
الأصل الأوّل :
نسخة الشهيد ، وسطور من حياته :
الإمام الأعلم الأكمل ، آية الله في العالمين ، صفوة الشهداء : شمس الدين محمّد بن مكّي الشيخ جمال الدين مكّي بن الشيخ شمس الدين محمّد حامد بن أحمد المطّلبي العاملي النباطي الجزّيني المعروف بـ : «الشهيد الأوّل» و «الشهيد المطلق» ـ رضوان الله تعالى عليه وقدّس سرّه الشريف ـ.
وهذا الشيخ الفقيه أشهر من أن يذكر ، وجهاده ونبله لا ينكر ...
ولد في جزّين من قرى جبل عامل عام ٧٣٤ هـ ، واستشهد بدمشق يوم الخميس من جمادى الاُولى عام ٧٨٦ هـ ، فيكون عمره حينئذ اثنين وخمسين سنة.
وكان المعلّم الأوّل للشهيد والده الشيخ جمال الدين ، وهو من علماء جزّين. وبعد إكمال شهيدنا دراسته الابتدائيّة شدّ الرحال إلى مدينة الحلّة (سنة ٧٥١ هـ) ، وهو لم يتجاوز السابعة عشر من عمره ، حيث كانت بلدة الحلّة يوم ذاك تعدّ أكبر المدارس في العالم الشيعي ، وكانت تزخر بالعلماء والفقهاء والمحدّثين من أمثال فخر المحقّقين محمّد بن الحسن بن يوسف الحلّي ولد العلاّمة الحلّي (٦٨٢ ـ ٧٧١ هـ) ، والسيّد عميد الدين عبدالمطّلب الحسيني الحلّي ، وأخيه ضياء الدين عبدالله بن الأعرج ، وتاج الدين محمّد بن القاسم بن مُعيّة الحسني ، والشيخ الحسن بن أحمد بن نجيب الدين محمّد بن جعفر بن نما الحلّي ..
فدرس عندهم ، وأخذ الفقه والأُصول والحديث عن كبار المشايخ ،
حتّى بلغ أقصى درجات العلم والفقه .. وأقام بالحلّة إلى سنة ٧٥٧ هـ ، ثمّ عاد إلى بلدته جزّين ، وأسّس بها مدرسة ، ونشر علمه بها.
وجاب عدّة بلدان ، مثل : مكّة ، والمدينة ، وبغداد ، ودمشق ، وفلسطين ، وأخذ بها عن نحو أربعين شيخاً من علماء الشيعة والسنّة ، وكان علاّمة في الفقه محيطاً بدقائقه ، عالماً بالاُصول ، محدّثاً ، أديباً ، شاعراً :
|
ولا يُحدب الأفكار مثل تعسّف |
|
ولا يخصب الأفكار مثلُ التفتّح |
وقال عنه اُستاذه فخر المحقّقين في إجازته له : «مولانا الإمام العلاّمة الأعظم ، أفضل علماء العالم ، سيّد فضلاء بني آدم ، مولانا شمس الحقّ والدين محمّد بن مكّي بن حامد أدام الله أيّامه ..».
ووصفه الشيخ شمس الأئمّة محمّد بن يوسف بن عليّ الكرماني القرشي الشافعي في إجازته له : «المولى الأعظم الأعلم إمام الأئمّة ، صاحب الفضلين ، مجمع المناقب والكمالات الفاخرة ، جامع علوم الدنيا والآخرة ..».
وهو ممّن ترك آثاراً في الحديث والفقه والكلام .. وأغنى التراث الشيعي بمؤلّفاته إلى اليوم.
«عرج الله بروحه إلى دار القرار وجمع بينه وبين أئمّته الأطهار عليهمالسلام»
وأمّا نسخة الشهيد :
كتب الشهيد الصحيفة السجّادية مرّتين :
الأُولى : سنة ٧٧٢ هـ.
الثانية : سنة ٧٧٦ هـ.
وكتب شمس الدين محمّد الجبعي ـ جدّ البهائي ـ نسخةً عن نسخة
الشهيد الاُولى ، ثمّ قابلها بنسخته الثانية ، وحكى المجلسي الثاني نصّ عبارة الجبعي فقال :
«وعارضتها بنسخة أُخرى بخطّ الشيخ ابن مكّي ، مكتوبة في سنة ستّ وسبعين وسبعمائة ، وهي مكتوبة : من النسخة التي كتب منها الأُولى ، قال : وكتب العبد متتبّعاً ما يحتاج إليه سوى بعض مصطلح الكتاب من ترك لفظ الهمزة وإثبات الألف في فعل لامُهُ واو ونحوه».
وهذه النسخة التي وصلت إلينا هي النسخة الأُولى من النسختين ، وكان تاريخ كتابتها ١١ شعبان المعظّم سنة ٧٧٢ هـ ، أي أربعة عشر عاماً قبل استشهاده ، كما أخبر بذلك الشهيد في الصفحة الثانية ، وسيأتي بيانه.
وقد كتب الشهيد ؛ في آخر هذه الصحيفة دعاء السمات المعروف بدعاء الشبّور ، وهذا الدعاء من الدعوات المشهورة بين أصحابنا ـ رضوان الله عليهم ـ غاية الاشتهار ، ويواظبون عليه في جميع الأعصار والأمصار.
وقال الشهيد في أوّله : «نقلت من خطّ بعض الأصحاب أظنّه عجميّاً هكذا دعاء السمات وهو المعروف بدعاء الشبّور ..» ، وهو بعينه ـ سنداً ومتناً ـ مثل ما جاء في بحار الأنوار برواية ابن عيّاش الجوهري(١).
ثمّ كتب في الصفحة الأخيرة من المخطوطة أشكالاً ، وقال قبلها : «نقل هذا الشكل على هذا الترتيب سلطان النقباء علاء الملك الماضي ، من خطّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، ونقله من خطّه الصدر حسام الدّين المنجّم البلخي ، ونقله من خطّه شمس الدّين البدخشي ، ونقله من خطّه الحكيم الفاضل مجد الدّين الخياطي ، ونقله من خطّه المولى السعيد
__________________
(١) بحار الأنوار ٩٠ / ٩٦.
العلاّمة شمس الدين محمّد البخاري البيهقي ، ونقلت من خطّه الشريف ... وقد جاء على ظهر الورقة الأُولى : دعاء الصحيفة الكاملة عن مولانا زين العابدين عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه ، انتهى»(١).
وأهداها الشهيد إلى ولده العالم ضياء الدين عليّ ، ولعلّ هذا الإهداء كان باعثاً على حفظها وسلامتها إلى الآن ، خصوصاً وأنّ ضياء الدين عليّاً كان قد وقع في كثير من طرق رواية الصحيفة .. هذا ، وجاء الإهداء بخطّ الشهيد على الجانب الأيمن من هذه الورقة ، وهذا نصّه :
«للولد الأعزِّ المعتضد قرّة العين أبي القاسم عليّ بن محمّد بن مكّي نفعه الله بها ورزقه بما فيها واستجاب دعاءه بمحمّد وآله صلوات عليهم (٢) ...».
وبيّن الشهيد في الصفحة الثانية الاُصول المنقولة منها صحيفته فقال :
«نقلت هذه الصحيفة من خطّ عليّ بن أحمد السديد ، وفرغت في حادي عشر شعبان سنة اثنين وسبعين وسبعمائة».
وقابلها بعد الكتابة بهذا الأصل ، وصرّح بها في أعلى الصفحة الثانية من الجانب الأيمن :
«عارضتها بأصلها المذكور ، وفيها مواضع مهملة التقييد فنقلتها على ما هي عليه ، والحمد لله وحده وصلواته (وسلامه؟) على سيّدنا محمّد
__________________
(١) مرّت صور صفحات الصحيفة بخطّ الشهيد في الصفحات الماضية.
(٢) كلمة غير مقروءة ، ومابين المعقوفتين أخذناه من إهداء شمس الدين الجبعي ؛ لأنّه أيضاً كتب إهداءً لولده بمثل الكلمات التي استفاد الشهيد في إهدائه لولده ، كما كتب شمس الدين نسخته عن نسخة الشهيد.
وآله ، وكتب محمّد بن مكّي».
ولا يوجد تصريحٌ في طبعات الرواية المشهورة بمواضع الإهمال ، ومع النظر إلى اختلافات الرواية المشهورة مع نسخة ابن إدريس ، يعلم أنّ بعض تلك الاختلافات ناشئ من تعيين مواضع الإهمال ، فلاحظها.
الأصل الثاني :
نسخة السديدي ، وسطور من حياته :
هو : الشيخ سديد الدين عليّ بن أحمد المعروف بالسديدي الحلّي ، توفّي في ليلة محرّم الحرام عام ٦٨٨ هـ(١).
قال عنه الميرزا عبدالله الأفندي الاصفهاني رحمهالله : «فاضل عالم جليل ، مِن المتقدّمين على الشهيد ، ينقل الشهيد الصحيفة الكاملة السجّادية عن نسخة كانت بخطّه الشريف ، وهو نقلها عن خطّ الشيخ عليّ بن السكون المشهور وقابلها بها ... ولم أطّلع له على مؤلَّف»(٢).
أقول : رأيت بخطّه الشريف نسخة من كتاب «نهج البلاغة» وبلاغه في تصحيحها ، وهو قابل هذه النسخة مع النسخة التي نقلها أوّل مرّة عن خطّ ابن السكون ـ الآتي ذكره ـ وهذا نصّ البلاغ :
«بلغ مقابلة وتصحيحاً من نسخة نقلتها من خطّ عليّ بن محمّد بن السكون ، وقابلتها بها بحسب ما بلغ إليه جهدي وطاقتي ، فصحّت إلاّ ما زاغ عنه النظر ، وحسر عنه البصر ، وهذه النسخة نقلتها أيضاً بخطّي مجتهداً في نقلها ومقابلتها بالنسخة المشار إليها في مجالس آخرها الثلاثاء سادس
__________________
(١) كذا على نسخة من «نهج البلاغة» بخطّه الشريف.
(٢) رياض العلماء ٣ / ٣٥٤.
عشرين شوّال من سنة أربع وثمانين وستمائة ، كتب العبد الفقير إلى رحمة ربّه وغفرانه عليّ بن أحمد حامداً مصلّياً مسلّماً ، انتهى».
وهذه النسخة نقلت عن نسخة تاريخها ٥٨٧ هـ ، وذلك في رمضان ٦٤٧ هـ ، وأيضاً قوبلت مرّة ثانية في سنة ٧٩٢ هـ(١) ، بواسطة شخص آخر.
وذلك يدلّ على حياة السديدي العلميّة ، وتردّدها في مجالات تصحيح الكتب الحديثيّة ، ومقابلتها آنذاك.
وأمّا نسخة السديد(٢) :
فهي نسخة مكتوبة عن نسخة بخطّ راوي الصحيفة الشيخ العالم اللغوي عليّ بن سكون النحوي الذي يرويها بدوره عن بهاء الشرف ، وكتب الشيخ السديد على نسخته ـ كما حكى الشهيد صورة خطّه ـ :
«نقلت هذه الصحيفة من خطّ عليّ بن السكون ، وتَتَبَّع إعرابها عن
__________________
(١) والنسخة في مكتبة آية الله السيّد آقا حسين البروجردي رحمهالله في قمّ المقدّسة برقم : ٦١ ، المذكورة في فهرسها ١ / ٤٣ ـ ٤٤.
(٢) توجد نسخة من الصحيفة كتبت أيضاً عن نسخة السديد ، أو قوبلت معها بلا واسطة ، وجاء فيها كلّ ما جاء على نسخة الشهيد بعينه. وهي النسخة المحفوظة في المكتبة المرعشيّة برقم : ١٣١٤٠ ، استنسخها محمّد بن الفقيه إبراهيم ... في ربيع الآخر سنة ٨٥٣ هـ ، وقابلها مرّة أُخرى محمّد بن الحسن الحسيني العيناثي ـ من أعلام القرن الحادي عشر ، وصاحب كتاب المواعظ العدديّة ـ مع نسخة الشهيد الثاني رحمهالله ، ونقل كلّ ما جاء على نسخة الشهيد الثاني ، وذلك في سنة ١٠٧٠ هـ.
وأيضاً وصلت إليّ مصوّرة من الصحيفة حفظت في مكتبة جامعة الإلهيّات بالمشهد الرضويّ عليهالسلام برقم : ١٠٠٩ ، كتبت في ١٨ ذي القعدة ٩٧٣ هـ ، ونقلها الناسخ عن نسخة عليها مقابلة ابن السكون وابن إدريس ، ولعلّ هذه النسخة المنقولة عنها هي نسخة السديدي. فلاحظ : فهرست دانشكده إلهيّات مشهد ٢ / ١٦٣.
أقصاه حسب الجهد ، إلاّ ما زاغ عنه النظر ، وحسر عنه البصر ، وذلك في شهر ذي الحجّة سنة ثلاث وأربعين وستّمائة».
وثمّ إنّ الشيخ السديد ـ بعد الكتابة ـ قابلها على نسخة ابن السكون ، وكتب :
«بلغت مقابلةً وتصحيحاً بالنسخة المنقولة منها ، فصحّت بحسب الجهد ، إلاّ ما زاغ عنه النظر ، وحسر عنه البصر ، وذلك في شهر ذي الحجّة من سنة ثلاث وأربعين وستّمائة ، ولِلَّه الحمد (والمنّة؟)(١)».
وقد صرّح الشهيد الثاني زين الدين بن أحمد الشامي (ت ٩٦٥ هـ) : إنّ النصّ المذكور كان بخطّ الشيخ سديد الدين عليّ بن أحمد الحلّي(٢).
الأصل الثالث :
نسخة ابن السكون ، وسطور من حياته :
هو : أبو الحسن ، عليّ بن محمّد بن محمّد بن عليّ بن محمّد بن محمّد بن السكون الحلّي ، النحوي ، الشاعر ، المتوفّى حدود ٦٠٠ هـ.
أقام بالمدينة مدّة ، وصار كاتباً لأميرها.
قال ابن النجّار : تفقّه على مذهب الشيعة ، وبرع فيه ، ودرّسه ، وكان متديّناً ، مصلّيّاً بالليل ، سخيّاً ، ذا مروءة(٣).
وكتب ـ فيما نعلم ـ الأمالي للشيخ الصدوق ، والصحيفة السجّاديّة ،
__________________
(١) لم تقرء في النسخة ، وقد أثبتناها من بحار الأنوار .. وغيره.
(٢) بحار الأنوار ١٠٨ / ١٣٤.
(٣) أعيان الشيعة ٨ / ٣١٤ ، عن طبقات السيوطي.
ومصباح المتهجّد الصغير ، ونهج البلاغة.
قال عنه الشيخ الحرّ العاملي : «فاضل ، صالح ، شاعر ، أديب»(١).
وقال الأفندي الاصفهاني (ق ١٢) : «الفاضل العالم ، العابد الورع ، النحوي اللغوي ، الشاعر العالم ، الفقيه المعروف بابن السكون ، وهو الشيخ الثقة من علمائنا ..»(٢).
وقال ياقوت المستعصمي : «عليُّ بن محمّد بن عليّ بن السكون الحلّي أبو الحسن ، مِن حِلّة بني مزيد بأرض بابل ، وكان عارفاً بالنحو واللغة ، حسن الفهم ، جيّد النقل ، حريصاً على تصحيح الكتب ، لم يضع قطّ في طرسه إلاّ ما وعاه قلبه ، وفهمه لبّه ، وكان يجيد قول الشعر. وحكى لي عنه الفصيح بن عليّ الشاعر : إنّه كان نصيريّاً. قال لي : ومات في حُدود سنة ستمائة ، وله تصانيف»(٣).
وقال السيوطي ـ نقلاً عن ابن النجّار ـ : «قرأ النحو على ابن الخشّاب ، واللغة على ابن العصّار ، وتفقّه على مذهب الشيعة ، وبرع فيه ودرّسه ، وكان متديّناً ، مصلّياً بالليل ، سخيّاً ذا مرؤة ، ثمّ سافر إلى مدينة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وأقام بها ، وصار كاتباً لأميرها ، ثمّ قدم الشام ، ومدح السلطان صلاح الدين ، ومن شعره :
|
خذا من لذيذ العيش ما رقَّ أو صفا |
|
ونفسكما عن باعث الهم فاصرفا |
__________________
(١) أمل الآمل ٢ / ٢٠٣ رقم ٦١٥.
(٢) رياض العلماء ٤ / ٢٤١.
(٣) معجم الأُدباء ١٥ / ٧٥ رقم ١٥. ولاحظ إلصاق تهمة النصيرية به وهو منها براء.
|
ألم تعلما أنّ الهموم قواتل |
|
وأحجى الورى من كان للنفس منصفا |
|
خليليَّ إنّ العيشَ بيضاءُ طفلةٌ |
|
إذا رشف الظمآن ريقتها اشتفى(١) |
وأمّا أصالة نسخة ابن السكون(٢) :
فهو يروي الصحيفة بلا واسطة شخص عن الشيخ الأجل نجم الدين
__________________
(١) بغية الوعاة ٢ / ١٩٩ رقم ١٧٨٤.
(٢) هناك نسخة في الأقراص التي صدرتها مكتبة كاشف الغطاء رحمهالله في النجف الأشرف : كتبها الشيخ الكبير العالم الزاهد إبراهيم بن علي بن الحسن بن محمّد بن صالح بن إسماعيل الكفعمي الجبعي الحارثي المتوّفى (٩٠٥ هـ) ، كتبها عام ٨٥٦ هـ ، فقال في آخرها : «نقلت هذه الصحيفة من نسخة نقلت من خطّ علي بن السكون وقوبلت بخطّ السعيد محمّد بن إدريس رحمهالله ...».
وعلى هامش هذه النسخة شروح لغات المشكلة من كتب اللغة والأدب ، وكلّها من الكفعمي نفسه ، كما أخبر بذلك وقال رحمهالله في آخر الصحيفة : «واستخرجت ما على هامشها من كتب لاتمجّ ألفاظها الآذان ، ولا يبلى معانيها الزمان ، فجاءه المستخرج كدرّ السحاب ، بل أصفى قطراً ، وكدرّ السخاب ، بل أوفى قدراً ، يترقرق لها ما الطبع ، ويرتفع لها حجاب القلب والسمع ، والكتب المذكورة آنفاً هي هذه فمنها ..» ثمّ ذكر رحمهالله قائمة الكتب المستفادة منها في ستة أوراق ، وفي آخرها كتب في الهامش : «كلّما على هامش هذه الصحيفة من علامة سين فهو لابن ادريس ، وكذلك مايوجد بين السطور ...» وفيما بعدها كلمات مطموسة ، وعندي صورة هذه النسخة.
وللكفعمي شرح علـى الصحيفة باسـم : «الفوائد الشريفـة فـي شرح الصحيفـة» ، وقـد أوردهـا بتمـامهـا فـي كتابـه «البلـد الأميـن والدرع الحصيـن» عنـد نقلـه لأدعيـة الصحيفـة فـي المتـن ، وقـد شرحهـا معلّقـاً عليهـا فـي الهـوامش ، فقال رحمهالله بعـد إتمام الأدعية وشرحهـا في الهامـش ـ : «.. واستخرجت ما كتبتـه على
بهاء الشرف أبي الحسن محمّد بن الحسن بن أحمد بن عليّ بن محمّد بن عمر بن يحيى العلوي الحسيني رحمهالله ، الذي جاء اسمه في أوّل أسانيد الصحيفة .. كما جاء اسمه في إجازات الصحيفة ، وروايته عنه.
إلى هنا تبيّن لنا : إنّ نسخة الشهيد نقلت عن نسخة السديد ، ونسخة السديد كتبت عن نسخة ابن السكون.
كما تبيّنت أصالة نسخة الشهيد والاُصول المنقولة منها ، وهاهنا توجد مقابلات وإجازات اُخرى على نسخة ابن السكون والسديد ، تعدّ كلّ واحدة منها من اُصول الصحيفة ، فلابدّ لنا من الوقوف عليها ، والبحث عن حال رواتها ، وطبقة كلّ منهم .. فرقّمنا لكلّ منها بالأصل.
__________________
الحواشـي من الشـرح والبيـان من كتب لا تلـج ألفاظهـا الآذان ... ورسمت ما وضعتـه بالفوائد الشريفـة في شـرح الصحيفة». ثمّ ذكر أسـامي الكتب التي نقل منها هذه الشروح.
أقول : الظاهر اتّحاد نسختنا هذه وحواشيها بخطّ الكفعمي مع حواشي البلد الأمين ، والفوائد الشريفة في شرح الصحيفة ، فلاحظ.
وأيضاً توجد نسخة من الصحيفة بخط نسخ أبو الفضل منصور بن غياث الله الحسني الحسيني الأنجوي ، كتبها عن نسخة خطّ الكفعمي في عام ١٠٩٧ هـ ، وهي في مكتبة فيض آباد ـ لكنهو.
ومخطوطة أُخرى في مكتبة زنگى پور في بلد زنجي فور من بلاد الهند برقم ١١٧ و ١٢٠ ، قوبلت مع نسخة الكفعمي.
أقول : حفظت نسخة من الصحيفة في مكتبة مجلس الشورى برقم ٥٤٨١ ، بخطّ محمّد مؤمن الأبهري الإصفهاني ، كتبها في ٢٦ شعبان ١٠٧٥ هـ ، وعليها حواشي المحدّث السيّد نعمة الله الجزائري (ت ١١١٢ هـ) ، وهو رحمهالله أضاف في الهامش بعد الدعاء الثاني دعاء باسم : «وكان من دعائه عليهالسلام في ذكر آل محمّد» ، ثم قال : «بخطّ الشيخ حسين بن عبدالصمد ، نقلت هذه الزيادة من نسخة بخطّ الكفعمي ، ونقلها هو من نسخة بخطّ الشهيد».
الأصل الرابع :
قراءة عميد الرؤساء ، وسطور من حياته :
كانت نسخة ابن السكون عند عميد الرؤساء هبة الله بن حامد بن أحمد ابن أيّوب وصحّحها وقرأها ، وهو ممّن روى الصحيفة عن الشيخ الأجل نجم الدين بهاء الشرف أبي الحسن محمّد بن الحسن بن أحمد بن عليّ بن محمّد بن عمر بن يحيى العلوي الحسيني رحمهالله ، الذي جاء اسمه في أوّل أسانيد الصحيفة ...
وكتب عميد الرؤساء إجازةً وقراءةً مؤرّخةً سنة ٦٠٣ هـ لأبي جعفر القاسم بن معيّة ، هذا نصّها :
«قرأها عليَّ السيّد الأجل ، النقِيب الأوحد ، العالم جلال الدين عماد الإسلام أبو جعفر القاسم بن الحسن بن محمّد بن الحسن بن مُعَيَّة أدام الله علوّه ، قراءة صحيحةً مهذّبةً ، ورويتها له عن السيّد بهاء الشرف أبي الحسن محمّد بن الحسن بن أحمد ، عن رجاله المسمّين في باطن هذه الورقة ، وأبحته روايتها عنّي حسب ما وقفته عليه وحدّدته له ، وكتب : هبة الله بن حامد بن أحمد بن أيّوب بن علي بن أيّوب في شهر ربيع الآخر من سنة ثلاث وستّمائة ، والحمد للهِ الرحمن الرحيم وصلواته وتسليمه على رسوله محمّد سيّدنا المصطفى وعلى آله الغرّ اللهاميم»(١).
__________________
قال الموسوي : وهل هي نسخة أُخرى غير الموجودة ، وعلى أيّ حال ، لم نعثر على أيّة إشارة في نسخة الكفعمي الموجودة إلى أنّه كتبها عن نسخة الشهيد.
(١) أيضاً نقل العلاّمة المجلسي رحمهالله في بحار الأنوار ١٠٧ / ٢٦ ، هذه الإجازة عن نسخة من الصحيفة الكاملة بخطّ الشيخ حسين بن حسن بن حسين بن محمّد القصباني ، وكان تاريخها سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة كذا والظاهر : ثمانمائة.
أمّا المجيز :
هو : رضي الدين أبو منصور عميد الرؤساء ، هبة الله بن حامد بن أحمد بن أيّوب بن عليّ بن أيّوب الحلّي اللغوي.
وصفه السيّد الداماد (م ١٠٤١ هـ) بـ : «إنّه من أئمّة علماء الأدب ، ومن أفاخم أصحابنا»(١).
وقال القفطي (ت ٦٢٤ هـ) : «... الأديب ، النحوي ، الحلّي من أهل الحلّة المزيديّة ، كانت له معرفة بالنحو واللغة والعربيّة ، قرأ على أبي محمّد عبدالله بن أحمد بن أحمد بن الخشّاب ، وأبي الحسن عليّ بن عبدالرحيم الرقّيّ المعروف بابن العصّار وغيرهما ، وعاد إلى بلدة الحلّة ، وقرأ عليه جماعة وتخرّجوا به ، وكان يقول الشعر ..»(٢).
وقال عنه الياقوت المستعصمي (ت ٦٨٩ هـ) : «أديب ، فاضل ، نحويّ ، لغويّ شاعر ، شيخ وقته ومتصدّر بلده ، أخذ عنه أهل تلك البلاد الأدب ، وأخذ هو عن أبي الحسن عليّ بن عبدالرحيم الرقّيّ المعروف بابن العصّار وغيره. وله نظم ونثر ، وكان يلقّب بوجه الدويبة ، وسمع المقامات من ابن النقُور ، وروى عنه. مات سنة عشرة وستّمائة»(٣).
وقال المحدّث الحرّ العاملي (ت ١١٠٤ هـ) : «كان فاضلاً جليلاً ، له كتب ، يروي عنه السيّد فخّار»(٤).
ووصفه الميرزا عبدالله أفندي : «الإمام الفقيه ، الفاضل الحافل ،
__________________
(١) شرح الصحيفة السجّادية : ٥٦.
(٢) إنباه الرواة على أنباه النحاة ٣ / ٣٥٧ رقم ٨٠٣.
(٣) معجم الاُدباء ١٩ / ٢٦٤ رقم ١٠١.
(٤) أمل الآمل ٢ / ٣٤٢ رقم ١٠٥٣.
الأديب الكامل ، الإماميّ ، المعروف بعميد الرؤساء ..»(١).
وزاد نقلاً عن خطّ ابن العلقمي الوزير على بعض نسخ المصباح للشيخ الطوسي ما نصّه : «كاتبه عميد الرؤساء أبو منصور هبة الله بن حامد بن أحمد بن أيّوب بن عليّ بن أيّوب اللغوي الحلّي ، صاحب أبي محمّد عبدالله بن أحمد بن الخشّاب ، وأبي الحسن عبدالرحيم الرقّيّ السلمي رضي الله عنهم أجمعين ، وكان رحمه الله تعالى من الأخيار الصلحاء المتعبّدين ، ومن أبناء الكتّاب المعروفين ، وكان آخر قراءتي عليه في سنة تسع وستّمائة ، وفيها مات بعد أن تجاوز الثمانين»(٢).
ونقل العلاّمة المجلسي ، عن خطّ الشيخ شمس الدين الجبعي : «مات الشيخ العالم الفاضل عميد الرؤساء ... سنة تسع وستمائة ، وكان ؛ من الأخيار الصلحاء المتعبّدين ، ومن أبناء الكتّاب المعروفين»(٣).
وأما المُجاز :
فهو : السيّد جلال الدين أبو جعفر القاسم بن الحسن بن محمّد بن أبو منصور الحسن بن أحمد بن مُعَيَّة بن سعيد الديباجي الحسني.
وصفه ابن عنبة (ت ٨٢٨ هـ) بـ : السيّد جلال الدين أبي جعفر بن الحسن الزكي الثالث.
وقال : كان أحد رجالات العلويّين ، وكان صدر البلاد الفراتيّة بأسرها ونقيبها ، ثمّ أورد له أخباراً مع الوزير ناصر بن مهدي الحسني .. وغيره (٤).
__________________
(١) رياض العلماء ٥ / ٣٠٧.
(٢) رياض العلماء ٥ / ٣٠٨.
(٣) بحار الأنوار ١١٠ / ٣٠.
(٤) عمدة الطالب : ١٦٥.
وقال عنه المحدّث الحرّ العاملي : «فاضل صدوق ..» (١).
والأفندي : «الفقيه ، الفاضل ، العالم ، الجليل ، العظيم الشأن ..» (٢).
وابن مُعيّة هذا هو الجدّ الأعلى للفقيه النسّابة تاج الدين محمّد بن القاسم بن الحسين بن القاسم صاحب الترجمة ، لا والده ، كما ذكر الحرّ العاملي والأفندي في كتابيهما ، وتاج الدين محمّد هذا توفّي عام ٧٧٦ هـ ، ويعدّ من مشايخ الشهيد الأوّل ، والشهيد يروي الصحيفة عنه ، وهو يرويها بأربعة وسائط أو ثلاثة عن جدّه ابن معيّة ، المجاز من عميد الرؤساء عن بهاء الشرف(٣) ...
الأصل الخامس :
نسخة ابن إدريس ، وسطور من حياته :
بعد أن كتب السديد نسخته ، وقابلها بنسخة ابن السكون ، ظفر على نسخة بخطّ ابن إدريس ، فقابل نسخته مرّة ثانيةً بخطّ الشيخ الفقيه أبي جعفر محمّد بن إدريس ، وهذا نصّ السديد في المقابلة :
«بلغت مقابلة مرّةً ثانيةً بخطّ السعيد محمّد بن إدريس رحمهالله بحسب ما وصل إليه الجهد ، وللَّه الحمد ، وذلك في شهر ذي القعدة من سنة أربع وخمسين وستّمائة ، وكلّ ما على هامشها من حكاية سين ونسخة فإنّه عن ابن إدريس ، وكذلك جميع ما يوجد بين السطور وعليه سين فإنّه حكاية خطّه ، وأمّا ما كان نسخة بلا سين فمنها ما هو بخطّ ابن السكون ، ومنها ما
__________________
(١) أمل الآمل ٢ / ٢١٩ رقم ٦٥٥.
(٢) رياض العلماء ٤ / ٣٩٥.
(٣) انظر : كتاب الإجازات من بحار الأنوار المجلّد ١١٠.
هو بخطّ ابن إدريس رحمهالله».
ثمّ حكى السديد نصّ مقابلة ابن إدريس رحمهالله ، فقال :
صورة خطّ ابن إدريس في مقابلته :
«بلغ العرض بأصل خير الموجود ، وبذل فيه الجهد والطاقة ، إلاّ ما زاغ عنه النظر ، وحسر عنه البصر».
وأيضاً نقل العلاّمة المجلسيّ(١) هذه العبارة عن خطّ ابن إدريس في صحيفته ، وأضاف عنه هذا الكلام : «عورض هذا الكتاب بالأصل الذي بخطّ المصنّف ، في سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة ، وكتبه ابن إدريس»(٢).
ومراده من المصنّف ، هو : أبو علي بن شيخ الطائفة ، أو القائل بـ : «حدّثنا» ، الذي نقل إسناده في هامش أوّل الصحيفة عن نسخة ابن إدريس على اختلاف فيه كما سيجيء.
هذا ، ونقل المولى أبو المعالي محمّد الكلباسي (ت ١٣١٥ هـ) ، عن السيّد عبدالباقي ـ إمام الجمعة في إصفهان ـ في إجازته للسيّد السند النجفي كلاماً يدلّ على وجود نسخة ابن إدريس عند الشهيد ، وهذا ملخّصه :
... إنّ السديدي قابل النسخة المشهورة مع نسخة ابن إدريس ، وكتب مواضع الاختلاف في هوامش الأوراق ، وكتب عليها حرف «س» علامةً لابن إدريس ، ثمّ بعد ذلك عرض الشهيد أيضاً النسخة المشهورة على نسخة ابن إدريس ؛ فوجدها موافقة لعرض السديدي إلاّ في مواضع ،
__________________
(١) كانت نسخة ابن إدريس عند العلاّمة المجلسي رحمهالله ـ كما سيمرّ عليك أثناء البحث ـ عن نسخة ابن إدريس.
(٢) الفرائد الطريفة : ١٩ ، ولاحظ مطبوعة نسخة الصحيفة بالأُفست بخطّ المحقّق مير أبي القاسم الموسوي الإصفهاني (ت ١١٥٧ هـ) ، عن نسخة ابن إدريس.
فتعرّض لها ، وكتبها في الهوامش مقرونة بحرف «سين» ؛ ليتميّز عن عرض السديدي(١).
وكذلك ورد ذلك في مناقب الفضلاء للخاتون آبادي حفيد المجلسي وتلميذه (ت ١١٥١ هـ)(٢).
أقول : هذا المطلب لم يكن في النسخة الشهيديّة التي بأيدينا أبداً ، ولا أيّة نسخة نقلت عنها مباشرة ولو بالوسائط ، سيّما في الكلمات والإجازات التي حكاها العلاّمة المجلسي عن نسخة الشهيد ، ونسخة الجبعي التي سيمرّ عليك وصفها ، وعن إجازات والده التقي رحمهمالله ، هذا أوّلا.
وثانياً : مرّ عليك أنّ السديد رمز لنسخة ابن إدريس بـ : «سين» لا الشهيد ، كما حكى صورته الشهيد بخطّه في هذه النسخة ، وما نُقِل عنها.
وثالثاً : ولعلّ عبارة السيّد عبدالباقي والخاتون آبادي : «إلاّ مواضع» ، أُخذت من العبارة التي مرّت في أنّ الشهيد كتب في هامش النسخة في مقابلة نسخته مع المنقولة منها ـ يعني نسخة السديد ـ : «وفيها مواضع مهملة التقييد».
وأمّا ابن إدريس :
فهو : أبو جعفر شمس الدين محمّد بن منصور بن أحمد بن إدريس بن الحسين بن القاسم بن عيسى العجلي ، المولود حدود (ت ٥٤٣ هـ) ، والمتوفّى ثامن عشر شهر شوّال سنة (٥٩٨ هـ) ، صاحب كتاب السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي ، وهو من عظماء علماء الشيعة وفقهائهم.
__________________
(١) الرسائل الرجاليّة ٢ / ٦١٥.
(٢) مناقب الفضلاء : ٥٠٢ (المطبوع ضمن ميراث حديث شيعه ، المجلّد الرابع).
وصفه الشهيد الثاني زين الدين بن أحمد الشامي (ت ٩٦٥ هـ) في بعض إجازاته بـ : «الشيخ الإمام العلاّمة المحقّق فخر الدين أبي عبدالله محمّد بن إدريس العجلي».
ووصفه الشيخ أحمد بن نعمة الله العاملي في إجازته للمولى عبدالله التستري بـ : «الشيخ الأجل الأوحد المحقّق المنقّب ...».
ونعته المحقّق الكركي رحمهالله (ت ٩٤٠ هـ) بـ : «الشيخ الإمام السعيد المحقّق ، خير العلماء والفقهاء ، فخر الملّة والحقّ والدين ...».
وأمّا نسخة ابن ادريس من الصحيفة(١) :
فإنّها كانت موجودة بخطّه الشريف إلى أوائل القرن الثاني عشر عند
__________________
(١) توجد في المكتبة الرضويّة برقم : ٦٨٣٦ ، نسخة كتبها محمّد حسين بن كمال الدين عليّ الفسائي سنة ١٠٥٧ هـ ، وقابلها مع نسخة ابن إدريس ، ونسخة الشهيد الثاني رحمهمالله ، كما مرّ.
ومرّ عليك نسخة بخطّ الكفعمي صاحب «المصباح» و «البلد الأمين» ، فإنّه كتب نسخة من الصحيفة التي كتبت عن نسخة بخطّ ابن السكون «وقوبلت بخطّ السعيد محمّد بن إدريس رحمهالله». ونسخة الكفعمي موجودة حتّى اليوم ، كما مرّ.
وتوجد مخطوطات عدّة برواية أبي علي الطوسي عن والده ، وهذه الرواية رواية نسخة ابن إدريس الحلّيّ رحمهالله منها :
مخطوطة في إحدى مكتبات اليمن ، كتبها علي بن محمّد بن أحمد بن إبراهيم العنبري في كربلاء المقدّسة في سنة ٩٩٣ هـ ، وفي آخرها إجازة من الشيخ البهائي برواية هذه النسخة ، كتبها للسيّد حسن الأنصاري في سنة ١٠٢١ هـ ، وعليها عدّة تملّكات من علماء الزيديّة ، وعندي منها صورة.
ومخطوطة من الصحيفة من القرن الحادي عشر ، في مكتبة جامعة الأزهر بمصر ، وعندي منها صورة.
ومخطوطة أُخرى في مكتبة السيّد الگلپايگاني رحمهالله ، في قم المقدّسة برقم
العلاّمة المجلسي (ت ١١١٠ هـ) ، كما قال هو في توصيف نسخته التي صدّد على شرحها في الفرائد الطريفة ، وذلك عند ذكره لمقابلة السديد نسخته بنسخة ابن إدريس : «وهذه النسخة أي نسخة ابن إدريس أيضاً عندنا بخطّه روّح الله روحه» (١).
وأخبر أيضاً عن وجود نسخة ابن إدريس بخطّه الشريف عنده ، في إجازته لبعض تلامذته في مشهد الرضا عليهالسلام ، عند ذكر طريق الرواية المشهورة عن ابن إدريس(٢).
وقد اطّلع حفيده الخاتون آبادي زيادة ممّا قاله المجلسيّ في الفوائد فقال ـ عند ذكر إسناده للصحيفة عن طريق ابن ادريس ـ : «وهي بخطّه الشريف موجودة في دار العلم شيراز ، وكتب جدّي العلاّمة المجلسي ـ طيّب الله مضجعه ـ إلى أهل شيراز ، فأرسلوا تلك النسخة الشريفة ، فقابل نسخته معها ، وتعرّض لمواضع الاختلاف ، وأدار عليها حلقة ؛ ليمتاز عمّا
__________________
٨١ / ١٦ ، كتبت في القرن الحادي عشر.
وأيضاً مخطوطة أُخرى في المكتبة الرضويّة برقم : ٣٢٣٦ ، كتبها خاتم بن راشد بن حسن بن صالح في ١١ رمضان المبارك من سنة ١٠١٩ هـ.
وأيضاً مخطوطة أُخرى في المكتبة الرضويّة برقم : ١٥٢٣١ ، من القرن الحادي عشر ، وهاتان النسختان الأخيرتان ناقصتان من أوّلهما ، وكانت بداية النسختين : «قال : أخبرنا الحسين بن عبيدالله ابن الغضائري ...» ، ومن هذا يعلم أنّ هاتين النسختين برواية أبي علي الطوسي ؛ ولأنّ الغضائري وقع في طريق أبي علي الطوسي. (لاحظ فهرس مخطوطات المكتبة الرضويّة ١٥ : ٣٨٢ و ٣٩٤) ومخطوطة أخرى في مكتبة زنگى پور في بلد زنجي فور من بلاد الهند ، برقم ١١٨ ، من القرن الحادي عشر ، قوبلت بنسخة الشهيد بمرّات ، ومع نسخة ابن إدريس الحلّيّ ، وسيجيء ذكرها في بحث الوجادة عن نسخة الشهيد.
(١) الفرائد الطريفة : ٩.
(٢) بحار الأنوار ١١٠ / ١٦٢.
صنعه السديدي والشهيد من عرضهما النسخة المشهورة على نسخة ابن إدريس ...».
فذكر تفصيل كيفية المقابلة ، والتصحيح ، وضبط موارد الاختلاف.
ثمّ قال الخاتون آبادي : «وإنّي قد شاهد ت تلك النسخة عند جدّي ، بل كنت طرف المقابلة والعرض في بعض الأحيان»(١).
وأيضاً يظهر ذلك من إجازة السيّد عبـد الباقي ـ حفيد العلاّمة المجلسي ـ للسيّد النجفي ، حيث قال : «إنّ المولى التقي المجلسي قد ظفر بصحيفة ابن إدريس بخطّه ، وعرض الصحيفة المشهورة عليها ، وظفر ببعض مواضع الاختلاف أيضاً ، وكتبها في الهوامش ، وأدار عليها حلقة ...»(٢).
وأيضاً رأى السيّد مير أبو القاسم الموسوي الإصفهاني ، المشهور بمير كبير (ت ١١٥٧ هـ) هذه النسخة الإدريسيّة ، وعرض نسخته معها(٣).
ولابن إدريس شرح للصحيفة السجّادية على نحو التعليق(٤).
وعلى كلّ حال ، فقد وردت رواية ابن إدريس للصحيفة في الطرق والإجازات عن ثلاثة :
__________________
(١) مناقب الفضلاء : ٥٠٢ ـ ٥٠٣ (المطبوع ضمن ميراث حديث شيعة ، المجلّد الرابع).
(٢) الرسائل الرجاليّة للكلباسي ٢ / ٦١٥.
(٣) مطبوعة خطّ ميركبير بالأُوفست عن نسخته.
(٤) ذكره الطهراني في الذريعة ١٣ / ٣٥٨ رقم ١٣٢٦ ، وتوجد نسخة منه في مكتبة أمير المؤمنين عليهالسلام العامّة في النجف الأشرف ، في مجموعة تاريخ بعض ما فيها سنة ١٠٦٢ هـ وبعضها ١٠٦٥ هـ ، رقم المجموعة ١٥٢٠ ، ونسخة أُخرى في المكتبة الرضوية برقم : ١٤٨٤٩ ، وقد مرّ توصيفها.
الأوّل
: السيّد بهاء الدين الشرف الراوي للصحيفة المشهورة(١). الثاني
: الشيخ المفيد أبي عليّ بن شيخ الطائفة الطوسي رحمهماالله
.. بلا واسطة(٢). وجاءت هذه الرواية في إجازات المجلسي الأوّل
، وبعض الصحائف الموجودة عندنا ـ كما مرّ ذكر بعضها في الهامش ـ ، وهوامش بعض
الصحائف المشهورة ، ومنها هذه النسخة التي نحن بصددها ، وهي من نسخة ابن إدريس ، كما
رمز لها الشهيد بـ :«سين» ، دالاًّ على ابن إدريس. الثالث
: الشيخ أبي القاسم محمّد بن أبي القاسم الطبريّ ، عن أبي عليّ الحسن بن شيخ الطائفة
.. مع الواسطة(٣). استشكل
: بأنّ ابن إدريس يروي في طيّ الإجازات عن أبي عليّ بواسطة واحدة أو واسطتين ، فكيف
يمكن روايته عنه بدون الواسطة(٤)؟! __________________ (١) ذكر روايته عنه
في إجازات المولى محمّد تقي المجلسي رحمهالله
، بحار الأنوار ١١٠ / ٤٤ رقم ٣٨ وغيره. (٢) ذكر روايته عنه
في إجازات المولى محمّد تقي المجلسي رحمهالله
، بحار الأنوار ١١٠ / ٥٢ رقم ٤١ و ١١٠ / ٦٥ رقم ٤٣ وغيره. (٣) ذكر روايته عنه
في إجازات المولى محمّد تقي المجلسي رحمهالله
، بحار الأنوار ١١٠ / ٤٦ رقم ٣٩ و ١١٠ / ٦٥ رقم ٤٣ وغيره. (٤) كما قال ابن
إدريس نفسه ـ في آخر المختصر الذي كتبه في إثبات المضايقة ـ ما لفظه : «وما رويته
فيه من الأخبار فعن ثلاث طرق : طريق منها عن الشيخ عربيّ بن مسافر ، عن إلياس بن
هشام الحائري ، عن أبي علي الطوسي ـ إلى قوله ـ. الطريق الثاني : عن محمّد بن علي
بن شهرآشوب ، عن جدّه ابن كياكي ، عن أبي جعفر الطوسي. والطريق الثالث : عن السيّد
نظام الشرف ابن العريضي ، عن أبي عبدالله الحسين بن طحّال ، عن أبي علي الطوسي ،
والطريقان الأوّلان بحقّ السماع». انتهى ما حكاه شيخنا الطهراني عنه في طبقات
أعلام الشيعة ٢ / ٢٩١ (الثقات العيون في سادس القرون).
قال المجلسي الأوّل رحمهالله : «والمشهور في الأسانيد رواية محمّد بن إدريس ، عن أبي عليّ بواسطة أو واسطتين».
ولكنّه أجاب عن ذلك ، فقال : «فيمكن أن يكون سماع الصحيفة في صغر السنّ وباقي الروايات في كبر السنّ ، كما هو المتعارف الآن أيضاً»(١)(٢).
وأضاف المجلسي الولد رحمهالله نقلاً عن والده ـ في الفرائد الطريفة في شرح الصحيفة الشريفة(٣) ـ : في بيان السند الذي جاء في هامش النسخ : «والظاهر أنّ قائل "حدّثنا" هاهنا ابن إدريس رحمهالله ، وروايته عن أبي عليّ بن الشيخ بواسطة أو واسطتين لا ينافي روايته عنه بلا واسطة ؛ لأنّ أبا عليّ كان معمّراً ..»(٤).
ولكنّه قدسسره لم يرض ذلك .. وردّه قائلاً : «هذا في غاية البعد ؛ لأنّ ابن إدريس يروي عن أبي عليّ غالباً بتوسّط إلياس بن إبراهيم الحائري ، عن الحسين بن رطبة ، عن أبي عليّ ، أو عن عربي بن مسافر ، عن إلياس بن هشام وأبي القاسم بن محمّد بن عماد الطبري ، وهما عن أبي عليّ ، وقد يروي عن الحسين بن رطبة ، عن أبي عليّ ، ولم ينقل روايته عنه بلا واسطة»(٥).
__________________
(١) بحار الأنوار ١١٠ / ٥٢.
(٢) ويؤيّد ذلك أنّ أبا عليّ كان خال ابن إدريس ـ كما نقل ذلك في ترجمته ـ فلا يبعد روايته عنه وفيها اختلاف ؛ فلاحظ : لؤلؤة البحرين : ٢٧٨ وهامشه ، ورياض العلماء ٥ / ٣١.
(٣) الفرائد الطريفة : ١٨ ـ ١٩.
(٤) الفرائد الطريفة : ١٨ ـ ١٩.
(٥) الفرائد الطريفة : ١٨ ـ ١٩. وقال العلاّمة الأفندي الإصفهاني ـ في تعليقة أمل
وقال في الإجازة العامّة ـ التي كتبها لتلامذته لرواية الصحيفة ـ : «وكان مشايخي ـ قدّس الله أرواحهم ـ يزعمون أنّ جامع هذه الصحيفة هو ابن إدريس ، وهو يروي عن أبي عليّ بلا واسطة ، مع أنّ ابن إدريس لايروي عن أبي عليّ ـ فيما رأينا ـ إلاّ بواسطة أو واسطتين ، وكانوا يقولون : يمكن أن يكون ابن إدريس روى الصحيفة في صغره عن أبي عليّ ، والذي ظهر لي بالقرائن القويّة أنّ أصل الصحيفة كانت رواية بعض مشايخه ، كابن رطبة ، أو ابن أبي القاسم الطبري .. أو غيرهما ، والكاتب هو ابن إدريس يروي عن أحدهم تلك الصحيفة ..»(١).
ونضيف إلى هذا أنّ آخر تاريخ وصل إلينا من حياة أبي علي الطوسي ما جاء في أسانيد العماد الطبري في رواياته التي رواها عنه في «بشارة المصطفى» ، وتاريخها سنة ٥١٥ هـ ، فعليه تبعد رواية ابن إدريس ـ الذي ولد حدود سنة ٥٤٣ هـ(٢) ـ عنه بلا واسطة.
فلذا قال المجلسي : «فالظاهر أنّ قائل : حدّثنا ، غير ابن إدريس ، إمّا ابن رطبة أو أبو القاسم الطبري أو غيرهما ، والكاتب ابن إدريس».
لكنّه مع هذا كتب ـ في بعض إجازاته لبعض تلامذته ـ : نقلَ ابن إدريس بلا واسطة عن أبي عليّ الطوسي(٣).
وقد صرّح بذلك الأفندي فقال : «ويظهر من بعض أسانيد الصحيفة
__________________
الآمل : ٢٤٤ ـ : «روايته بغير واسطة ممّا أنكره الأستاد الإستناد ـ أيده الله تعالى ـ كما سمعته من لفظه ...».
(١) الإجازة العامّة للمجلسي ، مصوّرة من نسخة مكتبة المجلس برقم ٩٩٦٢.
(٢) لأنّه بلغ الحلم سنة ٥٥٨ ، كما وجد بخطّ الشهيد الأوّل ، بحار الأنوار ١٠٧ / ١٩ ، الفائدة الثالثة.
(٣) فلاحظ شرح صحيفته ، وبحار الأنوار ١١٠ / ١٦٢.
الكاملة أنّه يرويها عن أبي علي ولد الشيخ الطوسي ، وهو عن والده بلاواسطة ، ومن بعضها يظهر أنّه قد يرويها تارة عن الشيخ العماد محمّد بن أبي القاسم الطبري ، عن أبي علي الطوسي المذكور ، عن والده الشيخ الطوسي ، ولامنافاة بينهما ، وهو ظاهر ، وكان ابن شهرآشوب ، وشاذان بن جبرئيل القمي في درجة واحدة ويرويانها عن العماد الطبري المذكور ، وتاريخ رواية ابن إدريس بلا واسطة في شهر جمادى الآخرة من سنة إحدى عشرة وخمسمائة»(٣٦).
أقول : ولا أعلم وجه انتفاء المنافاة ، مع وجود حدود تاريخ ولادة ابن إدريس ونهاية خبر نقل لأبي عليّ الطوسي ـ كما مرّ ـ ، ولايلائم ذلك من تاريخ ورد في مقدّمات الصحائف ، وهو «شهر جمادى الآخرة من سنة إحدى وعشرة وخمسمائة».
وثانياً : طرق ابن إدريس الأُخرى التي وردت في الكتب والإجازات ، وما نقله نفسُه في كتاب «المختصر في المضايقة» الذي نقلناه آنفاً في الهامش : في أنّه روى عن أبي علي بواسطتين ، ولم ينقل نفسُه روايتُه عنه بدون الواسطة.
أقول : يمكن القول بأنّ روايته عن أبي عليّ بدون الواسطة كانت بخصوص الصحيفة من حيث تحمّلها وِجادةً عن خطّ أبي عليّ ، ويؤيّدها نسبته إلى أبي عليّ وقرب زمانه.
وفيه : لايجوز في هذا الضرب من التحمّل القول بالتحديث عن صاحب الخطّ ، كما جاء في هذه الرواية ، ولكنّه جازف بعضهم فأطلق في
__________________
(١) رياض العلماء ٥ / ٣٢ ، تعليقة أمل الآمل : ٢٤٥.
هذا : حدّثنا وأخبرنا ، وهو غلط منكر(١).
وفيه ثانياً : إنّه لاخلاف بين علماء الدراية في منع الرواية بالوجادة المجرّدة. نعم ، لو اقترنت بالإجازة بأن كان الموجود خطّه وأجازه أو أجازه غيره عنه ولو بالوسائط ؛ فلا إشكال في جواز الرواية(٢).
إجابة حول ضبط ابن إدريس :
وقال الاُستاذ العلاّمة السيّد محمّد حسين الجلالي ـ حفظه الله ورعاه ـ : «وظنّي أنّه اجتهد في تصحيحاته كما توقّفنا على ذلك مقارنة نسخته والمشهورة ... ويؤيّد ذلك ما نقله شيخنا العلاّمة عن شرح الصحيفة لابن إدريس الذي ، رأى نسخة منها ، ونقل عن المقدّمة عن ابن إدريس ما لفظه : وكان فيها الصحيفة ألفاظ لغويّة فكتبت على بعض منها ، ورمزت ما كان من غيري بحرفِ كتابِه ، وما كان منّي بحرف سين»(٣).
أقول : إنّ ابن إدريس لا يقصد من هذا الكلام الأغلاط اللغويّة ، بل أنّ هذه الألفاظ كانت مشكلة من حيث المعنى فوضّحها وشرحها ، ويشهد لذلك كلام ابن إدريس في شرح الصحيفة ، الذي كان عندي منه نسخة مصوّرة ، لأنّه يختلف مع ما نقله شيخنا الطهراني ، وهذا نصّ العبارة في النسخة : «وكان فيها ألفاظ لغويّة لكلّ أحد لا تفهم ، وكلمات يحتاج في فهم معانيها إلى أن تترجم ، فكتبت على بعض منها شيئاً عثرت تعثرة في
__________________
(١) مرّ البحث عنه في الجواب عن إيراد الشيخ أبي المعالي الكلباسي ؛.
(٢) البداية للشهيد الثاني : ١٠٧ إلى ١٠٩.
(٣) قاله في مقدّمته الضافية للصحيفة السجّادية ـ برواية أبي عليّ محمّد بن همّام الإسكافي (ت ٣٣٢ هـ) ، عن عليّ بن مالك ـ : ٧٠ ـ ٧١.
كتب اللغة عليه ، وكتبتُ في آخر كلّ كلام حرفاً من حروف الكتاب الذي أخذت منه ؛ ليتنبّه الناظر إليه وإن كان منّي كتبت "سيناً" واختصرت ذلك اختصاراً مبيّناً»(٤٠).
فما أثبته من التوضيح لبعض كلمات الصحيفة بالرجوع إلى معاجم اللغة لم يتجاوز ما كان في الصحيفة ؛ أمانةً للعلم والحديث الشريف ، ورمزه لكلّ كتاب نقل منه أو لنفسه بـ : «سين» شاهد صدق على ذلك ، ويدفع عنه الاجتهاد في التصحيح.
التحقيق في القائل : «حدّثنا» :
عرفت فيما تقدّم أنّ ابن السكون روى الصحيفة عن بهاء الدين الشرف ، ولأنّ هذه الصحيفة كانت بخطّ ابن السكون وعليها خطّ عميد الرؤساء ـ الذي مرّت عليك روايته عن بهاء الشرف ـ اختلف المتأخّرون في تحقيق القائل : «حدّثنا» في أوائل الصحائف المشهورة بين : ابن السكون ، وعميد الرؤساء.
فقال الشيخ بهاء الدين محمّد : إنّه ابن السكون ، وأصرّ على ذلك ، وأنكر كونه من مقول عميد الرؤساء غاية الإنكار(٤١).
واعتقد السيّد السند الداماد ، والسيّد العليّ المدني وجمع من الشرّاح :
__________________
(١) شرح الصحيفة لابن إدريس : ٢ (مخطوطة ، وقد مرّ وصفها).
(٢) نقله الميرزا عبدالله الأفندي في رياض العلماء ٥ / ٣٠٩ ، والسيّد نعمة الله الجزائري في حاشيته على الصحيفة (مخطوطة منها في مكتبة مجلس الشورى برقم ٥٤٨١) ، وقال : «وأيّده بقول الشيخ الكفعمي في حواشي المصباح في نسخة ابن إدريس كذا ، وفي نسخة ابن السكون كذا».
إنّه عميد الرؤساء(١).
وذكر المجلسي الأوّل والجزائري والأفندي : أن لا منافاة بينهما ، بل الشيخان الجليلان كلاهما راويان عن السيّد الأجل بهاء الدين الشرف ... كما يظهر ذلك من إجازات الصحيفة.
وعليه قال الخاتون آبادي ـ حفيد المجلسي ـ في إجازته للخوانساري(٢).
ومع هذا ، فغاية ما يقتضي من نسخة الشهيد أنّ النسخة كانت بخطّ ابن السكون ، فالقائل الأوّل هو ابن السكون ، ثمّ كتب عميد الرؤساء على نسخة ابن السكون إجازة لابن مُعَيَّة بحقّ إجازته عن السيّد بهاء الشرف ، فلا يقتضي هذا كونه القائل : «حدّثنا» في النسخة.
وبالجملة لا ثمرة علميّة في البحث عن هذا القائل ؛ لأنّ عميد الرؤساء وابن السكون كانا في طبقة واحدة ، كما أنّهما من تلامذة ابن العصّار النحوي ، كما أنّنا نرى في إجازات الصحيفة أنّها تنتهي إلى الشهيد ، وهو يرويها بإسناده عنهما ، عن بهاء الشرف(٣).
رواة الصحيفة عن بهاء الشرف :
وجاء في إجازة الشيخ حسن بن الشهيد الثاني ـ رحمهما الله ـ
__________________
(١) شرح الصحيفة للداماد : ٥٦ ، رياض السالكين ١ / ٥٣ ، شرح الشيخ عليّ الصغير حفيد الشهيد الثاني (مخطوطة).
(٢) مناقب الفضلاء : ٥٠٣ (المطبوع ضمن ميراث حديث شيعة ، المجلّد الرابع).
(٣) لاحظ : الفرائد الطريفة : ١٦ ، خاتمة مستدرك الوسائل ٣ / ٥٢ ، نور الأنوار للسيّد الجزائري (مخطوط عندنا) ، الرسائل الرجاليّة لأبي المعالي الكلباسي ٢ / ٥٦١ ـ ٥٧١.
(ت ١٠١١ هـ) ، في ذكر طريقه إلى الصحيفة : اسم ثمانية من العلماء الذين يروون الصحيفة عن بهاء الشرف ، ذكرهم نجم الدين جعفر بن نما في إجازته في سنة ٦٣٧ هـ ، وقد أدرجها صاحب المعالم في إجازته وهذا نصّها :
«ومن ذلك ماذكره الشيخ نجم الدين جعفر بن نما من أنّه يروي الصحيفة الكاملة بالإجازة عن والده ، عن الشيخ محمّد بن جعفر المشهديّ بسماعه بقراءة الشريف الأجل نظام الشرف كذا أبي الحسن بن العريضي العلويّ الحسينيّ في شوّال سنة ستّ وخمسين وخمسمائة ، وقرأته أيضاً عن والده جعفر بن عليّ المشهديّ ، وعلى الشيخ الفقيه هبة الله بن نما ، والشيخ المقرئ جعفر بن أبي الفضل بن شعرة ، والشريف أبي القاسم بن الزكي العلوي ، والشريف أبي الفتح بن الجعفرية ، والشيخ سالم بن قبارويه جميعاً عن السيّد بهاء الشرف .. بسنده المذكور هناك. ويرويها أيضاً نجم الدين بالإجازة ، عن والده ، عن الشيخ أبي الحسن عليّ بن الخيّاط ، عن الشيخ عربيّ بن مسافر ، عن السيّد بهاء الشرف بإسناده المعلوم ...»(١).
أقول : كما رأيت ، لم يكن في هذه الأسماء اسم ابن السكون وعميد الرؤساء ، ولعلّ القائل : «حدّثنا» هو أحد هؤلاء العلماء أو كلّهم رووا الصحيفة عن بهاء الشرف بحقّ الإجازة والقراءة عنه ؛ فتأمّل.
إلى هنا انتهى كلامنا حول نسخة الشهيد ، وشرح أُصولها ، والتعريف بكاتبين لهذه الأُصول ، وبما أنّ سند هذه النسخة اتّصل ببهاء الشرف فإنّ
__________________
(١) بحار الأنوار ١٠٩ : ٤٧ ـ ٤٨ ، طبقات أعلام الشيعة ٢ : ٢٨٣ ـ ٢٨٤ (الثقات العيون في سادس القرون).
البحث هاهنا ينتقل من مبحث أصالة وإسناد النسخة إلى الإسناد الروائي ، فلذا جدير بنا أن نذكر رواة الصحيفة المشهورة من قَبل الشهيد ، ومن بعده إلى القائل بـ : «حدّثنا» ؛ لكي تتّضح طبقات رواة هذه الصحيفة للباحث العزيز ، فنقول ـ وبالله التوفيق ـ :
المبحث الخامس : طرق رواية الصحيفة المشهورة :
بعد أن ظهرت لنا كيفيّة نسخة الصحيفة المشهورة وأُصولها المنقولة عنها بقي شيء ، وهو كيفيّة تحمّلها ، وصونها من حيث إجازة المشايخ .. فنقول :
إنّ الذي استقرّ عليه الخاصّة في كيفيّة تحمّل الحديث سبعة :
«السماع» ، «القراءة» ، «الإجازة» ، «المناولة» ، «الكتابة» ، «الإعلام» ، «الوجادة».
وصحيفة مولانا الإمام زين العابدين ـ عليه الصلاة والسلام ـ وصلت إلينا ببعض هذه الطرق السبعة ، أمّا وصولها بطريق المناولة فقد مرّت قضيّته عن قول المجلسيّ الأوّل رحمهالله ، وأمّا تحمّلها بشكل السماع والقراءة والإجازة والوجادة فكثير تشهد عليها بلاغات وسماعات وقراءات التي كتبها الأفاضل والعلماء بخطوطهم الشريفة على نسخ الصحيفة.
وينبغي أن يعلم ـ كما صرّح به الشيخ حسن بن الشهيد الثاني ـ بأنّ طرق المشايخ على كثرتها وانتشارها يرجع المهمّ منها ـ في مرتبة من تأخّر عن الشيخ الطوسي ـ إلى باني انتشار هذه الصحيفة الشريفة المباركة وكاتبها شيخنا الشهيد رضوان الله تعالى عليه ، وهو يروي الصحيفة عن كثيرين ، وأيضاً يروي عنه كثيرون ، ناهيك عمّن تحمّلها من الأعلام ، ونَشَرها بشكل
الوجادة.
فالبحث عن كلّ هؤلاء يطلب في مظانّ أُخرى اختصّت بالتفصيل والاستقصاء ، حيث جمع الكثير منها العلاّمة التقي المجلسي في إجازاته وغيرها ، علماً بأنّ الصحيفة السجّادية لها طرق أيضاً عند الشيعة الزيديّة فلا طائل فيها ، فلنكتفِ بإيراد أسماء الذين روى عنهم الشهيد ، إلى أن يتّصل بطريق واحد معروف هو الطريق إلى بهاء الشرف .. ثمّ إلى منشئها ، وبعد ذلك نذكر الآخذين عن الشهيد روايةً أو وجادةً مكتفين كذلك بطريق واحد معروف من قبلهم إلى العلاّمة المجلسي.
رواة الصحيفة للشهيد :
بعد البحث والتنقيب في مطاوي كتب الإجازات والتراجم وفهارس الكتب ، وجدنا أسامي عدّة من الأعلام الذين رووا الصحيفة لشيخ الشهداء ، وهم :
* أبو طالب محمّد بن العلاّمة الكبير الحسن بن يوسف بن علي بن المطهّر الأسدي الحلّي ، الشهير بفخر المحقّقين(١). ولد بالحلّة في سنة (٦٨٢ هـ) ، وتوفّي عام (٧٧١ هـ).
أجاز للشهيد في آخر نهار العشرين من شعبان المعظّم بداره بالحلّة سنة (٧٥١ هـ) ، وآخر نهار الجمعة ٣ جمادى الأُولى سنة (٧٥٦ هـ) ، ونقل العلاّمة المجلسي نصّ الإجازة الأخيرة مِن خطّ مَن نقله من خطّه الشريف ، الذي كتبه على ظهر الجزء الأوّل من كتاب «إيضاح الفوائد في
__________________
(١) ذكره العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ١١٠ / ٤٦ رقم ٣٩ ، و ١١٠ / ٥٢ رقم ٤١ ، و ١١٠ / ٦٤ رقم ٤٣.
شرح مشكلات القواعد» ، والجزء المذكور كان بخطّ الشهيد ، وقد قرأه على المصنّف رضي الله عنهما(١).
* السيّد أبو عبدالله محمّد بن القاسم بن الحسين بن القاسم بن مُعَيَّة ، تاج الدين الحسني الديباجي ، الحلّي(٢). توفّي بالحلّة سنة (٧٧٦ هـ) ، ودفن في مشهد أميرالمؤمنين عليهالسلام.
وأجاز للشهيد بالحلّة في منتصف شوّال سنة (٧٥٣ هـ) ، و ١٦ شعبان سنة (٧٥٤ هـ) ، ونقل المجلسي عن مجموعة الجباعي إجازتين أُخريين من ابن معيّة ، تاريخهما يوم السبت ١١ شوّال من سنة (٧٥٤ هـ)(٣).
* السيّد عميد الدين أبو عبدالله عبدالمطّلب بن محمّد بن عليّ بن محمّد بن الأعرج الحسيني الحلّي البغدادي ، ابن اُخت العلاّمة الحلّي وتلميذه(٤). ولد ليلة النصف من شعبان المعظّم سنة (٦٨١ هـ) ، وتوفّي ببغداد ، وحملت جنازته إلى مشهد أميرالمؤمنين عليهالسلام بالنجف الأشرف.
وأجاز للشهيد في الحائر الحسيني ١٩ رمضان المبارك سنة (٧٥١ هـ).
* رضي الدين أبو الحسن عليّ بن أحمد بن يحيى المزيدي الحلّي(٥). توفّي في غروب يوم عرفة سنة (٧٥٧ هـ) ، ودفن بالغريّ.
__________________
(١) بحار الأنوار ١٠٧ / ١٧٧ رقم ١٧.
(٢) لاحظ : بحار الأنوار ١١٠ / ٤٦ رقم ٣٩ ، و ١١٠ / ٤٨ رقم ٤٠ ، و ١١٠ / ٥٢ رقم ٤١ ، و ١١٠ / ٦٤ رقم ٤٣ ، و ١١٠ / ١٦١.
(٣) بحار الأنوار ١٠٧ / ١٨٢.
(٤) لاحظ : بحار الأنوار ١١٠ / ٤٦ رقم ٣٩ ، و ١١٠ / ٤٨ رقم ٤٠ ، و ١١٠ / ٥٢ رقم ٤١ ، و ١١٠ / ٦٤ رقم ٤٣.
(٥) لاحظ : بحار الأنوار ١١٠ / ٤٧ رقم ٣٩ ، و ١١٠ / ٤٨ رقم ٤٠ ، و ١١٠ / ٥٢ رقم ٤١ ، و ١١٠ / ٦٤ رقم ٤٣.
* زين الدين أبو الحسن عليّ بن أحمد بن طراد المطار آبادي الحلّي(١). توفّي في غرّة رجب سنة (٧٦٢ هـ).
وأجاز للشهيد بالحلّة ٦ ربيع الآخر سنة (٧٥٤ هـ).
* السيّد أمين الدين أبو طالب أحمد بن بدر الدين محمّد بن أبي إبراهيم(٢) محمّد بن عليّ بن الحسن بن زهرة بن الحسن بن زهرة الكبير ابن عليّ الحسينيّ الحلبيّ النقيب(٣). ولد في حلب سنة (٧١٧ هـ) ، وتوفّي بها في صفر سنة ٧٩٥ هـ.
وأجاز للشهيد بالحلّة سنة (٧٥٥ هـ).
* السيّد نجم الدين مهنّا بن سنان بن عبدالوهّاب بن نميلة بن الأعرج الحسيني المدني القاضي(٤). توفّي سنة (٧٥٤ هـ).
* قطب الدين أبو عبدالله محمّد بن محمّد الرازي ، ويقال له : القطب التحتاني(٥).
ولد سنة (٦٩٤ هـ) ، وتوفّي في ذي القعدة سنة (٧٦٦ هـ).
وذكر الشهيد أنّه اجتمع به في شعبان سنة (٧٦٦ هـ) ، واستفاد منه ، وحصل منه على إجازة.
* جمال الدين أبو محمّد مكّي بن محمّد بن حامد بن أحمد النبطي
__________________
(١) لاحظ : بحار الأنوار ١١٠ / ٤٨ رقم ٤٠ ، و ١١٠ / ٥٢ رقم ٤١ ، و ١١٠ / ٦٤ رقم ٤٣.
(٢) في البحار : إبراهيم بدون أبي ، وكذا طبقات أعلام الشيعة ٣ / ٩.
(٣) لاحظ : بحار الأنوار ١١٠ / ٥٢ رقم ٤١ ، و ١١٠ / ٦٤ رقم ٤٣.
(٤) لاحظ : بحار الأنوار ١١٠ / ٥٢ رقم ٤١ ، و ١١٠ / ٦٤ رقم ٤٣.
(٥) لاحظ : بحار الأنوار ١١٠ / ٥٢ رقم ٤١ ، و ١١٠ / ٦٤ رقم ٤٣.
العاملي ، والد الشهيد الأوّل(١).
* جلال الدين أبو محمّد الحسن بن نظام الدين أحمد بن نجيب الدين محمّد بن جعفر بن أبي البقاء هبة الله بن نما الحلّي(٢).
أجاز للشهيد في الحلّة ربيع الآخر سنة (٧٥٢ هـ).
* شمس الدين محمّد بن أحمد بن أبي المعالي العلوي الحسيني الموسوي(٣).
رواة الصحيفة عن الشهيد :
تحمّل عدّة من الأعلام رواية الصحيفة عن الشهيد بطريقين :
الأوّل : بطريق الإجازة ، ولايعلم هل تحصل لهم الإجازة مع طريق آخر من طرق تحمّل الحديث؟ حيث إنّ الإجازة أعمّ من الطرق الأُخرى ، كما لا يخفى.
والثاني : بطريق الوجادة ، فلنبتدئ بذكر المجازين ، ثمّ المتحمّلين بطريق الوجادة.
من روى الصحيفة عن الشهيد إجازةً :
* زين الدين أبو الحسن عليّ بن الحسن بن شمس الدين محمّد بن الحسن الشهير بابن الخازن الحائري ، المتوفّى بعد سنة (٧٩١ هـ)(٤).
__________________
(١) لاحظ : بحار الأنوار ١١٠ / ٥٣ رقم ٤١.
(٢) لاحظ : بحار الأنوار ١١٠ / ٥٧ رقم ٤١.
(٣) لاحظ : بحار الأنوار ١١٠ / ٦٢ رقم ٤٢ ، و ١١٠ / ٦٥ رقم ٤٣.
(٤) لاحظ : بحار الأنوار ١١٠ / ٤٦ رقم ٣٩ ، و ١١٠ / ٥٢ رقم ٤١ ، و ١١٠ / ٦٤ رقم ٤٣.
أجاز الشهيد في دمشق ، منتصف نهار الأربعاء المغرب من ١٢ رمضان المبارك سنة (٧٨٤ هـ) ، ونقل المجلسي نصّ هذه الإجازة(١).
* تاج الدين محمّد بن عبد العالي بن نجدة الشهير بابن عبد العالي(٢) ، المتوفّى سنة (٨٠٨ هـ)(٣).
وأجازه الشهيد في ١٠ رمضان المبارك سنة (٧٧٠ هـ)(٤).
* ضياء الدين أبو القاسم عليّ بن محمّد بن مكّي العاملي الجزّيني ، وَلَدُ الشهيد(٥). توفّي سنة (٨٥٦ هـ).
أجازه الشهيد مرّة مع أخويه أبي طالب محمّد الآتي ذكره ، وجمال الدين حسن ، ومرّة مع أبي طالب محمّد الآتي على نسخة من الشاطبيّة ـ على ما حكاه صاحب المعالم في إجازته الكبيرة عن خطّ الشهيد ، بلا واسطة(٦) ـ.
* رضي الدين أبو طالب محمّد بن محمّد بن مكّي العاملي الجزّيني ، ولد الشهيد(٧).
* شرف الدين أبو عبدالله مقداد بن عبدالله بن محمّد الحلّيّ الأسديّ السيوريّ ، الشهير بالفاضل المقداد. المتوفّى ضحى نهار يوم الأحد ٢٦
__________________
(١) بحار الأنوار ١٠٧ / ١٨٦ رقم ٢١.
(٢) لاحظ : بحار الأنوار ١١٠ / ٥٢ رقم ٤١.
(٣) طبقات أعلام الشيعة ٤ : ١٢٤ (الضياء اللامع في القرن التاسع).
(٤) أقول : نسخة هذه الإجازة بخطّ الشهيد موجودة ، رأيتها في مكتبة مدرسة النوّاب في المشهد المقدّس.
(٥) لاحظ : بحار الأنوار ١١٠ / ٤٨ رقم ٤٠.
(٦) بحار الأنوار ١٠٩ / ٥٥ ، والذريعة ١ / ٢٤٨ رقم ١٣٠٥ و ١٣٠٦ ، وطبقات أعلام الشيعة ٤ / ١٢١.
(٧) لاحظ : بحار الأنوار ١١٠ / ٥٢ رقم ٥٢.
جمادى الآخرة سنة (٨٢٦ هـ)(١).
* عزّ الدين أبو محمّد الحسن بن سليمان بن محمّد الحلّي. المتوفّى بعد سنة (٨٠٢ هـ)(٢).
* السيّد عزّ الدين حسن بن أيّوب بن الأعرج الحسيني الشهير بابن نجم الدين الموصوف ـ عند بعض ـ بالأطراوي العاملي(٣).
* بعض الأفاضل من تلامذة الشهيد الأوّل(٤).
من روى الصحيفة عن الشهيد وِجادةً :
توجد عدّة نسخ خطّيّة بخطوط عدّة من العلماء الكبار كتبت أو قوبلت على نسخة الشهيد رحمهالله بدون الواسطة أو مع الواسطة ، ولبعضهم طريق إلى رواية هذه النسخة عن الشهيد ، وهذه الطريقة تعدّ من طرق تحمّل الحديث ، وتسمّى عند المحدّثين بالوجادة.
والآن نذكر النسخ المكتوبة عن خطّه الشريف مباشرة ، والنسخ المكتوبة بواسطة نسخة أُخرى مع ذكر الواسطة :
* نسخة الشيخ شمس الدين محمّد بن عليّ بن الحسن الجبعي العاملي ، المتوفّى سنة (٨٨٦ هـ) ، والد الحسين بن عبـد الصمد ، وجدّ شيخنا البهائي المتوفّى سنة (١٠٣٠ هـ) ، وهذه النسخة هي النسخة التي كتب عنها وقابلها المجلسيّ الأوّل مع الشيخ بهاء الدين محمّد
__________________
(١) لاحظ : بحار الأنوار ١١٠ / ٦٤ رقم ٤٣.
(٢) لاحظ : بحار الأنوار ١٠٧ / ٢١٣.
(٣) لاحظ : بحار الأنوار ١١٠ / ٤٦ رقم ٣٩ ، و ١١٠ / ٦٤ رقم ٤٣.
(٤) لاحظ : بحار الأنوار ١١٠ / ٦٢.
العاملي رحمهمالله(١).
ونسخة الجبعي كتبت سنة (٨٥١ هـ) ، وأهداها إلى ولده عبدالصمد ، كما رآها وأخبر عنها المجلسي الولد وقابل نسخته بها(٢).
وتلك النسخة حصلتْ عند العلاّمة المجلسيّ رحمهالله ، كما أخبر بذلك في إجازته العامّة لجميع المؤمنين ، فقال فيها : «.. وقد يسّر الله لي هذه النسخة الشريفة أي نسخة الجبعي ، وعرضت أنا أيضاً نسختي عليها ، وهي الآن عندي ...»(٣).
ثمّ وصلتْ إلى عدّة من تلامذته ، منهم : المحدّث الجزائري (ت ١١١٢ هـ) ، والسيّد مير أبي القاسم الموسوي الإصفهاني (ت ١١٥٧ هـ) ، والخاتون آبادي سبط المجلسي صاحب «مناقب الفضلاء».
فقال السيّد الجزائري في حاشيته على الصحيفة : «وأمّا نسختنا هذه فهي من نسخة شيخنا البهائي طاب ثراه ، هي بخطّ جدّ أبيه شمس الدين محمّد صاحب الكرامات والمقامات ...»(٤).
وعرض ميركبير نسخته على نسخة الجبعي(٥).
وقال في مناقب الفضلاء : «... تلك النسخة البهائيّة بخطّ جدّه الزاهد ... كانت عنده ، حتّى منّ الله عليّ ويسّرها لي ؛ فهي الآن
__________________
(١) كما مرّ ذلك في أسباب شهرة الرواية المشهورة ، وانظر : الرسائل الرجاليّة ٢ / ٦١٥ ـ ٦١٦.
(٢) بحار الأنوار ١٠٧ / ٢١٤.
(٣) مصوّرة الإجازة ، الورقة ١ مخطوطة في مكتبة مجلس الشورى برقم ٩٩٦٢.
(٤) توجد نسخة من هذه الحاشية في مكتبة مجلس الشورى بطهران برقم ٥٤٨١.
(٥) عن النسخة المطبوعة بالأُوفست عن خطّه.
عندي ...»(١).
أقول : نسخة من الصحيفة توجد في مركز إحياء التراث الإسلامي برقم ١١٧٠ ، بخطّ أبي المعالي الخانيساري (الخوانساري) ، وقابلها نظام الدين القرشي الساوجي مع نسخة الجبعي ، وجاء على النسخة علامات المقابلة والعرض.
ولعلّها بخطّ الشيخ البهائي ، ونقل القرشي كلّ ما جاء على نسخة الجبعي ، وهي بعينها تطابق نسخة الشهيد ، وما نقله العلاّمة المجلسي عن صحيفة الجبعي(٢).
وأيضاً نسخة أُخرى في المكتبة الرضويّة برقم ٣٢١٣ ، كتبها محمّد صادق التبريزي عن نسخة الجبعي(٣).
ونسخة أُخرى في المكتبة المرعشيّة برقم ٦٨٤٨ ، كتبها عيسى بن علي الأردبيلي في سنة ١٠٨٢ هـ ، وقابلها مع نسخة الجبعي(٤).
وأيضاً نسخة أُخرى برقم ٦٣٤٣ ، بخطّ أحمد بن ابن الحموي السعدي الأنصاري ، قابل نسخته مع نسخة الجبعي(٥).
وتوجد في مكتبة المجلس في طهران برقم ٨٩٣٢ ، نسخة من إحدى المجموعات التي كتبها هذا الجبعي ، المشهورة بمجموعة الجباعي
وقد عرّفها صديقنا السيّد محمّد الطباطبائي البهبهاني دامت توفيقاته في «الشريعة إلى استدراك الذريعة» : بأنّها تمتاز بقدمها عن باقي
__________________
(١) مناقب الفضلاء : ٣٠٥ (المطبوع ضمن ميراث حديث شيعه المجلّد الرابع).
(٢) المخطوطات العربيّة في مركز إحياء التراث الإسلامي ٢ / ٢١٤ رقم ١١٧٠.
(٣) فهرس المكتبة الرضوية ١٥ / ٣٤٣ رقم ٥١١.
(٤) فهرس المكتبة المرعشية ١٨ / ٤٢.
(٥) فهرس المكتبة المرعشية ١٦ / ٣٠٧.
المجموعات ، حيث إنّ أقدم التواريخ المثبّتة على أوراق هذه المجموعة ذو القعدة سنة (٨٥١ هـ) ، وإنّ من جملة ما اشتملت عليه هذه المجموعة ملحقات الصحيفة الكاملة بخطّ هذا العالم الجليل ، وقال الطباطبائي : إنّه ينقل فيها عن خطّ عميد الرؤساء(١) ، فليلاحظ.
* نسخة الشهيد الثاني زين الدين بن عليّ بن أحمد الشامي ، المتوفّى سنة (٩٦٥ هـ) ، كتب نسخته عن نسخة الشهيد الأوّل ، وقابلها ثلاث مرّات ، ونقل عليها طرق روايته للصحيفة.
نسخة الشهيد الثاني رحمهالله ، كانت تحت يد العلاّمة المجلسي رحمهالله ، ونقل كلّ هذه الطرق وكلّ ما فيها من كلمات ومقابلات الشهيد الأوّل التي كانت بخطّ الشهيد الثاني ، ومنها نقل عنها : «قوبلت هذه النسخة ، وضبطت من نسخة شخينا ومولانا السعيد أبي عبدالله الشهيد محمّد بن مكّي ... وذلك مرّات متعدّدة أوّلها سنة الكتاب ، والثانية سنة أربع وأربعين ، والثالثة سنة أربع وخمسين وتسعمائة ...»(٢).
وهناك نسخة من الصحيفة كانت في مكتبة مدرسة الفاضلية بمشهد المقدّسة(٣) ، بخطّ الشهيد الثاني ، ثمّ انتقلت بعد تخريب المدرسة إلى مكتبة مدرسة النوّاب ، وعرّفها مفهرس المكتبة بـ : «نسخ معرّب بخطّ ابن الحجّة زين الدين بن عليّ كتبها سنة (٩٣٠ هـ)»(٤).
__________________
(١) الشريعة إلى استدراك الذريعة ١ / ٢٥١ رقم ٤٨٣.
(٢) بحار الأنوار ١٠٨ / ١٣٣ ـ ١٣٤.
(٣) فهرس المدرسة الفاضلية : ١٦٢ / ١٥.
(٤) فهرس مدرسة النوّاب : ٥٥٣ / ١٣ (أدعية) ؛ المطبوع في فهرست دو كتابخانه ، وأيضاً جاء ذكرها في : «صورت عرض كتب موقوفه مدرسه فاضليه مشهد» ، تأليف أحد مفهرسي المدرسة الفاضلية في سنة ١٣٠٠ ، المطبوع في «نسخه پژوهى» دفتر دوّم : ٢٤٧ / رقم ١٤.
والشهيد رحمهالله كتب نسخته سنة (٩٣٠ هـ) ـ على ما حكاه المجلسي في بحار الأنوار ـ فليلاحظ.
ونسخة أُخرى في المكتبة المرعشيّة برقم ١٣١٤٠(١) ، كتبت وقوبلت عن نسخة الشهيد ، وجاء فيها كلّ ما جاء على نسخة الشهيد بعينه.
استنسخها محمّد بن الفقيه إبراهيم ... في ربيع الآخر سنة (٨٥٣ هـ) ، وقابلها مرّة اُخرى محمّد بن الحسن الحسيني العيناثي ـ من أعلام القرن الحادي عشر وصاحب كتاب «المواعظ العدديّة» ـ مع نسخة الشهيد الثاني رحمهمالله ، ونقل كلّ ما جاء على نسخة الشهيد الثاني ، وذلك في سنة (١٠٧٠ هـ).
ونسخة أُخرى في المكتبة الرضويّة المقدّسة برقم ١٣٩٨٥ ، من القرن الحادي عشر ، قوبلت وصحّحت مع نسخة الشهيد الثاني ، وجاء في بعض الهوامش : «كذا في نسخة الشيخ زين الدين قدّس الله سرّه علّقها متبرّكاً بأدائها لنفسه فقير رحمة الله زين الدين بن علي الشهير بابن الحجّة ، فارغاً منها .. من شهر شعبان المعظّم قدس سرّه ... ثلاثين وتسعمائة»(٢).
ونسخة أُخرى في هذه المكتبة برقم ٦٨٣٦ ، كتبها محمّد حسين بن كمال الدين عليّ الفسائيّ سنة (١٠٥٧ هـ) ، قابلها مع نسخة ابن إدريس ، ونسخة الشهيد الثاني رحمهمالله.
ونسخة أُخرى في مكتبة آية الله الحكيم العامّة في النجف الأشرف
__________________
(١) فهرس مكتبة آية الله المرعشي رحمهالله ٣٣ / ٢٧١.
(٢) فهرس المكتبة الرضويّة ١٥ / ٣٣٩ رقم ٥٠٣ (قسم الأدعية).
برقم ٧٥ ، مكتوبة على نسخة الشهيد الثاني ، وصحّحها حسين بن شدقم.
ولعلّه هو السيّد حسين بن الحسن بن عليّ بن حسن بن عليّ بن شدقم بن ضامن الحسيني المدني الهندي ، المجاز من الحسين بن عبـد الصمد العاملي ، والد الشيخ بهاء الدين (ت ٩٨٤ هـ)(١).
ونسخة أُخرى محفوظة في مكتبة مجلس الشورى بطهران برقم ٣٩٠١ ، كتبها نعمة الله بن قاسم البغدادي في ١٠٥٣ هـ ، عن نسخة الشهيد الثاني ، وقابل نسخته معها مرّة أُخرى ، وذكر طريق الشهيد الثاني إلى رواية الصحيفة.
ونسخة أُخرى من القرن الحادي عشر ، قابلها وصحّحها الحسن بن شدقم ـ من أعلام هذا القرن ـ مع نسخة الشهيد الثاني ، ثمّ نقل تمام ما جاء على نسخة الشهيد الثاني عن نسخة الشهيد الأوّل ، والنسخة في مكتبة مدرسة الإمام الصادق عليهالسلام في أردكان ـ يزد(٢).
* نسخة محمّد أمين بن محمّد عليّ ، التي استنسخها في ١٠ ذي الحجّة سنة ١٠٧٩ هـ ، ووصف كيفيّة مقابلته :
«نقلت هذه الصحيفة الكاملة الغريّة المنسوبة إلى سيّدنا ومولانا السجّاد وزين العباد الإمام المفترض الطاعة عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليهم ، عن خطّ العالم العلاّمة الشهيد الأوّل شمس الدين محمّد بن مكّي رحمه الله تعالى ورضي عنه ، وتتبّع أعاريبها ، ونقطها ، وجميع ما يرى فيها من الحواشي والنسخ لفظاً بلفظ عن أقصاه ،
__________________
(١) طبقات أعلام الشيعة ٥ / ١٧٠.
(٢) فهـرس النسـخ الخطّيـة فـي مكتبـة مدرسـة الإمـام صـادق عليهالسلام ٢ / ٤١ ـ ٤٤ رقـم ٢٩٦.
حسب الجهد والطاقة ، إلاّ ما زاغ عنه نظري ، وحسر عنه بصري ، وكان ذلك في عاشر ذي الحجّة سنة تسع وسبعين بعد الألف ، وأنا العبد المفتقر إلى عفو ربّه ابن العليّ بن عليّ ، غلام عليّ ، الشهير بمحمّد عليّ».
ونسخة محمّد أمين ، موجودة إلى اليوم ضمن مخطوطات المكتبة المهداة من قبل السيّد المشكاة رحمهالله إلى جامعة طهران برقم ٧٣(١).
* النسخة اليمنيّة الأُولى ، كتبت في يوم الأربعاء ١١ رجب من سنة ١٣٣٨ هـ ، عن نسخة بخطّ أحمد بن محمّد بن صلاح ... ويذكر فيها مالفظه :
«نقلت هذه الصحيفة الكاملة الشريفة من خطّ ... محمّد بن مكّي الشهير بالشهيد ، وعارضتها أيضاً بنسخة نقلتها منها ومن غيرها»(٢).
* النسخة اليمنيّة الثانية ، وقال في فهرسها : «نقلت هذه الصحيفة من خطّ الشيخ أحمد كذا بن مكّي الشهيد»(٣).
* نسخة مكتبة المتحف البريطاني : كتبت في ٢٧ رمضان المبارك من سنة ١٠٨٥ هـ على يد ... علي بن الحسن بن محمّـد بن يحيى ، والظاهر نقلها وقابلها عن نسخة كتبت في سنة ٩٥٥ هـ ، وهي كتبت عن نسخة الشهيد الأوّل وتمّت مقابلتها في شهر ربيع الأوّل عام ١٠٨٧ هـ(٤). والنسخة محفوظة في مكتبة المتحف البريطاني برقم Or.٣٩٥٤.
* النسخة الجعفريّة ، التي كتبت في القرن العاشر ، وقوبلت
__________________
(١) فهرس مخطوطات المكتبة المركزيّة لجامعة طهران ١ / ١٦٢ (قسم الأدعية).
(٢) فهرس المخطوطات اليمنيّة ١ / ٨٩٨.
(٣) فهرس المخطوطات اليمنية ١ / ٨٩٨ ـ ٨٩٩.
(٤) مجلّة تراثنا ٨٧ ـ ٨٨ / ٢٢٠ ، من المخطوطات العربيّة في مكتبة المتحف البريطاني (٣).
وصحّحت مع نسخة الشهيد رحمهالله ، وتوجد على صفحاتها علامة المقابلة والعرض بخطّ الشيخ البهائي والسيّد الداماد رحمهماالله.
وكتب السيّد الداماد في أوّل النسخة وآخرها إجازة قراءة ، وجاء عليها هوامش كثيرة عن العلاّمة المجلسي رحمهالله بعنوان : «م ح ق دام ظلّه» ، والنسخة في مكتبة المدرسة الجعفريّة في زُهان(١).
* نسخة في مكتبة زنگي پور ، في بلد زنجي فور من بلاد الهند ، التي كتبت في القرن الحادي عشر ، وقوبلت بنسخة الشهيد بمرّات عديدة ، ومع نسخة ابن إدريس الحلّي.
وجاء على الصفحة الأُولى منها : «هذه الصحيفة المباركة المقدسة السجّاديّة في غاية الصحّة والجودة ، وهي مقروءة على فحول العلماء والأفاضل ، وقوبل مراراً على الصحيفة الشهيديّة والإدريسيّة ، كما كتب على هامشها بالحمرة ، وهذا من منن الله المنّان على العبد الكثير العصيان ، محمّد العسكري بن عبدالهادي بن محمّد أمين غفر لهم بمحمّد وآله المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين في ١١٧٠»(٢).
* ونسخة أُخرى في المكتبة المذكورة.
وجاء على بعض صفحاتها : «بلغ قبالاً على نسخة الشهيد الأوّل والكفعمي ـ رحمهما الله ـ بخطّهما ٩ شهر رمضان سنة ١٢٧٩ ، كتبه عليّ ... بن عليّ رحمهما الله» ، وكثيراً ما أوضح بالشرح مواضع الاختلاف بين نسخة الشهيد والكفعمي(٣).
__________________
(١) فهرست نسخه هاي خطي كتابخانه مدرسه جعفريّه : ٨٦ / ٨٣.
(٢) فهرس مكتبة زنگى پور : ٢١١ ـ ٢١٢ رقم ١١٨.
(٣) فهرس مكتبة زنگى پور : ٢١٠ رقم ١١٧.
* النسخة السپهسالاريّة الأُولى التي كتبت في سنة (١٠٢١ هـ) ، وقوبلت وصحّحت مع نسخة الشهيد رحمهالله(١).
* النسخة السپهسالاريّة الثانية ، التي كتبها الناسخ عن نسخة الشهيد ـ على ما قاله قبل ملحقات الصحيفة ـ(٢).
* نسخة مكتبة بروان ، التي كتبت سنة (١٠٨٧ هـ)(٣).
* نسخة مسجد أعظم في قم المقدّسة ، برقم ٢٩٨٠(٤).
* نسخة الأصل للنسخة التي كتبها وصحّحها محي الدين بن محمود بن أحمد الطريحي النجفي المسلمي العزيزي.
قال عنه الشيخ الحرّ في الأمل : «عالم ، فاضل ، محقّق ، عابد ، صالح ، أديب ، شاعر ، له رسائل ومراثي للحسين عليهالسلام ، وديوان شعر ، من المعاصرين»(٥).
وهذا الشيخ المعظّم كتب وصحّح نسخته على نسخة كتبت عن نسخة الشهيد الأوّل ، ونقل كلّ ما عليها من المقابلات والكلمات التي كانت في نسخة الشهيد ، والنسخة محفوظة في المكتبة الرضويّة برقم ١٩٥٩٢(٦).
* النسخة المنقولة ثمّ المنقول عنها الأصل لمقابلة كاظم بن يس الغروي النجفي في سنة (٩٩٦ هـ).
قال في نهاية الصحيفة قبل ملحقاتها : «قوبلت هذه النسخة الميمونة
__________________
(١) فهرس مكتبة سپهسالار ١ / ٣٦ رقم ٦٤.
(٢) فهرس مكتبة سپهسالار ١ / ٤٠ رقم ٧٥.
(٣) م / كمبريج : c.٤١٦.
(٤) فهرس مكتبة مسجد أعظم : ٢٧٨.
(٥) أمل الآمل ٢ / ٣١٨ رقم ٩٧١. ولاحظ : الذريعة ٩ / ١٠١٦ رقم ٦٦١٢.
(٦) فهرس المكتبة الرضويّة ١٥ / ٣٤٢ رقم ٥٠٩ (قسم الأدعية).
المباركة على نسخة كتبت من نسخة منقولة عن خطّ الشيخ الشهيد ، مقروءة على الشهيد الثاني تصحيحاً وإعراباً ، بحسب الجهد والطاقة ، إلاّ ما زاغ عنه النظر ، وحسر عنه البصر ، بمجالس آخرها يوم الخميس خامس عشر شهر شوّال سنة ست وتسعين وتسعمائة هجريّة ، وكان ذلك بمكّة المشرّفة زادها الله شرفاً ، وكتب العبد الفقير إلى رحمة ربّه الغني كاظم بن يس الغروي النجفي عفى الله عنهما ... حامداً مصلّياً مسلّماً مستغفراً»(١).
* النسخة المرعشيّة الأُولى ، الموجودة في مكتبة السيّد المرعشي رحمهاللهبرقم : ٣٩٥ ، المكتوبة في يوم السبت ذي الحجّة الحرام سنة (٩٣٥ هـ) ، في النجف الأشرف ، وجاء قبل ملحقات الصحيفة التصريح بمقابلتها مع نسخة الشهيد بعين ما جاء في باقي النسخ من نوع المقابلة وذِكر الأُصول(٢).
* النسخة الكركيّة ، التي قابلها العالم الكبير ، والفقيه المحدّث السيّد حسين بن الحسن الكركي ، المتوفّى ١٠٠١ هـ ، فقد قرأها عليه الحسين بن مراد علي الرازي في عام ٩٧٤ هـ ، في بلدة أردبيل ، ونقل صورة خطّ ومقابلة ابن إدريس والشهيد الأوّل في آخر الصحيفة(٣).
* النسخة المرعشية الثالثة ، التي كتبها غياث الدين محمّد العربشاهي الحسيني الجويني في شهر رجب المرجّب سنة ٩٦٤ هـ ، فقال في آخر النسخة : «بلغت هذه النسخة مقابلة من نسخة بخطّ شيخ الطائفة المحقّة الشيخ المحقّق ، والحبر المدقّق أبي عبدالله الشيخ محمّد بن مكّي الملقّب
__________________
(١) فهرس مخطوطات مكتبة آية الله السيّد الگلپايگاني رحمهالله ، برقم : ١٣٩,٦.
(٢) فهرس مخطوطات مكتبة السيّد المرعشي ١ / ٤١٢ رقم ٣٩٥.
(٣) فهرس نسخه هاي خطّي ٣٢ / ١٢٢ رقم ١٢٦٤١.
بالشهيد ـ تغمّده الله برضوانه ـ ، وكلّ ما كتب عليها حاشيةً وأصلاً ، ضبطاً وإعراباً كتب هاهنا ، فكان هذا الفرع أصلاً أصيلاً صحيحاً صحّ بتوفيق الله وحسن ... والحمد أوّلاً وآخراً وباطناً وظاهراً في سلخ المحرّم سنة ٩٩٣».
ثمّ كتب المقابِل صورة جميع ماجاء على نسخة الشهيد ، بالإضافة على عدّة طرق للصحيفة مع إسقاط بعض الكلمات(١).
* النسخة التاجية ، التي كانت عند آقا حسن التاج وأخذها المجلسي الأوّل رحمهالله بإشارة مولانا صاحب العصر والزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف ـ كما مرّت قضيّتها سابقاً ـ.
* النسخة المعصومة ، التي تعرف بالعراق ، لكثرة صحّتها ، وكانت بخطّ بعض الأفاضل ، وقد نقلها من خطّ الشهيد ، وكانت عتيقة مصحّحة للغاية ، ولذا سمّيت بالمعصومة ، لعصمتها عن الغلط ، كما ذكره ميرزا عبدالله في الصحيفة الثالثة(٢).
* النسخة الأردبيليّة ، التي رآها الميرزا عبدالله الأفندي ، وقال في رياض العلماء : وقد رأيت في بلدة أردبيل نسخة اُخرى من الصحيفة الكاملة ، وكانت نسخة عتيقة جدّاً ، وكان عليها صورة خطّ الشيخ الشهيد شمس الدين محمّد بن مكّي(٣).
* نسخة الأمير السيّد محمّد باقر ، المشتهر بالداماد ، المتوفّى سنة (١٠٤١ هـ) ، التي أخبر عنها في مقدّمة شرحه على الصحيفة(٤).
__________________
(١) فهرس مخطوطات المكتبة المرعشية ٣٢ / ٢٧٨ رقم ١٢٦٩٤.
(٢) الصحيفة الثالثة السجّاديّة : ٥٦ ـ ٥٧ ، الذريعة ٢١ / ٢٦٥ رقم ٤٩٦٥.
(٣) رياض العلماء ٤ / ٣٩٦.
(٤) شرح الصحيفة السجّادية : ٥٧.
الإجازة العامّة لرواية الصحيفة :
جمع العلاّمة المجلسي ؛ طرقه لرواية الصحيفة السجّاديّة ـ من الوجادة والقراءة والإجازة ـ في رسالة مستقلّة ، وألّفها بعنوان : إجازة عامّة لرواية الصحيفة لكلّ من سمعها عنه ، أو قرأها عليه ، أو استجاز منه ، ونورد نصّ تلك الرسالة ـ في مايلي ـ مع طريقي إلى العلاّمة المجلسي(١) رحمهالله :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ وسلامٌ على عباده الّذين اصطفى ، مُحمّد وآلهِ خيرة الورى.
أمّا بعد ، فيقول أحقر عباد الله محمّد باقر بن محمّد تقي ـ عفى الله عن جرائمهما ـ :
إنّ طُرقي إلى الصحيفة السجّاديّة صلوات الله على من ألهمها جمّة ، وقد أوردتها في المجلّد الخامس والعشرين من كتاب «بحار الأنوار» ، وفي «الفرائد الطريفة» مع غنائها ؛ لاشتهارها ، وفصاحتها ، وبلاغتها ، وعلوّ مضامينها عن الإسناد ؛ ولنذكر هنا ما هو أعلاها وأوثقها.
فأمّا من طريق الوجادة ، فإنّي وجدتها بخطّ والدي العلاّمة ـ قدّس الله روحه ـ ، وقد نقلها من خطّ الشيخ صاحب الكرامات والمقامات شمس
__________________
(١) صحّحت هذه الرسالة باستعانة نسختين منها :
الأولى : نسخة مكتبة المجلس برقم ٩٩٦٢ ، كتبها محمّد باقر بن جمال الدين الجيراني ، عن نسخة المؤلّف رحمهالله ، وقد رمزت لها بـ : «ش».
الثانية : نسخة بخطّ الفقيه المدقّق المير السيّد أبي القاسم الموسوي الإصفهاني ، صاحب «مناهج المعارف» ، وتلميذ العلاّمة المجلسي ـ رحمهما الله ـ ، وقد رمزت لها بـ : «م».
الدين محمّد جدّ شيخنا البهائي ـ قدّس الله أرواحهم ـ ، وقد يسّر الله لي هذه النسخة الشريفة ، وعرضت أنا أيضاً نسختي عليها ، وهي الآن عندي ، ونقلها هو من خطّ الشيخ السعيد الشهيد محمد بن مكّي ـ نوّر الله ضريحه ـ ، ونقلها هو من خطّ علي بن السكون ، وهو رواها عن السيّد الأجلّ .. إلى آخر السند.
وأمّا من طريق الإجازة ، فهو ما أخبرني به إجازة(١) جماعة من الأفاضل الكرام ، منهم والدي العلاّمة ت ١٠٧٠ هـ ـ قدّس الله أرواحهم ـ ، وقد قرأها عليّ ، وقرأتُها عليه مراراً شتّى بحقّ روايته وإجازته عن شيخه ، وشيخ الإسلام والمسلمين بهاء الملّة والدين محمّد العاملي ت ١٠٣١ هـ ، عن والده النحرير الشيخ حسين بن عبدالصمد الحارثي ت ٩٨٤ هـ ، عن الشيخ العالم السعيد الشهيد زين الملّة والدين ت ٩٦٥ هـ ـ رفع الله درجاتهم ـ ، عن الشيخ نور الدين علي بن عبدالعالي الميسي ت ٩٣٨ هـ ، عن الشيخ شمس الدين محمّد بن المؤذّن الجزّيني ق ٩ ، عن الشيخ ضياء الدين علي ت ٨٥٦ هـ ، عن والده السعيد الشهيد شمس الدين محمّد بن مكّي ت ٧٨٦ هـ ـ نوّر الله ضرائحهم ـ ، عن الشيخ الفاضل فخرالدين أبي طالب محمّد ت ٧٧١ هـ ، عن والده العلاّمة جمال الملّة والحقّ والدين الحسن بن يوسف بن المطهّر ت ٧٢٦ هـ ، عن والده ق ٧ ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ ، عن السيّد الجليل شمس الدين فخّار بن معد الموسوي ت ٦٣٠ هـ ، عن الشيخين الجليلين علي بن السكون ت ٦٠٦ هـ ، وعميد الرؤساء هبة الله بن حامد ٦٠٩ هـ ـ رحمهما الله تعالى ـ ، عن السيّد الأجلّ بهاء الشرف .. إلى آخر
__________________
(١) قوله : (إجازة) لم يرد في «ش».
