|
تراثنا |
صاحب الامتیاز : مؤسسة آل البيت لإحياء التراث المدير المسؤول : السيّد جواد الشهرستاني |
|
العددان الأوّل والثاني [٨١ ـ ٨٢] |
السنة الحادية والعشرون |
محتويات العدد
* كلمة العدد :
* زمن الانحطاط الفكري.
............................................................... هيئة التحرير ٧
* الإيمان البديعة من «وسائل الشيعة» (٢).
................................................ السيّد علي الحسيني الميلاني ١٣
* الإيمان والإسلام في كلام أهل البيت ومتكلّمي الشيعة.
..................................................... الشيخ رسول جعفريان ٥٩
* باب العلم بالحكم الشرعي بين الانسداد والانفتاح.
....................................................... السيد علي الهاشمي ٨٩
* النظرية الأُصولية نشوؤها وتطوّرها (١).
.................................................... السيّد زهير الأعرجي ١٣٧
|
محرّم الحرام ـ جمادى الآخرة |
١٤٢٦ هـ |
* فهرس مخطوطات مكتبة أمير المؤمنين / النجف الأشرف (١٨).
............................................. السيّد عبد العزيز الطباطبائي ١٨٨
* مصطلحات نحوية (٢٧).
.................................................. السيّد علي حسن مطر ٢٥٥
* من ذخائر التراث :
* أحلام اليقظة مع صدر المتألّهين ـ للشيخ محمّد رضا المظفر.
........................................... إعداد : الشيخ هادي القبيسي ٢٧٣
* عِقدٌ في إلزام غير الإمامي بأحكام نِحلَتِهِ ـ للشيخ محمّد جواد البلاغي.
......................................... تحقيق : السيّد محمّد علي الحكيم ٣٠٣
* من أنباء التراث
........................................................... هيئة التحرير ٣٩٤
صورة الخلاف : نموذج من مخطوطة الأصل لرسالة «عِقدٌ في إلزام غير الإمامي بأحكام نحلته» ، للعلامة الشيخ محمّد جواد البلاغي (١٢٨٢ ـ ١٣٥٢ هـ) ، المنشورة في هذا العدد ص ٣٠٣ ـ ٣٩٤.
كلمة العـدد :
زمن الانحطاط الفكري
هيئة التحرير
بسم الله الرحمن الرحيم
حينما يكون الدافع الأكبر لإبقاء الحياة رفيعة ، شريفة ، مهيبة ؛ هو الفكر ،الذي لولاه ما استحقّ الوجود عناية ، ولا سمت فحاويه باهماً فوق التراب ، ولكانت حياتنا كالخابية الفارغة ، ترنّ بدون تجاوب من خلف ..
حينما يُتغنّى بجـدّ في واقع الفكر ويُنعت هكذا ، بل ويوصف أنّه الوعي الأضخم والأغور ، الوعي الأبحّ في الطول والعرض والعمق ، ذلك الرفّاش الهائل الذي يجرف دفعةً كل هذا ..
فالمراد والمقصـود به الفكر الذي يتناول ما فات وما حضر وما هو آت من حياة الإنسان فرداً ومجتمعاً ، الفكر الذي يستقطب كل نواحي اللطيفة البشرية ، على أنّها وحـدة لا تتكسّر ، لا تتفرفط أقساماً ، لا تتجزّأ. ولمّا لم يزل يعني بمفهومه ومحتواه إلاّ النظرة الشاملة في الوجودين الأصغر والأكبر ، فهو الفكر العقائدي الذي بفضله تشرف الحياة ويتمندل برفعة وسـموّ ، من فوق ..
ولِمَ لا يكون إذاً ـ كما قيل ـ أقوى وأمضى سلاح على الإطلاق يملكه الإنسان في حربه مع المجهول؟! فلولا أن يعمل الفكر ويتأمّل في السكينة لكنّا لا زلنا قابعين في غياهب المغاور. وهذا السلاح يصدأبالإهمال وقلّة الاستعمال ، أو بالاستعمال في الأغراض التي ليس لأجلها وُجد. ونحن عندما نكثر الكلام في توافه الاُمور إنّما نسدّ على الفكر المنافذ إلى جليلها ، فنعطلّه عن العمل المثمر بدلاً من أنّ نشحذه وندفعه ، ونحن إذنلهي الفكر بالقيل والقال فكأنّنا نسخّر العاصفة لنقل قشّة من هنا إلى هناك ، الصاعقة لقتل ذبابة أو بعوضة. ومثلما لا يتمّ الحمل ولا ينمو الجنين إلاّ في سكينة الأرحام وظلماتها ، كذلك لا يحبل الفكر بعظائم الاُمور إلاّ في سكينة الخلوات والتأمّلات.
وعليه ، فقد أصّلوا للفكر :
أنّه إذا جرى مجراه الطبيعي المستقيم أن يكون حواراً بين «لا» و «نعم»وما يتوسطهما من ظلال وأطياف ، فلا الرفض المطلق الأعمى يعدّ فكراً ولا القبول المطلق الأعمى يعدّ فكراً ، ففي الأوّل عناد الأطفال ، وفي الثاني طاعة العبيد ..
وأنّه ليس ترفاً يلهو به أصحابه ، بل مرتبطٌ بالمشكلات التي يحياها الناس حياةً يكتنفها العناء ، فيريدون لها حلاًّ.
وفكرنا الإسلامي يقال فيه :
إنّه يوجب على معتنقيه النظر والتبصّر والاعتبار بتقلّبات الزمن والبحث المستمرّ عن اتجاهات الحياة ، ومحاولة التحكّم فى سير الأشياء وفقاًلما تستدعيه مصلحة الإنسان الذي اُنزل لهذه الأرض كي يخلف الإله فيها بالعمارة والإصلاح ..
وهو الانتباه والحذر والحركة الدائبة والتجديد المستمرّ في الاُسلوب ، خصوصاً في الآلة النفسية التي تبعث على انتحاله ، وفي الحركة ولا سيّما في فهم العوامل الداخلية والخارجية التي تدعو إليها ، وهو أكثر من ذلك وازع الثورة على الخمود والاستنكار للجمود والامتلاء بروحانية العمل والكفاح للتمتّع بالحقّ والشعور بالعدل وتذوّق معاني الحرّية.
وتأسيساً على ذلك ، فكون الفكرة أصيلة حسنة جميلة موافقة للأنظمة الطبيعيّة ، تقود صاحبها إلى ذروة الفضائل ، ليست باطلة تافهة ولا مغايرٌمبدؤها لنواميس الوجود ؛ فكذا فكرة لا بدّ أن نلتمسها في القرآن وسنّة النبيّ والأئمّة الطاهرينعليهمالسلام ، اُصول تعاليمنا وقيمنا ومفاهيمنا وتشريعاتنا ومعاملاتنا وأخلاقياتنا ، التي من خلالها نفهم العلاقة القائمة بين الخالق والخلق ، الكون والحياة والإنسان ، الإنسان ونفسه ، الفرد والجماعة ، الفرد والدولة ، الجماعات الإنسانية كافة ، الجيل والأجيال.
وحصيلة الأمر : أنّ الفكر التربوي والتربية الفكرية ، هما توأمان ينهلان من ثدي الايديولوجيا ذاتها.
فالفكر التربوي والتربية الفكرية عموماً يولدان من رحم العقيدة التي ينضويان تحت لوائها وينموان في أحضانها ويتأثّران بكلّ خصائصهاومقوماتها ، فهما مصداق من مصاديق هويتها وعنوانها.
ولو قلّبنا صفحات الفكر والتربية والتأريخ لوجدنا ـ مثلاً ـ في اليونان القديم وفي اسبارطة بالذات أنّه جرى التركيز على إعداد الإنسان القوي القادرعلى الدفاع عن الدين والدولة ، ممّا مثّل انعكاساً للايديولوجيا والعقيدة القائمة آنذلك.
وكذا أرسطو لمّا دعى إلى التدرّج في الإنشاء والإعداد ، حيث يبدأ
جسمياً ثم خلقياً ثم فكرياً ..
أو المسيحية من خلال استخدامها مناهج عبر الكنيسة ، حيث اتجهت في القرن الرابع إلى انقاذ المجتمع الروماني من الأزمة المادّية الحادّة ، فكان التوجّه إلى الرهبنة والاعتكاف في صوامع فردية هي الصورة البارزة لوضع المجتمع آنذاك ..
بينما نرى الحركة المدرسية في القرن الحادي عشر بزعامة «توماآلاكويني» قد دعت إلى بناء الحياة العقلية ودراسة الفلسفة والمنطق وتعبئة الذهن البشري بأكبر ما يمكن من هذه المعارف ، مضافاً إلى غرس الرؤى الدينية في نفوس التلامذة ..
حتى قيل : وهذا التناقض والاضطراب والتأرجح في مناهج المسيحية يعني أنّها ـ كديانة ـ جاءت لمعالجة مشكلات محدودة زمنياً ، فهي غير قادرة إذن على استيعاب كلّ المستجدّات عبر تطوراتها الزمنية.
وجاء «جان جاك روسو» ليقول : لنترك الطبيعة تعمل عملها في خلق الشخصية ، بعد أن قسّم مراحل التنشئة إلى أربع مراحل.
ونرى المنهج الكلاسيكي يؤكّد على ضرورة تنمية العقل ونقل التراث ودراسة العلوم بوصفها علوماً ورعاية اُسس ثابتة وعامّة في التعليم.
ونلحظ في أحد الاتجاهات المعاصرة أنّه يصرّ على تجنّب العقاب كأداة في توجيه الإنسان وترشيده ؛ إذ إنّ هناك قوى أساسية تتحرّك ـ كالإرادة والطاقة الشهوية ـ كي تستخدم العقل أساساً لتبرير معطياتها ، وبما أنّ حوافز الإرادة الأساسية لا يمكن تغييرها ، خاصّة في حالة انغمازها تحت الشعور في منطقة «اللاشعور» فإنّنا لا نستطيع حينئذ أن نحاسب الإنسان على أعماله وسلوكه ، وهذا يعني : أنّنا لا نعاقبه.
إنّ كلّ هذه المدارس والمناهج الفكرية والتربوية المشار إليها ـ وكذا غيرها ـ تمثّل في الواقع إفرازات وترشّحات عقائدية أثمرت وتجلّت بصور وأشكال وقوالب متفاوتة طبقاً لتفاوت الأنتماء الايديولوجي وتباينه مع الانتماءات الاُخرى.
ولا يشذّ الفكر التربوي والتربية الفكرية الإسلامية عن القاعدة العامّة المشار إليها. وإن تغايرت وتعارضت الرؤى والمناهج داخل البيت الكبيرفالأمر الأكثر أهمّيةً يكمن في تحليل الدراسات المختصّة الباحثة في الإسلام ـ فكراً وتربيةً ـ والتي نجدها ما بين دراسات مخلصة جادّة واُخرى تحريفية وثالثة مجحفة ورابعة ناقصة وهكذا ؛ ثم كيفية تناولها وفهمهالمصدريه الرئيسين في الفكر والتربية ـ القرآن والسنّة المباركة ـ اللذين يطرحان الإطار الفكري والتربوي الشامل المكّون للخلفية الايديولوجية لهما ، فالكتاب المجيد وقول المعصوم وفعله وتقريره هما منبعومصدر كل الرؤى والمناهج الإسلامية السليمة ، سواء على مستوى الفكروالتربية أو على مستوى الجوانب الاُخرى.
إنّ القرآن الكريم والسنّة الشريفة هما الضابط والميزان الذي به تأخذالفكرة الخاطئة المنحطّة طريقها إلى الهاوية ، فلا يجني المحتطبـحينئذـ في ظلام الأفكار بغياب سراج البصيرة سوى الخيبةوالفشل ؛ بينما تشقّ الفكرة الصحيحة طريقها متلألئةً شامخةً إلى سلالم المجد والفخر.
وفكرتنا التي تعني الإسلام الأصيل ـ فكراً وتربيةً ـ لا تخشى مساعي الحذف والتغييب والتشويه ، ولاتعدو لاهثةً خلف شعارات الحداثةوالحرية و... الفارغة ، وذلك بوحي من الأصالة التي تعني التعامل
الواعي مع المحاولات والإثارات المذكورة ، آخذةً بعين الاعتبار منجزات الإنسانية الحديثة بلا سحق للقيم والمفاهيم الراسخة ولاتمرّغ على رمال الترف الفكري والميل الذاتي.
فنحن اُمّة لها كيانها الفكري والتربوي المتكامل المستوعب لعاملي الزمان والمكان كلّ الاستيعاب ، فلنا الاستحقاق الأوفر والأهلية الأتمّ كي ننقل الإنسان إلى مرافئ الأمان وقلل العزّ والكمال.
(كنتم خير اُمّة اُخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر).
والحمد لله ربِّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين.
هيئة التحرير
|
الفوائـد البديـعة مـن «وسائل الشـيعة» (٢) |
|
السـيّد عليّ الحسـيني الميلاني
(٧)
أخطأ ابن مسـعود
عن أبي عبـد الله عليه السلام : «أنّه سئل عن المعوّذتين ، أهما من القرآن؟
فقال الصادق عليه السلام : هما من القرآن.
فقال الرجل : إنّهما ليستا من القرآن في قراءة ابن مسـعود ولا في مصحفه.
فقال أبو عبـد الله : أخطأ ابن مسـعود ـ أو قال : كذب ـ وهما من القرآن.
فقال الرجل : فأقرأ بهما في المكتوبة؟
فقال : نعم».
وعن أبي بكر الحضـرمي ، قال : «قلت لأبي جعفر : إن ابن مسـعود كان يمحـو المعوّذتين من المصحـف.
فقال : كان أبي يقول : إنّما فعل ذلك ابن مسـعود برأيه ، وهما من القرآن» (١).
أقـول :
نترجم لابن مسـعود بإيجاز ، ثمّ نتكلّم عن الموضـوع ..
ترجمة ابن مسـعود :
هو : أبو عبـد الرحمن عبـد الله بن مسـعود بن غافل ... من أكابر أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله.
كان إسلامه قديماً ، وهاجر الهجرتين جميعاً ، إلى الحبشة وإلى المدينة ، وشهد بدراً وسائر المشاهد مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
كذا في الإصابة وأُسـد الغابة وغيرهما (٢).
ووصفه الذهبي بـ : «الإمام الحبر ، فقيه الأُمّة ، كان من السابقين الأوّلين ومن النجباء العالمين ، مناقبه غزيرة ، روى علماً كثيراً ، اتّفقا له في الصحيحين على أربعة وسـتّين ، وانفرد له البخاري بإخراج أحد وعشرين حديثاً ومسلم بإخراج خمسة وثلاثين حديثاً ، وله عند بقيّ بالمكرّر ثماني مئة وأربعون حديثاً ، كان معدوداً في أذكياء العلماء» (٣).
وقال ابن حجر : «آخى النبي صلّى الله عليه وآله بينه وبين الزبير ،
__________________
(١) وسائل الشيعة ٦ / ١١٥ ـ ١١٦ ح ٧٤٩٢ وح ٧٤٩٣.
(٢) أُسد الغابة في معرفة الصحابة ٣ / ٣٨١ ، الإصابة في أسماء الصحابة ٤ / ١٩٨.
(٣) سير أعلام النبلاء ١ / ٤٦١.
وبعد الهجرة بينه وبين سعد بن معاذ».
هذا ، وقد رووا في فضله عن رسول الله صلّى الله عليه وآله بعض الأحاديث ، عمدتها :
١ ـ عن حذيفة بن اليمان ، أنّه قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : «تمسّكوا بعهد ابن أُمّ عبـد».
٢ ـ عن عمرو بن حريث ، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال : «رضـيت لكم ما رضي به ابن أُمّ عبـد».
و «ابن أُمّ عبـد» كنية عبـد الله بن مسـعود.
وقد ذكر المولوي عبـد العزيز الهندي الأوّل من هذين الحديثين في مقام المعارضة لحديث : «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا ...» (١).
لكنّهما حديثان ساقطان سـنداً ..
أمّا الأوّل : فقد رواه ابن الأثير بإسناده عن قبيصة بن عقبة ، قال : «حدّثنا سفيان الثوري ، عن عبـد الملك بن عمير ، عن مولىً لربعي ، عن ربعي ، عن حذيفة ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : وتمسّكوا بعهد ابن أُمّ عبـد» ؛ قال : «وقد رواه سلمة بن كهيل ، عن أبي الزعراء ، عن ابن مسـعود».
وفيه :
«قبيصـة بن عقبة» ؛ قال ابن معين : «ثقة ، إلاّ في سفيان» (٢) ؛
__________________
(٤) التحفة الاثنا عشرية : ٢١٩.
(٥) ميزان الاعتدال ٣ / ٣٨٣.
والحديث عن سفيان!
«عبـد الملك بن عمير» ؛ قال إسحاق بن منصور : «ضعّفه أحمد جدّاً» ، وقال ابن معين : «مخلّط» ، وقال أبو حاتم : «ليس بحافظ ، تغيّر حفظه» ، وقال ابن خرّاش : «كان شعبة لا يرضاه» ، وقال ابن حجر : «كان مدلّساً» (١) ..
ثمّ إنّ «عبـد الملك» هذا لم يسمع الحديث عن «ربعي بن خراش» و «ربعي» لم يسمع من «حذيفة» ؛ نصّ على ذلك الأئمّة (٢).
«مولى ربعي» ؛ وهو مجهول.
وقد روي هذا الحديث بسند آخر : «عن يحيى بن سلمة بن كهيل ، عن أبيه ، عن أبي الزعراء ، عن ابن مسـعود» ، لكنّ رجاله مقدوحون جدّاً :
فإنّ «يحيى بن سلمة» ؛ قال البخاري : «منكر الحديث» ، وقال النسائي : «متروك الحديث» ، وقال الترمذي : «ضعيف» ، وقال ابن سعد : «كان ضعيفاً جدّاً» ، وقال الدارقطني : «متروك» ، وقال الذهبي : «ضعيف» (٣).
و «أبو الزعراء» ، وهو صاحب ابن مسـعود ؛ قال البخاري : «لا يتابع على حديثه» (٤).
وأمّا الثاني : فإنّه ـ بناءً على صحّة سنده ـ وارد في مورد خاص لا يدلُّ على منقبة أصلاً ؛ فقد أخرج الحاكم بإسناده عن عمرو بن حريث ،
__________________
(١) تهذيب التهذيب ٦ / ٣٦٠ ، ميزان الاعتدال ٤ / ٤٠٦ ، تقريب التهذيب ١ / ٦١٨.
(٢) فيض القدير في شرح الجامع الصغير ٢ / ٧٢ ـ ٧٣.
(٣) التاريخ الصغير ١ / ٣٤٧ ، الضعفاء والمتروكين ـ للنسائي ـ : ١٠٩ ، تهذيب التهذيب ١١ / ٢٢٥ ، الكاشف ٣ / ٢٥١.
(٤) تهذيب التهذيب ٦ / ٦١ ، ميزان الاعتدال ٢ / ٥١٦.
عن أبيه ، قال :
«قال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لعبـد الله بن مسـعود : اقرأ. قال : أقرأ وعليك أُنزل؟ قال : إنّي أُحبّ أن أسمع من غيري.
قال : فافتتح سورة النساء حتّى بلغ : (فكيف إذا جئنا من كلّ أُمّة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً) (١) ، فاستعبر رسول الله وكفّ عبـد الله ، فقال له رسول الله : تكلّم.
فحمد الله في أوّل كلامه وأثنى على الله ، وصلّى على النبيّ ، وشهد شهادة الحقّ ، وقال : رضينا بالله ربّاً وبالإسلام ديناً ، ورضيت لكم ما رضي الله ورسوله.
فقال رسول الله : رضيت لكم ما رضي لكم ابن أُمّ عبـد» (٢).
ثمّ إنّ بين الحديثين ومواقف عمر وعثمان من عبـد الله بن مسـعود تنافياً بيّناً ؛ ففي ترجمة عمر أنّه حبس ثلاثة : ابن مسـعود وأبا الدرداء وأبا مسـعود الأنصاري ؛ قال : «قد أكثرتم الحديث عن رسول الله» (٣).
وفي رواية ابن سعد : «قال عمر بن الخطّاب لعبـد الله بن مسـعود ولأبي الدرداء ولأبي ذرّ : ما هذا الحديث عن رسول الله؟ قال : وأحسبه قال : ولم يدعهم يخرجون من المدينة حتّى مات» (٤).
وأمّا قضايا عثمان معه فمن ضروريات تاريخ الإسلام :
لقد اتفّقت المصادر على أنّ عثمان ضرب عبـد الله بن مسـعود ـ أو
__________________
(١) سورة النساء ٤ : ٤١.
(٢) المستدرك على الصحيحين ٣ / ٣١٩.
(٣) تذكرة الحفّاظ ١ / ٥ ـ ٨.
(٤) الطبقات الكبرى ٢ / ٣٣٦.
أمر به فضُـرب ـ وكسر له ضلعان ، واختلفوا في السبب ؛ فروى ابن قتيبة في أخبار عثمان من كتاب المعارف : «وكان ممّا نقموا على عثمان أنّه ... طلب إليه عبـد الله بن خالد بن أُسـيد صلةً فأعطاه أربعمائة ألف درهم من بيت مال المسلمين ، فقال عبـد الله بن مسـعود في ذلك ، فضربه إلى أن دقَّ له ضـلعين» (١).
وفي تاريخ اليعقوبي ـ في قصّة المصاحف ـ : «فأمر به عثمان فجُرّ برجله حتّى كُسر له ضلعان ، فتكلّمت عائشة وقالت قولاً كثيراً ...» (٢) ..
وقصّة المصاحف طويلة جدّاً ؛ فإنّ عثمان لمّا عزم على جمع المصحف ، أو جمع المسلمين على قراءة واحدة ، عيّن لهذا العمل زيد بن ثابت ، وطلب من عبـد الله بن مسـعود تسليم مصحفه ، فامتنع من ذلك واعترض على تعيين زيد بن ثابت :
أخرج الحافظ ابن عبـد البرّ عن الأعمش ، عن شقيق ، قال : «لمّا أمر عثمان في المصاحف بما أمر ، قام عبـد الله بن مسـعود خطيباً فقال : أيأمرونّي أن أقرأ القرآن على قراءة زيد بن ثابت؟! والذي نفسي بيده ، لقد أخذت من فيّ رسول الله سبعين سورة وإن زيد بن ثابت لذو ذؤابة يلعب به الغلمان. والله ما نزل من القرآن شيء إلاّ وأنا أعلم في أيّ شيء نزل ، وما أحد أعلم بكتاب الله منّي ، ولو أعلم أحداً تبلّغنيه الإبل أعلم بكتاب الله منّي لأتيته. ثمّ استحيى ممّا قال فقال : وما أنا بخيركم.
قال شقيق : فقعدت في الحلق فيها أصحاب رسول الله ، فما سمعت
__________________
(١) كتاب المعارف : ١٩٤.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٥٩.
أحداً أنكر ذلك عليه ولا ردّ ما قال» (١).
أقول :
لكن زعمه الأعلمية بكتاب الله مردود بما ورد عن رسول الله صلّى الله عليه وآله في علم عليّ بالقرآن ، وكذا ما قاله هو عليه السلام ، وما أقرّ به سائر الأصحاب في حقّه ..
أخـرج الحاكم وصحّحـه ، ووافقه الذهـبي : «أنّه سئل عليّ عن ابن مسـعود فقال : قرأ القرآن ثمّ وقف عنده وكفي به» (٢).
أمّا ابن مسـعود فقد رووا عنه : «ما منها حرف إلاّ له ظهر وبطن ، وإنّ عليّ بن أبي طالب عنده علم الظاهر والباطن» (٣).
لكنّ القوم تصـرّفوا في كلام ابن مسـعود ، وأسـقطوا منه نيله من عثمان وزيد بن ثابت ؛ حفظاً لماء الوجه!! فأخرجه البخاري في كتابه عن الأعمش ، عن شقيق ، قال : «خطبنا عبـد الله فقال : والله لقد أخذت من فيّ رسـول الله ...» (٤) ..
بل زعم بعضهم أنّ ما روي عنه في الطعن في زيد كلّه موضـوع (٥)!!
ثمّ انبرى علماؤهم في الكلام للدفاع عن عثمان في ضربه عبـد الله ابن مسـعود :
قال ابن حجر في الصواعق في مطاعن عثمان :
__________________
(١) الاستيعاب ٣ / ٩٣.
(٢) المستدرك على الصحيحين ٣ / ٣١٨.
(٣) حلية الأولياء ١ / ٦٥.
(٤) صحيح البخاري ـ بشرح ابن حجر ـ ٩ / ٣٩.
(٥) فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٩ / ٤٠.
«ومنها : أنّه حبس عطاء ابن مسـعود وأُبيّ بن كعب ، ونفى أبا ذرّ إلى الربذة ، وأشخص عبادة بن الصامت من الشام إلى المدينة لمّا اشتكاه معاوية ، وهجر ابن مسـعود ، وقال لابن عوف : إنّك منافق ، وضرب عمّار ابن ياسر ، وانتهك حرمة كعب بن عجـرة ، فضربه عشرين سوطاً ونفاه إلى بعض الجبال ، وكذلك حرمة الأشـتر النخعي.
وجواب ذلك : أمّا حبسه لعطاء ابن مسـعود وهجره له ، فلِما بلغه ممّا يوجب ذلك ، إلقاءً [إبقاءً] لأُبهّة الولاية» (١).
فكان قد وقع من ابن مسـعود ما استحقّ به حبس العطاء والهجر ، بل يظهر من ذلك أنّه ما كان يعتقد بولاية عثمان وخلافته ، فلو كان يعتقد لَما ألقى أُبّهتها!
وقال الفخر الرازي في نهاية العقول :
«قوله : سادساً : ضرب ابن مسـعود وعمّاراً وسيّر أبا ذر إلى الربذة.
قلنا : كما فعل ذلك ، فقد قيل عن هؤلاء : أنّهم أقدموا على أفعال استوجبوا ذلك» (٢).
ومن الضروري : إنّ الأفعال المستوجبة لضرب أعيان الصحابة وهتك عدولهم ، ليست إلاّ الكبائر الموبقة والمعاصي المهلكة ...
لكنّ الظاهر أن عبـد الله بن مسـعود كان مخالفاً لعثمان قبل تلك القضايا ؛ فقد كان يتكلّم فيه وهو في الكوفة ـ إذ أرسله عمر معلّماً لأهلها ـ فقد جاء في السيرة الحلبية ما نصّـه :
«وكان الوليد شاعراً ظريفاً حليماً شجاعاً كريماً ، شرب الخمر ليلةً من
__________________
(١) الصواعق المحرقة ١ / ٣٣٤.
(٢) نهاية العقول ـ مخطوط.
أوّل الليل إلى الفجر ، فلمّا أذّن المؤذّن لصلاة الفجر خرج إلى المسجد وصلّى بأهل الكوفة الصبح أربع ركعات وصار يقول في ركوعه وسجوده : اشرب واسقني ، ثمّ قاء في المحراب ، ثمّ سلّم وقال : هل أزيدكم؟
فقال له ابن مسـعود : لا زادك الله خيراً ولا من بعثك إلينا» (١).
ولهذا وغيره استقدمه عثمان ... فروى الأعمش عن زيد بن وهب ، قال : لمّا بعث عثمان إلى عبـد الله بن مسـعود يأمره بالقدوم عليه بالمدينة وكان بالكوفة ، اجتمع الناس عليه فقالوا : أقم ونحن نمنعك أن يصل إليك شيء تكرهه.
فقال عبـد الله : إنّ له علَيَّ حقّ الطاعة ، وإنّها ستكون أُمور وفتن ، فلا أحبّ أن أكون أوّل مَن فتحها. فردّ الناس وخرج إليه (٢).
وعلى كلّ حال ... فلم يبق أحد في المدينة إلاّ حنق على عثمان ، وزاد ذلك غضب مَن غضب لأجل ابن مسـعود وأبي ذرّ وعمّار (٣).
هذا ، وقد كان عثمان قد حرم ابن مسـعود عطائه سنتين (٤) ، فلمّا مرض مرضـه الذي مات فيه ، أتاه عثمان عائداً فقال : ما تشتكي؟
فقال : ذنوبي.
قال : فما تشتهي؟
قال : رحمة ربّي.
__________________
(١) السيرة الحلبية ٢ / ٢٨٤.
(٢) أُسـد الغابة ٣ / ٣٨٧ ، الإصابة ٤ / ٢٠١ ، سير أعلام النبلاء ١ / ٤٨٩.
(٣) الرياض النضـرة ٢ / ١٦٣ ، الخميس ٢ / ٢٦١ ، تاريخ الخلفاء : ١٥٨ ؛ واللفظ للأوّل.
(٤) سير أعلام النبلاء ١ / ٤٩٩ ، أُسـد الغابة ٣ / ٣٨٧.
قال : ألا أدعو لك طبيباً؟
قال : الطبيب أمرضني.
قال : أفلا آمر لك بعطائك؟
قال : منعتنيه وأنا محتاج إليه وتعطينيه وأنا مستغن عنه!
قال : يكون لولدك.
قال : رزقهم على الله تعالى.
قال : استغفر لي يا أبا عبـد الرحمن!
قال : أسأل الله أن يأخذ لي منك حقّي» (١).
لكنّ القوم حرّفوا هذا الخـبر أيضاً حفظاً لماء وجه عثمان ؛ فأسقطوا منه بعض الكلمات ، وخاصّةً قوله أخيراً : «أسأل الله أن يأخذ لي منك حقّي»!
وإذا كان هذا كلامه الأخير مع عثمان ، فكيف يدّعي بعضهم أن عثمان قد صلّى عليه؟! بل الصحيح أنّه قد دُفن ليلاً بوصية منه ؛ لئلاّ يعلم عثمان بدفنه ، فمَن الذي صلّى عليه؟ قيل : الزبير ، وقيل : عمّار بن ياسر (٢).
ابن مسـعود في نظر أصحابنا الإماميّة :
وأمّا حال «عبـد الله بن مسـعود» في نظر أصحابنا ، فأوّل شيء يجب التنبيه عليه هو : إنّا لم نجـد في رواياتنا مدحاً له عن أحد من الأئمّة يدلّ
__________________
(١) شـرح نهـج البلاغة ٣ / ٤٢ ـ ٤٣.
(٢) انظر : أُسـد الغابة ٣ / ٣٨٧.
على ولائه لهم عليهم الصلاة والسلام ، بالرغم من وجود المدح فيها لبعض الصحابة عنهم ، كما سيأتي في : «أبي سعيد الخدري».
بل تدلُّ أخبارنا على عدم متابعته لأمير المؤمين عليه السلام في قراءة القرآن والأحكام الشرعيّة ؛ فقد ورد عن أبي عبـد الله عليه السلام قوله : «إن كان ابن مسـعود لا يقرأ على قراءتنا فهو ضال» (١).
وعنه عليه السلام أنّه قال : «أفسد ابن مسـعود على الناس صلاتهم بشـيئين ، بقوله : تبارك اسـم ربّك وتعالى جدّك ... وقوله : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين» ؛ يعني : في التشـهّد الأوّل (٢).
بل في رواية : إنّه أبى ما قاله الإمام عليه السلام ؛ فقد جاء فيها : «إنّ عمر بن الخطّاب وقعت في إمارته هذه الفريضة فلم يدر ما يصنع ، فقال له أصحاب محمّـد صلّى الله عليه وآله : اعط هؤلاء فريضتهم : للأبوين السدسان ، وللزوجة الثُمن ، وللبنتين ما يبقى.
فقال : فأين فريضتهما الثلثان؟
فقال له عليّ عليه السلام : لهما ما يبقى.
فأبى ذلك عليه عمر وابن مسـعود» (٣).
وقد يُدّعى كونه من الموالين لأمير المؤمنين عليه السلام ، ويستدلّ لذلك بوجوه ، أهمّها اثنان :
__________________
(١) الكافي ٢ / ١٤ ح ٢٧ باب النوادر من كتاب فضل القرآن.
(٢) من لا يحضـره الفقيه ١ / ٤٠١ ح ١١٩٠ باب الجماعة وفضلها.
(٣) التهذيب ج ٩ / ٢٥٩ ح ٩٧١ باب في إبطال العول والعصبة من كتاب الفرائض والمواريث.
الأوّل : ما روي من أنّه أحد الاثني عشر الّذين أنكروا على أبي بكر.
والثاني : ما روي من أنّه شهد الصلاة على الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام.
أقـول :
هذا موقوف على ثبوت الخبرين ، لا سيّما الثاني منهما :
أمّا الأوّل :
فقد رواه الشيخ الصـدوق ؛ قال : «حدّثنا علي بن أحمد بن عبـد الله ابن أحمد بن أبي عبـد الله البرقي ، قال : حدّثني أبي ، عن جدّه أحمد بن أبي عبـد الله البرقي ، قال : حدّثني النهيكلي ، قال : حدّثنا أبو محمّـد خلف ابن سالم ، قال : حدّثنا محمّـد بن جعفر قال : حدّثنا شعبة ، عن عثمان بن المغيرة ، عن زيد بن وهب ، قال : كان الّذين أنكروا على أبي بكر جلوسـه في الخلافة وتقدّمه على عليّ بن أبي طالب اثني عشر رجلاً من المهاجرين والأنصار ..
وكان من المهاجرين : خالد بن سعيد بن العاص ، والمقداد بن الأسود ، وأُبيّ بن كعب ، وعمّار بن ياسر ، وأبو ذرّ الغفاري ، وسلمان الفارسي ، وعبـد الله بن مسـعود ، وبريدة الأسلمي.
وكان من الأنصار : خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين ، وسهل بن حنيف ، وأبو أيّوب الأنصاري ، وأبو الهيثم بن التيّهان ، وغيرهم ...».
ثمّ نقل كلام كلّ منهم ، فنقل عن عبـد الله بن مسـعود كلاماً صريحاً
في القول بإمامة أمير المؤمنين وخلافته بعد رسـول الله (١) ، إلاّ أنّ الكلام :
أوّلاً ـ في سـنده :
١ ـ لأنّ علي بن أحمد لا توثيق له ، وفي كفاية كونه من مشايخ الصدوق للوثاقة ، كلام ليس هنا موضـعه.
٢ ـ ولأنّ رواته عن «خلف بن سالم» فمن بعـده كلّهم من العامّة ، ولا توثيق في كتبنا لهم.
٣ ـ ولأنّ «زيد بن وهب» رحل إلى النبيّ فقبض صلّى الله عليه وآله وهو في الطريق (٢) ، فهو لم يكن بالمدينة تلك الأيام ، ولم يدرك تلك الحوادث.
وثانياً ـ في متنه :
فقد عدّ : «أُبيّ بن كعب» من المهاجرين مع أنّه من الأنصار!
وجاء في آخره : «ثمّ قام زيد بن وهب فتكلّم ، وقام جماعة من بعده فتكلّموا». وقد عرفت أن زيد بن وهب هو راوي الخبر وأنّه كان في تلك الأيام في طريقه إلى المدينة.
ثمّ جاء بعد ذلك في الخبر ما نصّـه : «إنّ أبا بكر جلس في بيته ثلاثة أيام ، فلمّا كان اليوم الثالث أتاه عمر بن الخطّاب وطلحة والزبير وعثمان بن عفّان وعبـد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقّاص وأبو عبيدة بن الجرّاح ، مع كلّ واحد منهم عشرة رجال من عشائرهم ، شاهرين السيوف ،
__________________
(١) الخصال : ٤٢٩ ـ ٤٣٤ أبواب الاثني عشـر.
(٢) تهذيب التهذيب ٣ / ٣٦٨.
فأخرجوه من منزله وعلا المنبر وقال قائل منهم : والله لئن عاد منكم أحد فتكلّم بمثل الذي تكلّم به لنملأنّ أسيافنا منه ، فجلسوا في منازلهم ولم يتكلّم أحد بعد ذلك».
وفيه ما فيه!!
وأمّا الثاني :
فرواه الشيخ الصـدوق قائلاً : «حدّثنا محمّـد بن عمير البغدادي الحافظ ، قال : حدّثني أحمد بن الحسن بن عبـد الكريم أبو عبـد الله ، قال : حدّثني عتاب ـ يعني ابن صهيب ـ حدّثنا عيسى بن عبـد الله العمري ، قال : حدّثني أبي ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عليّ عليه السلام ، قال : خُلقت الأرض لسبعة نفر ، بهم يُرزقون وبهم يُمطرون وبهم يُنصـرون : أبو ذرّ وسلمان والمقداد وعمّار وحذيفة وعبـد الله بن مسـعود. قال عليّ : وأنا إمامهم. وهم الّذين شهدوا الصلاة على فاطمة عليها السلام» (١).
قال في البحار بعده : «كش ، جبرئيل بن أحمد ، عن الحسين بن خرزاد ، عن ابن فضّال ، عن ثعلبة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن جدّه ـ عليهم السلام ـ مثله» (٢).
أقـول :
أظنّ أنّ الأسماء في سند الصـدوق مصحّفة (٣) ، وعلى كلّ حال ، فإنّه سند ساقط لا يُعبأ به ؛ فلا داعي للتحقيق بشأنه.
__________________
(١) الخصال : ٣٣٠ باب السـبعة.
(٢) بحار الأنوار ٤٣ / ٢١٠.
(٣) مثلاً : الصحيح «محمّـد بن عمر» وهو الحافظ أبو بكر ابن الجعابي البغدادي.
وأمّا خبر الكشي فهذا نصّـه : «ضاقت الأرض بسبعة ، بهم تُرزقون وبهم تُنصرون وبهم تُمطرون ، منهم : سلمان الفارسي والمقداد وأبو ذرّ وعمّار وحذيفة. وكان علي يقول : وأنا إمامهم. وهم الّذين صلّوا على فاطمة عليها السلام» (١).
وهو ليس مثله ؛ فقد ذكر خمسةً وليس فيهم : عبـد الله بن مسـعود ..
هذا ، إنْ صـحَّ سـنده!!
وبعد .. فالظاهر عدم حضـور أحد من هؤلاء جنازة سيّدة النساء أصلاً ، والله العالم.
إنكاره المعوّذتين :
وتنازع العلماء خبر انكار ابن مسـعود المعوّذتين ..
أمّا أصحابنا ، فلم أجد أحداً يكذّب الخبر ، بل كلّهم يقولون ـ تبعاً للإمام عليه السلام ـ بخطئه ، ويفتون بجـواز قراءة المعوّذتين ، في الصلوات :
قال العلاّمة : «والمعوذّتان من القرآن ، يجوز أن يقرأ بهما ، ولا اعتبار بإنكار ابن مسـعود ؛ للشبهة الداخلة عليه بأنّ النبي صلّى الله عليه وآله كان يعوّذ بهما الحسن والحسين عليهما السلام ، إذ لا منافاة ، بل القرآن صالح للتعوّذ به لشرفه وبركته ، وقال الصادق عليه السلام : اقرأ المعوّذتين في المكتوبة. وصلّى عليه السلام المغرب فقرأهما فيها» (٢).
__________________
(١) رجال الكشي : ١٣.
(٢) تذكرة الفقهاء ٣ / ١٤١ ـ ١٤٢.
وقال الشهيد : «أجمع علماؤنا وأكثر العامّة على أنّ المعوِّذتين ـ بكسر الواو ـ من القرآن العزيز وأنّه يجوز القراءة بهما في فرض الصلاة ونفلها.
وروى منصور بن حازم ، قال : أمرني أبو عبـد الله عليه السلام أن أقرأ المعوّذتين في المكتوبة.
وعن مولى آل سام ، قال : أمّنا أبو عبـد الله عليه السلام في صلاة المغرب فقرأ المعوّذتين.
وعن ابن مسـعود : إنّهما ليستا من القرآن وإنّما أُنزلتا لتعويذ الحسن والحسين عليهما السلام. وخلافه انقرض ، واستقرّ الإجماع الآن من العامّة والخاصّة على ذلك» (١).
وقال في الجواهر : «المعوّذتان من القرآن ، ويجوز أن تقرأهما في الصّلاة ، فرضها ونفلها ، نصّاً وإجماعاً ، لا يقدح فيه خلاف ابن مسـعود بعد انقراضه ، وتصريح الصادق عليه السلام بخطئه أو كذبه ، وأنّه فعل ذلك من رأيه ، الذي لا ينبغي اتّباعه فيه» (٢).
لكنّ أهل السُـنّة اختلفوا في حلّ هذه المشكلة واضطربت كلماتهم.
مشكلة الفاتحة والمعوّذتين وطرق حلّها :
ثمّ إنّ ابن مسـعود كان لا يرى الفاتحة والمعوّذتين قرآناً ، وهذا ممّا يحـزّ في قلوب القوم ، ويجعلهم يضطربون في حلّه :
قال الراغب ـ في فصل : بيان ما ادُّعي أنّه من القرآن ممّا ليس في
__________________
(١) ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة ٣ / ٣٥٦ ـ ٣٥٧.
(٢) جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام ١٠ / ٥١.
المصحف وما ادُّعي أنّه ليس منه وهو فيه ـ : «وأسقط ابن مسـعود من مصحفة أُمّ القرآن والمعوّذتين» (١).
وفي المسند : «عن عبـد الرحمن بن يزيد ، قال : كان عبـد الله يحكّ المعوّذتين من مصاحفه ويقول : إنّهما ليستا من كتاب الله تبارك وتعالى» (٢).
وفي الدرّ المنثور : «أخرج عبد بن حميد ، ومحمّـد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة ، وابن الأنباري في المصاحف ، عن محمّـد بن سيرين : إنّ أُبيّ بن كعب كان يكتب فاتحة الكتاب والمعوّذتين ، واللّهم إيّاك نعبد واللّهمّ إنّا نستعينك. ولم يكتب ابن مسـعود شيئاً منهنّ. وكتب عثمان بن عفّان فاتحة الكتاب والمعوّذتين» (٣).
وفي الدرّ المنثور أيضاً : «أخرج عبـد بن حميد ، عن إبراهيم ، قال : كان عبـد الله لا يكتب فاتحة الكتاب في المصحف ، وقال : لو كتبتها لكتبت في أوّل كلّ شيء» (٤).
وفي تاريخ الخميس بعد العبارة المنقولة آنفاً : «ولحذفه المعوّذتين من مصحفه ، مع الشهرة عند الصحابة أنّهما من القرآن» (٥).
هذا ، وقد قالوا بأنّ إنكار الفاتحة والمعوّذتين كفر ؛ فقد جاء في الإتقان :
«قال النووي في شرح المهذّب : أجمع المسلمون على أنّ المعوّذتين
__________________
(١) محاضـرات الأُدباء ٤ / ٤٣٤.
(٢) مسند أحمد بن حنبل ٦ / ١٥٤ ح ٢٠٦٨٣.
(٣) الدرّ المنثور ١ / ١٠ ؛ وفيه : «إيّاك نستعين» بدل : «اللّهمّ إنّا نستعينك».
(٤) الدرّ المنثور ١ / ١٠.
(٥) تاريخ الخميس ٢ / ٢٧٣.
والفاتحة من القرآن ، وأنّ مَن جحد منها شيئاً كفر» (١).
وإذا كان «مَن أنكر شيئاً منها كفر» فقد أنكر ابن مسـعود كلّها!!
ومن هنا وقعوا في المشكلة :
قال السيوطي في الإتقان : «ومن المشكل على هذا الأصل : ما ذكره الإمام فخر الدين الرازي ، قال : نقل في بعض الكتب القديمة أنّ ابن مسعود كان ينكر كون سورة الفاتحة والمعوّذتين من القرآن ، وهو في غاية الصعوبة ؛ لأنّا إنّ قلنا : إنّ النقل المتواتر كان حاصلاً في عصر الصحابة بكون ذلك من القرآن ، فإنكاره يوجـب الكفر.
وإن قلنا : لم يكن حاصلاً في ذلك الزمان ، فيلزم أن [يكون] القرآن ليس بمتواتر في الأصل» (٢).
وتحـيّروا كيف يخرجون من هذه العويصـة؟!
١ ـ تكذيب الأخبار.
قال في الإتقان ، نقلاً عن الرازي بعد ما تقدّم : «والأغلب على الظنّ أنّ نقل هذا المذهـب عن ابن مسـعود نقل باطل ، وبه يحصل الخلاص عن هذه العقـدة» (٣).
وهكذا أجاب القاضي أبو بكر ، والنووي ، وابن حزم ... وزعموا أنّ به يحصل الخلاص عن هذه العقدة ، ولكنْ لات حين مناص! فقد تعقّب المحقّقون ذلك وتتبّعوا الأخبار به ، ووجدوها صحيحةً ، ولا مجال لتكذيب الأخبار الصحيحة أبداً ..
ففي الإتقان : «قال ابن حجر في شرح البخاري : قد صحّ عن
__________________
(١ ـ ٣) الإتقان في علوم القرآن ١ / ٢٧٠ ـ ٢٧١.
ابن مسـعود إنكار ذلك ؛ فأخرج أحمد وابن حبّان عنه أنّه كان لا يكتب المعوّذتين في مصحفه.
وأخرج عبـد الله بن أحمد في زيادات المسند ، والطبراني وابن مردويه من طريق الأعمش ، عن أبي إسحاق ، عن عبـد الرحمن بن يزيد النخعي ، قال : كان ابن مسـعود يحكّ المعوّذتين من مصاحـفه ويقول : إنّهما ليستا من كتاب الله.
وأخرج البزّار والطبراني من وجه آخر عنه أنّه كان يحكّ المعوّذتين من المصحف ويقول : إنّما أمر النبيّ أن يتعوّذ بهما ، وكان [عبـد الله]لا يقرأ بهما.
أسانيدها صحيحة.
قال البزّار : لم يتابع ابن مسـعود على ذلك أحد من الصحابة. وقد صحّ أنّه صلّى الله عليه وسلّم قرأ بهما في الصلاة.
قال ابن حجر : فقول مَن قال : إنّه كذب عليه ، مردود ، والطعن في الروايات الصحيحة بغير مستند لا يُقبل ، بل الروايات صحيحة» (١).
فهذا الطريق ـ طريق الطعن في هذه الروايات ـ لا يفيد.
٢ ـ الإبهام.
ومنهم مَن سلك طريق الإبهام ؛ فوضـع بدل كلمة حكّ ابن مسـعود وإنكاره الفاتحة والمعوّذتين ، كلمة : «كذا وكذا» وتخيّل أنّه بذلك يمكن إخفاء الحقيقة والخروج عن العقدة .. وقد جاء ذلك في صحيح البخاري ؛ إذ قال :
__________________
(١) الإتقان في علوم القرآن ١ / ٢٧١ ـ ٢٧٢.
«حدّثنا علي بن عبـد الله ، حدّثنا سفيان ، حدّثنا عبـدة بن أبي لبابة ، عن زر بن حبيش. وحدّثنا عاصم عن زر ، قال : سألت أُبيّ بن كعب : يا أبا المنذر! إنّ أخاك ابن مسـعود يقول : كذا وكذا.
فقال أُبيّ : سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال لي : قل ، فقلت : [قال] فنحن نقول كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم» (٤٨).
على أنّ في هذا النقل مزيداً من الطعن والجرح على ابن مسـعود ..
وقال ابن حجر في فتح الباري :
«هكذا وقع هذا اللّفظ مبهماً ، وكأنّ بعض الرواة أبهمه استعظاماً ، وأظنّ ذلك من سفيان ؛ فإنّ الإسماعيلي أخرجه من طريق عبـد الجبّار بن العلاء عن سفيان كذلك على الإبهام ، وكنت أظنّ أوّلاً أنّ الذي أبهمه البخاري ...» (٤٩).
٣ ـ التأويل والحمل.
ومنهم مَن سلك طريق التأويل للأخبار المنقولة عن ابن مسـعود :
قال ابن حجر في فتح الباري :
«وقد تأوّل القاضي أبو بكر الباقلاّني في كتاب الانتصار ، وتبعه عياض وغيره ، ما حكي عن ابن مسـعود ؛ فقال : لم ينكر ابن مسـعود كونهما من القرآن ، وإنّما أنكر إثباتهما في المصحف ؛ فإنّه كان يرى أن لا يكتب في المصحف شيئاً إلاّ إن كان النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم أذن في كتابته فيه ، وكأنّه لم يبلغه الإذن في ذلك.
__________________
(٤٨) صحيح البخاري ٦ / ٢٢٣ كتاب التفسير ـ سورة : (قل أعوذ بربّ الناس).
(٤٩) فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٨ / ٦٠٣.
ـ قال : ـ فهذا تأويل منه وليس جحداً لكونهما قرآناً ؛ وهو تأويل حسن».
لكنّه تأويل عجيب ، وتوجيه غريب! فأيّ مانع من درج ما هو قرآن في القرآن حتّى لا يجوّز ابن مسـعود ذلك ، ويهتمّ بمحوه من المصحف؟!
إنّ مثل هذا التأويل غير مُجْد للدفاع عن حرمة ابن مسـعود والمحافظة على مقامه ..
إنّ هذا التأويل لا يمكن قبوله أصلا ؛ ولذا قال ابن حجر بعد العبارة المتقدّمة :
«إلاّ أنّ الرواية الصريحة التي ذكرتها تدفع ذلك ؛ حيث جاء فيها : (ويقول : إنّهما ليستا من كتاب الله) ، إلاّ أنّه حاول التأويل لهذه الرواية فقال : (نعم ، يمكن حمل لفظ «كتاب الله» على «المصحف») ؛ فيتمّ التأويل المذكور.
وقال غير القاضـي : لم يكن اختلاف ابن مسعود مع غيره في قرآنيّتهما ، وإنّما كان في صفة من صفاتهما. انتهى ..
وغاية ما في هذا أنّه أبهم ما بيّنه القاضي» (١).
لكنّ هذا التأويل باطل أيضاً ؛ إذ لا يساعده لفظ الرواية عند البزّار والطبراني التي أوردها ابن حجر أيضاً ، فإنّها صريحة في أنّ ابن مسـعود كان يقول بأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إنّما عوّذ بالمعوّذتين ، ولم يكن يقرأ بهما ، وهذا يدلّ بكلّ وضوح على أنّ ابن مسـعود ما كان يرى المعوّذتـين قرآناً ، اللّهمّ إلاّ أن يزعموا أنّ عدم القراءة بالمعوّذتين لا يثبت عدم كونهما قرآناً ، وحينئذ ، فما هو الكلام المعبّر عن ذلك؟!
__________________
(١) فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٨ / ٦٠٤.
ومن هنا نرى أنّ بعض المتكلّمين منهم لمّا لم يتمكّنوا من توجيه رأي ابن مسـعود ، ولا من إنكار ما لاقاه من عثمان ، اضطرّوا إلى هتك حرمة ابن مسـعود وتوهينه .. ولم يتعرّضوا لشيء من هذه التأويلات ..
وكيف يمكن تأويل ما أُخرج في المسند من أنّه : «لقد كان ابن مسـعود يرى رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم يعوّذ بهما الحسن والحسين ، ولم يسمعه يقرأهما في شيء من صلواته ، فظنّ أنّهما معوّذتان ، وأصـرّ على ظنّه ، وبالغ في إنكار كونهما من القرآن» (١).
ولذا نرى الحافظ ابن حجر يتراجع عن كلّ التأويلات ، وقد قال في آخر كلامه السابق :
«ومَن تأمّل سياق الطرق التي أوردتها للحديث استبعد هذا الجمع».
واختار بالأخرة الحمل على عدم تواتر المعوّذتين عند ابن مسـعود ، قال : «قد قال ابن الصبّاغ في الكلام على مانعي الزكاة : وإنّما قاتلهم أبو بكر على منع الزكاة. ولم يقل إنّهم كفروا بذلك ، وإنّما لم يكفروا ؛ لأنّ الإجماع لم يكن استقرّ. ـ قال : ـ ونحن الآن نكفّر مَن جحدها ..
وكذلك ما نقل عن ابن مسـعود في المعوّذتين ؛ يعني : إنّه لم يثبت عنده القطع بذلك ، ثمّ حصل الاتّفاق بعد ذلك.
وقد استشكل هذا الموضـع الفخر الرازي ، فقال : إن قلنا : إنّ كونهما من القرآن كان متواتراً في عصر ابن مسـعود ، لزم تكفير مَن أنكرهما. وإن قلنا : إنّه لم يكن متواتراً ، لزم أنّ بعض القرآن لم يتواتر ؛ قال : وهذه عقدة صعبة.
وأُجيب : باحتمال أنّه كان متواتراً في عصر ابن مسـعود ، ولكن لم
__________________
(١) مسند أحمد بن حنبل ٦ / ١٥٤ ح ٢٠٦٨٤.
يتواتر عند ابن مسـعود ؛ فانحلّت العقدة بعون الله تعالى» (١).
إلاّ أنّ هذا الحمل أضـعف وأفسـد من الكلّ ؛ وذلك :
أوّلا :
إنّه ينافي ما رواه القوم ـ كما في الاستيعاب وغيره ـ من أنّ ابن مسـعود حضر العرض الأخير للقرآن الكريم ، وعلم ما نسخ منه وما بدّل ، وهذا نصّ ما رواه ابن عبـد البرّ حيث قال :
«روى وكيع وجماعة معه ، عن الأعمش ، عن أبي ظبيان ، قال : قال لي عبـد الله بن عبّـاس : أيّ القراءتين تقرأ؟
قلت : القراءة الأُولى ، قراءة ابن أُمّ عبـد.
فقال لي : بل هي الآخـرة ؛ إنّ رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم كان يعرض القرآن على جبرئيل في كلّ عام مرّة ، فلمّا كان العام الذي قُبض فيه ، عرضـه عليه مرّتين ، فحضر ذلك عبـد الله ، فعلم ما نسخ من ذلك وما بدّل» (٢).
وهل من الجائز أن يقال بأنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يعرض المعوّذتين ، وجبريل أيضاً لم ينبّهه على ذلك؟!
وثانياً :
إذا كان تواتر المعوّذتين ثابتاً عند الصحابة وغير ثابت عند ابن مسعود فقط ، نقول :
__________________
(١) فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٨ / ٦٠٤.
(٢) الاستيعاب في معرفة الأصحاب ٣ / ٩٩٢ رقم ١٦٥٩.
إن كان سائر الصحابة قد أخـبروه بكون المعوّذتين من القرآن فلم يقبل منهم ولم يصدّقهم ، أو لم يثبت بخبرهم تواترهما عنده ، لزم فسق الصحابة ، بل دلّ ذلك على كونهم أسوء حالا من الكفّار والفسّاق ؛ لأنّ التواتر يحصل بإخبار الكفّار أيضاً ، كما بُيّن في محلّه ..
وإن كان سائر الصحابة لم يخبروه بكون المعوّذتين قرآناً ، مع علمهم بأنّه كان يحكّهما من المصاحف ـ كما في المسند : «عن زر ، قال : قلت لأُبيّ : إنّ أخاك يحكّهما من المصحف». وكما في الرياض النضرة في مطاعن عثمان : «وأمّا الخامسة عشر ، وهي إحراق مصحف ابن مسـعود ، فليس ذلك ممّا يعتذر عنه ، بل هو من أكبر المصالح ؛ فإنّه لو بقي في أيدي الناس أدّى ذلك إلى فتنة كبيرة في الدين ؛ لكثرة ما فيه من الشذوذ المنكرة عند أهل العلم بالقرآن ، ولحذفه المعوّذتين من مصحفه مع الشهرة عند الصحابة أنّهما من القرآن. وقال عثمان لمّا عوتب في ذلك : خشيت الفتنة في القرآن» (١) ـ فالصحابة ـ وعلى رأسهم عثمان ـ كلّهم فسّاق!!
وبعد ، فإذا كان ابن مسـعود منكِراً للمعوّذتين ، فإنّ جميع ما يشنّع به المخالفون على أهل الحقّ ـ لوجود بعض الأخبار الظاهرة في تحريف القرآن ، القابلة للحمل على المحامل الصحيحة في كتبنا ـ يتوجّه على ابن مسـعود بالأولويّة القطعية ؛ فإنّه ينكر بصراحة سورتين كاملتين ، بل ثلاث سـوَر ، هي : المعوّذتان وأُمّ الكتاب ، وهو في الوقت نفسه من أعلام الصحابة وأجلاّئهم ، ومن أئمّة القرآن والتفسير وأكابرهم!! بل هو محكوم عليه بالكفر والخروج عن زمرة المسلمين ، وقد جاء في كتاب فصول
__________________
(١) الرياض النضـرة في مناقب العشـرة ٣ / ٩٩.
الأحكام لعماد الدين حفيد برهان الدين صاحب الهداية (١) :
«وبعض المشايخ على أنّه ـ أي مَن زعم أنّ المعوّذتين ليستا من القرآن ـ يكفر. وحكى عن خاله الإمام جلال الدين أنّه قد ذكر في آخر تفسير أبي الليث حديثاً : مَن زعم أنّ المعوّذتين ليستا من القرآن فأُولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. ومثل هذا الوعيد إنّما ورد في حقّ الكفّار دون المؤمنين».
وتلخّص :
سقوط جميع التأويلات ، وبقاء العقدة العويصـة على حالها.
٤ ـ الردّ والتخطئة.
وهذا ما عليه أئمّتنا عليهم السلام وعلماؤنا الأعلام ، وهو ما حكاه السيوطي عن ابن قتيبة ؛ إذ قال :
وقال ابن قتيبة في مشكل القرآن : «ظنّ ابن مسـعود أنّ المعوّذتين ليستا من القرآن ؛ لأنّه رأى النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ يعوّذ بهما الحسن والحسين ، فأقام على ظنّه ، ولا نقول : إنّه أصاب في ذلك وأخطأ المهاجرون والأنصار» (٢).
فهذا حال ابن مسـعود عند القوم على أُصولهم.
ولعلّ هذا هو السبب في توقّف عبـد الله بن عمر عن قبول خبر
__________________
(١) المعروف بكتاب : فصول العمادي ، كما في كشف الظنون ٢ / ١٢٧٠ ؛ وهو في فروع الحنفية. وصاحب الهداية هو : برهان الدين المرغيناني ، المتوفّى سنة ٥٩٣.
(٢) الإتقان في علوم القرآن ١ / ٢٧٠ ـ ٢٧٢.
ابن مسـعود عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، كما في صحيح مسلم :
«عن أبي رافع ، عن عبـد الله بن مسـعود : إنّ رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم قال : ما من نبيّ بعثه الله في أُمّة قبلي ، إلاّ كان له من أُمّته حواريّون وأصحاب يأخذون بسُـنّته ويقتدون بأمره ، ثمّ إنّها تخلّف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ، ويفعلون ما لا يؤمرون ، فمَن جاهدهم بيده فهو مؤمن ... وليس وراء ذلك من الإيمان حبّة خردل.
قال أبو رافع : فحدّثت عبـد الله بن عمر ، فأنكره علَيّ ، فقدم ابن مسـعود فنزل بقناة ، فاستتبعني إليه عبـد الله بن عمر يعوده ، فانطلقت مـعه ، فلمّا جلسنا سألت ابن مسـعود عن هذا الحديث ، فحدّثنيه كما حدّثت ابن عمر» (١).
__________________
(١) صحيح مسلم ١ / ٧٠ ح ٨٠ كتاب الإيمان الباب ٢٠.
(٨)
ممّا ينفي الفقر
ويزيد في الرزق
كثيراً ما نُسأل عمّا جاء في الأخبار في ما يزيد في الرزق أو ينفي الفقر ، وهذا طرف ممّا ورد في ذلك :
١ ـ كنس البيت والفناء :
ففي رواية عن أبي جعفر عليه السلام : «كنس البيوت ينفي الفقر».
وفي أُخرى : «كنس الفناء يجلب الرزق».
وفي ثالثة : «غسل الإناء وكسح الفناء مجلبة للرزق» (١).
والجدير بالذكر ما ورد في الباب عن رسول الله صلّى الله عليه وآله : «اكنسوا أفنيتكم ولا تشبّهوا باليهود» (٢).
٢ ـ إسراج السراج قبل أن تغيب الشمس :
ففي خبر عن الرضا عليه السلام : أنّ ذلك «ينفي الفقر» (٣).
٣ ـ قراءة سورة الإخلاص عند دخول المنزل :
فعن أمـير المؤمنين عليه السلام ـ فـي حديـث ـ : «وليقـرأ : (قـل
__________________
(١) وسائل الشيعة ٥ / ٣١٧ ح ٦٦٥٨ وح ٦٦٥٩ وح ٦٦٦١.
(٢) وسائل الشيعة ٥ / ٣١٧ ح ٦٦٦٠.
(٣) وسائل الشيعة ٥ / ٣٢٠ ح ٦٦٦٧.
هو الله أحَـد) حين يدخل منزله ؛ فإنّه ينفي الفقر» (١).
٤ ـ تكرار الحجّ والعمرة :
عن أبي عبـد الله عليه السلام : «قال رسول الله : تابعوا بين الحجّ والعمرة ؛ فإنّهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد».
وعنه عليه السلام : «حجج تترى وعمر تسعى يدفعن عيلة الفقر وميتة السوء».
وعن أبي جعفر عليه السلام : «لا وربّ هذه البنية ، لا يحالف مدمن الحجّ هذا البيت حمّىً ولا فقر أبداً».
وعن إسحاق بن عمّار ، قال : «قلت لأبي عبـد الله : إنّي قد وطّنت نفسي على لزوم الحجّ كلّ عام بنفسي أو برجل من أهل بيتي بمالي.
فقال : وقد عزمت على ذلك؟!
قال : قلت : نعم.
قال : فإن فعلت (فأيقن بكثرة المال ، أو) أبشر بكثرة المال والبنين».
وجاء في خبر عن أبي عبـد الله عليه السلام : «إذا كان الرجل من شأنه الحجّ كلّ سنة ثمّ تخلّف سنة فلم يخرج ، قالت الملائكة الّذين على الأرض للّذين على الجبال : لقد فقدنا صوت فلان! فيقولون : اطلبوه ، فيطلبونه فلا يصيبونه فيقولون : اللّهمّ! إن كان حبسه دَيْن فأدِّ عنه ، أو مرض فاشفه ، أو فقر فأغنه ، أو حبس ففرّج عنه ، أو فعل به فافعل به. والناس يدعون لأنفسهم وهم يدعون لمَن تخلّف» (٢).
__________________
(١) وسائل الشيعة ٥ / ٣٢٣ ح ٦٦٧٦.
(٢) هذه الأخبار ونحوها في وسائل الشيعة ١١ / ١٢٣ ـ ١٣٣ ح ١٤٤١٣ ـ ١٤٤٥١.
٥ ـ حسن الجوار :
عن أبي عبـد الله عليه السلام : «حُسن الجوار يزيد في الرزق» (١).
٦ ـ دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب :
عن أبي عبـد الله عليه السلام : «دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب يدرّ الرزق ويدفع المكروه».
وعنه عليه السلام : «إنّ دعاء الأخ المؤمن لأخيه بظهر الغيب مستجاب ، ويدرّ الرزق ويدفع المكروه».
وعنه عليه السلام : «الدعاء لأخيك المؤمن بظهر الغيب يسوق إلى الداعي الرزق ويصرف عنه البلاء» (٢).
٧ ـ قول : لا حول ولا قوّة إلاّ بالله :
فعن أبيّ عبـد الله عليه السلام : «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : مَن ألحّ عليه الفقر فليكثر من قول : لا حول ولا قوّة إلاّ بالله. ينفى عنه الفقر» (٣).
٨ ـ قول : لا إله إلاّ الله الملك الحقّ المبين :
فعن أبي عبـد الله ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام : «مَن قال في كلّ يوم ثلاثين مرّة : لا إله إلاّ الله الملك الحقّ المبين ، استقبل الغنى
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٢ / ١٢٣ ح ١٥٨٣١.
(٢) وسائل الشيعة ٧ / ١٠٦ ؛ وهذه الأخبار في الباب ٤١ من أبواب «الدعاء».
(٣) وسائل الشيعة ٧ / ٢١٨ ح ٩١٥٩.
واستدبر الفقر ، وقرع باب الجنّة».
وعنه عليه السلام أنّه قال : «مَن قال مائة مرّة : لا إله إلاّ الله الملك الحقّ المبين أعاذه الله العزيز الجبّار من الفقر ، وآنس وحشة قبره ، واستجلب الغنى ، واستقرع باب الجنّة» (١).
٩ ـ أخذ الشارب وتقليم الأظفار يوم الجمعة :
عن عبـد الله بن أبي يعفور أنّه قال للصادق عليه السلام : «يقال : ما استنزل الرزق بشيء مثل التعقيب في ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس؟
فقال : أجل .. ولكن أُخبرك بخير من ذلك : أخذ الشارب وتقليم الأظفار يوم الجمعة».
وفي آخر أنّه قال عليه السلام لرجل : «ألا أُعلّمك في الرزق ما هو أنفع من ذلك؟
قال : قلت : بلى.
قال : خـذ من شاربك وأظفارك كلّ يوم جمعة» (٢).
١٠ ـ البِرّ والصدقة :
عن أبي جعفر عليه السلام : «البِرّ والصدقة ينفيان الفقر ، ويزيدان في العمر ، ويدفعان سبعين ميتة سـوء» (٣).
__________________
(١) وسائل الشيعة ٧ / ٢٢٢ ح ٩١٧٠ وص ٢٢٣ ح ٩١٧٤.
(٢) وسائل الشيعة ٧ / ٣٥٩ ح ٩٥٧٥.
(٣) وسائل الشيعة ٩ / ٥١ ح ١١٤٩٩.
ممّا يورث الفقر أو يقلّل الرزق :
وفي بعض الأخبار تعرّض لِما يورث الفقر أو يقلّل الرزق ، فمثلا :
* عن الصادق ، عن أبيه : عن أمير المؤمنين عليهم السلام ، قال : «نظّفوا بيوتكم من حوك العنكبوت ؛ فإنّ تركه في البيت يورث الفقر» (١).
* عن الصادق عليه السلام : «نوم الغداة شؤم ، يحرم الرزق ويصفر اللون».
وعنه : «نومة الغداة مشؤومة ، تطرد الرزق وتصفّر اللون وتقبّحه وتغيّره ، وهو نوم كلّ مشوم ، إنّ الله تعالى يقسّم الأرزاق ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس فإيّاكم وتلك النومة».
وعن الرضا عليه السلام : «فمَن نام في ما بينهما نام عن رزقه» (٢).
* وفي خبر وصيّة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لعليّ عليه السلام : «كره النوم بين العشائين ؛ لأنّه يحرم الرزق» (٣).
أقول :
الظاهر أنّ الأُمور المذكورة ليست بعلل تامّة بل هي مقتضيات ، فلا بُدّ لترتّب الأثر من وجود أمر أو أُمور معها ، ومن ارتفاع ما هو مانع عن ترتّبه عليها.
ثمّ إنّه لا ريب في وجود الارتباط بين تلك الأُمور والأثر المطلوب
__________________
(١) وسائل الشيعة ٥ / ٣٢٢ ح ٦٦٧٤.
(٢) وسائل الشيعة ٦ / ٤٩٧ ح ٨٥٣٣.
(٣) وسائل الشيعة ٤ / ٢١٤ ح ٤٩٥٠.
ترتّبه عليها ، وكثيراً ما نُسأل عن ذلك الارتباط ، وكثيراً ما يحاول البعض الكشف عنه والوصول إليه ، فيقع في التكلّف الذي لا داعي له ، وقد يخطأ الخطأ الفظيع ..
لكن التحقيق أن يقال : بأنّ الرابطة والحكمة قد تذكر في الأخبار والروايات وقد لا تُذكر ، وإن لم تُذكر ؛ فتارة : يتوصّل إليها العقل الإنساني ، أو تكتشفها العلوم ، وأُخرى : لا يُتوصّل وتبقى مجهولةً.
فإنْ جاءت في الأخبار عن الصادقِين تعبّدنا بها ، وإنْ تعقّلناها أو توصّلنا إليها عن طريق العلوم فبها ، وإلاّ فلا وجه للتكلّف ، كما أشرنا ، كما لا يجوز الردّ والتكذيب كما نسمع من بعض الناس أحياناً ..
والله وليّ الهداية والتوفيق.
(٩)
كان أبو سعيد الخُدريّ مستقيماً
ذكر في الباب ٤٠ من أبواب الاحتضار (١).
* فعن أبي عبـد الله عليه السلام : «قال عليّ بن الحسين عليه السلام : إنّ أبا سعيد الخدري كان من أصحاب رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وكان مستقيماً ، فنزع ثلاثة أيّام فغسّله أهله ثمّ حمل إلى مصلاّه فمات فيه».
ورواه بإسناد آخر كذلك.
* وعنه أنّه قال : «إنّ أبا سعيد الخدري قد رزقه الله هذا الرأي ، وإنّه اشتدّ نزعه ، فقال : احملوني إلى مصلاّي ، فحملوه ، فلم يلبث أن هلك».
قال الشيخ الحرّ : «ورواه الكشّي في كتاب الرجال عن حمدويه عن أيّوب بن نوح ، عن عبـد الله بن المغيرة.
وروى الذي قبله ..
والذي قبلهما ..».
وجاء في ما كتبه الإمام الرضا عليه السلام في محض الإسلام :
«والولاية لأمير المؤمنين والّذين مضـوا على منهاج نبيّهم ولم يغيّروا ولم يبدّلوا ، مثل : سلمان الفارسي وأبي ذرّ الغفاري والمقداد بن الأسود وعمّار بن ياسر وحذيفة اليماني وأبي الهيثم بن التيهان وسهل بن حنيف
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢ / ٤٦٣ ـ ٤٦٤ ح ٢٦٥٤ ـ ٢٦٥٦.
وعبادة بن الصامت وأبيّ أيّوب الأنصاري وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين وأبي سعيد الخدري وأمثالهم ، رضي الله عنهم ورحمة الله عليهم» (١).
أقـول :
فقد وصف أبو سعيد الخدري ـ في ما روي عن الأئمّة ـ بالأوصاف التالية :
إنّه ممّن مضى على منهاج رسول الله صلّى الله عليه وآله ولم يغيّر ولم يبدّل ..
قد رزقه الله هذا الرأي ..
وكان مستقيماً.
ووصف في كلمات أصحاب الأئمّة وكبار أصحابنا بكونه : من «أصفياء أمير المؤمنين» عليه الصلاة والسلام.
وقد ترجم علماء العامّة لأبي سعيد الخدري ووصفوه بالأوصاف الحميدة العالية ..
قال ابن عبـد البرّ : «سعد بن مالك بن سنان ... أبو سعيد الخدريّ ، هو مشهور بكنيته ، وكان ممّن حفظ عن رسول الله صلّى الله عليه وآله سُـنناً كثيرة ، وروى عنه علماً جمّاً ، وكان من نجباء الأنصار وعلمائهم وفضلائهم».
وترجم له مرّةً أُخرى ـ في الكنى ـ فقال : «كان أبو سعيد من الحفّاظ المكثرين العلماء الفضلاء العقلاء ، وأخباره تشهد له بتصحيح هذه الجملة.
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ / ١٢٦ باب ٣٥ ح ١.
مات سنة ٧٤» (١).
ووصفه ابن الأثير بـ : «من مشهوري الصحابة وفضلائهم ، وهو من المكثرين من الرواية عنه» (٢).
وترجم له الحافظ ابن حجر ، فروى عن بعض الصحابة قال : «بايعت النبيّ صلّى الله عليه وآله أنا وأبو ذرّ وعُبادة بن الصامت ومحمّـد ابن مسلمة وأبو سعيد الخدريّ وسادس ، على ألاّ تأخذنا في الله لومة لائم ، فاستقال السادس فأقاله».
وروى عن أبي سعيد حديثاً رفعه : «لا يمنعنّ أحدكم مخافة الناس أن يتكلّم بالحقّ إذا رآه أو علمه. قال أبو سعيد : فحملني ذلك على أن ركبت إلى معاوية فملأت أُذنيه ثمّ رجعت».
وروى أنّه قيل له : «هنيئاً لك برؤية رسول الله وصحبته.
قال : إنّك لا تدري ما أحدثنا بعده».
ثمّ نقل الأقوال في سنة وفاته ؛ فقيل : ٧٤ ، وقيل : ٦٤ ، وقيل : ٦٣ ، وقيل : ٦٥ (٣).
وهذه الأخبار شواهد لما جاء عن أئمّتنا عليهم السلام من أنّه لم يغيّر ولم يبدّل .. فإنّ ذهابه إلى معاوية لأن يعظه التزام منه بما بايع عليه رسول الله صلّى الله عليه وآله من أن لا تأخذه في الله لومة لائم .. وقوله لمَن هنّأه برؤية رسول الله صلّى الله عليه وآله وصحبته : «إنّك لا تدري ما أحدثنا بعده» تعريض بالّذين خالفوه وغيّروا وبدّلوا.
__________________
(١) الاستيعاب ٢ / ٦٠٢ و ٤ / ١٦٧١.
(٢) أُسد الغابة ٢ / ٤٥١ ـ ٤٥٢.
(٣) الإصابة في معرفة الصحابة ٣ / ٦٥.
وإنّ هذه الكلمة مروية عن غير أبي سعيد أيضاً.
بل لقد اعترفت بذلك عائشة ، وعلى أثر ذلك استحيت أن تدفن عند رسول الله صلّى الله عليه وآله ..
قال ابن قتيبة : «وبقيت إلى خلافة معاوية ، وتوفّيت سنة ثمان وخمسين وقد قاربت السبعين. وقيل لها : ندفنك مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم؟
فقالت : إنّي قد أحدثت بعده ، فادفنوني مع أخواتي.
فدفنت بالبقيع.
وأوصت إلى عبـد الله بن الزبير» (١).
وعلى الجملة ، فإنّ الإمامية ـ تبعاً لأئمّتهم عليهم السلام ـ يحترمون ويحبّون كلّ مَن لم يغيّر ولم يبدّل من الصحابة ومات على منهاج رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فهم لا يطعنون في الصحابة بصورة عامّة ، وإنّما يطعنون ، بل يلعنون كلّ مَن غيّر وبدّل وخالف منهاج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وأحدث من بعده.
وهذا هو حكم الله تعالى فيهم ، وهو صريح الحديث الصحيح المتّفق عليه بين المسلمين عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ؛ إذ قال ـ واللّفظ لمسلم بن الحجاج في صحيحه ـ كتابي البخاري ومسلم :
«ألا وإنّه يجاء برجال من أُمّتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول : يا ربّ! أصحابي ، فيقال : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك» (٢).
__________________
(١) المعارف : ١٣٤ أزواج النبيّ صلّى الله عليه وآله.
(٢) البخاري ٣ / ٢٢٦ ، مسلم ٤ / ٦١٧ ح ٢٨٦٠.
وفي آخر : «ليردنّ علَيّ الحوض رجال ممّن صاحبني ، حتّى إذا رأيتهم رُفعوا إلَيّ اختلجوا دوني ، فيقالنّ لي : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك» (١).
وفي ثالث : «يرد علَيّ الحوض رجال من أُمّتي فيحلّئون عنه ، فأقول : يا ربّ! أصحابي ، فيقول : إنّك لا علم لك بما أحدثوا بعدك ، إنّهم ارتدّوا على أدبارهم القهقرى» (٢).
هذا ، وقد ورد عدد كبير من أخبار مناقب أمير المؤمنين في كتب الفريقين عن أبي سعيد الخدريّ يرويها عن رسول الله صلّى الله عليه وآله ، يمكن الاستشهاد بها لموالاته له عليه السلام ، وإن روي مثل ذلك عن بعض الّذين ارتدّوا على أعقابهم القهقرى أيضاً.
بقي أمران :
الأوّل :
إنّ ما جاء في بعض التواريخ من ذكر أبي سعيد الخدري فيمن لم يبايع أمير المؤمنين عليه السلام بعد عثمان ، ليس له سند معتبر ، بل ورد في رواية الطبري أنّه «بايع الناس عليّاً بالمدينة وتربّص سبعة نفر فلم يبايعوه» فذكرهم وليس أبو سعيد فيهم ثمّ قال : «ولم يتخلّف أحد من الأنصار إلاّ بايع فيما نعلم» (٣).
__________________
(١) مسلم ٤ / ١٢٥ ح ٢٣٠.
(٢) البخاري ٤ / ٢٠٦.
(٣) تاريخ الطبري ٤ / ٤٣١ حوادث السنة ٣٥.
والثاني :
إنّ عدم حضور أبي سعيد الخدري واقعة الطفّ لنصرة سـيّد الشهداء عليه السلام ، فالظاهر أنّه كان ممّن سجنه ابن زياد من الرجالات الموالين لأهل البيت عليهم السلام في الكوفة ، أو منعتهم إجراءاته الشديدة عن الحضور ؛ كما شرحنا ذلك في كتابنا عن واقعة كربلاء واستشهاد الإمام عليه السلام تحت عنوان : «مَن هم قتلة الإمام الحسين عليه السلام؟».
(١٠)
جواب النبيّ والإمام
عن السؤال قبل أن يُسأل عنه
وممّا يجلب الانتباه : ما جاء في رواياتنا من إخبار النبيّ والأئمّة عليهم السلام عمّا في ضمير السائل وإعطائه الجواب عن السؤال قبل أن يسأل ، بل في بعضها أنّ السائل طرح عدّة أسئلة ونسي أحدها ، فأجاب الإمام عنها وعن السؤال الذي نسـيه ..
* عن أبي عبـد الله عليه السلام : «أتى النبيّ صلّى الله عليه وآله رجلان ، رجل من الأنصار ورجل من ثقيف ، فقال الثقفي : يا رسول الله! حاجتي ، فقال : سبقك أخوك الأنصاري ، فقال : يا رسول الله! إنّي على سفر وإنّي عجلان ، وقال الأنصاري : إنّي قد أذنت له.
فقال : إن شئت سألتني وإن شئت أنبأتُك!
قال : أنبئني يا رسول الله.
فقال : جئت تسألني عن الصلاة وعن الوضوء وعن السجـود.
فقال الرجل : إي والذي بعثك بالحقّ ...» (١).
__________________
(١) وسائل الشيعة ٥ / ٤٦٤ ح ٧٠٨٣.
وينبغي التنبيه على ما جاء في هذا الخبر من قول رسول الله للثقفي : «قد سبقك أخوك الأنصاري» ؛ إذ يدلّ على لزوم رعاية حقّ السابق ، وأنّ الأنصاري قال ـ بعد أن عرف كون الثقفي عجلاناً ـ : «إنّي قد أذنت له» ؛ وهذا يدلّ على حسن تنازل السابق لمَن بعده عن حقّه في الحالات الاستثنائية.
* عن محمّـد بن قيس ، قال : «سمعت أبا جعفر عليه السلام يحدّث الناس بمكّة فقال : إنّ رجلا من الأنصار جاء إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله يسأله ، فقال له رسول الله : إن شئت فاسأل وإن شئت أُخبرك عمّا جئت تسألني عنه!
فقال : أخبرني يا رسول الله.
فقال : جئت تسألني ما لك في حجّتك وعمرتك ، وأنّ لك إذا توجّهت إلى سبيل الحجّ ...» (١).
* عن موسى بن جعفر عليه السلام ـ في حديث معجزات النبيّ صلّى الله عليه وآله ـ قال : «إنّ وابصة بن معبد الأسدي أتاه فقال : لا أدع من البر والإثم شيئاً إلاّ سألته عنه ، فلمّا أتاه قال له النبيّ : تسأل عمّا جئت له أو أُخبرك؟
قال : أخبرني.
قال : جئت تسألني عن البرّ والإثم.
قال : نعم.
فضرب بيده على صدره ثمّ قال : يا وابصة! البرّ : ما اطمأنّت إليه النفس ، والبرّ : ما اطمأنّ به الصدر ، والإثم : ما تردّد في الصدر وجال في القلب ، وإن أفتاك الناس وأفتوك» (٢).
* عن فيض بن مطر : «دخلت على أبي جعفر عليه السلام وأنا أُريد أن أسأله عن صلاة الليل في المحمل ، قال : فابتدأني فقال : كان رسول الله
__________________
(١) وسائل الشيعة ١١ / ٢١٨ ح ١٤٦٥٠.
(٢) وسائل الشيعة ٢٧ / ١٦٦ ح ٣٣٥٠٢.
صلّى الله عليه وآله يصلّي على راحلته حيث توجّهَتْ» (١).
* عن عائذ الأحمسـي : «دخلت على أبي عبـد الله عليه السلام وأنا أُريد أن أسأله عن صلاة الليل ... قال من غير أن أسأله : إذا لقيت الله بالصلوات الخمس المفروضات لم يسألك عمّا سوى ذلك» (٢).
* عن الوشاء ، قال : «سألني العبّـاس بن جعفر بن الأشعث أن أسأل الرضا عليه السلام أن يحرّق كتبه إذا قرأها مخافة أن تقع في يد غيره. قال الوشاء : فابتدأني عليه السلام بكتاب من قبل أن أسأله أن يحرّق كتبه وقال : أعلِم صاحبك أنّي إذا قرأت كتبه أحرقتها» (٣).
* قال الشهيد الأوّل : «روى محمّـد بن همام بإسناده إلى إدريس بن يزداد الكفرثوثي أنّه كان يقول بالوقف ، فدخل سرّ مَن رأى في عهد أبي الحسن عليه السلام ، فأراد أن يسأله عن الثوب الذي يعرق فيه الجنب أيصلّي فيه؟ فبينما هو قائم في طاق باب لانتظاره ، إذ حرّكه أبو الحسن عليه السلام بمقرعة وقال مبتدئاً : إن كان من حلال فصلِّ فيه وإن كان من حرام فلا تصلِّ فيه» (٤).
* عن أبي (٥) إسحاق بن عبـد الله العلوي العريضي ، قال : وحك في صدري ما الأيام التي تصام؟ فقصدت مولانا أبا الحسن علي بن محمّـد عليه السلام ـ وهو بـ «صريّا» (٦) ـ ولم أُبدِ ذلك لأحد من خلق الله ، فدخلت
__________________
(١) وسائل الشيعة ٤ / ٣٣٣ ح ٥٣١٦.
(٢) وسائل الشيعة ٤ / ١٢ ح ٤٣٨٦ وفي ص ٦٩ ح ٤٥٣٤ أيضاً.
(٣) وسائل الشيعة ١٢ / ١٤١ ـ ١٤٢ ح ١٥٨٨٥.
(٤) وسائل الشيعة ٣ / ٤٤٧ ـ ٤٤٨ ح ٤١٣٤.
(٥) كذا.
(٦) اسم قرية لهم.
عليه فلمّا بصر بي قال : يا أبا إسحاق! جئت تسألني عن الأيام التي يصام فيهنّ؟ وهي أربعة ...» (١).
* عن جعفر بن محمّـد بن يونس ، قال : «كتب رجلٌ إلى الرضا عليه السلام يسأله عن مسائل وأراد أن يسأله عن الثوب الملحم يلبسه المحرِم ونسي ذلك. فجاء جواب المسائل وفيه : لا بأس بالإحرام في الثوب الملحـم» (٢).
أقـول :
وهذا جانب من الأدلّة في مسألة «علم النبيّ والإمام» عليه السلام.
وهذه المسألة من أهمّ المسائل في مباحث معرفة النبيّ والأئمّة وأحوالهم ومنازلهم عند الله تعالى ، ففي الوقت الذي هم عبادٌ لله تعالى مخلوقون له ، لكنّ الله عزّ وجلّ ـ بفضل إطاعتهم وعبادتهم له ـ بلغ بهم أفضل شرف محلّ المكرمين.
ولتفصيل الكلام عن علم النبيّ والإمام مجال آخر ..
__________________
(٩١) وسائل الشيعة ١٠ / ٤٤١ ح ١٣٧٩٦.
(٩٢) وسائل الشيعة ١٢ / ٤٨١ ح ١٦٨٣٩.