السند المذكور في المتن.
وبالإسناد عن السيّد فخّار ، عن الشيخ الأعظم محمّد بن إدريس ٥٩٨ هـ ، عن الشيخ الفقيه أبي علي بعد ٥١٥ هـ ، عن والده شيخ الطائفة محمّد بن الحسن الطوسي ت ٤٦٠ هـ .. إلى آخر السند المرقوم في الهامش.
وأقول : قد عرض الشهيد قدسسره نسخته على النسخة التي كانت بخطّ ابن إدريس ، وكتب موضع الاختلاف في الهامش أو في الأصل بالحمرة ، وكتب عليه «س» ، وقد يسّر الله لي هذه النسخة أيضاً ، وعرضت صحيفتي عليها أيضاً.
وكان مشايخي ـ قدّس الله أرواحهم ـ يزعمون أنّ جامع هذه الصحيفة هو ابن إدريس ، وهو يروي عن أبي علي بلا واسطة ، مع أنّ ابن إدريس لايروي عن أبي علي ـ فيما رأينا ـ إلاّ بواسطة أو بواسطتين.
وكانوا يقولون : يمكن أن يكون ابن ادريس روى الصحيفة في صغره عن أبي علي.
والذي ظهر لي ـ بالقرائن القويّة ـ : إنّ أصل الصحيفة كانت رواية بعض مشايخه كابن رُطبة ، أو ابن أبي القاسم الطبري أو غيرهما ، والكاتب هو ابن إدريس يروي عن أحدهم تلك الصحيفة ، وقد ذكرت بعض الشواهد في الفرائد الطريفة.
وأروي أيضاً عن الوالد العلاّمة وغيره من الأفاضل الكرام ، عن شيخهم العالم الربّاني مولانا عبدالله بن الحسين التستري قدسسره ت ١٠٢١ هـ ، عن الشيخ نعمة الله بن أحمد بن خاتون العاملي بعد ٩٨٨ هـ ، عن الشيخ الجليل مروّج المذهب نورالدين علي بن عبدالعالي
الكركي ت ٩٤٠ هـ ، عن الشيخ نور الدين علي بن هلال الجزائري حدود ٩١٠ هـ ، عن الشيخ جمال الدين أحمد بن فهد الحلّي ٨٤١ هـ ، عن الشيخ زين الدين علي بن الخازن حيّاً ٧٩١ هـ ، عن الشيخ السعيد محمّد بن مكّي ـ قدّس الله أرواحهم ـ .. إلى آخر ما مرّ من الأسانيد.
وبالأسانيد المتقدّمة عن الشهيد محمّد بن مكّي ـ رفع الله درجته ـ ، عن السيّد شمس الدين ابن أبي المعالي ٧٦٩ هـ ، عن الشيخ كمال الدين علي بن حمّاد الواسطي حدود ٧٤٥ هـ ، عن الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد ت ٦٩٠ هـ ، عن السيّد الأجلّ محمّد بن عبدالله بن زهرة الحسيني الحلبي حدود ٦٣٨ هـ ، عن الشيخ محمّد بن شهرآشوب المازندراني والشيخ محمّد بن إدريس الحلّي والشيخ شاذان بن جبرئيل القمّي حيّاً ٥٨٤ هـ جميعاً ، عن الشيخ العماد محمّد بن أبي القاسم الطبري حدود ٥٥٤ هـ ، عن أبي علي ، عن والده شيخ الطائفة ، عن جماعة ، عن التلعكبري بعد ٤٠٨ هـ ، عن أبي محمّد الحسن بن أخي طاهر ت ٣٥٨ هـ ، عن محمّد بن مطهّر ، عن أبيه ، عن عمير بن المتوكّل ، عن أبيه ، عن يحيى بن زيد ..
وعن الشيخ رحمهالله ، عن أحمد بن عبدون ق ٥ ، عن أبي بكر الدوري ، عن ابن أخي طاهر ، عن محمّد بن مطهّر ، عن أبيه ، عن عمير بن المتوكّل ، عن أبيه ..
وعن ابن شهر آشوب ، عن السيّد أبي الصمصام ت ٥٣٦ هـ ، عن النجاشي ت ٤٥٠ هـ ، عن الحسين بن عبيدالله الغضائري ت ٤١١ هـ ، عن ابن أخي طاهر .. إلى آخر ما مرّ من السند.
فليرو عنّي الصحيفة السجّاديّة كلّ من سمعها منّي ، أو قرأها عليّ ، أو
استجازني فيها بهذه الأسانيد .. وغيرها من الأسانيد التي أوردتها في مؤلّفاتي.
وكتب في غرّة شهر الله الأعظم شهر رمضان من شهور سنة اثنين وثمانين بعد الألف من الهجرة النبويّة ، والحمد لله أوّلاً وآخراً ، وصلّى الله على محمّد وآله الأطهرين الأخيار الأنجبين(١).
ثمّ نقله من نسخة المرحوم مولانا محمّد باقر طيّب الله ضريحه العبد المحتاج إلى رحمة ربّه الغافر ابن جمال الدين الجيراني محمّد باقر عفي عنهما(٢).
وقال السيّد حسن الموسوي البروجردي ـ عفى الله عنه ـ : إنّي أروي الصحيفة المباركة السجّاديّة عن عدّة من مشايخي العظام منهم :
سمـاحة آيـة الله الحجّة الورع التقـي السيّـد حسن بن المرجـع الديني الكبيـر آيـة الله آقا حسين الطباطبـائي القمّي (قدس سرهما) عـن شيخه آية الله الميرزا محمّـد حسين النائيني وعن العلاّمـة المتتبّع آيـة الله الشيـخ آقا برزك الطهـراني.
ح ؛ وأروي أيضاً : عن آية الله الشيخ لطف الله الصافي الگلپايگاني ـ حفظه الله ورعاه ـ ، عن والده آية الله الآخوند محمّد جواد الصافي الگلپايگاني رحمهالله ، وعن المحدّث المتتبّع الشيخ آقا بزرك الطهراني.
كلّهم عن المحدّث الخبير الميرزا حسين النوري (ت ١٣٢٠ هـ) ، عن الشيخ الأعظم مرتضى الأنصاري (ت ١٢٨١ هـ) ، عن المولى التقي أحمد النراقي (ت ١٢٤٥ هـ) ، عن السيّد الورع مهدي بحر العلوم
__________________
(١) من قوله : (وكتب في غرّة) إلى هنا من «م».
(٢) من قوله : «ثمّ نقله» إلى هنا من «ش».
(ت ١٢١٢ هـ) ، عن الوحيد البهبهاني (ت ١٢٠٨ هـ) ، عن والده محمّد أكمل البهبهاني ، عن المولى العلاّمة الكبير محمد باقر المجلسي (ت ١١١٠ هـ) ، عن والده العلاّمة محمّد تقي المجلسي (ت ١٠٧٠ هـ) .. إلى آخر ما جاء في الإجازة العامّة للعلاّمة محمّد باقر المجلسي رحمهالله.
وفي الختام :
كتبت هذه الوريقات جامعاً بين أصالة موضوعها وحداثة موقفها ، والتعريف بأحد جوانب تراثنا القيّم القويم .. وفيها جوانب كثيرة لدراسة نبذ مباحثه من التوثيق ، والتراجم ، والتأريخ ، والتطوّر .. ترمي كلّها إلى غاية واحدة ، هي خدمة للعلم والتراث الإسلامي والشيعي الأصيل ، والتعريف به على نحو صحيح ، بعيداً عن أيّ توجّه إلى ما هناك من رأي في غير موضعه .. بل نقصد بذلك : بيان تأريخنا العلمي ؛ فهو تراثنا الذي نشأت جذوره في الماضي ، ويتشعَّب امتداده في الحواضر الإسلاميّة ، فيجمع ما تفرّق ، ويصحّح ما تراكم ، ويكشف عن صفحة ناصعة من تاريخنا القيّم.
هذا ختام ما أردنا تدوينه ـ على عجالة ـ حول الصحيفة السجّادية المباركة ونسخة الشهيد ،قاصدين بذلك وجه الله ، آملين شفاعة النبيّ وأهل بيته الطاهرين عليهمالسلام ، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
مصـادر الـبـحـث
١ ـ القرآن الكريم.
٢ ـ آشنائي با چند نسخه خطي ، باهتمام السيّد حسين المدرسي ورضا الأستادي ، چاپخانه مهر ، قم ١٣٥٥ هـ ش.
٣ ـ اتحاف السادة المتّقين في شرح إحياء علوم الدين ، لأبي الفيض محمّـد المرتضى بن محمّـد الحسيني الزبيدي الحنفي (ت ١٢٠٥ هـ) ، دار الفكر ـ بيروت ـ لبنان.
٤ ـ الأعلام ، لخير الدين محمود بن محمد الزركلي (ت ١٤١٠ هـ) ، دار العلم للملايين ، بيروت ـ لبنان ١٩٨٤ هـ.
٥ ـ إنباه الرواة على أنباه النحاة ، لأبي الحسن علي بن يوسف الشيباني المعروف ابن القفطي (ت ٦٤٦ هـ) ، تحقيق : محمد أبو الفضل إبراهيم ، مطبعة دار الكتب المصرية ، القاهرة ـ مصر ١٣٧١ هـ.
٦ ـ أعيان الشيعة ، للسيّد محسن الأمين العاملي (ت ١٣٧١ هـ) ، تقديم وتخريج : حسن الأمين ، دار التعارف للمطبوعات ، بيروت ـ لبنان ١٤٠٦ هـ.
٧ ـ أمل الآمل ، للشيخ محمد بن الحسن الحرّ العاملي (ت ١١٠٤ هـ) ، تحقيق : السيّد أحمد الحسيني ، مطبعة الآداب ، النجف الأشرف.
٨ ـ بحار الأنوار ، للعلاّمة محمّـد باقر بن محمّـد تقي المجلسي (ت ١١١٠ هـ) ، تحقيق : لجنة التحقيق ، طبع إيران.
٩ ـ بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنماة ، لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي (ت ٩١١ هـ) ، تحقيق : محمد أبو الفضل إبراهيم ، دار الفكر ، بيروت ١٣٩٩ هـ.
١٠ ـ تاريخ التراث العربي ، لفؤاد سزگين ، ترجمة مؤسّسة نشر فهرستگان باهتمام خانه كتاب ، منشورات وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي طهران ـ إيران ١٣٨٠ هـ. ش.
١١ ـ تعليقة أمل الآمل ، للميرزا عبد الله الأفندي الإصفهاني (ق ١٢) ، تحقيق : السيّد أحمد الحسيني ، منشورات مكتبة آية الله المرعشي النجفي ، قم ـ إيران ١٤١٠ هـ.
١٢ ـ الجوهرة العزيزة في شرح الوجيزة ، للسيّد علي محمّد النصيرآبادي النقوي الهندي (ت ١٣١٢ هـ) ، تحقيق : محمّد بركت ونعمة الله الجليلي ، ضمن رسائل في دراية الحديث ، دار الحديث ، قم ـ إيران ١٤٢٦ هـ.
١٣ ـ خاتمة مستدرك الوسائل ، للميرزا حسين بن محمّد تقي النوري (ت ١٣٢٠ هـ) ، تحقيق ونشر : مؤسّسة آل البيتعليهمالسلام لإحياء التراث ، قم ـ إيران ١٤١٦ هـ.
١٤ ـ دراسة حول الصحيفة السجادية ، محمد حسين الحسيني الجلالي ، مؤسّسة الاعلمي للمطبوعات ، الطبعة الثالثة ، بيروت ـ لبنان ١٤٢١ هـ.
١٥ ـ دليل المخطوطات ، للسيّد أحمد الحسيني ، مطبعة علميّة ، قم ـ إيران ١٣٩٧ هـ.
١٦ ـ دليل مخطوطات مؤسّسة كاشف الغطاء العامّة ، النجف الأشرف ـ العراق ١٤٢٦ هـ.
١٧ ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، للشيخ آغا بزرك الطهراني (ت ١٣٨٩ هـ) ، دار الأضواء ، الطبعة الثالثة ، بيروت ـ لبنان ١٤٠٣ هـ.
١٨ ـ الرجال ، لأبي العبّاس أحمد بن علي بن أحمد بن العبّاس النجاشي الأسدي الكوفي (ت ٤٥٠ هـ) ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم ـ إيران ١٤٠٧ هـ.
١٩ ـ الرجال ،لأبي جعفر محمّـد بن الحسن الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) ، تحقيق : جواد القيومي ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم ـ إيران ١٤١٥ هـ.
٢٠ ـ الرسائل الرجاليّة ، لأبي المعالي محمّـد بن إبراهيم الكلباسي ، تحقيق : محمّـد حسين الدرايتي ، مؤسّسة دار الحديث ، قم ـ إيران ١٤٢٢ هـ.
٢١ ـ الرعاية لحال البداية في علم الدراية ، للشهيد الثاني زين الدين بن علي العاملي (ت ٩٦٥ هـ) ، تحقيق : مركز الأبحاث والدراسات الإسلامية ، الناشر : بوستان كتاب ـ قم ـ إيران ١٤٢٣ هـ.
٢٢ ـ روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه ، للعلاّمة محمّـد تقي المجلسي (ت ١٠٧٠ هـ) ، طبع مؤسّسة كوشانپور ، طهران ـ إيران ١٣٩٨ هـ.
٢٣ ـ رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدينعليهالسلام ، للسيّد علي خان الحسيني المدني الشيرازي (ت ١١٢٠ هـ) ، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ، قم ـ إيران ١٤٠٩ هـ.
٢٤ ـ رياض العلماء وحياض الفضلاء ، للميرزا عبـد الله الأفندي الإصفهاني (ق ١٢) تحقيق : السيد أحمد الحسيني ، منشورات مكتبة آية الله المرعشي ، قم ١٤٠٣ ـ ١٤١٥ هـ.
٢٥ ـ ريحانة الأدب ، للميرزا محمّد علي المدرس ، منشورات خيام ، طهران ١٣٦٩ هـ. ش.
٢٦ ـ شرح الصحيفة ، لأبي جعفر محمّـد بن منصور بن أحمد بن إدريس الحلّىّ (ت ٥٩٨ هـ) ، مخطوطة في المكتبة الرضوية برقم ١٤٨٤٩.
٢٧ ـ شرح الصحيفة ، للسيّد محمّـد باقر الداماد (ت ١٠٤٠ هـ) ، تحقيق : السيّد مهدي الرجائي ، نشر مهدية ميرداماد ، إصفهان ـ إيران ١٤٠٦ هـ.
٢٨ ـ الشريعة إلى استدراك الذريعة ، للسيّد محمد الطباطبائي ، مكتبة متحف ومركز وثائق مجلس الشورى الإسلامي ، ١٤٢٥ هـ.
٢٩ ـ الصحيفة الثالثة السجّادية ، للميرزا عبـد الله الأفندي الإصفهاني (ق ١٢) ، منشورات مكتبة الثقلين ـ قم ـ إيران سنة ١٤٠٠ هـ.
٣٠ ـ الصحيفة السجّاديّة الجامعة ، للسيّد محمّـد باقر الموحّد الأبطحي ، تحقيق ونشر : مؤسّسة الإمام المهديعليهالسلام ـ قم ، الطبعة الخامسة ١٤٢٣ هـ.
٣١ ـ الصحيفة السجّاديّة بالرواية المشهورة.
٣٢ ـ الصحيفة السجّاديّة برواية أبي علي محمّـد بن همام الإسكافي ، تقديم : السيّد محمّـد حسين الحسيني الجلالي ، تحقيق : السيّد محمّـد جواد الحسيني الجلالي ، منشورات دليل ما ، الطبعة الأولى سنة ١٤٢٢ هـ.
٣٣ ـ الصحيفة السجّادية عن خطّ المير أبي القاسم الموسوي الإصفهاني المعروف بمير كبير ، بتقديم حفيد السيّد أحمد الروضاتي ، طهران ـ إيران.
٣٤ ـ الصحيفة السجّاديّة ، عن نسخة عتيقة كتبت عام ٤١٦ هـ ، مقدّمة وتحقيق : كاظم مدير شانه چي ، بنياد پژوهشهاي اسلامي آستان قدس ، مشهد ـ إيران ١٣٧١ هـ ش.
٣٥ ـ الصحيفة الكاملة السجّادية برواية علي بن النعمان عن نسخة مكتبة أياصوفيا المؤرخة ٦٩٧ هـ ، بتقديم : السيّد محمّـد حسين الحسيني الجلالي ، شيكاكو ـ أمريكا ١٤٢٣ هـ.
٣٦ ـ صحيفة المكتبة ، الصادرة عن مكتبة أمير المؤمنينعليهالسلام في النجف الأشرف.
٣٧ ـ طبقات أعلام الشيعة ، للشيخ آغا بزرك الطهراني (ت ١٣٨٩ هـ) ، تحقيق : علي نقي منزوي ، منشورات إسماعيليان ، قم ـ إيران.
٣٨ ـ عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب ، للسيّد جمال الدين أحمد بن علي الحسيني المعروف بابن عنبة (من أعلام القرن ٩) ، منشورات المطبعة الحيدرية ، النجف الأشرف ـ العراق ١٣٨٠.
٣٩ ـ فتح المغيث في شرح ألفية الحديث ، لشمس الدين محمّـد بن عبـد الرحمن بن محمّد السخاوي (ت ٩٠٢ هـ) ، دار الكتب العلمية ، بيروت ـ لبنان ١٤١٤ هـ.
٤٠ ـ الفرائد الطريفة في شرح الصحيفة ، للعلاّمة محمّـد باقر بن محمّـد تقي المجلسي (ت ١١١٠ هـ) ، تحقيق : السيّد مهدي الرجائي ، نشر مكتبة العلاّمة المجلسي ، إصفهان.
٤١ ـ فرهنگ بزرگان اسلام وايران از قرن اوّل تا چهاردهم هجري ، به اهتمام آذر تفضلي ومهين فضائلي جوان ، بنياد پژوهش هاي اسلامي ، آستان قدس رضوي ، مشهد ـ إيران ١٣٧٣ هـ. ش.
٤٢ ـ الفوائد الطريفة ، للميرزا عبـد الله الأفندي الإصفهاني (ق ١٢) ، تحقيق : السيّد مهدي الرجائي ، منشورات مكتبة آية الله المرعشي ، قم ـ إيران ١٤٢٧ هـ.
٤٣ ـ فهرس المخطوطات اليمنيّة ، عدّة من المفهرسين ، منشورات مكتبة آية الله المرعشي ، قم ـ إيران ١٤٢٦ هـ.
٤٤ ـ فهرست الفبائي كتب خطي كتابخانه مركزي آستان قدس رضوي ، محمّـد
آصف فكرت ، استدراك : محمّـد وفادار مرادي ، انتشارات كتابخانه مركزي آستان قدس رضوي ، مشهد ـ إيران ١٣٦٩ هـ ش.
٤٥ ـ فهرست أسماء علماء الشيعة ومصنّفيهم ، للشيخ منتجب الدين علي بن عبيد الله بن بابويه الرازي ، تحقيق : السيّد عبـد العزيز الطباطبائي ، مكتبة المرتضوية ، طهران ـ إيران ١٤٠٤ هـ.
٤٦ ـ فهرست كتابخانه دانشكده الهيات ومعارف اسلامي دانشگاه تهران ، للسيّد محمّـد باقر الحجّتي ، بإشراف محمّـد تقي دانش پژوه ، منشورات جامعة طهران ، ١٣٤٥ هـ. ش.
٤٧ ـ فهرست كتابخانه مجلس سنا ، محمّـد تقي دانش پژوه وبهاء الدين علمي انواري ، كتابخانه مجلس شورى ، طهران ١٣٥٥ ـ ١٣٥٩ هـ ش.
٤٨ ـ فهرست كتابخانه مجلس شوراي اسلامي ، عدّة من المفهرسين ، كتابخانه مجلس شوراي اسلامي ، تهران ١٣٠٥ ـ ١٣٧٨ هـ ش.
٤٩ ـ فهرست كتابخانه مدرسه عالي سپهسالار ، ابن يوسف شيرازي ومحمّـد تقي دانش پژوه وعلي نقي منزوي ، نشر انجمن ايراني فلسفة وعلوم انساني ، تهران ١٣١٥ ـ ١٣٥٦ هـ ش.
٥٠ ـ فهرست كتابخانه مركزي دانشگاه تهران ، لعلي نقي النزوي ومحمد تقي دانش پژوه ، منشورات جامعة طهران ، ١٣٣٠ ـ ١٣٦٤ هـ. ش.
٥١ ـ فهرست كتب خطّي كتابخانه مركزي آستان قدس رضوي ، عدّة من المفهرسين ، نشر كتابخانه مركزي آستان قدس رضوي ، مشهد ١٣٠٥ ـ ١٣٨٠ هـ ش.
٥٢ ـ فهرست كتب ديني ومذهبي خطي كتابخانه سلطنتي ، بدري آتاباي ، منشورات كتابخانه سلطنتي ، طهران ١٣٥٢ هـ. ش.
٥٣ ـ الفهرست ، لأبي جعفر محمّـد بن الحسن الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) ، تحقيق : السيّد عبـد العزيز الطباطبائي ، إعداد ونشر مكتبة المحقّق الطباطبائي شعبان ١٤٢٠ هـ.
٥٤ ـ فهرست مخطوطات المكتبة الغربية بالجامع الكبير بصنعاء ، اعداد
محمد سعيد المليح واحمد محمد عيسوي ، منشأة المعارف بالاسكندرية ، قاهرة ـ مصر ١٣٩٨ هـ.
٥٥ ـ فهرست ميكرو فيلم هاي كتابخانه مركزي دانشگاه تهران ، محمّـد تقي دانش پژوه ، منشورات دانشگاه طهران ، ١٣٤٨ ـ ١٣٦٣ هـ ش.
٥٦ ـ فهرست نسخه هاي خطي چهار كتابخانه مشهد ، كاظم مدير شانه چي وعبـد الله نوراني وتقي بينش ، باشراف : محمّـد تقي دانش پژوه ، انتشارات فرهنگ إيران زمين ، طهران ـ إيران ١٣٥١ هـ ش.
٥٧ ـ فهرست نسخه هاي خطّي دو كتابخانه مشهد ، كاظم مدير شانه چي وعبـد الله نوراني وتقي بينش ، باشراف : محمّـد تقي دانش پژوه ، منشورات فرهنگ إيران زمين ، طهران ١٣٥١ هـ ش.
٥٨ ـ فهرست نسخه هاي خطّي كتابخاانه افشين عاطفي في كاشان ـ إيران ، نشر مجمع الذخائر الإسلامي ، قم ـ إيران ١٤٢٧ هـ.
٥٩ ـ فهرست نسخه هاي خطّي كتابخانه آية الله مرعشيرحمهالله ، عدّة من المفهرسين ، منشورات كتابخانه آية الله مرعشي ، قم ـ إيران.
٦٠ ـ فهرست نسخه هاي خطي كتابخانه حوزه امام صادقعليهالسلام في اردكان ـ يزد ، للسيّد جعفر الحسيني الاشكوري ، نشر مجمع الذخائر الاسلامي ، قم ١٤٢٦ هـ.
٦١ ـ فهرست نسخه هاي خطّي كتابخانه دانشكده الهيات ومعارف اسلامي مشهد ، لمحمود فاضل ، منشورات دانشكده الهيات ، مشهد ١٣٥٥ ـ ١٣٦١ هـ. ش.
٦٢ ـ فهرست نسخه هاي خطّي كتابخانه سريزدي (مسجد حظيرة) في يزد ـ إيران ، للسيّد جعفر الحسيني الإشكوري ، نشر مجمع الذخائر الإسلامي ، قم ـ إيران ١٤٢٦ هـ.
٦٣ ـ فهرست نسخه هاي خطّي كتابخانه عمومي آيت الله گلپايگانيرحمهالله ، سيّد أحمد حسيني وأبو الفضل عرب زاده ورضا استادي ، منشورات كتابخانه آية الله گلپايگاني ، رقم ١٣٥٧ و ١٣٧٨ هـ. ش.
٦٤ ـ فهرست نسخه هاي خطي كتابخانه مدرسه جعفرية زهان ـ إيران ، للسيّد جعفر الحسيني الاشكوري ، نشر مجمع الذخائر الإسلامي ، قم ١٤٢٥ هـ.
٦٥ ـ فهرست نسخه هاي خطي كتابخانه مسجد أعظم قم ، رضا الأستادي ، قم ـ إيران ١٤٠٦ هـ.
٦٦ ـ فهرست نسخه هاي خطّي كتابخانه ميرزا محمّـد الكاظميني في يزد ـ إيران ، للسيّد جعفر الحسيني الإشكوري ، نشر مجمع الذخائر الإسلامي ، قم ١٤٢٥ هـ.
٦٧ ـ فهرست نسخه هاي خطي كتابخانه مؤسسة حضرت آية الله العظمى بروجرديرحمهالله ، للسيّد أحمد الحسيني الاشكوري ، مجمع الذخائر الإسلامي ، قم ـ إيران ١٤٢٦ هـ.
٦٨ ـ فهرست نسخه هاي خطي كتابخانه هاي زنگي پور (مولانا سيد علي حسين ـ مولانا سيد إبراهيم) ، (زنگي پور ـ هند) ، نگارش سيد محمد حسين حكيم ، مقدمة : سيد صادق حسيني اشكوري ، مجمع ذخائر اسلامي ، قم ـ إيران ١٣٨٥ هـ. ش.
٦٩ ـ فهرست نسخه هاي خطي مركز احياء ميراث اسلامي ، السيّد أحمد الحسيني الإشكوري ، قم ـ إيران ١٤١٩ ـ ١٤٢٦ هـ.
٧٠ ـ فهرست نسخه هاي عكس مركز احياء ميراث إسلامي ، السيّد جعفر والسيّد صادق الاشكوري ، بإشراف السيّد أحمد الاشكوري ، قم ـ إيران ١٤١٩ ـ ١٤٢٦ هـ.
٧١ ـ الكافي ، لأبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي (ت ٣٢٩ هـ) ، تحقيق : علي أكبر الغفاري ، الطبعة الثالثة ، دار الكتب الإسلامية ، طهران ـ إيران ١٣٨٨ هـ.
٧٢ ـ كتابنامه صحيفة سجّادية ، لحسين الدرگاهي ، منشورات رايزن ، طهران ـ إيران ١٣٧٨ هـ. ش.
٧٣ ـ لؤلؤة البحرين في الإجازة لقرتي العينين ، للشيخ يوسف بن أحمد البحراني (ت ١١٨٦ هـ) ، تحقيق : محمد صادق بحرالعلوم ، مطبعة النعماني ،
النجف الأشرف ـ عراق ١٣٨٦ هـ.
٧٤ ـ مجلّة تراثنا ، مؤسّسة آل البيتعليهمالسلام ، قم ـ إيران.
٧٥ ـ مجلّة علوم الحديث ، كلّيّة علوم الحديث ، طهران ـ إيران.
٧٦ ـ المخطوطات العربيّة في مركز إحياء التراث الإسلامي ، للسيّد أحمد الحسيني ، طبع مركز إحياء التراث الإسلامي ، قم ـ إيران ١٤٢٥ هـ.
٧٧ ـ مصادر التراث في المكتبات الخاصة في اليمن ، عبد السلام عباس الوجيه ، مؤسّسة الامام زيد بن علي الثقافية ، اردن ١٤٢٢ هـ.
٧٨ ـ معالم العلماء ، لرشيد الدين محمّـد بن علي بن شهرآشوب المازندراني (ت ٥٨٨ هـ) ، تحقيق : السيّد محمّـد صادق آل بحرالعلوم ، دار الأضواء ـ بيروت.
٧٩ ـ معجم الأُدباء ، لأبي عبـد الله ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي (ت ٦٢٦ هـ) ، مكتبة عيسى البابي الحلبي وشركاه ، مصر.
٨٠ ـ معجم المؤلّفين ، لعمر رضا كحّالة (من أعلام القرن ١٤) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.
٨١ ـ مقدّمة ابن الصلاح في علوم الحديث ، لأبي عمرو عثمان بن عبـد الرحمن الشهزوري (ت ٦٤٣ هـ) ، دار الكتب العلمية ، بيروت ـ إيران ١٤١٦ هـ.
٨٢ ـ مناقب آل أبي طالب ، لرشيد الدين محمّـد بن علي بن شهرآشوب (ت ٥٨٨ هـ) ، المطبعة الحيدرية ، النجف الأشرف ـ العراق ١٣٧٦ هـ.
٨٣ ـ مناقب الفضلاء ، لمير محمّـد حسين الخاتون آبادي (ت ١١٥١ هـ) ، تحقيق : جويا جهانبخش ، المطبوع ضمن ميراث حديث شيعة ٤ : ٤٣٩ ، دار الحديث ، قم ـ إيران ١٣٧٨ هـ. ش.
٨٤ ـ ميراث حديث شيعة ، باعتناء مهدي مهريزي وعلي الصدرائي الخوئي ، دار الحديث ، قم ـ إيران ١٣٧٧ ـ ١٣٨٥ هـ. ش.
٨٥ ـ نسخه پژوهي ، عدّة من المحققين ، باهتمام الشيخ أبو الفضل حافظيان البابلي ، مؤسّسة اطلاع رساني مرجع ومكتبة مجلس الشورى بطهران ١٣٨٣ و ١٣٨٤ هـ. ش.
٨٦ ـ نسخه هاي خطّي ، شروح وترجمه هاي صحيفه سجّاديّة ، للسيّد محمّـد حسين الحكيم ، منشورات مكتبة آية الله المرعشي ـ قم ـ إيران ١٤٢٤ هـ.
٨٧ ـ نور الأنوار في شرح كلام خير الأخيار ، للمحدّث نعمة الله بن عبد الله الشوشتري (ت ١١١٢ هـ) ، مخطوطة مكتبة السيّد الگلپايگانيرحمهالله.
٨٨ ـ نهاية الدراية في شرح الوجيزة ، للسيّد حسن الصدر العاملي الكاظمي (ت ١٣٥٤ هـ) ، تحقيق : ماجد العزباوي ، نشر المشعر.
٨٩ ـ الوجيزة في علم الدراية ، للشيخ البهائي محمد بن حسين بن عبد الصمد العاملي (ت ١٠٣٠ هـ) ، تحقيق : السيد حسن آل المجدّد الشيرازي ، ضمن رسائل في دراية الحديث ، قم ١٤٢٦ هـ.
٩٠ ـ الوجيزة في علم دراية الحديث ، ملاّ عبد الرزّاق بن علي رضا الحائري الإصفهاني الهمداني (ت ١٣٨٣ هـ) ، تحقيق : رضا قبادلو ، ضمن رسائل في دراية الحديث ، قم ١٤٢٦ هـ.
٩١ ـ وصول الأخيار إلى أصول الأخبار ، للشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي (ت ٩٨٤ هـ) ، تحقيق : السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي ، ضمن رسائل في دراية الحديث ، دار الحديث ، قم ١٤٢٦ هـ.
|
تاريخ النظرية الرجالية في المدرسة الإمامية (١) |
|
السـيّد زهير الأعرجي
بسـم الله الرحمن الرحـيم
مقدّمة :
ابتدأ علم الرجال بإدراج أسماء الرواة ، وتطوّر خلال السنين الطويلة ليصبح علماً يبحث عن شخصية الراوي ، وصفاته في الصدق أو الكذب ، وطبيعة محيطه الاجتماعي والعقائدي ، ومدى صلته بالإمام المعصوم عليهالسلام. بمعنى أنّ النظرية الرجالية بدأت تبحث عن الراوي من حيث شخصيته في الصدق والكذب ، ومنشأه الاجتماعي ، ومنزلته العلمية أكثر من كونه اسماً مجرّداً في قائمة أسماء.
وفي ما يلي عدد من المباني الأساسية في علم الرجال :
١ ـ إنّ القاعدة العامّة في علم الرجال ، هي أنّ الراوي الممدوح يُعمل بروايته ، بينما تُهمل رواية الراوي الذي ورد فيه ذمّ أو قدح.
٢ ـ فساد المذهب لا يتعارض مع التوثيق. فالأصل أن يكون الراوي صادقاً في نقل الحديث بأمانة. ولذلك أخذ الفقهاء بالرواة من مذاهب مختلفة فاسدة كالواقفية والفطحية ، بشرط لم يثبت عليهم الكذب ، وأنّهم
رووا الحديث وقت استقامتهم. أي أنّ الأصل في علم الرجال هو : قبول الخبر ، لا قبول الشهادة.
٣ ـ فرّق علماء الرجال بين المجهولين والمهملين.
فالمراد من (المجهول) هو : من صرّح أئمة الرجال فيه بالمجهولية ، وهو : أحد الفاظ الجرح.
والمراد من (المهمل) هو : من عنونه أئمّة الرجال ولم يضعّفوه ، بل لم يذكر فيه مدح ولا قدح.
وقد بدأ الاهتمام بأسماء المهملين عند الفقهاء المتأخّرين إلى درجة أنّ ابن داوُد الحلّي (ت ٧٠٧ هـ) كان يعمل بخبرهم كالممدوحين.
٤ ـ إنّ النظرية الحديثة في علم الرجال ، هي : الاجتهاد في التوثيقات بناءً على الأُسس العلمية المتّفق عليها بين الفقهاء.
الفصل الأوّل
طبيعة نقل الحديث والسنّة
مقدّمة :
كانت جامعة علوم أهل البيت عليهمالسلام قاعدة ثابتة للعلم الرجالي. فمن حوزتها انطلقت الشرارة التأسيسية لبناء علم الحديث رواية ودراية على أيادي الشيخ النجاشي (ت ٤٥٠ هـ) ، وشيخ الطائفة الطوسي (ت ٤٦٠ هـ). وبقي فقهاء الشيعة يتدارسون الحديث تدقيقاً وتحقيقاً ، ويتكلّمون فيه سنداً ودلالة. ومن أجل ذلك وغيره ، اختلف الفقهاء المجتهدون في الفتيا ؛ لاختلافهم في مدلول الروايات ، أو صحّة سندها.
فالفقيه لا يستطيع ـ عند ممارسته عملية استنباط الحكم الشرعي ـ الاعتماد على مطلق الأخبار الواردة في الكتب الروائية ، خصوصاً بعد ابتعاده عن عصر النصوص الشرعية. فكان عليه انتقاء ما يعتبره حجّة شرعية وما يفيد الاطمئنان بصدوره عن المعصوم عليهالسلام ؛ ولذلك ألزم المجتهد نفسه في عصر الاستدلال على التمييز بين الثقات العدول من الرواة عن غيرهم من الضعفاء والمجاهيل.
فكان علم الرجال أحد الأدوات الرئيسية في الاستدلال على صحّة الرواية عن طريق استقصاء القرائن والأمارات ، على كون الراوي أو الذي يروي عنه ثقة ، مؤتمن على حمل الرواية ، ونقلها للأجيال المتعاقبة ، دون التورّط في الكذب ، أو التغيير ، أو التحوير ، أو كلّ ما يمسّ جوهر الحديث من سوء.
وتنبع أهمّية علم الرجال من نكتة مفادها : إنّ أغلب الأحكام التي بين أيدينا إنّما وصلت إلينا عبر روايات مسندة بأسانيد غير مقطوعة الصحّة ولا الاعتبار. بل يحتاج الصحيح منها إلى : نظر ، وتنقيح ، ودقّة في معرفة صحة الطريق إلى الرواية ، حتّى نستطيع ـ شرعاً ـ العمل بمقتضاها ، وأداء وظيفتنا الشرعية ، التي كُلفنا بها من قبل المولى عزّ وجلّ.
طبيعة نقل الحديث والسنّة على ضوء متغيّرات الزمان والمكان :
لم تكن عملية نقل الحديث خلال القرون العديدة الماضية بالعمل الميسور ، بل إنّها واجهت اضطراباً خطيراً بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وإصرار الخلفاء الثلاثة على منع كتابة الحديث ؛ مخافة اختلاطه بالقرآن. وهذا الزعم كان مجرّد تبرير ؛ لحذف الأحاديث المساندة للولاية الشرعية لأئمّة أهل البيت عليهمالسلام.
العقبات التي وقفت بوجه نقل الحديث الصحيح :
ونظرة معمّقة إلى التاريخ واستقراءً لمعانيه ، نلحظ أنّ عملية نقل السنّة المطهّرة قد واجهت مشاكل جمّة تمثّلت في ثلاثة أبعاد مهمّة وهي :
أ ـ البعد الاجتماعي : ونبحث فيه شخصية الراوي وصدقه أو كذبه.
ب ـ البعد الثقافي : ونبحث فيه اختلاف العقائد المذهبية للرواة ووجود العوام بينهم.
ج ـ البعد السياسي : ونبحث فيه المنع المتعمّد لتدوين الحديث الشريف.
وما لم تتوفّر إحاطة تامّة بتلك الأبعاد فإنّنا لا نستطيع ، وبعد أكثر من
أحد عشر قرناً على انتهاء عصر النصّ ، من الاطمئنان على صحّة الروايات التي وردتنا من يد إلى يد خلال تلك الحقبة الطويلة من الزمن ، وطالما كان الابتعاد عن زمن النصّ كبيراً ، كان توثيق رجال الرواية صعباً. فهناك من وُثِقَ بهم واعتُمِدَ عليهم في النقل ، وهناك من طُعن فيهم ولم يعتمد عليهم ، وهناك من لم يعلم حالهم ، وهم المجاهيل الذين لا بدّ من النظر في أمرهم من حيث التوثيق أو عدمه.
أ ـ البعد الاجتماعي :
ونتناول هنا شخصية الراوي ، فشخصية الراوي مهمّة في نقل الحديث ، والصدق والكذب صفتان تطرءان على الإنسان ، تبعاً للمصالح والميول. وقد تنبّأ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بتغيّر المصالح والميول ، فتتغيّر عندها طبيعة النقل ، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «ستكثر بعدي القالة علىَّ»(١).
ولا شكّ أنّ البحر الاجتماعي تتلاطم على سطحه الكثير من المفاهيم والمصالح المتضاربة ، وإلى ذلك أشار أمير المؤمنين عليهالسلام ، عندما سئل عن طبيعة الكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فأجاب : «إنّ في أيدي الناس حقّاً وباطلاً ، وصدقاً وكذباً ، وناسخاً ومنسوخاً ، وعامّاً وخاصّاً ، ومحكماً ومتشابهاً ، وحفظاً ووهماً. وقد كذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على عهده ، حتّى قام خطيباً فقال : أيّها الناس ، قد كثرت عليّ الكذّابة. فمن كُذِبَ علىّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار. ثمّ كذب عليه من بعده ...»(٢).
فكان أبو هريرة الدوسي «أكذب الناس على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)» ، كما
__________________
(١) المعتبر ١ / ٢٩ المقدمة.
(٢) أُصول الكافي ١ / ٥٠ ح ١ باب اختلاف الحديث.
روي عن أمير المؤمنين عليهالسلام(١).
وكان من الكذّابين : سمرة بن جندب ، ومحمّـد بن عكاشة الكرماني ، وأحمد بن عبدالجوبياري. بل إنّ عبـد الكريم بن أبي العوجاء عندما أمر أمير البصرة (محمّـد بن سليمان) بقتله ، وأيقن بالموت ، قال : «والله لقد وضعتُ فيكم أربعة آلاف حديث ، أحرّم فيها الحلال ، وأحلّ فيها الحرام ، ولقد فطّرتكم في يوم صومكم ، وصوّمتكم في يوم فطركم»(٢).
ومع أنّ ابن أبي العوجاء قد بالغ في قضية وضع الحديث ، وهو الذي كذّب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فكيف نصدّق حديثه هذا؟! إلاّ أنّ هناك دلالة نستفيدها من كلامه وهي ضخامة مشكلة الوضع في الروايات.
ولا شكّ أنّ الوضع الاجتماعي لبعض الرواة يتطلّب دراسة أدقّ وأعمق لميولهم وأهدافهم الاجتماعية ، ويتطلّب أيضاً دراسة أكثر عمقاً للأسباب التي أدّت بالمدرسة السنّية إلى الأخذ بعدالة الصحابة جميعاً ، مع العلم بفسق البعض منهم.
فأعلن ابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢ هـ) اتفاق أهل السنّة «على أنّ الجميع عدول ، ولم يخالف في ذلك إلاّ شذوذ من المبتدعة»(٣).
وذهب الخطيب البغدادي (ت ٤٦٣ هـ) إلى أنّ «عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم ، وإخباره عن طهارتهم ، واختياره لهم في نصّ القرآن»(٤).
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ٤ / ٦٨.
(٢) الموضوعات ١ / ٣٧.
(٣) الاصابة ١ / ٩.
(٤) الكفاية في علم الدراية : ٤٦ ، باب ما جاء في تعديل الله ورسوله للصحابة.
بينما زعم ابن الصلاح (ت ٦٤٣ هـ) بأنّ «للصحابة بأسرهم خصّيصة ، وهي أنّه لا يسأل عن عدالة أحد منهم ، بل ذلك أمر مفروغ منه ؛ لكونهم على الإطلاق معدَّلين بنصوص الكتاب والسنّة وإجماع من يعتدّ به في الإجماع من الأمّة»(١).
إلاّ أنّ هذا التظاهر بعدالة جميع الأصحاب في المدرسة السنية لم يكن لينطلي على جميع العلماء والمحقّقين ، فقد برز من الفقهاء في المدرسة السنّية من قام بالتمييز بين المجروحين والمعدَّلين ، وبين الضعفاء والمتروكين ، وبين الأحاديث الموضوعة والصحيحة ، كالسيوطي (ت ٩١١ هـ) الذي صنّف كتاب اللآلى المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ، وأبو فضل المقدسي (ت ٥٠٧ هـ) مصنّف كتاب تذكرة الموضوعات ، وابن الجوزي (ت ٥٩٧ هـ) مصنّف كتاب الضعفاء والمتروكين ، والرازي (القرن الرابع الهجري) مصنّف كتاب الجرح والتعديل.
مواجهة أئمّة أهل البيت عليهمالسلام لظاهرة الكذب في الرواية :
واجه أئمّة أهل بيت الهدى عليهمالسلام ظاهرة الكذب ، ووضعوا لمعالجتها الضوابط الشرعية ، التي ألزمتنا بأخذ الروايات من الثقات ، فرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)تنبّأ بظهور الدسّ والوضع في الحديث ، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم)محذِّراً : «... فمن كذب علىَّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار ...»(٢).
بينما وضع أمير المؤمنين عليهالسلام منهجاً في الإسناد ، فقال : «إذا حدّثتم بحديث فأسندوه إلى الذي حدّثكم ، فإن كان حقّاً فلكم ، وإن كان كذباً
__________________
(١) مقدّمة ابن الصلاح : ١٧٤.
(٢) أُصول الكافي ١ / ٥٠ ح ١ باب اختلاق الحديث.
فعليه»(١).
في حين وصف الإمام الصادق عليهالسلام طبيعة المصاعب التي تعتري نقل الحديث فقال عليهالسلام : «إنّا أهل بيت صدّيقون لا نخلو من كذّاب يكذب علينا ، ويسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس ...»(٢).
وقد فصّل الإمام الكاظم عليهالسلام هؤلاء الكذّابين وعصورهم ، فقال : «ما أحد اجترأ أن يتعمد الكذب علينا إلاّ أذاقه الله حرّ الحديد ، وإنّ (بياناً) كذب على (علي بن الحسين) عليهالسلام ، فأذاقه الله حرّ الحديد ، وإنّ (المغيرة بن سعيد) كذب على (أبي جعفر) عليهالسلام ، فأذاقه الله حرّ الحديد ، وإنّ (أبا الخطّاب) كذب على أبي جعفر الصادق عليهالسلام فأذاقه الله حرّ الحديد ، وإنّ (محمّـد بن بشير) لعنه الله يكذب علىَّ ، برئت إلى الله منه ...»(٣).
وينقل محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس بن عبد الرحمن : إنّ يونس قد سأله بعض الأصحاب : «يا أبا محمّد ، ما أشدّك في الحديث وأكثر إنكارك لما يرويه أصحابنا ، فما الذي يحملك على ردّ الأحاديث؟! فقال : حدّثني هشام بن الحكم أنّه سمع أبا عبـد الله عليهالسلام يقول : لا تقبلوا علينا حديثاً إلاّ ما وافق القرآن والسنّة ، أو تجدون معه شاهداً من أحاديثنا المتقدّمة. فإنّ (المغيرة بن سعيد) لعنه الله دسّ في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدّث بها أبي ، فاتقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربّنا تعالى وسنّة نبيّنا (صلى الله عليه وآله وسلم) ؛ فإنّا إذا حدّثنا قلنا : قال الله عزّ وجلّ ، وقال
__________________
(١) أُصول الكافي ١ / ٤٢ ح ٧ باب رواية الكتب والحديث.
(٢) رجال الكشي رقم ١٧٤.
(٣) رجال الكشي رقم ٩٠٩.
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
قال يونس : وافيت العراق ، فوجدت بها قطعة من أصحاب أبي جعفر عليهالسلام ، ووجدت أصحاب أبي عبـد الله عليهالسلام متوافرين ، فسمعت منهم ، وأخذت كتبهم ، فعرضتها من بعد على (أبي الحسن الرضا) عليهالسلام ، فأنكر منها أحاديث كثيرة أن تكون أحاديث أبي عبـد الله عليهالسلام ، وقال لي : إنّ أبا الخطّاب كذب على أبي عبـد الله عليهالسلام ، لعن الله أبا الخطاب ، وكذلك أصحاب أبي الخطّاب يدسّون الأحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبـد الله عليهالسلام ؛ فلا تقبلوا علينا خلاف القرآن ، فإنّا إن تحدّثنا حدّثنا بموافقة القرآن ، وموافقة السنّة ، إنّا عن الله وعن رسوله نحدّث ، ولا نقول : قال فلان وفلان ؛ فيتناقض كلامنا. إنّ كلام آخرنا مثل كلام أوّلنا ، وكلام أوّلنا مصادق لكلام آخرنا. فإذا أتاكم من يحدّثكم بخلاف ذلك فردّوه عليه ، وقولوا : أنت أعلم وما جئت به ، فإنّ مع كلِّ قول منّا حقيقة وعليه نوراً ، فما لا حقيقة معه ولا نور عليه فذلك من قول الشيطان»(١).
الدلالات :
ويمكننا استخلاص بعض الدلالات المهمّة :
١ ـ إنّ للكذب أسباباً اجتماعية يغرق في بحرها الراوي الكاذب ، منها :
أ ـ الحصول على المال والجاه من قبل السلطة خصوصاً زمن معاوية بن أبي سفيان ، حيث أصبح وضع الحديث ـ بهدف تقوية سلطان
__________________
(١) رجال الكشي رقم ٤٠١.
بني أُميّة ـ يدرُّ مالاً وفيراً لم يحلم به أحد من قبل.
ب ـ الحصول على المنـزلة والقبول الاجتماعي ، فلو ادّعى شخص أنّه سمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حديثاً فرواه ، كان له مقعد اجتماعي متميّز في التاريخ أو هكذا يعتقد ، وهكذا كان الأمر مع أبي هريرة الدوسي وغيره من الوضّاعين.
ج ـ الانحراف في العقيدة ، وما يريده الراوي الكاذب هو تخريب عقائد الناس عبر بثّ الأحاديث الكاذبة بينهم ، كما قال عبـد الكريم بن أبي العوجاء قبل مقتله ، وكما كان يعمل أبو الخطاب ، والمغيرة بن سعيد ، ومحمّـد بن بشير ونحوهم.
٢ ـ إنّ نظرية عدالة جميع من صحب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) دون التمييز بين المجروحين والمعدَّلين ، وبين الضعفاء والمتروكين ؛ تركت آثارها السلبية على مدرسة المذاهب الأربعة.
والحقّ أنّ وقوف فقهاء أهل البيت عليهمالسلام بوجه تلك النظرية يعدُّ من أعظم الإنجازات العلمية التي تحقّقت في غربلة الأحاديث الصحيحة من الموضوعة في تاريخنا الإسلامي.
٣ ـ إنّ صفة الكذب وعلاقتها ببعض الرواة قد استشرى في جميع المذاهب الإسلامية ، فكان لا بدّ من نشوء علم الرجال ؛ لدراسة طبيعة الرواة وشخصيّاتهم من حيث الصدق والكذب ، وميزان الوثاقة.
ب ـ البعد الثقافي :
كان الوضع الثقافي في القرنين الثاني والثالث الهجريّين محكوماً ـ على الأغلب ـ بالقرآن المجيد والحديث الشريف ، وكان عدد المؤمنين
بولاية أهل البيت عليهمالسلام كبيراً. فإذا كان عدد أصحاب الامام الصادق عليهالسلام ، ممّن رووا عنه ، أكثر من أربعة آلاف راو ، ذكرها الشيخ الطوسي في رجاله ، عندها نعلم بأنّ الوضع الاجتماعي الحاكم ، كان وضعاً إسلاميّاً متشرّعاً على الأغلب.
ومع ذلك كان هناك عدد من الناس ممّن كان يستمع إلى أئمّة أهل البيت عليهمالسلام ولكنّهم كانوا يعتقدون بمذاهب العامّة أو مذاهب أُخرى فاسدة ، كالفطحية ، والواقفية ، والناووسية ، ونحوها. وكان هناك عدد من العوام ممّن رووا الرواية.
فكان وهب بن وهب عامّياً ، ضعيفاً ، متروك الحديث(١). وكان عمّار الساباطي ضعيفاً ، فاسد المذهب(٢). وكان أحمد بن هلال ضعيفاً ، فاسد المذهب(٣). وتلك الأسماء نماذج حملها لنا التاريخ للحكاية عن الوضع الاجتماعي العام في أمّة المسلمين.
وكان الأصل في الأخذ بالحديث ، هو : أن يكون الراوي صادقاً ، مهما كان مذهبه أو عقيدته أو درجة علمه.
قال الشيخ الطوسي : «وأمّا العدالة المراعاة في ترجيح أحد الخبرين على الآخر ، فهو أن يكون الراوي معتقداً للحقّ ، مستبصراً ، ثقة في دينه ، متحرّجاً عن الكذب ، غير متّهم فيما يرويه»(٤).
كان فقهاء الشيعة في القرون الهجرية الأُولى على درجة عظيمة من
__________________
(١) الاستبصار ١/٤٨ ح ١٣٤.
(٢) الاستبصار ١/٣٧٢ ح ١٤١٣.
(٣) الاستبصار ٣/٢٨ ح ٩٠.
(٤) عدّة الاصول ١ / ٣٧٩.
الوعي لوضع الرواة ، وقد لخّص الشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) ذلك في عُدّة الأُصول ، فقال : «إنّا وجدنا الطائفة ميّزت الرجال الناقلة لهذه الأخبار ، فوثّقت الثقات منهم ، وضعّفت الضعفاء ، وفرّقوا بين من يعتمد على حديثه وروايته ومن لا يعتمد على خبره ، ومدحوا الممدوح منهم ، وذمّوا المذموم ، وقالوا : فلان متّهم في حديثه ، وفلان كذّاب ، وفلان مخلّط ، وفلان مخالف في المذهب والاعتقاد ، وفلان واقفي ، وفلان فطحي ، وغير ذلك من الطعون التي ذكروها ، وصنّفوا في ذلك الكتب واستثنوا الرجال من جملة ما رووه من التصانيف في فهارسهم ، حتّى أنّ واحداً منهم إذا أنكر حديثاً نظر في إسناده وضعفه بروايته ، هذه عادتهم على قديم الوقت وحديثه ، لا تنخرم»(١).
وكان الفقهاء عند توثيقهم أحد الرواة يستخدمون اللغة الجميلة الواضحة ، مثلاً : يقول الشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) في توثيق الشيخ الصدوق (ت ٣٢٩ هـ) : «كان جليلاً ، حافظاً للأحاديث ، بصيراً بالرجال ، ناقداً للأخبار»(٢).
ومع أنّ أتباع أئمّة أهل البيت عليهمالسلام لم يكونوا قلّة ، بل كانوا من الكثرة بحيث كانت ثقافة آل البيت عليهمالسلام هي الحاكمة في المجتمع ، إلاّ أنّ الحرّية الفكرية التي جاء بها الإسلام ، استغلّتها شريحة من الناس ؛ فتمذهبت بمذاهب شتّى ، واتّبعت نحل وأفكار مختلفة.
فمنهم من آمن بإمامة محمّـد بن الحنفية (الكيسانية)(٣) ، ومنهم من
__________________
(١) عدّة الأُصول ١ / ٣٦٦.
(٢) الفهرست ـ الشيخ الطوسي ـ : ٤٩٥.
(٣) الملل والنحل ١ / ١٤٧ ، والفرق بين الفِرق : ٢٣.
آمن بإمامة زيد بن علي بن الحسين عليهالسلام (الزيدية والجارودية والسليمانية)(١) ، ومنهم من آمن بأنّ الإمام الصادق عليهالسلام هو مهدي هذه الأمّة (الناووسية)(٢) ، ومنهم من آمن بإمامة إسماعيل بن الإمام الصادق عليهالسلام(الإسماعيلية)(٣) ، ومنهم من آمن بإمامة عبـد الله الأفطح بن الإمام الصادق عليهالسلام (الفطحية)(٤) ، ومنهم من زعم بأنّ الإمام موسى بن جعفر عليهالسلامهو المهدي (الواقفية)(٥) ، ومنهم من زعم بإلوهية الإمام الصادق عليهالسلام(الخطابية)(٦) ، ومنهم من زعم بإمامة محمّـد بن عبـد الله بن الحسن (المغيرية)(٧) ، وكثير غيرهم ممّن ادّعى ما ليس له ، وانحرف عن الجادّة ، وزاغ عن شريعة سيّد المرسلين (صلى الله عليه وآله وسلم).
وقد ورد ذمّ أبي الجارود في روايات رجال الكشي(٨).
وورد لعن أبي الخطاب على لسان الإمام الصادق عليهالسلام وقال : «اللّهمّ أذقه حرّ الحديد»(٩).
قال الشهرستاني : «إنّ أبا الخطاب عزى نفسه إلى أبي عبـد الله جعفر بن محمّـد الصادق عليهماالسلام ، ولمّا وقف الصادق على غلوّه الباطل في حقّه ، تبرّأ منه ولعنه وأمر أصحابه بالبراءة منه ، وشدّد القول في ذلك ، وبالغ
__________________
(١) رجال الكشي رقم ١٠٤ ، والملل والنحل ١ / ١٥٤ ـ ١٦١.
(٢) فرق الشيعة : ٧٨.
(٣) الملل والنحل ١ / ١٦٧ ـ ١٦٨.
(٤) الملل والنحل ١ / ١٦٧ ، وفرق الشيعة : ٨٨ ـ ٨٩.
(٥) الملل والنحل ١ / ١٦٨ ـ ١٦٩.
(٦) رجال الكشي رقم ١٣٥.
(٧) فرق الشيعة : ٧١ ـ ٧٢.
(٨) رجال الكشي رقم ١٠٤.
(٩) رجال الكشي رقم ٥٠٩.
في التبرّي منه واللّعن عليه فلمّا اعتزل عنه ، ادّعى الإمامة لنفسه»(١).
وورد لعن المغيرة بن سعيد. فقد روى الكشّي عن الإمام الرضا عليهالسلام : «كان المغيرة بن سعيد يكذب على أبي جعفر فأذاقه الله حرّ الحديد. وروى عن ابن مسكان ، عمّن حدّثه من أصحابنا ، عن أبي عبـد الله عليه السلام قال : سمعته يقول : لعن الله من قال فينا ما لا نقوله في أنفسنا ، ولعن الله من أزالنا عن العبودية لله الذي خلقنا وإليه مآبنا ومعادنا وبيده نواصينا»(٢).
وهذا الاضطراب من أولئك الرواة في قضايا الاعتقاد يرجع في منشئه إلى خلفية ثقافية ونفسية ضعيفة ، فكان من الرواة من هو عامّي من الذين لا حظّ لهم في القراءة أو الكتابة فضلاً عن العلم بالأحكام أو بأصول المذهب.
فليث بن أبي سليم كان من العوامّ ، قيل فيه : «روى في فضل الصلاة في مسجد الكوفة ، وهو عامّي بلا إشكال»(٣). ووهب بن وهب من العوام أيضاً وغيرهم.
والمدار في صحّة نقل الحديث ، هو : الوثاقة ، حتّى لو كان عامّياً ، ولكن الأغلب أنّ العوامّ لا يدركون خطورة التلاعب بنصّ الحديث ؛ ولذلك لا يؤخذ بروايتهم.
والرواة كان منهم الغلاة ومنهم أصحاب المذاهب الفاسدة ، التي تحكي ضيق أفق إدراكهم وحبّهم لذاتهم ، فما أن اختلف مع المعصوم عليهالسلام
__________________
(١) الملل والنحل ١ / ١٧٩ ـ ١٨١.
(٢) رجال الكشي رقم ١٠٣.
(٣) كامل الزيارات : ٣١ باب ٨.
حتّى ادّعى الإمامة لنفسه ، ومنهم من جمع الحقوق الشرعية كـ : (حيّان السراج) واشترى بها العقار والدار ، فلمّا توفّي الإمام عليهالسلام أنكر موته وأسّس مذهباً لنفسه ؛ حرصاً على المال(١).
وهذا الوضع الصعب سبب مشكلة جديدة ، وهي أنّه جعل بعض الأصحاب والفقهاء يتشدّدون في تدقيق سجلّ الرواة وتوثيقهم ، بحيث أصبح من ينسب الغلوّ إلى الراوي لمجرّد سماع رواية قد لا يدرك معناها ، وهذا تجريح بالثقات من الرواة ، وهو أمر خطير في علم الرجال. وإلى ذلك أشار العلاّمة المامقاني : «إنّه لا بدّ من التأمّل في جرحهم بأمثال هذه الأُمور ومن لحظ مواضع قدحهم في كثير من المشاهير كيونس بن عبـد الرحمن ، ومحمّـد بن سنان ، والفضل بن عمر ، وأمثالهم ، عرف الوجه في ذلك ، وكفاك شاهداً إخراج أحمد بن محمّـد بن عيسى ، وأحمد بن محمّـد بن خالد البرقي من قم. بل عن المجلسي الأوّل : إنّه أخرج جماعة من قم. بل عن المحقّق الشيخ محمّـد بن صاحب المعالم : إنّ أهل قم كانوا يخرجون الراوي بمجرّد توهّم الريب فيه.
فإذا كانت هذه حالتهم وذا ديدنهم ، فكيف يعوّل على جرحهم وقدحهم بمجرّده؟! بل لا بدّ من التروّي والبحث عن سببه والحمل على الصحّة مهما أمكن»(٢).
الدلالات :
١ ـ إنّ أجلاّء الطائفة كانوا على درجة كبيرة من الوعي لوضع الرواة
__________________
(١) راجع رجال الكشي رقم ٨٧١.
(٢) مقباس الهداية : ٤٩.
من ناحية العلم أو الجهل ، صحّة المعتقد أو بطلانه ، الاستقامة أو الفساد ، وكانوا يشيعون ذلك الوعي بين الناس ، فأصبح المجتمع في إطار ثقافة عامّة تميّز الصادق من الكاذب ، إلى درجة أنّ أهل قم كانوا يخرجون الراوي الكاذب أو من يتوّهمون أنّه كاذب من ديارهم ، وكانت تلك قمّة الثقافة الرجالية للمتقدّمين من أهل العلم.
٢ ـ إنّ الخلفية الثقافية للراوي قد تكون سبباً في انحرافه عن الجادّة ، فإذا كان الراوي لا يعي حرمة تزوير الحديث عن المعصوم عليهالسلام ، ولا يدرك عظمة إثم الوضع ؛ أصبح الكذب عنده أمراً مستساغاً ، خصوصاً وأنّ بين الرواة من كان عامّياً أو ادّعى لنفسه الإمامة أو أنكر موت الإمام عليهالسلام ؛ حرصاً على المال.
٣ ـ إنّ مشكلة الكذب والتزوير خلقت مشكلة جديدة ، وهي التشدّد العظيم في سجلّ الرواة ، ممّا أدّى إلى تجريح عدد من الثقات ، وهذا الأمر بحاجة الى مراجعة علمية وتروٍّ ؛ من أجل الوصول إلى الأسباب الداعية إلى التجريح وتصحيحها.
ج ـ البعد السياسي :
وبالتأكيد فإنّ الوضع السياسي بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن ليسمح بازدهار نقل الحديث الصحيح ، فقد أحرق الخليفة الأوّل بعض كتب الحديث ، وبضمنها خمسمائة حديث كان قد جمعها هو من أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(١). بينما أحرق الخليفة الثاني جميع كتب الحديث
__________________
(١) تذكرة الحفاظ ١ / ٥ ، النصّ والاجتهاد : ٥١.
المتداولة بحجّة اختلاطها بالقرآن. وهي من أوهن الحجج ؛ لاختلاف أُسلوب كلام الخالق عن كلام المخلوق (صلى الله عليه وآله وسلم).
و «هو سبب لا يقتنع به عاقل عالم ، ولا يقبله محقّق دارس. اللّهم إلاّ إذا جعلنا الأحاديث من جنس القرآن في البلاغة ، وأنّ أُسلوبها في الإعجاز من أُسلوبه! هذا ممّا لا يقرّه أحد حتّى ولا الذين جاؤوا بهذا الرأي. إذ معناه إبطال معجزة القرآن وهدم أُصولها من القواعد. على أنّ الأحاديث لو كانت قد كتبت فإنّما ذلك على أنّها أحاديث للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وبين الحديث والقرآن ـ ولا ريب ـ فروق كثيرة يعرفها كلّ من له بصر بالبلاغة وذوق في البيان .. فيكون ذلك على أنّها أحاديث ، ويتلقّاها المسلمون على أنّها كلام النبي ، ويظلّ أمرها على ذلك جيلاً بعد جيل ، فلا يدخلها الشوب ، ولا يعتريها التغيير ، ولا ينالها الوضع .. وما لهم يذهبون إلى اختراع الأسباب وابتداع العلل»(١).
وكان من نتائج تلك السياسة أن طالت يد التحريف بعض جوانب السنّة الشريفة. ولولا تصدّي أئمّة أهل البيت عليهمالسلام لحفظ السنّة ؛ لآل المصير إلى انهدام الركن الثاني من أركان الشريعة السماوية.
روى البيهقي في سننه عن عبـد الرزاق ، وابن أبي شيبة : إنّ عمران بن الحصين صلّى خلف علي عليهالسلام فأخذ بيد مطرّف بن عبـد الله ، وقال : لقد صلّى صلاة محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ولقد ذكرني صلاة محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم)(٢). وكان الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام يجهر بالبسملة في الصلاة ، وهي من سنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فبالغ بنو أُمية في المنع عن الجهر
__________________
(١) أضواء على السنّة المحمّـدية : ٢٧ ـ ٢٨.
(٢) سنن البيهقي ٢ / ٦٨ ، وأنساب الأشراف ٢ / ١٨ ، وكنـز العمّال ٨ / ١٤٣.
بها ؛ سعياً في إبطال آثار أمير المؤمنين عليهالسلام(١).
روى النسائي والبيهقي في سننهما عن ابن عبّاس أنّه كان يقول : اللّهمّ العنهم فقد تركوا السُنن ببغض علي(٢).
وهكذا تبدّلت الأحكام ، حتّى تجرّأ ابن الزبير على تقديم الصلاة قبل الخطبة يوم الجمعة.
يقول الإمام عليّ بن الحسين عليهماالسلام في دعاء يومي الجمعة والأضحى : «اللّهمّ إنّ هذا المقام لخلفائك وأصفيائك ، ومواضع أُمنائك في الدرجة الرفيعة التي اختصصتهم بها ، قد ابتزّوها. حتّى عاد صفوتك وخلفاؤك مغلوبين مقهورين مبتزّين ، يرون حكمك مبدّلاً وكتابك منبوذاً ، وفرائضك محرّفة عن جهات شرعك ، وسنن نبيّك متروكة»(٣).
وقد آمن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام بأنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يأمر بكتابة سنّته ، إلاّ أنّه ندب إلى ذلك كثيراً ، وأملى على علي عليهالسلام أحاديث كتبها وجمعها في كتاب مُدرج كان عنده ، ثمّ انتقل إلى أولاده الأئمّة عليهمالسلام.
فقد روى (الحكم بن عيينة) أنّه اختلف مع الإمام الباقر عليهالسلام في حكم ، فأخرج الإمام عليهالسلام كتاباً مدروجاً عظيماً ، ففتحه وجعل ينظر حتّى أخرج المسألة منها ، وقال للحكم : «هذا خطّ علي وإملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)»(٤).
وذكر السيّد شرف الدين قدسسره : إنّ في كتاب الفرائض من الجزء الرابع
__________________
(١) تفسير النيشابوري بهامش تفسير الطبري ١ / ٧٩.
(٢) نقلاً عن تعليقة السندي بهامش سنن النسائي ٥ / ٢٥٣.
(٣) الصحيفة السجادية دعاء ٤٨.
(٤) رجال النجاشي رقم ٩٦٦.
في باب (إثم من تبرّأ من مواليه) : «حدّثنا قتيبة ، حدّثنا جرير ، عن الأعمش ، عن إبراهيم التميمي ، عن أبيه ، قال : قال علي عليهالسلام : ما عندنا كتاب نقرؤه إلاّ كتاب الله ، غير هذه الصحيفة. قال : فأخرجها فإذا فيها أشياء من الجراحات».
ثمّ قال السيّد شرف الدين : «وتراه صريحاً بأن ليس للمسلمين آنئذ كتاب يتلى إلاّ كتاب الله عزّ وجلّ وتلك الصحيفة.
وقد ذكرها صاحب (المشكاة) في (باب الصيد والذبائح) وفي (باب حرم المدينة) فراجع»(١).
ويستقرأ من بعض المصادر أنّ فتاوى أئمّة المذاهب الاجتهادية السنّية قد اختلطت بأحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وكأنّها نسبت إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) في بعض موارد الاحتجاج التي يعجز فيها صاحب الفتوى من إبراز الدليل.
يقول ابن قدامة في المغني : «يعلم من أدلّة المذاهب : إنّ جلّ الأحاديث التي يحتجّ بها أهل الحديث على أهل الرأي وعلى القياسيّين من علماء الرواية ، هي من أحاديث الآحاد ، التي لم تكن مستفيضة في العصر الأوّل ، أو نُقل عن الصحابة والتابعين خلاف في موضوعها. فعلم بذلك أنّها ليست من التشريع العام ـ الذي جرى عليه عمل النبي وأصحابه ، وليست ممّا أمر النبي أن يبلّغ الشاهد فيه الغائب ـ ، بل كانت ممّا يرد كثيراً في استفتاء مستفت عرضت له المسألة فسأل عنها فأُجيب. ولعلّه لو لم يسأل لكان في سعة من العمل باجتهاده فيها ، ولكان خيراً له وللناس ؛ إذ لو كانت
__________________
(١) مؤلّفو الشيعة : ١٥. وفتح الباري ٧ / ٨٣. ومسند أحمد ٣ / ٣٥ ، ٤٤ ، ١٢١ ، ١٢٢ ، ١٣١.
من مهمّات الدين ـ التي أراد الله تكليف عباده إيّاها ـ لبيّنها لهم من غير سؤال ، فإنّ الله تعالى أعلم بما هو خيرٌ لهم .. وقد كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يكره كثرة السؤال ونهى عنها ؛ لئلاّ تكون سبباً لكثرة التكاليف فتعجز الأُمّة عن القيام بها ...»(١).
نقل السيوطي في تنوير الحوالك عن القاضي أبي بكر بن العربي : «إنّ مالكاً روى مائة ألف حديث ، جمع منه في الموطّأ عشرة آلاف ، ثمّ لم يزل يعرضها على الكتاب والسنة ويخبرها بالآثار والأخبار حتّى رجعت إلى خمسمائة»(٢).
ثمّ نقل السيوطي أيضاً في تقريبه عن ابن حزم : إنّه أحصى سبعين حديثاً قد ترك مالك نفسه العمل بها(٣).
وقال الليث بن سعد : أحصيتُ على مالك سبعين مسألة وكلّها مخالفة لسنّة الرسول(٤).
وألّف الدارقطني جزءً فيما خالف فيه مالك من الأحاديث في موطّأه(٥).
وكان من آثار تأخير تدوين الحديث إلى ما بعد المائة الأُولى من الهجرة وصدر كبير من المائة الثانية : أن اتسعت أبواب الوضع بغير ضابط ولا قيد ، واختلط الصحيح بالموضوع من الحديث الشريف.
__________________
(١) مقدمة كتاب المغني ١ / ١٨ ـ ١٩.
(٢) تنوير الحوالك : ٦.
(٣) تنوير الحوالك : ٨.
(٤) جامع بيان العلم وفضله ٢ / ١٤٨.
(٥) أضواء على السنة المحمّـدية : ٢٩٨.
الدلالات :
١ ـ إنّ عدم كتابة السنّة النبوية الشريفة كان لها مدلولان :
الأوّل : ظاهري ، وهو الزعم باحتمال اختلاط أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)بالقرآن الكريم. وهذا الاحتمال ضعيف عقلاً وشرعاً ؛ فأُسلوب القرآن الكريم يختلف عن أسلوب الحديث النبوي الشريف ، ومجرّد عرض الاحتمال يعكس عدم التدبّر بكتاب الله المجيد ذاته الذي تحدّى العرب بإعجازه ووعد المرسِل عزّ وجلّ بحفظه إلى يوم القيامة ، بقوله : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)(١).
الثاني : واقعي ، وهو خشية القوم من ذكر فضائل علي عليهالسلام وأهل البيت عليهمالسلام ؛ لأنّ في التدوين تثبيت لتلك الفضائل دون شكّ ؛ فينفضح عندها من اغتصب الخلافة من أئمّة أهل البيت عليهمالسلام.
٢ ـ إنّ عدم كتابة الحديث قد أدّى ـ لاحقاً ، وبعد فترة وجيزة ـ إلى التجرّؤ على الأحكام الشرعية وتبديلها ، كما عمد عبـد الله بن الزبير على تقديم الصلاة على الخطبة يوم الجمعة ، أو ما كان من المبالغة في المنع عن الجهر بالبسملة في الصلاة عند بني أُمية وغيرها.
٣ ـ اختلاط أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بفتاوى أئمّة المذاهب الأربعة إلى حدّ أنّ أحدهم (وهو مالك) روى مائة ألف حديث ، ولم يعمل إلا بخمسمائة منها. وفي ذلك تشويش عظيم على شريعة سيّد المرسلين (صلى الله عليه وآله وسلم).
__________________
(١) سورة الحجر ١٥ : ٩.
وبالنتيجة :
فإنّ علم الرجال من أشرف العلوم الشرعية ، وإلى ذلك أشار العلاّمة الحلّي (ت ٧٢٦ هـ) بأنّ (العلم بحال الرواة من أساس الأحكام الشرعية ، وعليه تبنى القواعد السمعية ، يجب على كلّ مجتهد معرفته وعلمه ، ولا يسوغ له تركه وجهله ، إذ أكثر الأحكام تستفاد من الأخبار النبوية ، والروايات عن الأئمّة المهدية ـ عليهم أفضل الصلاة وأكرم التحيّات ـ فلا بدّ من معرفة الطريق إليهم ، حيث روى مشايخنا ـ رحمهم الله ـ عن الثقة وغيره ، ومن يُعمل بروايته ، ومن لا يجوز الاعتماد على نقله)(١).
__________________
(١) الخلاصة : المقدمة.
الفصل الثاني
المدارس الرجالية في التأريخ الإمامي
مقدّمة :
لا شكّ أنّ التحسّس بضرورة تدوين أسماء الرجال ـ الذين نقلوا أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمّة المعصومين عليهمالسلام ـ كان قويّاً ، حتّى في عصر أئمّة الهدى عليهمالسلام ؛ لئلاّ تضيع على الأجيال القادمة مقاييس التوثيق وتختلط عليهم صفات الرواة. فكان علم الرجال من أوائل العلوم الإسلامية التي اهتمّ بها الأصحاب بشكل استثنائي ، وتشير المصادر الإمامية إلى أنّ «أوّل من أسّس علم الرجال وصنّف فيه هو : أبو محمّـد عبـد الله بن حيّان بن أبجر الكناني (ت ٢١٩ هـ) ، صنّف كتاب الرجال كما في فهرس أسماء المصنّفين من الشيعة للنجاشي ، قال : وبيت جبلة بيت مشهور بالكوفة ، وكان عبـد الله واقفاً ، وكان فقيهاً ، ثقة ، مشهوراً ، له كتب منها : كتاب الرجال إلى آخر ما ذكر من أسماء مصنّفاته. ثمّ قال : ومات عبد الله سنة تسع عشرة ومائتين»(١).
وفي ضوء تلك الأفكار ، فإنّنا سنعتبر بداية نشوء علم الرجال في المدرسة الإمامية : القرن الثالث الهجري ، وسوف نتناول الآثار العلمية الرجالية لكلّ قرن ، مع تحليل مقتضب لنتائج كلّ مرحلة تأريخية من تلك المراحل الطويلة.
__________________
(١) تأسيس الشيعة لعلوم الاسلام : ٢٣٣.
١ ـ القرن الثالث الهجري :
وفي هذه الفترة المبكّرة بدأ التحسّس الأوّلي بأهمّية درج أسماء الرواة ، والاطمئنان إلى أنّ ما سينقل إلى الأحفاد لا بدّ وأن يستند إلى قواعد كلّية في التوثيق. وأهمّ كتب هذه المرحلة هو كتاب أحمد بن عبـد الله بن أحمد البرقي (من أعلام القرن الثالث الهجري) ، المسمّى بـ : رجال البرقي ولكن الكتاب ينسب أحياناً إلى أحمد بن محمّـد البرقي صاحب المحاسن (ت ٢٧٤ هـ)(١). وعلى أيّ تقدير فإنّ رجال البرقي يعدّ من أهمّ كتب هذه المرحلة ، حيث وفّق المصنّف فيه إلى ذكر طبقات الرواة من زاوية صحبتهم لكلّ إمام ، ولكنّه لم يتعرّض لتوثيقهم أو تضعيفهم.
ومن ثمار هذه المرحلة كتب رجالية أقلّ أهمّية ، مثل :
١ ـ كتاب الرجال لعبـد الله بن أبجر الكناني (ت ٢١٩ هـ) ، المذكور آنفاً.
٢ ـ معرفة رواة الأخبار والمشيخة للحسن بن محبوب السرّاد (ت ٢٢٤ هـ).
٣ ـ كتاب الرجال لأبي محمّـد الحسن بن علي بن فضّال الكوفي (ت ٢٢٤ هـ) من أصحاب الإمام الرضا عليهالسلام.
٤ ـ كتاب الرجال لابنه أبو الحسن علي بن الحسن بن علي بن فضّال الكوفي (من أعلام القرن الثالث الهجري).
٥ ـ كتاب المشيخة لأبي محمّـد جعفر بن بشير البجلي الوشّاء
__________________
(١) رجال النجاشي رقم ١٨٢.
(ت ٢٨٠ هـ).
٦ ـ كتاب تاريخ الرجال لأحمد بن علي العلوي العقيقي (ت ٢٨٠ هـ).
٧ ـ كتاب رجال الشيعة لعلي بن الحكم النخعي الأنباري (من أعلام القرن الثالث الهجري).
ولأسباب تأريخية فُقدت جميع تلك الكتب ، ولم يصلنا منها إلاّ كتاب رجال البرقي المطبوع مع رجال أبي داود الحلّي. وحتّى رجال البرقي اُختلف في نسبته ، فنسبه البعض إلى البرقي الابن ، وهو : أحمد بن محمّـد بن خالد البرقي. ونسبه آخرون إلى البرقي الأب ، وهو : محمّـد بن خالد البرقي ، كما سنبحثه لاحقاً.
وتكمن أهمّية مصنّفات هذه المرحلة بأنّها صُنّفت أما في زمان حياة الأئمّة عليهمالسلام ، أو بعد وفاتهم عليهمالسلام بفترة قصيرة جدّاً. وهذا مهمّ للغاية ؛ لأنّ الجوّ الاجتماعي الحاكم على التوثيق أو التضعيف يجعل من عملية الجرح والتعديل أقرب إلى الواقع الموضوعي من أيّ فترة زمنية أُخرى ، وقد هيّأت هذه المرحلة لفقهاء القرنين الرابع والخامس الهجريّين مادّة علمية هائلة ؛ لتطوير علم الرجال ، وتمحيص ما تمّ تثبيته من جرح وتعديل ، أو تضعيف وتوثيق لرواة الأحاديث.
٢ ـ القرن الرابع الهجري :
وقد حمل لنا هذا القرن عدداً محدوداً من الكتب الرجالية إلاّ أنّها على درجة كبيرة في الأهمّية ، منها :
١ ـ كتاب الرجال لحميد بن زياد الدهقان (ت ٣١٠ هـ)(١).
٢ ـ كتاب الرجال للشيخ أبو العبّاس أحمد بن محمّـد بن سعيد المعروف بابن عقدة (ت ٣٣٣ هـ). وقد جمع المصنّف فيه أسماء من روى عن الامام جعفر بن محمّـد الصادق عليهماالسلام وعددهم أربعة آلاف رجل ، أوردهم الشيخ الطوسي في رجاله.
٣ ـ كتاب الطبقات لأحمد بن محمّـد القمّي (ت ٣٥٠ هـ).
ولكن أهمّ الكتب الرجالية المؤلّفة في هذه الفترة كتاب رجال الكشي الموسوم بـ : معرفة الناقلين عن الأئمّة الصادقين عليهمالسلام لأبي عمرو محمّـد بن عمر بن عبـد العزيز الكشّي (ت ٣٢٨ هـ) المعاصر لابن قولويه (ت ٣٦٧ هـ) ومن علماء عصر الغيبة الصغرى ، وكان ذلك الكتاب مثقلاً بالأخطاء ، فقام الشيخ الطوسي بتهذيبه وتجريده من الزيادات وسمّاه بـ : اختيار الرجال ، ثمّ أملاه على تلاميذه في النجف الأشرف سنة ٤٥٦ هـ(٢).
وامتاز كتاب اختيار الرجال بذكره للروايات بأسانيدها الدالّة على أحوال الرواة ، وطبيعتهم ، وما ورد فيهم من قدح أو مدح. إلاّ أنّ كتاب رجال الكشي الأصل لم يصل إلينا ، وما وصل إلينا هو كتاب اختيار الرجال للكشّي للشيخ الطوسي قدسسره.
ومن روّاد هذه الفترة أيضاً الشيخ الصدوق أبو جعفر محمّـد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي (ت ٣٨١ هـ). فقد ألّف كتاب المشيخة حيث ذكر فيه مشايخه من الرجال ، وصل عددهم إلى أكثر من مائتي شيخ ، وكتاب المشيخة مطبوع في القسم الأخير من كتاب من
__________________
(١) رجال النجاشي رقم ٣٣٩.
(٢) فرج المهموم : ١٣٠.
لا يحضره الفقيه. وله كتاب آخر في الرجال اسمه كتاب المصابيح فيمن روى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمّة عليهمالسلام (١) ، وقد بوّبه في خمسة عشر باباً فيمن روى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من الرجال والنساء ، وفيمن روى عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام وبضمنهم سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليهاالسلام ، وأسماء الرجال الذين خرجت إليهم التوقيعات من صاحب الزمان (عجّل الله تعالى فرجه الشريف).
ولا شكّ أنّ تلك الفترة التأريخية في علم الرجال كانت مثقلة بهموم الغيبة والترقّب لظهور الامام القائم (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) ، فكان ذلك الترقّب مدعاة لركود التصنيف والتأليف. إلاّ أنّ ذلك الجمود النسبي كان كالهدوء الذي سبق العاصفة. فما أن انتهى هدوء القرن الرابع الهجري ، حتّى هبّت عاصفة القرن الخامس العلمية بما حملته من روح تأسيسية علمية لمباني المدرسة الإمامية. فكان القرن الخامس الهجري من أنشط القرون على الصعيدين العلمي والتأسيسي لمباني المذهب في علوم الفقه والأُصول والرجال.
٣ ـ القرن الخامس الهجري :
ويمكن اعتبار هذه الفترة الحاسمة في تاريخ الإمامية بفترة التأسيس العلمي للمدرسة الرجالية ، فقد ألّفت فيها الأُصول الرجالية للطّائفة الإمامية (وهي رجال النجاشي ، واختيار الكشي ، والرجال ، والفهرس للشيخ الطوسي ، والضعفاء المنسوب إلى ابن الغضائري). ومن اعمدة هذه
__________________
(١) رجال النجاشي رقم ١٠٤٩.
المدرسة شيخان جليلان من مشايخ الطائفة هما : الشيخ أبو العبّاس أحمد بن علي بن العبّاس النجاشي (ت ٤٥٠ هـ) ، والشيخ أبو جعفر محمّـد بن الحسن الطوسي (ت ٤٦٠ هـ).
فقد ألّف النجاشي قدسسره فهرسُ أسماءِ مصنّفي الشيعة المشتهر بـ : رجال النجاشي ، ويتّسم الكتاب بالشمولية والتفصيل في كنى الرواة وألقابهم ومنازلهم وأنسابهم ، وقد ذكر المصنّف ترجمة (١٢٦٩) راوياً مع مصنّفاتهم ، ولمحاً عن حياتهم ، ودرجة وثاقتهم أو ضعفهم ، حسبما اقتضته الإحاطة العلمية بشؤونهم ، والمعروف عند فقهاء الطائفة أنّ كتاب رجال النجاشي كان قد اُلِفَّ بعد تأليف الشيخ لكتابيه رجال الطوسي والفهرست. وفي ضوء ذلك ، نستطيع القول بأنّ رجال النجاشي استدرك النواقص التي وقعت في كتاب الفهرست للشيخ الطوسي.
أمّا الشيخ الطوسي قدسسره فقد قام بتحرير ثلاثة كتب رجالية رئيسية ، وهي :
أ ـ الفهرست : وهو كتاب حاول فيه المصنّف ذكر أسماء المؤلّفين الذي اتصل إليهم إسناده ، مع التصريح بثقتهم أو الاكتفاء بذكر مؤلّفاتهم ، وهو يحتوي على ما يزيد من تسعمائة اسم من أسماء المصنّفين أصحاب الكتب والأُصول ، حيث أورد لكلّ من ترجم له كتاباً أو أصلاً ، مصرّحاً في الوقت نفسه بدرجة وثاقة الكتاب أو الأصل.
ب ـ رجال الطوسي : ويسمّى أيضاً بـ : الأبواب ؛ لأنّه رتّب على أبواب بعدد رجال أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ورجال أصحاب كلّ إمام من أئمّة الهدى عليهمالسلام ، ورجال من لم يروِ عنهم إلاّ بواسطة ، ويتضمّن الكتاب حوالي (٨٩٠٠) اسم على قسمين :
١ ـ من روى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو أحد الأئمّة عليهمالسلام.
٢ ـ من لم يروِ عنهم عليهمالسلام.
وكان الهدف من التأليف : جمع شتاتهم وتمييز طبقاتهم ، لا تمييز الممدوح منهم من المذموم.
ج ـ اختيار معرفة الرجال : ويعدّ هذا الكتاب نسخة منقّحة ومختصرة لكتاب رجال الكشي ، وميزته : هو ربط الروايات بأسانيدها الدالّة على وثاقة الرواة أو عدم وثاقتهم.
وقد أثمرت تلك الفترة عن كتب رجالية أُخرى أقلّ أهمّية من تصنيفات النجاشي والطوسي ، نذكرها لاهمّيتها التأريخية ، وهي :
١ ـ كتاب الاشتمال في معرفة الرجال لأحمد بن محمّـد الجوهري البغدادي (ت ٤٠١ هـ).
٢ ـ كتاب الفهرس(١) للشيخ أبو عبـد الله أحمد بن عبـد الواحد البزّاز المعروف بابن عبدون (ت ٤٢٣ هـ) ، وهو من مشايخ النجاشي والطوسي.
٣ ـ كتاب رجال ابن الغضائري ، الذي يعدّ من كتب هذه المرحلة ، وقد تضاربت الأقوال على ثبوته وصحّته ؛ وهو مردّد النسبة بين كونه لأحمد بن الحسين بن عبيد الله الغضائري كما هو المشهور ، وكونه لوالده الحسين بن عبيد الله (ت ٤١١ هـ) الذي كان أحد مشايخ النجاشي وشيخ الطائفة.
والكتاب خاص في أسماء الرواة الذين لا يؤخذ بروايتهم ، ولذلك كان الاسم دالاًّ على المسمّى ، فسُمّي بـ : كتاب الضعفاء ، وافتقد هذا الكتاب
__________________
(١) الفهرست ـ للشيخ الطوسي ـ : ٢٨ ـ ٢٩.
حوالي قرنين ونصف من الزمان ، حتّى عثر عليه السيّد أحمد بن طاووس (ت ٦٧٣ هـ) ، وبعدها كثر النقل عنه لدى الرجاليّين المتأخّرين وبضمنهم السيّد ابن طاووس وتلميذيه : ابن داوُد الحلّي ، والعلاّمة الحلّي. وكان إعجاب السيّد ابن طاووس بـ : كتاب الضعفاء مدعاة لإدراجه ضمن كتابه حلّ الإشكال في معرفة الرجال ، وبقي وضع الكتاب على هذا الشكل مدّة تزيد على ثلاثة قرون حتّى قام الشيخ عبـد الله التستري (ت ١٠٢١ هـ) باستخراج جميع عبارات ابن الغضائري في كتاب حلّ الإشكال في معرفة الرجال وفهرسه ضمن ترتيب الحروف الهجائية ، وسمّاه بـ : رجال ابن الغضائري. وهو الكتاب المتداول اليوم.
ولكن عناية القهبائي (من أعلام القرن الحادي عشر الهجري) كرّر ما قام به السيّد ابن طاووس قبل أربعة قرون ، فعمل على إدراج ما كتبه أستاذه الشيخ التستري بما سمّي بـ : رجال ابن الغضائري ضمن موسوعته الرجالية الموسومة بـ : مجمع الرجال.
وهذا الاندفاع ـ في إدراج أو استخراج كتاب ابن الغضائري من الموسوعات الرجالية خلال أربعة قرون من الزمان ـ فيه دلالة على أنّ طبيعة تقوية نسبة الكتاب أو تضعيفها إلى مصنّفها كانت قضية اجتهادية بحتة.
ويبدو من كلام الشيخ الطوسي في مقدّمة كتابه الفهرست أنّ لابن الغضائري كتب رجالية أُخرى بالإضافة إلى كتاب الضعفاء ، فقال شيخ الطائفة في معرض تبريره سبب تأليف كتاب الفهرست : «إنّي لمّا رأيت جماعة من شيوخ طائفتنا من أصحاب الحديث عملوا فهرس كتب أصحابنا ... ولم أجد أحداً منهم استوفى ذلك ... إلاّ ما كان قصده أبو الحسين أحمد بن الحسين بن عبيد ـ رحمه الله ـ فإنّه عمل كتابين ،
أحدهما في المصنّفات ، والآخر ذكر فيه الأُصول واستوفاهما على مبلغ ما وجده وقدر عليه. غير أنّ هذين الكتابين لم ينسخهما أحد من أصحابنا ، واخترم(١) هو ـ رحمه الله ـ وعمد بعض ورثته إلى إهلاك هذين الكتابين وغيرهما من الكتب على ما حكى بعضهم عنهم»(٢).
ولا شكّ أنّ ذكر المصنّفات أو الأُصول يرتبط بدرجة ما من درجات وثاقة الراوي ، وهذا التقريب يقوّي الرأي القائل : بأنّ لابن الغضائري كتاباً في أسماء الثقات ، لكنّه تلف مع غيره من الكتب التي تلفت بعد موته رضوان الله عليه.
٤ ـ القرن السادس الهجري :
وهذا القرن يمثّل امتداداً لعصر الشيخ الطوسي ونشاطه الدائب في تصنيف الرواة. إلاّ أنّه لم يثمر إلاّ بمصنَّفين ، وهما :
الأوّل : كتاب الفهرست للشيخ منتجب الدين علي بن موفّق الدين عبيد الله بن بابويه القمّي (ت بعد سنة ٥٨٥ هـ). وهذا الكتاب كان متمّماً لفهرست الشيخ الطوسي ، حيث أورد المصنّف فيه ما فات الشيخ الطوسي من أسماء معاصريه من مصنّفي الإمامية ، وأضاف إليه أسماء المصنّفين الذين صنّفوا بعد وفاة الشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) ولحد أكثر من قرن كامل بعد وفاة شيخ الطائفة.
وقد «أدرجه المجلسي في آخر مجلّدات البحار بتمامه.
وعمد إليه الشيخ الحرّ العاملي وفرقه في كتابه أمل الآمل مع ضمّ
__________________
(١) اخترم : مات قبل بلوغه الأربعين.
(٢) الفهرست ـ للشيخ الطوسي ـ : ٢ المقدمة.
تراجم أُخر استفادها من سائر الاجازات ، كما صرّح بذلك في الأمل.
والسيّد البروجردي رتّبه على الحروف ، وعدّ تراجمه بثلاث وثلاثين وخمسمائة ، وذيلهم بستين ترجمة فاتت المؤلّف»(١).
وقد كان الباعث على تصنيف هذا الكتاب أنّ السيّد الجليل أبي القاسم يحيى بن الصدر المرتضى استدعى المصنّف مخاطباً : «إنّ شيخنا الموّفق السعيد أبا جعفر محمّـد بن الحسن الطوسي ـ رفع الله منـزلته ـ قد صنّف كتاباً في أسامي الشيعة ومصنّفيهم ، ولم يصنّف بعده شيء من ذلك؟
فأجابه الشيخ منتجب الدين بقوله : لو أخّر الله أجلي وحقّق أملي ؛ لأضفتُ إليه ما عندي من أسماء مشايخ الشيعة ومصنّفيهم ، الذين تأخّر زمانهم عن زمان الشيخ أبي جعفر ـ رحمه الله ـ وعاصروه»(٢).
وهكذا كان ، فقد حقّق الله تعالى أمل الشيخ ومدّ في عمره فكتب الفهرست.
ولكن ، يظهر من هذه الوثيقة أنّ فهرست الشيخ منتجب الدين لم يعكس طموحاً علمياً راود المؤلّف نفسه ، بل كان يعبّر عن حاجة اجتماعية ماسّة دعت السيّد أبو القاسم لالتماس الشيخ منتجب الدين للكتابة الرجالية ، وهذا يعكس الفارق العلمي الشاسع بين عصري الشيخ الطوسي والشيخ منتجب الدين.
الثاني : كتاب معالم العلماء لرشيد الدين محمّـد بن علي السروي الشهير بابن شهراشوب (ت ٥٨٨ هـ). وقد «ألّفه تتميماً لفهرست شيخ
__________________
(١) مصفى المقال : ٤٦٤.
(٢) الفهرست ـ الشيخ منتجب الدين ـ : ٥ ـ ٦.
الطائفة ، وذكر فيه أنّه زاد عليه نحواً من ثلاثمائة مصنّف»(١).
ويتضمّن الكتاب (١٠٢١) ترجمة ، وفي آخرها (فصل فيما جهل مصنّفه) و (باب في بعض شعراء أهل البيت عليهمالسلام).
ولا شكّ أنّ القرن السادس الهجري عاش تحت مظلّة أفكار شيخ الطائفة وما أسّسه من منابع للفكر الإمامي في حوزة أهل البيت عليهمالسلام العلمية في النجف الأشرف ، وكانت هيمنة الشيخ العلمية وقدرته الهائلة على استرجاع ما فقد من مصادر عبر كتابات جديدة في علوم الشريعة ، أحد الأسباب التي جعلت الفقهاء الذين جاءوا من بعده ـ ولفترة طويلة ـ لا يتجرّأون على مناقشة آرائه أو تفنيدها.
٥ ـ القرن السابع الهجري :
وكان من ثمار هذه الفترة كتابان مهمّان لفقيهين جليلين من فقهاء الحلّة ، حيث أفلت شمس المعرفة قليلاً عن النجف ، وهما : ابن البطريق (ت ٦٠٠ هـ) ، وابن طاووس (ت ٦٧٣ هـ). والكتابان هما :
الأوّل : كتاب رجال الشيعة لشمس الدين أبو الحسين يحيى بن الحسن الأسدي الحلّي المعروف بابن البطريق (ت ٦٠٠ هـ). ويعدّ هذا الكتاب من مصادر ابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢ هـ) في كتاب لسان الميزان ، وجلال الدين السيوطي (ت ٩١١ هـ) في كتابه بغية الوعاة في طبقات اللغويّين والنحاة.
الثاني : كتاب حلّ الإشكال في معرفة الرجال لجمال الدين
__________________
(١) مصفى المقال : ٤١٤.
أبو الفضائل أحمد بن موسى بن طاووس الحلّي (ت ٦٧٣ هـ) ، حيث أدرج فيه كتاب الضعفاء المنسوب لابن الغضائري.
وتنبع أهمّية حلّ الإشكال من أنّه جمع فيه أسماء الرجال المذكورة في المصادر التالية :
١ ـ اختيار رجال الكشي للشيخ الطوسي.
٢ ـ الفهرست للشيخ الطوسي.
٣ ـ رجال الطوسي.
٤ ـ رجال النجاشي.
٥ ـ كتاب الضعفاء لابن الغضائري.
٦ ـ رجال البرقي.
٧ ـ معالم العلماء لابن شهراشوب.
ونستقرئ من مقدّمة الكتاب : إنّ تجربة المصنّف كانت من التجارب الرائدة في حقل تصنيف الرجال.
يقول (رضوان الله عليه) : «وما أعرف أحداً سبقني إلى هذا على مرّ الدهر وسالف العصر ، وقد يكون عذر من ترك أوضح من عذر من فعل ، ووجه عذري ما نبّهت عليه أن الكتاب ملتبس جدّاً ، وفي تدبيره على ما خطر لي بعدٌ عن طعن عدوٍّ ، أو شكُّ وليٍّ ، أو طعنٌ في وليّ ، أو مدح لعدوّ. وذلك مظنّة الاستيناس في موضع التهمة ، والتهمة في موضع الاستيناس ، وبناء الأحكام وإهمالها على غير الوجه ، وهو ردم لباب رحمة ، وفتح لباب هلكة»(١).
__________________
(١) التحرير الطاووسي : المقدّمة.
ولا شكّ أنّ محاولة ابن طاووس هذه تعتبر أوّل محاولة للكتابة الموسوعية في علم الرجال عند الشيعة الإمامية.
٦ ـ القرن الثامن الهجري :
وقد حظي هذا القرن بعملاقين من عمالقة الفقه الشيعي في الحلّة وهما :
ابن داوُد الحلّي ، تقي الدين الحسن بن علي بن داوُد (ت ٧٠٧ هـ) وكتابه الرجالي المعروف بـ : رجال ابن داوُد.
والعلاّمة الحلّي ، جمال الدين أبو منصور الحسن بن يوسف بن علي بن محمّـد بن المطهّر الأسدي (ت ٧٢٦ هـ) وكتابه الرجالي الرئيسي المعروف بـ : خلاصة الأقوال في معرفة الرجال ، إضافة إلى كتب رجالية أُخرى.
أ ـ كتاب رجال ابن داوُد :
وقد أثار هذا الكتاب الكثير من الجدل بين الفقهاء ؛ بسبب ما اعتبر فيه من أخطاء وهفوات ، ذكرها كتاب نقد الرجال للسيّد مصطفى التفرشي ، وأحصاها كتاب سماء المقال في تحقيق علم الرجال للشيخ أبو الهدى الكلباسي.
و «المراد بالأغلاط : إنّه كثيراً ما يذكر الكشّي ، ويكون الصواب النجاشي ، أو ينقل عن كتاب ما ليس فيه ، واشتباه رجلين بواحد ، وجعل الواحد رجلين ، أو نحو ذلك من الأغلاط في ضبط الأسماء ، وغير ذلك»(١).
__________________
(١) رجال ابن داوُد ـ مقدمة للسيد محمّـد صادق بحر العلوم ـ : ١٤.
وقد لخّص الميرزا النوري موقف الفقهاء من الكتاب بالصورة التالية :
«هو أوّل كتاب رتّب فيه الآباء والأبناء على ترتيب الحروف ، وأوّل من جعل لأُصول الكتب الرجالية والحجج : رموزاً تلقّاها الأصحاب بالأخذ والعمل بهما في كتبهم الرجالية ، إلاّ أنّهم في الاعتماد والمراجعة إلى كتابه هذا بين غال ومفرط ومقتصد.
فمن الأوّل : العالم الصمداني الشيخ حسين (ت ٩٨٤ هـ) والد شيخنا البهائي ، فقال في درايته الموسومة بـ : وصول الأخيار إلى أُصول الأخبار : وكتاب ابن داوُد رحمه الله في الرجال مغن لنا عن جميع ما صنّف في هذا الفنّ ، وإنّما اعتمادنا الآن في ذلك.
ومن الثاني : شيخنا الأجلّ المولى عبـد الله التستري فقال ـ في شرحه على التهذيب في شرح سند الحديث الأوّل منه في جملة كلام له ـ : ولا يعتمد على ما ذكره ابن داوُد في باب محمّـد بن أُورمة ؛ لأنّ كتاب ابن داوُد ممّا لم أجده صالحاً للاعتماد ؛ لما ظفرنا عليه من الخلل الكثيرة في النقل عن المتقدّمين وفي تنقيد الرجال والتمييز بينهم ، ويظهر ذلك بأدنى تتبّع للموارد التي نقل ما في كتابه منها.
ومن الثالث : جلّ الأصحاب ، فتراهم يسلكون بكتابه سلوكهم بنظائره ، ووصفوا مؤلّفه بمدائح جليلة [كالمحقّق الكركي في إجازته للقاضي الحلّي ، والشهيد في إجازته الكبيرة ...]»(١).
والحقّ ، أنّ ترتيب الكتاب وإدخال عنصر الرموز ولغة الاختزال إلى علم الرجال ممّن لم يسبق ابن داود أحد من علماء الرجال ، وقد كان على
__________________
(١) مستدرك الوسائل ٣ / ٤٤٢.
إدراك ووعي من حجم إنجازه ، فقال في المقدّمة : «... فصنّفت هذا المختصر ، جامعاً لنخب كتاب الرجال للشيخ أبي جعفر ـ رحمه الله ـ والفهرست له ، وما حقّقه الكشّي ، والنجاشي ، وما حقّقه البرقي والغضائري وغيرهم. وبدأت بالموثّقين وأخّرت المجروحين ؛ ليكون الموضع بحسب الاستحقاق والترتيب بالقصد لا بالاتفاق.
ورتّبته على حروف المعجم في الأوائل والثواني فالآباء ، على قاعدة تقود الطالب إلى بغيته ، وتسوقه الى عنايته ، من غير طول وتصفّح للأبواب ، ولا خبط في الكتاب.
وضمّنته رموزاً تغني عن التطويل ، وتنوب عن الكثير بالقليل.
وبيّنتُ فيها المظان التي أخذتُ منها ، واستخرجت عنها. فالكشي : (كش) ، والنجاشي : (جش) ، وكتاب الرجال للشيخ : (جخ) ، والفهرست : (ست) ، والبرقي : (قي) ، وعلي بن أحمد العقيقي : (عق) ، وابن عقدة : (قد) ، والفضل بن شاذان : (فش) ، وابن عبدون : (عب) ، والغضائري : (غض) ، ومحمّـد بن بابويه : (يه) ، وابن فضّال : (فض).
وبيّنت رجال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمّة عليهمالسلام ، فكلّ ما أعلمت عليه برمز واحد منهم فهو من رجاله ، ومن روى عن أكثر من واحد ، ذكرت الرمز بعددهم. فالرسول : (ل) ، وعلي : (ي) ، والحسن : (ن) ، والحسين : (سين) ، وعلي بن الحسين : (ين) ، ومحمّـد بن علي الباقر : (قر) ، وجعفر بن محمّـد الصادق : (ق) ، وموسى بن جعفر الكاظم : (م) ، وعلي بن موسى الرضا : (ضا) ، ومحمّـد بن علي الجواد : (د) ، وعلي بن محمّـد الهادي : (دي) ، والحسن بن علي العسكري : (كر) ، ومن لم يروِ عن واحد منهم : (لم).
وهذه لجّة لم يسبقني أحد من أصحابنا ـ رضي الله عنهم ـ إلى خوض غمرها ، وقاعدة أنا أبو عذرها»(١).
وكان رجال ابن داوُد متميّزاً في المنهجية والترتيب العلمي ، فقد رتبه مصنّفه على أساس الحروف الهجائية ، الأوّل فالأوّل من الأسماء وأسماء الآباء والأجداد ، وجمع ما وصل إليه من كتب الرجال في ذلك العصر ، فجعل لكلّ كتاب علامة مميّزة. ولم يتطرّق إلى ذكر المتأخّرين عن الشيخ الطوسي إلاّ نادراً.
وصمّم كتابه على جزئين :
الأوّل : اختصّ بذكر الموثّقين والمهملين.
الثاني : بالمجروحين والمجهولين.
ومن أهمّ ميّزات الجزء الأوّل : إنّه وضع في آخره عنوان خاصّ لجماعة وصفهم النجاشي بقوله : «ثقة ثقة» مرّتين ، عددهم أربعة وثلاثون رجلاً ، رتّبهم على الحروف الهجائية ، وأضاف إلى ذلك خمسة رجال وصفهم ابن الغضائري بأنّهم «ثقة ثقة» مرّتين.
ومن ميّزات الجزء الثاني : إنّه أورد فيه تسعة تنبيهات مفيدة خاصّة بالمفاهيم الرجالية.
ب ـ كتب العلاّمة الحلّي في الرجال :
وهي أربعة كتب قيّمة في علم الرجال ، إلاّ أنّ أهمّ ما وصلنا هو الكتاب الأوّل فقط ، بينما فُقدت البقية. وهذه الكتب هي :
__________________
(١) رجال ابن داوُد : ١٣ ـ ١٤ المقدمة.
١
ـ خلاصة الأقوال في معرفة الرجال
: وهو من المصادر الرجالية المهمّة عند الطائفة ، ونستلهم من مقدّمته أنّ علم الرجال
أصبح جزءً لا يتجزّأ من أركان الاستنباط. ولذلك فهو لا يكتم ذلك ، بل يصرّح به في
مقدّمة الكتاب قائلاً : «إنّ العلم بحال الرواة من أساس الأحكام الشرعية ، وعليه تبنى
القواعد السمعية ... إذ أكثر الأحكام تستفاد من الأخبار النبوية والروايات عن الأئمة
المهدية (عليهم أفضل الصلاة وأكرم التحيّات) ، فلا بدّ من معرفة الطريق إليهم ، حيث
روى مشايخنا رحمهمالله
عن الثقة وغيره ، ومن يعمل بروايته ، ومن لا يجوز الاعتماد على نقله ؛ فدعانا ذلك إلى
تصنيف مختصر في بيان حال الرواة ومن يعتمد عليه ، ومن تترك روايته. مع أنّ مشايخنا السابقين (رضوان الله عليهم
أجمعين) صنّفوا كتباً متعدّدة في هذا الفنّ ، إلاّ أنّ بعضهم طوّل غاية التطويل مع
إجمال الحال فيما نقله ، وبعضهم اختصر غاية الاختصار ، ولم يسلك أحد النهج الذي
سلكناه في هذا الكتاب. ومن وقف عليه عرف منـزلته وقدره ، وتميّزه عمّا صنّفه المتقدّمون
، ولم يطل الكتاب بذكر جميع الرواة ، بل اقتصرنا على قسمين منهم ، وهم : ١ ـ الذين اعتمد على روايتهم. ٢ ـ والذين اتوقّف عن العمل بنقلهم ، أما
لضعفه أو لاختلاف الجماعة في توثيقه وضعفه ، أو لكونه مجهولاً عندي. ولم نذكر كلّ مصنّفات الرواة ، ولا طوّلنا
في نقل سيرتهم ، إذ جعلنا ذلك موكولاً إلى كتابنا الكبير المسمّى بـ : كشف المقال في معرفة
الرجال»(١).
وأهمّ ميزة تميّز بها كتاب خلاصة الأقوال للعلاّمة الحلّي إنّه : نقل أسانيداً من رجال العقيقي ، وابن عقدة ، وثقات ابن الغضائري وكتب أُخرى لم تصل إلينا ، فكان جسراً أوصلنا إلى كتب القدماء التي اندثرت لسبب من الأسباب ، وإلى ذلك أشار المحقّق التستري بالقول :
«إنّ ما ينقله العلاّمة من رجال الكشي والشيخ وفهرس النجاشي مع وجود المنقول في هذه الكتب غير مفيد ، وإنّما يفيد في ما لم نقف على مستنده كما في ما ينقل جزء من رجال العقيقي ، وجزء من رجال ابن عقدة ، وجزء من ثقات كتاب ابن الغضائري ، ومن كتاب آخر له في المذمومين لم يصل إلينا ، كما يظهر منه في سليمان النخعي.
كما يفيد أيضاً في ما ينقله من النجاشي في ما لم يكن في نسختنا ، فكان عنده النسخة الكاملة من النجاشي ، وأكمل من الموجود من ابن الغضائري. كما في ليث البختري ، وهشام بن ابراهيم العبّاسي ، ومحمّـد بن نصير ، ومحمّـد بن أحمد بن محمّـد بن سنان ، ومحمّـد بن أحمد بن قضاعة ، ومحمّـد بن الوليد الصيرفي ، والمغيرة بن سعيد ، ونقيع بن الحارث. وكما ينقل في بعضهم أخباراً لم نقف على مأخذها ، كما في إسماعيل بن الفضل الهاشمي ، وفي ما أخذه من مطاوي الكتب كمحمّـد بن أحمد النطنـزي»(٢).
٢ ـ كشف المقال في معرفة الرجال : وهذا الكتاب أكثر تفصيلاً من كتاب خلاصة الأقوال ، حيث نقل فيه عن الرواة والمصنّفين ممّا وصل إليه
__________________
(١) رجال العلاّمة الحلي : ٢.
(٢) قاموس الرجال ١ / ١٥.
عن المتقدّمين ، وذكر فيه أحوال المتأخّرين والمعاصرين له. إلاّ أنّ الكتاب لم يصلنا.
٣ ـ إيضاح الاشتباه في أسماء الرواة : وقد ترجم له الشيخ آغا بزرك قدسسره في الذريعة فقال : إنّ هذا الكتاب «في ضبط تراجم الرجال على ترتيب حروف أوائل الأسماء ببيان الحروف المركّبة منها : أسماؤهم ، وأسماء آبائهم ، وبلادهم ، وذكر حركات تلك الحروف ... ورتّبه جدّ صاحب الروضات [السيّد جعفر الخوانساري ت ١١٥٨ هـ] على النحو المألوف من مراعاة الترتيب في الحرف الثاني والثالث أيضاً ، وسمّاه تتميم الإفصاح في ترتيب الإيضاح ، وتمّمه بإلحاق جملة ممّا فات العلاّمة ، مع رعاية تمام الترتيب ، الشيخ علم الهدى ابن المحقّق الفيض الكاشاني ، وسمّاه نضد الإيضاح وهو مطبوع»(١).
٤ ـ تلخيص فهرست الشيخ الطوسي : وهو ملخّص كتاب الفهرست لشيخ الطائفة قدسسره ، حيث قام المصنّف بحذف الكتب والأسانيد الموجودة في الفهرست.
والتحقيق :
إنّ هذا القرن حظي بترتيب ومنهجة أسماء الرواة بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ الشيعي ، حيث بدأ فقهاء الإمامية بالتأكيد على كون الاعتناء بالنظرية الرجالية ركن مهمّ من أركان الاستنباط الفقهي ، وكانت منهجة علم الرجال واستخدام الشفرات والرموز وأساليب الاختزال الأُخرى فيها محاولة جديدة لتيسيير مطالب هذا العلم للجيل الجديد من الفقهاء والمجتهدين.
__________________
(١) الذريعة ٢ / ٤٩٣.
وقبل أن نغلق ملفّ هذا القرن ، لا بدّ من معالجة الفروق المنهجية بين كتابي الخلاصة للعلاّمة الحلّي ورجال ابن داوُد ومناقشتها.
ولا شكّ أنّ الكتابين قد كتبا في وقت متقارب ، ولذلك فإنّ نقاط الالتقاء والابتعاد تُلحظ من زاوية معاصرة المؤلّفين أحدهما الآخر. بمعنى أنّ المنهج العلمي في كلا الكتابين قد فرضته الظروف الإجتماعية والأجواء العلمية في ذلك القرن ، خصوصاً الجوّ العلمي التنقيحي الذي فرضه استاذهما السيّد ابن طاووس (ت ٦٧٣ هـ) على الحوزة العلمية الإمامية آنذلك. والمعاصرة بطبيعتها تفرض التقاءً في الأفكار والمناهج ، إلاّ أنّها تفرز فوارق ثانوية أيضاً ، ومن تلك الفوارق بين الكتابين :
أوّلاً : قسّم ابن داوُد كتابه الى قسمين : الأوّل : اختصّ بذكر الموثّقين والمهملين ، بينما اختصّ الثاني : بالمجروحين والمجهولين. ثمّ ختم بحثه بتسعة تنبيهات مفيدة.
بينما قسّم العلاّمة كتابه إلى قسمين أيضاً : الأوّل : فيمن اعتمد عليه من الرجال ، والثاني : اختصّ بذكر الضعفاء ومن ردّ قوله أو وقف فيه. وختم بحثه بعشر فوائد مهمّة.
فليس من فارق جوهري يذكر في منهجية الكتابين ، عدا أنّ ابن داوُد أدرج في آخر القسم الأوّل أسماء الرجال الذين وصفهم النجاشي بقوله : «ثقة ثقة» مرّتين ، والذين وصفهم ابن الغضائري بنفس الوصف.
ثانياً : اختصّ القسم الأوّل من رجال ابن داوُد : فيمن ورد فيه أدنى مدح ، حتّى لو اقترن مع ذمٍّ كثير ولم يُعمل بخبره. والثاني : فيمن ورد فيه أدنى ذمٍّ ، ولو كان ثقة وعُمل بخبره.
فقد ورد اسم بريد العجلي ، وهو الثقة الجليل ، في القسم الثاني ؛ لأنّ فيه رواية ذمّ ربّما رويت تقيّةً. وورد اسم هشام بن الحكم ، وهو ثقة ، في القسم الثاني ؛ لأنّ استاذه كان فاسد المذهب.
بينما اختصّ القسم الأوّل من الخلاصة : بمن عمل بروايته ورجح عند المصنّف قبول قوله ، فذكر الممدوح لعمله بروايته ، وذكر أيضاً الراوي الذي فسد مذهبه إذا عمل بروايته ، كابن بكير ، وعلي بن فضّال. والقسم الثاني : اختصّ : بمن لا يعمل بروايته أو توقّف فيه كالموثّقين غير الممدوحين.
ثالثاً : إنّ ابن داوُد أدرج في القسم الأوّل من كتابه الممدوحين والمهملين أيضاً. والمراد بالمهمل : من عنونه الأصحاب ولم يضعّفوه.
بينما اقتصر العلاّمة في القسم الأوّل من الخلاصة على الممدوحين ، ولم يذكر المهملين.
رابعاً : اعتاد ابن داوُد على ذكر الراوي ـ الذي اختلف في وثاقته علماء الرجال ـ فيذكره في القسم الاول على أساس مدحه ، وفي القسم الثاني على أساس جرحه.
بينما اختط العلاّمة طريقاً آخر وهو : إنّه لا يعنون الراوي المختَلَف فيه بين الرجاليّين في القسمين ، بل أنّه إذا رجّح المدح ذكره في القسم الأوّل وإن رجح الذمّ أو توقّف فيه ؛ ذكره في القسم الثاني.
خامساً : التزم ابن داوُد بذكر سند كلّ من أخذ عنه من كتب الرجال ، ولكن أحياناً قليلة نرى أنّه لم يرمز للمستند. والمرجّح أنّه تصحيف.
بينما كان للعلاّمة في الخلاصة منهج آخر وهو : إنّه إذا أخذ من الكشّي أو النجاشي أو فهرست الشيخ أو رجال ابن الغضائري فإنّه لا يذكر المستند ، بل ينقل نفس العبارة ، وإذا نقل من كتاب الغيبة للشيخ الطوسي أو من
رجال ابن عقدة أو رجال العقيقي ؛ فإنّه يصرّح بالمستند.
٧ ـ القرنين التاسع والعاشر الهجريين :
وقد كانت تلك المنهجة الجديدة لعلم الرجال ـ والتي لاحظنا نشوءها في القرن الثامن الهجري على يدي ابن داود والعلاّمة الحلّي ـ مؤونة مستمرّة لعلماء القرنين التاسع والعاشر الهجريّين. فلم يرَ هذين القرنين أيّ مصنّف رجالي يستحقّ الذكر ، عدا كتاب رجال النيلي للسيّد علي بن عبـد الحميد النيلي (ت ٨٤١ هـ)(١).
ولا شكّ أنّ هيمنة العلاّمة الحلّي العلمية ، ودقّته في تثبيت مباني علم الرجال كانت قد أثرت الطائفة بما يناسب حجم النشاط الفقهي والأُصولي الضخم خلال ثلاثة قرون من عمر النشاط العلمي للطائفة ، ولكن تبدّل الزمان ، والابتعاد الشديد عن عصر النصّ ، وتطوّر الفكر الفقهي والأصولي الشيعي بما يتناسب وحاجات المكلّفين الشرعية ، قد أوجد حاجة ملّحة جديدة للكتابة مرّة أُخرى في علم الرجال ، وقد كان القرن الحادي عشر نموذجاً من نماذج النشاط المتجدّد لدراسة علم الرجال.
٨ ـ القرن الحادي عشر الهجري :
وقد شهدت هذه الفترة نشاطاً ملحوظاً في تبويب علم الرجال وإِلباسه ثوباً جديداً ، فكانت من ملامحها إعادة توبيب أسماء الرواة على أساس : الصحيح ، والحسن ، والموثق ، والضعيف ، كما هو المعمول به في
__________________
(١) الذريعة ١٠ / ٨١.
علم الحديث ، ولم يكن هذا اللون من الترتيب معمولاً به في السابق.
ومن فقهاء هذه الفترة الذين كتبوا في علم الرجال :
أ ـ الشيخ جمال الدين أبو منصور حسن بن الشيخ زين الدين العاملي (ت ١٠١١ هـ) ، والمشهور بـ : صاحب المعالم. وكتبه الرجالية هي :
١ ـ التحرير الطاووسي لكتاب الاختيار من كتاب أبي عمرو الكشّي.
٢ ـ ترتيب مشيخة من لا يحضره الفقيه.
٣ ـ التعليقات على خلاصة الأقوال.
وأهمّ هذه الكتب الثلاثة : كتاب التحرير الطاووسي ، وهو كتاب استخرجه المصنّف صاحب المعالم من كتاب حلّ الإشكال في معرفة الرجال للسيد ابن طاووس (ت ٦٧٣ هـ) ، وكتاب التحرير الطاووسي مطابق لكتاب الاختيار من كتاب أبي عمرو الكشّي في الرجال ، إلاّ أنّ صاحب المعالم قام بتحريره وتحقيقه وتبويبه ؛ خشية تلفه ؛ لقلّة النسخ المعتمدة في ذلك القرن.
ب ـ الشيخ عبـد النبي بن سعد الدين الجزائري (ت ١٠٢١ هـ) ، وكتابه حاوي الأقوال في معرفة الرجال. و «هو أوّل كتاب رتّب الرجال فيه على أربعة أقسام ـ بحسب القسمة الأصلية للحديث ـ : الصحيح ، والحسن ، والموثّق ، والضعيف»(١).
ونلمس في الكتاب اقتباساً من منهج ابن الغضائري في تضعيف جملة من الرواة الذين لا يستحقّون التضعيف.
__________________
(١) مصفى المقال : ٢٥١.
ج ـ المولى عناية الله بن علي القهبائي (ت بعد سنة ١٠٢٦ هـ) ، وكتابه الرجالي الكبير : مجمع الرجال ، والقهبائي أحد تلاميذ المقدّس الأردبيلي (ت ٩٩٣ هـ) ، والمولى عبـد الله التستري (ت ١٠٢١ هـ) ، والشيخ البهائي (ت ١٠٣١ هـ) ، وقد توفّي في حياة أُستاذه الشيخ البهائي قدسسره.
ومجمع الرجال موسوعة رجالية جمعت الكتب التالية : الإختيار من رجال الكشّي ، ورجال الطوسي ، وفهرست الطوسي ، ورجال النجاشي ، وكتاب الضعفاء المنسوب لابن الغضائري.
وللقهبائي كتب رجالية أُخرى منها :
١ ـ ترتيب رجال الكشّي.
٢ ـ ترتيب رجال النجاشي.
٣ ـ حاشية على كتاب نقد الرجال للتفرشي.
٤ ـ حاشية على كتاب منهج المقال للاسترابادي.
٥ ـ حاشية على كتابي الكشّي والنجاشي في الرجال.
وهذه الوفرة في الإنتاج الفكري لعلم الرجال عند القهبائي وعمقه الفكري في تحليل أحوال الرواة ؛ دليل على تضلّعه قدسسره في هذا الحقل الحسّاس من حقول المعرفة الإسلامية.
د ـ الميرزا محمّـد بن علي الأسترابادي (ت ١٠٢٨ هـ) ، وكتبه الثلاثة في أسماء الرجال :
١ ـ منهج المقال في تحقيق أحوال الرجال (كبير).
٢ ـ تلخيص الأقوال في معرفة الرجال (وسيط).
٣ ـ الوجيز [في علم الرجال].
هـ ـ مصطفى بن الحسين التفرشي (لم نعثر على تاريخ وفاته ، إلاّ أنّه كان حيّاً سنة ١٠٤٤ هـ فاعتبرناه من فقهاء هذه المرحلة) ، وكتابه نقد الرجال المؤلَّف سنة ١٠١٥ هـ. وهو كتاب «يشتمل على جميع أسماء الرجال الممدوحين والمذمومين والمهملين ، يخلو من تكرار أو غلط ، ينطوي على أحسن الترتيب ، يحتوي على جميع أقوال القوم ـ قدّس الله أرواحهم ـ من المدح والذمّ إلاّ شاذاً شديد الشذوذ»(١).
وكتابه ، كما وصفه الأردبيلي في جامع الرواة : «في كمال النفاسة ، ونهاية الدقة ، وكثرة الفائدة»(٢).
و ـ فخر الدين بن محمّـد علي الطريحي النجفي (ت ١٠٨٥ هـ) ، وكتابيه : جامع المقال فيما يتعلّق بالحديث والرجال ، وترتيب مشيخة الفقيه.
وهذا النشاط في تنقيح المنهج التبويبي لعلم الرجال كان نابعاً ـ بلا شكّ ـ من حاجة ملحّة أملاها تبدّل الزمان والمكان ، وكان الهدف منه تسليط عين فاحصة على طبيعة الرجال الذين نقلوا الحديث وصدقهم في عملهم.
٩ ـ القرن الثاني عشر الهجري :
وأهمّ ميزات تطوّر علم الرجال في هذا القرن ، هو : التطوّر في تمييز المشتركات في الأسماء والكنى والألقاب ، والاستمرار في عمليّات الاختزال ، واستخدام الرموز ، وترتيب الطبقات.
__________________
(١) نقد الرجال : المقدمة.
(٢) جامع الرواة ٢ / ٢٣٣.
ولا شكّ أنّ البحث في (المشترك) مهمّ للغاية في علم الرجال ؛ فإنّه يعني أنّ الاسم قد يشترك أحياناً بين الراوي الثقة والراوي الضعيف ، فكان لا بدّ من التمييز بين المشتركات ؛ لتوقّف معرفة قيمة السند عليه.
وكان من روّاد التصدّي لمعالجة تلك المشكلة الشيخ محمّـد أمين الكاظمي ، الذي سنذكره باعتباره من أعلام هذه الفترة الزمنية. فمن أهمّ علماء هذه الفترة :
أ ـ الشيخ محمّـد أمين بن محمّـد علي الكاظمي (من فقهاء القرن الثاني عشر) ، وكتابه هداية المحدّثين إلى طريقة المحمّـدين ـ في تمييز المشتركات ـ ويعرف الكتاب أيضاً بـ : مشتركات الكاظمي الذي ألّفه سنة ١٠٨٥ هـ.
وقد ذكر المحقّق آغا بزرك الطهراني قدسسره : إنّه كان حيّاً إلى سنة ١١١٨ هـ(١) ، فعُدّ من فقهاء هذه المرحلة. وقد رتّب الكتاب على ثلاثة أقسام :
١ ـ المشتركون في الاسم الأوّل فقط.
٢ ـ المشتركون في الاسم واسم الأب.
٣ ـ المشتركون في الكنى والنسب والألقاب.
وكان من أكثر المتمسّكين بالكتاب وقيمته العلمية ، الشيخ أبو علي الحائري المازندراني (ت ١٢١٦ هـ) ، الذي واظب في كتابه منتهى المقال في أحوال الرجال بالنقل عنه في كلّ ترجمة ، رامزاً لمستندها بـ : مشكا.
ب ـ الشيخ محمّـد بن الحسن الحرّ العاملي (ت ١١٠٤ هـ) ، وكتابه :
__________________
(١) مصفى المقال : ٨٤.
رسالة الرجال. وكان الشيخ الحرّ العاملي قد جعل الفائدة الثانية عشرة في خاتمة كتابه وسائل الشيعة خاصّة بأسماء الرجال(١).
ج ـ الشيخ محمّـد باقر بن محمّـد تقي المجلسي (ت ١١١١ هـ) ، وكتابه : الوجيزة ، حيث قال صاحب الذريعة : «اقتصر فيه على بيان ما اتّضح له من أحوال الرواة ، وجعل لها رموزاً : ق = الثقة. ح = الممدوح. ض = الضعيف. م = المجهول. وفي خاتمته ذكر مشيخة الفقيه أيضاً مرمزاً : صح = الصحيح. ح = الحسن. ق = الموثّق. م = المجهول. ض = الضعيف. ل = المرسل»(٢).
والملاحظ أنّ الوجيزة لم تتعرّض لأسانيد مشيخة الطوسي التي أوردها في آخر كتابيه التهذيب والاستبصار.
د ـ الشيخ محمّـد بن علي الأردبيلي (وهو من فقهاء القرن الثاني عشر الهجري) ، وكتابه الرجالي : جامع الرواة وإزاحة الاشتباهات عن الطرق والإسناد.
وهذا الكتاب متمّم لكتاب تلخيص الأقوال في معرفة الرجال للميرزا محمّـد الأسترابادي (ت ١٠٢٨ هـ) من حيث الاستدراكات والشروح والتصحيحات. وله كتاب آخر هو تصحيح الأسانيد ، أدرجه الشيخ النوري في الفائدة الخامسة من فوائد خاتمة مستدرك الوسائل.
وكتاب جامع الرواة من الكتب الرجالية المهمّة في تلك الفترة ؛ لأنّ المصنّف قدسسره ، وبعد بذل جهود كبيرة ، استملك قدرة فائقة على تمييز الرواة ، كتمييز التلميذ عن الشيخ ، والراوي عن المروي عنه. وهذه قاعدة
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٠ / ١١٣.
(٢) الذريعة ٢٥/٤٧.
تحتاج إلى ضوابط دقيقة ، وكأنّه أدرك قدسسره قيمة إنجازه فقال : «ومن فوائد هذا الكتاب ، أنّه بعد التعرّف على الراوي والمروي عنه ، لو وقع في بعض الكتب اشتباه في عدم ثبت الراوي في موقعه يعلم أنّه غلط وواقع غير موقعه. ومن فوائده أيضاً ، أنّ رواية جمع كثير من الثقات وغيرهم عن شخص واحد تفيد أنّه كان حسن الحال أو كان من مشايخ الإجازة»(١).
هـ ـ السيد صدر الدين علي بن أحمد المعروف بالسيّد علي خان (ت ١١١٨ هـ) ، وكتابه : الدرجات الرفيعة في طبقات الإمامية من الشيعة.
حيث رتّب أسماء الرجال على اثنتي عشرة طبقة : الصحابة ، والتابعين ، والمحدّثين الرواة ، والعلماء ، والحكماء ، والمتكلّمين ، وعلماء العربية ، والسادة الصوفية ، والملوك والسلاطين ، والأُمراء ، والوزراء ، والشعراء ، والنساء. إلاّ أنّ هذا الكتاب ، عدا الأقسام الثلاثة الأُولى ، يخرج عن طبيعة علم الرجال الذي نحن بصدده ، والذي يتناول الرواة قدحاً أو مدحاً.
و ـ الشيخ سليمان بن عبـد الله البحراني الماحوزي (ت ١١٢١ هـ) ، وكتابه الكبير : معراج أهل الكمال إلى معرفة الرجال ، ومختصره : بلغة المحدّثين.
ويعدّ كتاب معراج أهل الكمال ، من الشروح المعتبرة على فهرست الشيخ الطوسي تهذيباً وتنقيحاً وترتيباً ، والذي دعاه إلى كتابة الشرح هو كثرة التصحيف وحوادث الغلط والتحريف التي كانت ملحوظة في زمان المصنّف.
__________________
(١) جامع الرواة : ٤ ـ ٥.
أمّا كتاب بلغة المحدّثين فهو رسالة مختصرة وجيزة في تحقيق أحوال الرجال ، كتبها تذكرة لنفسه ومرجعاً يسيراً يرجع إليه من غير تعرّض لاختلافات الأصحاب وأقوالهم ، ومن غير تعرّض للمجاهيل والضعفاء.
١٠ ـ القرن الثالث عشر الهجري :
ومن أهمّ فقهاء هذه الفترة فقيهان كتبا في علم الرجال ، هما : الوحيد البهبهاني ، والشيخ أبو علي الحائري.
فكتب الشيخ محمّـد باقر بن محمّـد أكمل المعروف بالوحيد البهبهاني (ت ١٢٠٥ هـ) كتابه الرجالي : التعليقة ، وهي حواش كتبها تعليقاً على كتاب منهج المقال للميرزا الاسترابادي ، وقد طبعت فوائد الوحيد البهبهاني (وهي مقدّمة التعليقة) مع رجال الخاقاني.
أمّا الشيخ أبو علي محمّـد بن إسماعيل الحائري (ت ١٢١٦ هـ) ، أحد تلامذة الوحيد البهبهاني ، فقد كتب كتابه الكبير منتهى المقال في أحوال الرجال المعروف بـ : رجال أبي علي.
وأُسلوب الكتاب ذو منهجة علمية دقيقة فقد «ابتدأ في كلّ ترجمة بكلام الميرزا الأسترابادي في الرجال الكبير منهج المقال ، ثمّ بما ذكره الوحيد البهبهاني في التعليقة عليه ، ثم بكلمات أُخرى على ما شرحها في أوّل الكتاب. وقد ترجم نفسه في باب الكنى ، وترك ذكر جماعة بزعم أنّهم من المجاهيل ، وبزعم عدم الفائدة في ذكرهم. وسبقه في إسقاط المجاهيل المولى عبـد النبي الجزائري في الحاوي ، وكذلك المولى خداويردي الأفشار.
وليتهم ما أسقطوهم ؛ لأنّهم غير منصوصين بالجهالة من علماء
الرجال.
وصرّح المحقّق الداماد في الرواشح بلزوم الفحص عن حالهم.
ولنعم ما فعله تلميذه المولى درويش علي الحائري حيث أفرد رسالة في ذكر من أسقطه الشيخ أبو علي من رجاله ، بعنوان : تكملة رجال أبي علي.
وقد كتب الشيخ محمّـد آل كشكول كتاب إكمال منتهى المقال ، ذكر في أوّله وجه الحاجة إلى ذكر من عدّوهم مجاهيل ؛ ردّاً على التاركين لذكرهم ، ثمّ ذكرهم جميعاً»(١).
وهذا الاشتباه في حذف أسماء بعض الرواة ـ بزعم أنّهم من المجاهيل ـ نشأ من الخلط بين فكرتي (المجهول) و (المهمل) في علم الرجال.
فالمراد من (المجهول) هو : من صرّح أئمّة الرجال فيه بالمجهولية ، وهو أحد ألفاظ الجرح. ولذا عنون العلاّمة الحلّي وابن داود المجاهيل في الجزء الثاني من كتابيهما ، وهو الجزء المختصّ بالمجروحين.
والمراد من (المهمل) هو : من عنونه أئمّة الرجال ولم يضعّفوه ، بل لم يذكر فيه مدح ولا قدح.
وكان ابن داود يعنون المهملين ؛ لأنّه يعمل بخبرهم كالممدوحين ، كما أنّه لا يصرّح بالإهمال فيمن يعنون منهم إلاّ فيمن توهّم فيه مدح ، كما في آدم بن المتوكّل ، فقال : [جش] مهمل. وكما في الحسين بن أبي الخطّاب ، فقال : [كش] مهمل(٢).
__________________
(١) الذريعة ٢٣ / ١٣.
(٢) رجال ابن داود : ٧٩.
وذهب المحقّق الداماد الى أبعد من ذلك ، فادّعى أنّ من أهمله النجاشي يكون حسناً ، حيث قال في الرواشح : «فإذاً قد استبان لك أنّ من يذكره النجاشي من غير ذمٍّ ومدح ... فيكون بحسب ذلك طريق الحديث من جهته قويّاً ، لا حسناً ولا موثّقاً ...»(١).
ولكن لفظي (المجهول) و (المهمل) عاشا في منطقة رمادية عند بعض أجلّة المتأخّرين (كالشهيد الثاني ، والمجلسي ، والمامقاني) ؛ فاختلط عليهم الفرق بين اللفظين. فحسبوا أنّ (المهمل) مجهول الحال. ولذلك فإنّهم اسقطوا المجاهيل من رجالهم.
ولكن نظرة فاحصة إلى هؤلاء المجاهيل ، يتبيّن لنا أنّهم ليسوا بمجاهيل ، بل أكثرهم كانوا مهملين في علم الرجال. ومع أنّ هذا القرن قد اكتنفه الغموض في بعض المصطلحات الأساسية لعلم الرجال ، إلاّ أنّه كان عصراً مثمراً بالفكر الرجالي.
وكان من ثمار هذا القرن أيضاً كتاب لبّ الألباب في الدراية وعلم الرجال للشيخ محمّـد جعفر الأسترابادي (ت ١٢٦٣ هـ) ، ومنظومة في أسماء الرجال للسيّد حسين بن محمّـد رضا البروجردي (ت ١٢٧٦ هـ) بعنوان : نخبة المقال في علم الرجال.
١١ ـ القرن الرابع عشر الهجري :
ويمكن عدّ هذه المرحلة من أنشط المراحل في تنقيح علم الرجال ، وإعادة ترتيبه ، وتدوينه في المدرسة الإمامية.
__________________
(١) الرواشح : ٦٨.
فكان الشيخ عبـد الله بن محمّـد حسن المامقاني (ت ١٣٥١ هـ) رائد هذا القرن في الكتابة الموسوعية لعلم الرجال ، وكتابه تنقيح المقال في أحوال الرجال من أكبر الموسوعات الرجالية المدونة عند الطائفة. فقد ترجم في تلك الموسوعة لعدد كبير من الأفراد قدّر بحوالي (١٦٣٠٧) اسماً ، منها : ١٣٣٦٨ من الأسماء ، ١٤٤٤ من الكنى ، ١٣٤٣ من الألقاب ، ١٥٢ من النساء.
ولكن ، ومع موسوعية هذا العمل الرجالي الجليل ، إلاّ أنّه اُخذ عليه : إنّ المصنّف كان يخلط بين المهمل والمجهول.
وقد راج هذا الخلط في عصر الشهيد الثاني والمجلسي إلى عصر المامقاني ، إلاّ أنّ فكرة الخلط أثارت جدلاً بين الفقهاء.
قال المحقّق الداماد في الرواشح : «لا يجوز إطلاق المجهول الاصطلاحي إلاّ على من حكم بجهالته أئمّة الرجال»(١).
إلاّ أنّ العلاّمة آغا بزرك الطهراني لم يتردّد في ردّ المحقّق الداماد ، مفسّراً موقف المتأخّرين من وصفهم الراوي بالمجهولية : «... ومن هذا التصريح يلزم الجزم بأنّ مراده من قوله (مجهول) ليس أنّه محكوم بالجهالة عند علماء الرجال ، حتّى يصير هو السبب في صيرورة الحديث من جهته ضعيفاً ، بل مراده أنّه مجهول عندي ، ولم أظفر بترجمة مبيّنة لأحواله»(٢).
ولكن الحقّ أنّ علم الرجال لا يحتمل هذا التفسير ، فعندما يصرّح عالم الرجال بمجهولية راو لا بدّ أن يكون صريحاً في مجهولية ذلك الراوي عنده ، لا أن يطلق اللفظ بحيث يتبادر إلى الذهن مجهوليته على الإطلاق.
__________________
(١) الرواشح : ٦٠ الراشحة الثالثة عشرة.
(٢) الذريعة ٤ / ٤٦٧.
وقد كان العلاّمة الحلّي صريحاً غاية الصراحة في ذلك ، فيقول ـ عن المجهول الذي يتوقّف عن العمل بنقله ـ : «... لكونه مجهولاً عندي»(١). فيكون موقف المحقّق الداماد في محلّه.
أمّا بقية التصنيفات في هذا القرن فهي كالتالي :
أ ـ كتاب توضيح المقال في علم الدراية والرجال للشيخ علي بن قربان علي الكني (ت ١٣٠٦ هـ). مطبوع مع رجال أبي علي.
ب ـ كتاب طرائف المقال في معرفة طبقات الرجال للسيّد علي أصغر بن محمّـد شفيع الجابلقي البروجردي (ت ١٣١٣ هـ).
ج ـ كتاب شعب المقال للميرزا نجم الدين أبو القاسم بن محمّـد بن أحمد بن مهدي بن أبي ذر النراقي (ت ١٣١٩ هـ).
د ـ كتاب إتقان المقال في أحوال الرجال للشيخ محمّـد مهدي نجف (ت ١٣٢٣ هـ).
هـ ـ كتاب ملخّص المقال للميرزا إبراهيم بن الحسن الدنبلي (ت ١٣٢٥ هـ).
و ـ كتاب بهجة الآمال في شرح زبدة المقال في علم الرجال للشيخ علي بن عبـد الله بن محبّ الله بن محمّـد جعفر العلياري التبريزي (ت ١٣٢٧ هـ).
والكتاب من خمسة مجلّدات بالطبعة الحجرية ، ثلاثة منها شرح مزجي لكتاب زبدة المقال في معرفة الرجال تأليف العلامة السيد حسين البروجردي (ت ١٣٨٠ هـ) ، وهو منظومة في علم الرجال جاء فيها :
__________________
(١) الخلاصة : ٢.
|
سمّيته بزبدة المقال |
|
في البحث عن معرفة الرجال |
|
ناظمه الفقير في الكونين |
|
هو الحسين بن رضا الحسيني |
والمجلّدان الآخران منها شرح لـ : منتهى المقال ، وهو منظومة للشارح نظمت من أجل تكميل منظومة البروجردي ، ولم يذكر السيد البروجردي قدسسره المتأخّرين ولا المجاهيل من الرواة. فاستدرك الشارح (العلياري) ذلك النقص وأتمه بالنظم والشرح في المجلّدين الأخيرين. وتركيبة الكتاب مؤلّفة من : مقدّمة وعشرة فصول. أمّا الفصل الحادي عشر فهو في أصحاب الإجماع.
ز ـ كتاب رجال الخاقاني للشيخ علي الخاقاني (ت ١٣٣٤ هـ) ، وفيه فوائد رجالية قيمة مع تعريف للمذاهب والفرق المنحرفة.
ح ـ كتاب عين الغزال في فهرس أسماء الرجال للميرزا فضل الله بن شمس الدين اللواساني (ت ١٣٥٣ هـ). وهو «كتاب لطيف اقتصر فيه على الرواة إلى الطبقة السابعة ، وهي طبقة الكليني ، ورتّبهم في جدولين لطيفين ، أحدهما : فيمن تحقّق له أصل أو كتاب أو راو معيّن عنه. والثاني : فيمن لم يتحقّق فيه ذلك»(١).
ط ـ مجموعة كتب رجالية للسيد أبو محمّـد الحسن بن هادي الصدر (ت ١٣٥٤ هـ) وهي : تكملة أمل الآمل ، ونكت الرجال ، ومختلف الرجال ، وعيون الرجال ، وبغية الوعاة في طبقات مشايخ الإجازات.
ي ـ مجموعة كتب رجالية للشيخ أبو الهدى كمال الدين ابن الميرزا
__________________
(١) مصفى المقال : ٣٦٤ ـ ٣٦٥.
أبي المعالي الكلباسي الأصفهاني (ت ١٣٥٦ هـ) ، وهي : سماء المقال في تحقيق علم الرجال ، والدرّ الثمين في المصنّفات والمصنّفين ، والفوائد الرجالية.
ك ـ مجموعة رجالية للسيّد هبة الدين محمّـد علي بن حسين الشهرستاني (ت ١٣٨٦ هـ) وهي : ثقات الرواة ، والشجرة الطيّبة في سلسلة مشايخ الإجازات ، وطبقات أصحاب الروايات.
ل ـ كتاب مصفى المقال في مصنّفي علم الرجال للشيخ المحقّق آغا بزرك الطهراني (ت ١٣٨٩ هـ). وهو كتاب شامل يتناول التصنيفات الرجالية عند الطائفة منذ البداية وحتّى زمان تصنيفه.
١٢ ـ القرن الخامس عشر الهجري :
وهي مرحلة النقد الذاتي لعلم الرجال ، ومن أهمّ أعمال هذه المرحلة لحد الآن ، ونحن لا نزال في الربع الأوّل من القرن الخامس عشر ، كتاب معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة للسيّد أبو القاسم بن علي أكبر الخوئي (ت ١٤١٣ هـ) ، حيث ترجم فيه لـ (١٥٦٧٦) راوياً وراوية في أربعة وعشرين مجلّداً.
وقد حاول السيّد الخوئي قدسسره تثبيت المفاهيم الرجالية التي آمن بها ، وجعلها مقاييس عامة للتوثيق والتعديل ، أو التجريح والإسقاط. فقد كان الفقهاء يوثّقون من يجدونه وكيلاً للإمام عليهالسلام على قاعدة : إنّ الوكالة عبارة عن توثيق المعصوم عليهالسلام للوكيل.
بينما ينتهي السيّد الخوئي على خلاف المشهور ، من أنّ الوكالة من الإمام عليهالسلام أمر لا يوجب التوثيق ـ وإن أوجب الاعتماد فيما يوكّل إليه ـ وإنّ
ما لها من مداليل لا يشعر جميعها بأمانة الحديث بأيّ حال من الأحوال.
وقد سلك قدسسره طريقاً جديداً في التعرّض للرواة من كتب الرجال والحديث معاً ، وفي عدم الاكتفاء بتوثيقات المتأخّرين للرواة إن كان للقدماء فيهم رأي ، بل التدقيق على وجه علمي عن سبل وثاقتهم وحسنهم.
فقد ضعّف من الرجال من مضى على توثيقه عدّة قرون ، أو وثّق من مشى تضعيفه في أكثر الكتب الرجالية وأخطرها ، ثم قد وجد اتحاداً بين كثير من الرجال الذين تعدّدت أسماؤهم وعناوينهم ، أو وجد في كثير ممّن رأوا اتّحادهم تعدّداً واضحاً أغفله القدامى والمحدّثون(١).
وبكلمة ، فقد كانت نظرية السيّد الخوئي في علم الرجال هو : الاجتهاد في التوثيقات بناءً على الأُسس العلمية المتّفق عليها بين الفقهاء.
ويتميّز كتاب معجم رجال الحديث بميزة علمية فريدة وهي : الاستدلال على إثبات مستوى الراوي من حيث الوثاقة والحسن ، عن طريق الاستقصاء لجميع ما ذُكر في تقييم حال الراوي من روايات وأقوال ، وذكر أسماء جميع الرواة الذين روى عنهم وذكر أسماء جميع الرواة الذين رووا عنه.
وهذا التوجّه يمثّل مصداقاً لنظرية السيّد الخوئي المتمثّلة بالاجتهاد في توثيق الرواة.
ومن الكتب الرجالية النقدية كتاب قاموس الرجال للشيخ المحقّق محمّـد تقي التستري. وهو دراسة نقدية رجالية موسّعة لكتاب تنقيح المقال للشيخ المامقاني قدسسره. ومن انتقادات المصنّف على الشيخ المامقاني :
__________________
(١) معجم رجال الحديث : ١٤ المقدمة.
١ ـ كثرة التطويل عند المامقاني ، كضميمة توثيق جمع من المتأخّرين إلى ما وثّقه القدماء. إلاّ أنّ المحقّق التستري يرى أنّه لا أثر له بعد وجود الأصل الواضح.
٢ ـ اشتباهات وردت في تنقيح المقال ، لاسيّما فيما ينقله عن كتاب جامع الرواة ، فيذكر الراوي مرويّاً عنه والمروي عنه راوياً ، والرجل المترجم راوياً ومرويّاً عنه ، والواحد المعبر عنه بتعبيرات مختلفة في الأحاديث متعدّداً.
٣ ـ التسوية بين من أهملوا حاله ولم يذكروا فيه قدحاً ولا مدحاً ومن جرحوه بالمجهولية.
هذه أهمّ المصنّفات الرجالية الرئيسية في المدرسة الإمامية.
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ هناك مصنفات عديدة أُخرى أحجمنا عن ذكرها بغية الاختصار ، وإنّ ما ذكرناه كاف للتدليل على المراد ، وقد كانت الحوزة العلمية الأرض الخصبة للتطوّر الرجالي عند الشيعة الإمامية.
الفصل الثالث
الأُصول الأربعمائة والمجاميع الحديثية الأربع
مقدّمة :
لا شكّ أنّ الحديث عن الأُصول الأربعمائة في المدرسة الإمامية ، يعكس مصداقاً من مصاديق تبدّل الزمان والمكان. وقد عبّر الشهيد الثاني عن ذلك بالقول : «وكان قد استقرّ أمرُ المتقدّمين : على أربعمائة مصنَّف لأربعمائة مصنِّف سمّوها : الأُصول ، وكان عليها اعتمادهم ، ثمّ تداعت الحال إلى ذهاب معظم تلك الأُصول ، ولخّصها جماعة في كتب خاصّة ، تقريباً على المتناول»(١). فكانت أحسن الكتب التي جمعت تلك الأُصول المفقودة ، هي : الكافي ، والتهذيب ، والاستبصار ، ومن لا يحضره الفقيه.
وقد اختلف الفقهاء المتأخّرين في استظهار معنى الأُصول ، خصوصاً وأنّ المتقدّمين ـ كالشيخ المفيد والنجاشي والشيخ الطوسي ـ لم يقدّموا تعريفاً للمصطلح ، بل أرسلوه إرسال المسلّمات.
والتحقيق ، أنّ ما اصطلح على أنّ فلان له أصل ، أو له أصل وكتاب ، اُريد منه أنّه كتب ما سمعه عن الأئمّة عليهمالسلام عموماً ، وعن الإمام الصادق عليهالسلام بالخصوص مباشرة ، وجمعه بين دفّتي مخطوط سُمّي أصلاً.
أمّا إذا كان بينه وبين الإمام عليهالسلام واسطة ـ بمعنى أنّه لم يكن موجوداً زمن الإمام عليهالسلام أو أنّه لم يستطع مقابلة الإمام عليهالسلام والسماع منه مباشرة بل
__________________
(١) شرح البداية في علم الدراية : ٧٤.
سمع من أفراد آخرين بعيدين زمنيّاً عن الإمام عليهالسلام ـ فإنّ ما كتبه كان كتاباً وليس أصلاً.
وهذا التمييز بين الأصل والكتاب دقيق ومهم للغاية ، ويظهر ـ فيما يظهر ـ اعتناء الأصحاب (رضوان الله عليهم) بدقّة نقل الحديث ، وتنبع أهمّية التمييز بين الأصل والكتاب من خلال دراسة الظواهر الاجتماعية التي كان يعيشها عصر النصّ ، خصوصاً محاولات السلطة السياسية اختلاق أحاديث مزوّرة كان هدفها تزوير الأحكام الشرعية ومحو حقائق الدين.
فكان الأصحاب يعتنون بالأُصول باعتبار أنّ وجودها وجود أصلي واقعي بدوي غير متفرّع من وجود آخر ، ولذلك أطلق عليه بالأصل.
قال الوحيد البهبهاني (ت ١٢٠٥ هـ) أنّ : «الأصل هو الكتاب الذي جمع فيه مصنّفه الأحاديث التي رواها عن المعصوم عليهالسلام أو عن الراوي عنه»(١).
وهو الصحيح ؛ لأنّ الأصل من كتب الحديث تعكس حقيقة تأريخية ، وهي أنّ الراوي إنّما كتب الرواية التي سمعها عن المعصوم عليهالسلام مباشرة أو عمّن سمع منه ولم ينقلها عن كتاب أو عن مكتوب آخر.
ومقتضى صيرورة تلك المؤلّفات أُصولاً : إنّ تأليفها كان في عصر الإمام المعصوم عليهالسلام.
الأُصول الأربعمائة :
ولا شكّ أنّ للأصل ميزة علمية ، وهي أنّ احتمال الخطأ أو السهو في
__________________
(١) الفوائد الرجالية : ٣٤. مطبوع مع رجال الخاقاني.
الأصل المسموع بالمشافهة عن المعصوم عليهالسلام أقلّ منها في الكتاب المنقول ، وبذلك فإنّنا نطمئنّ بالمطابقة بين الألفاظ الصادرة عن المعصوم عليهالسلام وبين عين الألفاظ المندرجة في الأُصول ، خصوصاً إذا كان مؤلّف الأصل من المعتمدين عند الطائفة ، فإنّ حديثه المنقول عن المعصوم عليهالسلام يكون حجّة شرعية بالنسبة لنا ، وقد أخذ بذلك الكثير من فقهائنا الأعلام.
فقد صرّح الشيخ البهائي (ت ١٠٣١ هـ) في مشرق الشمسين : بأنّ من الأُمور الموجبة لصحّة الحديث عند القدماء ، هو وجود الحديث في كثير من الأُصول الأربعمائة المشهورة المتداولة عندهم ، وتكرّر الحديث في أصل أو أصلين منها بأسانيد مختلفة متعدّدة ، ووجوده في أصل رجل واحد معدود من أصحاب الإجماع(١).
بينما كان المحقّق الداماد ، وبعد أن تطرّق إلى الأُصول الأربعمائة ، قد تمّم رأي الشيخ البهائي بالقول : «وليعلم أنّ الأخذ من الأُصول المصحّحة المعتمدة أحد أركان تصحيح الرواية»(٢).
ونظرة فاحصة إلى أُسلوب كتابة تلك الأُصول يمنحنا بعداً تأريخيّاً ؛ لفهم طبيعة نقل الحديث ودقّة اتّباع أهل البيت عليهمالسلام في نقل النصوص إلى الأجيال الجديدة المبتعدة عن زمن النصّ ، وفي ذلك ثلاثة أدلّة :
١ ـ روى السيّد ابن طاووس (ت ٦٧٣ هـ) بإسناده عن أبي الوضّاح محمّـد بن عبـد الله بن زيد النهشلي ، عن أبيه ، أنّه قال : «كان جماعة من أصحاب أبي الحسن الكاظم عليهالسلام من أهل بيعته وشيعته يحضرون مجلسه
__________________
(١) مشرق الشمسين : ٢٦٩.
(٢) الرواشح : الراشحة التاسعة والعشرون.
ومعهم في أكمامهم ألواح آبنوس لطاف وأميال فإذا نطق أبو الحسن بكلمة ، أو أفتى في نازلة ؛ أثبت القوم ما سمعوه منه في ذلك»(١).
٢ ـ ما ذكره الشيخ البهائي (ت ١٠٣١ هـ) من أنّه : «قد بلغنا عن مشايخنا قدسسرهم أنّه كان دأب أصحاب الأُصول أنّهم إذا سمعوا عن أحد من الأئمّة عليهمالسلام حديثاً بادروا إلى إثباته في أُصولهم ؛ لئلاّ يعرض لهم نسيان لبعضه أو كلّه بتمادي الأيّام»(٢).
٣ ـ ما ذكره المحقّق الداماد (ت ١٠٤٠ هـ) من أنّه : «يقال : قد كان من دأب أصحاب الأُصول أنّهم إذا سمعوا من أحدهم عليهمالسلام حديثاً ؛ بادروا إلى ضبطه في أُصولهم من غير تأخير»(٣).
ويبدو من هذه النصوص : إنّ بعض الأصحاب كانت لديه ألواحاً يكتب عليها ما كان يقوله الإمام عليهالسلام ، وكانت تلك الألواح الخشبية المصنوعة من الآبنوس الناعم شخصية الطابع ، حيث يرجع إليها الراوي للتأكّد من دقّة ألفاظ الحديث ، وتلك الألواح كانت دائماً عرضة للتلف ، فأخذ الفقهاء يجمعون الأحاديث الشريفة من تلك الألواح في مجاميع حديثية أربعة نتناولها اليوم ، وهي : الكافي ، والتهذيب ، والاستبصار ، ومن لا يحضره الفقيه.
والمشهور بين فقهاء الطائفة : إنّ عدد الأُصول كان أربعمائة ؛ ولذلك أُطلق عليها الاسم.
وإلى ذلك أشار الشيخ أمين الإسلام الطبرسي (ت ٥٤٨ هـ) إلى أنّه :
__________________
(١) مهج الدعوات : ٢١٩.
(٢) مشرق الشمسين : ٢٧٤.
(٣) الرواشح : بداية الراشحة التاسعة والعشرين.
«روى عن الإمام الصادق عليهالسلام ـ من مشهوري أهل العلم ـ اربعة آلاف ، وصنّف من جواباته في المسائل أربعمائة كتاب تُسمّى : الأُصول ، رواها أصحابه ، وأصحاب ابنه موسى الكاظم عليهالسلام»(١).
وكتب المحقّق الحلّي (ت ٦٧٦ هـ) قائلاً : «إنّه كتبت من أجوبة مسائل جعفر بن محمّـد أربعمائة مصنَّف لاربعمائة مصنِّف سمّوها أُصولاً»(٢).
وذكر الشهيد الأوّل (ت ٧٨٦ هـ) أنّه قد : «كتبت من أجوبة الإمام الصادق عليهالسلام أربعمائة مصنَّف لأربعمائة مصنِّف ، ودوّن من رجاله المعروفين أربعة آلاف رجل»(٣).
وذكر ذلك أيضاً الشيخ الحسين بن عبـد الصمد (ت ٩٨٤ هـ) في درايته(٤) ، والمحقّق الداماد (ت ١٠٤٠ هـ) في رواشحه(٥).
والتحقيق :
إنّ تلك الأُصول الأربعمائة قد كتبت في عصر أصحاب الإمام الصادق عليهالسلام ، سواء كانوا مختصّين به ، أو ممّن كانوا قد أدركوا أباه الإمام الباقر عليهالسلام أو أدركوا ابنه الإمام الكاظم عليهالسلام.
وقد نشطت في تلك الفترة ، وهي فترة ضعف الدولتين الأُموية والعباسية من سنة ٩٥ إلى سنة ١٧٠ للهجرة ، حركة العلم والكتابة والتأليف ، وكان عميد جامعة أهل البيت عليهمالسلام في تلك الفترة الإمام جعفر بن محمّـد
__________________
(١) إعلام الورى : ٢٠٠.
(٢) المعتبر : ٢٦.
(٣) الذكرى ١ / ٥٩.
(٤) الدراية ـ الشيخ حسين بن عبـد الصمد ـ : ٤٠.
(٥) الرواشح : الراشحة التاسعة والعشرون.
الصادق عليهالسلام ، الذي أحيى سنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد أن أراد الأُمويّون إبادتها ومحوها من الوجود.
ومن الجدير ذكره :
إنّ الأُصول الأربعمائة لم تكن مرتّبة ترتيباً موضوعياً أو معجمياً ، بل كانت الروايات تكتب حسبما يقتضيه التسلسل الزمني للراوي لا التسلسل الموضوعي للروايات ، ولذلك فإنّ الفقهاء القدامى حاولوا جمع تلك الأُصول الأربعمائة ، وتبويبها ، وتنقيحها بشكل يسهل الانتفاع منها في المجاميع الحديثية الكبرى عند الإمامية ، وعندها ضعف الاندفاع نحو استنساخ الأُصول الأربعمائة ؛ لمشقّة الاستفادة منها ، وأصبحت المجاميع الحديثية هي البديل الموضوعي لأحاديث أهل بيت النبوّة عليهمالسلام.
وسوف نعرض نموذجاً مختصراً لهذه الأُصول ، وقد استوفاها بحثاً العلاّمة المحقّق الشيخ آغا بزرك الطهراني قدسسره في الذريعة المجلّد الثاني ص ١٢٥ ـ ١٦٧. فأدرج أسماء (١١٧) أصلاً ، حسبما أوصله تتبّعه العلمي حول الموضوع.
فمن هذه الأُصول :
١ ـ أصل أبان بن تغلب بن رباح البكري ، وهو : ثقة ، جليل القدر ، عظيم المنزلة في أصحابنا ، خدم ثلاثاً من الأئمّة عليهمالسلام السجاد ، والباقر ، والصادق عليهمالسلام.
قال له الباقر عليهالسلام : «أُجلس في مسجد المدينة وافت الناس ، فإنّي أُحبُّ أنْ يُرى في شيعتي مثلك»(١).
__________________
(١) حصر الاجتهاد : ٣٩.
ومات أبان سنة ١٤١ هـ ، فلمّا أتى الإمام الصادق عليهالسلام نعيه ، قال عليهالسلام : «لقد أوجع قلبي موت أبان»(١).
وذكر الشيخ الطوسي في فهرسه أصلاً لأبان بن تغلب.
٢ ـ أصل أحمد بن الحسين بن عمر بن يزيد الصيقل ، كنيته أبو جعفر كوفي ، ثقة ، روى عن أبي عبـد الله عليهالسلام وأبي الحسن الكاظم عليهالسلام. ترجمه النجاشي ، واستظهر ابن طاووس بأنّ كتبه كانت أُصولاً.
٣ ـ أصل إسحاق بن عمّار بن موسى الساباطي ، وكان من أصحاب الإمام الصادق عليهالسلام ، ويرويه عنه محمّـد بن أبي عمير ، ذكره الشيخ الطوسي في الفهرست ، وقال : إنّه فطحي ، ثقة.
الكتب الحديثية الأربعة :
وهي الكتب التي صنّفها فقهاء الشيعة اعتماداً على الأصول الأربعمائة المندرسة ، وتلك الكتب هي : الكافي ، والتهذيب ، والاستبصار ، ومن لا يحضره الفقيه.
١ ـ الكافي :
وهو من أجلّ الكتب الأربعة في الحديث ، ومن الأُصول المعتمدة في ما نقل عن آل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
من تأليف الشيخ محمّـد بن يعقوب الكليني البغدادي
__________________
(١) حصر الاجتهاد : ٣٩ في الهامش.
(ت ٣٢٩ هـ) ، كتبه في الغيبة الصغرى مدّة عشرين عاماً.
واشتمل الكافي على أربعة وثلاثين كتاباً ، وثلاثمائة وستّة وعشرين باباً. وينقسم إلى ثلاثة أقسام : الأُصول ، والفروع ، والروضة. مطبوع بثمان مجلّدات. وعدد الأحاديث الموجودة فيه (١٩٩ ،١٦) حديثاً ، منها : (٥٠٧٢) صحيح باصطلاح المتأخّرين ، و (١٤٤) حسن ، و (١٠١٨) موثّق ، و (٣٠٢) قويّ ، و (٩٤٨٥) ضعيف(١).
وتكمن أهمّية كتاب الكافي في أنّه صُنّف زمن الغيبة الصغرى ، وهي فترة حسّاسة في تاريخ الشيعة الإمامية ، حيث أوكل الإمام المهدي عليهالسلامأربعة أشخاص يكونوا جسراً بينه وبين الأُمّة ، وهم : عثمان بن سعيد العمري ، وولده أبو جعفر محمّـد ، وأبو القاسم الحسين بن روح ، وعلي بن محمّـد السمري.
وقد كان الاتصال بالإمام المعصوم عليهالسلام عن طريق الوكلاء ـ صمّام أمان ـ لفضح الكتب الحديثية المزوّرة ، فكان الكافي من أضبط الكتب الحديثية وأجمعها ، فهو لم يتعرّض لأيّ لون من ألوان التجريح ، بل كان العكس ، بحيث قال النجاشي في ترجمة الكليني مصنّف الكتاب : «كان من أوثق الناس في الحديث وأثبتهم»(٢).
ولكن ، ومع أنّ الكافي من الكتب الحديثية المعتبرة عند الإمامية وتدور عليه رحى الاستنباط ، إلاّ أنّه احتوى على روايات صحيحة وأُخرى غير صحيحة ؛ وعليه لا بدّ للمجتهد من التمييز بين الصحيح وغير الصحيح.
__________________
(١) قام بعدّ الأحاديث الشيخ يوسف البحراني (ت ١١٨٦ هـ) في كتابه لؤلؤة البحرين : ٣٩٤.
(٢) رجال النجاشي رقم ١٠٢٦.
إذن نؤكّد على نقطتين هنا في غاية الأهمّية ، وهما :
١ ـ إنّ أسماء ـ الرواة التي وردت في الكتاب ـ ليس كلّها من الثقات. فقد صرّح الكليني بصحّة روايات كتبه ، لا بوثاقة رجال رواياته.
والمراد من صحّة الروايات هو : اقترانها بقرائن موضوعية أو شرعية تفيد الاطمئنان بصدورها عن أئمّة الهدى عليهمالسلام ، فقد تجتمع قرائن موضوعية عند أحد الفقهاء لتوثيق راو معيّن ، بينما لا تنهض تلك القرائن عند فقيه آخر إلى درجة الوثاقة. مثلاً : وثاقة إبراهيم بن هاشم عند العلاّمة المامقاني ، قال : «... ألا ترى أنّهم ذكروا في إبراهيم بن هاشم ، أنّه أوّل من نشر أحاديث الكوفيّين بقم ، وهذا يدلّ على ما هو أقوى من حسن الظاهر بمراتب ؛ لأنّ أهل قم كان من شأنهم عدم الوثوق بمن يروي عن الضعفاء ، بل كانوا يخرجونه من بلدهم ، فكيف بمن كان هو في نفسه فاسقاً أو على غير الطريقة الحقّة؟!
فتحقّق نشر الأخبار بينهم يدلّ على كمال جلالته ، ومع ذلك لم يصرّح فيه أحد بالتوثيق والتعديل»(١).
فوثاقة إبراهيم بن هاشم عند العلاّمة المامقاني قد لا تجد لها صدىً عند فقيه آخر.
وبالنتيجة أنّ التوثيق أمر اجتهادي ، يخضع لضوابط مثل : تعارف الفقهاء على صدق الراوي ، وشياع ذلك ، وإمارات وقرائن تحفُّ به خلال روايته بما يفيد القطع واليقين والاطمئنان.
وتصريح الكليني بصحّة روايات كتبه ، تدلّ على تمام القرائن
__________________
(١) تنقيح المقال ١ / ١٧٦ المقدمة.
الموضوعية للرواة عنده ، ومن تلك القرائن :
«١ ـ وجود [الحديث] في كثير من الأصول الأربعمائة المشهورة المتداولة بينهم التي نقلوها عن مشايخهم بطرقهم المتصلة بأصحاب العصمة سلام الله عليهم.
٢ ـ وكتكرره في أصل أو أصلين منها فصاعداً ، بطرق مختلفة أو أسانيد عديدة معتبرة.
٣ ـ وكوجوده في أصل معروف الانتساب إلى أحد الجماعة ، الذين أجمعوا على تصديقهم ، كزرارة ، ومحمّـد بن مسلم ، والفضيل بن يسار.
٤ ـ أو على تصحيح ما يصحّ عنهم ، كصفوان بن يحيى ، ويونس بن عبـد الرحمن ، وأحمد بن محمّـد بن أبي نصر البزنطي.
٥ ـ أو العمل بروايتهم كعمّار الساباطي ونظرائه.
٦ ـ وكاندراجه في أحد الكتب التي عرضت على أحد الأئمّة المعصومين عليهمالسلام فأثنوا على مؤلّفيها ، ككتاب عبيد الله الحلبي الذي عرض على الصادق عليهمالسلام ، وكتابي يونس بن عبـد الرحمن والفضل بن شاذان ، المعروضين على الإمام العسكري عليهالسلام.
٧ ـ وكأخذه من أحد الكتب التي شاع بين سلفهم الوثوق بها والاعتماد عليها ، سواء كان مؤلّفوها من الإمامية ، ككتاب الصلاة لحريز بن عبـد الله السجستاني ، وكتب بني سعيد ، وعلي بن مهزيار ، أو من غير الإمامية ، ككتاب حفص بن غياث القاضي ، والحسين بن عبيد الله السعدي ، وكتاب القبلة لعلي بن الحسن الطاطري»(١).
__________________
(١) الوافي ١ / ١١ ـ ١٢ المقدمة الثانية.
٢ ـ إنّ الروايات الواردة في الكتاب ليست كلّها صحيحة أو معتبرة ، وقد لاحظنا الأرقام التي أعدّها المحدّث البحراني في كتابه لؤلؤة البحرين ، فكان الصحيح منها ـ باصطلاح المتأخّرين ـ (٥٠٧٢) حديثاً من مجموع (١٩٩١٦) حديثاً (أي بنسبة ٣١ %) ، وهذه النسبة تغطّي معظم الأحكام الشرعية؟ لأنّ هناك الكثير من الأحاديث المكرّرة في ذات الموضوع. ومع ذلك فقد زُعِمَ بأنّ الاحتفاء الذي تمتّع به الكتاب يقتضي استغناء الفقيه عن التتبّع في آحاد رواته.
فقد وصفه الشيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ) : بأنّه من أعظم كتب الشيعة.
وقال فيه الشهيد الأوّل (ت ٧٨٦ هـ) : إنّه لم يعمل للإمامية مثله.
وقال فيه العلامة المجلسي (ت ١١١١ هـ) : بأنّه أضبط الأُصول وأجمعها.
ولكن مجرّد الاحتفاء بالكتاب لا يعبّر عن عصمته في جمع الأحاديث المعتبرة ؛ والضبط في الجمع والتبويب لا يحرز ضمّ الأحاديث الصحيحة بمعناها الواقعي. فهو قدسسره وإن لم يروِ في كتابه بلا واسطة إلاّ عن الثقات ، إلاّ أنّه مع الواسطة روى عن الثقات وغير الثقات ، وهذا المورد يستدعي التدقيق في الروايات من قبل أجيال الفقهاء التي لحقت بعصر الكليني قدسسره.
ووثاقة الكليني ، وضبطه ، وتحرّزه لا تضمن تماماً الوقوع في خطأ النقل عن الضعفاء. فقد يحصل ذلك استثناءً. وهذا ـ بحدّ ذاته ـ يستدعي التدقيق أيضاً. وقريب من ذلك ما فعله النجاشي ، فقد كان النجاشي ، إذا تعلّق الأمر بلا واسطة ، لا يروي إلاّ عن ثقة. إمّا مع الواسطة فهو يروي عن الثقة وغير الثقة.
يقول النجاشي في ترجمة أبي الفضل محمّـد بن عبـد الله بن محمّـد : «كان [قد أفنى] في طلب الحديث عمره ، أصله كوفي ، وكان في أوّل أمره ثبتاً ثمّ خلط ، ورأيت جلّ أصحابنا يغمزونه ويضعّفونه ، له كتب ... رأيت هذا الشيخ ، وسمعتُ منه كثيراً ، ثمّ توقّفت عن الرواية عنه إلاّ بواسطة بيني وبينه»(١).
ولم يعتقد الشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) بصحّة جميع روايات الكافي ، فنقل روايات من الكافي في كتابيه التهذيب والاستبصار ، وناقش في أسنادها وحكم بضعفها.
قال العلاّمة المجلسي : «أمّا جزم بعض المجازفين بكون جميع الكافي معروضاً على القائم عليهالسلام ؛ لكونه في بلد السفراء [بغداد] ، فلا يخفى ما فيه.
نعم ، عدم إنكار القائم وآبائه : عليه وعلى أمثاله من تأليفاتهم ورواياتهم ممّا يورث الظنّ المتاخم للعلم بكونهم : راضين بفعلهم ومجوّزين للعمل بأخبارهم»(٢).
و «الحقّ عندي أنّ وجود الخبر في أمثال تلك الأُصول المفيدة ، ممّا يورث جواز العمل به ، ولكن لا بدّ من الرجوع إلى الأسانيد ؛ لترجيح بعضها على بعض عند التعارض»(٣).
ويؤيّد ذلك ما ورد في مقدّمة كتاب الكافي ذاته من عدم الجزم بقطعية صحّة جميع الروايات الواردة عن المعصومين عليهمالسلام ، فيقول :
__________________
(١) رجال النجاشي رقم ١٠٥٩.
(٢) مرآة العقول ١ / ٢٢ مقدمة المؤلف.
(٣) مرآة العقول ١ / ٢٢ مقدمة المؤلف.
«فاعلم يا أخي ـ أرشدك الله ـ أنّه لا يسع أحداً تمييز شيء ممّا اختلف الرواية فيه عن العلماء : برأيه ، إلاّ على ما أطلقه العالم بقوله عليهالسلام : اعرضوها على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله عزّ وجلّ فخذوه ، وما خالف كتاب الله فردّوه ، وقوله عليهالسلام : دعوا ما وافق القوم فإنّ الرشد في خلافهم ، وقوله عليهالسلام : خذوا بالمجمع عليه ، فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه. ونحن لا نعرف من جميع ذلك إلا أقلّه ولا نجد شيئاً أحوط ولا أوسع من ردّ علم ذلك كلّه إلى العالم عليهالسلام وقبول ما وسع من الأمر فيه بقوله عليهالسلام : بأيّما أخذتم من باب التسليم وسعكم»(١).
٢ ـ من لا يحضره الفقيه :
وهو الكتاب الثاني في الحديث ، من تأليف الشيخ محمّـد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي (ت ٣٨١ هـ) ، المعروف بالشيخ الصدوق.
اقتبس المصنّف اسم كتابه من كتاب من لا يحضره الطبيب لمحمّـد بن زكريا الرازي.
ويعتبر الكتاب من الكتب الدقيقة في الحديث ، بل إنّ «من الأصحاب من يذهب إلى ترجيح أحاديث من لا يحضره الفقيه على غيره من الكتب الأربعة ؛ نظراً إلى زيادة حفظ الصدوق ، وحسن ضبطه ، وتثبّته في الرواية ، وتأخّر كتابه عن الكافي ، وضمانه فيه بصحّة مايورده ، وإن لم يقصد فيه قصد المصنّفين في إيراد جميع ما رووا ، وإنّما يورد فيه ما يفتي به ويحكم
__________________
(١) الكافي ١ / ٩.
بصحّته ، ويعتقد أنّه حجّة بينه وبين ربّه»(١).
ومجموع أحاديث الكتاب (٥٩٦٣) حديثاً في (٤٤٦) باباً في أربعة مجلّدات. المسانيد فيه (٣٩١٣) حديثاً ، والمراسيل (٢٠٥٠) حديثاً(٢).
واتخذ الشيخ الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه منهجاً جديداً مغايراً لمنهج الشيخ الكليني ، فاختصر الصدوق أسانيد الروايات ، وحذف أوائل السند ، ووضع المشيخة في خاتمة من لا يحضره الفقيه ؛ من أجل معرفة طريقه إلى من روى عنه.
بينما كان منهج الكليني في الكافي هو سرد السند بالكامل على الأغلب.
ولا شكّ أنّ كتاب من لا يحضره الفقيه لم يفلت من النقاش الدائر حول مدى حجّية جميع الروايات الواردة فيه :
١ ـ فقد زُعم بأنّ كتاب من لا يحضره الفقيه كتاب فتوى ، ولا بدّ أن تكون الروايات الواردة فيه صحيحة. فقد قال المصنّف قدسسره في مقدّمته : «بل قصدتُ إلى إيراد ما أُفتي به وأُحكم بصحّته»(٣).
وبطبيعة الحال ، فإنّ وثوق الخبر عند المتقدّمين كان نابعاً من كونه من المعصومعليهالسلام ، لا كون الراوي من الثقات.
وقد أشار إلى ذلك المحقّق البهبهاني ، فقال : «إنّ الصحيح عند القدماء هو ما وثقوا بكونه من المعصوم أعمّ من أن يكون منشأ وثوقهم كون الراوي من الثقات ، أو أمارات أُخر ، ويكونوا يقطعون بصدوره عنهم أو
__________________
(١) خاتمة مستدرك الوسائل ٤ / ٦.
(٢) لؤلؤة البحرين : ٣٩٥.
(٣) من لا يحضره الفقيه ١ / ٣.
يظنّون»(١).
فبلحاظ تغيّر الزمان والمكان ، فإنّ أُصول البحث عن صحّة الروايات قد تبدّل ، فقد كان القدماء ، كالصدوق والطوسي وغيرهم يطمئنّون إلى صحّة الحديث ؛ لوجود قرائن خارجية ملموسة في ذلك الزمان ، كوجود الحديث في الأُصول الأربعمائة ، أو وجوده في الكتب المعروضة على أئمّة أهل البيت عليهمالسلام ككتاب (يونس بن عبـد الرحمن) و (فضل بن شاذان) اللذين عرضا على الإمام العسكري عليهالسلام مثلاً. وهذا لا يقطع بوثوق الرواة ، بقدر ما يكشف صحّة الروايات في تلك الأُصول والكتب.
٢ ـ إنّ مراسيل من لا يحضره الفقيه التي بلغت حوالي نصف حجم الأحاديث الكلّية في الكتاب ، بحاجة إلى بحث وتمحيص ، فهل يمكن الاعتماد على مراسيل الصدوق كما هو الحال مع أسانيده؟
قال جماعة من الفقهاء : بحجّية مراسيل الصدوق.
فقال السيّد بحر العلوم في رجاله : «إنّ مراسيل الصدوق في الفقيه كمراسيل ابن أبي عمير في الحجّية والاعتبار ، وإنّ هذه المزيّة من خواصّ هذا الكتاب لا توجد في غيره من كتب الأصحاب»(٢).
وقال المحقّق الداماد في الرواشح : «إذا كان الإرسال بالإسقاط رأساً جزماً ، كما قال المرسل (قال النبي ، أو قال الإمام) فهو يتمّ فيه ، وذلك مثل قول الصدوق في الفقيه (قال الصادق عليهالسلام : الماء يطهر ولا يطهر) ، إذ مفاده الجزم أو الظنّ بصدور الحديث عن المعصوم ، فيجب أن تكون الوسائط عدولاً في ظنّه ، والاّ كان الحكم الجازم بالإسناد هادماً لجلالته
__________________
(١) تعليقة البهبهاني (الفوائد الرجالية) : ٢٧.
(٢) رجال بحر العلوم ٣ / ٣٠٠.
وعدالته»(١).
ولا شكّ أنّ قضية المراسيل تبقى قضية معلّقة ، فحتّى لو وثق الشيخ الصدوق من صدور الرواية عن الإمام عليهالسلام ، يبقى وثوقه حدساً لا يكشف لنا عدالة الراوي أو وثاقته.
٣ ـ إنّ وجود الكتب المعتبرة ـ التي كان معوّلاً عليها زمن النصّ ـ ككتب (الفضيل بن يسار) ، و (محمّـد بن مسلم) ، و (حريز بن عبـد الله السجستاني) ، و (عبيد الله بن علي الحلبي) وغيرها ، والتي ذكرها الصدوق في كتابه ، يقتضي تكثيف البحث حولها وحول طرقها إلى المعصومعليهالسلام ، وقد قال الشيخ الصدوق : إنّ جميع ما في من لا يحضره الفقيه : «مستخرج من كتب مشهورة عليها المعوّل وإليها المرجع»(٢). إلاّ أنّ بعض تلك الكتب «هي كتب غيرهم من الأعلام المشهورين ، كرسالة والده إليه ، وكتاب شيخه محمّـد بن الحسن بن الوليد. فالروايات المودعة في الفقيه مستخرجة من هذه الكتب معتقداً أنّها كتب معروفة ومعتبرة ، وأمّا كونها صحيحة أو غير صحيحة ، فهو أمر أجنبي عن ذلك»(٣).
٣ ـ تهذيب الأحكام :
لشيخ الطائفة أبي جعفر محمّـد بن الحسن الطوسي (ت ٤٦٠ هـ).
ألّفه شرحاً لرسالة المقنعة في الفقه ، لشيخه محمّـد بن محمّـد بن النعمان المفيد (ت ٤١٣ هـ). وهو «أحد الكتب الأربعة ، المجاميع
__________________
(١) الرواشح : ١٧٤.
(٢) من لا يحضره الفقيه ١ / ٣.
(٣) معجم رجال الحديث ١ / ٨٧.
القديمة ، المعوّل عليها عند الأصحاب من لدن تأليفها حتّى اليوم. ألّفه شيخ الطائفة ، استخرجه من الأُصول المعتمدة للقدماء التي هيّأها الله له ، وكانت تحت يده من لدن وروده إلى بغداد سنة ٤٠٨ هـ ، إلى مهاجرته منها إلى النجف الأشرف»(١).
والكتاب مؤلّف من أبواب عددها ٩٣ باباً ، وعدد أحاديثه (١٢٥٩٠) حديثاً(٢) ، مطبوع بعشرة مجلّدات.
قال الشيخ الطوسي في عدّة الأُصول ـ على ما حكاه الفيض الكاشاني ـ : «إنّ ما أورده في كتابي الأخبار إنّما أخذه من الأُصول المعتمد عليها»(٣).
وبعد أن ذكر الشيخ قدسسره مختاره في حجّية خبر الواحد ، إذا كان راويه إماميّاً ، ولم يطعن في روايته ، وكان سديداً في نقله ، قال : «والذي يدلّ على ذلك إجماع الفرقة المحقّة ، فإنّي وجدتها مجمعة على العمل بهذه الأخبار التي رووها في تصانيفهم ، ودوّنوها في أُصولهم ، لا يتناكرون ذلك ، ولا يتدافعونه حتّى أنّ واحداً منهم إذا أفتى بشيء لا يعرفونه سألوه : من أين قلت هذا؟ فإذا أحالهم إلى كتاب معروف ، أو أصل مشهور ، وكان راويه ثقة لا ينكر حديثه ، سكتوا وسلّموا الأمر في ذلك ، وقبلوا قوله ...
وممّا يدلّ أيضاً على جواز العمل بهذه الأخبار ـ التي أشرنا إليها ـ ما ظهر من الفرقة المحقّة من الاختلاف الصادر عن العمل بها ، فإنّي
__________________
(١) الذريعة ٤ / ٥٠٤.
(٢) لؤلؤة البحرين : ٣٩٦.
(٣) نقلها الفيض الكاشاني في الوافي ١ / ١١ المقدّمة الثانية ـ طبعة حجرية. والعبارة غير موجودة في (عدّة الأُصول) ، ولعلّها حُذفت من قبل النسّاخ قبل تحقيق الطبعات الحديثة.
وجدتها مختلفة المذاهب في الأحكام ، يفتي أحدهم بما لا يفتي به صاحبه في جميع أبواب الفقه ، من الطهارة إلى باب الديّات من العبادات ، والأحكام والمعاملات ، والفرائض وغير ذلك ، مثل اختلافهم في العدد والرؤية في الصوم ...
وقد ذكرت ما ورد عنهم عليهمالسلام من الأحاديث المختلفة ـ التي تختص بالفقه ـ في كتابي المعروف بـ : الاستبصار ، وفي كتاب تهذيب الأحكام ما يزيد على خمسة آلاف حديث ، وذكرت في أكثرها اختلاف الطائفة في العمل بها ، وذلك أشهر من أن يخفى»(١).
وهذا ما أكّده المحقّق الحلّي (ت ٦٧٦ هـ) في معارج الأُصول ، فقال : «وذهب شيخنا أبو جعفر إلى العمل بخبر العدل من رواة أصحابنا ، لكن لفظه ـ وإن كان مطلقاً ـ فعند التحقيق يتبيّن أنّه لا يعمل بالخبر مطلقاً ، بل بهذه الأخبار التي رويت عن الأئمّة عليهمالسلام ودوّنها الأصحاب ، لا أنّ كلّ خبر يرويه الإمامي يجب العمل به ، هذا الذي تبيّن لي من كلامه ، ويدّعي إجماع الأصحاب على العمل بهذه الأخبار ...»(٢).
٤ ـ الاستبصار فيما اختلف فيه من الأخبار :
وهو من تأليف الشيخ الطوسي قدسسره.
وهو أحد الكتب الحديثية الأربعة التي عليها مدار استنباط الأحكام الشرعية عند الإمامية ، ويتكوّن من ثلاثة أجزاء : الأوّل والثاني يشتملان على العبادات ، والثالث يتعلّق بالمعاملات وغيرها من أبواب الفقه ، وقد حصر
__________________
(١) عدّة الأُصول : ٣٣٧ ، ٣٥٤.
(٢) معارج الأُصول : ١٤٧.
أحاديثه بالشكل التالي :
الجزء الأوّل في (٣٠٠) باباً ، فيه (١٨٩٩) حديثاً.
الجزء الثاني في (٢١٧) باباً ، فيه (١١٧٧) حديثاً.
والجزء الثالث في (٣٩٨) باباً ، فيه (٢٤٥٥) حديثاً.
فمجموع الأبواب (٩١٥) باباً ، تتضمّن (٥٥٢١) حديثاً ، وهو مطبوع في أربعة مجلّدات.
وطريقة الشيخ في كتابي التهذيب والاستبصار : إنّه قد يذكر جميع السند ، كما في الكافي ، وقد يقتصر على البعض بحذف المصدر ، كما في الفقيه. و «لكنّه استدرك المتروك في آخر الكتابين ، فوضع له مشيخته المعروفة ، وهي فيهما واحدة غير مختلفة ، قد ذكر فيهما جملة من الطرق إلى أصحاب الأُصول والكتب ، ممّن صدر الحديث بذكرهم ، وابتدأ بأسمائهم ، ولم يستوفِ الطرق كلّها ، ولا ذكر الطريق إلى كلّ من روى عنه بصورة التعليق ، بل ترك الأكثر ؛ لقلّة روايته عنهم ، وأحال التفصيل إلى فهارس الشيوخ المصنّفة في هذا الباب ، وزاد في التهذيب الحوالة على كتاب الفهرست الذي صنّفه في هذا المعنى»(١).
والفنّ في الاستفادة من كتاب التهذيب : هو معرفة الطرق التي توصّل بها المصنّف إلى رواية الأُصول والمصنّفات.
فقال في تفصيل بعض الطرق : «فما ذكرناه في هذا الكتاب عن محمّـد بن يعقوب الكليني رحمه الله ، فقد أخبرنا الشيخ أبو عبـد الله محمّـد بن محمّـد بن نعمان رحمه الله ، عن أبي القاسم جعفر بن
__________________
(١) خاتمة المستدرك ٦ / ١٣.
محمّـد بن قولويه رحمه الله ، عن محمّـد بن يعقوب رحمه الله. وأخبرنا به أيضاً الحسين بن عبيد الله ، عن أبي غالب أحمد بن محمّـد الزراري وأبي محمّـد هارون بن موسى التلعكبري ، وأبي القاسم جعفر بن محمّـد بن قولويه ، وأبي عبـد الله أحمد بن أبي رافع الصيمري ، وأبي المفضل الشيباني وغيرهم ، كلّهم عن محمّـد بن يعقوب الكليني.
وأخبرنا به أيضاً : أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر ، عن أحمد بن أبي رافع ، وأبي الحسين عبـد الكريم بن عبـد الله بن نصر البزاز بتنيس وبغداد ، عن أبي جعفر محمّـد بن يعقوب الكليني جميع مصنّفاته وأحاديثه ، سماعاً ، وإجازة ببغداد بباب الكوفة ، بدرب السلسلة ، سنة سبع وعشرين وثلاثمائة»(١).
ولكن تلك الطرق التي أوردها الشيخ في مشيخة التهذيب لم تكن مسندة في كلّ الحالات ، بل كانت أحياناً معلولة بضعف أو إرسال أو جهالة. وكان في بعض الأحيان يبدأ الحديث برواة لم يذكر لهم طريق في المشيخة ، ومن أجل تصحيح ذلك ، فقد حاول بعض الفقهاء الأجلاّء طرح نظريّات ؛ لتصحيح أسانيد الشيخ الطوسي :
منها : الرجوع إلى كتاب الفهرست ، فإنّ في الفهرست طرقاً إلى أرباب الكتب والأُصول ، الذين أهمل الشيخ ذكر السند إلى كتبهم في كتاب التهذيب.
ومنها : الرجوع إلى الكتب الرجالية الأُخرى كـ : مشيخة الفقيه ، ورسالة الشيخ أبي غالب الزراري ، وطريق النجاشي في رجاله ونحوها.
__________________
(١) تهذيب الأحكام ١٠ / ٩ ـ ٢٥ من المشيخة.
ومنها
: ما ذكره الشيخ محمّـد الأردبيلي (ت ١١٠١ هـ) في كتابه المفقود تصحيح الأسانيد
من الرجوع إلى أسانيد روايات التهذيبين (أي كتابي التهذيب والاستبصار)
، ومعرفة الطرق الضعيفة أو المجهولة ، من الطرق الصحيحة أو المعتبرة(١). قال المحقّق الأردبيلي في مقدّمة تصحيح الأسانيد
: «إنّ ما ذكره علماء الرجال من طرق الشيخ قليل في الغاية ، ولا يكون مفيداً في ما
هو المطلوب ، والشيخ لمّا أراد إخراج الروايات التي لم يذكر طريقه إلى أرباب الكتب
في نفس التهذيب
والاستبصار من الإرسال ، ذكر في
المشيخة
والفهرست طريقاً أو طريقين أو أكثر إلى كلّ واحد
من أرباب الكتب والأُصول ، فمن كان قصده الاطّلاع على أحوال الحديث ، ينبغي أن ينظر
إلى المشيخة
ويرجع إلى الفهرست
... إنّي لمّا رجعتُ إليهما ، رأيت أنّ كثيراً
من الطرق المورودة فيهما معلول على المشهور ، بضعف أو إرسال ، أو جهالة ، وأيضاً رأيت
أنّ الشيخ ؛ ربّما بدأ في أسانيد الروايات بأُناس لم يذكر لهم طريقاً أصلاً ، لا في
المشيخة ولا في الفهرست ؛ فلأجل ذلك ، رأيت من اللازم تحصيل طرق الشيخ إلى أرباب الأُصول
والكتب ، غير الطرق المذكورة في المشيخة
والفهرست
، حتّى تصير تلك الروايات معتبرة ، فلمّا طال تفكيري في ذلك وتضرّعي ، أُلقي في روعي
أن أنظر في أسانيد روايات التهذيبين
، فلمّا نظرتُ فيها ، وجدت فيها طرقاً كثيرة إليهم غير ما هو مذكور في المشيخة
والفهرست
، أكثرها موصوف بالصحّة والاعتبار فصنّفت هذه الرسالة ، __________________ (١) جامع الرواة :
٤٧٣ ـ ٤٧٥ الفائدة الرابعة.
وذكرتُ فيها جميع الشيوخ المذكورين في المشيخة والفهرست ، وذيّلتُ ما فيهما من الطرق الضعيفة أو المجهولة ، بالإشارة إلى ما وجدته من الطرق الصحيحة أو المعتبرة مع تعيين موضعها ، وأضفت إليهم من وجدتُ له طريقاً معتبراً ، ولم يذكر طريقه فيهما»(١).
روى الشيخ الطوسي في التهذيب روايات علي بن الحسن الطاطري ، في الصلاة ، فقال : «علي بن الحسن الطاطري ، قال : حدّثني عبـد الله بن وضّاح ، عن سماعة بن مهران ، قال : قال لي أبو عبـد الله عليهالسلام : إيّاك أن تصلّي قبل أن تزول ، فإنّك تصلّي في وقت العصر خير لك أن تصلّي قبل أن تزول»(٢).
قال الشيخ الطوسي في المشيخة : «وما ذكرته عن علي بن الحسن الطاطري ، فقد أخبرني به أحمد بن عبدون ، عن علي بن محمّـد بن الزبير ، عن أبي الملك أحمد بن عمر بن كيسبة ، عن علي بن الحسن الطاطري».
وطريق الشيخ ضعيف ؛ بجهالة اثنين من الرواة هم : ابن الزبير وابن كيسبة ؛ وبذلك يتحطّم هذا الطريق في السند للوصول إلى واقعية قول الإمام عليهالسلام ، ويقتضي عدم اعتبار الروايات الواردة من هذا الطريق التي يصل عددها إلى ثلاثين.
ولكن المحقّق الأردبيلي اقترح بأن يكون طريق التوثيق بالشكل التالي :
__________________
(١) جامع الرواة : ٤٧٣ ـ ٤٧٥ الفائدة الرابعة. وأورده السيد البروجردي في مقدّمته على جامع الرواة ١ / ٢٦٦.
(٢) التهذيب ج ٢ حديث ٥٤٩.
إنّ الشيخ الطوسي روى في باب الطواف أربع روايات بالسند التالي : (موسى بن القاسم ، عن علي بن الحسن الطاطري ، عن درست بن أبي منصور ، عن ابن مسكان).
ولمّا كان (موسى بن القاسم) ثقة ، وطريق الشيخ إليه صحيح ، عندها يصبح الطريق إلى علي بن الحسن الطاطري سالكاً وصحيحاً ، لا عن طريق المشيخة ولا عن طريق الفهرست ، بل عن طريقه في المشيخة إلى موسى بن القاسم.
وقد اُشكل على ذلك(١) : بأنّ طريق الشيخ الطوسي إلى أحد الرواة إذا كان ضعيفاً فلا يمكن إصلاحه عن طريق معرفة راو آخر وقع اسمه في ثنايا السند.
فتبقى مشكلة تصحيح أسانيد الشيخ الطوسي قائمة!
__________________
(١) صاحب الإشكال هو السيد البروجردي قدسسره.
الفصل الرابع
الأُصول الرجالية
الشيخ الطوسي : حلقة الإتصال بين متقدّمي الأرباب الأُصولية والمتأخّرين.
توفّرت للشيخ الطوسي قدسسره ، من وسائل العلم والمعرفة والقدرة على التحليل والتركيب العقليّين ، ما لم يتوفّر لأحد سواه. فقد كانت تحت سلطته العلمية مكتبتين من أهمّ مكتبات العالم في القرن الخامس الهجري ، وهما مكتبة (سابور بن أردشير) وزير بهاء الدولة الديلمي في الكرخ ببغداد حيث كانت تحتضن الكتب القديمة الصحيحة بخطوط مؤلّفيها أو بلاغاتهم. ومكتبة استاذه الشريف السيّد المرتضى (ت ٤٣٦ هـ) الذي صحبه ثماني وعشرين سنة. وكانت تحتوي على ثمانين ألف كتاب.
ومن المؤكّد أنّ تلك المكتبتين كانتا تحتويان على أُصول الأصحاب الأربعمائة ، والمجاميع الحديثية القديمة التي جمعت فيها مواد تلك الأُصول ، والكتب الخاصّة بأسماء الرجال وتراجمهم.
وقد مكّنته تلك الثروة العلمية من تنظيم المصادر الرجالية القديمة وترتيبها ضمن منهج علمي وروح تأسيسية انفرد بها من بين القدماء. فقد أصبحت الكتب الرجالية التي دوّنها وهي : كتاب الرجال ، والفهرس ، واختيار الرجال للكشّي ، من أهمّ المصادر الرجالية في المدرسة الإمامية. ودراسة معمّقة لآثار الشيخ الطوسي في علم الرجال تدفعنا إلى الاستنتاج بأنّه كان حلقة الإتصال بين أرباب الأُصول الرجالية القديمة والمتأخّرين ،
بكلّ ما تعنيه الكلمة من معنى. فقد أعاد قدسسره كتابة أسماء الرجال وتراجمهم ومصنّفاتهم. فانقذ علم الرجال من المصير الذي كان يمكن أن يؤول إليه. فكان لطف الله سبحانه على الأُمّة منعكساً في شخصية شيخ الطائفة قدسسره.
فكتاب الرجال أو الأبواب تضمن زهاء (٨٩٠٠) اسم رتّب على أبواب بعدد رجال أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ورجال أصحاب كلّ واحد من الأئمّة عليهمالسلام ، ورجال من لم يروِ عنهم إلاّ بواسطة ، باباً باباً. وكان هدفه من هذا الجمع حفظ أسماء الرواة وتمييز طبقاتهم كمقدّمة من مقدّمات التعرّف على أحوالهم وطبيعة صدقهم وأمانتهم في نقل الحديث.
وقد اُشكل على كتاب رجال الطوسي أنّ مصنّفه قدسسره قد يذكر الرجل في باب من لم يروِ عنهم عليهمالسلام ثمّ يذكره في بعض أبواب من روى عنهم عليهمالسلام ؛ فمن ذلك (ثابت بن شريح) فقد ذكره مرّة في باب أصحاب الإمام الصادق عليهالسلام ومرّة أُخرى في باب من لم يروِ عنهم عليهمالسلام. و (فضالة ابن أيّوب) ذكره تارة في باب أصحاب الكاظم عليهالسلام ، وثانية في باب أصحاب الرضا عليهالسلام ، وثالثة في باب من لم يروِ عنهم عليهمالسلام. و (قتيبة بن محمّـد الأعشى) ذكره مرّة في باب أصحاب الصادق عليهالسلام وأُخرى في باب من لم يروِ عنهم عليهمالسلام. وهل هذا إلاّ تناقض! إلاّ أنّ الفحص الدقيق يرفع هذا الإشكال الذي توهّمه البعض. وأوّل من قام بذلك الفحص الدقيق هو الشيخ عبـد الله المامقاني النجفي (ت ١٣٥١ هـ) في كتابه : تنقيح المقال في أحوال الرجال فقال : «والذي ظهر لي بلطف الله سبحانه بعد فضل الغوص في التراجم والالتفات إلى نكات كلمات الأعاظم من دون تصريح أحد منهم بذلك : أنّ الرجال أقسام : (منهم) يروي عن الإمام عليهالسلام دائماً بغير واسطة. و (منهم) لم يروِ عن إمام عليهالسلام أصلاً إلاّ بالواسطة لعدم دركه أزمنة
الأئمّة عليهمالسلام أو عدم روايته عنهم عليهمالسلام. و (منهم) له روايات عن الإمام عليهالسلامبلا واسطة ، وروايات عنه بواسطة غيره. فالذي يذكره الشيخ رحمه الله في باب من روى عن أحدهم عليهمالسلام تارة وفي باب من لم يروِ عنهم عليهمالسلام أُخرى ، يشير بذلك إلى حالتيه. فباعتبار روايته عنه عليهالسلام بغير واسطة أدرجه فيمن روى عنه عليهالسلام ، وباعتبار روايته عنه بواسطة آخر أدرجه في باب من لم يروِ عنهم عليهمالسلام. ومصداقه كثير : (منهم) بكر بن محمّـد الأزدي ، فإنّ له روايات عن الصادق والكاظم والرضا عليهمالسلام بغير واسطة وروايات عن أحد الأئمّة عليهمالسلام بواسطة عمّته غنيمة وغيرها ؛ فلذا أدرجه تارة في باب اصحاب الصادق عليهالسلام ، وأُخرى في باب أصحاب الكاظم عليهالسلام ، وثالثة في باب أصحاب الرضا عليهالسلام ، ورابعة في باب من لم يروِ عنهم عليهمالسلام. و (منهم) ثابت بن شريح ...»(١).
وهذا التوجيه مطابق إلى مقدّمة الشيخ الطوسي في رجاله حيث قال وهو بصدد بيان منهجية تأليف كتاب يشتمل على أسماء الرجال : «... ثمّ أذكر بعد ذلك من تأخّر زمانه عن الأئمّة عليهمالسلام من رواة الحديث أو من عاصرهم ولم يروِ عنهم ...»(٢). إلاّ أنّنا لا ننكر أنّ تلك كانت هفوة منهجية كان من الممكن تلافيها في عصر التأليف بإدراج قائمة تميّز الرجال الذين لهم روايات عن الإمام عليهالسلام بلا واسطة وفي الوقت نفسه لهم روايات بواسطة الغير ، عن غيرهم من الذين رووا عن الإمام عليهالسلام أصلاً بغير واسطة.
وكان كتاب اختيار الرجال الذي جاء تنقيحاً لكتاب رجال الكشي
__________________
(١) تنقيح المقال في احوال الرجال ١ / ١٩٤.
(٢) رجال الطوسي : ٢.
الموسوم بـ : معرفة الناقلين عن الأئمّة الصادقين عليهمالسلام محاولة أُخرى من شيخ الطائفة لبناء أساس متين لعلم الرجال.
إلاّ أنّ كتاب الفهرس اكتسى أهمّية فائقة لدى الفقهاء ، لأنّ المصنّف ذكر فيه المؤلّفين الذين اتصل إليهم إسناده مع الإشارة إلى مكانتهم من الثقة والاعتماد أحياناً والإكتفاء بذكر مؤلّفاتهم أحياناً أُخرى. فقد كان مقصوده قدسسره سرد المؤلّفات والإسناد إليها.
وقد كان شيخ الطائفة رائداً في تبيان حقيقة مهمّة وهي أنّ الوثاقة لا يمكن خدشها بانتحال الفرد الثقة مذهباً فاسداً ، فالذي يهمّنا في هذا الحقل هو قبول الخبر لا قبول الشهادة. قال قدسسره في كتاب عدّة الأُصول : «... فأمّا ما ترويه الغلاة والمتّهمون والمضعّفون وغير هؤلاء ممّا يختصّ الغلاة بروايته ، فإن كانوا ممّن عرف لهم حال استقامة وحال غلوّ عُمل بما رووه في حال الاستقامة وتُرك ما رووه في حال خلطهم. ولأجل ذلك عملت الطائفة بما رواه أبو الخطّاب محمّـد بن أبي زينب في حال استقامته وتركوا ما رواه في حال تخليطه. وكذلك القول في أحمد بن هلال العبرتائي وابن أبي عزاقر وغير هؤلاء ، فأمّا ما يروونه في حال تخليطهم فلا يجوز العمل به على كلّ حال. وكذلك القول فيما يرويه المتّهمون والمضعّفون. وإن كان هناك ما يعضد روايتهم ويدلّ على صحّتها وجب العمل به ، وإن لم يكن هناك ما يشهد لروايتهم بالصحّة وجب التوقّف في أخبارهم. فلأجل ذلك توقّف المشائخ عن أخبار كثيرة هذه صورتها ، ولم يرووها واستثنوها في فهارسهم من جملة ما يروونه في التصنيفات. فأمّا من كان مخطئاً في بعض الأفعال أو فاسقاً بأفعال الجوارح وكان ثقةً في روايته متحرّزاً فيها فإن ذلك لا يوجب ردّ خبره وكون العمل به ، لأنّ العدالة المطلوبة في الرواية حاصلة
فيه. وإنّما الفسق بأفعال الجوارح يمنع من قبول شهادته وليس بمانع من قبول خبره ، ولأجل ذلك قبلت الطائفة أخبار جماعة هذه صفتهم»(١). وقد طبّق الشيخ قدسسره نظريّته التي ذكرها هنا في كتاب الفهرس.
وربّما نتمكّن الآن ، وبعد هذا العرض عن نشاط الشيخ الطوسي في حقل علم الرجال ، من إدراج اهم معالم مدرسته قدسسره ضمن النقاط التالية :
١ ـ ترتيب أسماء الرواة على حروف المعجم ، كما قام بذلك قدسسره في كتاب الأبواب محاولاً تصنيف الرواة على أساس اختلاف عصور النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمّة عليهمالسلام. وهذا العمل مهمّ في تمييز طبقات الرواة في الوقت الذي لم تتطرّق الكتب الرجالية التي سبقت عصر الشيخ الطوسي إلى ذلك.
٢ ـ التمييز بين أصحاب الرواية وأصحاب اللقاء. فقد استخدم مصطلح (الأصحاب) للتعبير عن أصحاب الرواية ، وهم الذين رووا عن الإمام عليهالسلام ولكن لم يلتقوه إلاّ في موارد نادرة منها أنّه ذكر (محمّـد بن أبي عمير) في أصحاب الإمام الرضا عليهالسلام لكنّه لم يذكره في أصحاب الإمام الكاظم عليهالسلام مع أنّه ممّن لقيه عليهالسلام. ومع ذلك ، فإنّ منهج الشيخ الطوسي كان دقيقاً في التمييز بين أصحاب الرواية وبين الذين التقوا الإمام عليهالسلام وجهاً لوجه.
٣ ـ التمييز بين الرواة الذين رووا عن الإمام عليهالسلام بغير واسطة وبين الذين لم يرووا عن الإمام عليهالسلام أصلاً إلاّ بالواسطة لعدم إدراكهم أزمنة الأئمّة عليهمالسلام.
__________________
(١) عدّة الاصول : ٥٦.
٤ ـ تنقيح أحد المصادر الرجالية الرئيسية الذي كان مثقلاً بالأخطاء. فقد عمد إلى تهذيب رجال الكشّي الموسوم بـ : معرفة الناقلين عن الأئمّة الصادقين عليهمالسلام وتجريده من الزيادات والأغلاط وسمّاه بـ : اختيار الرجال. ويدلّ هذا الجهد على ما ذكرناه من أنّ الشيخ الطوسي كان قاعدة تأسيسية للنظرية الرجالية في الحوزة العلمية الشيعية في النجف.
٥ ـ ترتيب أسماء أصحاب الكتب والأُصول. وقد تناول ذلك في كتابه الفهرس ، فذكر ما يزيد على تسعمائة إسم من أسماء المصنّفين أنهى إلى كتبهم وأُصولهم أسانيده عن مشايخه. وهذا الموضوع له أهمّيته في علم الرجال ، لأنّ التصنيف أو كتابة الأصل قرينة تدلّ على لون من ألوان الإهتمام بحمل الحديث عند الراوي ، على الأقل.