(١١)
ليجتمع في قلبك :
الافتقار إلى الناس والاستغناء عنهم
عن أبي عبـد الله عليه السلام ، قال : «كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول : ليجتمع في قلبك : الافتقار إلى الناس والاستغناء عنهم ؛ يكون افتقارك إليهم في لين كلامك وحُسن سيرتك ، ويكون استغناؤك عنهم في نزاهة عرضك وبقاء عزّك» (١).
أقـول :
ما معنى هذا الكلام؟!
وكيف يجتمع في القلب الواحد : الافتقار إلى الناس والاستغناء عنهم؟!
إنّ هذا من أفضل آداب أهل البيت عليهم الصلاة والسلام ، وكأنّ أمير المؤمنين والأئمّة كانوا يوصون شيعتهم بذلك ويؤكّدون عليه ؛ لأن كلمة «كان أمير المؤمنين يقول» ظاهرة في الاستمرار والتكرار ..
وهو جدير بالتأكيد والتذكير دائماً ؛ لأنّ الإنسان مدني بالطبع ، فمن العسير ـ إن لم يكن المتعذّر ـ أن يعيش وحده ، وإنّ أحداً من الناس لا يستغني عن سائر الأفراد في حياته المادّية والمعنوية ، وقد أُمرنا ، في
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٢ / ٨ ح ١٥٥٠٣.
روايات كثيرة ، بالتودّد إلى الناس وعدم الانقباض منهم ، وكلمة «الناس» تعمّ المؤمنين وغيرهم .. فالافتقار إلى الناس بجميع طوائفهم موجود لا محالة .. وهذا واضح.
لكنّ الإمام عليه السلام يحدّد لأتباعه بأن يكون افتقارهم في : «لين الكلام» و «حُسن السيرة» ، والأوّل يتعلّق بالأقوال والثاني بالأفعال ، فمَن طاب كلامه وحسُنت سيرته مع الناس كثُرت أصدقاؤه ..
وقد قال لقمان لابنه : «يا بني! اتّخذ ألف صديق وألفٌ قليل ، ولا تتّخذ عدوّاً واحداً والواحد كثير» (١).
وفي الخبر عن الصادق عليه السلام : «استكثروا من الإخوان» (٢).
ومن الواضح أنّ الأصدقاء ينفعون ، وعن أمير المؤمنين عليه السلام :
|
«عليك بإخوان الصفاء فإنّهم |
|
عماد إذا استنجدتهم وظهور |
|
وليس كثيراً ألف خلّ وصاحب |
|
وإنّ عدوّاً واحداً لكثير» (٣) |
وعن الصادق عليه السلام : «أكثروا من الأصدقاء في الدنيا ؛ فإنّهم ينفعون في الدنيا والآخرة ؛ أمّا في الدنيا فحوائج يقومون بها ، وأمّا الآخرة ، فإنّ أهل جهنّم قالوا : (فما لنا من شافعين * ولا صديق حميم) (٤)» (٥).
إذاً ؛ فإنّ الإنسان يفتقر إلى الناس .. إلاّ أنّ ذلك ليس بمعنى طلب الحوائج إليهم ، فإنّ أهل البيت عليهم السلام ينهون عن ذلك ، ويؤكّدون على ضرورة اليأس من الناس كلّهم ، ولهم في ذلك كلمات :
__________________
(١) الأمالي ـ للشيخ الصدوق ـ : ٥٣٢.
(٢) وسائل الشيعة ١٢ / ١٧ ح ١٥٥٢٦.
(٣) وسائل الشيعة ١٢ / ١٦ ح ١٥٥٢٣.
(٤) سورة الشعراء ٢٦ : ١٠٠ و ١٠١.
(٥) وسائل الشيعة ١٢ / ١٧ ح ١٥٥٢٥.
* ففي بعضها جعلوا اليأس من الناس شرط السؤال من الله والإجابة منه ، كقول أبي عبـد الله : «إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربّه شيئاً إلاّ أعطاه ، فلييأس من الناس كلّهم ولا يكون له رجاء إلاّ عند الله ، فإذا علم الله ذلك من قلبه لم يسأل الله شيئاً إلاّ أعطاه».
ومثلها عن علي بن الحسين عليه السلام ، قال في رواية : «ومَن لم يرجَ الناس في شيء وردّ أمره إلى الله عزّ وجلّ في جميع أُموره استجاب الله عزّ وجلّ له في كلّ شيء».
* وفي بعضها جعلوا ذلك عزّاً للمؤمن في دينه ؛ فعن أبي جعفر عليه السلام : «اليأس ممّا في أيدي الناس عزّ للمؤمن في دينه ...» (١).
فليس بإمكانك أن تعيش وحدك ، بل أنت مأمورٌ بالاجتماع بالناس ومخالطتهم والتودّد إليهم ..
وأنت مفتقر إلى الناس محتاجٌ إليهم في شؤونك ..
لكنّك ممنوعٌ من طلب الحوائج إليهم ، بل عليك اليأس ممّا في أيديهم.
إذاً ؛ فما هي الطريقة الصحيحة التي يعلّمها الأئمّة عليهم السلام شيعتهم لأن يكونوا في داخل المجتمع ، وأن يكونوا موفّقين في أُمورهم التي يفتقرون فيها إلى الناس دون أن يسألوا منهم شيئاً؟
الطريقة هي : أن يعاشـروا الناس بـ : «لين الكلام وحُسن السيرة» فإذا عاشـروهم كذلك قُضـيت حوائجهم ، وانتظمت أُمورهم ، وعاشوا بعزّ مكرَّمين ، وذلك قول أمير المؤمنين عليه السلام :
__________________
(١) وسائل الشيعة ٩ / ٤٤٨ ـ ٤٥٠ ح ١٢٤٦٨ و ١٢٤٧٠ و ١٢٤٧٢.
«خالطوا الناس مخالطة إن متّم معها بكوا عليكم وإن عشـتم حنّوا إليكم» (١).
بل في ذلك عزّ المؤمن وزينته في الدنيا والآخرة ؛ فعن أبي عبـد الله عليه السلام :
«ثلاثة هنّ فخر المؤمن وزينته في الدنيا والآخرة : الصلاة في آخر الليل ، ويأسـه ممّا في أيدي الناس ، وولاية الإمام من آل محمّـد» (٢).
للموضـوع صلة ...
__________________
(١) نهج البلاغة ٤ / ٤.
(٢) وسائل الشيعة ٩ / ٤٥٠ ح ١٢٤٧٣.
|
الإيمان والإسلام في كلام أهل البـيت عليهمالسلامومتكلّمي الشيعة |
|
الشيخ رسول جعفريان
بسـم الله الرحمن الرحـيم
كلام أهل البـيتعليهمالسلام في المسألة
الذي يُستفاد من الروايات الواردة عن الأئمّة الأطهار عليهمالسلام وجود نوع من الاختلاف فيما بين مفهوم الإيمان ومفهوم الإسلام ؛ فالإيمان هو : التصديق القلبي الذي ينعقد في قرارة النفس ، وهو أعلى رتبة من الإسلام ، في حين أنّ الإسلام هو : التشهّد بالشهادتين لساناً والعمل بالشرع ظاهراً ..
ففي رواية عن الإمام الصادق عليهالسلام في مقام التفريق بين الإيمان والإسلام يقول فيها الإمام عليهالسلام : «الإسلام هو الظاهر الذي عليه الناس : شهادة أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأنّ محمّـداً عبـده ورسوله ، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحجّ البيت وصيام شهر رمضان ؛ فهذا الإسلام.
والإيمان معرفة هذا الأمر مع هذا ، فإن أقرَّ بها ولم يعرف هذا الأمر كان مسلماً وكان ضالاًّ» (١).
__________________
(١) الكافي ٢ / ٢٤.
وعن سماعة قال : «قلت لأبي عبـد الله عليهالسلام : أخبرني عن الإسلام والإيمان أهما مختلفان؟
فقال : إنّ الإيمان يشارك الإسلام والإسلام لا يشارك الإيمان.
فقلت : فصفهما لي.
فقال : الإسلام شهادة أن لا إله إلاّ الله والتصديق برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، به حقنت الدماء وعليه جرت المناكح والمواريث وعلى ظاهره جماعة الناس.
والإيمان الهدى وما يثبت في القلوب من صفة الإسلام وما ظهر من العمل به.
والإيمان أرفع من الإسلام بدرجة ، إنّ الإيمان يشارك الإسلام في الظاهر والإسلام لا يشارك الإيمان في الباطن وإن اجتمعا في القول والصـفة» (١).
وعن محمّـد بن مسلم ، عن أحدهما عليهماالسلام ، قال : «الإيمان إقرار وعمل ، والإسلام إقرار بلا عمل» (٢).
وفي رواية عن الإمام الباقر عليهالسلام في مقام تفسير الآية الرابعة عشر من سورة الحجرات في ما يتعلّق بقبول إسلام أهل البادية لا إيمانهم ..
عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : «سمعته يقول : (قَالَتِ الاَْعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِي قُلُوبِكُمْ) فمَن زعم أنّهم آمنوا فقد كذب ومن زعم أنّهم لم يسلموا فقد كذب» (٣).
__________________
(١) الكافي ٢ / ٢٥.
(٢) الكافي ٢ / ٢٤.
(٣) الكافي ٢ / ٢٥.
وعن يونس ، عن جميل بن درّاج ، قال : «سألت أبا عبـد الله عليهالسلامعن قول الله عزّ وجلّ : (قَالَتِ الاَْعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِي قُلُوبِكُمْ)؟ فقال لي : ألا ترى أنّ الإيمان غير الإسلام؟!» (١).
وعن فضيل بن يسار ، عن أبي عبـد الله عليهالسلام ، قال : «الإيمان يشارك الإسلام والإسلام لا يشارك الإيمان» (٢).
وعن حمران بن أعين ، عن أبي جعفرعليهالسلام ، قال : «سمعته يقول : الإيمان ما استقرّ في القلب وأفضى به إلى الله عزّ وجلّ ، وصدّقه العمل بالطاعة لله ، والتسليم لأمره.
والإسلام ما ظهر من قول أو فعل وهو الذي عليه جماعة الناس من الفرق كلّها وبه حقنت الدماء وعليه جرت المواريث وجاز النكاح واجتمعوا على الصلاة والزكاة والصوم والحجّ ، فخرجوا بذلك من الكفر وأُضيفوا إلى الإيمان.
والإسلام لا يشرك الإيمان والإيمان يشرك الإسلام وهما في القول والفعل يجتمعان ، كما صارت الكعبة في المسجد والمسجد ليس في الكعبة وكذلك الإيمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الإيمان.
وقد قال الله عزّ وجلّ : (قَالَتِ الاَْعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِي قُلُوبِكُمْ) ؛ فقول الله عزّ وجلّ أصـدق القول.
__________________
(١) الكافي ٢ / ٢٤.
(٢) الكافي ٢ / ٢٥.
قلت : فهل للمؤمن فضل على المسلم في شيء من الفضائل والأحكام والحدود وغير ذلك؟
فقال : لا ، هما يجريان في ذلك مجرى واحد ولكن للمؤمن فضل على المسلم في أعمالهما وما يتقرّبان به إلى الله عزّ وجلّ.
قلت : أليس الله عزّ وجلّ يقول : (مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) (١) وزعمت أنّهم مجتمعون على الصلاة والزكاة والصوم والحجّ مع المؤمن؟!
قال : أليس قد قال الله عزّ وجلّ : (فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً) (٢)؟! فالمؤمنون هم الّذين يضاعف الله عزّ وجلّ لهم حسناتهم لكلّ حسنة سبعون ضعفاً ؛ فهذا فضل المؤمن ، ويزيده الله في حسناته على قدر صحّة إيمانه أضعافاً كثيرةً ، ويفعل الله بالمؤمنين ما يشاء من الخير.
قلت : أرأيت من دخل في الإسلام أليس هو داخلاً في الإيمان؟!
فقال : لا ، ولكنّه قد أُضيف إلى الإيمان وخرج من الكفر وسأضرب لك مثلاً تعقل به فضل الإيمان على الإسلام : أرأيت لو بصرت رجلاً في المسجـد أكنت تشهد أنك رأيته في الكعبة؟
قلت : لا يجوز لي ذلك.
قال : فلو بصرت رجلاً في الكعبة أكنت شاهداً أنّه قد دخل المسجد الحرام؟
قلت : نعم.
قال : وكيف ذلك؟
__________________
(١) سورة الانعام ٦ : ١٦٠.
(٢) سورة البقرة ٢ : ٢٤٥.
قلت : إنّه لا يصل إلى دخول الكعبة حتّى يدخل المسجد.
فقال : قد أصـبت وأحسـنت.
ثمّ قال : كذلك الإيمان والإسلام» (١).
وعن فضيل بن يسار ، قال : «سمعت أبا عبـد الله عليهالسلام يقول : إنّ الإيمان يشارك الإسلام ولا يشاركه الإسلام ، إنّ الإيمان ما وقر في القلوب والإسلام ما عليه المناكح والمواريث وحقن الدماء والإيمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الإيمان» (٢).
وعن أبي الصباح الكناني ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : «قيل لأمير المؤمنين عليهالسلام : من شهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمّـداً رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان مؤمناً؟ قال : فأين فرائض الله؟
قال : وسمعته يقول : كان علي عليهالسلام يقول : لو كان الإيمان كلاماً لم ينزل فيه صوم ولا صلاة ولا حلال ولا حرام.
قال : وقلت لأبي جعفر عليهالسلام : إنّ عندنا قوماً يقولون : إذا شهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّـداً رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فهو مؤمن.
قال : فلمَ يضربون الحدود ، ولمَ تقطع أيديهم؟! وما خلق الله عزّ وجلّ خلقا أكرم على الله عزّ وجلّ من المؤمن ، لأنّ الملائكة خدّام المؤمنين ، وأنّ جوار الله للمؤمنين وأنّ الجنّة للمؤمنين ، وأنّ الحور العين للمؤمنين. ثمّ قال : فما بال من جحد الفرائض كان كافراً؟» (٣).
فالثمرة التي يمكن أن نحصل عليها من التمييز بين الإيمان والإسلام
__________________
(١) الكافي ٢ / ٢٦.
(٢) الكافي ٢ / ٢٥.
(٣) الكافي ٢ / ٣٣.
تظهر في فرض عدم وجود الإيمان القلبي ، فالإسلام الظاهري يكون كافياً في عدّ الشخص مسلماً والتعامل معه على أنّه من المسلمين ، وبناءً على هذا فإنّه يمكن تصوّر وجود المسلم الفاقد للإيمان والعكس غير صحيح ؛ لأنّ كلّ مؤمن لا بدّ أن يكون مسلماً في الواقع لكن ليس شرطاً أن يكون كلّ مسلم مؤمناً.
وهذا هو مضمون الروايات الواردة عن أهل البيت عليهمالسلام في هذا الشأن. والإمام الباقر عليهالسلام يحاول بيان المسألة بصورة أوضح وذلك حينما قال عليهالسلام :
«مثل الإيمان من الإسلام مثل الكعبة الحرام من الحرم ، قد يكون الرجل في الحرم ولا يكون في الكعبة ، ولا يكون في الكعبة حتّى يكون في الحرم ، وقد يكون مسلماً ولا يكون مؤمناً ، ولا يكون مؤمناً حتّى يكون مسلماً» (١).
وبناءً على ذلك يخرج الإنسان المذنب من حدود دائرة الإيمان بمجرّد ارتكابه للذنب لكنّه يبقى ضمن حدود دائرة الإسلام.
وللإمام الصادق عليهالسلام في هذا الخصوص بحثٌ جاء ضمن رسالته الجوابية على سؤال (عبـد الرحيم قصير) ، فقد كتب يقول : «الإيمان هو : الإقرار باللسان وعقد في القلب وعملٌ بالأركان ، والإيمان بعضه من بعض ، وهو دارٌ وكذلك الإسلام دارٌ والكفر دارٌ ؛ فقد يكون العبد مسلماً قبل أن يكون مؤمناً ولا يكون مؤمناً حتّى يكون مسلماً ، فالإسلام قبل الإيمان وهو يُشارك الإيمان ؛ فإذا أتى العبد كبيرة من كبائر المعاصي أو صغيرة من صغائر
__________________
(١) الكافي ٢ / ٢٧ ـ ٢٨ ، معاني الأخبار : ١٨٦.
المعاصي التي نهى الله عزّ وجلّ عنها كان خارجاً من الإيمان ، ساقطاً عنه اسم الإيمان وثابتاً عليه اسم الإسلام ، فإن تاب واستغفر عادَ إلى دار الإيمان ولا يخرجه إلى الكفر إلاّ الجحود والاستحلال ، أن يقول للحلال : هذا حرام ، وللحرام : هذا حلال ، ودانَ ذلك فعندها يكون خارجاً من الإسلام والإيمان داخلاً في الكفر ، وكان بمنزلة من دخل الحرم ثمّ دخل الكعبة وأحدث في الكعبة حدثاً فأُخرج عن الكعبة وعن الحرم فضُربت عُنُقُهُ وصار إلى النار» (١).
هذا المقدار من التفاوت بين الإيمان والإسلام لا يتعارض مع ما يعتقد به المرجئة في خصوص مرتكب الكبيرة ؛ حيث إنّ المرجئة يعتقدون بأنّ مجرّد ارتكاب الكبيرة لا يكون موجباً لإطلاق لفظ الكافر على مرتكبها ، بل هو لا يزال مؤمناً أو على الأقل القول بإسلامه.
بناءً على هذا فإنّه لا يوجد تعارض بين ما يقول به المرجئة في خصوص الجزء الأوّل ـ عدم اعتبار مرتكب الكبيرة كافراً ـ وبين ما ذكرناه من الفصل بين الإيمان والإسلام.
فمثل هذا التفصيل يحمل في طيّاته معنىً دقيقاً ، وذلك لأنّ من خلاله يتمّ تحديد موقعية الفرد المتديّن ضمن دائرة الدين ؛ فكلّ فرد يمكن ان يكون مؤمناً ومسلماً في نفس الوقت ، ويمكن ان يكون الإيمان لم يدخل قلبه بعد ، لكنّه في الظاهر يعمل وفقاً لما يمليه الشرع عليه ...
وعلى كلّ حال يجب التعامل مع هذا الشخص على أنّه من المسلمين أو بتعبير المرجئة : يجب التعامل معه على أنّه من المؤمنين.
__________________
(١) الكافي ٢ / ٢٧ ـ ٢٨.
مفهوم المؤمن عند الأئمّة عليهمالسلام بمعنى المتديّن المعتقد الأصيل وبعبارة أخرى ، أنّ الأئمّة عليهمالسلام بالرغم من قبولهم بإسلام مرتكب الكبيرة إلاّ أنّهم لم يكونوا مستعدّين لإطلاق لفظ المؤمن عليه لأنّ الإيمان هو عبارة عن الاعتقاد القلبي المرتكز في قرارة النفس ، ولعلّ إطلاق كلمة المؤمن على مرتكب الكبيرة سوف يؤدّي إلى هتك حرمة الإيمان بمرور الزمن.
هذا وقد جاء في إحدى الروايات أنّ أبا حنيفة وبعضاً من أنصاره من المرجئة أمثال عمر بن قيس الماصر وعمر بن ذرّ ذهبوا عند الإمام الصادق عليهالسلام واخذوا يسألونه فيما يتعلق بالإيمان ، قال الإمام عليهالسلام نقلاً عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا يزني الزاني وهو مؤمن ولا يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر وهو مؤمن» عندها سأل عمر بن ذرّ : بِمَ نسمّيهم؟ قال عليه السلام : بما سمّاهم الله وبأعمالهم ، قال الله عزّ وجلّ عنهم «السارق والزاني» (١).
بناءً على هذا ، يمكن ان نعتبر أنّ رأي الأئمّة عليهمالسلام يتعارض مع ما يرتئيه المرجئة فيما لو وصل الأمر إلى الحفاظ على حريم الإيمان ، لكن وكما مرّ فإنّ الأئمّة عليهمالسلام كذلك يقولون بإسلام هكذا أشخاص ، هذا وإنّ الأئمّة الأطهار عليهمالسلام بالرغم من قبولهم بعدم تكفير مرتكب الكبيرة ، فإنّ الكفر لا يتحقّق إلاّ بالجحود ، إلاّ أنّهم عليهمالسلام لم يقبلوا النتيجة التي توصّل إليها المرجئة من أنّ الإيمان [أو الإسلام] لا يقبل الزيادة والنقصان وإنّه أمرٌ ثابتٌ. بل إنّ الإيمان في الحقيقة من المفاهيم التي تقبل الزيادة والنقصان ، وقد أشار الأئمّة عليهمالسلام إلى هذا المعنى في العديد من الروايات (٢).
__________________
(١) أمالي المفيد : ٢٢ ، وذُكرت الرواية ناقصةً في الكافي ٢ / ٢٨٥ ، بحار الأنوار ٦٦ / ٦٣.
(٢) الكافي ٢ / ٣٤.
حيث أُخذ بنظر الاعتبار المراتب والدرجات المختلفة للإيمان في مثل هذه الروايات.
بالإضافة إلى ذلك فانّ المرجئة توصلوا إلى نتيجة أخرى من قولهم بعدم تكفير مرتكب الكبيرة ألا وهي قولهم : بأنّ العمل ليس جزءً من الإيمان ، في حين إنّنا نرى في رواياتنا بالرغم من قبولها بعدم تكفير المسلم أو المؤمن الذي يرتكب المعصية ، إلاّ أنها لا تنفي الدور المؤثر للعمل في الإيمان ، بل إنّها حاولت وبصور مختلفة ان تربط بين العمل والإيمان ، حتّى أنّ الإمام الصادق عليهالسلام تصدّى للمواقف الإفراطية للإرجاء حيث قال عليهالسلام : «ملعون ملعون مَن قال : الإيمان قول بلا عمل» (١).
وفي إحدى الروايات التي وردت في الرد على عقيدة المرجئة في هذا الخصوص ، يتطرق الإمام عليهالسلام إلى الإيمان قائلاً : «والإيمان دعوى لا يجوز إلاّ ببيّنة وبيّنتهُ عمله ونيّتهُ فإذا اتفقا فالعبد عند الله مؤمن» (٢).
وبعبارة أخرى ، حتّى لو فرضنا أنّنا نقول بأنّ الإيمان هو صرف التصديق القلبي ، فإنّه لا معنى أساساً بأن نتصوّر الإيمان منفصلاً عن العمل. وذلك لأنّ هذا التصديق يحتاج إلى العديد من اللوازم والعمل يُعدُّ على رأس هذه اللوازم حيث أنّ الإمام عليهالسلام يعبّر عن ذلك قائلاً : «.... ولا يثبت الإيمان إلاّ بعمل» (٣). وجاء في رواية أخرى : «الإيمان ما استقرّ في القلب وأفضى به إلى الله عزّ وجلّ صدّقه العمل بالطاعة لله والتسليم
__________________
(١) بحار الأنوار ٦٦ / ١٩ ، وهذا نموذج من الروايات التي وردت في هذا المجلد من كتاب البحار ، الباب الثلاثون من أبواب كتاب الإيمان والكفر.
(٢) الكافي ٢ / ٤٠.
(٣) الكافي ٢ / ٣٨.
لأمره» (١). وفي تعبير آخر ، أنّ الإيمان هو التصديق القلبي وأنّ العمل يدلُّ عليه ومصدّقٌ له : «الإيمان ما خلق في القلب وصدّقه العمل» (٢).
ترك الأعمال نراه واضحاً في المجتمع وأحياناً يأتي نتيجةً للإباحية [أي أنّ كلّ الأعمال مباحة ولا تُخرج صاحبها من الإيمان حتّى الكبائر] التي خلّفتها بعض نظريّات المرجئة ، في حين نرى على الطرف الآخر تأكيداً على العمل من حيث المجموع في أمّهات الكتب الدينية الأعمّ من القرآن والسنّة ، أدّى إلى ازدياد الأواصر بين الإيمان والعمل إلى الحدّ الذي أصبح فيه الإيمان يشمل العمل كذلك ، وقد وردت العديد من الروايات في هذا الخصوص ومن جملتها : «الإيمان قول وعمل إخوان شريكان» (٣) ، وكذلك الرواية المشهورة : «الإيمان عقدٌ بالقلب ، ولفظ باللسان وعمل بالجوارح» (٤) ، وجميعها يصبُّ في نفس الاتجاه الذي يؤكّد على أهمّية العمل ، بالرغم من القول : بأنّ الإيمان هو خصوص (المعرفة) و (الإقرار القلبي).
ولا بدّ هنا من ملاحظة نكتة في المقام ألا وهي أنّ اصطلاح الإيمان قد استعمل في معنيين خاصٌّ وعامٌّ ، فمرّة استعمل في خصوص التصديق القلبي حيث يُراد به المعنى الخاصّ هنا ، واُستعمل في موارد أخرى بمعناه العامّ حيث يُراد به معنى (الدين) و (الإسلام).
ومن حيث المجموع يمكن القول : بأنّ الإيمان والعمل من الأهمّية
__________________
(١) الكافي ٢ / ٢٦.
(٢) معاني الأخبار : ١٨٧ ، بحار الأنوار ٦٦ / ٧٢.
(٣) معاني الأخبار : ١٨٧.
(٤) الكافي ٢ / ٣٥.
بمقدار في كلام أهل البيت عليهمالسلام بحيث لا يمكن الفصل بينهما ، وأنّ الإيمان من دون العمل يخرج الإنسان من حدود دائرة الإيمان ، إلاّ أنّه لا يخرجه إلى الكفر ، بل يخرجه إلى دائرة الإسلام.
إلى هنا نرى أن الأئمّة عليهمالسلام عندما رفضوا التالي (١) الفاسد لنظريّات المرجئة ـ والتي لا يعتقد بها البعض منهم ـ استطاعوا الردّ على آراء الخوارج والمعتزلة في تكفير أو عدم اعتبار إسلام بعض المسلمين.
__________________
(١) المراد من التالي هو التالي بالإصطلاح المنطقي أي مؤخّر الجملة الشرطية فيكون المراد أنّ المرجئة يقولون : (إذا كان مرتكب الكبيرة ليس كافراً فإنّ العمل منفصل عن الإيمان وانّ ...) لأنّ المرجئة يقولون إنّ ارتكاب الكبيرة هو عملٌ وبما أنّه لم يُخرج صاحبه من الإيمان فهذا يدلّ على أن العمل منفصل عن الإيمان. فاللائمة عليهمالسلاميقبلون بالمقدّم في هذه القضية الشرطية أي يقبلون بكون مرتكب الكبيرة ليس كافراً ولا يقبلون بالتوالي الفاسدة من فصل العمل عن الإيمان وغيره من التوالي ، فقبولهم بعدم التكفير يعتبر ردٌّ على الخوارج والمعتزلة في تكفيرهم للبعض.
آراء بعض متكلّمي الشيعة في المسألة
اشرنا فيما مرّ واستناداً إلى ما بيّنه الأئمّة عليهمالسلام إلى أنّ ارتكاب المعاصي لا يُدخل الإنسان المسلم في زمرة الكفّار ، لكن في نفس الوقت ولأجل تشخيص المراتب المختلفة التي يمكن ان يرتقيها الإنسان المتديّن وموقعيّته ضمن دائرة التديّن ، جُعُلَ نوعاً من التمييز بين الإيمان والإسلام.
لكن وكما قلنا سابقاً أنّ هذا التفاوت بين الإيمان والإسلام ـ من وجهة نظر أهل البيت عليهمالسلام ـ ليس ناظراً إلى ما قالته المرجئة «من أنّ الإيمان أمر ثابت ولا يمكن تصوّر الزيادة والنقصان فيه» و «من عدم تأثير العمل في الإيمان» حيث أنّنا أنكرنا عليهم ذلك في الوقت الذي لم نقبل بقول مَن كان يقف في قبالهم والذي يعتقد بخروج مرتكب الكبيرة عن حدود دائرة الإسلام كالمعتزلة والخوارج.
وقد تبنى فيما بعد بعض المرجئة نظرية الفصل بين حدود دائرة الإيمان وحدود دائرة الإسلام ، حيث تقبّل هذا المعنى ماتُريدي (١) الذي كانت لديه فكرة تفسير كتاب الفقه الأكبر لأبي حنيفة ، ويمكن القول هنا بأنّ بعض المرجئة قد تقبَّلَ هذه النظرية هرباً من الغوص في مستنقع الإباحية (٢) ، حيث اخذوا يعتقدون بانّ الإيمان هو عبارة عن الاعتقاد في
__________________
(١) أبو منصور محمد بن محمد ماتُريدي السمرقندي (م ٣٣٣) المنسوب إلى ماتُريد أحد نواحي سمرقند.
(٢) لأنّ الفصل بين الإيمان والإسلام سوف يقطع الطريق على المكلّف في ان يفعل ما يحلو له ، وذلك لأنّه سوف يفكّر مليّاً قبل ان يفعل المعاصي لأنّه لو فعلها سوف ينزل من مرتبة الإيمان إلى مرتبة الإسلام.
قرارة النفس والإسلام هو إطاعة الأوامر الإلهية (١).
متكلّمي الشيعة بالإضافة إلى فقهائهم يؤيّدون القول القائل بعدم خروج المسلم من حيّز الإسلام عند ارتكابه الكبيرة ، فوجد البعض منهم طريقاً عقلائيّاً لحلّ المسألة وذلك من خلال قولهم بأنّ الإقرار مأخوذ في مفهومي الإسلام والإيمان ، وأنّ متعلّق الإسلام والإيمان هو (المعرفة والإقرار) فلا يمكن للعمل ـ ارتكاب الكبيرة ـ أن ينفي الإقرار إلا أنْ يكون مؤدّياً للجحود ، هذا الرأي لحلّ المسألة تبنّاه أبو اسحق النوبختي في كتابه الياقوت ، وقد قبل به العلاّمة كذلك في شرحه لكتاب النوبختي والذي سمّاه أنوار الملكوت ، هذا ويجب ملاحظة نكتة مهمّة في المقام ألا وهي أنّ الغرض الأساسي للنوبختي والعلاّمة من تبنّيهما لهذا الرأي هو لنفي رأي الخوارج في تكفير مرتكب الكبيرة ، ولنفي رأي المعتزلة في عدم إطلاق لفظ المؤمن ولا المسلم ولا الكافر عليه وإنّما إطلاق لفظ الفاسق عليه (٢).
أبو اسحق النوبختي كتب يقول : «والمؤمن إذا فسق يُسمى مؤمناً لأنّ الإيمان هو التصديق ، وهو مصدّق» (٣) ويظهر من خلال استدلاله هذا ، أنّ ذلك يستلزم عدم مدخلية العمل في تعريف الإيمان ولذلك نرى أنّه بعد استدلاله مباشرةً قال : «الطاعات ليست جزءً من الإيمان» (٤).
العلاّمة في شرحه كذلك يؤيّد ما قاله النوبختي عندما تطرّق إلى قول المعتزلة في كون الفاسق ليس مؤمناً ولا كافراً وإنّما يُطلقون عليه لفظ الفاسق
__________________
(١) (الآراء الكلامية للشيخ المفيد) باللغة الفارسية : ٣١١ (انديشه هاي كلامي شيخ مفيد).
(٢) مقالات الإسلاميّـين ١ / ٣٠٥.
(٣) أنوار الملكوت : ١٧٩.
(٤) أنوار الملكوت : ١٧٩.
لا غير ، وإلى قول الخوارج في كون مرتكب الكبيرة كافراً ، كتب العلاّمة يقول : «إن الفاسق مصدّق بالله تعالى ورسوله وجميع ما يتوقّف عليه الأحكام الشرعية ، والتصديق : هو الإيمان ، فكان مؤمناً. والذي يدلّ على أن الإيمان هو التصديق ، نقل أهل اللغة وقد نقل في الشرع إلى التصديق بالله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم وما علم مجيئه به ، وليس فعل الطاعات جزء من الإيمان» (١).
الشيخ المفيد يقول : «واتفقت الإمامية على أنّ مرتكب الكبائر من أهل (المعرفة والإقرار) لا يخرج بذلك عن الإسلام وأنّه مسلم وإن كان فاسقاً بما فعله من الكبائر والآثام ، ووافقهم على هذا القول المرجئة كافّة وأصحاب الحديث قاطبة ونفر من الزيدية ، وأجمعت المعتزلة وكثير من الخوارج والزيدية على خلاف ذلك ، وزعموا أن مرتكب الكبائر ممن ذكرناه فاسق ليس بمؤمن ولا مسلم» (٢).
فهناك تفاوت بين رأي الشيخ المفيد ورأي أبو اسحق في المسألة وهذا يرجع للتفاوت المستفاد من روايات أهل البيت عليهمالسلام بين المؤمن والمسلم ، فالشيخ يعتقد بأنّ مرتكب الكبيرة يمكن ان نطلق عليه لفظ المسلم بصورة مطلقة من غير تقييده بالفسق ، بينما يتوّقف الشيخ في إطلاق لفظ المؤمن أو الفاسق عليه بصورة مطلقة وإنّما يجب تقييدهما بأن نقول عنهم (مؤمنٌ فاسقٌ) حيث كتب في هذا الخصوص يقول : «وأقول إنّ مرتكبي الكبائر من أهل المعرفة والإقرار مؤمنون بإيمانهم بالله وبرسوله وبما جاء من عنده وفاسقون بما معهم من كبائر الآثام ، ولا أطلق لهم اسم
__________________
(١) أنوار الملكوت : ١٨٠.
(٢) أوائل المقالات : ١٥ تحت موضوع (القول في الأسماء والأحكام).
الفسق ولا اسم الإيمان بل أقيّدهما جميعاً في تسميتهم بكلّ واحد منهما ، وامتنع من الوصف لهم بهما من الإطلاق وأطلق لهم اسم الإسلام بغير تقييد وعلى كلّ حال ، وهذا مذهب الإمامية إلاّ بني نوبخت فإنّهم خالفوا فيه وأطلقوا للفسّاق اسم الإيمان» (١).
هذا التمييز بين المؤمن والمسلم بحدّ ذاته نوعاً من أنواع التهرّب من الوقوع في إطلاق لفظ المؤمن من غير تقييده على الفاسق ، وإنّما يجب تقييده بالمؤمن الفاسق (٢) ، وبذلك يكون رأي الشيخ مخالفاً لرأي المرجئة من جهة ومخالفاً لرأي المعتزلة والخوارج من جهة أخرى ، لكن من الواضح أنّ رأيه أقرب إلى رأي المرجئة منه إلى رأي المعتزلة والخوارج.
بناءً على هذا الرأي نرى الشيخ المفيد يتّهم محاربي الإمام علي بالكفر ، ولكن كفرهم ـ من طريق التأويل ـ كفر ملّة ، المُخرج لهم من الإيمان ، لا كفر الردّة المُخرج عن الإسلام والشرع ؛ لإقامتهم على الجملة منه وإظهار الشهادتين ، وإن كانوا بكفرهم خارجين عن الإيمان (٣).
وفي الوقت نفسه يجب ملاحظة نوع آخر من التمييز بين المسلم والمؤمن في كلام أهل البيت عليهمالسلام حيث أطلق لفظ المؤمن على خصوص الشيعة ، وأُطلق لفظ المسلم على الشيعة وعلى غيرهم ، مثل هذه التقسيمات نراها واضحةً في كلام الشيخ المفيد فيما يتعلّق بتعريف دار الإيمان ودار الإسلام ، حيث كتب في دار الإيمان ودار الإسلام قائلاً : «كلّ موضع غلب
__________________
(١) أوائل المقالات : ٦٠ البحث الثاني في (القول في الأسماء والأحكام).
(٢) (الآراء الكلامية للشيخ المفيد) باللغة الفارسية : ٣١٤ ـ ٣١٥ (انديشه هاي كلامي شيخ مفيد).
(٣) الجمل : ٢٩ ـ ٣٠.
فيه الإيمان فهو دارُ إيمان وكلّ موضع غلب فيه الإسلام دون الإيمان فهو دارُ إسلام ..... إن كلّ صقع من بلاد الإسلام ظهرت فيه شرايع الإسلام دون القول بإمامة آل محمّـد صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّه دارُ إسلام لا دارُ إيمان» (١).
أبو حنيفة في الفقه الأكبر يؤكّد على وجود تفاوت ما بين الإيمان والإسلام ، لكن ما يرتئيه كان على العكس ممّا جاءت به روايات أهل البيت عليهمالسلام حيث أنّه اعتبر الإيمان والإسلام عبارة عن اللازم والملزوم ، فلا يمكن تصوّر الإيمان من دون الإسلام ولا يمكن تصوّر الإسلام من دون الإيمان. ففي الحقيقة أنّه جعل الفرق الوحيد بينهما فرقاً لغويّاً ، في حين أنّ النتائج التي حصلنا عليها في هذا البحث لا تتطابق مع ما يقوله أبو حنيفة ، علماً بأنّ هذا ليس له أي علاقة بالمطلب الذي نقلناه عن ماتُريدي في بداية هذا الموضوع.
وأمّا في مسألة عدم خلود مرتكبي الكبائر في النار ، فإنّ الشيعة يوافقون المرجئة في هذه المسألة.
أبو اسحق النوبختي يقول : «والفاسق من المؤمن لا يخلد في النار» ، وشرح العلامة ذلك بقوله : «ذهب كثير من أصحابنا الإمامية إلى أنّ المؤمن الفاسق لا يخلد في النار قطعاً ، ولا يجوز ان لا يدخلها أصلا ، وقالت الوعيدية بالخلود» (٢).
ومن المحتمل أنّ تأثّر بعض الإمامية بأفكار المعتزلة جعلهم يعتقدون بخلود مرتكب الكبيرة في النار.
__________________
(١) أوائل المقالات : ٧٠ ـ ٧١. تحت موضوع (القول في حكم الدار).
(٢) أنوار الملكوت : ١٧٤.
هذا ويجب ملاحظة نكتة في المقام ألا وهي : إنّ المنافق يجب ان نجعله في مصاف الكافر عند الحكم عليه لأنّنا نعتقد أنّ الكفر يساوق الجحود القلبي ، والمنافق مصداق لذلك ، إلاّ أنّه في الظاهر في حكم المسلم.
الشيخ المفيد كتب يقول : «اتفقت الإمامية على أنّ الوعيد بالخلود في النار متوجّه إلى الكفّار خاصّة دون مرتكبي الذنوب من أهل المعرفة باللهوالإقرار بفرائضهِ من أهل الصلاة ، ووافقهم على هذا القول كافّة المرجئة سوى محمّـد بن شبيب ، وأصحاب الحديث قاطبة ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك وزعموا أنّ الوعيد بالخلود في النار عامٌّ في الكفار وجميع فسّاق أهل الصلاة» (١). وفي أثناء حديثه كان يؤكّد على العذاب المؤقّت لفسّاق المؤمنين.
رأي السـيّد المرتضى :
بناءً على ما جاء به السيّد المرتضى في الذخيرة ، يمكن القول : بأنّه قد سلك نفس المسلك الذي سلكه أبو اسحق النوبختي في الفصل بين الإيمان والعمل ؛ حيث كتب في باب تعريف الإيمان قائلاً :
«إعلم أنّ الإيمان هو التصديق بالقلب ، ولا اعتبار بما يجري على اللسان ممّن كان عارفاً بالله وبكلّ ما أوجب معرفته مُقرّاً بذلك مصدّقاً فهو مؤمن.
والكفر نقيض ذلك وهو الجحـود في القلب دون اللسان لما أوجب الله تعالى المعرفة به ....
__________________
(١) أوائل المقالات : ١٤ ، تحت موضوع (القول في الوعيد).
وإلى هذا ذهبت المرجئة وإن كان فيهم من ذهب إلى أنّ الإيمان هو : التصديق باللسان خاصّة وكذلك الكفر والجحود باللسان ...
ومنهم من ذهب إلى أنّ الإيمان هو التصديق بالقلب واللسان معاً وقال في الكفر : إنّه الجحود بهما» (١).
ولا يمكن ان نغض النظر هنا عن التأثير الذي يمكن ان تتركه التقيّة ـ التي يعتقد بها الشيعة ـ على مثل هذه التصريحات ، وعدم اعتقاد أهل الحديث والمعتزلة والزيدية والخوارج بالتقيّة جعلهم يقفون في قبال هذه العقيدة.
السيد المرتضى يعرّج فيما بعد في كتابه على آراء المعتزلة والخوارج والزيدية كذلك ، ثمّ يذكر بعد ذلك الأدلّة التي تدعم عقيدته في مسألة الإيمان ، العقيدة التي يوافقه المرجئة فيها.
ثمّ أخذ بتشريح المعنى اللغوي للإيمان والكفر ، ومن ثمّ اعتبر أنّ الاصطلاح الشرعي للإيمان والكفر هو عبارة عن التصديق القلبي لا غير.
وبعد بضع صفحات من البحث في هذا المجال ذكر الاستدلالات التي يستدلّ بها المرجئة على صحّة القول بالفصل فيما بين الإيمان والعمل ، وأحد هذه الاستدلالات يقول فيه ما مفاده : لو سلّمنا أنّ كلّ طاعة يقوم بها الإنسان عبارة عن الإيمان أو بعض الإيمان ـ كما يقول المعتزلة ـ فيجب أن نسلّم أن كل معصية هي عبارة عن الكفر أو بعض الكفر ... وهذا ممّا لا يمكن القبول به مطلقاً.
والاستدلال الآخر : لو قلنا أنّ الإيمان هو عبارة عن جميع الطاعات
__________________
(١) الذخيرة : ٥٣٦ ـ ٥٣٧.
مع بعضها البعض فهذا يعني أن وجود الإنسان المتكامل الإيمان فرضٌ محال ...
كذلك أنّ المرجئة حاولوا الاستناد إلى بعض الآيات في أقوالهم ومنها : (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْم) (١) وآيات اُخر نظير : (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا على الاُْخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي) (٢).
السيّد المرتضى بعد أنْ نقلَ هذه الاستدلالات ، أظهر قبوله لها ومن ثمّ ذكر أدلّة المعتزلة وأخذ بالردّ عليها (٣).
كما أنّه قد أنكر على الخوارج والزيدية قولهم بتكفير مرتكب الكبيرة. لكنّه لم يُشر في بحثه لا من قريب ولا من بعيد إلى رأي المرجئة في أنّ «الإيمان والكفر لا يقبلان الزيادة والنقصان وانهما أمران ثابتان» وهذا ممّا يدلّل على أنّ السيّد عندما قال بالفصل بين العمل والإيمان لا يقول إنّ لازم ذلك هو القول بوجود مستوى واحد للإيمان عند جميع الناس والملائكة ، وذلك لأنّ التصديق يوجد على مراتب مختلفة خارجاً.
وممّا لا يخفى أنّ مرتكب الكبيرة المستحلّ لها كافر في نظر السيد (٤). هذا وأنّه لا يقبل بقول المعتزلة فيما يتعلق بخلود الفاسق في النار (٥).
__________________
(١) سورة الأنعام ٦ : ٨٢.
(٢) سورة الحجرات ٤٩ : ٩.
(٣) الذخيرة : ٥٤٣.
(٤) رسائل المرتضى ١ / ١٥٥.
(٥) رسائل المرتضى ١ / ١٤٧ و ٣ / ١٧.
ومن المعلوم أن العديد من الروايات الواردة عن الأئمّة الأطهار تؤكّد على أنّ الإيمان أمر غير ثابت قابلٌ للزيادة والنقصان.
ومن حيث المجموع يمكن القول إنّ آراء الشيخ المفيد في المقام أكثر إنسجاماً مع ما جاءت به الروايات ، وأمّا ما جاء في كتابات السيّد المرتضى في خصُوص مسألة الفصل بين الإيمان والعمل ، وعدم توضيحه للمسألة كان بحدّ ذاته قد خلق العديد من المشكلات ، ومن أجل رفع هذه المشكلات يجب أن نفرّق بين المستوى العقائدي بين المتديّنين من جهة ، وأنْ نؤكّد على قيمة العمل في تصديقه وإثباته للإيمان من جهة أخرى.
رأي الخواجة نصير الدين الطوسي والعلامة الحلّي :
كما قد مرّ سابقاً فإنّ نظرية الإيمان عند الشيعة مبتنيه على أساس الفصل بين العمل والإيمان بالمعنى الذي أوضحناه في الرد على المعتزلة والخوارج ، وقد شاطرهم الأشاعرة في هذا الرأي تدريجيّاً بعد أن اختلفوا مع أسلافهم من أهل الحديث الذين كانوا يصرّون على خلاف ذلك.
الخواجة نصير الدين كان يعتبر الإيمان عبارة عن التصديق القلبي والإقرار اللساني ، وكان يقول بالملازمة بينهما فلا ينفع احدهما دون الآخر ، وكان يعتقد أنّ خير مثال على التصديق اللساني الفاقد للإيمان هو كلام أهل البادية الذي أشارت إليه الآية الشريفة : (قَالَتِ الاَْعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا) (١) ، وشرح العلاّمة كلام الخواجـة هذا من دون أن يُبدي أي اعتراض عليه.
__________________
(١) سورة الحجرات ٤٩ : ١٤.
الخواجة كان يعتقد أنّ الكفر هو عبارة عن عدم الإيمان ، وأمّا الفسق فهو الخروج من طاعة الله عزّ وجلّ لا الخروج من الإيمان ـ حيث كتب يقول : «والفاسق مؤمن لوجود حدّه فيه» أي لانطباق تعريف الإيمان عليه ، العلامة في شرحه بهذه العبارة كتب يقول : «والحق ما ذهب إليه المصنّف وهو مذهب الإمامية والمرجئة وأصحاب الحديث وجماعة الاشعرية والدليل عليه أنّ حدّ المؤمن وهو المصدّق بقلبه ولسانه في جميع ما جاء به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم موجود فيه فيكون مؤمناً» (١).
ويجب ان يكون معلوماً لدينا أنّ أصحاب الحديث أو بتعبير آخر (السلف) يعتقدون بأنّ العمل جزء من الإيمان ولا يفصلون بينهما ، فإذا كان مقصود العلامة من أصحاب الحديث هم خصوص هؤلاء فما كان يجب ان يجعلهم في رديف واحد مع الإمامية والمرجئة والأشاعرة (٢).
رأي الشهيد الثاني :
البحث في مفهوم الإيمان بقي من أهم البحوث التي احتفظت بأهمّيتها في البحوث الكلامية. وهذه المسألة يمكن لمسها بوضوح في المقدّمة التي كتبها الشهيد الثاني على رسالة حقائق الإيمان ، هذا بالإضافة إلى الرسائل الأخرى التي تناولت مسألة الإيمان في الحقبة التي حكمت فيها الدولة الصفوية ومن جملتها رسالة الشيخ يوسف البحراني تحت عنوان
__________________
(١) كشف المراد : ٤٥٤.
(٢) فيما بعد تبنى ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية كذلك رأي أهل الحديث في عدم الفصل ، بعد ان تبنيّا المذهب السلفي وأخذا بأحياء معتقدات السلف ، راجع آراء ابن تيمية وابن قيم في باب الإيمان وكونه شاملاً للعمل في كتاب (ابن تيمية وموقفه من أهم الفرق والديانات في عقده ، ص ٧٠).
رسالة في تحقيق معنى الإسلام والإيمان وأنّ الإيمان عبارة عن الإقرار باللسان والاعتقاد بالجِنان والعمل بالأركان (١).
هذا ويجب ملاحظة نكتة مهمّة في البين وهي أنّ البحث في الإيمان والإسلام كان من المسائل البالغة الحسّاسية في تلك الحقبة وذلك لاختلاف وجهة نظر كلّ من الشيعة والسنّة في إطلاق اصطلاح المؤمن والمسلم (٢).
ولا بأس هنا من إلقاء نظرة سريعة على ما جاء في رسالة الشهيد الثاني ، والتي تعتبر بحق من أفضل ما كتب في الإيمان من حيث استقصائها للآراء وتفصيلها.
وعلى الرغم من كثرة الآراء الواردة في باب الإيمان وتعريفه ، استطاع الشهيد أن يتناولها جميعاً في رسالته ، ويتكلّم في أدلّتها تفصيلاً ، ومن ثمّ أخذ يبحث ويدقّق في جميع جوانبها ، وكان يسعى لإيجاد النقد المناسب لها.
في بداية رسالتهِ ابتدأ بالمعنى اللغوي للإيمان حيث قال : هو مطلق التصديق وإن كان لساناً ، وأمّا معناه الشرعي فيقول بوجود العديد من الآراء المختلفة في المقام ، حيث أنّ البعض يعتقد أنّ الإيمان هو عبارة عن التصديق القلبي ، والبعض الآخر اعتبره هو الفعل بالجوارح ، وآخرون قالوا بأنّه أعمّ من التصديق القلبي والفعل بالجوارح.
فالقول الأوّل تقول به الأشاعرة وجماعة من متقدّمي الإمامية ومتأخريهم ومن جملتهم الخواجة الطوسي ، لكنّ الاختلاف وقع بينهما في
__________________
(١) المقدمة الفاخرة لكتاب الحدائق الناظرة : ٢٥٧.
(٢) انظر (دين وسياست در دوره صفوي) (الدين والسياسة في عصر الدولة الصفوية) باللغة الفارسية ص ٢٥٧.
أن الإيمان هل هو التصديق العلمي ـ اليقين الجازم ـ أم التصديق النفساني (١) ، فذهب أصحابنا من الإمامية إلى القول الأول.
والقول الآخر الذي يعتبر الإيمان عبارة عن الفعل بالجوارح كان على قسمين :
حيث قالت الكرّامية هو صرف التلفظ بالشهادتين.
وادعت المعتزلة بأنّه التلّفظ بالشهادتين وأداء بقية الأعمال والطاعات. وأمّا القول الثالث الذي يعتبر الإيمان عبارة عن التصديق القلبي والفعل بالجوارح فقد قال به أهل السلف ، حيث كانوا يعتبرون الإيمان هو : «التصديق بالجنان ، والإقرار باللسان والعمل بالأركان».
هذا بالإضافة إلى ما قاله الخواجة نصير الدين الطوسي : «من أن الإيمان هو التصديق القلبي الملازم للإقرار اللساني»
ففي القول الأوّل نرى أنّ المعنى الشرعي للإيمان سوف يكون بمثابة المخصّص للمعنى اللغوي ، في حين في بقية الأقوال نرى أنّ المعنى الشرعي سوف يكون بمثابة المنقول ومن الناحية الأدبية فإنّ التخصيص أكثر استساغةً من النقل في اللغة.
الشهيد الثاني ونقلاً عن المحقّق الطوسي كتب يقول ما مفاده : يوجد ثلاثة أركان للإيمان عند الشيعة : التصديق بوحدانية الله ، والعدل الإلهي ، ونبوّة الأنبياء عليهمالسلام وإمامة الأئمة الأطهار عليهمالسلام.
__________________
(١) هو : ربط القلب على ما علم من إخبار المخبر فهو أمرٌ كسبي يثبت باختيار المصدّق ولذا يُثاب عليه بخلاف العلم والمعرفة فإنها ربما تحصل بلا كسب كما في الضروريات (حقائق الإيمان : ٥٣).
وأبناء العامة كذلك يقولون بأنّ الإيمان هو التصديق بالله ، ونبوّة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والتصديق بضروريات الدين.
ثمّ علّق الشهيد الثاني فقال ما مفاده : وبذلك يتّفق الشيعة وأبناء العامّة على أنّ الإيمان هو التصديق. إلا أنّ هذا الكلام يحمل في طيّاته معنيين : الأوّل هو إنّ التصديق عبارة عن اليقين الجازم والثابت ، والثاني هو إنّ العمل ليس جزءً من الإيمان.
وتناول الشهيد الأدلّة المثبتة لكلّ منهما ، فبدأ بأدلّة القسم الأوّل فجاء بالآيات والروايات التي تصلح لأن تكون مؤيّداً على كون أساس الإيمان مبتنياً على اليقين ، وأنّ الظن لا يكفي في المقام.
ثمّ ذكر في هذا البحث : أنّ الإيمان من الأمور التي لا يجوز التقليد فيها ، وأكّدَ على أنّ معرفة الله عزّ وجلّ من الأمور التي يدركها العقل من وجهة نظر الشيعة.
ثمّ عرّجَ على القسم الثاني في كون العمل ليس جزءاً من الإيمان ، وقد قبل الشهيد بهذا المعنى وصرّح به ، فأتى بالأدلّة المثبتة له ، وقد كان أكثرها قد استدلّ به المرجئة وقال به السيّد المرتضى كذلك في الذخيرة.
فكانت الآية الشريفة : (اِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ) (١) على رأس تلك الأدلة ، وكذلك الآية الشريفة
(وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ) (٢) فهذا إن دلّ على شيء إنّما يدلُّ على أنّ الإيمان هو عبارة عن حالة من الحالات والعمل دخيل عليها ، وهذا خير دليل على وجود المغايرة فيما بين الإيمان والعمل.
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ٢٧٧.
(٢) سورة طه ٢٠ : ١١٢.
وقد تناول الشهيد في بحثه جميع الإشكالات التي يمكن أن ترد على استدلاله هذا واستطاع أن يجيب عليها.
الآية الأخرى التي استدل بها هي : (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا) (١) والتي تدلّ على أنّ المؤمن في حالة ارتكابه للمعاصي يبقى مؤمناً بدليل إطلاق لفظ المؤمن عليه في الآية الشريفة ، وهذا خير دليل على الفصل ما بين العمل والإيمان ، وكذلك الآية الشريفة : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ) (٢).
وهناك العديد من الآيات التي تشابه الآية الشريفة : (أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمان) (٣) ، حيث حدّدت بوضوح وعاء الإيمان وصرّحت بكونه خصوص القلب لا الجوارح ، وكذلك الآية الشريفة : (وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِي قُلُوبِكُمْ) (٤).
وقد استدلّ كذلك بالسنّة والإجماع لإثبات القول الذي قال به ، حيث قال : «قد أجمعت الأمّة على أنّ الإيمان شرطٌ في العبادات والشيء لا يمكن ان يكون شرطُ نفسهِ ، وهذا خير دليل على أنّ الإيمان أمر آخر غير العبادات والطاعات والأعمال».
ثمّ بعد ذلك تعرّض للإشكالات التي وردت على أصل هذه النظرية ـ الإيمان عبارة عن التصديق ـ ومن ثمّ أجاب عليها.
البحث الآخر الذي تناوله في رسالته هو مفهوم الإيمان ، وهل هو
__________________
(١) سورة الحجرات ٤٩ : ٩.
(٢) سورة التوبة ٩ : ١١٩.
(٣) سورة المجادلة ٥٨ : ٢٢.
(٤) سورة الحجرات ٤٩ : ١٤.
خصوص المعرفة أم شي آخر ، عندها يذكر الشهيد رأيه في المسألة ويُصرّح : «بانّ الإيمان ليس صرف المعرفة ، بل هو يقين قلبي يحتوي على المعرفة والعلم في نفس الوقت».
ثمّ أخذ بالردّ على الفرقة الكرّامية عندما قالوا : «بأنّ الإيمان هو صرف التلفّظ بالشهادتين».
ومن ثمّ أخذ بالتحقيق في آراء المعتزلة من جميع جوانبها ، والتي تتلّخص في مقولتهم : بأنّ الإيمان هو عبارة عن الطاعات ـ الأعم من الواجبات والمستحبات ـ وانتقد القول القائل : بأنّ الإيمان هو عبارة عن العبادات التي تشمل الواجبات وترك المحرّمات ولا تشمل المستحبّات ثمّ أخذ بتحليل الرأي القائل : بأنّ الإيمان هو عبارة عن (التصديق بالجنان والإقرار باللسان وعمل بالأركان) واستعرض أدلّته من الروايات ، إلاّ أنّه ضعّفها أمّا سنداً أو دلالةً.
ثمّ ردّ على رأي الخواجة نصير الدين في كون الإيمان : (هو التصديق القلبي والإقرار اللساني) ، واعتبر دليله الذي يستدلّ به غير تامّ ، حيث أنّ الخواجة استدلّ على ذلك بالآية الشريفة (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ) (١) حيث أنّ الخواجة اعتبر ظاهر الآية يفيد في كون الإيمان هو التعيين القلبي والإقرار القلبي مع عدم الإنكار ، واعتبر عدم الإنكار هو التلفّظ بالشهادتين ، في حين أنّ الشهيد اعتبر أنّ الدليل أعمّ من المدّعى ، وذلك لانّ الإنكار يشمل الإنكار اللساني وغيره ، وغاية ما يمكن أن يُقال أنّ الإقرار اللساني وعدم الإنكار يمكن أن يكون علامة على وجود الإيمان
__________________
(١) سورة النمل ٢٧ : ١٤.
أو الكفر ، ولا يمكن الاستدلال على أنّه هو جزء الإيمان.
هذا بالإضافة إلى أنّ نفس الخواجة في فصول العقائد عرّف الإيمان على انه : «صرف التصديق القلبي» (١) فاحتمل الشهيد أنّ الخواجة قد صرف النظر عن رأيه السابق الذي جاء به في كتابه تجريد الاعتقاد.
وفي نهاية المقالة الأولى من رسالته ذكر خلاصة رأي الإمامية في المسألة حيث كتب يقول : «الإيمان هو عبارة عن التصديق بوحدانية الله وصفاته وعدله وحكمته والتصديق بالنبوّة ، والتصديق بالأحكام الضرورية في الدين والتي جاء بها الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والإقرار بها ، وهذه هي عقيدة أكثر المسلمين حتّى أنّ البعض ادّعى الإجماع عليها ، وقد أضافت الإمامية التصديق بإمامة الأئمّة الاثني عشر عليهمالسلام والتصديق بالحجّة المنتظر(ع)» (٢)
المقالة الثانية التي ضمّنها الشهيد في رسالته تدور حول مسألة زيادة ونقصان الإيمان ، هل أنّ الإيمان على مراتب؟ عندها تعرّض الشهيد وبكلّ وضوح إلى المسألة وصرّح بعدم إمكان تصوّر الزيادة والنقصان في حقيقة الإيمان ، وأعتبر أنّ جميع الأدلّة التي يمكن الاستدلال بها في المقام لا تنهض إلاّ في إثبات كمال الإيمان ـ وهذا ما يقول به الفخر الرازي ـ ومن ثمّ استعرض الآيات والروايات التي يمكن ان تكون دليلاً في هذا الخصوص ثمّ قام بتوجيهها وفقاً لما يعتقد به ، وخلص إلى القول بعدم إمكان تصوّر الزيادة والنقصان في الإيمان وأكّدَ على أنّه أمرٌ ثابت ، وخلاصة ما قاله هنا : هو إن الخلاف قد وقع في أصل حقيقة الإيمان وهل أنّ هذه الحقيقة تقبل الزيادة والنقصان أم لا ولم يقع في كمال الإيمان ، في حين هو يعتقد أنّ
__________________
(١) فصول العقائد : ٤٨.
(٢) حقائق الإيمان : ٩٥.
الأدلّة التي استدلّ بها على الزيادة والنقصان في مقام تبيين كمال الإيمان لا غير ، وهي أجنبيةٌ عمّا نحن فيه ، حتّى أنّه خدش في سند الحديث الصريح عن الإمام الصادق في باب ضعف الإيمان وشدّته واعتبره من حيث الدلالة لا ينهض في إثباتهما في أصل الإيمان (١).
ثمَّ تعرّضَ بعد ذلك إلى بعض البحوث الأخرى والتي من جملتها ما يتعلّق بتحديد معنى الإيمان حيث قال ما مفاده : إنّ تحديد معنى الإيمان لا يمكن تصوّره إلاّ بجعل الشارع (٢).
ومن جملة البحوث الأخرى التي تناولها في رسالته هو البحث في حقيقة الكفر ، والبحث في أنّ المؤمن بعد اتصافه بالإيمان الحقيقي هل يمكن أن يصبح كافراً أم لا؟ (٣)
المقالة الثالثة في رسالته تدور حول حقيقة الإسلام ، وخلاصة ما أفاض به في هذا الخصوص : إنّ الإسلام إذا كان يُقصد منه الإسلام الكامل ففي هذه الصورة سوف يتحد مع الإيمان في المفهوم ، وأمّا إذا كان يُقصد به ذلك المقدار الذي اعتبره الشارع كافياً لصدق كون الشخص مسلماً فبالطبع أنّ الإيمان في هذه الحالة سوف يكون اعمّ منه.
وما هذه إلاّ نظرة سريعة في كلام أهل البيت عليهمالسلام وآراء متكلّمي الشيعة في مسألة الإيمان والإسلام.
__________________
(١) انظر حقائق الإيمان : ٩٦ ـ ١٠٣.
(٢) انظر حقائق الإيمان : ١٠٣.
(٣) انظر حقائق الإيمان : ١٠٩.
مصادر التوثيق
١ ـ ابن تيمية وموقفه من اهل الفرق والديانات في عصره ، محمّـد الحربي ، بيروت ، عالم الكتب ، ١٤٠٧ هـ.
٢ ـ الأمالي ، الشيخ المفيد
٣ ـ انديشـه هاى كلامى شيخ مفيد (الآراء الكلامية للشيخ المفيد) ، باللغة الفارسية.
٤ ـ انوار الملكوت في شرح الياقوت ، العلامة الحلي ، قم ، منشورات الرضي.
٥ ـ اوائل المقالات في المذاهب والمختارات ، الشيخ المفيد ، تحقيق شيخ الإسلام الزنجاني : قم ، داوري.
٦ ـ بحار الأنوار ، ج ٢٣ ، ٢٧ ، ٤٦ ، ٥١ ، محمّـد باقر المجلسي ، بيروت ، مؤسسة الوفاء.
٧ ـ الجمل ، الشيخ المفيد ، قم ، من منشورات النوري.
٨ ـ دين وسياست در دوره صفوى (الدين والسياسة في عصر الدولة الصفوية) ، باللغة الفارسية.
٩ ـ الذخيرة ، الشريف المرتضى ، تحقيق السيّد أحمد الحسيني ، قم ، دار التبليغ الإسلامي.
١٠ ـ رسائل المرتضى ، تحقيق سيد أحمد الحسيني ، قم ، دار القرآن.
١١ ـ رسالة حقائق الإيمان ، زين الدين علي بن أحمد العاملي ، تحقيق مهدي رجائي ، قم ، مكتبة السيّد المرعشي رحمهالله ، ١٤٠٩ هـ.
١٢ ـ فصول العقائد ، الخواجه نصير الدين الطوسي
١٣ ـ الكافي ، أبي جعفر محمّـد بن يعقوب بن اسحق الكليني ، طهران ، دار الكتب الإسلامية.
١٤ ـ كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد ، جمال الدين الحسن بن
يوسف الحلّي ، تحقيق وحواشي الزنجاني ، بيروت ، مؤسسة الاعلمي ، ١٣٩٩ هـ.
١٥ ـ معاني الاخبار ، أبي جعفر محمّـد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي ، تصحيح علي أكبر الغفاري ، قم ، منشورات دار التبليغ الإسلامي.
١٦ ـ مقالات الإسلاميّـين ، أبي الحسن علي بن اسماعيل الاشعري ، تحقيق محي الدين عبـد الحميد ، مصر ، مكتبة النهضة المصرية الطبعة الأُولى ١٣٦٩ هـ.
١٧ ـ المقدمة الفاخرة لكتاب الحدائق الناظرة ، الميرزا محسن آل عصفور ، قم ، مكتبة العزيزي ١٤٠٩ هـ.
|
باب العلم بالحكم الشرعي بين الانسداد والانفتاح |
|
السـيّد عليّ الهاشمي
بسـم الله الرحمن الرحـيم
الإسلام دين العلم ؛ لأنّ مصدره العليم الحكيم ، الذي (أَحَاطَ بِكُلِّ شَيء عِلْمَاً) (١) ، والذي (يَعْلَمُ مَا فِي السَّماوَاتِ وَالأرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ) (٢).
والنصوص الشرعية من الآيات والأحاديث متضافرة على تأكيد حجيّة العلم ، بمعنى : الانكشاف التام لقضيّة من القضايا لدى العقل بدرجة لا يشوبها شكّ ، كما أنّها متضافرة على إبطال حجيّة الانكشاف الناقص ، من الظنّ ، فضلا عمّا دونه من الشكّ والوهم.
ومن شواهد ذلك في كتاب الله عزّ وجلّ :
١ ـ قوله تعالى : (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ الْسَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (٣).
__________________
(١) سورة الطلاق ٦٥ : ١٢.
(٢) سورة التغابن ٦٤ : ٤.
(٣) سورة الإسراء ١٧ : ٣٦.
٢ ـ قوله تعالى : (وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْم إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) (١).
٣ ـ قوله تعالى : (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ الله إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ) (٢).
٤ ـ (قُلْ هَلْ عِندَكُم مِنْ عِلْم فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ) (٣).
٥ ـ قوله تعالى : (أَتَقُولُونَ عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ) (٤).
ومن شواهده من أحاديث النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته المعصومين عليهمالسلام :
١ ـ قول النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إيّاكم والظنّ ؛ فإنّ الظنّ أكذب الحديث» (٥).
٢ ـ قول الإمام الصادق عليهالسلام : «مَن شكّ أو ظنّ فأقام على أحدهما ، فقد حَبِط عمله ، إنّ حجّة الله هي الحجّة الواضـحة» (٦).
وليست الحجّة الواضحة بعد استبعاد الشكّ والظنّ إلاّ العلم.
٣ ـ عن زرارة بن أعين ، قال : قلت لأبي عبـد الله عليهالسلام : ما حقّ الله على خلقه؟
__________________
(١) سورة النجم ٥٣ : ٢٨.
(٢) سورة الأنعام ٦ : ١١٦.
(٣) سورة الأنعام ٦ : ١٤٨.
(٤) سورة يونس ١٠ : ٦٨.
(٥) سُـنن أبي داود ٢ / ٤٥٩ ح ٤٩١٧ ، البخاري : ١٥٣٦ ـ ١٥٣٧ ح ٦٠٦٤ ، ٦٠٦٦ ، وسائل الشيعة ٢٧ / ٥٩ ح ٣٣١٩٢ ؛ وفيه : «أكذب الكذب».
(٦) وسائل الشيعة ٢٧ / ٤٠ ح ٣٣١٥٨.
قال : حقّ الله على خلقه أن يقولوا بما يعلمون ، ويكفّوا عمّا لا يعلمون ، فإذا فعلوا ذلك فقد واللهِ أدّوا إليه حقّه» (١).
ولأجل هذه النصوص وكثير غيرها ، ذهب العلماء إلى أنّ الظنّ بذاته ليس حجّة في تنجيز الحكم المظنون ، ولا في التأمين عن التكليف الذي قد اشتغلت به الذمّة يقيناً ، ولا في إفراغ ذمّة المكلّف من عُهدته (٢).
إلاّ أنّهم عقدوا في مصنّفاتهم الأُصولية بحوثاً لإثبات جعل الحجّية للظنّ شرعاً أو عقلا ، واتّخاذه أساساً لمعرفة الأحكام الشرعيّة ، حتّى عرّف بعضهم الاجتهاد في الاصطلاح بأنّه : «استفراغ الفقيه وسعه في تحصيل الظنّ بحكم شرعي» (٣).
فما هي التوجيهات التي قدّموها للعمل بالظنّ ، حتّى أصبحنا نتقبّل قولـهم : «إنّ المجـتهد في عمليّة استنباط الحكم الشرعـي يستند إلـى مقدّمتين : إحداهما ثابتة بالوجدان ، وهي : هذا ما أدّى إليه ظنّي ، والأُخرى ثابتة بالبرهان ، وهي : كلّ ما أدّى إليه ظنّي فهو حكم الله في حقّي» (٤) ، دون أن تثير فينا هذه العبارة أيّ استغراب ، رغم صراحتها في تبعيّة أحكام الشارع المقدّس لظنون المجتهدين؟!
لقد طرح العلماء ـ قدماءَ ومتأخّرين ـ للإجابة عن هذا التساؤل وإثبات حجّية الظنّ ، عدّة توجيهات ، نستعرضها في ما يلي :
__________________
(١) المحاسـن ١ / ٣٢٤ ح ٦٥١.
(٢) بحوث في علم الأُصول ٤ / ١٨٥.
(٣) معالم الدين وملاذ المجتهدين : ٣٢٧.
(٤) الفوائد الحائرية : ١٢٧ ، فرائد الأُصـول ٢ / ١٢ ـ ١٣.
* التوجيه الأوّل :
إنّ المراد بـ«العلم» الذي هو حجّة شرعاً هو : المعنى الشامل للظنّ ، وأنّ استعمال لفظة «العلم» بهذا المعنى شائع في استعمال أهل اللغة ، وفي الأحكام الشرعية.
وقد ذكر هذا التوجيه صاحب معالم الدين وملاذ المجتهدين ، دفعاً للإشكال الذي أورد على تعريفه للفقه في الاصطلاح بأنّه : «العلم بالأحكام الشرعية الفرعيّة عن أدلّتها التفصيلية» (١) ؛ إذ قال : «وقد أورد على هذا الحدّ ... أنّ الفقه أكثره من باب الظنّ ؛ لابتنائه غالباً على ما هو ظنّي الدلالة أو السـند ، فكيف أُطلق عليه العلم؟» (٢).
وأجاب عنه بأن : «يُحمل العلم على معناه الأعمّ ، أعني : ترجيح أحد الطرفين ، وإن لم يمنع من النقيض ، وحينئذ فيتناول الظنّ ، وهذا المعنى شائع في الاستعمال ، سيّما في الأحكام الشرعيّة» (٣).
ويرد عليه :
أوّلاً : إنّ حمل لفظ «العلم» على الأعمّ منه ومن الظنّ لا دليل عليه من اللغة ولا من الاستعمال ؛ إذ لم يرد في معاجم اللغة أيّة إشارة إلى أنّ لفظ «العلم» موضـوع للأعـمّ من العلم والظنّ بنحو الاشتراك اللفظي ، والاستعمال إنّما يكون في المعاني التي وضعت لها الألفاظ.
__________________
(١) معالم الدين : ٦٦ ـ ٦٧.
(٢) معالم الدين : ٦٨ ـ ٦٩.
(٣) معالم الدين : ٧١.
نعم ، قد يستعمل لفظ «الظنّ» خاصّة في «العلم» استعمالا مجازيّاً بجامع الانكشاف في كلّ ، مع وجود القرينة المصحِّحة ، وأمّا لفظ «العلم» ، فإنّه لا يستعمل في «الظنّ» حتّى مجازاً ، ولا في الأعمّ منهما ، ولأجلِ ذلك لا نجد شاهداً على هذه الدعوى من استعمالات العُرف أو الشارع ، بل الواقع خلاف ذلك ؛ إذ كثيراً ما يستعمل الشارع كلمة «العلم» مقابل الظنّ في سياق واحد ، نحو قوله تعالى : (قُلْ هَلْ عِندَكُم مِنْ عِلْم فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ) الأمر الذي يؤكّد تغايرهما في المعنى.
ثانياً : إنّ الأدلّة الشرعية من الكتاب والسُـنّة قد استعملت لفظ «الظنّ» في معناه المقابل للعلم ، ونهت عن اتّباعه مطلقاً ، ولم تجوّز الرجوع إليه في تحديد الأحكام الشرعية ، فإذا كان لفظ «العلم» شاملاً للظنّ ودالاًّ على حجّـيّته ، فمعنى ذلك : أنّ الشارع المقدّس قد أثبت الحجّـيّة للظنّ ونفاها عنه في الوقت نفسـه ، وهذا تهافت يستحيل صـدوره من الحكيم.
* التوجيه الثاني :
إنّ المراد بالظنّ الذي نَهَتْ النصوص الشرعية عن العمل به وسلبتْ الحجّية عنه ، هو : «الوهم» ، أي : الانكشاف الضئيل ، وليس المراد به الانكشاف الناقص ، وإن كان راجحاً.
وقد طرح هذا التوجيه صاحب وصول الأخيار بقوله : «وأمّا ما جاء في القرآن من النهي عن اتّباع الظنّ ، فالمراد به : الوهم ؛ لأنّه يطلق عليه اسم الظنّ لغة ، إمّا حقيقةً وإمّا مجازاً» (١).
__________________
(١) وصول الأخيار إلى أُصول الأخبار : ١٧٤.
أقول :
المعـروف أنّ لفظ «الظنّ» قد يستعمل أحياناً بمعنى «العلم» ؛ قال ابن منظور : «وقد يجيء الظنّ بمعنى العلم ، وفي حديث أُسيد بن حُضير : وظننّا أن لم يَجُدْ عليهما. أي : عَلمنا ..
وفي حديث عبيدة : قال أنس : سألته عن قوله تعالى : (أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ) (١) ، فأشار بيده ، فظننت ما قال. أي : علمتُ» (٢).
وفي القرآن الكريم : (وَظَنُّوا أَن لاَمَلْجَأَ مِنَ الله إِلاَّ إِلَيْهِ) (٣).
وأمّا استعمال الظنّ بمعنى : «الوهم» فهي دعوىً جديدة ، يردّها أنّ استعمال كلمة «الظنّ» في الوهم بمعناه اللغوي ـ لو سلّمناه ـ ليست نافعة لصاحب التوجيه ؛ لأنّ معنى «الوهم» لغةً هو : الظنّ أو الخطأ (٤) ، لا الانكشاف الضئيل ، الذي هو معنىً اصطلاحيٌّ للمناطقة حادث بعد زمن النصوص الشرعية ، فلا يمكن حملها عليه.
* التوجيه الثالث :
دعوى التخصّص ، وأنّ الأدلّة الشرعية من الآيات والأحاديث النافية لحجّـية الظنّ ، ناظرة إلى المجال العقائدي فقط ، وليست شاملة للأحكام الشرعية ، فهذه خارجة تخصّصاً.
__________________
(١) سورة النساء ٤ : ٤٣ ، سورة المائدة ٥ : ٦.
(٢) لسان العرب ١٣ / ٢٧٢ مادّة «ظنن».
(٣) سورة التوبة ٩ : ١١٨.
(٤) لسان العرب ١٢ / ٦٤٣ ، مختار الصحاح : ٣٧٧ ؛ مادّة «وهم».
ومن القائلين بذلك : صاحب وصول الأخيار ؛ قال : «وأمّا الشرع ، فلا يخفى فيه وجوب العمل بالظنّ الغالب في أكثر موارده ... وأمّا ما جاء في القرآن من النهي عن اتّباع الظنّ ، فالمراد به ... ما الغرض فيه العلم من العقائد ، كما هو الظاهر ؛ لأنّ الآيات وردت في حقّ الكفّار» (١).
ومنهم : الآمدي ؛ قال : «إنّ المعتبر في الأُصول : القطع واليقين ... بخلاف الفروع ؛ فإنّها مبنيّةٌ على الظنون» (٢).
ومن المعاصرين : الدكتور السباعي ؛ فقد ذكر أنّ القول بعدم حجّية الظنّ ثابت «في أُصول الدين وقواعده العامّة ، أمّا في فروع الدين وجزئيّاته فالعمل بالظنّ واجب ، ولا سبيل إليها إلاّ بالظنّ غالباً» (٣).
وقال الشهيد الصدر قدسسره : «إنّ قوله تعالى : (إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) مدلوله المطابقي إنّما هو : بيان صغرى أنّ الظنّ لا يغني في التوصّل إلى لبّ الحقّ والواقع ؛ لأنّه يخطئ ... فإذا ضمّ إليها كبرى أنّ المطلوب هو التوصّل إلى لبّ الحقّ والواقع ، انتج المطلوب ، إلاّ أنّ هذه الكبرى إنّما تكون واضحة في باب أُصول الدين ... ومعه لا يتمّ في الآية إطلاق لغير أُصول الدين» (٤).
فحاصل هذا التوجيه : أنّ أُصول الدين لا بُدّ أن يستدلّ لإثباتها بالأدلّة العلمية ، ولا يصحّ إثباتها بالأدلّة الظنّية ، وأمّا فروع الدين المتمثّلة بالأحكام الشـرعية ، فليست مشمولة للأدلّة النافية لحجّـية الظنّ ، فيكفي
__________________
(١) وصول الأخيار إلى أُصـول الأخبار : ١٧٤.
(٢) الإحكام في أُصول الأحكام ٢ / ٦٤.
(٣) السُـنّة ومكانتها في التشريع الإسلامي : ١٩٢.
(٤) بحوث في علم الأُصول ٤ / ٢٣٩ ـ ٢٤٠.
الاستدلال عليها بالأدلّة الظنّية الخاصّـة ، كإثبات صدور الحديث عن المعصوم عليهالسلام بخبر الثقة ، رغم أنّه لا يؤدّي إلى العلم بصدوره عنه ، وكإثبات مدلول الدليل بالظهور ، رغم أنّه لا يؤدّي إلى أكثر من الظنّ بالمراد الواقعي للشارع.
والجواب عن دعوى التخصّص هذه بوجهين :
* أوّلهما : إنّ الأدلّة النقلية من الآيات والأحاديث المثبتة لحجّية العلم ، والنافية للحجّية عن الظنّ ، شاملة بإطلاقها لكلّ من المجالين العقائدي والتشريعي معاً ، فلا وجه للقول بالتخصّص ، وجواز إثبات الأحكام الشرعية بالأدلّة الظنّية.
وأمّا ما ذكره السـيّد الشهيد الصدر قدسسره من أنّ : كبرى التوصّل إلى لبّ الحقّ إنّما تكون واضحة في أُصول الدين ، فيرد عليه : أنّه لماذا لا يكون المطلوب التوصّل إليه في فروع الدين أيضاً هو : العلم بواقع الحكم الشرعي؟ فإنّ ثبوت الحجّية للعلم في العقائد لا يدلّ على حجيّة الظنّ في الأحكام ، وممّا يؤكّد ذلك : إطلاق معظم أدلّة عدم حجّية الظنّ.
* وثانيهما : إنّ الشواهد والقرائن في الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة تبيّن بوضوح أنّها تؤكّد حجّية العلم وتنفي حجّية الظنّ في مجال تشخيص الأحكام الشرعيّة أيضاً.
ومن الشواهد التي يمكن تقديمها لإثبات ذلك ما يلي :
أوّلا :
قوله تعالى : (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ
وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِالله مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ) (١).
فما ذكر فيها من المحرّمات إنّما هي من الفروع ، وقد عطف عليها تحريم القول بغير علم.
ثانياً :
قوله سبحانه : (ثَمَانِيَةَ أَزْوَاج مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأنْثَيَيْنِ أَمّا اشْتَمَلَتْ أَرْحامُ الاُْنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْم إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) (٢).
فتحريم الحيوانات وتحليلها من الفروع ، وقد طُلب أن يكون بيانها بعلم.
ثالثاً :
عن الإمام عليّ عليهالسلام : «يا أيّـها الناس! اتّقوا الله ، ولا تفتوا الناس بما لا تعلمون» (٣) ؛ والفتيا إنّما تكون في الأحكام الشرعية لا في العقائد.
رابعاً :
عن الإمام الباقر عليهالسلام : «مَن أفتى الناس بغير علم ولا هدىً من الله ، لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، ولحقه وزر مَن عمل بفتياه» (٤).
__________________
(١) سورة الأعراف ٧ : ٣٣.
(٢) سورة الأنعام ٦ : ١٤٣.
(٣) بحار الأنوار ٢ / ١١٣ ح ١.
(٤) بحار الأنوار ٢ / ١١٨ ح ٢٣ ، وسائل الشيعة ٢٧ / ٢٠ ح ٣٣١٠٠.
خامساً :
قول الإمام الباقر عليهالسلام : «مَن أفتى الناس برأيه ، فقد دان الله بما لا يعلم ، ومن دان الله بما لا يعلم فقد ضادّ الله ، حيث أحلّ وحرّم في ما لا يعلم» (١).
* التوجيه الرابع :
دعوى التخصيص ، وأنّ الأدلّة النافية لحجّيّة الظنّ ، مخصّصة بأدلّة شرعية تستثني بعض الظنون ، وتجعلها حجّة في إثبات الحكم الشرعي ، كـ : الظنّ الحاصل من خبر الثقة ، والظنّ الحاصل من الظهور.
وهناك ردّ للسـيّد الخوئي قدسسره على دعوى التخصيص هذه ، بدأه بالتساؤل عن «أنّ الآيات الناهية عن العمل بغير العلم ، واردة لبيان حكم مولويّ هو : حرمة العمل بالظنّ ، أو لا ، بل مفادها إرشاد إلى حكم العقل بعـدم صحّة الاعتماد على الظنّ ، وأنّه لا بُدّ من العمل بما يحصل معه الأمن من العقاب ، والعمل بالظنّ ممّا لا يحصل معه الأمن من العقاب ، لاحتمال مخالفته للواقع؟» (٢).
وذهب إلى أنّ مفاد الآيات في المقام هو : الإرشاد إلى حكم العقل بعدم صحّة الاعتماد على الظنّ ؛ لاحتمال مخالفته للواقع ، فلا يحصل معه الأمن من العقاب ، وإنّما يحصل الأمن «بالعلم أو بما ينتهي إليه ، كـ : العمل بأمارة دلّ على حجّيّتها دليل علمي ... وبعد كون الآيات الناهية [عن العمل
__________________
(١) الكافي ١ / ٥٨ ح ١ باب البدع والرأي والمقاييس.
(٢) مصباح الأُصـول ٢ / ١١٤.
بالظنّ] إرشاداً إلى حكم العقل ، لا تكون قابلة للتخصيص ..
وكيف يمكن التخصيص في مثل قوله تعالى : (إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) بأن يقال : إلاّ الظنّ الفلاني ؛ فإنّه يغني عن الحق؟!
فلم يرد عليها تخصيص ولن يرد ؛ فإنّ لسانها آب عن التخصيص.
وأمّا الظنّ الذي قام على حجيّته دليل علميٌ ، فليس فيه الاعتماد على الظنّ ، بل الاعتماد على الدليل العلمي القائم على حجيّة الظنّ ، فهو المؤمِّن من العقاب لا الظنّ ...
فتحصّل : أنّ الآيات الشريفة ليست واردة لبيان حكم مولويّ» (١).
ولا بُدّ من التعقيب على هذا الكلام بثلاث ملاحظات :
الملاحظة الأُولى :
صحيح أنّ الأحكام العقلية ليست قابلة للتخصيص ، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أنّ كلّ الأحكام غير العقلية قابلة للتخصيص ؛ فإنّ منها ما لا يقبل التخصيص عُرفاً ، كما في المقام ؛ فإنّ ألسنة الآيات والأحاديث الناهية عن العمل بالظنّ تأبى التخصيص أيضاً ، حتّى لو كان مفادها الحرمة المولوية ؛ لأنّ العرف المتشرعي لا يتقبّل استثناء بعض الظنون ومنحها الحجّية ، لا سيّما إذا أدّى ذلك إلى اتّخاذ الظنّ حجّة وطريقاً لأمر بالغ الأهمّية ، هو : إثبات الحكم الشرعي ، وما يترتّب عليه من آثار في دنيا الإنسان وآخـرته ..
بل إنّ العرف يعدّ ذلك نقضاً للغرض ومخالفاً للحكمة ، فيستحيل
__________________
(١) مصباح الأُصـول ٢ / ١١٤ ـ ١١٥.
صدوره من الشارع الحكيم ؛ قال الله سبحانه : (وَلاَ تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّة أَنكَاثاً) (١) ، «فكيف ينهى الشارع عن اتّباع الظنّ ، ويذمّه لنا ، ثمّ يتعبّدنا به! تعالى الله عن هذا المقول» (٢).