٦ ـ الإيمان بأنّ فساد المذهب لا يقدح في الوثاقة ، إذا كان الراوي ثقة. أي إنّه لا يكذب ، بل يتحرّج في نقل الخبر ، ومعلوم عنه الإتقان في ضبطه وتحمّله. قال الشيخ في مقدّمة الفهرس : «فإذا ذكرت كلّ واحد من المصنّفين وأصحاب الأُصول فلا بدّ من أن أُشير إلى ما قيل فيه من التعديل والتجريح ، وهل يعوّل على روايته أو لا؟ وأُبيّن عن اعتقاده ، وهل هو موافق للحقّ أو هو مخالف له؟ لأنّ كثيراً من مصنّفي أصحابنا وأصحاب الأُصول ينتحلون المذاهب الفاسدة [كالفطحية والواقفة] وإن كانت كتبهم معتمدة»(١). وقد فتح هذا الرأي ، باعتباره من المبادئ الرجالية ، الباب للأخذ بالكثير من الروايات التي نطمئنّ بصدورها عن المعصوم عليهالسلام نقلها لنا افراد عُلم منهم الصدق في نقل الحديث ، مع علمنا بأنّ مذاهبهم كانت فاسدة.
__________________
(١) الفهرس : ٢ المقدمة.
٧ ـ ذكر الشيخ الطوسي في الفهرس في أكثر من موقع : «أخبرنا عدّة من أصحابنا» أو «أخبرنا جماعة من أصحابنا». وقد أوجب ذلك تبادراً بجهالة طريق روايته بذلك لعدم تسميته للعدّة أو الجماعة. إلاّ أنّ ذلك التبادر يتبدّد بمعرفة الحقيقة وهي أنّ أغلب روايات الشيخ الطوسي قد جاءت عن طريق مشايخه الأربعة المعروفين وهم : الشيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ) ، وابن الغضائري (ت ٤١١ هـ) ، وابن عبدون (ت ٤٢٣ هـ) ، وابن أبي جيد (ت بعد سنة ٤٠٨ هـ). وهؤلاء كلّهم ثقات ، ودخول أحدهم في العدّة كاف في صحّة الرواية.
وهذه الدقّة المبكّرة في مدرسة الشيخ الطوسي الرجالية وضعت أساساً متيناً لعلم الرجال ، وجعلت الشيخ الطوسي حلقة وصل بين الأُصول الرجالية القديمة والعهد العلمي الجديد الذي نمى فيه علم الرجال في المدرسة الإمامية بشكل مطّرد.
للبحث صلة ...
|
فهرس مخطوطات مكتبة أمير المؤمنين عليهالسلام العامّـة النجف الأشرف (٢٢) |
|
السـيّد عبـد العزيز الطباطبائي قدسسره
(١٢٧٤)
فائـدة
في أجزاء القضيّة
أوّلها : (الحمد لله كثيراً كما هو أهله ... وبعد فيقول الفقير إلى الله علي بن حسين العاملي هذه فائدة في بيان أجزاء القضيّة مشتملة على تحقيق واف وإيضاح شاف ...).
نسخة ناقصة الآخر ضمن المجموعة رقم ٦٢٧.
(١٢٧٥)
فائـدة
في الاحتياط
الظاهر أنّها للوحيد البهبهاني المتوفّى سنة ١٢٠٦.
نسخة بآخر مجموعة رقم ٩٢٠.
(١٢٧٦)
فائـدة
في الإدراك والإذعان
أوّلها : (إعلم أنّ لفظ الإدراك يطلق على معنيين الأوّل ...).
نسخة بآخر مجموعة منطقية أوّلها سلم العلوم رقم ٢٠٠٩ كلّها بخطّ السيّد محمّـد يوسف بن هادي بن السيّد محمّـد جان كتبها في القرن الثالث عشر.
(١٢٧٧)
فائـدة
في الإرادة
للعلاّمة الشيخ أبو القاسم بن محمّـد تقي الغروي الأردوبادي المتوفّى ٥ شعبان سنة ١٣٣٣ وهي غير ما تقدّم.
نسخة الأصل بخطّ المؤلّف ضمن مجموعة كبيرة من رسائله كلّها بخطّه من الورقة ١٦١ أإلى ١٦٢ أرقم ١٢ / ٢٠٤٨.
(١٢٧٨)
فائـدة
في أركان الصلاة
أعني بيان هذا الإصطلاح والإستدلال عليه من إفادات العلاّمة السيّد مرتضى الكاشاني رحمهالله ولم نشخّصه.
نسخة
منه بآخر نسخة من كتاب ذخيرة المعاد تسلسل ٧٩٥. (١٢٧٩) فائـدة في استجلاب الدراهم والدنانير أوّلها : (فائدة) ـ أيضاً مجرّبة ـ إذا أردت
جلب الدراهم والدنانير ...). بآخر مجموعة رسائل في الجفر والعلوم الغريبة
رقم ١٥٠٨ وبظهر الصفحة أيضاً فوائد أُخر منها لمعالجة اللكنة في الكلام. (١٢٨٠) فائـدة في الإسم والمسمّى للفخر الرازي نسخة
كتبها الخطّاط إسماعيل المراغي في القرن الثالث عشر ضمن مجموعة عرفانية كلّها بخطّه
مجدولة باللاجورد والشنجرف ، رقم ١٥١٥. (١٢٨١) فائـدة في الأمر بين الأمرين للعلاّمة الفقيه الشيخ أبو القاسم بن محمّـد
تقي الغروي الأردوبادي النجفي المتوفّى ٥ شعبان سنة ١٣٣٣.
أوّلها : (الحمد لله والصلاة والسلام على من اصطفاه محمّـد وآله الطاهرين فائدة في إنّه لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الأمرين).
نسخة الأصل بخطّ المؤلّف ضمن مجموعة كبيرة من رسائله كلّها بخطّه من الورقة ١٦٧ أ ـ ١٦٧ ب ، رقم ١٣ / ٢٠٤٨.
(١٢٨٢)
فائـدة
في بناء اسم التفضيل وشروطه
بأوّل مجموعة أدبية رقم ١٤٧٩ ووقع المؤلّف بأسفلها إلهام عفى عنه.
(١٢٨٣)
فائـدة
في بيان النسبة بين الكفر والشرك
للشيخ أحمد بن الشيخ محسن الأحسائي.
أوّله : (قد سألت وفّقك الله وإيّانا عمّا بين الكفر والشرك من النسبة فاعلم ...).
نسخة بخطّ الشيخ حسين القديحي مؤلّف منية المرتاد وغيرها ابن الشيخ علي مؤلّف أنوار البدرين البحراني البلادي الخطّي فرغ منها ١٥ جمادى الأُولى سنة ١٣٤٣ ضمن المجموعة رقم ١٩٨٩ وقبله الأشعثيّات وبعده كتاب الزهد للحسين بن سعيد الأهوازي.
(١٢٨٤)
فائـدة
في الجبر والإختيار
للمحقّق السيّد الشريف الجرجاني المتوفّى سنة ٨١٦ منقولة بثلاث وسائط عن خطّه على ظهر الجزء الثاني من كتاب شرح توحيد الصدوق للقاضي سعيد القمّي المكتوبة سنة ١٠٩٩ ، رقم ٤٨٥.
(١٢٨٥)
فائـدة
في حساب العقود
وبيان تفصيلي لتعليم كيفيّة العدّ بعقود الأصابع.
بأوّل نسخة من كتاب التوحيد للصدوق ابن بابويه مكتوبة سنة ١٠٨٣ ، رقم ٤٥.
(١٢٨٦)
فائـدة
في خلود أهل النار
للشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي ، كتبها تتميماً لما كان كتبه من ذي قبل في جواب مسائل.
نسخة
ضمن مجموعة من رسائله كتبت في حياته تبدأ بصفحة ٧٣ إلى صفحة ٩٧ وهي تتميم لما مرّ صفحة
٢٧ ، تسلسل ٦٩٣. (١٢٨٧) فائـدة في الدرايـة منقولة عن كتاب الرجال
للعلاّمة السيّد بهاء الدين علي بن عبد الحميد الحسيني النجفي النيلي من أعلام القرن
التاسع ترجم له شيخنا العلاّمة الرازي في مصنّفي
علم
الرجال ص ٢٨٥ مبسوطاً وقال ذكر تمام نسبه شيخنا
في خاتمة
المستدرك ص ٤٣٥ وذكر اطراء صاحب الرياض عليه وأنّه
تلميذ فخر المحقّقين والشهيد الأوّل وغيرهما ومن مشايخ ابن فهد الحلّي والشيخ حسن بن
سليمان ويرويان عنه. نسخة
ملحقة بكتاب غرائب
الأخبار للسيّد المحدّث الجزائري بخطّ الشيخ محمّـد
بن علي الرودباري سنة ١٢٦٩ وعليه حاشية توقيعها علي نقي عفى عنه والفائدة في أربع صحائف
٧ / ١٢ × ٨ / ١٩ تسلسل ٨٦. (١٢٨٨) فائـدة في عدم وجوب الاجتهاد للعلاّمة الشيخ محمّـد بن جابر النجفي (أو
جابر بن عباس وهو من مشايخ المولى محمّـد تقي المجلسي).
أوّلها : لا يتمّ الاستدلال على عدم جواز خلوّ الزمان من المجتهد الحيّ بأنّ التكليف في زمان الغيبة.
نسخة بخطّ حاج مفضّل بن حاج حسب كتبها بآخر مجموعة بخطّه سنة ١٠٩٨ ، رقم ٤٠١.
(١٢٨٩)
فائـدة
في الفرق بين الفتوى والحكم
لبعض أعلام القرن الثالث عشر بخطّه الشريف في آخر نسخة من غاية المأمول شرح زبدة الأُصول للفاضل الجواد ، تسلسل ١٧٠٥.
(١٢٩٠)
فائـدة
في وضع الأسماء وأقسامه
للعلاّمة الشيخ أبو القاسم بن محمّـد تقي الغروي الأردوبادي النجفي المتوفّى ٥ شعبان سنة ١٣٣٣.
أوّلها : (فائدة الاسم على ضربين موضوع للشيء في نفسه ...).
نسخة الأصل بخطّ المؤلّف ضمن مجموعة كبيرة من رسائله كلّها بخطّه من الورقة ٣١ ب ، رقم ٥ / ٢٠٤٨.
(١٢٩١)
فائـدة
من إفادات المحقّق الطوسي
أوّلها : (قال الحكماء : العلّة التامّة لا تنفكّ عن معلولها بتمامه والعلّة الأُولى هي المبدأ الأوّل لجميع الموجودات ...).
نسخة ضمن مجموعة من الرسائل الفلسفية مكتوبة في القرن الحادي عشر ، رقم ٥٥٨.
(١٢٩٢)
فائـدة
من الجفر الجامعة
أوّلها : (إذا أردت أن تعمل لنفسك أمراً لصلاح بنوع فتحسب أسمك وأسم أُمّك) ضمن مجموعة رسائل في الجفر مكتوبة في القرن الحادي عشر ، رقم ١٥٠٨.
(١٢٩٣)
فارسي هيئت
للمولى علي القوشجي.
نسخة بخطّ فارسي جميل ، كتبها سلطان بن محمّـد قلي النوري ، في شهر ربيع الأوّل سنة ١٢٤٩ ، في ٤٧ ورقة ، رقم ١٣١٣.
نسخة
بخطّ فارسي جميل جيّد وفيها رسوم وأشكال هندسية ، فرغ منها الكاتب ١٧ ربيع الثاني سنة
١٠٤٤ ، وكانت ناقصة من أوّلها ثلاثة أوراق فتمّمت بخطّ ردي ، رقم ٢٢٤٢. (١٢٩٤) فالنامه على نحو الهزل والاستهزاء ، مرتّب على اثني
عشر فصلاً ، كلّ فصل على اثني عشر (خانه) وفيه بعد مقدّمة فصل أوّل أي صاحب فال فنح
بوجهك باب الملال فرخنده طالعي كه ترا است ...). نسخة
ضمن مجموعة هزلية وبعدها أيضاً فالنامه منظومة باسم الطيور ، كتبها محمّـد تقي سنة
١٢٤٩ ، رقم المجموعة ١٦٣٤. (١٢٩٥) فالنامه مرغان منظوم هزلي ٣٦ رباعية ، كلّ رباعية باسم
طير من الطيور يتفأّل بها ، وفي مقدّمتها جدول مكتوب في كلّ بيت منه اسم طير يوضع الأصبع
على بيت في الجدول ثمّ يقرأ الرباعية التي باسم ذلك الطير المكتوب في ذلك البيت ويتفأّل
به فالرباعية جواب تفأّله. وأظنّها من صنع فوق الدين أحمد اليزدي الملقّب
فوقي من شعراء الهزل في القرن الحادي عشر. نسخة
ضمن مجموعة هزلية ، بخطّ محمّـد تقي ، كتبها سنة ١٢٤٩ ، رقم ١٦٣٤.
(١٢٩٦)
فتاوى ابن كمال باشا
باللغة التركية العثمانية.
عناوينها مسألة ... الجواب.
نسخة ناقصة الآخر بأوّل المجموعة رقم ٢٠٥٦ ، وبعدها أيضاً فتاوى كتب في آخرها : محمّـد جويزاده ، ولا أدري أنّه الكاتب أو المجيب.
(١٢٩٧)
فتاوى محمّـد جويزاده
باللغة التركية العثمانية ، أغلب مسائلها معنونة بأبو السعود كذا ... الجواب ... وفي آخرها : محمّـد جوى زاده. المجيب وقبله فتاوى ابن كمال باشا ، راجع كشف الظنون ج ٢ ص ١٢٢٠ ، في المجموعة ٢٠٥٦.
نسخة
(١٢٩٨)
فتح الوهّاب
في شرح منهج الطلاّب
الذي هو مختصر منهاج الطالبين الذي هو مختصر المحرّر فالمحرّر في فروع الشافعية لأبي القاسم عبد الكريم بن محمّـد الرافعي القزويني المتوفّى سنة ٦٢٣.
ومختصر المحرّر المسمّى منهاج الطالبين لمحيي الدين يحيى بن شرف النووي المتوفّى سنة ٦٧٦.
ومختصر منهاج الطالبين المسمّى منهج الطلاّب للقاضي زين الدين ابي يحيى زكريّا بن محمّـد الأنصاري المتوفّى سنة ٩٢٦ وشرح منهج الطلاّب المسمّى فتح الوهّاب أيضاً له راجع كشف الظنون ج ٢ ص ١٨٧٥.
نسخة من أوّله إلى أواخر العتق والتدبير والمكاتبة بخطّ عثمان بن محمّـد بن حسين وهو شرح ممتزج بالمتن والمتن مكتوب كلّه بالحمرة فرغ منها ١٠ شوّال سنة ١٠١٢.
نسخة قيّمة قديمة مصحّحة مل هوامشها حواشي ، ومعه كنز الدقائق للنسفي ، وتقع في ٢٣٧ ورقة مقاسها ٢١ × ٣٠ تسلسل ٢٤٧.
وفي منتصف الكتاب ما نصّه : تمّ النصف الأوّل من فتح الوهّاب بعون الله وحسن توفيقه نهار الخميس عاشر شوّال قبيل العصر سنة ١٠١٢ الف واثني عشر على يد أفقر العباد وأحوجهم إلى رحمة ربِّه المنّان الفقير عثمان بن محمّـد بن حسين بن علي الشهير بالخزائي.
(١٢٩٩)
الفتوحات المكّية
الجزء الأوّل : نسخة قيّمة بخطّ نسخ جيّد كتبها أحد خطّاطي القرن العاشر بأوّله لوحة وهي مؤطّرة مزيّنة وكانت في خزانة صدر السلطنة النوري وكتب في آخره بخطّه الفارسي الجميل تواريخ وفيات بعض الأعيان والأعلام وأظهر الشكاية من سوء الوضع في إيران وندم الشعب من الحكم الدستوري في ٣٩٨ ورقة ، رقم ١٠٩٨.
(١٣٠٠)
الفتوحات المنطقية
في المنطق أوّله : (نحمدك يا من بيده ملكوت كلّ شيء على ما هديتنا ... وعلى آله وأصحابه) رتّبه على أربعين فتحاً. فتوحاً وهو تعريب الكبرى في المنطق للسيّد الشريف الجرجاني ولم أعرف المعرب أظنّه لفتح الله بن علوان الكعبي الدورقي القبّاني المتوفّى سنة ١١٣٠ وله شرحه ذكره شيخنا في الشروح وله الإجادة في شرح القلادة ، ولابن المؤلّف أيضاً تعريب الكبرى.
نسخة في ٣٦ ورقة ١٣ × ٢٠ بخطّ زامل بن علي الدسبولي فرغ منها سنة ١٠٩٤ نسخة كاملة تامّة إلاّ أنّ الرطوبة أثّرت ببعض مواضع فلا يقرأ إلاّ بعناء ضمن مجموعة في المنطق تسلسل ٢٤٩ + ٥٩ ـ ٩٨٤ ، وعليها تعاليق بخطّ الكاتب.
(١٣٠١)
فرائد الأُصول
لشيخنا المحقّق الأعظم الشيخ مرتضى بن محمّـد أمين الدزفولي المتوفّى سنة ١٢٨١.
الجزء الثاني : وهو في مباحث الشكّ ويشتمل على أصلي البراءة والاشتغال بخطّ فارسي جيّد والظاهر أنّه مكتوب في حياة المؤلّف في ١١٦ ورقة ، رقم ١٠٨٢.
(١٣٠٢)
فرائد القلائد
وشوارد الخرائد في مختصر شرح الشواهد
ويقال لهما الشواهد الصغرى والشواهد الكبرى وكلاهما للعيني وهو أبو محمّـد محمود بن أحمد المتوفّى سنة ٨٥٥ وهما شرح شواهد شروح ألفية ابن مالك الأربعية وهي شرح ابن الناظم وابن أُمّ قاسم وابن عقيل وابن هشام ، قال في كشف الظنون ج ٢ ص ١٠٦٦ أنّ الصغرى المسمّاة فرائد القلائد أشهرهما وعليه معوّل الفضلاء وهي هذه المسمّاة بفرائد القلائد قال في آخره : فرغت عين مؤلّفه عنه في الثاني من ذي الحجّة الحرام حجّة بسبعة عشر وثمانمائة مدرسة البدرية بحارة كنانه بالقرب من الجامع الأزهر.
نسخة بخطّ محمّـد جعفر بن غضنفر الخرّم آبادي فرغ منها ١٧ ربيع الثاني سنة ١٠٩٧ في الجامع الكبير العبّاسي وبآخر النسخة شرح خطبتها تقع في ١٥٢ ورقة ، رقم ١١٨١.
نسخة بخطّ الشيخ صالح بن محمّـد بن علي العسيلي العاملي فرغ منها سنة ١١٦١ كتبها لنفسه وبآخرها خطّ للعلاّمة الشيخ محمّـد خليل الزين الواقف للنسخة على المكتبة ، وبأوّلها شرح على خطّية الكتاب وتفسير غريبها ، في ٢١٣ ورقة ، رقم ٢١٩٩.
نسخة بخطّ نسخ جيّد فرغ منها الكاتب سادس رجب سنة ١٠٣٦ والكاتب أحمد بن يوسف بن عبد علي بن فيّاض بن مفضّل بن عوجا الخفاجي أصلاً الحلّي مسكناً في مدرسة مهتر جمال في الروضة الرضوية هذا نصّه وأظنّه من أهل العلم كما هو الظاهر في آخره بالهامش قال المؤلّف
جملة أبيات ١٢٧٤ بيتاً وفي آخرها بالهامش : بلغت هذه النسخة مقابلة من نسخة قوبلت من نسخة قوبلت مع الأصل وبأوّلها شرح خطبتها وبظهر الورقة الأخيرة فوائد طبّية وغيرها بالفارسية ، رقم ٢٢٨٢.
(١٣٠٣)
الفرائـض
لأبي بكر محمّـد بن الحسين الآجري.
نسخة ضمن مجموعة بخطّ سعيد بن قابل النجدي الشافعي فرغ من المجموعة سنة ٩٩٦ ، رقم ٨٤٠.
(١٣٠٤)
الفرق بين الصلح والبيع
وحكم الصلح بلا عوض تأليف العلاّمة المحقّق الشيخ هادي بن محمّـد أمين الطهراني نزيل النجف الأشرف.
نسخة بخطّ حسين البهبهاني فرغ منها ٧ ذي الحجّة سنة ١٣٢٨ ضمن مجموعة من وسائل المؤلّف ، رقم ٤٧٢.
(١٣٠٥)
فرهاد وشيرين
منظومة فارسية هزلية ، من نظم الشاعر الهزلي فوق الدين أحمد اليزدي المشتهر بفوقي من شعراء القرن الحادي عشر ، هاجر إلى بلاد الهند ، وتوفّي بسورات ، ومنه نسخة في مكتبة المجلس النيابي بطهران كما في فهرسها ج ٣ ص ٣٧٥ أوّلها :
|
سخن ترتيزك بستان عشق است |
|
سخن طوطي هندستان عشق |
في أكثر من ٧٥٠ بيتاً.
نسخة ضمن مجموعة هزلية بخطّ محمّـد تقي ، فرغ منها سنة ١٢٤٩ ، رقم ١٦٣٤.
(١٣٠٦)
فرهنگ جهانگيرى
تأليف عضد الدولة جمال الدين الأنجوي حسين بن فخر الدين الأنجوي الشيرازي من كبار أعلام الهند في القرن الحادي عشر.
وقد أسهب في التعريف بالمؤلّف والمؤلّف الأُستاذ علي أصغر حكمت ؛ فقد كتب مقالاً حافلاً في الموضوع ونشره في مجلة فرهنگستان إيران السنة الثالثة العدد الأوّل(١) ، أغرق نزعاً فيه ونحن نلتقط منه أهمّ ما جاء فيه ، قال : «تجد ترجمة المؤلّف في آئين أكبري ومآثر الأُمراء وقد ابتدأ بتأليف كتابه هذا عام ١٠٠٥ على عهد أكبر پادشاه ثمّ أنهاه على عهد ولده جهانگر في عام ١٠١٧ وتاريخه قوله : (زهى فرهنگ نور الدين جهانگير) ثمّ جدّد فيه النظر إلى عام ١٠٣٢ فعرضه على سلطان الهند ...».
والكتاب معجم خاصّ باللغات الفارسية فحسب ألّفه عن أربع وأربعين(٢) معجماً فارسيّاً كانت عنده وقد عدّد اسمائها وذكر سبب تأليف الكتاب في مقدّمة الكتاب واستشهد فيه بأشعار فحول شعراء الفرس ومن يحتجّ بقوله منهم قال وقد كتب المستشرق بلوشمن مقالاً حافلاً ووصف
__________________
(١) ومن هذا المقال نقل في مقدمة لغتنامه دهخدا ص ١٩٦.
(٢) عددها ووصفه الأُستاذ سعيد نفيسي في مقدمة هذا الكتاب.
فيه الكتاب وصفاً دقيقاً ونشر المقال في جريدة انجمن آسيائي بنگاله المجلّد ٣٧.
وقال ثمّ جاء مؤلّف برهان قاطع بعد ثلاثين عاماً فاتّبع أثره واستفاد منه كثيراً.
قال ولبعض نسخ الكتاب خاتمة ذكر المؤلّف فيها الكنايات والاستعارات والاصطلاحات واللغات المركّبة وبعض اللغات العربية.
أقول : كما في نسختنا هذه فإنّ الخاتمة موجودة فيها.
(١٣٠٧)
فرهنگ جهانگيرى
ويظهر من مقدّمة دهخدا أنّ الكتاب طبع أخيراً في إيران وقدّم له الأُستاذ سعيد نفيسي مقدّمة وافية.
نسخة ثمينة قيّمة بخطّ نستعليق جميل للغاية وورق صقيل سميك مؤطّر مذهّب وعلى أعلى الصفحة الأُولى لوحة مزوّقة بديعة كتبها أحد خطّاطي القرن الثالث عشر ، فرغ منها في ربيع الثاني سنة ١٢٤٤ مجموع الكتاب مع الخاتمة (٣٩٥) ورقة ، بقطع ٢٠ × ٣٠ والخاتمة ٣٥ ورقة ، تسلسل ٣٣٢.
ومقدّمة المؤلّف للكتاب تستوعب ١٦ ورقة ، وبأعلى الصفحة ٣٤ التي يبدأ بها حرف الألف أيضاً لوحة أبدعت فيها ريشة الفنّان والظاهر أنّ النسخة مكتوبة لبعض أفاضل الأمراء القاجارية في عهد السلطان فتح علي شاه.
(١٣٠٨)
فرهنگ خدا پرستي
ترجم له في المآثر ص ٢١٤ ، وفي مجمع الفصحاء ج ٢ ، ومبسوطاً في الذريعة ديوان محرم
منظومة مسمّطة فارسية في وقعة الطفّ ورثاء سيّد الشهداء صلوات الله وسلامه عليه وتعداد أسامي الشهداء وبرازهم إلى القتال ، عددهم واحداً بعد آخر من نظم شاعر بلاط ناصر الدين شاه ميرزا عبد الوهّاب بن محمّـد علي المتخلّص مَحرَم نظمها سنة ١٢٧٧ ، وأرّخ نظمه (تاريخ شدش (خدا پرستى) بعدما نظم في عام ١٢٧٥ درج في مدح السلطان ناصر الدين شاه وتعداد رجال حكومته وتسميتهم وتعيين مناصبهم ومدحهم واحداً بعد آخر ذلك أيضاً بهذا الوزن والروي.
وهو أيضاً موجود في المكتبة ويتّحدان في الخطّ والورق كاتبهما شخص واحد ، وقد قرظ منظومته هذه (فرهنگ خدا پرستى) عدّة من معاصريه من الشعراء منهم ميرزا محمّـد حسن المتخلّص تسليم قرظه بقصيدة هائية عربية ومنهم ميرزا هما قرظه بقصيدة فارسية وميرزا بيدل وميرزا صفاي كاتب والمنظومة مطبوعة مكرّراً وهي ٢٧٣ قطعة مسمّط.
نسخة في ١٤١ ورقة ، مقاسها ١١ × ٣ / ١٨ ، تسلسل ١٤١٢.
(١٣٠٩)
فرهنگ لغات كتاب دساتير
لفيروز ابن ملاّ كاوس الشيرواني ترجم الدساتير إلى اللغة الدارجة
الفارسية وأضاف إليها بعض الشرح ثمّ ألحق بها معجماً لغويّاً لتفسير مفرداتها وكتب اللغة بالشنجرف ، ومعناها بالحبر والنسخة لعلّها بخطّ المؤلّف ملحقة بالدساتير ، رقم ٤٣٦.
(١٣١٠)
فرهنگ نصاب
منظومة في اللغة التركية إلى الفارسية من نظم علي البادكوبي ، نظمها عام ١٢٦٤ ، ثمّ ألحق بها المصادر بالتركية مع ترجمتها إلى الفارسية في جداول وكتب الفارسية بالحمرة.
نسخة مزوّقة مجدولة مذهّبة قد أخذ منها الصفحة الأُولى حيث كان بها لوحة جميلة فالنسخة ناقصة من أوّلها قليلاً من الخطبة وآخرها أيضاً نقص وكلّ الموجود ١٨ ورقة ، وهو بخطّ أحد الخطّاطين ولعلّه خوشنويس شهير طهراني ، رقم ١٤٧٣.
(١٣١١)
فروغستان
في علم الحساب ، تأليف محمّـد مهدي بن محمّـد باقر الأصفهاني الملقّب في شعره فروغ ، صدره باسم السلطان محمّـد شاه القاجاري ورئيس وزرائه الحاج ميرزا أقاسي.
نسخة بخطّ محمّـد علي التفرشي ، كتبها عن نسخة معتمد الشريعة ، وفرغ منها ٢٥ ذي القعدة سنة ١٣٠٦ ، بخطّ نستعليق جيّد في ٨٥ ورقة ، رقم ١٤٩٤.
وبآخرها قصيدة فارسية ميمية للشاعر صفا في مدح حاج ميرزا أقاسي يتقاضا راتبه السنوي.
(١٣١٢)
فصوص الحكـم
للمعلّم الثاني أبي نصر الفارابي.
نسخة بخطّ نسخ جميل مؤطّرة بماء الذهب بخطّ الخطّاط جمال الدين ابن أبي طالب الأصفهاني الطهراني كتبها سنة ١٣٣٢ ، في ٣٢ ورقة ، رقم ١١٠٣.
(١٣١٣)
الفصـول
في أُصول الفقه للشيخ محمّـد حسين بن محمّـد رحيم الأصفهاني الحائري فرغ منه المؤلّف ١٩ ذي الحجّة سنة ١٢٣٢.
نسخة الجزء الثاني منه يبدأ بحجّية ظواهر الكتاب فرغ الكاتب منه ١٨ ذي القعدة سنة ١٢٥٣ ولعلّ الكاتب السيّد محمّـد علي الحسيني الذي جعل ختمه بأسفل الكتابة وتاريخ ختمه ١١٨٤ ويقع في ٣٤٧ ورقة ، رقم ١٥٣٥.
الجزء الأوّل فرغ منه الكاتب في جمادى الأُولى سنة ١٢٦٢ وهو يشبه خطّ الجزء الثاني في ٤١٣ ورقة رقم ١٥٣٤.
(١٣١٤)
فصول أُصول العام
في علم الكـلام
هكذا أسماه المؤلّف في خطبة الكتاب وهو السيّد عبد الله بن أبي تراب الحسيني من أعلام القرن الثالث عشر جعله كالمقدّمة لكتابه الكبير في الفقه الذي سمّاه مشارع الحلال والحرام الذي ألّفه قبل كتاب الفصول هذا الذي فرغ منه ليلة الجمعة ١٦ شهر رمضان سنة ١٢٤٦ ومشارع الحلال والحرام لعلّه هو الذي ذكره شيخنا بعنوان المشارع لأحد تلاميذ صاحب الجواهر.
نسخة بخطّ المؤلّف قدسسره فرغ منها ١٦ شهر رمضان سنة ١٢٤٦ ، في ١٦٠ ورقة مقاسها ١٥ × ٢١ ، تسلسل ١١٩ وعليها تصحيحات بخطّه الشريف وتعليقات منه.
(١٣١٥)
فصول ملحقة بتصريف الزنجاني
نسخة بآخر مجموعة أدبية كتبت سنة ١٢٧١ بخطّ نسخ جيّد خشن ، رقم ١٨٢٤.
(١٣١٦)
الفطرة السليمة
للحاج كريم خان بن إبراهيم الكرماني فرغ منه المؤلّف ٥ شعبان سنة ١٢٦٨ ، مطبوع.
نسخة
بخطّ محمّـد كريم فرغ منها سلخ شهر رمضان سنة ١٢٧٣ ، في ١٠٩ ورقة ، رقم ١٥٥٦. نسخة
بخطّ عبد الله النوري كتبها سنة ١٢٩٧ ، في ٣٠١ ورقة ، رقم ١١٢١. (١٣١٧) فقه اللغة وسرّ العربية للثعالبي. نسخة
بخطّ اسماعيل بن عبد الله الخونساري ملحقة بالمصباح المنير بخطّه أيضاً فرغ من هذه
٩ محرّم سنة ١٢٦٢ ، رقم ١٧٨٣. (١٣١٨) الفهرست للشيخ منتجب الدين ابن بابويه ذيّل به على
فهرست الشيخ الطوسي. نسخة
بخطّ الخطّاط موسى بن علي بن ملاّ اسماعيل البهشتي فرغ منها في محرّم سنة ١٢٧٥ ضمن
مجموعة كلّها بخطّه النسخ الجيّد ، مجدول بالذهب واللاجورد والشنجرف ، وهذا آخرها رقم
المجموعة ١١٢٩. (١٣١٩) فوائـد في الطلسمات والعوذات والرقي وفيها جداول
ورسوم وأرقام هندسية وما شاكل ذلك. نسخة
في ٤ أوراق ضمن المجموعة رقم ٨٥٩ ، تبدأ من ١٥ ـ ١٨.
(١٣٢٠)
فوائـد
في تعقيبات الصلوات والأدعية والختومات والعوذ والرقي وأدعية الاستخارة وأوقاتها وما شاكل ذلك من جمع الشيخ حسين بن الشيخ علي البلادي البحراني المعاصر.
نسخة بخطّ يد المؤلّف في آخر مجموعة من مؤلّفاته كلّها بخطّه من الورقة ٣٤ أ ـ ٥٢ ب أهداها إلى المكتبة في جملة من المخطوطات ، رقم ٧٩٣.
(١٣٢١)
فوائـد
أوّل فوائدها في الرحم ومعناها وصلتها والرابعة منها في قوله تعالى الصوم لي وأنا أجزي به.
أوّلها : فائدة : كلّ رحم توصل للكتاب والسنّة والاجماع على الترغيب في صلة الأرحام ...) وأكثرها أو كلّها مأخوذة من كتاب القواعد للشهيد.
نسخة ضمن المجموعة رقم ٢٣١.
(١٣٢٢)
الفوائـد
للشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي المتوفّى سنة ١٢٤١.
أوّله : (الحمد لله رب ... فيقول العبد المسكين ... إنّي لمّا رأيت كثيراً من الطلبة يتعمّقون في المعارف الآلهية.
نسخة
بأوّل مجموعة من رسائله كتبت عام ١٢٣٤ في حياته وهي بخطّ السيّد صدر الدين الموسوي
اللاريجاني الشاهاندشتي ، رقم المجموعة ٢٣١. (١٣٢٣) الفوائد الأُصولية للمحقّق الخراساني المولى محمّـد كاظم المشتهر
بالآخوند الخراساني المتوفّى سنة ١٣٤٩. نسخة
مكتوبة في حياة المؤلّف ملحقة بآخر حاشيته على فرائد الأُصول
، رقم ٢٣١٧. (١٣٢٤) الفوائد الأُصولية للسيّد بحر العلوم السيّد مهدي بن مرتضى
الطباطبائي النجفي المتوفّى سنة ١٣١٢ مطبوعة على الحجر. نسخة
بخطّ الشيخ علي الأعسم كتبها سنة ١٢٣٤ بأوّل مجموعة أُصولية رقم ٣٩٣. نسخة
بخطّ نسخ جيّد بآخر مجموعة أُصولية قيّمة رقم ٩٥١. (١٣٢٥) الفوائد الثمان للشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي. نسخة
ضمن مجموعة من رسائله تبدأ بصفحة ٣٢٦ ، تسلسل ٦٩٣.
(١٣٢٦)
الفوائد الحائرية الجديدة
للاستاد الأكبر الوحيد البهبهاني محمّـد باقر بن محمّـد أكمل ، طبعت مع الفوائد العتيقة بآخر كتاب الفصول في أُصول الفقه في إيران سنة ١٢٧٠.
نسخة ناقصة الآخر ملحقة بالفوائد العتيقة ضمن مجموعة رقم ١٤١.
نسخة بخطّ السيّد فضل الله الحسيني كتبها في مشهد الرضا عليهالسلاموكتب قبلها الفوائد العتيقة وهما في مجلّد وفرغ من الجديدة في ربيع الأوّل سنة ١٢٢٤ ، رقم ١١٠٢.
نسخة بخطّ نسخ جيّد ، أوّلها الفوائد العتيقة ضمن مجموعة رقم ٢ / ٢٣٠٣.
(١٣٢٧)
الفوائد الحائرية العتيقة
للمولى محمّـد باقر بن محمّـد أكمل البهبهاني المشتهر بالوحيد البهبهاني والأُستاد الأكبر زعيم الشيعة الكبير توفّى سنة ١٢٠٥.
نسخة بخطّ محمّـد بن جعفر الگلپايگاني كتبها سنة ١٢٠٣ في حياة المؤلّف وعليها حواشي كثيرة من المؤلّف ورمزها منه دام ظلّه ومن غير المؤلّف ولها رموز أُخر في ٥٧ ورقة ، تسلسل ١٤١ وهي ضمن مجموعة هي أوّلها وبعدها قسم من الفوائد الجديدة.
نسخة بخطّ نسخ جيّد بأوّل مجموعة رقم ٢٣٠٣.
(١٣٢٨)
الفوائد الحائرية العتيقة
في الأُصول من تحقيقات الأُستاذ الأكبر مجدّد المذهب في القرن الثالث عشر شيخ المحقّقين وأُستاذ المجتهدين الوحيد البهبهاني الشيخ محمّـد باقر بن محمّـد أكمل المتوفّى سنة ١٢٠٨ وهي ٣٦ فائدة وخاتمة وألحق بها المؤلّف فوائد أُخرى وتسمّى الاُولى الفوائد العتيقة والثانية الفوائد الجديدة طبعتا (معاً) بآخر كتاب الفصول في أُصول الفقه سنة ١٢٧٠ في إيران على الحجر.
نسخة بخطّ السيّد فضل الله الحسيني كتبها بخطّ فارسي جيّد وفرغ منها أواسط صفر سنة ١٢٢٤ ثمّ بعده في المجموعة الفوائد الجديدة بخطّه أيضاً وهما معاً في مجلّد رقم ١١٠٢ تنقص من أوّلها الخطبة.
نسخة بخطّ محمّـد تقي بن ملاّ حسين الكاتب فرغ منها يوم الاثنين سلخ شوّال سنة ١٢٦٥ ، في ١٠٦ ورقة مقاسها ٥ / ١٤ × ٢٢ وبأوّلها فهرس تفصيلي لمطالبه ، تسلسل ١٠٨٤.
نسخة بخطّ الشيخ أسد الله الخوئي فرغ منها في شعبان سنة ١٢١٩ بخطّ نسخ جيّد ، رقم ٣٩٠.
(١٣٢٩)
الفوائد الرجالية
للأُستاذ الأكبر الوحيد البهبهاني محمّـد باقر بن محمّـد أكمل الأصفهاني الحائري المتوفّى سنة ١٢٠٦ ويعدّ من أكبر المؤسّسين في هذا
الفنّ ومن تأخّر عنه عيال عليه ، من فوائده استفاد ومن أنواره اقتبس.
نسخة بخطّ نسخ جيّد ضمن مجموعة قيّمة أكثرها للمؤلّف رقمها ٩٥١.
(١٣٣٠)
الفوائد الصمدية
في النحو تأليف الشيخ البهائي.
نسخة بخطّ نسخ خشن وعليها حواش كثيرة فرغ منها الكاتب ١٨ ذي القعدة سنة ١٢٣١ ، في ٥٣ ورقة ، رقم ١٨٢٦.
نسخة بخطّ محمّد كاظم بن علي عسكر فرغ منه سنة ١٢٥٤ ، في ٣٨ ورقة يظهر أنّة من العلماء كتبها أوان اشتغاله وكتب بعده الحاشية الشهاباوية في المنطق ٧ / ١٦ × ٢١ تسلسل ١١٣ ، وعليه خطّ بعض العلماء في تركيب خطبة الكتاب أحسن كلمة يبتدأ (الخ) وامضاؤه مهدي بن بابا سنة ١٢٨٠.
نسخة عليها حواش منه رحمهالله بخطّ قرچغاي بالفارسي الجميل ضمن مجموعة كلّها بخطّه وفرغ من هذه ٢٧ جمادى الأُولى سنة ١٠٦٢ ، من ورقة ١٠٥ ب إلى ورقة ١٢١ أ ، رقم المجموعة ١٥٢٠.
نسخة بخطّ نسخ جيّد كتبها أبو القاسم بن الحاج ملاّ علي أصغر سنة ١٢٦٠ وفرغ منها ربيع الثاني ضمن المجموعة رقم ٢ / ١٣٦٨.
نسخة كتبها محمّد صادق بخطّ معتاد منضّمة إلى كتاب الكبرى الذي فرغ منه في جمادى الأُولى سنة ١١٧١ ، ناقصة من آخرها ورقة رقم ٢٢١٨.
(١٣٣١)
الفوائد الضيائية
هو شرح كافية ابن الحاجب للمولى عبد الرحمان الجامي المتوفّى سنة ٨٩٧.
نسخة كتابة القرن العاشر ناقصة الآخر في ٢٢٠ ورقة ، رقم ١١٦٥.
نسخة فرغ منها الكاتب ١٨ جمادى الثانية سنة ١٠٧٣ وجاء في آخرها : بلغ مقابلة وتصحيحاً في خدمت ... مولانا عبد الله الگيلاني وتقع في ١٤٣ ورقة ، رقم ٤٥٣.
نسخة بخطّ فارسي جيّد والمتن مكتوب بخطّ نسخ خشن كتابة القرن الحادي عشر نسخة مصحّحة مضبوطة عليها تصميمات وتعليقات كثيرة ٢٦٣ ورقة ، رقم ١٩١٨.
نسخة بخطّ نسخ جيّد جميل كتبها محمّد بن كتاب الله بن علي زمان الساعي القمّي وفرغ منها في العشر الأوسط من شهر ربيع الأوّل سنة ١٠٩٦ وهي ثالث نسخة من هذا الكتاب كتبها بيده وعليها حواش كثيرة وتصحيحات ٢٦٠ ورقة ، رقم ١١٦٧.
نسخة بخطّ السيّد محمّد إبراهيم الحسيني فرغ منها في ٢١ صفر سنة ١٠٧٧ وعلى ظهر الأوراق الأخيرة فوائد ٢٠٨ ورقة ، رقم ٢١٣٧.
(١٣٣٢)
فوائد طبّية
كثيرة كوصف معاجين وبيان خواصّ الأشياء في أوراق كثيرة بآخر
نسخة الرسالة الإسهالية التي كتبها عبد الغفّار بن محمّـد كاظم الشيرازي سنة ١٢٥٥ ، رقم ١٢٤٥.
(١٣٣٣)
الفوائد الطريفة
في شرح الصحيفة
أي الصحيفة الكاملة السجّادية لشيخ الإسلام العلاّمة المحدّث المجلسي محمّد باقر بن محمّد تقي الأصفهاني المتوفّى سنة ١١١١ لم يتمّه بل شرح منها ثلاثة أدعية.
نسخة بخطّ السيّد زين العابدين بن السيّد أبي القاسم الموسوي الخونساري وبعده قطعة من مرآة العقول فرغ الكاتب من المرآة سنة ١٣٣٣ ، رقم ٦٤٧.
(١٣٣٤)
فوائد فقهيـة
في تزويج الصغيرين وفي التبرّع ببذل الخلع وغيره في آخر نسخة من حاشية فخر المحقّقين على إرشاد الأذهان رقم ١٩٤٧.
(١٣٣٥)
فوائد متفرّقة
في النجوم والتقويم والأدعية والطلسمات والحديث والتاريخ والأدب وفيها بيتين للشيخ البهائي وهما قوله :
|
وأربع نحو غرب |
|
تسير يامن يسائل |
|
محدِّد ومدير |
|
وجوز هرّ ومائل |
ويتبيّن للخليل بن أحمد وهما :
|
برح بي او علم الورى |
|
اثنان ما ان لهما من مزيد |
|
حقيقة يعسر تحصيلها |
|
وباطل تحصيله لا يفيد |
إلى غير ذلك من الفوائد الكثيرة بخطّ جامعها وهو من أهل القرن الثاني عشر ضمن مجموعة رقم ٩٣٩.
(١٣٣٦)
فوائد المشاهد
ونتائج المقاصد
وهو مجموعة مجالس وأمالي الخطيب الورع الواعظ الشيخ جعفر التستري المتوفّى سنة ١٣٠٣ ، جمعها الشيخ محمّـد علي بن أشرف الطالقاني.
نسخة بخطّ محمّـد إسماعيل بن علي ، فرغ منها في ١٩ ربيع الأوّل سنة ١٣٢٢ ، في ٢٢٤ ورقة ، تسلسل ٢٥٠.
(١٣٣٧)
فوائد منطقية
للشيخ عبد الله بن علي بن محمّد البخاري الخطّي البحراني من أعلام القرن الثالث عشر في الجزء الذي لا يتجزّأ وقد وقع له فيه نقاش مع بعض الفضلاء من معاصريه.
نسخة ضمن مجموعة من مؤلّفاته بخطّه وهذه أيضاً بخطّه رقم ٦٦٦.
(١٣٣٨)
الفوز الأصغر
لأبي علي ابن مسكويه.
نسخة بخطّ الخطّاط القدير محمّد مهدي الأصفهاني كتبها بخطّه النسخ الفاخر بأمر مخبر السلطنة وفرغ منها سنة ١٣٣٧ ، في ٤٦ ورقة ، مقاسها ٧ / ١٢ × ١٨ ، تسلسل ١١١٦ ثمّ صحّحها وقابلها الكاتب والتصحيحات بالهامش بخطّه والعناوين كلّها بالحمرة أو بالشنجرف والظاهر أنّه نجل الخطّاط أحمد بن محمّد مهدي الأصفهاني الذي يوجد في المكتبة بخطّه تحفة الملك المنصور ، تسلسل ١٥٤٦.
(١٣٣٩)
الفيزياء
رسالة فارسية في الفيزياء ، وهي ترجمة لكتاب موسيو بروسكي ، والمترجم خليل بن عبد الباقي الطبيب ، ترجمه على عهد السلطان ناصر الدين شاه القاجاري.
نسخة بخطّ فارسي جميل ، وأظنّ بآخرها توقيع موسيو بروسكي في ٨٢ ورقة ، رقم ٩٤٥.
(١٣٤٠)
الفيزياء والكيميا
لبعض المتأخّرين من الكتب المدرسية العالية الإيرانية.
أوّله : (الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمّـد وآله أجمعين ، أمّا بعد بدانكه اين كتاب مشتمل است بر يك مقدّمه وشش مقاله ...). وكلّ مقالة على فصول.
وأوّل الكيميا : (بدانكه خداوند جلّ جلاله از مرحمت وبنده نوازى به بندگان خود ...).
نسخة الفيزياء بخطّ فارسي جيّد إلى أواخر المقالة الخامسة إلى الورقة ٧٢ ، والكيميا بخطّ فارسي أردأ وأقدم منه يبدأ من الورقة ٧٧ ـ ١٣٥ آخره قوله فصل در شديم ، رقم ١٦٠٠.
(١٣٤١)
الفيض الإلهي
للشيخ الرئيس أبي علي الحسين بن سينا المتوفّى سنة ٤٢٨ هـ.
ويسمى : الأفعال والأنفعالات ، والفعل والانفعال ، والبرّ والإثم ذكر المهدوي في فهرس مصنّفات ابن سينا ص ١٨٧ إنّه مكتوب على بعض نسخة : (قد وجد للشيخ الرئيس من الكتاب المعروف بالبرّ والأثم ...) وعلى نسخه ليدن رقم ١٤٨٥ : (نتف وجدت الشيخ الرئيس ... من كتابه المعروف بالبرّ والإثم).
ثمّ قال والظاهر أنّه جواب لابن سينا عن سؤال سأله عنه الشيخ أبو سعيد أبو الخير وذكر انّه طبع في ضمن مجموعة في حيدر آباد بأسم الفعل والانفعال وطبعت ترجمته الفارسية في طهران.
نسخة ضمن مجموعة من رسائله الفلسفية كتبت في القرن الحادي عشر بخطّ فارسي جيّد ، رقم ٥٩٧.
(١٣٤٢)
فيض قدسي
مجموعة أبيات في الألغاز والأحاجي ، فارسية جاء في آخرها.
تاريخ إتمام اين نظم
|
بنامى زد زهى در كرامى |
|
كه سفت الماس نوك كلك جامى |
|
چو فيض قدسى آمد جاى توبيخ |
|
نباشد گر كنندش (فيض ٨٩٠) تاريخ |
بتشريف قبول ارزنده بادا
بر ارباب كرم فرخنده بادا
تمّت الرسالة الشريفة الموسومة بتاريخ الفيض في ٢٧ شوّال سنة ١١٢٦ في تبريز.
والذي يظهر أنّ هذا أحد رسائل المولى عبد الرحمان الجامي في المعمّيات وأنّه سمّاها فيض قدسي ولكن الكاتب سمّاها تاريخ الفيض.
وهي ناقصة الأوّل ضمن مجموعة رقم ١٤٧٩ ، بخطّ أبي الحسن بن محمّـد محسن التبريزي.
وقبلها في المجموعة رسالة في المعما صدره باسم السلطان سليم أبو الغازي سلطان حسين أوّلها :
|
اى يافته هر كسى زنامت كامى |
|
وز لطف تو ديده هر كسى انعامى |
|
با ذات قديمت زمعماى جهان |
|
پيدا نبود هيج بجز از نامي |
أمّا بعد نموده مى آيد كه چند معمّا كه تخلّص شريف حضرت سلطان الأعظم مالك الرقاب الأُمم ...
سلطان سليم ...
لم يبق منها إلاّ ورقة واحدة في هذه المجموعة.
(١٣٤٣)
فيه ما فيه
نسخة كتبت بخطّ فارسي جميل في القرن الرابع عشر إلاّ أنّ الكاتب لم يتمّه ، رقم ١٧٥٣.
للموضوع صلة ...
|
من المخطوطات العربية في المتحف البريطاني لندن (٤) |
|
الشيخ محمّـد مهدي نجف
بسم الله الرحمن الرحيم
(١٤٦)
|
مصباح السالكين لنهج البلاغة |
Or. ٨١٩٠ |
تأليف : كمال الدين ، ميثم بن علي بن ميثم البحراني ، المتوفّى سنة ٦٧٩ هجرية.
أوّله بعد البسملة : سبحانك اللّهمّ وبحمدك ، توحّدت في ذاتك ...(١).
جاء على ظهر الورقة الاُولى ما لفظه : قوبل هذا المجلد مع مجلّدين بعده من كتاب مصباح السالكين لنهج البلاغة من تأليفي ، وصحّت بحسب الإمكان من نسخة كتبت من نسخة الأصل بخطّي ، فمن وقف على شيء من الغلط فيها ، فليعلم أنّ السبب في ذلك أنّ نسخة الأصل لم أكن تفرّغت
__________________
(١) هذا هو مخالف لما ذكره الشيخ الطهراني قدسسره في كتابه الذريعة ، حيث ذكر ما جاء في أوّله : «سبحان من حسرت أبصار البصاير من كنه معرفته ...».
لمطالعتها لاشتغالي باتمام الكتاب ، ثمّ لم يكن الأصل المنقول منه مقابلاً لعدم حضور نسخة الأصل حينئذ ، ومع ذلك قد كان المستنسخ لهذه الأجزاء على غاية من الاستعجال ، فقوبلت بالأصل المنقول منه في مواضع متفرقة حضرت منها بعضها وليمّهد العذر. في ذلك ، وكتب الفقير إلى الله ميثم بن علي بن ميثم البحراني ، في منتصف جمادي الآخرة [...] وسبعين وستماية والحمد لله وحده ...
آخره : تمّ الجزء الأوّل من هذا الكتاب ، ويتلوه الثاني إن شاء الله تعالى. ومن خطبة لهعليهالسلام : أمّا بعد فإنّ الأمر مُنزل من الله إلى الأرض كقطر المطر.
نسخة نفيسة ، مجهولة الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن السابع الهجري.
في ٢٦٧ ورقة ، ٢٤ × ٥ / ١٦ سم. في كلّ صفحة ١٨ سطراً × ١٢ سم.
* الذريعة ٢١ : ١١٠ ، كشف الظنون ٢ : ١٩٩١ ، الفوائد الرضوية : ٦٨٩ ، روضات الجنّات ٧ : ٢١٦ ، الأعلام ٧ : ٣٣٦ ، هدية العارفين ٢ : ٤٨٦ ، معجم المؤلّفين ٣ : ٥٥ ، لؤلؤة البحرين : ٢٥٣.
Brockelmann: s, I: ٧١٣.
(١٤٧)
|
مطالب السؤول في مناقب آل الرسول |
Or. ٨٢٧٩ |
(منال الطالب في فضائل علي بن أبي طالب)
تأليف : كمال الدين ، أبي سالم ، محمّـد بن طلحة بن محمّـد بن
الحسن القرشي العدوي النصيبي الشافعي المولود سنة ٥٨٢ ، والمتوفّى سنة ٦٥٢ هجرية.
أوّله بعد البسملة : الحمد لله الذي جلاّ الصفوة الطاهرة ... فشرعت في تصنيفه ، وجمعت همّتي لتأليفه ، وسمّيته منال الطالب في فضائل علي ابن أبي طالب ...
أقول : جاء في هامش الصفحة وبنفس الخطّ تغيّر العنوان المذكور إلى : «مطالب السؤول في مناقب آل الرسول» ، ولعلّ المؤلّف عدل عن العنوان الأوّل للعنوان الثاني كما صرّح به في آخره.
آخره :
|
فمن سأل الله الكريم أجابه |
|
وجاوزه الإقبال من كلّ واجب |
تمّت مطالب السؤول على يد العبد الأقلّ ناصر بن سليمان بن يحيى بن علي ...
كتبه ناسخه مع كتاب مائة منقبة المتقدّم وصفه ، في سنة (٩٥١) هجرية.
في ٢٢٢ ورقة ، ٧ / ١٩ × ١٤ سم. في كلّ صفحة ١٥ سطراً.
* كشف الظنون ٢ : ١٧١٤ ، سير أعلام النبلاء ٢٣ : ٢٩٣ ، طبقات الشافعية الكبرى ٥ : ٢٦ ، هدية العارفين ٢ : ١٢٥ ، إيضاح المكنون ٢ : ٤٩٩ ، معجم المؤلّفين ١٠ : ١٠٤ ، شذرات الذهب ٥ : ٢٥٩.
Brockelmann: g, I: ٤٦٣ ـ ٤٦٤
(١٤٨)
|
مفاتيح الشرايع في الفقه |
Or. ٨٣٤٣ |
تأليف : المولى محمّـد بن مرتضى ، المدعو بمحسن والمشهور بالفيض الكاشاني ، من أعلام القرن الحادي عشر الهجري.
الكتاب في مجلّدين ، أحدهما في فنّ العبادات والسياسات ، والآخر في فـنّ العادات والمعـاملات ، وكلّ مجلّـد مشتمل علـى ستّة كتب وخاتمـة ، وفـي كلّ كتـاب مقدّمة وأبـواب ، وفـي كلّ باب مفاتيـح.
أوّله بعـد البسملة : الحمد لله الذي هادنا لدين الإسلام ، وسنّ لنا الشرايع ، والأحكام بوسيلة نبيّه المختار وأهل بيته الأطهار عليه وعليهم الصلاة والسلام ... ثمّ إنّ صاحب هذه الأسطر ، هو خادم العلوم الدينيّة محمّـد بن المرتضى الملقّب بـ «محسـن» أحسن الله حاله يقول : إنّي كنت في عنفوان شبابي شديد الشوق إلى معرفة أحكام الدين ...
آخره : هذا آخر المفاتيح ، ووقع الفراغ من تأليفه في عام اثنين وأربعين وألف ... وقع الفراغ من اتمام هذه النسخة الشريفة على يد الحقير ... العبد العاصي ... ابن عبّاس أسد الله الإيرواني ... في عصر يوم الأحد سادس من العشر الثالث من العشر السادس من المائة الثالثة من الألف الثاني من الهجرة.
في ٢٣٧ ورقة ، ٣٠ × ٢٠ سم. في كلّ صفحة ٢١ سطراً × ٥ / ١١ سم.
* الذريعـة ٢١ : ٣٠٣ ، لـؤلـؤة البـحـريـن : ١٢١ ، إيضـاح المكنون ٢ : ٥٢١ ، سلافة العصر : ٤٩٩ ، الفوائد الرضوية :
٦٣٣ ، معجم المؤلّفين ١٢ : ١٢.
Brockelmann: g, II: ٤١٣, s, II: ٥٨٤ ـ ٥٨٥.
(١٤٩)
|
المقدّمة في المدخل إلى علم الكلام |
Or. ١٠٩٦٨ |
تأليف : شيخ الطائفة ، أبي جعفر محمّـد بن الحسن بن علي الطوسي ، المولود سنة ٣٨٥ ، والمتوفّى سنة ٤٦٠ هجرية.
أوّله بعد البسملة : الحمد لله حقّ حمده ، والصلاة على خير خلقه محمّـد وآله الطاهرين. سألتم أيّدكم الله إملاء مقدّمة تشتمل على ذكر الألفاظ المتداولة بين المتكلمين ، وبيان أغراضهم منها ... فصل في ذكر أعمّ الأسماء الجارية بينهم وأخصّها ...
والنسخة الموضوعة البحث ناقصة الآخر ، مختلفة الخطّ ، فرغ من إتمامها عبدالملك بن إسحاق بن عبدالملك الواعظ ، في الحادي عشر من شهر جمادي الآخرة ، من سنة أربع وثمانمائة (٨٠٤).
نسخة نفيسة في ٢٦ ورقة ، ١٨ × ١٠ سم. في كلّ صفحة ١٧ ـ ٢٦ سطراً.
* الفهرست للطوسي : ١٦١ ، تأسيس الشيعة : ٣١٣ ، لؤلؤة البحرين : ٢٩٢ ، مصفّى المقال : ٤٠٢ ، المنتظم ٨ : ٢٥٢ ، النجوم الزاهرة ٥ : ٨٢ ، الكامل في التاريخ ١٠ : ٥٨ ، معالم العلماء : ١٠٢ ، روضات الجنّات ٦ : ٢١٦.
Brockelmann: g, I: ٤٠٥, s, I: ٧٠٦ ـ ٧٠٧
(١٥٠)
|
من لا يحضره الفقيه (ج ١) |
Or. ٨٣٣٢ |
تأليف : أبي جعفر محمّـد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي ، المعروف بالشيخ الصدوق ، المتوفّى سنة ٣٨١ هجرية.
أحد الاُصول الحديثيّة الأربعة للشيعة الإماميّة ، التي عليها مدار استنباط الأحكام الشرعية عند فقهائهم ، وقد أُحصيت أحاديثه بـ (٥٩٩٨) حديثاً.
أوّله بعد البسملة : اللّهم إنّي أحمدك وأشكرك ، وأُومن بك ، وأتوكّل عليك ، وأقرّ بذنبي إليك ، وأشهد أنّي مقرّ بوحدانيّتك ... أمّا بعد : فإنّه لمّا ساقني القضاء إلى بلاد الغربة ، وحصلني القدر منها بأرض بلخ ... سألني أن أُصنّف له كتاباً في الفقه والحلال والحرام والشرائع والأحكام ، موفياً على جميع ما صنّفت في معناه وأُترجمه بكتاب من لا يحضره الفقيه ...
ناقص الأوّل بعض الأوراق ، يبدأ هذا المجلّد من أوائل الحديث الأوّل من الباب الثامن من كتاب الطهارة في صفة وضوء رسول الله(صلى الله عليه وآله) : إذا كانت الكفّ طاهرة ، ثمّ غرف ملأها ماءً ، ثمّ وضعه على جبهته وقال : بسم الله ...
آخره : آخر باب نوادر الصلاة ، وهو آخر الجزء الأوّل منه : تمّ الجزء الأوّل من كتاب من لا يحضره الفقيه والحمد لله ... وافق الفراغ من نسخه الفقير إلى رحمة ربّه وغفرانه محمّـد بن علي بن [...] عفا الله عنه ، يوم الجمعة ، حادي عشر من شوّال ، من سنة اثنتين وخمسين وستمائة (٦٥٢) غفر الله له ولكافّة المؤمنين والمؤمنات.
يليه بلاغ ومقابلة وعدّة تملّكات.
نسخة نفيسة ، في ١٩٨ ورقة ، ٢٤ × ١٨ سم. في كلّ صفحة ١٧ سطراً.
* الذريعة ٢٢ : ٢٣٢ ، رجال النجاشي ٢ : ٣١٣ ، الفهرست للشيخ الطوسي : ١٨٤ ، طبقات أعلام الشيعة ق/٤ : ٢٨٧ ، أمل الآمل ٢ : ٢٨٣ ، الكنى والألقاب ١ : ٢٢٠ ، ريحانة الأدب ٣ : ٤٣٤ ، روضات الجنّات ٦ : ١٣٢ ، معجم المؤلّفين ١١ : ٣.
Brockelmann: s, ٣٢١ ـ ٣٢٢
(١٥١)
|
الجزء الثالث والرابع منه |
Add. ١٩٣٥٨ |
ينقص من أوّله بعض الأوراق ، وقد أكمل بخطّ حديث مؤخّراً.
أوّله بعد البسملة : كتاب القضايا والأحكام ، باب من يجوز التحاكم إليه ومن لا يجوز ...
جاء في آخر الجزء الثالث منه ما لفظه : وكان الفراغ من كتابته يوم الخميس والعشرون من شهر صفر ، ختم بالخير والظفر ، سنة سبعين وتسعماية (٩٧٠) ... كتبه ... جمال بن حاتم عفى الله عنه ...
وجاء في آخر الجزء الرابع ما صورته : تمّت الأسانيد من كتاب من لا يحضره الفقيه والحمد لله ربّ العالمين.
نسخة نفيسة ، في ٣٦٠ ورقة ، ٢٦ × ٢ / ١٧ سم. في كلّ صفحة ١٧ سطراً × ٥ / ٩ سم.
(١٥٢)
|
نسخة أُخرى منه (ج ١ ـ ٤) |
Or. ٣٣٢٧ |
أوّلها بعد البسمله : اللّهم إنّي أحمدك وأشكرك ، وأومن بك ...
جاء في آخر الجزء الثالث في الورقة (٣٤٩) أنّ الناسخ أكمله في شهر ربيع الثاني بأصفهان.
وجاء في آخرها : تمّت الكتاب ... مير محمّـد سليمان بن مير معصوم الحسيني في يوم العشرين من شهر ذي الحجّة من شهور سنة (١٠٤٦) ستّة وأربعون بعد الألف من الهجرة ...
يليه صورة قراءة الكتاب من أوّله إلى آخره ، قراءة بحث وتدقيق وتحقيق ، من قبل أمير سليمان الحسيني الفاطمي التوني النجفي ، على السيّد أحمد بن زين العابدين العلوي سنة ستّ وأربعين بعد الألف.
في هوامش صفحات الكتاب شروح وتعليقات وفوائد رجالية كثيرة.
في ٤٧٠ ورقة ، ٢٦ × ٥ / ١٩ سم ، في كلّ صفحة ٢٤ سطراً × ١٠ سم.
(١٥٣)
|
منتهى المطلب في تحقيق المذهب |
Or. ٩٨٥٤ (١) |
تأليف : جمال الدين ، أبي منصور الحسن بن يوسف بن علي بن المطهّر الحلّي ، المشهور بالعلاّمة ، المولود سنة ٦٤٨ ، والمتوفّى سنة ٧٢٦ هجرية.
ذكر فيه مؤلّفه قدسسره الأحكام الشرعيّة مقارناً ذلك مع جميع المذاهب
الإسلاميّة مع بيان حججهم عليها ، والردّ على غير ما يختاره. يتقدّم الكتاب بعض المقدّمات في الغرض من علم الفقه ، ووجه الحاجة إليه ومرتبته وموضوعه وغيرها.
أوّله بعد البسملة : الحمد لله المتفضّل فلا يبلغ مدحته الحامدون ، والمنعم فلا يحصى نعمه العادّون ، الكريم فلا يحصر مدى كرمه الحاصرون ...
أكمل نسخ الجزء الأوّل منه في الورقة ١٤٣ حسن بن جمعه بن علي الزبيدي النجفي ، في ١٧ ذي الحجّة سنة ١٠٠٣ هجرية ، وذلك في المشهد الغروي.
وأكمل كتابة الجزء الثاني منه في الورقة ٣٠١ في الحادي والعشرين من ربيع الثاني من شهور سنة ١٠٠٤ هجرية.
ناقص الآخر آخره من كتاب الحجّ والعمرة ، البحث الثالث في وجوبهما ... ولو أخّرها لا يسمّى قضاء ، والقضاء إذا وجب على الفور لو أخّره لا يسمّى قضاء.
في ٤٧٥ ورقة ، ٢٥ × ٥ / ١٧ سم. في كلّ صفحة ٢٧ سطراً × ١٢ سم.
* الذريعة ٢٣ : ١١ ، إيضاح المكنون ٢ : ٥٧٤ ، روضات الجنّات ٢ : ٢٦٩ ، الأعلام ٢ : ٢٢٧ ، الدرر الكامنة ٢ : ٧١ ، النجوم الزاهرة ٩ : ٢٦٧ ، أعيان الشيعة ٥ : ٣٩٦ ، مرآة الجنان ٤ : ٢٧٦ ، معجم المؤلّفين ٣ : ٣٠٣.
Brockelmann: g, II: ١٦٤. s, II: ٢٠٦ ـ ٢٠٩
(١٥٤)
|
منتهى الوصول إلى علمي الكلام والأصول |
Or. ٨٣٢٦ |
تأليف : جمال الدين ، أبي منصور الحسن بن يوسف بن علي بن المطهّر الحلّي ، المشهور بالعلاّمة ، المولود سنة ٦٤٨ ، والمتوفّى سنة ٧٢٦ هجرية.
رتّبه المؤلّف على قسمين ، الأوّل في الكلام ، والثاني في الاُصول.
أوّله بعد البسملة : الحمد لله ذي القدرة الأزليّة ، والعزّة الأبدية ، السلطان الظاهر ، والملك القاهر ...
والنسخة موضوعة البحث ناقصة الأوّل ، أوّلها : في تقسيم الموجودات ومنه نوعان : الأوّل الوجودات ...
ينتهي القسم الأوّل منه بما يتعلّق في علم الكلام بالورقة ١٠٤ ، جاء في آخره : وليكن هذا آخر ما أردنا ذكره في هذا الفنّ ، ونحن الآن ننتقل إلى الفنّ الثاني : وهو أُصول الفقه ... فرغ مصنّفه قدس الله سرّه من تسويده ، يوم الجمعة سادس عشر جمادى الأوّل ، سنة سبع وثمانين وستماية (٦٨٧).
ناقصة الآخر أيضاً ، تنتهي في الفصل السادس في طريق العلّة وهي ستة ... الثالث ... (هـ) وصفاً مناسباً ، مثل لا يقضي القاضي.
مجهول الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن الثامن الهجري.
نسخة نفيسة ، في ٢٠٩ ورقة ، ١٨ × ١٣ سم. في كلّ صفحة ١٩ سطراً × ٩ سم.
* الذريعة ٢٣ : ١٥ ، إيضاح المكنون ٢ : ٥٧٤ ، روضات
الجنّات ٢ : ٢٦٩ ، أعيان الشيعة ٥ : ٣٩٦ ، النجوم الزاهرة ٩ : ٢٦٧ ، مرآة الجنان ٤ : ٢٧٦ ، معجم المؤلّفين ٣ : ٣٠٣ ، الدرر الكامنة ٢ : ٧١ ، الأعلام ٢ : ٢٢٧.
Brockelmann: g, II: ١٦٤. s, II: ٢٠٦ ـ ٢٠٩
(١٥٥)
|
منهج المقال في تحقيق أحوال الرجال |
Or. ٣٥٧٥ |
تأليف : الميرزا محمّـد بن علي بن إبراهيم الحسيني الأسترآبادي المتوفّى سنة ١٠٢٨ هـ.
أوّله بعد البسملة : الحمد لله المتعالى في عزّ جلاله عن الأشباه والنظائر ... أمّا بعد فهذا كتاب منهج المقال في تحقيق أحوال الرجال ، حاولت فيه ذكر ما وصل إليّ من كلام علمائنا ...
مجهول الناسخ والتاريخ ، والكتاب بخطّين مختلفين من خطوط القرن الثاني عشر الهجري.
آخره : فرغ مؤلّفه الراجي عفو ربّه الهادي ، محمّـد بن علي الأسترآبادي ، في سلخ صفر ، في مشهد مولاه أمير المؤمنينعليهالسلام سنة ٩٨٦ هجرية ، وكتبت لنفسي وأنا الفقير إلى الله الغني محمّـد بن إبراهيم بن هدايت الله الجيلي ...
وللكتاب تلخيص تقدّم ذكره فلاحظ.
في ٣٨٩ ورقة ، ٥ / ٢٩ × ٥ / ١٩ سم. في كلّ صفحة ٢٩ سطراً × ١٢ سم.
* الذريعة ٢٣ : ١٩٨ ، إيضاح المكنون ٢ : ٥٩٣ ، سلافة
العصر : ٤٩٩ ، خلاصة الأثر ٤ : ٤٦ ، هدية العارفين ٢ : ٢٧١ ، مصفّى المقال : ٤٣٠ ، الفوائد الرضوية : ٥٥٤ ، الأعلام ٦ : ٢٩٣ ، معجم المؤلفين ١٠ : ٢٩٨.
Brockelmann: s, II:٥٢٠, ـ ٥٧٢. Supplement p. ٤٢٤, No. ٦٣٥.
(١٥٦)
|
مُهج الدعوات ومنهج العنايات |
Or. ٨٤٧١ |
تأليف : رضي الدين ، أبي القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمّـد بن محمّـد بن طاوس العلوي ، المولود سنة ٥٨٩ ، والمتوفّى سنة ٦٦٤ هجرية.
جمع فيه مؤلّفه قدسسره بعض الأدعية والأذكار ، والأحراز والحُجب والتعقيبات وغيرها من مهمّات الضراعات ، ولم يرتّبه على أبواب وفصول.
أوّله بعد البسملة ، يقول مولانا ... أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر ... : أحمد الله الذي ابتدأ بالإحسان ، ودعا عباده إلى معرفته بلسان ذلك البرهان ...
آخره : وقع الفراغ من نسخها يوم الأثنين ، ثالث شهر شوّال المكرّم ، من شهور سنة أربع وسبعين ومائتين بعد الألف من الهجرة ... محمّـد هادي بن عبدالرحيم المرودشتي الشيرازي ، سنة ١٢٧٤ هجرية.
في ١٦٤ ورقة ، ٢٩ × ٥ / ١٨ سم. في كلّ صفحة ٢٥ سطراً × ٥ / ٩ سم.
* الذريعة ٢٣ : ٢٨٧ ، هدية العارفين ١ : ٧١٠ ، الفوائد
الرضوية : ٣٣٠ ، روضات الجنّات ٤ : ٣٢٥ ، معجم المؤلّفين ٧ : ٢٤٨ ، لؤلؤة البحرين : ٢٣٥ ، أمل الآمل ٢ : ٢٠٥ ، الكنى والألقاب ١ : ٣٣٩ ، مصفّى المقال : ٢٩٧.
Brockelmann: s, I: ٩١١, ٩١٣
(١٥٧)
|
المهذّب البارع في شرح مختصر النافع |
Or. ٧٨١٣ |
تأليف : جمال الدين ، أبي العبّاس أحمد بن محمّـد بن فهد الأسدي ، الحلّي المولود سنة ٧٥٧ ، والمتوفّى سنة ٨٤١ هجرية.
المختصر النافع (النافع في مختصر الشرائع) ، هو وأصله الشرائع للمحقّق نجم الدين ، أبي القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي الحلّي المتوفّى سنة ٦٧٦ هجرية.
أوّله بعد البسملة : الحمد لله المتفرّد بالقدم والكمال ، المتوحّد بالعظمة والجلال ، المتعالى عن مقايسة الأشياء والأمثال ... وبعد فإنّ أحقّ ما أنفق فيه العمر ، وصرف فيه الدهر ، تعلّم المعالم الدينيّة ...
آخره : تمّ الكتاب بعون الملك ... على يد الكاتب المذنب [...] بن حسين بن علي الرناني ، في يوم الخميس خامس [...] ختم بالخير والإقبال ، من شهور سنة أربعين وألف من الهجرة النبوية.
في ٣٣١ ورقة ، ٥ / ٢٥ × ٥ / ١٩ سم. في كلّ صفحة ٢٣ سطراً × ٥ / ١٢ سم.
* الذريعة ٢٣ : ٢٩٢ ، روضات الجنّات ١ : ٧١ ، أعيان الشيعة ٣ : ١٤٧ ، تنقيح المقال ١ : ٩٢ ، معجم المؤلّفين ١٢ :
١٤٤ ، الكنى والألقاب ١ : ٣٨٠.
Brockelmann: s, II: ٢١٠
(١٥٨)
|
نجاة الطالب في إمامة علي بن أبي طالب |
Or. ٣٧٢٧ |
شرح الجوابات الهاشميّة
تأليف : يحيى بن هاشم الهدوي الصعدي الزيدي.
الجوابات الهاشمية للسيّد محمّـد بن عبدالله بن الحسين المحرابي ، وهي أبيات شعريّة ردّ فيها أبيات بعض الشافعية التي كان يدعي فيها أنّ عليّاًعليهالسلام تابع للمشايخ الثلاثة ، حيث قال الشافعي في أبياته :
|
عليٌ تابع الخلفا حقّاً |
|
ونادوه ليغزوا فاستجابا |
وكان الردّ عليه بقوله :
|
عليٌ خالف الخلفا حقّاً |
|
لرفضهمُ الإمامة والكتابا |
أوّله بعد البسملة : الحمد لله الذي دلّ على ذاته بصنع مخلوقاته ... أمّا بعد فإنّي لمّا اطّلعت على هذه الأبيات من بعض الشافعية يدّعي أنّ عليّاً عليهالسلام تابع للمشايخ ... فإنّي رددت الأبيات وسمّيتها الجوابات الهاشمية في الردّ على أبيات بعض الشافعية ...
آخره : تمت نجاة الطالب ... مجهول الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن الحادي عشر الهجري.
ضمن مجموع ، من الورقة ١ ـ ٤١ ، ٣ / ٢٩ × ٢٠ سم ، في كلّ صفحة
٢٦ سطراً × ٧ / ١٢ سم.
Supplement p. ١٣٦, No. ٢١٣
(١٥٩)
|
نقد الرجال في علم الرجال |
Or. ٣٦٤٠ |
تأليف : مير مصطفى بن الحسين الحسيني التفريشي ، كان حيّاً سنة ١٠٤٤ هجرية.
أوّله بعد البسملة : الحمد لله خالق الليل والنهار ، العالم بحقيقات الضمائر والأسرار ... وبعد فيقول الفقير إلى رحمة ربّه مصطفى بن الحسين الحسيني التفريشي : أنّه لا شكّ ولا ارتياب ...
آخره : قد فرغت من تسويد هذا الكتاب بعون الملك الوهّاب ... في الثاني من شهر ذي الحجّة الحرام من شهور سنة سبع وخمسين ومأتين بعد الألف (١٢٥٧).
مجهول الناسخ ، في ٢٥٢ ورقة ، ٢١ × ٥ / ١٤ سم. في كلّ صفحة ١٨ سطراً × ٥ / ٨ سم.
* الذريعة ٢٤ : ٢٧٤ ، مصفّى المقال : ٤٦٩.
Supplement p. ٤٢٥, No. ٦٣٦
(١٦٠)
|
نسخة أُخرى |
Or. ٨٢٧٧ |
آخرها : وبهذا الإسناد عن الشيخين الأجلّين الشيخ فخر الدين والسيّد عميد الدين ، عن الشيخ الإمام العلاّمة جمال الدين الحسن بن يوسف بن
المطهّر الحلّي ، والحمد لله. تمّ بحمد الله وعونه وحسن توفيقه ، يوم الأحد من محرّم الحرام ، سنة ألف ومائتين وخمسين وخمس ١٢٥٥ من الهجرة النبوية.
مجهولة الناسخ ، في ٢٨٤ ورقة ، ٢١ × ١٥ سم. في كلّ صفحة ١٧ سطراً × ٣ / ٨ سم.
(١٦١)
|
نور الثقلين (ج ١) |
Or. ٨١١٠ (١) |
تأليف : عبد علي بن جمعة الحويزي العروسي المتوفّى سنة ١١١٢ هجرية.
أوّله بعد البسملة : الحمد لله الذي نزّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً ، وأشهد عليهم أُمّة وسطاً جعلهم هداة وقمراً منيراً ...
آخره في تفسير سورة الأنعام قوله : في تفسير علي بن إبراهيم قوله : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْض دَرَجَات) قال : في القدر والمال ... تمّ الجزء الأوّل من نور الثقلين ، واتّفق الفراغ منه على يد مؤلّفه ... يوم الجمعة ، السابع والعشرين من شعبان المعظّم ، من شهور السنة الخامسة بعد الستّين والألف (١٠٦٥) من هجرة سيّد الأوّلين ... وقد وقع الفراق من تحرير هذه النسخة الشريفة في يوم الجمعة (١٠٩٢) كتبه العبد الأحقر جعفر بن كمال الدين محمّـد الحسني النجفي.
نسخة نفيسة ، في ٢٢٧ ورقة ، ٥ / ٢٤ × ١٩ سم. في كلّ صفحة ٢٥ سطراً × ١٢ سم.
* الذريعة ٢٤ : ٣٦٥ ، روضات الجنّات ٤ : ٢١٣ ، أمل
الآمل ٢ : ١٥٤ ، معجم المؤلّفين ٥ : ٢٦٥ ، ريحانة الأدب ٤ : ١٢٤ ، أعيان الشيعة ٨ : ٢٩ ، رياض العلماء ٣ : ١٤٧.
Brockelmann: g, II: ٤١٢, s, II: ٥٨٢
(١٦٢)
|
الجزء الثاني منه |
Or. ٨١١٠ (٢) |
أوّله بعد البسملة : في كتاب ثواب الأعمال بإسناده إلى أبي عبداللهعليهالسلام قال : من قرأ سورة الأعراف في كلّ شهر ...
ينتهي هذا المجلّد بتفسير قوله تعالى : (فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربّه أحداً) الآية (١١٠) من سورة الكهف ، وهي آخر السورة المباركة.
الكتاب كلّه مجدول بماء الذهب.
آخره : تمّ الجزء الثاني من التفسير الثاني المسمّى بنور الثقلين ... في عصر يوم الثلاثاء ، خامس عشر من شهر صفر ... من شهور سنة ثلاث وثمانين بعد الألف (١٠٨٣) ... بيد العبد ... علي أكبر.
نسخة نفيسة ، في ٢٥٣ ورقة ، ٥ / ٢٧ × ١٦ سم. في كلّ صفحة ٢٧ سطراً × ٥ / ٩ سم.
(١٦٣)
|
الجزء الثالث والرابع منه |
Or. ٨١١٠ (٣ ـ ٤) |
أوّله بعد البسملة : في كتاب ثواب الأعمال بإسناده عن أبي عبداللهعليهالسلام قال : من أدْمَنَ قراءة سورة مريم ، لم يمت حتّى يصيب ما
يغنيه في نفسه وماله وولده ...
ينقص من آخره ورقة واحدة ، أُكملت بخطّ آخر حديث.
جاء في آخره : وقد اتفق الفراغ من تأليف هذا المجلّد الرابع ، آخر أجزاء التفسير ... على يد مؤلّفه ... آخر نهار السادس عشرين من ذي الحجّة الحرام ، أحد شهور السنة الثانية بعد السبعين والألف (١٠٧٢) ...
نسخة نفيسة ، في ٥٤٦ ورقة ، ٢٥ × ٥ / ١٧ سم. في كلّ صفحة ٢٣ سطراً × ٥ / ١٠ سم.
(١٦٤)
|
نور العين في ذكر مشهد السيّد الحسين (ع) |
Or. ١١١٤٥ |
تأليف : عبدالفتاح بن أبي بكر بن أحمد الشهير بالرسام الشافعي الخلوتي المتوفّى بعد سنة ١٠٠٤ هجرية.
أوّله بعد البسملة : حمداً لمن جعل أهل بيت نبيّه الكرام خُلاصة الأنام ، وخصّهم بمزيد إكرام على الخاصّ والعامّ ... وبعد فإنّ السبب الداعي إلى تسطير هذه الرسالة ، والباعث إلى تحبير هذه العجالة ... مولانا السلطان محمّـد بن السلطان مراد خان بن عثمان ...
آخره : وكان الفراغ من تأليف هذه الرسالة المباركة في يوم الجمعة ثامن عشرين [ذي] الحجّة الحرام ختام عام سنة أربع وألف من الهجرة النبوية (١٠٠٤) ... كتبه محمّد بن أحمد الكومي ، إمام المشهد الحسيني ، سنة ١٠١١ هجرية.
نسخة نفيسة ، في ٣٥ ورقة ، ٢ / ١٧ × ١٢ سم. في كلّ صفحة ١٣
سطراً.
إيضاح المكنون ٢ : ٦٨٥.
(١٦٥)
|
نهج البلاغة |
Or. ٩٠٥٧ |
جمع : الشريف الرضي ، أبي الحسن ، محمّـد بن الحسين بن موسى ابن محمّـد بن موسى بن إبراهيم بن موسى بن جعفر الموسوي ، المولود سنة ٣٥٩ ، والمتوفّى سنة ٤٠٦ هجرية.
أوّله بعد البسملة : أمّا بعد ، حمداً لله الذي جعل الحمد ثمناً لنعمائه ... فإنّي كنت في عنفوان السنّ ، وغضاضة الغصن ، إبتدأت تأليف كتاب في خصائص الأئمة عليهمالسلام ، يشتمل على محاسن أخبارهم وجواهر كلامهم ...
جاء على ظهر الورقة (١٣٤) ما نصّه : الجزء الثاني من نهج البلاغة كلام أمير المؤمنين عليهالسلام ، جمع الشريف الرضي ...
أوّل الجزء الثاني بعد البسملة : ومن خطبة له عليهالسلام روى أنّ صاحباً لأمير المؤمنينعليهالسلام يقال له همّام ، كان رجلاً عابداً ، فقال له : يا أمير المؤمنين صف لي المتّقين حتّى كأنّي أنظر إليهم ، فتثاقل عن جوابه ، ثمّ قال ...
آخره في ورقة (٢٠٣) : وقالعليهالسلام : ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلّموا حتّى أخذ على أهل العلم أن يُعلّموا. والحمد لله ربّ العالمين ... وهذا حين انتهاء الغاية بنا إلى قطع المنتزع من كلام أمير المؤمنينعليهالسلامحامدين الله سبحانه ... وذلك في صفر ، من سنة أحد وأربعين وستماية
(٦٤١). فرغ من كتابته جعفر بن محمّـد بن سويد.
يليه في عدّة أوراق وبخطّ واحد مع ما سبق ، الخطبة المعروفة بالدرّة اليتيمة. أوّلها : الحمد لله حمد مغترف من بحار مجده ...
يليها ، ومن كلام لهعليهالسلام : كان لي فيما مضى أخ في الله كان يعظّمه في عيني صغر الدنيا.
نسخه نفيسة ، في ٢٦٠ ورقة ، ٥ / ٢٣ × ٥ / ١٨ سم ، في كلّ صفحة ١٥ سطراً.
في هوامش صفحات الجزء الأوّل بعض الشروح البسيطة.
* رجال النجاشي ٢ : ٣٢٥ ، أعيان الشيعة ٩ : ٢١٦ ، كشف الظنون ٢ : ١٩٩١ ، الذريعة ٢٤ : ٤١٢ ، تاريخ بغداد ٢ : ٢٤٦ ، وفيات الأعيان ٢ : ٢ ، تذكرة الحفاظ ٣ : ٢٨٩ ، شذرات الذهب ٣ : ١٨٢ ، روضات الجنّات ٦ : ١٩٠ ، لؤلؤة البحرين : ٣٢٢.
Brockelmann: g, I: ٨٢.
(١٦٦)
|
نسخة أخرى |
Add. ٢٣٤٧٢ |
تمّ الجزء الأوّل منها في العشرين من شهر رجب من سنة ثلاث وسبعين وستمائة (٦٧٣) ، كما جاء ذلك في الورقة ٩١ فلاحظ.
وجاء في آخر الجزء الثاني ما نصّه : حرّره عجلاً لنفسه الفقير إلى رحمة ربّه وغفرانه عبدالله عقيل بن حسين بن أبي الفتح بن أحمد بن عبيدالله الحاوي في سابع عشر رمضان المبارك سنة ثلاث وسبعين وستمائة
(٦٧٣) بالحلّة المحروسة ...
نسخة نفيسة ، في ١٦٠ ورقة ٢٦ × ٥ / ١٨ سم. في كلّ صفحة ١٧ سطراً × ١٣ سم.
(١٦٧)
|
نسخة أخرى |
Add. ١٨٤٠١ |
نسخة خزائنية ، نفيسة ، مجدولة بماء الذهب ، كتبت بين أسطرها الترجمة الفارسية ، وزيّنت عناوين الخطب بالذهب والمينا الملوّنة.
جاء في آخرها : قد وقع الفراغ من تنميقه بعون الله ... في خامس شهر ربيع الثاني من سنة ثلاث وتسعين بعد الألف من الهجرة ... ابن المرحوم مير محمّـد صالح محمّـد حسين الطبيب الموسوي.
في ٣٦٧ ورقة ، ٢٥ × ٢ / ١٦ سم. في كلّ صفحة ١٠ أسطر × ١٠ سم.
(١٦٨)
|
نسخة أخرى |
Or. ٨٥٤٦ |
ناقصة من أوّلها بمقدار ورقة واحدة فقط ، مجدولة بماء الذهب ، في هوامش صفحاتها حواش وشروح كثيرة.
مجهولة الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن الثالث عشر الهجري.
في ٢١٣ ورقة ، ٥ / ٢٨ × ٥ / ١٦ سم. في كلّ صفحة ١٥ سطراً × ١٢ سم.
(١٦٩)
|
نسخة أخرى |
Or. ٣٩٩١ |
من خطوط القرن الحادي عشر الهجري ، جاء في آخرها : كان الفراغ من تحصيله فجر يوم الجمعة لعلّه ثامن شهر رمضان الكريم ، من شهور سنة تسعين وألف ... ، وقد أُتلف اسم ناسخها.
ضمن مجموع ، تبدأ بالورقة ٦ ـ ٢٢٦ ، ٢١ × ١٦ سم ، في كلّ صفحة ١٩ سطراً × ٥ / ٩ سم.
Supplement p. ٧٩٥, No. ١٢٣٨
(١٧٠)
|
نهج الحقّ وكشف الصدق |
Or. ٨٠٥٧ |
تأليف : جمال الدين ، أبي منصور الحسن بن يوسف بن علي بن المطهّر ، المعروف بالعلاّمة الحلّي ، المولود سنة ٦٤٨ ، والمتوفّى سنة ٧٢٦ هجرية.
كتب المؤلّف قدسسره كتابه هذا للسلطان محمّـد خدا بنده ، مرتّباً إيّاه على مسائل في التوحيد والعدل والنبوّة والإمامة ، والمسائل الفرعيّة التي خالف فيها الجمهور الكتاب والسنّة.
أوّله بعد البسملة : الحمد لله الذي غرقت في بحار معرفته أفكار العلماء ، وتحيّرت في إدراك ذاته انظار الفقهاء ... أما بعد : فإنّ الله تعالى حيث حرّم في كتابه العزيز كتمان آياته ... وقد وضعنا هذا الكتاب الموسوم بنهج الحقّ وكشف الصدق ...
آخره : وفيما أوردناه في هذا الكتاب كفاية لمن له أدنى تحصيل ، فكيف من يستغني عن كثير التنبيه بالقليل ، والله الموفّق للصواب ، وإليه المرجع والمآب.
مجهول الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن الثاني عشر الهجري.
في ٢٢٥ ورقة ، ٨ / ١٩ × ١٣ سم. في كلّ صفحة ١٤ سطراً × ٧ سم.
* الذريعة ٢٤ : ٤١٦ ، إيضاح المكنون ٢ : ٦٩٣ ، روضات الجنّات ٢ : ٢٦٩ ، الأعلام ٢ : ٢٢٧ ، الدرر الكامنة ٢ : ٧١ ، النجوم الزاهرة ٩ : ٢٦٧ ، أعيان الشيعة ٥ : ٣٩٦ ، مرآة الجنان ٤ : ٢٧٦ ، معجم المؤلّفين ٣ : ٣٠٣.
Brockelmann: g, II: ١٦٤. s, II: ٢٠٦ ـ ٢٠٩
(١٧١)
|
نهج المسترشدين في أُصول الدين |
Or. ١٠٩٦٤ |
تأليف : جمال الدين ، أبي منصور ، الحسن بن يوسف بن علي بن المطهّر ، المعروف بالعلاّمة الحلّي ، المولود سنة ٦٤٨ ، والمتوفّى سنة ٧٢٦ هجرية.
رتّب المؤلّف قدسسره كتابه هذا على (١٣) فصلاً ، لخّص فيها المباحث الكلاميّة ، وكتبه بالتماس ولده فخر المحقّقين رضوان الله تعالى عليه.
أوّله بعد البسملة : الحمد لله المنقذ من الحيرة والضلال ، والمرشد إلى سبيل الصواب في المعاش والمآل .... أمّا بعد : فهذا كتاب نهج المسترشدين في أُصول الدين ... الأوّل في تقسيم المعلومات ...
آخره : وليكن هذا آخر ما نقلته في هذه المقدّمة ، ومن أراد التطويل
فعليه بكتابنا المسمّى بنهاية المرام في علم الكلام ، ومن أراد التوسّط فعليه بكتاب منتهى الوصول والمناهج وغيرهما من كتبنا ... وفرغ من كتابته يوم الجمعة ، الثامن عشر من شهر ذي الحجّة ، سنة خمس عشر وسبعمائة (٧١٥) العبد الضعيف علي بن الحسن بن الرضي الحسيني ...
في ٤٣ ورقة ، ١٨ × ١٠ سم. في كلّ صفحة ١٧ سطراً.
* الذريعة ٢٤ : ٤٢٤ ، إيضاح المكنون ٢ : ٦٩٥ ، روضات الجنّات ٢ : ٢٦٩ ، الأعلام ٢ : ٢٢٧ ، الدرر الكامنة ٢ : ٧١ ، النجوم الزاهرة ٩ : ٢٦٧ ، أعيان الشيعة ٥ : ٣٩٦ ، مرآة الجنان ٤ : ٢٧٦ ، معجم المؤلّفين ٣ : ٣٠٣.
Brockelmann: g, II: ١٦٤. s, II: ٢٠٦ ـ ٢٠٩
(١٧٢)
|
الوافي |
Or. ٨٣٢٣ |
تأليف : المولى محمّـد بن مرتضى بن محمود المدعو بمحسن ، والشهير بالفيض الكاشاني المولود سنة ١٠٠٧ ، والمتوفّى سنة ١٠٩١ هجرية.
جمع فيه مؤلّفه قدسسره أحاديث الكتب الأربعة المعتمدة عند الشيعة الإماميّة وهي : الكافي للشيخ أبي جعفر الكليني ، ومن لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ، والتهذيب والاستبصار للشيخ أبي جعفر الطوسي رضوان الله تعالى عليهم.
أوّله بعد البسملة : نحمدك يا من هدانا بأنوار القرآن والحديث لمعرفة الفرائض والسنن ، ونجّانا بسفينة أهل البيت هذا يا إخواني كتاب واف في
فنون علوم الدين ، يحتوي على جملة ما ورد منها في القرآن المبين ، وجميع ما تضمّنته أُصولنا الأربعة ... وبذلت جهدي في أن لا يشذّ عنه حديث ...
مجهول الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن الثاني عشر الهجري.
في ٥٥٠ ورقة ، في كلّ صفحة ٢٧ سطراً.
* الذريعة ٢٥ : ١٣ ، سلافة العصر : ٤٩٩ ، والفوائد الرضوية ٦٣٣ ، وإيضاح المكنون ٢ : ٧٠١ ولؤلؤة البحرين : ١٢١ ، ريحانة الأدب ٤ : ٣٦٩ ، وروضات الجنّات ٦ : ٧٩ ، معجم المؤلّفين ١٢ : ١٢ ، مصفّى المقال : ٣٨٧.
Brockelmann: g, II: ٤١٣. s, II: ٥٨٤ ـ ٥٨٥
(١٧٣)
|
الوصية لتوضيح سرّ الصنعة |
Add. ٧٧٢٢ |
تأليف : أبي موسى جابر بن حيّان بن عبدالله الكوفي المتوفّى سنة ٢٠٠ هجرية.
أوّله بعد البسملة : واعلم أنّ مادّة الصناعة أرض وماء ، ذكر وأنثى ، وأرض المادّة في الموجودات ...
آخره : لهذا هو تكليس الخاصّ على الحقيقة من غير رمز.
مجهول الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن الثالث عشر الهجري.
ضمن مجموع ، يبدأ بالورقة ١٢٢/أ ـ ١٢٤/ب ، ٢١ × ٥ / ١٤ سم ، في كلّ صفحة ٢٠ سطراً × ٨ سم.
* تاريخ الحكماء : ١٦٠ ، الفهرست لابن النديم : ٤٢٠ ،
أعيان الشيعة ٤ : ٣٠ ، معجم المؤلّفين ٣ : ١٠٥ ، الأعلام ٢ : ١٠٣ ، هدية العارفين ١ : ٢٤٩.
Brockelmann: g, I: ٢٤٠
(١٧٤)
|
وصيّة النبي(صلى الله عليه وآله) لعلي عليهالسلام |
Add. ٦٠١٤ |
كذا عنونه الناسخ ، وهو مجموعة من الأحاديث النبوية المختلفة ، ولعلّ الناسخ اختار هذا العنوان بسبب شروع المجموعة بوصيّة النبيّ(صلى الله عليه وآله)لأمير المؤمنين عليعليهالسلام بمجموعة من الوصايا.
أوّلها بعد البسملة : عنه أنّه قال : يا علي إذا دخلت العروس بيتك ...
كتبها موسى المنشاوي الغراني الشافعي سنة ١١٥٠ هجرية.
ضمن مجموع ، يبدأ بالورقة ١٨٧ ـ ٢٢٥ ، ٢١ × ١٥ سم. في كلّ صفحة ١١ سطراً × ٩ سم.
(١٧٥)
|
وصية النبي (صلى الله عليه وآله) لابنته فاطمة عليهاالسلام |
Or. ٤٣٧٦ |
أوّلها بعد البسملة : الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمّـد وعلى آله وصحبه أجمعين. أمّا بعد : حدّثنا محمّـد بن محمّـد ، عن صالح بن يحيى ، عن أبيه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دخلت ذات يوم على فاطمة رضي الله عنها ، فوجدتها تطحن ، وبين يديها شعيراً ، وهي تبكي ، فقال لها رسول الله(صلى الله عليه وسلم) ما الذي أبكاكي يا فاطمة ...
آخرها : يا فاطمة أي إمرأة زارت المقابر بغير إذن زوجها إلاّ لعنتها
الملائكة حتّى ترجع إلى بيتها. يا فاطمة أي امرأة ... وهذه وصيّتي لك يا فاطمة ولجميع نساء أُمّتي فاحفظيها فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين.
مجهولة الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن الثالث عشر الهجري.
ضمن مجموع ، تبدأ بالورقة ١٥٤ ـ ١٥٨ ، ٢٠ × ١٦ سم ، في كلّ صفحة ١٥ سطراً × ٥ / ٩ سم.
Supplement p. ٨١٢, No. ١٢٥٤
(١٧٦)
|
نسخة أُخرى |
Or. ٤٢٨٠ |
كتبها قاسم الشهير بالرامي بن مراد سنة ١١٥٨ هجرية.
ضمن مجموع ، تبدأ بالورقة ٨٠ ـ ٨٥.
Supplement p. ٨٠٥, No. ١٢٤٦
(١٧٧)
|
هتك الأستار |
Add. ٧٧٢٢ |
تأليف : أبي موسى ، جابر بن حيّان بن عبدالله الكوفي الصوفي المتوفّى سنة ٢٠٠ هجرية.
أوّله بعد البسملة : قال أبو موسى جابر بن حيّان الأزدي الطوسي : فاعرف يا أخي قدر هذا الكلام ولا تخالفه ، ونحن نذكر فيه التدبير من أوّله إلى آخره ...
آخره : فإنّي استغفر الله العظيم في فضيحة هذا السرّ ... وليكن آخر هذا الكتاب والحمد لله ربّ العالمين.
مجهول الناسخ والتاريخ ، من خطوط القرن الثالث عشر الهجري.
ضمن مجموع ، يبدأ بالورقة ١٢١/أ ـ ١٢٢ ، ٢١ × ٥ / ١٤ سم في كلّ صفحة ٢٠ سطراً × ٨ سم.
* الفهرست لابن النديم : ٤٢٠ ، تاريخ الحكماء : ١٦٠ ، أعيان الشيعة ٤ : ٣٠ ، معجم المؤلّفين ٣ : ١٠٥ ، الأعلام ٢ : ١٠٣ ، هدية العارفين ١ : ٢٤٩.
Brockelmann: g, I: ٢٤٠
من ذخائر الترّاث
بسـم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين ، وليّ المتّقين ، وقوّة المسـتضعفين ، دليل المتحيّرين ، وماحي آثار المفسـدين ، قاصم الجبّارين ، ومبير الظالمين ، وصلّى الله على محمّـد خاتم النبيّين ، وسـيّد المرسـلين ، شـفيع المذنبين ، والمبعوث رحمة للعالمين ، وعلى آله الطاهرين المعصومين ، نجوم المهتدين ، وأعلام الدين ، النفاة عنه تحريف الغالين ، وابتداع المضلّين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين.
وبعـد :
قال تعالى : (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَـدِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)(١).
والمسـتفاد من الآية الكريمة أنّ الله سـبحانه وتعالى بيّن أفضل الطرق للهداية إلى سـبيله ، وأمر رسـوله الكريم أن يدعو الناس بها ، مع التأكيد على مراعاة مدى اسـتعداد كلّ فئة من الناس من الجنبة الإدراكية والعقلية ، ثمّ دعوتهم بإحدى هذه الطرق الثلاث بما يقتضيه هذا الاسـتعداد المعرفي ، وهو ما أكّده (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله : «إنّـا معاشـر الأنبياء أُمرنا أن نكلّم الناس على قدر عقولهم»(٢).
__________________
(١) سـورة النحل ١٦ : ١٢٥.
(٢) انظر : الكافي ١ / ٢٣ ح ١٥ ، فردوس الأخبار ١ / ٢٢٩ ح ١٦١٤ ، كنز العمّال ١٠ / ٢٤٢ ح ٢٩٢٨٢.
وأوّل
هذه الطرق : هو طريقة الحكمة ، وهو عبارة عن البراهين
اليقينية ، والأقيسـة القطعية التي تفيد النتائج القطعية والعقائد اليقينية ، وهذه
أفضل الطرق وأشـرفها ، وهي التي أشـار الله تعالى إليها بقوله : (وَمَن
يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً)(١)
، وأتباع هذه الطريقة لا يقبلون الدعوة إلاّ بها ، وهم طلاّب الحكمة ، وأتباع العلوم
اليقينية ، والدلائل القطعية. وثانيها
: طريق الموعظة الحسـنة ، وهو عبارة عن الدلائل الإقناعية والأمارات الظـنّية ، أو
ما يسـمّى بـ «الأدلّة الخطابية» ، فمن الناس من يسـكن إليها وتطمئنّ بها قلوبهم ،
وهم أهل الفطرة والسـلامة الّذين لم يبلغوا مرتبة فهم المعارف الحكمية العالية ، والبراهين
القطعية الدقيقة ، بل يكـتفون بالخطابات الحسـنة. وثالثها
: طريق الجدل ، وهو عبارة عن الأدلّة التي يراد بها إلزام الخصم ، وإبطال حجّته ، وإفحامه
، والتسـمية المشـهورة لهذه الطريق هي «علم الكلام» ، ويقسـم إلى قسـمين. أوّلا
: أن تكون الأدلّـة مركّبة من مقدّمات باطلة ، وشـرطيّات فاسـدة ـ وإن اعتمد فيها ظاهراً
على بعض المسـلّمات ـ فتكون النتائج باطلة ، وهي بالمغالطيات والمشـاغبات أشـبه ؛ مرجعها
القصور الذهني ، وقلّة التمييز ، والغايات المغرضة ، وهذه طريقة أصحاب المتبنّيات القبلية
الباطلة ، وأتباع التأويلات الفاسدة ، وأهل العناد ، والسفسـطائية ، والمشاغبين ، والتي
يراد الترويج لها بكلّ التلبيسـات والحيل الفاسـدة ، وهذا القسـم لا يليق بالعامّة __________________ (١) سـورة البقرة ٢ :
٢٦٩.
فضلا عن أهل العلم والفضل.
وإليه أشـار تعـالى بقوله : (وَجَـادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُـدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ)(١).
وقوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي الله بِغَيْرِ عِلْم وَلاَ هُدىً وَلاَ كِتَاب مُنِير)(٢).
وقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَـاتِ الله بِـغَيْرِ سُـلْطَان أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ أَلاَّ كِبْرٌ مَا هُم بِبَالِغِيهِ)(٣).
ثانياً : أن تكون الأدلّة مبنية على مقدّمات يقينية ، أو مُجمَع على التسـليم بها ، أو مسـلّم بها عند الخصم ، فَـيُلْزَم بها لِما ألزم به نفسـه ، فتكون النتائج يقينية أو إلزامية ، وهذا هو الجدال بالتي هي أحسـن ، وإليه أشـار تعالى بقوله : (وَلاَ تُـجَادِلُوا أَهْـلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِـالَّتِي هِـيَ أَحْسَـنُ)(٤).
كما روي عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال : «نحن المجادلون في دين الله على لسـان سـبعين نبيّـاً»(٥).
وهذه طريقة المتكلّمين ، وهي التي أمر المعصومون عليهمالسلام بها ؛ كقول الإمام الصادق عليهالسلام لهشـام بن الحكم بعد مناظرته للشـامي : «مثلُـك فليكلّم الناس»(٦).
__________________
(١) سـورة غافر ٤٠ : ٥.
(٢) سـورة الحج ٢٢ : ٨.
(٣) سـورة غافر ٤٠ : ٥٦.
(٤) سـورة العنكبوت ٢٩ : ٤٦.
(٥) الاحتجاج ١ / ٦.
(٦) الكافي ١ / ١٧٣ ح ٤ ، الإرشـاد ـ للمفيد ـ ٢ / ١٩٩ ، الاحتجاج ٢ / ٢٨٢.
وبذلك يتبيّن لنا أنّ الجدال فيه قسـم مذموم ؛ لأنّه مبنيٌّ على الباطل ، وقسم حسن وهو المأمور به ، وقد بيّن الإمام جعفر بن محمّـد الصادق عليهالسلامذلك ، عندما قيل له في النهي عن الجدل ـ في ما رواه الإمام أبو محمّـد الحسـن بن علي العسـكري عليهماالسلام ـ بقوله : «أمّا الجدال بغير التي هي أحسـن ، فأن تجادل [به] مبطلا فيورد عليك باطلا ، فلا تردّه بحجّة قد نصبها الله ، ولكن تجحد قوله أو تجحد حقّاً ، يريد ذلك المبطل أن يعين به باطله ، فتجحد ذلك الحقّ مخافة أن يكون له عليك فيه حجّة ، لأنّك لا تدري كيف المخلص منه ، فذلك حرام على شـيعتنا أن يصيروا فتنة على ضعفاء إخوانهم وعلى المبطلين.
أمّا المبطلون فيجعلون ضعف الضعيف منكم إذا تعاطى مجادلته ، وضعف ما في يده ، حجّة له على باطله.
وأمّا الضعفاء منكم فتغمّ قلوبهم ؛ لِما يرون من ضعف المحقّ في يد المبطل.
وأمّا الجدال بالتي هي أحسـن ، فهو ما أمر الله تعالى به نبيّه أن يجادل به ... ـ إلى أن قال : ـ لأنّ فيها قطع عذر الكافرين وإزالة شـبههم»(١).
فهذه هي الطرق التي أُمرنا باتّباعها بغية تحقّق ما يرجى من ورائها.
ولا يخفى أنّ الغاية المرجوّة من لزوم اتّباع هذه الطرق ، هي شـمول الهداية لأكبر عدد ممكن من الناس ، كما هو المسـتفاد من الآية المتقدّمة وغيرها من الآيات الكريمة ، وأحاديث النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) والمعصومين عليهمالسلام
__________________
(١) الاحتجاج ١ / ٢٤ ـ ٢٦.
بهذا المعنى متواترة ، وما يتحقّق عند سـلوكها أفضل ممّا يتحقّق بالقوّة والقهر.
ومن ذلك قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ في حديث ـ لعليّ عليهالسلام عندما أعطاه الراية وأمره بالتوجّه إلى خيبر والنزول بسـاحتهم ودعوتهم إلى الإسـلام وإخبارهم بما يجب عليهم من حقّ الله فيه : «لإن يهدي الله بك رجلا واحداً خير لك من أن يكون لك حمر الـنَّـعَم»(١).
وفي لفظ آخر عندما بعثه إلى اليمن : «لإن يهدي الله على يدك رجلا خير لك ممّا طلعت عليه الشـمس»(٢).
وعلى ذلك ـ أي الجدال بالتي هي أحسـن ـ جرت سـيرة الرعيل الأوّل من المتكلّمين من أصحاب المعصومين عليهمالسلام ، وكذا الّذين يلونهـم في الطبقات ، متّبعين ما أمرهم به أئمّتهم عليهمالسلام ؛ منهم : كميل بن زياد النخعي ، وصعصعة بن صوحان العبدي ، وسُليم بن قيس الهلالي ، وأبان بن تغلب الكوفي ، وأبو جعفر البجلي الأحول ، وقيس بن الماصر ، وزرارة بن
__________________
(١) انظر : صحيح البخاري ٤ / ١٢٢ ـ ١٢٣ ح ١٥٢ وص ١٤٥ ح ٢١٣ وج ٥ / ٨٧ ـ ٨٨ ح ١٩٧ وص ٢٧٩ ـ ٢٨٠ ح ٢٣١ ، صحيح مسـلم ٧ / ١٢١ ـ ١٢٢ ، سـنن أبي داود ٣ / ٣٢١ ح ٣٦٦١ ، السـنن الكبرى ـ للنسـائي ـ ٥ / ٤٦ ح ٨١٤٩ وص ١١٠ ح ٨٤٠٣ ، مسـند أحمد ٥ / ٣٣٣ ، المعجم الكبير ٦ / ١٥٢ ح ٥٨١٨ وص ١٦٧ ح ٥٨٧٧ وص ١٨٧ ـ ١٨٨ ح ٥٩٥٠ وص ١٩٨ ح ٥٩٩١ ، مسند أبي يعلى ١ / ٢٩١ ـ ٢٩٢ ح ٣٥٤ وج ١٣ / ٥٢٢ ـ ٥٢٣ ح ٧٥٢٧ وص ٥٣١ ح ٧٥٣٧ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٩ / ٤٣ ح ٦٨٩٣ ، سـنن سـعيد بن منصور ٢ / ١٧٨ ح ٢٤٧٢ ، مسـند الروياني ٢ / ١٢٤ ـ ١٢٥ ح ١٠٢٣ ، السـنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٩ / ١٠٧ ، تاريخ دمشـق ٤٢ / ٨٥ ـ ٨٨.
(٢) خرّجه الطبراني في المعجم الكبير ١ / ٣١٥ ح ٩٣٠ وص ٣٣٢ ح ٩٩٤ ، وابن حبّان في السـيرة النبوية : ٣٩١ ، والواقدي في المغازي ٣ / ١٠٧٩ ، والحكيم الترمذي في نوادر الأُصول ١ / ٢٩٣ ، والهيثمي في مجمع الزوائد ٥ / ٣٣٤.
أعين ، وهشـام بن الحكم ، والضحّاك أبو مالك الحضرمي ، ومحمّـد بن عمرو الزبيدي ، وأحمد بن داود الفزاري ، وأبو الأحوص المصري ، وعيسـى بن روضة ، والحسـن بن عليّ بن يقطين ، وفضّال بن الحسـن بن فضّال ، ويونس بن عبـد الرحمن ، والفضل بن شـاذان الأزدي ، ويعقوب بن إسـحاق الكندي ، والناشـئ الصغير ، وعليّ بن إسـماعيل الميثمي ، وعليّ بن منصور ، وسـعد بن عبـد الله الأشـعري ، وإسـماعيل بن عليّ النوبختي ، وابن أبي عقيل العمّاني ، ومحمّـد بن عبـد الرحمن بن قبّة الرازي ، والحسـن بن موسـى النوبختي ، والشـيخ المفيد ، والشـريف المرتضى ، وأبو الصلاح الحلبي ، وأبو الفتح الكراجكي ، والشـيخ الطوسـي ، وابن جبر ، وسـديد الدين الحمصي ، وابن ميثم البحراني ، والنصير الطوسـي ، والعلاّمة الحلّي ، وغيرهم رحمة الله عليهم.
وتبعاً لهذا الهدي الحسـن جرت مناظرة شـيخنا الصدوق رحمهالله مع الملك ركن الدولة ، والتي كان محور البحث فيها يدور حول مسـألة تعدّ من أخطر المسـائل العقائدية ، ألا وهي مسـألة الإمامة ، ومَن هو صاحب الحقّ بخلافة رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ والتي جرى بسـببها من سـفك للدماء ، وهتك للحرمات ، وسـبي للذراري ، ونهب للأموال ، وتشـريد من الديار ، وغير ذلك من أحداث جسـيمة ، وفجائع أليمة ما يقصر عنه حدّ الوصف.
قال أبو الفتح الشـهرسـتاني : «وأعظم خلاف بين الأُمّة خلاف الإمامة ؛ إذ ما سُلّ سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سُلّ على الإمامة في كلّ زمان»(١).
__________________
(١) الملل والنحل ١ / ١٣.
ولا يقلّ أثراً عن السـيف المسـلول على الإمامة ، ما خطّته الأقلام فيها ، وما قاله الخطباء على المنابر عنها ، وما جرى بين المتكلّمين من مناظرات حولها.
لذلك كانت هذ المسـألة هي موضوع مناظرة الشـيخ الصدوق وركن الدولة ، والتي دامت عدّة مجالس كما يظهر من بعض فقراتها ، بل جاء في أحدها ما نصّه : «وفي يوم آخر».
وقد ذكر الشـيخ النجاشـي هذه المجالس من ضمن ما أورده للشـيخ الصدوق من الكتب بعنوان : «ذِكر المجلس الذي جرى له بين يدَي ركن الدولة ، ذِكر مجلس آخر ، ذِكر مجلس ثالث ، ذِكر مجلس رابع ، ذكر مجلس خامس»(١).
وذكرها صاحب الذريعة بعنوان «المجالس الخمسـة» للشـيخ الصدوق(٢) ، وبعنوان «مجالس مع ركن الدولة» وقال : «وهي خمسـة مجالس ، كلّ واحد منها رسـالة مفردة ، كما عدّها النجاشـي كذلك»(٣) ، وبعنوان «مناظرة ركن الدولة مع الشـيخ الصدوق»(٤) ، وفي ذلك تأكيد لما اسـتظهرناه.
وجمع هذه المجالس تلميذه الشـيخ الفاضل أبو جعفر ركن الدين محمّـد بن أحمد بن العبّـاس الدوريَسـتي(٥) في رسـالة مختصرة ،
__________________
(١) رجال النجاشـي : ٣٩٢.
(٢) الذريعة ١٩ / ٣٦٠.
(٣) الذريعة ١٩ / ٣٦٧ رقم ١٦٣٥.
(٤) الذريعة ٢٢ / ٢٩٣ رقم ٧١٥١.
(٥) نسـب التسـتري في مجالس المؤمنين ١ / ٤٥٦ كتابة هذه المناظرة إلى ابنه الشـيخ
__________________
أبي عبـد الله جعفر بن محمّـد الدوريسـتي ، وفيه تأمّل ؛ لِما يلي :
إنّ الشـيخ جعفر بن محمّـد الدوريسـتي يعدّ في طبقة الشـيخ الطوسـي ؛ لأنّه من تلامذة الشـيخ المفيد ، والشـريف المرتضى ، ويروي عنه محمّـد بن أحمد بن شـهريار الخازن ، تلميذ الطوسـي وصهره على بنته ، وكان حيّـاً سـنة ٤٧٣ هـ على ما ذكره صاحب «الذريعة» إذ قال : «وبقي صاحب الترجمة إلى سـنة ٤٧٣ ، كما يظهر من كتاب (ثاقب المناقب) على ما أورد عنه صاحب (الروضات) في ص ٥٩٧ ، وهي حكاية أبي عبـد الله المحدّث ، أملاها المفيد على صاحب الترجمة في سـنة ٤٠١ هـ بالعربية ، ثمّ ترجمها صاحبُ الترجمة إلى الفارسـية بخطّه في سـنة ٤٧٣ هـ ، ثمّ عرّب الفارسـية صاحبُ (ثاقب المناقب) وأدرجها في كتابه المذكور سـنة ٥٦٠ هـ كما فصّلناه في (الذريعة)».
انظر : طبقات أعلام الشـيعة ـ القرن الخامس والسـادس ـ ٢ / ٤٣ ـ ٤٤ ، الذريعة ٥ / ٥.
كما ذكر كحّالة أنّه كان حيّاً قبل سـنة ٤٦٠ هـ ، ولم يتهيّأ لي معرفة مرجعه في ذلك.
انظر : معجم المؤلّفين ١ / ٤٩٤ رقم ٣٧١٤.
وعلى هذا ، فمن البعيد جدّاً أن يكون هو المقرّر لمناظرة الشـيخ الصدوق مع ركن الدولة ؛ لأنّ المناظرة جرت نحو سـنة ٣٤٧ هـ ، كما سـيأتي بيان ذلك في ترجمة والده.
ولو افترضنا أنّـه كان من المعمّرين ـ كما احتمله صاحب «روضات الجنّات» ـ ، فإنّـه لا يمكن حضوره في مجلس المناظرة حتّى مع هذا الاحتمال ؛ لأنّ ولادته سـتكون بعد سـنة ٣٤٧ هـ مع احتمال وفاته في سـنة ٤٧٣ هـ ؛ ولو تنزّلنا وقلنا : إنّ المناظرة جرت في سـنة وفاة ركن الدولة ، فيكون وقتئذ طفلا إنْ لم يكن قد وُلد بعـد ، ومن البعيد حضوره في هذا المجلس وهو بهذه السـنّ الصغيرة.
أضف إلى ذلك أنّ جملة ممّن ترجم له ذكروا أنّه وُلد سـنة ٣٨٠ هـ.
فقد ترجمه صاحب «السـياق لتاريخ نيسـابور» كما في «المنتخب» ص ١٨٥ رقم ٤٦٤ بهذا العنوان : «الفقيه الدويسي : جعفر بن محمّـد بن أحمد بن العبّـاس ، الفقيه ، أبو عبـد الله الدويسـي ، قرية من قرى بيهق ، حدّث عن محمّـد
__________________
ابن بكران عن المحاملي ، وعن أبيه ، وغيرهمـا.
قال صالح بن أبي صالح في ما قرأت من خطّه : سـألته عن مولده فقال : سـنة ثمانين وثلاثمئة».
ونقله عن ياقوت الحموي. انظر : معجم البلدان ٢ / ٥٥٨ رقم ٤٩٤٦.
واحتمال أن يكون غيره بعيد جدّاً لوجوه ثلاثـة :
أوّلها : اتّحادهما في أربعة أسـماء والكنية ، ومعه فإنّ احتمال الغيرية ضعيف جدّاً ، وقد تتـبّعنا كتب التراجم والتواريخ فلم نعثر على ما يدلّ على أنّهما اثنين.
وثانيها : إنّ احتمال تصحيف «الدوريسـتي» بـ «الدويسـي» وارد جدّاً ؛ للتشـابه بالرسـم.
وثالثها : عدم ذكر صاحب «تاريخ بيهق» لهذه القرية ، واحتمال عدم علمه بها بعيد ؛ لأنّها بلاده وهو خبير بها.
وقد راجعنا «تاريخ بيهق» فوجدنا أنّه قد ورد ذكر قرية «دويين» خمس مرّات ، في الصفحات : ١٣٧ ، ٢٩٨ ، ٣١٣ ، ٣٤١ ، ٤٩٧ ، ولم نعثر على أيّ ذِكر لقرية تسـمّى «دويـس».
وراجعنا «معجم البلدان» وغيره ، فلم نجد أيّ ذِكر لقرية «دويين» ، ممّا يؤكّد ما أفدنـاه.
وفي ضوء ذلك يمكن أن نقول : إنّ وفاته كانت في أواخر القرن الخامس الهجري.
بقي هنا إشـكالان ينبغي التنبيه إليهما :
الأوّل : ذكر بعضهم روايته عن الشـيخ الصدوق من دون واسـطة أبيه ، كما في «فرائد السـمطين» في عدّة موارد ، وكذا في بعض نسـخ «الاحتجاج» ، وهو بعيد ؛ لأنّ وفاة الصدوق كانت سـنة ٣٨١ هـ ، وولادة الدوريسـتي كانت سـنة ٣٨٠ هـ.
الثاني : ورد في موارد كثيرة من «فرائد السمطين» رواية الشـيخ شاذان بن جبرئيل عنه ، وجاء ـ كذلك ـ في إجازة العلاّمة رحمهالله لبني زهرة أنّه يروي عن والده ، وأحمد بن طاووس وخاله المحقّق جميعاً ، عن السـيّد فخار بن معد ، عن شـاذان ابن جبرئيل ، عن أبي عبـد الله الدوريسـتي ، عن الشـيخ المفيد رحمهالله ؛ كما في البحـار ١٠٧ / ٦٩ ـ ٧٠ كـتاب الإجازات / الإجازة الخامسـة.
إلاّ أنّها بالغة الأهمّـيّـة ؛ لِما فيها من دلالة على علوّ مكانة الشـيخ الصدوق الذي ذاع صيته وعلمه وفضله بين القاصي والداني ، حتّى وصلت شـهرته إلى مسـامع الملك ركن الدولة ممّا دعاه إلى أن يرسـل بطلبه والحضور بين يديه ، وبعد مجيء الشـيخ أجلسـه إلى جانبه ، وما أن بدأ المجلس حتّى
__________________
وفيه تأمّـل ؛ لأنّ من البعيد رواية شـاذان بن جبرئيل عن جعفر بن محمّـد الدوريسـتي من دون واسـطة في أقلّ تقدير ؛ لأنّه كان حيّـاً سـنة ٥٩٣ هـ على ما ذكره السـيّد فخار بن معد في كتابه «إيمان أبي طالب» ص ٩٠ ، في روايته عنه بواسـط في تلك السـنة ، وحتّى لو كان من المعمّرين ، فمن البعيد روايته عنه.
نعم ، ألّف كتابه «إزاحة العلّة في معرفة القبلة» سـنة ٥٥٨ هـ ، كما صرّح به في ديباجته.
انظر : الذريعة ١ / ٥٢٧ رقم ٢٥٧٢.
ولو قلنا : إنّه ألّفه وهو في السـتّين من عمره ، فروايته عن الدوريسـتي مسـتبعدة كذلك.
ثمّ كيف يروي عنه من دون واسـطة؟! وهو الذي يروي عن الشـيخ أبي عليّ ابن الشـيخ أبي جعفر الطوسـي ـ الذي كان حيّاً سـنة ٥١١ هـ ، كما في مواضع كـثيرة جدّاً من كتاب «بشـارة المصطفى» ـ بواسـطة عماد الدين الطبري ـ صاحب «البشـارة» ، الذي كان حيّاً سـنة ٥٥٣ هـ ـ على ما في إجازة العلاّمة ؛ كما في البحـار ١٠٧ / ٦٩ ، فضلا عن كون الدوريسـتي أعلى طبقة من أبي عليّ الطوسـي ، بل هو في عداد طبقة أبيه وإن تأخّرت وفاته عنه ، رحمة الله عليهم جميعاً.
وممّا ينبغي التنبيه إليه كذلك ، ما ذكره كحّالة في معجم المؤلّفين ١ / ٨٠٧ رقم ٥٩٧٣ ، في ترجمة شـاذان بن جبرئيل ، أنّه كان حيّاً في حدود سـنة ٦٥٠ هـ ، وفي كتابه «الفضائل» المطبوع ، أنّ وفاته سـنة ٦٦٠ هـ ، وهو بعيد للغاية ، لرواية الشـيخ سـديد الدين والد العلاّمة ، وجمال الدين ابن طاووس ، والمحقّق الحلّي عنه بواسـطة السـيّد فخار بن معد ، المتوفّى سـنة ٦٣٠ هـ ، وإلاّ لرووا عنه من دون واسـطة ، فضلا عن رواية السـيّد فخار عنه وهو متأخّر عنه بطبقة ، والذي نحتمله أنّه توفّي حدود السـتّمئة.
والمتحصّل ممّا تقدّم : أن ما نسـبه التسـتري ، ونقله عنه غيره ، من أنّ المقـرِّر للمناظرة هو جعفر بن محمّـد الدوريسـتي ، ليـس بتامّ!
توجّه الملك بالسـؤال إلى الشـيخ ، وهكذا بدأت المناظرة.
ولكنّ الأمر الذي يؤسـف له أنّها وصلتنا ناقصة ؛ لأنّ مجالس هذه المناظرة كانت خمسـة كما تقدّم عن النجاشـي ، والذي وصل إلينا في المخطوطة التي بين أيدينا لا يحتمل أكثر من ثلاثة مجالس ، كما هو بيّن بـأدنى تأمّـل ، بـل حتّى هذه الثلاثـة فيها نقص ليس بالقليـل ، وهو ظاهـر لا يخفى على القارئ فضلا عن المتتـبّع ؛ لوجود خلل في بعض الموارد ، وعدم ترابط بعضها ، بل نظنّ أنّ بعض هذه المجالس في غير محلّها من حيث ترتيبها التسـلسـلي.
والذي نحتمله أنّ الشـيخ الدوريسـتي لم يحضر في بعض هذه المجالس ، فجمع ما سـمعه منها ، أو أنّه جمعها في أوراق سـائبة وحصل لبعض أوراقها تلف أو ضيـاع ، وجاء من بعده مَن دوّن ما وجد منها فجاءت ناقصـة وغير متسـلسـلة ، ولا ننسـى نصيب الناسـخ من التسـبب في حصول بعض موارد السـقط فيها ، والذي نظنّ أنّ كثيراً من هذا السـقط عائـد إليه.
كما ورد في نسـخة التسـتري مورد جاء فيه أنّ الملك «في يوم آخر» ذكر الشـيخ بغيابه ، وأنّ الملك أثنى عليه ، وأنّ أحد الحاضرين ـ ممّن يتصيّد في الماء العكر بحسـب الظاهر ـ قال : «إنّ الشـيخ يعتقد أنّ رأس الحسـين عليهالسلام عندما كان على الرمح كان يقرأ سـورة الكهف ؛ فقال الملك : إنّي لم أسـمع ذلك منه ، لكنّي سـأسـأله ، ثمّ كتب رقعة إلى الشـيخ بهذا الشـأن».
والذي نرجّحه أنّ هذه المكاتبة ليسـت من ضمن مجالس المناظرة الخمسـة ؛ لأنّ الشـيخ رحمهالله أجاب عن سـؤال الملك مكاتبة ثمّ أرسـله إليه.
وبالرغم من كلّ هذا يبقى ما وصل إلينا من هذه المناظرة أثراً نفسـياً كشـف لنا عن جانب مهمّ من أُسـلوب الشـيخ الصدوق رحمهالله في الجدل يضاف إلى تراثه الذي بين أيدينا ، والحمد لله على كلّ حال.
ترجمة الشـيخ الصدوق
هو : الشـيخ أبو جعفر محمّـد بن عليّ بن الحسـين بن موسـى بن بابويه القمّي ، نزيل الريّ ، المولود سـنة ٣٠٦ هـ ، والمتوفّى سـنة ٣٨١ هـ ، رئيـس المحدّثين في عصره ، وصاحب التصانيف الكثيرة التي عليها اعتماد الطائفة الحـقّـة ، وأشـهرها «من لا يحضره الفقيه» ، ثاني الكتب الأربعة المعتمدة لدى الطائفة ، وكان كثير السـماع واسـع الرحلة في طلب الحـديث.
ذكره النجاشـي في رجاله وقال : «شـيخنا وفقيهنا ووجه الطائفة بخراسـان ، وكان ورد بغداد سـنة خمس وخمسـين وثلاثمئة ، وسـمع منه شـيوخ الطائفة وهو حدث السـنّ ، وله كتب كثيرة ...» وذكر جملة منها(١).
وقال الشـيخ في «الفهرسـت» : «كان جليلا ، حافظاً للأحاديث ، بصيراً بالرجال ، ناقداً للأخبار ، لم يُر في القمّـيّين مثله في حفظه وكثرة علمه ، له نحو من ثلاثمئة مصنّف ، وفهرسـت كتبه معروف ...» ثمّ ذكر جملة من مصنّفاته(٢).
وذكره في «رجاله» ، في من لم يرو عنهم عليهمالسلام ، وقال : «جليل القدر ، حفظة ، بصير بالفقه والأخبار والرجال ، له مصنّفات كثيرة»(٣).
__________________
(١) انظر : رجال النجاشـي : ٣٨٩ رقم ١٠٤٩.
(٢) انظر : فهرسـت الشـيخ : ٤٤٢ رقم ٧١٠.
(٣) رجال الشـيخ : ٤٩٥ رقم ٢٥.
ووصفه ابن شـهر آشـوب بأنّه مبارز القمّـيّين(١).
وذكره الخطيب في «تاريخ بغداد» ، وقال : «نزل بغداد وحدّث بها عن أبيه ، وكان من شـيوخ الشـيعة ، ومشـهوري الرافضة ، حدّثنا عنه محمّـد بن طلحة النعالي(٢)»(٣).
وذكر السـمعاني مثل ما تقدّم عن الخطيب(٤).
وشـهرته تغني عن الإسـهاب في ذِكر أخباره.
__________________
(١) انظر : معالم العلماء : ١١١ رقم ٧٦٤.
(٢) هو : محمّـد بن طلحة بن محمّـد بن عثمان النعالي ، المتوفّى سـنة ٤١٣ هـ ، روى عن أبي بكر الشـافعي ، والجعابي ، وأبي بحر البربهاري ، وابن مالك القطيعي ، وحبيب بن الحسـن القزّاز ، وغيرهم.
قال الخطيب : «كتبت عنه ، وكان رافضياً» وهو جدّ أبي عبـد الله الحسـين بن أحمد الحافظ.
انظر : تاريخ بغـداد ٥ / ٣٨٣ ـ ٣٨٤ رقم ٢٩٠٨ ، الأنسـاب ـ للسـمعاني ـ ٢ / ١٥٥ «الحافظ» ، ميزان الاعتدال ٦ / ١٩٤ رقم ٧٧٢٣ ، لسـان الميزان ٥ / ٢١٢ رقم ٧٣٢.
(٣) تاريخ بغداد ٣ / ٨٩ رقم ١٠٧٨.
(٤) انظر : الأنسـاب ـ للسـمعاني ـ ٤ / ٥٤٤.
ترجمة الدوريسـتي
هو : الشـيخ الجليل ركن الدين أبو جعفر محمّـد بن أحمد بن العبّاس بن الفاخر [محمّـد] العبسـي ، نسـبة إلى بني عبس قبيلة حذيفة بن اليمان ؛ لأنّه من ذرّيّته.
والـدُوْرْيَـسْـتِـي نسبة إلى دوريست ـ بضمّ الدال وسـكون الواو والراء أيضاً يلتقي فيه سـاكنان ، ثمّ ياء مفتوحة وسـين مهملة سـاكنة ، وتاء مثنّاة من فوقها ـ من قرى الريّ.
وفي «مجالس المؤمنين» و «تعليقة البهبهاني على منهج المقال» ، أنّه يقال لها الآن : دَرَشْـت ، بدال وراء مهملتين مفتوحتين وشين معجمة سـاكنة.
وُصف بأنّه فقيه ، عالم ، فاضل ، يروي عنه ولده جعفر ، ويروي عن أبي جعفر بن بابويه(١).
أهل بيته :
هو من بيت علم خرج منه جماعة كثيرة يقال لهم : مشـايخ دوريسـت ؛ قال الشـيخ منتجب الدين في ترجمة الشـيخ نجم الدين
__________________
(١) انظر : الذريعة ٢٢ / ٢٩٣ رقم ٧١٥١ ، معجم البلدان ٢ / ٥٥٠ ـ ٥٥١ رقم ٤٩١٨ ، أعيان الشـيعة ٤ / ١٥١ ، أمل الآمل ٢ / ٢٤١ رقم ٧١١ ، رياض العلماء ٥ / ٢٦ ، مسـتدرك الوسـائل (الخاتمـة) ٢١ / ٣٨ ، منهج المقال (تعليقة الوحيد) ٣ / ٢٣٠.
عبـد الله بن جعفر الدوريسـتي حفيد المترجم : «له الرواية عن أسـلافه مشـايخ (دوريسـت) فقهاء الشـيعة».
وقال التسـتري في ترجمة ابنه جعفر بن محمّـد : «إنّه من بيت جليل ، أهل علم وعفّة وإمامة خلفاً عن سـلف».
وقال الشـيخ النوري عند ذِكر ابن المترجم : «العالم الجليل ، المعروف بيته آباءً وأبناءً بالفقاهة والفضل».
ووصفهم الشـيخ عبّاس القمّي ببيت العلم والفضل(١).
منهم : ولده أبو عبـد الله جعفر بن محمّـد الدوريسـتي ، المولود سـنة ٣٨٠ هـ ، والمتوفّى سـنة ٤٩٨ هـ ، كما تقدّم بيانه ، وثّـقه الشـيخ في «رجاله» ، في مَن لم يرو عن الأئمّـة عليهمالسلام.
وقال فيه الشـيخ منتجب الدين : «ثقة عين عدل».
وُصف بالعالم الجليل ، الفقيه ، العظيم الشـأن ، وأنّه من أكابر علماء الإمامية ، كثير الرواية ، وكان الوزير نظام الملك يعظّمه ويذهب في كلّ أُسـبوعين مرّة من الريّ إلى قرية «دوريسـت» للسـماع منه.
قرأ على الشـيخ المفيد ، وعلم الهدى ، وغيرهما ، وروى عنه جماعة ، له كتب منها : الكفاية في العبادات ، وكتاب يوم وليلة ، وكتاب الاعتقادات ، وكتاب الردّ على الزيدية ، وغيرها(٢).
__________________
(١) انظر : فهرسـت الشـيخ منتجب الدين : ١٢٨ رقم ٢٧٦ ، مسـتدرك الوسـائل (الخاتمـة) ٢١ / ٣٧ ، أعيان الشـيعة ٤ / ١٥١ وج ٩ / ١١٥ ، الكنى والألقاب ٢ / ٢٣٣.
(٢) انظر : رجال الشـيخ : ٤٥٩ رقم ١٧ ، فهرسـت الشـيخ منتجب الدين : ٣٧ رقم
ومنهم
: حفيده الشـيخ نجم الدين عبـد الله بن جعفر بن محمّـد بن موسـى بن جعفر بن محمّـد
، المتوفّى بعد ٦٠٠ هـ بيسـير. وصفه الشـيخ منتجب الدين بالفقيه الصالح. وذكره ياقوت الحموي وقال : «أحد فقهاء الشـيعة
الإمامية». ووصفه المشـهدي في «مزاره الكبير» بالفقيه
العالم. وقال الحرّ العاملي : «كان عالماً فاضلا
، صدوقاً ، جليل القدر». ووصفه صاحب «الرياض» بالفقيه ، الفاضل ،
الجليل ، المعروف ، أحد أجلّة العلماء. ووصفه النوري بالعالم الفقيه ، المحدّث المعروف(١). ومنهم
: حفيده الآخر حسـن بن جعفر ، كان أديباً شـاعراً ، وقد مدح نظام الملك بعدّة قصائد
، والآخر أبو جعفر محمّـد بن موسى بن جعفر بن محمّـد بن أحمد ، وغيرهم. وكلّهم علماء فضلاء ، وتراجمهم مذكورة في
مظانّها ، ولا نريد الإطالـة(٢). __________________ ٦٧ ، معالم العلماء :
٣٢ رقم ١٧٣ ، أمل الآمل ٢ / ٥٣ ـ ٥٤ رقم ١٣٧ ، رياض العلماء ١ / ١١٠ ، مسـتدرك الوسائل
(الخاتمة) ٢١ / ٣٧ ، أعيان الشـيعة ٤ / ١٥١ ، الكنى والألقاب ٢ / ٢٣٣ ، معجم المؤلّفين
١ / ٤٩٤ رقم ٣٧١٤. (١) انظر : فهرسـت الشـيخ
منتجب الدين : ١٢٨ رقم ٢٧٦ ، معجم البلدان ٢ / ٥٥٠ ـ ٥٥١ رقم ٤٩١٨ ، المزار الكبير
ـ للمشهدي ـ : ١٢٢ ، أمل الآمل ٢ / ١٥٩ رقم ٤٦١ ، رياض العلماء ٣ / ١٨٧ ، مسـتدرك الوسـائل
(الخاتمـة) ٢١ / ٢٧ ، أعيان الشـيعة ٨ / ٤٩. (٢) انظر : أعيان الشـيعة
٤ / ١٥١ ، الكنى والألقاب ٢ / ٢٣٣ ، مسـتدرك الوسائل (الخاتمـة) ٢١ / ٢٧ ، دمية القصر
١ / ٣٤٣ رقم ٢٠٥.
ولادة المترجم ووفاته :
لم نجد في ما بين أيدينا من مصادر من ذكر ولادة المترجم أو وفاته ، ولكن يمكن أن يقال : إنّ ولادته كانت في عشـرينيات القرن الرابع ؛ لأنّ الشـيخ الصدوق انتقل إلى الريّ سـنة ٣٤٧ هـ ، أو قبلها بقليل ، كما يظهر من روايته عن محمّـد بن أحمد بن عليّ بن أسـد الأسـدي بالريّ في رجب من السـنة المذكورة(١) ، بعد أن اسـتدعاه الملك ركن الدولة إلى الريّ وطلب منه السـكنى في الريّ.
ونحن نحتمل أنّ المناظرة جرت في حدود هذا التاريخ ، والمقـرِّر لهذه المناظرة هو شـيخنا المترجَم ، وهذا يسـتلزم أن يكون في العقد الثـالث من عمره في أقلّ تقدير ؛ لِما يتطلّب حضور هذا المجلس من أهلية ومقام ، ومن البعيد حضور الأحداث مثل هذا المجلس.
أمّا وفاته ، فكذلك ، فلم نجد من ذكر عنها شـيئاً ، ولكن نحتمل أنّه توفّي في أواخر القرن الرابع أو بداية القرن الخامس ؛ والله العالم.
__________________
(١) انظر : أمالي الصدوق : ٣٠٤ ح ٣٤٤.
ترجمة ركن الدولة
هو : أبو عليّ الحسـن بن بويه بن فناخسـرو الديلمي ، وُلد تقديراً سـنة ٢٨٤ هـ ، وتوفّي ليلة السـبت لاثنتي عشـرة ليلة بقيت من المحرّم سـنة ٣٦٦ هـ بالريّ ، ودفن في مشـهده.
وهو أخو عماد الدولة أبو الحسـن عليّ بن بويه ، ومعزّ الدولة أبي الحسـن عليّ ، بدأت ولايته سـنة ٣٢١ هـ ، ودامت أربعاً وأربعين سـنة ، حكم فيها أصفهان وهمذان وعراق العجم كلّه والريّ وجبل الديلم إلى خراسـان ، وخضعت له الرعيّـة.
وقسّم ممالكه على أولاده في حياته ، فقاموا بها خير قيام.
وصفه المؤرّخون وأرباب التراجم بالصلاح ، وحبّ الخير ، وحسـن التدبير ، والكرم ، والشـجاعة ، وحسـن الخلق ، والعدل ، والتحرّج من الظلم ، وكان محبّاً للعلم ، مكرماً للعلماء ، مع مسـاعدة الحظّ والتوفيق له.
وقد أسـهب مسـكويه في نقل أخباره ، وهذه كلمات جملة منهم :
قال ابن الأثير ـ في حوادث سـنة ٣٦٦ هـ ـ : «في هذه السـنة في المحرّم توفّي ركن الدولة ... وأوصى إلى أولاده بالاتّفاق وترك الخلاف ، وخلع عليهم ، ثمّ سـار عن أصبهان في رجب نحو الريّ ، فدام مرضه إلى أن توفّي ، فأُصيب به الدين والدنيا جميعاً ؛ لاسـتكمال جميع خلال الخير فيه ...
ثمّ قال : كان حليماً ، واسـع الكرم ، كثير البذل ، حسـن السـياسـة
لرعاياه وجنده ، رؤوفاً بهم ، عادلا في الحكم بينهم ، وكان بعيد الهمّة ، عظيم الجدّ والسـعادة ، متحرّجاً من الظلم ، مانعاً لأصحابه منه ، عفيفاً عن الدماء ، يرى حقنها واجباً إلاّ في ما لا بُـدّ منه ، وكان يحامي على أهل البيوتات ، وكان يجري عليهم الأرزاق ، ويصونهم عن التبذّل ، وكان يقصد المسـاجد الجامعة في أشـهر الصيام للصلاة ، وينتصب لردّ المظالم ، ويتعهّد العلويّين بالأموال الكثيرة ، ويتصدّق بالأموال الجليلة على ذوي الحاجات ، ويلين جانبه للخاصّ والعامّ ... وفي فعله في حادثة بختيار ما يدلّ على كمال مروءته وحسـن عهده ، وصلته لرحمه ، رضي الله عنه وأرضاه ، وكان له حسـن عهد ، ومودّة ، وإقبال».
وقال ابن خلّـكان : «كان ملكاً جليل القدر ، عالي الهمّة ، وكان أبو الفضل ابن العميد وزيره ، ولمّا توفّي اسـتوزر ولده أبا الفتح عليّـاً ، وكان الصاحب بن عبّاد وزير ولده مؤيّد الدولة ، ولمّا توفّي وزر لفخر الدولة ... كان مسـعوداً ، ورزق السـعادة في أولاده الثلاثة».
وقال أبو الفداء ـ عند ذِكر وفاته ـ : «أُصيب به الدين والدنيا جميعاً لاسـتكمال خلال الخير فيه».
وقال ابن الوردي مثل كلام أبي الفداء المتقـدّم.
وقال الذهبي : «كان ملكاً جليلا عاقلا [عادلا]».
وقال أيضاً : «وكان هذا ملكاً سـعيداً ، قسّم ممالكه على أولاده ، فقاموا بها أمثل قيام ، وامتدّت أيّامه وخضعت له الرعية ، وولي خمسـاً وأربعين سـنة».
وقال الحافظ ابن كثير : «كان حليماً ، وقوراً ، كثير الصدقات ، محبّـاً
للعلماء ، فيه برّ وكرم وإيثار ، وحسـن عشـرة ورئاسـة ، وحنوٌّ على الرعية وعلى أقاربه».
وقال ابن تغري بردي : «كان ملكاً جليلا سـعيداً في أولاده ، قسّم عليهم الممالك ، فقاموا بها أحسـن قيام ، وملَـكَ ركن الدولة أربعاً وأربعين سـنة وأشـهراً».
وقال ابن العماد الحنبلي : «كان ملكاً جليلا ، عاقلا نبيلا ، بقي في الملك خمسـاً وأربعين سـنة ، ووزر له ابن العميد ، ووزر لولده الصاحب بن عبّاد ، ومات الحسـن هذا بالقولنج ، وقسّم الممالك على أولاده ، فكلّهم قام بنوبته أحسـن قيام».
وأخباره مشـهورة تناولها المؤرّخون بالتفصيـل(١).
__________________
(١) انظر : تجارب الأُمم ٥ / ١٥٧ ـ ٤٣٣ ، الكامل فى التاريخ ٧ / ٣٦٤ ـ ٣٦٥ ، وفيات الأعيان ٢ / ١١٨ ، تاريخ أبي الفداء ٢ / ١١٦ ، تاريخ ابن الوردي ١ / ٢٩٠ ، العبر ـ للذهبي ـ ٢ / ١٢٤ ، سـير أعلام النبلاء ١٦ / ٢٠٣ ، البداية والنهاية ١١ / ٢٤٢ ، النجوم الزاهرة ٤ / ١٣١ ، شـذرات الذهب ٣ / ٥٥.
النسـخ المعتمدة
اعتمدنا في تحقيق هذه الرسـالة على مصوّرة نسـخة مخطوطة ضمن مجموعة رسـائل ، مكتوبة بخطّ واحد ، وكتب في نهاية الرسـالة التي سـبقت رسـالتنا ، ص ٩٢ : «فرغ من تسـويده الواثق بالله الغالب ، ابن الحاجّ أبي تراب أبو طالب ، جعلهما الله من المتمسّكين بولاية عليّ بن أبي طالب وأولاده المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين» من دون ذِكر سـنة التسـويد ، محفوظة في مكتبة البرلمان الإيراني السـابق ، ضمن مجموعة رقم ١٣٥٩ (١٢٩٥).
ويبدأ ترقيم رسـالتنا بالصفحة ٩٣ ، وينتهي بالصفحة ١١١.
كما اعتمدنا على نسـخة البحراني التي أدرجها في «كشـكوله» ، وهي نسـخة مختصرة ، يبلغ ما فيها حدود ربع مادّة مخطوطة رسـالتنا ، والذي نظـنّه أنّها ضمّت المجلس الأوّل فحسـب.
وكذلك على نسـخة التسـتري التي أدرجها في «مجالسـه» ، باللغة الفارسـية ، وتمّت ترجمتها إلى اللغة العربية ، وهي مختصرة كذلك ، وتبلغ حدود ثلث مادّة المخطوطة ، ونظنّ ـ كذلك ـ أنّ ما فيها هو المجلس الأوّل ، ولكنّها تمتاز عن نسـخة البحراني بوجود سـؤال للملك عن غَيبة الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشـريف ، وجواب الشـيخ عنه ، ومكاتبة الملك للشـيخ الصدوق حول تكلّم رأس الإمام الحسـين عليهالسلام وهو على الرمح ، وجواب الشـيخ عن ذلك.
وقد اسـتفدنا من هاتين النسـختين في إتمام النقص والأسـقاط الواردة في المخطوطة الأصل على نحو التلفيق ؛ لتلافي الخلل ولحصول النفع ، مع الإشـارة إلى ذلك في موضعه.
منهجيّـة التحقيـق
١ ـ مقابلة المخطوطة ومعارضتها على نسـختَي البحراني والتسـتري.
٢ ـ تقويم النصّ وضبطه مع بيان ما فيه من سـقط أو تصحيف ، بما في ذلك تصحيح الأغلاط الإملائية تبعاً للرسـم الحديث دون الإشـارة إليها.
٣ ـ ما أضفناه من إحدى النسـختين ، أو من بعض المصادر ، أو للضرورة ، جعلناه بين معقوفتين مع الإشـارة إلى ذلك.
٤ ـ تخريج الآيات القرآنية الكريمة.
٥ ـ تخريج الأحاديث النبويّة الشـريفة وأحاديث المعصومين عليهمالسلام من الأُصول المعتمدة.
٦ ـ توضيح بعض المطالب والتعليق على بعضها بما نراه مناسـباً.
٧ ـ بيان معنى بعض المفردات اللغوية.
٨ ـ ترجمة بعض الأعلام الواردة أسـماؤهم فى نسـخة الأصل ؛ لمن رأينا أنّـه بحاجة إلى تعريف ، أو إضافة شـيء جديد لمشـهوريهم.
وأخيـراً :
لا يسـعني إلاّ أن أتوجّه بالشـكر الجزيل إلى كلّ من أسهم في نشر هذه الرسـالة النفيسـة ، ولا سـيّما الإخوة في مؤسّـسـة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث.
والحمد لله أوّلا وآخراً ، وصلّى الله على سـيّدنا ونبيّـنا محمّـد وآله وسـلّم تسـليماً كـثيراً.
|
|
جواد الورد ١٢ ربيع الأوّل ١٤٢٨ هـ دمشـق الشـام |
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الملك :
أيّها الشـيخ العالم! اختلف الحاضرون في القوم الّذين يطعن عليهم الشـيعة ؛ قال بعضهـم : يجـب الطعـن عليـهم ؛ وقال الآخـرون : لا يجب ولا يجـوز ؛ فما عنـدك؟
قال ابن بابويه :
أيّهـا الملك! إنّ الله تعـالى لم يقبـل من عبـاده الإقـرار بتوحيـده حتّى ينفوا كلَّ صنم وآلهـة عُبـد من دون الله [ألمْ تَـرَ أنّـا أُمرنـا أن نقول : لا إله إلاّ الله ، فـ «لا إله» نفيُ كلِّ إله عُبِـد من دونـه ، وقولـه : «إلاّ الله» إثبـاتٌ لله عزّ وجلّ](١)؟!
ولـم يـقـبـل مـنـهـم الإقـرار بـنـبـوّة محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) حـتّى يـنـفـوا كـلَّ مـتـنـبّـئ فـي زمـانـه ، مـثـل مسـيلمة الكـذّاب(٢) وسـجـاح(٣)
__________________
(١) ما بين المعقوفتين أثبتناه من نسـخة البحراني.
(٢) مسـيلمة بن ثمامة بن كبير بن حبيب الحنفي ، أبو ثمامة ، متنبّئ ، من المعمّرين ، وفي الأمثال «أكذب من مسـيلمة» ، نشـأ باليمامة بقرب العيينة بوادي حنيفة ، ادّعى النبوّة في سـنة ١٠ هـ ، وقتل سـنة ١١ هـ ، عند ردّة أهل اليمامة ، قتله أبو دجانة الأنصاري ، وقيل غيره ، وأخباره مشـهورة معروفة.
انظر : السـيرة النبوية ـ لابن هشـام ـ ٥ / ٢٧٠ ، فتوح البلدان : ٩٧ ، السـيرة النبوية ـ لابن حبّان ـ : ٤٣٦ ، تاريخ الطبري ٢ / ٢٧٥ ، البدء والتاريخ ٢ / ١٩٥ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٢١٨.
(٣) سـجاح بنت الحارث بن سـويد بن عقفان التميمية ، من بني يربوع ، ادّعت النبوّة
والعنسـي(١) [وأشـباههم](٢).
وهكذا لم يقبل الإقرار بإمامة أمير المؤمنين عليهالسلام حتّى ينفوا كلّ ما سـواه من الأئمّـة المقـدَّمين.
__________________
بعد وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وكانت في بني تغلب بالجزيرة ، وكان لها علم بالكتاب أخذته عن نصارى تغلب ، فتبعها جمع من عشـيرتها بينهم بعض كبار تميم ، كالزبرقان بن بدر ، وعطارد بن حاجب ، وشـبث بن ربعي الرياحي وكان مؤذّناً لها ، وعمرو بن الأهتم ، فأقبلت بهم من الجزيرة تريد غزو أبي بكر ، فنزلت باليمامة ، فبلغ خبرها مسـيلمة الكذّاب ، وقيل له : إنّ معها أربعين ألفاً ؛ فخافها ، وأقبل عليها في جماعة من قومه وتزوّج بها ، وأصدقها بإسـقاط صلاتَي الفجر والعشـاء الآخرة عن قومها ، فأقامت معه قليلا ، وأدركت صعوبة الإقدام على قتال المسـلمين فانصرفت راجعة إلى أخوالها بالجزيرة.
ثمّ بلغها مقتل مسـيلمة ، فأسـلمت ورحلت إلى البصرة فسـكـنتها وتوفّيت بها نحو سـنة ٥٥ هـ ، وصلّى عليها سـمرة بن جندب والي البصـرة لمعاوية ؛ وأخبارها مشـهورة.
انظر : كتاب الردّة ـ للواقدي ـ : ١١١ ، تاريخ الطبري ٢ / ٢٦٨ ، البدء والتاريخ ٢ / ١٩٧ ، فتوح البلدان : ١٠٨ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٢١٣ ، البداية والنهاية ٦ / ٢٣٩.
(١) عيهلة بن كعب بن عوف ، الأسـود العنسـي المذحجي ، متنبّئ مشـعوذ من أهل اليمن ، أسـلم لمّا أسـلمت اليمن ، وارتدّ أيّام النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وادّعى النبوّة وأرى قومه أعاجيب اسـتهواهم بها فتبعه كثير منهم ، وتغلّب على نجران وصنعاء ، واتّسـع سـلطانه حتّى غلب على ما بين مفازة حضرموت إلى الطائف إلى البحرين والأحسـاء إلى عدن ، وجاءت كتبُ رسـولِ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى مَن بقي على الإسـلام في اليمن بالتحريض على قتله غيلةً أو مصادمة ، فاغتاله فيروز الديلمي بتدبير مع امرأته التي كانت على ظاهر الإيمان ، وكان ذلك قبل وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بشـهر واحـد ؛ وأخباره مشـهورة.
انظر : تاريخ خليفة بن خيّاط : ٧٦ ـ ٧٧ ، تاريخ الطبري ٢ / ٢٤٧ و ٢٩٣ ، فتوح البلدان : ١١٣ ، البدء والتاريخ ٢ / ١٩٢ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٢٠١ ، البداية والنهايـة ٦ / ٢٢٨ ـ ٢٣٢.
(٢) ما بين المعقوفتين أثبتناه من نسـخة البحراني.
قال الملك :
هذا هو الحقّ ؛ فأخبرني ـ يا شـيخ ـ ببرهان جليّ لنفي أبي بكر من الخلافة ، بل خروجه من الإمامة.
[قال الشـيخ :
أيّها الملك! اجتمعت الأُمّة على نقل خبر سـورة براءة ، وفيه خروج أبي بكر من الإمامة](١) ، وفيه نزول إمامة أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام من السـماء وعـزل أبي بكر من السـماء ، وفيه دلالـة على أنّ أبا بكر لم يكن مـن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).
[قال الملك :
وكيف ذلك](٢)؟!
قال الشـيخ :
روت الرواة منّـا ، ومن مخالفينا ، أنّـه لمّا نزلت سـورة براءة على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) دعا أبا بكر ، وقال : خذ هذه الآيات فأدّها عنّي بالموسـم بمكّـة.
فأخذها أبو بكر وسار بها أيّاماً ، وهبط جبرئيل ، وقال : يا محمّـد!
__________________
(١) ما بين المعقوفتين أثبتناه من نسـخة البحراني.
(٢) ما بين المعقوفتين أثبتناه من نسـخة البحراني.
ربّك يقرئك السـلام ويقول لك : لا يؤدّي عنك إلاّ أنت أو من هو منك.
فدعا عليّـاً عليهالسلام وأمره بردّ أبي بكر ويأخذ منه براءة ويؤدّيها أيّام الموسـم بمكّة ، فلحقه أمير المؤمنين عليهالسلام بذي الحليفة(١) ، وقيل : لحقه بالروحاء(٢) مسـيرة ثلاثة أيّام من المدينة ، وأخذ السـورة وأدّاها عن الله وعن رسـوله كما أمره بـه(٣).
فقد صحّ بهذا الحديث أنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب نزلت ولايتُـه من السـماء.
وقد صحّ أنّ أبا بكر قد نزل عزلُه من السـماء ، فولّوا الناسُ من عزله
__________________
(١) ذو الحليفة : قرية بينها وبين المدينة سـتّة أميال أو سـبعة ، ومنها ميقات أهل المدينـة.
انظر : معجم البلدان ٢ / ٣٣٩ رقم ٣٨٧١.
(٢) الـرَّوْحاء : قرية جامعة لـمُـزَيْـنَـة ، على ليلتين من المدينة ، بينهما أحد وأربعون ميلا ، وفي كتاب مسـلم بن الحجّاج على سـتّة وثلاثين ميلا ، وهو الموضع الذي نزل به تُـبّع حين رجع من قتال أهل المدينة يريد مكّة ، فأقام بها وأراح فسـمّاها الـروحـاء.
انظر : معجم ما اسـتعجم ٢ / ٦٨١ ، مراصد الاطّلاع ٢ / ٦٣٧.
(٣) انظر : مسـند أحمد ١ / ٣ و ١٥١ وج ٣ / ٢١٢ و ٢٨٣ ، سـنن الترمذي ٥ / ٢٥٦ ح ٣٠٩٠ ، السـنن الكبرى ـ للنسـائي ـ ٥ / ١٢٨ ـ ١٢٩ ح ٨٤٦٠ ـ ٨٤٦٢ ، فضائل الصحابة ـ لأحمد بن حنبل ـ ٢ / ٦٩٤ ح ٩٤٦ وص ٧٩٥ ح ١٠٩٠ ، مصنّـف ابن أبي شـيبة ٧ / ٥٠٦ ح ٧٢ ، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ ١٢ / ٧٧ ح ١٢٥٩٣ ، الإحسـان بترتيب صحيح ابن حبّان ٨ / ٢٢٢ ح ٦٦١٠ ، السُـنّة ـ لابن أبي عاصم ـ : ٥٨٨ ـ ٥٨٩ ح ١٣٥١ ، المسـتدرك على الصحيحين ٣ / ٥٣ ح ٤٣٧٤ ، السـنن الكبـرى ـ للبيهقي ـ ٩ / ٢٢٤ ـ ٢٢٥ ، الأموال ـ لأبي عبيـد ـ : ٢١٥ ح ٤٥٧ ، تفسـير الطبري ٦ / ٣٠٦ ـ ٣٠٧ ح ١٦٣٨٦ و ١٦٣٨٩ و ١٦٣٩٢ ، مناقب الإمام عليّ ابن أبي طالب ـ للكوفي ـ ١ / ٤٨٤ ح ٣٩٠ ، تفسـير العيّاشي ٢ / ٧٩ ـ ٨٠ ح ٤ ـ ٦ ، تفسـير عليّ بن إبراهيم ١ / ٢٨١ ، تفسـير فرات الكوفي ١ / ١٥٩ ح ١٩٧.
الله عـزّ وجلّ ، وعزلوا من ولاّه الله ، وقدّموا من أخّره الله تعالى ، وأخّروا مَـن قـدّمه الله تعالى.
وقد صحّ بهذا الحديث أنّ أبا بكر لم يكن من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ؛ لقول جبرئيل عليهالسلام عن الله عزّ وجلّ بقوله : «لا يؤدّي عنك إلاّ أنت أو من هو منك» ، أي : مِن نسـبك ؛ لأنّ أبا بكر لو كان من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لَما ردّه الله تعالى عن ذلك الوجه الذي وجّهه إليه رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ...
وقد صحّ بهذا الحديث أنّ عليّـاً عليهالسلام من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ؛ [هذا مع ما رواه المخالف في تفسـير قوله](١) تعالى : (أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَة مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ)(٢) [أنّ الذي على بيّنة من ربّه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)](٣) ، والشـاهد الذي يتلوه هو عليٌّ أمير المؤمنين عليهالسلام.
وهذا الحديث رواه المخالف والمؤالف ، أنّ الشـاهد هو أمير المؤمنيـن عليهالسلام(٤).
__________________
(١) ما بين المعقوفتين أثبتناه من نسـخة البحراني.
(٢) سـورة هود ١١ : ١٧.
(٣) ما بين المعقوفتين أثبتناه من نسـخة البحراني.
(٤) انظر : تفسـير الطبري ٧ / ١٧ ح ١٨٠٦١ ، تفسـير الثعلبي ٥ / ١٦٢ ، معرفة الصحابة ـ لأبي نُعيم ـ ١ / ٨٨ ح ٣٤٦ ، مناقب الإمام عليّ ـ لابن المغازلي ـ : ٢٣٦ ح ٣١٨ ، شـواهد التنزيل ١ / ٢٧٥ ـ ٢٨٢ ح ٣٧٢ ـ ٣٨٧ ، تفسـير البغوي ٢ / ٣١٨ ، تاريخ دمشـق ٤٢ / ٣٦٠ ، زاد المسـير ٤ / ٦٦ ، تفسـير الفخر الرازي ١٧ / ٢٠٩ ، تفسـير القرطبي ٩ / ١٣ ، الدرّ المنثور ٤ / ٤٠٩ ـ ٤١٠ عن ابن أبي حاتم وابن مردويـه والثعلبـي وابن عسـاكر ، تفسـير الحبـري : ٢٧٩ ـ ٢٨٠ ح ٣٦ و ٣٧ ، تفسـير العيّاشي ٢ / ١٥٢ ـ ١٥٣ ح ١٢ و ١٣ ، تفسـير فرات الكوفي ١ / ١٨٧ ـ ١٩١ ح ٢٣٧ ـ ٢٤٦ ، شـرح الأخبار ـ للقاضي النعمان ـ ١ / ٩٥ ح ١٤ وج ٢ / ٣٤٧ ح ٦٩٨.
وروي أيضاً عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّـه قال : «عليٌّ منّي وأنا منه»(١).
[وما رواه(٢) عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «لينتهينّ(٣) أو لأبعثنّ عليهم رجلا نفسُـه نفسـي ، وطاعتُه كطاعتي ، ومعصيتُه كمعصيتي»(٤).
ومـمّـا روي عـن جبـرئيـل عليهالسلام في غـزاة أُحـد ، أنّـه نـزل عـلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فنظر إلى عليّ عليهالسلام وجهاده بين يدي رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ،
__________________
(١) انظـر : مسـند أحمد ٤ / ١٦٥ و ٤٣٨ وج ٥ / ٣٥٦ ، صحيـح البخاري ٤ / ٢٢ ح ٩ وج ٥ / ٨٧ ذ ح ١٩٦ ، سـنن الترمذي ٥ / ٥٩٠ ـ ٥٩١ ح ٣٧١٢ وص ٥٩٣ ح ٣٧١٦ ، سـنن ابن ماجة ١ / ٤٤ ح ١١٩ ، السـنن الكبرى ـ للنسـائي ـ ٥ / ٤٥ ح ٨١٤٦ و ٨١٤٧ وص ١٢٦ ـ ١٢٨ ح ٨٤٥٤ ـ ٨٤٥٦ وح ٨٤٥٩ ، المـعجـم الكبـيـر ـ للطبراني ـ ١٨ / ١٢٨ ـ ١٢٩ ح ٢٦٥ ، مسـند أبي يعلى ١ / ٢٩٣ ح ٣٥٥ ، الإحسـان بترتيب صحيح ابن حبّان ٩ / ٤١ ـ ٤٢ ح ٦٨٩٠ ، مسـند الطيالسـي : ١١١ ح ٨٢٩ ، مصنّف عبـد الرزّاق ١١ / ٢٢٧ ح ٢٠٣٩٤ ، مصنّف ابن أبي شـيبة ٧ / ٤٩٥ ح ٨ وص ٤٩٩ ح ٢٧ وص ٥٠٤ ح ٥٨ ، السُـنّة ـ لابن أبي عاصم ـ : ٥٥٠ ح ١١٨٧ وص ٥٨٤ ح ١٣٢٠ ، مسـند الروياني ١ / ٦٢ ح ١١٩ ، المسـتدرك على الصحيحين ٣ / ١١٩ ح ٤٥٧٩.
(٢) أي المخالف.
(٣) ورد في بعض النصوص : «لينتهينّ أقوام» ، وفي بعضها : «لينتهينّ معشـر قريش» ، وفي بعضها : «يا معشـر قريش! لتنتهنّ» ، وفي بعضها : «لينتهنّ بنو وليعـة».
(٤) انظـر : السـنن الكبـرى ـ للنسـائي ـ ٥ / ١٢٧ ح ٨٤٥٧ ، سـنن الترمـذي ٥ / ٥٩٢ ح ٣٧١٥ وصحّحه ، فضائل الصحابة ـ لأحمد بن حنبل ـ ٢ / ٧٠٦ ح ٩٦٦ وص ٧٣٣ ـ ٧٣٤ ح ١٠٠٨ وص ٨٠٦ ح ١١٠٥ ، مسـند أبي يعلى ٢ / ١٦٥ ـ ١٦٦ ح ٨٥٩ ، مـسـنـد البـزّار ٣ / ١١٨ ح ٩٠٥ وج ٣ / ٢٥٨ ـ ٢٥٩ ح ١٠٥٠ ، مـصنّـف عبـد الرزّاق ١١ / ٢٢٦ ح ٢٠٣٨٩ ، مصنّف ابن أبي شـيبة ٧ / ٤٩٧ ح ١٨ وص ٤٩٨ ح ٢٣ وص ٤٩٩ ح ٣٠ وص ٥٠٦ ح ٧٤ ، المسـتدرك على الصحيحين ٢ / ١٤٩ ـ ١٥٠ ح ٢٦١٤ وصحّحه هو والذهبي ، المعرفة والتاريخ ـ للفسـوي ـ ١ / ١٢١ ، تاريخ بغداد ١ / ١٣٣ ـ ١٣٤ وج ٨ / ٤٣٣ ، الاسـتيعاب ٣ / ١١٠٩ ـ ١١١٠ ، تاريخ دمشـق ٤٢ / ٣٤٢ ـ ٣٤٣ من عدّة طرق ، أنسـاب الأشـراف ٢ / ٣٦٤.
فقال جبرئيل : «هذه المواسـاة ؛ فقال : يا جبرئيل! إنّه منّي وأنا منه ؛ فقال جبرئيل : وأنا منكما»(١).
فكيف يصلح ـ أيّها الملك ـ للإمامة رجلٌ لم يأتمنه الله تعالى على تبليغ آيات من كتابه أن يؤدّيها إلى الناس أيّام الموسـم؟!
وكيف يجوز أن يكون مؤتمناً على أن يؤدّي جميعَ دين الله عزّ وجـلّ بعـد النبيّ ويكـون واليـاً عليهـم وقـد عزلـه الله عـزّ وجـلّ وولّى عليّـاً عليهالسلام؟!
وكيف لا يكون عليّـاً مظلوماً وقد أخذوا ولايته وقد نزل بها جبرئيل من السـماء؟!
فقال الملك :
هذا بيّن واضح](٢).
قال رجل من خواصّ الملك ـ وكان جالسـاً بعدما اسـتأذن في الكلام(٣) ، فأذن له ـ ، فقال : أيّها الشـيخ! كيف [يجوز](٤) اجتماع [هذه
__________________
(١) انظر : فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ ٢ / ٨١٦ ـ ٨١٧ ح ١١١٩ و ١١٢٠ ، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ ١ / ٣١٨ ح ٩٤١ ، تاريخ الطبري ٢ / ٦٥ ، الكامل ـ لابن عديّ ـ ٦ / ٣٧٣ ، الأغاني ١٥ / ١٨٧ ، ربيع الأبرار ١ / ٨٣٣ ، تاريخ دمشـق ٤٢ / ٧٦ ، الرياض النضرة ٣ / ١٣١ ، مجمع الزوائد ٦ / ١١٤ و ١٢٢ عن الطبراني والبزّار.
(٢) ما بين المعقوفتين أثبتناه من نسـخة البحراني.
(٣) في نسـخة البحراني : «وكان رجل واقف على رأس الملك يقال له : أبو القاسـم ، فاسـتأذنه في كلامه».
(٤) ما بين المعقوفتين أثبتناه من نسـخة البحراني.
الأُمّة](١) على الضلال مع قول النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «لا تجتمع أُمّتي على خطـأ»(٢).
قال الشـيخ :
هذا الحديث ممنوع من وجوه :
* الأوّل(٣) : إنّـه متناقض ؛ ويدلّ على مناقضته ثلاثة أجوبة :
الجواب الأوّل : إنّـه يعـارض الحـديث المجمـع [عليـه](٤) بيـن المسـلمين ، المنقول من صحاحهم بالتواتر ، أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال :
__________________
(١) ما بين المعقوفتين أثبتناه من نسـخة البحراني.
(٢) رواه ابن ماجة في سُـننه ٢ / ١٣٠٣ ح ٣٩٥٠ ، والترمذي في سُـننه ٤ / ٤٠٥ ح ٢١٦٧ ، والطبراني في المعجم الكبير ١٢ / ٣٤٢ ح ١٣٦٢٣ و ١٣٦٢٤ ، وعبـد بن حميد في منتخبه : ٣٦٧ ح ١٢٢٠ ، وابن أبي عاصم في السُـنّة : ٤١ ـ ٤٢ ح ٨٢ ـ ٨٥ ، والحاكم في المسـتدرك على الصحيحين ١ / ١٩٩ ـ ٢٠٢ ح ٣٩١ ـ ٣٩٩ ، وأبو نُعيم في حلية الأولياء ٣ / ٣٧ رقم ٢٠٣ ، واللالكائي في شـرح أُصول السُـنّة ١ / ١١٧ ـ ١١٨ ح ١٥٣ و ١٥٤.
وأخرجه السـخاوي في المقاصد الحسـنة : ٥٣٨ ح ١٢٨٨ ، والعجلوني في كشـف الخفاء ومزيل الإلباس ٢ / ٣٥٠ ح ٢٩٩٩ ، والقاري في الأسـرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة : ١١٠ ، وقال المناوي في فيض القدير ٢ / ٣٤٤ ذ ح ١٨١٨ ما لفظـه :
«قال ابن حجر في (تخريج المختصر) : حديث غريب ، خرّجه أبو نُعيم في (الحلية) ، واللالكائي في (السُـنّة) ، ورجاله رجال الصحيح ، لكـنّه معلول ، فقد قال الحاكم : لو كان محفوظـاً حكمت بصحّته على شـرط الصحيح ، لكن اختُلِف فيه على معتمر بن سـليمان على سـبعة أقوال ؛ فذكرها ، وذلك مقتضى للاضطـراب ، والمضطرب من أقسـام الضعيف».
(٣) لم يرد من هذه الوجوه سـوى الوجه الأوّل هذا ، والظاهر أنّه ينتهي عند قوله : «حصل الافتراق وعدم الوفاق» الآتي في ص ٣٤٤ ؛ فلاحـظ!
(٤) ما بين المعقوفتين أضفناه لمقتضى السـياق.
«سـتفترق أُمّتي ثلاث وسـبعون فرقة ، منها واحدة ناجية والباقون في الـنـار»(١).
__________________
(١) انظر : مسـند أحمد ٢ / ٣٣٢ وج ٣ / ١٢٠ و ١٤٥ وج ٤ / ١٠٢ ، سـنن أبي داود ٤ / ١٩٧ ح ٤٥٩٦ و ٤٥٩٧ ، سـنن الترمذي ٥ / ٢٥ ـ ٢٦ ح ٢٦٤٠ و ٢٦٤١ ، سـنن ابن ماجة ٢ / ١٣٢١ ـ ١٣٢٢ ح ٣٩٩١ ـ ٣٩٩٣ ، سـنن الدارمي ٢ / ١٦٦ ح ٢٥٤١ ، المعجم الكبير ٨ / ٢٧٣ ـ ٢٧٤ ح ٨٠٥١ ـ ٨٠٥٤ وج ١٨ / ٧٠ ح ١٢٩ وج ١٩ / ٣٧٦ ـ ٣٧٧ ح ٨٨٤ و ٨٨٥ ، المعجم الأوسـط ٥ / ٢٤٧ ح ٤٨٨٦ وج ٧ / ٢١٩ ح ٧٢٠٢ وج ٨ / ٥٦ ح ٧٨٤٠ ، المعجم الصغيـر ١ / ٢٥٦ ، مسـند أبي يعلى ٧ / ٣٢ ح ٣٩٣٨ وص ٣٦ ح ٣٩٤٤ وج ١٠ / ٣١٧ ح ٥٩١٠ وص ٣٨١ ح ٥٩٧٨ وص ٥٠٢ ح ٦١١٧ ، مسـند البزّار ١٢ / ٣٣٧ ح ٦٢١٤ ، الإحسـان بترتيب صحيح ابن حبّان ٨ / ٤٨ ح ٦٢١٤ ، المسـتدرك على الصحيحين ١ / ٢١٧ ـ ٢١٩ ح ٤٤١ ـ ٤٤٥ ، منتخب عبـد بن حميد : ٧٩ ح ١٤٨ ، السُـنّة ـ لابن أبي عاصم ـ : ٣٢ ـ ٣٥ ح ٦٣ ـ ٦٩ ، الشريعة ـ للآجري ـ : ٢١ ـ ٢٥ ح ١٨ ـ ٢٦ ، شرح أُصول السُـنّة ـ لللالكائي ـ ١ / ١١٢ ـ ١١٦ ح ١٤٨ ـ ١٥٢.
وانظر : الكافي ٨ / ٢٢٤ ح ٢٨٣ ، الخصـال ـ للصـدوق ـ ٢ / ٥٨٤ ـ ٥٨٥ ح ١٠ و ١١ ، معاني الأخبار ـ للصدوق ـ : ٣٢٣ ح ١ ، تفسـير العيّاشي ٢ / ٤٥ ح ١٢٢ ، الأمالي ـ للطوسـي ـ : ٥٢٣ ح ١١٥٩.
ورواه شـمس الدين المقدسـي البشـاري في كتاب «أحسـن التقاسـيم في معرفة الأقاليم» : ٣٩ بلفظ : «اثنتان وسـبعون في الجنّة وواحدة في النار».
وأيضاً بلفظ : «اثنتان وسـبعون في النار وواحدة في الجنّة» ، ثمّ قال : «وهذا أشـهر إلاّ أنّ الأوّل أصحّ إسـناداً».
ورواه الحافظ رضي الدين الحسن بن محمّـد العدوي العمري الصغاني الحنفي في كتابه «الشـمس المنيرة» بلفظ : «افترقت أُمّة أخي عيسـى على اثنتين وسـبعين فرقة ، وسـتفترق أُمّتي على ثلاث وسـبعين فرقة ، كلّها هالكة إلاّ فرقة واحدة.
فلمّا سُـمع ذلك منه ضاق المسـلمون ذرعاً وضجّـوا بالبكاء ، وأقبلوا عليه وقالوا : يا رسـول الله! كيف لنا بعدك بطريق النجاة؟ وكيف لنا بمعرفة الفرقة الناجية حتّى نعتمد عليها؟
فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : إنّي تارك فيكم ما إن تمسّـكتم به لن تضلّوا من بعـدي أبـداً ،
فقد شـهد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بافتراقِ مَن بعدَه ، وهم يشـهدون لأنفسـهم بالاجتماع ؛ هذه مناقضة ظاهرة!
وأيضاً : فإنّ حصول الاجتماع ، أُمّته عليه متّفقون ـ على اجتماع هذه الثلاث والسـبعون فرقة ، التي هي عبارة عن أُمّته ـ ، والاجتماع متّفق لهذا الحديث المجمع عليه بين المسـلمين(١).
وأيضاً : إذا تعارض الحديثان وتناقضا ، أحدهما مجمَع عليه بين المسـلمين ـ شـيعيّهم وسُـنّـيّهم ـ ، والآخر مختلَف [فيـه](٢) ، فوجب المصير إلى الحديث المتّفق عليه ؛ وهذا بيّن واضح.
والجواب الثاني : إنّـه يلزم منه الدور ؛ وذلك لأنّ الرواية له من ذلك الإجماع ، ولا يثبت الإجماع إلاّ بهذا الحديث عند مخالفينا ، ولا يثبت الحديث إلاّ بالإجماع عند من أثبته بهذا الطريق ، فتقف صحّة كلّ واحد منهما على صحّة الآخر ، فيدور(٣) ، والدور باطل ، فلا بُـدّ من كون أحدهما صادقاً والآخر كاذباً ، فلم يبق إلاّ المتّفق عليه ، وهو قوله عليهالسلام : «سـتفترق أُمّتي على ثلاث وسـبعين فرقة ، فرقة ناجية».
والجواب الثالث : إنّ الإجماع على بيعة أبي بكر لم يصحّ ؛ لأنّـا وجدنا الصحابة اختلفوا في الخلافة والنبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يُدفن ، والمهاجرون
__________________
كـتاب الله وعترتي أهل بيتي ، إنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا علَيَّ الحوض».
(١) العبارة فيها اضطراب بيّن ، ومفادها واضح من أنّ الإجماع الأوّل غير متحقّق ، بـينما الإجماع على حديث الافتراق متحقّق.
(٢) ما بين المعقوفتين أضفناه لمقتضى السـياق.
(٣) بيان الدور : ثبوت الإجماع المدّعى يتوقّف على ثبوت حديث الاجتماع ، وثبوته يتوقّف على حصول إجماع الأُمّـة لروايته ، فيلزم الدور.
والأنصار في سـقيفة بني سـاعدة من التشـاجر والمسـابقة ما هو مشـهور في التواريخ والكتب(١) ، حتّى قالت المهاجرون والأنصار(٢) : «منّا أمير ومنكم أمير»(٣) ..
فأيّ إجماع هناك انعقد وأمير المؤمنين عليهالسلام لم يبايع(٤) ، بل إنّـه أبى وادّعى لنفسـه وتظلّم (منه ، حيث تقدّم)(٥)؟!
وعامّة بني هاشـم لم يبايعوا ..
وسـعد بن عبادة سـيّد الأنصار ، وولده قيس بن سـعد ، ونفر من الخزرج ؛ امتنعوا من بيعة أبي بكر ..
وجماعـة مـن خيـار الصحـابة ؛ كسـلمان الفارسـي ، والزبيـر ، وعمّـار ، والمقـداد ، وأبي ذرّ ، وجـابر بـن عبـد الله الأنصـاري ، وأبي أيّـوب الأنصـاري ، وحذيفـة بـن زيـد(٦) ، وأُبَيّ بـن كـعب ، وزيـد بـن الحصيـن الأسـلمي(٧) ، وخالـد بن سـعيد بـن العـاص الأُمـوي(٨) ؛
__________________
(١) انظر مثلا : السـيرة النبوية ـ لابن هشام ـ ٦ / ٧٧ ، تاريخ الطبري ٢ / ٢٣٤ ، البدء والتاريخ ٢ / ١٣٩ ، المنتظم ـ لابن الجوزي ـ ٣ / ١٤ ، الكامل في التاريخ ٢ / ١٨٩ ، تاريخ ابن خلدون ٢ / ٤٦٧.
(٢) لا يخفى أنّ هذا القول هو للأنصار ، أمّا المهاجرون فقالوا : «منّا الأُمراء ومنكم الوزراء».
(٣) انظر : تاريخ الطبري ٢ / ٢٣٣ و ٢٣٤ ، المنتظم ٣ / ١٥ ، الكامل في التاريخ ٢ / ١٨٩ ، تاريخ ابن خلدون ٢ / ٤٦٨.
(٤) انظر كـتاب «الإمامـة» للشـيخ عبّـاس كاشـف الغطاء ، ص ٧٦.
(٥) كـذا ، والظاهر وجود سـقط هنا.
(٦) كـذا ، والصحيح حذيفة بن اليمان.
(٧) كـذا ، والصحيح بريدة بن الحصيب الأسـلمي.
(٨) ويضاف إليهم : أبان وعمرو ابنا سـعيد بن العاص ، وخزيمة بن ثابت ، وأبو
امـتـنـعـوا(١).
ورووا في أخبارهم أنّ عليّـاً عليهالسلام امتنع عن البيعة هو وسـائر بني هاشـم سـتّة أشـهر ، حتّى اجتمعوا عليه وأخرجوه من داره ملبّباً يقودونه إلى المسـجد حتّى مسـحوا على يده كرهاً ، وأحرقوا بيت فاطمة عليهاالسلام ، وضربوها بالسـوط(٢).
وبنو حنيفة(٣) لم يبايعوا ، ولا حملوا زكاتهم ، ولم يعتقدوا إمامته ، حتّى سـمّاهم أهل الردّة(٤)!
__________________
الهيثم مالك بن التيّهان ، وسـهل وعثمان ابنا حنيف ، وفروة بن عمرو بن ودقة الأنصاري البياضي ، والبراء بن عازب ، ومالك ومتمّم ابنا نويرة وقومهما.
(١) انظر : الاسـتيعاب ٣ / ٩٧٣ رقم ١٦٣٣ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ٩ ، الأخبار الموفّقيات : ٤٧١ ، روضة المناظر ـ لابن الشـحنة ـ ١١ / ١١٢ ـ ١١٣ ، تاريخ أبي الفـداء ١ / ١٥٦.
(٢) راجع في كيفيّة بيعة عليّ أمير المؤمنين عليهالسلام وما سـبقها من أحداث : الإمامة والسـياسـة ١ / ٣٠ ـ ٣٣ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ١١ ، تاريخ الطبري ٢ / ٢٣٣ ـ ٢٣٤ ، العقـد الفريـد ٣ / ٢٧٣ ، مصنّف ابن أبي شـيبة ٨ / ٥٧٢ ح ٤ ، المغني ـ للقاضي عبـد الجبّـار ـ ٢٠ ق ٢ / ٢٦٩ ، شـرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٦ / ٤٨ ، الملل والنحل ـ للشـهرسـتاني ـ ١ / ٥٠ ـ ٥١ ، تاريخ أبي الفداء ١ / ١٥٦.
(٣) المـراد بهم : مالـك بن نويرة اليـربوعي وقومه ، وهو الذي كان يقال فيـه : فتىً ولا كمالك ؛ وكان رديفاً للملوك ، ومن أشـراف الجاهلية والإسـلام ، وقد وفد على النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأسـلم ، وأحسـن الصحبة ، واسـتعمله رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على صدقات قومه.
(٤) والذي يدلّ على كونهم مسـلمين وغير مرتدّين ، وأنّهم قُتلوا ظلماً وعدواناً ـ فضلا عن احتجاجهم على خالد بن الوليد بأنّهم مسـلمون ، وشـهادة أبي قتادة بأنّهم صلّوا معه ، وقوله لخالد : إنّي أشـهد أنّـه لا سـبيل لك عليهم ـ ؛ أنّ أبا بكر عرض الدية على متمّم بن نويرة من بيت المال ، وأطلق الأسـرى والسـبايا من قوم مالك ، وأمر خالداً بطلاق زوجة مالك التي نزا عليها خالد ليلة مقتل زوجها ، والتي كان له بها
بـل ولا إجمـاع أهـل المدينـة ، بل ولا إجمـاع المهاجـرين(١) ، بل ولا إجماع الإجماع(٢) ، بل حصل الافتراق وعدم الوفاق.
وعلى تقدير صحّـة هذا الخبر نحمله على أحد الأمرين :
الأوّل : إنّ الأُمّـة لا تجتمع على ضلال لاشـتمالها على المعصوم ؛ لأنّ الأُمّـة إذا اجتمعت يدخل فيها المعصوم وغيره ، وإذا كان المعصوم داخلا فيها لم يجتمع على خلاف ، وإذا ضلّ جاز أن تجتمع على الضلال ؛ لأنّ كلّ واحد من الأُمّـة يجوز عليه الخطأ ، فأيّ عاصم لهم عن الكذب عند
__________________
هوىً من قبل ، وفي ذلك يقول حوى بن سـعيد بن زهرة السـعدي :
|
ألا قل لحيّ أُوطئوا بالسـنابك |
|
تطاول هذا الليل من بعـد مالك |
|
عدا خالدٌ بغياً عليه لعرسـه |
|
وكان له فيها هوىً قبل ذلك |
|
وأمضى هواه خالدٌ غير عاطف |
|
عنانَ الهوى عنها ولا متمالك |
ويحـقّ لنا أن نسـأل هـذا السـؤال : ما هو المجـوّز لدفع ديـة مالك وفكّ الأسـرى والسـبايا من قومه إن كانوا مرتدّين؟!
وإذا كانوا مسـلمين ـ وهو الحقّ ـ فلِمَ عفا أبو بكر عن خالد الذي قتل رجلا مسـلماً وقومه ، ونزا على امرأته من ليلته دون عدّة ، ولم يقتصّ منه بالرغم من معارضة عمر الشديدة لذلك ومطالبته بالاقتصاص منه؟!
انظر : كتاب الردّة ـ للواقدي ـ : ١٠٥ ـ ١٠٨ ، تاريخ الطبري ٢ / ٢٧٢ ـ ٢٧٤ ، البدء والتاريخ ٢ / ١٩٥ ، الفتوح ـ لابن أعثم ـ ١ / ٢٤ ـ ٢٦ ، الأخبار الموفّقيات : ٦٢٩ ـ ٦٣٠ ، تاريخ دمشـق ١٦ / ٢٥٥ ـ ٢٥٩ ، المنتظم ـ لابن الجوزي ـ ٣ / ٢٥ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٢١٦ ـ ٢١٨ ، وفيات الأعيان ٦ / ١٢ نقلا عن «كتاب الردّة» لوثيمة بن موسـى بن الفرات ، تاريخ أبي الفداء ١ / ١٥٧ ـ ١٥٨ ، البداية والنهاية ٦ / ٢٤١ ـ ٢٤٢ ، الإصابة في تمييز الصحابة ٢ / ٥٥ وج ٥ / ٧٥٤ ـ ٧٥٦ ، روضة المناظـر ـ لابن الشـحنة ـ ١١ / ١١٤ ، تاريخ الخميـس ٢ / ٢١٨ ، خزانة الأدب ٢ / ٢٣ ـ ٢٦.
(١) كما تقـدّم في الصفحتين السـابقتين.
(٢) كـذا ، والعبارة مشـوّشـة ، ويمكن أن تسـتقيم بمثل قولنا : «أهل الإجماع» ، أو «على الإجماع».
الاجتماع؟! فلا بُـدّ من دخول المعصوم فيها(١).
وإنّما كان عليٌّ معصوماً ؛ لأنّـه وُلد على الفطرة ، لم يشـرك بالله طرفة عين ، بل أجمع المسـلمون أنّـه لم يسـجد لصنم قطّ(٢) ، ولا وثن أيضاً(٣).
ويدلّ على عصمته ـ أيضاً ـ قوله تعالى : (إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَـهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(٤)(٥).
__________________
(١) أي إنّ المدار في حجّـيّـة الإجماع ، كونه كاشـفاً عن دخول المعصوم في جملة المجمِعين ـ شـخصاً ، ولم يعرف عيناً ـ أو القطع باسـتلزام ما يحكيه الإجماع لرأي المعصوم عليهالسلام عقلا من باب اللطف ، أو عادة ، أو اتّفاقاً من جهة حدس رأيه ، وإن لم تكن ملازمة بينهما عقلا ولا عادة ؛ لأنّ الإجماع حجّة في نفسـه من حيث هو إجماع.
انظر : العدّة في أُصول الفقه ٢ / ٦٠٢ ، الشـافي ـ للمرتضى ـ ١ / ١٢٣ ، المعتبر ـ للمحقّق الحلّي ـ ١ / ٣١ ، معالم الدين : ١٩٢ ، كفاية الأُصول : ٢٨٨.
(٢) ولذلك يقال فيه : «كـرّم الله وجهه» ، أي كـرّمه الله تعالى عن السـجود لأيّ صنم ، وهو ممّا اختصّ به عليهالسلام ، وقد عدّ الإمام الشـافعي اختصاص صيغة «رض» بالصحابة ، واختصاص «كـرّم الله وجهه» بعليّ عليهالسلام ، فلا يقال لغير عليّ عليهالسلام : كـرّم الله وجهه ؛ لأنّـه لم يسـجد لصنم بخلاف غيره من الصحابة.
انظر : إيضاح الفوائد ١ / ٦ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سـعد ـ ٣ / ٢٠ ، الصواعق المحرقة : ٧٢ ، تفسـير فرات الكوفي ١ / ٢٤٩ ح ٣٣٧.
(٣) الفرق بين الوثن والصنم ، أنّ الوثن : كلّ ما له جثّة معمولة من جواهر الأرض أو من الخشـب والحجارة ، كصورة الآدمي ، تعمل وتنصب فتعبـد.
والصنم : الصورة بلا جثّة ، ومنهم من لم يفرّق بينهما وأطلقهما على المعنيين ، وقد يطلق الوثن على غير الصورة.
انظر مادّة «وثن» في : النهاية في غريب الحديث والأثر ٥ / ١٥١ ، لسان العرب ١٥ / ٢١٤ ، تاج العروس ١٨ / ٥٦٦.
(٤) سـورة الأحزاب ٣٣ : ٣٣.
(٥) ووجه الاسـتدلال بالآية الكريمة على العصمة ، هو نفي الرجس عنه ، والرجس هو مطلـق الـذنب أو عمل الشـيطان وما ليـس لله فيه رضـاً كما عن ابن عبّـاس ؛
__________________
ولا يعني ذلك الإلزام أو الجبر عليها ـ وهو خلاف ما عليه الإمامية بناءً على مبنى الأمر بين الأمرين ـ ، وإنّما امتناعه عن الذنب باختياره مع القدرة عليه وإلاّ لانتفت أيّـة فضيلة له في ذلك ، لأنّـه يصبح مجبراً على أن يكون معصوماً ، ويكون غير المعصوم المطيع لله تعالى أفضل حالا منه ، وهو ينافي الحكمة.
أمّا ما يتعلّق باختصاص الآية في الخمسـة أصحـاب الكسـاء ، وهم : النبيّ وعليّ وفاطمة والحسـن والحسـين عليهمالسلام فالكلام فيه من جهتين :
الأُولى : ثبوت النصّ عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) باختصاص الآية بالخمسـة عليهمالسلام ، وهو المرويّ عن أُمّ سـلمة ، وعائشـة ، وابن عبّـاس ، وعبـد الله بن جعفر ، وجابر بن عبـد الله ، وأنـس بن مالك ، وأبي سـعيد الخدري ، وزيد بن أرقم ، وأبي الحمراء ، وأبي الـدرداء ، وعمر بن أبي سـلمة ، وسـعد بن أبي وقّـاص ، وثوبان مولى رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وواثلة بن الأسـقع ، فضلا عمّا روي من طرق أهل البيت عليهمالسلام ؛ وقد خرّجه مسـلم في صحيحه ٧ / ١٣٠ ، والترمذي في سـننه ٥ / ٣٢٧ ـ ٣٢٨ ح ٣٢٠٥ وص ٦٢١ ح ٣٧٨٧ وص ٦٥٦ ـ ٦٥٧ ح ٣٨٧١ ، والنسـائي في سـننه الكبرى ٥ / ١٠٧ ـ ١٠٨ ح ٨٣٩٩ ، وأحمد في مسـنده ١ / ٣٣١ وج ٣ / ٢٥٩ و ٢٨٥ وج ٤ / ١٠٧ وج ٦ / ٢٩٢ و ٣٠٤ و ٣٢٣ ، وفي فضائل الصحابة ٢ / ٧٢٧ ـ ٧٢٨ ح ٩٩٤ ـ ٩٩٦ ، والبخاري في تاريخه الكبير ٨ / ٢٥ رقم ٢٠٥ كتاب الكنى ، والطبراني في المعجم الكبير ٣ / ٥٢ ـ ٥٦ ح ٢٦٦٢ ـ ٢٦٧٣ وج ٩ / ٢٥ ـ ٢٦ ح ٨٢٩٥ ، وج ٢٣ / ٣٣٣ ـ ٣٣٤ ح ٧٦٨ ـ ٧٧١ و ٧٧٣ وص ٣٣٧ ح ٧٨٣ ، وفي المعجم الأوسـط ٣ / ٣٩ ح ٢٢٨١ وج ٧ / ٣٦٩ ح ٦٧١٤ ، وفي المعجم الصغير ١ / ٦٥ و ١٣٥ ، وأبو يعلى في مسـنده ٧ / ٥٩ ـ ٦٠ ح ١٢٢٣ و ١٢٢٤ ، والبزّار في مسـنده ٣ / ٣٢٤ ح ١١٢٠ وج ٦ / ٢١٠ ح ٢٢٥١ وج ١٣ / ٣١٤ ح ٦٩١١ ، وابن حبّان في صحيحه ٩ / ٦١ ح ٦٩٣٧ ، والحـاكم في المسـتدرك ٢ / ٤٥١ ح ٣٥٥٨ و ٣٥٥٩ وج ٣ / ١٦٠ ح ٤٧٠٩ ، وعبـد بن حميد في منتخبه : ١٧٣ ح ٤٧٥ وص ٣٦٧ ـ ٣٦٨ ح ١٢٢٣ ، والطيالسي في مسـنده : ٢٧٤ ح ٢٠٥٩ ، وابن أبي شـيبة في المصنّف ٧ / ٥٠١ ح ٣٩ و ٤٠ وص ٥٢٧ ح ٤ ، وابن أبي عاصم في السُـنّة : ٥٨٩ ح ١٣٥١ ، وابن جرير في تفسـيره ١٠ / ٢٩٦ ـ ٢٩٨ ح ٢٨٤٨٥ ـ ٢٨٥٠٢ ، والبيهقي في السـنن الكبرى ٢ / ١٤٩ وج ٧ / ٦٣ ، وابن عسـاكر في تاريخـه ١٣ / ٢٠٢ ـ ٢٠٧ ح ٣١٧٩ ـ ٣١٨٨
وكآيـة المباهلة(١) ؛ وذلك أنّـه يسـتحيل مِن أن يباهل بأحد من
__________________
وص ٢٦٨ ـ ٢٧٠ وج ١٤ / ١٣٧ ـ ١٤٨ ح ٣٤٤١ ـ ٣٤٦٠.
ولا يخفى أنّ هذه الطرق تربو على حدّ التواتر على مبنى كثير من الجمهور فضلا عن تواتره من طرقنا.
الثانية : إنّ لفظـة «إنّما» محقّـقة لِما أُثبت بعدهـا ـ وهو إرادة الطهارة من الرجس ـ ، نافية لِما لم يثبت ـ وهو عدمهـا ـ ، وهو وصف سـلبي عَـمّ غير الخمسـة عليهمالسلام ، فلو كان المراد من الإرادة التعميم ، لانتفت أيّـة فضيلة في ذلك ، لاسـتواء المكلّفين في ذلك ، فلم يبق إلاّ الاختصاص ، وهو الحـقّ.
والمتحصّل ممّا تقـدّم ثبوت إمامة عليّ عليهالسلام ؛ لأنّـه لا خلاف في أنّـه عليهالسلام ادّعى الخلافة لنفسـه ، والكذب من أعظم الرجس ، ولا سـيّما في مثل هكذا دعوى ، فيكون صادقاً بالضرورة ، وينتفي بذلك أيّ أثر لدعوى الإجماع المزعوم.
(١) وهي قوله تعالى : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَـاءَنَا وَنِسَـاءَكُمْ وَأَنْفُسَـنَا وَأَنْفُسَـكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِل فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ الله عَلَى الْكَاذِبِينَ) سـورة آل عمران ٣ : ٦١ ..
فعندما نزلت خرج النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بعليّ وفاطمـة والحسـن والحسـين عليهمالسلام إلى مباهلة وفد نصارى نجران ؛ روي ذلك عن عليّ عليهالسلام ، وابن عبّـاس ، وحذيفة بن اليمان ، وأبي سـعيد الخدري ، وجابر بن عبـد الله ، والبراء بن عازب ، والزبير بن العوّام ، وطلحة بن عبيـد الله ، وعبـد الرحمن بن عوف ، وعثمان بن عفّان ، وسـعد ابن أبي وقّاص ، وسعيد بن زيد ، وأبي الطفيل الليثي ، وجدّ سلمة بن عبد يشـوع ، وأُمّ سـلمة.
وقد خرّجه مسلم في صحيحه ٧ / ١٢٠ ـ ١٢١ ، والترمذي في سـننه ٥ / ٢١٠ ح ٢٩٩٩ وص ٥٩٦ ح ٣٧٢٤ ، وأحمد في مسـنده ١ / ١٨٥ ، وفي الفضائل ٢ / ٩٧٤ ـ ٩٧٥ ح ١٣٧٤ ، والحاكم في المسـتدرك ٣ / ١٦٣ ح ٤٧١٩ ، وفي معرفة علوم الحديث : ٥٠ ، وابن سـعد في الطبقـات ٦ / ٤٠٦ ـ ٤٠٧ ، وعبـد الرزّاق في تـفسـيره ١ / ١٢٢ ، وابـن جـريـر فـي تـفـسـيـره ٣ / ٢٩٨ ـ ٢٩٩ ح ٧١٧٨ و ٧١٧٩ و ٧١٨٦ ، وابن المنذر في تفسـيره ١ / ٢٢٩ ح ٥٤٨ و ٥٤٩ ، والدورقي في مسـند سـعد : ٥١ ح ١٩ ، وابن شـبّة في تاريخ المدينة ٢ / ٥٨٣ ، والبيهقي في السـنن الكبرى ٧ / ٦٣ ، واللالكائي في شـرح أُصول السُـنّة ٧ / ١٤٥٧ ح ٢٦٣٤ ، وأبو نُعيم
الناس إلاّ إذا كان طهراً طاهراً أصله ، فلمّا كان النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) معصوماً ، كان الّذين يباهل بهم معصومين(١).
ويؤيّد ما قلناه قوله في آخر الآية : (فَـنَجْعَلْ لَعْـنَةَ الله عَـلَى الْكَـاذِبِينَ) بالإجماع(٢) ، ومَن وصفهم الله بالصدق لا يجوز منهم الكـذب(٣).
[الثاني :](٤) ٍ يجب أن نعرّف الأُمّـة ، ومعناها : إنّ الأُمّة في اللغة هي الجماعة ، وأقل الجماعة رجل وامرأة ، وقد قال الله تعالى : (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتـاً)(٥) فسـمّى واحداً أُمّـة ..
__________________
في دلائل النبوّة ٢ / ٣٥٣ ـ ٣٥٥ ح ٢٤٤ و ٢٤٥ ، والجصّاص في أحكام القرآن ٢ / ٢٣ ، والثعلبي في تفسـيره ٣ / ٨٥ ، والماوردي في تفسـيره ١ / ٣٩٨ ـ ٣٩٩ ، والواحدي في الوسـيط ١ / ٤٤٤ ـ ٤٤٥ ، وفي أسـباب النزول : ٥٧ ، وابن عسـاكر في تاريخه ٤٢ / ١١١ ـ ١١٢ ح ٨٤٦٩.
(١) للملازمة ، ولِما تقـدّم من دلالة آية التطهير على العصمة.
(٢) لأنّ الكذب نقيض الصدق ، وهو محال بحقّ من يُبتهل بهم إلى الله تعالى.
(٣) والمتحصّل ثبوت إمامة عليّ عليهالسلام ؛ لأنّـه لا خلاف في أنّـه عليهالسلام ادّعى الخلافة لنفسـه كما تقـدّم ، فيكون صادقاً في دعواه ؛ لثبوت صدقه بمفاد آية المباهلة ..
كما يمكن اسـتفادة الأمر من الله تعالى باتّباع عليّ عليهالسلام وتصديقه بضميمة مفاد قوله تعالى : (مَا كَانَ لأهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِـنَ الأعْـرَابِ أَن يَـتَخَلَّفُوا عَن رَسُـولِ الله وَلاَ يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِـهِمْ عَن نَفْسِـهِ) سـورة التوبة ٩ : ١٢٠.
ونفسُه ـ هنا ـ هو الإمام عليٌّ عليهالسلام ، ولو كان الضمير يعود إلى رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لقال : «ولا يرغبوا بأنفسـهم عنـه» ، كما هو مقـتضى البـلاغة ، وخصـوص المـورد لا يخصّـصه.
وهذه النكتة من مبتكرات الشـيخ حسـن بن الشـيخ جعفر كاشـف الغطاء قدسسره كما في العبقات العنبرية : ٣٣٩ ـ ٣٤٠.
(٤) ما بين المعقوفتين اسـتظهار منّا للأمر الثاني ، وإلاّ فهنا سـقط.
(٥) سـورة النحل ١٦ : ١٢٠.
وقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «رحم الله قسّـاً(١) ، يُحشر يوم القيـامة أُمّـة وحـده»(٢) ، فما ينكر أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ إن كان قال هذا الحديث ـ عنى به عليّـاً عليهالسلام ومَن تبعـه؟!
فقال(٣) : عني به السـوادَ الأعظم ، ومَن هو كان أكـثر عدداً.
فقال الشـيخ رحمهالله :
وجدنا الكثرة في كتاب الله عزّ وجلّ مذمومة ، والقلّة مرحومة محمودة في قوله عزّ وجلّ : (لاَ خَيْرَ فِي كَـثِير مِن نَجْوَاهُمْ)(٤) ، (بَلْ أَكْـثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ)(٥) ، (وَلكِـنَّ أَكْـثَرَهُمْ لاَ يَـعْلَمُونَ)(٦) ، (بَلْ أَكْـثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ)(٧) ، (وَلكِنَّ أَكْـثَرَهُمْ لاَ يَشْـكُرُونَ)(٨) ، (وَلكِنَّ
__________________
(١) هو : قـسّ بن سـاعدة بن عمرو الإيادي ، خطيب العرب وحكيمها في عصره ، وبه يضرب المثل «أخطب من قسّ» ، وهو أوّل من قال في كلامه : «أمّا بعـد» ، رآه رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يخطب في عكاظ قبل النبوّة ، وتوفّي قبل البعثة بنحو عشـر سـنين.
انظـر : الأغـاني ١٥ / ٢٣٦ ، مجمـع الأمثـال ـ للميـداني ـ ١ / ١٩٥ رقم ٥٦٧ وص ٤٦٠ رقم ١٣٨٠ ، جمهرة أمثال العرب : ٣٢٧ ـ ٣٢٨ ، عيون الأثر ١ / ٨٦ ، الإصابة ٥ / ٥٥١ رقم ٧٣٤٥.
(٢) رواه أبو نُعيم في دلائل النبوّة ١ / ١٠٥ ذ ح ٥٥ ، والبيهقي في دلائل النبوّة ٢ / ١١٣ ، وابن عسـاكر في تاريخ دمشـق ٣ / ٤٣٦.
(٣) أي السـائل ، وهو أبو القاسـم.
(٤) سـورة النسـاء ٤ : ١١٤.
(٥) سـورة العنكبوت ٢٩ : ٦٣.
(٦) سـورة الأنعام ٦ : ٣٧ وآيات أُخر.
(٧) سـورة البقرة ٢ : ١٠٠.
(٨) سـورة يونس ١٠ : ٦٠.
أَكْـثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ)(١) ، (وَأَنَّ أَكْـثَرَكُمْ فَاسِـقُونَ)(٢) ، (وَمَـا وَجَـدْنَا لأَكْـثَرِهِمْ مِنْ عَهْد وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْـثَرَهُمْ لَفَاسِـقِينَ)(٣).
وقال الله تعالى في مدح القلّة : (إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ)(٤) ، (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّـكُورُ)(٥) ، (وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ)(٦)](٧).
[وإنّ الذي يؤيّـد تخصيـص الأُمّـة هو ما قاله الله تعالى عن أُمّة موسى عليهالسلام : (وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالحَقِّ وَبِهِ يَـعْدِلُونَ)(٨) ، وعن أُمّة نبيّنا قال : (وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ)(٩).
وهنا سـكت السـائل](١٠).
قال الملك :
كيف [يجوز الارتداد على العدد الكـثير مع قرب العهد بموت صاحب الشـريعة؟!
__________________
(١) سـورة الأنعام ٦ : ١١١.
(٢) سـورة المائدة ٥ : ٥٩.
(٣) سـورة الأعراف ٧ : ١٠٢.
(٤) سـورة ص ٣٨ : ٢٤.
(٥) سـورة سـبأ ٣٤ : ١٣.
(٦) سـورة هود ١١ : ٤٠.
(٧) ما بين المعقوفتين أثبتـناه من نسـخة البحراني.
(٨) سـورة الأعراف ٧ : ١٥٩.
(٩) سـورة الأعراف ٧ : ١٨١.
(١٠) ما بين المعقوفتين أثبتـناه من نسـخة التسـتري.
فقال الشـيخ :
وكيف](١) لا يجوز الارتداد عليهم مع قول الله تعالى : (وَمَا مُحمَّـدٌ إِلاَّ رَسُـولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُـلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْـقَلَبْتُمْ عَـلَى أَعْقَابِكُمْ)(٢) الآيـة؟!(٣) ..
__________________
(١) ما بين المعقوفتين أثبتـناه من نسـخة البحراني.
(٢) سـورة آل عمران ٣ : ١٤٤.