الملاحظة الثانية :
قوله : (وأمّا الظنّ الذي قام على حجّيّته في مورد دليل علميّ ، فليس فيه الاعتماد على الظنّ ، بل الاعتماد على الدليل العلمي القائم على حجّية الظنّ ، فهو المؤمِّن من العقاب لا الظنّ) ، يفهم منه : أنّه بعد أن قرر أنّ الأدلّة الشرعية النافية لحجّية الظنّ ، ترشد إلى قاعدة عقلية تأبى التخصيص ، عمد إلى طريقة أُخرى تؤدّي إلى استثناء بعض الظنون من عدم الحجّية ، لم يسمّها تخصيصاً ، بل أرجعها إلى قيام الدليل العلمي على حجّيّة الظنّ في بعض الموارد ، وعليه فالنتيجة واحدة من الناحية العملية ، وهي استثناء بعض الظنون وتجويز العمل بها لإثبات الحكم الشرعي.
والملاحظة الثالثة :
إنّ أصل دعوى قيام دليل علمي على حجّية بعض الظنون لا صحّة له ؛ لأنّ ألسنة الأدلّة النافية لحجّية الظنّ ، تأبى الاستثناء بأيّ نحو صوّرناه ، وسوف نقوم بعرض ومناقشة أهم الأدلّة التي طرحت لاستثناء بعض الظنون ومنحها الحجّية شرعاً.
__________________
(١) سورة النحل ١٦ : ٩٢.
(٢) فصل الخطاب في تفسير خبر العرض على الكتاب ، مقال لمجد الدين المؤيّدي ، منشور في مجلة «علوم الحديث» ، العدد ١٨ لسنة ١٤٢٦ هـ ، ص ١٩٤.
ويحسن أن نستذكر هنا بعض ما تقدّم من الأدلّة الشرعية النافية لحجّية الظنّ ، ونتأمّل في ألسنتها :
١ ـ قوله تعالى : (إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً).
٢ ـ قول النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إيّاكم والظنّ ؛ فإنّ الظنّ أكذب الحديث».
٣ ـ قول الإمام الصادق عليهالسلام : «مَن شكّ أو ظنّ ، فأقام على أحدهما ، فقد حَبِط عمله ، إنّ حجّة الله هي الحجّة الواضحة».
وإذا كان جعل الشارع الحجّية للظنّ غير معقول ولا مقبول عرفاً ، في مرحلة الثبوت والواقع ، فإنّ النوبة لا تصل إلى مرحلة الإثبات والتماس الأدلّة على وقوعه ، وإنّما يحصل اليقين بأنّ أيّ دليل يقام لإثبات حجّية الظنّ شرعاً هو من قبيل الشبهة في مقابل البديهة ، وأنّه قابل للردّ والإبطال.
وإنّ الأدلّة التي أقامها علماء العامّة على حجّية خبر الواحد (الخبر الظنّي) من الآيات والأحاديث ، وقعت كلّها في معرض المناقشة والردّ من قبل علمائنا المتقدّمين والمعاصرين ، ابتداءً من السـيّد المرتضى والشيخ الطوسي وانتهاءً بالسـيّدين الخوئي والشهيد الصـدر (١).
وإنّ الاطّلاع على ما ذكروه بهذا الشأن في مصنّفاتهم الأُصوليّة يُغني عن تكراره في هذا البحث المختصر ، ولكنّني سأعرض بإيجاز لاستدلالهم بـ : «آية النبأ» ؛ لأنّه أوّل وأهمّ ما استدلّوا به على حجّية خبر الواحد العادل ، ثمّ أذكر ما استدلّ به علماؤنا على حجّية خبر الواحد الثقة ، من السُـنّة
__________________
(١) العِدّة في أُصـول الفقه ١ / ١٠٨ ، الذريعة إلى أُصول الشريعة ٢ / ٥١٧ ، مصباح الأُصول ٢ / ١٤٦ وما بعدها ، بحوث في علم الأُصول ٤ / ٣٤٤ وما بعدها.
القوليّة والتقريريّة ؛ فالكلام في نقطتين :
* النقطة الأُولى :
الاستدلال على تخصيص الشارع للأدلّة الناهية عن العمل بالظنّ ، بمفهوم الشرط في آية النبأ ، وهي قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَة فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (١).
وأقدم من وجدته يستدلّ بهذه الآية : مسلم بن الحجّاج النيسابوري في مقدّمة صحـيحه ، وتابعه على ذلك مَن جاءَ بعده ، مع تطوير لتقريب الاستدلال بها ..
قال مسلم : «واعلم ـ وفّقك الله تعالى ـ أنّ الواجب على كلّ أحد عَرف التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها ، وثقات الناقلين لها من المتّهمين ، أن لا يروي منها إلاّ ما عَرف صحّة مخارجه والستارة في ناقليه ، وأن يتّقي منها ما كان منها من أهل التُهم والمعاندين من أهل البدع.
والدليل على أنّ الذي قلنا من هذا هو اللازم دون ما خالفه : قول الله جلّ ذكره : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَة فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) ... فدلّ بما ذكرنا من هذه الآي أنّ خبر الفاسـق ساقط غير مقبول ، وأنّ شهادة غير العدلِ مردودة» (٢).
__________________
(١) سورة الحجرات ٤٩ : ٦.
(٢) صحيح مسلم بشرح النووي ١ / ٦١.
وكلامه واضح في أنّه يرى دلالة الآية على سقوط خبر الفاسق عن الحجّية رأساً ، مع أنّها لا تدلّ على ذلك ، وإنّما تعلّق الأخذ به على تبيّن صحّة صـدوره ، وأنّه لا يردّ إلاّ بعد عدم قيام البيّنة على صدقه.
ولأجل ذلك طُرح تقريب الاستدلال بالآية ببيانات أُخرى ، منها : «أنّها تشتمل على جملة شرطية تربط الأمر بالتبيّن عن النبأ بمجيء الفاسق به ، وهذا يعني عدم الأمر بالتبيّن عن النبأ بمجيء العادل به ، وبذلك تثبت حجّية نبأ العادل ؛ لأنّ الأمر بالتبيّن الثابت في منطوق الآية ، إمّا أن يكون إرشاداً إلى عدم الحجّية ، وإمّا أن يكون إرشاداً إلى كون التبيّن شرطاً في جواز العمل بخبر الفاسـق ، وعلى الثاني ـ يعني نفيه ـ أنّ جواز العمل بخبر العادل ليس مشروطاً بالتبيّن ، وهذا بذاته يلائم جواز العمل به بدون تبيّن ، وهو معنى الحجّية» (١).
«وقد اعترض على الاستدلال المذكور بوجوه يرجع بعضها إلى إنكار أصل [دلالة] الظهور الاقتضائي للآية على المفهوم ، وبعضها إلى دعوى وجود مانع عنه ، بعد افتراض وجوده بنحـو القرينة المتّصلة الرافعة لفعليّته» (٢).
أمّا إنكار أصل اقتضاء الآية للدلالة على المفهوم ، أي : حجّية خبر العادل ، فله تقريبان :
* أوّلهما :
ما ذكره السـيّد الخوئي قدسسره من أنّ الشرط في آية النبأ مسوق لتحقّق
__________________
(١) دروس في علم الأُصـول ، الحلقة الثالثة ١ / ٢٠٤.
(٢) بحوث في علم الأُصـول ٤ / ٣٥١.
الموضوع ، وفي مثله لا يُثبت للجملة الشرطية مفهوم ..
قال : إنّ الظاهر من الآية بحسب الفهم العرفي : أنّ موضوع الحكم بوجوب التبيّن فيها «هو : الفاسق ، وله حالتان ؛ لأنّ الفاسق قد يجيء بالنبأ ، وقد لا يجيء ، وعُلِّق وجوب التبيّن على مجيئه بالنبأ ، ويكون مفاد الكلام حينئذ : أنّ الفاسق إن جاءكم بنبأ فتبيّنوا ، فلا دلالة للقضية على المفهوم (١) ؛ لأنّ التبيّن موقوف على مجيئه بالنبأ عقلا ، فتكون القضية مسوقة لبيان الموضوع ؛ إذ مع عدم مجيئه بالنبأ كان التبيّن منتفياً بانتفاء موضوعه ، فلا مفهوم للقضية الشرطية في الآية المباركة ... فإنّه لا فرق بين الآية الشريفة وبين قولنا : إن أعطاك زيدٌ درهماً فتصدّق به ، من حيثُ المفهوم ...
وذلك لأنّ الموضوع بحسب فهْم العرف هو : زيد ، وله حالتان : فإنّه قد يعطي درهماً وقد لا يعطيه ، وقد عُلِّق وجوب التصدّق بالدرهم على إعطائه إيّاه ، وهو متوقّف عليه عقلا ؛ إذ على تقدير عدم إعطاء زيد درهماً يكون التصدّق به منتفياً بانتفاء موضوعه ..
فالقضية مسوقة لبيان الموضـوع ، ولا دلالة لها على المفهوم وانتفاء وجوب التصدّق بالدرهم عند إعطاء غير زيد إيّاه ، والآية الشريفة من هذا القبيل بعينه ؛ فلا دلالة لها على المفهوم» (٢).
إلاّ أنّ السـيّد الشهيد الصدر ردّ هذا الاستدلال بـ : استظهار أنّ موضوع الحكم في الآية الكريمة ليس هو الفاسق ، بل هو : «طبيعيّ النبأ» ، وأنّ الشرط مجـيء الفاسـق به ..
__________________
(١) أي: لا تدلُّ على أنّ مجيء العادل بالنبأ يجعله حجّة دون حاجة إلى التبيّن بشأنه.
(٢) مصباح الأُصـول ٢ / ١٦١ ـ ١٦٢.
قال : «فالظاهر ثبوت المفهوم وإن كان الشرط محقّقاً للموضوع ؛ لعدم كونه هو الأسلوب الوحيد لتحقّقه» (١) ، أي : لتحقيق الشرط ؛ لأنّ النبأ كما يتحقّق بمجيء الفاسـق به ، يتحقّق أيضاً بمجيء العادل به ، فعدم مجيء الفاسق بالنبأ لا يجعل القضية على وزن : «إن رُزقتَ ولداً فاختنه» لكي تكون بانتفاء الشرط سالبةً بانتفاء الموضوع ، فلا يثبت لها مفهوم.
* وأمّا التقريب الثاني :
فهو ما ذكره السـيّد الشهيد الصدر ـ على تقدير كون الآية ليست مسوقة لتحقّق الموضوع ـ وخلاصته : أنّ ثبوت المفهوم للجملة الشرطية متوقّف على «أن يكون موضوع الجزاء [فيها] ملحوظاً ومفروضاً في المرتبة السابقة على الشرطية والتعليق على الشرط ، [وأمّا] إذا كانت الشرطية مسوقة لبيان نفس افتراض موضوع الجزاء ، [فإنّها لا تكون] ذات مفهوم ... والأمر في المقام كذلك ؛ لأنّ الآية لم تفترض النبأ موضوعاً في الرتبة السابقة على تحقّق الشرطية والتعليق ، بل قد افترض مجموع مفاد الجملة الشرطية [أي : مجيء الفاسق بنبأ] بافتراض واحد ، ومن هنا لا يكون لها مفهوم» (٢).
وأما إبراز المانع المتّصل من فعليّة المفهوم بعد فرض ثبوت مقتضيه ، فهو : أنّ ذيل الآية (أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَة فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) قرينة على إلغاء المفهوم ..
__________________
(١) دروس في علم الأُصـول ، الحلقة الثالثة ١ / ٢٠٥.
(٢) بحوث في علم الأُصـول ٤ / ٣٥٦.
وتوضـيحه :
إنّ تعليل وجوب التبيّن بالجهالة بمعنى : عدم العلم بصدور الحديث ، يدلّ على أنّ كل خبر لا يفيد العلم فالتبيّن عنه واجب ، وإن كان المُخبر عادلا ؛ ذلك أنّ العدالة إنّما تؤمّن من احتمال تعمّد الكذب ، وأمّا احتمال خطأ العادل واشتباهه ؛ فإنّها لا تؤمِّن منه ، فيبقى خبره غير معلوم الصدور ، وعليه يسري الحكم المعلّل ، أي : وجوب التبيّن ، الذي هو إرشاد إلى عدم الحجّية إلى خبر العادل أيضاً.
ولعلّ أقوى الأجوبة التي ذكرت لدفع هذا الإشكال : «إنّ الجهالة المذكورة في التعليل ليست بمعنى عدم العلم ، بل بمعنى : السفاهة والتصرّف غير المتّزن ، فلا يشمل العمل بخبر الثقة ؛ لأنّه ليس سفاهة ولا تصرّفاً غير متّزن» (١).
وأوّل مَن ذكر هذا الجواب ـ في حدود اطلاعي ـ هو : ابن القصّار المالكي (ت ٣٩٧ هـ) ، وتابعه عليه غيره ، فقد ذكر في جواب الإشكال : «فإن قيل بأنّ : في سياق الآية ما يوجب التوقّف عن خبره ، وهو قوله عزّ وجلّ : (أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَة) ، والجهالة قد تدخل في خبر العدل من حيث كان خبره لا يقطع على مغيّبه ، ومن حيث كان السهو والغلط والكذب جائزاً عليه.
قيل : الجهالة في هذا الموضـع هي : السفاهة ، وفعل ما لا يجوز فعله ممّا يقع التوبيخ والذمّ عليه» (٢) ..
__________________
(١) دروس في علم الأُصـول ، الحلقة الثالثة ١ / ٢٠٧.
(٢) المقدّمة في علم الأُصـول : ٦٩.
وعبّر الشهيد الصدر عن هذا المعنى بقوله : «المراد بالجهالة : السفاهة ، التي هي جهالة عملية ، لا عدم العلم والجهالة النظرية ، والعمل بخبر العادل ليس سفاهة عند العقلاء» (١).
ويرد عليه :
أوّلا : «إنّـه لا معـيِّن لحـمل الجهالة على السفاهـة ؛ إذ لا أقلّ من احـتمال إرادة الجهالة النظرية ، خصـوصاً مع أنّه المناسب لذيل التعليل ، حيث ذُكرت (الندامة) التي لا تكون إلاّ بلحاظ عدم إصابة الواقع ، لا العمل السفهي» (٢).
ثانياً : إذا كان قبول خبر الفاسق وترتيب الأثر عليه بلا تبيّن يعدّ عملا سفهيّاً غير جائز شرعاً ، فما ذلك إلاّ لعدم العلم بصدوره ، بسبب احتمال تعمّد الفاسق للكذب ، فكذلك الحال في قبول خبر العادل ؛ فإنّه غير معلوم الصدور أيضاً ، ولكن بسبب آخر ، وهو احتمال عروض الخطأ والنسيان عليه ، أي : إذا كان مناط كون العمل بالخبر سفاهة هو كونه غير معلوم الصـدور ، فهذا المناط موجود في خبر الفاسق والعادل معاً ، وإن اختلف منشـؤه.
هذا وقد أضاف بعض العلماء بعد ذلك إلى العدالة قيد الضبط ، وجعلوا عنوان : (الثقة) جامعاً للعدالة والضبط ، ولكن هذه الإضافة لا تغيّر من النتيجة شيئاً ؛ لأنّ الضبط لا يجعل من الراوي شخصاً معصوماً لا يتطرّق إليه احتمال الخطأ ، ولأجل ذلك عرّفوا الضابط بأنّه من يقلّ خطأُه ، أو يكثر
__________________
(١) بحوث في علم الأُصـول ٤ / ٣٥٩.
(٢) بحوث في علم الأُصـول ٤ / ٣٦٠.
بشـرط أن لا يزيد على صوابه (١).
ويلاحظ :
إنّ مفهوم «العادل» تطوّر بعد ذلك في اصطلاح عدد من العلماء ، فأصبح شاملا لمَن نقطع بتحرّزه عن الكذب ، وإن كان فاسقاً ..
قال الشيخ الطوسي في العِـدّة : «فأمّا مَن كان مخطئاً في بعض الأفعال ، أو فاسقاً بأفعال الجوارح ، وكان ثقة في روايته متحرّزاً فيها ، فإنّ ذلك لا يوجب ردّ خبره ، ويجوز العمل به ؛ لأنّ العدالة المطلوبة في الرواية حاصلة فيه ، وإنّما الفسق بأعمال الجوارح يمنع من قبول شهادته ، وليس بمانع من قبول خـبره» (٢).
فعلى هذا يكون المراد بـ «العدالة» هو : الوثاقة والتحرّز من الكذب.
وقال الشهيد الصدر : «إنّ مدرك حجّية الخبر إن كان مختصّاً بآية النبأ ، فهو لا يثبت سوى حجّية خبر العادل خاصّة ، ولا يشمل خبر الثقة غير العادل ، وأمّا إذا لم يكن المدرك مختصّاً بذلك ، وفرض الاستدلال بالسيرة والروايات أيضاً ... فلا شكّ في وفاء السيرة والروايات بإثبات الحجّية لخبر الثقة ولو لم يكن عادلا» (٣).
* النقطة الثانية : الاستدلال بالسُـنّة ؛ وهو نوعان :
* النوع الأوّل : الاستدلال بالسُـنّـة القولية الواردة عن المعصومين عليهمالسلام الدالّة على حجّية خبر الثقة.
__________________
(١) توجيه النظر إلى أُصـول الأثر : ٣٢ ، أُصول الفقه ـ للخضري ـ : ٢١٥ وص ٢١٧.
(٢) العِدّة في أُصـول الفقه ١ / ١٥٢.
(٣) دروس في علم الأُصـول ، الحلقة الثالثة ١ / ٢٢٧.
قال الشهيد الصدر قدسسره : «وتذكر في هذا المجال طوائف عديدة من الروايات ، والظاهر أنّ كثيراً منها لا يدلّ على الحجّية» (١).
وأفضل ما في هذه الروايات : الطائفة التي دلّت «على الإرجاع إلى كلّي الثقة ، إمّا ابتداءً ، وإمّا تعليلا للإرجاع إلى أشخاص معيّنين على نحو يفهم منه الضابط الكلّي (٢) ...
وفي روايات هذه الطائفة ما لا يخلو من مناقشة أيضاً ، من قبيل قوله عليهالسلام : (فإنّه لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك في ما روى عنّا ثقاتنا ، قد عرفوا بأنّنا نفاوضهم بسـرّنا ، ونحمله إيّاهم إليهم) (٣) ؛ فإنّ عنوان «ثقاتنا» أخصّ من عنوان «الثقات» ، ولعلّه يتناول خصوص الأشخاص المعتمدين شخصيّاً للإمام ، والمؤتمنين من قِبله ، فلا يدلّ على الحجّية في نطاق أوسـع من ذلك.
وفي روايات هذه الطائفة ما لا مناقشة في دلالتها ، من قبيل ما رواه محمّـد بن عيسى ، قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليهالسلام : جعلت فداك! إنّي لا أكاد أصل إليك لأسألك عن كلّ ما أحتاج إليه من معالم ديني ، أفيونس ابن عبـد الرحمن ثقة آخذ عنه ما احتاج إليه من معالم ديني؟
فقال : (نعم) (٤).
ولمّا كان المرتكز في ذهن الراوي أنّ مناط التحويل هو : «الوثاقة» ، وأقرّه الإمام على ذلك ، دلّ الحديث على حجّية خبر الثقة.
__________________
(١) دروس في علم الأُصـول ، الحلقة الثالثة ١ / ٢١٢.
(٢) أي : حجّية خبر الثقة.
(٣) جامع أحاديث الشيعة ١ / ٢٧١ باب ٥ من أبواب حجّية أخبار الثقات ، ح ٣ ؛ وفيه : «إيّاه» بدل : «إيّاهم».
(٤) جامع أحاديث الشيعة ١ / ٢٧٦ ح ٢٤.
غير أنّ عدد الروايات التامّة دلالة على هذا المنوال لا يبلغ مستوى التواتر ؛ لأنّه عدد محدود ، نعم قد تبذل عنايات في تجميع ملاحظات توجب الاطمئنان الشخصي بصدور بعض هذه الروايات ؛ لمزايا في رجال سـندها ، ونحـو ذلك» (١).
ويلاحظ على ذلك :
١ ـ إنّ إيجاب هذه الروايات للاطمئنان الشخصي ـ لو حصل ـ لا فائدة فيه ؛ لأنّ ما ينفعنا هو الاطمئنان النوعي والقاعدة العامّة.
٢ ـ إنّ هذه الروايات لا تخلو من مناقشة أيضاً ؛ إذ لعلّ الراوي كان يسأل عن وثاقة يونس لدى الامام عليهالسلام نفسه ، وأنّ المرتكز في ذهنه هو الأخذ بأخبار المؤتمنين شخصياً للإمام عليهالسلام ، بل هذا هو المتعيّن بلحاظ ما كان عليه الواقع من إشراف الأئمّة المعصومين عليهمالسلام على حركة الحديث تلقّياً وروايةً وتدويناً ، وكان من أهمّ جوانب هذا الإشراف : توثيق أشخاص معيّنين من خلّص أصحابهم المؤتمنين ، وجعلهم وسائط لنقل أحاديثهم إلى شيعتهم ، وعليه تنحصر الحجّية في نطاق هؤلاء خاصّـة ، ولا تشمل الموثّقين من قبل علماء الرجال اعتماداً على اجتهاداتهم الخاصّة ؛ فإنّ رواياتهم لا تؤدّي إلى العلم بصدور ما يروونه عن المعصوم عليهالسلام.
* النوع الثاني : الاستدلال بسيرة المتشرّعة :
وحاصله : «إنّ المتشرّعة والرواة في عصر الأئمّة عليهمالسلام كانوا يعملون بأخبار الثقات ولو لم تفدهم الاطمئنان الشخصي ؛ فإن كانوا عملوا بها بما
__________________
(١) دروس في علم الأُصـول ، الحلقة الثالثة ١ / ٢١٧.
هم متشرّعة دلّ ذلك على تلقّيهم إيّاها من الشارع ..
وإن عملوا بها جرياً على سجيّتهم العقلائية ، دلّ ذلك على إمضاء الشارع لها ؛ لأنّه لم يردع عنها ؛ إذ لو كان ردع عنها لوصل إلينا شيء من نصـوص الردع» (١).
ولكن هذا الاستدلال مردود صغرىً وكبرى ..
أمّا الصـغرى :
فإنّ العقلاء في أُمورهم الشخصية المهمّة ، يتطلّبون العلم واليقين ، ولا يركنون إلى الظنّ ، فكيف نفترضهم بما هم متشرّعة يعملون بأخبار الثقات ولو لم تفدهم الاطمئنان الشخصي! فإنّ هذه الطريقة بما تمثّله من تسامح ، بل تهاون في التعامل مع أدلّة التشريع ممّا لا يمكن استساغته من قبَل المتشرّعة أنفسهم ، فضلا عن أن يسمح بها الشارع المقدّس الذي تعهّد بحفظ الدين.
ونضيف إلى ذلك : أنّ هناك شواهد تدلّ على أنّهم كانوا على منتهى الاحتياط والحذر في التعامل مع الأخبار ، ومن هذه الشواهد :
١ ـ رجوعهم إلى الأئمّة عليهمالسلام لتعرّف الرواة الموثّقين من قبَلهم شخصياً ؛ لأخذ الحديث عنهم.
٢ ـ عرضهم لكتب الحديث التي صنّفها الرواة الثقات علىالأئمّةعليهمالسلامللتأكّد من صحّتها وصدورها واقعاً عن المعصومين عليهمالسلام.
٣ ـ رجوعهم للأئمّة عليهمالسلام يستفسرون منهم عن جواز العمل بكتب الحديث التي كانوا يستندون إليها في العمل ، إذا طرأ انحراف عقائدي على
__________________
(١) دروس في علم الأُصـول ، الحلقة الثانية : ١٦٨ ـ ١٦٩.
رواتها ، كالذي حصل لبني فضّال ، وقد نقل الشيخ الطوسي : «ما قاله أبو محمّـد الحسن بن علي (صلوات الله عليهما) وقد سئل عن كتب بني فضّال ، فقالوا : كيف نعمل بكتبهم وبيوتنا منها ملاء؟ فقال صلوات الله عليه : «خـذوا بما رووا ، وذروا ما رأوا» (١).
وأمّا الكبرى :
وهي عدم ردع الشارع عنها ، لعدم وصول شيء إلينا من نصوص الردع ، فهي باطلة قطعاً ، والدليل على ذلك :
أوّلا : ما عرضناه من النصوص المتضافرة الواصلة الينا : التي تؤكّد حجّية العلم ، وتردع عن اتّباع الظنّ والعمل به.
ثانياً : ما سيأتي من تأكيد الشارع المقدّس الثابت بالكتاب وبالروايات المتواترة ، ضرورة عرض الروايات المنقولة عن المعصومين عليهمالسلام على محكم الكتاب والسُـنّة ، من أجل الوصول إلى العلم بصدورها عنهم ، أو العلم بعدم صـدورها ، ومن ثمّ تحديد الموقف تجاهها من حيث العمل بها أو ردّها ، على أساس العلم بواقع الحال ، فهذا يكشف بوضوح عن عدم رضا الشارع بالأخـذ بأخبار الثقات إذا لم تفِد العلم بالصدور.
* التوجيه الخامس :
الاستدلال العقلي على حجّية الظنّ ، الذي يقوم على دعوى انسداد باب العلم بالحكم الشرعي.
__________________
(١) الكافي ١ / ٣٥٢.
وهذا الدليل إذا تمّ يُثبت حجّـية مطلق الظنّ ، ولا يختصّ بالظنّ الناشئ من خبر الثقة ، وهو ـ كما ذكره الشيخ الأنصاري قدسسره ـ مؤلّفٌ من أربع مقدّمات ، إلاّ أنّ الشيخ الآخوند أضاف إليها مقدّمة أُخرى جعلها الأُولى في الترتيب ، فأصبحت خمساً كما يلي :
١ ـ العلم إجمالا بثبوت تكاليف فعليّة في الشريعة.
٢ ـ انسداد باب العلم والظنّ الخاصّ (العلمي) بمعظم تلك التكاليف.
٣ ـ إنّ إهمال تلك التكاليف وعدم التعرّض لامتثالها غير جائز.
٤ ـ إنّ الاحتياط في جميع أطراف تلك التكاليف المعلومة بالإجمال غير واجب علينا ؛ لِما يؤدّي إليه من العسـر والحـرج.
٥ ـ إنّ ترجيح المرجوح (الوهم) على الراجح (الظنّ) قبيح ، فيستقلّ العقل حينئذ بلزوم الإطاعة الظنّية ، أي : امتثال خصوص ما حصل الظنّ بثبوته شرعاً من تلك التكاليف المعلومة بالإجمال ، وإلاّ لزم ـ بعد انسداد باب العلم والعلمي (الظنّ الخاصّ) ـ إمّا إهمالها ، وإمّا لزوم الاحتياط في جميع أطرافها ، والمفروض بطلان كلّ واحد منهما (١).
وقال الشيخ الأنصاري : إنّ دليل الانسداد إمّا أن يقرَّر «على وجه يكون كاشفاً عن حكم الشارع بلزوم العمل بالظنّ ، بأن يقال : إنّ بقاء التكاليف ـ مع العلم بأنّ الشارع لم يعذرنا في ترك التعرّض لها وإهمالها ، مع عدم إيجاب الاحتياط علينا ، وعدم بيان طريق مجعول فيها ـ يكشف عن أنّ الظنّ جائز العمل ، وأنّ العمل به جائز عند الشارع ... فحجّية الظنّ
__________________
(١) كفاية الأُصـول : ٣١١ ـ ٣١٢ ، فرائد الأُصـول ١ / ٣٨٤ ـ ٣٨٥.
على هذا التقرير تعبّد شرعي كشف عنه العقل من جهة دوران الأمر بين أُمور كلّها باطلة سواه ...
وإمّا أن يقرَّر على وجه يكون العقل منشأً للحكم بوجوب الامتثال الظنّي ، بمعنى حسن المعاقبة على تركه ، وقبح المطالبة بأزيد منه ... فهذا الحكم العقلي ليس من مجعولات الشارع ؛ إذ كما أنّ نفس وجوب الطاعة وحرمة المعصية بعد تحقّق الأمر والنهي من الشارع ، ليس من الأحكام المجعولة للشارع ، بل شيء يستقلّ به العقل لا على وجه الكشف ، فكذلك كيفية الإطاعة ، وأنّه يكفي فيها الظنّ بتحصيل مراد الشارع في مقام ، ويعتبر فيها العلم بتحصيل المراد في مقام آخر ، إمّا تفصيلا أو إجمالا» (١).
وقد عقّب صاحب الكفاية على المقدّمة الثانية ، القائلة بانسداد باب العلم والعلمي ، بقوله : «أمّا بالنسبة إلى العلم ، فهي بالنسبة إلى أمثال زماننا بيّنة وجدانية ... وأمّا بالنسبة إلى العلمي ، فالظاهر أنّها غير ثابتة ؛ لِما عرفت من نهوض الأدلّة على حجّية خبر يوثق بصدقه» (٢).
فهو يسلّم بعدم وجود الدليل المؤدّي إلى (العلم) بقسم من الأحكام الشرعية ، ولكنه يستظهر وجود الدليل (العلمي) ، وليس مرادهم بالدليل العلمي شيئاً سوى الدليل (الظنّي) ، لكنّهم نسبوه إلى العلم ، بالذهاب إلى أنّ الشارع المقدّس قد حكم بحجّية بعض الظنون وعدّها علماً ، كالظنّ بصدور الحديث الناتج من خبر الثقة ، والظنّ بمدلول الدليل الحاصل من ظهور الكلام ، ولكنّ النقاش في نهوض الأدلّة على هذا الادّعاء.
__________________
(١) فرائد الأُصـول ١ / ٤٦٥ ـ ٤٦٦.
(٢) كفاية الأُصـول : ٣١٢.
والواقع
: أنّ باب العلم
بالحكم الشرعي
ليس مسدوداً ،
بل هو مفتوح على
مصراعيه دائماً
، وأنّ دعوى انسداد
باب العلم لا يمكن
قبولها بحال ؛
لأنّها منافية
لعلم الله تعالى
، ولحكمته ، ولقدرته
، ولكرمه ، ولرحمته
؛ إذ بعد قيام النصوص
الشرعية ـ التي
قدّمناها ـ على
حجّية العلم مطلقاً
، أي : في أُصول الدين
وفروعه ، وعدم
حجّية الظنّ مطلقاً
، مضافاً إلى ثبوت
إكمال الدين وحـفظه
واسـتيعاب الشـريعة
لكلّ جوانب الحياة
البشرية ، لا يبقى
معنىً للقول بانسداد
باب العلم إلاّ
أنّ الشارع المقدّس
قد دفع بنا إلى
طريق مسـدود ،
وعلّق معرفتنا
بالأحكام على أمر
مستحيل ، وإنّما
يُتصـوّر لجوؤه
إلى هذا إمّا لعدم
علمه بأنّ باب
العلم مسدود ،
أو لعدم قدرته
على فتحـه ، أو
لبخله وعدم شـمول
رحمته!! وكلّها
أُمور منافية لعقيدتنا
بالله عزّ وجلّ
، ولصفاته الجمالية. وأنّ هذه
اللوازم الباطلة
للقول بانسداد
باب العلم ، تؤكّد
لنا خطأ هذا القول
، وتحثّنا على
البحث عن الطرق
التي تحقّق العلم
بصدور الدليل ،
وبمدلول الدليل
، وتؤدّي إلى إثبات
(انفتاح باب العلم)
بالحكم الشرعي
، في قبال من ذهب
إلى انسداده ،
فاضطر إلى القول
بحجّية الظنون
، واتّخاذها طريقاً
لتحديد الأحكام
الشرعية ، رغم
صراحة النصوص من
آيات الكتاب ،
والسُـنّة الشريفة
في النهي عن اتّباع
الظنّ. إنّ باب
العلم بالحكم الشرعي
له مصراعان : أحدهما
: العلم بصدور الدليل
على الحكم من الشارع
المقدّس. والآخـر
: العلم بمدلول
الدليل ، الكاشف
عن مراد الشارع
الواقعي. والمصـدر
الأساسـي لأدلّة
الأحكام هو : الوحي
الإلهي ، المتمثّل
في الكتاب والسُـنّة
؛ إذ لا فرق بين
الكتاب والسُـنّة
الشريفة من حيثُ
وحـدة المصـدر ووحدة المبلِّغ ؛ فمصدرهما معاً هو الله عزّ وجلّ ؛ لأنّ رسـول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يشرِّع من عندِه ، ولا يتقوّل على ربّه ، قال تعالى : (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) (١) ، ومبلِّغهما معاً هو : النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم.
نعم ، يفترقان في أنّ القرآن الكريم موحى به من الله تعالى بلفظه ومعناه ، ومتعبّد بتلاوته ، وأمّا السُـنّة فلا يتعبّد بتلاوتها ، وقد نزل الوحي بمعانيها ، وأوكل التعبير عن تلك المعاني لألفاظ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
والمعلوم : أنّ النصّ القرانيّ بأكمله قطعيّ الصدور من الله عزّ وجلّ ، وأمّا السُـنّة فهي على نحوين :
أوّلهما :
ما كان معلوم الصدور ، وهو : ما ثبت نقله بالتواتر ، أو كان مضمونه ثابتاً بالضرورة من الدين ، أو كان مضمونه من السُـنّة الجامعة المتّفق على نقلها وقبولها من قبل جميع المسلمين : أهل السُنّة وشيعة أهل البيت عليهمالسلام.
والنحو الثاني :
ما ليس كذلك ، فهو ظنّي الصدور ، وهو المنقول بما اصطلح على تسميته بـ«خبر الواحد» وإن تعدّد رواته ، هذا من حيثُ الصدور ..
وأمّا من حيث الدلالة ، فقد قسّموا الآيات والأحاديث معاً إلى قسمين ؛ لأنّ منها ما هو معلوم الدلالة على المعنى ، ويعبّر عنه بـ : «النّص» ،
__________________
(١) سورة النجم ٥٣ : ٣ ـ ٤.
ومنها ما هو مظنون الدلالة على معناه ، ويعبّر عنه بـ : «الظاهر».
وعليه : فالدليل الشرعي يؤدّي إلى العلم بالحكم ؛ إذا كان آية كريمة أو حديثاً معلوم الصدور ، وكان نصّاً وصريحاً في الدلالة على المراد.
وأما إذا لم يكن الدليل نصّاً في معناه ، بل كان ظاهراً فيه ، فإنّه لا يفيد ـ لديهم ـ أكثر من الظنّ بالحكم ، سواء أكان آية أم حديثاً.
وكذلك الأمر إذا كان الدليل حديثاً ثابتاً بخبر الواحد ؛ فإنّه لا يفيد إلاّ الظنّ بالحكم ، وإن كانت دلالته على معناه بالنّص ، وذلك من جهة عدم العلم بصـدوره.
ومنه يتّضـح : أنّ مشكلة الظنّ بالحكم الشرعي تنشأ من كونه مستفاداً من خبر الواحد ، أو من دليل يدلّ على معناه بالظهور لا بالنصّ.
وسبب المشكلة ما أشرنا إليه من وجود النصوص الشرعية التي تحصـر الحجّية بالعلم ، وتسلب الحجّية عن الظنّ ، وتنهى عن اتّباعه والعمل به.
وقد عُني علماء المسلمين ـ منذُ القديم ـ بمعالجة هذه المشكلة بكلا جانبيها ، ويبدو أنّ فكرة عدم وجود طريق للعلم ببعض الأحكام الشرعية قد استحوذت على أذهان كثير من العلماء ، وجعلتهم على قناعة بأنّه لا مناصّ من العمل بالظنّ ، فسعوا إلى تحصيل أدلّة شرعية وعقلية تمنح الحجّية للظنّ الحاصل من خبر الواحد ، ومن ظهور الكلام ، وتسوِّغ اتّخاذهما طريقين لمعرفة الأحكام الشرعية ، بدلا من البحث عن طرق تؤدّي إلى تحصيل العلم بالحكم الشرعي.
وتحقيق الكلام بهذا الشأن يقع في نقطتين :
* النقطة الأُولى : في إثبات صدور الحديث.
والملاحظ هنا : أنّ معظم العلماء درجوا على سلوك منهج «نقد السند» في تصحيح الروايات وتضعيفها ، وهو منهج يقوم على أساس من إثبات عدالة الراوي أو وثاقته للحكم بصحّة الرواية والعمل بمضمونها ، أو عدم إثبات عدالة الراوي أو وثاقته للحكم بضعف الرواية وردّها.
وهذا المنهج باعتراف أصحابه لا يؤدّي إلى العلم بصدور المروي عن المعصوم عليهالسلام ، ولا إلى العلم بعدم صـدوره ، وقد صرّحوا بأنّهم لا يريدون بالحديث الصحيح أنّه معلوم الصدور ، وإنّما يريدون به ما كان رواته ثقات أو عدولا ..
قال السيوطي : «وإذا قيل : هذا حديث صحيح ، فهذا معناه ... لا أنّه مقطوع به في نفس الأمر ؛ لجواز الخطأ والنسيان على الثقة ...
وإذا قيل : هذا حديث غير صحيح ... فمعناه : لم يصحّ إسناده ، لا أنّه كذب في نفس الأمر ؛ لجواز صدق الكاذب ، وإصابة مَن هو كثير الخطأ» (١).
وبهذا لا يكون الأخذ بالرواية ولا ردّها على هذا المنهج قائماً على أساس العلم بصدورها أو العلم بعدمه ، وانّما هو قائم على مجرد الظنّ في كلتا الحالتين.
وممّا يؤكّد عدم اعتبار الشارع لمنهج «نقد السند» في إثبات صدور الحديث : أنّ الشارع نفسه ، قد جعل منهجاً آخر لنقد الروايات هو منهج «نقد المتن» أو منهج «النقد الدلالي» القائم على أساس عرض «متن»
__________________
(١) تدريب الراوي : ٣٩ ـ ٤٠.
الرواية على محكم الكتاب والسُـنّة ، وهو منهج يؤدّي إمّا إلى العلم بصدور الحديث عن المعصومين عليهمالسلام ، أو العلم بعدم صـدوره عنهم.
وإنّ تأكيد النصوص الشرعية لهذا المنهج يكشف عن مدى عناية الشارع بمسألة إثبات صـدور الحديث إثباتاً علمياً ، وهذا أمر طبيعيّ ؛ ذلك أنّ الشارع المقدّس بعد أن أكّد حجية العلم ، وأبطل حجّية الظنّ مطلقاً ، يكون من الضروري أن يضع للمكلّفين ميزاناً ومنهجاً يعرضون عليه ما ينقله الرواة من كلام المعصومين عليهمالسلام ، ليميّزوا به ما هو صادر عنهم واقعاً ، عمّا ليس بصادر ، وإنّما هو من وضـع الرواة أو أخطائهم.
وبهذا يظهر وجه التأمّل في ما ذكره الشيخ الأنصاري في دليل الانسداد من عدم بيان الشارع لطريق مجعول في معرفة الأحكام (١).
والأدلّة على مشروعيّة هذا المنهج :
أوّلا :
الروايات الواردة في مصادر الفريقين الحديثية ، البالغة حدّ التواتر المفيد للعلم ، والموافقة لكتاب الله عزّ وجلّ ..
فقد وردت في مؤلّفات أهل السُنّة بعشرة طرق ، وفي مؤلّفات الشيعة بخمسة وعشرين طريقاً (٢) ، ومن نماذج هذه الروايات لدى الفريقين :
١ ـ «عن زِر بن حُبيش ، عن عليّ بن أبي طالب ، قال : قال
__________________
(١) فرائد الأُصـول ١ / ٤٦٥.
(٢) تعرّضـت لذلك مفصّلا في بحث بعنوان : «عرض الأحاديث على كتاب الله» ، وهو منشـور في مجلّة «علوم الحديث» ، التي تصدرها «كلّية علوم الحديث» في طهران ، العدد ١٧ لسنة ١٤٢٦ هـ.
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّه تكون رواة يروون عنّي الحديث ، فاعرضوا حديثهم على القرآن ، فما وافق القرآن فخـذوا به ، وما لم يوافق القرآن فلا تأخذوا بـه» (١).
٢ ـ «عن ابن أبي كريمة ، عن أبي جعفر ... صَعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم المنبر فخطب الناس فقال : إنّ الحديث سيفشو عنّي ، فما أتاكم عنّي يوافق القرآن فهو عنّي ، وما أتاكم عنّي يخالف القرآن ، فليس عنّي» (٢).
٣ ـ «عن أبي هريرة ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال : سيأتيكم عنّي أحاديث مختلفة ، فما جاءكم موافقاً لكتاب الله ولسُـنّتي فهو منّي ، وما جاءكم مخالفاً لكتاب الله ولسُـنّتي ، فليس منّي» (٣).
٤ ـ «عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبـد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في خطبة بمنى أو بمكّة : يا أيّها الناس! ما جاءكم عنّي يوافق القرآن فأنا قلته ، وما جاءكم عنّي لا يوافق القرآن ، فلم أقله» (٤).
ثانياً :
قوله تعالى : (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُولِ) (٥) ، وهذه الآية شاهد لأحاديث العرض على الكتاب والسُـنّة ..
قال الإمام علي عليهالسلام : «فالرادّ إلى الله : الآخذ بمحكم كتابه ، والرادّ إلى
__________________
(١) سُـنن الدارقطني ٤ / ٢٠٩ ح ٢٠.
(٢) الأُمّ : ١٦٢٢ ح ٢٨٦٣.
(٣) سُـنن الدارقطني ٤ / ٢٠٨ ح ١٧ كتاب الأقضية والأحكام.
(٤) الكافي ١ / ٥٥ ، تفسير العيّاشي ١ / ٩.
(٥) سورة النساء ٤ : ٥٩.
الرسول : الآخذ بسُـنّته الجامعة غير المتفرّقة» (١).
وهذا القول يحدّد بدقّة مفهوم روايات العرض ، وإنّ المراد بالكتاب خصوص آياته المحكمة المعلومة الدلالة ، في قبال ما لم يكن نصّاً وصريحاً في مدلوله وهو المتشابه ، فهذا لا بُدّ من تحديد معناه في ضوء دلالة الآيات المحكمة ، وإنّ المراد بالسُـنّة هو خصوص السُـنّة المجمع عليها ؛ لوضوح معناها ، ولثبوت صدورها بالتواتر أو بالضرورة من الدين ، أو بنقلها وتلقّيها بالقبول من قِبل جميع المسلمين.
فكما أنّ المعلومات النظرية يتقرّر صدقها أو كذبها بالرجوع إلى المعلومات البديهية ، كذلك ما هو مظنون الصدور من الأحاديث ؛ فإنّه يُعرض على ما هو معلوم الصدور من الكتاب والسُـنّة ، بنحو يؤدّي إلى العلم بصـدوره أو العلم بعـدم صدوره.
وممّا تقدّم يتّضح :
* أوّلا : إنّ قاعدة العرض على محكم الكتاب والسُـنّة ليست من اجتهادات العلماء ، وإنّما هي قاعدة مجعولة من قبل الشارع المقدّس من أجل الحفاظ على أدلّة الأحكام الشرعية ، بتعيين ما هو صادر واقعاً من الأحاديث ، وهو الموافق لمحكم الكتاب والسُنّة المعلومة الصدور ، وتمييزه عمّا ليس صادراً عن المعصوم واقعاً ، وإنّما هو من أخطاء الرواة أو مختلقاتهم ، وهو ما خالف محكم الكتاب والسُـنّة.
* ثانياً : إنّ هذه القاعدة لا تحتمل الخطأ ، بل تؤدّي إلى العلم بصدور الحديث أو عدم صدوره ، خلافاً لمنهج «نقد السند» ، القائم على توثيق
__________________
(١) نهج البلاغة ـ تحقيق صبحي الصالح ـ : ٥٣.
الرواة أو تضعيفهم ؛ فإنّه لا يؤدّي إلى أكثر من الظنّ بذلك ؛ لأنّ وثاقة الراوي لا تدلّ على صدور الحديث واقعاً ، بسبب احتمال الخطأ ، كما أنّ ضعف الراوي لا يؤدّي إلى العلم بعدم صدور الحديث ؛ إذ أنّ الفاسق قد يصدق ؛ لأنّه لا يكذب على طولِ الخط ، كما أنّ كثير الخطأ قد يصيب.
* ثالثاً : إنّ هذه القاعدة صالحة للتطبيق على جميع الأحاديث ، أي : أحاديث الثقات وغير الثقات ، بخلاف منهج «نقد السند» ؛ فإنّه يستبعد أحاديث الضعاف رأساً ، مع أنّ فيها أحاديث يحتمل صدورها واقعاً من المعصومين عليهمالسلام.
بل قد صرّح في بعض روايات العرض بأنّه لا فرق في تطبيق هذه القاعدة بين روايات الثقات وروايات الضعفاء ..
«عن محمّـد بن مسلم ، قال : قال أبو عبـد الله عليهالسلام : يا محمّـد! ما جاءَك من رواية من برّ أو فاجر ، يوافق القرآن ، فخذ به ، وما جاءك من رواية من برّ أو فاجر ، يخالف القرآن ، فلا تأخذ به» (١).
«الحسين بن العلاء ... قال : سألت أبا عبـد الله عليهالسلام عن اختلاف الحديث ، يرويه مَن نثق به ، ومنهم مَن لا نثق به؟
قال : إذا ورد عليكم الحديث فوجدتم له شاهداً من كتاب الله أو من قول رسـول الله ، وإلاّ فالذي جاءكم به أوْلى به» (٢).
* رابعاً : إن كون هذه القاعدة مجعولة من قبل الشارع ، يفرض قبولها لدى جميع مذاهب المسلمين ، ويجعل من الضروري تطبيقها على جميع الأحاديث الواردة في مصنّفاتهم ، لا فرق في ذلك بين مصنّفات أهل
__________________
(١) تفسير العيّاشي ١ / ٨.
(٢) المحاسن ١ / ٣٥٢ ـ ٣٥٣.
السُـنّة ومصنّفات الشيعة ، بما في ذلك المصنّفات المعنونة بالصحاح ؛ ذلك أنّ صحّة الحديث لا تساوق العلم بصـدوره ، بل الصحّة مصطلح حديثي يراد به مجرّد ثبوت وثاقة أو عدالة رواة الحديث ، وقد علمنا أنّ مجرد وثاقة الراوي وعدالته لا توجب العلم بصدور ما ينقله عن المعصـوم.
كما أنه لا يبقى لأهل السُـنّة مسوّغ للإعراض عن مصنّفات الشيعة ، وحرمان أنفسهم من الثروة الحديثية التي تضمّنتها ، بدعوى ضعف رواة الشيعة واتّهامهم بعدم التورّع عن الكذب ؛ ما دام ضعف الراوي لا يساوق العلم بعدم صدور ما يرويه ، ولعلّ ما يرويه صادر عن المعصوم حقّاً ، فلا بُد من التبيّن عنه بعرضـه على محكم الكتاب والسُـنّة ، والأخذ به إذا كان موافقاً لهما.
فالمتعيّن شرعاً هو : رجوع جميع الأطراف إلى قاعدة العرض على محكم الكتاب والسُـنّة ، وتحكيمها في جميع الروايات ، فبها يعلم صدور الحديث أو عدم صدوره ، مع قطع النظر عن حال الراوي من الوثاقة أو الضـعف.
أقول:
من الملفت للنظر : أنّه على الرغم من وجود روايات قاعدة العرض بين أيدي العلماء ، وصراحتها في شمول هذه القاعدة لجميع الروايات ، سواء أكان لها معارض أو لا ، نجد العلماء يعمدون إلى إثبات صحّة الرواية أوّلا على أساس منهج «نقد السند» ووثاقة الراوي ، ثمّ يرجعون إلى قاعدة العرض لعلاج حالات التعارض بين الروايات التي تمّ إثبات حجّيتها مسبقاً استناداً إلى وثاقة رواتها ، أي أنّهم يعمدون في البداية إلى تحديد الموقف
من الروايات في ضوء النقد السندي ، فالرواية الضعيفة السند تسقط رأساً ، ولا تكون حجّة لتعارض رواية صحيحة السند ؛ إذ لا معنى ـ على رأيهم ـ للتعارض بين الحجّة وغير الحجّة ، وأمّا الرواية الصحيحة السند ، فإنّها تكون حجّة عندهم ، فإذا عارضت رواية صحيحة أُخرى ، تصل النوبة حينئذ إلى حلّ التعارض بالعرض على الكتاب ، فيؤخذ بما وافقه ويطرح ما خالفه.
ويلاحظ :
إنّ تسلسل البحث بهذه الطريقة ليس صحيحاً ؛ لأنّ الحجّية إذا كانت أمراً مجعولا من قبل الشارع ، كيف يعقل أن يجعلها لما يعارض الكتاب ، أو يجعلها لكلّ من المتعارضَـين ، مع أنّ ذلك خلاف الحكمة؟!
فالصحيح أن يقال :
إنّ التنافي والتعارض في الكلام يستحيل نسبته إلى الله سبحانه ؛ قال عزّ وجلّ : (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ الله لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً) (١) ، وبما أنّ مصـدر القرآن والسُـنّة معاً هو الله عزّ وجلّ ، فلا يمكن وقوع التنافي بين النصوص الواردة فيهما.
وعليه :
فإذا كانت الرواية منافية للكتاب والسُـنّة المعلومة الصدور ، علمنا بعدم صدورها عن المعصومين عليهمالسلام ، وإذا حصل التنافي بين الروايتين ،
__________________
(١) سورة النساء ٤ : ٨٢.
علمنا بعدم صدور إحداهما ، فنقوم بعرضهما على محكم الكتاب والسُـنّة المعلومة الصدور ، فنأخذ بالموافِقة لهما ؛ للعلم بصدورها حينئذ ، ونردّ المخالِفة لهما ؛ للعلم بعدم صدورها وأنّها دخيلة على الشارع بسبب الوضع أو أخطاء الرواة ..
فالتعارض إنّما يقع بين الروايتين ، ويكشف عن أنّ إحداهما ليست صادرة من الشارع قطعاً ، أي : إنّ التعارض إنّما يقع بين الحجّة وغير الحجّة ، وهما مختلطتان وغير متميّزتين ، ولا يعقل وقوعه بين الحجّتين ، وهذا ما يكشف عن خطأ الطريقة المعهودة في النقد السندي ، التي قد تثبت بها الحجّية شرعاً لرواية معارِضة للكتاب ، أو لروايتين متعارضتين ، بناءً على دعوى جعل الشارع الحجّية لخبر الثقة ، مع التسليم بعدم إفادته العلم.
* النقطة الثانية : في إثبات مدلول الدليل.
إنّ مراجعة الآيات القرآنية تظهرنا على أنّ الشارع المقدّس قد حرص على أن تكون تعاليمه لعباده واضحة جليّة ، لا لبس فيها ولا غموض يعتريها ، وأكّد في أكثر من آية ما يمكن تسميته بقاعدة «البلاغ المبين» في خطاباته للمكلّفين ، ومن ذلك ـ على سبيل المثال ـ قوله تعالى :
١ ـ (وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ) (١).
٢ ـ (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُول إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) (٢).
٣ ـ (قَدْ جَاءَكُم مِنَ الله نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ) (٣).
__________________
(١) سورة يس ٣٦ : ١٧.
(٢) سورة إبراهيم ١٤ : ٤.
(٣) سورة المائدة ٥ : ١٥.
٤ ـ (فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ) (١).
وإنّ تأكيد الشارع المقدّس لقاعدة «البلاغ المبين» أمر ينسجم مع تأكيد النصوص الشرعية من الآيات والأحاديث لحجّية العلم وعدم حجّية الظنّ ؛ إذ معه لا يعقل أن يخاطب الشارع الحكيم عباده بما لا يفيدهم علماً بمراداته ، ولا يورثهم إلاّ الظنّ الذي لا يُغني من الحقّ شيئاً.
إلاّ أنّ علماء الأُصـول قسّموا الألفاظ إلى قسمين :
أحدهما : ما كان نصّاً في معناه ، وعرّفوه بأنّه : الموضوع لمعنىً معيّن ، ولا يحتمل إفادة غيره.
والآخر : ما كان ظاهراً في معناه ، وهو : الموضوع لمعنىً معيّن ، ولكنّه يحتمل إفادة غيره.
وقالوا : إنّ ما كان نصّاً يفيد العلم بمراد المتكلّم ، وما كان ظاهراً لا يفيد إلاّ الظنّ بالمراد.
قال الشهيد الصدر : «قد يدلّ الدليل الشرعي على أحدِ أمرين ، مع أولوية دلالته على أحدهما بنحو يسبق إلى الذهن تصوّراً على مستوى المدلول التصوّري ، وتصديقاً على مستوى المدلول التصديقي ، وإن كانت إفادة المعنى الآخر تصوّراً وتصديقاً بالدليل المذكور ممكنة ومحتملة أيضاً بحسب نظام اللغة وأساليب التعبير العامّ ، وهذا هو الدليل الظاهر في معنىً ، وفي مثلِ ذلك يحمل على المعنى الظاهر ؛ لأنّ الظهور حجّة في تعيين مراد المتكلّم ، وهذه الحجّية لا تقوم على أساس اعتبار العلم ؛ لأنّ الظهور لا يوجب العلم دائماً ، بل على أساس حكم الشارع بذلك» (٢).
__________________
(١) سورة المائدة ٥ : ٩٢.
(٢) دروس في علم الأُصـول ، الحلقة الثانية : ١٨٠.
وقال الشيخ المظفّر رحمهالله : «إنّ الأصل حرمة العمل بالظنّ ، ما لم يدلّ دليل قطعي على حجّـيّته ، والظواهر من جملة الظنون ، فلا بُدّ من التماس دليل قطعيّ على حجّـيّتها ، ليصحّ التمسّك بظواهر الآيات والأخبار» (١).
وقد انتهوا إلى أنّ الدليل القطعي على حجّية الظهور هو السيرة العقلائية الممضاة من قبل الشارع ؛ فقد «تبانى العقلاء في الخطابات الجارية بينهم على الأخذ بظهور الكلام وعدم الاعتناء بإرادة خلاف الظاهر ... ولا بُدّ أنّ الشارع قد أمضى هذا البناء ، وجرى في خطاباته على طريقتهم هذه ، وإلاّ لزجرنا ونهانا عن هذا البناء في خصوص خطاباته ... فيعلم أنّ الظاهر حجّة عنده ، كما هو عند العقلاء بلا فرق» (٢).
ويلاحظ :
إنّ هذه الطريقة في التفريق بين النصّ والظاهر ليست صحيحة ؛ إذ ليس هناك لفظ يحتمل معنيين مع أولوية دلالته على أحدهما دون الآخر ؛ لأنّ كلّ لفظ لا يدلّ بذاته إلاّ على معناه الحقيقي الذي يتبادر منه عند الإطلاق.
وعليه فينبغي أن يقال :
إنّ الألفاظ كلّها إنّما وضعت للدلالة على معانيها الحقيقية التي اقترنت بها بسبب التعيين أو التعيّن ، والتي تتبادر منها عند الاستعمال ، فلا تدلّ إلاّ عليها إذا بقينا نحن وذات اللفظ ، غاية الأمر أنّ الألفاظ على نحوين :
__________________
(١) أُصـول الفقه ـ للشيخ المظفّر ـ ٣ / ١٣٧.
(٢) أُصـول الفقه ـ للشيخ المظفّر ـ ١ / ٣١.
* الأوّل : ما وضع لمعنىً معيّن ، ولا يحتمل بحسب نظام اللغة إفادة غير ذلك المعنى حتّى بمعونة القرائن ، وهذا هو «النصّ» ، كما لو قال المولى : (يحرم عليك الخمر) ؛ فإنّه نصّ في الحرمة ، ولا يمكن صرف دلالته من الحرمة إلى الكراهة ، بقرينة كلام آخر يرخّص في تناول الخمر ، بل الكلام الآخر سيكون في نظر العرف معارضاً للحكم بالحرمة.
* والنحو الثاني : ما وضع ليدلّ بذاته وبمجرّده على معنىً معيّن ، ولكنّه قابل للدلالة على معنىً آخر ، وهذه القابلية لا تصل إلى مرحلة الفعلية إلاّ بمعونة كلام آخر يكون قرينة تصرف دلالة اللفظ إلى ذلك المعنى الآخـر.
ففي هذا النحو الثاني ، إذا بقينا نحن وذات اللفظ ، تبادر منه معناه الحقيقي ، وعلمنا أنّه هو المراد الواقعي للمتكلّم ، ولم نحتمل دلالته على معنىً آخـر ، وإلاّ لَما تمّ التفاهم بين أهل اللغة ..
وأمّا إذا قرن المتكلّم بذلك اللفظ ما يصرف ظهوره ودلالته إلى معنىً آخـر ، علمنا أنّ مراده هو المعنى الآخـر.
من نماذج هذا النحو الثاني :
أوّلا :
ما تؤدّي القريـنة فيه إلى تغـيّر نوع الحكم ، ويدخل ضمن هذا القسم :
١ ـ مادّة الأمر وصيغته.
نحو : «آمرُك بالقراءة ـ اقرأْ» ؛ فإنّ معناهما الحقيقي الموضوع له هو
«الوجوب» ، وهو الظاهر منهما مع عدم القرينة ، ولكنّهما قد يستعملان لإفادة «الاستحباب» مع القرينة ، التي تتمثّل في وجود دليل آخر صادر من الشارع يرخص في ترك القراءة ، فيكشف عن استعمال الصيغة في الدليل الأوّل في الطلب الاستحبابي لا الوجوبي.
٢ ـ مادّة النهي وصيغته.
نحو : «أنهاك عن التدخين ـ لا تدخّن» ؛ فإنّ معناهما الحقيقي هو الحرمة ، وهو الظاهر المتبادر منهما مع عدم القرينة ، ولكنّهما قد يستعملان لإفادة «الكراهة» بمعونة القرينة التي تتمثّل بورود دليل شرعي آخر يرخّص في التدخين ، ويصرف ظهور الدليل الأوّل من النهي التحريمي إلى النهي الكراهتي.
ثانياً :
ما تؤدّي القرينة فيه إلى تضييق دائرة موضوع الحكم أو توسيعها ، كأن يكون اللفظ دالاّ بذاته على الشمول والاستيعاب لجميع أفراد الموضوع أو حالاته ، ما لم يمنع من ذلك وجود دليل آخر يستثني بعض الأفراد أو الحالات ، أو يوسّع دائرة الموضوع بإضافة بعض الأفراد إليه ، كدليل «الطواف بالبيت صلاة» ، الموسّع لموضوع شرطية الطهارة في العبادات ، وممّا يدخل في هذا القسم :
١ ـ ألفاظ العموم.
نحو : «كل» ، «جميع» ، فلو قال الآمر : «أكرم جميع العلماء» ، كان
كلامه ظاهراً في دخول جميع أفراد العلماء في موضوع الحكم بوجوب الإكرام ، إلاّ إذا صدر من الآمر نفسه كلام آخر يقول فيه مثلا : «لا تكرم العالم الفاسـق» ؛ فإنّه يكون قرينة تضيّق دائرة شمول الكلام الأوّل ، بإخراج فسّاق العلماء من موضوع الحكم بوجوب الإكرام.
٢ ـ الألفاظ المطلقة.
نحو : «رقبة» في قول المولى : «أعتق رقبةً» ؛ فإنّه ظاهر بذاته في الشمول للرقبة مطلقة من قيد الإيمان والكفر ، إلاّ إذا ورد دليل آخر من قِبَل المولى ينهى عن عتق الكافر ؛ فإنّه يقيّد إطلاق الرقبة في الدليل الأوّل ، ويحصـر موضوع تشريع العتق بالرقبة المقيّدة بالإيمان.
وعليه :
فليس من الصحيح التفريق بين النّص والظاهر ، بإفادة الأوّل للعلم بمراد المتكلّم ، وإفادة الثاني للظنّ بمراده.
بل الصحيح :
أن نفرّق بينهما بالقول : إنّ النص هو : ما وضع لمعنىً معيّن ولا يمكن استعماله في غيره حتّى مع القرائن ، ولأجل ذلك يحصل العلم بإرادة المتكلّم لذلك المعنى من ذات اللفظ.
وأمّا الظاهر ، فهو : اللفظ الموضوع لمعنىً معيّن ، ولا تحتمل دلالته على غيره ، ولكن يمكن استعماله في غيره ، بشرط وجود قرينة تصرف دلالته من المعنى الموضوع له ، إلى ما قامت عليه القرينة ، والقرينة تارة
تنظر إلى موضوع الحكم ، فتقوم بتوسعة دائرته أو تضييقها ، وأُخرى تنظر إلى الحكم نفسـه ، كأن تقوم بتغييره من الوجوب إلى الاستحباب ، أو من الحرمة إلى الكراهة.
وفي هذه الحال ، إذا بقينا نحن وذات اللفظ ، ولم نجد في الكلام قرينة تصرفه عن معناه الموضوع له ، لم نحتمل دلالته على معنىً آخر ، بل نعلم بأنّ مراد المتكلّم واقعاً هو المعنى الظاهر من ذات اللفظ ، أي : المعنى الحقيقي المتبادر منه ، وإن وجدنا قرينة صارفة له عن معناه الحقيقي ، علمنا أنّ مراد المتكلّم هو المعنى الذي قامت عليه القرينة.
وعليه :
فليس في الظهور ظنّ بمراد المتكلّم لكي نبحث عن دليل يثبت حجّية هذا الظنّ شرعاً.
واحتمال ضياع بعض النصوص التي تشكّل قرائن على إرادة خلاف ظواهر الأدلّة الموجودة بين أيدينا ، يردّه أنّ الشارع المقدّس قد أكمل الدين وتعهّد بحفظه ؛ قال تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) (١) ، وقال سبحانه : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (٢) ، ولا معنى لحفظ الدين إلاّ الحفاظ على نصوصـه من الضياع ، ولمّا كانت القرائن أدلّة شرعية ، فهي محفوظة حتماً بحفظ الله لها ، وحاضرة بين أيدينا ، ولا معنى لاحتمال فقدها وضياعها.
__________________
(١) سورة المائدة ٥ : ٣.
(٢) سورة الحجر ١٥ : ٩.
وعليه :
فإذا كان الشارع قد أكمل الدين ، ولم يترك واقعة حدثت أو ستحدث ، إلاّ وبيّن حكمها ، إمّا بدليل يختصّ بها ، وإمّا بحكم كليّ مجعول على عنوان يشملها بعمومه أو إطلاقه ، وإذا كانت جميع الأدلّة محفوظة وحاضرة بين أيدينا ، ونحن على علم بما هو صادر منها واقعاً ، إمّا لكونه آية من كتاب الله عزّ وجل ، وإمّا لكونه حديثاً ثابتاً بالتواتر ، أو بالضرورة من الدين ، أو بالاتّفاق على نقله في المصادر الحديثية لكلّ المسلمين ، أو بموافقته لمحكم الكتاب والسُـنّة المعلومة الصدور ، مع علمنا باستمرار الدين إلى يوم القيامة ، فإنّ النتيجة الطبيعية لكلّ ذلك هي : انفتاح المصراع الأوّل من مصراعي باب العلم بالحكم الشرعي ، وهو : العلم بصدور الدليل على الحكم من الشارع المقدّس.
وأمّا العلم بمدلول ما علمنا بصدوره من الأدلّة ، فهو ميسور لنا أيضاً ؛ لأنّه إذا كان نصّاً في معناه ، تعيّن إرادة الشارع لذلك المعنى ، وإن كان ظاهراً في معناه ، بأن أمكن استعماله في غيره بقرينة ، فما علينا إلاّ أن نتفحّص بقية الأدلّة ، وكلّها حاضـرة بين أيدينا ومرتّبة على الكتب والأبواب ، فإن لم نجـد فيها ما يصلح قرينة تصرف اللفظ عن ظاهر معناه ، علمنا بأنّ مراد الشارع هو المعنى الظاهر المتبادر من ذات اللفظ ، ولم نحتمل دلالته على غيره.
وإن وجدنا دليلا يصلح قرينة تصرف اللفظ عن معناه الظاهر منه إلى غيره ، بأن تقوم بتوسعة أو تضييق دائرة موضوع الحكم ، أو تقوم بتغيير نوع الحكم من الوجوب إلى الاستحباب أو الإباحة ، ومن الحرمة إلى الكراهة ،
علمنا بأنّ مراد الشارع هو ما قامت عليه القرينة.
وبهذه الطريقة يتاح لنا العلم بمراد الشارع الواقعي ، وبها ينفتح المصراع الثاني لباب العلم بالحكم الشرعي ، وهو العلم بمدلول الدليل الكاشف عن المراد الواقعي للشارع المقدّس.
وبذلك نخرج من عتمة الظنّ الذي لا يغني من الحقّ شيئاً ، إلى نور العلم واليقين ..
والحمد لله ربّ العالمين.
مصادر البحث
١ ـ القرآن الكريم.
٢ ـ الإحكام في أُصول الأحكام ، لعلي بن محمّـد الآمدي ، تحقيق سيد الجميلي ، دار الكتاب العربي / بيروت ، ١٤١٨ هـ / ١٩٩٨ م.
٣ ـ الأمّ ، لمحمّـد بن إدريس الشافعي ، باعتناء حسّان عبـد المنّان ، بيت الأفكار الدولية.
٤ ـ أُصول الفقه ، لمحمّـد الخضري ، دار الفكر / بيروت ، ١٤٢١ هـ / ٢٠٠١ م.
٥ ـ أُصول الفقه ، للشيخ محمّـد رضا المظفر ، مطبعة النعمان / النجف الأشرف ، ١٣٨٦ هـ / ١٩٦٦ م.
٦ ـ بحار الأنوار ، لمحمّـد باقر المجلسي ، المطبعة الإسلامية / طهران ، ١٣٨٥ هـ.
٧ ـ بحوث في علم الأُصول (تقريراً لبحث السـيّد الشهيد الصدر) ، للسيّد محمود الهاشمي ، المجمع العلمي للشهيد الصدر / قم ، ١٤٠٥ هـ.
٨ ـ تدريب الراوي في شرح تقريب النووي ، لجلال الدين السيوطي ، تحقيق عرفات العشّا حسونة ، دار الفكر / بيروت ، ١٤٢٠ هـ / ٢٠٠٠ م.
٩ ـ تفسير العيّاشي ، تحقيق وتعليق السـيّد هاشم الرسولي المحلاّتي ، المكتبة العلمية الإسلامية / طهران ، ١٣٨٠ هـ.
١٠ ـ توجيه النظر إلى أُصـول الأثر ، لطاهر بن صالح الدمشقي الجزائري ، المكتبة العلمية / المدينة المنوّرة.
١١ ـ جامع أحاديث الشيعة ، للسـيّد حسين الطباطبائي البروجردي ، المطعبة العلمية / قم ، ١٣٩٩ هـ.
١٢ ـ دروس في علم الأُصول ، للسـيّد الشهيد محمّـد باقر الصدر ، الحلقة الثالثة ، القسم الأوّل ، تحقيق وتعليق علي حسن مطر ، قم ، ١٤٢١ هـ / ٢٠٠٠ م.
١٣ ـ دروس في علم الأُصول ، للسـيّد محمّـد باقر الصدر ، الحلقة الثانية ، تحقيق مجمع الفكر الإسلامي / قم ، ١٤١٢ هـ / ١٩٩١ م.
١٤ ـ الذريعة إلى أُصول الشريعة ، للشريف المرتضى ، تحقيق أبو القاسم گرجي ، منشورات جامعة طهران ، ١٣٦٣ هـ. ش.
١٥ ـ سُـنن أبي داود ، سليمان بن الأشـعث ، ضبط وتعليق محمّـد محيي الدين عبـد الحميد ، دار الفكر / بيروت.
١٦ ـ سُـنن الدارقطني ، علي بن عمر ، عالم الكتب / بيروت ، ١٤٠٦ هـ / ١٩٨٦ م.
١٧ ـ السُـنّة ومكانتها في التشريع الإسلامي ، لمصطفى السباعي ، المكتب الإسلامي ودار الورّاق / بيروت ، ١٤١٩ هـ / ١٩٩٨ م.
١٨ ـ صحيح البخاري ، تخريج وضبط صدقي جميل العطّار ، دار الفكر / بيروت ، ١٤٢٥ هـ / ٢٠٠٥ م.
١٩ ـ صحيح مسلم بشرح النووي ، تحقيق خليل مأمون شيجا ، دار المعرفة / بيروت ، ١٤٢٢ هـ / ٢٠٠١ م.
٢٠ ـ العدّة في أُصـول الفقه ، لشيخ الطائفة محمّـد بن الحسن الطوسي ، تحقيق محمّـد رضا الأنصاري ، قم ، ١٤١٧ هـ.
٢١ ـ فرائد الأُصول ، للشيخ مرتضى الأنصاري ، تحقيق مجمع الفكر الإسلامي / قم ، ١٤١٩ هـ.
٢٢ ـ فصل الخطاب في تفسير خبر العرض على الكتاب ، لمجد الدين المؤيّدي ، مجلّة علوم الحديث / طهران ، العدد ١٨.
٢٣ ـ الفوائد الحائرية ، للوحيد البهبهاني ، تحقيق ونشر مجمع الفكر الإسلامي / قم ، ١٤١٩ هـ.
٢٤ ـ الكافي ، لثقة الإسلام الشيخ محمّـد بن يعقوب الكليني ، تحقيق علي أكبر الغفّاري ، دار الكتب الإسلامية / طهران ، ١٣٨٨ هـ.
٢٥ ـ كفاية الأُصول ، للآخوند الخراساني الشيخ محمّـد كاظم ، تحقيق مؤسّـسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث / قم ، ١٤٠٩ هـ.
٢٦
ـ لسان العرب
، لابن منظور محمّـد
بن مكرّم ، مطبعة
الجوائب / مصر ١٣٠٠ هـ. ٢٧
ـ المحاسـن
، للشيخ البرقي
محمّـد بن خالد
، تحقيق السـيّد
مهدي الرجائي ،
المجمع العالمي
لأهل البيت عليهمالسلام
/ قم ، ١٤١٦ هـ. ٢٨
ـ مختار الصحاح
، لمحمّـد بن أبي
بكر بن عبـد القادر
الرازي ، تحقيق
أحمد شمس الدين
، دار الكتب العلمية
/ بيروت ، ١٤١٥ هـ / ١٩٩٤ م
، ط ١. ٢٩
ـ مصباح الأُصـول
، (تقريراً لبحث
السـيّد الخوئي)
، محمّـد سَرْوَر
البهسودي ، مطبعة
النجف ، ١٣٨٦ هـ. ٣٠
ـ معالم الدين
وملاذ المجتهدين
، للحسن بن زين
الدين العاملي
، تصحيح الشيخ
علي محمّـدي ،
دار الفكر / قم ،
١٣٧٤ هـ. ٣١
ـ المقدّمة في
علم الأُصـول
، لابن القصّار
المالكي ، تحقيق
محمّـد بن الحسين
السليماني ، دار
الغرب الإسلامي
/ بيروت ، ١٩٩٦ م. ٣٢
ـ نهج البلاغة
، جمع الشريف الرضي
، تحقيق صبحي الصالح
، دار الكتاب الإسلامي
/ بيروت ، ١٩٨٠ م. ٣٣
ـ وسائل الشيعة
، للحرّ العاملي
، محمّـد بن الحسن
، تحقيق ونشر مؤسّـسة
آل البيت عليهمالسلام
لإحياء التراث
/ قم ، ١٤١٦ هـ. ٣٤
ـ وصول الأخيار
إلى أُصول الأخبار
، للحسين بن عبـد
الصمد العاملي
، تحقيق عبـد اللطيف
الكوهكمري ، مجمع
الذخائر الإسلامية
/ قم ، ١٤٠١ هـ.
|
النظرية الأُصولية .. نشوؤها وتطوّرها تاريخ علم الأُصول وتطوّر الأفكار الأُصولية (١) |
|
السـيّد زهير الأعرجي
بسـم الله الرحمن الرحـيم
مقدّمة :
تبحث «النظرية الأُصولية في المدرسة الإمامية» عن الأدلّة والحجج العقلية والشرعية ، كـ : مباحث القطع والظنّ والشكّ ، ومباحث البراءة والاحتياط والتخيير والاشتغال والاستصحاب والتعادل والتراجيح ، والحجّية بصورتها الكلّيّة ، من أجل الوصول إلى الحكم الواقعي أو الظنيّ المقيّد برضا الشارع ؛ فلا شكّ أنّ الطرق والأمارات والأُصول تساعدنا ، ونحن نبتعد يوميّاً عن عصر النصوص الشرعية ، على فهم وظيفتنا الشرعية ، وتطبيق ما ألزمنا المولى عزّ وجلّ بتطبيقه.
حالات المكلّف تجاه الحكم :
فقد قسّمت المدرسة الأُصولية الإمامية الحديثة ، عبـر منهجيّتها ، حالات المكلّف تجاه الحكم الشرعي بحالات : (القطع ، والظنّ ، والشكّ) ،
وتلك المنهجية حاولت استيعاب جميع الحجج التي يتمكّن العقل البشري من تصوّرها أو إدراكها ؛ فعندئذ لا تبقى حجّة من الحجج ـ ذاتية كانت أو مجعولة ، أفادت حكماً شرعياً أو وظيفة عقلية ـ إلاّ ودخلت تحت هذا التصميم ، ومن الطبيعي فإنّ هذا المنهج العلمي لم يكن نابعاً من فراغ بل كان وليد الصراع العلمي حول العقل وموقعه في الاستنباط.
فكان الرد العلمي على الذين حاولوا إنكار حجّية الدليل العقلي يتمثّل بمناقشة الملازمة بين الحكمين العقلي والشرعي ؛ فلا بدّ من تصميم قاعدة عقلية للتعامل مع حالات الظنّ والشكّ ، من خلال التمييز بين (أصالة البراءة) و (أصالة الاحتياط) مثلاً ، أو التمييز بين مقام ثبوت التكليف على المكلّف ومقام الخروج من عهدة التكليف الثابت ؛ فبمجرّد الاحتمال العشوائي لا يثبت التكليف ولا يخرج من العهدة ، ما لم يتسلّح الفقيه بفهم شامل لعالم الحجج العقلية والشرعية حتّى يستطيع أن يفتي على ضوئها.
خطوط الحجّة العقلية والشرعية :
ولا شكّ أنّ الحجج العقلية والشرعية غير متقاطعة ، بل هي مترتّبة طولياً ، فانكشاف الواقع عن طريق القطع يأتي بالمرتبة الأُولى ويتقدّم على جميع الحجج ، وإذا شئت التعبير قل : هو الخطّ الطولي الأوّل.
أمّا الخطّ الطولي الثاني فهو الطرق والأمارات (وهي الأدلّة الاجتهادية كخبر الواحد والإجماع والشهرة) ، والطرق والأمارات اعتبرها الشارع حجّة شرعية في حالة عدم انكشاف الواقع وفقدان القطع ، ولكن مع انكشاف الواقع والقطع بالحكم الشرعي لا يصحّ شرعاً الاعتماد على تلك الطرق والأمارات.
والخطّ الطولي الثالث هو : صحّة الرجوع إلى الأُصول العملية الشرعية والعقلية (وهي الأدلّة الفقاهتية كالبراءة والاشتغال والتخيير والاستصحاب) في حالة فقدان الطرق والأمارات المعتبرة شرعاً ، بعد الفحص واليأس من عدم الوصول إليها.
وهذا التفريق بين القطع والأمارات ، والأُصول العملية خلق طريقة منهجية في عملية الاستنباط الشرعي للأحكام ؛ فالمجتهد قد يصيب الأحكام الواقعية وقد لا يصيبها ، فإذا كانت حالة الإصابة فيها ظنّية فهي الأدلّة الاجتهادية ، وإذا لم يستطع الوصول إلى هذا المقدار ، فلا بدّ له أن يصل إلى تحديد الوظيفة الشرعية المقرّرة للجاهل بالحكم عند الشكّ في التكليف أو المكلّف به عن طريقي البراءة أو الاحتياط.
القطع والشكّ والظنّ :
ولا شكّ أنّ اتّساع دائرة الدليل أدّت إلى تركيز البحوث على حجّية القطع ؛ فما لم يكن الدليل حجّة قطعاً لا يمكن الاستناد عليه أو التمسّك به بحال من الأحوال ، فكان لا بدّ من التمييز بين الحجج الذاتية للأدلّة القطعية ، والحجج المجعولة من قبل الشارع والتي لا يمكن اعتبار حجّيّتها إلاّ بدليل قطعي كالطرق ، والأمارات ، ومصاديقها الإجماع ، وخبر الثقة ، وبموجب هذا الفهم تطوّر مفهوم الحجّية الشرعية ؛ فكان لا بدّ للدليل من أن يصل حدّ القطع والعلم حتّى يسمح له بالدخول إلى عالم الاستنباط.
فالأخذ بالحجّية المجعولة من قبل الشارع وسّع من دائرة الدليل ؛ فإنّ الشارع مثلاً أمرنا باتّباع الظنّ في موارد البيّنة واليمين ، جاعلاً الحجّية لهما ، مع أنّ البيّنة واليمين بحدّ ذاتها لا توجبان القطع ولا تمنعان من احتمال
الخلاف ، ولكنّ الشارع تمّم الكشف الناقص على الطريقة التعبّدية ، فأنشأ الحجّية المجعولة.
وهذا التوجّه العقلي يفتح لنا الطريق لإمكانية اعتبار الظنّ والتعبّد به ، شرط أن يحصل لنا علم يقيني بأنّ الشارع قد اعتمد سبيلاً من السبل الظنّية واعتبره وأمرنا بالتعبّد به ؛ فالظنّ ليس حجّة بذاته ولا يمكن الاعتماد عليه ، بل يكون حجّة شرعاً عندما يقوم دليل علمي من ناحية الشارع على حجّيته ، فيصبح عندها ظنّاً معتبراً.
وعلى هذا الأساس صُنّفت الظنون الخاصّة التي ثبتت حجّيتها بالدليل القطعي إلى صنفين :
الأوّل : الطرق والأمارات ، كالأخبار غير المتواترة والإجماع والسيرة والشهرة.
الثاني : المنحى العلمي المستخدم في اكتشاف الحكم الشرعي كحجّية الظهور.
ومعالجة هذا المقدار من مشاكل اكتشاف الحكم غير كافية على نطاق الاستنباط ، ما لم نجد حلاًّ لمعالجة مشاكل الشكّ في الشبهات الموضوعية والحكمية ؛ فكانت الأُصول الأربعة : البراءة ، والتخيير ، والاحتياط ، والاستصحاب هي الحلّ الأخير ، باعتبارها وظيفة الجاهل بالواقع من حيث جهله به ويأسه من الكشف عنه بالعلم أو الظنّ المعتبر.
معالجة التعارض بين الأدلّة الاجتهادية والفقاهتية :
وبطبيعة الحال ، وبسبب تراكم الروايات ، وعدم تمحيص جميعها بصورة قطعية من قبل الفقهاء ، وطول الفترة الفاصلة بيننا وبين عصر النصّ ؛
فأنّه يتبادر ظاهراً في مقام الاستدلال تعارضاً بين الأدلّة الاجتهادية والفقاهتية ، ولكن ذلك التعارض الظاهري رفع عن طريق أربع حالات عقلية مكتَشَفة هي : التخصّص ، والتخصيص ، والورود ، والحكومة.
وتفصيل ذلك : إنّنا نستظهر في (التخصّص) خروج موضوع أحد الدليلين عن موضوع الدليل الآخر ، وفي (التخصيص) عدم قصد المتكلّم للمعنى الظاهر من العامّ في استعمال الخاصّ ، وفي (الورود) نفي الدليل الوارد لموضوع الدليل المورود نفياً تكوينياً على الصعيد التعبّدي. وفي (الحكومة) بروز العلاقة الدلالية عندما يكون فيها أحد الدليلين ناظراً إلى مفاد الدليل الآخر ، وبذلك ينتفي التعارض بين الدليلين الاجتهادي والفقاهتي اللذين يترتّبان طولياً ولا يتقاطعان عرضياً.
وهذا المقدار من الفهم الأُصولي للحكم الشرعي أو الوظيفة الشرعية يشمل عالمي الاستنباط في العبادات والمعاملات.
الفصل الأوّل
المدارس الأُصولية في التاريخ الإمامي
منذ القرن الخامس وانتهاءً بالقرن الخامس عشر الهجري
مقدّمة :
يمكن اعتبار علم أُصول الفقه أحد العلوم الشرعية الذي اكتسب أهمّية خاصّة ، وقامت الحوزة العلمية الإمامية باحتضانه ، وبذلت الغالي والنفيس في تطويره والذود عنه ؛ لأنّ هذا العلم يبرز مبادئ القواعد العقلية والشرعية في مباني الاجتهاد الفقهي ، ويكفي فقهاء شيعة أهل البيت فخراً أنّهم بنوا على ضوء تعاليم أئمّتهم عليهمالسلام ، المباني العلوية للاجتهاد ، ولسوف يبقى هذا البناء شامخاً بإذن الله تعالى حتّى قيام مهدي هذه الأُمّة (عجلّ الله فرجه) وتحقيق جميع معاني العدالة الاجتماعية التي جاء بها الإسلام.
وقد ساهم فقيهان جليلان من فقهاء الطائفة بشكل رئيسي وحاسم في البناء الأُصـولي للفقه الشـيعي ، وهما : الشيخ أبو جعفر الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) من روّاد المدرسة الفقهية الأُصولية الأُولى التي قامت بالتأسيس للنظرية الأُصولية ، والشيخ مرتضى الأنصاري (ت ١٢٨١ هـ) رائد المدرسة الأُصولية الحديثة في بناء الأدلّة والحجج الشرعية والعقلية ، وكان بين هؤلاء العلمين وقبلهما وبعدهما مئات الفقهاء وعلماء الأُصول والمعارف الدينية الذين أثْروا بنتاجاتهم المكتبة الشيعية وأوصلوها إلى أرقى مراحل النضوج العلمي. فأصبح للشيعة الإمامية بفضل جهود الحوزة العلمية ، مقعد خالد
للعلوم الشرعية في عالمنا الواسع الفسيح.
المدارس الأُصولية في التاريخ الإمامي :
إنّ أهمّ ما شغل علماء الإمامية بعد انتهاء عصر النصّ ، هو : البحث عن (الدليل) عند استنباط الحكم الشرعي ، ولكنّ البحث عن الدليل لم يكن في يوم من الأيّام من القضايا الميسورة التي يستطيع الفرد فيها إنشاء نظرية متكاملة بمفرده وبمعزل عن التضافر العلمي الجماعي الذي تنقل ثماره ـ عادةً ـ الأيادي الأمينة من العلماء من جيل إلى جيل ؛ فالفرد بمفرده ـ ومهما أُوتي من قدرة علميةـ غير قادر على تأسيس نظرية أُصولية تستطيع الصمود مئات السنين ما لم يصاحبها نزوع علمي ، جماعي ، في النقد ، والتنقيح ، والإضافة ، والتجديد. فالتضافر العلمي الجماعي في فترة زمنية مديدة يمتلك تلك الطاقة والقدرة على تأسيس وبناء النظرية العلمية في أُصول الفقه. وهكذا كان ، فقد تضافرت جهود فقهاء أهل البيت عليهمالسلام لفترة عشرة قرون كاملة أثمرت خلالها في إنشاء نظرية أُصولية في غاية المتانة في علم القواعد الممهّدة لاستنباط الحكم الشرعي.
وقد كان محور المشكلة الشرعية التي واجهت الفقهاء في عصر الغيبة وانتهاء عصر النصّ : (الحجّية) في نطاقها العامّ بما فيها حجّية ظواهر الكتاب المجيد ، وحجّية خبر الواحد الناقل لقول المعصوم عليهالسلام أو فعله أو تقريره ، وحجّية الإجماع ، وحجّية العقل والدليل العقلي ؛ فكان موضوع علم الأُصول ـ دائماً ومنذ عصر التأسيس ـ هو البحث عن الأدلّة المشتركة في الاستدلال الفقهي ، ولا شكّ أنّ البحث في دليلية تلك الأدلّة المشتركة كان قد تطوّر بشكل هائل على مرّ العصور ووصل إلى ما وصل إليه اليوم
من القمّة في التفكير الأُصولي الإمامي.
وبطبيعة الحال ، فإنّ الترابط الُمحكم بين الأفكار الأُصولية التي تطوّرت تدريجياً على مدى مئات السنين يدفعنا قهراً ـ في هذه المرحلة الفكرية ـ إلى عرض (علم الأُصول) على الصعيد التاريخي عرضاً شاملاً من دون التركيز على مواقع المدارس الأُصولية جغرافياً ، ذلك أنّ تطوّر (علم الأُصول) في مدرسة جغرافية كالنجف الأشرف مرتبطٌ بتطوّره في مدرسة جغرافية أخرى ، وهي : مدرسة الحلّة وتطوّره في مدرسة كربلاء لا يقطع ارتباطه بمدرستي النجف والحلّة. وبكلمة ، فإنّ المدارس الأُصولية التي سوف ندرسها ستهتمّ بالتطوّر الشامل لـ(علم الأُصول) عند الشيعة الإمامية على مرّ التاريخ دون النظر إلى الفكر الجغرافي.
وهذه المدارس الأُصولية رُتّبت على أساس التاريخ الزمني المحدّد بقرن كامل لكلّ مدرسة أُصولية ، فكانت إحدى عشرة مدرسة على طول السنين الألف الماضية من عمر التشيّع وموالاة أهل البيت عليهمالسلام. وقد ابتدأنا بمدرسة القرن الخامس الهجري ؛ لأنّنا لم نكتشف نظرية إمامية في أُصول الفقه قبل هذا التاريخ. نعم ، قد تناثرت هنا وهناك أفكار أُصولية ، لكنّها لم تنهض إلى مستوى النظرية إلاّ في عصر الشيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ).
١ ـ مدرسة القرن الخامس الهجري :
وأركانها أربعة فقهاء عظام من مدرسة أهل البيت عليهمالسلام ، عرضوا أربعة كتب مستقلّة في أُصول الفقه ، وهم :
أ ـ الشيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ) وكتابه رسالة في أُصول الفقه مطبوع ضمن كتاب كنز الفوائد للشيخ الكراجكي (ت ٤٤٩ هـ).
ب ـ السيد المرتضى (ت ٤٣٦ هـ) وكتابه الذريعة إلى أُصول الشريعة.
ج ـ الشيخ الكراجكي (ت ٤٤٩ هـ) وكتابه كنـز الفوائد.
د ـ الشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) وكتابه عدة الأُصول.
وتتميّز هذه المدرسة بعرض ضبابي غير واضح لمطالب علم الأُصول ، ووجود خلط معرفي بين (علم أُصول الدين) و (علم أُصول الفقه) ؛ فبالرغم من الاستقلالية النسبية التي حصل عليها (علم الأُصول) المتطوّر باستمرار مع الحاجات الاستدلالية في عملية استنباط الأحكام الشرعية ، إلاّ أنّ ذلك الخلط كان لا يزال قائماً بين علمي الكلام والأُصول خصوصاً في أخبار الآحاد ؛ فقد كان أصوليّو هذه المدرسة لا يرغبون في الاستدلال بالروايات الظنّية التي لا يُعَرف صدقها باعتبار أنّها لا تؤدّي إلى القطع ، وهي بذلك ليست دليلاً من الأدلّة القطعية. ولا شكّ أنّ هذه الفكرة كانت قد استمدّت من علم أُصول الدين حيث اتفق الكلاميّون على أنّهم لا يستطيعون إثبات صفات الخالق عزّ وجلّ عن طريق أخبار الآحاد.
الشيخ المفيد و «رسالة الأُصول» :
وقد تناول الشيخ المفيد رضياللهعنه في رسالته الأُصولية : الطرق أو الأدلّة إلى أُصول الأحكام الشرعية فأوصلها إلى ثلاثة وهي :
أ ـ العقل ، وهو سبيل إلى معرفة حجّية القرآن ودلائل الأخبار.
ب ـ اللسان (أي اللغة) ، وهو : السبيل إلى المعرفة بمعاني الكلام.
ج ـ الأخبار ، وهي : السبيل إلى إثبات أعيان الأُصول من الكتاب
وسُـنّة أهل البيت عليهمالسلام (١).
وهذه الطرق الثلاث تقابل الأدلّة العقلية ، ومباحث الألفاظ ، والحجج الشرعية بأبسط صورها الفكرية. إلاّ أنّه صرّح في الوقت ذاته بأنّ خبر الواحد لا يوجب علماً ولا عملاً ، إلاّ إذا اقترن بقرينة تؤيّد صدقه ، أو بدليل عقلي أو بشاهد من عرف ، أو بالإجماع غير المخالف ؛ وإلاّ فأنّه ليس بحجّة (٢).
وفي ضوء تلك الأفكار ، فإنّ كتاب الشيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ) الذي استفاده الكراجكي (ت ٤٤٩ هـ) قد يعدُّ أوّل كتاب مستقلّ تناول علم أُصول الفقه عند الشيعة الإمامية ، أي بعد أقلّ من قرن كامل على الغيبة الكبرى.
السيد المرتضى و «الذريعة» :
ومع وضوح الشيخ المفيد رضياللهعنه في طرح المباحث الأُصولية الابتدائية ، إلاّ أنّ التشويش يبدو ظاهراً في مطالب العلم الجديد في عصر السيّد المرتضى (ت ٤٣٦ هـ) ؛ فقد حاول هذا الفقيه الجليل بلورة الفروق المبدأية بين علم أُصول الدين وعلم أُصول الفقه ؛ فعرض في كتابه الذريعة إلى أُصول الشريعة ردّاً مفصّلاً موجهاً إلى فقيه قد صنّف كتاباً عنونه بـ أُصول الفقه ..
ولكنّه في واقع الأمر تناول بالتفصيل أُصول الدين دون أُصول الفقه ؛
__________________
(١) رسالة في أُصول الفقه عن كتاب المفيد ضمن كتاب كنز الفوائد.
(٢) رسالة في أُصول الفقه.
فانبرى السيّد المرتضى لتفصيل الاختلاف بين أُصول الدين وأُصول الفقه ، وأوضح أنّ أُصول الدين أو (علم الكلام) ممّا يتناول حدوث الأجسام وإثبات المحدث وصفاته وجميع أبواب التوحيد والعدل والنبوات ، أمّا أُصول الفقه فيتناول الأمر والنهي ، والعموم والخصوص ، والبيان والمجمل ، والإجماع ، والأخبار ، والقياس ، والاجتهاد ونحوها (١).
ومع كلّ ذلك البيان ؛ فهو قدسسره لم يستطع التخلّص من رواسب تلك الرمادية التاريخية المتأصّلة بين علم الأُصول وعلم الكلام ، فيقول باحثاً صيغة الأمر وأحكامه وأقسامه : «إنّ الفقهاء كلّهم وأكثر المتكلّمين يذهبون إلى أنّ للأمر صيغة مفردة مختصّة به ، متى استعملت في غيره كانت مجازاً ، والذي يدلّ على أنّ هذه اللفظة مستعملة بلا خلاف في الأمر والإباحة في التخاطب والقرآن والشعر ، يقول تعالى : (وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ) (٢) وهو أمر ، ويقول تعالى : (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ) (٣) وهو مبيح ، وكذلك قوله تعالى : (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانتَشِرُوا فِي الاَْرْضِ) (٤) والانتشار مباح وغير مأمور به ، وظاهرُ الاستعمال يدلّ على الحقيقة ، إلاّ أن تمنع دلالـة» (٥). وهذا التفكير الأُصولي مع أنّه يغطّي مساحة مشتركة من علمي الأُصول والكلام ، إلاّ أنّه يحمل بوضوح فكرة القواعد العامّة في عملية الاستنباط الفقهي.
__________________
(١) الذريعة إلى أُصول الشريعة ١ / ٦ المقدّمة.
(٢) سورة البقرة ٢ : ٤٣.
(٣) سورة المائدة ٥ : ٢.
(٤) سورة الجمعة ٦٢ : ١٠.
(٥) الذيعة إلى أُصول الشريعة ١ / ٣٩.
الكراجكي و «كنـز الفوائد» :
وفي كتاب كنـز الفوائد للكراجكي (ت ٤٤٩ هـ) عمق واضح يتناسب مع تلك المرحلة ، في نقاش طبيعة الحجج الأُصولية بشكلها الأوّلي ، فيتناول ذلك الكتاب تعريف الخبر بالقول : «فأمّا الخبر فهو ما أمكن فيه الصدق والكذب وله صيغة زمنية مبنية ينفصل بها ممّا يخالفه في معناه ، وقد تستعار صيغته في ما ليس بخبر كما يستعار غيرها من صيغ الحقائق في ما سواه على وجه الاتّساع والمجاز ، قال الله عزّ وجلّ : (... وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا) (١) ، فهو لفظ بصيغة الخبر والمراد به الأمر بأن يؤمّن من دخله. والعامّ في معنى الكلام ما أفاد لفظه اثنين فما زاد ، والخاصّ ما أفاد واحداً دون ما سواه ؛ لأنّ أصل الخصوص التوحيد وأصل العموم الاجتماع ، وقد يعبّر عن كلّ واحد منهما بلفظ الآخر تشبّهاً وتجوّزاً قال الله تعالى : (اِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (٢) ، فعبّر عن نفسه سبحانه وهو واحد بلفظ الجمـع» (٣).
الشيخ الطوسي و «عدّة الأُصول» :
وقد واصلت مدرسة (القرن الخامس الهجري) تطوّرها الأُصولي ، ووصلت إلى درجة من الرقي في أبحاثها عندما انتقل شيخ الطائفة الجليل أبو جعفر الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) إلى النجف سنة ٤٤٨ هـ وبدأ بممارسة
__________________
(١) سورة آل عمران ٣ : ٩٧.
(٢) سورة الحجر ١٥ : ٩.
(٣) كنـز الفوائد : ١٨٨.
الكتابة والتدريس هناك ؛ فكتب كتاب عُدّة الأُصول الذي يعتبر من أوائل الكتب التي تخلّصت من عقدة الخلط بين علمي الكلام والأُصول ، وميّزت البحوث الأُصولية عن الفقهية على أساس الفرق بين الأدلّة الإجمالية والأدلّة التفصيلية ..
يشير شيخ الطائفة إلى ذلك في كتابه عُدّة الأُصول بالقول : «أُصول الفقه هي أدلّة ؛ الفقه فإذا تكلّمنا في هذه الأدلّة فقد نتكلّم في ما يقتضيه من إيجاب وندب وإباحة وغير ذلك من الأقسام على طريق الجملة ، ولا يلزمنا عليها أن تكون الأدلّة الموصلة إلى فروع الفقه ، لأنّ هذه الأدلّة أدلّة على تعيين المسائل ، والكلام في الجملة غير الكلام في التفصيـل» (١). ولعلّ في تعبير الشيخ رضياللهعنه أوّل إشارة إلى مصطلح القواعد المشتركة على الصعيد الأُصولي ، ومصطلح المفردات الخاصّة على الصعيد الفقهي.
٢ ـ مدرسة القرن السادس الهجري :
ويقف على رأسها فقيهان جليلان هما : ابن زهرة ، حمزة بن علي الحسيني الحلبي (ت ٥٨٥ هـ) ، وابن إدريس الحلّي (ت ٥٩٨ هـ).
ابن زهرة و «الغُنية» :
وأهم مؤلّفات ابن زهرة كتاب : غُنية النـزوع إلى علمي الأُصول والفروع أو كما هو مدوّن في كتاب الجوامع الفقهية المنشور في طيّاتها ، باسم الغُنية أصولها وفروعها. وهو على قسمين :
__________________
(١) عدة الأُصول ج ١ / ٣.
الأوّل : أُصول الفقه ويشمل ربع الكتاب في ٢٥ صفحة طبعة حجرية من القطع الكبير (الرحلي).
الثاني : فروع الفقه ويشتمل على أكثرَ من ثلاثة أرباع الكتاب في ٧٧ صفحة طبعة حجرية من نفس القطع.
وقد بدأ كتابه بالقول : «لمّا كان الكلام في فروع الفقه يُبنى على أُصول له وجب الابتداء بأصوله ثمّ إتباعها بالفروع ، والكلام في الفروع من دون إحكام أصله لا يثمر. وقد كان بعض المخالفين سأل ، فقال : إذا كنتم لا تعملون في الشرعيّات إلاّ بقول المعصوم فأيّ فقر بكم إلى أُصول الفقه ، وكلامكم فيها كأنّه عبث لا فائدة فيه. فيقال له : قد ثبت عندنا بالأدلّة القاهرة وقوف الأحكام الشرعية على نصّ علاّم الغيـوب سبحانه العالـم بمصالح عباده فيها وبمفاسدهم ...» (١). وهذا النصّ التاريخي يشدّد على دور الأُصول في استنباط الفروع الفقهية ، ويؤكّد على أهمّية الحاجة إلى إثراء القواعد الأُصولية بعد أكثر من قرن على وفاة الشيخ الطوسي ؛ فالحاجة إلى علم الأُصول في عصر انتهاء النصّ الشرعي كانت تزداد كلّما ظهر للفقيه افتقاره للقواعد الكلّية المشتركة في عملية الاستنباط ..
وقد فصلّ ابن زهرة في القسم الأُصولي من كتابه ، في مباحث : الأوامر الشرعية ، والخصوص والعموم ، والنسخ ومتعلّقاته ، والأخبار ، والأفعال ، والإجماع ، وحرمة القياس ، والاستصحاب ... وكذلك تناول مباحث ابتدائية حول الحجّية كحجّية العامّ المخصّص وعدم حجّية مفهوم الوصف ..
__________________
(١) الغنية : ٤٦١ ضمن كتاب الجوامع الفقهية.
ولعلّ مدرسة (ابن زهرة) الفكرية تعدُّ من أهم مدارس الإمامية التي حاولت إنشاء جسر موصل بين الفقه وأصوله في كتاب واحد يتضمّن كلا القسمين : أُصول الفقه ، والفروع الفقهية ، وحاولت ـ بتوفيق ظاهرـ تطبيق القواعد الأُصولية على تلك الفروع.
ولكن ما ميّز (ابن زهرة) عن أقرانه من الفقهاء في تلك الحقبة الزمنية أنّه عمد إلى عدم محاكاة الشيخ الطوسي ، بل مخالفته صريحاً في مواضع متعدّدة. ففي باب دلالة النهي على الفساد مثلاً آمن الشيخ الطوسي بدلالة النهي على الفساد ، بينما آمن ابن زهرة بعدم وجود ملازمة بين الحرمة والفساد ، وفي باب دلالة الأمر على الفور آمن الشيخ الطوسي بدلالة الأمر على الفور ، بينما آمن ابن زهرة بعدم دلالة الأمر على الفور أو على التراخي ؛ فقد عرض استدلاله في مخالفة الشيخ الطوسي قائلاً : «ولا يعلم من مطلق الأمر فورٌ ولا تراخ وإنّما يعلمُ أحد الأمرين بقرينة دالّة عليه ؛ لأنّه قد ورد في القرآن العظيم والاستعمال وأريد به تارة الفور وأخرى التراخي ... وتعلّقهم : بأنّ الأمر إيجاب فعل واحد وقد دلّ العقل على أنّ أفعالنا لا يصحّ فيها التقديم والتأخير ؛ فوجب أن يكون المراد فعل المأمور به عقيب الأمر ليكون الفعل واحداً ، غير صحيح ؛ لأنّ التراخي والتخيير في أوقات الفعل جائز وإن كان واحداً ...» (١).
وهذا التطوّر خطير للغاية ؛ لأنّه فتح الباب أمام كسر الحواجز النفسية في النقد العلمي لكبار مشايخ الطائفة ، وهو بلا شكّ ـ مفتاح رئيسي من مفاتيح الاجتهاد ، لأنّه عبّر عن قدرة استقلالية في الاستدلال الشرعي
__________________
(١) الغُنية : ٤٦٥ ـ ٤٦٦.
والبحث عن سند الدليل ، بدل المحاكاة المعرفية التي لا تنهض إلى إدراك معاني الدليل أو واقعيّته. وقد كانت قدسية الشيخ الطوسي ومكانته العلمية في النفوس تمنع من ممارستهم ذلك اللون من النقد والتنقيح.
ابن إدريس و «السرائر» :
وشهد هذا القرن أيضاً عالماً جليلاً آخراً انتقل من النجف إلى الحلّة ، وهو : ابن إدريس الحلّي (ت ٥٩٨ هـ) وكتابه الفقهي الجليل السرائر ، فقد ابتدأه بإعلان إيمانه بحجّية العقل بالإضافة إلى النصوص الشرعية ، قائلاً : (... فإنّ الحقّ لا يعدو أربع طرائق : كتاب الله سبحانه أو سنّة رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم المتواترة المتفق عليها أو الإجماع أو دليل العقل ؛ فإذا فقدت الثلاثة فالمعتمد في المسألة الشرعية عند المحقّقين الباحثين عن مآخذ الشريعة التمسّك بدليل العقل فيها ، فأنّها مبقاة عليه وموكولة إليه ، فمن هذه الطريق توصّل إلى العلم بجميع الأحكام الشرعية في جميع مسائل أهل الفقه ، فيجب الاعتماد عليها والتمسّك بها فمن تنكّر عنها عسف وخبط خبط عشواء ...) (١).
ولم يكتف ابن إدريـس في كتابه بيان آرائه الفقـهية ، بل كان يناقش في كلّ فـرع الأساس الأُصولي للمسألة الفقهية ، وقد ناقش ـ في بعض الأحيان ـ أكثر من مسألة أصولية في فرع فقهي واحد ، وعمد ابن إدريس إلى مناقشة آراء الشيخ الطوسي ونقدها نقداً علمياً على نطاقي الاستدلال والاستنباط.
__________________
(١) السرائر : ٢ طبعة حجرية والمطبوع ١ : ١٨ و ٤٦.
وبكلمة ، فإنّ كتاب السرائر كان محاكمة علمية أخرى لآراء الشيخ الطوسي في كتابي النهاية والمبسوط ، وطريقاً جديداً للنقد العلمي والاستنباط الشرعي المستقلّ عن المحاكاة والتقليد.
٣ ـ مدرسة القرن السابع الهجري :
وهي المدرسة التي ازدهرت في الحلّة وامتدّت ـ مع مدارس القرن الثامن والتاسع والعاشر الهجري ـ إلى أكثر من ثلاثة قرون ونصف ، ابتدأت ـ نظرياً ـ من ابن إدريس (ت ٥٩٨ هـ) واضمحلّت في النصف الأخير من القرن العاشر الهجري ، وأهمّ أقطاب هذه المدرسة : المحقّق الحلّي ، جعفر بن الحسين (ت ٦٧٦ هـ) ، الذي كتب في علم الأُصول كتابين هما : نهج الوصول إلى معرفة علم الأُصول ، ومعارج الأُصول. وقد سيطرت هذه المدرسة ، بشقّيها الأُصولي والفقهي ، على الفكر الشيعي حقبة طويلة من الزمن ؛ فقد أصبح كتاب شرائع الإسلام للمحقّق الحلّي ، وهو من الكتب الفقهية الاستدلالية المبوّبة تبويباً علمياً جديداً ، مدار بحث وتدريس وشرح وتعليق في الحوزات العلمية بدلاً من كتاب النهاية للشيخ الطوسي ، وبذلك فقد انتهى العصر التدريسي لمؤلّفات الشيخ الطوسي المتمثّل في الكتب الرئيسية الثلاثة : المبسوط ، والنهاية ، وعدة الأُصول ليدخل عصر المحقّق الحلّي بكتابيه شرائع الإسلام ، والمعارج.
٤ ـ مدرسة القرن الثامن الهجري :
ومن أعمدتها : العلاّمة الحلّي ، الحسن بن يوسف (ت ٧٢٦ هـ) ،
وفخر المحقّقين ، محمّـد بن الحسن (ت ٧٧١ هـ) ، والشهيد الأوّل ، محمّـد بن مكّي (ت ٧٨٦ هـ).
كتابات العلاّمة وفخر المحقّقين والشهيد الأوّل :
فقد كَتَبَ العلاّمة الحلّي أكثر من كتاب في أُصول الفقه ، منها :
أ ـ تهذيب الوصول إلى علم الأُصول ، وهو : مختارات من مختصر المنتهى لابن الحاجب.
ب ـ مبادئ الوصول إلى علم الأُصول ، مطبوع مع كتاب المعارج للمحقّق الحلّي.
ج ـ نهاية الوصول إلى علم الأُصول.
د ـ النكت البديعة في تحرير الذريعة ، ذكره المصنّف في كتاب الخلاصة (١).
هـ ـ منتهى الوصول إلى علمي الكلام والأُصول.
و ـ شرح غاية الوصول في الأُصول ، وهو : شرح العلاّمة الحلّي على كتاب الغزالي (٢).
وكتب (فخر المحقّقين) كتابين في أُصول الفقه هما : غاية السؤول في شرح تهذيب الأُصول ، وشرح المبادئ.
أمّا الشهيد الأوّل فله كتاب ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة ، وكتاب القواعد والفوائد في الفقه والأُصول والعربية.
__________________
(١٥) الخلاصة : ٤٦.
(١٦) كشف الظنون ٢ / ١١٩٤.
الشهيد الأوّل و «القواعد والفوائد» :
وقد بلغ (علم الأُصول) في هذه المرحلة درجة أعلى في الدقّة والعمق من أيّ وقت مضى ؛ ففي كتاب القواعد والفوائد في الفقه والأُصول والعربية للشهيد الأوّل ، ضمّن المصنّف رضياللهعنه كتابه ما يقرب من ثلاثمائة وثلاثين قاعدة أصولية وفقهية ونحوية ، إضافة إلى فوائد تقرب من مائة فائدة ، والكثير من التنبيهات التي يغلب عليها الطابع الفقهي الاستدلالي ..
ومنهجه في ذلك إيراد القاعدة الأُصولية ثم مناقشتها مناقشة استدلالية على ضوء المذهب الإمامي ، ثمّ مقارنتها بالمذاهب الأخرى ؛ فعلى سبيل المثال تناول بالشرح قواعد أصولية عديدة كقاعدة (البناء على الأصل عند الشكّ في سبب الحكم) ، وقاعدة (أقسام التكاليف الشرعية بالنسبة إلى قبول الشرط والتعليق) ، وقاعدة (اليقين : وهي البناء على الأصل واستصحاب ما سبق). والقاعدة الأخيرة ، وهي قاعدة اليقين يتناولها بإسهاب حيث يشقّقها إلى أربعة تشقيقات ، هي :
١ ـ استصحاب النفي في الحكم الشرعي إلى أن يرد دليل ، وهو المعبّر عنه بـ (البراءة الأصلية).
٢ ـ استصحاب حكم العموم إلى ورود مخصّص ، وحكم النصّ إلى ورود ناسخ.
٣ ـ استصحاب حكم ثبت شرعاً.
٤ ـ استصحاب حكم الإجماع في موضع النـزاع.
ويتناول صور تعارض الأصل والظاهر ، والموارد التي يقدّم فيها الأصل على الظاهر والظاهر على الأصل. وكذلك الأصل في اللفظ (أي
الحمل على الحقيقة الواحدة) ، ويقسّم الحقيقة إلى ثلاثة أقسام : لغوية ، وعرفية ، وشرعية ، ثمّ يشرع في شرح المجاز والمشترك ، ويتناول أقسام متعلّق الأمر والنهي ، ويبيّن ألفاظ العموم ، ويذكر أيضاً معاني (الألف واللام) عند الفقهاء والأُصوليّين ، ثمّ يعرّج على الإنشاء فيعرّفه ويذكر الفرق بينه وبين الخبر ، والفرق بين الفتوى والحكم.
ثمَّ يتناول العديد من الموارد لتطبيق تلك القواعد ، فعلى سبيل المثال يقول في شرح قاعدة (حمل المطلق على المقيد) : (... لو قُيّد الحكم بقيدين متضادّين تساقطا وبقي المطلق على إطلاقه ، إلاّ أن يدلّ دليل على أحد القيدين ، كما ورد عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً إحداهنّ بالتراب. وبهذا عمل ابن الجنيد ، وروينا (ثلاثاً) ، وروى العامّة (أخراهن بالتراب). وروينا ورووا : (أولاهنّ). فيبقى المطلق على إطلاقه ، لكن رواية (أولاهنّ) أشهر ، فترجّحت بهذا الاعتبار) (١).
وهذه الروح الاستدلالية نقلت علم الأُصول إلى مرحلة جديدة من مراحل استقراره وثبوته ، وأوجدت إدراكاً خاصّاً لفهم دوره الحاسم في عملية استنباط الأحكام الشرعية الخاصّة بالأحداث والوقائع المتغيّرة بتغيّر الزمان والمكان.
٥ ـ مدرسة القرن التاسع الهجري :
ولم يظفر هذا القرن إلاّ بفقيه من فقهاء مدرسة (الحلّة) وهو : المقداد ابن عبد الله السيوري الحلّي (ت ٨٢٦ هـ) الذي كتب : شرح مبادئ الوصول لعلم الأُصول للعلاّمة وسمّاه بـ نهاية المأمول ، ونضد القواعد الفقهية على
__________________
(١) القواعد والفوائد في الفقه والأُصول والعربية ١ / ٢١٠.
مذهب الإمامية ، والتنقيح الرائع في شرح المختصر النافع ، وكنـز العرفان في فقه القرآن. وهذه الكتب وغيرها ممّا كتب من قبل ساهمت كلّها في تنظيم المناهج الأُصولية في عملية الاستنباط في تلك المرحلة ، خصوصاً وإنّ ابتعاد الفقهاء عن عصر النصّ واختلافهم في سلامة الروايات من حيث السند والدلالة ، جعلهم يصبّون جهداً مكثّفاً في سبيل بلورة القواعد الأُصولية المشتركة في عملية استخراج الحكم الشرعي.
السيوري الحلّي و «نضد القواعد» :
والملاحَظ أنّ مجرّد النظر إلى عنوان كتابه القيّم : نضد القواعد الفقهية على مذهب الإمامية يدلّل على مدى الحاجة القائمة آنذاك إلى تنظيم القواعد المشتركة في عملية الاستنباط الشرعي للأحكام وترتيبها وتهذيبها ، قال في المقدّمة في إشارة إلى أستاذه الشيخ الشهيد الأوّل قدسسره بأنّه : (... قد جمع كتاباً يشتمل على قواعد وفوائد في الفقه تأنيساً للطلبة بكيفية استخراج المنقول من المعقول وتدريباً لهم في اقتناص الفروع من الأُصول ، لكنّه غير مرتّب ترتيباً يحصّله كلّ طالب وينتهز فرصة كلّ راغب ، فصرفتُ عنان العزم إلى ترتيبه وتهذيبه وتقرير ما اشتمل عليه وتقريبه) (١).
ويقسّم السيوري الحلّي كتاب نضد القواعد إلى قسمين أو إلى قطبين حسب تعبيره :
الأوّل : في القواعد العامّة وما يتفرّع عليها (وهي القواعد الأُصولية). الثاني : في العبادات وغيرها من أبواب الفقه.
وقد بذل المصنّف جهده في تبويب الضوابط الكلّية للأصول في
__________________
(١) نضد القواعد الفقهية على مذهب الإمامية ـ المقدمة : ١.
مباحث الأوامر والنواهي ، والعموم والخصوص والمطلق والمقيّد ، ومباحث الألفاظ ، ومباحث الحجج. إلاّ أنّ بثّ القواعد الأُصولية بشكل غير مبرمج أفقد الكتاب منهجه الموضوعي في تصنيف القواعد المشتركة في الأُصول بشكل مستقلّ عن القواعد الفرعية الفقهية ، ولكن هذا الخلل المنهجي لم يكن ليقلّل من قيمة الكتاب العلمية والتاريخية في تطبيق تلك القواعد على الفروع الفقهية في عملية الاستنباط ؛ خصوصاً وأنّ كتابه جاء متطوّراً عن كتاب أستاذه الذي كان ينقصه الترتيب العلمي ، كما أشار إلى ذلك في المقدمة.
٦ ـ مدرسة القرن العاشر الهجري :
وعلى رأسها الشهيد الثاني ، زين الدين الجبعي (ت ٩٦٥ هـ) ، الذي كان ملمّاً بأفكار المدارس الفقهية والأُصولية السنّية (على ضوء المذاهب الأربعة) من خلال رحلاته وأسفاره إلى الشام ، ومصر ، والحجاز ، والقسطنطينية ، والعراق إضافة إلى موطنه في (جبل عامل) ؛ فاستفاد من ذلك كلّه في الحفاظ على استقلالية أُصول فقه أهل البيت عليهمالسلام في الاستنباط بشكل واع ومتميّز ؛ فقد طبعت تلك الخبرة والثقافة المذهبية مؤلّفاته بطابع الموضوعية في العرض ، والعمق في الفكرة ، والوضوح في التعبير.
الشهيد الثاني و «الروضة البهية» و «تمهيد القواعد» :
وأهمّ كتبه : الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية وهو شرح مزجي استدلالي مختصر يعرض فيه آراءه الفقهية على ضوء القواعد
المشتركة في الأُصول ، وكتاب تمهيد القواعد الأُصولية والعربية ، وهو يضمّ قسمين ، الأوّل : يتناول مائة قاعدة أصولية وما يتفرّع عليها من الأحكام. والثاني : يتناول مائة قاعدة من القواعد العربية ، يليهما فهرس مبسوط لتسهيل استخراج المطالب من الكتاب.
وقد ناقش المصنّف في كتابه تمهيد القواعد : القواعد المشتركة في علم الأُصول كمباحث الأوامر والنواهي ، والعموم والخصوص ، والمطلق والمقيّد ، والمجمل والمبيّن ، والتعادل والتراجيح ، والاجتهاد والتقليد ، بالإضافة إلى بعض مباحث الألفاظ كالوضع ، والاشتراك ، والصفة ، والشرط ، والحقيقة ، والمجاز.
انتقال الحوزة من الحلّة إلى النجف :
ويعتبر القرن العاشر الهجري فترة تطوّر كمّي لا نوعي في علم الأُصول عند الشيعة الإمامية ؛ فلم تتعدّ مواضيع الأُصول في تلك الفترة ما كان متعارفاً بين الفقهاء من مباحث الألفاظ ، وبعض الأدلّة العقلية والشرعية.
وبانتهاء القرن العاشر ينتهي دور مدرسة الحلّة في الفقه والأُصول ، وتنتقل الحوزة العلمية الشيعية ثانية إلى النجف الأشرف ، وإذا حاولنا التفتيش عن أسباب هذا الانتقال ، فإنّنا قد نجد الموارد التالية :
١ ـ خلو (الحلّة) من كبار فقهاء الشيعة بوفاة (فخر المحقّقين) ، و (المقداد السيوري الحلّي) وأمثالهم من كبار فقهاء الطائفة.
٢ ـ اهتمام سلاطين الدولة الصفوية بإحياء مدينة النجف باعتبارها مدينة مقدسة تضمّ في أحشائها قبر مولى الموحّدين وأمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليهالسلام ؛ فحاولوا إيصال الماء إليها .. وقد ورد في كتاب نزهة
الغري أنّ (شاه عبّاس الأوّل ابن السلطان محمّـد خدا بندة ابن شاه طهماسب الصفوي عندما أخذ بغداد توجّه بعدها إلى زيارة أمير المؤمنين ... وبعد الزيارة أمر بتعمير النهر الذي حفره شاه إسماعيل الأوّل ، وأجرى الماء من نهر الفرات إلى مسجد الكوفة ، وكان عزمه أن يحفر قناة وآباراً ويوصل الماء إلى الروضة المقدّسة وأن يجعل عليها نخيلاً وأشجاراً ...) (١). وبُنيت حولها الأسوار لحمايتها من غزوات القبائل البدوية وما كانت تمثّله من وحشية وانتهاك لحرمة الأمان الذي يجلبه التوجّه الديني والعلمي فيها ..
وتذكر المصادر التاريخية : أنّ الشيخ جعفر كاشف الغطاء (ت ١٢٢٧ هـ) بنى لاحقاً سوراً للمدينة لصدّ هجمات الأعراب عليها.
٣ ـ إنّ ارتباط الحلّة بالنجف كان لا يزال قائماً حتّى مع بروز مدينة الحلّة مركزاً للحوزة العلمية الشيعية ؛ فقد ذكرت بعض مصادر تاريخ النجف : أنّ المقداد السيوري (ت ٨٢٨ هـ) بنى مدرسة في النجف لطلبة العلوم الدينية في أوائل القرن التاسع الهجري ؛ فقد شوهد على كتاب مصباح المتهجد المخطوط للشيخ الطوسي الذي وقع في حيازة الفقيه الجليل الميرزا محمّـد حسين النائيني (ت ١٣٥٥ هـ) ما يؤيّد ذلك ، وهذا نصّه : (كان الفراغ من نسخه يوم السبت ١٢ جمادي الأولى سنة ٨٣٢ هـ على يد الفقير إلى رحمة ربّه وشفاعته عبد الوهاب بن محمّـد بن جعفر بن محمّـد بن علي بن السيوري الأسدي بالمشهد الشريف الغروي على ساكنه السلام وذلك في مدرسة المقداد السيوري) (٢). وفي ذلك دلالة على أنّ
__________________
(١) نزهة الغري : ٣٠.
(٢) ماضي النجف وحاضرها ١ / ٨٥.
الرابطة بين النجف والحلّة كمركزي علوم أهل البيت عليهمالسلام كانت لا تزال قائمة ، وفيها دلالة أيضاً على أنّ النجف كانت البديل الوحيد لمدرسة الحلّة الآفلة.
٤ ـ إنّ الصراع الطائفي بين الدولتين العثمانية والفارسية ، كان دائماً يرجّح مدينة النجف ؛ لاحتلال دور عاصمة التشيّع على صعيد العلوم الفقهية والأُصولية. فالنجف رمز خالد للشيعة كما أنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام رمز خالد للإسلام ، وقد كانت السلطتان الجلائرية والإيلخانية اللتان حكمتا بغداد فترة من الزمن ترجّحان انتقال عاصمة التشيّع إلى النجف لمقابلة عاصمة التسنن العلمية في بغداد.
٧ ـ مدرسة القرن الحادي عشر الهجري :
ومن أعمدتها : ابن الشهيد الثاني (وهو : الحسن بن زين الدين المتوفّى سنة ١٠١١ هـ) وكتابه المعروف بـ معالم الدين وملاذ المجتهدين ، والشيخ البهائي (بهاء الدين العاملي المتوفّى سنة ١٠٣١ هـ) وكتابه زبدة الأُصول.
الشيخ الحسن و «معالم الدين» :
والشيخ الحسن بن زين الدين أقام في النجف الأشرف بعد أن أكمل دراسة المقدّمات في مسقط رأسه في جبل عامل بلبنان ، ودرس عند المقدّس الأردبيلي (ت ٩٩٣ هـ) والمولى عبد الله اليزدي (حيث لم نعثر على تاريخ وفاته) وهما من كبار علماء النجف في ذلك الوقت ، ولكن لم يصلنا من نشاطهما الفكري في علم الأُصول شيء.
ولا شكّ أنّ كتاب معالم الدين يعتبـر نقلة نوعية في منهجة علم أُصول الفقه ، فهو بالإضافة إلى دقّته في التعبيـر ، فأنّه يحمل عمقاً جديداً في نظرية الاستدلال. ويحوي الكتاب مقدمة ذات خطبة بليغة ، ومقصدين ، وخاتمة. يقول في المقدمة : (... فشرعنا بتوفيق الله تعالى في تأليف هذا الكتاب الموسوم بـ معالم الدين وملاذ المجتهدين ، وجدّدنا به معاهد المسائل الشرعية ، وأحيينا به مدارس المباحث الفقهية ، وشفّعنا فيه تحرير الفروع بتهذيب الأُصول ، وجمعنا بين تحقيق الدليل والمدلول ، بعبارات قريبة إلى الطباع ، وتقريرات مقبولة عند الأسماع ، من غير إيجاز موجـب للإخـلال ...) (١).
أمّا المقصد الأوّل فهو في فضل العلم والعلماء ، وما يجب لهم وعليهم ، ويضمّ تسعة وثلاثين حديثاً بالإضافة إلى نصوص قرآنية شريفة. والمقصد الثاني ، في تسعة مطالب أصولية ، وهي : مباحث الألفاظ ، والأوامر والنواهي ، والعموم والخصوص ، والمطلق والمقيّد والمجمل والمبيّن ، والإجماع ، والأخبار ، والنسخ ، والقياس ، والاستصحاب ، والاجتهاد ، والتقليد. أمّا الخاتمة فهي تبحث موضوع التعادل والتراجيح.
وقد أصبح هذا الكتاب محطّ عناية الفقهاء وعلماء الأُصول منذ عصر التأليف وحتّى الماضي القريب ؛ فقد احتلّ كتاب المعالم المواقع التدريسية للكتب الثلاثة في الحوزة العلمية الإمامية آنذاك ، وهي : الشرح العميدي على تهذيب العلاّمة ، وشرح العلاّمة على مختصر ابن الحاجب ، وشرح العضدي على مختصر ابن الحاجب.
__________________
(١) معالم الدين وملاذ المجتهدين : ٥.
ولعلّ المنهجية الجديدة لهذا السفر الأُصولي قد فتحت الأبواب لفهم أعمق لمباني الاستدلال الفقهي عند أرباب الطائفة ، وأشعرت الجميع بالحاجة إلى تكثيف الجهود من أجل إثراء علم الأُصول بالقواعد العقلية التي لا تبتعد كثيراً عن القواعد الشرعية في تعاملها مع الإنسان والبيئة التي يعيش فيها.
الفاضل التوني و «الوافية» ، والخونساري و «مشارق الشموس» :
ولا شكّ أنّ هذا القرن أنتج فقهاءً عظاماً كتبوا في علمي الأُصول والفقه الاستدلالي منهم : عبد الله التوني (ت ١٠٧١ هـ) الذي كتب الوافية في الأُصول ، وحسين الخونساري (ت ١٠٩٨ هـ) الذي كتب كتاب مشارق الشموس في شرح الدروس ، وهو كتاب فقهي استدلالي ، ومحمّـد بن الحسن الشيرواني (ت ١٠٩٨ هـ) الذي كتب حاشية على المعالم في الأُصول. وقد مدّت هذه المؤلفات الأُصولية والاستدلالية القيّمة روحاً جديدة في الفكر الأُصولي ، خصوصاً ، وأنّ القرن القادم : وهو الحادي عشر الهجري كان قمّة نشاط الحركة الإخبارية التي حاولت تقويض مباني علم الأُصول في الصميم.
فقد أبدع الفاضل التوني في كتابه الوافية في تقسيم علم الأُصول إلى قسمين ، على خلاف ما كان يؤمن به معاصروه. الأوّل : مباحث الألفاظ ، والثاني : المباحث العقلية ؛ وهو التقسيم المعمول به حتّى عصرنا الحاضر. ثمّ آمن بأنّ مبحث مقدمة الواجب ، ومبحث الضدّ ، ومبحث المفاهيم ينبغي أن تُدرج جميعها في المباحث العقلية تحت عنوان (التلازم بين الحكمين) لا في مباحث الألفاظ كما هو المعمول في عصره.
وقد نحا السيّد الخونساري (ت ١٠٩٨ هـ) في كتابه مشارق الشموس في شرح الدروس منحىً عقلياً واضحاً ، بحيث أضاف إلى علم الأُصول دقّة عقلية وطابعاً فلسفياً كان له أثر كبير على التركيبة الثقافية لعلماء الأُصول الذين جاؤوا من بعده ، وبالخصوص في القرن الثالث عشر الهجري.
٨ ـ مدرسة القرن الثاني عشر الهجري :
وقد شهد هذا القرن ركوداً في النشاط الأُصولي وحركة الإبداع التي شهدناها سابقاً ، بسبب التأثيرات الفكرية التي تركتها الحركة الإخبارية على مجمل النشاط العلمي للطائفة. ولم أرَ في ما لدي من مصادر سوى مؤلّفين في الأُصول هما : حاشية شرح المختصر للعضدي تأليف آغا جمال الخونساري (ت ١١٢٥ هـ) ، وشرح الوافية تأليف السيد صدر الدين بن محمّـد باقر الرضوي القمي (ت ١١٧٠ هـ).
ولا شكّ أنّ اقتصار فقهاء هذا القرن على شرح الكتب الأُصولية للسلف الشريف ، والتعليق عليها دون التوجّه نحو المنحى الإبداعي في الكتابة المستقلّة كان يعدُّ نكسة من نوع ما في تاريخ علم الأُصول ، ولكن رغم حجم تأثير تلك النكسة الفكرية على تطوّر علم الأُصول ، إلاّ أنّنا نشعر بأنّ تلك الكتابات والشروح ساهمت بشكل من الأشكال في التمهيد لظهور مدرسة الأستاذ الأكبر الوحيد البهبهاني (ت ١٢٠٦ هـ) التي افتتحت عصراً جديداً في تاريخ هذا العلم.
٩ ـ مدرسة القرن الثالث عشر الهجري :
وهذا القرن من أنشط الحقبات الزمنية في تاريخ علم الأُصول ؛ فقد
ظهر من بين ثناياه فقيهان من أعظم فقهاء الإمامية في العصور المتأخّرة ، وهما : الوحيد البهبهاني (ت ١٢٠٦ هـ) في كربلاء ، والشيخ مرتضى الأنصاري (ت ١٢٨١ هـ) في النجف. وقد احتلّت النجف في تلك الفترة وبالأخصّ في الربع الأوّل من هذا القرن موقعها القيادي والعلمي المرتقب من جديد.
الوحيد البهبهاني و «الفوائد الحائرية» :
فقد استطاع الوحيد البهبهاني في الحوزة العلمية في مدينة كربلاء التصدي لأفكار الحركة الإخبارية ، خصوصاً وأنّ تسلّحه بالعلوم العقلية كان قد أعدّه إعداداً جيّداً للدخول في صراع مكشوف مع رموز تلك الحركة في ذلك الوقت مثل الشيخ الجليل يوسف البحراني صاحب موسوعة الحدائق الناضرة الفقهية وغيره ..
وكان هدف مدرسة الوحيد تفنيد شبهات الإخباريّين واتهاماتهم وإثبات الحاجة إلى القواعد الأُصولية في عملية الاستنباط. إلاّ أنّ تلك المدرسة تطوّرت لاحقاً وأضفت على علم الأُصول صبغة جديدة ، وهي صبغة التلازم بين الأدلّة العقلية والشرعية .. يقول الوحيد البهبهاني في مقدّمة كتابه الفوائد الحائرية شارحاً مشكلة الصراع بين المدرستين الأُصولية والإخبارية : (أمّا بعد ، فإنّه لمّا بعُد العهد عن زمان الأئمّة عليهمالسلام وخُفيت أمارات الفقه والأدلّة ، على ما كان المقرّر عند الفقهاء والمعهود بينهم بلا خفاء ، بانقراضهم وخلوّ الديار عنهم. إلى أن انطمست أكثر آثارهم ، كما كانت طريقة الأمم السابقة والعادة الجارية في الشرائع الماضية أنّه كلّما يبعد العهد عن صاحب الشريعة تخفى أمارات وتحدث خيالات
جديدة إلى أن تضمحلّ تلك الشريعة. توهّم متوهّم : أنّ شيخنا المفيد رحمهالله ومن بعده من فقهائنا إلى الآن كانوا مجتمعين على الضلالة ...) (١). وهي إشارة إلى ما زعمه الاسترآباداي (ت ١٠٣٣ هـ) في الفوائد المدنية. وهذا النصّ يعكس عمق المشكلة التي كان يواجهها علم الأُصول وخطورتها.
ولكنّ الوحيد البهبهاني مهّد الطريق لمباني النظريات الأُصولية الحديثة. وناقش بالخصوص مباحث الشكّ. وهي خطوة ذكيّة لردّ الفلسفة الإخبارية التي كانت ترى في قطعية أحاديث الكتب الروائية الأربعة أهمّ محاورها الشرعية ، في الوقت الذي أنكرت فيه حجّية الدليل العقلي واعتبرته من أهمّ أعداء نظريّتها حول النصّ الشرعي ؛ فكأنّ نقاش مباحث الشكّ عند الوحيد البهبهاني ـ في واقع الأمر ـ نقاش لمباحث الأُصول العملية. فقد قسّم الوحيد البهبهاني (الشكّ) إلى قسمين :
١ ـ الشكّ في التكليف ، كما لو حصل الشكّ في تكليف الفرد بزكاة مال التجارة مثلاً ؛ فتكون الوظيفة العملية : (البراءة العقلية) بموجب قاعدة (قبح العقاب بلا بيان) العقلية.
٢ ـ الشكّ في المكلّف به ، كما إذا حصل الشكّ في أنّ صلاة المكلّف ظهر يوم الجمعة هي الجمعة أم الظهر؟ فتكون الوظيفة العملية : الاشتغال والاحتياط بموجب القاعدة العقلية القائلة : أنّ (الاشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينية). يقول في فوائده الحائرية : (فرق بين مقام ثبوت التكليف ومقام الخروج من عهدة التكليف الثابت ، إذ بمجرد الاحتمال لا يثبت التكليف على المجتهد والمقلّد له ، لما عرفت من أنّ الأصل براءة الذمّة
__________________
(١) الفوائد الحائرية ـ المقدمة : ٨٥.
حتّى يثبت التكليف ، وتتمّ الحجّة ، وأنّه ما لم تتمّ الحجّة لم تكن مؤاخذة أصلاً وقبح في الارتكاب أو الترك مطلقاً.
وأمّا مقام الخروج من عهدة التكليف فقد عرفت أيضاً أنّ الذمّة إذا صارت مشغولة ، فلابد من اليقين في تحصيل براءتها للإجماع والأخبار ، وتثبت أيضاً من العقل والنقل ، والآيات القرآنية ، والأخبار المتواترة ، والإجماع من جميع المسلمين وجوب الإطاعة للشارع ، ومعلوم أنّ معناها هو الإتيان بما أمر به ، فلا يكفي احتمال الإتيان ولا الظنّ به ، لأنّ الظنّ بالإتيان غير نفس الإتيان.
وممّا ذكرنا يعلم أنّه إن استيقن أحدٌ بأنّ عليه فريضة فائتة فلا يعلمها بخصوصها أنّها الظهر أو الصبح ، أو يعلم أنّ عليه فريضة فائتة ولم يعلم أنّها فائتة أو حاضرة ، يجب عليه أن يأتي بهما جميعاً حتّى يتحقّق الامتثال) (١).
الشيخ الأنصاري و «فرائد الأُصول» :
وقد مهّدت تلك الأفكار العقلية الدقيقة إلى ظهور فقيه وأصولي عظيم استطاع ـ بحقّ ـ تأسيس المدرسة الأُصولية الإمامية الحديثة في النجف ، ألا وهو الشيخ مرتضى الأنصاري (ت ١٢٨١ هـ). فقد قام الشيخ الأنصاري في كتاب فرائد الأُصول ، بعد استيعاب كامل للحجج العقلية والشرعية ، بطرح منهجية جديدة تماماً في علم الأُصول كان محورها عالم الأدلّة والحجج
__________________
(١) الفوائد الحائرية مع تعاليق الفريد الكلبايكاني : ٣١٩ قم : مكتبـة الصـدر ، بدون تاريخ.
العقلية والشرعية ؛ فتناول مباحث القطع ، والظنّ ، والشكّ ، والبراءة ، والاشتغال والاستصحاب ، والتعادل والتراجيح ، بدقّة متناهية بالتهذيب والتنقيح.
وهذه المنهجية الجديدة ، التي قسّمت حالات المكلّف تجاه الحكم الشرعي بـ : (حالة القطع والظنّ والشكّ) (١) ، حاولت استيعاب جميع الحجج التي يستطيع العقل البشري إدراكها ، فلا تبقى حجّة من الحجج ـ ذاتية كانت أو مجعولة ، أفادت حكماً شرعياً أو وظيفة عقلية ـ إلاّ ودخلت تحت هذا التصميم الجديد.
فلا شكّ أنّ هذه الحجج غير متقاطعة ، بل هي مترتبة طولياً ، فانكشاف الواقع عن طريق القطع يتقدّم على كلّ الحجج أمّا الطرق والأمارات (وهي الأدلّة الاجتهادية كخبر الواحد والإجماع والشهرة) فهي الخطّ الطولي الآخر ، أو قل المرحلة الثانية التي اعتبرها الشارع حجّة شرعية في حالة عدم انكشاف الواقع وفقدان القطع ، ولكن مع انكشاف الواقع والقطع بالحكم الشرعي لا يصح شرعاً الاعتماد على تلك الطرق والأمارات ، والخطّ الطولي الثالث هو صحّة الرجوع إلى الأُصول العملية الشرعية والعقلية (وهي الأدلّة الفقاهتية كالبراءة والاشتغال والتخيير والاستصحاب) في حالة فقدان الطرق والأمارات المعتبرة شرعاً بعد الفحص واليأس من عدم الوصول إليها.
وهذا التفريق بين القطع ، والأمارات ، والأُصول أوجد فهماً جديداً للأدلّة الشرعية الموصلة إلى الحكم الشرعي ، وأوجد أيضاً طريقة علمية
__________________
(١) الرسائل : ١.
متطوّرة في الاجتهاد الفقهي ، فأصبح المجتهد يسير على خطى واضحة في عملية الاستنباط الشرعي للأحكام ، وقد يصيب الأحكام الواقعية وقد لا يصيبها ، فإذا كانت حالة الإصابة فيها ظنّية فهي الأدلّة الاجتهادية ، وإذا لم يستطع الوصول إلى هذا المقدار ، فلابد له أن يصل إلى تحديد الوظيفة الشرعية المقرّرة للجاهل بالحكم عند الشكّ في التكليف والمكلّف به كالبراءة أو الاحتياط.
بقية فقهاء القرن الثالث عشر :
ولا شكّ أنّ هذه الفترة المباركة كانت قد أفرزت إضافة إلى الشيخين الوحيد في كربلاء والأنصاري في النجف ، حشداً كبيراً من علماء الأُصول الأجلاّء ، مصحوباً بعدد متميّز من كتب الأُصول ؛ وقد استعادت مدينة النجف رونقها العلمي واسترجعت طبيعتها الحضارية الإسلامية ، فأصبحت مرّة أخرى محطّ أنظار العالم الشيعي وقبلة الفكر الأُصولي ، ومن هؤلاء الأجلاّء ندرج الأسماء التالية :
١ ـ السيّد مهـدي الطباطبائي المعروف بـ (بحر العلوم) (ت ١٢١٢ هـ).
٢ ـ الشيخ جعفر كاشف الغطاء (ت ١٢٢٧ هـ).
٣ ـ الميرزا أبو القاسم القمّي (ت ١٢٣١ هـ) وكتابه قوانين الأُصول وهو في مجلّدين طبعة حجرية ، الأوّل : يقع في ٤٠٩ صفحة (رحلي) ، والثاني : في ٢٩١ صفحة.
٤ ـ السيّد علي الطباطبائي (ت ١٢٢١ هـ) وكتابه الرياض في الفقه الاستدلالي.
٥ ـ الشيخ أسد الله التستري (ت ١٢٣٤ هـ).
٦ ـ السيّد محسن الأعرجي المعروف بالمقدّس الكاظمي (ت ١٢٤٠ هـ) وكتابه المحصول في علم الأُصول ، وكتاب آخر له باسم الوافي في شرح الوافية.
٧ ـ المولى أحمد الخوانساري (لم نعثر على تاريخ وفاته ، ولكن القرائن تدلّ على كونه من أعلام القرن الثالث عشر) وكتابه مصابيح الأُصول.
٨ ـ السيّد محمّـد بن علي الطباطبائي (ت ١٢٤٢ هـ) وكتابه مفاتيح الأُصول في ٧٢٠ صفحة طبع حجري (رحلي).
٩ ـ المولى أحمد بن مهدي النراقي (ت ١٢٤٧ هـ) وكتابه مفتاح الأُصول.
١٠ ـ الشيخ محمّـد تقي الأصفهاني (ت ١٢٤٨ هـ) وكتابه القيّم هداية المسترشدين في شرح معالم الدين ، وهو من أوسع الكتب الأُصولية خصوصاً في مباحث الألفاظ.
١١ ـ الميرزا عبد الفتّاح بن علي الحسيني المراغي (ت ١٢٥٠ هـ) وكتابه عناوين الأُصول.
١٢ ـ الشيخ محمّـد حسن بن عبد الرحيم (ت ١٢٦١ هـ) وكتابه الفصول في علم الأُصول.
١٣ ـ المولى محمّـد إبراهيم الكاخكي الأصفهاني المعروف بالكباسي (ت ١٢٦٢ هـ) وكتابه إشارات الأُصول.
١٤ ـ السيّد محمّـد إبراهيم بن محمّـد باقر الموسوي القزويني (ت ١٢٦٥ هـ) وكتابه ضوابط الأُصول.
١٥ ـ الشيخ محمّـد حسن النجفي (ت ١٢٦٦ هـ) وموسوعته الفقهية الاستدلالية الجليلة جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام في ٤٣ مجلداً.
١٦ ـ السيّد محمّـد باقر بن السيّد علي القزويني (ت ١٢٨٦ هـ) وكتاباه
مفاتيح الأُصول ونخبة الأُصول.
١٧ ـ والميرزا أبو القاسم بن الحاج محمّـد علي الطهراني المعروف بكلانتر (ت ١٢٩٢ هـ) وكتابه مطارح الأنظار وهو تقريرات الشيخ الأعظم الأنصاري في مباحث الألفاظ.
فقد تميزت تلك الفترة بلون جديد من الكتابة تمثّلت بكتابة التلاميذ مواضيعَ أستاتذتهم الملقاة عليهم ، ثمّ نشرها على شكل تقارير لأساتذتهم ولكنّها في الوقت نفسه حملت أسماءهم كمؤلّفين ، ولم نختبر مثل هذا اللون من التأليف في الفترات السابقة ، بل اختبرنا في عهد الشيخ الصدوق والمفيد والمرتضى والطوسي إلقاء موضوعات مترابطة ومرتبطة بالكتاب المجيد والسنّة المطهرة وفضائل أهل البيت عليهمالسلام من قبل الأساتذة على تلامذتهم ، سُميّت بـ الأمالي.
١٨ ـ السيّد حسن بن محمّـد بن الحسن الكوهكمري (ت ١٢٩٩ هـ) وكتابه بشرى الوصول إلى علم الأُصول.
١٩ ـ الميرزا موسى بن جعفر بن المولى أحمد التبريزي (الذي لم نعثر على تاريخ وفاته) وكتابه أوثق الوسائل في شرح الرسائل كتبه سنة ١٢٩٥ هـ. فيمكن تصنيف أفكاره من ثمار القرن الثالث عشر الهجري.
١٠ ـ مدرسة القرن الرابع عشر الهجري :
واتسمت مدرسة هذا القرن التي ترعرعت في النجف الأشرف
بالاهتمام بالمباني العلوية لعلم الأُصول ، بعد أن بنى الشيخ الأعظم (الأنصاري) رضوان الله عليه صرح المنهج الجديد في عملية الاستنباط ، فلم تكن هناك حاجة لتطوّر نوعي جديد في علم الأُصول ، بل كانت هناك حاجة ماسة لإثراء كمي وتفصيلات وكتابة تقريرات علمية وشروح للمباني الأساسية والقواعد المشتركة خصوصاً مباحث الألفاظ والحجج والأدلّة العقلية والشرعية ...
وهكذا كان ، فقد اتسم هذا العصر بكثرة المصنّفين والتصانيف في شتّى مباحث الأُصول ، بحيث شكّل هؤلاء الفقهاء الأجلاّء ـ مجتمعين ـ مدرسة جماعية مترابطة ومتضافرة في أبعادها وأركأنها بحيث لم يتميّز فقيه عن بقية فقهاء المدرسة بنسبة عظيمة كما لاحظنا ذلك في القرن الثالث عشر الهجري.
فقهاء القرن الرابع عشر :
ويمكن تصنيف هؤلاء الفقهاء الأُصوليّين تاريخيّاً مع كتبهم الأُصولية على الترتيب التالي :
١ ـ محمود بن جعفر بن الباقر الميثمي المسمّى بالعراقي (ت ١٣٠٨ هـ) من تلاميذ الشيخ الأنصاري ، وكتاباه : جوامع الشتات ، وقوامع الفضول عن وجوه حقائق أُصول علم الأُصول في ٥٨٣ صفحة طبعة حجرية.
٢ ـ الميرزا حبيب الله الرشتي (ت ١٣١٢ هـ) وكتابه بدائع الأفكار.
٣ ـ ضياء الدين محمّـد حسين بن محمّـد علي الشهرستاني (ت ١٣١٥ هـ) وكتابه غاية المسؤول في علم الأُصول.
٤ ـ الميرزا محمّـد حسن الأشتياني (ت ١٣١٩ هـ) وكتابه بحر الفوائد
في شرح الفرائد الذي ناقش فيه آراء الشيخ الأنصاري مصنّف (فرائد الأُصول).
٥ ـ محمّـد باقر بن محمّـد علي المازندراني (ت ١٣٢٢ هـ) وكتابه مجمع الأُصول.
٦ ـ المولى محمّـد كاظم الخراساني المعروف بالآخوند (ت ١٣٢٩ هـ) وكتابه الأُصولي المعروف :
كفاية الأُصول ، وله تعليقة على الرسائل اسمها حاشية كتاب فرائد الأُصول وهي تعليقة علمية على كتاب فرائد الأُصول للشيخ الأنصاري.
٧ ـ الشيخ محمّـد حسين الغروي النائيني (ت ١٣٥٥ هـ) ، وليس له كتاب مؤَلَّف ، إلاّ أنّ بحوثه سجّلها بعض تلامذته : كالشيخ محمّـد علي الكاظمي (ت ١٣٦٥ هـ) في فوائد الأُصول ، والسيد أبو القاسم الخوئي (ت ١٤١٣ هـ) في أجود التقريرات.
٨ ـ الشيخ عبد الكريم الحائري (ت ١٣٥٥ هـ) مؤسس الحوزة العلمية في قم ، وكتابه درر الأُصول.
٩ ـ السيد محمّـد بن عبد الأمير محمّـد تقي التنكابني (ت ١٣٥٩ هـ) وكتابه إيضاح الفرائد في علم الأُصول.
١٠ ـ الشيخ ضياء الدين العراقي (ت ١٣٦١ هـ) وكتابه مقالات الأُصول في مجلّدين ، إضافة إلى أنّ بحوثه كانت قد سُجلّت من قبل تلامذته : الشيخ محمّـد تقي البروجردي (ت ١٣٩١ هـ) في كتاب نهاية الأفكار ، والميرزا هاشم الآملي في بدائع الأفكار.
١١ ـ الشيخ محمّـد حسين الأصفهاني (ت ١٣٦١ هـ) وكتبه الأُصولية : نهاية الدراية في شرح الكفاية والاجتهاد والتقليد والطلب
والإرادة وبحوث في الأُصول.
١٢ ـ الشيخ محمّـد رضا المظفر (ت ١٣٨٤ هـ) وكتابه المنهجي المدرسي أُصول الفقه.
١٣ ـ السيّد محسن الحكيم (ت ١٣٩٠ هـ) وكتابه حقائق الأُصول وهو شرح وتعليق على كتاب كفاية الأُصول للآخوند.
١٤ ـ الميرزا علي الإيرواني (لم نعثر على تاريخ وفاته) وكتابه نهاية النهاية في شرح الكفاية المكتوب سنة ١٣٤٥ هـ ، فيعدّ أحد أركان هذه المدرسة.
تطوّر قاعدة (البراءة العقلية) :
وقد كان محور أفكار تلك المدرسة هو مناقشة أصل (البراءة العقلية) عند الشكّ في التكليف ؛ فقد اشتهر بين علماء الأُصول تمسّكهم بالدليل العقلي في البراءة عند الشكّ في التكليف ، بالإضافة إلى تمسّكهم بالدليل الشرعي فيها ؛ ولعلّ أقدم نصّ عند الشيعة حول هذا الأصل هو كتاب المعارج للمحقّق الحلّي (ت ٦٧٦ هـ) ...
يقول المحقّق الحلّي رحمهالله : (لو كان الحكم ثابتاً لدلّت عليه إحدى تلك الدلائل ، لأنّه لو لم يكن عليه دلالة لزم التكليف بما لا يطاق للمكلّف إلى العلم به ، وهو تكليف بما لا يطاق) (١).
واستمرّ فهم أصالة (البراءة العقلية) عند الفقهاء على تلك الصورة حتّى عرض الوحيد البهبهاني (ت ١٢٠٦ هـ) فكرة أصالة البراءة ضمن
_________________
(١) معارج الأُصول : ٢١٣.
قاعدة (قبح العقاب بلا بيان) ؛ فقد ذكر الوحيد في كتابه الفوائد الحائرية ما يلي : (اعلم أنّ المجتهدين ذهبوا إلى أنّ ما لا نصّ فيه ، والشبهة في موضوع الحكم الأصلي ، فيهما : البراءة ، والمقصود بالأوّل الشبهة الحكمية ، وبالثاني الشبهة الموضوعية ... فدليل المجتهدين حكم العقل بقبح التكليف والمؤاخذة ما لم يكن ببيان) (١) ، ثمّ قام السيّد محمّـد المجاهد ، وهو سبط الوحيد البهبهاني بصياغة استدلالية أخرى للبراءة العقلية ، فقال : (دليل المعظّم [أي الوحيد] أنّه إذا لم يكن نصّ لم يكن حكم ، فالعقاب قبيح على الله تعالى ... والصواب أن يجعل الدليل هكذا : إذا لم يصل الحكم لم يمكّن عقاباً ، لقبح التكليف والعقاب حينئذ) (٢).
وذهب المحقّق النائيني (ت ١٣٥٥ هـ) في الاستدلال على القاعدة بالقول : إنَّ (وجود البيان الواقعي كعدمه غير قابل لأن يكون باعثاً ومحرّكاً لإرادة العبد ما لم يصل إليه ويكون له وجـود علمـي) (٣) ، وتوضيح هذا التقريب : إنّ البيان ما لم يصل إلى المكلّف لا يكون محركاً له ، ووجود البيان الواقعي كعدمه لا يصلح أن يكون سبباً في تحريك المكلّف ، كما لا تصلح الأمور التكوينية التي تثير الحركة في الإنسان عادةً لإثارته وتحريكه بوجودها الواقعي ما لم يكن هناك أمر حقيقي يصل المكلّف ليحرك دوافعه في الحركة.
أمّا المحقق الأصفهاني (ت ١٣٦١ هـ) فقد رأى بأنّ أحكام العقل العملي تؤول بالنتيجة إلى حسن العدل وقبح الظلم بالضرورة ، ومن المعلوم
_________________
(١) الفوائد الحائرية : ١٣٣ قم : مكتبة الصدر.
(٢) مفاتيح الأُصول ـ السيد محمّـد المجاهد الطباطبائي ـ : ٥١٨ طبعة حجرية.
(٣) فوائد الأُصول ٣ / ٣٦٥.
أنّ تمرّد العبد على أوامر المولى ونواهيه إذا أقام عليها الحجّة تعتبر من الظلم والخروج عن طور العبودية ، وهو من أقبح الأمور التي يستحقّ عليها العقاب.
أمّا إذا لم تقم عليه الحجّة ، ولم يصل بيانه إلى المكلّف من أوامر المولى ونواهيه فلا تعتبر مخالفته من قبل المكلّف من الظلم والخروج عن طور العبودية ، فلا يستحقّ بذلك العقاب ولا يصحّ عقابه من قبل المولى ، بل يقبح عقابه من جانب المولى الحكيم ، لأنّه لم يرتكب ظلماً في علاقته بمولاه لتحسن عقوبته (١).
وقد آمن السيّد الشهيد السعيد محمّـد باقر الصدر (ت ١٤٠٠ هـ) بنفي البراءة العقلية وشكّك بالقيمة العقلية لقاعدة قبح العقاب بلا بيان. قال رضوان الله عليه في دروسه الأُصولية : (ونحن نؤمن في هذا المسلك بأنّ المولوية الذاتية الثابتة لله سبحانه وتعالى لا تختصّ بالتكاليف المقطوعة بل تشمل مطلق التكاليف الواصلة ولو احتمالاً ، وهذا من مدركات العقل العملي ، وهي غير مبرهنة ؛ فكما أن أصل حقّ الطاعة للمنعم والخالق مدرك أوّلي للعقل العملي غير مبرهن ، كذلك حدوده سعةً وضيقاً ، وعليه فالقاعدة العملية الأوّلية هي أصالة الاشتغال بحكم العقل ما لم يثبت الترخيص الجادّ في ترك التحفّظ على ما تقدّم في مباحث القطع ...) (٢).
وملخّصه أنّه لا نجوّز لأنفسنا أن نقيس حقّ الطاعة لله سبحانه على عباده بحقّ طاعة الموالي العرفية على من يتولّون أمرهم ، لسبب بسيط وهو أنّ مولوية الله تعالى ذاتية ، ومولوية الموالي عرفية مجعولة ...
_________________
(١) نهاية الدراية ٢ / ١٩٠.
(٢) دروس في علم الأُصول ـ القسم الثاني من الحلقة الثالثة : ٣٣ ـ ٣٤.
ولا يمكننا قياس أحكام المولوية الذاتية في حق الطاعة بالمولوية العرفية ؛ فإنّ انحصار حقّ الطاعة للمولى على المكلّفين في ما وصلهم من التكاليف يختصّ بالموالي العرفية ، أمّا حقّ طاعة الله تعالى على عباده فلا يمكن قياسه بما سبق.
١١ ـ مدرسة القرن الخامس عشر الهجري :
ولا نستطيع الحكم على هذه المدرسة ؛ لأنّها لم تكمل الربع الأوّل من عمرها بعد ، إلاّ أنّ طبيعة الفقهاء الذين ظهروا على ساحتها العلمية تنبئ بمستقبل عظيم في التنقيح والإضافات الجديدة لعلم الأُصول ، والدعوة إلى استخدام القواعد الأُصولية في بناء النظرية الاجتماعية الفقهية.
فقهاء الربع الأوّل من هذا القرن :
ونستطيع تسجيل أسماء ثلاثة فقهاء عظام لحدّ الآن لمسنا آثار علومهم الجليلة في الوسط العلمي الأُصولي ، وهم : السيّد الشهيد محمّـد باقر الصدر (ت ١٤٠٠ هـ) ، والسيّد روح الله الموسوي الخميني (ت ١٤٠٩ هـ) ، والسيّد أبو القاسم الخوئي (ت ١٤١٣ هـ).
فقد كتب السيّد الشهيد الصدر رضياللهعنه : دروس في علم الأُصول وغاية الفكر و
المعالم الجديدة للأصول ، وكُتبت بحوث علم الأُصول بقلم بعض تلامذته ، وتُعدّ أفكار السيّد الشهيد قمّة في البلاغة والعمق والوضوح.
وكتب السيّد الخميني رضياللهعنه كتاب الرسائل ويحتوي خمس رسائل هي : (في قاعدة اللاّضرر والاستصحاب والتعادل والتراجيح والاجتهاد والتقليد والتقية) وهذه الرسائل تعليقات على آراء المحقق الخراساني في
الكفاية ، وكتب الشيخ جعفر السبحاني تقريرات أستاذه وأسماها بـ : تهذيب الأُصول.
أمّا السيّد الخوئي رضياللهعنه فقد صدرت له تقريرات عديدة في علم الأُصول بأقلام تلامذته ، منها :
١ ـ دراسات الأُصول بقلم : السيّد علي الشاهرودي.
٢ ـ مصباح الأُصول بقلم : السيّد محمّـد سرور البهبودي.
٣ ـ جواهر الأُصول بقلم : فخر الدين الزنجاني.
٤ ـ مصابيح الأُصول بقلم : علاء الدين بحر العلوم.
٥ ـ مباني الاستنباط بقلم : أبو القاسم الكوكبي.
٦ ـ محاضرات في أُصول الفقه بقلم : محمّـد إسحاق الفياض.
٧ ـ الأمر بين الأمرين بقلم : محمّـد تقي التبريزي.
٨ ـ الرأي السديد في الاجتهاد والتقليد والاحتياط والقضاء بقلم : ميرزا غلام رضا عرفانيان.
ونشطت في بداية القرن الخامس عشر الهجري المدرسة الأُصولية في قم المشرّفة ، وتوافد عليها العلماء العظام من كلّ طرف ، وازدهرت بحوثها العقلية والشرعية المعمّقة ، ولا يمكننا الآن دراسة المنهج الأُصولي لمدينة قم المشرّفة ، بسبب حداثة عهدها ؛ فنترك ذلك للأجيال العلمائية الآتية من أجل النقد والتقييم.
الاستنتاج :
وهذا العرض الشامل للمدارس الأُصولية عند الشيعة الإمامية في التاريخ ، يكشف لنا ـ إلى حد ما ـ حجم الجهد الذي بذله فقهاؤنا الأعلام
من أجل الوصول إلى صيغة استدلالية شرعية في عصر الغيبة. تلك الصيغة التي نأمل أن ترشدنا لفهم الحكم الشرعي والاقتراب من مطابقته للواقع. وقد أصبح محور علم الأُصول ، وهو في قمة نضوجه الفكري اليوم ، هو البحث عن وسائل لمعرفة الوظيفة الشرعية للمكلّف في حالات القطع والظنّ والشكّ.
ولكنّنا قد لا نستطيع إدراك مغزى الوظيفة الشرعية بعد إبتعادنا عن عصر النصّ ، ما لم نفهم الفرق بين فقه النصّ وفقه الاستدلال. فطبيعة الاستدلال تستدعي البحث عن سند الدليل في زمان ومكان يختلفان تماماً عن عصر النصوص الشرعية. بينما لا يستدعي عصر النصّ كلّ ذلك التعقيد. ومن هنا جاءت أهمّية الفروق بين فقه النصّ وفقه الاستدلال التي سندرسها في الفصل الثاني بإذنه تعالى.
ونستنتج من دراسة المدارس الأُصولية للشيعة الإمامية ، أنّ نظريات الدليل العقلي واللفظي والشرعي لم تكن من إنتاج مفكّر واحد أو من إفراز عصر معيّن بذاته. بل إنّ النظريات الأُصولية الإمامية تمثّل جهدَ حشد كبير من العلماء على طول فترة زمنية مديدة استمرّت أكثر من عشرة قرون. وإذا كان ذلك الجهد قد أثمر بناء المباني الأُصولية وترميمها ، فإنّ النظرية الأُصولية الإمامية مرشّحة للتطوّر والتكامل إذا استمرّ جهد العلماء بنفس الزخم والقوّة التي لحظناها في الألف سنة الأخيرة.
الفصل الثاني
فقه النصّ وفقه الاستدلال : من وجهة نظر أصولية
فقه النصّ وفقه الاستدلال :
إنّ السؤال الذي أثير حوله جدل واسع بين فقهاء الإسلام هو : ما مدى مصداقية الاستدلال الفقاهتي زمن النصّ؟ وهل أنّ الاجتهاد أمر حادث زمن النبي صلىاللهعليهوآله وأئمّة أهل بيت النبوّة عليهمالسلام ، أم أنّه وجد بعد انقضاء ذلك العصر؟
ومن أجل الجواب عن ذلك السؤال لابدّ من دراسة (فقه النصّ) ، و (فقه المتون المجرّدة عن أسانيدها) ، و (فقه الاستدلال) ، و (بوادر التفكير الأُصولي عند الأصحاب).
أ ـ فقه النصّ :
لا شكّ أنّ في (فقه النصّ) التزاماً شديداً بنصّ الحديث وعدم الخروج عن إطاره اللغوي أو العرفي ، وكان يقوم بممارسة ذلك اللون من الفقه : الرواة الثقات الحافظون لمتون الأحاديث وأسانيدها ؛ فقد كانت الروايات تنقل زمن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام بأسانيدها في كتب الأصحاب ، وكانوا يدوّنونها في أبواب خاصّة كالطهارة والصلاة والزكاة والحجّ ونحوها ، ولا يلزم الراوي أن يكون مجتهداً في فهم الحكم الشرعي وطبيعة استنباطه من الأدلّة المتعارفة كما في ضمّ المخصّص إلى العامّ ، والمقيّد إلى المطلق مثلاً ، بل يلزم أن يكون عالماً بألفاظ الرواية وارتباطها بالموضوع محلّ
البحث أو السؤال ؛ ولذلك فإنّ الرواة الثقات أقلّ حظّاً في بذل الجهد في استخراج الحكم الشرعي من الفقهاء الذين يمتلكون القدرة على إرجاع الفروع إلى الأُصول أو الاستدلال بالأدلّة الشرعية والعقلية.
ب ـ فقه المتون المجرّدة عن أسانيدها :
وهذا اللون من الفقه استند على تجريد الروايات عن أسانيدها وكتابتها ـ كنصوص ـ ضمن الأبواب الفقهية. وكان من روّاده علي بن بابويه (ت ٣٢٩ هـ) وهو والد الشيخ الصدوق ، حيث ألّف كتاب الشرائع ، وسار على هداه ولده الشيخ الصدوق (ت ٣٨١ هـ) فكتب المقنع والهداية ، وكتب الشيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ) كتاب المقنعة ، وتلاه الشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) بكتاب النهاية.
إلاّ أنّ ظهور هذا اللون من الفقه النصّي بعد أكثر من مائة وخمسين عاماً من وفاة الصادقين عليهماالسلام يدلّ على أنّ أئمّة أهل البيت عليهمالسلام كانوا قد عالجوا ـ عن طريق النصوص الشرعية ـ أغلب معضلات وابتلاءات القرون الأربعة التي تلت ظهور الرسالة السماوية الشريفة ؛ فلم تكن هناك حاجة ماسّة لممارسة الفقه الاستدلالي الذي حاول الأئمّة عليهمالسلام تدريب أصحابهم عليه ، وربّما كان رسوخ التعبّد بالنصوص الشرعية في أذهان أصحاب أئمّة الهدى عليهمالسلام قد أخّر عملية ممارسة الفقه الاستدلالي ذلك الردح الطويل من الزمن.
ج ـ الفقه الاستدلالي :
وهذا اللون من الفقه يستند على جملة من المبادئ الأُصولية التي
ازدادت الحاجة إليها في استنباط الأحكام الشرعية مع ابتعادنا عن عصر النص الشرعي خصوصاً بعد الغيبة الكبرى سنة (ت ٣٢٩ هـ) ؛ فهذا العلم الشريف أخذ ـ بعد تطوّره المذهل ـ يستمدّ من علم الأُصول المباني الاستنباطية في أربع مساحات لغوية وعقلية وشرعية ...
ففي المساحة الأولى تأخذ المبادئ اللغوية كالوضع ، والحقيقة ، والمجاز ، والنقل ، والاشتراك ، والصحيح ، والأعمّ حيّزاً مهمّاً ، بينما تشغل مباحث الألفاظ كدلالة الأمر والنهي والجملة الخبرية والفور والتراخي والمرّة والتكرار والتوصّلي والتعبّدي والمفاهيم والعامّ والخاصّ والمطلق والمقيّد والمجمل والمبيّن ... ونحوها الحيّز الآخر من تلك المساحة.
أمّا المساحة الثانية وهي التي تغطّي الملازمات العقلية ، فتشمل المستقلاّت العقلية كالتحسين والتقبيح العقليين والملازمة بين حكم العقل والشرع والأُصول العقلية ، وتشمل أيضاً غير المستقلاّت العقلية (وتسمّى بمباحث الاستلزامات) كالإجزاء ومقدّمة الواجب ومبحث الضدّ واجتماع الأمر والنهي ودلالة النهي على الفساد.
أمّا المساحة الثالثة وهي مباحث الحجّة ، فتشمل الكتاب المجيد والسنّة المطهرة والإجماع والدليل العقلي وحجّية الظهور والشهرة والسيرة والتعادل والتراجيح (أي تعارض الأدلّة).
والمساحة الرابعة وهي مباحث الأُصول العملية أو الأدلّة السمعية ، وتشمل الاستصحاب والبراءة والتخيير والاحتياط.
د ـ بوادر التفكير الأُصولي عند الأصحاب :
وقد ظهرت أولى بوادر التفكير الأُصولي في زمن الصادقين عليهماالسلام ؛
فقد كان أئمّة أهل البيت عليهمالسلام يدرّبون أصحابهم على أساليب الاستدلال الفقهي والاستنباط ، وكان لقربهم (رضى الله عنهم) من أئمّتهم عليهمالسلام أثر عظيم في تكامل ذلك التدريب.
تدريب الأصحاب على الاستدلال :
فنرى الإمام الصادق عليهالسلام يدرّب (زرارة بن أعين) ، وهو من خيرة أصحابه ، على فهم الروايات العلاجية وممارسة أسلوب الترجيح في الأعدلية مثلاً ، والأفقهية والأشهرية والأوثقية وما خالف العامّة ، كما ورد في غوالي اللئالي عن العلاّمة الحلّي مرفوعاً إلى زرارة قال : «سألت أبا جعفر عليهالسلام فقلتُ : جعلتُ فداك يأتي عنكم الخبران والحديثان المتعارضان فأيّهما آخذ؟ فقال عليهالسلام : يا زرارة خُذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذ النادر.
فقلتُ : يا سيّدي إنّهما معاً مشهوران مأثوران عنكم؟
فقال عليهالسلام : خُذ بما يقول أعدلهما عندك وأوثقهما في نفسك.
فقلتُ : إنّهما معاً عدلان مرضيّان موثّقان.
فقال عليهالسلام : انظر ما وافق منهما العامّة فاتركه ، وخُذ بما خالف ؛ فإنّ الحقّ فيما خالفهم.
قلتُ : ربّما كانا موافقين لهم أو مخالفين : فكيف أصنعُ؟
قال : إذن فخُذ بما فيه الحائطةُ لدينك واُترك الآخر.
قلتُ : فإنّهما معاً موافقان للاحتياط أو مخالفان له ، فكيف أصنعُ؟
فقال : إذن فتخيّر أحدهما وتأخذُ به وتدع الآخر» (١).
وهو قد يمارس حجّية ظواهر الكتاب والعمل بعموم الآيات ، كما ورد في رواية عبد الأعلى في حكم من عثر فوقع ظفره فجعل على إصبعه مرارة ، قال : قلتُ لأبي عبد الله عليهالسلام : «عثرتُ فانقطع ظفري فجعلتُ على إصبعي مرارة فكيف أصنع بالوضوء؟ قال : يُعرف هذا وأشباهه من كتاب الله عزّ وجلّ ، قال الله تعالى : (... وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج) (٢) ، امسح عليه» (٣).
وفي صحيحة زرارة في سؤاله أبي جعفر عليهالسلام : «ألا تخبرني من أين علمتَ وقلتَ : أنّ المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين؟
فضحك فقال عليهالسلام : يا زرارة قاله رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ونزل به الكتاب من الله عزّ وجلّ ، لأنّ الله عزّ وجلّ قال : (فاغسلوا وجوهكم) ، فعرفنا أنّ الوجه كلّه ينبغي أن يغسل ، ثمّ قال : (وأيديكم إلى المرافق) ، فوصل اليدين إلى المرفقين بالوجه فعرفنا أنّه ينبغي أن يُغسلا إلى المرفقين ، ثمّ فصّل بين الكلام فقال : (وامسحوا برؤوسكم) فعرفنا حين قال : (برؤوسكم) أنّ المسح ببعض الرأس لمكان الباء ، ثمّ وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه فقال : (وأرجلكم إلى الكعبين) فعرفنا حين وصلهما بالرأس أنّ المسح على بعضهما ، ثمّ فسّر ذلك رسول صلىاللهعليهوآلهوسلمللناس فضيّعوه» (٤).
__________________
(٣١) غوالي اللآلي ٤ / ١٣٣.
(٣٢) سورة الحج ٢٢ : ٧٨.
(٣٣) الوسائل ١ / ٣٢٧ ح ٥.
(٣٤) الوسائل ١ / ٢٩٠ ح ١.
وهو قد يمارس أصالة البراءة ، كما ورد في رواية عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد الله عليهالسلام في حديث من أحرم في قميصه قال : «أي رجل ركب أمراً بجهالة فلا شيء عليه» (٣٥).
وغير ذلك من الموارد التي يستطيع فيها الأصحاب الذين كانوا على درجة من الفقاهة إفتاء الناس بها. فـ (زرارة بن أعين) المعاصر للأئمّة : الباقر والصادق والكاظم عليهمالسلام ، و (يونس بن عبد الرحمن) المعاصر للإمامين الكاظم والرضا عليهمالسلام ، و (زكريّا بن آدم) المعاصر للأئمّة : الصادق والرضا والجواد عليهمالسلام وغيرهم من أصحاب الأئمّة عليهمالسلام كانوا يدركون أهمّية القواعد المشتركة في تحديد الأحكام الشرعية الثابتة تجاه متغيّرات الزمان والمكان ، وكانوا يحملون بوادر التفكير الأُصولي ، وهذا واضح من خلال دراسة طبيعة تلك الحقبة الزمنية وطبيعة الأسئلة والأجوبة الشرعية المتبادلة بين الأصحاب وأئمّتهم عليهمالسلام ، ومعنى الإفتاء الذي كان الأئمّة عليهمالسلام يأمرون أصحابهم بممارسته في المراكز العلمية والعبادية كمسجد المدينة ، لا يخرج عن إطار الفقه الاستدلالي بشكله الأوّلي الذي فصّلناه.
الإرجاع إلى الأصحاب :
ويستدلّ على ما ذكرناه آنفاً بما صدر عن الأئمّة المعصومين عليهمالسلام : كالإرجاع إلى أمثال (زكريّا بن آدم) ، و (أبي بصير الأسدي) ، و (يونس بن عبد الرحمن) من ثقات أصحابهم عليهمالسلام بعنوان كلّي مثل قول الإمام الحجّة (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) لإسحاق بن يعقوب ، على ما في كتاب
__________________
(١) الوسائل ٩ / ١٢٥ ح ٣.
الغيبة للشيخ ، وكمال الدين للصدوق ، والاحتجاج للطبرسي : «وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ، فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّةُ الله عليهم» (١). وعنوان (الحوادث الواقعة) يشمل الرواية والفتوى. فـ (الحوادث الواقّعة) غير المتوقّعة تناسب الاجتهاد بما فيه من استدلال وحجّية ؛ فقد لا ترد في تلك الحوادث آية محكمة أو رواية مسندة ، والرجوع المذكور في الحديث الشريف مقيّد برواة الأحاديث لا بالروايات ذاتها ، وهو يعكس معنى الاستدلال الفقهي بالرجوع إلى القواعد المشتركة في الاستنباط.
وقريب من ذلك ما ورد في أمره عليهالسلام بالإفتاء لـ (أبان بن تغلب) قائلاً : «اجلس في مسجد المدينة وأفتِ الناس فإنّي أحبّ أن أرى في شيعتي مثلك» (٢). وربّما كان أمل الإمام عليهالسلام وحبّه بأن يرى في شيعته أمثال (أبان بن تغلب) نموذجاً من نماذج فقهاء الشيعة المتمرّسين على الاستدلال بالكتاب والسنّة من طريق مشروع في مقابل مدرسة القياس وإجماع الصحابة والمصالح المرسلة التي كانت ناشطة في بثّ أفكارها المستندة على الاجتهاد بالرأي.