(٣) والوجه في ذلك ـ كما هو المسـتفاد من كلام الشـيخ المظفّر في دلائل الصدق ٢ / ٢٥ وج ٣ / ٢٠١ وج ٤ / ٢١١ ـ ، أنّ الاسـتفهام في الآية ليـس على حقيقته ، وإلاّ لاسـتلزم نسـبة الجهل إليه ، تعالى عن ذلك علـوّاً كبيراً.
وعليـه : لا بُـدّ أن يكون المراد به الإنكار أو التوبيخ ، وكلٌّ منهما لا يكون إلاّ على أمر محقّق ضرورة ، فيكون انقلابهم بعد موت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) محقّـقاً ؛ ولذا قال تعالى : (انْـقَلَبْتُمْ) بصيغة الماضي ، تنبيهاً على تحقّـقه.
ولا يخفى أنّ الصحابة بعد موت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يعدلوا عن الشـهادتين ، فيتعيّن أن يراد به أمر آخر ، وهو إنكار إمامة عليّ عليهالسلام ودفعه عن حقّه ؛ إذ لم يصدر منهم ما يكون وجهاً لانقلابهم عموماً غيره بالإجماع.
ولا ينافيه أنّ الآية نزلت يوم أُحد ـ عند فرار الصحابة وتركهم رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)في ساحة المعركة ؛ إذ لم يبق معه إلاّ عليٌّ عليهالسلام ، وأبو دجانة ، وسهل بن حنيف ، على التحقيق ـ ، فإنّ سـببيّـة نزولها في ذلك لا تمنع صراحتها في وقوع الانقلاب بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كما يقتضيه الترديد في الآية بين الموت والقتل ، فإنّ ما وقع يوم أُحد إنّما هو لزعم القتل.
وهذا ما أكّـده عليٌّ أمير المؤمنين عليهالسلام في ما رواه النسائي في سـننه الكبرى ٥ / ١٢٥ ح ٨٤٥٠ ، وأحمد في الفضائل ٢ / ٨١٠ ح ١١١٠ ، والطبراني في المعجم الكبير ١ / ١٠٧ ح ١٧٦ ، وابن المنذر في تفسـيره ١ / ٤١٥ ح ٩٩٨ ، وابن أبي حاتم في تفسـيره ٣ / ٧٧٧ ح ٤٢٦١ ، والحاكم في المسـتدرك ٣ / ١٣٦ ح ٤٦٣٥ وصحّحه وأقـرّه الذهبي ، والمحاملي في أماليه : ١٦٣ ح ١٣٤ ، وخرّجه الهيثمي في مجمع
وانقلابهم على أعقابهم هو الرجوع إلى ما كانوا عليه من الكفر قبل البعثة ، وليـس ارتدادهم بعد موت نبيّهم بأعجب من ارتداد بني إسـرائيل حين خرج موسى إلى مناجاة ربّه واسـتخلف عليهم أخاه هارون ، [وقال :
__________________
الزوائد ٩ / ١٣٤ وقال : «رجاله رجال الصحيح» ، عن ابن عبّـاس ، قال : «إنّ عليّـاً كان يقول في حياة رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : إنّ الله عزّ وجلّ يقول : (أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْـقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ) ، والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله ، ولئن مات أو قُتل لأُقاتلنّ على ما قاتل عليه حتّى أموت ، والله إنّي لأخوه ووليّه وابن عمّه ووارثه ، فمن أحقّ به منّي؟!».
والذي يؤكّد ارتداد أكـثر الصحابة ، وانقلابهم على أعقابهم ، ما رواه البخاري ومسـلم في عدّة مواضع من صحيحيهما ، ومن ذلك ما خرّجه البخاري في صحيحه ج ٨ / ٢١٧ ح ١٦٦ باب في الحوض ، عن أبي هريرة ، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، قال : «بينا أنا قائم إذا زمرة حتّى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم ، فقال : هلمّ!
فقلت : أين؟!
قال : إلى النار والله!
قلت : وما شـأنهم؟!
قال : إنّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقرى.
ثمّ إذا زمرة حتّى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم ، فقال : هلمّ!
قلت : أين؟!
قال : إلى النار والله!
قلت : ما شـأنهم؟!
قال : إنّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقرى.
فلا أراه يخلص منهم إلاّ مثل هَـمَـلِ الـنَّـعَم».
وما رواه البخاري في صحيحه ج ٨ / ٢١٨ ـ ٢١٩ ح ١٧١ ، ومسـلم في صحيحه ج ٧ / ٦٥ ، باب إثبات حوض نبـيّنا (صلى الله عليه وآله وسلم) ، عن أسـماء بنت أبي بكر ـ واللفظ للأوّل ـ ، قالت : قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «إنّي على الحوض حتّى أنظر مَن يرد علَيَّ منكم ، وسـيؤخذ ناس دوني ، فأقول : يا ربّ منّي ومن أُمّتي!
فيقـال : هـل شـعرت مـا عملـوا بعـدك؟! والله مـا برحـوا يرجعـون عـلى أعقابهم ...».
والأحاديث بهذا المعنى متواترة.
(اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَـتَّبِعْ سَـبِيلَ الْمُفْسِـدِينَ)(١) ، ووعد قومـه بأنّه يعود إليهم بعد ثلاثين ليلة ، وأتمّها الله بعشـر ، فتمّ ميقات ربّه أربعين ليلة ، فلم يصبر قومه إلى أن خرج فيهم السـامري وصنع لهم من حلـيّهم عجلا جسـداً له خوار ، فقال لهم : هذا إلهكم وإله موسى ، واسـتضعفوا هارون خليفة موسى ، وأطاعوا السـامري في عبادة العجل ، ولم يحفظوا في هارون وصيّـة موسى به ولا خلافته عليهم ، (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِـفاً قَالَ بِئْسَـمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْـرَ رَبِّـكُمْ وَأَلْقَـى الألْـوَاحَ وَأَخَـذَ بِـرَأْسِ أَخِيـهِ يَـجُـرُّهُ إِلَيْـهِ قَـالَ ابْـنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْـتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْـمِتْ بِيَ الأعْدَاءَ وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)(٢).
هذا ممّـا قصّ الله تعالى من تمام هذه القصّـة](٣).
وإذا جاز على بني إسـرائيل وهم أُمّـة رسـل الله من أُولي العزم ، وكانوا أضعاف أضعاف الصحابة من المهاجرين والأنصار [أن يرتـدّوا بغَيـبة موسى عليهالسلام بزيادة عشـر ليال ، حتّى خالفوا وصيّته وأطاعوا السـامري في عبادة العجل ، فكيـف لا يجوز على هذه الأُمّـة بعد موت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)أن تخالف وصيَّـه وخليفتَه وخيرَ الخلق بعده وتطيع سـامريَّ هذه الأُمّـة(٤)؟!
__________________
(١) سـورة الأعراف ٧ : ١٤٢.
(٢) سـورة الأعراف ٧ : ١٥٠.
(٣) ما بين المعقوفتين أثبتـناه من نسـخة البحراني.
(٤) وهذا ما بيّنه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله : «لتتّبعنّ سـنن مَن قبلكم ، شـبراً بشـبر ، وذراعاً بـذراع ، حـتّى لو سـلكوا [دخلـوا] جحر ضبّ لسـلكـتموه [لاتّبعـتموهم].
وإنّمـا عليٌّ عليهالسلام بمنـزلة هـارون من موسى ، إلاّ أنّـه لا نبيّ بعـد محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) ؛ لِما روي عن جميـع أهل النقل(١).
__________________
قلنا : يا رسـول الله! اليهود والنصارى؟!
قال : فمَـن؟!».
انظر : صحيح البخاري ٤ / ٣٢٦ ح ٢٤٩ وج ٩ / ١٨٤ ح ٩٠ ، صحيح مسـلم ٨ / ٥٧ ، سـنن ابن ماجة ٢ / ١٣٢٢ ح ٣٩٩٤ ، مسـند أحمد ٢ / ٣٢٧ و ٤٥٠ و ٥١١ و ٥٢٧ وج ٣ / ٨٤ و ٨٩ و ٩٤ ، المعجم الكبير ٦ / ١٨٦ ح ٥٩٤٣ ، مسـند أبي يعلى ١١ / ١٨٢ ح ٦٢٩٢ ، الإحسـان بترتيب صحيح ابن حبّان ٨ / ٢٤٨ ح ٦٦٦٨ ، المسـتدرك على الصحيحين ١ / ٩٣ ح ١٠٦ وص ٢١٩ ح ٤٤٥.
والأحاديث بهذا المعنى متواترة.
(١) انظر : صحيح البخاري ٥ / ٨٩ ح ٢٠٢ وج ٦ / ١٨ ح ٤٠٨ ، صحيح مسـلم ٧ / ١٢٠ ، سـنن الترمذي ٥ / ٥٩٦ ح ٣٧٢٤ وص ٥٩٩ ح ٣٧٣٠ و ٣٧٣١ ، سـنن ابن ماجة ١ / ٤٢ ـ ٤٣ ح ١١٥ وص ٤٥ ح ١٢١ ، السـنن الكبرى ـ للنسـائي ـ ٥ / ٤٤ ح ٨١٣٨ ـ ٨١٤٣ وص ١١٩ ـ ١٢٥ ح ٨٤٢٩ ـ ٨٤٤٩ وص ٢٤٠ ح ٨٧٨٠ ، مسـند أحمد ١ / ١٧٠ و ١٧٣ و ١٧٥ و ١٧٧ و ١٧٩ و ١٨٢ و ١٨٤ و ١٨٥ وج ٣ / ٣٢ و ٣٣٨ وج ٦ / ٣٦٩ و ٤٣٨ ، المعجم الكبير ١ / ١٤٦ ح ٣٢٨ وص ١٤٨ ح ٣٣٣ و ٣٣٤ وج ٢ / ٢٤٧ ح ٢٠٣٥ وج ٤ / ١٧ ح ٣٥١٥ وص ١٨٤ ح ٤٠٨٧ وج ٥ / ٢٠٣ ح ٥٠٩٤ و ٥٠٩٥ وج ١١ / ٦١ ح ١١٠٨٧ وص ٦٣ ح ١١٠٩٢ وج ١٢ / ٧٨ ح ١٢٥٩٣ وج ١٩ / ٢٩١ ح ٦٤٧ وج ٢٣ / ٣٧٧ ح ٨٩٢ وج ٢٤ / ١٤٦ ـ ١٤٧ ح ٣٨٤ ـ ٣٨٩ ، المعجم الأوسـط ٣ / ٢١١ ح ٢٧٤٩ وج ٤ / ٤٨٤ ح ٤٢٤٨ وج ٥ / ٤٣٩ ح ٥٣٣٥ وج ٦ / ٣٢ ح ٥٥٦٩ وص ١٣٨ ح ٥٨٤٥ وص ١٤٦ ح ٥٨٦٦ وج ٧ / ٣٦١ ح ٧٥٩٢ وج ٨ / ٧٤ ح ٧٨٩٤ ، المعجم الصغير ٢ / ٢٢ و ٥٤ ، مسـند أبي يعلى ١ / ٢٨٥ ـ ٢٨٦ ح ٣٤٤ وج ٢ / ٥٧ ح ٦٩٨ وص ٦٦ ح ٧٠٩ وص ٧٣ ح ٧١٨ وص ٨٦ ح ٧٣٨ و ٧٣٩ وص ٩٩ ح ٧٥٥ وص ١٣٢ ح ٨٠٩ وج ١٢ / ٣١٠ ح ٦٨٨٣ ، مسـند البزّار ٣ / ٢٧٦ ـ ٢٧٩ ح ١٠٦٥ و ١٠٦٦ و ١٠٦٨ وص ٢٨٣ ـ ٢٨٥ ح ١٠٧٤ ـ ١٠٧٦ وص ٣٢٤ ح ١١٢٠ وص ٦٣٨ ح ١١٧٠ وج ٤ / ٣٢ ـ ٣٣ ح ١١٩٤ وص ٣٨ ح ١٢٠٠ ، الإحسـان بترتيـب صحيـح ابن حبّـان ٨ / ٢٢١ ح ٦٦٠٩ وج ٩ / ٤٠ ـ ٤١ ح ٦٨٨٧ و ٦٨٨٨ ، المسـتدرك على الصحيحين ٢ / ٣٦٧ ح ٣٢٩٤
فقال الملك للشـيخ الفاضل :
ما سـمعت في المعنى كلاماً أحسـن من هذا ولا أبيـن!](١).
قال الشـيخ الفاضل :
أيّها الملك! زعم القائلون بإمامة أبي بكر أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يسـتخلف(٢) ، وقالوا : إنّـه وَكَـلَ الأُمّـةَ إلى نفسـها ليختاروا من شـاؤوا ، واسـتخلفوا هم أبا بكر وأقاموه إماماً لهم.
فإن كان ما فعله النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) مِن ترك الاسـتخلاف حقٌّ ، فالذي أثبتته الأُمّـة من الاسـتخلاف باطل!
__________________
وج ٣ / ١١٧ ح ٤٥٧٥ ، مسـندالطيالسـي : ٢٨ ح ٢٠٥ وص ٢٩ ح ٢٠٩ ، مسـند الحميـدي ١ / ٣٨ ح ٧١ ، مسـند سـعد ـ للـدورقـي ـ : ٥١ ح ١٩ وص ١٠٣ ح ٤٩ وص ١٣٦ ح ٧٥ و ٧٦ وص ١٣٩ ح ٨٠ وص ١٧٤ ـ ١٧٧ ح ١٠٠ ـ ١٠٢ ، مصنّف عبـد الرزّاق ٥ / ٤٠٦ ح ٩٧٤٥ وج ١١ / ٢٢٦ ح ٢٠٣٩٠ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سـعد ـ ٣ / ٢١ ـ ٢٣ ، مصنّف ابن أبي شـيبة ٧ / ٤٩٦ ح ١١ ـ ١٥ وج ٨ / ٥٦٢ ح ٤ ، السُـنّة ـ لابن أبي عاصم ـ : ٥٥١ ح ١١٨٨ وص ٥٨٦ ـ ٥٨٩ ح ١٣٣١ ـ ١٣٥١ وص ٥٩٥ ـ ٥٩٦ ح ١٣٨١ ـ ١٣٨٧ ، الجعديات ٢ / ٧٧ ح ٢٠٥٨ ، مسـند الشاشي ١ / ١٦١ ح ٩٩ وص ١٦٥ ـ ١٦٦ ح ١٠٥ و ١٠٦ وص ١٨٦ ح ١٣٤ وص ١٨٨ ـ ١٨٩ ح ١٣٧ وص ١٩٥ ح ١٤٧ و ١٤٨ ، علل الدارقطني ٤ / ٣٧٣ ـ ٣٧٦ رقم ٦٣٨ ، السـنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٩ / ٤٠ ، تاريخ دمشـق ٤٢ / ١٤٢ ـ ١٨٦ من طرق كثيرة جـدّاً.
(١) ما بين المعقوفتين أثبتـناه من نسـخة البحراني.
(٢) انظر : تمهيد الأوائل ـ للباقلاّني ـ : ٤٤٢ ، المواقف ـ للإيجي ـ : ٤٠٤ ، أُصول الدين ـ للغزنوي ـ : ٢٧٦.
وإن كان الذي أثبتـته الأُمّـةُ من الاسـتخلاف صواباً ، فالـذي فعلـه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) مِن ترك خطأ(١)!
فمَن يكون المخطئ ، هم أم هو؟!
قال الملك :
هم أَوْلى بالخطأ من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).
[قال الشـيخ رحمهالله :
فكيف يجوز أن يخرج النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) من الدنيا ولا يوصي بأمر الأُمّة إلى أحـد ، ونحن لا نرضى من عقلِ أكّار(٢) في قرية إذا مات وخلّف مسـحاةً وفأسـاً لا يوصي به إلى أحد من بعـده؟!
فقال الملك :
القول كما تقوله لا كما يقوله المخالفون](٣).
قال الشـيخ :
ونلـزمـهـم بحـجّـة أُخـرى ، وهـي أنّـهـم قـالـوا : إنّ النبـيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)
__________________
(١) وهو محال ؛ لمنافاته لعصمته (صلى الله عليه وآله وسلم) الواجبة عقلا وشـرعاً ، فضلا عن انتقاضه باسـتخلافه (صلى الله عليه وآله وسلم) لأحد الصحابة كلّما خرج عن المدينة ، غازياً كان أو معتمراً أو حاجّاً ، كما هو معروف.
(٢) الأكّارُ : الحَـرّاثُ أو الـزَّرّاعُ ؛ انظر مادّة «أكر» في : لسان العرب ١ / ١٦٩ ، تاج العروس ٦ / ٣١.
(٣) ما بين المعقوفتين أثبتـناه من نسـخة البحراني.
لـم يسـتخلف ؛ فخالفـوه باسـتخلافهم أبـي بكر ، وخـالف أبـو بكـر رسـولَ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فلم يتقيّد به في ترك الاسـتخلاف ـ على قولهم ـ واسـتخلف بعده عمر(١) ، ولم يتقـيّد عمرُ بالنبيّ في تـرك الاسـتخلاف ، ولا بأبي بكر في الاسـتخلاف على شـخص بعينه ، بل جعلها شـورى في قوم مخصوصين!(٢).
وكيف يصحّ ـ أيّها الملك ـ (أنّ النبيّ معصوم عليهالسلام ، الشفيق عليهم)(٣) كما قال الله تعالى : (حَـرِيصٌ عَـلَيْكُم بِـالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيـمٌ)(٤) أن يخرج من الدنيا ولم يوصِ أمر الله تعالى لأيّ أحد بعده ويخـالف ربّـه ويتركهـم مهمَلين مضلّين مختـلفين ، يضـرب بعضهـم رقاب بعض بالسـيف؟! مع أنّ الله تعالى أمرهم بالوصيّـة ، قال : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَـدَكُمُ الْمَـوْتُ إِن تَـرَكَ خَـيْراً الْوَصِـيَّةُ)(٥) ، قال تعـالى : (يُوصِيكُـمُ الله فِي أَوْلاَدِكُم لِلْـذَّكَـرِ مِـثْلُ حَظِّ الأنْثَيَيْنِ)(٦)الآيـة.
وقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «من مات بغير وصيّة مات ميتة جاهلية»(٧) ..
__________________
(١) انظر : تمهيد الأوائـل : ٤٦٨ ، الأحـكام السـلطانية ـ للمـاوردي ـ : ١١ ، الإرشـاد ـ للجـويني ـ : ٣٦٢ ، أُصول الدين ـ للغزنوي ـ : ٢٧٩.
(٢) انظر : تمهيـد الأوائل : ٤٦٨ ، الأحكـام السـلطانية ـ للمـاوردي ـ : ١١ ، الإرشـاد ـ للجويني ـ : ٣٦٢.
(٣) كـذا.
(٤) سـورة التوبة ٩ : ١٢٨.
(٥) سـورة البقرة ٢ : ١٨٠.
(٦) سـورة النسـاء ٤ : ١١.
(٧) المقنعة : ٦٦٦ ، الحاوي الكبير ـ للماوردي ـ ١٣ / ٨ ، النهاية ـ للطوسي ـ : ٦٠٤ ، السـرائر ٣ / ١٨٢ ، المجموع شـرح المهذّب ١٥ / ٣٩٩.
فنسـبوا نبيّهم إلى الجهل(١)!!
وإذا أمرهـم بالوصيّـة في أموالهـم وأولادهـم وأُمـور دنيـاهم ، كيف لا يأمر نبيّه في أمر الدين والمعاد ، وهو الوصيّـة بالخلافة إلى أفضل أُمّته يقوم فيهم مقامه ؛ ليكون حافظاً لشـريعته ، مفسّـراً للكـتاب ، عنده عِلم ما تحتـاج إليه الأُمّـة؟!
ولو صحّ ما ادّعوه ، أنّ الله تعالى رضي باختيار الأُمّـة لأنفسـها في اسـتخلاف مَن شـاؤوا ، لم يحتج إلى بعثـة نبيّ يهديها إلى مصالحها ، ولكـان بعثـته إليها ضلال وعبث ، وكان من اختيار الكفرة عبادةَ الأصنام حـقٌّ ، وذلك لا يجوز في حكمته تعالى .. بل نقول :
إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أوصى إلى أمير المؤمنين عليهالسلام بإمرة المؤمنين مِن بعده بنصوص مشهورة نقلها الجمهور في كتبهم ؛ كحديث غدير خُـمّ(٢)
__________________
(١) وهذا ما أكّده ابن عبّـاس رضیاللهعنه بقوله : «من زعم أنّ رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مات بغير وصيّـة فقد كـذّبَ اللهَ وجهّلَ نبيَّـه» ؛ كما في تفسـير فـرات الكوفي ١ / ٣١٥ ـ ٣١٦ ح ٤٢٤.
(٢) لا يخفى على المتتـبّع أنّ حديث الغدير لا يقتصر على قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «مَن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه» ، بل يضمّ معه حديث الـثِّـقْـلَين ؛ فإنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قالهما في مقام واحد ، وإنْ كان النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قد قال كلاًّ منهما بمفرده في مناسـبات متعدّدة.
وقد خرّج جمع من أصحاب الصحاح والسـنن والمسانيد والمعاجم والمسـتخرجات ؛ النصَّ على أنّ حديث الـثِّـقْـلَين قد قاله النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بماء يُـدعى خُمّـاً بين مكّـة والمدينـة ؛ فمنهم مثلا : مسلم في صحيحه ٧ / ١٢٢ ـ ١٢٣ ، والنسـائي في السـنن الكبرى ٥ / ٥١ ح ٨١٧٥ ، والطبراني في المعجم الكبير ٥ / ١٨٢ ـ ١٨٣ ح ٥٠٢٦ ـ ٥٠٢٨ ، والبزّار في مسـنده ١٠ / ٢٣١ ح ٤٣٢٤ وص ٢٤٠ ح ٤٣٣٦ ، وابن خزيمة في صحيحه ٤ / ٦٢ ـ ٦٣ ح ٢٣٥٧ ، وابن أبي عاصم في السُـنّـة : ٦٢٩ ح ١٥٥٠ ـ ١٥٥٢ ، وعبـد بن حميد في المنتخب من مسـنده :
وغيـره(١).
[فأيّ بيان أوضح من هذا؟!](٢).
قال الملك :
[هذا بيان واضح](٣) ، فأيّ شيء ورد لهم في إمامة أبي بكر؟
قال الشـيخ :
أعظم شـبههم في ذلك أنّهم زعموا أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قدّمه في الصلاة
__________________
١١٤ ح ٢٦٥ ، والطحاوي في مشـكل الآثار ٤ / ٢٥٤ ح ٣٧٩٧ ، والبيهقي في السـنن الكبرى ٢ / ١٤٨.
وممّـن خـرّجه بلفظ الجمـع بين النصَّـين : النسـائي في السـنن الكبـرى ٥ / ٤٥ ح ٨١٤٨ وص ١٣٠ ح ٨٤٦٤ ، والطبراني في المعجم الكبير ٥ / ١٦٦ ـ ١٦٧ ح ٤٩٦٩ ـ ٤٩٧١ وص ١٧١ ـ ١٧٢ ح ٤٩٨٦ ، وابن أبي عاصم في السُـنّة : ٦٣٠ ح ١٥٥٥ ، والحاكم في المسـتدرك على الصحيحين ٣ / ١١٨ ح ٤٥٧٦ و ٤٥٧٧ وصحّحه وأقـرّه الذهبي ، وص ٦١٣ ح ٦٢٧٢ وصحّحه هو والذهبي ، وابن عسـاكر في تاريخ دمشق ٤٢ / ٢١٣ و ٢١٩ ، وغيرهم.
ولا يخفى بلوغ حديث الـثِّـقْـلَين درجة التواتر ، فقد روي عن أكثر من ثلاثين صحابياً ، وكذا حديث «مَن كنتُ مولاه» الذي بلغ رواته من الصحابة أكثر من مئة ، وقد خرّجهما السـيوطي ونوح الحنفي في رسـالتيهما في الأحاديث المتواترة ، والزبيدي خرّج الثاني في «لقط اللآلي» ؛ وبذلك يحصل تواتر الكلّ لتواتر أطرافه.
وبضميمة حديث الـثِّـقْـلَين إلى حديث «مَن كنتُ مولاه» ، ينتفي ما أُثير من لغط حول صرف المعنى الظاهر للمولى إلى معان أجنبية عن المقام ، وإلاّ لاسـتلزم أن يكون النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عابثاً ، وهو المنزّه عن العبث والخطأ ضرورةً.
(١) كحديث الدعوة والإنذار ، والوصيّة ، والولاية في قوله تعالى : (إِنَّمَا وَلِيُّـكُـمُ الله وَرَسُـولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ).
(٢) ما بين المعقوفتين أثبتـناه من نسـخة البحراني.
(٣) ما بين المعقوفتين أثبتـناه من نسـخة البحراني.
بالناس.
وهذا خبر باطل(١) ؛ [لأمـرين :
الأوّل :](٢) لأنّهم اختلفوا ؛ فمنهم من قال : إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لعائشـة : مري أباك أن يصلّي بالنـاس ؛ [وأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لمّـا عرف تقدّم أبي بكر خرج متّـكـئـاً على عليّ عليهالسلام وعلى الفضل بن العبّـاس(٣) حتّى
__________________
(١) ويكفي في ثبوت بطلانه ما صنّفه الحافظ أبو الفرج عبـد الرحمن بن الجوزي الحنبلي ، المتوفّى ٥٩٧ هـ ، في الردّ على المحدّث أبي العزّ عبـد المغيث الحنبلي ، فقد أفرد بالتصنيف رسـالة ردّ فيها على المحدّث المذكور ، وسـمها بـ «آفة أصحاب الحديث» أجاد فيها وأفاد ، وأثبت بالأدلّة القاطعة بطلان صلاة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) خلف أبي بكر ، وقد قسّمها إلى سـتّة أبواب ، وعنون هذه الأبواب كما يلي ـ واللفط له ـ :
الباب الأوّل : في إقامة الدليل من النقل الصحيح على أنّ أبا بكر لم يصلّ برسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
الباب الثاني : في بيان إجماع الفقهاء على ذلك ، وتفريعهم المسـائل عليه ، وأنّ مذهب أحمد بن حنبل لا يختلف في ذلك ، ليتبيّن لهذا الجاهل أنّه قد خالف مذهبه.
الباب الثالث : في بيان وهن الأحاديث التي احتجّ بها.
الباب الرابع : في بيان الجمع بين الأحاديث على تقدير الصحّة لِما نقل.
الباب الخامس : في بيان نفي النقص عن أبي بكر ، لعدم صلاة الرسـول خلفه ، وأنّ ما جرى من الحال كان أفضل.
الباب السـادس : في بيان فسـاد احتجاجه من جهة المعاني وإبطال ما زعمه برأيه الفاسـد.
وأجاد الشـيخ المظفّر قدسسره في ردّه على الفضل بن روزبهان حول صلاة أبي بكر بالنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في «دلائل الصدق» ج ٦ / ٥٥٩ ـ ٥٧١.
وللسـيّد عليّ الحسـيني الميلاني ـ حفظه الله ـ رسـالة قيّمة في صلاة أبي بكر في مرض النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).
(٢) ما بين المعقوفتين إضافة منّـا لمقتضى السـياق.
(٣) والمرويّ عن عائشة ـ في ما رواه عنها عبيـد الله بن عبـد الله بن عتبة ـ ، أنّها
دخل المسجد فنحّى أبا بكر وصلّى بالناس قاعداً ، وأبو بكر خلفه ، والناس كانت خلف أبي بكر](١) ..
ومنهم من قال : إنّـه أمره بالصلاة مشـافهة ، ثمّ خرج مسـرعاً وعزله وصلّى جالسـاً ..
ومنهم من قال : إنّـه أزال أبا بكر عن المحراب ..
ومنهم من قال : إنّـه بقي معه في المحراب يصلّيان جميعاً بالناس ..
ومنهم من قال : إنّ أحداً لم يقتدِ برسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والمسـلمون كلّهم اقتدوا بأبي بكر(٢).
__________________
قالت : خرج رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) متّـكـئاً على الفضل بن العبّـاس ورجل آخر ، تخطّ رِجلاه في الأرض ..
قال عبيـد الله : فأخبرت ابن عبّـاس بما قالت.
قال : فهل تدري مَن الرجـل الآخر الذي لم تسـمّه عائشة؟!
قال : قلت : لا!
قال ابن عبّـاس : هو عليٌّ! إنّ عائشة لا تطيب له نفسـاً بخير!
انظر : مسـند أحمد ٦ / ٣٤ و ٢٢٨ ، مسـند الحميدي ١ / ١١٤ ح ٢٣٣ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٢ / ١٧٩ ، صحيح البخاري ١ / ١٠١ ح ٦١ كتاب الوضوء وص ٢٦٩ ح ٥٧ وص ٢٧٩ ح ٧٨ كتاب الأذان ، وج ٦ / ٣٢ ح ٤٣٢ كتاب المغازي ، صحيح مسلم ٢ / ٢١ ـ ٢٢ ، سـنن ابن ماجة ١ / ٥١٧ ح ١٦١٨ كتاب الجنـائز.
أقـول : وقد أسـقطوا جملة «إنّ عائشة لا تطيب له نفسـاً بخير» من صحيحَي البخاري ومسـلم وسـنن ابن ماجـة ؛ فتـدبّـر!
(١) ما بين المعقوفتين أثبتـناه من نسـخة البحراني.
(٢) ومنهم من قال : إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : مروا أبا بكر فليصلّ بالناس ..
ومنهم من قال : إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : مروا من يصلّي للناس ؛ فصلّى عمر بالناس ، فلمّا سـمع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) صوته قال : فأين أبو بكر؟! ..
[ومنهم من روى أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر حفصة أن تأمر أباها أن يصلّي بالناس ؛ وهذا الخبر لا يصـحّ ؛ لأنّ المهاجرين والأنصار لم يحتجّـوا به ، ولا ذكروه يوم السـقيفة](١).
فهذه عندهم فضيلة صاحبهم التي يسـتحقّ بها الإمامـة(٢).
__________________
ومنهم من قال : إنّها صلاة الصبح ..
ومنهم من قال : إنّها صلاة الظهر ..
ومنهم من قال : إنّها كانت يوم الاثنين ..
ومنهم من قال : إنّها كانت يوم الأحد ..
وما التضارب في متن الخبر ، والاختلاف في تعيين أيّـة صلاة هي ، وفي أيّ يوم كانت ، إلاّ دليل على بطلان الحديث.
انظر الخبر ـ على اختلاف ألفاظه ـ في : الموطّـأ : ١٥٦ ح ٨٩ ، مسـند أحمد ١ / ٢٣١ و ٣٥٦ وج ٣ / ١٦٣ و ١٩٦ و ٢٠٢ وج ٤ / ٤١٢ وج ٥ / ٣٦١ وج ٦ / ٣٤
و ٩٦ و ١٥٩ و ٢٠٢ و ٢١٠ و ٢٢٤ و ٢٥١ و ٢٧٠ ، صحيح البخاري ١ / ٢٦٨ ح ٥٦ وص ٢٧٣ ـ ٢٧٥ ح ٦٩ ـ ٧٤ وص ٢٧٨ ح ٧٨ وص ٢٨٧ ح ١٠١ و ١٠٢ ، صحيح مسـلم ٢ / ١٩ ـ ٢٥ ، سـنن أبي داود ٤ / ٢١٥ ح ٤٦٦٠ و ٤٦٦١ ، سـنن الترمذي ٥ / ٥٧٣ ح ٣٦٧٢ ، سـنن النسـائي ٢ / ٩٩ ـ ١٠٢ ، سـنن ابن ماجة ١ / ٣٨٩ ـ ٣٩١ ح ١٢٣٢ ـ ١٢٣٥ ، سـنن الدارمي ١ / ٢٠٤ ح ١٢٥٥ ، المعجم الكبير ٧ / ٥٦ ـ ٥٧ ح ٦٣٦٧ ، مسـند أبي يعلى ٧ / ٤٥٢ ح ٤٤٧٨ وج ١٢ / ٦٢ ح ٦٧٠٤ ، مسـند البزّار ٤ / ١٢٧ ـ ١٢٨ ح ١٣٠٠ ، صحيح ابن خزيمة ٣ / ٥٣ ـ ٦٠ ح ١٦١٦ ـ ١٦٢٥ ، الإحسـان بترتيب صحيح ابن حبّان ٣ / ٢٧٨ ـ ٢٨٣ ح ٢١١٥ ـ ٢١٢٢ وج ٨ / ٢٠٢ ـ ٢٠٤ ح ٦٥٦٧ و ٦٥٦٨ وج ٩ / ١٣ ـ ١٤ ح ٦٨٣٤ ـ ٦٨٣٦ ، مصنّف عبـد الرزّاق ٥ / ٤٢٨ ـ ٤٣٣ ح ٩٧٥٤ ، مصنّف ابن أبي شـيبة ٢ / ٢٢٧ ـ ٢٢٩ ح ١ ـ ٩ ، شرح معاني الآثار ١ / ٤٠٥ ـ ٤٠٦ ، السـنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٣ / ٧٨ ـ ٨٣ ، تاريخ دمشق ٣ / ٢٥٨ ـ ٢٥٩ ، كنز العمّال ٧ / ٢٦٦ ح ١٨٨٣٤ عن أبي الشيخ في الأذان.
(١) ما بين المعقوفتين أثبتـناه من نسـخة البحراني.
(٢) انظر : تمهيد الأوائل : ٤٨٦ ، الإرشـاد ـ للجويني ـ : ٣٥٦ ، شـرح عقيدة الإمام مالك الصغير ـ للقيرواني ـ : ١٢٥ ـ ١٢٦ ، شـرح المقاصد ٢ / ٢٥٩ ، شـرح المواقف ٨ / ٣٥٦.
الثاني
: إنّـه لو كان صحيحاً لَما وجبت الإمـامة لأبي بكر ؛ لأنّ الخلافـة لـو وجـبت لأبي
بكر بالتقـديم في الصـلاة ، لوجـب أن يكـون عبـد الرحـمن بن عـوف أَوْلى بالإمامـة
من أبي بكر(١)
؛ لأنّـهم رووا أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) صلّى خلف عبـد الرحمن بن عوف
بغير خلاف بينهم(٢). [وكيف يلزمنا ـ أيّها الملك ـ قبول خبر عائشـة
وحفصة بجرّهما النفع إلى أبيهما وإلى أنفسهما ، ولا يلزمهم قبول قول فاطمـة عليهاالسلام وهي سـيّدة نسـاء العالمين(٣)
في ما ادّعته من أمر فدك ، وأنّ أباها نحلها إليها ، __________________ (١) لأنّ المسـتفاد من
الخبر المدّعى ، أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يعزله من الصلاة. (٢) انظر : الموطّـأ :
٣٦ ح ٤٣ ، مسـند أحمد ٤ / ٢٤٤ و ٢٤٧ ـ ٢٥٠ ، صحيح مسلم ٢ / ٢٦ ـ ٢٧ ، سـنن أبي داود
١ / ٣٦ ـ ٣٧ ح ١٤٩ وص ٣٨ ح ١٥٢ ، سـنن النسائي ١ / ٦٣ ، سنن ابن ماجة ١ / ٣٩٢ ح
١٢٣٦ ، سنن الدارمي ١ / ٢١٩ ـ ٢٢٠ ح ١٣٣٦ و ١٣٣٧ ، المعجم الكبير ٢٠ / ٤٢٦ ـ ٤٢٩ ح
١٠٣٠ ـ ١٠٤٠ ، صحيح ابن خزيمة ٣ / ٨ ـ ١٠ ح ١٥١٤ و ١٥١٥ وص ٦٩ ـ ٧٠ ح ١٦٤٢ ، الإحسـان
بترتيب صحيح ابن حبّان ٢ / ٣١٧ ح ١٣٤٤ ، منتخب عبـد بن حميد : ١٥٢ ح ٣٩٧ ، مسـند أبي
عوانة ١ / ٢١٧ ـ ٢١٨ ح ٧١٠ ، مسـند الطيالسي : ٩٥ ح ٦٩١ ، مصنّف عبـد الرزّاق ١ /
١٩١ ـ ١٩٢ ح ٧٤٧ و ٧٤٨ ، مصنّف ابن أبي شـيبة ٢ / ٢٢٩ ح ١٠ ، أمالي المحاملي : ٢٥٨
ح ٢٥٠ ، تاريخ دمشـق ٣٥ / ٢٥٧ ـ ٢٦٠. (٣) كما جاء في نصّ عن
النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وفي لفظ : «سـيدة نسـاء المؤمنين» ، وفي لفظ :
«سـيدة نسـاء أهل الجنّـة». انظر : صحيح البخاري ٥ / ٩١ و ١٠٥ ،
صحيح مسـلم ٧ / ١٤٣ ـ ١٤٤ ، سـنن الترمذي ٥ / ٦١٩ ح ٣٧٨١ ، السـنن الكبرى ـ
للنسائي ـ ٥ / ٨٠ ـ ٨١ ح ٨٢٩٨ وص ٩٥ ح ٨٣٦٥ وص ١٤٦ ـ ١٤٧ ح ٨٥١٥ ـ ٨٥١٧ ، سـنن ابن
ماجة ١ / ٥١٨ ح ١٦٢١ ، مسـند أحمد ١ / ٣٩١ وج ٦ / ٢٨٢ ومواضع أُخرى ، المعجم الكبير
٢٢ / ٤٠٢ ـ ٤٠٣ ح ١٠٠٥ و ١٠٠٦ وص ٤١٨ ـ ٤١٩ ح ١٠٣٢ و ١٠٣٣ ، مسـند البـزّار ٣ /
١٠٢ ح ٨٨٥ ، المسـتدرك عـلى الصحيـحـيـن ٣ / ١٦٤ ح ٤٧٢١ و ٤٧٢٢ وص ١٧٠ ح ٤٧٤٠ أ ،
مسـند الطيالسـي : ١٩٦ ـ ١٩٧ ح ١٣٧٣ ، مصنّف ابن أبي شـيبة ٧ / ٥٢٧ ح ٣ ، الطبقات
الكبرى ـ لابن سـعد ـ ١٠ / ٢٧.
مع كون فدك في يدها سـنين من حياته (صلى الله عليه وآله وسلم)(١) ، مع شـهادة عليّ والحسـن والحسـين عليهمالسلام وشـهادة أُمّ أيمن لها؟!(٢).
وكيف يصحّ هذا الخبر عندهم وقد رووا أنّ شـهادة البنت لأبيها غير جائزة(٣) ، وقولهم : إنّ شهادة النساء لا تجوز في عشرة دراهم ولا أقلّ إذا لم يكن معهنّ رجل(٤) ، ومع قولهم : إنّ شـهادة النسـاء على النصف من شـهادة الرجال(٥)؟!
__________________
(١) انظر : صحيح البخاري ٤ / ١٧٧ ـ ١٧٨ ح ٢ وج ٥ / ٢٨٨ ح ٢٥٦ وج ٨ / ٢٦٦ ح ٣ ، صحيح مسـلم ٥ / ١٥٣ ـ ١٥٥ ، سـنن أبي داود ٣ / ١٤٢ ح ٢٩٦٨ و ٢٩٦٩ ، سـنن الترمذي ٤ / ١٣٤ ـ ١٣٥ ح ١٦٠٨ و ١٦٠٩ ، سـنن النسـائي ٧ / ١٣٢ ـ ١٣٣ ، مسـند أحمد ١ / ٦ و ٩ ومواضع أُخر ، مسـند البزّار ١ / ١٢٤ ح ٥٤ ، مسـند أبي يعلى ١ / ٤٥ ح ٤٣ ، المعجم الأوسـط ٥ / ٤٤١ ح ٥٣٣٩ ، مسـند أبي عوانـة ٤ / ٢٥٠ ـ ٢٥٣ ح ٦٦٧٧ ـ ٦٦٨٤ ، الإحسـان بترتيب صحيح ابن حبّان ٧ / ١٥٦ ح ٤٨٠٣ ج ٨ / ٢٠٥ ـ ٢٠٦ ح ٦٥٧٣ ، مصنّف عبـد الرزّاق ٥ / ٤٧٢ ح ٩٧٧٤ ، السـنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٦ / ٣٠٠ ـ ٣٠١.
(٢) انظر : المعيار والموازنة : ٤٢ ، المحلّى ـ لابن حزم ـ ٩ / ٤١٥ ، معجم البلدان ٤ / ٢٧٢ رقم ٩٠٥٣ ، شـرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١٦ / ٢١٦ و ٢٢٠ ، المواقف : ٤٠٢ ، شـرح المقاصد ٥ / ٢٧٨ ، شـرح المواقف ٨ / ٣٥٦ ، الصواعق المحرقة : ٢١ ـ ٢٢ ، وفاء الوفا ٣ / ٩٩٩ ـ ١٠٠٠ ، السـيرة الحلبية ٣ / ٤٨٧ ـ ٤٨٨ ، الاختصاص : ١٨٤ ، تفسـير علي بن إبراهيم ٢ / ١٣٣ ، الشـافي ٤ / ٩٧.
(٣) انظر مؤدّاه في : سـنن الترمذي ٤ / ٤٧٤ ذ ح ٢٢٩٨ ، السـنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ١٠ / ٢٠١ ـ ٢٠٢ ، الحاوي الكبير ٢١ / ١٧٦ ـ ١٧٧ ، المبسـوط ـ للسـرخسـي ـ ١٦ / ١٢٢ ، المجموع شـرح المهذّب ـ للنووي ـ ٢٠ / ٣٣٤.
(٤) انـظـر : مـصنّـف عـبـد الـرزّاق ٨ / ٣٣٢ ح ١٥٤١٨ ـ ١٥٤٢٠ ، السـنـن الـكـبـرى ـ للبيهقي ـ ١٠ / ١٥١ ، المحلّى ـ لابن حزم ـ ٩ / ٣٩٦ ، المبسـوط ١٦ / ١٤٢ ـ ١٤٣ ، بداية المجتهد ـ لابن رشـد ـ ٦ / ٢١٥ ـ ٢١٦.
(٥) انظر : مصنّف عبـد الرزّاق ٨ / ٣٣٢ ح ١٥٤٢١ ، السـنن الكبرى ـ للبيهقي ـ
فقال الملك :
قولهم في هذا غير صحيح ، والحقّ والصدق في ما قاله الشـيخ الفاضل.
ثمّ قال الملك :
أيّها الشـيخ! لِم قلت : إنّ الائمّـة اثـنا عشـر ولله عزّ وجلّ مئة ألف نبيّ وأربعة وعشـرون ألف نبيّ؟!(١).
فقال الشـيخ :
أيّها الملك! إنّ الإمامة فريضة من فرائض الله ، وما أوجب الله فريضة غير معدودة ، ألا ترى أنّ فرض الصلاة في اليوم والليلة سـبعة عشـر ركعة ، وفرض الزكاة معلوم ، وهي عندنا على تسـعة أشـياء(٢) ، ووجوب الصوم معلوم وهو ثلاثون يوماً ، وبيّن مناسـك الحجّ وهي معدودة؟! وكذلك تكون الأئمّـة عدداً ، لا يجوز أن يقال بأكـثر ولا أقلّ.
فقال الملك :
فهل بيّن الله ذلك مجملا ، والنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بيّن عددها في سُـنّته ؛ لأنّ
__________________
١٠ / ١٥١ ، الحاوي الكبير ٢١ / ٢٢ ـ ٢٤ ، المحلّى ٩ / ٣٩٥ ـ ٣٩٦ ، المبسـوط ١٦ / ١١٥ ، بداية المجتهد ٦ / ٢١٦.
(١) انـظر : المسـتدرك عـلى الصحيـحيـن ٢ / ٦٥٢ ـ ٦٥٣ ح ٤١٦٦ ، السـنن الكبـرى ـ للبيهقي ـ ٩ / ٤ ، شـعب الإيمان ١ / ١٤٩.
(٢) وهي : النقدان ، والأنعام الثلاث ، والغلاّت الأربع.
السـنن إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)؟
فقال الشـيخ :
نعم ، قد بيّن الفرائض والسـنن كلّها بأمر الله تعالى ، قال الله تعالى : (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ)(١) ..
وإنّ الله تعالى قال : (وَأَقِيمُوا الْصَّلاَةَ)(٢) ، ولم يبيّن عدد ركعاتها وبيّنها النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ..
وقال تعالى : (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا)(٣) ، ولم يبيّن عدد الأصناف التي تجب عليها الزكاة ..
وقال تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ)(٤) ، ولم يبيّن حدوده وهيئته وبيّنها النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ..
وقال الله تعالى : (وَلله عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْـتَطَاعَ إِلَيْـهِ سَـبِيلاً)(٥) ، ولم يبيّن مناسـك الحجّ فبيّنها النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ..
كذلك قال الله تعالى : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِـيعُوا الله وَأَطِـيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ)(١١٦٦ ، ولم يبيّن عدد الأئمّة ، فبيّنها النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)
__________________
(١) سـورة النحل ١٦ : ٤٤.
(٢) سـورة البقرة ٢ : ٤٣ وآيات أُخر.
(٣) سـورة التوبة ٩ : ١٠٣.
(٤) سـورة البقرة ٢ : ١٨٣.
(٥) سـورة آل عمران ٣ : ٩٧.
(٦) سـورة النسـاء ٤ : ٥٩.
في سُـنّته(١) كما بيّن سائر الفرائض.
فقال الملك :
إنّ أمر الإمامة لم يوافقكم عليه مخالفوكم كما وافقوكم على عدد الفرائض.
__________________
(١) كقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «يكون اثنا عشـر أميراً ، كلّهم من قريش» ..
وفي لفظ : «يكون من بعدي اثنا عشـر خليفة ، كلّهم من قريش» ..
وفي لفظ : «إنّ هذا الأمر لا ينقضي حتّى يمضي اثنا عشـر خليفة ، كلّهم من قريش» .. ونحو ذلك.
انظر : صحيح البخاري ٩ / ١٤٧ ح ٧٩ ، صحيح مسـلم ٦ / ٣ ـ ٤ ، سنن أبي داود ٤ / ١٠٣ ح ٤٢٧٩ ـ ٤٢٨١ ، سنن الترمذي ٤ / ٤٣٤ ح ٢٢٢٣ ، مسـند أحمد ١ / ٣٩٨ و ٤٠٦ وج ٥ / ٨٦ ـ ٩٠ و ٩٢ ـ ١٠١ و ١٠٣ و ١٠٥ ـ ١٠٨ ، مسـند البزّار ١٠ / ١٥٣ ح ٤٢٢٤ وص ١٧٣ ح ٤٢٤٧ و ٤٢٤٨ وص ١٩٤ ـ ١٩٥ ح ٤٢٧٩ ـ ٤٢٨١ ، مسـند أبي يعـلى ٨ / ٤٤٤ ح ٥٠٣١ وج ٩ / ٢٢٢ ـ ٢٢٣ ح ٥٣٢٢ و ٥٣٢٣ وج ١٣ / ٤٥٦ ـ ٤٥٧ ح ٧٤٦٣ ، المعجـم الكبـير ٢ / ١٩٥ ـ ١٩٧ ح ١٧٩١ ـ ١٨٠١ وص ١٩٩ ح ١٨٠٨ و ١٨٠٩ وص ٢٠٨ ح ١٨٤٩ ـ ١٨٥٢ وص ٢١٤ ح ١٨٧٥ و ١٨٧٦ وص ٢١٥ ح ١٨٨٣ وص ٢١٨ ح ١٨٩٦ وص ٢٢٣ ح ١٩٢٣ وص ٢٢٦ ح ١٩٣٦ وص ٢٣٢ ح ١٩٦٤ وص ٢٥٣ ـ ٢٥٤ ح ٢٠٥٩ ـ ٢٠٦٣ وص ٢٥٥ ح ٢٠٦٧ ـ ٢٠٧١ وج ٢٢ / ١٢٠ ح ٣٠٨ ومواضع أُخرى كثيرة ، المعجم الأوسط ٢ / ١٢٢ ح ١٤٥٢ وج ٣ / ٢٧٩ ح ٢٩٤٣ وج ٤ / ٣٦٦ ح ٣٩٣٨ وج ٦ / ٢٨٥ ح ٦٢١١ ومواضع أُخر ، الإحسـان بترتيب صحيح ابن حبّان ٨ / ٢٣٠ ح ٦٦٢٦ ـ ٦٦٢٨ ، مسـند الطيالسـي : ١٠٥ ح ٧٦٧ وص ١٨٠ ح ١٢٧٨ ، مسـند أبي عوانة ٤ / ٣٦٩ ـ ٣٧٣ ح ٦٩٦٧ ـ ٦٩٩٨ ، السُـنّة ـ لابن أبي عاصم ـ : ٥١٨ ح ١١٢٣ ، المسـتدرك على الصحيحين ٣ / ٧١٥ ـ ٧١٦ ح ٦٥٨٦ و ٦٥٨٩.
وجاء في المودّة العاشـرة من كتاب مودة القربى ـ للهمداني ـ بلفظ : «كلّهم من بني هاشـم».
والمرويّ من طرقنا أكـثر تحديداً وأبين ؛ انظر : الغَيبة ـ للنعماني ـ : ٦٥ ـ ١٠٤ ح ١ ـ ٣٠ ، الغَيبة ـ للطوسي ـ : ١٣٧ ـ ١٥٧ ح ١٠١ ـ ١١٤.
فقال الشـيخ رحمهالله :
ليس يبطل قولنا في الإمامة بمخالفة مخالفينا ، كما لا يبطل الإسـلام ومعجزات النبيّ بمخالفة اليهود والنصارى والمجوس والبراهمة ، ولو بطل شـيء من مخالفة المخالفين لم يثبت في العالم شـيء ؛ لأنّ ما من شـيء إلاّ وفيه خلاف.
فقال الملك :
صدقت ، هذا هو الحقّ ، وأنتم عليه.
وأَوْلى الملك في تلك السـاعة لأمير المؤمنين عليهالسلام ، وسـبّ أعداءه ومَن شـايعهم على ذلك](١).
[فأثنى الملك على هذا الكلام ، وسـأل الشـيخ : ترى متى يظهر الإمام المهدي؟
قال الشـيخ :
لقد غيّب الله تعالى هذا الإمام لحكمة ومصلحة عن أعين الناس(٢) ، فينبغي أن لا يعلم بظهوره إلاّ الله ، كما إنّـه ورد في الحديث الشـريف :
__________________
(١) ما بين المعقوفتين أثبتـناه من نسـخة البحراني.
(٢) ورد في هذا المعنى حديث عن الإمام الصادق عليهالسلام رواه الشـيخ الصدوق في كمال الدين ٢ / ٤٨١ ـ ٤٨٢ ح ١١ ، والنيلي في منتخب الأنوار المضيئة : ٨١.
وانظر حول هذا المعنى : كلام الشـريف المرتضى في المقنع في الغَيبة : ٤١ ـ ٤٢ ، وكلام الشـيخ الطوسـي في الغَيبة : ٨٥ ـ ٨٦.
«مَـثَـلُ القائم مِن وُلدي مثل السـاعة»(١) حيث قال الله تعالى : (يَسْئَلُونَـكَ عَـنِ السَّـاعَةِ أَيَّـانَ مُرْسَـاهَا قُـلْ إِنَّمَـا عِلْمُهَـا عِنـدَ رَبِّـي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّـماوَاتِ وَالأرْضِ لاَ تأْتِـيكُمْ إِلاَّ بَغْتَـةً)(٢).
قال الملك :
كيف يمكن لإنسـان أن يعيش كلّ هذه السـنوات؟!
قال الشـيخ :
إنّ الله تعالى أخبر في كتابه بأنّ نوحاً عاش بين قومه ألف سـنة إلاّ خمسـين عاماً(٣).
قال الملك :
إنّ هذا الكلام صحيح ، لكن في زماننا لا تطول الأعمار إلى هذه المـدّة!
قال الشـيخ :
إنّ كلّ ما أخبر بوقوعه الله تعالى والنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو محتمل
__________________
(١) انظر : كفاية الأثر : ٢٥٠ ، كمال الدين ٢ / ٣٧٣ ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ / ٢٩٧ ح ٣٥ ، فرائد السـمطين ٢ / ٣٣٨ ح ٥٩١.
(٢) سـورة الأعراف ٧ : ١٨٧.
(٣) وهو قوله تعالى : (وَلَقَـدْ أَرْسَـلْنَا نُـوحاً إِلَى قَـوْمِهِ فَـلَبِثَ فِـيهِمْ أَلْفَ سَـنَة إِلاَّ خَمْسِـينَ عَاماً) سـورة العنكبوت ٢٩ : ١٤ ؛ وهذا هو زمن الدعوة فحسـب.
الحدوث ، وقد قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «يكون في أُمّتي كلّ ما يكون في الأُمم السـابقة حذو النعل بالنعل ، والقُـذّة بالقُـذّة(١)»(٢).
ولمّا كان احتمال طول العمر قائماً ، وأنّه لا بُـدّ من تحقّق ذلك في هذه الأُمّة ، فمن المناسـب حصول ذلك لدى أشـهر الأجناس من بني آدم ، وليـس هناك من هو أكـثر شـهرة من الإمام المهديّ ، فمن المناسـب أن تجري عليه سُـنّة طول العمر.
قال الملك :
إنّ الإمام الثاني عشـر غائب ومسـتور ، بينما الحاجة قائمة لتنصيب إمام بغية إقامة الأحكام وإعزاز الدين وإنصاف المظلوم ، ومتى كان غائباً
__________________
(١) الـقُـذَّة : ريـش السهم ، وجمعها : قَـذَذٌ وقِـذَاذ ؛ والحديث الشريف يُضرب مثـلا للشـيئين يسـتويان ولا يتفاوتان ؛ انظر مادّة «قذذ» في : لسان العرب ١١ / ٧١ ـ ٧٢ ، تاج العروس ٥ / ٣٨٨ ـ ٣٨٩.
(٢) انظر : سـنن الترمذي ٥ / ٢٦ ح ٢٦٤١ ، مسـند أحمد ٤ / ١٢٥ ، المعجم الكبير ٦ / ٢٠٤ ح ٦٠١٧ وج ٧ / ٢٨١ ح ٧١٤٠ وج ١٠ / ٣٩ ح ٩٨٨٢ وج ١٧ / ١٣ ح ٣ ، المسـتدرك على الصحيحين ١ / ٢١٨ ـ ٢١٩ ح ٤٤٤ و ٤٤٥ ، مصنّف عبـد الرزّاق ١١ / ٣٦٩ ح ٢٠٧٦٥ ، الجعديات ٢ / ٥١١ ح ٣٤٥٩ ، السُـنّة ـ لابن أبي عاصم ـ : ٢٥ ح ٤٥ ، الشـريعة ـ للآجري ـ : ٢٦ ـ ٢٧ ح ٢٩ ـ ٣١ ، شـرح اعتـقاد أهل السُـنّة ـ لللالكائي ـ ١ / ١١١ ح ١٤٥ ـ ١٤٧.
ونحوه في صحيح البخاري ٤ / ٣٢٦ ح ٢٤٩ وج ٩ / ١٨٤ ح ٨٩ و ٩٠ ، صحيح مسلم ٨ / ٥٧ ـ ٥٨ ، سنن الترمذي ٤ / ٤١٢ ـ ٤١٣ ح ٢١٨٠ ، سنن ابن ماجة ٢ / ١٣٢٢ ح ٣٩٩٤ ، مسند أحمد ٢ / ٣٢٧ وج ٣ / ٩٤ ، المعجم الكبير ٦ / ١٨٦ ح ٥٩٤٣ ، مصنّف عبد الرزّاق ١١ / ٣٦٩ ح ٢٠٧٦٤ ، السُنّة ـ لابن أبي عاصم ـ : ٣٦ ـ ٣٧ ح ٧٢ ـ ٧٥ ، الفتن ـ لنعيم بن حمّاد ـ : ٤٣٢ ، المستدرك على الصحيحين ١ / ٩٣ ح ١٠٦ ، مسند الروياني ٢ / ١٤٣ ح ١٠٧٣ ، الشريعة : ٢٦ ح ٢٧ و ٢٨.
مسـتوراً لم تعد الحاجة إليه قائمة!
قال الشـيخ :
إنّ الحاجة إلى وجود إمام هي لأجل بقاء نظام العالم ؛ إذ لولا الإمام لَما قامت السـماوات والأرض ، ولَما أنزلت السـماء قطرة ، ولا أخرجت الأرض بركتها ، وقد قال الله تعالى مخاطباً نبيّه : (وَمَا كَـانَ الله لِيُـعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيـهِمْ)(١).
ومتّى ما كان الله لا يعـذّبهم ما دام فيهم نبيّ ، فهو لا يعذّبهم ما دام فيهم إمام ؛ ذلك أنّ الإمام هو خليفة النبيّ في جميع الأُمور إلاّ في النبوّة ونزول الوحي ، وقد اتّفقت الرواة على أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : «النجوم أمان لأهل السـماء ، فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السـماء ما يكرهون ، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض ، فإذا هلك أهل بيتي أتى أهل الأرض ما يكرهون»(٢).
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «لو بقيت الأرض بغير حجّة سـاعة لسـاخت
__________________
(١) سـورة الأنفال ٨ : ٣٣.
(٢) انظر : فضائل الصحابة ـ لأحمد بن حنبل ـ ٢ / ٨٣٥ ح ١١٤٥ ، المعجم الكبير ٧ / ٢٢ ح ٦٢٦٠ ، المسـتدرك على الصحيحين ٢ / ٤٨٦ ح ٣٦٧٦ وج ٣ / ١٦٢ ح ٤٧١٥ ، مسـند الروياني ٢ / ١٦٧ ح ١١٥٢ وص ١٧٠ ـ ١٧١ ح ١١٦٤ و ١١٦٥ ، نـوادر الأُصـول ـ للحكيـم الترمـذي ـ ٢ / ١٠١ ، مـوضّـح أوهـام الجمـع والتـفريـق ـ للخطيب ـ ٢ / ٤٦٣ رقم ٤٦١ ، فردوس الأخبار ٢ / ٣٧٩ ح ٧١٦٦ ، تاريخ دمشـق ٤٠ / ٢٠ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٧٤ ، كنز العمّال ١٢ / ١٠١ ـ ١٠٢ ح ٣٤١٨٨ ـ ٣٤١٩٠ عن ابن أبي شـيبة ومسـدّد والحكيم الترمذي وأبي يعلى والطبراني وابن عسـاكر والحاكم.
بأهلها»(١).
وفي رواية أُخرى : «لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله»(٢).
ولمّا انتهى الشـيخ إلى هنا ، أكرمه الملك وأعرب هو والحاضرون في المجلس عن إيمانهم ، وقالوا : إنّ الحقّ مع هذه الفرقة وإنّ الآخرين على باطل ؛ ثمّ طلبوا من الشـيخ أن يحضر إلى مجلسـهم في أغلب الأوقات.
* وفي يوم آخر كان الملك ركن الدولة جالساً على عرشه ، فذكر الشـيخ وأثنى عليه كـثيراً.
فقال أحد الحاضرين : إنّ الشـيخ يعتقد أنّ رأس الإمام الحسـين عليهالسلامعندما كان على الرمح كان يقرأ سـورة الكهف.
فقال الملك : إنّي لم أسـمع ذلك منه ، لكنّي سـأسـأله ؛ ثمّ كتب رقعة إلى الشـيخ يسـأله بهذا الشـأن.
فلمّا وصلت إلى الشـيخ كتب في ردّه ، أنّهم رووا هذا الخبر عمّن سـمع الرأس المبارك يتلو عدّة آيات من سـورة الكهف(٣) ، ولم يرد هذا
__________________
(١) انظر : الكافى ١ / ١٧٩ ح ١٢ ، بصائر الدرجات : ٥٠٨ ـ ٥٠٩ ح ١ و ٢ و ٤ ـ ٨ ، الغَيبة ـ للنعماني ـ : ١٣٩ ـ ١٤٠ ح ٨ و ٩ و ١١ ، علل الشـرائع ١ / ٢٣١ ح ٥ وص ٢٣٣ ـ ٢٣٤ ح ١٥ ـ ٢١ ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ / ٢٤٦ ـ ٢٤٧ ح ١ ـ ٤ ، كمال الدين ١ / ٢٠١ ـ ٢٠٤ ح ١ و ٢ و ٤ و ٥ و ٨ و ١٤ و ١٥.
(٢) انظر : الكـافي ١ / ١٧٩ ح ١٠ و ١١ و ١٣ ، بصـائر الدرجـات : ٥٠٨ ح ٣ ، الغَيبة ـ للنعماني ـ : ١٣٩ ـ ١٤٠ ح ١٠ ، دلائل الإمامة ـ للطبري ـ : ٢٣٠ ، كمال الدين ١ / ٢٠٢ ـ ٢٠٣ ح ٣ و ٦ و ٩.
(٣) روى الجمهور تكلّم الرأس الشـريف عن المنهال بن عمرو ، وسـلمة بن كهيل.
انظر : تاريخ دمشـق ٢٢ / ١١٧ وج ٦٠ / ٣٦٩ ـ ٣٧٠ ، سـبل الهدى والرشـاد ١١ / ٧٦ ، الكواكب الدرّيّـة ـ للمناوي ـ ١ / ١٠٣ ، نور الأبصار ـ للشـبلنجي ـ :
الخبر عن أيّ من الأئمّة عليهمالسلام لكنّي لا أنكر ذلك ، بل أراه حقّاً ؛ ذلك أنّه لمّا جاز أن تتكلّم أيدي المذنبين وأرجلهم يوم القيامة كما ورد في القرآن : (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْـهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَـانُوا يَكْسِـبُونَ)(١) ، كذلك جاز أن يتـكلّم الرأس المبارك للإمام الحسـين عليهالسلامـ الذي هو خليفة الله تعالى ، وإمام المسـلمين ، وسـيّد شـباب أهل الجنّة ، وجدّه محمّـد المصطفى ، وأبوه عليٌّ المرتضى ، وأُمّه فاطمـة الزهراء ـ وينطق لسـانه بتلاوة القرآن.
بل إنّ إنكار ذلك هو في الواقع إنكار للقدرة الإلهيّة ، وفضل الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم).
والعجـب ممّـن ينـكر صـدور مثـل هـذا الأمـر عمّن بكت الملائكة في مصيبتـه ، ومطرت السـماء دماً في رزيّـته(٢) ، وناح عليه الجنُّ
__________________
١٤٩ ، إسـعاف الراغبين ـ للصبّـان ـ : ٢١٤.
وروي ذلك ـ أيضاً ـ عن سـهل الشـهرزوري ، وزيد بن أرقم ، والحارث بن وكيـدة.
انظر : مقتل أبي مخنف : ١٦٤ و ١٧٥ ، الإرشـاد ـ للمفيد ـ ٢ / ١١٧ ، الخصائص الكبرى ـ للسـيوطي ـ ٢ / ١٢٥ ، مناقب آل أبي طالب ـ لابن شـهر آشـوب ـ ٤ / ٦٨.
(١) سـورة يس ٣٦ : ٦٥.
(٢) انظر : المعجم الكبير ٣ / ١١٣ ـ ١١٤ ح ٢٨٣٥ ـ ٢٨٤٠ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سـعد ـ ٦ / ٤٥٥ ، الجرح والتعديل ٤ / ٢١٦ رقم ٩٤١ ، تفسـير ابن أبي حاتم ١٠ / ٣٢٨٩ ح ١٨٥٥٢ ، تفسـير الطبري ١١ / ٢٣٧ ح ٣١١٢٠ ، أنسـاب الأشـراف ٣ / ٤٢٤ ، دلائـل النبـوّة ـ لأبي نُـعيـم ـ ٢ / ٥٨١ ـ ٥٨٢ ح ٥٣٠ ، معـرفة الصحابـة ـ لأبي نُعيم ـ ٢ / ٦٦٢ رقم ٥٦١ وص ٦٦٧ ح ١٧٨٩ ، دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ ٦ / ٤٧١ ـ ٤٧٢ ، تاريخ دمشـق ١٤ / ٢٢٥ ـ ٢٢٩ من عدّة طرق وج ٦٤ / ٢١٧ ،
وأَعولوا(١)!
وإنّ كلّ من ينكر أمثال هذه الأخبار بالرغم من صحّة طرقها وقوّة أسـانيدها ، يمكنه أن ينكر جميع شـرائع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ومعجزاته ، وجميع ضروريات الدين والدنيا ؛ ذلك أنّ هذه الأُمور ـ أيضاً ـ وردتنا بمثل هذه الأسـانيد والطرق ، وبلغت مضامينها درجة الصحّة ؛ والحمد لله ربّ العالمين](٢).
* وممّا احتجّ به مخالفونا على تفضيل أبي بكر ، أنّ الله تعالى قد رضي عنه بقوله تعالى : (لَقَدْ رَضِيَ الله عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ)(٣) ، وكان أبو بكر منهم ، فإذا رضي عنه كان من أهل الجنّـة ويبطل قول من زعم أنّـه ظالم(٤).
__________________
تفسـير الثعلبي ٨ / ٣٥٣ ، تفسـير البغوي ٤ / ١٣٧ ، تاريخ حلب ـ لابن العديم ـ ٦ / ٢٦٣٤ ـ ٢٦٣٩ من عدّة طرق ، سـير أعلام النبلاء ٣ / ٣١٢ ، البداية والنهاية ٨ / ١٦١ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٩٦ ـ ١٩٧.
(١) انظر : فضائل الصحابة ـ لأحمد بن حنبل ـ ٢ / ٩٧٣ ـ ٩٧٤ ح ١٣٧٣ ، المعجم الكبير ٣ / ١٢١ ـ ١٢٢ ح ٢٨٦٢ و ٢٨٦٥ ـ ٢٨٦٩ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سـعد ـ ٦ / ٤٥٤ ، تاريخ الطبري ٣ / ٣٤٢ ، معرفة الصحابة ـ لأبي نُعيم ـ ٢ / ٦٦٢ وص ٦٦٨ ـ ٦٦٩ ح ١٧٩٠ ـ ١٧٩٤ ، تاريخ دمشـق ١٤ / ٢٣٩ ـ ٢٤٢ من عدّة طرق ، تاريخ حلب ـ لابن العديم ـ ٦ / ٢٦٤٩ ـ ٢٦٥٤ ، سـير أعلام النبلاء ٣ / ٣١٦ ـ ٣١٧ ، البداية والنهاية ٨ / ١٥٨ ـ ١٦١ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٩٩.
(٢) ما بين المعقوفتين أثبتـناه من نسـخة التسـتري.
(٣) سـورة الفتح ٤٨ : ١٨.
(٤) لا يمكن حمل الآية على إطلاقها ؛ لأنّـه يسـتلزم الجبر المنافي للاختيار ، وهو محال ضرورة ، فضلا عن انتقاض عمومها بعبـد الله بن أُبَيّ بن سـلول وأصحابه ، فإنّه ممّن بايع تحت الشـجرة ـ بالرغم من أنّ قريشـاً عرضت عليه دخول مكّة والطواف بالبيت ، ولكنّه أبى وقال : «لا أطوف حتّى يطوف رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)» ،
أقـول
: أجمع المفسّرون(١)
، وجميع أهل الآثار(٢)
، أنّ هذه الآية نزلت في أهل الحديبية حين وقعت الهدنة بين رسـول الله (صلى الله
عليه وآله وسلم) وبين قريش ، قال جابر بن عبـد الله : كانوا يومئذ ألف وأربعمئة(٣)
، وكان ذلك __________________ وفي لفظ : «إنّ لي في
رسـول الله أُسـوة حسـنة» ، فلمّا بلغ رسـول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم)امتناعه رضي عنه وأثـنى عليه ـ ، بل هو من أصحاب بدر الّـذين قال الله في حقّهم
ـ على ما رواه أهل السُـنّة ـ : «اعملوا ما شـئتم فقد غفرت لكم» ، ولا خلاف بين
الجمهور على ضلاله ونفاقه ، فكيف يدخل تحت عموم هذه الآية؟! وأيضاً
: فإنّ الجدّ بن قيس قد تخلّف عن هذه البيعة وهو في عداد الصحابة. وعليه
: فالتعميم فيه تعسّـف ظاهر. انظر : المغازي ـ للواقدي ـ ٢ / ٦٠٥ ،
السـيرة الحلبية ٢ / ٧٠٣ ، السـيرة النبوية ـ لدحلان ـ ٢ / ١٨٦. وراجع كـتابنا شـبهات السـلفية : ١٢٧. (١) انظر : تفسـير مجاهد
: ٦٠٧ ، تفسير ابن عيينة : ٣٢١ ، تفسير عبـد الرزّاق ٢ / ٢٢٥ ـ ٢٢٦ ، تفسير النسائي
٢ / ٣٠٩ ، تفسير الطبري ١١ / ٣٤٧ ـ ٣٤٩ ، تفسير ابن أبي حاتم ١٠ / ٣٣٠٠ ، تفسير الثعلبي
٩ / ٤٧ ، تفسير الماوردي ٥ / ٣١٥ ، الوسـيط في تفسير القرآن ـ للواحدي ـ ٤ / ١٣٩ ،
تفسير البغوي ٤ / ١٧٥ ، مجمع البيان ٩ / ١٧٤ ، تفسير ابن كثير ٤ / ١٩٣ ، الدرّ المنثور
٧ / ٥٢٤. (٢) انظر : صحيح البخاري
٥ / ٢٥٨ ـ ٢٥٩ باب ـ غزوة الحديبية وقول الله تعالى : (رَضِيَ الله عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ
يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ)
، صحيح مسلم ٦ / ٢٥ باب اسـتحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال وبيان بيعة
الرضوان تحت الشـجرة ، سـنن الترمذي ٥ / ٣٥٩ ح ٣٢٦٣ ، السـنن الكبـرى ـ للنسـائي ـ
٦ / ٤٦٤ ح ١١٥٠٧ و ١١٥٠٩ ، مسند أحمد ٣ / ١٢٢ و ١٣٤ و ٢١٥ و ٢٥٢ ، مسند أبي يعلى ٥
/ ٣٠٨ ح ٢٩٣٢ وص ٤٧٢ ح ٣٢٠٢ و ٣٢٠٤ ومواضع أُخر ، المسـتدرك على الصحيحين ٢ / ٤٩٨ ح
٣٧١٠ و ٣٧١١ ، دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ ٤ / ١٤٢ و ١٥٩ ، السـنن الكبرى ـ للبيهقي
ـ ٥ / ٢١٧ ـ ٢١٨ ، تاريخ الطبري ٢ / ١٢١ ، السيرة النبوية ـ لابن حبّان ـ : ٢٨٥ ـ ٢٨٦. (٣) انظر : صحيح البخاري
٥ / ٢٦١ ح ١٨٤ وفي الباب عن البراء بن عازب وص ٢٦٠ ح ١٨١ وج ٦ / ٢٤٢ ح ٣٣٥ ، صحيح مسـلم
٦ / ٢٥ ، السـنن الكبرى ـ للنسـائي ـ
الرضا من الله تعالى في خطيئة تقـدّمت منهم ، فلمّا تابوا منها ورجعوا عنها رضي الله عنهم(١) ، وذلك ما روي أنّ رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لمّا جاء الحديبية صـدّه المشـركون عن دخـول مكّـة ، فأراد أن يصالحهم ، فقال [عمر](٢) : ما شـككت مذ أسـلمت إلاّ يوم صالحَ محمّـدٌ أهلَ مكّـة(٣) ..
__________________
٦ / ٤٦٤ ح ١١٥٠٧ و ١١٥٠٩ ، مسـند أحمد ٣ / ٣٠٨ ، مسـند الحميدي ٢ / ٥١٤ ح ١٢٢٥ ، الإحسـان بترتيب صحيح ابن حبّان ٧ / ١٩٠ ح ٤٨٥٥ ، مسـند أبي عوانة ٤ / ٣٠١ ح ٦٨١٨ وص ٤٢٧ ـ ٤٣٠ ح ٧١٩٠ ـ ٧١٩٣ و ٧٢٠٠ ـ ٧٢٠٥ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سـعد ـ ٢ / ٩٦ ، السـنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٥ / ٢٣٥ وج ٦ / ٣٢٦ وج ٨ / ١٤٦ ، تاريخ دمشـق ١١ / ٢٢٢.
(١) والذي يدلّ على أنّ الرضا كان وقتياً وليـس دائمياً ما رواه مسـلم وغيره ، عن جابر ، أنّ أُمَّ مُـبَـشِّـر أخبرته أنّها سـمعت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول عند حفصة : «لا يدخل النـار إن شـاء الله مـن أصحـاب الشـجرة أحـدٌ الّـذين بايعـوا تحتـها ؛ قـالت : بـلى يا رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ؛ فانتهرها ، فقالت حفصة : (وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَـا) ، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : قد قال الله عزّ وجلّ : (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً).
انظر : صحيح مسـلم ٧ / ١٦٩ ، السـنن الكبرى ـ للنسـائي ـ ٦ / ٣٩٥ ح ١١٣٢١ ، مسـند أحمد ٦ / ٤٢٠ ، المعجم الكبير ٢٥ / ١٠٢ ـ ١٠٣ ح ٢٦٦ و ٢٦٩ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سـعد ـ ٢ / ٩٦ ، الجمع بين الصحيحين ٤ / ٣١٦ ح ٣٥٦٧.
ولا يخفى ما فيه من الدلالة على أنّ اسـتمرار الرضا رهين بملازمة التقوى وحسـن العقبى.
(٢) أثبتـناه من جملة المصادر الآتيـة في الهامش الآتي.
(٣) هذا طرف من حديث المِسْـوَر بن مخرمة ومروان الطويل ، وأقدم من رواه ابن شـهاب الزهري في المغازي : ٥٠ ـ ٥٦ ، وعبـد الرزّاق في المصنّف ٥ / ٣٣٠ ـ ٣٤٠ ح ٩٧٢٠ عن معمر عن الزهري ، وأحمـد في مسـنده ٤ / ٣٢٨ ـ ٣٣١ ، والبخاري في صحيحه ٤ / ٣٦ ـ ٤٣ ح ١٨ ، وأبو داود في سـننه ٣ / ٨٥ ح ٢٧٦٥ عن الزهري مختصراً ، وابن جرير في تفسـيره ١١ / ٣٥٨ ـ ٣٦١ ح ٣١٥٦٦ عن الزهري ، وابن حبّان في صحيحه ٧ / ١٨٣ ـ ١٨٩ ح ٤٨٥٢ ، والطبراني في المعجم الكبير ٢٠ / ٩ ـ
__________________
١٥ ح ١٣ ، والثعلبي في تفسـيره ٩ / ٥٥ ـ ٦٢ ، والبيهقي في دلائل النبوّة ٤ / ٩٩ ـ ١٠٨ وقال : «رواه البخاري في الصحيح» ، والبغوي في تفسـيره ٤ / ١٨٠ ـ ١٨٣ ، وابن عسـاكر في تاريخ دمشق ٥٧ / ٢٢٥ ـ ٢٣٠ ، والسـهيلي في الروض الأُنُف ٤ / ٥٣ ، كلّهم من طريق عبـد الرزّاق عن معمر عن الزهري.
وجميع هذه المصادر أوردت قول عمر : «ما شـككت منذ أسـلمت إلاّ يومئذ» سـوى البخاري وأحمد ، والظاهر أنّ العبارة حذفت من بعض نسـخ البخاري وأحمد ، أو أنّ يد الطبع الأمينة لم يرق لها وجود مثل هذا الكلام فحذفتـه ، وإلاّ فإنّ جمعاً من الأعلام خرّجوا الحديث عن البخاري مع وجود هذه العبارة في نسـخهم ؛ كالبيهقي في دلائل النبوّة ٤ / ١٠٦ ، والذهبي في تاريخ الإسـلام ١ / ٢٨٨ ، والصالحي في سـبل الهدى والرشـاد ٥ / ٥٣ ، والسـيوطي في الدرّ المنثور ٧ / ٥٣٠ وقد خرّجه ـ كـذلك ـ عن عبـد الرزّاق وأحمد وعبـد بن حميد وأبي داود والنسـائي وابن جرير وابن المنذر.
وخرّجه الواقدي في المغازي ٢ / ٦٠٦ ـ ٦٠٩ وفيه : «فما أصابني قطّ شـيء مثل ذلك اليوم ، ما زلت أصوم وأتصدّق مخافة كلامي الذي تكلّمت يومئذ».
وعن ابن عبّـاس رضیاللهعنه بلفظ : «قال لي عمر في خلافته ـ وذكر القضية ـ : ارتبتُ ارتياباً لم أرتبه منذ أسـلمت إلاّ يومئذ ، ولو وجدت ذلك اليوم شـيعة تخرج عنهم رغبة عن القضيـة لخرجت».
وعن أبي سـعيد الخدري بلفظ : جلسـت عند عمر بن الخطاب يوماً ، فذكر القضية ، فقال : «لقد دخلني يومئذ من الشـكّ ، وراجعت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يومئذ مراجعةً ما راجعتُـه مثلها قطّ ، ولقد عتقتُ في ما دخلني يومئذ رقاباً ، وصمتُ دهراً ، وإنّي لأذكر ما صنعت خالياً فيكون أكبر همّي».
وخرجّه أحمد في مسـنده ٤ / ٣٢٥ ، وابن هشـام في السـيرة النبوية ٤ / ٢٨٤ ، وابن جرير في تاريخه ٢ / ١٢٢ ، وابن كثير في تفسـيره ٤ / ١٩٨ من طريق ابن إسـحاق عن الزهري ، وفيها : «فكان عمر يقول : ما زلت أصوم وأتصدّق وأُصلّي وأعتق من الذي صنعت مخافة كلامي الذي تكلّمت به يومئذ».
قال السـهيلي في الروض الأُنُف ٤ / ٥٢ معقّباً على قول عمر : «ما شـككتُ منذ أسـلمتُ إلاّ تلك السـاعة» : «وفي هذا أنّ المؤمن قد يشـكّ ثمّ يجدّد النظر في
__________________
دلائل الحقّ فيذهب شـكّه» ، ثمّ ذكر أنّ هذا الشـكّ ممّا لا يصرّ عليه صاحبه ، وإنّما هو من باب الوسـوسـة التي قال فيها (صلى الله عليه وآله وسلم) مخبراً عن إبليس : «الحمد لله الذي ردّ كيده إلى الوسـوسـة».
ونقله عنه ابن حجر في فتح الباري ٥ / ٤٣٥ ، وقال القسـطلاني في إرشـاد السـاري ٦ / ٢٣٢ : «ولم يكن هذا شـكّاً منه في الدين ، بل ليقف على الحكمة في القضية وتنكشـف عنه الشـبهة».
أقـول : لا يخفى ما في هذا الكلام من لزوم كون النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وأقواله وأفعاله محلّ شـبهة وموضع اتّهام عند عمر بالرغم من صحبته له طيلة اثني عشـر عاماً في أقلّ الاحتمالات ، مع ما رافق ذلك من علامات النبوّة وآيات الرسـالة ، وإلاّ فما هو الداعي لهذا الصوم والتصدّق والصلاة والعتق المرجوّ منه دفع أثر هذا الشـكّ لو كان الأمر من باب الوسـوسـة التي لا يؤاخذ العبدُ بها ، وعلى هذا إجماع الأُمّة ، وقد روي عن ابن عبّـاس أنّه قال : «هو شيء لا يسـلم منه أحد» ، والأحاديث والآثار بهذا المعنى متضافرة.
ولو كان الأمر كذلك لَما كان ما فعله أكبر همّ له كلّما تذكّره ، كما في حديث أبي سـعيد الخدري.
وأيضاً : لو كان الأمر كذلك لَما قال : «يا أيّها الناس! اتّهموا الرأي على الدين ، فلقد رأيتني أردُّ أمر رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) برأيي اجتهاداً ، فوالله ما آلو عن الحقّ ، وذلك يوم أبي جندل ، والكتاب بين رسـول الله وأهل مكّة ، فقال : (اكتبوا : بسـم الله الرحمن الرحيـم) ؛ فقالوا : أترانا قد صدّقناك بما تقول؟! ولكنّك تكتب : باسمك اللّهمّ ؛ فرضي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبيتُ ، حتّى قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : تراني أرضى وتأبى أنت؟!».
رواه الطبراني في المعجم الكبير ١ / ٧٢ ح ٨٢ ، والبزّار في مسـنده ١ / ٢٥٤ ح ١٤٨ ، والدولابي في الكنى والأسماء ٢ / ٦٩ ـ ٧٠ ، واللالكائي في شـرح أُصول اعتقاد أهل السُـنّة ١ / ١٤٢ ح ٢٠٨ ، وأبو يعلى في مسـنده كما في مجمع الزوائد ١ / ١٧٩ ، والبيهقي في المدخل كما في فتح الباري ١٣ / ٣٥٨.
وروى نحوه البخاري في صحيحه ٤ / ٢١٨ ح ٢٢ و ٢٣ ومواضع أُخر ، ومسـلم في صحيحه ٥ / ١٧٥ ـ ١٧٦ عن سـهل بن حنيف من طريقين وزادا في أحدهما :
__________________
«فجاء عمر بن الخطّاب ، فقال : يا رسـول الله! ألسـنا على الحقّ وهم على الباطل؟! ... إلى آخـره.
وحقّاً ما نطق به عمر ، فإنّ قوله : «اتّهموا الرأي على الدين» هو ما ينبغي على كلّ مسـلم أن يلتزم به ، فالدين هو كتاب الله وسُـنّة رسـوله الثابتة قولا وفعلا وتقريراً ، والرأي هو الابتداع في الدين ، وكلّ بدعة ضلالة ، ولو تلطّفنا في القول لقلنا : هو اجتهاد في قبال النصّ ، وهو محرّم ؛ لأنّ فيه ردٌّ لكلام الله وسُـنّة رسـوله.
قال أحمد بن حنبل : لا تكاد ترى أحداً نظر في الرأي إلاّ وفي قلبه دغل.
انظر : فتح الباري ١٣ / ٣٥٨ ـ ٣٥٩.
وعلى هذا ، ألا يعـدُّ من الرأي المتّهم في الدين منعُ رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من أن يكتب للمسـلمين كتاباً لن يضلّوا بعده أبداً ، وهو ما يسـمّيه ابن عبّـاس برزيّـة يوم الخميـس؟!
وجمع الناس في رمضان على قارئ واحد ، أو ما يسـمّى بصلاة التراويح بعد أن نهى عنها رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!
وإمضاء طلاق الثلاث ، بعد أن كان على عهد رسـول الله وأبي بكر وسـنتين من حكم عمر طلاق الثلاث واحدة؟!
وإحداث التكبيرات الأربعة في الصلاة على الجنائز؟!
والتصرّف في الأذان بإسـقاط «حيّ على خير العمل» منه؟!
وإحداث التثويب في أذان الصبح ، وقد ثبت أنّ عبـد الله بن عمر لم يلتزم بما أحدثه أباه ، بل كان يقول في أذانه : «حيّ على خير العمل» كما في السـنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ١ / ٤٢٤ ـ ٤٢٥؟!
وإحداثه العول والتعصيب ، وهو مخالف لِما في كـتاب الله؟!
وتلوّنه في أحكام المواريث بشـكل عجيب ، بل قد يتفاوت حكمه عدّة مرّات في قضية واحدة؟!
ومنعه الناس من البكاء على الموتى وقد فعله رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!
ومنعه من متعتَي الحجّ والنسـاء؟!
ورأيه في تزويج زوجة المفقود؟!
ومنعه الناس من الحديث عن رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، مع أنّه الدين بعينه ، بل كان
فإنّي قلت : ألستَ بنبيّ؟!
قال : بلى.
قلت : أفلسـنا مسـلمين؟!
قال : بلى.
قلت : فلِمَ تعطي الدنـيّـة من دينـنا؟!
قال : إنّها ليست بدنـيّـة ، إنّما هي خير لك.
قلت : ألم تعدنا بدخول مكّـة؟!
قال : وعدتُـك أن ندخلها هذا العام؟!
فقلت : لا.
__________________
يضرب بالدرّة على ذلك؟!
وتوزيعه العطاء على أسـاس المفاضلة بالقبيلة والسـابقة ، وهذا خلاف هدي رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!
وتشـطيره لأموال عمّاله؟!
وقوله بعدم الصلاة مع فقد الماء بالرغم من تنبيه عمّار بن ياسـر له بوجوب التيمّم؟!
وإبطاله سـهم المؤلّفة قلوبهم؟!
وإحداثه التكفير ـ التكتّف ـ في الصلاة ، مع أنّها كانت تحيّة يحيّي بها الفرسُ عظماءهم؟!
إلى غير ذلك من الموارد الكثيرة ، وهي كلّها آثار ثابتة خرّجها أصحاب الصحاح والسـنن والمسـانيد والمعاجم والجوامع والمسـتخرجات ومصنّفات الحديث والآثار.
وعلى هذا الأسـاس ، فإنّ هذه الآراء ممّا يتّهم بها على الدين كما هو المسـتفاد من كلام عمر ، فضلا عمّا فيها من ردّ لمحكمات الكتاب وثوابت السـنن التي بها كمل الدين وتمّت النعمة وتحقّق الرضا به بانتفاء كلّ نقص فيه المانع من إدخال كلّ ما ليـس فيه.
فقال : تدخلها إن شـاء الله تعالى.
ثمّ إنّ عمر جاء إلى جماعة من الصحابة ، وقال : والله ما نرضى بهذا الصلح ، ولا نعطي الدنيّة من ديننا ، ونحن على الحقّ وهم على الباطل ، فنجاهدهم في الله حتّى ندخل مكّة.
فلمّا سـمع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا منه أخذ بيد عليّ بن أبي طالب عليهالسلامفجلسـا تحت الشـجرة ونزلت ...(١) القوم الّذين خالفوا أمره.
ثمّ إنّ عمر ومن تابعـه أخـذوا أسـلحتهم وحملوا على قريـش من غير إذن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فصبروا لهم ، ثمّ كـرّوا عليهم ، فانهزم عمر ومن تابعـه.
فمن شـدّة هزيمتهم وقع بعضهم على بعض ، فتبعتهم قريـش ، فأمر رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليّـاً أن يتلقّى قريشـاً ويبعدهم عن الصحابة ، وقام في وجه قريش وصاح بهم ، فارتعدوا ووقفوا ، فقالوا : إنّـه لابن عمّك في ما أعطانا من الهدنـة.
فرجعـت قريـش ، وندموا أُولئـك عمّـا كانوا عليـه من الخـلاف لرسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وجـاؤوا يعتـذرون ، فأقبـل عليٌّ عليهالسلام عليـهم يوبّخهـم ؛ وقـال(٢) : أَمـا إنّـي لـو أمرتـكـم بجهـاد قريـش كيـوم الخـنـدق ويـوم أُحـد تـفـرّون عنـهـم(٣) وتُـسْـلِمُـوني لـلقـوم لمّـا اسـتزلّـكم
__________________
(١) الظاهر أنّ هنا سـقطاً.
(٢) القائل هو النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).
(٣) والذي يدلّ على فرارهم قوله تعالى : (إِذْ تُـصْعِدُونَ وَلاَ تَـلْوُونَ عَـلَى أَحَـد وَالرَّسُـولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمَّـاً بِغَمٍّ) سـورة آل عمران ٣ : ١٥٣ ، وقد
__________________
أجمع المفسّـرون وأصحاب السـير والآثار على نزولها في فرار الصحابة يوم أُحد.
وكذلك قوله تعالى : (وَمَا مُحمَّـدٌ إِلاَّ رَسُـولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُـلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ) سـورة آل عمران ٣ : ١٤٤.
ولم يثبت معه إلاّ عليٌّ ، والمقداد ـ على الأرجح ـ ، وأبو دجانة الأنصاري ، وسـهل بن حنيف ، وأُمّ عمارة الأنصاري على التحقيـق.
راجع : تفسـير ابن المنذر ١ / ٤٠٢ ـ ٤٠٣ ح ٩٧٥ و ٩٧٦ وج ٢ / ٤٤٨ ـ ٤٥٢ ح ١٠٦٨ ـ ١٠٧٦ ، تفسـير ابن جرير ٣ / ٤٥٥ ـ ٤٥٨ ح ٧٩٣٩ ـ ٧٩٥٢ وص ٤٧٦ ـ ٤٧٨ ح ٨٠٤٦ ـ ٨٠٥٧ ، تفسـير ابن أبي حاتم ٣ / ٧٧٨ ح ٤٢٦٣ وص ٧٩٠ ـ ٧٩١ ح ٤٣٤١ ـ ٤٣٤٧ ، تفسـير الثعلبي ٣ / ١٧٦ ـ ١٧٧ وص ١٨٥ ـ ١٨٦ ، الوسـيط في تفسـير القرآن المجيد ـ للواحدي ـ ١ / ٤٩٨ وص ٥٠٥ ـ ٥٠٦ ، تفسـير البغوي ١ / ٢٨١ وص ٢٨٤ ـ ٢٨٥ ، تفسـير ابن كثير ١ / ٣٩١.
وانظر : المغازي ـ للواقدي ـ ١ / ٣٢١ ـ ٣٢٣ ، السـيرة النبوية ـ لابن هشـام ـ ٤ / ٦٣ و ٦٧ ، السـير ـ لأبي إسـحاق الفزاري ـ : ٢١٨ ح ٣٣٦ ، تاريخ الطبري ٢ / ٦٨ ـ ٦٩ ، السـيرة النبوية ـ لابن حبّان ـ : ٢٢٣ ـ ٢٢٤ ، دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ ٣ / ٢١٠ ـ ٢١١ ، الدرر في اختصار المغازي والسـير ـ لابن عبـد البرّ ـ : ١٠٥ ، شـرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١٣ / ٢٩٣.
وقيل : إنّ ممّن ثبت يوم أُحد سـعد بن أبي وقّاص ، وفيه تأمّل ؛ لِما رواه الحاكم في المسـتدرك ٣ / ٢٨ ح ٤٣١٤ وصحّحه على شـرط مسـلم ، وأقـرّه الذهبي ، عن سـعد ، قال : لمّا جال الناس عن رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تلك الجولة يوم أُحد تنحّيت ، فقلت أذود عن نفسـي ، فإمّا أن أُسـتشـهَد ، وإمّا أن أنجو ... الحـديث.
ولِما رواه ابن جرير في تاريخه ٢ / ٦٧ ـ في خبر ـ بأنّه لم يقف أحد إلاّ طلحة ، وسـهل بن حنيف ؛ ولكن حتّى ثبات طلحة فيه نظر ؛ لِما رواه ابن إسـحاق في السـير والمغازي : ٣٣٠ ، والواقدي في المغازي ١ / ٢٨٠ ، وابن هشـام في السـيرة النبوية ٤ / ٣١ ـ ٣٢ ، وابن جرير في تاريخه ٢ / ٦٦ ، وابن حبّان في السـيرة النبوية : ٢٢٤ ـ ٢٢٥ وفي الثقات ١ / ٢٢٨ ، والبيهقي في دلائل النبوّة ٣ / ٢٤٥ ، عن القاسـم بن عبـد الرحمن بن رافع ، أخي بني عديّ بن النجّار ، قال : انتهى أنس
__________________
ابن النضر ـ عمّ أنس بن مالك ـ إلى عمر بن الخطّاب وطلحة بن عبيـد الله في رجال من المهاجرين والأنصار ، وقد ألقوا بأيديهم ، فقال : ما يجلسـكم؟!
قالوا : قُتل رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)!
قال : فما تصنعـون بالحياة بعده؟! قوموا فموتوا كراماً على ما مات عليه رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
ثمّ اسـتقبل القوم ، فقاتل حتّى قتل.
إلاّ أنّ كلامه لم يحرّك فيهم سـاكناً!!
والذي يؤكّده قول عمر ـ كما في لفظ الواقدي في المغازي ١ / ٢٨٠ ـ : «إنّي لأرجو أن يبعثه الله أُمّة وحده يوم القيامة ؛ ووُجد به سـبعون ضربة في وجهه» ..
وفي لفظ ابن سعد في الطبقات الكبرى ٤ / ٣٢٩ : «فوُجد قتيلا فيه بضع وثمانون بين ضربة بسـيف ، وطعنة برمح ، ورمية بسـهم ، وقد مثّـلوا به فما عرفناه حتّى عرفته أُخته ببنانه» ..
وفيه دلالة واضحة على أنّـه ذهب وحده ولم يرافقه أحد.
ولِما رواه مسلم في صحيحه ٥ / ١٧٨ ، عن أنس بن مالك ، أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)أُفرد يوم أُحد في سـبعة من الأنصار ورجلين من المهاجرين ، فلمّا رهقوه قال : «من يردّهم عنّا وله الجنّة ـ أو : هو رفيقي في الجنّة ـ؟ فتقدّم رجل من الأنصار ، فقاتل حتّى قُتل ، ثمّ رهقوه أيضاً ، فقال : من يردّهم عنّا وله الجنّة ـ أو : هو رفيقي في الجنّة؟ فتقدّم رجل من الأنصار فقاتل حتّى قُتل ، فلم يزل كذلك حتّى قُتل السـبعة ، فقال رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لصاحبَيه : ما أنصفنا أصحابنا».
ومن المقطوع به أنّ أحد هذين الرجلين المهاجمين هو عليٌّ عليهالسلام ، والثاني المقداد بن عمرو على الأظهر.
ويزيده تأكيداً ما روي عن عليّ عليهالسلام في مسـند أبي يعلى ١ / ٤١٥ ح ٥٤٦ ، وكـتاب الجهاد ـ لابن أبي عـاصم ـ ٢ / ٦٤٣ ح ٢٧٠ ، ومجمـع الزوائد ٦ / ١١٢ ، أنّـه قال : لمّـا جـلا النـاسُ عن رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم أُحـد نظـرتُ في القـتلى فلم أرَ رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فقلـت : والله ما كـان رسـول الله ليفـرّ ، وما أراه في القـتلى ... فكسرت جفن سـيفي ، ثمّ حملت على القوم ، فأفرجوا لي ، فإذا أنا برسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بينهم.
وفيه دلالة على أنّه لم يبق مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في ساحة القتال سوى عليّ عليهالسلام.
الشـيطان(١) ، فعصيتموني وخالفـتم أمري!
فاعتـذروا عن ذلك وأظهروا التوبـة والنـدم ، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : إنّي لا أُبايعكم إلاّ بشـرط أن لا تنهزموا في موطن ، وجدِّدوا لي البيعة ، فقد نقضتم ما كان لي في أعناقكم.
فبايعوه عند ذلك تحت الشـجرة بيعة الرضوان عنهم ، وكان هذا رضوان بعد سـخط وقع منهم ، فأنزل الله هذه الآيـة بعد ذلك(٢).
__________________
(١) إشـارة إلى قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّـيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَـبُوا) سـورة آل عمران ٣ : ١٥٥.
وقد أجمع المفسّـرون على أنّها نزلت في الّذين انهزموا يوم أُحد ، وإن خصّصها جمع منهم بعثمان بن عفّان ، ورافع بن المعلّى ، وخارجة بن زيد ، والوليد بن عقبة ، وسـعد بن عثمان ، وعقبة بن عثمان ، وأبي حذيفة بن عتبة.
والصحيح أنّ الآية تعمّ كلَّ من انهزم يومئذ ، ويدلّ عليه قول عمر ، في ما رواه ابن جرير وغيره ، عن كليب ، قال : خطب عمر يوم الجمعة فقرأ آل عمران ، وكان يعجبه إذا خطب أن يقرأها ، فلمّا انتهى إلى قوله : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ) قال : «لمّا كان يوم أُحد هُزمنا ، ففررت حتّى صعدت الجبل ، فلقد رأيتني أنزو كأنّني أروى ، والناس يقولون : قُتل محمّـد ... حتّى اجتمعنا على الجبـل».
ولا يخفى ما في قوله : «حتّى اجتمعنا على الجبل» من تأكيد على فرارهم بأجمعهم سـوى الأربعة أو الخمسـة الّذين ثبتوا ، كما تقـدّم في الهامش السـابق ، بل بلغ فرار بعضهم إلى المدينة ، بل لم يعد بعضهم إلاّ بعد ثلاثة أيّام ، كعثمان وغيره ، حتّى قال لهم رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «لقد ذهبتم بها عريضة».
انظر : تفسـير ابن جرير ٣ / ٤٨٨ ـ ٤٨٩ ح ٨٠٩٧ ـ ٨١٠٣ ، تفسـير ابن المنذر ٤٥٨ / ٢ ـ ٤٦٠ ح ١٠٩٣ ـ ١٠٩٦ ، تفسـير ابن أبي حاتم ٣ / ٧٩٦ ـ ٧٩٧ ح ٤٣٧٩ ـ ٤٣٨٦ ، تفسير الثعلبي ٣ / ١٨٨ ، الوسيط في تفسير القرآن ـ للواحدي ـ ١ / ٥٠٩ ـ ٥١٠ ، تفسـير البغوي ١ / ٢٨٦ ، تفسـير القرطبي ٤ / ١٥٧ ، الدرّ المنثور ٢ / ٣٥٥ ـ ٣٥٦.
(٢) رواه بنحو هذا السـياق عليّ بن إبراهيم في تفسـيره ٢ / ٢٨٥ ـ ٢٩٠.
قال مؤلّف الكتاب :
إذا ثبت ما ذكرناه ، فإنّـا قد وجدنا الشـيخين وغيرهما ، في جماعة كـثيرة من الصحابة الّذين بايعوا رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تحت الشـجرة على الموت ، وقد نكثوا بيعتهم ولم يوفوا بما عاهدوا الله عليه ؛ وذلك بأنّهم بايعـوا على أنّـهم لا يفـرّون قـطّ حتّى يُقـتلوا ، ففـرّوا يوم خيبـر ، وكان عليٌّ عليهالسلام أرمد العين ، فدفع الراية إلى أبي بكر فانهزم من مرحب ، وكذا عمر(١) ، فانتقضت البيعة منهما.
* وممّا رووا ـ أيضاً ـ مخالفونا ، أنّ السـكينة تنطق على لسان عمر(٢) ..
وفي حديث آخر ، أنّ له ملَـكاً بين عينيه يسـدّده ويوفّـقه(٣) ..
__________________
(١) راجع في فرار أبي بكر وعمر : السـنن الكبرى ـ للنسـائي ـ ٥ / ١٠٨ ـ ١١٠ ح ٨٤٠١ ـ ٨٤٠٣ ، سـنن ابن ماجة ١ / ٤٣ ـ ٤٤ ح ١١٧ ، مسـند أحمد ١ / ٩٩ وج ٥ / ٣٥٣ و ٣٥٨ ، مسـند البزّار ٢ / ١٣٥ ـ ١٣٦ ح ٤٩٦ وج ٣ / ٢٢ ـ ٢٣ ح ٧٧٠ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٤٩٧ ح ١٧ وج ٨ / ٥٢٥ ح ٢٢ ، مسند الروياني ٢ / ١٧٢ ـ ١٧٣ ح ١١٧٢ ، المسـتدرك على الصحيحين ٣ / ٣٩ ـ ٤٠ ح ٤٣٣٨ ـ ٤٣٤٢ ، دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ ٤ / ٢١٢ ـ ٢١٣ ، تاريخ دمشـق ٤٢ / ٨٩ ـ ٩٧ وص ١٠٦ ـ ١٠٧.
(٢) رواه بهذا السـياق ابن عسـاكر في تاريخ دمشـق ٤٤ / ٩٦ ، وخرّجه عنه المتّقي في كنز العمّال ١١ / ٥٨٠ ح ٣٢٧٥٣ ، ورواه موقوفاً عن عليّ عليهالسلام عبـدُ الرزّاق في المصنّف ١١ / ٢٢٢ ح ٢٠٣٨٠ ، وأحمد في مسـنده ١ / ١٠٦ ، والطبراني في المعجم الأوسـط ٦ / ٢٢ ح ٥٥٤٩ ، والفسـوي في المعرفة والتاريخ ١ / ٢٤٦ ، وأبو نُعيم في حلية الأولياء ١ / ٤٢ ، وخـرّجه موقوفاً عن ابن مسـعود الطبرانيُّ في المعجم الكبير ٩ / ١٦٧ ح ٨٨٢٧.