وفي رواية أخرى أنّ الإمام الصادق عليهالسلام قال لـ (معاذ بن مسلم النحوي) : «بلغني أنّك تقعد في الجامع فتفتي الناس؟ قلتُ : نعم ، وأردتُ أن أسألك عن ذلك ... إلى أن يقول عليهالسلام : اصنع ذلك فإنّي كذا أصنع» (٣).
وفي تلك الشواهد التاريخية دلالات قوية تعبّر عن بدايات تمرس
__________________
(١) كمال الدين : ٤٨٤.
(٢) الكافي ابواب الرجوع إلى الكتاب والسنّة ١ / ٥٩.
(٣) الوسائل ١٨ / ١٠٨ ح ٣٦.
الأصحاب على إدراك القواعد الأُصولية في عملية الاستنباط.
بذور الاستدلال الفقهي :
ونرجع الآن إلى الجواب عن السؤال الذي أثرناه في بداية نقاشنا لموضوع فقه النصّ وفقه الاستدلال ، المتعلّق بمصداقية الاستدلال زمن النصّ ؛ فلا شكّ أنّ بذور الاستدلال الفقهي كانت موجودة عند الأصحاب زمن الأئمّة عليهمالسلام ، وقد عرضنا من الروايات ما يدلّ على ذلك التفكير الاستدلالي عند الأصحاب ، وما يدلّ أيضاً على تصريح أئمّة الهدى عليهمالسلام بأهمّيته خصوصاً بعد انتهاء عصر النصّ ؛ فالنقل المجرّد للروايات لا يضمن ، خصوصاً بعد تبدّل الزمان والمكان ، الوصول إلى الحكم الواقعي أو الظنّي المقيّد برضا الشارع ، بل لابدّ من طرق وأمارات وأُصول تساعدنا ، ونحن نبتعد كلّ يوم عن عصر النصوص ، على فهم وظيفتنا الشرعية وتطبيق ما أُلزمنا بتطبيقه من قبله عزّ وجلّ ، وبطبيعة الحال ؛ فإنّ بوادر نشوء الفقه الاستدلالي الذي لمسنا وجوده في عصر النصّ كان قابلاً ـ بطبيعته ـ للتطوّر بقدر قابلية الإنسان على إدراك الملازمة بين الأحكام الشرعية والأدلّة العقلية التي يمتلكها ، وكانت البوادر الأولى لتطبيق النظرية الأُصولية على المفردات الفقهية في الاستنباط قد ظهرت على يد شيخ الطائفة ، أبي جعفر محمّـد بن الحسن الطوسي رضياللهعنه.
للبحث صلة ...
|
فهرس مخطوطات مكتبة أمير المؤمنين العامّ النجف الأشرف (١٨) |
|
السـيّد عبـد العزيز الطباطبائي قدسسره
(١٠١٢)
شرح «تهذيب الأُصول»
المتن في أُصول الفقه ، للعلاّمة الحلّي جمال الدين أبي منصور الحسـن بن يوسـف بن المطهّر ، المتوفّى سنة ٧٢٦ ، وعليه شروح كثيرة ، منها هذا الشـرح ..
وهو لتلميذه ، المتخرج عليه ، وابن أُخته : السـيّد عميد الدين.
نسـخة كتبت سنة ١٢٣٧ ، في ٢٤٣ ورقة ، رقم ٤٠٤.
نسـخة بخطّ نسخ جيّد ، كتبت في القرن الثالث عشر ، ناقصة الآخر ، ضمن المجموعة رقم ٢٠٤٦.
(١٠١٣)
شرح «تهذيب المنطق»
تهذيب المنطق والكلام تأليف : المولى سعد الله بن مسعود بن عمر التفتازاني ، المتوفّى ٧٩٢.
والشرح هذا فارسي ، تصنيف : السـيّد جمال الدين محمّـد بن محمود الحسيني الشهرستاني.
شرح مبسوط لطيف ، أشبه شيء بترجمة حاشية المولى عبـد الله اليزدي حرفياً.
ترجم له شيخنا العلاّمة الرازي ـ دام ظلّه ـ في أعلام القرن العاشر بعض نسخ الكتاب كما في أوّل نسختنا لها خطبته أوّلها :
«سپاس بى حد وقياس حكيمى را سزد كه زبان منطق فصيح ...».
وأكثر النسـخ قد سـقط عنها الخطبة فنسـبت الى المولى عبـد الله اليزدي ، كما في الذريعة.
نسـخة بخطّ علي بن عنايت الله الحسيني فرغ منه في عشرين رجب سنة ٩٩١ والظاهر أن هذا تاريخ كتابة النسخة لا تاريخ الفراغ من التأليف وهذه النسخة أقدم نسخ الكتاب على ما علمنا ففي الرضويـة نسـخة تاريخها ١١٠٠ وعند العلاّمة منزوي نسـخة تاريخها ١٠٦٤.
والظاهر أن النسخة مكتوبة في حياة المصنّف عليها حواش منه بخطّ كاتب النسخة وعليها تصحيحات بخطّ ردئ لعلّه خط المصنّف وفي المكتبة أيضا.
في ١٠٩ أوراق ، قياسها ١١ × ٥ / ١٩ ، تسلسل ٦٣٩.
نسـخة أُخرى أيضاً كتابة القرن العاشر معها كتاب الايساغوجي وكتاب الفتوحات المنطقية كان قد سقط من طرفيها وريقات فكملها أحد الطلبة سنة ١٢٩٧ ، قياسها ١٣ × ٢٠ ، تسلسل ٢٤٩.
نسـخة بخطّ اضعف الطلاب أبو القاسم النائيني فرغ منها منتصف ذي القعدة سنة ١٢٥٦ في ٩٤ ورقة وقبله العجالة في شرح الشافية للمولى
كمالا الفسوي رقم ٧٢٥.
نسـخة بخطّ سلطان محمود بن ... كتبها بخطّ فارسي جميل رائع وفرغ منها في ربيع الثاني سنة ١٠٥٢ في ١٣١ ورق وهذه أيضاً بغير خطبة رقم ١٨٤٩.
نسـخة القپپپرن الثاني عشر بخطّ فارسي جيّد في ١١٣ ورق رقم ١١٧٤.
(١٠١٤)
شرح «تهذيب المنطق»
المتن للتفتازاني.
والشرح للسيد الأمير نظام الدين عبد الحي بن عبد الوهاب بن علي الحسيني الجرجاني الأشرفي ، الذي هاجر من جرجان إلى هراة لتحصيل العلم سنة ٩٠٢ أوله : «الحمد لله الملك المحمود الحي الوهاب ...» فرغ منه في العشرين من صفر سنة ٩٥٩.
نسـخة بخطّ آقا ملا بن حسين بن شمس الدين محمّـد .. الاصفهاني فرغ منه منتصف جمادى الآخرة سنة ٩٧٥ وبأوله تاريخ ولادة أمير عبد الحي الحسين في جمادى الأُولى سنة ٩٧٦ ، ولعه خط المؤلف أرخ ولادة حفيده المسمى بإسمه وعليه ختم كبير لم اقرأ ، تقع في ١٣٧ ورقة رقم ٤٣٤.
(١٠١٥)
شرح «تهذيب المنطق»
لم أعرف الشارح.
أوله : «بعد حمد الله سبحانه خالق الأشخاص والماهيات وعالم
الكليات والجزئيات والصلاة والسلام على رسوله المختار من جميع البريات وآله الطاهرين ...».
صدره باسم السلطان الأشجع الأعظم ... مظفر السلطة سلغ شاه.
نسـخة كتابة القرن العاشر بخطّ فارسي جيّد ناقص الآخر وهي إلى أواخر مباحث القضايا نسـخة مصححة عليها بلاغات ضمن مجموعة أولها شرح التهذيب للشاه مير وهذه ثاني ما في المجموعة رقم ١١٧٣.
(١٠١٦)
شرح «تهذيب المنطق»
للسـيّد هبة الله الحسيني الشهير بشاه مير.
أوّله : «غاية تهذيب الكلام فتح المنطق محمّـد المنعام ...».
نسـخة بخطّ فارسي جيّد كتبها جبرئيل بن مرتضى الحسيني ، نسـخة القرن الحادي عشر ، وعليها تملّك الحسين بن علي بن محمّـد الفسوي ، والنسـخة مصحّحة وعليها بعض التعـليقات ، بأوّل مجموعة في المنطق رقم ١١٧٣.
(١٠١٧)
شرح «تهذيب المنطق»
للمولى عبدلله بن شهاب الدين اليزدي الشاه أبادي من أعلام النجف الأشرف في القرن العاشر توفي سنة ٩٨١ له على تهذيب المنطق شرحان عربي وهو المطبوع مراراً عديدة والمتداول عند الطلبة كتاب دراسي واشتهر بعنوان حاشية ملا عبدالله وشرح فارسي وهو هذا.
نسـخة
بخطّ ضعف الطلاب
أبو القاسم النائيني
فرغ منها منتصف
ذي القعدة سنة
١٢٥٦ في ٩٤ ورقة معه كتاب
شرح
الشافية
للمولى كما لا
الفسوي رقم ٧٢٥. نسـخة
عتيقة مكتوبة في
القرن الحادي عشر
أو قبله قريباً
من عهد المؤلف
كان قد سقط من طريفها
وريقات فكلمها
أحد الطلاب سنة
١٢٩٧ وهي ضمن مجموعة
رقمها ٢٤٩. (١٠١٨) شرح
«الجمل» الجمل
في النحو
للشيخ عبد القاهر
بن عبد الرحمن
الجرجاني المتوفّى
سنة ٤٧٤ ، وشرحه هذا
عربي مختصر من
تأليف قبل القرن
العاشر فان تاريخ
هذه النسخة الموجودة
سنة ٩٣٣ ، وقد عدّ في
كشف
الظنون
عدّة شروح على
الجمل
ولعل هذا أحدها
ولعله غيرها. نسـخة
فرغ منها الكاتب
في ذي الحجة عام
٩٣٣ في ٣٨ ورقة ، مقاسها
٥/١٠ × ٣/٢٠ تسلل ٧٢٦. (١٠١٩) شرح
«الجمـل» فارسي. هو شرح بالقول
على متن موجز والمتن
هو كتاب الجمل
لعبد القاهر ابن
عبد الرحمان الجرجاني.
أوّله : «الحمد لله رب العالمين والصلاة على رسوله محمّـد وآله اجمعين قوله الحمد لله ، افتتاح وآغاز كرد مصنف رحمه الله بتجميد بعد از تيمن بتسمية ، باشد شكر بر توفيق عمل اين كتاب ... وهكذا قوله رتبتها ... قوله وختمتها ... قوله سمت الأعراب ... قوله وتقيد قوله لنظمها في اقصر عقد قوله الفصل الأوّل في المقدمات ... قوله اعلم أن الكلمات.
واحتمل أن يكون الشارح هو السـيّد الشريف الجرجاني.
نسـخة بخطّ جيّد كتبها جعفر بن خضر بن محمّـد آهنگر الهزارجريبي وفرغ منها صفر سنة ٨٧٣.
٨٣ ورقة ، رقم ٨٠٦.
(١٠٢٠)
شرح «جواب ابن سينا»
كتب الشيخ العارف أبو سعيد أبو الخير إلى ابن سينا : دلني على الدليل فاجابه ابن سينا جواباً عرفانياً مجملا [المذكور في العدد ٦٥ برقم ٤٣٥].
ثم شرحه الشيخ العارف سيد الدين الكالوني.
أوله : «اعلم أيها الخائض في لجج هذه الحجج ...».
نسـخة بخطّ الخطاط إسماعيل المراغي بنسخ جيّد مجدول باللاجوردد الشنجرف ضمن مجموعة عرفانية قيمة كانت في خزانة صدر السلطة ، رقم المجموعة ١٥١٥.
(١٠٢١)
شرح حديث اين كان ربنا؟!
فارسي.
أوّله : «سئل رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم : اين كان ربنا قبل ان يخلق الخلق؟! فقالصلىاللهعليهوآلهوسلم : في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء! ترجمه اين حديث آنست كه».
نسـخة كتبها الخطاط إسماعيل المراغي في القرن الثالث عشر ضمن مجموعة عرفانية كلّها بخطه مجدولة باللاجورد والشنجرف كانت في خزانة صدر السلطنة رقم المجموعة ١٥١٥.
(١٠٢٢)
شرح حديث الحقيقة
رواه الكميل بن زياد
للشيخ العارف الشيخ محمود بن علي بن أبي طاهر الكاشاني.
أوله : «الحمد لله وحده والصلاة والسلام على محمّـد وآله وبعد ...».
نسـخة بخطّ الخطاط إسماعيل المراغي بخطّ نسخ جيّد ضمن مجموعة عرفانية قيمة مجدولة باللاجورد والشنجرف كانت في خزانة صدر السلطة رقم المجموعة ١٥١٥.
(١٠٢٣)
شرح حديث الحقيقة
أوله : «الحمد لله العالمين والصلوات الزاكيات على محمّـد وأهل بيته الطاهرين ، وبعد فهذا شرح سؤال كميل بن زياد رضى الله وجواب أمير المؤمنين عليهالسلام حين سأله فقال ما الحقيقة؟! ...».
لم أعرف الشارح.
نسـخة كتبها الخطاط إسماعيل المراغي بنسخ جيّد ضمن مجموعة عرفانية كلها بخطّ مجدولة باللاجورد والشنجرف كانت في خزانة صدر السلطة رقم المجموعة ١٥١٥.
(١٠٢٤)
شرح حديث علة خلق الذرّ
الذي رواه الصدوق في كتابه علل الشرائع ، للشيخ أحمد بن زين الدين الإحسائي المتوفّى سنة ٢٤١ كتبه عام ١٢٠٦ بالتماس من السـيّد محمّـد عبد النبي ابن علي القاري.
نسـخة ضمن مجموعة من رسائله كتبت في حياته من ص ٤١٨ ـ ٤٢٢ تسلل ٦٩٣.
(١٠٢٥)
شرح حديث لولاك لما خلقت الأفلاك
للشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي المتوفّى سنة ١٢٤١ كتبه
في جواب سؤال السـيّد مال الله بن السـيّد محمّـد الخطي من هذا الحديث القدسي ولم يتأكد من صحة الحديث حيث لم يجد له مدركاً وإنما قال أخبرني شيخي محمّـد بن الشيخ محسن ابن الشيخ على القريني الاحسائي.
أنه سأل الوحيد البهبهاني عن هذا الحديث ... إلى أن قال المؤلف وعلى كل حال فالجواب في معناه فأقول أن ذلك يحتمل وجوها ... احدهما .. ثانياً ..
نسـخة بخطّ السـيّد صدر الدين الموسوي اللاريجاني الشاهاندشتي بخطّ فارسي جيّد ضمن مجموعة من رسائل المؤلف رقم ٢٣١.
(١٠٢٦)
شرح حديث المنزلة
تأليف العلاّمة الجليل عبد الوهاب بن محمّـد علي الشريف القزويني المتوفّى بعد سنة ١٢٦٠.
له ترجمة مبسوطة في الكرام البررة ص ٨٠٩.
ذكر في خطبة الكتاب انه حج سنة ١٢٣٠ ثم رجع في طريق مصر والقاهرة فركب السفينة والنيل وقرأ في السفينة كتاب الصواعق المحرقة لابن حجر الفصل الثاني منه وفيه أربعون حديثا في فضل أمير المؤمنين عليهالسلامأولها حديث المنزلة فشرحه.
نسـخة بخطّ محمّـد صادق اليزدي كتبها سنة ١٢٦٠ في حياة المؤلف رقم ٤٩١.
(١٠٢٧)
شرح حزب الكبير
لابي الحسن الشاذلي والشارح أحمد بن عبد الوهاب الوزير الغساني الأندلسي الفاسي إمام الأحمدي المتوفّى سنة ١١٤٦ ذكره إسماعيل باشا في ايضاح المكنون [كشف الظنون ج ٣] ص ٤٠١.
نسـخة ضمن مجموعة رقم ١٠٤٧ وبآخرها جوشن الكبير وعدّة حوذات واحراز ورقي.
(١٠٢٨)
شرح «حكمة العين»
المتن في الفلسفة لعلي بن عمر الكاتبي القزويني المتوفّى سنة ٦٧٥ وعليه شروح متعددة منها هذا الشرح وهو : شرح العلاّمة شمس الدين محمّـد بن مبارك شاه الشهير بميرك البخاري.
وله شرح الهداية الأثيرية نسـخة منه في المكتبة.
نسـخة كتبت سنة ٨٩١ وعليها حواشي السـيّد الشريف الجرجاني المتوفّى سنة ٨١٦ وهي تعليقات كثيرة وبخطّ كاتب النسخة توقيعها سيد قدسسره ويقع في ١٤٨ ورقة رقم ١١٠٩.
(١٠٢٩)
شرح «حلية الابدال»
المتن لمحي الدين بن عربي.
والشرح لعبد العزيز الملقب بالركن الشيرازي ، ذكر أنه قرأئه بعض الطلبة عليه في دمشق فعلق عليه تعاليق عند تدريسه له ثم رحل إلى «خطه قوس» «كذا» وذلك سنة ٧٥٠ فاجتمع عليه جماعة وقرأو عليه الكتاب فعند ذلك شرحه لهم بهذا الشرح وصوره باسم السلطان الأعظم بهاء الحق والدين ... وينقل فيه عن استاده الشيخ شرف الدين القيصري.
أوله : «الحمد لله الذي فطر قلوب أوليائه على طلب الالهام واستعلام أحوال الارواح ...».
فرغ منه في شعبان سنة ٧٥٠.
نسـخة بخطّ مير سيد حسن التقوي الاخوي الشيرازي الطهراني فرغ منها في ذي القعدة سنة ١٢٨٤ كتبها ضمن مجموعة قيمة كلها بخطه الفارسي الجميل رقم ٣/١٥٤٧.
(١٠٣٠)
شرح خطبة الامام الرضا عليهالسلام
خطبة بليغة عصماء خطبها الامام أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليهالسلامفي توحيد الله وبيان صفاته جلّ شأنه خطب بها عليهالسلام عندما رشح لولايتة العهد واجتمع بنو هاشم عند المأمون فطلبوا منه أن يخطبهم أرادوا تخجيله وبيان عميه وجهده فقالوا له اصعد المنبر وانصب لنا علما نعبد الله عليه فاستوى قائماً وأنشأها وحمد الله واثنى عليه وصلى على نبيه وأهل بيته ثم قال : أول عبادة الله معرفته ...» رواه رئيس المحدثين الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا عليهالسلام ، شرح هذه الخطبة جماعة ذكرهم شيخنا في الذريعة ولم يذكر هذا الشرح وهو ليحيى بن محمّـد علي بن
محمّـد رضا من أعلام القرن الثاني عشر.
أوله : «نحمدك اللهم يا من ضلت لطائف الأوهام في بيداء كبريائه وجلاله ...».
نسـخة خط المصنف ولم يكملها ، كتبها بخطّ فارسي جميل وعليها تعليقات بنفس الخط المكتوب والمتن توقيعها منه عفى عنه فعلمنا ان النسخة بخطه ٤٧ ورقة رقم ١٧٢٨.
(١٠٣١)
شرح «خطبة البيان»
فارسي.
أوّله : «حمد شريف وفكر لطيف كه با شرف بيان والطف تبيان مؤدى گردد وسپاس نا محصور وستايش موفور نثار ذات علي عظيمى است ...».
نسبه كاتبه في القرن العاشر إلى السـيّد الشريف الجرجاني.
والشارح من اصحابنا الإمامية جزماً وليس هذا خلاصة الترجمان لدهدار وهو أيضاً موجود في المكتبة.
نسـخة كتابة القرن العاشر نسبه كاتب النسخة إلى افضل العلماء امير سيد شريف ضمن المجموعة رقم ٦/١٧٥٤ وهو خامس ما فيها.
(١٠٣٢)
شرح «خطبة البيان»
فارسي.
خطبة
البيان
نسبت إلى أمير
المؤمنينعليهالسلام
ولم توجد في المصادر
الموثوق بها وهذا
شرح فارسي كتبه
بعض العرفاء على
عدة فقرات من هذه
الخطبة عندما سئل
عن فقرة واحدة
منها. أوّله : «حمد
شريف وشكر لطيف
كه با شرف بيان
والطف تبيان مؤدى
گردد وسپاس نا
محصور نثار على
عظيميست؟؟ كه خطبه
بيان معانى بديع
حكمت اورا بر منابر
وجود هر موجودى
به نهج بلاغت متذكر
مى باشد». نسـخة
ضمن مجموعة عرفانية
مكتوبة عام ٩٧٦ بخطّ
فارسي جميل رقم
٦٠٨. وبعده فائدة
في سعد الأيام
ونحسها عن رسول
اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم
وفائدة في اقسام
الموجود. (١٠٣٣) شرح
الخطبة التطنجية المنسوبة
إلى أمير المؤمنين
عليهالسلامللسيد
كاظم بن قاسم الرشتي
المتوفّى سنة. الجزء الأول
بخطّ عبد الجليل
بن محمّـد حسين
الافشار الارومي
، فرغ منه ١٥ جمادى
الآخرة سنة ١٢٥٦ ، في
٣٥٥ ورقة رقم ١١٨٢. (١٠٣٤) شرح
على خطبة شرح الشمسية الرسالة
الشمسية
لنجم الدين عمر
بن علي الكاتبي
القزويني المتوفّى
سنة ٦٧٥ تلميذ المحقّق الطوسي.
وشرحها لقطب الدين محمّـد بن محمّـد الرازي البويهي التحتاني المتوفّى سنة ٧٦٦ ، وله إجازة عن العلاّمة الحلي وسمي شرحه تحرير القواعد المنطقية في شرح الشمسية.
وشرح خطبة تحرير القواعد المنطقية لبرهان الدين بن كمال الدين بن حميد في ثمانية أوراق في مجلد مع حاشية الشريف الجرجاني على شرح الشمسية بخطّ العلاّمة السـيّد علي نقي بن محمّـد علي الموسوي الزنجاني كتبها سنة ١٢١١ تسلسل ٢٦٠.
(١٠٣٥)
شرح خطبة فرائد القلائد
فرائد القلائد في شرح الشواهد وهي شواهد شروح ألفية ابن مالك ، والفرائد تأليف محمود بن أحمد العيني المتوفّى سنة ٨٥٥ وخطبتها مملؤة بالغريب الشاذ فشرحها بعضهم ولعل الشارح للخطبة هو العيني.
نسـخة بأول الفرائد رقم ٢١٩٩ وهي بخطّ الشيخ صالح بن محمّـد بن علي العسيلي العاملي ، فرغ من الفرائد سنة ١١٦١.
نسـخة منضمة إلى الفرائد رقم ١١٨١.
نسـخة بأول الفرائد المكتوبة سنة ١٠٣٦ رقم ٢٢٨٢ وعليها خط محمّـد سعيد بن تجلي وخط نور الدين بن محمّـد رفيع الأنصاري وخط محمّـد باقر الاردكاني ، وخط محمّـد حسين بن ملا أحمد الشريف القاري وعليها ختم محمّـد باقر بن محمّـد تقي الموسوي وأظنه حجة الاسلام الشفتي.
(١٠٣٦)
شرح خطبة القواعد
قواعد الاحكام في مسائل الحلال والحرام تصنيف آية الله جمال الدين العلاّمة الحلي المتوفّى سنة ٧٢٦.
شرح خطبة هذا الكتاب نجل المؤلف فخر المحقّقين محمّـد المتوفّى سنة ٧٧٠.
نسـخة بأول نسـخة من القواعد بخطّ محمّـد بن الحسن بن الحسين الصلواتي كتبها سنة ٩٩٤ تسلسل ٥٥.
(١٠٣٧)
شرح خلاصة الحساب
للسيد محمّـد أشرف الحسني الحسيني الشيرازي.
نسـخة كتابة القرن الحادي عشر ناقصة الطرفين بآخر المجموعة رقم ١١٧٣.
(١٠٣٨)
شرح خلاصة الحساب
المتن للشيخ بهاء الدين العاملي محمّـد بن عز الدين حسين بن عبد الصمد الحارثي الهمداني المتوفّى سنة ١٠٣١ ، عليه شروح كثيرة وهذا الشرح للسيد محمّـد باقر بن أبي القاسم الحسين التبريزي.
أوله : «نحمدك اللهم على ما اعطيتنا من أقسام نعمك وجمعت فينا
من ضروب قسمك ...».
عبر عن نفسه في خطبة بقوله : سيد المحقّقين المرتاض أدق المهندسين الممتاز!
نسـخة فرع منها الكاتب ولعله المؤلف في ١٨ ربيع الآخر سنة ١١٠٩ في ٦٠ ورقة رقم ١٨٣٣.
(١٠٣٩)
شرح خلاصة الحساب
المتن للشيخ بهاء الدين العاملي.
الشرح للسيد محمّـد حكيم بن علاء الدولة الحسيني.
نسـخة قديمة ترجع إلى عهد الشارح وعليها حواش منه في ٨١ ورقة رقم ٢٠٦.
(١٠٤٠)
شرح خلاصة الحساب
للأمير معين الدين محمّـد أشرف بن حبيب الله بن عماد الدين بن لطف الله الشيرازي الحسيني الطباطبائي تلميذ الماتن بهاء الدين والمجاز سنة ١٠٢١.
أوله : «بعد حمد الله الأحد الصمد والصلاة على النبي وآله بلا عدد ...».
ألفه باسم السـيّد النقيب مير حبيب الله الصدر في العهد الصفوي ،
راجع الذريعة ج ١٣ ص ٢٢٧ و ٢٢٨.
نسـخة بخطّ أحد علماء البحرين ولم يصرح باسمه ، فرغ منها سنة ١٢٢٩ في ١٣١ ورقة ، رقم ٩٣٢.
(١٠٤١)
شرح خلاصة الحساب
المتن للشيخ البهائي وهو شيخ الإسلام بهاء الدين محمّـد بن عز الدين العاملي المتوفّى سنة ١٠٣ ، والشرح لتلميذه الشيخ جواد بن سعد الله الكاظمي ، فرغ منه ٤ محرم سنة ١٠٩٧ ، طبع سنة ١٢٧٣.
نسـخة بخطّ محسن بن عباس الرشتي ، فرغ منها ١٤ شعبان سنة ١٢٤٤ وبآخرها فوائد رياضية وتقع في ١١٥ ورقة رقم ٢٣٤.
نسـخة كتابة القرن الثاني عشر بخطّ معتاد رقم ١٩٧٨.
(١٠٤٢)
شرح خلاصة الحساب
المتن للشيخ البهائي بهاء الدين محمّـد بن عز الدين حسين بن عبد الصمد الحارثي العاملي المتوفّى سنة ١٠٣٠.
وعليه شروح كثيرة مذكورة في الذريعة والغدير ، منها هذا الشرح لتلميذه الشيخ جواد الكاظمي.
نسـخة بخطّ محمّـد بن سلطان علي الشيرواني ، فرغ منها ٦ جمادى الآخرة سنة ١١١٠ في ٨٣ ورقة رقمها ١٥٦١.
(١٠٤٣)
شرح الدرة
المتن معرب الكبرى في المنطق للسيد الشريف الجرجاني علي بن محمّـد المتوفّى سنة ٨١٦ عربه ابنه بأمره.
والشرح لعبد الله بن علي بن محمّـد البحاري الخطي ، فرغ منها في سابع رجب سنة ١٢١٠.
نسـخة الأصل بخطّ الشارح ، فرغ منها في رجب سنة ١٢١٠ بأول مجموعة رقم ٦٦٦ وعليها تملك علي بن حسن بن سلمان ١٢٩٢.
(١٠٤٤)
شرح دعاء الجوشن الصغير
فارسي.
للسيد محمّـد مؤمن المدرس بقزوين صدره باسم السلطان شاه سليمان الصفوي.
أوّله : «جوش هيكل بقاء نعمت هر كبير وصغير وحرز بازوى نما وبركت هر برنا؟؟ وپير» عناوينه : تتمة الدعاء. توضيح. المعنى.
نسـخة كتابة القرن الحادي عشر بآخر المجموعة رقم ١١/١٨١١ ص ٢٦٢ إلى ص ٣٠٠.
(١٠٤٥)
شرح دعاء السحر
تأليف كريم بن إبراهيم الكرماني ، فرغ منه ٩ جمادى الاولى
سنة ١٢٧٤.
نسـخة بخطّ نسخ جيّد في ١٨٤ ورقة رقم ٢٢٩٢.
(١٠٤٦)
شرح دعاء السمات
فارسي.
أوّله : «نحمدك وندعوك في السرائر ونرجوك للاجابة في الضرائر ونصلي على اكليل الدعاء وخاتمه ...».
قدم له مقدمة في آداب الدعاء والداعي ذكر شيخنا في الذريعة أنه رأى منه نسـخة ضمن مجموعة كتبت سنة ١١٢٨.
نسـخة ضمن مجموعة قيمة بخطه فرغ من هذا الشرح في طهران ٢٣ ذي الحجة سنة ١٢٦٥ من الورقة ٤ ب إلى ١٢ ب المجموعة رقم ١/١٨١١.
(١٠٤٧)
شرح دعاء الصباح
بالفارسية.
لم اعرف مؤلفها.
أوّله : «مبارك ترين صباحى كه بزبان بيان مشكين نفحات اجابت دعا بمشام جان برساند ...».
نسـخة ضمن مجموعة بخطّ السـيّد حسن بن مهدي الاخوي الطهراني فرغ من كتابة هذا الشرح اوآخر ربيع الأول سنة ١٢٨٥ رقم المجموعة ٨٥٦.
(١٠٤٨)
شرح ديباجة شرح الشمسية
لبرهان الدين بن كمال الدين بن حميد.
أوله : «آلا ءآله كريم متوكلاً بكرمه إليهم ...».
نسـخة بآخر حاشية المحقّق الداماد على الصحيفة السجادية ، فرغ منها الكاتب ١٢ محرم سنة ١٢٦٧ ، وعليها حواش وبآخرها شعر فارسي للشيخ جابر الكاظمي رقم ١٤٩.
(١٠٤٩)
شرح ديباجة فوائد ضيائية
فارسي.
أوّله : «بدانكه ألف لام بر چند قسم است يكى از آن جمله ...».
نسـخة ضمن مجموعة مكتوبة في القرن الحادي عشر رقم ٥٦٧.
(١٠٥٠)
شرح ديوان أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب عليهالسلام
فارسي.
للمولى حسين بن معين الدين الميبدي المتوفّى سنة
فرغ منه في صفر سنة ٨٩٠ ذكره شيخنا في الذريعة وچلي؟؟ في كشف الظنون ج ١ ص ٨٠٢ ومع ذلك ارخ وفاته بسنة ٨٧٠ وعلى كل فهو
شرح فارسي قيّم فلسفي عرفاني قدم له سبع فواتح كل منها مشتملة على فوائد بعنوان فتح فتح والفاتحة السابعة في فضائل أمير المؤمنين ومناقبهعليهالسلام وهذه الفواتح السبع تبلغ نصف الكتاب وربما استقل في التدوين كما طبع شرح الديوان سنة ١٢٩٣ بحذف الفواتح وفي المكتبة نسـخة تحتوي الفواتح فحسب وتنقص شيئاً من الفاتحة السابعة.
وهذه النسخة كاملة تامة من أوّل الفواتح إلى آخر شرح الديوان في ٣٣٧ ورقة في قطع ٥/١٢ × ٢٤ بخطّ نسخ حسن غير مؤرخ إلاّ أنه يرجع إلى القرن العاشر وقريب من عصر الشارح تسلسل ٢٨٧.
نسـخة كاملة قيمة من أوّل الفواتح إلى نهاية الشرح كتبها الخطاط السـيّد محمّـد زمان بن تاج الدين محمود الحسيني بخطّ فارسي جميل رائع وكتب الابيات بالذهب والعناوين بالشنجرف والنسخة مجدولة مذهبه مزوقة وفرغ منها ٧ ربيع الأوّل سنة ١٠٤٧ وعلى النسخة تصحيحات في ٢٨٠ ورقة رقم ١٤٧٦.
نسـخة معها الفواتح السبعة بخطّ أقل الذاكرين والطلاب محمّـد بن أحمد الخونساري فرغ منها ٩ جمادى الأُولى سنة ١٢٨٦ رقم ٢١٢٠.
نسـخة فيها الفواتح السبعة إلى أوآخر السابع ناقصة الآخر كتابة القرن الحادي عشر بالهند بخطّ فارسي جيّد عليها ختم السـيّد فتح علي خان بهادر في ١٢٩ ورق رقم ١٣٩٩.
(١٠٥١)
شرح رباعيات
فارسي.
هي رباعيات فارسية عرفانية في التوحيد ووحدة الوجود وهي ٤٤ رباعية من نظم العارف الأديب المولى عبد الرحمن الجامي.
شرحها الناظم نفسه فارسياً عرفانياً.
نسـخة بخطّ فارسي جميل تاريخها سنة ٨٨١ ، ضمن مجموعة من رسائله بهذا التاريخ رقمها ١٤٨٢.
(١٠٥٢)
شرح الرسالة الشوقية
فارسي.
المتن للشيخ شهاب الدين السهروردي المقتول ، شيخ الأشراف.
وقد كان ترجمها إلى الفارسية الحكيم العارف حسام الدين بن يحيى اللاهيجي من أعلام القرن الحادي عشر ثم رأى أن متن الترجمة مغلقة ولا تكفي ترجمة الرسالة في فهمها ، فبدا له أن يضيف إليها شرحاً يوضح غوامضه فكتب هذا الشرح على حدة وجعلها كمقدمة للترجمة ، أوضح فيه مطاوي الرسالة كلية في ثمانية فصول.
أوله : «بعد حمد الملك المنعام والصلاة على خير الأنام محمّـد خاتم الأنبياء وعلى آله زبدة الأصفياء ...».
نسـخة بخطّ الشيخ محمّـد بن محمود الموركلائي المازندراني ولعلّه تلميذ المؤلف ، كتبها ضمن مجموعة من الرسائل وكلها بخطه وكلها للمؤلف وكلها فارسية ، فرغ منها سنة ١٠٩٠ وعليها تعليقات للمؤلف وبعده في المجموعة ترجمة الرسالة الشوقية ، رقم المجموعة ٥٦٦.
(١٠٥٣)
شرح رسالة الشيخ علي
هو الشيخ علي بن عبدالله بن فارس والشرح لمعاصره للشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي المتوفّى سنة ١٢٤١ ، عبر عنه في ابتداء شرحه بقوله فريد دهره ونادرة عصره.
أوله : «الحمد لله منير عقول الكاملين بأشراف نور اليقين وشارح صدور المؤمنين بالحق المبين ....».
نسـخة ضمن مجموعة من رسائله كتبت في حياته تبدأ بصفحة ٣٨٩ ـ ٤١٨ ، تسلسل ٦٩٣.
(١٠٥٤)
شرح «رسالة الطير»
فارسي.
المتن لابن سينا.
والشرح لعمر بن سهلان الساوي.
أوله : «كثرت التماس دوستان از من مرا دير گردانيد بر شرح كردن رساله الطير ...».
نسـخة بخطّ فارسي جميل ، بآخر مجموعة من رسائله ، كتبها أحد خطاطي القرن الحادي عشر من الورقة ١٤٣ ب إلى نهاية المجموعة ١٦٠ ب ، رقم ٩/٢٠٠٥.
(١٠٥٥)
شرح رسالة العمل بالربع المجيب
المتن لبدر الدين الماردني.
الشرح لاحمد بن أحمد بن عبد الحق السنباطي الشافعي.
نسـخة بخطّ نسخ جيّد كتبها الشيخ عبد الرزاق بن محمّـد بن سعيد المقالي البحراني ، وفرغ منها ٢٥ جمادى الأُولى سنة ١١٤٩ ، في ٣٢ ورقة ، رقم ١٨٢٢.
(١٠٥٦)
شرح رسالة التصور والتصديق
المتن لقطب الدين محمّـد بن محمّـد البويهي الرازي شارح المطالع والشمسية وربما تضاف إلى اسمه فيقال لها الرسالة القطبية ، ذكرها كشف الظنون ج ١ ص ٨٥٣ ، والشرح لمير زاهد بن محمّـد أسلم الهروي.
وهو بعنوان قوله ... أقول واشتهرت باسم الحاشية ويظهر أنها مطبوعة بالهند.
أوله : «الحمد لله ذي الحكمة البالغة والحجة الساطعة ...».
نسـخة بخطّ فارسي جيّد كتبت في القرن الثالث عشر ، ولعل الكاتب السـيّد محمّـد يوسف بن هادي بن مرجان ، وعليها حواش غلام يحيى وغيره ، رقم ٢٠١١.
(١٠٥٧)
شرح «زبدة الأُصول»
للمولى حسام الدين صالح بن شمس الدين أحمد الساروي المازندراني.
أوله : «الحمد لمن أحوال نعمائه ظاهرة وفروع آلائه باهرة ...».
نسـخة بخطّ محمّـد باقر بن محمّـد مهدي الهندي القهپائي فرغ منها ٢٠ جمادي الأولى سنة ١١٨١ في ٢١٥ ورقة ، ويظهر الورقة الأُولى منها تملك العلاّمة الجليل ميرزا محمّـد هاشم بن زين العابدين الخونساري الأصفهاني المشهور بالچهار سوقي بخطه وختمه سنة ١٢٧٦ ، رقم ٢٢٧٧.
(١٠٥٨)
شرح «زبدة الأُصول»
المتن في أُصول الفقه تأليف شيخ الاسلام بهاء الدين محمّـد بن عز الدين الحسين بن عبد الصمد العاملي الحارثي المتوفّى سنة ١٠٣١.
وهذا الشرح لتلميذه السـيّد محمّـد باقر بن السـيّد أحمد الموسوي الاسترابادي المشهور بطالبان ، ترجم له في أمل الآمل ، فرغ من تبيضه سنة ١٠٦٦ ، ٢٧ ج ١.
أوله : «الحمد لله الذي شرع لعباده الاحكام وبين لهم الحلال والحرام ...».
نسـخة بخطّ السـيّد حسين بن السـيّد حسن الطهراني الموسوي كتبها
في مدرسة ملا رضا ، وفرغ منها ١٩ محرم سنة ١٢٠٨ ، ١٩٢ ورقة ، رقم ٦٤٨.
(١٠٥٩)
شرح زبدة الأُصول
المتن في اُصول الفقه لشيخ الاسلام بهاء الدين العاملي محمّـد بن عز الدين الحسين بن عبد الصمد الحارثي الجبعي المتوفّى سنة ١٠٣١.
وهذا الشرح للمولى حسام الدين محمّـد صالح بن أحمد المازندراني صهر التقي المجلسي توفي سنة ١٠٨١.
أوله : «الحمد لمن أُصول نعمائه ظاهرة وفروع آلائه باهرة ...».
نسـخة الأصل بخطّ المصنف في مكتبة الخوانساري.
نسـخة بخطّ نسخ جيّد كتابة القرن الثالث عشر ناقصة الآخر ضمن المجموعة رقم ٢٠٤٦.
(١٠٦٠)
شرح الزيارة الجامعة
للشيخ أحمد بن زين الدين بن ابراهيم الاحسائي المتوفّى سنة ١٢٤٣ أو ١٢٤١ ، فرغ منه ١٩ ربيع الأول سنة ١٢٣٠ ، وطبع سنة ١٢٦٧.
نسـخة بخطّ نسخ جيّد دقيق لطيف كتبه السـيّد عبدالله بن حسين الحسيني الارومي وهو من أوله إلى شرح قوله عليهالسلام «وقرب منزلتكم منه»
جزءان في مجلد وفي آخره تم الجزء الثاني من شرح الزيارة الجامعة ويتلوه الجزء الثالث ، فرغ منه ٢٢ ج ٢ سنة ١٢٨ ، وقوبل وفي الختام كتب البلاغ ٢٢٣ ورقة ، بقطع ١٣ × ٥/٢١ ، تسلل ٣٦٥.
نسـخة أيضاً الجزء الأول والثاني في مجلد بخطّ نسخ حسن كتبه محمّـد إبراهيم بن عبد الباقي بن محمّـد إبراهيم بن محمّـد حسين بن محمّـد محسن بن محمّـد حسين بن شمس الدين محمّـد بن ضياء الدين ، فرغ منه في شعبان سنة ١٢٥٨ ، ٢٥٣ ورقة ، ٥/١٤ × ٧/٢١ ، تسلسل ٢٠٣.
(١٠٦١)
شرح زيارة رجبية
فارسي.
لميرزا محمّـد بن محمّـد رضا المشهدي القمي ، أوله : «بعد از اداى وظائف ستايش خالق برايا ومراسم درود سرور اصفيها ...».
نسـخة بخطّ فارسي بآخر
الصحيفة السجادية التي هي بخطّ الخطاط عبد الخالق بن محمّـد شفيع القائني ، فرغ من الصحيفة في شهر رمضان سنة ١٠٨٦ ، رقم ١٧٠ ، وبآخرها عمل أم داود.
(١٠٦٢)
شرح «سلم العلوم»
سلم العلوم في المنطق للمولوي محب الله البهاري الهندي الحنفي المتوفّى سنة ١١١٩ ، ذكره في هداية العارفين ج ٢ ص ٥.
وشرحه هذا للمولوي رحمهالله الهندي.
نسـخة بخطّ السـيّد محمّـد يوسف بن السـيّد هادي بن محمّـد جان النعمة اللهي الهندي ، فرغ منه سنة ١٢٦٨ في ٨٩ ورقة ، ١٨ × ٢٨ ، تسلسل ٢٠٠٨ ، وعليه حواش كثيرة.
(١٠٦٣)
شرح الشافية
الشافية في الصرف لابن الحاجب.
وشرحها هذا النظام الاعرج حسن بن محمّـد النيسابوري.
نسـخة بخطّ محمّـد مراد اللاهوري الهندي كتبها في بغداد في القرن الثاني عشر عليها خط أضعف الطلاب عبد الباقي بن أحمد بن أفندي في سنة ١٢١١ وختمه : «بنده صمد بعد الباقي بن أحمد» ، وتملك محمّـد أمين بن الحاج عبد الكريم كبد سنة ١٢٧١ ، تقع في ٨٥ ورقة ، مقاسها ١٧ × ٤/٢٢ ، تسلسل ٢٠٠٧.
(١٠٦٤)
شرح «الشافية»
الشافية في الصرف لابن الحاجب عثمان بن عمر.
وشرحها هذا للجاربودي المتوفّى سنة ٧٤٦.
نسـخة بخطّ محمّـد علي بن دوست أحمد بن نبي ، فرغ منها حين العزم إلى سفر الروم سلخ ذي القعدة سنة ٩٧٦ ، ٢٤٨ ورقة ، رقم ٢٠٤٧.
نسـخة كتابة القرن الحادي عشر في ١٩٩ ورقة ، ورقم ٨٤٨.
نسـخة
كتابة القرن العاشر
تنقص في آخرها
ورقة. بأولها
خط العلاّمة الشيخ
عبد الحسين الحلي
النجفي رحمهالله
بالتملك
تاريخه سنة ١٣١٢ ، وبآخره
خط العلاّمة السـيّد
هبة الدين الحسيني
الشهير بالشهرستاني. والمتن
مكتوب بأعلى الصفحات
معلم عليها بالحمرة. وبأوله
أيضاً أشعار في
مدح الأئمة للسيد
عبد النبي بن عبدالله
ارتجلها في مدرسة
الشيخ مساعد ،
وهو خط عتيق ويقع
الكتاب في ١٤٨ ورقة
، مقاسها ١٤ × ١٧/١٩ ، تسلسل
٤١٧. (١٠٦٥) شرح
«الشافية» للنظام
الأعرج. نسـخة
بخطّ محمّـد صادق
بن محمّـد صالح
الدشت بياض ، فرغ
منها ٢٠ رجب سنة ١١٠٣
عليها تصحيحات
وبلاغات وحواشي
منقولة من شرحي
الرضى والجاربودي
، وحواشي لعبد
الحي عفى عنه وقى
، وتقع في ١٦٦ ورقة
رقم ١١٦. نسـخة
بخطّ محمّـد سميع
بن علي رضا ، فرغ
منها سنة ١٠٩٤ كتبها
بخطّ نسخ جيّد
جميل وبعدها الشافية
وبعدها المراح
كلها بخطه الجميل
، رقم ١٩٤٥ من الورقة
١ ـ ٨٩ أ. نسـخة
كتابة القرن الثاني
عشر بخطّ نسخ جيّد
عليها تملك أضعف
الطلاب عبد الباقي
بن أحمد أفندي
سنة ١٢١١ وعليها تملك
محمّـد أمين كبه
بن الحاج عبد الكريم
كبه سنة ١٢٧١ ، ٨٤ ورقة
، رقم ١٠٠٧.
(١٠٦٦)
شرح «الشافية»
المتن لابن الحاجب في علم التصريف.
والشرح لكمال الدين محمّـد بن معين الدين الفسوي الفارسي ، فرغ منه في شهر رمضان سنة ١١٠٨.
نسـخة قيمة مكتوبة في حياة المؤلف بخطّ نسخ جيّد كتبه حسن بن زين العابدين الحسني ، وفرغ منها سلخ ربيع الآخر سنة ١١٢٦ ، وبالهوامش بخطّ الكاتب تعليقات كثيرة للمؤلف توقيعها منه مد ظلّه أو منه زيد عزه إلاّ الورقتين قبل الورقة الأخيرة فان قيل منه نور الله مرقده ملحقة كانهما كانتا ساقطة قسمت فيما بعد ، وهذه الحواشي كثيرة قلما تخلو صفحة من واحدة وأكثر وأظن الكاتب من تلامذة المؤلف ، ١٥٠ ورقة ، رقم ١٥٦٩.
(١٠٦٧)
شرح شافية أبي فراس الحمداني
الشافية قصيدة ميمية طويلة للشاعر الشهير القدير أبي فراس الحمداني المستشهد سنة ٣٥٧ قالها رداً على ابن المعتز العباسي أورد فيها مثالب بني العباس ومناقب بني هاشم آل البيت وتمسى المذهبة مطبوعة ضمن ديوانه وعليه شروح ذكرت في الذريعة بعنوان شرح الشافية شرح السـيّد بن أمير الحاج محمّـد بن الحسين بن محمّـد ، من أعلام القرن الثاني عشر ناظم الآيات الباهرات وله منظومة في تواريخ الأئمة عليهم السلام ، وكتب هذا للشرح باسم السـيّد الأمير أبي سعد السـيّد عبدالله فخري زاده ،
فرغ منه سنة ١١٧٣ ، طبع سنة ١٢٩٦ و ١٣١٩.
نسـخة مكتوبة سنة ١٢٥١ بخطّ نسخ جيّد عليها خط الشيخ محمّـد تقي الدزفولي باستعارة الكتاب من الشيخ رضا البروجردي سنة ١٢٩٢ ، وتقع في ١٧٢ ورقة ٥/١٤ × ٢١ ، تسلسل ١١٠.
(١٠٦٨)
شرح الشافية في الصرف
المتن لابن الحاجب ، والشرح للجاربودي.
نسـخة منه بخطّ أحد مهرة الخطاطين كتب متن الشافية في وسط الورق ، نسخ رائع وأدرج شرح الجاربودي في الهوامش بخطّ نستعليق جميل جداً وأبدع في إيجاد الاشكال منها بتصاوير السباع والطيور والاشجار والقناديل إلى غير ذلك من الاشكال الرائعة ٩٩ ورقة ، تسلسل ١٥٦٤ ، فرغ منها سنة ١٠٩٧.
نسـخة كتابة القرن الثالث عشر بخطّ نسخ جيّد رقم ٢٠٤٩.
(١٠٦٩)
شرح «الشرائع»
مجلد يبدأ من وجوب الطمأنينة في الركوع من أفعال الصلاة إلى نهاية كتاب الصلاة ثم كتاب الزكاة إلى الشروط المعتبرة في المستحق.
نسـخة الأصل بخطّ الشارح وكانت في جملة كتب الفقيه الجليل الحاج آقا رضا الهمداني مؤلفاته بخطه فتخيل ان هذه منها وعند التطبيق ظهر انه ليس له جزما ولكن لم نعرف الشارح وتقع في ٣٥١ ورقة ، بخطّ
فارسي دقيق رقم ٧٥٠.
نسـخة اخرى تبدأ من وجوب الطمأنينة في الركوع والثاني مما يجب في الركوع من أفعال الصلاة كالنسخة السابقة وهي مبيضة لما قبلها غير المؤلف إلاّ أن هذه النسخة تنتهي إلى الثاني من قواطع الصلاة في ٥٤ ورقة ، رقم ٧٤٤.
(١٠٧٠)
شرح «شرائع الاسلام»
شرائع الاسلام في الفقة للمحقّق الحلي نجم الدين أبي القاسم جعفر بن سعيد الحلي ، والشرح هذا للسيد محمّـد تقي الطالقاني.
اسمه المظاهر العقيلة.
النسخة الأصلية بخطّ المؤلف أهداها نجله المرحوم السـيّد أحمد الطالقاني مع سائر كتبه إلى المكتبة ، وهذا شرح كتاب الصلاة ، مقاسها ١٧ × ٤/٢٣ ، تسلسل ١٦٩٨.
(١٠٧١)
شرح شواهد شرح ابن الناظم
على ألفية ابن مالك
للعلاّمة السـيّد محمّـد بن علي محيي الدين الموسوي العاملي ، ترجم له في الآمل وأثنى عليه قال : كان عالماً فاضلاً أديباً ماهراً شاعراً محققاً عارفاً بفنون العربية والفقه وغيرهما من المعاصرين ، قولي قضاء المشهد الشريف بطوس قرأ عنه السـيّد بدر الدين الحسيني العاملي ...
ألف هذه الكتاب بأمر استاده السـيّد بدر الدين أوله : «احسن كلمة يتكلم بها أرباب الكلام وأول حديث يثني نحوه عناق الأقلام حمد الله جل جلاله على ما رفع مقدار العلم ومقامه ...» فرغ منه ليلة الاربعاء ٢١ ربيع الأول سنة ١٠٥٧ في المشهد المقدس الرضوي.
نسـخة بخطّ عبد الرحيم بن علي أشرف القائني ، فرغ منها سنة ١٢٦٣ في ٢٤٣ ورقة ، رقم ١٠٦.
وبأوله خط العلاّمة الأميني المؤسس دام ظلّه في التعريف بالكتاب ومؤلفه.
(١٠٧٢)
شرح شواهد شرح قطر الندى
فارسي.
قطر الندى في النحو لابن هشام.
وشرح شواهده هذا للمولى محمّـد جعفر بن محمّـد كاظم القائني ، شرحها بالفارسية.
نسـخة بأول مجموعة ، فرغ منها الكاتب في شعبان سنة ١٢٥١ ، رقم ١٤٦٧.
(١٠٧٣)
شرح «شواهد المطول»
فارسي.
أوله : «أما بعد بس ميگويد تراب اقدام طلاب محمّـد بن عبد الوهاب الكاشاني البيدگلي ، وقد سماه الكاتب في آخر نسختنا بالشواهد المحمـدية
نسبة إلى مؤلفة.
نسـخة بخطّ حسين بن عباس الدامغاني ، فرغ منها في العشر الأول من شهر رمضان سنة ١٢٦٠ ، رقم ١٩٢٨ ، كتبها للشيخ محمّـد باقر بن علي أكبر الدامغاني مؤلف الوجيزة الموجودة بخطه في المكتبة برقم ١٩١٩ ١٠٢ ورقة.
(١٠٧٤)
شرح «الصحيفة السجادية»
للشيخ أبي جعفر محمّـد بن منصور بن أحمد بن ادريس العجلي الحلي المتوفّى سنة ٥٩٨ ، وهو على التعليق وشرح لغريبها ومفرداتها لكن بترتيب أدعيتها لا على نحو المعجم.
نسـخة قيمة إلاّ أنها ناقصة الآخر بخطّ قرچفاي بآخر مجموعة كلها بخطّ تاريخ بعض ما فيها سنة ١٠٦٢ وبعضها سنة ١٠٦٥ ، رقم المجموعة ١٥٢٠.
(١٠٧٥)
شرح «الصحيفة الكاملة»
أوله : نحمدك على كريم نوالك ، ونشكرك على جزيل افضالك ، ونصلي على نبيك الهادي ...».
هو شرح موجز على مشكلات الصحيفة السجادية ممزوجاً بالمتن لم يعرف المؤلف قد تبدأ بشرح السند بلغ إلى اوائل دعائه عليه السلام في مكارم الاخلاق.
نسـخة
القرن الثاني عشر
في ٦٠ ورقة ، رقم التسلسل
١٥٠. (١٠٧٦) شرح
الصدور في حقائق
الأُمور فارسي. تأليف صدر
الإسلام محمّـد
صدر الصدوري ابن
السـيّد عبد الحسين
ـ نايب الصدارة
بقزوين ـ القزويني
والمتخلص [خاك]
المولود سنة ١٢٨٣. فارسي عناوينه
شرحة شرحه وفي
الشرحة الأُولى
ترجم لنفسه ولسلسلة
آبائه وأورد الفرامين
الملوكيه الصادرة
في شأنهم. نسـخة
خط المؤلف في ١١٩ ورقة
، رقم ١٥٩٣. (١٠٧٧) شرح
«الطوالع» طوالع
الأنوار
في علم الكلام
للقاضي البيضاوي
عبدالله بن عمر
المتوفّى ٦٨٥ ، وشرحه
هذا للبرهان عبيد
الله بن محمّـد
العبيدلي الشريف
الفرغاني قاضي
تبريز المعروف
بالعبري المتوفّى
سنة ٧٤٣ ، ألفه لشهاب
الدين مباركشاه. أوله : «أحمد
الله حمداً يتقاصر
عن ادراكه غاية
عقول العقلاء
...». نسـخة
القرن التاسع كانت
ناقصة من أولها
ورقتين فتممت الورقة
الاُولى وبقي نقص بينها وبين ما بعدها وبآخرها خط السـيّد سلطان حيدر بن سيد جلال الدين حسن الطباطبائي ، ١٥٩ ورقة ، رقم ٢٢٩٦.
(١٠٧٨)
شرح عبارات التلويحات
فارسي.
التلويحات لشيخ الأشراف شهاب الدين السهروردي.
وهذا الشرح للعارف الحكيم حسام الدين بن يحيى اللاهيجي ، ألفه في شهر رمضان سنة ١٠٧٩. أوله : «رب هب لي من لدنك رحمة أنك أنت الوهاب راقم اين نميقه ... أز قضا عبارتي از عبارات تلويحات كه از جمله تصانيف حكيم الهى عارف حقايق انفسى وآفاقي ...».
نسـخة بخطّ الشيخ محمّـد بن محمود الموركلائي المازندراني ولعله من تلامذة المؤلف كتبها ضمن مجموعة رسائل كلها بخطه للمؤلف تاريخ بعضها سنة ١٠٩٠ ، رقم المجموعة ٥٦٦.
(١٠٧٩)
شرح «عقائد العضدي»
المتن لعضد الدين الايجي.
والشرح لجلال الدين الدواني ، فرغ منه ١٨ ع ١ سنة ٩٠٥ ، وتوفي سنة ٩٠٨.
نسـخة
بخطّ أحمد بن ملا
مغربي كتبها للمولى
إمام قلي ، وفرغ
منها في أواخر
شوال سنة ١١١٧ ، لكنه
كتابة القرن الحادي
عشر وتوفي إمام
قلي قبل انتهاء
الكتاب ، وبعده
حاشية الخيالي
على شرح العقائد
بخطّ هذا الكاتب
أيضاً وهما في
مجلد رقم ١٤٥. نسـخة
بخطّ نسخ جيّد
ومل هوامشها حواشي
وتعليقات بخطّ
الكاتب بأول مجموعة
رقم ٩١٨. نسـخة
بخطّ محمّـد ... فرغ
منها في اصفهان
١٢ ربيع الآخر سنة
١١١٣ ، ٦٦ ورقة ، رقم ٢٢٧٩. (١٠٨٠) شرح
عقيدة الشيخ علوان المتن عقيدة
مختصرة للشيخ علوان
بن علي بن عطية
الحموي الشافعي
المتوفّى سنة ٩٣٦
، ترجم له الغزي
مبسوط في الكواكب
السائرة ج ٢ وذكر
أن له عقيدة وشرحها
، ولعل هذا الشرح
له أو لغيره. نسـخة
بخطّ سعيد بن قابل
النجدي كتبها في
شوال سنة ٩٩٥ ضمن مجموعة
رقم ٨٤٠ كتب المتن
بالشنجرف. (١٠٨١) شرح
علم الباري تعالى المتن رسالة
في اثبات علم الباري
جل شأنه لعبد الحكيم
السيالكوتي المتوفّى
١٠٦٧ ، والشرح لأحد
أعلام القرن الثالث
عشر يسمى عبد القادر
صدره باسم معتمد الدولة فرهاد ميرزا القاجاري وأهداه إليه.
وهو في ٤٠ ورقة ، رقمه ١١٢٣.
(١٠٨٢)
شرح العوامل في النحو
المتن لعبد القاهر الجرجاني.
والشرح لبعضهم.
مطبوع ضمن مجموعة باسم جامع المقدمات ص ١٥٠.
نسـخة تبلغ إلى النوع العاشر في الأفعال الناقصة كتبت في القرن الثالث عشر ضمن مجموعة رقم ٨٣٧ ، وبظهر الصفحة الاُولى فائدة من فوائد الشيخ البهائي.
نسـخة بخطّ علي محمّـد اللواساني كتبها بخطّ فارسي رائع جميل في رجب ١٢٨١ في مجموعة أدبية أولها متن عوائل الجرماني الثاني ، شرحها هذا الثالث العزي في التصريف للزنجاني كلها بخطه الجميل وبأول كل منها لوحة جميلة رقم ١١٦٩.
(١٠٨٣)
شرح عوامل ملا محسن
المتن للمولى محسن بن محمّـد طاهر القزويني.
والشرح للسيد محمّـد الحسيني.
أوله : «الحمد لله كما هو أهله وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله
وصلوات ملائكته على نبينا محمّـد وآله».
وبعد أقول : لما كان العوامل المنسوب إلى الفاضل المدقق ملا محسن حفظه الله تعالى ...».
فيظهر أنه معاصر للماتن وشرحه في حياة الماتن.
نسـخة ناقصة الآخر بلغت إلى أفعال القلوب ، المتن والعناوين بالحمرة وهو بخطّ نسخ جيّد ، ضمن مجموعة هو آخرها رقم ١٧١٠.
(١٠٨٤)
شرح «فصوص الحكم»
فصوص الحكم لمحي الدين ابن عربي وهو الشيخ أبو عبدالله محمّـد بن علي المعروف بابن عربي الطائي الحاتمي الاندلسي المتوفّى سنة ٦٣٨ أخذ أسمه من كتاب الفصوص في الحكمة للفارابي المتوفّى وعلى فصوص ابن عربي هذا شروح وردود كثيرة ذكر جملة منها في كشف الظنون ج ٢ ص ١٢٦١ منها هذا الشرح وهو للشيخ داود بن محمود بن محمّـد القيصري المتوفّى سنة ٧٥١ تلميذ المولى كمال الدين عبد الرزاق بن أحمد بن أبي الغنائم الكاشاني المتوفّى سنة ٧٣٠ قال في
كشف الظنون اتمه في جمادى الأُولى سنة ٧٣٠ وأنه كتبه للوزير غياث الدين محمّـد ولكمال الدين عبد الرزاق الكاشاني.
قدم له مقدمة مبسوطة في كليات هذه المعاني وجعلها في اثنى عشر فصلاً ذكر في كشف الظنون للشرح خطبة ولهذه المقدمات خطبة لا ينطبق شيء منه على نسختنا هذه.
أوله : «الحمد لله الذي عين الأعيان بفيضه الأقدس الأقدم وقدرها
بعلمه ...». ثم من بعد انتهاء الفصول الاثنى عشر يشرح في الشرح أوله : «الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه محمّـد وآله أجمعين قول الشيخ رضى الله عنه ...
نسـخة قيمة بخطّ أحد خطاطي القرن الثالث عشر كتبها بخطه النستعليق الدقيق الفاخر الرائع وفرغ منها سنة ١٢٤٦ ، في ٢٠٠ ورقة مجدولة مذهبية ، مقاسها ١٧ × ٣٠ ، تسلسل ٣٣٤.
(١٠٨٥)
شرح «الفصول النصيرية»
الفصول في أُصول العقائد للمحقّق نصير الدين الطوسي المتوفّى سنة ٦٧٢ فارسي عربه السـيّد عبد الوهاب بن علي الاسترابادي وعلى هذا المعرب عدّة شروح منها هذا وهو شرح للمعرب الاسترابادي نفسه بدأ بالشرح في محرم وختمه في عشرين من صفر سنة ٨٧٥.
نسـخة القرن الحادي عشر في ٩٣ ورقة ، رقم ٦٥٠ وبأولها الشيخ عبد النبي بن حاج علي الكاظمي وتملك الشيخ محمّـد باقر بن أسد الله ، وخط الشيخ مهدي أسد الله ، وخط العلاّمة الشيخ عبد الحسين الحلي.
(١٠٨٦)
شرح «الفصول النصيرية»
للفاضل المقداد بن عبدالله السيوري الأسدي الحلي المتوفّى
أوله : «سبحانك اللهم واجب الوجود ومبدأ وغاية وجود كل موجود ...».
نسـخة
بخطّ نسخ جيّد
كتبها نجف علي
بن علي أكبر الصفار
الهمداني ، وفرغ
منها ٨ ربيع الأول
سنة ١٠٩٣ ، ١٦١ ورقة ، رقم
١٧٤٠. (١٠٨٧) شرح
«الفصول النصيرية» الفصول
النصيرية في الكلام
للمحقّق الطوسي
خواجه نصير الدين
المتوفّى سنة ٦٧٢
، وهو فارسي نقله
إلى العربية. وعليه شروح
كثيرة مذكورة في
الذريعة. شرح السـيّد
عبد الوهاب بن
طاهر بن علي بن
داود الاسترابادي
الحسيني الجرجاني. ذكر شيخنا
في الذريعة
اني رأى الكتاب
بخطّ مصنفه ، فرغ
منها سنة ٨٧٥. ونسختنا
هذه جاء في آخرها
: تم الكتاب بعون
الملك الوهاب على
يد الفقير الحقير
عبد الوهاب بن
طاهر سنة ٨٨٣ ويحتمل
قوياً أن تكون
هذه النسخة خط
يد المؤلف أو أنه
مكتوب في حياته
وعلى نسـخة الأصل
وعلى الهامش بعض
التصحيحات والنسخة
تنقص من أولها
وريقات ، وورقة
واحدة والموجود
٦٤ ورق وبآخرها أحاديث
وفوائد صويرة اجازة
العلاّمة الحلي
للسيد ابن مهنا
وصورة مؤلفات العلاّمة
الحلي الفقهية
وغير الفقهية رقم
١٢٥. (١٠٨٨) شرح
الفوائد في الفلسفة
للشيخ أحمد بن
زين الدين بن إبراهيم
صفر بن إبراهيم
المطيرفي الاحسائي ، المتوفّى سنة ١٢٤١ المتن والشرح كلاهما له ألف المتن عام ١٢١١ ، ثم شرحه بالتماس ملا مشهد بن ملا حسين علي الشبستري ، وهي اثنا عشرة فائدة ، وفرغ من الشرح في الليلة التاسعة في شوال سنة ١٢٣٣.
نسـخة : مكتوبة في حياة المؤلف وبعد يومين وشهرين وعامين من تأليفه والظاهر انه كنتم على خط المؤلف بخطّ تلميذه محمّـد كريم بن مهدي قلي بن محمّـد صالح السرابي الأردبيلي حين قرائته عند جناب المؤلف في الحائر الحسيني سنة ١٢٣٥ في ١٢٨ ورقة رقم ١١١٢.
والنسخة مقروة على المؤلف ومقابلة على نسـخة الأصل ومصححة ، وجاء في آخرها : تمت مقابلته بيدي من أقل الكتاب إلى آخره ليلة الاثنين أول اسبوع جمادى الآخرة من سنة ١٢٣٧ وكتب محمّـد كريم السرابي.
وللكاتب هذا تعليقات كثيرة على هوامش الكتاب بتوقيع محمّـد كريم وبآخر النسخة فوائد :
١ ـ صورة ما كتبه الشيخ سلمه الله إلى ملا علي الرشتي.
٢ ـ لقوة الشهوة سمعت من الشيخ سلمه الله.
٣ ـ أبيات أولها :
|
كن من اُمورك معرضاً |
|
وكل الأُمور إلى القضاء |
٤ ـ أبيات أولها :
|
رب أمر ضاقت النفس به |
|
جاء هامش قبل الله الفرج |
٥ ـ قصيدة تنسب إلى محمّـد أبي بكر ، أولها :
|
يا ابانا قد وجدنا ما صلح |
|
خاب من أنت أبوه وافتضح |
٦ ـ إبيات أولها :
|
عتبت على الدنيا وقلت إلى منى |
|
أكابدهما بؤسه ليس ينجلي |
مكتوب على الصفحة الأُولى :
از دا روغه شيرازي وقتي كه جناب شيخ جعفر خم خانه ها رادر شيراز شكاند :
|
شيخى كه شكسته است نجامى خم مى |
|
كرده است بساط مى پرستا نراطى |
|
ارَ بهر خدا شكست بس واى بما |
|
وربهر ديا شكست پس واى بوى |
(١٠٨٩)
شرح «فوائد الحكمة»
المتن للشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي المتوفّى.
وهو اثنتا عشرة فائدة في الكلام والفلسفة وعليه شروح منها للمؤلف نفسه ، ومنها لتلميذه السـيّد كاظم الرشتي ومنها هذا الشرح.
وهو لابي الحسن محمّـد بن جعفر الحائري من تلامذة السـيّد محمّـد المجاهد ، شرحه في حياة الشيخ الاحسائي ، إلى أن بلغ إلى الفائدة السادسة ثم تغير رأيه في المتن والماتن وأساء الظن به وعدل عن شرحه وفرغ منه سنة ١٢٢٨ ، درس المتن في جيلان وكتب الشرح عليه هناك بالتماس جمع من الطلبة وهو شرح مزجي.
أوله : «نحمدك اللهم يا من اختفى عن العيان بكمال نوره وبعد عن الأبصار باشعة جلاله ...».
نسـخة
الأصل المسودة
بخطّ المصنف الشارح
فيها شطوب وإضافات
وتصحيحات في ١٥٤ ورقة
، رقم ١١٠١. (١٠٩٠) شرح
على القصائد السبع القصائد
السبع العلويات
لعز الدين عبد
الحميد بن أبي
الحديد. والتعليقات
للشيخ محمّـد تقي
الدرزفولي. أوله : «الحمد
لله فوق حمد الحامدين
والصلاة والسلام
على سيد المرسلين
وآله شفعاء يوم
الدين ، وبعد فهذا
تعليق جديد علقته
على القصائد السبع
لابن أبي الحديد
مشتملاً على بيان
الفاظها ولغاتها
وتراكِبها ومعانيها
على سبيل الاختصار
...» ويقول في كل بيت
اللغة التركيب
المعنى ، وقال
في آخره : «وهذا آخر
ما تيسر لي في شرح
القصائد السبع
العلوية على سبيل
الإيجاز والاحتضان
في حاشية الكتاب
من دون تسويد في
الخارج ...». فرغ منه
في جمادى الآخرة
سنة ١٢٧١. نسـخة
الأصل كتبها بخطه
في هوامش شرح القصائد
للسيد محمّـد بن
أبي الرضا العلوي
بخطه الفارسي الدقيق
الجيد من دون تسويد
في الخارج ، كما
ذكره رقم ١١٩٥. (١٠٩١) شرح
القصيدة الطنطرانية لفخر خراسان
علاء الدين محمّـد
بن أحمد البهشتي
الاسفرائني. أوله : «الحمد
لله الذي خصص نوع
الإنسان بالفصاحة
والبيان وشرفه
بالبلاغة والتبيان ...».
نسـخة فرغ منها الكاتب ٦ رجب سنة ٩٦٩ ، وبعدها ترجمة القصيدة بالنظم التركي كتبت سنة ٩٧١ ، وبظهر الورقة الأُولى خط العلاّمة الأديب محمّـد علي تربيت التبريزي وعليها ليث زاده پير احمد وعليها فهرست ما كان في هذه المجموعة في رسائل ، ولكنها جزئت عند التجليد وافردت وعليها بيتين فارسيين غزلين على نحو السؤال والجواب وبيت بالتركية ، رقم ١١٨٨.
(١٠٩٢)
شرح القضية
لم أعرف الماتن ولا الشارح.
المتن رسالة في القضية واجزائها من علم المنطق ، نعم ذكر في كشف الظنون في حرف الراء رسالة في القضية والتصديق لشمس الدين محمّـد الخفري ، وأظنها هذه ، والشارح أحد معاصريه أول الشرح : «الحمد لله الذي وفقنا لتلخيص الكلام وتحقيق المقام والصلاة والسلام ... هذه الرسالة الدقيقة الوجيزة والدرة الفريدة العزيزة ... طول الله اعماره ...».
وعليه تعليقات كثيرة للشارح.
نسـخة ضمن المجموعة رقم ٩١٨.
(١٠٩٣)
شرح «قطر الندى»
في النحو ، المتن والشارح كلاهما لابن هشام.
نسـخة بخطّ أقل الطلاب محمّـد يوسف بن مهدي ، فرغ منها في
ربيع الآخر سنة ١٢٢٧ ، ضمن مجموعة كلها بخطه ، وهو ثاني ما فيها ، رقمها ٦٧١.
(١٠٩٤)
شرح قول العلاّمة في القواعد
في كتاب الوصية : النوع الثاني المحاباة أما بالنكاح فلو تزوج وأصدق عشرة مستوعبه ومهر مثلها خمسة ، فلما مهر المثل وثلث المحاباة فان ماتت قبله فورثها ...».
والشرح فارسي للعلاّمة الفقيه الحاج محمّـد جعفر بن سيف الدين الاسترابادي نزيل طهران المشتهر بشريعتمدار ولد سنة ١١٩٨ ، وتوفي سنة ١٢٦٣ ، ترجم له شيخنا في الكرام ص ٢٥٣ ، وعدد مصنفاته ولم يعد هذا منها نعم ذكر فيما عدّ له لاجوبة المسائل بالعربية والفارسية» وهذا أيضاً كذلك فانه سأله عن هذه المسألة وعن مراد العلاّمة بعض تلامذته بالعربية فأجاب هو عنها بالفارسية ويظهر منه ان تلميذه الذي سأله عنها اسمه السـيّد أبو القاسم.
نسـخة اظنها بخطّ السائل السـيّد أبو القاسم ضمن مجموعة جمعها العلاّمة الشيخ عبد الحسين الحلي سنة ١٣٢٤ ، رقم ٣٨٩.
(١٠٩٥)
شرح قول العلاّمة
في كتابه قواعد الاحكام : ومعاودة النوم ثانياً ...».
والشارح الشيخ جعفر بن لطف الله.
مكتوب عليه انه من حواشيه أدام الله ظلاله على القواعد.
ضمن مجموعة مكتوبة في القرن الحادي عشر ، رقم ٥٦٧.
(١٠٩٦)
شرح «الكافي»
للمولى صالح بن أحمد بن شمس الدين الساروي المازندراني المتوفّى سنة ١٠٨٦.
المجلد الأول يبدأ بشروح أول أُصول الكافي وينتهي بانتهاء كتاب العقل والجهل ، وفرغ منه المؤلف ١٤ صفر سنة ١٠٦٣ ، وفرغ الناسخ الشيخ راشد الشيرازي في شيراز عصر يوم الثلاثاء ٢٣ صفر سنة ١١١٧ يقع في ٣٠٩ ورقة ، ١٤ × ٧/١٩ وبآخره كتب العلاّمة الشيخ محمّـد جعفر بن محمّـد صادق الشيرازي بخطه الشريف بلغ قراءة كتاب
العلم من أُصول الكافي على استاذنا العالم الفاضل الكامل المحقّق المدقّق شيخ المحقّقين الشيخ محمّد أمين الشيرازي ... في عدّة مجالس آخرها ١٥ شعبان سنة ١١١٧.
وبأوله بخطّ الشيخ محمّـد جعفر أيضا شرح حديث أول ما خلق الله العقل مقاوله ... الخ وكتب أيضاً بخطه من أول الكتاب إلى آخره حواشي مفيدة تعد حاشية مستقلة توقيعها جمع عفى عنه ، تسلسل ٥٠٤.
المجلد الأول نسـخة قيمة ثمينة بخطّ نسخ جميل للغاية كتبها أحد خطاطي القرن الحادي عشر ، وهو الخطاط شير علي والظاهر انه هندي ، وفرغ منه يوم الأثنين ٦ شهر رمضان سنة ١٠٩٤ كتبها للمولى حسنعلي ابن المصنف على نسـخة كان كتبه اخوه النجل الآخر للمصنف وهو العلاّمة الشهير آقا هادي ابن المولى صالح الشهير بآقا محمّـد هادي مترجم وقد
كان كتبها في حياة أبيه ، وفرغ منها ١٧ محرم سنة ١٠٧٤ ترجم لهذاين الوليدين شيخنا في أعلام القرن الحادي عشر والعلاّمة النوري في الفيض القدسي.
ثم ان المولى حسنعلي نجل المصنف صحح هذه النسخة وقابلها على نسـخة أخيه وكتب بآخر النسخة بخطه النستعليق البديع الجميل بالغت في تصحيحه بقدر الوسع والطاقة فصح ان شاء الله تعالى بمحروسة حيدرآباد سنة ١٠٩٥.
وخط النسخة في غابة الحسن وباعلى الصفحة الأولى لوحة تزويق وتأنيق بالشنجرف والذهب ثم بقية الأوراق مؤطرة بالذهب ولعل هذا التزيين حادث كتب في آخرها أحياها مقرب الحضرة العلية علي أكبر خان سرهنگ فوج افشار في شوال سنة ١٢٧٠ وعليه ختمه ثم بأوله ختم مكتبة الحاج محتشم السلطنة القاجاري رئيس وزراء ايران ، وعلى النسخة تصحيحات وبلاغات نجل المصنف يقع ٢٢٧ ورقة ، مقاسها ٣/١٣ × ٥/٢٤ ، تسلل ٢٦ ، وبآخر الكتاب أحاديث وفوائد بخطّ السـيّد حسين بن السـيّد نور الدين الموسوي التستري كتبها للاخ العزيز ... ميرزا محمّـد ابراهيم الحسيني ٢٥ صفر سنة ١١٥٤.
(١٠٩٧)
شرح «الكافي»
الكافي الحديث تأليف أبي جعفر محمّـد بن يعقوب الكليني المتوفّى سنة ١٣٢٩ ، أحد الكتب الأربعة للشيعة وعليه شروح كثيرة وحواش متعددة منها هذا الشرح وهو المولى حسام الدين محمّـد صالح بن أحمد بن
شمس الدين السروي المازندراني صهر المولى محمّـد تقي المجلسي توفي سنة ١٠٨٦ ، ترجم العلاّمة النوري في الفيض القدسي.
المجلس الثالث شرح كتاب الحجة من أُصول الكافي من أوله إلى آخره بخطّ محمّـد أشرف بن محمّـد هادي ، فرغ منه يوم الأربعاء ١٧ محرم سنة ١١٠٣ ، في ٢٢١ ورقة ، مقاسها ٧/١٨ × ٢٥ ، تسلسل ١٥٣١ وعليه تملك الشيخ محمّـد أمين الذي كان يدرس الكتاب في شيراز سنة ١١١٧ ، وختمة : «انى لكم رسول أمين». راجع تسلسل ٥٠٤ ، ثم عليه تملك الشيخ يحيى في سنة ١٢٧٧.
مجلد يحتوي على شرح روضة الكافي من أولها إلى آخرها بخطّ أحد العلماء من المائة الثانية عشرة وهو الشيخ محمّـد رشيد بن محمّـد جعفر التيرباني من نواحي تبريز ، فرغ منه ٢٧ صفر سنة ١١١٥.
وعليه تصحيحات وبآخره بلاغ يقع ٢٣٨ ورقة ، ٥/١٨ × ٢٩ ، تسلسل ٢٧.
(١٠٩٨)
شرح «الكافية»
في النحو ، المتن لابن الحاجب.
والشرح لنجم الأئمة رضي الدين محمّـد بن الحسن الاسترابادي النجفي المتوفّى سنة ٦٨٦.
نسـخة بخطّ نظام بن عبد العزيز القهپائي ، فرغ منها سنة ١٠٩٦ في ٣٧٠ ورقة ، رقم ١١٦٨.
نسـخة فرغ منها الكاتب ١٢ جمادى الأُولى سنة ١١٠٠ ، واسم
الكاتب پير علي ، والنسخة مقابلة مصححة جاء في آخر بلغت مقابلة ... من أوله إلى هنا بعون الله ، والظاهر أنها نسـخة عن نسـخة مكتوبة أواخر ذي الحجة سنة ٧٠٨ ، رقم ٢١١٠.
(١٠٩٩)
شرح «كافية»
فارسي.
الكافية في النحو لابن الحاجب.
وهذا الشرح فارسي أوله : «ثنا وستايش مر واجبي را كه رافع درجة عارفين است وخافض منازل جاحدين است وباعث انبياء اولين وآخرين است وناصب ائمه هادين است .... أما بعد فيقول ... على المازندراني : كتب للاخ الاعز ... كمال الدين الحسيني المازندراني شرحاً للكافية الوافية.
نسـخة بخطّ فارسي والمتن مكتوب بالنسخ بخطّ أخشن ومعلم عليه بالحمرة ناقص الآخر وعليها تصحيحات وحواشي ضمن مجموعة ٥٦٧ كتابة اوائل القرن الحادي عشر.
(١١٠٠)
شرح «الكافية»
فارسي.
الكافية في النحو لابي عمرو عثمان بن عمر المعروف بابن الحاجب ، المتوفّى سنة ٦٤٦ ، ويقال لها بمقدمة ابن الحاجب شرحها المؤلف ونظمها ثم شرح النظم أيضاً ولغيره أيضاً عليها شروح كثيرة منها
هذا الشرح وهو فارسي للسيد الشريف الجرجاني المتوفّى سنة ٨١٦.
وهو شرح مزجي لا يتميز من المتن إلاّ باللون الأحمر.
نسـخة تاريخها ٢٦ محرم سنة ١٠٥٧ ، في ٢٣٠ ورقة ، رقم ٣١٥ ، والمتن مكتوب بالشنجرف.
(١١٠١)
شرح الكبرى
فارسي.
المتن فارسي في علم المنطق للسيد الشريف الجرجاني علي بن محمّـد المتوفّى سنة ٨١٦ ، والشرح أوله : «الحمد لله الذي خلق السماوات الأرض ...».
نسـخة كتبت في محرم سنة ١٢٢٨ في ٤٢ ورقة ، رقم ١١٨٠.
(١١٠٢)
شرح كتاب البيع من قواعد الاحكام
كتاب قواعد الاحكام لآية الله العلاّمة الحليّ جمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهر الحليّ المتوفّى سنة ٧٢٦ والمدفون في النجف الأشرف كتاب فقهي قيم كثير الفوائد متوسع في الفروع ، وقد شرحه جمع كثير من محققي الفقهاء ، ومنهم الشيخ الأكبر الشيخ جعفر بن خضر الجناجي النجفي صاحب كتاب كشف الغطاء المشتهر به هو واُسرته بآل كاشف الغطاء ، المتوفّى في النجف الأشرف سنة ١٢٢٧ ، ولكن حيث لم يبرز من قلم الشريف سوى شرح كتاب البيع منه وشرح كتاب الطهارة
لم نذكره بعنوان شرح قواعد الاحكام.
نسـخة قيمة مصححة مراراً وكانت عند اُسرته ولعلها مكتوبة في حياة المؤلف بأدلها خط حفيده العلاّمة الشيخ حسن بن علي ابن المؤلف كاشف الغطاء : نظرت فيه وربما فهمت بعض ما فيه ... سنة ١٢٨٦ ، على هوامشها تصحيحات كثيرة كأنها صححت عدّة مرات. رقم ٢٢٨٧ ، ومعه شرح ارجوزة في الميراث للشيخ محمّـد علي الأعسم النجفي المتوفّى سنة ١٢٣٣ والشرح لابنه الشيخ عبد الحسين الأعسم.
(١١٠٣)
شرح «كتاب التوحيد»
المتن للشيخ الصدوق ابن بابويه ، وهو رئيس المحدثين ، أبو جعفر محمّـد بن علي بن بابويه القمي ، المتوفّى سنة ٣٨١.
والشرح للقاضي سعيد القمي ، وهو محمّـد سعيد بن محمّـد مفيد الملقب بحكيم كوچگ ، تلميذ المحقّق الفيض الكاشاني ، والفياض اللاهيجي ، والمولى رجبعلي التبريزي.
الجرء الثاني من الباب الثالث في معنى الواحد والتوحيد إلى الباب في معنى قوله عزّوجلّ : (ونفخت فيه من روحي) نسـخة قيمة كتبها تلميذه محمّـد كريم الشريف ابن محمّـد شفيع الشريف وقرأها على المؤلف فاجاز له المؤلف في آخرها اجازة بخطه الشريف تأريخها شهر رمضان سنة ١٠٩٩ ، في ٢١٣ ورقة ، وبالهوامش بلاغات بخطّ المصنف وتعليقات وتصحيحات والعناوين مكتوبة بالذهب أو الشنجرف رقم ٤٨٥.
(١١٠٤)
شرح «كفاية الأُصول»
أوله : «الحمد لله الذي وفقنا للتوجه إلى جناب قدسه وأيدنا للتعرض لنفحات انسه ...».
وهو شرح ممزوج.
الجزء الأول بخطّ نسخ جيّد إلى آخر المفاهيم الذي هو الجزء الأول من المتن أيضاً ، ٩٠ ورقة ، بالقطع الكبير رقم ٦٦٧.
(١١٠٥)
شرح «اللمعات»
فارسي.
اللمعات في التصوف
للعارف الشهير فخر الدين إبراهيم العراقي الهمداني الأصل ، المتوفّى سنة ٦٨٨ ودفن بمقابر الصالحية بدمشق قرب قبر ابن عزلي.
سافر إلى قونية وقرأ الفصوص على صدر الدين القونوي فألف اللمعات هناك ، وقدمه إلى الشيخ فاعجو.
وعليه عدّة شروح أشهرها شرح عبد الرحمن الجامي سماه أشعة اللمعات وهو فارسي مطبوع.
وهذا الشرح أوله : «الحمد لله الذي عين بعيون الأعيان ، وأظهر بظهور الاكوان ، وأكمل بكمال الامكان ...».
وهذا الشرح أيضاً فارسي لم نعرف الشارح.
نسـخة بخطّ فارسي خشن ، كتابة القرن الثاني عشر في ٩٩ ورقة ،
رقم ١٥١٩ ، وفي طرفيها اشعار فارسية وتركية.
وبظهر الورقة الأخيرة تعليقة على كلام الشارح حيث قابل بين الكمال والجلال فرد عليه المعلق والتعليق ناقص.
(١١٠٦)
«شرح مختصر ابن الحاجب»
صنف ابن الحاجب عثمان بن عمر المتوفّى سنة ٦٤٦ كتاباً في أُصول الفقه سماه المسؤل والأمل في علمي الأُصول والحدل ، ثم اختصره ويعرف بمختصر المنتهى وأشتهر بمختصر ابن الحاجب ، وهو مشهور متداول وعليه شروح منها هذا الشرح وهو شرح القاضي عضد الدين الايجي عبد الرحمن بن أحمد المتوفّى سنة ٧٥٦ ، وفرغ من تأليفه ٢٦ شعبان سنة ٧٣٤.
نسـخة كتابة القرن التاسع ناقصة من أولها أكثر الخطبة ومن آخرها وريقات ، ومن وسطه أيضاً وربما يكون فيه تقديم وتأخير ، وعليه تعاليق كثيرة كما أن بأعلى لبعض الصفحات كتب المتن أيضاً ، ١٧٣ ورقة ، رقم ١٦٨٥.
نسـخة كتابة القرن العاشر بخطّ فارسي جيّد وعلى الهوامش تعاليق والمتن مكتوب بأعلى الصفحات إلاّ فيه بعد الورقة الأُولى سقط ولكن قام من آخره ، ١٥٧ ورقة ، رقم ٩٠٤.
(١١٠٧)
«شرح مختصر ابن الحاجب»
ألف ابن الحاجب أبو عمرو عثمان بن عمر المالكي كتاباً كبير
في أُصول الفقه سماه السؤل والأمل في علمي الأُصول والجدل ثم اختصره فعرف بمختصر المنتهى واشتهر بمختصر ابن الحاجب وعليه شروح كثيرة حيث أصبح كتاباً دراسياً متداولاً وقد بالغ في كشف الظنون في اطرائه وذكر من شروحه ٢٩ شرحاً اشهرها شرح العضدي والتفتازاني وكلاهما موجود في المكتبة ، وهذا شرح التفتازاني وهو مسعود بن عمر المتوفّى سنة ٧٩١ المشتهر بالسعد التفتازاني ، فرغ من هذا الشرح على ما في آخر نسختنا هذه ٢٠ شهر ذي الحجة سنة ٧٧٠.
نسـخة بخطّ عطاء الله بن حسن الجيلاني ، فرغ منها في رجب سنة ١٠٢٧ ، نسـخة جيّدة مصححة ، وعليها بعض التعليقات للشارح ، في ١٥٢ ورقة ، رقم ٦٠٦.
(١١٠٨)
«شرح مختصر ابن الحاجب»
للعضدي ، وهو القاضي عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد الايجي المتوفّى.
أوله : «الحمد لله الذي برأ الأنام وعمهم بالأكرام والدعوة إلى دار السلام ...».
وفرغ منه ٢٦ شعبان سنة ٧٣٤.
نسـخة بخطّ نسخ جيّد كتبها محمّـد حسين بن شمس الدين الأصفهاني ، وفرغ منها سنة ١٠٣١ ، وبظهر الورقة الأُولى تملك العلاّمة ميرزا محممد هاشم والجهار سوقي وحسين بن محمّـد محسن الشهير بتاج بعض الحواش م ن وأظنها للكاتب للنسخة محمّـد حسين ، ٣٥٤ ورقة ، رقم ٢٣٠٠.
(١١٠٩)
شرح «المختصر النافع» (الشرح الصغير)
للسيد علي الطباطبائي الحائري ، نزيل كربلاء ، تلميذ الاستاذ الأكبر الوحيد البهبهاني ، والمحدث البحراني صاحب الحدائق توفي سنة ١٢٣٦ ، ودفن معهما في رواق الحائر الحسيني ، وله على المختصر النافع شرحان : كبير اسمه رياض المسائل ، وحياض الدلائل مطبوع مرات متعددة ، ويقال له الشرح الكبير أيضاً ، وله شرح صغير وهو غير مطبوع ويعرف : بالشرح الصغير ، وهو كتابنا هذا :
نسـخة منه كتابة القرن الثالث عشر في ٢٢٧ ورقة ، تسلسل ٧٠٩.
نسـخة إلى آخر كتاب الصلاة كتابتها إما في عهد الشارح أو قريبة من عصره في ٦٤ ورقة ، رقمها ١٦٦٧.
نسـخة من أوله إلى آخر الحج ، ضمن المجموعة رقم ٢٣١.
نسـخة مكتوبة في عصر المصنف أو قريباً منه بخطّ نسخ جيّد في ٢٢٣ ورقة ، رقم ٦٦٨.
(١١١٠)
شرح المشاعر
المتن في الفلسفة لصدر الدين الشيرازي محمّـد بن إبراهيم المتوفّى سنة ١٠٥٠ ، وعليه عدّة شروح منها هذا الشرح وهو للشيخ أحمد بن
زين الدين بن إبراهيم بن داغر بن رمضان بن راشد بن دهيم بن شمروخ الاحسائي المتوفّى سنة ١٢٤١ ، فرغ منه ٢٧ صفر سنة ١٢٣٤.
نسـخة في ٢٢٦ ورقة ، رقم ١١٠٨.
(١١١١)
شرح «معالم الدين»
في الأُصول للشيخ أحمد بن عظيم بن أكبر الكاشاني من أعلام القرن الثالث عشر ، ومن تلامذة صاحب الرياض في كربلاء والاستاد الوحيد البهبهاني ، وله شرح على الفوائد العتيقة سماه مشارق الأنوار ، اشتتغل بطلب العلم في كربلاء ، ارتحل إليها في صغره وجاورها إلى أن غادرها راجعاً إلى بلاده قبل فتنة الوهابية بسنتين ، فاشتغل هناك بالتدريس ، كانت كتبه حرفياً من تقريرات استاذه المير سيد علي طباطبائي صاحب الرياض وبأمره حين قراءته المعالم عليه ، ثم لما درس المقالم في كاشان ، كرر النظر وبيضه وأضاف إليه.
نسـخة بخطّ أقل الطلبة محمّـد صادق بن محمّـد علي ، فرغ منه في ربيع الأول سنة ١٢٣٤ ، ثم ملكه وصححه وقابله أحد العلماء ، وهو الشيخ علي أكبر بن الحاج علي الرافدي ، وفرغ من مقابلة ليلة السلخ من محرم سنة ١٢٤١ ، وكتب البلاغ في آخره بخطه قال : لقد تمت مقابلته بقدر الوسع والطاقة ...
وعلى الكتاب للمؤلف حواشي مبسوطة كثيرة منه رحمه ويقع في ٨٥ ورقة ، ١٦ × ٨/٢١ ، تسلسل ٢٠٠.
(١١١٢)
شرح المعلقات السبع
للزوزني أبي عبدالله الحسين بن أحمد.
نسـخة بخطّ نسخ جيّد كتبها محمّـد صالح بن محمّـد رضا الطالقاني ، وفرغ منها سلخ شوال سنة ١٢٤٢ ، ٦٢ ورقة ، رقم ٢٢٧٠.
(١١١٣)
شرح «مغني اللبيب»
لمحمد بن طولون الحنفي شمس الدين المحدث الشامي من الصالحي ، إمام العمارة السليمة ، صنفه في العشر الثامن من المائة العاشرة.
الجزء الأول بخطّ نسخ جيّد كتبه يار محمّـد شيخ فضل الله الهاشمي العباسي ، فرغ منه جزء منه الثاني ٦ جمادى الأُولى سنة ١٠٦٥ ، بأمر أعلم العلماء مير محمّـد علي بن مير شاه حسين الحسيني ، في ٢٦١ ورقة ، رقم ٥٧٩.
الجزء الثاني بخطّ نسخ جيّد كتبه يار محمّـد شيخ فضل الله العباسي ، فرغ منه ٦ جمادى الأُولى سنة ١٠٦٥ ، في ٢١٠ ورقة ، رقم ٥٨٠.
(١١١٤)
شرح «المفاتيح»
مفاتيح الشرائع ، للمحقق المحدّث الحكيم المتأله المولى الفيض
الكاشاني المتوفّى سنة ١٠٩١.
عليه شروح وحواشي كثيرة ، منها هذا الشرح ، وهو للاستاذ الأكبر والمجدد في الثالث عشر الوحيد البهبهاني آقا باقر بن محمّـد أكمل ، المتوفّى سنة ١٢٠٨.
الجزء الأول والثاني من أوله إلى آخر شرح كتاب الطهارة ، فرغ منه الشارح ضحي يوم الاربعاء ١٨ ربيع الثاني سنة ١١٨١ ، غير مؤرخ ولا ذكر الكاتب ، ويقع في ٢٥٧ ورقة ، مقاسها ٢١ × ٣٠ ، تسلسل ٧٦٣.
الجزء الأول والثاني والثالث ، وهو تمام الطهارة ، وكتاب الصلاة إلى لباس المصلي وأحكام الساتر بخطّ مير إسماعيل بن الحاج مير هادي الاقائني البيرجندي ، وعليه حواشي منه عفى عنه ، ومنه دام ظلّه العالي ، وتقع في ٤٠٣ ورقة ، مقاسها ٢٠ × ٦/٢٩ ، تسلسل ٣٨٠.
وعليه خط العلاّمة الشيخ عبد الحسين الحلي ، والأوراق الثلاثة الأول بخطه رحمهالله.
(١١١٥)
شرح ملحة الاعراب
المتن منظومة في النحو للاديب اللغوي الشهير أبو محمّـد القاسم بن علي الحريري صاحب المقامات.
والشرح لغيره ، شرحه بعد وفاة الحريري.
نسـخة عتيقة قديمة كتابة القرن العاشرة في ٦٧ ورقة ، مقاسها ٥/١٠ × ٤/١٦ ، تسلسل ٨٢٨ ، بخطّ نسخ جيّد.
(١١١٦)
شرح «الملخص»
الملخص في الهيئة البسيطة لمحمود بن محمّـد بن عمر الچمغميني الخوارزمي المتوفّى سنة ، مرتب على مقدمة ومقالتين.
والشرح لموسى بن محمود المعروف بقاضي زاده الرومي ألفه لا لوغ بيك ميرزا بن شاهرخ بن أمير تيمور ، وفرغ منه سنة ٨١٥.
نسـخة فرغ منها الكتاب ٢٢ صفر سنة ١٢٣٠ ، ومعها كتاب حل المشكلات رقم ١٥٥٤.
نسـخة بخطّ جلال الدين مسعود بن محمّـد أمين ، فرغ منها شعبان سنة ١٠٧٣ ، في ٩٢ ورقة ، مقاسها ١٢ × ٦/١٨ ، تسلسل ٩٣٦.
عليه تملك السـيّد زين العابدين بن حسين الحسيني العاملي وختمه بأوله وآخره وتملك بهاء الدين محمّـد عفى عنه بخطه وختمه وتاريخ ختمه ١١٢٣ ، ولعله المولى بهاء الدين محمّـد بن تاج الدين الفاضل الهندي.
وعليه تمليك حسينقلي وتملك عبدالله بن حسنعلي وختمه وعلى الهوامش حواش منه وحواش محمّـد رفيع رحمهالله وحاشية عبد العلى وبير جندي ، ولعلهما عبد العلى البير جندي ، وحواش فتح الله.
(١١١٧)
شرح نصاب
فارسي.
لمحمّـد حسين بن محمّـد رضا الطالقاني الشريف ذكره شيخنا في الذريعة ولم يزد على أنه مطبوع عام ١٣٠٢.
نسـخة ولا كاتب وعليها حواشي منه كثيرة ولعلها بخطّ المؤلف فاني لم أعثر على عصر المؤلف وبآخرها بائية فارسية في التوحيد والمناجاة في ٦٣ بيتا ، وتقع في ٢١٤ ورقة ، رقم ١٤٥٦ ، وبأولها معجم نسق دقيق للغات المدرجة في الكاتب وكتب السـيّد محمّـد نقي الحسيني الخليفة انه استكتبها ، وفرغ الكاتب منها في ذي الحجة سنة ١١٢٩.
(١١١٨)
شرح «نهج البلاغة الوسيط»
للشيخ الفقيه المتكلم الأديب المحقّق كمال الدين بن ميثم بن علي بن ميثم البحراني ، من أعلام القرن السابع ، له شرح كبير اسمه مصباح السالكين مطبوع في خمسة أجزاء عدّة مرات وشرح آخر لم يطبع حتى الآن وهو هذا وقد ألفهما للوزير بن عطاء بن بهاء الدين محمّـد ملك الجويني ، وهذا اختصار للشرح الكبير ، فرغ منه آخر شوال سنة ٦٨١.
نسـخة تحوي الكتاب بكامله ، فرغ منها بخطّ محمّـد صالح بن محمّـد رفيع كتبها بنسخ جيّد والمتن مشكول مضبوط ، فرغ منها سنة ١٠٩٢ في ٣٤٦ ورقة ، رقم ٣٥ ، والنسخة مصححة وعليها تعليقات وبأوله خط العلاّمة الأميني.
نسـخة تحوي الكتاب كله كتبها عبدالله الگپايگاني في بخطّ فارسي جميل رائع والمتن بالنسخ الجيد والعناوين بالشنجرف ، وفرغ منها سنة ١٠٠٧ وعليها تصحيحات وتقع في ٢٧٤ ورقة ، رقم ٣٤ وبآخرها خط
العلاّمة الأميني دام ظلّه.
(١١١٩)
شرح «نهج البلاغة»
لعز الدين عبد الحميد بن هبة الله بن محمّـد بن محمّـد بن أبي الحديد المدائني البغدادي.
الجزء الأول الخامس بخطّ نسخ جيّد كتابة القرن الحادي عشر في ٤٢٨ ورقة ، رقم ١١٦٢.
الجزء الرابع عشر والخامس عشر بخطّ نسخ جيّد يتحدها مع ما سبق بالخط والقطع وجميع الميزات ، وهذا المجلد فرغ منه الكاتب في ربيع الآخر سنة ١٠٤٧ في ١٥٧ ورقة ، فتلك الاجزاء تاريخيها قبيل هذا التاريخ رقم ١٦١١.
(١١٢٠)
شرح «نيران الحساب»
فارسي.
المتن رسالة فارسية في الحساب ، تصنيف المولى علي القوشجي ، والشرح لملك محمّـد بن سلطان حسين الاصفهاني.
نسـخة بخطّ محمّـد ابراهيم التبريزي ، كتبها سنة ١٠٨٩ ضمن مجموعة رقم ٦١٩.
(١١٢١)
شرح «الوافية»
الوافية في الأُصول للمولى عبد الله ، المتوفّى.
وعليها شروح متعددة ، منها هذا الشرح وهو للسيد صدر الدين بن محمّـد باقر الرضوي القمي الهمداني النجفي المتوفّى سنة في عشر السنين والمائة والألف من مشايخ الاستاد الأكبر الوحيد البهبهاني.
نسـخة تقع في ١٧٤ ورقة ، رقم ٤٠٩.
(١١٢٢)
شرح «الوافية»
الوافية في الأُصول للمولى عبد الله التوني.
وهذا الشرح للعلاّمة السـيّد مهدي بحر العلوم.
بلغ فيه الى مباحث الحقيقة والمجاز.
نسـخة بخطّ أقل الطلاب كلبعي ، فرغ منها سنة ١٢٣٠ ، في ١٣١ ورقة ، رقم ٨٩٨.
نسـخة ضمن مجموعة أُصولية رقم ٣٩٣.
نسـخة كتبت سنة ١٢٢٢ بأول مجموعة أُصويية بخطّ فارسي جيّد رقم المجموعة ٩٥١.
نسـخة ناقصة كتاب القرن الثالث عشر ضمن المجموعة رقم ٢٠٤٦ ، وقد تشوش أوراقها عند التجليد فوقع بعضها في نهاية المجموعة.
(١١٢٣)
شرح الهداية
المتن لمفضل بن عمر أثير الدين الابهري.
والشرح للمولى صدرا صدر الدين الشيرازي محمد بن إبراهيم.
نسخة كتبها الخطاط مصطفى بن عبد الله القمشهي بنسخ جيد ، فرغ منها في رجب سنة ١١٨١ ، في ٢٠ ورقة ، رقمها ٦٤٠ ، وقد بدأ بكتابتها في رابع صفر من تلك السنة.
نسخة ضمن مجموعة هو أولها وهو ناقص الآخر بالخط الفارسي ، رقم ١٧١٠.
نسخة بخط مهر علي ، فرغ منها في زنجان سنة ١٢١٥ ضمن مجموعة فلسفية بخط هذا الكتاب ، وهذا الكتاب أخيرها ، رقم ٨٣٥.
(١١٢٤)
شرح هداية الحكمة
المتن في الفلسفة لأثير الدين المفضل بن عمر الأبهري.
وعليها شروح منها :
شرح حسين بن معين الدين الميبدي.
فرغ منه في شوال سنة ٨٨٠.
نسخة بخط أحمد الأديب ابن أبي الحسن ، فرغ منها في شهر صفر سنة ١٢٤١ ، كتب الشرح بالخط التعليق والمتن بالنسخ في ٩١ ورقة ،
رقم ١١٠٤.
وعليها خط بصير الملك وختمه والنسخة مصححة وعليها حواشي للأديب كاتب النسخة.
نسخة بخط السيد حسين الملقب بالسيد ميرزا ابن السيد حسن الموسوي ، فرغ منها في شعبان سنة ١١٢٤ في ١٤٠ ورقة ، رقم ٨١٢.
نسخة بخط محمد قاسم ، فرغ منها ١٥ شوال سنة ١٠٩٦ سقط من أولها صحيفة واحدة وهي في ١٧٠ ورقة بالخط النسخ رقم ١١٠٥.
نسخة في ١٥٠ ورقة ، كتابة القرن الثاني عشر رقم ١١١٥.
نسخة بخط عبدالله بن عبد الغفار الطبسي كتبها بخط فارسي جيد والمتن معلم بالشنجرف وفرغ منها ٢ جمادى الآخرة سنة ١٠٣٦ في المدرسة الخانية.
نسخة قيمة عليها تعليقات العلماء بخطوط مختلفة منها حواشي كثيرة توقيعها صدر والظاهر أنه المولى صدرا صدر الدين الشيرازي فان في أول النسخة أنه ابتدأ بقراءة الكتاب على الآخوند ... ٨ ج سنة ١٠٣٦ والاسم ممحي والظاهر أنه هو صدر الدين الشيرازي والتعليقات بخطه وهي في أواخر النسخة وفي أوائلها نقل مطالب كثيرة بالهوامش مصرحا فيها بانها منقولة عن شرح المولى صدرا على الهداية وعليها حواشي ملا زادة وحواشي فخر او فخر الدين وباوائلها تعليقات منه رحمه الله.
رقم ١٩٧٤.
نسخة القرن الحادي عشر بخط نسخ جيد في أواسطه نقص من مكانين وفي آخرها أيضا ظاهراً ، رقم ١٩١١ عليها تملك الشيخ محمد طاهر
في أعلام القرن الثالث عشر وآخرها أبيات في التغزل فارسية وعربية لطيفة بديعة وبآخرها بخط الشيخ عبد اللطيف الطسوجي هذه الابيات:
|
وصدغاه وخالاه وحالي |
|
ليال في ليال في ليالي |
|
وعارضه وحاجبه وقدي |
|
هلال في هلال في هلال |
|
ومبسمه ومنطقه ودمعي |
|
لآل في لآل في لآلي |
(١١٢٥)
شرح هداية الحكمة
المتن لأثير الدين الأبهري مفضل بن عمر.
وعليه شروح كثيرة منها :
شرح شمس الدين محمد بن مباركشاه البخاري الجنگي الشهير بـ (ميرك).
نسخة بخط مفضل بن حبيب الله ، فرغ منها ليلة السابعة من رجب سنة ١٠٧٨ في ٣٣ ورقة ، رقم ٨٦٩.
(١١٢٦)
شعر صاعد الشيرازي
فارسي.
وأكثره في مدائح ومراثي الأئمة عليهمالسلام.
نسخة بخط فارسي جيد ضمن المجموعة رقم ٧٨٦.
(١١٢٧)
شعر في الملاحم
باللغة التركية.
نسخة ضمن المجموعة رقم ٦٢٧.
(١١٢٨)
شعشعه ذو الفقار
فارسية في حروب أمير المؤمنين عليهالسلام وبطولاته من نظم السيد محمّـد شفيع بن السيد بهاء الدين محمّـد الحسيني القزويني ، فرغ منه في شوال سنة ١١٨٤ ، باسم كريم خان زند المتوفى سنة ١١٩٣ مرتب على عشر شعشعات الأُولى في غزوة بدر والعاشرة في حرب صفين ، وله كتاب في تراجم العرفاء يوجد عند المدرس الرضوي.
نسخة بخط فارسي جميل كتبها نصر الله في القرن الثالث عشر ١٤٠ ورقة ، رقم ١٢٦٧.
|
مـصطلحـات نحـويّـة (٢٧) |
|
السـيّد علي حسـن مطر
اثنان وخمسـون ـ مصطلح المصـدر
المصدر في اللغة : موضع الصدور ، يقال : «أصدَرَهُ فَصَدَرَ ، أي : رَجَعهُ فرجَعَ ، والموضعُ : المصدر» (١) ، ويقال : «صدرَ القوم عن المكان ، أي : رجعوا عنه ، وصدروا إلى المكان ، أي : صاروا إليه» (٢).
وقد استعملت كلمة «مصـدر» في المعنى الاصطلاحي النحوي مع أربع كلمات أُخر ، وهي : الفعل ، والحَدَث ، والحَدَثان ، والمعنى.
قال الزمخشري : «المفعول المعلّق هو المصدر ، سُمّي بذلك لأنّ الفعل يصدر عنه ، ويسمّيه سيبويه : الحَدَث والحَدَثان ، وربّما سمّاه : الفعل» (٣).
وقال ابن يعيش : «وإنّما سمّي مصدراً ؛ لأنّ الأفعال صدَرَت عنه ،
__________________
(١) مختار الصحاح ، محمّـد بن أبي بكر الرازي ، مادّة «صدر».
(٢) لسان العرب ، ابن منظور ، مادّة «صدر».
(٣) المفصّل في علم العربية ، جار الله الزمخشري : ٣١.
كمصدر الإبل للمكان الذي ترده ثمّ تصدر عنه ، وذلك أحد ما يحتجّ به أهل البصرة في كون المصدر أصلاً للفعل» (١).
وقال الجرجاني في شرح إيضاح الفارسي : «وتسمّى المصادر : الأحداث والحَدَثان ، وذلك أنّها تحدث مرة بعد أُخرى ، ولا تكون ثابتة ، كـ : زيد وعمرو ، ويسمّيها : المعاني أيضاً ؛ لأجل أنّها ألفاظ لا تدلّ على أشخاص ، كـ : زيد وعمرو والرجل والفرس ، ألا ترى أنّ الضرب والقتل والقيام لا يدلّ شيء منه على شخص ، وإنّما يدلّ على معنىً ..
ويسمّيها : الفعل أيضاً ؛ وهذا على مقتضى العادة ، وهو أنّ الضربَ فعلٌ يُفعل في الحقيقة ، إلاّ أنّ النحويين لا يسمّونه فعلاً ؛ ليفصل بينه وبين هذه الألفاظ المشتقّة من هذه المصادر لاختلاف الأزمنة ، كـ : ضربَ ويضربُ ، وقد تقدّم ... أنّ نحو الضرب والقتل سُمّي : مصدراً ؛ لأنّ الأفعال اشتقّت منه ، فكأنّها صدرت عنه صدورَ الإبل عن الماء» (٢).
وفي هذه الأقوال بيان للمناسبة بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي لكلمة «المصـدر».
ويلاحظ : أنّ هذه المناسبة إنّما تتحقّق بناءً على قول «سيبويه وجميع البصريين : الفعل مأخوذ من المصدر ، والمصدر سابق له» (٣) ، وأنّه إنّما «سُمّي مصدراً لكونه موضع صدور الفعل» (٤) ..
__________________
(١) شرح المفصّل ، ابن يعيش ، تحقيق أميل بديع يعقوب ٤ / ٤٦.
(٢) المقتصـد في شرح الإيضاح ، عبـد القاهر الجرجاني ، تحقيق كاظم بحر المرجان ١ / ٥٨٠ ـ ٥٨١.
(٣) الإيضاح في علل النحو ، أبو القاسم الزجّاجي ، تحقيق مازن المبارك : ٥٦.
(٤) شرح الرضي على الكافية ، تحقيق يوسف حسن عمر ٣ / ٣٩٩.
وقد خالفهم الكوفيون في ذلك ، وذهبوا إلى أنّ المصدر مشتقّ من الفعل ، وقالوا : «لا يجوز أن يقال : (إنّ المصدر إنّما سُمّي مصدراً لصدور الفعل عنه ، كما قالوا للموضع الذي تصدر عنه الإبل : مصدراً ؛ لصدورها عنه) ؛ لأنّا نقول : لا نسلّم ، بل سُمّي : مصدراً ؛ لأنّه مصدور عن الفعل ، كما قالوا : (مَرْكبٌ فارِه ، ومَشـربٌ عَذْبٌ) ، أي : مركوبٌ فاره ، ومشروبٌ عذْب ، والمراد به : المفعول ، لا الموضـع» (١).
ويستفاد من كلام سيبويه (ت ١٨٠ هـ) أنّه يُعرّف المصدر اصطلاحاً بأنّه : اللفظ الدالّ على الحدث ؛ إذ قال في بيان معنى الفعل في اصطلاح النحاة : «وأمّا الفعل ، فأمثلة أُخذت من لفظ أحداث الأسماء وبُنيت لما مضى ، ولما يكون ولم يقع ، وما هو كائن لم ينقطع ... والأحداث نحو : الضرب والحمد والقتل» (٢).
وعقّب الزجاجي (ت ٣٣٧ هـ) على عبارة سيبويه بقوله : «وأحداث الأسماء : المصادر ، وفي الكلام اختصار وحذف تقديره : من لفظ أحداث الأسماء» (٣).
وشرحها السيرافي (ت ٣٦٨ هـ) بقوله : «يعني : أنّ هذه الأبنية المختلفة أُخذت من المصادر التي تُحدثها الأسماء ، وإنّما أراد بالأسماء : أصحاب الأسماء ، وهم : الفاعلون» (٤).
__________________
(١) الإنصاف في مسائل الخلاف ، عبـد الرحمن بن محمّـد الأنباري ، تحقيق محمّـد محيي الدين عبـد الحميد ١ / ٢٣٥ ـ ٢٣٦ المسألة ٢٨.
(٢) الكتاب ، سيبويه ، تحقيق عبـد السلام هارون ١ / ١٢.
(٣) الإيضاح في علل النحو : ٥٦.
(٤) شرح كتاب سيبويه ، أبو سعيد السيرافي ، تحقيق رمضان عبـد التوّاب وصاحباه ١ / ٥٤ ـ ٥٥.
وعرّفه المبرّد (ت ٢٨٥ هـ) بقوله : «المصدر : اسم الفعل (١) ، وذلك قولك : ... عسيت أن أقوم ، أي : دنوت من ذلك وقاربته بالنية ، و (أن أقوم) في معنى القيام» (٢).
وعرّفه ابن السراج (ت ٣١٦ هـ) بقوله : «المصدر : الذي صدرت عنه الأفعال واشتقّت منه» (٣) ، فقيّده باشتقاق الأفعال منه ، لإخراج ما دلّ على الحدث ولا يشتقّ منه فعل ، ممّا ستأتي أمثلته ؛ فإنّ النحاة لا يُسمّونه : مصدراً ، بل اسم مصدر.
وعرّفه الزجاجي (ت ٣٣٧ هـ) بأنّه : «الحدث ؛ لأنّه الحدث الذي أحدثه زيد» (٤) ، ومراده : الاسم الدالّ على الحدث.
وقال الزجاجي في كتابه الجُمل : «والحدث : المصدر ، وهو اسم الفعل ، والفعل مشتقّ منه» (٥) ..
وقال البطليوس في «شرحه للجمل» : «عورض أبو القاسم في هذا القول ، وقيل : كيف يصحّ أن يقال : إنّ الشيء مشتقّ من اسمه ، والمسمّى متقدّم على التسمية؟
والذى. عندي : أن الفعل الأوّل غير الفعل الآخر ، وأنّ أبا القاسم لم يذهب إلى شيء ممّا قالوه.
__________________
(١) يريد من الفعل : الحدث.
(٢) المقتضب ، محمّـد بن يزيد المبرّد ، تحقيق محمّـد عبـد الخالق عضيمة ٣ / ٦٨.
(٣) الموجز في النحو ، ابن السراج ، تحقيق مصطفى الشويمي وبن سالم دامرجي : ٣٣.
(٤) الإيضاح في علل النحو : ٥٧.
(٥) الجمل ، أبو القاسم الزجاجي (مخطوط) : ٧ ، نقلاً عن حاشية اصلاح الخلل الواقع في الجمل ، ابن السـيّد البطليوسي ، تحقيق حمزة النشرتي : ٣٧.
وبيان هذا : أنّ الأفعال في الحقيقة هي حركات الأشخاص وتأثيرها في غيرها ، ولكن الحركات والتأثيرات لمّا اختلفت وُضع على كلّ واحدة منها لقب ليتفصّل بعضها من بعض ، فقيل لبعضها : قيام ، ولبعضها : قعود ، ولبعضها : ضرب ...
ليتفصّل؟؟
وأمّا قولهم : يَقعُدُ وقَعَدَ ، ويضرب وضربَ ، ونحوها ، فإنّما هي صيغة مشتقّة منها ؛ لتحصلَ الأزمنة ، إذا كان القعود والضرب ونحوهما لا يعطي زماناً محصّلا (١) ، إنّما يعطي زماناً مبهماً ، فلمّا كانت هذه الصيغ (٢) تعطي المعاني التي تدلّ عليها أسماء الحركات والتأثيرات ، وتزيد عليها لتحصل الأزمنة ، كانت أوْلى بأن تُسمّى : أفعالاً ، من أسماء الحركات والتأثيرات ؛ فإذا ذكر النحويون الأفعال لم يريدوا أسماء الحركات والتأثيرات ، وإنّما يريدون الصيغ المشتقّة منها ، ووضعوا للحركات والتأثيرات ألقاباً أُخر ، فسمّوها : أحداثاً ؛ لأنّ الأشخاص تُحدثها ، وسمّوها : مصادر ؛ لأنّ الصيغ المحصّلة للأزمنة لمّا اشتُقّت منها صدرت عنها ، كما يصدر الصادر عن المكان ...
فأراد أبو القاسم بقوله : (وهو اسم الفعل) أنّه : اسم للحركات والتأثيرات ، وبقوله : (والفعل مشتقّ منه) : الصيغ المشتقّة من المصادر والمحصّلة للأزمنة» (٣).
وخالفه في ذلك : الإشبيلي (ت ٦٨٨ هـ) ، وذهب إلى أن مراد الزجّاجي بـ : (الفعل) في كلا الموردين واحد ، وهو : (الفعل) المقابل
__________________
(١) أي : محـدّداً.
(٢) أي : صيغ الأفعال من الماضي والمضارع والأمر.
(٣) اصلاح الخلل الواقع في الجُمل : ٣٨.
للاسم والحرف ؛ إذ جاء في شرحه للجمل : «وقوله : (والحدث : المصدر) يريد : أنّ الحدث هو الذي صدر منه الفعل ، أي : خرج ...
وقوله : (وهو اسم الفعل) ، أي : الاسم المأخوذ منه الفعل ، كما تقول : تراب الآنية ، أي : التراب المعمول منه الآنية ...
وقوله : (والفعل مشتقّ منه) : هذا اللفظ أجلى في ما أراد من الكلامين المتقدّمين ، فهذه ثلاث جمل معناها واحد.
ومن الناس مَن قال : إنّ الفعل الأوّل غير الثاني ، وأنّ معنى : (هو اسم الفعل) أي : اسم الحدث ، وأطلق الفعل هنا على الحدث ، وأراد بالفعل الثاني : الفعل الصناعي ، وهو بلا شكّ خروج عن الكلام واضطراب فيه ، إنّما ينبغي أن يجري الأوّل والثاني على الإطلاق الصناعي ، ويكون مأخذه ما ذكرته» (١).
وعرّفه الرمّاني (ت ٣٨٤ هـ) بأنّه : «اسم لحادث يؤخذ منه الفعل» (٢)، أي : يشتقّ منه.
وقال ابن جنّي (ت ٣٩٢ هـ) في تعريف المصدر : «كلّ اسم دلّ على حَدَث وزمان مجهول» (٣).
ويلاحظ عليه : أنّ تقييده للزمان بـ(المجهول) وإن أخرج الأفعال الصناعية (الماضي والمضارع والأمر) لدلالتها على وقوع الحدث في زمان
__________________
(١) البسيط في شرح جمل الزجّاجي ، ابن أبي الربيع الإشبيلي ، تحقيق عيّاد الثبيتي ١ / ١٦٨ ـ ١٦٩.
(٢) الحدود في النحو ، علي بن عيسى الرمّاني ، ضمن كتاب «رسائل في النحو واللغة» ، تحقيق مصطفى جواد ويوسف يعقوب مسكوني : ٣٩ ؛ وفي المصدر : «يوجد فيه الفعل» ولعلّه تصحيف أو خطأ طباعي.
(٣) اللمع في العربية ، ابن جنّي ، تحقيق فائز فارس : ٤٨.
معيّن ، إلاّ أنّه لا يُخرج أسماء المصادر من الحـدّ.
وعرّفه الحريري (ت ٥١٦ هـ) بأنّه : «اسم يقع على الأحداث» (١).
ويرد عليه أيضاً : عدم مانعيته من دخول ما ليس بمصدر اصطلاحاً ، كاسم المصدر والمصدر الصناعي.
وعرّفه الزمخشري (ت ٥٣٨ هـ) في أُنموذجه بقوله : «المصدر : هو الاسم الذي يشتقّ منه الفعل» (٢) ، ولم يقل هو (اسم الحدث) ؛ استغناءً بكون الفعل لا يشتقّ من غيره من الأسماء.
وعرّفه ابن الخشّاب (ت ٥٦٧ هـ) بقوله : «هو [اسم] الحدث الذي اشتقّ الفعل منه» (٣).
وميزة هذين الحدّين أنّه لا يرد عليهما إشكال عدم المانعية ، الوارد على ما سبقهما من التعاريف.
وعرّفه ابن الحاجب (ت ٦٤٦ هـ) بقوله : «المصدر : اسم الحدث الجاري على الفعل» (٢٣) ، وتابعه عليه : ابن هشام الأنصاري (ت ٧٦١ هـ) (٤).
وقال الرضي في «شرحه» : «يعني بالحدث : معنىً قائماً بغيره ، سواء صدر عنه ، كالضرب والمشي ، أو لم يصدر ، كالطول والقصـر.
__________________
(١) شرح ملحة الإعراب ، أبو القاسم الحريري ، تحقيق بركات يوسف هبود : ١٦٦.
(٢) شرح الأُنموذج في النحو ، محمّـد بن عبـد الغني الأردبيلي ، تحقيق حسني عبـد الجليل يوسف : ١٢٤.
(٣) المرتجل ، ابن الخشّاب ، تحقيق علي حيدر : ١٥٩.
(٤) أ ـ الأمالي النحوية ، ابن الحاجب ، تحقيق هادي حسن حمودي ٣ / ٥٢.
ب ـ شرح الكافية ، الرضي الاسترابادي ، تحقيق يوسف حسن عمر ٣ / ٣٩٩.
(٥) أ ـ شرح قطر الندى ، ابن هشام ، تحقيق محيي الدين عبـد الحميد : ٢٩١.
ب ـ شرح شذور الذهب ، ابن هشام ، تحقيق محيي الدين عبـد الحميد : ٣٨١.
والجري في كلامهم يستعمل في أشياء ، يقال : هذا المصدر جار على هذا الفعل ، أي : أصل له ومأخذ اشتُقّ [الفعل] منه ؛ فيقال في : (حمدت حَمْداً) : إنّ المصدر جار على فعله ، وفي : (وتبتّل إليه تبتيلا) (١) : إنّ تبتيلاً ليس بجار على ناصبه (٢).
ويقال : اسم الفاعل جار على المضارع ، أي : يوازنه في الحركات والسكنات.
ويقال : الصفة جارية على شيء ، أي : ذلك الشيء صاحبها ، إمّا مبتدأ لها ، أو ذو حال ، أو موصوف ، أو موصول.
والأوْلى : صيانة الحدّ عن الألفاظ المبهمة ، ولو قال : (اسم الحدث الذي يشتقّ منه الفعل) ، لكان حدّاً تامّاً على مذهب البصرية ، فإن الفعل مشتقّ منه عندهم» (٣).
وعرّفه ابن مالك (ت ٦٧٢ هـ) بتعريفين :
أوّلهما : أنّه : اسم الحدث ؛ وهو المستفاد من قوله في أُرجوزته الألفية :
|
المصدر اسم ما سوى الزمانِ من |
|
مدلولي الفعلِ كأمْن من أمِن |
قال ابن عقيل : «الفعل يدلّ على شيئين : الحَدَث والزمان ، فـ(قامَ) يدلّ على قيام في زمن ماض ، و (يقومُ) يدلّ على قيام في الحال أو الاستقبال ، و (قُمْ) يدلّ على قيام في الاستقبال ، و (القيام) هو الحَدَث ـ
__________________
(١) سورة المزّمل ٧٣ : ٨.
(٢) أي : أنّ الفعل «تبتّل» ليس مشتقّاً من «تبتيلا».
(٣) شرح الكافية ، الرضي الاسترابادي ٣ / ٣٩٩.
وهو أحد مدلولي الفعل ـ وهو المصدر ، وهذا معنى قوله : (ما سوى الزمان من مدلولي الفعل) ، فكأنّه قال : المصدر اسم الحَدَث ، كأمْن ؛ فإنّه أحد مدلولي أمِنَ» (١).
ـ؟؟
وقال الخضري معقّباً على كلام ابن عقيل :
«قوله : (وهو المصدر) ، أي : مدلوله ؛ لأنّ المصدر هو اللفظ ، والحدث مدلوله ، والمراد بالحدث : المعنى القائم بغيره.
قوله : (المصدر اسم الحدث) ، لا يقال : يدخل فيه اسم المصدر ، كـ : اغتسل غسلا ، وتوضّأ وضوءاً ، وأعطى عطاءً ؛ لأنّ مدلوله لفظ المصدر لا الحدث ، كما نقله الدماميني عن ابن يعيش وغيره وأقرّه ، فهو يدلّ على الحدث بواسطة ، والمراد : الدلالة مباشرةً ..
فإن قلنا : يدلّ عليه مباشرة كالمصدر ، فلا بُدّ لإخراجه من قيد ملحوظ ، أي : الجاري على فعله ، واسم المصدر لا يجري عليه ، بل ينقص عن حروفه ، أو المراد : الدالّ على الحدث بالأصالة ، واسم المصدر نائب عنه ، وبما ذكر يُعلم الفرق بينهما» (٢).
وثانيهما : «المصدر : الاسم الموضوع بأصالة ، الدالّ على المعنى الصادر من المحدَّث به عنه ، أو القائم به ، أو الواقع عليه ...
وتقييد وضع المصدر بالأصالة مخرج لاسم المصدر ، وهو : ما وافق في بالمعنى مصدر غير الثلاثي ، وفي الوزن مصدر الثلاثي ، كـ : غُسْل وقُبْلَة وعَوْن ، فإنّها أسماء مصادر ؛ لأنّها وافقت في الوزن : الشكر والقدرة
__________________
(١) شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك ، تحقيق محمّـد محيي الدين عبـد الحميد ١ / ٥٥٧. وانظر : شرح الأشموني على الألفية ، تحقيق حسن حمد ١ / ٤٦٦.
(٢) حاشية الخضري على شرح ابن عقيل ١ / ٣٧٥.
والصوْنَ ، لكنّ هذه مصادر ؛ لأنّ أفعالها : اغتسل وقبّل وأعان ، ومصادرها : اغتسال وتقبيل وإعانة ، فوضع هذه متقدّم في الرتبة على تلك ، فلهذا نسبَ وضع المصدر إلى الأصالة.
والدالّ على معنىً صادر من المحدَّث به عنه ، كنطق ، والدالّ على معنىً قائم به ، كعلم ، والدالّ على معنىً واقع عليه ، كنحت وزكام ، ممّا لا يكون فعله مسنداً إلى فاعل بل واقعاً على مفعول» (١).
وقد أورد ابن مالك في التسهيل مضمون هذا الحدّ مع اختلاف يسير في الألفاظ ، بقوله : «المصدر : اسم دالّ بالأصالة على معنىً قائم بفاعل ، أو صادر عنه حقيقة أو مجازاً ، أو واقع على مفعول» (٢).
وقد أخذ الفاكهي (ت ٩٧٢ هـ) بهذه الصياغة الأخيرة للحـدّ ، وممّا قال في «شرحه» : «(اسم دالّ بالأصالة) ، أي : بالوضـع ، (على معنىً) هو الحدث ، (قائم بفاعل) ، كـ : فرح زيد فرحاً ... (أو) على معنىً (صادر عنه) ، كـ : قعد زيد قعوداً ... ثمّ ذلك المعنى الصادر (إمّا حقيقة) ، كما مثّلنا ، (أو مجازاً) ، كـ : مرض زيد مرضاً ، ومات بشرٌ موتاً ؛ فإنّ صدورهما من الميت مجازٌ ، (أو) على معنىً (واقع على مفعول) ، قال ابن مالك : هو مصدر ما لم يُسَمّ فاعله (٣) ، كـ : زهو وجنون.
وقيد الأصالة مخرج لاسم المصدر ؛ فإنّ دلالته على الحدث إنّما هي
__________________
(١) شرح عمدة الحافظ وعدّة اللافط ، ابن مالك ، تحقيق عدنان عبد الرحمن الدوري : ٦٨٩ ـ ٦٩٠.
(٢) تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد ، ابن مالك ، تحقيق محمّـد كامل بركات : ٨٧.
(٣) شرح التسهيل ، ابن مالك ، تحقيق محمّـد عبـد القادر عطا وطارق فتحي السـيّد ٢ / ١٠٧.
بالاستعمال ، أو بإقامته مقام المصدر في بعض المواضع (١)» (٢).
وكان الأوْلى : الاقتصار في صياغة هذا الحدّ على القول : (المصدر : هو الاسم الدالّ بالأصالة على حَدَث) ، بدلاً من استعمال كلمة (معنى) ثمّ تفسيرها بعد ذلك بالحَدَث ، وبحذف عبارة : (قائم بفاعل ... إلى آخره) ؛ لأنّها ليست من ذاتيّات المعرَّف ، ويمكن ذكرها في شرح التعريف ، ففي هذا الصنيع مراعاة للاختصار المطلوب في الحدود.
__________________
(١) نحو : اغتسلتُ غُسلاً ، وتوضّأتُ وضوءاً.
(٢) شرح الحدود النحوية ، جمال الدين الفاكهي ، تحقيق محمّـد الطيّب الإبراهيم : ١٣٩ ـ ١٤٠.
ثلاثة وخمسـون ـ مصطلح اسم المصدر
ورد مصطلح (اسم المصدر) في كتاب سيبويه (ت ١٨٠ هـ) مع التمثيل له ببعض مصاديقه ، وهو : ما عُدِل به عن اللفظ الدالّ على الحَدَث وجُعل علم جنس عليه ، وذلك في قوله :
«وممّا جاء اسماً للمصدر : قول الشاعر النابغة :
|
إنّا اقتسمنا خُطّتينا بيننا |
|
فحملتُ بَرَّةَ واحتملتَ فَجارِ |
فـ(فَجارِ) معدولٌ عن (الفَجْرَة).
وقال الشاعر :
|
فقالَ امكثي حتّى يسارِ لعلّنا |
|
نحجُّ معاً ، قالت : أعاماً وقابلَه |
فهي معدولة عن (المَيْسَرة)» (١).
فالكلمات : برَّةَ وفَجارِ ويَسارِ ، رغم اشتراكها مع المصدر في الدلالة على الحَدَث ، إلاّ أنّها لا تسمّى : مصادر ، بل تسمّى : أسماء مصادر ؛ لأنّ كلاّ منها أصبح عَلَمَ جنس على معنىً خاص ، فـ(برَّةَ) علم جنس على (البِرّ) ، و (فجارِ) علم جنس على (الفَجْرة) بمعنى (الفُجور) ، و (يسارِ) علم جنس على (الميسَرة) بمعنى (اليُسر).
وذكر ابن الحاجب (ت ٦٤٦ هـ) : أنّ اسم المصدر يستعمل لدى النحاة في شيئين :
أوّلهما : اسم المعنى (٢) الذي ليس له فعل يجري عليه ، أي : ليس له
__________________
(١) الكتاب ، سيبويه ، تحقيق عبـد السلام هارون ٣ / ٢٧٤ ـ ٢٧٥.
(٢) يريد بالمعنى : الحَدَث ، كـ : الضرب والقتل.
فعل مشتقّ منه.
وثانيهما : اسم الآلة التي يستعمل بها الفعل ، ويريد بالفعل : الحَدَث.
وهذا ما يستفاد من قوله :
«الفرق بين قول النحويين : مصدر واسم مصدر ، أنّ (مصدر) هو الذي له فعل يجري عليه ، كالانطلاق في انطلق ، واسم المصدر هو اسم لمعنىً وليس له فعل يجري عليه ، كالقهقرى ، فإنّه نوع من الرجوع ، ولا فعل له يجري عليه من لفظه.
وقد يقولون : مَصْدَرٌ واسم مصدر في الشيئين المتقاربين لفظاً ، وأحدهما للفعل (١) والآخر للآلة التي يستعمل بها الفعل ، كالطُهور والطَهور ، والأكْل والأُكُل ، فالطُهور : المصدر ، والطَهور : اسم ما يتطهّر به ، والأكْل : المصدر ، والأُكُل : ما يؤكل» (٢).
وعرّفه ابن مالك (ت ٦٧٢ هـ) في شرح عمدة الحافظ بقوله :
«اسم المصدر هو : ما وافق في المعنى مصدر [الفعل] غير الثلاثي ، وفي الوزن مصدر الثلاثي ، كغُسل وقبلة وعَون ، فإنّها أسماء مصادر ، لأنّها وافقت في الوزن الشكر والقدرة والصوْنَ ، لكنّ هذه مصادر ؛ لأنّ أفعالها : اغتسل وقبّل وأعان ، ومصادرها : اغتسال وتقبيل وإعانة» (٣).
وهذا في الواقع تعريف لأحد مصاديق اسم المصدر.
وذكر في التسهيل : «ويعمل عمله (٤) اسمه غيرُ العَلَم ، وهو ما دلّ
__________________
(١) أي : للحَدَث.
(٢) الأمالي النحوية ، ابن الحاجب ، تحقيق هادي حسن حمودي ٤ / ١٢٦.
(٣) شرح عمدة الحافظ وعدّة اللافظ ، ابن مالك ، تحقيق عدنان عبد الرحمن الدوري : ١٨٩ ـ ١٩٠.
(٤) أي : ويعمل عمل المصدر.
على معناه ، وخالفه بخلوّه ـ لفظاً وتقديراً دون عِوَض ـ من بعض ما في فعله» (١).
وقال في شرحه : ونبّهتُ بقولي : (ويعمل عمله اسمه غير العلم) على أنّ من الأسماء ما يسمّى (اسم مصدر) ، وأنّه على ضربين : عَلَمٌ وغيرُ عَلَم ، فالعَلَم : ما دلّ على معنى المصدر ، دلالة مُغنية عن الألف ؛ لتضمّن الإشارة الإشارة إلى حقيقة ، كقول الشاعر : (فقلتُ امكثي حتّى يَسارِ) ... وكـ : بَرَّةَ وفجارِ ... فهذه وأمثالها لا تعمل عمل الفعل ؛ لأنّها خالفت المصادر الأصلية بكونها لا يقصد بها الشياع ولا تضاف ولا تقبل الألف واللام ولا توصف ، ولا تقع موقع الفعل ، ولا موقع ما يوصل بالفعل ...
والثاني من ضربيْ اسم المصدر هو : ما ساواه في المعنى والشياع وقبول الألف واللام والإضافة والوقوع موقع الفعل أو موقع ما يوصل بالفعل ، وخالفه بخلوّه لفظاً وتقديراً دون عوض من بعض ما في الفعل ، كـ : وضوء وغسل ؛ فإنّهما مساويان للتوضّؤ والاغتسال في المعنى والشياع وجميع ما نفي عن العَلَم ، وخالفاه بخلوّهما (٢) دون عوض من بعض ما في فعليهما ، وهما : توضّأ واغتسل ، وحقّ المصدر أن يتضمّن حروف الفعل بمساواة ، كقولك : توضّأ توضّؤاً ، أو بزيادة عليه ، كأعْلَمَ إعلاماً ، ودحرجَ دحرجةً.
وقلت : (لفظاً وتقديراً) احترازاً من [نحو] فعال مصدر فاعَلَ ، كقتال ؛ فإنّه مصدر مع خلوّه من المدّة الفاصلة بين فاء فعلهِ وعينه ؛ لأنّها
__________________
(١) تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد ، ابن مالك ، تحقيق محمّـد كامل بركات : ١٤٢ ـ ١٤٣.
(٢) في المصـدر : وخالفه بخلوّه.
حُذفت لفظاً ، واكتُفي بتقديرها بعد الكسرة ، وقد تثبت فيقال : قيتال ، وقلت : (دون عوض) احترازاً من عِدَهِ ؛ فإنّه مصدر وَعَدَ ، مع خلوّه من الواو ؛ لأنّ التاء في آخره عوض منها ، فكأنّها باقية» (١).
وقال الرضي (ت ٦٨٦ هـ) في التعريف باسم المصدر : «هو شيئان : ما دلّ على معنى المصدر ، مزيداً في أوّله ميمٌ كالمقتل والمستخرج ، الثاني : اسم العين مستعملا بمعنى المصدر ، كقوله :
|
أكفراً بعدَ ردِّ الموتِ عنّي |
|
وبعدَ عطائكَ المئة الرِتاعا |
أي : إعطائك ، والعطاءُ في الأصل اسم لما يُعطى» (٢).
وقال ابن الناظم (ت ٦٨٦ هـ) في التعريف باسم المصدر : «اعلم أنّ اسم المعنى الصادر عن الفاعل كالضرب ، أو القائم بذاته كالعلم ، ينقسم إلى مصدر واسم مصدر ، فإن كان أوّله ميمٌ مزيدة لغير مفاعلة كالمضربة والمحمدة ، أو كان لغير ثلاثي بوزن الثلاثي كالوضوء والغُسل فهو اسم المصدر ، وإلاّ فهو المصدر» (٣).
وتابعه على هذا : المكودي (ت ٨٠٧ هـ) في شرحه للألفية (٤).
وعرّفه ابن هشام (ت ٧٦١ هـ) في شرح شذور الذهب ، بأنّه : «اسم دالّ على الحدث لكنّه لا يجري على الفعل» (٥) ، ثمّ قال : «وهو يطلق على
__________________
(١) شرح التسهيل ، ابن مالك ، تحقيق محمّـد عبـد القادر عطا وطارق فتحي السـيّد ٢ / ٤٤٨ ـ ٤٤٩.
(٢) شرح الرضي على الكافية ، تحقيق يوسف حسن عمر ٣ / ٤١٢.
(٣) شرح ألفية ابن مالك ، بدر الدين ابن الناظم : ١٦٠.
(٤) شرح ألفية ابن مالك ، عبـد الرحمن المكودي ، ضبط وتخريج إبراهيم شمس الدين : ١٦٢.
(٥) شرح شذور الذهب ، ابن هشام ، تحقيق محمّـد محيي الدين عبد الحميد : ٣٨٢.
ثلاثة أُمور :
أحدها : ما يعملُ اتّفاقاً (١) ، وهو : ما بُدئ بميم زائدة لغير المفاعلة ، المضرب والمقتل ؛ وذلك لأّنه مصدر في الحقيقة ، ويسمّى المصدر الميمي ، وإنّما سمّوه أحياناً : اسم مصدر ؛ تجوّزاً ...
والثاني : ما لا يعمل اتّفاقاً ، وهو : ما كان من أسماء الأحداث علَماً ، كـ(سُبحانَ) علماً للتسبيح ، و (فجارِ) و (حمادِ) عَلَمين للفجرة والمحـمدة.
والثالث : ما اختلف في إعماله ، وهو : ما كان اسماً لغير الحدث فاستعمل له ، كـ(الكلام) ؛ فإنّه في الأصل اسم للملفوظ به من الكلمات ، ثمّ نقل إلى معنى التكليم» (٢).
وواضح من كلامه هنا : أنّه يعدُّ ما بدئ بميم زائدة لغير المفاعلة مصدراً حقيقةً لا اسم مصدر ، لكنّه في شرحه ألفية ابن مالك خالف ذلك وعدّه اسم مصدر ؛ إذ قال : «الاسم الدالّ على مجرّد الحدث ، إن كان عَلَماً كـ (فَجارِ وحمادِ) ، للفجرة والمحمدةِ ، أو مبدوءاً بميم زائدة لغير المفاعلة كـ (مضرب ومقتل) ، أو متجاوزاً فعله الثلاثة وهو بزنة اسم حدث الثلاثي ... فهو اسم مصـدر» (٣).
وتابعه على ذلك : الأزهري (ت ٩٠٥ هـ) في شرح التصريح (٤).
وقال ابن عقيل (ت ٧٩٦ هـ) والأشموني (ت ٩٠٠ هـ) في تعريفه :
__________________
(١) أي : يعمل عمل الفعل بالاتّفاق.
(٢) شرح شذور الذهب ، ابن هشام ، تحقيق محمّـد محيي الدين عبد الحميد : ٤١٠ ـ ٤١٢.
(٣) أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك ، ابن هشام ، تحقيق محمّـد محيي الدين عبـد الحميد ٢ / ٢٤٠ ـ ٢٤١.
(٤) شرح التصريح على التوضيح ، خالد الأزهري ٢ / ٦١ ـ ٦٢.
«اسم المصدر : ما ساوى المصدر في الدلالة [على معناه] ، وخالفه بخلوّه ـ لفظاً وتقديراً ـ من بعض ما في فعله دون تعويض» (١).
وهما تابعان في ذلك لما ذكره ابن مالك في تعريف الضرب الثاني من ضربيْ اسم المصدر.
وعرّفه السيوطي (ت ٩١١ هـ) بأنّه : «الاسم الدالّ على الحدث غير الجاري على الفعل» (٢) ، أي : أنّه لا يصلح مصدراً لاشتقاق الفعل المذكور معه ، نحو : اغتسل غُسْلا ؛ فإنّ (غُسْلا) ليس مصدراً لاشتقاق الفعل (اغتسلَ) وإنّما مصدره الاغتسال.
وقال الفاكهي (ت ٩٧٢ هـ) في تعريفه : «هو : ما ساوى المصدر في الدلالة [على الحَدَث] ، وخالفه بعَلَميّة ، أو بخلوّه لفظاً وتقديراً دون عوض من بعض ما في فعله» (٣).
وهو في هذا تابع لما ذكره ابن مالك في التسهيل.
ولعلّ التعريف الجامع لمعظم أفراد اسم المصدر في اصطلاح النحاة أن يقال : ما دلّ على الحدث ، ولا يشتقّ منه فعله ، وهذا يشمل :
١ ـ ما ليس له فعل يشتقّ من لفظه ؛ نحو : (القهقرى) لنوع من الرجوع.
__________________
(١) أ ـ شرح ألفية ابن مالك ، ابن عقيل ، تحقيق محمّـد محيي الدين عبـد الحميد ٢ / ٩٨.
ب ـ شرح الأشموني على الألفية ، تحقيق حسن حمد ٢ / ٢٠٤.
(٢) البهجة المرضية في شرح الألفية ، جلال الدين السيوطي ، تعليق مصطفى الدشتي ٢ / ٢.
(٣) شرح الحدود النحوية ، جمال الدين الفاكهي ، تحقيق محمّـد الطيّب الإبراهيم : ١٤٠ ـ ١٤١.
٢ ـ عَلَمُ الجنسِ على حَدَث خاصّ ؛ كـ : فَجارِ وحمادِ.
٣ ـ المدوء بميم زائدة لغير المفاعلة ؛ كمضرب ومقتل.
٤ ـ ما تجاوز فعله الثلاث وهو بوزن اسم حَدَث الثلاثي ؛ نحو : غُسل ووضوء.
٥ ـ ما كان اسماً لغير الحَدَث ، فاستعمل له ، كـ : الكلام والعطاء ؛ فإنّ الأوّل في الأصل اسم للملفوظ به من الكلمات ، والثاني اسم لما يُعطى.
بقيت نقطة تجدر الإشارة إليها في ختام البحث ، وهي : أنّ النحاة مع اتّفاقهم على عدم الفرق بين دلالة المصدر واسمه على الحَدَث ، إلاّ أنّهم اختلفوا في تحديد نحو هذه الدلالة على قولين :
ذهب بعض إلى أنّ كلاّ منهما يدلّ على الحدث المجرّد مباشرة من غير واسطة ..
وذهب آخر إلى التفريق بينهما بالقول : إنّ اسم المصدر يدلّ مباشرة على لفظ المصدر ، لا على الحدث المجرّد ، وإنّ دلالته على لفظ المصدر تستتبع دلالته على معنى المصدر (الحَدَث) ، فتكون دلالته على الحدث غير مباشرة ، وإنّما تحصل بتوسّـط دلالته على لفظ المصـدر.
ومن الذاهبين إلى ذلك : الشيخ خالد الأزهري ؛ فقد قال : «ومدلولهما مختلف ؛ فمدلول المصدر : الحدث ، ومدلول اسم المصدر : لفظ المصدر الدالّ على الحَدَث ، فدلالة اسم المصدر على الحدث إنّما هي بواسطة دلالته على المصـدر» (١).
__________________
(١)
من ذخائر التّراث
مقـدّمة التحقيـق
بسـم الله الرحمن الرحيـم
الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على سيّد خلقه وخاتم رسله محمّـد وعلى آله الطيّبين الطاهرين ، واللعن على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.
لما رأى في صدر المتألّهين الرجل العظيم ، والفيلسوف القدير ، صاحب النظريّات الجديدة والآراء الحديثة ، انبرى للدفاع عنه واضعاً نفسه موضع المستشكل متصدياً للاجابة عن الاشكالات المطروحة ، مستوحياً إيّاها من مبانيه الفلسفية ، ربّما أنّها تُعدّ من الأبحاث المعقّدة والجافة. فحاول عرضها بشكل حوار بين السائل والمجيب ، ثمّ بدا له أن يصوّر لقاءه به على شكل حلم ، لكن ليس من أحلام المنام بل من أحلام اليقظة.
فكان المحاور والمدافع والمحتلم يقظة هو : العلاّمة المحقّق الشيخ محمّـد رضا المظفّر. فالحوار حول نظريّتين.
١ ـ نظريّة اتحاد العلم والعالم والمعلوم. والحركة الجوهرية.
٢ ـ نظريته في العلّة والمعلول ، وما هو مناط الحاجة إلى العلّة.
ولمّا اختلفت النظريّات ، وتباينت الآراء لدى علماء الطائفة في الفلسفة بين مدافع من جهة ومحارب من جهة اُخرى ارتئيت أن أضع هذه
المقالة بين يدي القاريء الكريم مع التحفّظ عن تبنّي موقف معيّن ، تاركاً هذا الأمر لكلٍّ على حسب قناعاته وآرائه ، مع أنّي أكنّ خالص احترامي وتقديري لكلٍّ من الرأي والرأي الآخر ، ما لم يخرج كلٌّ منهما عن الحدود المرسومة لآداب البحث والنقاش والمناظرة ، فتكون هذه المقالة معبّرة عن رأي الملاّ صدر المتألّهين والشيخ المظفّر «(رحمهما الله)».
نبذة من حياة صدر المتألّهين :
هو : المولى صدر الدين بن ابراهيم بن يحيى القوامي الشيرازي.
ولد في شيراز ـ ولم يعلم سنة ولادته ـ من والد صالح اسمه ابراهيم بن يحيى القوامي ، وقيل : كان أحد وزراء دولة فارس فتربّى على والده ثمّ وجهّه إلى طلب العلم ، ولمّا توفّي والده رحل لتكميل معارفه إلى أصفهان يومئذ في عهد الصفوية ، وأوّل حضوره كان على الشيخ البهائي (رحمهالله) (٩٥٣ ـ ١٠٣١ هـ) ومن ولعه في طلب العلم أنفق كلّ ما خلّفه والده من المال في تحصيله ، فانقطع إلى درس فيلسوف عصره السيّد المير الداماد محمّـد باقر المتوفّى (١٠٤٠ هـ).
وقد استنتج الشيخ المظفّر أنّ المترجم مرّ بثلاث مراحل رئيسية في نشأته العلمية.
١ ـ دور التلمّذ ، والبحث ، وتتبع آراء المتكلمين والفلاسفة ومناقشتهم ...
٢ ـ دور العزلة والانقطاع إلى العبادة في بعض الجبال النائية ، وقيل : إنّها (كهك) من قرى قم فاستمرّت هذه العزلة خمسة عشر عاماً.
٣ ـ وهي : دور التأليف ، إذ ألهمه الله تعالى الإفاضة ممّا شربه في المرحلة الثانية.
وأمّا مدرسته العلمية الجديدة :
إنّ فيلسوفنا يرى أنّ المعرفة تحصل من طريقين : طريق البحث والتعلّم والتعليم الذي يستند على الأقيسة والمقدمات المنطقية ، وطريق العلم اللّدنّي الذي يحصل من طريق الإلهام والكشف والحدس.
وهذا الأخير إنّما يحصل بسبب تجريد النفس عن شهواتها ولذائذها ، والتخلّص من أدران الدنيا وأوساخها ؛ فتنجلي مرآتها الصقيلة.
ويرى الفرق بين العلمين كالفرق بين علم من يعلم الحلاوة بالوصف وبين علم من يعلمها بالذوق ، وأنّ الثاني أقوى وأحكم ، ولا يمتنع وقوعه ، بل هو واقع فعلاً للأنبياء ، والأوصياء ، والأولياء ، والعرفاء.
وأمّا منهجه العلمي في التأليف : فيبتني في كلّ ما ألّف على حصر العلوم الحقيقية والمعارف اليقينيّة ، في العلم بالله وبصفاته وملكه وملكوته والعلم باليوم الآخر ومنازله ومقاماته ، لأنّه يجد أنّ الغاية المطلوبة هي تعليم ارتقاء الإنسان من حضيض النقص إلى أوج الكمال ، وبيان كيفية سفره إلى الله تعالى.
وأمّا مؤلّفاته فكثيرة فقد جاوزت الثلاثين أبرزها الأسفار أو الحكمة المتعالية.
وفاته : توفّي سنة ١٠٥٠ هـ في البصرة في طريقه للحجّ للمرّة السابعة أو بعد رجوعه ، وأكبر الظن أنه تجاوز السبعين أو ناهزها ، فيكون تولّده في الربع الأخير من القرن العاشر الهجري.
هذا ما اختصرته من حياته بقلم الشيخ محمّـد رضا المظفّر (رحمهالله) في مقدّمة الأسفار.
نبذة من حياة الشيخ المظفّر (رحمهالله) (١)
هو الشيخ محمّـد رضا بن محمّـد بن عبدالله بن محمّـد المظفّر ، كان
__________________
فقيهاً مجتهداً كاتباً مجدّداً شاعراً مجيداً.
ولد في النجف الأشرف سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة وألف.
وطوى بعض المراحل الدراسية متتلمذاً على : محمّـد طه بن نصر الله الحويزي ، ومرتضى بن علي الطالقاني ، وحضر الأبحاث العالية فقهاً وأصولاً على مشاهير المجتهدين كمحمّـد حسين النائيني ، وضياء الدين العراقي ، وأخيه محمّـد حسن المظفّر ، وتلقّى الحكمة والفلسفة عن محمّـد حسين الأصفهاني الكمباني ، وانتفع به كثيراً.
وحاز ملكة الاجتهاد ، وتضلّع من العلوم الاسلامية ، ونال قسطاً وافراً من البراعة في الأدب والكتابة ، وعرّفته الأندية الأدبية شاعراً له وزنه بين أخدانه.
وكان في طليعة العلماء المجدّدين الذين سعوا إلى إصلاح نظام الدراسة الدينية ، وتطوير المناهج بما ينسجم ومتطلّبات العصر ، وإصلاح المنبر الحسيني ، وتعميم الثقافة الاسلامية ، وتطوير أساليب التبليغ والتوجيه والارشاد.
أسّس جمعية منتدى النشر عام (١٣٥٤ هـ) ، وكلّية منتدى النشر عام (١٣٦٢ هـ) ثمّ كلّية الفقه عام (١٣٧٦ هـ) اللتين انبثقتا من الجمعية المذكورة ، وتولى أمانة سرّ الجمعية في أوّل الأمر ثم رئاستها ، وعمادة الكلّيّتين المذكورتين آنفاً.
وحضر عدّة مؤتمرات إسلامية ، مثل مؤتمر باكستان المنعقد سنة (١٣٧٦ هـ) ، ومؤتمر جامعة القرويّين بمراكش سنة (١٣٧٩ هـ).
وانضمّ إلى حركة (جماعة العلماء) التي شكّلت في النجف عام (١٣٧٩ هـ) لتوعية الاُمّة ، ومواجهة الغزو الثقافي والتيّارات الإلحادية
الوافدة.
ووضع مؤلّفات قيّمة ، منها : أُصول الفقه ، حاشية خيارات المكاسب ، المنطق ، السقيفة ، عقائد الامامية ، فلسفة ابن سينا ... نقد بعض آرائه ، وأحلام اليقظة بسط فيه حياة الفيلسوف صدر الدين الشيرازي.
توفّي ليلة (١٦) من شهر رمضان سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة وألف.
المقالة ونسبتها :
قال الشيخ المظفّر في مقدّمة الأسفار في حياة الملاّ صدرا : وقبل «إثنا عشر عاماً وضعت محاضرات رمزية في عرض فلسفته ، تخيّلته فيها كأنّه يحدثني في الأحلام ولكن من طريق مؤلّفاته : فتألّفت منها رسالة سمّيتها (أحلام اليقظة) نشر أكثرها في المجلاّت السيّارة».
أقول : وهذا الذي بين أيدينا بعض من هذه الأحلام تمّ العثور عليه في مجلّة العرفان العاملية ، صدرت في المجلّد ٣٣ فكان الحلم الأوّل من ص ٦٧ ـ ٧١ والحلم الثاني من ص ٧٣٩ ـ ٧٤٤ مختومة باسمه (رحمهالله) ، فما ذكره في مقدّمة الاسفار كاف للدلالة على نسبتها له ، مضافاً إلى ذكر من ترجم له.
وأخيراً أقدّم شكري الجزيل للأخ الفاضل الشيخ عبد الرحمان الربيعي لما قدّمه من مساعدة مشكورة.
فلله درّه وعليه أجره.
|
|
وكتب هادي القبيسي العاملي حامداً مصلّياً قم ـ ١٤٢٦ هـ |
[الحلم الأوّل]
لا تركن إلى أقاويل الفلسفة وأهل الكلام
غفوت ، وإذا بي أتمثّل ـ في خيالي شيخاً فوق المربوع ، وشبحاً ممشوقاً ليس بالنحيف ، ذا عمّة بيضاء ناصعة لا تظهر عليه العناية ، على رأس أصلع ليس بالكبير النابي ، وينفتح قليلاً حول جبهته في موضعي النزعتين ، ويعلو جبيناً أبلج ، كأنّ السنين والجهود لم تؤثّر فيه تجعيداً إلاّ ما يبيّن من موضع السجود الذي يطلّ على عينين واسعتين ، تبدو عليهما آثار العناية الإلهية في جمالهما وتوقّدهما ذكاءً وفطنة ، لولا أنّ لحظاتهما تبدو كأنّها لا تثبت على مواجهة المرئيات أمامها ، وبينهما ينساب العرنين رفيقاً حيث يميل إلى النتوء ، وقد حُفّ بخدّين أسيلين وعارضين خفيفين ويستقبله فم مفلَّج يشفّ عن ابتسامة حلوة وصحة ضاحكة ونفس مطمئنة. ثمّ تنحدر لحيته وهي بين البياض والسواد لتؤلّف مع الوجه شبه مخروط قاحدته الجبين.
فتقدّمت وقد جذبتني إليه جذبة الحبّ الهائم ، فانقدح في خاطري أنّه (المولى صدر الدين الشيرازي). وكأنّي أعرفه بشخصه ، وكأنّ من عادتي الجلوس إليه لاستماع دروسه ، إلاّ أنّه نفر منّي وأنكر عرفاني إنكار مستوحش في الناس ، فقلت له : ألستُ تلميذك منذ سنوات ، وقد تلقّيت منك بعض المعارف؟! فقال بنفور وقد تجهّم وجهه : لا أعهدك تلميذاً ، ولا أثبتك معرفة!
أمّا أنا فقد صدمتني هذه المجابهة صدمة قويّة جعلتني أفزع إلى أغوار نفسي لأستنجد بخيالي. وهنا تذكّرت أنّي في حلم من الخيال ، وأين منّي زمانه ، وقد توفّي عام ١٠٥٠ هـ وأنا الآن في عام ١٣٦٥ هـ.
ولكنّي سرّيت عن نفسي ، فحدّثتها أنّي اتصلت بأفكاره عن طريق كتبه ، فلا بدّ أنّ روحه السابحة في فضاء القدرة الالهية عرّفتني حقّ العرفان ...
وساءلتُ نفسي لماذا هذا التنكّر عليَّ إذاً ، أكنت أسأت فيمن أساء إليه؟
ـ لا.
ـ ألأنّي لم أحسن فهم كلامه ومغازي إفاداته في كتبه؟ أم ماذا؟
ـ إذاً فلأخاصمه على طريقته الفلسفية ، لافتح معه باب البحث في هذا الطريق.
فقلت في خطابه : يا حضرة المولى! إنّي اتّصلت بروحك بواسطة بعض مؤلّفاتك ، كالأسفار التي أفضت بمجلّداتها الأربع الكبيرة إلى الناس ، فأفرغت فيها نفسك ، وسافرت (٢) أنت من الخلق إلى الحقّ ، ثمّ بالحقّ في الحقّ ، ثمّ من الحقّ إلى الخلق بالحقّ ، ثمّ بالحقّ في الخلق (٣) ، والسفر ليس
__________________
(١) انظر موسوعة طبقات الفقهاء ٢١٤ ص ٧١٠.
(٢) اشارة إلى الأسفار الأربعة التي بنى الملاّ صدرا كتابه عليها ، الأسفار ١/١٣.
(٣) وقد بيّنها السبزواري في تعليقته على هذه العبارات قائلاً : السفر الأوّل : ... برفع الحجب الظلمانية والنورية التي بين السالك وبين حقيقته التي هي معه أزلاً وأبداً.
السفر الثاني ، وهو السفر بالحقّ في الحقّ ، وإنّما يكون بالحقّ لأنّه صار وليّاً وجوده وجوداً حقّانياً ، فيأخذ في السلوك من موقف الذات إلى الكمالات واحداً
عندكم إلا سير النفس وتوجّه القلب ، وقد سافرت أنا بتوجّه قلبي إليك على متن أسفارك.
هو ـ كيف؟ هذا كلام غير مفهوم. وليس من أسفارنا ـ نحن معاشر أهل الله ـ السفر من الخلق إلى الخلق.
أنا ـ ليكن ليس من أسفاركم على ما تصطلحون! ولكنّه على كلّ حال سفر للنفس وتوجّه القلب نحوك.
هو ـ أعوذ بالله ممّا تصفون. إنّ هذا هو الشرك بعينه ، أن يتوجّه إنسان بقلبه لغير الله وليست أسفارنا اصطلاحات خالية من الحقيقة (١).
أنا ـ وقد جفّ ماء فمي ـ أمهلني دقيقة واحدة حتّى أجمع نفسي للجواب؟
هو ـ أمهلتك ألف سنة ممّا تعدّون (٢).
__________________
بعد واحد.
السفر الثالث : ويسلك من هذا الموقف في مراتب الأفعال ويزول نحوه ويحصل له الصحو التامّ.
السفر الرابع : فيشاهد الخلائق وآثارها ولوازمها ، فيعلم مضارّها ومنافعها في الدنيا والآخرة. الأسفار ١/ هامش ص ١٣.
(١) بيان أنّ هناك سفران :
١ ـ سفر أنفسي وهو ما كان في داخل النفس الإنسانية وقد أشارت إليه بعض الأحاديث «من عرف نفسه فقد عرف ربّه».
٢ ـ سفر الآفاق وهو ما كان خارج حيطة النفس وهو السفر في ملكوت السماوات والأرض ، أنظر قوله تعالى في سورة فصلت : ٥٣ (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الأفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ).
(٢) إشارة إلى أنّ صدر المتألّهين يعيش عالم البرزخ الذي انعدم فيه الزمان والمكان حيث فناء المادّة وبقاء الروح ، فيكون كلامه صحيحاً بحساب البرزخ ، وإن كان خطابه لما في عالم المادة.
أنا ـ «بعد التفكّر» ـ أنت طريقي إلى الله ، لأنّي درست أفكارك وأراءك. فتوجّهي إليك توجّه إلى الله بك (١). فهو سفر من الخلق إلى الحقّ.
هو ـ تخلّص حسن ونظرة دقيقة ، لو أنّ نفسي من وسائط وجود نفسك أو أنّ نفسي تجلّت لنفسك ، متعارفاً. ولكن كلّ منهما لم يكن.
أنا ـ هذا الوجه الأخير هو الذي أريد أن أتوصّل إليه فنبّهني ، أليس الكتاب وجود ظلّي لوجود الكاتب ؛ لأنّه من رَشَحاته بل من تجلّياته وتنزّلاته وشؤونه؟ فنفسك ـ إذاً ـ موجودة في كتبك بوجود معلولها. وقد سافرتُ إليها ، وناجيتُها وناجتني ، فكيف صحّ نكران معرفتي؟ وكيف لم يشاهدني حسُّك الباطن ، وكيف لم تتجلّ نفسك لنفسي؟
هو ـ أتهزل؟
أنا ـ استعيذ بالله من الهزل! وأنا إنّما جئتك للاستفادة ممّا وهبك الله من العلم والفهم ونور البصيرة والمشاهدة ، وكلامي هذا مأخوذ من فلسفتك في الوجود والعلّة والمعلول.
هو ـ يا سبحان الله! مثل هذا الكلام والوهم هو الذي كان يضايقني من الناس ، فكنت أفرّ منهم ما استطعت. وكلّما جاهدت أن أوضّح مقصدي بالبيان المبسّط والدليل المقنع أراهم لا يزيدون إلا تبلّداً ، وللواضحات إلاّ جحوداً. وكأنّك من هذه الفصيلة؟ إليك عنّي!
أنا ـ ألستَ قد نصبتَ في مؤلّفاتك هادياً للناس ، ومرشداً لمن كان
__________________
(١) إنّ الذي يليق لأن يكون طريقاً إلى الله هو المعصوم والامام المفترض الطاعة وليس كلّ خلق ، إلاّ أن يقصد المتكلّم أنّ المؤمن يكون طريقاً لأهل البيت عليهمالسلام وهم طريق إلى الله ، ألاّ أن تحمل على مقولة «أنّ الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق» البحار ٦٤/١٣٧ وهو يحتاج إلى بيان وتوضيح وتوثيق.
ضالّته الحكمة! وأملي أن أكون من طلاّب الحقيقة ، فأفض عليّ ممّا آتاك الله ، وأوضح لي هذا التوهّم ، إذا كان!
هو ـ أنت في محاولتك هذه تستدرجني لترجع بي إلى الدنيا وغواشيها بعد أن منّ الله تعالى عليّ فأدخلني في عالم البرزخ «عالم الصور الإدراكية الحسّية المجرّدة عن المادة» ، وانقطعت علائق نفسي بالدنيا ، وقويت قوّتها وتأكّدت فعليّتها (١) ، وأصبحت مصروفة الهمّة إلى فعل التخيّل والتصوّر ، وغير مرتهنة بما يزعجها ويؤذيها وما يمنعها من الرجوع إلى ذاتها ولها عالم خاص من نفسها فيه كلّ ما تريده وتشتهيه ، وأصبحت متمكّنة من الصعود إلى مرتبة المقرّبين وترى الأشياء «بعين اليقين».
فلست بحاجة ـ اليوم ـ وأنا في عالم الشهادة إلى الأدلّة والبراهين ، ولا إلى الخصومة واللجاج. فاتركني من أوهام أهل الدنيا ونقاشها ، وقد تركت لكم كتباً مبسّطة فيها الغنى لمستزيد ، وخلِّني منشرح الصدر مبتهجاً بما أوتيت من اليقين بما لم تسمع به أذن ولم تره عين.
أنا ـ إنّ النفس ـ على ما قرّرتَ في فلسفتك ـ لسعة وجودها ووفور نورها في هذا العالم العلوي ، فذاتها تتطوّر بالشؤون والأطوار ، وتتنزّل إلى منازل القوى والأعضاء. فكما أنّ لها الصعود إلى مرتبة العقل الفعّال (٢). فلها النزول إلى مرتبة الحواس والآلات الطبيعية في آن واحد ، من غير مشقّة وكلفة ... فما كان عليك لو نزلت فجاريتني في النقاش ، كما تنزّلت في
__________________
(١) النفس الانسانية في عالم الدنيا والمادّة تنشغل بالجسد والبدن ، وبعد انفصالها عنه تتفرّغ لشؤوناتها فتقوى قوّتها وتتأكّد فعليّتها.
(٢) يقسّم العقل النظري إلى أربع مراتب العقل الهيولائي ، العقل بالملكة ، العقل الفعّال ، العقل المستفاد.
خطابي ومشافهتي ، لتكشف سرّ تلك المغالطة التي قلت عنها في كلامي!
ولئن لم يزدك ذلك مالاً ولا استعداداً لكمال ، فإنّ نفسي لمّا استعدّت لتلقّي نور العلم وفيض المعرفة بتجرّدها بهذا الحلم عن الحوائل المادّية والموانع العنصرية والحواجز الحسّية ، فإنّها تطلب منك بلسان أستعدادها ألاّ تبخل عليّ من فيض قدسك ، وليس لك أن تبخل وحاشاك!
هو ـ أحسنت إنّك عن صبوح ترفق وإلى مسلك دقيق تشير ، هذا ما أحكمنا بنيانه في فلسفتنا ، وإن كنت قد أخطأت المرمى بعض الشيء. ولكن لنثق أنّ هذا لا يقنعني للدخول معك في المجادلات الكلامية ، والأبحاث البحثية (١) ، فإنّي قد مللت من تتّبع أمثال هذه السخافات والأوهام فيما ألّفت لمّا كنتُ في عالمكم الدنيوي ، وأضعت الوقت الكثير بذكر هذه المجازفات وردّها. وكان عذري أن أصحابها كانوا يُعدّون عند الناس من أهل النظر والرأي ، فيتبعونهم على أهوائهم وسفسطاتهم (٢). وأنت الآن تريد أن تعيد عليّ جذعة! لماذا هذا الإزعاج؟
أنا ـ ما كنت أتخيّل أنّ هذا يزعجك! مع أنّ نفسك في رضوان وابتهاج دائم ، وإفاضتك علي من نور علمك هو عين الابتهاج ومحض الرضا ، وصرف الكمال لنفسك أليست هذه فلسفتك؟
هو ـ هذا صحيح لو أنّ نفسي بإنّيّتها وحاقّ ذاتها تتجلّى لك ، فتفيض عليك نورَ العلم ، وتؤثر فيك ، كما توهّمتَ أوّلاً ، وهذا التوهّم سرّ المغالطة
__________________
(١) إشارة إلى العلوم التي تكتسب من خلال البحث والاستقصاء ويقابله العلم الإلهامي واللدنّي الذي يأتي دفعة واحدة. لأنّ من يخرج من عالم المادّة يدخل في عالم الحقائق والوقائع فلا يتنزّل إلى عالم المادّة مرّة اُخرى.
(٢) المسمّى بعلم المغالطة.
عندك (١). ولكن لتعلم أن تخيّلك لي وتصوّرك لوجودي هو عين نفسك (٢) ، وتطوّر لوجودها وتقوٍّ لقوّتها ، لأنّه مخلوق لها وفعلها وأثرها ، قال سيّدي أوّل الأئمّة قسيم الجنّة والنّار أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام :
«كلّ ما ميّزتموه بأوهامكم في أدقّ معانية فهو مخلوق لكم مردود عليكم» (٣).
ما أعظم هذه الكلمة لهذا الإمام القدّوسي الربّاني ، والحكيم العظيم الإلهي ، وقد مرّت على مسامع الأجيال المتعاقبة ، فما كان لأحد أن يكون أهلاً لإدراك مغزاها ، أو ليحوم حول مرماها. ولو لم تكن له سواها لكفتني دليلاً على إمامته وعصمته ، وأنّ علمه من لدن حكيم عليم من غير تعليم وتلقين ، فإنّه لو كان من سائر البشر في عصره البعيد كلّ البعد عن المعارف الكونيّة والعلوم الفلسفية ، وهذه الدقائق العلمية العالية ، لما استطاع أن يتوصّل إلى شمّ رائحة هذه النظريّة (٤).
على أنّ هذه الفلسفة لم يتوصّل إليها بشر إلاّ بعد أبحاث ومجادلات ، وحدوث نظريّات وافتراضات في العلم والوجود الذهني ، سوّدت فيها
__________________
(١) هذا اشارة إلى المغالطة التي ذكرها المظفّر ، وهو لسان حال المستشكل وقد قال له فيما سبق : أنّك قادر على التجلّي ، حيث ينفيه الملاّ صدرا.
(٢) هذا إشارة إلى نظرية اتحاد العلم والعالم والمعلوم وهي من ابتكارات الملاّ صدرا وكذا الحركة الجوهرية : وهو أنّ العلم يتذوّت ويتشأّن وتزداد النفس قوّة وسعة وشدّة.
(٣) البحار ٦٦/٢٩٣.
(٤) وهي نظرية اتحاد العلم والعالم والمعلوم ، والحركة الجوهريّة. انظر الأسفار ٣/٣٨١.
الصحف فملأت الطوامير ، ومرّت عليها القرون. واشتركت فيها مئات العلماء العظام. وقد كشفناها في أسفارنا في عدّة مناسبات. ولم يسبقنا إليها إلاّ هذه الكلمة من سيّد الكونين عليه السلام ، وكلمة اُخرى من العارف المحقّق محي الدين بن العربي المتوفّى سنة ٦٣٨ هـ ، ذكرناها في مبحث الوجود الذهني في السَفَر الأوّل (١) ........
وإذا استطعت أن تعرف ما رمينا إليه ، سهّل عليك أن تعرف أنّ تصوراتك الباطلة وتوهّماتك المريضة إنّما هي إنزعاج لنفسك في الحقيقة وآلام لروحك ، ومرض ونقص في وجودك ، وكذلك اعتقاداتك الصحيحة وآراؤك المطابقة للواقع هي تطوّر في وجود نفسك ، وترقٍّ إلى مراقي الأنبياء والأولياء ، وانتقال من مرتبة النقص إلى مرتبة الكمال ، واستعداد للرجوع إلى ذاتك والاتحاد مع العقل الفعّال (٢).
أنا ـ لقد بعدنا ـ أيها المولى ـ عن الهدف في مسألتنا التي طلبتُ كشفها ، وكأنّك تفرّ من توضيح تلك المغالطة التي أشرتَ إليها.
هو ـ لو كنتَ من أهل طريق الكشف واليقين ، وممّن عنّى نفسه بالمجاهدات العقلية والرياضات البدنيّة ، لكنتَ انتفعت بهذه الرموز والإشارات ولا ستغنيت بها عن مجادلات الكلاميّين وأصحاب المباحثة والنظر البحت ، ولعرفتَ كيف حللتُ لك المسألة من أقرب طرقها؟
إني (٣) لأستغفر الله تعالى كثيراً مما ضيّعت أوّل الأمر شطراً من عمري
__________________
(١) مع التحفّظ في اعتقادات هذا الشيخ لتضارب أقواله في كتبه وهناك أدلّة لكلّ من يمدح ويقدح في أرائه الاعتقادية ، والله العالم.
(٢) حيث أنّ الملاّ صدرا يعتقد أنّ النفس إذا اتحدت مع العقل الفعّال يمكن أن تفاض عليها الصور الحقيقية الواقعيّة.