(٣) انظر : فضائل أحمد ١ / ٣٠٣ ح ٣٠٦ ، المعجم الكبير ٩ / ١٦٤ ح ٨٨١٣ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٢٤٦ ـ ٢٤٧ وهو قول عبـد الله بن مسـعود.
وفي حديث آخر ، أنّ الله ضرب الحقّ على لسـان عمر وقلبه(١) ..
فإن كان ما نقلوه حقٌّ ، فعمر أفضل من محمّـد ؛ لأنّ محمّـداً كان يؤدّي رسـالة ربّه عن ملَك واحد ، وقلتم : إنّ الله زاد عمر ملَـكاً ينطق على لسـانه(٢) ، وزاده ملَـكاً بين عينيه ، وزاده أنّـه ضرب بالحقّ على لسـانه ، وزاده أنّ السـكينة تنطق على لسـانه ، وهذا ممّا يوجب العصمة من الزلل والخلل ، وقد رويتم أنّ عمر بعكس ذلك ؛ لأنّـه كان يفتي في القضايا ، فيخطئ ويردّ عليه أمير المؤمنين ، فيرجع عن قوله ، ويعترف بخطئه ، فيقول : «لولا عليٌّ لهلك عمر»(٣) في كثير من الحكومات(٤) ، فكيف
__________________
(١) رواه بهذا اللفظ أحمد في مسـنده ٥ / ١٤٥ ، والطبراني في المعجم الأوسـط ١ / ١٣٤ ح ٢٤٩ ، وابن عديّ في الكامل في ضعفاء الرجال ٤ / ٢١٩ ، وابن عسـاكر في تاريخ دمشـق ٤٤ / ٩٩ ـ ١٠١ و ١٠٤ ـ ١٠٥.
(٢) انظر : فضـائل الصحابـة ـ لأحمـد ـ ١ / ٣٢٣ ح ٣٤١ ، مناقـب عمر ـ لابن الجـوزي ـ : ٢٣٩ ، شـرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١٢ / ١٧٩.
(٣) انظر : تأويل مختلف الحديث ـ لابن قتيبة ـ : ١٥٠ ، الاستيعاب ٣ / ١١٠٣ ، مناقب الإمام عليّ عليهالسلام ـ للخوارزمي ـ : ٨١ ح ٦٥ ، تذكرة الخواصّ : ١٣٧ عن أحمد في الفضائل والمسند ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١ / ١٨ و ١٤١ ، الرياض النضرة ٣ / ١٦١ ، المواقف : ٤١١ ، شرح التجريد ـ للقوشجي ـ : ٤٨٣.
(٤) كقضية المرأة التي ولدت لسـتّة أشـهر ، وأراد أن يرجمها عندما رُفعت إليه ، وعندما أمر برجم مجنونة قد زنت ، والمرأة التي نُكحت في عدتها ، والمكـرَهة التي زنت .. إلى غير ذلك ممّا اشـتُهِـر.
انظر : مصنّف عبـد الرزّاق ٧ / ٣٥٠ ح ١٣٤٤٤ ، سـنن سعيد بن منصور ٢ / ٦٦ ـ ٦٩ ح ٢٠٧٤ و ٢٠٧٨ ـ ٢٠٨٣ ، تفسـير ابن أبي حاتم ٢ / ٤٢٨ ح ٢٢٦٤ ، سـنن أبي داود ٤ / ١٣٧ ـ ١٣٨ ح ٤٣٩٩ ـ ٤٤٠٢ ، مسـند أحمد ١ / ١٤٠ و ١٥٤ ـ ١٥٥ ومواضع أُخر ، مسـند أبي يعلى ١ / ٤٤٠ ح ٥٨٧ ، صحيح ابن خزيمة ٢ / ١٠٢ ح ١٠٠٣ ، الإحسـان بترتيب صحيح ابن حبّان ١ / ١٧٨ ح ١٤٣ ، المسـتدرك على الصحيحين ٢ / ٦٨ ح ٢٣٥١ وج ٤ / ٤٢٩ ـ ٤٣٠ ح ٨١٦٨ و ٨١٦٩ ، الجعديات
يضرب بالحقّ على لسـانه وهو مخطئ في أقواله وأفعاله ، ويرجع لأقوال أمير المؤمنين عليهالسلام ، عمّا أشـكل في الشـريعة؟!
ثمّ كيف يضرب الله بالحقّ على لسـان مَن نهى عمّا أمره الله تعالى في كتابه عن المتعتين(١) ، وكذا في المغالاة في مهور النسـاء(٢).
__________________
١ / ٢٣٣ ح ٧٤٠ ، السـنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٧ / ٤٤١ ـ ٤٤٢ وج ٨ / ٢٣٦ ، أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ ١ / ٥٨٠ ، جامع بيان العلم ٢ / ١٠٨ ، كـنز العمّال ٥ / ٤٥٦ ح ١٣٥٩٦ عن البغوي.
(١) وهو قوله تعالى : (فَمَن تَمَتَّعَ بِـالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَـجِّ) سـورة البقرة ٢ : ١٩٦ ، وقوله تعالى : (فَمَا اسْـتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) سـورة النسـاء ٤ : ٢٤.
وانظر نهيه عن المتعتين في : صحيح البخاري ٢ / ٢٨٢ ح ١٦٤ وج ٦ / ٥٩ ح ٤٣ ، صحيح مسـلم ٤ / ١٣١ ، سـنن الترمذي ٣ / ١٨٤ ـ ١٨٦ ح ٨٢٢ ـ ٨٢٤ ، السـنن الكبرى ـ للنسـائي ـ ٣ / ٣٢٦ ح ٥٥٣٨ ، سـنن ابن ماجة ٢ / ٩٩٢ ح ٢٩٧٩ ، مسـند أحمد ١ / ٣٣٧ وج ٢ / ٩٥ وج ٣ / ٣٨٠ وج ٤ / ٤٢٨ و ٤٣٤ ومواضع أُخر ، مسـند أبي يعلى ٩ / ٣٤١ ـ ٣٤٢ ح ٥٤٥١ ومواضع أُخر ، سـنن سـعيد بن منصور ١ / ٢١٨ ـ ٢١٩ ح ٨٥٢ ـ ٨٥٤ ، مسـند أبي عوانة ٢ / ٣٣٩ ـ ٣٤٠ ح ٣٣٥٢ ـ ٣٣٥٧ ، المعرفة والتاريخ ١ / ١٧٧ ، أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ ١ / ٣٩٨ و ٤٠٠ ، السـنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٧ / ٢٠٦ ، فوائد ابن منده الأصبهاني ـ نسـخة أبي صالح عبـد الله بن صالح ، كاتب الليث ـ ٢ / ١٤٢ ح ١٦٣٨.
(٢) انظر : مسـند أحمد ١ / ٤٠ ـ ٤١ ، سـنن أبي داود ٢ / ٢٤١ ح ٢١٠٦ ، سـنن الترمذي ٣ / ٤٢٢ ـ ٤٢٣ ح ١١١٤ ، سـنن النسـائي ٦ / ١١٧ ، سـنن ابن ماجة ١ / ٦٠٧ ح ١٨٨٧ ، سـنن الدارمي ٢ / ٩٩ ح ٢١٩٦ ، سـنن سـعيد بن منصور ١ / ١٦٥ ـ ١٦٧ ح ٥٩٥ ـ ٥٩٨ ، مسـند الحميدي ١ / ١٢ ـ ١٣ ح ٢٣ ، مسـند البزّار ١ / ٤٥٢ ح ٣٢٠ و ٣٢١ ، مصنّف عبـد الرزّاق ٦ / ١٧٥ ـ ١٧٦ ح ١٠٤٠١ وص ١٨٠ ح ١٠٤٢٠ ، المعجم الأوسـط ١ / ٢٤٩ ح ٥٧٤ وج ٤ / ١٨٥ ح ٣٥٨٦ ، علل الدارقطني ٢ / ٢٣٢ ـ ٢٣٣ سـؤال ٢٤١ ، مسـند الطيالسـي : ١٢ ح ٦٤ ، مسـند عمر ـ للنجّاد ـ : ٨٩ ح ٦٧ ، المسـتدرك على الصحيحين ٢ / ١٩٢ ـ ١٩٣ ح ٢٧٢٥ ـ
* ومن روايات مخالفينـا الباطلـة
، أنّهم يقولون : كان أبو بكر وعمر وزيرين لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(١)
؛ وهو باطل ؛ لأنّا لا نعرف أنّ الوزارة في اللغـة إلاّ المعاونة والمسـاعدة خاصّـة(٢)
، فمعـونـة رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)لا تـكون إلاّ من وجهين : أحدهمـا
: المعونـة على تأديـة الرسـالة ، أي تبليـغ النـاس عن رسـول الله (صلى الله عليه
وآله وسلم) دينَه الذي جاء به من عنده(٣)
، كما حكى الله عزّ وجلّ عن هارون ، فقال تعالى : (وَاجْـعَل لِي وَزِيـراً
مِـنْ أَهْـلِي * هَـارُونَ أَخِي)(٤)
، وقال تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَـى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا
مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيراً)(٥)
، وكان هارون مبلِّغاً مع موسـى رسـالاتِ ربّـه. الثـاني
: المعاونـة عـلى مجاهـدة الكـفّار ومحـاربتـهم ، ولا نعـرف في وزارة الرسـول (صلى
الله عليه وآله وسلم) وجهاً آخر ثالثاً ؛ وذلك أنّ الوزارة لسـائر الناس غيـر الأنبـياء
بالـرأي والمشـورة والتدبـيـر ، وهـذه أحـوال لا تصلـح لرسول الله (صلى الله عليه
وآله وسلم) ؛ لأنّه مؤيّد من عند الله تعالى بألطاف وعصمة ووحي. * ورووا ـ أيضاً ـ مخالفونا
، أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : ما نفعني __________________ ٢٧٢٨ وصحّحه وأقـرّه الذهبي
، المقصد العلي في زوائد أبي يعلى ٢ / ٣٣٤ ح ٧٥٧ ، موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبّان
: ٣٠٧ ح ١٢٥٩. (١) انظر : التاريخ الكبير
ـ للبخاري ـ ٢ / ١٥٩ رقم ٢٠٥٠ عن تليد ، ثمّ قال : «تكلّم يحيى بن معين في تليد ورماه»
، تاريخ بغداد ٣ / ٢٩٨ وقال : «تفـرّد بروايتـه محمّـد بن مجيب» ثمّ ذكر قول يحيى بن
معين فيه : «كان كـذّاباً عدوّ الله» ، تاريخ دمشـق ٤٤ / ٦٣ ـ ٦٥ ، البداية والنهاية
٧ / ١٠٨. (٢) انظر مادّة «وزر»
في : لسـان العرب ١٥ / ٢٨٥ ، تاج العروس ٧ / ٥٨٩. (٣) أي من عنـد الله تعـالى. (٤) سـورة طـه ٢٠ : ٢٩
و ٣٠. (٥) سـورة الفرقان ٢٥
: ٣٥.
[مال](١) كمال أبي بكر ، لقد زوّجني ابنته ، وأنفق علَيَّ أربعين ألف دينـار(٢).
قلت : هذا خبر مكذوب(٣) ؛ لأنّ النظر في الخبر أصحّ من الخبر ؛
__________________
(١) ما بين المعقوفتين أضفـناه من المصادر المذكورة أدناه ؛ لضرورة السـياق.
(٢) انظر : مسـند أحمد ٢ / ٢٥٣ و ٣٦٦ ، سـنن الترمذي ٥ / ٥٦٨ ـ ٥٦٩ ح ٣٦٦١ ، سـنن ابن ماجة ١ / ٣٦ ح ٩٤ ، مسـند أبي يعلى ٧ / ٣٩٢ ح ٤٤١٨ وج ٨ / ٣٠٨ ح ٤٩٠٥ ، مسـند الحميدي ١ / ١٢١ ح ٢٥٠ صدر الحديث ، الإحسـان بترتيب صحيح ابن حبّان ٩ / ٤ ـ ٥ ح ٦٨١٩ و ٦٨٢٠ ، السُـنّة ـ لابن أبي عاصم ـ : ٥٦٣ ح ١٢٢٩ ـ ١٢٣٢ ، تاريخ دمشـق ٣٠ / ٥٦ ـ ٦٦.
وراجـع : الاسـتغاثة ٢ / ٢٩.
(٣) وأكذب منه ما روي عن عائشـة ، أنّها قالت : «فخرت بمال أبي في الجاهلية وكان ألف ألف أوقية» ؛ كما في : السـنن الكبرى ـ للنسـائي ـ ٥ / ٣٥٨ ـ ٣٥٩ ح ٩١٣٨ ، والمعجم الكبير ٢٣ / ١٧٤ ح ٢٧٢ ، والسُـنّة ـ لابن أبي عاصم ـ : ٥٦٤ ح ١٢٣٨ ، ومجمع الزوائد ٤ / ٣١٧ ، وكـنز العمّال ١٦ / ٥٦١ ح ٤٥٨٧٤ ..
وأنّه كان لأبي بكر ثلاثمئة وسـتّون كرسـيّـاً ، على كلّ كرسيّ حُلّة بألف دينار ؛ كما في عمدة التحقيق : ١٠٢.
وأنت جدّ عليم بأنّ ألف ألف أوقية تعني أربعين مليون درهم من الفضّة ، أو أربعة ملايين دينار ذهبي ، ولا يخفى ماذا يعني هذا المبلغ من الدراهم أو الدنانير آنذاك ، مضافاً إلى ثلاثمئة وسـتّين ألف دينار ثمن الحلل ، فضلا عن ثمن الكراسـي!!
هذا مع غضّ النظر عمّا يسـتلزم ذلك من فراش ورياض ، وغرف وإيوانات ، وخدم وحشـم ، وخيل وأنعام ، وغلال وضياع!
ولو قارنت هذا بنقود هذه الأيّام ، مع حسـاب مبدأ القيمة الحالية للعملة ، لبلغ عدّة مليارات من العملة الصعبة ، وهذا ما لم يتـأتّ لأحد من الغسـاسـنة والنعامنـة والتبابعة!
بل إنّ ثروة قريـش بأجمعها لا تكاد تبلغ عشـر العشـر من أموال الصدّيق هذه ، فقد ذكر أرباب السـير ، أنّه لم يبق بمكّة قرشي ولا قرشـية له مثقال فصاعداً إلاّ بعث به في عير قريش التي أراد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) التعرّض لها ، وكانت سـبباً في معركة
وذلك أنّـه من أنفق مثل هذا المال على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لا بُـدّ أن يعرف
__________________
بدر الكبرى ، حتّى إنّ المرأة لتبعث بالشيء التافه ، فكان يقال : إنّ فيها لخمسـين ألف دينار ، وقالوا أقلّ ، وإن كان ليقال : إنّ أكثر ما فيها من المال لآل سـعيد بن العاص ـ أبي أُحيحة ـ ، إمّا مالٌ لهم ، أو مال مع قوم قراض على النصف ، فكانت عامّة العير لهم ..
ويقال : كان لبني مخزوم فيها مئتا بعير ، وخمسـة أو أربعة آلاف مثقال ذهب ، وكان يقال : للحارث بن عامر بن نوفل فيها ألف مثقال ، وكان لأُميّة بن خلف ألفا مثقال ، ولبني عبـد مناف فيها عشـرة آلاف مثقال ؛ كما في مغازي الواقدي ١ / ٢٧ ، وشـرح الزرقاني على المواهب ٢ / ٢٦٣.
ولا ندري من أين جمع أبو بكر هذه الثروة؟!
هل ورثها من أبي قحافة الذي كان يمتهن صيد القماري والدباسي؟! كما في الصوارم المهرقة : ٣٢٤.
أم من المناداة على مائدة عبـد الله بن جدعان بقوت بطنه؟! والذي يقول فيه أُميّة بن أبي الصلت :
|
لـه داع بمكّـة مشـمعل |
|
وأُخرى فوق دارته ينادي |
انظر : المنمّق : ٣٧٢ ، الأغاني ٨ / ٣٤٢.
أم من عمله هو في الجاهلية معلّماً ، وفي الإسـلام خيّاطاً؟! كما في الصوارم المهرقة : ٣٢٤ نقلا عن البخاري.
أم من عمله في حلب الأغنام؟! كما في الطبقات الكبرى ـ لابن سـعد ـ ٣ / ١٧٠ ، تاريخ دمشـق ٣٠ / ٣٢٢ ـ ٣٢٣ ، صفة الصفوة ١ / ١٠٩.
أم من عمله بـزّازاً؟! كما في المعـارف ـ لابن قتيبة ـ : ٣١٩ ، الأعلاق النفيسـة ـ لابن رسـتة ـ : ٢١٥ ، ولم يكن في عمله هذا صاحب حانوت أو متجر ، بل كان يحمل الأثواب على رقبته ويدور في الأسـواق والأزقّـة ليبيعها ، كما في الطبقات الكبرى ـ لابن سـعد ـ ٣ / ١٦٨ ـ ١٦٩ ، تاريخ دمشـق ٣٠ / ٣٢١ ، صفة الصفوة ١ / ١٠٨ ـ ١٠٩.
ولسـنا هنا في معرض الحطّ من قيمة هذه المهن وانتقاص أصحابها ، فعمل المؤمن في حدّ ذاته عبادة ، ولكنّنا نقول : إنّ هذه المهن والأعمال لا يمكن أن يتأتّى منها تلكم الأموال الطائلة!
راجع كتابنا : شـبهات السـلفية : ٢٣٩ ـ ٢٤١.
موضعه ، ومتّى أنفقه ، وحيث أنفقه ؛ ولسـنا نعلم لرسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) موطناً غير مكّـة والمدينـة!
فإن زعموا أنّـه أنفقه بمكّـة ..
قلنا لهم : هذا بيّن المحـال!
فيقولون : إنّـه جهّز به الجيـوش ..
فظهـر كذبهـم ؛ لأنّ الرسـول (صلى الله عليه وآله وسلم) بإجمـاع الأُمّـة لـم يشـهر هـو ولا أحد من الصحابة سـيفاً بمكّة ، ولم يأمر أحداً منهم بجهاد ، بل كان يأمرهم بالتقية ، وإنّما جميع من أسلم معه أربعون رجلا(١) ، فلمّـا كـثر عليهم الأذى من قريـش ولّى عليهم جعفـر بن أبي طالب وأخرجهم معه إلى الحبشـة ، وكانوا بها إلى أن هاجـر رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فقـدموا عليه بعـد سـنتين من الهجـرة(٢) ..
ولقد كان رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ بشـهادة العامّ والخاصّ ـ أغنى الناس بعد تزويجه بخديجة بنت خويلد رضي الله عنها ، وكانت من أيسـر نسـاء قريش وأكثرهم مالا ، وكانت باقية حيّـة إلى سـنة الهجرة ثمّ توفّيت(٣) ، وكان لا يحتاج مع مالها إلى أحد.
وأجمعوا أهل الإيمـان ، أنّ عليّـاً عليهالسلام قال : «لقد صلّيت خلف
__________________
(١) انظر : الاسـتغاثة ٢ / ٣٠.
(٢) انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سـعد ـ ١ / ١٧٦ ـ ١٧٧ ، المنتظم ٢ / ١٣١ ، الاسـتغاثة ٢ / ٣٠.
(٣) انظر : الاسـتغاثة ٢ / ٣٠ ، والمشـهور أنّ وفاتها عليهاالسلام في أواخر السـنة العاشـرة من البعثـة ، وقيل غير ذلك.
رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل كلّ أحد سـبع سـنين»(١) ، وذلك من حين أظهر رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دعوته ، وبقي عليهالسلام بمكّة ثلاثة عشـر سـنة من بعد البعثة إلى الهجرة ، فيكون إسـلام أبي بكر بعد سـبع سـنين بأشـهر ، فإنّما قام رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بمكّة بعد إسـلام أبي بكر في نحو من خمس سـنين وأشـهر.
فيا أيّها المسـلمون! هل يقدر أن ينفق الرسـول في مدّة خمس سـنين وأشـهر أربعين ألف دينار مع كـثرة مال خديجـة بنت خويلـد؟!
وإن قالوا : أنفقه عليه في المدينـة ..
فقد علم الخاصّ والعامّ أنّ أبا بكر لمّا وصل المدينة كان مفتقراً إلى مواسـاة الأنصار ، وكان رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غنيٌّ بالغنائم ..
وفي ابتداء الهجرة كان(٢) في ضيافات الأنصار يتداولون ضيافته(٣) ،
__________________
(١) رواه أحمد في مسـنده ١ / ٩٩ ، وفي الفضائل ٢ / ٧٢٦ ح ٩٩٣ وص ٨٤٨ ح ١١٦٤ ، والنسـائي في السـنن الكبرى ٥ / ١٠٦ ـ ١٠٧ ح ٨٣٩٥ و ٨٣٩٦ ، وابن ماجة في سـننه ١ / ٤٤ ح ١٢٠ ، وأبو يعلى في مسـنده ١ / ٣٤٨ ح ٤٤٧ ، والطبراني في المعجم الأوسـط ٢ / ٢٤٠ ح ١٧٦٧ ، والحاكم في المسـتدرك على الصحيحين ٣ / ١٢١ ح ٨٥٨٤ و ٨٥٨٥ ، وابن أبي شـيبة في المصنّف ٧ / ٤٩٨ ح ٢١ ، وابن أبي عاصم في السُـنّة : ٥٨٤ ح ١٣٢٤ ، وابن جرير في تاريخه ١ / ٥٣٧ ، وأبو هلال العسـكري في الأوائل : ٩١ ، وأبو نُعيم في معرفة الصحابة ١ / ٨٦ ح ٣٣٩ ، والثعلبي في تفسـيره ٥ / ٨٥ ، وابن عبـد البرّ في الاسـتيعاب ٣ / ١٠٩٥ ، وابن منده في فوائده ـ فوائد ابن ماسي ـ ١ / ٥٤ ح ١٣٣ ، وابن عسـاكر في تاريخ دمشـق ٢ / ٢٨ و ٣٠ ـ ٣١.
(٢) أي رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
(٣) انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سـعد ـ ١ / ٢٠٣ ـ ٢٠٤ ، السـيرة النبوية ـ لابن هشـام ـ ٣ / ٢٠ ـ ٢٨ ، السـيرة النبوية ـ لابن حبّان ـ : ١٤٠ ـ ١٤٤ ، البداية والنهاية ٣ / ١٥٩ ، السـيرة الحلبية ٢ / ٢٧٧ ، الاسـتغاثة ٢ / ٣١.
وكان في أوقات كـثيرة يشـدّ حجر المجاعة على بطنه ويطوي اليومين والثلاثـة(١).
وممّا يدلّ على فسـاد هذا الحديث ، قعود أبي بكر وعمر وغيرهما عن مناجاة الرسـول بسـبب الصدقة أيّام المناجاة غير عليّ عليهالسلام ؛ فإنّه تصدّق بعشـرة دراهم فناجاه الرسـول عشـر مرّات(٢).
وقال بعض علمائنا : كيف ينفق أبو بكر على الرسـول (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا المال العظيم وأبوه فقير ينادي على مائدة عبـد الله بن جدعان سـيّد بني تيـم ، كلّ يوم مدّاً تعيين قوته(٣) ، فلو كان غنياً لأغنى أباه عن هذه المرتبـة؟!
وأيضاً : مَن ينفق هذا المال العظيم على رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم تنزل
__________________
(١) انظر : سـنن الترمذي ٤ / ٥٠٦ ح ٢٣٧١ ، الشـمائل النبويّة ـ للترمذي ـ : ٤٥٤ ح ٣٧٣ ، مسـند أحمـد ٣ / ٣٠٠ ، مسـنـد أبي يعلـى ٤ / ٨ ح ٢٠٠٤ ، تهـذيب الآثـار ـ لابن جرير ـ مسـند عبـد الله بن عبّـاس / السـفر الأوّل : ٢٧٤ ح ٤٦٠ ، أخـلاق النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ لأبي الشـيخ ـ : ٢٨٨ ح ٨٣٠ ، شـرح السُـنّة ـ للبغوي ـ ٨ / ٢٠٢ ـ ٢٠٣ ح ٤٠٧٨ ، الشـمائل ـ للبغوي ـ ١ / ٣٢٩ ح ٤٣٩ ، مجمع الزوائد ١٠ / ٣١٤.
(٢) انـظر : مصنّف ابن أبي شـيبة ٧ / ٥٠٥ ح ٦٢ ، تفسـير مجاهد : ٦٥١ ، تفسـير عبـد الرزّاق ٢ / ٢٨٠ ، تفسـير الطبري ١٢ / ٢٠ ـ ٢١ ح ٣٣٧٨٨ ـ ٣٣٧٩١ ، المسـتدرك على الصحيحين ٢ / ٥٢٤ ح ٣٧٩٤ وصحّحه هو والذهبي ، أحكام القرآن ـ للجـصّـاص ـ ٣ / ٦٣٩ ، تـفـسـير الثـعلبي ٩ / ٢٦١ ـ ٢٦٢ ، النـاسـخ والمنـسـوخ ـ للنحّاس ـ : ٢٣٣ ، الإيضاح لناسـخ القرآن ومنسـوخه : ٤٢٦ ، الأوائل ـ لأبي هلال العسـكري ـ : ١٤٢ ، الوسـيط في تفسـير القرآن ـ للواحدي ـ ٤ / ٢٦٦ ، تفسـير البغوي ٤ / ٢٨٣ ، تفسـير ابن كثير ٤ / ٣٢٧ ، الدرّ المنثور ٨ / ٨٤ عن عبـد الرزّاق ، وعبـد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وسـعيد بن منصور وإسـحاق بن راهويه وابن أبي شـيبة والحاكم.
(٣) راجع الصفحة ٣٨٩ ـ ٣٩٠ هامش ٣.
فيه آية واحدة ، من العجائب! ألا يرى إلى مدح الله عليّـاً عليهالسلام حيث تصدّق على السـائل بخاتمه في ركوعه(١) ، وهذا المال الذي تعدّونه أنّ أبا بكر أنفقه على رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أزيد من الخاتم ، يا بئسـما تخلفون لأصحابكم من المدح الكواذب ، إنْ هذا إلاّ بهتان عظيم؟!
ورويتم أنّ رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سـمّى عثمان ذا النورين(٢) ، فقد فضّلتموه على أبي بكر وعمر ؛ لأنّ لكلّ واحد نوراً واحداً ؛ لقوله تعالى :
__________________
(١) وهو قوله تعالى : (إِنَّمَا وَلِيُّـكُمُ الله وَرَسُـولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّـلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) سـورة المائدة ٥ : ٥٥.
وقد نزلت هذه الآية الكريمة لمّا تصدّق عليٌّ عليهالسلام بخاتمه وهو راكع على المسـكين بمحضر من الصحابة ، وكان قد سـأل ولم يعطه أحد ، وقد روى نزولها في عليّ عليهالسلام جمع من أئمّة الحديث والحفّاظ والمفسّـرين ، منهم : رزين العبدري في «الجمع بين الصحاح السـتّة» عن النسـائي ، كما في جامع الأُصول ٨ / ٦٦٤ ح ٦٥١٥ ، والطبراني في المعجم الأوسـط ٦ / ٢٩٤ ح ٦٢٣٢ ، وابن أبي حاتم في تفسـيره ٤ / ١١٦٢ ح ٦٥٤٩ و ٦٥٥١ ، وابن جرير في تفسـيره ٤ / ٦٢٨ ـ ٦٢٩ ح ١٢٢١٥ ـ ١٢٢١٩ ، والسُّـدّي في تفسـيره : ٢٣١ ، وأبو جعفر الإسـكافي في المعيار والموازنة : ٢٢٨ ، والبلاذري في أنسـاب الأشـراف ٢ / ٣٨١ ، والجصّاص في أحكام القرآن ٢ / ٦٢٥ ـ ٦٢٦ ، والحاكم في معرفة علوم الحديث : ١٠٢ ، والثعلبي في تفسـيره ٤ / ٨٠ ـ ٨١ ، والماوردي في تفسـيره ٢ / ٤٩ ، والخطيب في المتّفق والمفترق ١ / ٢٥٨ ح ١٠٦ ، والواحدي في أسـباب النزول : ١١٠ ـ ١١١ ، والبغوي في تفسـيره ٢ / ٣٨ ، وابن عسـاكر في تاريخ دمشـق ٤٢ / ٣٥٧ ، والسـيوطي في الدرّ المنثور ٣ / ١٠٤ ـ ١٠٦ عن الخطيب وعبـد الرزّاق وعبـد بن حميد وابن جرير وأبي الشـيخ وابن مردويه والطبراني وابن أبي حاتم وابن عسـاكر.
وقد صرّح العضد الإيجي في المواقف : ٤٠٥ ، والتفتازاني في شـرح المقاصد ٥ / ٢٧٠ ، والشـريف الجرجاني في شـرح المواقف ٨ / ٣٦٠ ، والقوشـجي في شـرح التجريد : ٤٧٦ بإجماع المفسّـرين واتّفاقهم على نزول هذه الآية في عليّ عليهالسلام.
(٢) انظر : معرفة الصحابة ١ / ٦٢ ـ ٦٣ رقم ٢٣٧ ـ ٢٤٠ ، الاسـتيعاب ٣ / ١٠٣٩ ، أسـد الغابة ٣ / ٤٨١ ، الإصابة ٤ / ٤٥٦ ، الاسـتغاثة ٢ / ٥٤.
(وَيَجْعَل لَكُمْ نُوراً تَمْشُـونَ بِهِ)(١) وقوله تعالى : (نُورُهُمْ يَسْـعَى بَيْنَ أَيْدِيِهمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ)(٢) ؛ فلأنّ مَن له نورين أفضل ممّن له نور واحد.
ورويتم أنّ رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) زوّج عثمان ابنتيه ، وقال : لو كان لنا ثالثة لزوّجناكها(٣) ؛ فقد فضّلتموه على الشـيخين ، وهذا خلاف قولكم ؛
__________________
(١) سـورة الحديد ٥٧ : ٢٨.
(٢) سـورة التحريم ٦٦ : ٨.
(٣) انظر : المعجم الكبير ١٧ / ١٨٤ ح ٤٩٠ ، تاريخ دمشـق ٣٩ / ٤٣ ـ ٤٥ ، مجمع الزوائد ٩ / ٨٣ ، كنز العمّال ١١ / ٥٩١ ح ٣٢٨٢٧ و ٣٢٨٢٨ ، الاسـتغاثة ٢ / ٥٤.
ونـقـول : هذا هو المشـهور ، وفيه تأمّـل لوجوه ثلاثـة :
أوّلا : ذكر أرباب السـير والتاريخ ، أنّ رقية وأُمّ كلثوم كانتا متزوّجتين من ابنَي أبي لهب ثمّ طلّقاهما بعد البعثة ، أو بعد نزول سـورة (تَبَّتْ يَـدَا أَبِـي لَهَب) ، فتزوّج عثمان برقـيّـة ، وهاجـرت معه إلى الحبشـة ، ثمّ توفّيت بعد غزوة بـدر أو في أثنائها ، إلاّ أنّه لم يخبرنا أحد ـ حتّى ولو كان قاصّـاً ـ ما شـأن أُمّ كلثوم بعد طلاقها من ابن أبي لهب الآخر؟!
ثمّ ذكروا أنّ عثمان تزوّجها سـنة ثلاث من الهجرة بعد وفاة رقيّة ، وهذا يعني أنّها بقيت بلا زواج بعد طلاقها لمدّة ثلاثة عشـر عاماً في أقلّ تقدير ، فهل يعقل أن تبقى مثل بنت رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) متعطّلة عن الزواج بعد طلاقها هذه المدّة مع انتفاء المانع ووجود القابل؟!
ثانياً : ذهب جمع من المؤرّخين وأرباب السـير إلى أنّ عثمان تزوّج بعد وفاة رقيّة أُختها زينب ، والتي هي بدورها توفّي زوجها أبو العاص ، إلاّ أنّ هذا لا يمكن القبول به ؛ لأنّ زينب توفّيت سـنة سـبع أو ثمان أو تسـع على اختلاف الأقوال ، أي قبل وفاة زوجها أبو العاص ، الذي توفّي سـنة اثنتي عشـرة من الهجرة كما في الطبقات الكبرى ـ لابن سـعد ـ ٥ / ٨ ، ومعرفة الصحابة ٤ / ٢٣٥٦ رقم ٢٤٨٢ ، والاسـتيعاب ٤ / ١٧٠٤ ، وأُسـد الغابة ٥ / ١٨٦ رقم ٦٠٣٥.
ثالثاً : ذكر المؤرّخون وأصحاب السـير اصطحاب عليّ عليهالسلام للفواطم حين هاجر ، ولم نقرأ أو نسـمع أيَّ ذِكر لأُمّ كلثوم ، ولا أحصاها عادٌّ في مَن هاجر مع عليّ عليهالسلام ، ولم يذكر أحد أنّها بقيت في مكّة ولا كيفية التحاقها بالنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)!
لأنّكم رويتم في صحاحكم أنّ أبا بكر خطب إلى رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم يزوّجه(١) ، وهذا يدلّ على أنّ عثمان أفضل من أبي بكر ؛ فقد انتقضت روايتكم.
__________________
كلّ هذا يدعونا للشكّ في أصل وجود أُمّ كلثوم المدّعاة ، سواء قلنا : إنّها ابنة رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، أو بنت خديجة ، أو ربيبة رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، كما ذهب إلى ذلك بعض الأعلام.
انظر : الاسـتغاثة ١ / ٦٤ ، مناقب آل أبي طالب ـ لابن شهر آشوب ـ ١ / ٢٠٩.
والظاهر أنّ وجودها ممّا اختلقته يد الأوهام والأسـاطير ، وإلاّ فهي كنية لرقيّـة.
(١) انظر : فضائل الصحابة ـ لأحمد بن حنبل ـ ٢ / ٧٦١ ـ ٧٦٢ ح ١٠٥١ ، سـنن النسـائي ٦ / ٦٢ ، السـنن الكبرى ـ للنسـائي ـ ٣ / ٢٦٥ ح ٥٢٣٩ وج ٥ / ١٤٣ ح ٨٥٠٨ ، المعجم الكبير ٤ / ٣٤ ح ٣٥٧١ وج ٢٢ / ٤٠٩ ح ١٠٢١ ، الإحسـان بترتيب صحيح ابن حبّان ٩ / ٤٩ ـ ٥١ ح ٦٩٠٥ و ٦٩٠٩ ، المسـتدرك على الصحيحين ٢ / ١٨١ ح ٢٧٠٥ وصحّحه هو والذهبي ، الطبقات الكبرى ـ لابن سـعد ـ ١٠ / ٢٠ ، الذرّية الطاهرة ـ للدولابي ـ : ٩٣ ح ٨٣ ، معرفة الصحابة ـ لأبي نُعيم ـ ٢ / ٨٩٥ ح ٢٣١١ ، جواهر العقدين : ٣٠١ ـ ٣٠٢ عن أبي داود السـجسـتاني.
في خبر تظلّمه عليهالسلام في مَن تقدّم عليه من الخلفاء ،
وأنّ سـكوته كان لعدم الأنصار
ما رواه جماعـة من أهل الآثـار ، أنّ قومـاً من النـاس قالوا : ما بـال عليٍّ عليهالسلام لم ينازع أبا بكر [وعمر](١) وعثمان كما حارب طلحةَ والزبير؟!
فبلغ الخبر أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، فأمر أن ينادي الصلاة جامعة ، فلمّا اجتمعوا قام فيهم خطيباً ، فحمد الله تعالى وأثنى عليه وذكر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ثمّ قال : معشـر الناس! بلغني أنّ قوماً قالوا : ما باله لم ينازع أبا بكر وعمر وعثمان كما نازع طلحة والزبير؟!
فإنّ لي في سـبعةِ أنبياءِ اللهِ أُسـوة :
أوّلهم : نوح عليهالسلام ؛ إذ قال الله تعالى مخبراً عنه : (أَنِّـي مَـغْلُوبٌ فَانتَصِرْ)(٢) ..
فإن قلتم : ما كان مغلوباً ؛ كفرتم أو كـذّبتم القرآن ؛ وإن كان نوح عليهالسلاممغلوبـاً ؛ فعليٌّ أعذر.
الثاني : إبراهيم الخليل عليهالسلام ؛ حيث (قال : يقول)(٣) : (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ الله)(٤) ..
فإن قلتم : إنّـه اعتزلهم من غير مكروه ؛ فقد كفرتم ؛ وإن قلتم : إنّـه
__________________
(١) أضفناه من المصادر المذكورة في الهامش ٢ من الصفحة ٣٩٩.
(٢) سـورة القمر ٥٤ : ١٠.
(٣) كـذا في الأصل ، وإحداهما زائدة إن لم يكن هناك سـقط ؛ فلاحـظ!
(٤) سـورة مريم ١٩ : ٤٨.
رأى المكروه فاعتزلهم ؛ فأنا أعذر.
و [الثالث :](١) ابن خاله لوط عليهالسلام ؛ إذ قال لقومه : (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْن شَـدِيد)(٢) ..
فإن قلتم : إنّـه كان له بهم قـوّة ؛ فقد كفرتم ؛ وإن قلتم : إنّه لم يكن له بهم قـوّة ؛ فأنا أعذر.
و [الرابـع :](٣) يوسـف عليهالسلام ؛ إذ قال : (رَبِّ السِّـجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ)(٤) ..
فإن قلتم : إنّـه كان دعا لغير مكروه بسـخط ؛ فقد كفرتم ؛ وإن قلتم : إنّـه دعا لِما سـخط الله تعالى فاختار السـجن ؛ فأنا أعذر.
و [الخامس :](٥) موسـى بن عمران عليهالسلام ؛ إذ قال : (فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَـلِينَ)(٦) ..
فإن قلتم : إنّـه لم يفرّ منهم خوفاً على نفسـه ؛ فقد كـذّبتم الله تعالى في قوله ؛ وإن قلتم : كان ذلك خوفاً ؛ فالوصيّ أعذر.
و [السادس :](٧) هارون عليهالسلام خليفة أخيه ؛ إذ قال : (ابْـنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْـتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي)(٨) ..
__________________
(١) أضفناه لمقتضى النسـق.
(٢) سـورة هود ١١ : ٨٠.
(٣) أضفناه لمقتضى النسـق.
(٤) سـورة يوسـف ١٢ : ٣٣.
(٥) أضفناه لمقتضى النسـق.
(٦) سـورة الشـعراء ٢٦ : ٢١.
(٧) أضفناه لمقتضى النسـق.
(٨) سـورة الأعراف ٧ : ١٥٠.
فإن قلتم : إنّهم لم يسـتضعفوه ولا كادوا يقتلوه حيث نهاهم عن عبادة العجل ؛ فقد كفرتم ؛ وإن قلتم : إنّهم اسـتضعفوه وكادوا يقتلوه لقلّة من يعينه ؛ فالوصيّ أعذر.
و [السابـع :](١) نبـيّـنا (صلى الله عليه وآله وسلم) ؛ إذ هرب إلى الغار ..
فإن قلتم : هرب من غير خوف على نفسـه من القتل ؛ فقد كفرتم ؛ وإن قلتم : إنّهم أخافوه فلم يسـعه إلاّ الهرب ؛ فالوصيّ أعذر.
قال الراوي : فقال الناس : صدقت يا أمير المؤمنين(٢).
__________________
(١) أضفناه لمقتضى النسـق.
(٢) انظر : علل الشـرائع ١ / ١٧٨ ـ ١٧٩ ح ٧ ، الاحتجاج ١ / ٤٤٦ ـ ٤٤٨ ح ١٠٣ ، منـاقب آل أبي طالب ـ لابن شـهر آشـوب ـ ١ / ٣٣١ ، الفضائل ـ لشـاذان بن جبرئيل ـ : ١٢٨ ، الطرائف ـ لابن طاووس ـ : ٤٢٥ ـ ٤٢٧.
* وممّا رووه مخالفونا
عن عبـد الله بن عمرو بن العاص ، الذي كان يقاتل عليّـاً عليهالسلام مع معاوية بصفّين ،(١)
[قال : أتيت رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، قال : «يطلع عليكم رجل من أهل
النار ؛ وقد تركت أبي يتهيّأ ليلحقني ، فاطّلع علينا معاوية فسُـرِّي عنّي ؛ قال شـريك
: ما كان أسـوأ ظـنّه بأبيه!](٢). ومن
رواتكم : كعب الأحبار(٣)
، الذي قام إليه أبو ذرّ رضیاللهعنه
بين يدَي عثمان فضرب رأسـه حتّى شـجّه ، وقال : يا بن اليهودية! متى كان مثلك
يتكلّم في الدين ، والله ما خرجت اليهودية من قلبك(٤). __________________ (١) الظاهر أنّ هنا سـقطاً
كما يقتضيه السـياق ، أتممناه من «الإيضاح». (٢) الإيضاح ـ لابن شـاذان
ـ : ٤٣ ، وانظر : كتاب صفّين ـ للمنقري ـ : ٢١٩ ـ ٢٢٠ ، أنساب الأشراف ٥ / ١٣٤ ، مناقب
الإمام عليّ بن أبي طالب ـ للكوفي ـ ٢ / ٣١١ ح ٧٨٤ ، شرح الأخبار ٢ / ١٤٧ ـ ١٤٨ ح
٤٥١ ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١٥ / ١٧٦. (٣) هو : كعب بن ماتع
الحميري (ت ٣٢ هـ) ، أسلم في عهد عمر بن الخطّاب وقرّبه وسـمح له بأن يقصّ ، ومن بعده
عثمان ، وعن طريقه دخلت كثير من الإسـرائيليات في تراثنا الإسـلامي ؛ قال ابن كثير
: «والأقرب في مثل هذه السـياقات أنّها متلقّاة عن أهل الكتاب ممّا وُجد في صحفهم
؛ كروايات كعب ووهب ، سـامحهما الله تعالى في ما نقلاه إلى هذه الأُمّة من أخبار بني
إسـرائيل من الأوابد والغرائب والعجائب ، ممّا كان وممّا لم يكن ، وممّا حُـرّف وبُـدّل
ونُسـخ» ، وقد روى أبو هريرة عن كعب كثيراً من هذه الأخبار ؛ خرّج له أبو داود ، والترمذي
، والنسـائي. انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سـعد ـ ٩
/ ٤٤٩ ، التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ ٧ / ٢٢٣ ، الجرح والتعديل ٧ / ١٦١ ، تاريخ
دمشـق ٥٠ / ١٥١ ، سـير أعلام النبلاء ٣ / ٤٨٩ ، تفسـير ابن كثير ٣ / ٣٥٤ ، تهذيب
التهذيب ٨ / ٤٣٨. (٤) انظر : مسـند أحمد
١ / ٦٣ ، المقصد العلي في زوائد أبي يعلى ٤ / ٤٩٤ ح
ومن
فقهائكم وعلمائكم : عبـد الله بن عمر ،
الذي قعد عن بيعة عليّ بن أبي طالب عليهالسلام
، ثمّ مضى إلى الحجّاج ، فقال : هات يدك أُبايعك ، فإنّي سـمعت رسـول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم) يقول : «من
مات وليـس له إمام مات ميتـة جاهلـيّـة»(١). ومن
فقهائكم وعلمائكم : عطاء بن أبي رباح(٢)
، الذي شـكّ في المسـح على الخفّين ، والمسـح على الخفّين عندكم سُـنّة ، فقد شـكّ
في سُـنّة رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(٣). __________________ ٢٠٢١ ، أنسـاب الأشـراف
٦ / ١٦٦ ، تاريخ الطبري ٢ / ٦١٦ ، مروج الذهب ٢ / ٣٣٩ ـ ٣٤١ ، حلية الأولياء ١ /
١٦٠ ، تاريخ دمشـق ٦٦ / ١٩٧ ـ ١٩٨ ، سـير أعلام النبلاء ٢ / ٦٦ ـ ٦٩ ، مجمع الزوائد
١٠ / ٢٣٩. (١) انظر : الإيضاح ـ
لابن شاذان ـ : ٣٤ ـ ٣٥ ، الفصول المختارة : ٢٤٥ ، المسـترشد : ١٧٨ ، الطرائف : ٢٠٩
ـ ٢١٠ عن كتاب «نديم الفريد» لابن مسكويه. (٢) هو : عطاء بن أبي
رباح أسلم المكّي ، مولى بني فهر (ت ١١٥ هـ) ، وُصف بشـيخ الإسـلام ، مفتي الحرم ،
روى عن عدد من الصحابة ، وروى عنه خلق من التابعين وأتباعهم ، وكان أسـود ، أعور ،
أفطس ، أشـلّ ، أعرج ، ثمّ عمي بعـد ذلك ، وكانوا يضعّفون مرسـلاته ، ومع ذلك فقد خـرّج
له السـتّة! .. قال عنه يحيى القطّان : «مرسـلات مجاهد
أحبّ إلينا من مرسلات عطاء بكـثير ، كان عطاء يأخذ من كلّ ضرب». وقال أحمد : «ليـس في المرسـل أضعف من
مرسـل الحسـن وعطاء ، كانا يأخذان عن كلّ أحد». وقال عليّ بن المديني : «كان عطاء
بأَخرة قد تركه ابن جريج ، وقيس بن سـعد». انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سـعد ـ ٨
/ ٢٨ ، التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ ٦ / ٤٦٣ ، التاريخ الصغير ـ للبخاري ـ ١ / ٢٧٧
، المعارف ـ لابن قتيبة ـ : ٢٥٢ ، الجرح والتعديل ٦ / ٣٣٠ ، طبقات الفقهاء ـ لأبي
إسـحاق الشـيرازي ـ : ٦٤ ، ميزان الاعتدال ٥ / ٨٩ رقم ٥٦٤٦ ، سـير أعلام النبلاء ٥
/ ٧٨ ، تهذيب التهذيب ٧ / ١٩٩. (٣) انظر : عمدة القاري
٣ / ٩٧ ، تفسـير الفخر الرازي ١١ / ١٦٧ ، المسـترشد : ١٧٩.
ومن
فقهائكم وعلمائكم : إبراهيم(١)
، الذي تخلّف عن (عليّ بن الحسـين عليهالسلام)(٢). ومـن
فـقهـائـكم : أبـو حنيفـة ، الـذي
زعـم إشـعارَ البـدن مـثلـة فـلا إشعار(٣)
، وقد روت عائشـة عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، أنّـه كان يُشـعِر بدنَـه(٤). __________________ (١) هو : إبراهيم بن يزيد
النخعي ، وُصف بالإمام الحافظ ، فقيه العـراق ، وهو في عداد أهل الاجتهاد ومن أئمّة
المذاهب المنقرضة ، وعدّه ابن قتيبة من الشـيعة ، خرّج له السـتّة ، وكان مطلوباً من
الحجّاج ، فلمّا وصله خبر موته سـجد لله شـكراً وبكى من الفرح ، وكان يبغض المرجئة
ويشـنّع عليهم ، وكان لا يأخذ بحديث أبي هريرة إلاّ ما كان من صفة جنّـة أو نار أو
حـثّ على عمل صالح أو نهي عن شـرّ جاء به القرآن ، وكان الأعمش يعرض عليه الحديث فإذا
كان فيه «عن أبي هريرة» يقول : «دعني من أبي هريرة». وقد توفّي سـنة سـتّ وتسـعين ، وله تسـع
وأربعون سـنة ، فتـكون ولادتـه سـنة سـبع وأربعين ؛ وعلى هذا يكون عمره يوم
اسـتشـهاد الحسـين عليهالسلام أربعة عشـر عاماً أو أقلّ ، فالمؤاخذة على تخلّفه
محلّ تأمّـل! انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سـعد ـ ٨
/ ٣٨٨ ، التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ ١ / ٣٣٣ ، الثقات ـ للعجلي ـ : ٥١٤ رقم ٢٠٦١ ،
المعارف ـ لابن قتيبة ـ : ٣٤١ ، الجرح والتعديل ٢ / ١٤٤ ، حلية الأولياء ٤ / ٢١٩ ،
طبقات الفقهاء ـ لأبي إسـحاق الشـيرازي ـ : ٧٩ ، تاريخ دمشـق ٦٧ / ٣٥٩ ـ ٣٦١ ،
سـير أعلام النبلاء ٤ / ٥٢٠ ، تهذيب التهذيب ١ / ١٧٧. (٢) كذا في الأصل ، والظاهر
أنّ الصحيح : الحسـين بن عليّ عليهالسلام. (٣) انظر : مصنّف ابن
أبي شـيبة ٨ / ٣٦٧ ، سـنن الترمذي ٣ / ٢٥٠ ذ ح ٩٠٦ ، الحاوي الكبير ٥ / ٤٨٩ ، المغني
ـ لابن قدامة ـ ٣ / ٥٧٤ ، الشـرح الكبير ٣ / ٥٧٧ ، المجموع شـرح المهذّب ٨ / ٣٥٨. (٤) مصنّف ابن أبي شـيبة
٨ / ٣٦٧ ح ٣ ، مسـند أحمد ٦ / ٧٨ ومواضع أُخر ، صحيح البخاري ٢ / ٣٢٥ ح ٢٧٧ ومواضع
أُخر ، صحيح مسـلم ٤ / ٨٩ ، سـنن أبي داود ٢ / ١٥١ ح ١٧٥٧ ، سـنن النسـائي ٥ / ١٧٠
، سـنن ابن ماجة ٢ / ١٠٣٤ ح ٣٠٩٨ ،
وقال أبو حنيفة : لو أنّ رجلا تزوّج أُمّه على عشـرة دراهم لم يكن زانياً ، ولم يجب عليه الحدّ(١).
ولو أنّ رجلا غاب عن امرأته عشـرين سـنة ، ثمّ قدم وبها حمل ، فالحمل منه ، وإن كان له حبس ، وكذلك لو قدم ومعها ولد ابن سـنة أو أكـثر ، فالولد ولده(٢).
وزعم أنّـه من جعل غلاماً أو امرأة بين أفخاذه ، فلا حـدّ عليه(٣).
ومن فقهائكم : أبو إسـحاق السـبيعي(٤) ، وقد خرج في من قاتل
__________________
مسـند أبي يعلى ٨ / ٢٦٥ ح ٤٨٥٣ ، الإحسـان بترتيب صحيح ابن حبّان ٦ / ١٢٦ ح ٣٩٩٢ ، السـنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٥ / ٢٣٣.
(١) انظر : مصنّف ابن أبي شـيبة ٨ / ٣٨٠ ، شـرح معاني الآثار ٣ / ١٤٩ ، الحاوي الكبير ١١ / ٢٦٩ ، بدائع الصنائع ٧ / ٣٥ ، المنخول ـ للغزّالي ـ : ٥٠٢ ، تفسـير الفخر الرازي ١٠ / ٢٩ ، شـرح فتح القدير ٥ / ٢٥٩ ، الهداية ٥ / ٢٥٩ ، المسـترشـد : ٨٠.
(٢) انظر : الإشـراف على مذاهب أهل العلم ١ / ٢٣٢ ـ ٢٣٣ ، الحاوي الكبير ١٤ / ١٨٤ و ٣٧٥ ـ ٣٧٦ ، بداية المجتهد ٤ / ٤٥٦ ، الإيضاح : ١٣٦ ، المسـترشـد : ١٨١ ، الفصول المختارة : ١٨٦.
(٣) انظر : المحلّى ١١ / ٣٨٢ ، المسـبوط ٩ / ٧٧ ، شـرح فتح القدير ٥ / ٢٦٢ ـ ٢٦٣ ، الهداية ٥ / ٢٦٢ ، نيل الأوطار ٧ / ١٢٤.
(٤) هو : أبو إسـحاق عمرو بن عبـد الله السـبيعي الهَمْداني الكوفي (ت ١٢٧ هـ) ، وصفه الجمهور بالحافظ ، شـيخ الكوفة وعالمها ، خرّج له السـتّة ، وعدّه الشـيخ المفيد من ثقات الإمام عليّ بن الحسـين عليهالسلام ، وأنّه لم يكن في زمانه أعبـد منه ، وأنّه كان يأخذ بأقوال الإمام الباقر عليهالسلام ، وعدّه الشـيخ الطوسي في أصحاب الإمام الحسـن عليهالسلام وفي أصحاب الإمام الصادق عليهالسلام ، ولم نجد ما يؤكّد أنّ الرجل قد خرج في من قاتل الإمام الحسـين عليهالسلام.
انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سـعد ـ ٨ / ٤٣١ ، التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ ٦ / ٣٤٧ ، المعرفة والتاريخ ٣ / ٥ ، الجرح والتعديل ٦ / ٢٤٢ ، سـير أعلام النبلاء
الحسـين عليهالسلام.
ومن فقهائكم : الشـعبي(١) ، خرج مع محمّـد بن الأشـعث(٢) ، وتخلّف عن الحسـين عليهالسلام.
ورويتم عن سـفيان الثوري(٣) ، وقد قيل له : كيف تروي عن أبي
__________________
٥ / ٣٩٢ ، تـهـذيـب التهـذيـب ٨ / ٦٣ ، الاخـتصـاص : ٨٣ ، الإرشـاد ١ / ١٢ و ٤٦ و ٣٢٩ ، رجال الشـيخ الطوسي : ٧١ رقم ٢ وص ٢٤٦ رقم ٣٧٥.
(١) هو : عامر بن شراحيل بن عبـد ذي كبار الشـعبي (ت ١٠٤ هـ) ، وصفه الجمهور بالإمام ، الفقيه ، علاّمة عصره ، خرّج له السـتّة ، كان مقرّباً من عبـد الملك بن مروان ، وبعثه رسـولا إلى ملك الروم ، واسـتقضاه الحجّاج وقرّبه ، إلاّ أنّه خرج عليه مع عبـد الرحمن بن محمّـد بن الأشعث في وقعة دير الجماجم سـنة ٨٣ هـ ، وعفا عنه الحجّاج بعد هذه الوقعة بعد أن أقرّ على نفسـه بالنفاق ، وكان شـرط الحجّاج بالعفو الإقرار بالكفر ، والظاهر أنّ سـبب عفو الحجّاج عنه هو انحرافه عن عليّ عليهالسلام.
انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سـعد ـ ٨ / ٣٦٥ ، التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ ٦ / ٤٥٠ ، المعارف : ٢٥٥ ، الجرح والتعديل ٦ / ٣٢٢ ، أخبار القضاة ٢ / ٤١٣ ، تاريخ بغداد ١٢ / ٢٢٧ ، طبقات الفقهاء : ٧٨ ، تاريـخ دمشـق ٢٥ / ٣٣٥ ، سـير أعلام النبلاء ٤ / ٢٩٤ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٦٥.
(٢) كـذا ، والصحيح أنّه خرج مع عبـد الرحمن بن محمّـد بن الأشـعث بن قيس الكندي ، الذي خرج على الحجّاج مع القرّاء ، والتي عرفت بثورة القرّاء ، ثمّ انهزم ابن الأشـعث في دير الجماجم وفرّ ، وظفر به الحجّاج ، وقُتل سـنة أربع وثمانين ، وقيل : خمس وثمانين.
أمّا محمّـد بن الأشـعث بن قيس ، وأُمّه أُمّ فروة بنت أبي قحافة ، وكانت له عمّـة يهوديّـة ، فكان ممّن شـارك في قتل الحسـين عليهالسلام ، وقتله المختار سـنة سـبع وسـتّين ، وكان قد التحق مع مصعب بن الزبير.
انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سـعد ـ ٧ / ٦٨ ، تاريخ الطبري ٣ / ٤٨٣ و ٦٢٩ ، تاريخ دمشـق ٥٢ / ١٢٤ ، الكامل في التاريخ ٤ / ٦٧ و ٢٠٢ ، سـير أعلام النبلاء ٤ / ١٨٣ ، الإصابة ٦ / ٣٢٧.
(٣) هو : سـفيان بن سـعيد بن مسـروق الثوري (ت ١٦١ هـ) ، وأصله من خراسـان ،
مريم الغفاري(١) ، وأنت تعلم أنّـه يشـرب الخمر ويمرّ بك وهو سكران؟! قال : إنّـه لا يكذب في الحديث(٢).
وروي عن فقهائكم ـ مثل حمّاد بن زيد(٣) ، وغيره ، ـ ممّن
__________________
وقيل من بخارى ، كان يعدّ من أئمّة المذاهب المنقرضة ، وبقي معمولا بمذهبه حتّى القرن الرابع ، وهو أقرب إلى أهل الحديث ، وصفه الجمهور بسـيّد العلماء ، وشـيخ الإسـلام ، وأمير المؤمنين في الحديث ، خرّج له السـتّة ، إلاّ أنّه كان يدلّس عن الضعفاء ويكتب عن الكذّابين ، وكان يشـرب النبيذ ، ويبيح الذي كثيره مسـكر!
انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سـعد ـ ٨ / ٤٩٢ ، التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ ٤ / ٩٢ ، مشـاهير علماء الأمصار : ٢٦٨ رقم ١٣٤٩ ، حلية الأولياء ٦ / ٣٥٦ ، تاريخ بغداد ٩ / ١٥١ ، ميزان الاعتدال ٣ / ٢٤٤ ، سـير أعلام النبلاء ٧ / ٢٢٩ ، البداية والنهاية ١٠ / ١٠٨ ، تهذيب التهذيب ٤ / ١١١.
(١) كـذا ، والصحيـح : النجّاري ، نسـبة إلى بني النجّار ، واسـمه عبـد الغفّار بن القاسـم بن قيس ، أبو مريم الأنصاري (ت ١٦٠ هـ) ، روى عن الإمامين أبي جعفر الباقر وأبي عبـد الله الصادق عليهماالسلام ، وثّـقه النجاشي ، وأثنى عليه شـعبة ، وقال : «لم أرَ أحفظ منه» ، وقال ابن عديّ : «سـمعت أحمد بن محمّـد بن سـعيد (ابن عقدة) يثني على أبي مريم ويطريه ، وتجاوز الحدّ في مدحـه حتّى قال : لو انتشـر علم أبي مريم وخرج حديثه لم يحتج الناس إلى شـعبة» ، والظاهر أنّ سـبب تضعيفه كونـه شـيعـيّـاً ؛ أمّا نسـبة شـرب المسـكر إليه فمحلّ نظر.
انظر : رجال النجاشـي : ٢٤٦ رقم ٦٤٩ ، فهرسـت الشـيخ الطوسي : ٥٣٥ رقم ٨٦٨ ، الكامل في ضعفاء الرجال ـ لابن عديّ ـ ٥ / ٣٢٧ رقم ١٤٧٩ ، الجرح والتعديل ٦ / ٥٣ وفيه : «الغفاري» ، ميزان الاعتدال ٤ / ٣٧٩ ، لسـان الميزان ٤ / ٤٢ ، تعجيل المنفعة ـ لابن حجر ـ : ٢٩٧.
(٢) انظر : المسـترشـد : ١٨٤ ، الصراط المسـتقيم ٣ / ٢٥٣.
(٣) هو : حمّـاد بن زيد بن درهم الأزرق الضرير البصري ، مولى آل جرير بن حازم (ت ١٧٩ هـ) ، وصفه الجمهور بالعلاّمة ، الحافظ ، الثبت ، سـيّد المسـلمين ، فقيه البصرة ، أصله من سـجسـتان ، سُـبي جدّه درهم منها ، خرّج له السـتّة.
انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سـعد ـ ٩ / ٢٨٧ ، التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ ٣ / ٢٥ ، المعارف : ٢٨١ ، الجرح والتعديل ٣ / ١٣٧ ، سـير أعلام النبلاء ٧ / ٤٥٦ ، تهذيب التهذيب ٣ / ٩.
تحتجّون بهم علينا أن قالوا : إنّـا لنرى عليّـاً عليهالسلام بمنزلة العجل الذي اتّخذه بنو إسـرائيل(١).
ومن فقهائكم وزهّادكم : منصور بن المعتمر(٢) ، وكان في شـرطة هشـام بن عبـد الملك.
ومن رواتـكم وفقهائكم : سـعيد بن جبير(٣) ، وكان على عطاء الخيل في زمن الحجّاج ، وغزا الروم مع يزيد بن معاوية ، وكان ممّن خرج مع محمّـد بن الأشـعث ، وتخلّف عن نصرة الحسـين بن عليّ عليهالسلام(٤).
__________________
(١) انظر : المسـترشـد : ١٨٥ ، الصراط المسـتقيم ٣ / ٢٥٤.
(٢) هو : منصور بن المعتمر أبو عتاب السـلمي (ت ١٣٢ هـ) ، وصفه الجمهور بالحافظ الثبت القدوة ، أحد الأعلام ، ولي القضاء في الكوفة ، وذكروا أنّ فيه تشـيّـعاً خفيفاً ، قال سـفيان بن عيينة : «كان منصور في الديوان ، فكان إذا دارت نوبته لبس ثيابه وذهب فحرس» ، خرّج له السـتّة ، وعدّه الشـيخ الطوسـي في أصحاب الإمام الصادق عليهالسلام.
انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سـعد ـ ٨ / ٤٥٦ ، التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ ٧ / ٣٤٦ ، الجرح والتعديل ٨ / ١٧٧ ، حلية الأولياء ٥ / ٤٠ ، سـير أعلام النبلاء ٥ / ٤٠٢ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٣١٢ ، رجال الطوسـي : ٣١٢ رقم ٥٣٠.
(٣) هو : سـعيد بن جبير ، مولى بني أسـد (ت ٩٤ هـ) ، وصفه الجمهور بالإمام المقرئ ، المفسّر ، الفقيه ، وأنّه من كبار العلماء ، وخرّج له السـتّة ، اسـتعمله الحجّاج على بعض أعماله ، وقتله صبراً بعد أن شارك في ثورة عبـد الرحمن بن محمّـد بن الأشـعث ، وروي أنّ الحجّاج عاش بعده خمسـة عشـر يوماً فقط.
انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سـعد ـ ٨ / ٣٧٤ ، التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ ٣ / ٤٦١ ، المعارف : ٢٥٣ ، الجرح والتعديل ٤ / ٩ ، أخبار القضاة ٢ / ٤١١ ، حلية الأولياء ٤ / ٢٧٢ ، طبقات الفقهاء : ٧٩ ، وفيات الأعيان ٢ / ٣٧١ ، سـير أعلام النبلاء ٤ / ٣٢١ ، تهذيب التهذيب ٤ / ١١.
(٤) المشـهور أنّه وُلد سـنة خمس وأربعين ، وعلى هذا فمسـألة مشـاركته في غزوة الروم محلّ تأمّل ؛ لأنّها كانت سـنة تسـع وأربعين.
ومن
فقهائكم : مسروق بن الأجدع(١)
، ومرّة الهمداني(٢)
، رغبا عن الخروج مع عليّ بن أبي طالب عليهالسلام
إلى صفّين. ذكر محمّـد بن إبراهيم(٣)
، عن يحيى الثوري(٤)
، قال : حدّثنا صفوان __________________ وذكر أبو نُعيـم أنّ سـعيد بن جبير دعا
ابنـه حين دُعي ليقتـل ، فجعـل ابنه يبكي ، فقال : «ما يبكيك؟! ما بقاء أبيك بعد
سـبع وخمسـين سـنة؟!». وعلى هذا تكون مشاركته في غزوة الروم
محلّ تأمّل أيضاً ؛ لأنّ عمره يكون اثـنـتا عشـرة سـنة. راجع المصادر المثبتـة في الهامش السابق. (١) هو : مسـروق بن الأجدع
بن مالك الكوفي الوادعي (ت ٦٢ هـ) ، وعداده في كبار التابعين ومن المخضرمين ، وصفه
الجمهور بالإمام ، القدوة ، العلم ، وعدّه الجمهور من الزهّاد الثمانية ، كان عشّـاراً
لمعاوية ، ومات في عمله ذلك بموضع في أسـفل من واسـط على دجلة يقال له : الرصافة ،
وقبره هناك ، خرّج له السـتّة. انظر : الطبقات الكبرى
ـ لابن سـعد ـ ٨ / ١٩٧ ، التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ ٨ / ٣٥ ، الجرح والتعديل ٨ /
٣٩٦ ، رجال الكشّي ١ / ٣١٥ ، حلية الأولياء ٢ / ٩٥ ، تاريخ بغداد ١٣ / ٢٣٢ ، طبقات
الفقهاء : ٧٦ ، تاريخ دمشـق ٥٧ / ٣٩٦ ، سـير أعـلام النبلاء ٤ / ٦٣. (٢) هو : مرّة بن شـراحيل
الهمداني الكوفي ، المعروف بمرّة الطيّب (ت ٧٦ هـ) ، وقيل : مات زمن الحجّاج بعد دير
الجماجم ، وهو من المخضرمين ، خرّج له السـتّة. انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سـعد ـ ٨
/ ٢٣٦ ، التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ ٨ / ٥ ، الجرح والتعديل ٨ / ٣٦٦ ، الثقات ـ
لابن حبّان ـ ٥ / ٤٤٦ ، حلية الأولياء ٤ / ١٦١ ، سـير أعلام النبلاء ٤ / ٧٤ ،
تهذيب التهذيب ١٠ / ٨٨. (٣) ومحمّـد بن إبراهيم
هذا إن كان المراد به أحد مشـايخ الصدوق المباشـرين ، فهو مشـترك بين محمّـد بن إبراهيم
بن أحمد بن يونس الليثي ، ومحمّـد بن إبراهيم بن إسـحاق الطالقاني ، ومحمّـد بن إبراهيم
بن إسـحاق الفارسـي الغرائمي .. وإن كان غيره فالتمييز يكون بقرينة
الراوي والمروي عنه. (٤) يحيى الثوري : لعلّه
يحيى بن مهران الثوري الكوفي أبو العبـيد الجبّـائي (الحنّائي) ، عدّه الشـيخ من أصحاب
الإمام الصادق عليهالسلام
كما في رجاله : ٣٣٤ رقم
ابن مهران(١) ، قال رجل لبعض الأئمّـة : بأبي أنت وأُمّي! بما فضّلكم الله تعالى على غيركم؟
قال : بأربعة.
قال : وما هي؟
قال : لنا من الله عزّ وجلّ الطهارة ؛ وذلك قوله تعالى : (إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(٢).
ولنا من رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الولادة.
ولنا في كتاب الله الوراثة ؛ قال الله : (ثُـمَّ أَوْرَثْـنَا الْكِتَابَ الَّـذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا)(٣).
__________________
١٩.
وفي «المسـترشـد» ذكره باسم : إبراهيـم بن يحيى الثوري ، وقد ورد بهـذا الاسـم في سـند إحدى الروايات التي رواها الكليني في الكافي ٧ / ٢٦٢ ح ١٣ باب النوادر من كـتاب الحدود ، ونفس الرواية رواها الشـيخ في التهذيب ١٠ / ٤٧ ح ١٦٩ من كتاب الحدود ، إلاّ أنّه ذكره باسـم : إبراهيم بن يحيى الدوري ، وفي كِلتا الروايتين يروي عن هشـام بن بشـير ، ويروي عنه إبراهيم بن محمّـد الثقفي ؛ والله العالم.
(١) هو : صفوان بن مهران الأسـدي الجمّال الكوفي ، يكـنّى أبا محمّـد ، من أصحاب الإمامين الصادق والكاظم عليهماالسلام ، وثّقه النجاشـي ، وعدّه الشـيخ المفيد من شـيوخ أصحاب الإمام أبي عبـد الله الصادق عليهالسلام وخاصّته ، وبطانته ، وثقاته الفقهاء الصالحين.
وهو ممّن روى النصّ على إمامة الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليهالسلام.
انظر : رجال النجاشـي : ١٩٨ رقم ٥٢٥ ، فهرسـت الشـيخ : ٢٤٣ رقم ٣٥٧ ، رجال الكشّـي ٢ / ٧٤٠ رقم ٨٢٨ ، الإرشـاد ٢ / ٢١٦.
(٢) سـورة الأحزاب ٣٣ : ٣٣.
(٣) سـورة فاطر ٣٥ : ٣٢.
ولنا من الله الأنفال خاصّة(١) ، لا يدّعي فيها إلاّ كاذب ، ولا يمنعنا إلاّ ظالم ، وقد قال رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «ما ولّت أُمّـةٌ رجلا وفيهم مَن هو أعلم منه إلاّ لم يزل أمرها يذهب سـفالا حتّى يرجعوا إلى ما تركوا»(٢).
وروى محمّـد بن النعمان(٣) ، عن عكرمة ، عن ابن عبّـاس ، قال رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «ما من قوم أمّروا أميراً وفيهم من هو أرضى عنـد الله منه ، إلاّ خانوا الله ورسـوله وكـتابه والمؤمنين»(٤).
وهمـا يـدلاّن عـلى تقـديم الفاضـل على المفضـول لا المفضـول على الفـاضل ؛ إذ لا يجـوز ذلـك شـرعاً ونقـلا(٥) ؛ كمـا لا يجـوز
__________________
(١) بنصّ الكتاب الكريم ، وهو قوله تعالى ، (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِن شَـيْء فَأَنَّ لله خُمُسَـهُ وَلِلرَّسُـولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَـاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) سـورة الأنفال ٨ : ٤١.
(٢) المسـترشـد : ٥٥٩ ـ ٦٠٠ ؛ وانظر : ثواب الأعمال : ٢٠٦ ، أمالي الطوسـي : ٥٦٠ ح ١١٧٣.
(٣) هو : محمّـد بن النعمان ، مجهول ؛ وفي المسـترشـد : «محمّـد بن النعمـان بن عبـد السـلام ، قال : حدّثنا مسـدّد ، عن خالد بن عبـد الله الواسـطي ، عن أبي عليّ حسـين الرحبي ، عن عكرمة».
وبقرينة روايته عن مسـدّد بن مسـرهد يكون عداده في الطبقة التاسـعة من طبقات الرواة.
(٤) انظر : المعجم الكبير ١١ / ٩٤ ح ١١٢١٦ ، المسـتدرك على الصحيحين ٤ / ١٠٤ ح ٧٠٢٣ ، تمهيد الأوائل : ٤٧٤ ، السـنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ١٠ / ١١٨ ، الترغيب والترهيب ٣ / ١٠٨ ، مجمع الزوائد ٥ / ٢١١ ، المسـترشـد : ٦٠٠ ـ ٦٠١.
(٥) ومن ذلك قوله تعالى : (أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَ يَهِدِّي إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) سـورة يونس ١٠ : ٣٥.
وقوله تعالى : (هَلْ يَسْـتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا
عقـلا(١) ؛ لأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قد نهى عن ذلك.
وحـدّثـنـي إبـراهـيـم بـن مـيـمـون(٢) ، وعـثـمـان بـن
__________________
الألْبَابِ) سـوره الزمر ٣٩ : ٩.
أمّا الأحاديث فهي كـثيرة وهي بهذا المعنى متواترة.
(١) لأنّه لو لم يكن أفضل من رعيّته لكان إمّا مسـاوياً أو أنقص ..
والقول بالتساوي باطل ؛ لعدم الأولوية ، واسـتحالة الترجيح بلا مرجّح ..
والثاني محال أيضاً ؛ لقبح تقديم المفضول على الفاضل عقلا ؛ لأنّه يسـتلزم انتفاء النفع من جميع الميّزات والفضائل والملَـكات النفسـانية والبدنية التي يتميّز بها الأفضل ، من العلم ، والعدل ، والتقوى ، والشجاعة ، والإيثار ، والكرم ، والزهد ، والورع ، والحزم ، والرأي السـديد ، إلى غير ذلك ، فضلا عن تميّزه بملَـكة العصمـة ـ التي هي لطف واجب عليه تعـالى ، يفعله بالمعصوم لا على سـبيل الإلجاء ـ الباعثة ـ مع الاختيار ـ على ملازمة الطاعات والابتعاد عن المعاصي مع القدرة عليها.
ومع تقديم المفضول ، تنتفي كلّ هذه الميّزات ، وبذلك تنتفي الفائدة من الرسـالة ، أي عدم إحراز ما به تحصل سـعادة المكلّف في الدنيا والآخرة.
ولا يخفى ما في ذلك من مفاسـد ، فلم يبق في البين إلاّ التزام القول الثالث وهو تقديم الفاضل ضرورة ، وهذا مذهب الإمامية وبعض المعتزلة.
انظر : أوائل المقالات : ٦٥ ، شـرح جمل العلم والعمل : ١٩٤ ، الذخيرة في علم الكلام : ٤٢٩ ، الاقتصاد في ما يتعلّق بالاعتقاد : ٣٠٧ ، المنقذ من التقليد ٢ / ٢٨٦ ، المسـلك في أُصول الدين ـ للمحقّق الحلّي ـ : ٢٠٥ ، قواعد المرام في علم الكلام ـ لابن ميثم البحراني ـ : ١٨٠ ، كشـف المراد : ٣٩٢ ، مناهج اليقين : ٣٠١ ، تسـليك النفس ـ للعلاّمة الحلّي ـ : ٢٠٢.
(٢) هو : إبراهيم بن محمّـد بن ميمون الكوفي ، روى عن عليّ بن عابس ، وروى عنه أبو شـيبة ابن أبي بكر بن أبي شـيبة وغيره.
ذكره ابن حبّان في «الثقات».
وذكره ابن حجر وقال : «من أجلاد الشـيعة ... وذكره أبو جعفر الطوسـي في رجال الشـيعة».
أقـول : الذي ذكره الشـيخ في رجاله هو باسم «إبراهيم بن ميمون الكوفي» ،
سـعيـد(١) ، قـال : حـدّثـنا عليّ بـن عابـس(٢) ، عـن الحـارث(٣)
__________________
وعدّه في أصحاب الإمام الصادق عليهالسلام.
وأيّـاً كان ، فرواية الشـيخ الصدوق عنه من دون واسـطة محلّ تأمّل.
انظر : الجرح والتعديل ٢ / ١٢٨ ، الثقات ـ لابن حبّان ـ ٨ / ٧٤ ، ميزان الاعتدال ١ / ١٨٩ ـ ١٩٠ ، لسـان الميزان ١ / ١٠٧ ، رجال الشـيخ : ١٤٥ رقم ٤٩.
(١) هو : عثمان بن سـعيد بن مرّة القرشـي المرّي الكوفي ، أبو عبـد الله ، وقيل : أبو عليّ ، المكفوف ، روى عن إسـرائيل ، وزهير بن معاوية ، وشـريك ، والحسـن بن صالح ، ومسـعر ، وآخرين ، وروى عنه أبو كريب ، وأبو شـيبة ابن أبي بكر بن أبي شـيبة ، وأبو حاتم ، وغيرهم ؛ قال ابن أبي حاتم : «كوفي قدم الريّ ... كتب عنه أبي بالكوفة» ، وذكره ابن حبّان في «الثقات».
انظر : الجرح والتعديل ٦ / ١٥٢ ، الثقات ـ لابن حبّان ـ ٨ / ٤٥٠ ، تهذيب التهذيب ٧ / ١١٩.
(٢) هو : علي بن عابس الأسـدي الكوفي ، روى عن إسـماعيل بن أبي خالد ، وإسـماعيل السُـدّي ، والحارث بن حصيرة ، وأبي إسـحاق الهمداني ، وأبان بن تغلب ، وغيرهم ، ورى عنه ابن وهب المصري ، ومحمّـد بن الصلت ، وسـجّادة ، وعثمان بن المغيرة ، ومحمّـد بن آدم المصّيصي ، وغيرهم ، خرّج له الترمذي ، وضعّفه ابن معين ، وأبو داود ، والجوزجاني ، وقال ابن عديّ : «له أحاديث حسـان ، يُكتب حديثه» ، وقال الدارقطني : «يُعتبر به».
والظاهر أنّ سـبب تضعيفه هو روايته بعض فضائل أهل البيت عليهمالسلام!
انظر : التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ ٦ / ٢٨٩ ، التاريخ الصغير ـ للبخاري ـ ٢ / ٢٦٢ ، الجرح والتعديل ٦ / ١٩٧ ، الكامل في ضعفاء الرجال ـ لابن عديّ ـ ٥ / ١٨٩ ـ ١٩٠ رقم ١٣٤٧ ، ميزان الاعتدال ٥ / ١٦٤ ، تهذيب التهذيب ٧ / ٣٤٣.
(٣) هو : الحارث بن حصيرة الأزدي ، أبو النعمان الكوفي ، تابعي ، روى عن زيد بن وهب ، وأبي صادق الأزدي ، وجابر الجعفي ، وغيرهم ، وروى عنه سفيان الثوري ، ومالك بن مغول ، وعبـد الواحد بن زياد ، وغيرهم.
وثقّه ابن معين ، والنسـائي ، والعجلي ، وابن حبّان.
وقال أبو داود : «شـيعي صدوق» ، وقال ابن عديّ : «عامّة روايات الكوفيّين عنه في فضائل أهل البيت ، وهو أحد من يعدّ من المحترقين في التشـيّع».
...(١) ، مَن تقـدّم على إمام زمانه كان من الهالكين (الَّـذِينَ خَسِـرُوا أَنفُسَـهُمْ) .. الآيـة(٢).
__________________
خرّج له البخاري في «الأدب المفرد» ، والنسائي ، وعدّه الشـيخ الطوسي في «رجـاله» في أصحاب الإمام الصـادق عليهالسلام من التابعين.
انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سـعد ـ ٨ / ٤٥٣ ، تاريخ يحيى بن معين ـ برواية الدوري ـ ١ / ٣٤٢ ، التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ ٢ / ٢٦٧ ، تاريخ الثقات ـ للعجلي ـ : ١٠٢ رقم ٢٣٠ ، الجرح والتعديل ٣ / ٧٢ ، الثقات ـ لابن حبّان ـ ٦ / ١٧٣ ، الكامل في ضعفاء الرجال ـ لابن عديّ ـ ٢ / ١٨٧ رقم ٣٧١ ، ميزان الاعتدال ٢ / ١٦٧ ، تهذيب التهذيب ٢ / ١٤٠ ، رجال الشـيخ : ١٧٨ رقم ٢٢٧.
(١) هنا سـقط كما هو واضح ، وتتمّة أوّله كما في المسـترشـد : ٦٠١ ـ ٦٠٢ :
«بن حصيـرة ، عن القاسـم بن جنـدب ، عن أنـس بن مالـك ، قال : قـال رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : اسـكب لي وضوءاً أتوضّـأ.
ثمّ قام فتوضّـأ ، ثمّ قام فصلّى ركعتين.
ثمّ قال : يا أنس! أوّل من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين ، وسـيّد المسـلمين ، وقائد الغـرّ المحجّلين ، وخاتم الوصيّين.
قال أنس : قلت : اللّهمّ اجعله رجلا من الأنصار ؛ وكتمته ، إذ جاء عليّ ،
فقال : من هذا يا أنس؟
قلت : عليّ.
فقام مسـتبشـراً فاعتنقه ، ثمّ جعل يمسـح عرقه بوجهه ، ويمسـح وجهه بوجه عليّ.
فقال عليّ : يا رسـول الله! لقد رأيتك صنعت بي شـيئاً ما صنعته بي قطّ!
قال : وما يمنعني وأنت تؤدّي عنّي ، وتسـمعهم صوتي ، وتبيّن لهم ما اختلفوا فيه من بعدي؟!».
وهذا الحديث خرّجه أبو نُعيم في حلية الأولياء ١ / ٦٣ ، وابن عسـاكر في تاريخ دمشـق ٤٢ / ٣٨٦ ، والذهبي في ميزان الاعتدال ١ / ١٩١ ، وابن حجر في لسـان الميزان ١ / ١٠٧.
وهو ليس تمام السـقط ، بل يوجد بعده سـقط كما هو واضح من عدم ترابط الكلام الذي يليه مع ما تقـدّمه.
(٢) سـورة هود ١١ : ٢١.
ومن كلام الشـيخ رحمهالله في الدلالة على أنّ
أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام لم يبايع أبا بكر :
واجتمعت الأُمّـة على أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام تأخّر عن بيعة أبي بكر ، فالمقلّة تقول : كان تأخّره ثلاثة أيّام(١) ..
ومنهم من يقول : إنّـه تأخّر حتّى ماتت فاطمة عليهاالسلام ، ثمّ بايع بعد موتها(٢) ..
ومنهم من يقول : إنّـه تأخّر أربعين يوماً(٣) ..
ومنهم من يقول : إنّـه تأخّر سـتّة أشـهر(٤) ..
والمحقّقون من الإمامية يقولون : لم يبايِـع سـاعةً قطّ(٥) ..
فقد حصل الإجماع على تأخّره عن البيعة ، فلا يصحّ تأخّره عن
__________________
(١) انظر : تاريخ الطبري ٢ / ٢٣٤ ، الإمامة والسـياسـة ١ / ٣٣ ، العقد الفريد ٣ / ٢٧٣ ، البداية والنهاية ٦ / ٢٢٦ ، تاريخ أبي الفداء ١ / ١٥٦ ، السـيرة الحلبية ٣ / ٤٨٥.
(٢) انظر : تاريخ الطبري ٢ / ٢٣٦ ، الإمامة والسـياسـة ١ / ٣١ ، السـيرة النبوية ـ لابن حبّان ـ : ٤٣٤ ، مروج الذهب ٢ / ٣٠٢ ، الكامل في التاريخ ٢ / ١٩٤ ، البداية والنهاية ٦ / ٢٢٦ ، تاريخ أبي الفداء ١ / ١٥٦.
(٣) انظر : تاريخ اليعقوبي ٢ / ١١.
(٤) انظر : صحيح البخاري ٥ / ٢٨٨ ح ٢٥٦ ، صحيح مسـلم ٥ / ١٥٤ ـ ١٥٥ ، تاريخ الطبري ٢ / ٢٣٦ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ١١ ، السـيرة النبوية ـ لابن حبّان ـ : ٤٣٤ ـ ٤٣٥ ، مروج الذهب ٢ / ٣٠٢ ، الكامل في التاريخ ٢ / ١٩٤ ، البداية والنهاية ٦ / ٢٢٦.
(٥) راجع الصفحـة ٣١٥.
البيعة إمّا أن يكون هدىً وتركه ضلالة ، أو يكون ضلالة وتركه هدىً.
هـذا ، فلو كان التأخّر ضلالة للأُمّـة وباطلا ، كان أمير المؤمنين عليهالسلامضلّ بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وقد اجتمعت الأُمّـة على أنّ عليّـاً عليهالسلام لم يقع منه ضلالة ألبتّـة.
سُـئل أبو الحسـن عليّ بن ميثم(١) ، فقيل : لِمَ صلّى أمير المؤمنين
__________________
(١) هو : علي بن ميثم العوفي ، أحد الرافضة ؛ بهذا الاسـم ترجمه ابن حجر ، وقال : «وهو مشـهور ، من أهل البصرة ، وكانت بينه وبين أبي الهذيل مناظرة في الفدية ذكرها أبو القاسـم التميمي في كتاب (الحجّة) ، قال : اجتمع عليّ بن ميثم وأبو الهذيل عند أمير البصرة ، فقال عليّ بن ميثم : أخبرني عن العقل مباح هو أو محظور؟ فلم يجبه.
فلمّا افترقا سـأله الأمير ، فقال : بأيّ شـيء كنت أُجيبه؟! إنْ قلتُ : محظور ؛ كـنتُ قد تابعتُـه ؛ وإن قلتُ : مباح ؛ قال : كنتَ تأخذ بذلك لك وحدك!».
وفي هذا دلالة على عظم شـأن عليّ بن ميثم في الحجاج والمناظرات ، حتّى يعجز مثل أبي الهذيل أمامه.
وورد عليّ بن ميثم في سـند روايتين للشـيخ الصدوق في «العيون» ، فقد روى في الأُولى : عن الحاكم أبي عليّ الحسـين بن أحمد البيهقي ، عن الصولي ، عن عون بن عمر الكندي ، قال : سـمعت أبا الحسـن عليّ بن ميثم يقول : وما رأيت أحداً قطّ أعرف بأُمور الأئمّـة عليهمالسلام وأخبارهم ومناكحهم منه ... إلى آخره.
وفي الثانية : عن تميم بن عبـد الله القرشي ، عن أبيه ، عن أحمد بن عليّ الأنصاري ، قال : حدّثني عليّ بن ميثم ، عن أبيه ، قال : لمّا اشـتريت الحميدة أُمّ موسى بن جعفر عليهالسلام ... إلى آخره.
وبهذا الاسـم أورد له الشـيخ المفيد مناظرتين في «الفصول المختارة» مع أبى الهذيل العلاّف.
والظاهر أنّه عليّ بن إسـماعيل بن شـعيب بن ميثم بن يحيى التمّار ، أبو الحسـن ؛ قال النجاشـي : «كوفي ، سـكن البصرة ، وكان من وجوه المتكلّمين من أصحابنا ، كلّم أبا الهذيل ، والنظام ، له مجالس وكتب ...».
وقال الشـيخ : «وعليٌّ هذا أوّل من تكلّم على مذهب الإمامية ، وصنّف كتاباً في
خلف القوم؟!
فقال : جعلهم بمنزلة الشـورى.
وقال السـائل : فلِـمَ ضرب الوليدَ بن عقبة(١) الحـدَّ بين يـدَي عثمان؟
فقال : لأنّ الحدّ له ، فإن أمكنه إقامتَـه أقامه بكلّ حيلة.
__________________
الإمامة سـمّاه الكامل ...».
وعـدّه في رجالـه في أصحاب الإمام الرضـا عليهالسلام ، وترجمه ابن النديم باسم : عليّ بن إسـماعيل بن ميثم التمّار.
انظر : لسـان الميزان ٤ / ٢٦٥ ـ ٢٦٦ ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ / ٢٤ ـ ٢٦ ح ٢ و ٣ ، الفصول المختارة : ٢٣ ـ ٢٤ ، رجال النجاشـي : ٢٥١ رقم ٦٦١ ، فهرسـت الشـيخ : ٢٦٣ رقم ٣٧٤ ، رجال الشـيخ : ٣٨٣ رقم ٥٢ ، فهرسـت النديم : ٣٠٧ ، هديّة العارفين ١ / ٦٦٩.
(١) هو : الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، أخو عثمان لأُمّـه ، أسـلم يوم الفتح ، وهو الذي نزل فيه قوله تعالى : (إِن جَاءَكُمْ فَاسِـقٌ بِنَبَإ فَتَبَيَّنُوا) ، قال أبو الفرج : «كان الوليد بن عقبة زانياً شـرّيب خمر» ، ولاّه عمر صدقات بني تغلب ، وولاّه عثمان الكوفة ، وصلّى يوماً بالناس الغداة أربعاً ، ثمّ التفت وقال : أزيدكم؟ فقالوا : حسـبنا ، فما زلنا منك في زيادة! وقاء الخمر مرّة أُخرى في المحراب ، جلده أمير المؤمنين عليٌّ عليهالسلام الحدّ لذلك بحضور عثمان.
انظر : صحيح مسـلم ٥ / ١٢٦ ، سـنن أبي داود ٤ / ١٦٢ ح ٤٤٨٠ ، سـنن ابن ماجة ٢ / ٨٥٨ ح ٢٥٧١ ، السـنن الكبرى ـ للنسـائي ـ ٣ / ٢٤٨ ح ٥٢٦٩ ، مسـند أحمد ١ / ١٤٤ وج ٤ / ٢٧٩ ، المعجم الكبير ٣ / ٢٧٤ ح ٣٣٩٥ وج ١٨ / ٧ ح ٤ وج ٢٣ / ٤٠١ ح ٩٦٠ ، المعجم الأوسـط ٤ / ٣٠٩ ح ٣٧٩٧ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سـعد ـ ٢ / ١٤٨ ، التاريخ الصغير ـ للبخاري ـ ١ / ٩١ ، مصنّف ابن أبي شـيبة ٦ / ٥٠٣ ح ١ ، مسـند أبي عوانة ٤ / ١٥١ ح ٦٣٣٤ ـ ٦٣٣٦ ، تفسـير الطبري ١١ / ٣٨٣ ـ ٣٨٤ ح ٣١٦٨٦ ـ ٣١٦٩٢ ، تفسـير ابن أبي حاتم ١٠ / ٣٣٠٣ ح ١٨٦٠٨ ، أنسـاب الأشـراف ٦ / ١٣٨ ، العقد الفريد ٣ / ٣٠٩ ، الأغاني ٥ / ١٣٤ ـ ١٦٧ ، السـنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٨ / ٣١٨ ، الاسـتيعاب ٤ / ١٥٥٣ ـ ١٥٥٦ ، تاريخ دمشـق ٦٣ / ٢٤١.
قال : فلِـمَ أشـار على أبي بكر وعمر؟
قال : طلبا منه أن يحيي أحكام الله تعالى [كما](١) أشـار يوسـف عليهالسلامعلى عزيز مصر ؛ نصراً منه للحقّ.
قال : فلِـمَ قعد عن قتالهم؟
قال : كما قعد هارون بن عمران عن قتال السـامري وأصحابه وقد عبـدوا العجل.
قال : أَوَكان ضعيفاً؟!
قال : كان كـنوح نبيّ الله عليهالسلام ، حيث قال : (أَنِّـي مَـغْلُوبٌ فَانتَصِرْ)(٢).
وكان كلوط ؛ إذ قال : (لَوْ أَنَّ لِي بِكُـمْ قُـوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْـن شَـدِيد)(٣).
وكان كموسـى عليهالسلام ، حيث قال : (رَبِّ إِنِّي لاَ أَمْـلِكُ إِلاَّ نَفْسِـي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِـقِينَ)(٤).
قال : فلِـمَ زوّج عمرَ بن الخطّاب ابنتَـه(٥)؟
__________________
(١) ما بين المعقوفتين إضافة يقتضيها السـياق.
(٢) سـورة القمر ٥٤ : ١٠.
(٣) سـورة هود ١١ : ٨٠.
(٤) سـورة المائدة ٥ : ٢٥.
(٥) من الأخبار التي تباين النقل فيها هو خبر زواج أُمّ كلثوم بنت عليّ عليهالسلام من عمر بين النفي والإثبات ، فضلا عن اختلافهم في كيفية مجرى هذا الزواج ، ممّا يجعل الأمر موضع شـكّ ، بل يتبعه شـكٌّ في أصل وجود ابنة ثانية لعليّ وفاطمة عليهماالسلامغيـر زينب الكبرى عليهاالسلام ؛ لِما يلي :
أوّلا : ضعف أسـانيد الأخبار التي روت زواجها من عمر ، ولا سـيّما أنّ المعوّل
__________________
فيها على الزبير بن بكّار ، وقد ضعّفوه.
انظر : المسـائل السـروية : ٨٦.
هذا ، فضلا عن كونه من آل الزبير المعروف عنهم العداء لآل بيت النبيّ عليهمالسلام ، ومعه لا يوثـق بما يروونه فيهم.
ثانياً : مجهولية سـنتَي ولادتـها ووفـاتها ، ومثـلُها لا يمكن جهل ذلك منها ، ولا سـيّما سـنة الوفاة ..
* فمنهم من ذكر : أنّها توفّيت في حياة الإمام الحسـن عليهالسلام وصلّى عليها مروان ابن الحكم ؛ كابن الأشـعث في الجعفريات : ٢٠٩ ، ونقله عنه صاحب مسـتدرك الوسـائل ٢ / ٢٧٩.
* ومنهم من ذكر : أنّها وابنها زيداً ماتا وكُـفّنا وصلّى عليهما سـعيد بن العاص وخلفه الحسـن والحسـين وأبو هريرة.
* ومنهم من ذكر : أنّها ماتت وابنها في يوم واحد وصلّى عليهما عبـد الله بن عمر.
انظر : الذريّة الطاهرة ـ للدولابي ـ : ١٦٤ ـ ١٦٥ ح ٢٢٠ و ٢٢١.
* في حين ذكر غير واحد أنّ زيداً ابنها نقره الديك ومات وهو صغير.
والمعروف أنّ زيد بن عمر قُتل في صفّين مع أخيه عبيـد الله في صفّ معاوية ، وأُمّهما أُمّ كلثوم بنت جرول الخزاعية ؛ كما في تاريخ المدينـة ـ لابن شـبّة ـ ٢ / ٦٥٤ ـ ٦٥٥ ، وصفة الصفوة ١ / ٢٧٥ ، وتاريخ الخميس ٢ / ٢٤٩ ـ ٢٥٠.
* ومنهم من قال : أنّها توفّيت سـنة ٦٢ هـ قبل وفاة أُختها زينب الكبرى ، في حين ذكر بعضهم أنّ عبـد الله بن جعفر تزوّجها بعد وفاة أُختها ؛ وهذا يعني بقاءها بعدها ، وهو تناقض بيّن.
ثالثاً : تضارب الخبر في مَن تولّى عقدها ..
* فمنهم من ذكر أنّ عليّـاً عليهالسلام هو الذي تولّى ذلك ، وبعثها إلى عمر.
* في حين ذكر آخرون أنّ العبّـاس هو مَن تولّى ذلك.
رابعاً : اختلافهم في دخول عمر بها ..
* فمنهم من ذهب إلى أنّه دخل بها ، وأولدها زيداً ورقـيّـة.
* ومنهم من نفى ذلك ، وقال : مات عنها قبل أن يدخل بها ، أو قبل بلوغها ؛
__________________
كالنوبختي ، والزرقاني شـارح «المواهب».
خامساً : اختلافهم في تعيين مبلغ مهرها ..
* فمنهم من قال : إنّ عمر أمهر أُمّ كلثوم أربعين ألف درهم.
* ومنهم من قال : أمهرها أربعة آلاف درهم.
* ومنهم من قال : كان مهرها خمسـمئة درهم.
انظر : المسـائل السـروية : ٨٨ ـ ٩٠.
سادساً : ذكروا أنّ بعد مقتل عمر تزوّجها عون بن جعفر ، وبعد مقتله تزوّجها أخوه محمّـد ؛ والمعروف أنّهما اسـتُشـهِدا في غزوة تسـتر سـنة ١٧ هـ ، أي في حياة عمر ، فكيف تزوّجاها بعد موته وهم موتى؟!
وإذا كان الحال كذلك فمَن الذي تزوّجها بعد مقتل عمر؟!
وهل بقيت بعده بلا زوج لمدّة تتراوح بين عشـرين إلى أربعين سـنة بحسـب الاختلاف في تاريخ وفاتها؟!
والقول بأنّ عبـد الله بن جعفر تزوّجها محال ، لعدم جواز الجمع بين الأُختين.
سابعاً : نكارة الكيفية التي بعث بها عليٌّ أمير المؤمنين عليهالسلام ابنته إلى عمر وبشـاعتها ، فضلا عن عدم جواز ذلك ، كلمسـها وكشـف سـاقها وتقبيلها ، بل ذكر بعضهم أنّه أخذ بسـاقها!
قال سـبط ابن الجوزي ـ مسـتقبحاً ما ذكره جدّه أبو الفرج ، أنّ عليّـاً بعثها إلى عمر لينظرها ، وأنّ عمر كشـف سـاقها ولمسـها بيده ـ : «قلت : وهذا قبيحٌ والله ، لو كانت أَمَةً لَما فعل بها هذا ، ثمّ بإجماع المسـلمين لا يجوز لمس الأجنبية ، فكيف يُنسـب عمر إلى هذا؟!».
انظر : تذكرة الخواصّ : ٢٨٨.
ثامناً : ذُكر أنّ كنية زينب الكبرى عليهاالسلام أُمّ كلثوم ؛ فلعلّه من هذا الوجه حصل اللبس في النقل.
تاسعاً : هناك من ذكر أنّه كان للإمامِ عليّ عليهالسلام بنت اسـمها أُمّ كلثوم من غير فاطمـة عليهاالسلام ، وهي ـ كذلك ـ لا يتمّ زواجها من عمر ؛ لصغرهـا.
عاشراً : إنّه مهما بلغت حال بني هاشـم من الضعف ـ على فرض أنّهم غُلبوا على ذلك ـ ، فلا يمكن لعاقل أن يصدّق أنّهم غُلبوا على نسائهم ، فهذا ممّا لا يمكن
قال : لإظهار الشـهادتين ، وإقراره بفضل رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وقد عرض لوط نبيُّ الله بناتِـه على قومه وهم كـفّار ، فلا بأس في ذلك(١).
والحمـد لله [ربّ العالمين](٢).
تمّت حكاية الملك.
__________________
القبول به.
وتعليلُ بعضهم ، أنّ عمر هدّدهم بالاسـتيلاء على السـقاية وما شـاكل ذلك من مآثر ، مردودٌ ؛ فأيّ مأثرة يمكن الخوف عليها بعد غصب المأثرةِ الكُبرى ، وهي الإمرة الإلهيّـة والخلافة الشـرعيّـة وذهابها؟!
كلّ هذا مدعاة للشـكّ في هذا الزواج ، بل مدعاةٌ للشـكّ في وجود ابنة لفاطمة الزهـراء عليهاالسلام غير العقيلة زينب الكبرى عليهاالسلام ؛ فتـأمّـل!
هـذا ، وقد كُـتبت عدّة كـتب ورسائل في نفي هذا الموضوع ومعالجته معالجة روائية وتاريخيـة.
(١) انظر : مناقب آل أبي طالب ـ لابن شـهر آشـوب ـ ١ / ٣٣١.
(٢) ما بين المعقوفتين من نسـختَي البحراني والتسـتري.
ثبت المصادر والمراجع
١ ـ القرآن الكريم.
٢ ـ الاحتجاج ـ لأبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي (ت نحو ٥٦٠ هـ) ط / دار الأُسـوة ـ قم ١٤١٦ هـ.
٣ ـ الإحسـان بترتيب صحيح ابن حبّان (ت ٣٥٤ هـ) ـ ترتيب ابن بلبان (ت ٧٣٩ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤٠٧ هـ.
٤ ـ أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم ـ لشمس الدين المقدسي البشاري (ت ٣٨٠ هـ) ط / مطبعة بريل ـ ليدن ١٣٢٧ هـ.
٥ ـ الأحكام السلطانية ـ للماوردي (ت ٤٥٠ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤٠٥ هـ.
٦ ـ أحكـام القرآن ـ لأبي بكـر الجصّاص (ت ٣٧٠ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٦ هـ.
٧ ـ أخبار القضاة ـ لوكيع (ت ٣٠٦ هـ) ط / عالم الكتب ـ بيروت.
٨ ـ الأخبار الموفّـقيات ـ للزبير بن بكّار (ت ٢٥٦ هـ) ط / عالم الكتب ـ بيروت ١٤١٦ هـ.
٩ ـ الاختصاص ـ للشيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ) ط / دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع ـ بيروت ١٤١٤ هـ.
١٠ ـ أخلاق النبيّ ـ لأبي الشيخ الأصبهاني (ت ٣٦٩ هـ) ط / نشر الدار المصرية اللبنانية ـ القاهرة ١٤١٧ هـ.
١١ ـ الإرشاد ـ للشيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ) ط / دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع ـ بيروت ١٤١٤ هـ.
١٢ ـ الإرشاد إلى قواطع الأدلّة في أُصول الاعتقاد ـ لأبي المعالي الجويني (ت ٤٧٨ هـ) ط ٣ / مؤسّسة الكتب الثقافية ـ بيروت ١٤١٦ هـ.
١٣ ـ إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري ـ للقسطلاني (ت ٩٢٣ هـ)
ط / دار الفكر ـ بيروت ١٤١٠ هـ.
١٤ ـ أسـباب النزول ـ للواحـدي (ت ٤٦٨ هـ) ط / دار الفكر ـ بيروت ١٤١٤ هـ.