(٣) هنا يُعرّض الملاّ صدرا بمن يدّعي أنّه يعرف الفلسفة وهو بعيد عنها كلّ البعد ،
في تتبّع تلك التدقيقات والمجادلات ، وتعلّم جربزتهم في القول. وأنصح كلّ من يريد أن يسلك مسلك الكرام الإلهيّين ، ويتمثّل له ما ينكشف للعارفين المستصغِرين لعالَم الصور واللذّات المحسَّة ، فينفتح له طريق الحقائق أن يبدأ أوّلاً بتزكية نفسه عن هواها ، فـ (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ، وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا) (١) ، وباستحكام أساس المعرفة والحكمة بالتقوى ليرقَ ذُراها ، وإلاّ كان ممّن (أَتَى الله بُنْيَانَهُم مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ) (٢).
وأنصحه ثانياً ألاّ يشتغل بترّهات عوامّ الصوفيّة من الجهلة ، ولا يركن إلى أقاويل المتفلسفة وأهل الكلام جملة (٣) ، فإنّها فتنة مضلّة ، وجميعها (ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْض ، إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراهَا ، وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ الله لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُور) (٤).
وآخر نصيحتي أن يلقي بزمام أمره إلى الله تعالى وإلى رسوله النذير الأمين ، فكلّ ما بلغه منه آمن به وصدَّقه ، من غير أن يتحيّل فيتخيّل له وجهاً عقليّاً ومسلكاً بحثيّاً. بل يجب أن يقتدي بهديه وينتهي بنهيه ، امتثالاً لقوله تعالى (مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) (٥) حتّى
__________________
ويأسف لمناقشته ومباحثته إيّاهم ، لأنّهم لا يريدون بنقاشهم الوصول إلى الحقيقة ، بل غايتهم تبكيت الخصم وإفحامه ، انظر الاسفار ١ / ١١.
(١) سورة الشمس : ٩.
(٢) سورة النحل : ٢٦.
(٣) إشارة إلى من يريد من هذين العلمين تبكيت الخصم والزامه بحجج واهية لا إحقاق الحق.
(٤) سورة النور : ٤٠.
(٥) سورة الحشر : ٧.
يفتح الله على قلبه ، ويجعل له نوراً يمشي بين يديه.
وبينا أنا في نشوة الابتهاج باستماع هذه النصائح الخالدة (١) ، استيقظت من رقدتي ، ولم أتمكّن من حمله على الدخول في محاورات أهل النظر.
__________________
(١) ومجموع هذه النصائح مستوحات من كتابه الأسفار ١/١٢.
[الحلم الثاني]
فلسفة شيخ الفلاسفة في العلّة على خلاف رأي المتكلّمين
جهدت نفسي هذه المرّة لأستسلم لأحلامي ، بعد ذلك الحلم اللذيذ المزعج في وقت واحد الذي لاقيت فيه العنت مع شيخ الفلاسفة ، وقد امتنع عليّ أن يدخل في المحاورات التي أردتها وإن كان أفاض بكثير ممّا يجب العلم به ، من رأيه في طريقة أهل الكلام وأهل النظر والمتصوّفة ومن نظريّته في خلق النفس لتصوّراتها ، ومن عقيدته في إمامنا علي عليه السلام ، ومن طريقته في الأخذ بظواهر الكتاب والسنّة ونقمته على أهل التأويل.
فهوّمت ، ليتراءى لي صاحبنا صدر المتألّهين ، فرأيته جالساً كأنّه ينتظرني ، ولكن ما جئت إليه إلاّ وظهر لي أنّه لا يزال متنكراً عليّ ، مستوحشاً منّي ، فعظم خطبي ، وكدت أيأس من أن أخفض جناح تصلّبه ، لولا أنّي تذكّرت أنّه الآن في صفوف الملائكة المقرّبين ، والملائكة لسلامة طوياتهم وطهارة نفوسهم قد ينخدعون بحيل الإنسان ، وحذلقة شياطين الإنس.
تحاملت على نفسي ، لأبتدع له اُسلوباً من الحديث أثير به حفيظته فأبلغ ما أريد.
قلت : أيّها المولى : أراك لا تزال تنكرني ، مع أنّي أقمت البرهان على معرفتك لي.
هو
ـ البرهان!؟ أنا
ـ نعم! البرهان. هو
ـ أظنّكم تكتفون
من حظوظكم من العلم
ومن ادّعائكم الفلسفة
، أن تسموا مجازفاتكم
وأوهامكم براهين
وأدلّة ، تتخيّلون
أنّ الحقائق تُنال
بالأسماء ، واليقين
يحصل بالوهم. أنا
ـ رأفةً بنا يا
صدر الفلاسفة!
إنّ هذه لصواعق
محرقة. على أنّي
لا أدري من تقصد
بخطاب الجمع؟ هو
ـ لا تدري من أقصد؟! أنا
ـ إذا أبيت فربّما.
وعلى كلّ حال لا
أحبّ أن تزجّني
في فئة صوّبتَ
لها سهام نقدك
اللاذع ، وقد تعلّقت
بأذيال فلسفتك.
والبرهان الذي
أقمته فيما تقدّم
مأخوذ كما قلتُ
أوّلاً من فلسفتك
في الوجود والعلّة
والمعلول ، وأراك
تتهرّب من الجواب
عنه. وقد يظنّ الظانّ
أنّ ذلك كان عجزاً
، وقد نسيتَ المباحثات
النظرية لمّا شُغلتَ
بمشاهدة الحق بعين
اليقين ، أو كان
هزيمة من الالتزام
بنتيجة البرهان
وأنت تريد ألا
تتعرّف على أحد
، ابتهاجاً بما
عندك (١). هو
ـ الصحيح أن تقول
: ـ وأنت لا تريد
أن تتعرّف على
أحد ـ لأنّ المختار
من إذا شاء فعل
، وإذا لم يشأ لم
يفعل ، لا كما يقوله
المحجوبون عن نور
الحقّ في تعريفه
: إنّه من إذا شاء
فعل ، وإذا شاء
لم يفعل. لأنّ عدم
الفعل لا يكون
بإشاءة وإرادة
، فإنّ الإنسان
حينما يترك العمل
لا يريد الفعل
لا أنّه يريد عدم
الفعل ، إذ أنّ
عدم المعلول ـ
كما برهن عليه
في __________________ (١)
اشارة إلى ما
يمكله من يقين
في عالم
البرزخ والحقيقة.
الفلسفة ـ بعدم العلّة ، ولا يحتاج إلى علّة وجودية (١).
أنا ـ نعم كما تقول! أرجو السماح!
هو ـ إذاً لم أكن قد نسيتُ المباحث النظرية!
أنا ـ مليح [جيّد]! ولكن يبقى ظنّ الاُخرى ، وهي (الهزيمة).
هو ـ (وقد تململ من هذه المضايقة) : أصحيح أنت تعتقد أنّ ما لفقّتَه كان برهاناً منطقياً؟!
أنا ـ قلت : إنّه مأخوذ من فلسفتكم.
هو ـ بلى!
أنا ـ وأنت تقرّر في مؤلّفاتك : أنَّ وجود كلّ معلول طور من أطوار وجود العلّة وشأن من شؤونه (٢) ، بل ليس لحقيقة المعلول هوية مباينة لحقيقة علّته ، ولا يعقله العاقل إلاّ مضافاً ومنسوباً إلى العلّة (٣). فما يقال في
__________________
(١) إشارة على عدم العلّية بين الاعدام وإنّما تكون العلّية بين الوجودات فقط.
(٢) وقع الكلام في أن مناط الاحتياج إلى العلّة هو ما ذهب إليه جمع من المتكلمين إلى أنّ: مناط الاحتياج إلى العلّة هو الحدوث أي أنّه يحتاج إلى العلّة من حيث كونه حادثاً أي أنّ الشيء يحتاج إلى العلّة من حيث لم يكن ثمّ كان، ولازمه أنّ القديم لا يحتاج إلى علّة الحدوث، وذهب المتكلّمون إلى أنّ القدم يساوي الوجوب الذاتي، وأنّ الحدوث يساوي الإمكان الذاتي.
أمّا الفلاسفة فقد جعلوا الإمكان ملاك الإحتياج إلى العلّة، أي أنّ كون الشيء ممكن الوجود هو مناط حاجته إلى العلّة ولا يحتاج الشيء إلى العلّة من حيث هو موجود أو حادث، فتتساوى نسبت ماهيّته إلى الوجود والعدم وهي السبب في احتياجه إلى العلّة، سواء كانت تلك الماهيّة حادثة بعد العدم أو قديمة، وقد تبنّى هذا الرأي ابن سينا ، والخواجة نصير الدّين الطوسي ثمّ ابتكر صدر المتألّهين معنى آخر للإمكان أسماه الإمكان الفقري ومن هنا أعتبر الحكماء العقول المجرّدة من القديم الزماني وكذلك من قال بوجود الأفلاك.
(٣) إشارة إلى نظرية الامكان الفقري وأن مناط الحاجة إلى العلّة هو الاحتياج إليها
النظر الفلسفي البحثي (١) : أنَّ في الوجود علّة ومعلولاً ، فهو في نظر أهل المكاشفة والإشراق يرجع آخر الأمر إلى كون العلّة أمراً حقيقياً والمعلول جهة من جهاته (٢) ، ورجعت علّية الشيء الذي يسمّى علّة وتأثيره في المعلول إلى معنى أنّ المعلول يتطوّر العلّة ويتحيّث بحيثيّتها ، لا انفصال شيء مباين عنها (٣).
فأنت إذاً موجود في كتبك ، وأنا قد اتصلت بها فلا بدّ أنّي اتصلت بنفسك فعرفتني.
هو ـ أهذا كلّ مبلغ علمك؟ وأنت تدّعي أنّك أخذت الفلسفة عنّي وتتلمذت على كتبي ، وقد غالطت نفسك وحسّك؟!
أنا ـ لماذا؟ إنّ كلامي منطقي برهاني ينطبق على قواعدك الفلسفيّة : فقولي «الكتاب معلول للكاتب» صغرى للقياس وقد اعترفت بصدقها ، وقولي «كلّ معلول وجود للعلة» كبرى وهي صحيحة حسبما ملأت بها طواميرك ومسفوراتك ـ على حدّ تعبيرك ـ فيتألّف من هاتين المقدّمتين قياس من الشكل الأوّل ، فينتج أنّ الكتاب وجود للكاتب ، فأنت موجود في مؤلفاتك. أليس كذلك؟!
__________________
حدوثاً وبقاءً ، ويقول أيضاً : إنّ العلّة حقيقة واحدة وأفرادها مشكّكة خلافاً لما ذهب إليه المشّائيون من أنّ الوجودات متباينة بتباين الذات.
(١) المراد بهم المشائبون وهو ابن سينا وأترابه القائلون بأنّ القدم ليس مختّصاً بالحقّ عزّ وجلّ ، لكن يفرّقون بين القدم الزماني والقدم الذاتي ، فيقولون أنّ العالم الذي نعيشه قديم بالزمان وحادث بالحدوث الذاتي وكذا الحال في قدم العقول العشر.
(٢) أو قل شُعاع من أشعته أو طور من أطواره.
(٣) هذا التقرير الذي يلهج به ملاّ صدرا في كتبه ، وهو أساس فكرة وحدة الوجود عنده.
هو ـ يا سبحان الله! ألم أقل : إنّكم تكتفون من الحقائق بالأسماء ، فتسمّون المغالطة برهناً والسفسطة قياساً. وأنا أطلب إليك الآن أن تنصفني من نفسك فيما أضرب لك من الأمثلة ، لتنكشف لك المغالطة من غير كثير عناء بطريق نظري ، بعد أن حاولتُ كشفها لك من طريق إشراقي في جلستنا السابقة ، فلم تنكشف. أتعاهدني على ذلك؟!
أنا ـ لك عليَّ ذلك.
هو ـ إذاً فأنصف من نفسك : لو أنّك كتبت إلى أحد واطّلع عليه آخرون ، أفتظنّ أنّك ستعرفهم لمجرّد أنّهم قرأوا كتابك؟!
أنا ـ لا
هو ـ حسن ثمّ اعتبر بالباني للدار ، أليست هي معلولة له ، كالكتاب بالقياس إلى المؤلّف؟ هل تظنّ أنّ الباني سيعرف كلّ من يدخل الدار أو يشاهدها ، لمجرّد أنّه كان قد بناها ليس إلاّ؟!
أنا ـ لا.
هو ـ فاكشف الغطاء عن بصيرتك واعترف بالحقّ ...! فإنّ هذا الكلام يجري في كلّ صانع لشيء ما ، فلا يمكن أن يعرف كلّ من يستعمله أو يراه لمجرّد أنّه من صنعه وعمله. فأنا ـ وهذا بيت القصيد ـ لا أعرف كلّ من يقرأ كتبي ويفهم مضامينها لمجرّد أنّها تأليفي وسجّل آرائي ، سواء كنتُ حيّاً أم ميّتاً.
أنا ـ وعليه ، فالكبرى التي فهمتُها من فلسفتك ليست بصحيحة ، وهي «كلّ معلول وجود للعلة».
هو ـ بل صحيحة ، وهي الركن الركين في التوحيد.
أنا ـ الصغرى أيضاً صحيحة باعترافكم ، فلماذا تتخلّف النتيجة ، فلم
يبق إلاّ أن نفرض أنّ العلّة (١) في الأمثلة المذكورة ليست علّة إلاّ في حال الحدوث فقط ، أمّا البقاء فلا يحتاج إلى العلّة ، ولذا تغيب علّة الحدوث عن المعلول بعد بقائه في هذه الأمثلة التي ذكرتُها ، فلا يكون بقاؤه من أطوار وجود علّته التي قد فرضناها علّة للحدوث فقط.
مع أنّكم تشنّعون أشدّ التشنيع في فلسفتكم على من يقول : بأنّ منشأ الحاجة إلى العلّة هو (للحدوث) في المعلول ، حتّى رميتم قائلها بالسخف وسخرتم فيه بلاذع الكلام في (الأسفار) (٢).
وبرهنتم على أنّ منشأ الحاجة إلى العلّة هو (الإمكان) في المعلول الذي لا يزول عنه قطّ وهو لازم له في حال حدوثه وبقائه ، ولذا قلتم لا يستغني المعلول عن العلّة ولا يغيب عنها طرفة عين أبداً ، بل قلتم : إنّ حقيقة المعلول حقيقة الحاجة والفقر إلى العلّة. فكيف نوفّق بين الكلامين؟!
هو ـ (وقد بدأ عليه التأثّر والحماس لقول الحقّ) : لقد زدتَ الموضوع على نفسك تعقيداً بهذه المغالطات المتتابعة ، وقد نصحتك ألاّ تركن إلى أبحاث المتفلسفة والمتكلّمين ، ولماذا تزجّني معك في الدخول
__________________
(١) قسمت العلّة على نوعين :
١ ـ علّة المعدّ أو الفاعل بالعرض : ومثاله من يبني الدار أو يضع الحب في التراب فبعد بناء الدار لا يلزم بقاء الدار ببقاء بانيها ، فلو مات الباني تبقى الدار لأنّه علّة معدّ فقط (مأخوذ من الإعداد).
٢ ـ علّة الفاعل التامّ أو الفاعل بالذات : وهو الحقّ عزّ وجلّ فلا بدّ في علّيته الحاجة وجوداً ودواماً.
نعم يمكن القول بأنّ العلّة المعدّة تعبير مجازي لكن ذهب الفخر الرازي وأتباعه إلى أنّ العلّة علّة في الوجود فقط. وهذا ضعفه ظاهر.
(٢) الأسفار ١/٢٠٦.
فيها؟!
أنا ـ إنّ المجاز قنطرة الحقيقية كما تقولون ، فلا بدّ من تتبّع آراء المتفلسفة والمجادلين من أهل الكلام وتعنّتهم في البحث ، لكي يتبيّن آخر الأمر بنور الإيمان وتأييد الله تعالى أنّ قياسهم عقيم وصراطهم غير مستقيم (على طريقتك أنت في مؤلّفاتك) ....
صمت طويل .....
أنا أيضاً ـ فلماذا سكتّ عن جوابي؟ وأنت أيها الحكيم أدمجت في كتبك الحكمة البحثية في العلوم التألّهية ، ومزجت البيانات التعليمية في الأسرار الإلهية ، وعندك في ذلك هو عذري في إصراري على هذا النوع من البحث.
هو ـ أخشى!
أنا ـ من أين تخشى؟
هو ـ أخشى ألاّ يسع فهمك بعض الأبحاث الدقيقة ، فيختلط الأمر عليك وتضلّ عن طريق الحقّ من حيث لا تدري.
أنا ـ أكشف لي هذه المغالطة ، ولك علي ألاّ أدخل في بحث إلاّ بإذنك.
هو ـ (وكأنّه قد رقّ لي وشعر بحاجتي) يا حبيبي ما أشدّ سخافة توهّم من يرى أنّ حاجة المعلول إلى العلّة إنّما هي في حال الحدوث لا في حال البقاء ، حتّى صرّح بعض هؤلاء القائلين بهذا الرأي جهلاً وعناداً : أنّ الباري لو جاز عدمه لما ضرّ عدمه في وجود العالم بعده لتحقّق الحدوث بإحداثه ولا يحتاج البقاء إليه (١). وهذا غاية الجهل والفساد في الاعتقاد.
__________________
(١) انظر ما ذكرناه من تقسيم العلّة إلى علّة معدّ وعلّة فاعل.
على أنّ كلّ علة ذاتية فهي مع معلولها وجوداً ودواماً ، ومن الشواهد على ذلك حرارة النار التي تفيض من جوهرها التسخين على ما حولها من الأجسام ، وإفاضة الماء الرطوبة والبلل على الأجسام المجاورة له ، وإشعاع النور من الشمس على الأجرام المواجهة لها ؛ وإشعاع نور الشمس لرطوبة الماء وحرارة النار ذاتية لعللها.
وكذلك النفس تفيض الحياة على البدن والحياة ذاتية لها ، فلا تزال الحياة تنشأ منها على البدن الذي هو جسم ميّت في ذاته حيّ بالنفس مادام صالحاً لإفاضة الحياة عليه منها ، فإذا فسد صلاحه لقبول الحياة تخلّت عنه وارتحلت.
وأمّا نسبة الإيجاد إلى المؤلّف والمركِّب كالبنّاء للدار والكاتب للخطّ والخيّاط للثوب ، فهي مغالطة نشأت من عدم الفرق بين ما بالذات وما بالعرض ، وأخذ ما ليس بعلّة علّة ، فإنّ أكثر ما يظنّونه فاعلاً ليس بفاعل في الحقيقة ، وذلك كالأب للأولاد والزارع للزرع ، فليست هذه ونحوها عللاً مفيدة لوجود ما يُنسب إليها ، بل إنّما هي معدّات تعدّ الشيء لإفاضة الوجود من فاعله ، وعلل بالعرض لا بالذات ، والمعطي للوجود في هذه المعلولات هو الله تعالى كما أشار إليه في القرآن الكريم في آيات منه كهذه الآية (أَفَرَأَيْتُم ما تُمْنُونَ ءَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ) (١) فما يُسمّيه الجمهور فاعلاً ليس إلا مباشر الحركات ومبدأ التغييرات ؛ وأمّا فاعل الصور ومعطي الوجود فهو الحقّ عزّ اسمه لا شريك له في خلقه.
بل إن شئت فقل ـ في كلّ معلول وعلّة ، وفي كلّ فعل وفاعل ، حتّى
__________________
(١) سورة الواقعة : ٥٨.
فيما قيل إنّه علّة ذاتية كالنار ـ : إنّ الفاعل الذي يفيض الوجود ومنه الوجود وواهب الصور هو الله وحده ، والفاعل الذي به يستعدّ الشيء للوجود ويتهيّأ لقبول الصور غيره تعالى. فلا يصحّ أن نقول : إنّ من منه الوجود غيره تعالى ، فهو شرك. ولا يصحّ أن نقول : إنّ من به الوجود المباشر للحركة هو الله فهو جهل وكفر.
وزبدة المخض ، أنّا إذا قلنا : إنّ المعلول طور من أطوار العلّة ، وإنّ العلة من ..... وجوداً ودواماً ، فالمقصود بالحقيقة هو الفاعل الذي منه الوجود ، وهو الله تعالى.
وعلى هذا الاساس المتين نبني نظرية أفعال العباد ، فيما كشف عنها أئمّتنا وساداتنا في قولهم المعروف «لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين» (١) هذا القول الذي قصرت عنه أفهام الباحثيين من إدراك مغزاه ـ وقد وضعنا فيه رسالة مختصرة سمّيناها رسالة خلق الأعمال ـ وكم خبط الناس في الجبر والتفويض والقضاء والقدر وجاءوا بالمضحكات المبكيات.
ألا تعتبر أنت الآن فيما اشتبهتَ فيه وتشبّثتَ فيه ، بما لو أودعت عند أحد أمانة فإنّ إيداعها فعلك ، وأمّا بقاؤها عنده فهو فعل الأمين لا يبقى لك فيها سلطان ولا فعل وكذا مؤلّف الكتاب إنّما فعله نقش صور هذه الألفاظ ، وهو سبب مُعِدّ لبقائها ، أمّا بقاؤه في الورق فليس داخلاً في سلطانه وفعله ، وقد يأتي غيره فيتصرّف فيها ما يشاء إضافة وتغييراً ، أو نسخاً ونقلاً ، أو اتلافاً ومحواً.
على أنّ نفس خطّك وتفكيرك ، هو فعلك من جهة لأنّك الفاعل
__________________
(١) الاعتقادات للمفيد : ٢٩. انظر البحار ٥/١٢.
الذي به الوجود المباشر له ، ومن جهة اُخرى هو فعل الله تعالى وهو الخالق المصوّر له وحده لا شريك له ، لأنّه هو الذي منه الوجود (لا جبر ولا تفويض ...).
وأظنّه ـ إلى هنا ـ اتّضح لك أنّ مغالطتك كانت في الصغرى ، إذ اشتبه عليك معنى العلّة فيها ، فلم يتكرّر الأوسط في القياس ، لأنّ معنى العلّة في الصغرى العلّة بالغير ، ومعنى العلّة في الكبرى العلّة بالذات.
ولم يتمّ كلامه حتّى استيقظت من غفوتي ، وفي النفس ما فيها من تطّلع للبحث.
النجف ـ محمّـد رضا المظفّر
مقـدِّمة الإعداد :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمـد لله ربّ العالميـن حـقَّ حمـده ، والصـلاة والسـلام على مَـن لا نبيَّ مِن بعـده ، محمّـد ، وعلى آلـه الطـيّبين الطاهـرين ، خير خلقـه وأشـرف بريّته ، ولا سـيّما بقـيّـة الله في الأرضين ، الإمام الحجّـة المنتـظَر المهديّ ، عجّـل الله تعـالى له الفـرج والنصـر.
أمّـا بعـد ..
فهذه الرسـالة القيّمة واحدة من نفائـس الرسـائل التي أثرى بها العلاّمةُ الحجّةُ المجاهدُ الشـيخ محمّـد جواد البلاغي قدسسره (١) المكـتبةَ
__________________
(١) لم أترجم ـ هنا ـ للعـلاّمة البلاغي قدسسره ؛ لغناه عن ذلك ، فسـموّ منزلته ورفعة مكانته قدسسره أشـهر من نار على علم .. وترجمته دانية لمن رام قطافها ، من مظانّها من كـتب التراجم ، وممّن حقّـق له كـتبه ورسـائله بما لا مزيد عليه ، ومن مقـدِّمة تحقيقي وإعـدادي لبعض مصنّـفاته المنـشـورة سـابقاً ، ولا سـيّما كـتابيه «الردّ على الوهّـابية» و «نصائح الهدى والدين» ، فقد فصّلت هناك ـ وفق الوسع والطاقة ـ كلَّ ما يتعلّق بسـيرة حياته المباركة التي قضاها في تحصيل العلم ونشـره ، والجهاد في سـبيل رفعة الدين وإحيائه ، والدفاع عن المذهب الحقّ وإعلاء كلمته ، متنقّـلا ما بين مدن العـراق ، كالنجف الأشـرف وسـامرّاء والكاظمية ، قارع فيها الاسـتعمار
الإسـلامية ؛ قد مَنَّ الله تعـالى علَيَّ بالتوفيق في نشـرها ، مُعَـدّةً إعداداً أرجـو منه تعـالى أن ينفع بـه.
طبعـات الرسالة :
طُبعت هذه الرسـالة لأوّل مرّة في طهران بإيران سـنة ١٣٧٨ هـ ، بتصحيح علي أكبر الغفّاري رحمهالله ، اعتمد في عمله على نسخة كـتبها ميرزا حسـن الخسـروشاهي ، عن نسخة اسـتنـسخها المرجع الديني الكبير السـيّد محمّـد هادي الميـلاني قدسسره ، وهو ممّن أخذ العلم عن الشـيخ البـلاغي قدسسرهوتخـرّج على يـده.
نسـخة الرسـالة وخصائصها :
اعتمدتُ في عملي على مصوّرة نسخة الأصل بخطّ المؤلّف الشـيخ البـلاغي قدسسره ، كان قد أتمّ تبييضها من مسوّدتها في عصر يوم ١٧ رجب ١٣٤٩ هـ ، تقع في ٢٢ صفحة ، بقياس ١٨ × ٥ / ١٠ سم ، ولعلّها تقع ضمن مجموعة تضمّ غيرها من المخطوطات ؛ إذ تبدأ نسـختنا من الصفحة ٢ ،
__________________
الإنكليزي ، وناظر اليهود ، والنصارى ، وحاجج الفرق الضالّـة المنحرفة .. فكان بحقّ أحـد الأنوار المضيئة النادرة التي أنارت الدرب ..
فانظر ترجمته المفصّـلة في :
أعيان الشـيعة ٤ / ٢٥٥ ـ ٢٦٢ ، شـعراء الغريّ ٢ / ٤٣٦ ـ ٤٥٨ ، نقباء البشـر في القرن الرابع عشـر ١ / ٣٢٣ ـ ٣٢٦ ، الكنى والألقاب ٢ / ٩٤ ـ ٩٥ ، مقدّمة «الهدى إلى دين المصطفى» ١ / ٦ ـ ٢٠ ، معارف الرجال ١ / ١٩٦ ـ ٢٠٠ ، ريحانة الأدب ١ / ١٧٩ ، ماضي النجف وحاضرها ٢ / ٦١ ـ ٦٦ رقم ٣ ، مقدّمة «الردّ على الوهّابيّـة» : ٨ ـ ٣٢ ، مقـدّمة «نصائح الهدى» : ٥ ـ ٢٧ ، مجلّة «رسـالة القرآن» / العـدد ١٠ / ١٤١٣ : ٧١ ـ ١٠٤ ، وغيرهـا.
وتنتهي بالصفحة ٢٣ ، وهي من موقوفات مكـتبة الإمام الحكيم العامّـة في النجف الأشرف بالعـراق.
تشـتمل الرسالة على ثلاثة فصـول :
الأوّل : أدرج فيه المؤلّف قدسسره ما وجده من الأحاديث الواردة عن الأئمّة المعصومين عليهمالسلام في مسألة الإلزام ، ذكر فيه ١٣ حديثاً رئيـساً ، هي عمدة أحاديث الباب ، وضمّنها أحاديث أُخر لها صلة بالمقام.
الثاني : ذكر فيه المؤلّف قدسسره كلمات بعض علمائنا الماضين رضوان الله عليهم في هـذا المقام.
الثالث : في فقه المسألة ، وشيء من فروعها ، وما يترتّب على ذلك بحسـب ما يتحصّل من الأحاديث المتقـدّمة ، فذكر فيه المؤلّف قدسسره أربعـة مقامات في فقه المسألة ، ثمّ ذكر ثلاثة عشـر فرعاً ممّا يترتّب على العمل بهذه المسألة.
والظاهر أنّ الرسالة المطبوعة سـنة ١٣٧٨ هـ ـ المارّ ذِكرها آنفاً ـ هي مسوّدة رسالتنا هذه التي سـنقدّمها بين يدَي القارئ الكريم ؛ مسـتدلّين على ذلك بما أثبتـه الشـيخ المصنّف قدسسره في ذيل الورقة الأخيرة من الرسالة ، وهي كالآتي :
قوله قدسسره : «وقد تمّ نقلها لهذا البياض في السـابع عشـر من رجب الحرام عصراً ، في السـنة التاسـعة والأربعين بعد الألف والثلاثمئة هجرية ...» ..
وقوله قدسسره : «وقد أسـقطنا في هذه المبيّضة بعض الفروع التي في الأصـل ؛ لأجل عروض التأمّـل فيها» ..
وقوله قدسسره : «بلغ تصحيحها بقدر الجهد ، والحمـد لله».
وكلّ هذا تصريـح منه قدسسره بأنّ هناك مسـوّدة لهذه النسـخة متقـدّمة زمناً عن مبيّضتـها (١) ، وهو ما يعكسه الاختلاف الكبير بين هذه النسخة المبيّضة وبين النسخة المطبوعة.
أُسـلوب العمل في الرسـالة :
١ ـ تقطيع النصّ وتوزيعه بالاسـتفادة من علامات الترقيم الحديثة ، كيما يناسـب أُسـلوب العصر الحاضر ، لإظهار مطالب الرسـالة بشـكل واضح ، لكي يسـهل على القارئ متابعتها.
٢ ـ تخريج الآيات الكريمة ، وكذا الأحاديث والروايات الشـريفة وبقيّـة المطالب الواردة في الكـتاب اعتمـاداً على مصادرها الأصليـة التي نقل عنها الشـيخ البلاغي قدسسره قدر المسـتطاع.
٣ ـ أثبتُّ في الهامش كلّ الاختلافات الواردة في الأحاديث والروايات وبين مصادرها الأصلية التي نقل عنها الشـيخ البـلاغي قدسسره ، سـنداً ومتناً ، ولا سـيّما في ما يخصّ كلام المعصوم عليهالسلام ، مهما دقّت أو صغرت ؛ لأثرها الدقيـق في المقام بنظر أهل العلم.
ولم أُعْـنَ بالاختلافات البسـيطة والطفيفـة والجزئيـة منهـا ، في ما خلا ذلك ، فلم أُشِـر في الهامـش إلاّ إلى ما كان منها ذا تأثير على المعنى ، أو ما كان فيه إخـلالا مهمّـاً ، فلم أُشِر إلى تقديم كلمة على أُخرى ، أو جملة على أُختـها ، أو ما نقله الشـيخ البلاغي قدسسره بالمعنى أو مختصـراً ، إلاّ في حالات الضـرورة.
__________________
(١) انظر صورة الصفحة الأخيرة من نسخة الأصل لهذه الرسالة في الصفحة ٣١٣ ، وراجـع الصفحـة ٣٨١ وهوامشـها ؛ من هذه الطبعـة.
كما لم أُعْـنَ بالاختلافات الواردة بينها وبين المصادر الثانوية التي أشار إليها المصنّـف قدسسره ، إلاّ بالشرط المتقـدّم.
٣ ـ تصحيح الأخطاء الإملائية أو النحوية دون الإشارة إليها في الهامـش.
٤ ـ أدرجتُ في الهامش التعليقات الضرورية ، توضيحاً وشـرحاً لبعض مطالب الرسالة وكلمات المتن والأعلام الواردة أسماؤهم فيها.
٥ ـ اتّبعتُ الأُسلوب الحديث في الإملاء ورسم الكلمات ، ولم أُشـر إلى ذلك في الهامش.
٦ ـ وما وضعته بين العضادتين ولم أُشـر إليه في الهامـش ، فهـو إضافـة من المصـدر ، أو منّي ؛ تتميمـاً لنسـق المطلب ، أو لاقتضـاء السـياق.
٧ ـ قمتُ بفكّ بعض رموز واختصارات الرسالة ، التي درج المتقدّمون على اسـتخدامها ؛ مثل : التحيّات كـ عليهالسلام بدلا عن «ع» وما يشـبه ذلك ، و «انتهى» بدلا عن «اه» ، و «إلى آخـره» بدلا عن «إلخ» ...
٨ ـ أدرجتُ في الهامش ما ذكره الشـيخ البلاغي قدسسره من إنهاء أو بلاغ ، وأتبعته بجملة : «منـه قدسسره».
٩ ـ ولمّا كانت نسـختنا هذه هي المبـيّضة والمعتمدة لدى الشـيخ البـلاغي قدسسره ؛ للشـواهد التي تقـدّم ذِكرها آنفـاً ، ولمواضع الاختلاف الكـثيرة والفوارق العديـدة التي بينها وبين النسـخة المطبوعـة ، فإنّي آثرت ألاّ أخـوض في ذِكـر تلك الاختـلافات والفوارق في ما بينهـما ، مؤثِـراً إبـراز الأصل هذا دون الإشـارة إلى تلك ، تاركاً أمر المقارنة بينهما لمن يودّ ذلـك.
ولم أعتمد على المطبوعة إلاّ كمعين في قراءة مصـوّرة المخطوطـة في بضعة مواضع منها طُمسـت فيها الكـتابة ، أو كان فيها سقط ، أو كان التصويـر فيها غير واضـح.
فجاءت الرسـالة ـ بحمد الله ـ مُـعَـدّةً إعداداً طَويتُ فيها عدّة من مراحل التحقيـق بما أنعم علَيَّ فيه ربّي.
وآخر المطاف :
لا يفوتني إلاّ أن أُسـدي الشـكر الجزيل والامتنان الكبير إلى كلّ مَن سـاهم وأعان في إحياء هذا الأثر النفيـس ، وأخصّ بالذِكر منهم :
الأخ الفاضل المثابر السـيّد محمـود الغريفي البحراني ، الذي تفضّل علَيَّ بمصوّرة نسخة الأصل ، بعد سعي حثيث دؤوب في مكـتبات العـراق.
وسـماحة المحقّـق الفاضل حجّـة الإسـلام والمسـلمين السـيّد عليّ الخراساني الكاظمي ، لتفضّـله بمراجعـة العمل علميّـاً ..
والإخوة الأفاضل المحقّـقين : جواد حسـين الورد وعلي جلال باقر وعامر عبـد الحسـين عبّـاس ؛ من منتسـبي مؤسّـسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث / فرع دمشـق ..
وهيئة تحرير مجلّة «تراثـنا» الغـرّاء ، ولا سـيّما الأخوين الفاضلين : عامر الشوهاني ، والشـيخ نصير الدين كاشف الغطاء ..
ذلك لِما بذلوه من جهد طـيّب محمود في سـبيل إخراج هذه الرسالة في أفضـل صورة.
حيّـا الله العاملين على إحياء أمر أهل البيت عليهمالسلام والمعنـيّين ببثّ علومهم ونشر معارفهم ، ووفّـقهم لِما يحبّ ويرضى.
إهـداء ودعاء لا بُـدّ منـهما :
كما لا يسـعني هنا إلاّ إهـداء هذا الجهد المتواضع إلى مَن هو أَوْلى بنـا مِن أنفسـنا ، سـيّدنا ومولانا الإمام المنتظَر المهديّ عليهالسلام ، والهديّـة على مقدار مُهديها ، متضرّعاً إلى الله تعالى أن يعجّل له الفرج والنصر ، وأن يوفّـقنا لخدمته أيّـام حياتنا ، ويتقـبّـل منّـا بأحسـن قبـول بلطفه ورحمته ، ويجعله سـبباً من أسـباب الشـفاعة ، لي ولوالـديَّ ، ولذوي رحمي ، ولمن أسـهم فيه ، يوم لا ينفع نفساً إيمانُها لم تكن آمنت من قبل أو كسـبت في إيمانها خيراً ، ويوم نلقاه ، يوم لا ينفع مالٌ ولا بنونٌ إلاّ مَن بقلب سليم أتـاه ، إنّـه قريب مجيـب.
والله من وراء القصـد ، وهو يهدي السـبيل.
والحمـد لله أوّلا وآخراً ، وصلّى الله على سـيّدنا ونبيّنا محمّـد وآله الطـيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين ، وسـلّم تسـليماً كـثيراً.
|
|
ذكرى مولدَي الرسـول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم والإمام جعفر الصادق عليهالسلام ١٧ / ٣ / ١٤٢٦ من جوار السـيّدة زينب عليهاالسلام ـ دمشـق الشام الأقلّ الأضعف في خدمة أهل البيت عليهمالسلام محمّـد علي الحكيم |
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمـد ، وهو المسـتعان ، وأفضل الصلاة والسـلام على خيرته من خلقه ، رسـوله المصطفى وآله الطـيّبين الطاهرين.
وبعـد ..
فيقول العبـد الأقلّ محمّـد جـواد البـلاغي :
هذه مسـألة لم أجد من أعطاها حقّها من التحرير ، فتطفّلتُ بما يسّـره الله لي من تحريرها ، إنّـه وليّ التوفيق.
ونظمتها في سـمط ما كـتبته من «العقود المفصّلـة» ..
عِقد في
إلزام غير الإمامي بأحكام نِـحْـلَـتِه
وفيه فصـول : ..
الفصـل الأوّل
في ما وجدته من الأحاديث الواردة في ذلك
* الحديث الأوّل :
ما رواه الشـيخ قدسسره في مواريث «التهذيبين» ، عن عليّ بن الحسـن ابن فضّال ، عن سـنديّ (١) بن محمّـد البزّاز ، عن العلاء (٢) بن رزين القلاّء ، عن محمّـد بن مسـلم ، عن أبي جعفر عليهماالسلام ، قال : سـألته عن الأحكام؟
قال عليهالسلام : يجوز على أهل كلّ ذي دِين ما يسـتحلّون (٣). انتهى.
والذي رأيته من كتب الحديث والفقه متوافق على التعبير بـ «كلّ ذي دِين» ..
لكن في بعض النسـخ : «يجوز» بالياء المثـنّـاة من تحت (٤) ..
وفي بعضها : «تجوز» بالتاء المثـنّـاة من فوق (٥) ..
وفي بعض النسـخ : «بما يسـتحلّون» بإدخال باء الجـرّ على الموصـول (٦) ..
__________________
(١) في تهذيب الأحكام : «السـندي».
(٢) في التهذيبين : «عـلاء».
(٣) تهذيب الأحكام ٩ / ٣٢٢ ح ١١٥٥ ، الاسـتبصار ٤ / ١٤٨ ح ٥٥٤.
(٤) كما في المصدرين السـابقين.
وانظر : الحدائق الناضرة ٢٥ / ٢٤٣.
(٥) انظر : تفصيل وسائل الشـيعة ٢٦ / ٣١٩ ح ٣٣٠٧٧ ، الفصول المهمّة في أُصول الأئمّة ٢ / ٤٧٨ ح ٢٣١٥ ، جواهر الكلام ٣٢ / ٨٨ وج ٣٩ / ٣٢١.
(٦) انظر : تهذيب الأحكام ٩ / ٣٢٢ ح ١١٥٥ ، تفصيل وسائل الشـيعة ٢٦ / ٣١٩ ح
وفي بعضها بإسـقاط باء الجـرّ (١) ..
والمناسـب : هو ثبوت باء الجـرّ مع «تجوز» بالمثـنّـاة من فوق ، ويكون الفاعل هو ضمير «الأحكام» ، ويكون التقدير : بما يسـتحلّون بـه.
والمناسـب مع «يجوز» بالمثنّاة من تحت ، هو كون الموصول فاعلا غيرَ مقترن بحرف الجـرّ.
والمؤدّى على النسـختين واحد ..
والظاهر أنّ المعنى : كلّ حكم ذي دِين ، أي : الحكم الذي يُـتديَّن به ويُـنسَـب إلى الدِين والشـريعة النبويّـة الإلهـيّـة ، لا الحكم الذي هو من عوائدهم العرفـيّـة ونحوها وإنْ صار العمل به لازماً لهم.
فالمراد : إنّه يجوز ويمضي على أهل كلّ حكم ـ يجعلونه بحسـب نحلتهم دِيناً لهم ـ ما يسـتحلّونه ؛ فيحلّ بسـبب ذلك الجواز ورفع المانع من أحدهم بحسـب دينه والتزامه ، ويسـوغ لغيره ما يسـتحلّه ، ولا يرعى حقّـه فيه بحسـب الحكم الواقعي الأوّلي ، فإنّ تديّنه مع إلزامه به يرفع حقّـه ، فيترتّب على هذا الرفع ما ينطبق على القواعد العامّـة من الاسـتحلال.
ولأجل هذا الترتّب ، وحصول الحلّ عند ذلك ، جُعل رفع الحقّ سـبباً للحلّ وإنْ كان المقتضي للحلّ هو القواعد العامّـة.
وربّما تكون «ما» مصدريّـة ، والمعنى حينئذ : يجوز وينفذ عليهم
__________________
٣٣٠٧٧ ، الفصول المهمّة في أُصول الأئمّة ٢ / ٤٧٨ ح ٢٣١٥ ، جواهر الكلام ٣٩ / ٣٢١.
(١) كما مـرّ في : الاسـتبصار ٤ / ١٤٨ ح ٥٥٤ ، وانظر : الحدائق الناضرة ٢٥ / ٢٤٣ وفيه : «يسـتحلّونه».
نوع اسـتحلالهم بحسـب نحلتهم ، بنحو التقرير الذي قـدّمنا.
وسـيأتي إن شـاء الله في المقـام الثاني من الفصل الثالث بقـيّـة بـيـان (١).
هـذا ، ومحلّ ابن فضّال ـ مع جلالته المعروفة ـ لا يخرج الحديث عن الصحّـة ، وإنْ كان يقول بإمامـة عبـد الله الأفطـح (٢) مع الأئمّـة عليهمالسلام
__________________
(١) يأتي في الصفحات ٣٦٤ ـ ٣٦٦.
(٢) هـو : عبـد الله بـن جعفـر بـن محمّـد بـن عليّ بـن الحسـين بـن عليّ بـن أبي طالـب عليهمالسلام ، قيل : إنّـه كان أفطح الرأس ، وقال بعضهم : كان أفطح الرجلين ، ادّعى الإمامة بعد وفاة أبيه الإمام الصادق عليهالسلام ، فدخلت الشـبهة على عامّـة مشائخ العصابة وفقهائها فقالوا بإمامته ؛ لِما روي عنهم عليهمالسلام أنّ الإمامة في الأكبر من وُلد الإمام إذا مضى ؛ ثمّ منهم من رجع عن القول بإمامته لمّا امتحنه بمسائل من الحـلال والحـرام لم يـكن عنـده فيـها جـواب ، ولِمـا ظهـر منـه مـن الأشـياء التي لا ينبغي أن تظهـر من الإمام.
ثمّ إنّـه مات بعـد أبيه بسـبعين يوماً ، فرجع الباقون ـ إلاّ شذّاذاً منهم ـ عن القـول بإمامته إلى القول بإمامة الإمام أبي الحسـن موسى بن جعفـر الكاظم عليهماالسلام ؛ لِما روي في الأخبار عنهم عليهمالسلام أنّ الإمامة لا تكون في أخوين بعد الحسـن والحسـين عليهماالسلام.
وممّا نُقل ممّا امتُحن به ، أنّـه سـئل : أنت إمام؟
فقال : نعم.
فقيـل له : إنّ صاحب هذا الأمر يكون عنده سلاح رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فما عندك منـه؟
فقال : عنـدي رمحـه!
ولم يُعرف لرسـول الله صلىاللهعليهوآله رمحٌ.
انظر تفصيل أحواله في : الإمامة والتبصرة من الحيرة : ٢٠٩ ـ ٢١١ رقم ٦٠ ـ ٦٥ ب ١٥ ، معجم رجال الحديث ١١ / ١٥٤ ـ ١٥٧ رقم ٦٧٦٧.
والـفَـطَـحُ : عِـرَضٌ في وسط الرأس والأرنَـبة حتّى تلتزق بالوجه كالثور الأَفـطَـح ؛ ورجلٌ أَفْـطَـحُ : عريض الرأس بَـيِّـنُ الـفَـطَـح.
انظر : لسان العرب ١٠ / ٢٨٤ مادّة «فطح».
على ما ذُكـر (١).
* الحديث الثاني :
ما رواه الصدوق في «معاني الأخبار» ، عن أبيه ، عن الحسـن (٢) بن أحمد المالكي ، عن عبـد الله بن طاووس ، قال : قلت للرضا عليهالسلام : إنّ لي ابن أخ زوّجتُـه ابنتي ، وهو يشـرب الشـراب ويكـثر ذِكر الطلاق.
فقال عليهالسلام : إنْ (٣) كان من إخوانك فلا شيء عليه ، وإنْ كان من هؤلاء فَـأَبِـنْـها منـه ، فإنّـه عنى الفراق.
قال : قلت : أليـس روي عن أبي عبـد الله عليهالسلام ، أنّه قال (٤) : «إيّـاكم والمطلّـقات ثلاثـاً في مجلس واحد ، فإنّـهنّ ذوات أزواج»؟
__________________
(١) قال النجاشي عنه : «فقيه أصحابنا بالكوفة ، ووجههم ، وثقتهم ، وعارفهم بالحديث ، والمسموع قوله فيه ، سمع منه شـيئاً كـثيراً ، ولم يُعثر له على زلّـة فيه ولا ما يشـينه ، وقلّما روى عن ضعيف ، وكان فطحيّـاً».
وقال شـيخ الطائفة الطوسي : «فطحي المذهب ، ثقة كوفي ، كـثير العلم ، واسع الأخبار ، جيّد التصانيف ، غير معاند ، وكان قريب الأمر إلى أصحابنا الإماميّـة القائلين بالاثني عشـر».
وقال الكشّي : «فما رأيت في مَن لقيت بالعـراق وناحية خراسان أفقه ولا أفضل من عليّ بن الحسـن بالكوفة ، ولم يكن كـتاب عن الأئمّـة عليهمالسلام من كلّ صنف إلاّ وقد كان عنده ، وكان أحفظ الناس ، غير إنّـه كان فطحيّـاً ... وكان من الثقات».
انظر : رجال النجاشي : ٢٥٧ ـ ٢٥٨ رقم ٦٧٦ ، فهرسـت الطوسي : ٢٧٢ ـ ٢٧٣ رقم ٣٩٢ ، رجال الكشّي ٢ / ٨١٢ رقم ١٠١٤ ، خلاصة الأقوال : ١٧٧ رقم ٥٢٦.
(٢) في المصدر : «الحسـين».
(٣) في المصدر : «إذا».
(٤) كان في الأصل ـ هنا ـ بعد كلمة «قال» حرف «ص» ، وهو رمز التصليـة صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهي ليـست في المصدر ، ولعلّها من سبق قلمه الشريف قدسسره ؛ بقرينة ما سـيأتي عن الإمام الصـادق عليهالسلام في الحديث الثالث قريبـاً ، فحذفتها ليسـتقيم النسـق.
فقال عليهالسلام
: ذلك (١)
من إخوانكم لا
من هؤلاء ، إنّه
(٢) مَن دان
بدِين قـوم لزمته
أحكامهم
(٣). انتهى. ورواه الكشّي
في كـتاب «الرجال»
، من كـتاب محمّـد
بن الحسـن ابن
بندار بخطّـه ،
حدّثني (٤)
الحسـن بن أحمد
المالكي ، عن عبـد
الله بن طاووس
، عن الرضـا عليهالسلام
(٥). فأمّا محمّـد
بن الحسـن بن بندار
، فقد أكـثر الكشّي
من الرواية عنه
، بل اعتمد على
ما وجده بخطّه
كهذه الرواية
(٦). والحسـن
بن أحمد ، ذكره
الشيخ في أصحاب
العسـكري عليهالسلام
(٧). وقال الوحيد
البهبهاني في «تعليقته»
: «قيل : إنّه الحسـن
بن مالك الأشـعري
القمّي الثقة ،
نسـبة إلى جدّهم
مالك الأحوص الأشـعري»
(٨). وأمّـا
عبـد الله بن طـاووس
، فـقـد ذكـره
الشـيخ في أصحـاب
الرضـا عليهالسلام
(٩). __________________ (١) في المصدر
: «ذاك». (٢) في المصدر
: «لأنّـه». (٣) معاني
الأخبار : ٢٦٣ باب معنى
ما روي «إيّـاكم
والمطلّقات ثلاثاً
في مجلس واحد ،
فإنّهنّ ذوات أزواج». (٤) في الأصل
: «عند» ؛ وأثبتنا
ما في المصـدر. (٥) رجال
الكشّي ٢ / ٨٦٣ رقم ١١٢٣. (٦) انظر
علاوة على هذا
الحديث : رجال الكشّي
١ / ٣٤٢ رقم ٢٠٦ وج ٢ / ٤٨٧ رقم ٣٩٦
وص ٧٩٠ رقم ٩٥٦ وص ٨٣٦ رقم
١٠٦٦ وص ٨٥٦ رقم ١١٠٩ وص ٨٦٧ رقم
١١٣٢. (٧) رجال
الطوسي : ٤٣٠ رقم ٣. (٨) تعليقة
الوحيـد البهبهاني
: ٩٤ ط الحجرية. (٩) رجال
الطوسي : ٣٨٤ رقم ٦٣.
وفي القسـم الأوّل من «الخلاصة» : «لم أظفر له على تعديل ظاهر ولا على جرح ، بل على ما يترجّح به أنّـه من الشـيعة» (١).
قـلـت : يُعرف ذلك من روايته هذه وروايتها عنه.
* الحديث الثالث :
في نكاح «من لا يحضره الفقيه» ، في باب ما أحلّ الله من النسـاء ، روى حديثاً عن أبي عبـد الله عليهالسلام (٢) ، وقال بعده : وفي خبر آخر قال عليهالسلام : إنّ طلاقكم الثـلاث لا يحـلّ لغيـركم ، وطـلاقهم يحـلّ لكـم ؛ لأنّـكم لا ترون الثـلاث شـيئاً وهم يوجبونها (٣).
وقال عليهالسلام : مَن كان يدين بدين قوم لزمته أحكامهم (٤).
* والشـيخ أيضاً في ميراث المجوس من «الاسـتبصار» ، بعد أن ذكـر رواية عن أبي عبـد الله عليهالسلام (٥) ، قال : وقد روي أنّه قال عليهالسلام : إنّ كلّ
__________________
(١) خلاصة الأقوال : ١٩٣ رقم ٦٠٤.
(٢) هو قوله عليهالسلام : إيّـاكم وتزويج المطلّقات ثلاثاً في مجلس واحد ، فإنّـهنّ ذوات أزواج. انظر : من لا يحضره الفقيه ٣ / ٢٥٧ ح ١٢١٨ باب ما أحلّ الله عزّ وجلّ من النكاح وما حـرّم منه.
(٣) من لا يحضره الفقيه ٣ / ٢٥٧ ح ١٢٢٠ باب ما أحلّ الله عزّ وجلّ من النكاح ...
(٤) من لا يحضره الفقيه ٣ / ٢٥٧ ح ١٢٢١ باب ما أحلّ الله عزّ وجلّ من النكاح ...
(٥) هو ما رواه محمّـد بن أحمد بن يحيى ، عن بنان بن محمّـد ، عن أبيه ، عن ابن المغيرة ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن عليّ عليهمالسلام ، أنّـه كان يورّث المجوسي إذا تزوّج بأُمّـه وبابنته من وجهين : من وجه أنّها أُمّـه ، ووجه أنّها زوجتـه.
ثمّ ذكر شـيخ الطائفة قدسسره ما حفّ بهذا الحكم من أقوال أصحابنا ، ثمّ قال :
قـوم دانوا بدين يلزمهم حكمـه (١).
* الحديث الرابـع :
ما رواه في «التهذيبين» ، بإسـناده عن الحسـن بن محمّـد بن سـماعة ، عن عبـد الله بن جَـبَلَة ، عن غير واحد من أصحاب عليّ ، عن عليّ بن أبي حمزة ، أنّـه سـأل أبا الحسـن عليهالسلام عن المطلّـقة على غير السُـنّة ، أيتزوّجها الرجل؟
فقال عليهالسلام : ألزموهم من ذلك ما ألزموه أنفسـهم ، وتزوّجوهنّ ، فلا بأس بذلك (٢). انتهى.
والظاهر أنّ ابن أبي حمزة هو البطائني ، وهو واقفي ، ضعيف في نفسـه (٣).
* وروى في «التهذيبين» أيضاً ، في كتاب المواريث ، عن الحسـن ابن محمّـد بن سـماعة ، عن عبـد الله بن جَبَلَة ، عن عـدّة من أصحاب عليّ ، ولا أعلم سـليمان (إلاّ أخبرني) (٤) ..
__________________
ألا ترى أنّ رجـلا سـبَّ مجوسـيّـاً بحضرة أبي عبـد الله عليهالسلام ، فزبره ونهاه عن ذلـك ، فقال : إنّـه قد تزوّج بأُمّـه؟!
فقال : أمَـا علمتَ أنّ ذلك عندهم النكاح؟!
انظر : الاسـتبصار ٤ / ١٨٨ ـ ١٨٩ ح ٧٠٤ باب ميراث المجوس.
(١) الاسـتبصار ٤ / ١٨٩ ح ٧٠٥ باب ميراث المجوس.
(٢) تهذيب الأحكام ٨ / ٥٨ ح ١٩٠ ، الاسـتبصار ٣ / ٢٩٢ ح ١٠٣١.
(٣) انظر : رجال النجاشي : ٢٤٩ رقم ٦٥٦ ، فهرسـت الطوسي : ٢٨٣ رقم ٤١٩ ، رجال الكشّي ٢ / ٧٤٢ ، خلاصة الأقوال : ٣٦٢ رقم ١٤٢٦ ، التحـرير الطاووسي : ٣٥٣ رقم ٢٤٥.
(٤) في تهذيب الأحكام : «إلاّ أنّـه أخبرني به» ، وفي الاسـتبصار : «إلاّ أخبرني به».
وعليّ بن عبـد الله ، عن سـليمان أيضاً ، عن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي الحسـن عليهالسلام ، قال : ألزموهم (ما ألزموا به) (١) أنفسـهم (٢). انتهى.
وعبـد الله بن جَـبَـلَـة واقفيٌّ موثّـق (٣).
ويحتمل أنّ عليّ بن عبـد الله هو البطائني (٤) الثقـة.
وسـليمان لم أتحقّـق من هو ، لـكـنّي لم أجـد في طبقـته باسـمه مـن طُعـن فيه أو وُصف بالضعـف ، وذُكر في بعض حواشـي «التهذيب» أنّـه ابن جعفـر الحميـري (٥) ، وعليـه : فهـو من رجـال الرضـا ، وهو ثـقـة (٦).
كما ذُكِـر أنّ علـيّـاً هـو ابن (عبـد الله) (٧) بن الحسـين بن زين
__________________
(١) في تهذيب الأحكام : «بما ألزموا» ، وفي الاسـتبصار : «ما ألزموا» وفي نسـخة منه كما في المتن.
(٢) تهذيب الأحكام ٩ / ٣٢٢ ح ١١٥٦ ، الاسـتبصار ٤ / ١٤٨ ح ٥٥٥.
(٣) انظر : رجال النجاشي : ٢١٦ رقم ٥٦٣ ، رجال الطوسي : ٣٥٦ رقم ٣٣ في أصحاب الإمام الكاظم عليهالسلام ، خلاصة الأقوال : ٣٧٢ رقم ١٤٧٤.
(٤) كذا في الأصل ، ولعلّه تصحيفٌ صوابه «العطّار القمّي» ، الثقة ، وقد عدّه شـيخ الطائفة قدسسره في أصحاب الإمام الجـواد عليهالسلام.
انظر : رجال النجاشي : ٢٥٤ رقم ٦٦٦ ، رجال الطوسي : ٤٠٤ رقم ١٩ ، خلاصة الأقوال : ١٨٦ رقم ٥٥٢.
(٥) كذا في الأصل ، ولعلّه تصحيفٌ صوابه : «الجعفري» ؛ انظر الهامش الآتي.
(٦) قال النجاشي : «سليمان بن جعفر بن إبراهيم بن محمّـد بن عليّ بن عبـد الله بن جعفر الطـيّار ، أبو محمّـد الطالبي الجعفري ، روى عن الرضـا عليهالسلام ، وروى أبوه عن أبي عبـد الله وأبي الحسـن عليهماالسلام ، وكانا ثـقتين».
انظر : رجال النجاشي : ١٨٢ رقم ٤٨٣ ، فهرسـت الطوسي : ٢٢٢ رقم ٣٢٨ ، رجال الطوسي : ٣٥١ رقم ١٠ في أصحاب الإمام الكاظم عليهالسلام وص ٣٧٧ رقم ١ في أصحاب الإمام الرضـا عليهالسلام ، خلاصة الأقوال : ١٥٤ رقم ٤٤٦.
(٧) كذا في الأصل ، ولعلّه تصحيفٌ صوابه : «عبيـد الله».
العابدين عليهالسلام ، وهو من المختصّين بالرضـا عليهالسلام ، وله مقام عظيم في الزهد والعبادة ، فهو ثـقـة (١).
هـذا ، والظاهر من الطلاق على غير السُـنّة هو ما يصحّحونه من الطلاق في طهر المواقعة (٢) ..
ويحتمل أن يراد به الطلاق بالثلاث أو ثلاثاً في مجلس واحد ..
* فقد روى في «التهذيبين» ، عن الحسـن بن محمّـد بن سـماعة ، عن جعفر بن سـماعة ، قال : سـئل عن امرأة طُـلّقت على غير السُـنّة ، ألي أن أتزوّجها؟
قال : نعم.
فقلت : ألسـتَ تعلم أنّ عليّ بن حنظلة روى : إيّاكم والمطلّقات ثلاثاً على غير السُـنّة ، فإنّهنّ ذوات أزواج؟!
فقال : يا بنيّ! إنّ رواية ابن أبي حمزة أوسع على الناس ؛ روى عن أبي الحسـن عليهالسلام أنّه قال : ألزِموهم من ذلك ما ألـزَموه أنفسـهم ، وتزوّجوهنّ ، (فلا بأس) (٣) (٤).
وربّما يتراءى من الخطاب في «ألزِموهم» ، والغَيْبة في ضميرَي الجمع ـ أعني : الفاعل والمضاف إليه ـ أنّ المخاطب بالإلزام هم الشـيعة ،
__________________
(١) انظر : رجال النجاشي : ٢٥٦ رقم ٦٧١ ، خلاصة الأقوال : ١٨٣ رقم ٥٤٣ ، التحرير الطاووسي : ٣٦٦ رقم ٢٥٦.
(٢) انظـر : المدوّنـة الكبرى ٢ / ٦٦ ـ ٦٧ ، الحاوي الكبير ١٢ / ٣٨٥ ـ ٣٨٦ ، المغني ـ لابن قدامة ـ ٨ / ٢٣٨ ، المجموع شرح المهذّب ١٧ / ٧٤ ، شرح فتح القدير ٣ / ٤٦٧.
(٣) في تهذيب الأحكام : «فإنّـه لا بأس بذلك» ، وفي الاسـتبصار : «فإنّـه لا بأس».
(٤) تهذيب الأحكام ٨ / ٥٨ ح ١٩٠ ، الاسـتبصار ٣ / ٢٩٢ ح ١٠٣٢.
فيكون الحكم من قبيل الرخصة الخاصّـة للشـيعة من دون دلالة على بينونتها وانقطاع علقة النكاح مطلقاً ، إلزاماً لهم ؛ لكنّ هذا الترائي يضمحلّ بالنظر إلى ما مضى ويأتي من الأحاديث.
* الحديث الخامس :
ما رواه في «التهذيبين» ، بإسـناده عن أحمد بن محمّـد بن عيسـى ، عن الهيثم بن أبي مسـروق ، عن بعض أصحابه ، قال : ذُكر عند الرضا عليهالسلامبعض العلويّين ممّن كان ينتقصه ، فقال عليهالسلام : أمَـا إنّـه مقيم على حرام.
قلت : جعلت فداك ، وكيف وهي امرأته؟!
قال عليهالسلام : لأنّـه قد طلّـقها.
قلت : كيف طلّقها؟
قال عليهالسلام : طلّـقها ـ وذلك دينه ـ فحرمت عليه (١). انتهى.
فإنّ الظاهر ـ بمعونة الجواب ـ من قول السائل : «وكيف (٢) طلّقها؟» هو : إنّه يعلم أنّه طلّقها طلاقاً فاسـداً بحسـب الحكم الواقعي الأوّلي المعروف ، بحيث لا يؤثّر فراقاً ولا تحريماً ، فقال عليهالسلام إنّ ذلك طـلاقٌ يدين بصحّتـه ، فأثّر فراقاً وتحريماً عليه ، لا محض الرخصة للإمامي بترتيب آثار الفراق عليه.
وقوله عليهالسلام : «هو دينه» يدلّ على أنّه يُلزِمه ما يدين به ، فيتفـرّع
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٨ / ٥٨ ح ١٨٧ ، الاسـتبصار ٣ / ٢٩١ رقم ١٠٢٨.
(٢) كذا في الأصل ؛ ولم ترد الواو في المصدر ، كما مرّ آنفاً.
التحريم على ذلك اللزوم.
وأمّـا الهيثم بن أبي مسـروق ، ففي القسـم الأوّل من «الخلاصـة» أنّـه قريب الأمـر (١).
وعن الكشّي : قال حمدويه ، عن أصحابنا : إنّـه فاضل (٢).
وعن جـش وسـت : له كتاب ؛ رواه عنه محمّـد بن عليّ بن محبوب ومحمّـد بن الحسـن الصفّـار (٣).
وفي لـم : روى (٤) عنه سـعد بن عبـد الله (٥).
وفي «المسـتدرك» ، روى عنه «أحمـد بن محمّـد بن عيسـى ، وأحمـد بن محمّـد بن خالد ، ومحمّـد بن أحمد بن يحيى ـ ولم يسـتثن مـن (نوادره) ـ ...» (٦).
وقد صحّح العـلاّمة طرق الصدوق إلى ثور (٧) بن أبي فاختة (٨)
__________________
(١) خلاصة الأقوال : ٢٩٠ رقم ١٠٦٨.
(٢) رجال الكشّي ٢ / ٦٧٠ رقم ٦٩٦.
(٣) رجال النجاشي : ٤٣٧ رقم ١١٧٥ ، فهرسـت الطوسي : ٤٩٨ رقم ٧٨٨.
(٤) كان في الأصل : «روى روى» ، فحذفتُ إحداهما لتكرارها سهواً كما هو الظاهر.
(٥) رجال الطوسي : ٥١٦ رقم ٢ باب من لم يروِ عن واحد من الأئمّة عليهمالسلام ، وذكره شـيخ الطائفة قدسسره كذلك في ص ١٤٠ رقم ٦ في أصحاب الإمام الباقـر عليهالسلام.
(٦) مسـتدرك الوسائل ٢٢ / ١٨٩.
وانظر رواية هؤلاء عنه في : تهذيب الأحكام ٢ / ٣٢٩ ح ١٣٥٤ وج ٧ / ٢٥٣ ح ١٠٩٤ وص ٤٣٥ ح ١٧٣٤.
(٧) كذا في الأصل ، وهو تصحيفٌ صوابه : «ثوير» ؛ انظر : رجال النجاشي : ١١٨ رقم ٣٠٣ ، رجال الكشّي ٢ / ٤٨٣ رقم ٣٩٤ ، خلاصة الأقوال : ٨٧ رقم ١٨٢ ، التحرير الطاووسي : ١٠٤ رقم ٧١.
(٨) خلاصة الأقوال : ٤٤٣ الفائدة الثامنة.
ومحمّـد بن بجيل (١) وأبي ولاّد الحنّـاط (٢) ، وهو فيها (٣).
* الحديث السـادس :
ما رواه في «التهذيبين» ، بإسـناده عن محمّـد بن أحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّـد ، عن جعفر بن محمّـد بن عبـد الله (٤) العلوي ، عن أبيه ، قال : سـألت أبا الحسـن الرضـا عليهالسلام عن تزويج المطلّقات ثلاثاً؟
فقال لي : إنّ طلاقكم (الثلاث) (٥) لا يحلّ لغيركم ، وطلاقهم يحلّ لكم ؛ لأنّكم لا ترون الثلاث (٦) شـيئاً وهم يوجبونها (٧). انتهى.
ورواه الصـدوق في الباب الحـادي والثـلاثيـن (٨) ، في ما جـاء عن الرضـا عليهالسلام من العلل ، في كتاب «عيون الأخبار» ، وكذا كـتاب «العلل» ، عن محمّـد بن علي ماجيلويه ، عن محمّـد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّـد بن عيسـى ، عن جعفـر بن محمّـد الأشـعري ، عن أبيـه ، عـن
__________________
(١) لم أجده في النسخة المطبوعة التي بين يدَيّ من «خلاصة الأقوال».
(٢) خلاصة الأقوال : ٤٤٠ الفائدة الثامنة.
(٣) انظر : من لا يحضره الفقيه (المشـيخة) ٤ / ٦٢ و ٦٨ و ١٠٠.
ونقل أبو علي الحائري تصحيح العلاّمة طرق الصدوق هذه في : منتهى المقال ٦ / ٤٣٧ رقم ٣١٩٣ نقلا عن تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٦٨.
(٤) كذا في الأصل ، وهو تصحيفٌ صوابه : «عبيـد الله» كما في «التهذيبيـن» وفهرسـت الطوسي : ١١٢ رقم ١٥٠.
(٥) لم ترد في التهذيبين.
(٦) في الموضـع الثاني من تهذيب الأحكام وفي الاسـتبصار : «الثـلاثـة».
(٧) تهذيب الأحكام ٨ / ٥٩ ح ١٩٣ ورواه بسـند آخر في ج ٧ / ٤٦٩ ح ١٨٨٠ وليـس فيه : «وهم يوجبونها» ، الاسـتبصار ٣ / ٢٩٢ ـ ٢٩٣ ح ١٠٣٥.
(٨) الصحيح : الباب الثاني والثـلاثون ؛ انظر المصـدر!
الرضـا عليهالسلام (١).
ومحمّـد بن علي ماجيلويه قد أكـثر الصـدوق من الرواية عنـه مترحّمـاً ومترضّياً (٢).
والعـلاّمة في «الخلاصة» قال / (٣) بصحّـة طريق الصـدوق إلى إسـماعيل بن رباح الكوفي ، وفيه محمّـد بن علي ماجيلويه (٤).
وذكر الميرزا في «منهج المقال» أنّ مشـايخنا تابعوا العلاّمة على ذلـك (٥).
وقال الآقا الوحيد في «التعليقة» : «والمصنّف في (رجاله المتوسّط) قال : ماجيلويه ، يلقّب به محمّـد بن عليّ بن محمّـد بن أبي القاسـم عبـد الله ـ أو : عبـيد الله ـ وجدّه : محمّـد بن أبي القاسم ، وهما ثقتان» (٦).
وأمّا جعفر بن محمّـد ، فقد قال الوحيد في «التعليقة» : «روى عنه محمّـد بن أحمد بن يحيى ، ولم يسـتثنِ من رجاله ، وفيه دليل على ارتضائه وحسـن حاله ، بل مشـعر بوثاقته ، مضافاً إلى كونه كـثير الرواية ،
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ / ٩١ ح ٢٨ ، علل الشرائع ٢ / ٢٢٦ ب ٢٨٤.
(٢) انظر : من لا يحضره الفقيـه (المشـيخة) ٤ / ١٤ و ١٨ و ٢٠ و ٢١ و ٢٢ و ٢٤ ـ ٢٥ و ٣١ و ٣٤ و ٣٧ و ٤٠ و ٤١ ـ ٤٢ و ٤٤ و ٤٦ و ٥١ و ٥٢ و ٥٤ و ٦٠ ـ ٦١ و ٦٢ ـ ٦٣ و ٧٠ و ٧٢ و ٧٩ و ٨١ و ٨٣ و ٨٥ و ٨٧ ـ ٨٨ و ٨٩ و ٩١ و ٩٣ و ٩٧ و ٩٩ و ١٠٠ و ١٠٢ ـ ١٠٣ و ١٠٥ و ١٠٦ و ١٠٨ و ١١٢ ـ ١١٣ و ١١٥ و ١٢٠ و ١٢٣ و ١٢٧ و ١٣٠ و ١٣٢.
(٣) جاء في أعلى الصفحة ٦ من المخطوطة كلمة : «بلغ تصحيحاً». منـه قدسسره.
(٤) انظر : خلاصة الأقوال : ٤٣٨ وفيه : «ابن رياح» ، من لا يحضره الفقيه (المشـيخة) ٤ / ٣٤.
(٥) انظر : منهج المقال : ٤٠٨ ، منتهى المقال ٦ / ١٣٢ رقم ٢٧٨٠.
(٦) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٠٩ ، الوسـيط : ٢٩٢ باب الكنى «ماجيلويه».
وقد أكـثروا من الرواية عنه» (١).
وأمّـا أبـوه ، فإن كان محمّـد بن عيسـى الأشـعري ـ كما يقول الميـرزا في «المنهج» (٢) ـ فهو شـيخ القمّـيّـين ووجه الأشـعريّين (٣) ، وإلاّ فلم يذكر إلاّ أنّ محمّـدَ بن عبـد الله الأشـعريّ من أصحاب الرضـا عليهالسلام (٤).
قوله عليهالسلام : «يوجبونها» أي يجعلونها ثابتة لازمة ، أو يحكمون بثبوتها ولزومها ؛ ولا يخفى أنّ هذا التعليل يشـير إلى قاعـدة الإلزام ، أو ينظر إليها ببـيان تحقّق صُغراها ، وهو تطليقهم طلاق البينونة بحسـب تديّنهم ، وإلاّ فإنّ مجرّد بنائهم التشـريعي على ذلك لا يقضي بتغيير الحكم الواقعي.
وربّما كان الاقتصار على التعليل بالصغرى تقـيّـةً من حزازة التعبير بالإلزام ، فهو جار مجرى قوله عليهالسلام في الحديث الثاني : «فإنّـه عنى الـفـراق» ؛ إذ عـقّـبـه بقـوله عليهالسلام : «مَـن دان بديـن قـوم لـزمتـه أحكامُـهم (٥)».
__________________
(١) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٨٥.
وانظر : منتهى المقال ٢ / ٢٦٥ رقم ٥٧٨ وص ٢٧٣ رقم ٥٨٥.
(٢) منهج المقال : ٣٠٢.
(٣) انظر : رجال النجاشي : ٣٣٨ رقم ٩٠٥ ، خلاصة الأقوال : ٢٥٧ رقم ٨٨١ ، معجم رجال الحديث ١٨ / ١١٥ رقم ١١٥٣٤.
(٤) رجال الطوسي : ٣٨٨ رقم ٢٤ وص ٣٨٩ رقم ٣٢ وص ٣٩٣ رقم ٨٠ ، وانظر : نقـد الرجـال ٤ / ٢٥٢ رقـم ٤٨٥٨ ، معجم رجـال الحـديث ١٧ / ٢٤٥ رقم ١١٠٩٩ وص ٢٥٨ رقم ١١١٣٦ وص ٢٧٥ رقم ١١١٧٩.
(٥) كان آخر الكلمة مطموسـاً في الأصـل ، والظاهر منها : «أحكامـه» فقط ، فأضفنا مـا بين العضادتين من متن الحديث الثاني المارّ آنفاً في الصفحـة ٣١٨ ـ ٣١٩ ؛ فـلاحـظ!
* الحديث السـابع :
ما رواه في «التهذيبين» ، بإسـناده عن أحمد بن محمّـد بن عيسـى ، عن إبراهيم بن محمّـد الهمداني ، قال : كـتبت إلى أبي جعفـر الثـاني عليهالسلاممع بعض أصحابنا ، وأتاني الجواب بخطّه : «فهمتُ ما ذكرتَ من أمر ابنـتك وزوجها ، (أصلح الله من أمرك) (١) ما تحبّ صلاحه.
فأمّا ما ذكرتَ من حنثه بطلاقها غير مـرّة ، فانظر ـ يرحمـك (٢) الله ـ فإنْ كان ممّن يتولاّنا ويقول بقولنا ، فلا طلاق عليه ؛ لأنّه لم يأتِ أمراً جهله ؛ وإنْ كان ممّن لا يتولاّنا ولا يقول بقولنا ، فاختلِعها منه ، فإنّـه (نوى الطلاق) (٣) بعينـه» (٤). انتهى.
والحديث أقرب إلى وصف الصحّة ، وقد وصفه بالصحّة في «المسـالك» (٥) ، فإنّ طريق الشـيخ إلى أحمد بن محمّـد بن عيسـى صحيـح (٦).
__________________
(١) في التهذيبين : «فأصلح الله لك».
(٢) في تهذيب الأحكام : «رحمك».
(٣) في التهذيبين : «إنّما نوى الفراق».
(٤) تهذيب الأحكام ٨ / ٥٧ ح ١٨٦ ، الاسـتبصار ٣ / ٢٩١ ح ١٠٢٧.
(٥) مسالك الافهام ٩ / ٩٥ ـ ٩٦.
(٦) وطرق الشـيخ قدسسره إليه كلّها صحيحة ، كما في مشـيخة «التهذيبين» ، وهي :
عن الشـيخ المفيد ، عن ابن قولويه ، عن الكليني ..
وكذلك : عن الحسـين بن عبيـد الله الغضائري ، عن أبي غالب الزراري وهارون ابن موسى التلّـعكبري وابن قولويه وأحمد بن أبي رافع الصيمري وأبي المفضّل الشـيباني وغيـرهم ، كـلّهم عن الكليني ..
وإبراهيم بن محمّـد (١) ، وكيلٌ (٢) ، وقد روي توثيقه ومدحه وإنْ كان بسـند غير بالغ حدَّ الصحّـة (٣).
ولا يقدح في الحديث كونه مكاتبة مع قوله : «بخطّـه» ، وكونه جارياً على خلاف التقـيّـة.
وينبغي التـنبـيه في مفاد الحديث على أُمور :
أ ـ الظاهر من قوله عليهالسلام : «حنـثـه بطلاقها» أنّه يحلف بالطلاق
__________________
وكذلك : عن أحمـد بن عبـدون المعروف بابن الحاشـر ، عن أحمـد بن أبي رافـع الصيمري وعبـد الكريم بن عبـد الله بن نصر البـزّاز ، عن الكليني ، عن عـدّة مـن أصحابنا ، عن أحمـد بن محمّـد بن عيسـى.
وكذلك : عن الحسـين بن عبيـد الله الغضائري ، عن أحمد بن محمّـد بن يحيى العطّار ، عن أبيه ، عن محمّـد بن عليّ بن محبوب ، عن أحمـد بن محمّـد بن عيسـى.
وكذلك : عن أبي عبـد الله المفيد والحسـين بن عبيـد الله الغضائري وأحمد بن عبـدون المعروف بابن الحاشر ، كلّهم عن الحسـن بن حمزة العلوي ومحمّـد بن الحسـين البزوفري ، جميعاً عن أحمد بن إدريـس المعروف بأبي عليّ الأشـعري ، عن أحمـد بن محمّـد بن عيسـى.
وكذذلك : عن الحسـين بن عبيـد الله الغضائري وابن أبي جيّـد ، جميعاً عن أحمد ابن محمّـد بن يحيى العطّار ، عن أبيه ، عن أحمـد بن محمّـد بن عيسـى.
(١) كان في الأصـل : «ومحمّـد بن إبراهيـم» ، وهـو من سـبق قلمـه الشـريف ، ومراده قدسسره هو ما أثبتناه في المتن ، كما مرّ في سند الحديث في الصفحة السابقة.
(٢) رجال البرقي : ٥٤ ، رجال الطوسي : ٣٦٨ رقم ١٦ في أصحاب الإمام الرضـا عليهالسلامو ص ٣٩٧ رقم ٢ في أصحاب الإمام الجـواد عليهالسلام وص ٤٠٩ رقم ٨ في أصحاب الإمام الهادي عليهالسلام ، خلاصة الأقوال : ٥٢ رقم ٢٣.
(٣) انظر : رجال الكشّي ٢ / ٨٦٩ رقم ١١٣٥ و ١١٣٦ ، خلاصة الأقوال : ٥٢ رقم ٢٣ ، منهج المقال ١ / ٣٦٠ رقم ١٥٢ ، نقد الرجال ١ / ٨٥ رقم ١٣٤ ، تنقيح المقال ٤ / ٣٥٩ رقم ٥٥٢ ، منتهى المقال ١ / ٢٠١ رقم ٧٨ ، معجم رجال الحـديث ١ / ٢٦٧ ـ ٢٩٤.
ويصدر منه ما يُـعَـدّ حنثاً عندهم في مذهبهم ، ويكون قوله عليهالسلام : «غير مرّة» بياناً لتكـرّر الحنث ، ويحتمل أن يكون بياناً لتكـرّر الطلاق غير مرّة وكونه ثلاثاً بحيث تبين به في مذهبهم.
ب ـ ويحتمل أن يراد بالحنث ذات الطلاق المتعدّد ، أو بالثلاث.
ج ـ المـراد من قولـه عليهالسلام : «فاختلِعها منه» : انتزعها منه وأَبِـنْـها ، كمـا تقـدّم من قـول الرضـا عليهالسلام في الحـديث الثـاني : «فأَبِـنْـها منـه ، فإنّـه عـنى الفـراق» ، كمـا يـدلّ على ذلك قولـه عليهالسلام في نفـس المكاتبـة ـ قبل هـذا ـ : «فلا طلاق عليه» ، مضافاً إلى تعليل الاختلاع بأنّه نوى الفـراق بعينه ، مع أنّ المقام لا يناسـب أن يطلب منه أن يطلّـقها طلاقاً خلعيّـاً.
وعلى المعنى الأوّل في الحنث يكون مورد الرواية مطلق الحلف بالطلاق وبتكـرّر الحنث ، أو بكون الحلف بالطلاق ثلاثاً ، تبيـن منـه بحسـب مذهبه إن لم يكن شـافعياً (١).
وعلى الثاني : تبين منه مطلقاً بتكـرّره ثلاثاً ، أو بكونه طلاقاً بالثلاث ، وأنّ التعليل للاختلاع بنيّـة الفراق جرى على ما ذكرناه في الحديث السـابق من بيان تحقّـق الصغرى لقاعدة الإلزام بالطلاق الجدّي بحسـب نوعهم وظاهر كلامهم ، بخلاف الإمامي ، فإنّه لا يجهل فسـاد هذا الطلاق ؛ وهذا يكفي في بيان الإقناع بالفرق بين الإمامي وبينهم.
وأمّـا التعليـل بالإلزام فلا حاجة إليه ، وربّما يكون الإعراض عنـه أوفـق بالتقـيّـة كما تقـدّم.
__________________
(١) انظر مؤدّاه في : الحاوي الكبير ١٩ / ٤٦٢ ـ ٤٦٣ وما بعـدهما.
* الحديث الثامن :
ما رواه في «التهذيبين» ، بإسناده عن الحسن بن محمّـد بن سماعة ، عن جعفر بن سماعة والحسـن بن عديـس (جميعاً) (١) ، عن أبان ، (٢)عن عبـد الرحمن البصري ، عن أبي عبـد الله عليهالسلام ، قال : قلت له : امرأة طُـلّقت على غير السُـنّة؟
فقال عليهالسلام : تتزوّج هذه المرأة ، لا (٣) تُـترك بغير زوج (٤). انتهى.
ورواه في «الوسـائل» من «نوادر أحمد بن محمّـد بن عيسـى» ، عن القاسـم ، عن أبان ، عن عبـد الرحمن ، عن أبي عبـد الله عليهالسلام ، بتفاوت يسـير لا تختلف به الدلالة (٥).
* الحديث التاسـع :
وعن الحسـن بن محمّـد بن سـماعة ، عن محمّـد بن زياد ، عن
__________________
(١) ليـسـت في التهذيبين.
(٢) أثبتـناه من التهذيبين.
وانظر : تفصيل وسائل الشـيعة ٢٢ / ٧٣ ح ٢٨٠٥٤ ب ٣٠ وفيه : «جميعاً ، عن أبـان».
(٣) في تهذيب الأحكام : «ولا».
(٤) تهذيب الأحكام ٨ / ٥٨ ح ١٨٨ ، الاسـتبصار ٣ / ٢٩١ ـ ٢٩٢ ح ١٠٢٩.
(٥) تفصيل وسائل الشـيعة ٢٢ / ٧٧ ح ٢٨٠٦٥ ب ٣١ باب أنّ المرأة إذا طلّقت على غير السُـنّة ... ، عن نوادر أحمد بن محمّـد بن عيسى : ١٠٨ ح ٢٦٥ ، ونصّ الحـديث وسـنده :
عن القاسـم ، عن أبان ، عن عبـد الرحمن بن أبي عبـد الله ، قال : سألت أبا عبـد الله عليهالسلام عن امرأة طُـلّـقت على غير السُـنّة ، ما تقول في تزويجها؟
قال : تُـزوّج ، ولا تُـترك.
عبـد الله بن سـنان ، قال : سـألته عن رجل طلّق امرأته لغير عـدّة ، ثمّ أمسـك عنها حتّى انقضت عدّتها ، هل يصلح لي أن أتزوّجها؟
قال عليهالسلام : نعم ، لا تُـترك المرأة بغير زوج (١). انتهى.
قوله : «لغير عدّة» ، أي في طهر المواقعة كما يجوز عند الجمهور (٢)على خلاف قوله تعالى : (فطلّـقوهنّ لعِـدّتهنّ) (٣).
ومحمّـد بن زياد ، إنْ كان العطّار ـ كما هو الأقرب ـ فقد ذُكر أنّه ثقـة (٤) ، وإلاّ فهو مشـترك بين من لم يُذكر بجرح ولا تعديل (٥).
ثمّ إنّه وإن لم يسـتفصل في هذا الحديث عن حال الرجل المطلِّق وكونه منّا أو من غيرنا ، ولا عن حال زوج المرأة في الحديث السـابق ، لكـن يبعد كلّ البعد من مثل عبـد الله بن سـنان وعبـد الرحمن بن أبي عبـد الله البصري أن يسـألا عن طلاق الشيعيّ الفاسـد ، مضافاً إلى أنّ الحكم الواقعي الأوّلي لا يتغيّر إلاّ بطروّ عنوان ثان ، وليس في المقام ما يقطع النكاح ويسـوّغ تزويج المرأة إلاّ مسـألة الإلزام والتديّن بالطلاق ، فالحكم قرينة على تقيـيد موضوعه.
ولعلّما يجيء مثل هذا الإشـكال في الروايات ، من عدم ذِكر أبوابها
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٨ / ٥٨ ح ١٨٩ ، الاسـتبصار ٣ / ٢٩٢ ح ١٠٣٠.
(٢) تقـدّم تخريج ذلك في الصفحـة ٣٢٣ هـ ٢ ؛ فراجـع!
(٣) سورة الطلاق ٦٥ : ١.
(٤) رجال النجاشي : ٣٦٩ رقم ١٠٠٢ ، رجال ابن داوود : ١٧٢ رقم ١٣٨٠ ، تفصيل وسائل الشـيعة ٣٠ / ٤٧٢ ، نقد الرجال ٤ / ١٧٤ رقم ٤٥٨٦ وص ٢٠٧ رقم ٤٦٩٥.
وانظـر : معجـم رجـال الحديث ١٦ / ٢٢٩ رقم ١٠٥٠٣ وص ٢٧٩ رقم ١٠٥٦٢ وج ١٧ / ١٠٢ رقم ١٠٨٠٤.
(٥) انظر : معجم رجال الحديث ١٧ / ٩٥ ـ ١٠١ رقم ١٠٧٩٢ ـ ١٠٨٠٣.
وسـياق الكلام في مأخذها من كتب الأُصول ، وإنّ كثيراً من أشـكال الإضمـار يجيء من هذا القبيـل ، ومنه هذا الحـديث ، الذي يغلب على الظنّ والاطمئنان أنّه أُخذ من كتاب عبـد الله أو غيره مضمَراً في سـياق الرواية عن الصـادق عليهالسلام.