١٥ ـ الاستغاثة ـ لأبي القاسم علي بن أحمد الكوفي (ت ٣٥٢ هـ) ط / النجف.
١٦ ـ الاسـتيعاب ـ لابن عبـد البرّ (ت ٤٦٣ هـ) ط / دار الجيل ـ بيروت ١٤١٢ هـ.
١٧ ـ أُسد الغابة ـ لعزّ الدين ابن الأثير (ت ٦٣٠ هـ) ط / دار الفكر ـ بيروت ١٤٠٩ هـ.
١٨ ـ الأسـرار المرفوعـة في الأخبـار الموضوعـة ـ لعلي القـاري (ت ١٠١٤ هـ) ط / المكتب الإسلامي ـ بيروت ١٤٠٦ هـ.
١٩ ـ إسـعاف الراغبين ـ للصبّـان (ت ١٢٠٦ هـ) ط / الحلبي ـ القاهرة ١٣٦٨ هـ ـ أوفسيت ـ دار الفكر.
٢٠ ـ الإشراف على مذاهب أهل العلم ـ لابن المنذر (ت ٣١٠ هـ) ط / دار الفكر ـ بيروت ١٤١٤ هـ.
٢١ ـ الإصابة في تمييز الصحابة ـ لابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢ هـ) ط / دار الجيل ـ بيروت ١٤١٢ هـ.
٢٢ ـ أُصول الدين ـ للغزنوي (ت ٥٩٣ هـ) ط / دار البشائر الإسلامية ـ بيروت ١٤١٩ هـ.
٢٣ ـ الأعلاق النفيسـة ـ لابن رسـتة (ت ٢٩٠ هـ) ط / مطبعة بريل ـ ليدن ١٣١٠ هـ.
٢٤ ـ أعيان الشيعة ـ للسيّد محسن الأمين (ت ١٣٧١ هـ) ط / دار التعارف للمطبوعات ـ بيروت ١٤٠٦ هـ.
٢٥ ـ الأغاني ـ لأبي الفرج الأصبهاني (ت ٣٥٤ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٢ هـ.
٢٦ ـ آفة أصحاب الحديث ـ لأبي الفرج بن الجوزي (ت ٥٩٧ هـ) إصدار
مكتبة نينوى ـ ط / مطبعة الخيّام ـ قم.
٢٧ ـ الاقتصاد في ما يتعلّق بالاعتقاد ـ للشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) ط ٢ / دار الأضواء ـ بيروت ١٤٠٦ هـ.
٢٨ ـ الأمالي ـ للشيخ الصدوق (ت ٣٨١ هـ) ط / مركز الطباعة والنشر في مؤسّسة البعثة ـ قم ١٤١٧ هـ.
٢٩ ـ الأمالي ـ للشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) ط / دار الثقافة للطباعة والنشر والتوزيع ـ قم ١٤١٤ هـ.
٣٠ ـ أمالي المحاملي ـ لأبي عبـد الله المحاملي (ت ٣٣٠ هـ) ط / المكتبة الإسلامية ـ الأردن ١٤١٢ هـ.
٣١ ـ الإمامة ـ للشيخ عبّاس كاشف الغطاء (ت ١٣٢٣ هـ) ط / نشر دار الصدّيقة ـ قم ١٤٢٥ هـ.
٣٢ ـ الإمامـة والسـياسـة ـ لابن قتيبة الدينوري (ت ٢٧٦ هـ) ط / دار الأضواء ـ بيروت ١٤١٠ هـ.
٣٣ ـ أمل الآمل ـ للحرّ العاملي (ت ١١٠٤ هـ) ط / مؤسّسة الوفاء ـ بيروت ١٤٠٣ هـ.
٣٤ ـ الأموال ـ لأبي عبيد القاسم بن سلام (ت ٢٢٤ هـ) ط / دار الفكر ـ بيروت ١٤٠٨ هـ.
٣٥ ـ الأنساب ـ لعبد الكريم بن محمّد بن منصور السمعاني (ت ٥٦٢ هـ) ط / دار الجنان ـ بيروت ١٤٠٨ هـ.
٣٦ ـ أنساب الأشراف ـ للبلاذري (ت ٢٧٩ هـ) ط / دار الفكر ـ بيروت ١٤١٧ هـ.
٣٧ ـ الأوائل ـ لأبي هلال العسكري (ت بعد ٣٩٥ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤٠٧ هـ.
٣٨ ـ أوائل المقالات ـ للشيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ) ط / دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع ـ بيروت ١٤١٤ هـ.
٣٩ ـ الإيضاح ـ للفضل بن شاذان (ت ٢٦٠ هـ) ط / مؤسّسة الأعلمي ـ
بيروت ١٤٠٢ هـ.
٤٠ ـ إيضاح الفوائد في شرح القواعد ـ لأبي طالب محمّد بن الحسن الحلّي (ت ٧٧١ هـ) ط / المطبعة العلمية ـ قم ١٣٨٧ هـ.
٤١ ـ الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ـ لمكّي بن أبي طالب القيسي (ت ٤٣٧ هـ) ط / دار المنارة ـ جدّة ١٤٠٦ هـ.
٤٢ ـ إيمـان أبي طالب ـ لفخار بن معد الموسـوي (٦٣٠ هـ) ط / دار الزهراء ـ بيروت ١٤٠٨ هـ.
٤٣ ـ بحار الأنوار ـ لمحمّد باقر المجلسي (ت ١١١١ هـ) ط / دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ١٤٠٣ هـ.
٤٤ ـ البـدء والتاريـخ ـ لأبي زيد البلخـي (ت ٣٢٢ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٧ هـ.
٤٥ ـ بدائع الصنائع ـ لأبي بكر بن مسعود الكاساني الحنفي (ت ٥٨٧ هـ) ط / المكتبة الحبيبية ـ باكستان ١٤٠٩ هـ.
٤٦ ـ بداية المجتهد ـ لابن رشد الأندلسي (ت ٥٩٥ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٦ هـ.
٤٧ ـ البداية والنهاية ـ لابن كثير (ت ٧٧٤ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٥ هـ.
٤٨ ـ بشارة المصطفى ـ لعماد الدين محمّد بن أبي القاسم الطبري (ت بعد ٥٥٣ هـ) ط / مؤسّسة النشر الإسلامي ـ قم ١٤٢٢ هـ.
٤٩ ـ بصائر الدرجات ـ لابن فروخ الصفار (ت ٢٩٠ هـ) ط / مؤسّسة الأعلمي ـ طهران ١٤٠٤ هـ.
٥٠ ـ تاج العروس ـ لمرتضى الزبيدي (ت ١٢٠٥ هـ) ط / دار الفكر ـ بيروت ١٤١٤ هـ.
٥١ ـ تاريخ ابن خلدون ـ لعبد الرحمن بن خلدون (ت ٨٠٨ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٣ هـ.
٥٢ ـ تاريخ ابن الوردي (تتمة المختصر) ـ لزين الدين ابن الوردي (ت
٧٤٩ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٧ هـ.
٥٣ ـ تاريخ أبي الفداء (المختصر في أخبار البشر) ـ لإسـماعيل أبي الفداء (ت ٧٣٢ هـ) ط / مكتبة المتنبّي ـ القاهرة.
٥٤ ـ تاريخ الإسلام ـ للذهبي (ت ٧٤٨ هـ) ط / الهيئة المصرية العامّة للكتاب ـ القاهرة ١٣٩٥ هـ.
٥٥ ـ تاريخ بغداد ـ للخطيب البغدادي (ت ٤٦٣ هـ) ط / مطبعة السعادة ـ مصر ١٣٤٩ هـ ـ أوفسيت دار الكتب العلمية ـ بيروت.
٥٦ ـ تاريخ بيهق ـ لعلي بن زيد البيهقي (ت ٥٦٥ هـ) ط / دار اقرأ للطباعة والنشر والتوزيع ـ دمشق ١٤٢٥ هـ.
٥٧ ـ تاريـخ حلب (بغية الطلب) ـ لابن العـديم (ت ٦٦٠ هـ) ط / دار الفكر ـ بيروت.
٥٨ ـ تاريخ خليفة بن خيّاط العصفري (ت ٢٤٠ هـ) ط / دار الفكر ـ بيروت ١٤١٤ هـ.
٥٩ ـ تاريخ الخميس ـ للدياربكري (ت ٩٦٦ هـ) ط / المطبعة الوهبية ـ القاهرة ١٢٨٣ هـ ـ أوفسيت مؤسّسة شعبان ـ بيروت.
٦٠ ـ تاريخ دمشـق ـ لابن عساكر (ت ٥٧١ هـ) ط / دار الفكر ـ بيروت ١٤١٧ هـ.
٦١ ـ التاريخ الصغير ـ لمحمّد بن إسماعيل البخاري (ت ٢٥٦ هـ) ط / دار الوعي ـ حلب ١٣٩٧ هـ.
٦٢ ـ تاريخ الطبري ـ لابن جرير الطبري (ت ٣١٠ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت.
٦٣ ـ التاريخ الكبير ـ للبخاري (ت ٢٥٦ هـ) ط / دائرة المعارف العثمانية ـ حيدر آباد الدكن ١٣٦١ هـ ـ أوفسيت دار الكتب العلمية.
٦٤ ـ تاريخ المدينة ـ لعمر بن شبّة (ت ٢٦٢ هـ) ط / مصر.
٦٥ ـ تاريخ يحيى بن معين (ت ٢٣٣ هـ) برواية الدوري (ت ٢٧١ هـ) ط / دار ا لقلم ـ بيروت.
٦٦ ـ تاريخ اليعقوبي ـ لأحمد بن واضح اليعقوبي (ت ٢٩٢ هـ) ط / مؤسّسة الأعلمي ـ بيروت ١٤١٣ هـ.
٦٧ ـ تأويل مختلف الحديث ـ لابن قتيبة الدينوري (ت ٢٧٦ هـ) ط / دار الفكر ـ بيروت ١٤١٥ هـ.
٦٨ ـ تجارب الأُمم ـ لمسـكويه (ت ٤٢١ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤٢٤ هـ.
٦٩ ـ تذكرة الخواصّ ـ لسبط ابن الجوزي (ت ٦٥٤ هـ) ط / منشورات الشريف الرضي ـ قم ١٤١٨ هـ.
٧٠ ـ الترغيب والترهيب ـ للمنذري (ت ٦٥٦ هـ) ط / دار مكتبة الحياة ـ بيروت ١٤١١ هـ.
٧١ ـ تسليك النفس إلى حضيرة القدس ـ للعلاّمة ابن المطهّر الحلّي (ت ٧٢٦ هـ) ط / مؤسّسة الإمام الصادق عليهالسلام ـ قم ١٤٢٦ هـ.
٧٢ ـ تعجيل المنفعة ـ لابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٦ هـ.
٧٣ ـ تفسير ابن أبي حاتم الرازي (ت ٣٢٧ هـ) ط / دار الفكر ـ بيروت ١٤٢٤ هـ.
٧٤ ـ تفسير ابن كثير (ت ٧٧٤ هـ) ط / دار الجيل ـ بيروت.
٧٥ ـ تفسير ابن المنذر النيسابوري (ت ٣١٠ هـ) ط / دار المآثر ـ المدينة المنوّرة ١٤٢٣ هـ.
٧٦ ـ تفسـير البغوي (معالم التنزيل) ـ للحسـين بن مسعود البغوي (ت ٥١٦ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٤ هـ.
٧٧ ـ تفسير الثعلبي (الكشف والبيان) ـ لأبي إسحاق الثعلبي (ت ٤٢٧ هـ) ط / دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ١٤٢٢ هـ.
٧٨ ـ تفسر الحبري ـ لأبي عبـد الله الحسين بن الحكم الكوفي الحبري (ت ٢٨٦ هـ) ط / مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ـ بيروت ١٤٠٨ هـ.
٧٩ ـ تفسـير السُـدّي الكبير ـ لإسـماعيل بن عبـد الرحمن السُـدّي (ت
١٢٨ هـ) ط / دار الوفاء للطباعة والنشر ـ مصر ١٤١٤ هـ.
٨٠ ـ تفسير سفيان بن عيينة (ت ١٩٨ هـ) ط / المكتب الإسلامي ـ بيروت ١٤٠٣ هـ.
٨١ ـ تفسير الطبري (جامع البيان) ـ لابن جرير الطبري (ت ٣١٠ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٢ هـ.
٨٢ ـ تفسير عبد الرزّاق الصنعاني (ت ٢١١ هـ) ط / مكتبة الرشد ـ الرياض ١٤١٠ هـ.
٨٣ ـ تفسـير عليّ بن إبراهيم القمّي (ت بعد ٣٠٧ هـ) ط / مؤسّسة الأعلمي ـ بيروت ١٤١٢ هـ.
٨٤ ـ تفسير العيّاشي ـ لمحمّد بن مسعود العياشي (ت ٣٢٠ هـ) ط / مؤسّسة الأعلمي ـ بيروت ١٤١١ هـ.
٨٥ ـ تفسير فرات الكوفي (ت بعد ٣٠٠ هـ) ط / مؤسّسة النعمان للطباعة والنشر والتوزيع ـ بيروت ١٤١٢ هـ.
٨٦ ـ تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن) ـ لمحمّد بن أحمد القرطبي (ت ٦٧١ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٧ هـ.
٨٧ ـ التفسير الكبير ـ للفخر الرازي (ت ٦٠٦ هـ) ط / دار الفكر ـ بيروت ١٤١٤ هـ.
٨٨ ـ تفسير الماوردي (النكت والعيون) ـ لأبي الحسن علي بن محمّد الماوردي (ت ٤٥٠ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت.
٨٩ ـ تفسـير مجاهد بن جبر (ت ١٠٢ هـ) ط / دار الفكر الإسلامي الحديثـة ـ مصر ١٤١٠ هـ.
٩٠ ـ تفسـير النسائي ـ لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (ت ٣٠٣ هـ) ط / مؤسّسة الكتب الثقافية ـ بيروت ١٤١٠ هـ.
٩١ ـ تمهيد الأوائل ـ للقاضي أبي بكر الباقلاني (ت ٤٠٣ هـ) ط / مؤسّسة الكتب الثقافية ـ بيروت ١٤٠٧ هـ.
٩٢ ـ تهذيب الآثار ـ لابن جرير الطبري (ت ٣١٠ هـ) ط / مطبعة المدني ـ
القاهرة ١٣٧٢ هـ.
٩٣ ـ تهذيب الأحكام ـ للشيخ محمّد بن الحسن الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) ط / دار الكتب الإسلامية ـ طهران ١٣٩٠ هـ.
٩٤ ـ تهذيب التهذيب ـ لابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢ هـ) ط / مجلس دائرة المعارف النظامية ـ حيدر آباد الدكن ١٣٢٥ هـ.
٩٥ ـ الثقات ـ لابن حبّان (ت ٣٥٤ هـ) ط / مجلس دائرة المعارف العثمانية ـ حيدر آباد الدكن ١٣٩٣ هـ.
٩٦ ـ الثقات ـ للعجلي (ت ٢٦١ هـ) بترتيب الهيثمي (ت ٨٠٧ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤٠٥ هـ.
٩٧ ـ ثواب الأعمال ـ للشيخ الصدوق (ت ٣٨١ هـ) ط / منشورات الشريف الرضي ـ قم ١٤١٠.
٩٨ ـ جـامع الأُصول ـ لأبي السعادات ابن الأثير (ت ٦٠٦ هـ) ط / دار الفكر ـ بيروت ١٤٠٣ هـ.
٩٩ ـ جامع بيان العلم ـ لابن عبد البر (ت ٤٦٣ هـ) ط / دار الفكر.
١٠٠ ـ الجرح والتعديل ـ لابن أبي حاتم الرازي (ت ٣٢٧ هـ) ط / دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن ـ الهند ١٣٧٣ هـ.
١٠١ ـ الجعديات (حديث علي بن الجعد الجوهري ـ ت ٢٣٠ هـ) لأبي القاسم البغوي (ت ٣١٧ هـ) ط / الخانجي ـ القاهرة ١٤١٥ هـ.
١٠٢ ـ الجعفريات ـ لمحمّد بن محمّد الأشعث الكوفي (ت ٣١٤ هـ) ط / مكتبة نينوى (حجرية) ـ طهران.
١٠٣ ـ الجمع بين الصحيحين ـ لمحمّد بن فتوح الحميدي (ت ٤٨٨ هـ) ط / دار ابن حزم ـ بيروت ١٤١٩ هـ.
١٠٤ ـ جمهرة أمثال العرب ـ لأبي هلال العسكري (ت بعد ٣٩٥ هـ) ط / دار الجيل ـ بيروت.
١٠٥ ـ الجهاد ـ لابن أبي عاصم (ت ٢٨٧ هـ) ط / مكتبة العلوم والحكم ـ المدينة المنوّرة ١٤٠٩ هـ.
١٠٦ ـ جواهر العقدين ـ للسمهودي (ت ٢٨٧ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٥ هـ.
١٠٧ ـ الحاوي الكبير ـ لأبي الحسن الماوردي (ت ٤٥٠ هـ) ط / دار الفكر ـ بيروت ١٤١٤ هـ.
١٠٨ ـ حلية الأوليـاء ـ لأبي نُـعيم الأصبهاني (ت ٤٣٠ هـ) ط / مطبعة السعادة ـ مصر ١٣٥١ هـ ـ أوفسيت دار الكتب العلمية ـ بيروت.
١٠٩ ـ خزانة الأدب ـ لعبد القادر بن عمر البغدادي (ت ١٠٩٣ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٨ هـ.
١١٠ ـ الخصائص الكبرى ـ للسيوطي (ت ٩١١ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت.
١١١ ـ الخصال ـ للشيخ الصدوق (ت ٣٨١ هـ) ط / مؤسّسة النشر الإسلامي ـ قم ١٤١٦ هـ.
١١٢ ـ الدرّ المنثور في التفسير المأثور ـ للسيوطي (ت ٩١١ هـ) ط / دار الفكر ـ بيروت ١٤١٤ هـ.
١١٣ ـ الدرر في اختصار المغازي والسير ـ لابن عبد البر (ت ٤٦٣ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت.
١١٤ ـ دلائل الإمامة ـ لمحمّد بن جرير بن رستم الطبري (ت بعد ٤١١ هـ) ط / المطبعة الحيدرية ـ النجف الأشرف ١٣٨٣ هـ.
١١٥ ـ دلائل الصدق ـ للشيخ محمّد حسن المظفّر (ت ١٣٧٥ هـ) ط / مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ـ قم ١٤٢٣ هـ.
١١٦ ـ دلائل النبوّة ـ لأبي نُعيم الأصبهاني (ت ٤٣٠ هـ) ط / دار النفائس ـ بيروت ١٤٠٦ هـ.
١١٧ ـ دلائل النبوّة ـ للبيهقي (ت ٤٥٨ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤٠٥ هـ.
١١٨ ـ دمية القصر ـ للباخرزي (ت ٤٦٧ هـ) ط / دار العروبة للنشر والتوزيع ـ الكويت ١٤٠٥ هـ.
١١٩ ـ الذخيرة في علم الكلام ـ للشريف المرتضى (ت ٤٣٦ هـ) ط / مؤسّسة النشر الإسلامي ـ قم ١٤٠٧ هـ.
١٢٠ ـ الذرية الطاهرة ـ لأبي بشر الدولابي (ت ٣١٠ هـ) ط / مؤسّسة النشر الإسلامي ـ قم ١٤٠٧ هـ.
١٢١ ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة ـ لآغا بزرك الطهراني (ت ١٣٨٨ هـ) ط / دار الأضواء ـ بيروت.
١٢٢ ـ ربيع الأبرار ـ للزمخشري (ت ٥٣٨ هـ) ط / وزارة الأوقاف العراقية ـ بغداد ١٣٩٦ هـ.
١٢٣ ـ رجال الشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) ط / المطبعة الحيدرية ـ النجف الأشرف ١٣٨١ هـ.
١٢٤ ـ رجال الكشي (اختيار معرفة الرجال) ـ لمحمّد بن عمر بن العزيز الكشي (ت نحو ٣٤٠ هـ) ط / مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ـ ١٤٠٤ هـ.
١٢٥ ـ رجال النجاشي ـ لأبي العبّاس النجاشي (ت ٤٥٠ هـ) ط / مؤسّسة النشر الإسلامي ـ قم ١٤٢٤ هـ.
١٢٦ ـ الردة ـ للواقدي (ت ٢٠٧ هـ) برواية ابن أعثم الكوفي (ت ٣١٤ هـ) ط / دار الغرب الإسلامي ـ بيروت ١٤١٠ هـ.
١٢٧ ـ الروض الأُنف ـ للسهيلي (ت ٥٨١ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٨ هـ.
١٢٨ ـ روضة المناظر (تاريخ ابن الشحنة) ـ لمحب الدين محمّد بن محمّد ابن الشحنة (ت ٨١٥ هـ) ـ مطبوع بهامش الكامل في التاريخ ـ طبعة قديمة ـ مصر.
١٢٩ ـ رياض العلماء ـ لعبـد الله أفندي الأصبهاني (ت ١١٣٠ هـ) ط / مطبعة الخيام ـ قم ١٤٠١ هـ.
١٣٠ ـ الريـاض النضرة ـ للمحبّ الطبري (ت ٦٩٤ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت.
١٣١ ـ زاد المسير ـ لابن قيّم الجوزية (ت ٧٥١ هـ) ط / دار الفكر ـ بيروت ١٤١٥ هـ.
١٣٢ ـ سبل الهدى والرشاد ـ للصالحي (ت ٩٤٢ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٤ هـ.
١٣٣ ـ السرائر ـ لابن إدريس الحلّي (ت ٥٩٨ هـ) ط / مؤسّسة النشر الإسلامي ـ قم ١٤١٠ هـ.
١٣٤ ـ السنّة ـ لابن أبي عاصم (ت ٢٨٧ هـ) ط / المكتب الإسلامي ـ بيروت ١٤١٣ هـ.
١٣٥ ـ سنن ابن ماجة القزويني (ت ٢٧٣ هـ) ط / دار إحياء الكتب العربية ـ مصر ١٣٧٣ هـ ـ أوفسيت دار الكتب العلمية ـ بيروت.
١٣٦ ـ سنن أبي داود السجستاني (ت ٢٧٥ هـ) ط / دار الجيل ـ بيروت ١٤١٢ هـ.
١٣٧ ـ سنن الترمذي ـ لمحمّد بن عيسى بن سورة (ت ٢٧٩ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت.
١٣٨ ـ سنن الدارمي ـ لعبد الله بن عبد الرحمن بن بهرام (ت ٢٥٥ هـ) ط / دار الفكر ـ بيروت ١٤١٤ هـ.
١٣٩ ـ سنن سعيد بن منصور (ت ٢٢٧ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت.
١٤٠ ـ السنن الكبرى ـ للبيهقي (ت ٤٥٨ هـ) ط / مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن ـ الهند ١٣٥٥ هـ ـ أوفسيت دار الفكر ـ بيروت.
١٤١ ـ السنن الكبرى ـ للنسائي (ت ٣٠٣ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١١ هـ.
١٤٢ ـ سنن النسائي بشرح السيوطي وحاشية السندي ـ ط / المطبعة المصرية ـ أوفسيت دار الجيل ـ بيروت.
١٤٣ ـ السير ـ لأبي إسحاق الفزاري (ت ١٨٦ هـ) ط / مؤسّسة الرسالة ـ بيروت ١٤٠٨ هـ.
١٤٤ ـ سير أعلام النبلاء ـ لشمس الدين الذهبي (ت ٧٤٨ هـ) ط / دار الرسالة ـ بيروت ١٤١٤ هـ.
١٤٥ ـ السير والمغازي ـ لمحمّد بن إسحاق (ت ١٥١ هـ) ط / دار الفكر ـ
دمشق ١٣٩٨ هـ.
١٤٦ ـ السيرة الحلبية ـ لعلي بن برهان الدين الحلبي (ت ١٠٤٤ هـ) ط / دار المعرفة ـ بيروت.
١٤٧ ـ السيرة النبويّة ـ لابن حبّان (ت ٣٥٤ هـ) ط / مؤسّسة الكتب الثقافية ـ بيروت ١٤٠٧ هـ.
١٤٨ ـ السيرة النبويّة ـ لابن هشام (ت ٢١٣ هـ) ط / دار الجيل ـ بيروت.
١٤٩ ـ السيرة النبويّة ـ لأحمد بن زيني دحلان (ت ١٣٠٤ هـ) ط / دار القلم العربي ـ حلب ١٤١٧ هـ.
١٥٠ ـ الشافي في الإمامة ـ للشريف المرتضى (ت ٤٣٦ هـ) ط / مؤسّسة الصادق للطباعة والنشر ـ طهران ١٤١٧ هـ.
١٥١ ـ شبهات السلفية ـ للورد ـ ط / دار المحجّة البيضاء ـ بيروت ١٤٢٥ هـ.
١٥٢ ـ شذرات الذهب ـ لابن العماد الحنبلي (ت ١٠٨٩ هـ) ط / دار الفكر ـ بيروت ١٤١٤ هـ.
١٥٣ ـ شرح الأخبار ـ للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمّد المغربي (ت ٣٦٣ هـ) ط / مؤسّسة النشر الإسلامي ـ قم.
١٥٤ ـ شرح أصول اعتقاد أهل السُنّة والجماعة ـ لللالكائي (ت ٤١٨ هـ) ط / دار طيبة للنشر والتوزيع ـ الرياض ١٤٢٣ هـ.
١٥٥ ـ شـرح التجـريد ـ للقوشـجـي (ت ٨٧٩ هـ) طبعة حجرية ـ تبريز ١٣٠٧ هـ.
١٥٦ ـ شرح جمل العلم والعمل ـ للشريف المرتضى (ت ٤٣٦ هـ) ط / دار الأسوة للطباعة والنشر ـ قم ١٤١٤ هـ.
١٥٧ ـ شرح الزرقاني على المواهب اللدنيّة ـ للزرقاني (ت ١١٢٢ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٧ هـ.
١٥٨ ـ شرح السنّة ـ للحسين بن مسعود البغوي (ت ٥١٦ هـ) ط / دار الفكر ـ بيروت ١٤١٣ هـ.
١٥٩ ـ شرح عقيدة الإمام مالك الصغير ـ لأبي زيد القيرواني (ت ٤٢٢ هـ)
ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤٢٣ هـ.
١٦٠ ـ شرح فتح القدير ـ لابن الهمام (ت ٨٦١ هـ) ط / دار الفكر ـ بيروت.
١٦١ ـ الشرح الكبير ـ لعبد الرحمن بن محمّد بن أحمد بن قدامة المقدسي (ت ٦٨٢ هـ) ط / مطبعة المنار بمصر سنة ١٣٤٧ هـ ـ أوفسيت دار الكتب العلمية ـ بيروت.
١٦٢ ـ شرح معاني الآثار ـ للطحاوي (ت ٣٢١ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٦ هـ.
١٦٣ ـ شرح المقاصد ـ لسعد الدين التفتازاني (ت ٧٩٣ هـ) الطبعة الأولى ١٤٠٩ هـ.
١٦٤ ـ شـرح المـواقف ـ للشريف الجرجاني (ت ٨١٢ هـ) ط / مطبعة السعادة ـ مصر ١٣٢٥ هـ.
١٦٥ ـ شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد (ت ٦٥٦ هـ) ط / دار الجيل ـ بيروت ١٤١٦ هـ.
١٦٦ ـ الشريعة ـ لأبي بكر الآجري (ت ٣٦٠ هـ) ط / دار الكتاب العربي ـ بيروت ١٤١٧ هـ.
١٦٧ ـ شعب الإيمان ـ للبيهقي (ت ٤٥٨ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٠ هـ.
١٦٨ ـ الشمائل النبويّة ـ للترمذي (ت ٢٧٩ هـ) ط / دار الكتاب العربي ـ بيروت ١٤١٧ هـ.
١٦٩ ـ شمائل النبيّ ـ للحسين بن مسعود البغوي (ت ٥١٦ هـ) ط / دار المكتبي ـ دمشق ١٤١٦ هـ.
١٧٠ ـ شواهد التنزيل ـ للحاكم الحسكاني (ت بعد ٤٩٠ هـ) ط / مؤسّسة الأعلمي ـ بيروت ١٣٩٣ هـ.
١٧١ ـ صحيح ابن خزيمة ـ محمّد بن إسحاق بن خزيمة (ت ٣١١ هـ) ط / المكتب الإسلامي ـ بيروت ١٤١٢ هـ.
١٧٢ ـ صحيح البخاري ـ لمحمّد بن إسماعيل البخاري (ت ٢٥٦ هـ)
ط / المطبعة المنيرية ـ مصر ١٣٤٨ هـ ـ أوفسيت المكتبة الثقافية ـ بيروت.
١٧٣ ـ صحيح مسلم بن الحجاج النيسابوري (ت ٢٦١ هـ) ط / استانبول ـ ١٣٣٤ هـ ـ أوفسيت دار الجيل ـ بيروت.
١٧٤ ـ الصراط المستقيم ـ لزين الدين البياضي (ت ٨٧٧ هـ) ط / المكتبة الرضوية ـ طهران ١٣٨٤ هـ.
١٧٥ ـ صفة الصفوة ـ لعبد الرحمن بن الجوزي (ت ٥٩٧ هـ) ط / دار الجيل ـ بيروت ١٤١٢ هـ.
١٧٦ ـ صلاة أبي بكر في مرض النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ للسـيّد علي الحسـيني الميلاني ـ ط / مركز الحقائق الإسلامية ـ قم ١٤٢٧ هـ.
١٧٧ ـ الصـوارم المهـرقة ـ للقاضي التستري (ت ١٠١٩ هـ) ط / طهران ١٣٦٧ هـ.
١٧٨ ـ الصواعق المحرقة ـ لابن حجر الهيثمي (ت ٩٧٤ هـ) ط / المطبعة الميمنية ـ مصر ١٣١٢ هـ.
١٧٩ ـ طبقات أعلام الشيعة ـ لآغا بزرك الطهراني (ت ١٣٨٨ هـ) ط / دار الكتاب العربي ـ بيروت ١٣٩٥ هـ.
١٨٠ ـ طبقات الفقهاء ـ لأبي إسحاق الشيرازي (ت ٤٧٦ هـ) ط / مكتبة الثقافة الدينية ـ بورسعيد ١٤١٨ هـ.
١٨١ ـ الطبقات الكبرى ـ لابن سعد (ت ٢٣٠ هـ) ط / مكتبة الخانجي ـ القاهرة ١٤١٢ هـ.
١٨٢ ـ الطـرائف ـ لرضي الدين ابن طـاووس (ت ٦٦٤ هـ) ط / مؤسّـسة البلاغ ـ بيروت ١٤١٩ هـ.
١٨٣ ـ العبر في خبر من غبر ـ لشمس الدين الذهبي (ت ٧٤٨ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت.
١٨٤ ـ العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية ـ للشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء (ت ١٣٧٣ هـ) ط / بيسان للنشر والتوزيع ـ بيروت ١٤١٨ هـ.
١٨٥ ـ العدّة في أصول الفقه ـ للشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) الطبعة الأولى ـ
قم ١٤١٧ هـ.
١٨٦ ـ العقد الفريد ـ لابن عبد ربّه الأندلسي (ت ٣٢٨ هـ) ط / دار الأندلس للطباعة والنشر ـ بيروت ١٤١٦ هـ.
١٨٧ ـ العلل ـ للدارقطني (ت ٣٨٥ هـ) ط / دار طيبة ـ الرياض ١٤٢٤ هـ.
١٨٨ ـ علل الشرائع ـ للشيخ الصدوق (ت ٣٨١ هـ) ط / دار الحجّة للثقافة ـ قم ١٤١٦ هـ.
١٨٩ ـ عمدة التحقيق ـ لإبراهيم العبيدي المالكي (ت ١٠١٩ هـ) ط / دار الندوة الإسلامية ـ بيروت ١٤٠٨ هـ.
١٩٠ ـ عيون الأثر ـ لابن سيد الناس (ت ٧٣٤ هـ) ط / دار الآفاق الجديدة ـ بيروت ١٤٠٢ هـ.
١٩١ ـ عيون أخبار الرضا عليهالسلام ـ للشيخ الصدوق (ت ٣٨١ هـ) ط / مؤسّسة الأعلمي ـ بيروت ١٤٠٤ هـ.
١٩٢ ـ الغيبة ـ لابن أبي زينب النعماني (ت نحو ٣٦٠ هـ) ط / أنوار الهدى ـ قم ١٤٢٢ هـ.
١٩٣ ـ الغَـيـبة ـ للشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) ط / مؤسّسة المعارف الإسلامية ـ قم ١٤١١ هـ.
١٩٤ ـ فـتح الباري شـرح صحيح البخاري ـ لابن حجـر العسقلاني (ت ٨٥٢ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٠ هـ.
١٩٥ ـ الفتن ـ لنعيم بن حماد (ت ٢٢٩ هـ) ط / المكتبة التجارية ـ مكّة المكرّمة.
١٩٦ ـ الفتوح ـ لابن أعثم الكوفي (ت نحو ٣١٤ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤٠٦ هـ.
١٩٧ ـ فتوح البلدان ـ للبلاذري (ت ٢٧٩ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٢ هـ.
١٩٨ ـ فرائد السمطين ـ للجويني (ت ٧٢٢ هـ) ط / مؤسّسة المحمودي للطباعة والنشر ـ بيروت ١٣٩٨ هـ.
١٩٩ ـ فردوس الأخبار ـ لشيرويه الديلمي (ت ٥٠٩ هـ) ط / دار الفكر ـ بيروت ١٤١٨ هـ.
٢٠٠ ـ الفصول المختارة من العيون والمحاسن ـ للشيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ) اختيار الشريف المرتضى (ت ٤٣٦ هـ) ط / دار المفيد ـ بيروت ١٤١٤ هـ.
٢٠١ ـ الفضائل ـ لشاذان بن جبرئيل (ت بعد ٥٩٣ هـ) ط / مؤسّسة الأعلمي ـ بيروت ١٤٠٨ هـ.
٢٠٢ ـ فضـائل الصحابة ـ لأحمد بن حنبل (ت ٢٤١ هـ) ط / دار ابن الجـوزي ـ السعودية ١٤٢٠ هـ.
٢٠٣ ـ الفهرست ـ لمحمّد بن إسحاق النديم (ت ٣٨٠ هـ أو بعدها) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٦ هـ.
٢٠٤ ـ فهرست الشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) إعداد ونشر مكتبة المحقق الطباطبائي ـ قم ١٤٢٠ هـ.
٢٠٥ ـ فهرست منتجب الدين ابن بابويه (ت بعد ٥٨٥ هـ) ط / دار الأضواء ـ بيروت ١٤٠٦ هـ.
٢٠٦ ـ الفوائد ـ لابن منده عبد الوهّاب بن محمّد الأصبهاني (ت ٤٧٥ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤٢٣ هـ.
٢٠٧ ـ فيض القدير ـ للمناوي (ت ١٠٣١ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٥ هـ.
٢٠٨ ـ قواعد المراد في علم الكلام ـ لابن ميثم البحراني (ت ٦٧٩ أو ٦٩٩ هـ) ط / مهر ـ قم ١٣٩٨ هـ.
٢٠٩ ـ الكافي ـ للشيخ الكليني (ت ٣٢٨ هـ) ط / دار الكتب الإسلامية ـ طهران.
٢١٠ ـ الكامل في التاريخ ـ لعز الدين ابن الأثير (ت ٦٣٠ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٥ هـ.
٢١١ ـ الكامل في ضعفاء الرجال ـ لابن عدي الجرجاني (ت ٣٦٥ هـ) ط / دار الفكر ـ بيروت ١٤٠٩ هـ.
٢١٢ ـ كشـف الخفـاء ـ للعجلوني (ت ١١٦٢ هـ) ط / دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
٢١٣ ـ كشـف المراد في شرح تجريد الاعتقاد ـ لابن المطهّر الحلّي (ت ٧٢٦ هـ) ط / شكّوري ـ قم ١٤١٥ هـ.
٢١٤ ـ الكشكول ـ للشيخ يوسف البحراني (ت ١١٨٦ هـ) ط / مؤسّسة الوفاء ودار النعمان ١٤٠٦ هـ.
٢١٥ ـ كفاية الأثر ـ لعلي بن محمّد الخزاز (من أعلام القرن الرابع) ط / مطبعة الخيام ـ قم ١٤٠١ هـ.
٢١٦ ـ كفاية الأُصول ـ للآخوند الخراساني (ت ١٣٢٩ هـ) ط / مؤسّسة آل البيت لإحياء التراث ـ بيروت ١٤١٢ هـ.
٢١٧ ـ كمال الدين وتمام النعمة ـ للشيخ الصدوق (ت ٣٨١ هـ) ط / مؤسّسة النشر الإسلامي ـ قم ١٤١٦ هـ.
٢١٨ ـ الكنى والأسماء ـ للدولابي (ت ٣١٠ هـ) ط / مجلس دائرة المعارف النظامية بحيدر آباد الدكن ـ الهند ١٣٢٢ هـ.
٢١٩ ـ الكنى والألقاب ـ للشيخ عباس القمّي (ت ١٣٥٩ هـ) ط / مكتبة الصدر ـ طهران ١٤٠٩ هـ.
٢٢٠ ـ كنز العمّال ـ للمتّقي الهندي (ت ٩٧٥ هـ) ط / مؤسّسة الرسالة ـ بيروت ١٤١٣ هـ.
٢٢١ ـ لسان العرب ـ لابن منظور (ت ٧١١ هـ) ط / دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ١٤٠٨ هـ.
٢٢٢ ـ لسان الميزان ـ لابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢ هـ) ط / مجلس دائرة المعارف النظامية ـ حيدر آباد الدكن ١٣٢٩ هـ ـ أوفسيت مؤسّسة الأعلمي ـ بيروت ١٤٠٦ هـ.
٢٢٣ ـ لقـط اللآلي المتـناثرة في الأحـاديث المتواتـرة ـ للزبيدي (ت ١٢٠٥ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤٠٥ هـ.
٢٢٤ ـ المبسوط ـ للسرخسي (ت حدود ٤٩٠ هـ) ط / دار المعرفة ـ بيروت
١٤٠٩ هـ.
٢٢٥ ـ المتّفق والمفترق ـ للخطيب البغدادي (ت ٤٦٣ هـ) ط / دار القادري ـ دمشق ١٤١٧ هـ.
٢٢٦ ـ مجالس المؤمنين ـ للقاضي التستري (ت ١٠١٩ هـ) ط / المكتبة الإسلامية ـ طهران ١٣٩٥ هـ.
٢٢٧ ـ مجمـع الأمثـال ـ للميداني (ت ٥١٨ هـ) ط / دار الجـيل ـ بيروت ١٤٠٧ هـ.
٢٢٨ ـ مجمع البيان في تفسير القرآن ـ للطبرسي (ت ٥٤٨ هـ) ط / دار الفكر ـ بيروت ١٤١٤ هـ.
٢٢٩ ـ مجمع الزوائد ـ للهيثمي (ت ٨٠٧ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤٠٨ هـ.
٢٣٠ ـ المجموع شرح المهذّب ـ للنووي (ت ٦٧٦ هـ) ط / مطبعة التضامن الأخوي ـ مصر ١٣٤٤ هـ ـ أوفسيت دار الفكر ـ بيروت.
٢٣١ ـ المحلّى ـ لابن حزم الأندلسي (ت ٤٥٦ هـ) ط / المطبعة المنيرية ـ مصر ١٣٤٩ هـ ـ أوفسيت دار الجيل ـ بيروت.
٢٣٢ ـ مراصد الاطّلاع ـ لصفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحقّ البغدادي (ت ٧٣٩ هـ) ط / دار الجيل ـ بيروت ١٤١٢ هـ.
٢٣٣ ـ مروج الذهب ـ للمسعودي (ت ٣٤٦ هـ) ط / دار الأندلس ـ بيروت ١٤١٦ هـ.
٢٣٤ ـ المزار الكبير ـ للمشهدي ـ (ت بعد ٥٨٠ هـ) ط / مؤسّسة النشر الإسلامي ـ قم ١٤١٩ هـ.
٢٣٥ ـ المسائل السروية ـ للشيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ) ط / دار المفيد ـ بيروت ١٤١٤ هـ.
٢٣٦ ـ المسترشد في الإمامة ـ لمحمّد بن جرير بن رستم الطبري (ت بعد ٤١١ هـ) ط / مؤسّسة الثقافة الإسلامية ـ قم.
٢٣٧ ـ المستدرك على الصحيحين ـ للحاكم النيسابوري (ت ٤٠٥ هـ) ط / دار
الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١١ هـ.
٢٣٨ ـ مستدرك الوسائل ـ للنوري (ت ١٣٢٠ هـ) ط / مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ـ قم ١٤١١ هـ.
٢٣٩ ـ المسلك في أُصول الدين ـ للمحقّق الحلّي (ت ٦٧٦ هـ) ط / مجمع البحوث الإسلامية ـ مشهد ١٤٢٤ هـ.
٢٤٠ ـ مسند أبي عوانة ـ ليعقوب بن إسحاق الأسفراييني (ت ٣١٦ هـ) ط / دار المعرفة ـ بيروت ١٤١٩ هـ.
٢٤١ ـ مسند أبي يعلى الموصلي (ت ٣٠٧ هـ) ط / دار المأمون للتراث ـ دمشق ١٤١٠ هـ.
٢٤٢ ـ مسـند أحمـد بن حنبـل (ت ٢٤١ هـ) الطبعـة الميمنيـة ـ مصـر ١٣١٣ هـ ـ أوفسيت دار صادر ـ بيروت.
٢٤٣ ـ مسند البزّار ـ لأبي بكر أحمد بن عمرو البزّار (ت ٢٩٢ هـ) ط / مكتبة العلوم والحكم ـ المدينة المنوّرة ١٤٠٩ هـ.
٢٤٤ ـ مسند الحميدي ـ لعبد الله بن الزبير الحميدي (ت ٢١٩ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤٠٩ هـ.
٢٤٥ ـ مسند الروياني ـ لمحمّد بن هارون الروياني (ت ٣٠٧ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٧ هـ.
٢٤٦ ـ مسند سعد بن أبي وقّاص ـ للدورقي (ت ٢٤٦ هـ) ط / دار البشائر الإسلامية ـ بيروت ١٤٠٧ هـ.
٢٤٧ ـ مسند الشاشي ـ للهيثم بن كليب الشاشي (ت ٣٣٥ هـ) ط / مكتبة العلوم والحكم ـ المدينة المنوّرة ١٤١٠ هـ.
٢٤٨ ـ مسند الطيالسي ـ لأبي داود سليمان بن داود الطيالسي (ت ٢٠٤ هـ) ط / دائرة المعارف النظامية ـ حيدر آباد الدكن ١٣٢١ هـ ـ أوفسيت دار المعرفة ـ بيروت.
٢٤٩ ـ مسند عمر بن الخطّاب ـ لأبي بكر أحمد بن سليمان بن الحسن النجاد (ت ٣٤٨ هـ) ط / مكتبة العلوم والحكم ـ المدينة المنوّرة ١٤١٥ هـ.
٢٥٠ ـ مشاهير علماء الأمصار ـ لابن حّبان (ت ٣٥٤ هـ) ط / مؤسّسة الكتب الثقافية ـ بيروت ١٤٠٨ هـ.
٢٥١ ـ مشكل الآثار ـ لأحمد بن سلامة الطحاوي (ت ٣٢١ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٥ هـ.
٢٥٢ ـ المصنّـف ـ لابن أبي شـيبة (ت ٢٣٥ هـ) ط / دار الفكـر ـ بيروت ١٤٠٩ هـ.
٢٥٣ ـ المصنّـف ـ لعبد الرزّاق الصنعاني (ت ٢١١ هـ) ط / دار القلم ـ بيروت ١٤٠٣ هـ.
٢٥٤ ـ المعارف ـ لابن قتيبة الدينوري (ت ٢٧٦ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤٠٧ هـ.
٢٥٥ ـ معـالم الدين ـ لأبي منصـور حسـن بن زيـن الدين العامـلي (ت ١٠١١ هـ) الطبعة الأولى ـ قم ١٤٠٢ هـ.
٢٥٦ ـ معالم العلماء ـ لابن شهر آشوب السروي (ت ٥٨٨ هـ) ط / المطبعة الحيدرية ـ النجف الأشرف ـ ١٣٨٠ هـ.
٢٥٧ ـ معاني الأخبار ـ للشيخ الصدوق (ت ٣٨١ هـ) ط / مؤسّسة النشر الإسلامي ـ قم ١٣٧٩ هـ.
٢٥٨ ـ المعتبر ـ للمحقّق الحلّي (ت ٦٧٦ هـ) ط / مؤسّسة سيّد الشهداء عليهالسلام ـ قم.
٢٥٩ ـ المعجم الأوسط ـ للطبراني (ت ٣٦٠ هـ) ط / دار الحديث ـ القاهرة ١٤١٧ هـ.
٢٦٠ ـ معجـم البلـدان ـ لياقوت الحموي (ت ٦٢٦ هـ) ط / دار الكـتب العلمية ـ بيروت.
٢٦١ ـ المعجم الصغير ـ للطبراني (ت ٣٦٠ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت.
٢٦٢ ـ المعجم الكبير ـ للطبراني (ت ٣٦٠ هـ) ط / دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
٢٦٣ ـ معجم ما استعجم ـ لعبـد الله بن عبد العزيز البكري الأندلسي (ت ٤٨٧ هـ) ط / عالم الكتب ـ بيروت ١٤٠٣ هـ.
٢٦٤ ـ معجم المؤلّفين ـ لعمر رضا كحّالة (ت ١٤٠٨ هـ) ط / مؤسّسة الرسالة ـ بيروت ١٤١٤ هـ.
٢٦٥ ـ معرفة الصحابة ـ لأبي نُعيم الأصبهاني (ت ٤٣٠ هـ) ط / دار الوطن ـ الرياض ١٤١٩ هـ.
٢٦٦ ـ معرفة علوم الحديث ـ للحاكم النيسابوري (ت ٤٠٥ هـ) ط / المكتبة العلمية ـ المدينة المنوّرة ١٣٩٧ هـ.
٢٦٧ ـ المعرفة والتاريخ ـ ليعقوب بن سفيان الفسوي (ت ٢٧٧ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٩ هـ.
٢٦٨ ـ المعيار والموازنة ـ لأبي جعفر الإسكافي (ت ٢٤٠ هـ) ط / مؤسّسة المحمودي ـ بيروت ١٤٠٣ هـ.
٢٦٩ ـ المغازي ـ للواقدي (ت ٢٠٧ هـ) ط / مؤسّـسـة الأعلمـي ـ بيروت ١٤٠٩ هـ.
٢٧٠ ـ المغازي النبويّة ـ لابن شهاب الزهري (ت ١٢٤ هـ) ط / دار الفكر ـ دمشق ١٤٠١ هـ.
٢٧١ ـ المغني ـ لابن قدامة عبـد الله بن أحمد بن محمّد (ت ٦٢٠ هـ) ط / مطبعة المنار ـ مصر ١٣٤٧ هـ ـ أوفسيت دار الكتب العلمية ـ بيروت.
٢٧٢ ـ المغني ـ للقاضي عبد الجبّار الهمداني (ت ٤١٥ هـ) ط / الدار المصرية للتأليف والترجمة ـ مصر ١٣٨١ هـ.
٢٧٣ ـ المقاصد الحسنة ـ للسخاوي (ت ٩٠٢ هـ) ط / دار الكتاب العربي ـ بيروت ١٤١٧ هـ.
٢٧٤ ـ مقتل أبي مخنف ـ لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف الأزدي (ت ١٥٧ هـ) ط / مؤسّسة الوفاء ـ بيروت ١٤٠٣ هـ.
٢٧٥ ـ المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي ـ للهيثمي (ت ٨٠٧ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٣ هـ.
٢٧٦ ـ المقنع في الغَيبة ـ للشريف المرتضى (ت ٤٣٦ هـ) ط / مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ـ بيروت ١٤١٩ هـ.
٢٧٧ ـ المقنعة ـ للشيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ) ط / دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع ـ بيروت ١٤١٤ هـ.
٢٧٨ ـ الملل والنحل ـ لأبي الفتح محمّد بن عبد الكريم الشهرستاني (ت ٥٤٨ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت.
٢٧٩ ـ المناقب ـ للموفّق بن أحمد المكّي الخوارزمي (ت ٥٦٨ هـ) ط / مؤسّسة النشر الإسلامي ـ قم ١٤١١ هـ.
٢٨٠ ـ مناقب آل أبي طالب ـ لابن شهر آشوب السروي (ت ٥٨٨ هـ) ط / دار الأضواء ـ بيروت ١٤١٢ هـ.
٢٨١ ـ مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ـ لابن المغازلي (ت ٤٨٣ هـ) ط / دار الأضواء ـ بيروت ١٤١٢ هـ.
٢٨٢ ـ مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ـ لمحمّد بن سليمان الكوفي الصنعاني (ت بعد ٣٢٠ هـ) ط / مجمع إحياء الثقافة الإسلامية ـ قم ١٤١٢ هـ.
٢٨٣ ـ مناقب عمر بن الخطّاب ـ لأبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي (ت ٥٩٧ هـ) ط / دار الكتاب العربي ـ بيروت ١٤١٤ هـ.
٢٨٤ ـ مناهج اليقين ـ لابن المطهّر الحلّي (ت ٧٢٦ هـ) ط / مطبعة ياران ـ إيران ١٤١٦ هـ.
٢٨٥ ـ منتخب الأنوار المضيئة ـ لعلي بن عبد الكريم الحسيني النيلي النجفي (ت حدود ٨٠٠ هـ) ط / مطبعة الخيّام ـ قم ١٤٠١ هـ.
٢٨٦ ـ المنتخب من كتاب السياق لتاريخ نيسابور ـ لأبي إسحاق إبراهيم بن محمّد الصيرفيني (ت ٦٤١ هـ) ط / دار الفكر ـ بيروت ١٤١٤ هـ.
٢٨٧ ـ المنتخب من مسند عبد بن حميد (ت ٢٤٩ هـ) ط / عالم الكتب ـ بيروت ١٤٠٨ هـ.
٢٨٨ ـ المنتظم ـ لأبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي (ت ٥٩٧ هـ) ط / دار الفكر ـ بيروت ١٤١٥ هـ.
٢٨٩ ـ المنخول ـ لأبي حامد الغزّالي (ت ٥٠٥ هـ) ط / دار الفكر ـ دمشق ١٤٠٠ هـ.
٢٩٠ ـ المنقـذ من التقليـد ـ لسـديد الدين محمـود الحمصي (ت حدود ٦٠٠ هـ) ط / مؤسّـسة النشر الإسلامي ـ قم ١٤١٢ هـ.
٢٩١ ـ المنمّق ـ لابن حبيب (ت ٢٤٥ هـ) ط / عالم الكتب ـ بيروت ١٤٠٥ هـ.
٢٩٢ ـ منهج المقال ـ للإسترآبادي (ت ١٠٢٨ هـ) ط / مؤسّـسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ـ قم ١٤٢٢ هـ.
٢٩٣ ـ موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبّان ـ للهيثمي (ت ٨٠٧ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت.
٢٩٤ ـ المواقف ـ للعضد الإيجي (ت ٧٥٦ هـ) ط / مكتبة المتنبّي ـ القاهرة.
٢٩٥ ـ موضح أوهام الجمع والتفريق ـ للخطيب البغدادي (ت ٤٦٣ هـ) ط / دار المعرفة ـ بيروت ١٤٠٧ هـ.
٢٩٦ ـ الموطّـأ ـ لمـالك بن أنـس (ت ١٧٩ هـ) ط / دار الجيـل ـ بيروت ١٤١٤ هـ.
٢٩٧ ـ ميزان الاعتدال ـ لشمس الدين الذهبي (ت ٧٤٨ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٦ هـ.
٢٩٨ ـ الناسخ والمنسوخ ـ للنحّاس (ت ٣٣٨ هـ) ط / مؤسّسة الكتب الثقافية ـ بيروت ١٤١٧ هـ.
٢٩٩ ـ النجوم الزاهرة ـ لابن تغري بردي (ت ٨٧٤ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٣ هـ.
٣٠٠ ـ النهاية ـ للشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) ط / دار الكتاب العربي ـ بيروت ١٤٠٠ هـ.
٣٠١ ـ النهاية في غريب الحديث ـ لأبي السعادات ابن الأثير الجزري (ت ٦٠٦ هـ) ط / المكتبة العلمية ـ بيروت.
٣٠٢ ـ نوادر الأصـول ـ للحـكيم الترمـذي (ت ٣٢٠ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٣ هـ.
٣٠٣ ـ نـور الأبصـار ـ للشـبلنجي (ت ١٣٠٨ هـ) ط / الحـلبي ـ القاهـرة ١٣٦٨ هـ ـ أوفسيت دار الفكر ـ بيروت.
٣٠٤ ـ نيل الأوطار ـ للشوكاني (ت ١٢٥٥ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٥ هـ.
٣٠٥ ـ الهداية شرح بداية المبتدي ـ للمرغيناني (ت ٥٩٣ هـ) ط / دار الحديث ـ القاهرة ١٤١٥ هـ.
٣٠٦ ـ هديّة العارفين ـ لإسماعيل باشا البغدادي (ت ١٣٣٩ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٣ هـ.
٣٠٧ ـ الوسـيط في تفسـير القـرآن المجيد ـ لأبي الحسن الواحدي (ت ٤٦٨ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١٥ هـ.
٣٠٨ ـ وفاء الوفاء ـ للسمهودي (ت ٩١١ هـ) ط / دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤٠٤ هـ.
٣٠٩ ـ وفيات الأعيان ـ لابن خلّكان (ت ٦٨١ هـ) ط / دار صادر ـ بيروت.
٣١٠ ـ وقعة صفّين ـ لنصر بن مزاحم المنقري (ت ٢١٢ هـ) ط / المؤسّسة العربية الحديثة ـ القاهرة ١٣٨٢ هـ.
من أنبـاء التـراث
هيئة التحرير
|
كتب صدرت محقّقة الرسالة العلويّة. تأليف : أبي الفتح محمّـد بن علي بن عثمان الكراجكي (ت ٤٤٩ هـ). وهو الكتاب المعروف بـ : التفضيل ، من عداد الكتب المؤلّفة في فضائل أمير المؤمنين عليهالسلام ، وتفضيله على سائر البريّة سوى سيّدنا ومولانا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، من سلسلة مصادر بحار الأنوار ، جمع فيه المصنِّف بحوثاً تشتمل على ستّة مواضيع : في الاستدلال على أفضليّة أمير المؤمنين عليهالسلام بالكتاب ، وبالسنّة ، وفي الأخبار المنقولة عن ابن شاذان من طرق العامّة ، وفي الاستدلال على أفضليّته عليهالسلامبالاعتبار ، وبالإجماع ، وفي بيان الشبهة |
|
المطروحة في هذه المسألة وجوابها. كما قُدّمت له مقدّمة تناولت مضمون الكتاب ، وترجمة للمولّف رحمهالله ، ومنهجية التحقيق. تحقيق : السيّد عبد العزيز الكريمي. نشر : منشورات (دليل ما) ـ قم ـ إيران / ١٤٢٧ هـ. السلطان المفرّج عن أهل الإيمان. تأليف : بهاء الدين علي بن عبد الكريم بن عبد الحميد الحسيني النيلي النجفي. يعدّ هذا الكتاب من سلسلة مصادر بحار الأنوار ، من الكتب الاعتقادية المؤكّدة على وجود الامام الثاني عشر من أئمّة أهل البيت عليهمالسلام الحجّة بن الحسن |
|
المهدي الموعود المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف ، وأنّه حيٌّ يرزق ، وأنّ الفائدة من وجوده عليهالسلام في غيبته كالفائدة من الشمس إذا أضلّتها السحاب ، فقد جمعت فيه قصصاً فيمن رأى الإمام الغائب عليهالسلام فانتفع بوجوده ؛ وقد قدّمت له مقدّمة في منهجية التحقيق ذكر فيها بإيجاز حكمة غيبة الإمام عليهالسلام في إبقاء المنهج الحقّ للشريعة السمحاء. تحقيق : قيس العطّار. نشر : منشورات (دليل ما) ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ. الإهليلجة. للإمام أبي عبدالله الصادق عليهالسلام. جاء هذا الكتاب برواية أبي محمّـد المفضّل بن عمر الجعفي الكوفي ، وذلك لمّا أعلم الإمام عن وجود أقوام يجحدون وجود الباري ، يسأله الردّ عليهم ، فكتب إليه الإمام عليهالسلام ما جرى من نقاش بينه وبين الطبيب الهندي ، فدار البحث في هذه الرسالة في ثلاثة أُمور : أوّلاً : في إثبات وجود الباري. ثانياً : في نفي الشريك. ثالثاً : في صفات الباري سبحانه وتعالى. وقد ادّى هذا النقاش العلمي إلى إذعان الطبيب وإيمانه بوجود |
|
الخالق. كما قدّمت له مقدّمة بيّن فيها المحقّق نبذة يسيرة من تاريخ وآثار أهل البيت عليهمالسلام الخالدة ، وبيّن منهجيّته في تحقيق الكتاب. تحقيق : الشيخ قيس العطّار. نشر : منشورات (دليل ما) ـ قم ـ إيران / ١٤٢٧ هـ. أحلام اليقضة مع الفيلسوف صدر المتألّهين. تأليف : الشيخ محمّـد رضا المظفّر (ت ١٣٨٣ هـ). وهو كتيّب يضمّ بعض البحوث الفلسفية ، وهي مجموعة من المحاضرات ألقاها الشيخ المظفّر في منتدى النشر في المجمع الثقافي في منتصف الأربعينيّات ، للتعريف بفلسفة الملاّ صدر الدين الشيرازي ، حيث كانت بأُسلوب قصصي وبطريقة المحاورة المنامية والرؤيا بين الشيخ المظفّر والملاّ صدرا ، وقد نشرت في بعض المجلاّت العراقية والعربية آنذاك على حلقات. قام المحقّق بجمع هذه المحاضرات من المجلاّت ، فهيّأها ورتّبها حتّى ظهرت بهذا الشكل الفعلي ؛ ثمّ قام بتحقيق بحوثه الفلسفية ، مع ترجمة لكلّ |
|
مَن ورد اسمه فيها ، مع تعريف مختصر للمؤلّف. تحقيق : هاشم فيّاض الحسيني. آداب السالكين في معرفة أسرار عبادات الصالحين. تأليف : الشيخ الفيض الكاشاني (ت ١٠٩١ هـ). كتاب يهتمّ بالسلوك العبادي في التقرّب إلى الله سبحانه وتعالى ، كما يهتمّ بعرض واف لأسرار العبادات ، وما يحصّل العبد بأدائها والالتزام بها ، والسير على النهج الذي رسمه أهل البيت عليهمالسلام ، من الفيوضات والمكاشفات ومن القرب الإلهي الذي لا يدركه إلاّ العاملون ، فهو يضمّ : أسرار الطهارة ومهمّاتها ، أسرار الصلاة ومهمّاتها وفضائلها ، أسرار الزكاة ومهمّاتها ، أسرار الصوم ومهمّاته ، أسرار الحجّ ومهمّاته ، أسرار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. مع تعليقات مهمّة لكبار العرفاء والمتألّهين أمثال : الشهيد الثاني ، والسيّد حيدر الآملي ، والقاضي سعيد القمّي ، والشيخ محمّـد مهدي النراقي ، والميرزا جواد ملكي التبريزي ، والسيّد الخميني قدسسرهم. |
|
تحقيق : محسن عقيل. نشر : مؤسّسة عاشوراء ـ قم ـ إيران / ١٤٢٧ هـ. الحبل المتين في إحكام الدين (ج ١ ـ ٢). تأليف : الشيخ البهائي (ت ١٠٣٠ هـ). هو أحد الكتب التي أُلّفت في مجال علم الفقه الاستدلالي ، يتضمّن مجموعة كبيرة من الأحاديث الصحاح ، والحسان ، والموثّقات ؛ وقد بلغ عددها ألفاً وخمسمائة وثمانين حديثاً فضلاً عن المكرّرات ؛ حيث كان ترتيب مواضيعه بأن يذكر العنوان ثمّ يستعرض الروايات ويقوم بشرحها ، وبعد ذلك يقوم باستعراض لآراء علماء هذا الفنّ من المتقدّمين والمتأخّرين وإبداء رأيه في المسألة. يحتوي هذا الكتاب على بابي الطهارة والصلاة لا غير ، حيث لم يتسنّى للشيخ إتمام هذا الكتاب ، حسب الظاهر ، وكلّ باب يضمّ أبحاث متعدّدة ، فالطهارة مثلاً تشمل الوضوء والغسل والتيمّم ، وكلٌّ له فروع كثيرة ، والصلاة تشتمل على الصلوات اليومية ، مع بيان لأركان الصلاة |
|
وأجزائها وحتّى التعقيب بعد الصلاة. اعتمد في تحقيق هذا الكتاب على خمسة نسخ خطيّة وسادسة حجرية ، حيث تمّ مقابلتها وبيان الاختلاف الحاصل فيها ، ثمّ تخريج الأحاديث من مصادرها المحقّقة. تحقيق : السيّد بلاسم الموسوي الحسيني. نشر : مؤسّسة الطبع التابعة للروضة الرضوية المقدسة ـ مشهد ـ إيران / ١٤٢٤ هـ. التشيُّع من رأي التسنُّن. تأليف : السيّد محمّـد رضا المدرّسي اليزدي. يضمُّ هذا الكتاب ستّة رسائل ، ترجمها من اللغة الفارسية إلى اللغة العربية عبد الرحيم الحمراني ، يدور البحث فيها حول مسألة اعتقادية ، وخمس مسائل فقهية ، تناولها المؤلّف معتمداً على مصادر أهل السنّة ، بحثها بأُسلوب علمي ومنهج تحقيقي استدلالي. اشتملت الرسائل الست على : مقدّمة المنقّح ومنهجيّته في التحقيق ، كما تصدّرت بالعناوين التالية : نافذة لمعرفة |
|
الأئمّة على ضوء الروايات ، الاجتهاد والتقليد ، الوضوء في الكتاب والسنّة ، السنّة والبدعة في الأذان ، الجمع بين الصلاتين ، السجدة في سنّة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)والصحابة. تحقيق : حميد رضا ترابي. نشر : صحيفة المعرفة ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ. طبعات جديدة لمطبوعات سابقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. تأليف : السيّد سعيد كاظم العذاري. بحث في أحد التكاليف المهمّة التي ينبغي للأُمّة الاسلامية القيام بها ، وأداء مسؤوليّتها ؛ حفظاً لكيانها وصوناً لحقوق أفرادها ، وبه تقام الفرائض وتتحقّق الاستقامة في الفكر والعاطفة والسلوك ، وتُحلّ مشاكل الفرد والمجتمع .. يحاول البحث استنطاق ما في الشريعة الغرّاء من نصوص في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وبيان غاياتها ، وأهدافها ، وفوائدها الكثيرة التي لها الدور الكبير في بثّ مشاعر الطمأنينة والعدل والمساواة ، وذلك من خلال |
|
استقراء آيات القرآن الكريم ، وأحاديث السُنّة الشريفة ، وسيرة المعصومين عليهمالسلام ، والتجربة العملية. اشتملت فصوله الأربعة على : حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : أدلّة الوجوب وشروطه ، شروط التَرْك ، أهمّيّتهما وفضائلهما ، وفضائل الآمرين والناهين. وسائل الأمر والنهي : أُسلوب الخطاب ، القصص ، الأمثال ، العبرة والموعظة ، التمثيل العملي ، الحوار ، الاقتداء ، ومراحلهما : الوقائية والعلاجية. خصائص وصفات الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر الذاتية والسلوكية. آثار الأداء لهذه المسؤولية ونتائج تركها. نشر : مركز الرسالة ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ. كلمة الله. تأليف : السيِّد حسن الشيرازي. احتوى الكتاب على مجموعة كبيرة من الأحاديث القدسيّة ، انتقاها المؤلّف رحمهالله من الكتب الروائية الشيعية ، الواصلة إلينا بتصحيح المعصومين عليهمالسلام |
|
أو بتصحيح ذوي الخبرة من العلماء المتقدّمين. اشتمل على الأبواب التالية : عقائد ، معارف ، خلقيات ، اجتماعيات ، أخلاقيات ، عبادات ، أدعية ، مواعظ. نشر : مؤسّسة قائد الغرّ المحجّلين ـ كربلاء ـ العراق / ١٤٢٦ هـ. دور العقيدة في بناء الإنسان. تأليف : عبّاس ذهبيّات. بحث يتناول دور العقيدة الإسلاميّة في بناء الإنسان الفكري والاجتماعي والنفسي والأخلاقي ، وانعكاساتها على أخلاق المسلمين وسلوكهم ؛ بما يضمن تحقّق حاجات الفرد بكرامته وشخصيّته ؛ ليكون صالحاً لمجتمعه الإسلامي ولأُمّته ، إذ أنّ العقيدة الإسلاميّة نظامٌ متكاملٌ للحياة البشريّة ، وصالحٌ ـ بمعطياتها الحضاريّة ـ لجميع العصور. مع تسليط الضوء على الدور الكبير الذي قامت به مدرسة أهل البيت عليهمالسلام من أجل صيانة العقيدة الإسلاميّة الصحيحة من الانحراف والضياع. يعتمد البحث على التحليل الفكري الواضح والعرض العلمي المبسّط ، متّبعاً المنهج النقلي باعتماد المصادر والمراجع |
|
التراثية. يشتمل على : دور العقيدة في تحرير وبناء فكر الإنسان ، إثارة الشعور الاجتماعي ، تغيير نظم الروابط الاجتماعيّة ، الحثّ على التعاون والتعارف ، تغيير العادات والتقاليد الجاهلية ، طمأنينة النفس وتحريرها ومعرفتها والسيطرة عليها ، وأخيراً أساليب العقيدة في بناء الإنسان أخلاقيّاً. نشر : مركز الرسالة ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ. عقائد الإمامية في ثوبه الجديد. تأليف : الشيخ محمّـد رضا المظفّر (ت ١٣٨٣ هـ). كتاب يعرض بإيجاز أُصول عقائد الشيعة الإمامية ومعتقداتهم الإسلامية ، والآراء والأفكار التي يعتمدونها ـ وفق منهج آل البيت عليهمالسلام ـ كأساس ومنطلق لفهم ومعرفة الأحكام الشرعية التكليفيّة الواجبة ، ومن ثمّ العمل ـ الصحيح ـ بمقتضاها ؛ إذ يبيّن اعتقادهم بـ : المعرفة ، التقليد ، الاجتهاد ، الإلهيّات ، النبوّة ، الإمامة ، المعاد ، وأخيراً بعض الآداب التي أدّب أهل البيت عليهمالسلام شيعتهم بها. |
|
ولشموليّة الكتاب وعرضه وبيانه الواضح ، صار من كتب الدراسة الأساسيّة للمراحل الأولى في الحوزات العلمية ، ولهذا طبع مراراً وفي أكثر من مكان. وأُعدّ هذه المرّة بإضافة بعض المطالب والعناوين والتعاريف والتخريجات. إعداد : فارس علي العامر. نشر : المكتبة الحيدرية ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ. الرجعة ، أو العودة إلى الحياة بعد الموت. تأليف : علي موسى الكعبي. دراسة في ستّة فصول ، لإحدى مسائل الاعتقاد التي تعدّ من ضروريّات مذهب الإمامية ، ويعدّ الاعتقاد بها من مظاهر الإيمان بالقدرة الإلهيّة المطلقة ؛ ملخّصها أنّ الخالق جلّ وعلا يعيد في آخر الزمان ، وقبل يوم القيامة ، طائفة من الأموات إلى الدنيا في صورهم التي كانوا عليها ، ممّن محضوا الإيمان محضاً وعلت درجتهم فيه ، أو ممّن محضوا الكفر محضاً وبلغوا الغاية في الفساد والطغيان ، فينتصر لأهل الحقّ من أهل الباطل. |
|
اشتملت على : تعريف الرجعة ، إمكان وقوعها ، الأدلّة لإثبات صحّة الاعتقاد بها في ضوء الآيات القرآنيّة والروايات ، أحكامها وحكم منكريها والهدف منها ، الرجعة وإحياء الموتى عند أبناء العامّة وموقفهم منها ، بعض المناظرات والاحتجاجات الواردة عن الأئمّة عليهمالسلام وأعلام الطائفة للدفاع عن عقيدة الرجعة ؛ إجابةً وتصحيحاً وشرحاً لشبهات وآراء ومفاهيم متعلّقة بها ، وأخيراً الجواب على شبهات وإشكالات أثارها منكرو الرجعة. نشر : مركز الرسالة ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ. التقيّة في الفكر الإسلامي. تأليف : السيّد ثامر العميدي. دراسة لأحد المفاهيم الإسلامية الذي عرفته جميع الأديان السماوية السابقة والمجتمعات البشرية منذ أقدم العصور ، وأمضته وأيّدته الشريعة السمحاء ، وهي محاولة لاستجلاء أبعاد هذا المفهوم ؛ لتشخيص موقع التقيّة في الفكر الديني بدّقة ، ووضعها في مكانها الصحيح بين المعارف الإسلامية ؛ استهداءً بآيات القرآن الكريم وأحاديث وروايات السنُّة |
|
المطهّرة. تناولت الدراسة في فصولها الأربعة : علاقة التقيّة بالإكراه ، أنواع وأركان الإكراه ، دور القواعد الفقهية في بيان حكم ما يُكره عليه ، والفرق والاتّفاق بين الضرورة والإكراه .. ، استعراض تاريخ وأدلّة التقيّة وأُصولها التشريعية من القرآن والسُنّة والعقل والإجماع ؛ اعتماداً على ما ثبت نقله عن الخاصّة والعامّة .. ، أقسام التقيّة وأهمّيتها وشروطها وفوائدها ، والفرق بينها وبين النفاق .. ، وبعض صور التقيّة القولية والفعلية في كتب العامّة ، وجملة من فتاواهم الفقهية الخاصّة بمسائل التقيّة. نشر : مركز الرسالة ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ. الإيمان والكفر وآثارهما على الفرد والمجتمع. تأليف : عبّاس ذهبيّات. بحث يتناول إحدى المسائل المصيرية في حياة الفرد والمجتمع ، وهي مسألة الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ، الذي هو مصدر الخير للبشرية ، ومسألة الكفر الذي هو مصدر الشرّ لها ، ويحاول تشخيص معالم الإيمان والكفر ، |
|
وبيان آثارهما في دعم فطرة الإنسان الأُولى ، وتقويتها ، وصيانتها ، والحفاظ عليها من الانزلاق في مسالك الحياة المادية. تضمّنت فصول البحث : معنى وحقيقة الإيمان ، مراتب وعوامل زيادته ، أنواعه : الفطري والمستودع والكسبي ، علامات المؤمن : عبادية ونفسية وأخلاقية واجتماعية ، ثمّ معنى وموجبات الكفر ، وجوهه وحدوده ومنازله ، أُصول الكفر وعلامات الكافر ، عوامل زوال الإيمان ، وحكم مرتكبي الكبائر. ثمّ بيان أثر الإيمان والكفر على الفرد من خلال الإشارة إلى أبرز معطيات الإيمان الحضارية عبر آثاره المتعدّدة : العلمية والعملية والنفسية وغيرها. وأثرهما على المجتمع من خلال التعرّض لآثارهما في علاقات الإخاء والاحترام والنصيحة بين الأفراد ، وتغيير الروابط الاجتماعية ، وأنّ الإيمان يمنح المجتمع البركة والقوّة. نشر : مركز الرسالة ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ. |
|
كتب صدرت حديثاً المخطوطات العربية في مركز إحياء التراث الإسلامي ج (١ ـ ٢). تأليف : السيّد أحمد الحسيني. أعدّ الكتاب فهرسة للمخطوطات العربية التي احتواها مركز إحياء التراث الإسلامي ضمن مخطوطاته. اشتمل الكتاب على: ذكر عناوين المخطوطات أو بما اشتهرت به ، كما وضعت عناوين للمخطوطات التي لم تعنون من قبل المؤلّف. وانتخاب ووضع عنوان مناسب للمخطوطة من بين مواضيعها المتعددة. وذكر اسم المؤلّف كاملاً مع اسم أبيه ولقبه المشهور ونسبته مع تاريخ وفاته أو عصره إذا لم يعلم تاريخ الوفاة. ووصف المخطوطة من حيث مقاصد المؤلّف وترتيب أبوابها أو فصولها أو مقالاتها ، مع ذكر من ألّف لها وتاريخ التأليف ومكانه. وذكر أوّل المخطوطة وآخرها بالمقدار الذي يميّزها عن غيرها من المخطوطات المشابهة. وتعريف النسخة بنوع الخطّ ، واسم |
|
الناسخ ، وتاريخ النسخ ومحلّه ، ومميّزاتها كالتصحيح ، والقراءة ، والبلاغ والإجازة وما يزيد في قيمتها علميّاً وفنيّاً ، وعدد الأوراق برمز (ق) وعدد الأسطر برمز (س) وطول الكتاب وعرضه بالسنتيمتر. نشر : مركز إحياء التراث الإسلامي ـ قم ـ إيران. الزيدية والإمامية جنباً إلى جنب. تأليف : السيّد محمّـد بن حمّود العمدي. كتاب يعتني بالردّ على من قال : بأنّ هناك تضادّ بين المذهبين الإمامي والزيدي ، في كتاب «الزيدية والإمامية وجهاً لوجه» ؛ بل يعتبر أنّ بينهما الكثير من المشتركات فهو يذكر الأُسس والملامح التي يتّحد فيهما المذهبان ، فهو أُطروحة وحدوية في مقابل تلك الأُطروحة السالفة الذكر. يتناول الكتاب بعض الأُمور في المذهب الزيدي ، والمذهب الإثنا عشري ؛ ومكانة الأئمّة الاثني عشر عند الزيدية ؛ وبيان معنى العصمة عندهما ؛ وقضية المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف. |
|
نشر : مركز الأبحاث العقائدية ـ قم ـ إيران / ١٤٢٧ هـ. حياة الخضر عليهالسلام عرض ودراسة. تأليف : السيّد هاشم فيّاض الحسيني. كتاب تاريخي ، يستعرض حياة الخضر عليهالسلام الذي عاصر الكثير من الأنبياء ، ويبقى حتّى ظهور المصلح لهذه البشرية الحجّة بن الحسن (عجّل الله تعالى فرجه) ، مجيباً بذلك على كثير من التساؤلات التي تدور حول هذه الشخصية. يحتوي هذا الكتاب على أربعة فصول : الأوّل : اسمه ونسبه ، كنيته ولقبه ، ولادته ونشأته ، الخضر وذوالقرنين ؛ الثاني : يتضمّن بيان قصّة موسى والخضر عليهماالسلام في القرآن وما تدور حولها من بحوث. الثالث : نبوّته ، وجوده وحياته لحدّ الآن ، الخضر وإلياس عليهماالسلام ، الخضر وأهل البيت عليهمالسلام ، الخضر والمهدي عليهماالسلام ؛ الرابع : الخضر عند الصوفية ، المقامات التي صلّى بها الخضر عليهالسلام ، قصص ونوادر تتعلّق به عليهالسلام. نشر : دار الكتاب الإسلامي ـ قم ـ |
|
إيران / ١٤٢٥ هـ. عليّ إمام البررة (ج ١ ـ ٣). نظم السيّد أبو القاسم الخوئي قدسسره ، شرح السيّد محمّـد مهدي الخرسان. كتاب سيـرة ، وتاريـخ ، وفضائل ؛ أصل هذا الكتاب قصيدة نظمها السيّد أبو القاسـم الخوئـي قدسسره في حـقّ النبي وعترته الطاهرة عليهمالسلام ، وقد بيّن فيها فضلهم ومكانتهم من قبل الله تعالى على الخلق ، وما قدّموه لإعلاء كلمة لا إله إلاّ الله ، متطرّقاً لذكر عددهم ، وأدوارهم ، وما لاقوهُ من ظلم من قبل أُمّة جدّهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، حيث قدّم هذا العرض في ثلاثة أجزاء مفصّلاً. وقد قام سماحة السيّد محمّـد مهدي الخرسان بشرحها داعماً لها بشواهد وأحاديث وروايات ، وناقلاً لبعض الوقائع. نشر : دار الهادي للطباعة والنشر ـ بيروت ـ لبنان. المجازر والتعصّبات الطائفية في عهد الشيخ المفيد. تأليف : الشيخ فارس الحسّون. كتاب تاريخي ، يتحدّث عن حقبة من |
|
التاريخ الإسلامي من السنة ٣٣٦ ـ ٤١٣ هـ. تناول الكتاب ما جرى من مصائب ، محن ، ومجازر ، كما ضمّ تراجم للأعلام ، والبلدان ، وبعض الفرق الموجودة آنذاك ، مع ذكر بعض الحوادث. ضمّ البحث في هذا الكتاب خمس مقدّمات هي : عرض سريع للحكومات في عهد الشيخ المفيد والحروب التي وقعت آنذاك ؛ بنو بويه وعقيدتهم ؛ الصحابة وعدالتهم ، إحياء ذكرى عاشوراء وكونهما سنّة مؤكّدة ؛ إحياء ذكرى الغدير وكونه سنّة مؤكّدة ؛ مع تمهيد ؛ وخاتمة في ذكر الأحداث حسب تسلسل السنين. نشر: مركز الأبحاث العقائدية ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ. الديمقراطية على ضوء نظرية الإمامة والشورى. محاورة مع الشيخ محمّـد السند. وهو نتاج الحوار الذي أجراه مركز الأبحاث العقائدية مع سماحة الشيخ محمّـد السند حول مفهوم الديمقراطية ، ودورها في المجتمع ؛ فانبرى الشيخ في تبيين معناها ، وما هو المحور الأساسي |
|
فيها ، وأنّ لها نهجين وفقاً لنظرية الإمامة عند أتباع أهل البيت عليهمالسلام ، ونظرية الشورى عند أهل السنّة ، وكذا إيراد ما تواجهه الديمقراطية من إشكاليات سواء على ضوء النظرية القديمة أو الحديثة ، مع سرد بعض الأمور المتعلّقة بها ؛ فكان هذا الحوار هو باكورة أعمال المركز ضمن سلسلة «دراسات في الفكر الإسلامي المعاصر على ضوء مدرسة أهل البيت عليهمالسلام». اعداد ونشر : مركز الأبحاث العقائدية ـ قم ـ إيران / ١٤٢٧ هـ. مبعوث الحسين. تأليف : محمّـد علي عابدين. كتاب تأريخي ؛ يستعرض بموضوعية الأحداث التي مرّت بها الكوفة في الفترة ما بين شهادة أمير المؤمنين عليهالسلام وحتّى شهادة مبعوث الحسين مسلم بن عقيل عليهالسلام ، في دراسة تناولت المجتمع الكوفي ، وبداية نشأته ، وقدّمت عرضاً تحليليّاً لأوّل مراحل الثورة الحسينية بالكوفة ، مع ذكر سيرة مسلم بن عقيل وما قيل في حقّه من أهل بيت النبوّة عليهمالسلام. اشتمل على ستّة أبواب بفصولها : |
|
مسلم والكوفة ، وبدء الحركة الكوفية وطبيعة تجاوب الإمام ، والتحضير والإعداد بإشراف المبعوث ، ومعالم المواجهة والمواجهة الفاصلة ، والتصفيات الجسدية وأربحية التضحية. نشر : مركز دراسات نهضة الإمام الحسين عليهالسلام ـ بغداد ـ العراق / ١٤٢٧ هـ. هبة السماء (رحلتي من المسيحية إلى الإسلام). تأليف : علي الشيخ. كتاب عقائدي ، اجتماعي ، يصف مسيرة الصراع والمعاناة التي يمرّ بها كلّ من ينتقل من دين إلى آخر ، وبالخصوص إلى الدين الإسلامي الحنيف ، فهو يتعرّض لشرح نبذة عن حياته ، ويتطرّق إلى بعض العقائد والأفكار التي يؤمن بها ، وما كان يعتقده أهل دينه ، ومدى مطابقتها ومخالفتها للعقل ، وبالتالي يستعرض نبذة عن الإسلام ونبيِّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، مع ذكر قصّة المسيح عليهالسلام في القرآن ، وكيفية انجذابه واهتدائه لطريق الحقّ وساحل الأمان ؛ تناولها في مدخل وفصلين. نشر : مركز الأبحاث العقائدية ـ قم ـ |
|
إيران / ١٤٢٧ هـ. تفسير سورة الحديد. تأليف : السيّد محمّـد باقر الحكيم. مجموعة دروس ألقاها سماحة السيّد، على جمع من فضلاء الحوزة العلمية ، في تفسير بعض سور من القرآن الكريم ، والتي منها هذه السورة ، وقد تمّ جمعها وإعدادها وإخراجها كتاباً ؛ معتمداً في هذا التفسير على التفسير الموضوعي ، مع إعطاء نماذج عملية في محوري السنن التاريخية وعناصر المجتمع. نشر : مؤسّسة تراث الشهيد الحكيم ـ النجف الأشرف ـ العراق / ١٤٢٧ هـ. دروس في علم النفس. تأليف : فارس علي العامر. كتاب يعرض دروساً في علم النفس بأسلوب علمي معاصر ، على شكل محاضرات كان قد ألقاها المؤلّف على طالبات مدرسة الشهيدة بنت الهدى (ره) ، حيث نظّمها على عشرين درساً ، تغطّي فصلاً دراسياً كاملاً ، وقد طرح لكلِّ درس أسئلة ، اعتمد فيه على كتاب «أصول علم النفس» للدكتور أحمد عزّت ، ومصادر أخرى. |
|
اشتمل على مواضيع منها : أهداف علم النفس ، مدارس علم النفس المعاصرة ، الانفعالات ، التعلّم والتعليم ، التذكّر والنسيان ، الحكم على الشخصية ، أثر الأسرة في الطفولة المبكّرة ، عُصاب القلق ، مبادئ الصحّة النفسية ، عواقب التربية الخاطئة. نشر : منشورات لسان الصدق ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ. الكشّاف المنتقى لفضائل علي المرتضى عليهالسلام. تأليف : كاظم عبّود الفتلاوي. كتاب جُمعت فيه بعض الفضائل لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام ، المذكورة في مصادر أهل السنّة والجماعة ، مع ذكر الآيات التي نزلت في حقّه صلوات الله عليه وبتسلسل ترتيبي للروايات الواردة في حقّه عليهالسلام. اشتمل على قسمين : الأوّل يضمّ الآيات التي وردت في حقّ الإمام علي عليهالسلام ، وقد حوى هذا القسم على (٧٣) آية ، مرتبة بالترتيب القرآني. والثاني يضمّ الروايات الواردة من قبل الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) في حقّه عليهالسلام ، وقد حوى (٢٨٠) منقبة. بالإضافة إلى |
|
فهارس للآيات ، وآخر للروايات ، وفهارس لأسماء الرواة على قسمين ، وآخر للمصادر والمراجع. نشر : المكتبة الحيدرية ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ. المختصر في أعمال الحجّ والعمرة. تأليف : الشيخ محمّـد مهدي نجف. بما أنّ الحجّ يعدّ شعيرةً عظيمةً من شعائر الله ، وركناً عزيزاً من أركان الدين الحنيف ، وفريضةً من أهمّ الفرائض السماويّة على مرّ القرون ، حيث تمثّل بوضوح روح الترابط والتعارف بين كافّة أبناء البشر ، فتجمّع ذلك الخلق الغفير بحشده العظيم ، لتقف جموعهم أمّةً واحدة قانتة لله مؤمنةً به لا تشرك به شيئاً ، فمن أجل توحيد كلمتهم ، ورصّ صفوفهم ، والتقارب بين مذاهبهم ، قام المؤلّف بإعداد هذا الكتاب في أعمال الحج والعمرة وفقاً للمذاهب الاسلاميّة : الاماميّة ، المالكيّة ، الحنفيّة ، الشافعيّة ، الحنبلية ، الزيديّة ، الأباضيّة ، الظاهريّة. وقد اشتمل على ثلاثة أبواب ، الباب الأوّل : في المقدّمات ، والباب الثاني : في أعمال الحج والعمرة ، والباب الثالث : في أعمال المدينة المنوّرة. |
|
نشر : المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ. حياة ذي الكفل وحزقيل. تأليف : السيّد هاشم فيّاض الحسيني. دراسة تاريخية ، تبحث عن سيرة نبيّين من أنبياء الله الصالحين ، وهما : ذوالكفل وحزقيل عليهماالسلام ، وقد خصّص لكلّ منهما فصلاً يضمّ حياة النبي واسمه وسبب تلقيبه والآيات التي تعرّضت لذكره ، ووفاته ومكان دفنه ، مع وصف لمرقده ، وما ورد في حقّه من الزيارة. نشر : مركز البحوث والدراسات الإسلامية ـ قم ـ إيران / ١٤٢٥ هـ. إطلالة على الرجال والحديث. اعداد : الشيخ محمّـد مهدي نجف. اعتنى هذا الكتاب بجمع مقدّمات الكتب الحديثية الواردة في الموسوعة الرجالية والحديثية ، وفي الموسوعة الحديثية الكبرى الموسومة بـ : جامع أحاديث الشيعة ، كما اعتنى بتصحيحها ونشرها بصورة كتاب مستقل. وقد اشتمل على خمس مقدّمات |
|
للكتب التالية : ترتيب أسانيد الكافي ، تنقيح أسانيد التهذيب ، جامع الرواة ، وجامع أحاديث الشيعة ، ومسائل الخلاف. نشر : المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية ـ قم ـ إيران. أصول علم الرجال بين النظرية والتطبيق (ج ١ ـ ٢). إعداد : الشيخ محمّـد علي صالح المعلّم. قدّم الكتاب عرضاً تحقيقياً ودراسةً علمية لعلم الرجال ، من خلال سرد محاضرات الأُستاذ الشيخ مسلم الداوري التي ألقاها في حلقات درسه بمدينة قم المقدّسة ، والتي دوّنها وجمعها وأعدها تلميذه ، حيث يعدّ محاولة علمية لإزالة الغبار عن الكثير من المسائل المتعلّقة بعلم الرجال ، وقد اعتمد في فصوله ومباحثه على المسار العلمي التالي : تصحيح الكثير من الروايات ، لاسيما الواردة في الكتب الأربعة ، والدفاع عن أمّهات المصادر الروائية ، مع تعريف الطرق العلمية الصحيحة لدراسة اعتبار الروايات وإخراجها من الضعف والإرسال ، تصحيح الكتب واكتشاف طرق الاعتماد |
|
على رواياتها ، البحث حول مصادر الموسوعات الروائية المهمّة كالوسائل والمستدرك ، استقصاء أسانيد الروايات واستخراج أسماء الرواة الثقات من الكتب التي أثبت الدليل اعتبار رواياتها ، معالجة مسألة التوثيقات العامّة على منهج علمي رصين ، دراسة مستوعبة لأربعة عشر شخصاً من كبار الرواة الذين تدور حولهم أقوال علماء الرجال وآراؤهم والتصدّي لكثير من الاشكالات والإجابة عنها. نشر : مؤسّسة المحبّين للطباعة والنشر ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ. لمحات من حياة آية الله العظمى الشيخ حسين الحلّي قدسسره. تأليف : هاشم الحسيني قدسسره. كرّاس يحتوي على دراسة فريدة لحياة المرجع الديني آية الله العظمى الشيخ حسين الحلّي قدسسره ، الذي كان من مشاهير العلماء في النجف الأشرف ، ومن أساتذة الفقه والأُصول ، وقد تخرّج على يديه العشرات من العلماء والفضلاء ، ونشأته وأساتذته وتلامذته ومؤلّفاته ... نشر : مركز البحوث والدراسات الإسلامية ـ قم ـ إيران. |
|
نخبة من شعراء وأدباء وخطباء كربلاء. تأليف : نور الدين الشاهرودي. جمع فيه المؤلّف تراجم بعض من سلك طريق خدمة سيّد الشهداء الحسين بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام ، أدباً وخطابةً أو على شكل مقالات علمية ، وقد عرف بعضهم بانتسابه إلى كربلاء تشرّفاً بخدمة الحسين عليهالسلام وان لم ينتم إليها مولداً. نشر : المؤلّف ـ كربلاء ـ العراق / ١٤٢٦ هـ. الشخصية الإسلامية. تأليف : فارس علي العامر. كتيّب قدّم دراسة تربوية لبناء الشخصية الإسلامية بالعقل والروح والاخلاق ، فعرض من خلالها بحوثاً في التعاليم والقيم الإسلامية ، اعتماداً على كتاب الله وسيرة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)والأئمة الأطهار من أهل بيته عليهمالسلام ، كما ميّز سموّ الحضارة الإسلامية عن الحضارة الماديّة الغربية. نشر : دار الغدير ـ قم ـ إيران / ١٤٢٥ هـ. |
|
مؤتمر الشورى. تأليف : الشيخ باقر شريف القرشي. قدّم الكتاب بحثاً علميّاً وعرضاً تصحيحيّاً ـ بعيداً عن النعرات الطائفية وإثارة الحساسيات في الأمّة ـ لنظرية الشورى في الإسلام التي أكّد عليها كتاب الله وأقامها الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) سنّةً لرصّ الصفوف ووحدة الكلمة ، باستشارته (صلى الله عليه وآله وسلم) جميع الأمّة وأخذه بآرائهم ، كما عالج شورى الستة التي أقامها عمر ، اعتماداً على مفهوم الخلافة في المنظور الإسلامي. اشتمل الكتاب على ستّة عناوين بمواضيعها في : الخلافة في المنظور الإسلامي ، الإمام في رحاب القرآن الكريم ، الإمام في ظلال السُّنّة ، حسبنا كتاب الله ، اغتيال عمر ونظام الشورى. نشر : منشورات (أمير المؤمنين) عليهالسلام ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ. تنقيح مباني العروة ج (١). تأليف : آية الله العظمى الشيخ ميرزا جواد التبريزي قدسسره. مجموعة من المحاضرات لبحوث فقهية ، ألقاها سماحته في درسه خارج |
|
الفقه على أهل العلم والفضل من تلامذته في مدينة قم المقدّسة ، وقد تعرّض من خلالها لتنقيح كثير من المباني الأُصولية والفقهية والرجالية ، جمعها ونشرها قدسسره بناءً على طلب من تلامذته ، وقد اشتمل هذا الجزء على بابين : الاجتهاد والتقليد ، والطهارة ؛ وسوف تصدر الأجزاء الباقية تباعاً إن شاء الله تعالى. نشر : انتشارات دار التفسير ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ. * الصحوة (رحلتي إلى الثقلين). تأليف : صباح علي البيّاتي. قدّم الكتاب دراسة نقديّة ، وعرضاً تحليليّاً للتاريخ الإسلامي ، وفقه المذاهب الأربعة ، كما ناقش كتاب العواصم من القواصم للقاضي ابن عربي ، وعدداً من المؤلّفين القدامى والمعاصرين ، ووقف على أهمّ المسائل الداعية إلى انتباه الناقد البصير. اشتمل على مقدّمة وستة عشر فصل كالتالي : المنعطف ، التاريخ الإسلامي ، الفتنة ، تصاعد الأحداث ، أصحاب الجمل ، الأهداف المشتركة للتزييف ، معاوية وعلي ، معاوية بن أبي سفيان ، النصوص على الخلافة ، دور الحديث |
|
النبوي ، تزييف الحديث النبوي ، حبيب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، تدوين الحديث ، الوصيّة ، السقيفة ، حديث الثقلين. نشر : المجمع العالمي لأهل البيت عليهمالسلام ـ قم ـ إيران/١٤٢٦ هـ. لسان الخير ولسان الشرّ. تأليف : الشيخ أبو علي الزيرجاوي. تناول الكتاب موضوعاً تربويّاً في بناء شخصية الإنسان وتزكية النفس ، فركّز بحثه على أثر اللسان في الكلام وأبعاده الإيجابية والسلبية ، المؤدّية إلى رضا الله أو سخطه اعتماداً على آيات الكتاب الحكيم والروايات والقصص الواردة في ذلك ، وهو كتيّبٌ صغير الحجم من النوع الرقعي. نشر : انتشارات بخشايش ـ قم ـ إيران/١٤٢٦ هـ. سيماء الصلحاء. تأليف : الشيخ عبد الحسين صادق رحمهالله. تدور أبحاث الكتاب حول إقامة عزاء سيِّد الشهداء الحسين بن علي عليهماالسلام ، وما يتعلّق بها من مختلف الشعائر الحسينية ، فناقشها بأُسلوب علمي تاريخي ، معتمداً |
|
على سيرة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) وسيرة الأئمّة الأطهار عليهمالسلام ، مؤكّداً على تعظيم الشعائر ، كما ردّ الشبهات المثارة حولها. اشتمل على مقدّمة وعدّة مواضيع منها : البكاء على الحسين عليهالسلام ، بيان حقّ الحسين عليهالسلام العمومي ، الاجتماع في العزاء والبدعة ، حكم النياحة على الحسين ، البكاء على الحسين والتأسّي بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، الإنفاق في المجالس ، ضرب الصدور والظهور ، و.... نشر : دار المحجّة البيضاء ـ بيروت ـ لبنان / ١٤٢٦ هـ. الاجتهاد والتجديد في الفقه الإسلامي. تأليف : حسن موسى الصفّار. كتيّب يبحث عن الاجتهاد وحريّة الفكر على أساس قيم المجتمع الديني ، حيث يواكب تغييرات الحياة المعاصرة وتطوّرات الفكر ، ويستوعب حاجات المجتمع ومتطلّباته ، ويملك لغة التخاطب مع النّاس في مختلف المستويات. اشتمل على الاجتهاد والتجديد في الفقه الإسلامي ، الشيخ الطوسي وزعامته العلمية ، ابن إدريس ومعركة التجديد ، |
|
الاجتهاد دعوة إلى التجديد ، عوائق التجديد ، معاناة متجدّدة ، ممارسة الحرية والدفاع عنها. نشر : مطابع الرجاء ـ القطيف ـ السعودية / ١٤٢٦ هـ. أعلام الفقهاء والمحدّثين (ج ١). تأليف : إبراهيم النصيراوي. يدخل هذا الكتاب في عداد كتب تراجم علماء الشيعة ، لكنّه امتاز بدراسة وتحليل لشخصيّة كبار جهابذة العلماء المشهورين من حملة لواء العلم ، معتمداً في الأسبقية على سنة الوفاة ، وقد أضاف إليها بعض المواضيع الجانبية التي لها علاقة بصاحب الترجمة ، كبحث القياس لارتباطه بابن الجنيد ، وبحث مسألة قول الشعر الغزلي لارتباطه بالسيّد المرتضى ، كما تزيّن الكتاب بالقصائد والأشعار في طيّ التراجم المذكورة. اشتمل على مقدّمة وعشرة تراجم : ترجمة محمّـد بن يعقوب الكليني ، علي ابن الحسين بن موسى القمّي ، جعفر بن محمّـد بن قولويه ، أحمد بن محمّـد الرازي ، محمّـد بن علي بن الحسين الصدوق ، الحسن بن علي العماني ، محمّـد بن أحمد بن الجنيد ، محمّـد بن |
|
محمّـد المفيد ، الحسين بن عبيد الله الغضائري ، علي بن الحسين المرتضى قدسسرهم. نشر : دار الهدى ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ. الشورى في الإمامة. تأليف : السيّد علي الحسيني الميلاني. كتاب بحجم رقعي ، من سلسلة أبحاث (إعرف الحقّ تعرف أهله) برقم (٨) ، تناول فيه المؤلّف بحث الشورى المشار إليه في القرآن الكريم ، وأنّ الشورى هل لها مدخلية في تعيين الإمام وهل يمكن إثبات ذلك من آيات الكتاب وسنّة الرسول الأعظم وسيرته (صلى الله عليه وآله وسلم) ، أم أنّها ترتبط بأمور المسلمين الخاصّة والعامّة ، وبقضاياهم الاجتماعية وحلّ مشكلاتهم ، وذلك بعد أن أثبت أنّ الإمامة أمر إلهي كالنبوّة ولا تكون إلاّ بالنص ، وهذا ما ثبت في كتاب الله وسنّة الرسول وسيرته (صلى الله عليه وآله وسلم). اشتمل الكتاب على المواضيع التالية : الإمامة بيد الله ، إمامة أبي بكر ، إمامة عمر ، متى طرحت فكرة الشورى ، بعض جزئيّات طرح فكرة الشورى ، |
|
تطبيق عمر لفكرة الشورى. نشر : مركز الحقائق الإسلامية ـ قم ـ إيران / ١٤٢٧ هـ. الإسلام والمنهج النفسي في أُصول العقيدة. تأليف : فارس علي عامر. خاض الكتاب بحوثاً في أُصول العقائد الخمسة ، بيّن من خلالها أنّ الإسلام منهج عقلي وعلاج نفسي لكافّة البشرية ، التي لا زالت بحاجة إلى درء ما يعتريها من وساوس وشكوك وتشاؤم وقلق واضطرابات نفسيه ؛ لفقدان المنهج التربوي السليم وخصوصاً في عصرنا الحاضر. اشتمل على مقدّمة يشرح بها المؤلّف منهجه العلمي في تأليف الكتاب ، وتمهيد في علم النفس ، ومميّزات منهج الإسلام النفسي ، وستّة فصول في : أُصول الدين نشأته وداوفعه ، العدل الإلهي ، النبوّة ، الإمامة ، المعاد ، وكلمة النفس ومعانيها في القرآن الكريم ، والانفعالات النفسية والملامح الجسدية في القرآن الكريم. نشر : لسان الصدق ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ. |
|
الصحيحان في الميزان. تأليف : السيّد علي الحسيني الميلاني. كتاب بحجم رقعي ، من سلسلة أبحاث (إعرف الحقّ تعرف أهله) برقم (٧) ، رسالة عمد فيها المؤلّف إلى صحيحي البخاري ومسلم ، فحقّق طائفة ممّا خرّجاه من الأحاديث فيهما ، ليثبت عدم صحّتها ، فضلاً عمّا لم يخرّجاه من الأحاديث ، حيث إنّ المؤلّف لم يعتمد إلاّ على أقوال كبار الأئمّة والحفّاظ المشاهير من أهل السنّة ، ليُبيّن بعد السبر فيها أن ليس كلّ ما أورداه صحيحاً. نشر : مركز الحقائق الإسلامية ـ قم ـ إيران / ١٤٢٧ هـ. جواهر التاريخ ، ج (١ ـ ٣). تأليف : الشيخ علي الكوراني. قام هذا الكتاب بدراسة للتاريخ الإسلامي ذكر بها أهمّ الأحداث والفتن ، وكيف انقلبت الاُمّة على أعقابها بعد فقد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وقد تناول العصرين الأُموي والعبّاسي ، حيث سلّط |
|
الضوء على شخصية أبي سفيان ومعاوية اللذين خطّطا لدحر الرسالة المحمّـدية وتشييد الإمبراطورية الأُمويّة ، كما قدّم عرضاً لسيرة الإمام الحسن المجتبى عليهالسلام وسيرة أهل البيت عليهمالسلام وشيعتهم في صمودهم ومواجهتهم للظلم والجور مدى التأريخ. اشتمل الجزء الأوّل منه على عشرة فصول ، والجزء الثاني على اثنين وعشرين فصلاً ، والجزء الثالث على أربعة عشر فصلاً. نشر : دار الهدى ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ. كتب قيد التحقيق أعلام الطرائق في الحدود والحقائق. لابن شهرآشوب رشيد الدين أبو عبدالله محمّد بن علي بن شهرآشوب المتوفّى سنة ٥٨٨ هـ. يقوم بتحقيقه. الشيخ هادي القبيسي العاملي بالاعتماد على نسختين نفيستين أحدهما ناقصة من الأوّل ، والأُخرى مقروءة على المصنف. |