فلعلّ الشـيخ تبع المأخذ لهذين الحديثين في إيرادهما في هذا البـاب ؛ ولأجـل ذلك لم يعتنِ بشـبهة ترك الاسـتفصال ؛ أو لأنّ سـؤالَي عبـد الرحمن وعبـد الله يدلاّن على إرادة غير الإمامي ، بل الّذين يطلّقون على غير السُـنّة ولغير العدّة ، فأجابهما على سـؤالهما ؛ لعلمه بمرادهما الخاصّ ولو بالنظر إلى (١) مقامهما في العلم ؛ وهو الأقـرب.
* الحديث العاشـر :
ما رواه في «التهذيبين» ، عن (الحسـن بن محمّـد بن سـماعة) (٢) ، عن محمّـد بن الوليد والعبّـاس بن عامر (جميعاً) (٣) ، عن يونـس بن يعقوب ، عن عبـد الأعلى ، عن أبي عبـد الله عليهالسلام ، قال : سـألته عن الرجل يطلّق امرأته ثلاثـاً؟
قال عليهالسلام : إن كان مسـتخفّـاً بالطلاق ألزمتَـه ذلك (٤). انتهى.
فإنّ الظاهر من قوله عليهالسلام : «مسـتخفّـاً بالطلاق» هو كونه يدين بخفّـة الطلاق على خلاف ما هو معتبر فيه من الشـروط في ذاته ، وفي
__________________
(١) أضفناها اسـتظهاراً لها ؛ لعدم وضوح صورة النسـخة.
(٢) في التهذيبين : «عليّ بن الحسـن بن فضّـال».
(٣) ليـسـت في التهذيبين.
(٤) تهذيب الأحكام ٨ / ٥٩ ح ١٩١ ، الاسـتبصار ٣ / ٢٩٢ ح ١٠٣٣.
وقوع الثلاث كما هو عند الجمهور (١) ، لا مَن يسـتخفّ به في إكثاره له جامعاً للشـروط ، أو يتسـاهل في أمره على خلاف مذهبه ؛ ولذا عَـدّ الحـديثَ جماعـةٌ من أدلّـة المقام (٢).
* الحديث الحادي عشـر :
قـال في أيمـان «الفقيـه» : روى العـلاء ، عن محمّـد بن مسـلم ، (عن أحدهمـا عليهماالسلام ،) (٣) قال : سـألته عن الأحكام؟
فقال عليهالسلام : يجوز على (أهل) (٤) كلّ دين بما يسـتحلفون (٥).
وفي أيمان «مسـتدرك الوسـائل» من «نوادر أحمد بن محمّـد بن عيسـى» ، عن محمّـد بن مسـلم ، قال : سـألته عن الأحكام؟
فقال عليهالسلام : يجوز في كلّ دين ما يسـتحلفون (٦). انتهى.
وذكر خارج السـطر : «يسـتحلّون» ، وعليها علامة نسـخة البدل (٧).
__________________
(١) انظر : المدوّنة الكبرى ٢ / ٦٦ ٦٧ ، الحاوي الكبير ١٢ / ٣٨٨ ، المغني ـ لابن قدامة ـ ٨ / ٢٣٦ ـ ٢٣٧ ، المجموع شرح المهذّب ١٧ / ٨٤ ، شرح فتح القدير ٣ / ٤٦٨.
(٢) انظر مثـلا : مسالك الافهام ٩ / ٩٥ ، نهاية المرام ٢ / ٣٤ ، مفاتيح الشرائع ٢ / ٣١٦ ، الحدائق الناضرة ٢٥ / ٢٤٣ ، رياض المسائل ١٢ / ٢٣٣ ، جواهر الكلام ٣٢ / ٨٧.
(٣) ليـسـت في المصـدر.
(٤) ليـسـت في المصـدر.
(٥) من لا يحضره الفقيه ٣ / ٢٣٦ ح ١١١٦.
(٦) مسـتدرك الوسائل ١٦ / ٦٩ ح ١٩١٨٣ ، عن نوادر أحمد بن محمّـد بن عيسى : ٥٤ ح ١٠٢.
(٧) مسـتدرك الوسائل ١٦ / ٦٩ ح ١٩١٨٣ هـ ١.
وقال في «الاسـتبصار» : «لأنّ كلّ من اعتقد اليمين بشـيء جاز أن يُسـتحلَف به ..
* يدلّ على ذلك : ما رواه الحسـين بن سعيد ، عن فضالة ، عن العلاء. والحسـين ، عن صفوان بن يحيى ، عن العلاء ، عن محمّـد بن مسـلم ، عن أحدهمـا عليهماالسلام ، قال : سـألته عن الأحكام؟
فقال عليهالسلام : في كلّ دين ما يسـتحلفون (به) (١)» (٢). انتهى.
ورواه في «التهذيب» بهذا السـند وهـذا المتن إلاّ قوله : «به» بعـد «يسـتحلفون» (٣) ، وكـتب بعض المعلّقين أنّ لفظ (به) لا يوجد في «الاسـتبصار» وبعض نسـخ «التهذيب» (٤). انتهى.
وفي بعض نسـخ «التهذيب» كتب خارج السـطر : «يسـتحلّون» ، وعليها علامة نسـخة البـدل (٥).
__________________
(١) ليـسـت في المصـدر.
(٢) الاسـتبصار ٤ / ٤٠ ذ ح ١٣٥ وح ١٣٦.
(٣) تهذيب الأحكام ٨ / ٢٧٩ ح ١٠١٧.
أقـول : كلمة «به» موجـودة في «تهذيب الأحكام» دون «الاسـتبصار» في النسـخ المطبوعة التي بين أيدينـا ؛ وهو موافق لِما أفاد به الشـيخ البـلاغي قدسسره لاحقاً عن بعض المعلّقين بوجودها في بعض نسخ «تهذيب الأحكام» دون بعض ؛ فلاحـظ!
(٤) تهذيب الأحكام ـ الطبعة الحجرية ـ ٢ / ٢٧١.
(٥) تهذيب الأحكام ـ الطبعة الحجرية ـ ٢ / ٢٧١.
أقـول : وقد كـتب أحد المعلّقين هنا في هامش النسـخة الحجرية من «تهذيب الأحكام» ما لفظـه :
«في نسـخ (الاسـتبصار) توجد (يسـتحلفون) ولا يوجد (يسـتحلّون) ، وتلك النسـخة مطابقة للباب وإنْ كان يمكن توجيه نسـخة (يسـتحلّون) بتكلّف». فلاحظ!
والذي رأيتـه في «الوسـائل» مطابق لِما في «الاسـتبصار» (١).
والظاهر أنّ رسم نسـخة البدل على «التهذيب» في هذا الباب ناشئ من بناء بعض المصحّحين على أنّ هذا الحديث هو عين الحديث الأوّل ؛ لاتّحاد السـائل وصورة السـؤال ، فأخذوا يصحّحون بنسـخة البـدل (٢) ..
لكنّ البناء على الاتّحاد لا مسـتند له إلاّ التخمين ، فإنّه يجوز أن يكون السـؤال في هذا الحديث عن الأحكام القضائية في الأيمان ، وأجاب الإمـام عليهالسلام على ذلك ، وكان الأُسـلوب والترتيب في كـتاب العلاء أو كـتاب محمّـد بن مسـلم يدلّ على ذلك ، وفاتت الدلالة بأخذ الحديث من الكـتاب منفرداً عن القرائن الكـتابـيّـة.
ولو لم يكـن ذلك لَـبَـعُـدَ من الصـدوق والشـيخ أن يذكـراه في كـتاب الأيمان مع أنّ الأصل «يسـتحلّون» ، فإنّ توجيه الانطباق مع كون الأصل «يسـتحلّون» لا يخفى ما فيه من التكلّف والتمحّل البعيدَين عن سـاحة الصـدوق والشـيخ ، خصوصـاً في مقام الرواية وذِكر الحـديث في بابـه.
__________________
(١) انظر : تفصيل وسائل الشـيعة ٢٣ / ٢٦٧ ح ٢٩٥٤٢ هـ ١ ، وسـند الحديث ومتنه كالآتي :
«وعنه ـ أي : الحسـين بن سعيد ـ عن فضالة ، وصفوان جميعاً ، عن العلاء ، عن محمّـد بن مسلم ، عن أحدهمـا عليهماالسلام ، قال : سألته عن الأحكام؟
فقال : في كلّ دين ما يسـتحلفون بـه».
أقـول : وُضع في «الوسائل» على كلمة «يسـتحلفون» هامش لنسـخة البدل : «يسـتحلّون» ، ولم يُشَـر إلى وجود أو عدم وجود كلمة «به» في بعض نسخ «التهذيبين» ، فالظاهر من ذلك ثبوت كلمة «بـه» في نسـختَي «التهذيبين» لدى صاحـب «الوسـائل» قدسسره ؛ فلاحـظ!
(٢) راجـع الهامـش السـابق ، والهامـش رقم ٥ من الصفحـة السـابقـة.
وفـي الروايات المسـندة المندرجة في أواخر الكـتاب المسـمّى بـ «فقـه الرضـا عليهالسلام» أورد هذه الرواية في باب الأيمان أيضـاً (١) ـ ويقـال : «إنّ تلك الروايات هي نوادر أحمـد بن محمّـد بن عيسـى» (٢) ـ.
مضافاً إلى أنّ الشـيخ روى مثل هذه الرواية بلفظ «يسـتحلّون» في المواريث ، كما تقدّم في الحديث الأوّل بغير هذا المتن وغير هذا السـند ، عن العـلاء (٣).
والظاهر أنّ الحديث الأوّل رواه الشـيخ من كتاب محمّـد بن مسلم ، وهو المسـمّى بـ «الأربعمئة مسـألة» (٤) ، ويكون العلاء من مشـايخ الإجازة لرواية الكـتاب المذكور ؛ وذلك لوجود السـنديّ بن محمّـد في سـند الشـيخ ، كما هو موجود في سـند النجاشـي إلى الكـتاب المذكور ، مع أنّـه لا يوجد السـنديّ في طريق الشـيخ إلى كـتاب العـلاء.
نعم ، ربّما يحتمل أن تكون النسـخ في هذا الحديث الحادي عشـر من تعـدّد النسـخ لكـتاب العلاء كما عن «الفهرسـت» أنّ له أربـع نسـخ لكـلّ منـهـا راو وطـريـق ، لكـنّه ليـس فـي طـرق الشـيـخ إليـهـا فضـالـة ولا الحسـين بن سـعيد (٥).
فالأقرب أن يكون الشـيخ روى هذا الحديث من كـتاب محمّـد بن مسـلم أيضـاً.
__________________
(١) لم نعثر على الرواية في «فقه الرضـا قدسسره» المطبـوع.
(٢) انظر : نوادر أحمد بن محمّـد بن عيسى : ٥٤.
(٣) راجـع الصفحـة ٣١٥.
(٤) انظر : رجال النجاشي : ٣٢٣ ـ ٣٢٤ رقم ٨٨٢ ، الذريعة ١ / ٤٠٧ رقم ٢١٢٠.
(٥) فهرسـت الطوسي : ٣٢٢ ـ ٣٢٣ رقم ٥٠٠.
والمظنون أنّ النسـخ المذكورة في «التهذيب» صدرت من المصحّحين تخمينـاً ، أو نظراً إلى نسـخ كـتاب العـلاء.
وممّـا يجـري على هذا الحـديث : ما رواه في «الكافي» ، عن عليّ ابن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبـد الله عليهالسلام ، أنّ أميـر المؤمنيـن عليهالسلام اسـتحلف يهودياً بالتـوراة التي أُنزلت على موسـى (١).
ورواه الشـيخ في «التهذيبين» ، عن الكليني (٢).
* وروى في «التهـذيبيـن» ، عن الحسـين بن سـعيد ، عن النضـر ابن سـويد وابن أبي نجـران جميعـاً ، عن عاصـم بن حُـمَـيْـد ، عـن محـمّـد بـن قيـس ، قـال : سـمعت أبـا جعفـر يقـول : قضـى عليٌّ عليهالسلام في مَـن اسـتـحلـفَ (٣) أهـلَ الـكـتـاب بـيـمـيـنِ صَـبْـر (٤) ، أن
__________________
(١) الكافي ٧ / ٤٥١ ح ٣ باب اسـتحلاف أهل الكـتاب.
(٢) تهذيب الأحكام ٨ / ٢٧٩ ح ١٠١٩ ، الاسـتبصار ٤ / ٤٠ ح ١٣٥.
(٣) في «تهذيب الأحكام» هنا زيادة : «رَجـلا مِـن».
(٤) يمين الـصَّـبْر : هي التي يكون الرجل فيها متعمّـداً الكذب قاصداً لإذهاب مال مسلم ؛ سمّيت به لصبر صاحبه على الإقدام عليها مع وجود الزواجر من قلبه.
انظر : التعريفات ـ للجرجاني ـ : ٢٥٩ ـ ٢٦٠.
وقيل : هي أن يَحْبِسَ السلطانُ الرجلَ على اليمين حتّى يَحْـلِفَ بها ، وتكون لازمة لصاحبها من جهة الحكم.
انظر مادّة «صبر» في : الفائق في غريب الحديث ٢ / ٢٧٧ ، النهاية في غريب الحديث والأثر ٣ / ٨ ، لسان العرب ٧ / ٢٧٥ ، مجمع البحرين ٣ / ٣٦٠.
أقـول : يمكن الجمع بين المعنـيَـين بأن يَحْبِسَ السلطانُ الرجلَ على أداء يمين لإثبات حـقّ ، فيحلف كاذبـاً.
ويعضد هذا المعنى ما روي عن الإمام أبي عبـد الله الصادق عليهالسلام أنّـه قال : قال
يسـتحـلفـه (١) بكـتابه وملّـته (٢). انتهى.
والظاهر أنّ هذا جار على إلزامه بما في مذهبه ، وإنْ كان الحكم الأَوّلي هو انحصار الحلف بالله كما جاءت به الأحاديث الكـثيرة.
والظاهر أنّ محمّـد بن قيـس هو البجلي الكوفي ، الثقة ، بقرينة رواية عاصم عنه (٣) ؛ فالرواية صحيحـة.
* الحديث الثاني عشـر :
مـا رواه في «الكافي» ، عـن عليّ بن إبراهيـم ، عن أبيـه ، عن ابـن أبي عمير ، عن عمر بن أُذينة ، عن عبـد الله بن محرز ، قال : قلت لأبي عبـد الله عليهالسلام : ترك رجلٌ ابنته وأُخته لأبيه وأُمّـه؟
فقال عليهالسلام : المال كلّه لابنته (٤) ، وليس لأُخته (٥) من الأب والأُمّ شـيء.
فقلت : فإنّـا قد احتجنا إلى هذا ، والميّت رجلٌ من هؤلاء الناس ،
__________________
رسـول الله صلىاللهعليهوآله : اليمين الصبر الفاجرة تدع الديارَ بلاقِـع.
وما روي عن الإمام أبي عبـد الله الصادق عليهالسلام أنّـه قال : إنّ يمين الصبر الكاذبة تترك الديارَ بلاقِـع. انظر : الكافي ٧ / ٤٣٥ ح ٢ وص ٤٣٦ ح ٦ باب اليمين الكاذبة.
(١) في التهذيبين : «يسـتحلف».
(٢) تهذيب الأحكام ٨ / ٢٧٩ ح ١٠١٨ ، الاسـتبصار ٤ / ٤٠ ح ١٣٧.
(٣) انظر : رجال النجاشي : ٣٢٣ رقم ٨٨١ ، رجال الطوسي : ٢٩٨ رقم ٢٩٧ ، فهرسـت الطوسي : ٣٨٦ رقم ٥٩٢ ، خلاصة الأقوال : ٢٥٢ رقم ٨٦١.
(٤) في المصدر : «للابنة».
(٥) في المصدر والتهذيبين : «للأُخت».
وأُخته مؤمنة عارفة (١)؟
فقال عليهالسلام : فخذ (لها النصف) (٢) ، خذوا منهم كما (٣) يأخذون منـكم في سُـنّـتهم وقضاياهم (٤).
قال ابن أُذيـنة : فذكرت ذلك لزرارة ، فقال : إنّ على ما جاء به ابن محرز لنـوراً (٥). انتهى.
ورجال السـند إلى ابن محـرز معروفـون.
ورواه في «التهذيبيـن» ، في باب ميراث الإخوة ، بإسـناده عن عليّ ابن الحسـن بن فضّال ، عن جعفر بن محمّـد بن حكيم ، عن جميل بن درّاج ، عن عبـد الله بن محـرز ، عن أبي عبـد الله عليهالسلام ؛ وزاد بعد قول زرارة : «لنـوراً» قوله : «خذهم بحقّك في أحكامهم وسُـنّتهم (٦) كما يأخـذون منكم فيـه» (٧) ، أي : في قضائهم.
وهذا الزائد وإنْ كان من كلام زرارة ، لكـنّه لا يعدو أن يكون مقتبسـاً من أنوار الإمامة في قاعدة الإلزام ؛ ولذا قال : «إنّ على ما جاء به ابن محرز لنوراً» ، أي : نور الصحّـة والحكم الحقيقي الذي لا تقـيّـة فيه كما يعرفـه مـن أنوار أحكامهم عليهمالسلام.
__________________
(١) كلمة «عارفة» ليـسـت في الاسـتبصار.
(٢) في المصدر : «النصف لها» ، وفي التهذيبين كما في المتن.
(٣) في تهذيب الأحكام : «مـا».
(٤) في التهذيبين : «في سُـنّـتهم وقضائهم وأحكامهم».
(٥) الكافي ٧ / ١٠٠ ح ٢.
(٦) في «الاسـتبصار» هنا زيادة : «وقضائهم» ، وهو ما سـينبّه عليه الشـيخ البلاغي قدسسرهفي السطر التالي ؛ فلاحـظ!
(٧) تهذيب الأحكام ٩ / ٣٢١ ـ ٣٢٢ ح ١١٥٣ ، الاسـتبصار ٤ / ١٤٧ ح ٥٥٢.
وقوله : «خذهم بحقّـك» يشير إلى أنّ الآخذ هو من يكون مسـتحقّـاً للمأخوذ بحسـب قواعدنا بعد أن خرج عن اسـتحقاق المأخوذ منـه ، إلزاماً بسُـنّته وقضائِـه في دِيـنِه ، فيأخـذه مَن يكـون هو الوارث عندنـا في فرض منع المأخوذ منه من الإرث ، وينطبق في المقام على الأُخـت.
وأمّا عبـد الله بن محرز ، فقد ذكر في جـش في ترجمة أخيه عُقبة ، أنّه روى عن أبي جعفر وأبي عبـد الله عليهماالسلام (١) ، وفي جـش وسـت أنّ عُقبة أخاه له كـتاب (٢).
ويظهر من الرواية أنّ عبـد الله من الشـيعة ، وكذا من رواية عمر بن أُذينة وجميل عنه ، بل ربّما يسـتفاد من روايتهما عنه جلالتـه.
وبمقتضى أنّ جميـلا من أصحـاب الإجماع (٣) ، يرجع الأمر إلى سـند الرواية منه إلى الشـيخ ، وفيه جعفر بن (٤) محمّـد بن حكيم ، فقد ذكـره الشـيخ في رجال الكاظم عليهالسلام (٥).
ونقل الكشّي ، عن حمدويه ، أنّ رجلا قال : «إنّه ليـس بشـيء» (٦).
__________________
(١) رجال النجاشي : ٢٩٩ رقم ٨١٥.
(٢) رجال النجاشي : ٢٩٩ رقم ٨١٥ ، فهرسـت الطوسي : ٣٣٩ رقم ٥٣٤.
(٣) انظر : رجال الكشّي ٢ / ٦٧٣ رقم ٧٠٥ ، خلاصة الأقوال : ٩٢ ـ ٩٣ رقم ٢٠٩ ، نقد الرجال ١ / ٣٦٨ رقم ١٠٤٥ ، التحرير الطاووسي : ١١٨ ـ ١١٩ رقم ٨٥ ، منهج المقال ٣ / ٢٥٥ رقم ١١٣١ ، حاوي الأقوال ١ / ٢٤٧ ـ ٢٤٩ رقم ١٣٤ ، منتهى المقال ٢ / ٢٨٨ رقم ٦١٤ ، عـدّة الرجال ١ / ١٩٠.
(٤) ما بين العضادتين سقط من الأصل.
(٥) رجال الطوسي : ٣٤٥ رقم ١ باب الجيم.
(٦) رجال الكشّي ٢ / ٨٢٢ رقم ١٠٣١.
وهذا لا يثبت به الضعف ، فإن كان تضعيف «الوجيزة» له مسـتنداً إلى هـذا (١) ـ كما هو الظاهـر ـ فهو لا يخلو عن ضعـف كما قال الوحيـد في «التعليقـة» (٢).
نعم ، يرتفع شـأن الرواية برواية عليّ بن فضّال (٣) ، الذي قيل فيه : إنّـه ثقة الكوفـيّين ، وعارفهم بالحديث ، والمسـموع قوله فيه ، وإنّه لم يُعثر له على زلّـة فيـه.
فالسـند إلى جميـل لا يعدو أن يكون قويّـاً.
ويعرف من قول الإمام عليهالسلام : «خذوا منهم» أنّ بنت الميّت منهم ، فإنّ الأخذ إنّما هو منها لا من أبيها ، ومقتضى القاعدة أنّ الحكم لا يجري مع كون البنت صغيرة ، بل اللازم كونها مكلّفة متديّنة بمذهبهم.
* وممّا يلحق بهذا الباب ، وينبغي أو يلزم أن ينزل عليه ، فيشـهد له ، ما رواه في «التهذيبين» ، مسنداً عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : قلت : امرأة تركت زوجَها ، وأُمَّها ، وإخوتَها لأُمّها ، وإخوةً لأبيها وأُمّها (٤)؟
قال عليهالسلام : لزوجها النصف ، ولأُمّها السـدس ، وللإخوة من الأُمّ الثلث ، ويسـقط (٥) الإخوة من (الأب والأُمّ) (٦) (٧). انتهى.
__________________
(١) الوجيزة : ١٧٧ رقم ٣٧١ ، وانظر : منتهى المقال ٢ / ٢٦٩ رقم ٥٨٢.
(٢) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٨٦ ، وانظر : منتهى المقال ٢ / ٢٦٩ رقم ٥٨٢.
(٣) هذا نسـبة إلى جـدّه ، فهو : عليّ بن الحسـن بن فضّـال ؛ وقد تقـدّمت مصادر ترجمته في الصفحـة ٣١٨ هـ ١ ؛ فراجـع!
(٤) في الاسـتبصار : «وإخوةً لأُمّها وأبيها».
(٥) في التهذيبين : «وسقط».
(٦) في تهذيب الأحكام : «الأُمّ والأب».
(٧) تهذيب الأحكام ٩ / ٢٩٣ ح ١٠٤٩ وص ٣٢١ ح ١١٥٢ ، الاسـتبصار ٤ / ١٤٦ ح
وذلك بأن تكون الأُمّ منهم ، فتُلزم بأنّها لا تسـتحقّ إلاّ السـدس ، ويكون الإخوة من الأب والأُمّ منهم أيضاً ، فيُلزمون بأنّهم لا يرثون في هذه المسـألة ، على ما هو الأوفق بقواعدهم ، وعليه الأكـثر من أئمّـتهم (١).
وهـذه هي المسـألة المسـمّاة بالحِمَـاريّـة والـحَـجَـريّـة (٢).
أو لأنّ الإخـوة من الأُمّ منهم ، فهم يزعمـون أنّ ذلك فـرض لهم ، فلا يمكـن أن يؤخـذ منهم تُسـعا التركـة للإخـوة من الأبـوين إنْ كانـوا مـنّـا.
* وكذا ما رواه في «التهذيبين» ، عن زرارة ـ أيضاً ـ عنه عليهالسلام ، قلـت : امرأة تركت أُمّها ، وإخوتها (٣) لأبيها وأُمّها ، وإخوة لأُمّ ، وأخوات لأب؟
قال عليهالسلام : لإخوتها (٤) لأبيـها وأُمّها الثلثان ، ولأُمّها السـدس ،
__________________
٥٤٩.
وسـند الحديث هو : أحمد بن محمّـد بن عيسى ، عن الحسـن بن عليّ الخـزّاز وعليّ بن الحكم ، عن مثنّى الحنّاط ، عن زرارة بن أعين ، عن أبي عبـد الله عليهالسلام ...
(١) انظر : المحصول في علم الأُصول ـ للفخر الرازي ـ ٢ / ٤٤٠ ، المغني ـ لابن قدامـة ـ ٧ / ٢١ ـ ٢٢ ، الإحكام في أُصول الأحكام ـ للآمدي ـ ٣ / ٢٥١ ، تفسـير القرطبي ٥ / ٥٣ ، الشرح الكبير ـ للدردير ـ ٤ / ٤٦٦ ، فتح القدير ـ للشوكاني ـ ١ / ٤٣٥.
(٢) وتسـمّى كذلك بـ : المشـتركة والـيَـمّـيّـة.
وروي أنّ سـبب تسميتها بذلك ، أنّ إخوةً اختصموا في ميراثهم فقالوا لعمر : هب أنّ أبانا كان حماراً أو حجراً ملقىً في الـيَـمّ ـ أي : البحر ـ؟!
وسـمّيت مشـتركةً ؛ لمشـاركة الشـقيق فيها الإخوة للأُمّ في الميراث.
راجـع المصادر المذكورة في الهامـش السـابق!
(٣) في الحديث الأوّل من تهذيب الأحكام وفي الاسـتبصار : «وأخواتها».
(٤) في التهذيبين : «لأخواتها».
ولإخوتها (١) من الأُمّ (٢) السـدس (٣). انتهى.
قلـت : ويلزم أن يكون في نسـخ رواية الحـديث غلط ، وأنّ الصحيح هو أن يكون الذي في سـؤاله : «وأُخـت أو أخ للأُمّ» بالإفـراد ، وكذا في الجواب ، وإلاّ لم ينطبق على وجه صحيـح ، لا من التقـيّـة ، ولا من الإلـزام ، ولا من غيرهمـا ، كما لا يخـفى.
وبمقتضى إلزام الأُمّ بدينها يكون الباقي بعد سـدسـها بحكم ما لو لم تكن موجودة ، أو كانت غير وارثة ، فيكون سـدسـه موروثاً لكلالة الأُمّ بالفرض ، والباقي موروثاً للإخوة من الأبوين بالقرابة ، فللأخ والأُخت من
__________________
(١) في الحديث الأوّل من تهذيب الأحكام : «ولأخواتها».
(٢) في التهذيبين : «أُمّـهـا».
(٣) تهذيب الأحـكام ٩ / ٣٢٠ ح ١١٤٩ ـ ١١٥١ ، الاسـتبصار ٤ / ١٤٦ ـ ١٤٧ ح ٥٥٠ و ٥٥١.
وسـند الحديث فيها هو : أحمد بن محمّـد بن عيسى ، عن الحسـن بن عليّ الخـزّاز وعليّ بن الحكـم ، عن مثـنّى الحنّـاط ، عن زرارة بن أعيـن ، عن أبي عبـد الله عليهالسلام ...
أقـول : تكـرّر هذا الحديث مرّتين في «الاسـتبصار» سـنداً ومتـناً ، فعـدّها شـيخ الطائفة قدسسره ثلاثة أحاديث مع الحديث الذي سـبقهما ، في الصفحة ١٤٦ برقم ٥٤٩ ..
كما تكـرّر الحديث ذاته في «تهذيب الأحكام» ثلاث مرّات ، بالأرقام المذكورة أعلاه ، إلاّ أنّ الحديثين الثاني والثالث منها جاء فيهما : «تركت أُمّها وإخوتها لأبيها وأُمّها» ؛ والظاهر أنّ «وإخوتها» تصحيف «وأخواتها» كما في الحديث الأوّل ؛ بدليـل جواب الإمام عليهالسلام : «لأخواتها لأبيها وأُمّها الثلثان» ، وهذا النصّ مذكور في الأحاديث الثلاثة المكـرّرة ، ولا وجود لذِكر الإخوة لأُمّ وأب.
والحـديث هذا هو عين ما سـينقله الشـيخ البـلاغي قدسسره في الصفحـة التاليـة باختلاف يسـير في السؤال والجواب ، وقد سرى التكرار من شـيخ الطائفة إلى الشـيخ البلاغي قدسسرهما بسـبب ذلك ، ولعلّ ذلك ناشئ من اختلاف النسخ المعتمدة عنـده ، أو من سـبق قلمه الشـريف ؛ فلاحـظ!
الأُمّ سـدس الباقي ، وهو خمسـة من أصل سـتّة وثلاثين بالفرض ، وللإخوة من الأب والأُمّ خمسـة وعشـرون بالقرابة.
فيكون حكم الإمام عليهالسلام بأنّ لكلالة الأُمّ سـدس الأصل ، كما هو الظاهر ؛ محمولا على أنّه لا يمكن في مقام التقـيّـة أن يعطوا خمسـة من سـتّة وثلاثين وإن كانوا منّـا ؛ أو لأنّ الكلالة ـ للأبوين ـ منهم ، فيلزمهم بحسـب دينهم أن يكون السـدس كاملا لكلالة الأُمّ.
* وممّـا ذكرنـا يُعـرف وجـه الكـلام فـي مـا رواه فـي «التهذيبيـن» ـ أيضـاً ـ عن زرارة ، عنـه عليهالسلام ، قلت : امرأة تركت أُمّها ، وأخواتها (١) لأبيها وأُمّها ، (وأخوات لأُمّ) (٢) ، وإخوة لأُمّ ، وأخوات لأب؟
قال عليهالسلام : لأخواتها لأبيها وأُمّها الثلثان ، ولأُمّها السـدس ، ولإخوتها (٣) من أُمّها السـدس (٤). انتهى.
فإنّـه لو كانت كلالة الأُمّ أكثر من واحد لعالت الفريضة إن كان الجميـع منهم ، فيلزمهم حكم العول ، فيكون للأُمّ سُـبع ، وللكلالة منها سُـبعان ، ولكلالة الأبوين أربعة أسـباع.
وإن كـان كـلالة الأبـوين منّـا ، كان لهم عشـرون من سـتّة وثلاثيـن ، لا الثلثـان.
فاللازم ـ إذن ـ في تطبيق الرواية على وجه صحيح ، أن تكون كلالة
__________________
(١) في الحديثين الثاني والثالث من تهذيب الأحكام : «وإخوتها».
(٢) ليـسـت في التهذيبين.
(٣) في الحديث الأوّل من تهذيب الأحكام : «ولأخـواتها».
(٤) تهذيب الأحـكام ٩ / ٣٢٠ ح ١١٤٩ ـ ١١٥١ ، الاسـتبصار ٤ / ١٤٦ ـ ١٤٧ ح ٥٥٠ و ٥٥١.
وراجـع الهامش رقم ٣ من الصفحـة السـابقة.
الأُمّ في الرواية سـؤالا وجواباً واحداً ، كما تقـدّم ، وأنّه لها سـدس الباقي بعد الأُمّ ، خمسـة من سـتّة وثلاثين ، وللأخوات من الأبوين عشـرون ، وخمسـة بالردّ عليهم ، دون كلالة الأُمّ ، على ما هو الصحيح ، فيُحمل إعطاء السـدس لكلالة الأُمّ من الأصل ـ كما هو الظاهر ـ على ما حملنا عليه الرواية السـابقة.
هـذا ، ومقـتضى الروايات ـ فضلا عن الاعتبار الصحيـح ـ هو أن يكون زرارة ـ من أيّـام الباقـر عليهالسلام ـ عالماً بأنّ الكلالات لا ترث مع الأُمّ.
كما ذكر في «الوسائل» رواية الكشّي في الصحيح ، عن يونـس بن عمّار ، أنّ زرارة روى ذلك عن أبي جعفر عليهماالسلام ؛ وأنّه روى عن أبي جعفر وأبـي عـبـد الله عليهماالسلام ، أنّ الإخوة مـع الأُمّ وحـدها لا يـرثـون مـعـها ولا يحجبونها ؛ لأنّ الميّت لم يورث كلالة (١).
كما رواه الشـيخ في الصحيح ، أو الحسـن كالصحيـح بإبراهيم (٢).
.. إلى غير ذلك ممّا رواه في «الكافي» مسـنداً عن عليّ بن سعيد ، من قول زرارة له في جواب سؤاله (٣) ، وما رواه في «الكافي» مسـنداً عن
__________________
(١) تفصيل وسائل الشـيعة ٢٦ / ١٤٨ ح ٣٢٦٩١ ، وانظر : رجال الكشّي ١ / ٣٤٦ رقم ٢١١.
وسـند الحديث هو : عن حمدويه بن نصير ، عن محمّـد بن الحسـين بن أبي الخطّاب ، عن الحسـن بن محبوب السـرّاد ، عن العلاء بن رزين ، عن يونـس بن عمّار ، قال : ...
(٢) تهذيب الأحكام ٩ / ٢٩١ ح ١٠٤٦.
وسـند الحديث هو : عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ومحمّـد ابن عيسى ، عن يونـس جميعاً ، عن عمر بن أُذينة ، عن بكير ، قال : ...
(٣) الكافي ٧ / ١٠٤ ح ٦.
عمر بن أُذينة من كلام زرارة (١).
ومن البعيد أن يكون زرارة روى الروايات الثلاث المتقـدّمة لمثـنّى الحنّـاط (٢) إلاّ لأنّه عرف أنّها لبيان الحكم الواقعي الثانوي الناشئ من الإلـزام ؛ إذ يبعد من زرارة أن يرويها على أنّ حكمها إنّما هو التقـيّـة.
وفي «المسـتند» ، في مسـألة حجب الإخـوة ، قال ـ في ما ذكرناه من روايات زرارة ـ : «وأمّا حملهما على إلزام الأُمّ على معتقدها ، فإنّما يصـحّ لو كان السـؤال فيهما (٣) عن واقعة خاصّـة (٤) ، والظاهر أنّ السـؤال عن المقـدرة» (٥).
__________________
وسـند الحـديث هـو : عـدّة مـن أصحابنـا ، عـن أحمـد بن محمّـد ، عـن الحسـين بن سعيد ، عن فضالة بن أيّـوب ، عن موسى بن بكر ، عن عليّ بن سعيد ، قال : ...
(١) الكافي ٧ / ١٠١ ح ٣.
وسـند الحديث هو : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ومحمّـد بن عيسى ، عن يونـس جميعاً ، عن عمر بن أُذينة ، عن بكير بن أعين ، قال : ...
(٢) الصحيح أنّ الشـيخ البلاغي قدسسره قد ذكر روايتين عن مثنّى بن الوليد الحنّـاط ، عن زرارة ، كما تقـدّم في الصفحات ٣٤٣ ـ ٣٤٥ ، وكـرّر الثانيـة كما تقـدّم في الصفحـة ٣٤٦ ، ولعلّ ذلك من سـبق قلمه الشريف قدسسره كما أسـلفنا في الهامـش رقم ٣ من الصفحة ٣٤٥ ، أو سهوٌ سرى إليه من شـيخ الطائفة قدسسره.
والظاهر أنّ الرواية الثالثة التي عناها شـيخ الطائفة قدسسره والشـيخ البلاغي قدسسره ، هي ما رواه شـيخ الطائفة في «التهذيبين» ، بسـنده عن الحسـن بن عليّ بن يوسـف ، عن مثـنّى بن الوليد الحنّـاط ، عن زرارة ، قال : سألت أبا عبـد الله عليهالسلام عن امرأة تركت زوجها وأبويـها؟
فقال : للزوج النصف ، وللأُمّ الثلث ، وللأب السـدس. انظر : تهذيب الأحكام ٩ / ٢٨٦ ح ١٠٣٤ ، الاسـتبصار ٤ / ١٤٣ ح ٥٣٣.
(٣) ما بين العضادتين إضافة من المصدر.
(٤) في المصدر : «محقّـقـة» بدلا من «خاصّـة».
(٥) مسـتند الشـيعة ١٩ / ١٢٩.
وأقـول
: العبارة الظاهرة
في المقدرة هو
أن يقال : «امرأة
تترك» ، وأمّا مثل
لفظ السـؤال في
الروايات : «امرأة
تركت» فهو ظاهر
في كون الواقعة
محقّـقة في الماضي
، ومن الجائز أن
تكون القرائن تدلّ
على أنّها من موارد
الإلزام ولو كانت
معلّـقة. * وممّا يلحق
بهذا الباب أيضاً
، وينبغي أن ينزل
عليه ، ما رواه
في «التهذيبين»
، في الموثّق ،
عن أبي بصير ، قال
: سـألت أبا جعفر
عليهالسلام
عن رجل مات وترك
زوجته ، وأُمّـه
، وأُختين له ،
وجـدّه؟ فقال عليهالسلام
: للأُمّ
السـدس ، وللمرأة
الربع ، وما بقي
نصفه للجـدّ ونصفه
للأُختين
(١). انتهى. وذلك بأن
تكون الأُمّ منهم
، فـتُلزم بأنّ
الأُختيـن يردّانها
إلى السـدس ، وما
بقي يكون ـ بسـبب
الإلزام ـ موروثاً
بالقرابة على حسـب
الحكم الواقعي
الأوّلي ؛ وذلك
بأن يكون الجـدّ
والأُختـان منّـا
، على أنّ للجـدّ
ثلاثة ونصفاً من
اثني عشـر. أمّا إذا
كانت الأُختان
منهم ، لم يبق للجدّ
إلاّ ثلاثة من
اثني عشـر إذا
كانتـا من الأُمّ
وحدهـا ، وإذا
كانـتا من الأبوين
أو من الأب عالت
الفريضة فلا نصيب
للجدّ فيها. ولو كان
الجدّ منهم ، كان
هذا حكمه بحسـب
مذهبهم وبحسـب
الإلـزام. __________________ (١) تهذيب
الأحكام ٩ / ٣١٥ ـ ٣١٦ ح ١١٣٤
، الاسـتبصار ٤
/ ١٦١ ح ٦١٢. وسـند الحديث
هو : عن الحسـن بن
محمّـد بن سماعة
، عن ابن محبوب
، عن حمّـاد ، عن
أبي بصيـر ، قال
: ...
ومن ذلك يُعرف أنّها لا تنطبق على التقـيّـة أصلا ، وإنّما تنطبق على الإلزام في ما قلنـاه.
* وما رواه ـ أيضاً ـ في «التهذيبين» ، في الموثّـق ، عن فُضـيل بن يسـار ، عن أبي عبـد الله عليهالسلام ، في رجل مات وترك زوجته ، وأُمّـه ، وأُخته ، وجـدّه؟
قال عليهالسلام : للأُمّ الثلث ، وللمرأة الربع ، وما بقي (للجدّ والأُخـت) (١) ، للجدّ سـهمان ، وللأُخت سـهم (٢). انتهى.
ولأنّ الأُخت واحـدة لا تردّ الأُمّ ـ عنـدهم ـ إلى السـدس ، لكـنّ الأُمّ ـ لأنّها منهم ـ تُلزم بأن لا يُردُّ عليها بعد الثلث شـيء فيأخذه الجدّ والأُخت بالقرابة ، كما ذكر للجدّ عشـرة من سـتّة وثلاثين إذا كانا منّـا ، فتنطبق هذه القسـمة على الإلزام.
وأمّا إذا كانا منهم ، فإنْ كانت الأُخت للأبوين أو الأب عالت الفريضة عندهم وسـقط الجدّ ، وإن كانت من الأُمّ كان للجدّ تسـعة من سـتّة وثلاثين لا عشـرة ؛ فلا يمكن حمل الرواية على التقـيّـة أصلا ..
أفلا يلـزم من ذلـك ـ بدلالة الاقتضاء أقلاًّ ـ أن تُجعل الروايتان من باب الإلزام وأدلّته أو مؤيّـداته؟!
أم هل يجوز أن تُجعل الأحاديث الموثّـقة لغواً لا محصّل لها؟!
__________________
(١) في التهذيبين : «بين الجـدّ والأُخـت».
(٢) تهذيب الأحكام ٩ / ٣١٥ ح ١١٣٣ ، الاسـتبصار ٤ / ١٦١ ح ٦١١.
وسـند الحـديث هو : الحسـن بن محمّـد بن سـماعة ، عن الحسـن بن محبوب ، عن عليّ بن رئاب ، عن فُضـيل بن يسار ، عن أبي عبـد الله عليهالسلام ...
* الحديث الثالث عشـر :
ما رواه في «التهذيبيـن» (١) ، بإسـناده عن أحمـد بن محمّـد ، عن محمّـد بن إسـماعيل بن بزيع ، قال : سـألت الرضا عن ميّت ترك أُمّـه وإخوة وأخوات ، فقسّم هؤلاء ميراثه ، فأعطوا الأُمّ السـدس ، وأعطوا الإخـوة والأخوات ما بقي ، فمات الأخوات ، فأصابني من ميراثه ، فأحببت أن أسـألك هل يجـوز لي أن آخذ ما أصابني من ميراثها على هذه القسـمة أم لا؟
فقال عليهالسلام : بلى.
فقلت : إنّ أُمّ الميّت في ما بلغني قد دخلت في هذا الأمر ، أعني الدين.
فسـكت قليلا ثمّ قال عليهالسلام : خـذه (٢). انتهى.
ولا دلالة في الحديث على أنّ دخول أُمّ الميّت في هذا الأمر كان قبل موت ابنها ، بل الذي يظهر ـ ولو من سـؤال ابن بزيع ـ أنّ دخولها كان بعد ذلك ، فخشـي أن يكون دخولها المتأخّر ـ كـتـشيّعها قبل موت ابنها ـ سـبباً (٣) في بطلان هذه القسـمة.
كما يظهر من ذلك معـرفة ابن بزيـع بهذا الحكم ومسـألة الإلزام ؛ ولـذا سـأل عن جهة دخول الأُمّ في هذا الأمـر.
__________________
(١) كذا في الأصل ، والحديث مرويٌّ في «تهذيب الأحكام» دون «الاسـتبصار» ، فلاحـظ!
(٢) تهذيب الأحكام ٩ / ٣٢٣ ح ١١٦١.
(٣) أضفنا ما بين العضادتين لاقـتضـاء السـياق.
الفصـل الثـاني
في كلمات الأصحاب رضوان الله عليهم
في هذا المقام
قال الشـيخ قدسسره في «التهذيب» : «ومن طلّق امرأته ، وكان مخالفاً ، ولم يسـتوفِ شرائط الطلاق ، إلاّ أنّـه يعتقد أنّـه تقع به البينونة ، لزمه» (١).
وقال في «الاسـتبصار» : «إنّ المخالف إذا طلّق امرأته ثلاثاً ، (أو) (٢)لم يسـتوفِ شـرائط الطلاق ، كان ذلك (طلاقاً) (٣) واقعـاً» (٤).
وفي «الاسـتبصار» ، في باب الأيمـان ، بعدما ذكر رواية تحليـف الإمام عليهالسلام قال : «لأنّ كلّ (٥) من اعتقد اليمين بشيء جاز أن يُسـتحلف بـه» (٦).
ونحوه في «التهذيب» (٧).
وقال في «النهاية» : «وإذا (٨) علم الإمام أو الحاكم أنّ اسـتحلافهم بالتوراة والإنجيل ، أو بشـيء من كـتبهم ، أردعُ لهم في بعض الأحوال ،
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٨ / ٥٧.
(٢) في المصدر : «وإنْ».
(٣) ليـسـت في المصدر.
(٤) الاسـتبصار ٣ / ٢٩١ عنوان الباب ١٧٠.
(٥) إضافة من المصدر.
(٦) الاسـتبصار ٤ / ٤٠.
(٧) تهذيب الأحكام ٨ / ٢٧٩.
(٨) في المصدر : «فإنْ».
جـاز له (١) أن يحلّـفهم به» (٢).
وقال في المواريث من «الاسـتبصار» ، في أحاديث زرارة التي ذكرناها بعد الحديث الثاني عشـر : «والوجه (٣) أن نحملها على ضرب من التقـيّـة ، ويجوز أن نقول فيها وجهـاً من التأويـل ، وهو أنّها وردت (في) (٤) الرخصة في جواز الأخذ منهم على ما يعتقدونه كما يأخذونه منّـا» (٥).
ثمّ اسـتند للرخصة بما ذكرناه عنه من الأحاديث.
ونحوه في «التهذيب» (٦).
وقال في «السـرائر» : «وقد روى أصحابنا روايات متظاهرة بينهم ، متـناصرة ، و (قد) (٧) أجمعوا عليها قولا وعملا ، أنّـه (إذا) (٨) كان المطلِّق مخالفاً ، وكان ممّن يعتقد (لزوم) (٩) الثلاث ، لزمه ذلك ، ووقعت الفُرقة بـه ، وإنّما لا تقع الفُرقة إذا كان الرجل معتقداً للحـقّ» (١٠). انتهى.
ولم أجد له في كـتاب المواريث ـ عاجلا ـ ما يوافق الأحاديث المتقـدّمة ، ولا ما يخالفها ، ولا إشـارة إليها ، كما قال في حلف أهل
__________________
(١) إضافة من المصدر.
(٢) النهاية : ٥٥٦.
(٣) في المصدر : «فالوجـه في هذه الأخبـار».
(٤) ليـسـت في المصدر.
(٥) الاسـتبصار ٤ / ١٤٧.
(٦) تهذيب الأحكام ٩ / ٣٢١.
(٧) ليـسـت في المصدر.
(٨) في المصدر : «إنْ».
(٩) في المصدر : «وقوع الطـلاق».
(١٠) السرائر ٢ / ٦٨٥.
الكـتاب : «وقد (١) روي جواز أن يحلّفوا بما يرون هم الاسـتحلاف بـه (٢)» (٣).
وفي مواريث «الدروس» : «وروى زرارة ، عن الصـادق عليهالسلام ، في أُمّ ، وأخوات لأب وأُمّ ، وأخوات لأُمّ ؛ أنّ (٤) للأُمّ السـدس ، ولكلالة الأب الثلثـان ، ولكلالة الأُمّ السـدس (٥) ؛ وهي متروكـة ؛ للإجماع على أنّ الإخوة لا يرثون مع الأُمّ ، وحمله (٦) الشـيخ على إلزامهم بمعتقدهم ، يعني لو كانت الأُمّ ترى ذلك حلَّ للأخوات التناول ؛ لنصّ الباقر والصادق والكاظم عليهمالسلام على جـواز ذلك وأمثـالـه» (٧). انتهى.
ولم أعثر على نصّ للباقر في ذلك وأمثاله سوى الحديث الأوّل (٨) ، وكان عليه أن يذكر النصّ عن الرضـا عليهالسلام ؛ لعموم التعليل في الحديث الثـاني والرابـع (٩).
__________________
(١) إضافة من المصدر.
(٢) كما تقـدّم آنفـاً في أوائل هذا الفصل.
(٣) السرائر ٢ / ١٨٣.
(٤) إضافة من المصدر.
(٥) تقـدّم الحديث في الصفحتين ٣٤٤ ـ ٣٤٥ ؛ فراجـع!
(٦) في المصدر : «وحملها».
(٧) الدروس الشرعية ٢ / ٣٥٦.
(٨) تقـدّم في الصفحـة ٣١٥ ؛ فراجـع!
(٩) تقـدّم الحديثان في الصفحتين ٣١٨ و ٣٢١ ـ ٣٢٢ عن الإمام الرضـا عليهالسلام ، وربّما كان مراد الشهيد الأوّل قدسسره من نصّ الإمام الكاظم عليهالسلام هو الحديث الرابع ؛ لأنّ الراوي ذكـر كـنية الإمام ولم يذكر اسمه الصريح أو لقبه عليهالسلام ، وهي كـنية مشـتركة بين الإمامين عليهماالسلام كما لا يخفى ؛ فلاحـظ!
وأمّـا في ما يخصّ ما روي عن الإمام أبي عبـد الله الصادق عليهالسلام ؛ فراجـع الحديث الثاني عشـر ، المتقـدّم في الصفحـة ٣٤٠ وما بعـدها.
وفي «التنقيح» ، في طلاق الثلاث في مجلس واحد : «فعلى هذا لو كان المطلّـق يعتقد الوقوع ، لزمه ذلك ، كما صـرّح به المصنّـف ، بمعنى (أنّـها لا تحلّ) (١) إلاّ مع نكاح غيره.
وهل يبـاح للواحد منّـا نكاحها (٢)؟
يظهر من إطلاق كلام المصنّـف وغيرِه ذلك ، ويؤيّده : ألزموهم بما ألزموا به أنفسـهم» (٣). انتهى.
وفي طلاق «المسـالك» : «ولا فرق في الحكم على المخالف بوقوع ما يعتقده من الطلاق (بين الثـلاث وغيرها) (٤) ، ممّا لا (يجتمع) (٥)شـرائطه عندنا ويقع عندهم ، كتعليقه على الشـرط ، ووقوعه بغير إشـهاد ، ومع الحيض ، وباليميـن ، وبالكـناية (٦) مع النيّـة ، وغير ذلك من الأحكام التي يلتـزمونها (٧) ؛ وظاهر الأصحاب الاتّـفاق على الحكم» (٨). انتهى.
ونحوه في «الحدائق» ، وجعل الحكم ممّا لا إشـكال فيه (٩).
وأفتى بذلك في «الكفاية» ، ونقل عن «المسـالك» الاتّـفاق ، واحتجّ لذلك بالحديث الأوّل والرابع والسـابع والعاشـر ، وقال : «وقيـل : إنّها
__________________
(١) في المصدر : «أنّـه لا يحلّ له».
(٢) إضافة من المصـدر.
(٣) التنقيح الرائع ٣ / ٣١٥.
(٤) كان في الأصل : «وغيـره» ، وما أثبتـناه من المصدر ؛ فلاحـظ!
(٥) كان في الأصل : «يجمع» ، وما أثبتـناه من المصدر ؛ فلاحـظ!
(٦) كان في الأصل : «وبالكـتابة» ، وهو تصحيف ، وما أثبتـناه من المصدر ؛ فلاحـظ!
(٧) في المصدر : «يلتزمها».
(٨) مسالك الافهام ٩ / ٩٦.
(٩) الحدائق الناضرة ٢٥ / ٢٤٣.
مؤيّـدة بعمل النـاس على ذلك من زمان الأئمّـة عليهمالسلام إلى زماننـا هذا من غيـر نكيـر» (١).
ونقل في «الرياض» عدم الخلاف الظاهر في ذلك ودعوى جماعة للاتّـفاق عليه (٢).
وفي «المسـتند» ، في ميراث الأبوين مع عدم الولد ، ذَكَرَ ما ألحقناه بالباب بعد الحديث الثاني عشـر من روايات زرارة وفُضيـل وأبي بصيـر ، فقال : «ويجوز أن يكون إلزاماً للعامّـة بما ألزموا به أنفسـهم» (٣). انتهى.
وقد سـبق نقـلُنا عنه ما هو نحـو ذلك (٤).
وفي «الجواهر» ، في تطليق المخالف ثلاثاً ولزومه له ، قال : «لأنّ ذلك دينه ، مضافاً إلى الإجماع ـ بقسـميه (٥) ـ عليه» (٦) ..
وذكر بعض الأحاديث السـابقة ، وقال : «إنّ مقتضى النصوص عدم الفرق بين الطلاق ثلاثاً وبين غيره ممّا هو صحيح عندهم فاسـد عندنـا» (٧) ..
وذكر من موارد ذلك ما ذكره في «المسـالك» ، وقال : «بل مقتضى
__________________
(١) كـفاية الأحكام : ٢٠٠ ـ ٢٠١.
(٢) رياض المسائل ١٢ / ٢٣٣.
(٣) مسـتند الشـيعة ١٩ / ١٥٩ ـ ١٦٠.
(٤) تقـدّم في الصفحـة ٣٤٨ ؛ فراجـع!
(٥) قسما الإجماع هما :
الإجماع المحصَّـل : وهو الذي يبذل الفقيه الجهد في تحصيله.
والإجماع المنقول : وهو الإجماع الذي ينقله الفقيه عمّن سـبقه من الفقهاء.
(٦) جواهر الكلام ٣٢ / ٨٧.
(٧) جواهر الكلام ٣٢ / ٨٧ ـ ٨٨.
خبر الإلزام أنّـه يجوز لنا تناول كلّ ما هو دين عندهم» (١) ..
وذكر أحاديث عبـد الله بن محرز ومحمّـد بن مسـلم ومحمّـد بن إسـماعيل بن بزيع ، وقال : «وغير ذلك من النصوص الدالّـة على التوسعة لنـا في أمرهم وأمر غيرهم من أهل الأديان الباطلة (٢)» (٣).
وقال في آخر مسألة التعصيب : «نعم ، لا بأس للإمامي بإلزامهم (٤)به ، فله الإرث منهم بذلك ، عملا بما ورد من إلزامهم بما ألزموا به أنفسـهم ، الذي هذا من فروعه» (٥). انتهى.
وقال في «أنوار الفقاهة» : «فظهر ـ ممّا ذكرنا ـ أنّ طلاق المخالفين يمضي عليهم وإنْ كان فاسـداً عندنا ، وهذا الحكم عامٌّ لكلّ صور الطلاق على غير السُـنّة ، سـواءً تعلّق بمؤمنة أو مخالفة ، فإنّـه يُحكم بوقوعه على وفق مذهبهم بالنسـبة إلينا وإنْ كان فاسـداً في الواقع ، وكذا بالنسـبة إليهم.
ولا منافاة بين البطلان وبين إجراء حكم الصحّة بالنسـبة إلينا ؛ لطفاً منه ، فهي وإنْ كانت زوجة لهم لكـنّها حلال لنا وحرام عليهم ، أو يقال : هي صحيحـة من وجه فاسـدة من آخر.
ولو اسـتبصر المخالف جرت عليه الأحكام الماضية حال خلافه كما تجري علينا ، ولا يلزمه إعـادة ما فعله من العقود والإيقاعات الباطلة بالنسـبة إلينـا» (٦).
__________________
(١) جواهر الكلام ٣٢ / ٨٨.
(٢) إضافة من المصدر.
(٣) جواهر الكلام ٣٢ / ٨٨ ـ ٨٩.
(٤) إضافة من المصدر.
(٥) جواهر الكلام ٣٩ / ١٠٥.
(٦) أنوار الفقاهة : كتاب الطلاق ـ مخطوط.
وقال في المواريث ، في العول والتعصيب : «أمّـا لو كان الآخـذ مؤمنـاً والمأخوذ منه من أهل الخلاف ، فإنْ دفعوه إليه من أنفسـهم ، جـاز له أخذه ، إجراءً لهم على مذهبهم ، ويكون حلالا ؛ لظاهر الفتوى وبعض الروايات ..
وإنْ لم يدفعوه بأنفسـهم ، فوجهان ، أقواهما نعم ، وأحوطهما العدم.
ولو كان المأخـوذ منه مؤمنـاً ، فهل يجـب عليه الدفـع؟ الظاهـر أنّـه لا يجب الدفع إليهم مهما أمكن ؛ ولو دفعه إليهم قهـراً ففي جواز تنـاوله مـن المدفوع إليه وشـرائه وجهان ، ولا يبعد الجواز.
أمّا ما يقع من بعضهم مع بعض ـ من الأخذ بالتعصيب ـ فلا شـكّ في أنّ لنا شـراءَه منهم وإن كان سـحتاً وباطلا واقعاً.
ويجوز لنا أخذه وأكله ، إجراءً لهم على مذهبهم ، وإلزاماً لهم بما ألزموا به أنفسـهم» (١). انتهى.
هـذا ما وجدته من الكلمات في هذا المقام ، وإنْ لم يكن من طريقـتي الإكـثار من النقل ، إلاّ أنّ المسـألة غير محـرّرة.
__________________
(١) أنوار الفقاهة : كتاب المواريث ـ مخطوط.
تـتـمّة
قال في مواريث «الوسـائل» : «باب أنّـه يجوز للمؤمن أن يأخذ بالعول والتعصيب ونحوهما للتقـيّـة ، إذا حكم له به العامّـة» (١) ؛ ثمّ ذكر الحديث الأوّل والثاني عشـر والثالث عشـر وذيل الرابـع (٢) ..
ومقتضى عنـوانه للبـاب أمـران :
أحدهمـا : إنّ الأخـذ في المقام إنّما يجـوز إذا كان للتقـيّـة ، عند حكـم العامّـة له وإنْ كان الوارث منهم.
وثانيهما : إنّـه يجوز للتقـيّـة وإنْ كان المأخوذ منه منّـا.
ولعلّ المنشـأ لذلك عنده ما رواه عن الشـيخ ، بإسـناده عن عليّ بن فضّـال ، عن أيّـوب بن نوح ، قال : كـتبت إلى أبي الحسـن يعنـي : الهـادي (٣) عليهالسلام أسـأله : هل نأخذ في أحكام المخالفين ما يأخذون منّـا في أحكامهم ، أم لا؟
فكـتب : (يجوز ذلك) (٤) إذا (٥) كان مذهبكم فيه التقـيّـة منهم
__________________
(١) تفصيل وسائل الشـيعة ٢٦ / ١٥٧ ب ٤.
(٢) تـفصيـل وسـائل الشـيعـة ٢٦ / ١٥٧ ـ ١٥٩ ب ٤ ح ٣٢٧١١ و ٣٢٧٠٨ و ٣٢٧١٣ و ٣٢٧١٢.
وانظـر الأحـاديث المذكورة في الصفحـات ٣١٥ و ٣٤٠ و ٣٥١ و ٣٢٣.
(٣) إضافة توضيحـيّـة من الشـيخ البـلاغي قدسسره.
(٤) في الوسائل والتهذيبين : «يجـوز لكم ذلك».
(٥) في التهذيبين : «إنْ».
والمداراة (لهـم) (١) (٢). انتهى.
وفـيـه :
إنّ رواية أيّـوب لو كانت واردة ـ سـؤالا وجواباً ـ في هذا المقـام ، لَما صلحت لأن تقاوم بشـرطها ما اسـتفاض في الأحاديث من المعنى المشـترك في إلزامهم بما ألزموا به أنفسـهم ، وجواز ذلك عليهم ، ولزوم أحكامهم لهم حسـبما يدينـون ..
مع أنّـه يمكن حمل الشـرط في الرواية على التقـيّـة ؛ لكونها مكاتبة ، خروجاً عن عنف التعليل بالإلزام وحزازته إلى لين التعليل بالمداراة والتقـيّـة.
على أنّ مراد صاحب «الوسـائل» إنْ كان هو الأخذ والتملّك والتصـرّف ـ كمـا هـو ظاهـر السـؤال وجوابـه لو كانـا في هـذا المقـام ـ فـلا يناسـبه الشـرط الظاهر في التعليل ، فإنّ التقـيّـة والمداراة يُقـدَّران بقدر ما يتأدّيان به ، وهو مجـرّد الأخذ ، لا الأكل والتصرّف ، بل يجب ردّ المأخوذ ، ولو بنحو الـدسِّ في أموال المأخوذ منه ، أو إرجاعه له بهبة ونحـوها.
مضافاً إلى احتمال رجوع الشرط وإشارته بقوله عليهالسلام : «ذلك» إلى شـخص المال المأخوذ منّـا بأحكامهم ، بمعنى أنّ أخذهم له مختصٌّ بأحكامهم ولا يسـتحقّونه بأحكامنا ، بل سـلّمناه لهم تقـيّـة ومداراةً بدون
__________________
(١) ليـست في الوسائل والتهذيبين.
(٢) تفصيل وسائل الشـيعة ٢٦ / ١٥٨ ح ٣٢٧١٠ ؛ وانظر : تهذيب الأحكام ٩ / ٣٢٢ ح ١١٥٤ ، الاسـتبصار ٤ / ١٤٧ ح ٥٥٣.
إعراض مملّـك لهم ونحوه ، ويكون الشـرط للاحتراز عمّا أخذوه بأحكامهم الموافِقة لأحكامنا ، وأنّ حمل الموصول والإشـارة على الواحد الشخصي أَوْلى من حمله على الواحد بالنوع ، بل هو الظاهر كما لا يخفى.
على أنّـه يحتمـل ، أو يتعـيّن ـ لأجـل ما ذكرنـاه ـ أن تكـون الروايـة ـ سـؤالا وجواباً ـ واردة في أخذ الفتوى منهم ، بعنوان أنّها من أحكامهم وإنْ كانت مأخوذة منّـا ومن أحكامنا ، فقـيّد الإمام الجـواز بما يرتفع معـه المحذور المعهود من هذا الأخذ ، أو (تُحمَـل الأحكام) (١) على الأحكام القضائـيّـة في هذه الصـور أيضـاً.
هـذا ، بل يكفي قيام الاحتمال في إجمال الرواية ، فتسـقط عن الدلالة والصلاحية للعمل بها وإنْ لم يكن لها مُصادم مِن نحو ما ذكرناه.
ومهما تكن في الرواية من دلالة ، فإنّ ظاهر السـؤال هو الأخذ منهم ، فلا تدلّ على الأخذ من أصحابنا.
ولعلّه يسـتند في ذلك إلى حديثَي ابنَي محرز وأُذينة ؛ لعدم الاسـتفصال في الأوّل عن حال البنت ، ولقول السـائل في الثاني : «إنّ أُمّ الميّت دخلت في هذا الأمر» ..
لكنّ هذا الاسـتناد يكفي في دفعه ظهورُ الحديث الأوّل ، مِن ذِكر حال الأب وأُخته ، في كون البنت كأبيها.
وأمّا رواية ابن أُذينة ، فلا دلالة فيها على دخول الأُمّ في هذا الأمر قبل موت ابنها إنْ لم يظهر منها خلافه.
وأمّا دخولها بعد ذلك فلا يفيد شـيئاً ، بل مَلكَ الوارث ما أخذه
__________________
(١) كانت مطموسـة في الأصل ، فأثبتـناها من النسـخة المطبوعة.
بحقّ ، كما سـنبيّنه إن شـاء الله.
ثمّ إنّه في «مسـتدرك الوسائل» تبعَ صاحب «الوسائل» في العنوان ، بتقييده للحكم بالتقـيّـة ، بل وإطلاقه للمأخوذ منه ، مع أنّـه لم يذكر رواية يتـشبّث بها لذلك ويسـتدرك بها (١)!
__________________
(١) مسـتدرك الوسائل ١٧ / ١٥٦ ـ ١٥٧ ب ٤ ح ٢١٠٢٢ ـ ٢١٠٢٧.
الفصـل الثـالث
في فقه المسألة ، وشيء من فرعها (١) ،
وما يترتّب عليه بحسـب ما يتحصّل من الأحاديث المتقـدّمة
فينبغي الكلام في مقامـات :
أوّلها :
هو أنّه لا يخفى أنّ الله جلّ شـأنه جعل أحكام المعاملات والإيقاعات والمواريث نظراً للمصالح العامّـة وحفظاً للحقـوق ، وجعل لتلك الحقوق روافع وموانع محدودةً بحدود تقتضيها المصلحة ..
فجعل الطلاق ـ بنحوه الخاصّ وشـروطه ـ رافعـاً لحقّ الزوجية ، والإبراء رافعـاً لحقّ الـدَّين ، ونواقل الملك المعهـودة رافعةً لحقّ الملكية في المـال ..
وجعل القتل ونحـوه (٢) رافعاً لحـقّ الإرث ..
فلا يمتنع أن يراعي مصلحة خاصّـة ، فيجعل للحقوق روافع وموانع في الموارد الخاصّـة زياد ة على التي جعلها بحسـب المصالح العامّـة ، مغايرة لها إمـّا بالحدود والقيود ، وإمّـا بالنـوع.
إذاً ، فمن الممكن أنّ تديّن بعض الناس بكون بعض الأُمور روافع لحقوقه أو موانع منها ، على خلاف ما هو مجعول في الشـريعة العامّـة ،
__________________
(١) كـذا في الأصل ، والأنسـب بالسـياق : «فروعها».
(٢) كالارتـداد والكـفر والرقّ ؛ انظر : تفصيل وسائل الشـيعة ٢٦ / ١١ وما بعـدها.
يكون مقتضياً لأن يجعل تلك الأُمور ، بحسـب مصلحة ثانوية ، روافع لحقوق ذلك المتديّن ، أو موانع منها ، فيحكم برفعها ومنعها بالنسـبة لحقوقه حكماً واقعياً ثانوياً ، فإذا رُفع حقّـه أو مُنع منه يكون التسـويغ أو الاسـتحقاق لغيره ـ في متعلّق الحقّ المرفوع أو الممنوع ـ جارياً على مقتضى المسـوّغات والأسـباب المعهودة في الشـريعة العامّـة والأحكام الأوّليّـة ، من دون أن يحدث تسـويغ أو إباحة أو اسـتحقاق بسـبب غيرها وعلى خلافها.
ثانيـها :
هل يكون هذا التسـويغ والإباحـة ، أو الاسـتحقاق ، جاريـاً على تديّن المتديّن الملـزَم لا على مقتضى الحكم العامّ الأوّلي ، فيمنع عمّن يسـتحقّه بحسـب الحكم العامّ الأوّلي والمصلحة العامّـة ، كما فيما لو كان المتديّن المذكور محجوباً بالقتل ، ويثبت اسـتحقاقه أو تسـويغه لغيره بحسـب تديّن ذلك المتديّن ..
أو ليـس كذلك ، بل يجري على مقتضى الحكم الأوّلي والمصلحة العامّـة ، وهو الصحيح ، فإنّ أحاديث الإلزام واللزوم ـ مهما كانت ـ إنّما تُثبت إلزام المتديّن في ما هو عليه ، وهو سـلب حقّه أو ملكه ، أو سـلب التسـويغ والجواز له ، وأمّا ثبوت الحقّ أو الملك لغيره والتسـويغ لذلك الغير ، فليـس ممّا هو على المتديّن ، وإنّما هو شـيء للغير بحسـب الشـريعة في ذلك ، وليـس في أحاديث اللزوم والإلزام جهة تشـرّع للغير أسـباباً للاسـتحقاق والتملّـك والتسـويغ على غير القواعد العامّـة المشـروعة.
وممّا يؤيّـد ذلك ويشـهد له ما تقـدّم في موثّـقـتَي أبي بصير وفُضـيل ، اللتين لا مناص عن تنزيلهما على مسألة الإلزام ، فإنّ ما ذُكر من ميـراث الأُختيـن والجـدّ في الأُولى ، وميـراث الجـدّ والأُخـت في الثانيـة ، لا ينطبق إلاّ على ما ذكرناه دون غيره كما مـرّ مشـروحاً (١).
فإن قلت : إنّ الحديث الأوّل يدلّ على أنّ ما يسـتحلّون ـ كالمأخوذ بالتعصيب مثلا ـ حلال للغير ، أو أنّ الوجه الذي يسـتحلّون به ـ كالتعصيب مثلا ـ محلّـل للغير ، فلا حاجة بعد ذلك إلى الانطباق على الأسـباب والمسـوّغات الأوّلـيّـة!
قلـت : لم يكن الحديث أنّ ما يسـتحلّونه يحلّ لغيرهم ، أو أنّ ما يكون عندهم سـبباً للحلّ يكون سـبباً لغيرهم ، بل إنّ عبارة الحديث : «يجوز على أهل كلّ ذي دين» (٢) ، بمعنى : يُمضى عليهم ، ويُلزَمون به ، كما في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إقرار العقلاء على أنفسـهم جـائز» (٣).
وإنّما يكون الإلزام لهم والجواز عليهم ، بسـلب حقّهم وما لهم بحسـب الحكم الواقعي الأوّلي ، فإنّ المقام باعتبار سَوق السـؤال والجواب ممّا يلزم فيه تطبيق الموضوع على الحكم ، فالجهة التي يناسـب تنفيذها
__________________
(١) تقـدّم الحديثان وشرحيهما في الصفحتين ٣٤٩ ـ ٣٥٠ ؛ فراجـع!
(٢) راجع الحديث الأوّل ، الصفحـة ٣١٥.
(٣) لم أعثر على هذا اللفظ في جوامع الحديث المتقـدّمة ، وجاء بهذا اللفظ في : عوالي اللآلي ١ / ٢٢٣ ح ١٠٤ وج ٢ / ٢٥٧ ح ٥ وج ٣ / ٤٤٢ ح ٥ ، تفصيل وسائل الشـيعة ٢٣ / ١٨٤ ح ٢٩٣٤٢ وقال قبل أن يورده : «وروى جماعة من علمائنا في كـتب الاسـتدلال عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّـه قال : إقرار العقلاء على أنفسـهم جائـز».
فانظر على سـبيل المثال ، هذا اللفظ ـ أو قريباً منه ـ في : الخلاف ٥ / ٣١٦ وانظر ما علّق عليه محقّـقو الكـتاب ، تذكرة الفقهاء ٩ / ١٦٩ وج ١٠ / ٣٠٦ ، التنقيـح الرائع ٣ / ٤٨٥ ، جامع المقاصـد ٢ / ١٢٤.
والإلزام بها ويصحّ ارتباطها بقوله : «يجوز على» إنّما هي جهة رفع الحقّ ، ويكون الحلّ المسـبَّب عنها كالحلّ في قوله تعالى في المطـلّقة مرّتين : (فإن طلّقها فلا تَحِلّ له مِن بعدُ حتّى تَـنكحَ زوجاً غيـرَه) (١).
ويؤكّد ذلك أنّ الرواية ناظرة إلى الحلّ بالطلاق ونحوه ، وإلى الحلّ بالتعصيب بوجه واحد ، وأنّها واردة مورد قولهم عليهمالسلام : «مَن دان بدين قـوم لزمتـه أحكامـه» (٢).
وممّا ذكرناه يُعرف الكلام في النسـخة : «تجوز ... بما يسـتحلّون» (٣) ، بل وفي حمل «ما يسـتحلّون» على المصـدر.
ثالثـها :
إنّ بعض الأُمور الجائزة في الشـريعة العامّـة يمكن أن يجعلها الشـارع ـ باعتبار مصلحة ثانوية ـ حراماً على من يدين بحرمتها ، فيترتّب حينئذ ما يترتّب على الحرمة من الآثار الشـرعية ، كما في مَن يدين ـ مثلا ـ بأنّ الرضعة الواحدة أو الخمس رضعات تنـشـر الحرمة الرضاعية ، أو
__________________
(١) سـورة البقرة ٢ : ٢٣٠.
(٢) هذا عين ما اسـتدلّ به الشـيخ البـلاغي قدسسره في آخر الحديث السادس ، في الصفحـة ٣٢٨ ، فلاحـظ ما علّـقناه هناك.
وما وجدته ممّـا ورد عنهم عليهمالسلام هو بلفظ : «أحكامهم» بدل «أحكامه» ؛ فراجـع الحديث الثاني ، الصفحة ٣١٨ ـ ٣١٩ ..
وكذا الحديث الثالث ، المتقدّم في الصفحة ٣٢٠ ـ وانظر : عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ / ٢٧٧ ح ٧٤ ـ وفي ذيله ، في الصفحة ٣٢١ ، جاءت الروايـة عنهم عليهمالسلام بلفظ : «إنّ كلّ قـوم دانوا بدين يلزمهم حكمـه».
فـلاحظ!
(٣) راجع الحديث الأوّل ، الصفحـة ٣١٥.
بحرمة الجمع بين العمّة وبنت أخيها وإن نزلت ، وبين الخالة وبنت أُختها كذلك مطلقاً ، في التزويـج.
رابعـها :
إذا وقعـت معاملة عقديّـة بين مَن يدين بفسـاد ذلك العقد وبين مَن يدين بصحّـته على الحكم الواقعي الأوّلي ، وكانت عبارة المتديّن بالفسـاد ، أو القرائن ، أو التصريح ، تدلّ على إرادته الجدّ من إيجابه أو قبوله ، مع علمه بالفسـاد بحسـب مذهبه ، أو كانت عبارته صالحة لأن يجري فيها الأصل العقلائي بحملها على الجدّ ، أو كان جاهلا ، أو مشـكوكاً في أمره ، بحيث يجري في عبارته الأصل المذكور ؛ فهل يكون الإلزام له في هذه الموارد إلزاماً بالفسـاد فلا يتحقّـق العقد ؛ لأنّ أحد أركانه فاسـدٌ ملغىً شـرعاً؟ أو لأنّ صحّة العقد لا تصلح للتبعيـض في مقام الواقع بالنسـبة لأحد المتعاقدَين دون الآخر ، إذ لم يعهد ذلك في الشـرع ؛ لأنّ الصحّـة حكم لاحق للعقد بما هو عقد بنحو البسـاطة ، وكذا الأمر بالوفاء بالعقـد؟
أو يقال : إنّ الإلزام لا تعلّق له بعبادة المتديّن ، ولا يجعله مسـلوب العبادة ، فالعقد في نفسـه ، ومن حيث العقدية ، تامُّ الأركان صحيحُها.
وحينـئذ إنْ قلنا : إنّ الأحكام الوضعية غير مجعولة من الشـارع في الدين ، بل هي عناوين منـتزعة من الأحكام التكليفية ، فحينـئذ لا يكون الإلزام إلاّ بسـلب ما هو له وعائـدٌ إلى نفعه من أحكام ذلك العقد وحقوقه مـا دام متديّـناً بفسـاده ، وليـس في ذلك معارضة لسـائر الأحكام المترتّبة على العقد ، ولا للأمر بالوفاء بـه.
وكـذا إذا قلنا : إنّ المجعول هو حكم الصحّـة.
وأمّا الفسـاد فليـس حكماً شـرعياً مجعولا ، بل هو عبـارة عن عدم الصحّـة وعدم أحكامهـا ، فلا يكون الإلزام ـ أيضاً ـ إلاّ بسـلب ما يترتّب على الصحّـة ممّا هو له وعائدٌ إلى نفعه من أحكام ذلك العقد وحقوقه ، وليـس له نظر إلى الصحّـة ولا إلى سـائر أحكامها ؛ ولعلّ هذا هو الأقوى والمعتـمَـد.
هـذا ، ولو قلنا بأنّ الفسـاد حكم شـرعي يتديّن به ، لكانت جهة إلزامه وحيثـيّـتها المعروفة لا تزاحم جهة إلزامه بعقده ووجوب الوفاء به ، ولا تبطل حقّ الطرف الآخر في العقد ، ولا الأحكام الواقعية الثابتة للعقد ، من نحو المصاهرة ، وحرمة الجمع ، وما للملـزَم عندما يعدل عن ذلك التديّن ويدين بمقتضى الواقع ، بل يتأدّى الإلزام بإلزامه بما يكون عليه من أحكام الفسـاد.
وربّما يشـهد لذلك ، أو يؤيّـده ، قولهم عليهمالسلام في الحديث الثاني والثالث والخامس والسـادس والسـابع : «فإنّـه عنى الفراق» (١) ، «وهم (٢)يوجبونها» (٣) ، «لأنّـه قد طلّـقها» (٤) ، «فإنّـه نوى الطلاق بعينه» (٥) ، فإنّـه إذا كان قصده في إيقاعه المخالف للشـريعة يُلـزَم به لمصلحة مّا ،
__________________
(١) تقـدّم في الحديث الثاني ، الصفحـة ٣١٨ ؛ فراجـع!
(٢) كان في الأصـل : «وهـو» ؛ وهـو تصحيـف ، فـأصلحتها طبقاً للحديثين الثالث والسـادس ؛ فلاحـظ!
(٣) تقـدّم في الحديث الثالث ، الصفحـة ٣٢٠ ، وفي الحديث السـادس ، الصفحـة ٣٢٦ ؛ فراجـع!
(٤) تقـدّم في الحديث الخامس ، الصفحـة ٣٢٤ ؛ فراجـع!
(٥) تقـدّم في الحديث السـابع ، الصفحـة ٣٢٩ ؛ فراجـع!
فقصده في عقده الموافـق للشـريعة والمصلحة العامّـة أَوْلى بالإلزام.
نعـم ، قـد يبطـل عقـد النكـاح ، أو يكـون معـرَّضاً للفسـخ ؛ لكونـه ـ حينـئذ ـ ضرريّـاً على الطرف المقابل ، وخصوص الزوجة ؛ لأنّـه يفـوّت بذلك عمدة منافع النكاح ، من التمتّع بالأزواج والنسـل ، بل والنفقة على وجـه ، ما لم يكن عالماً بهذه المضارّ ومقدِماً عليها.
ولا تجيء مسـألة الضرر بالنسـبة للملـزَم ؛ لأنّ أحاديث إلزامه في الطلاق والإرث نصٌّ في ضـرره بفوات ما هو له في أصل التشـريع ، اللّهمّ إلاّ أن يقال : إنّ هذا العقد سـفهيٌّ من الجانبين ، ولا أقلّ من كونه سـفهيّـاً من جانب المرأة ، فيـبطل ؛ وفي (الملازمة) (١) تأمّـل أو منـع.
ولو وكّل على العقد على مَن يدين بحرمتها عليه ، وهي تحلّ له في الواقع ، أو وكّلت المرأة كذلك ، جرى فيه ما ذكرنـاه.
نعـم ، لو أطلق الوكالة ، فلا يبعد الانصراف عن ذلك ، خصوصاً إذا كان شـديداً في مذهبه ، فإنّ الطبيعـة إنّما تجري في الإطلاق بدليـل الحكمـة ، وهو غير جار في هذا المقام ؛ والله العالم.
__________________
(١) كلمة غير واضحة في مصـوّرة النسـخة ، فاسـتظهرنا المثبت ما بين القوسـين في المتـن ؛ فلاحـظ!
[فروع]
هذا ، ولا بأس بالتعرّض لبعض فروع الباب على سـبيل الأُنموذج ..
الفرع الأوّل :
إذا أوصى إنسـان لوارثه ، وكان الوارث الموصى له حنفيـاً أو مالكياً أو حنبلياً ، أُلزم ببطلان الوصيّـة له (١) ، (٢) فيسـوغ المال الموصى (٣) به للورّاث كسـائر المال الموروث ؛ لأنّـه مال مورّثهم وقد صار بسـبب الإلزام لا حـقَّ فيه لأحدهم بحسـب الوصيّـة.
هـذا ، وإذا كان الموصى له شـافعياً ، أُلزم بتوقّـف نفوذ الوصيّـة له على إجازة الورثة بعد المـوت (٤).
والمراد بالوارث مَن وَرث بعـد الموت.
الثـاني :
قال مالك وأبو حنيفة وأحمد : «لا يجوز إقرار المريض لوارث» (٥) ..
__________________
(١) انظر : المبسوط ـ للسرخسي ـ ٢٧ / ١٤٣ ، اللباب في شرح الكـتاب ٤ / ١٦٨ ، المغني ـ لابن قدامة ـ ٦ / ٤٤٩ ـ ٤٥٠.
(٢) جاء في أعلى الصفحة ٢٠ من المخطوطة كلمة : «بـلـغ». منـه قدسسره.
(٣) سـاقطة من الأصل ، فأثبتـناها من النسـخة المطبوعة.
(٤) انظر : كـتاب الأُمّ ٤ / ١٢٩ ـ ١٣٠ ، المجموع شرح المهذّب ١٥ / ٤٢٢ ، نتائج الأفكار ١٠ / ٤٢٣.
(٥) انظر : الشرح الكبير على المقنع ـ لابن قدامة المقدسي ـ ٥ / ٢٧٨ ، فتح العزيز ١١ / ٩٧ وج ٩ / ١٢٦ ، نتائج الأفكار ١٠ / ٤٢٤ ، اللباب في شرح الكـتاب ٢ / ٨٥.
فإذا كان الوارثُ الـمُـقَـرّ له من مقلّـدي أحدهم ، أُلـزِم بأن لا حـقَّ لـه ؛ بحسـب الإقـرار.
الثـالث :
قال مالك : «إنّ خيار الشـرط يجوز بقدر الحاجة ، ففي الثوب والدار خيار يوم لا أزيد ، وفي القرية ونحوها نحو شـهر وشـهرين» (١).
وقـال أبو حنيفة والشافعي : «لا يجوز الخيار أكـثر من ثلاثـة أيّـام» (٢).
فإذا كان مَن له الخيار مِن أتباع أحدهم ، أُلزم بتحديد متبوعه في جانب القلّـة.
الرابـع :
قال أبو حنيفة والشـافعي بأنّـه «لا خيار في الغبن» (٣) ..
فإذا كان المغبون من أتباع أحدهما ، أُلزم بأنّـه لا خيار له.
__________________
(١) انظر : المدوّنة الكبرى ٣ / ٢٢٣ ، بداية المجتهد ٥ / ١٠٤ ، الشرح الكبير على المقنع ـ لابن قدامة المقدسي ـ ٤ / ٦٥.
(٢) انظر : مختصر المزني ٩ / ٨٥ ، فتح العزيز ٨ / ٣٠٣ و ٣١٣ ، المجموع شرح المهذّب ٩ / ٢٢٥ ، شرح فتح القدير ٦ / ٢٩٨ ـ ٣٠٠ ، اللباب في شرح الكتاب ٢ / ١٢.
(٣) انظر : المغني ـ لابن قدامة ـ ٤ / ٩١ ـ ٩٢ ، فتح العزيز ٨ / ٢٢٥ ، المجموع شرح المهذّب ١٢ / ٣٢٦ ، سـبل السلام ٣ / ٦٤ ـ ٦٥.
الخامـس :
قال أبو حنيفة بأنّـه «لا خيار في الـتَّـصْـرِيَـة» (١) ..
فيلزم تابعه المشـتري بـذلك (٢).
السـادس :
قال أبو حنيفة : «لا يجوز السـلم إلاّ أن يكون جنـس المسـلَّم فيه موجوداً حال العقد والمحلّ وما بينهما» (٣) ..
فإذا كان أحد المتبايعين ـ في صورة مّا بقوله من عدم الجواز ـ حنفيّـاً ، وصحّحنا البيع بنحو ما تقـدّم في المقام الرابـع (٤) ، فلصاحبه أن يلزمه بأحكام فسـاد البيع بحسـب مذهبـه.
__________________
(١) الـتَّـصْـرِيَـةُ : هي إذا لم تُحلب ذوات اللبن ـ الناقة أو البقرة أو الشاة ـ أيّـامـاً وتُصَـرُّ أخلافُها حتّى يجتمع اللبن في ضَـرْعِها ، فإذا حلبها المشـتري اسـتغزرها.
والـمُـصَـرّاةُ : هي الناقة أو البقرة أو الشاة يُـصَـرّى اللبنُ في ضرعها ، أي : يُـجمَـعُ ويُـحبَـس.
انظر مادّة «صري» في : غريب الحديث ٢ / ٢٤١ ـ ٢٤٢ ، الصحاح ٦ / ٢٣٩٩ ـ ٢٤٠٠ ، النهاية في غريب الحـديث والأثر ٣ / ٢٧ ، لسـان العرب ٧ / ٣٣٧ ، القاموس المحيط ٤ / ٣٥٤ ، تاج العـروس ١٩ / ٥٩٧.
(٢) انظر : الحاوي الكبير ٦ / ٢٨٦ ـ ٢٨٧ ، فتـح العزيز ٨ / ٣٣٣ ، المغني ـ لابن قدامـة ـ ٤ / ٢٣٣.
(٣) انظر : اختلاف الفقهاء : ٩٨ ، الهداية ـ للمرغيناني ـ ٤ / ٥٣٣ ، المغني ـ لابن قدامة ـ ٤ / ٣٣٣ ، اللباب في شرح الكـتاب ٢ / ٤٢.
(٤) تقـدّم في الصفحـات ٣٦٧ ـ ٣٦٩ ؛ فراجـع!
السـابع :
قال مالك في الوديعة : «إذا أودعها الودعيّ عند زوجته من غير عذر لم يضمن» (١).
وقال أبو حنيفة : «وإنْ أودعها عند من يعول به لم يضمن» (٢).
فإذا كان مالكها من أتباع أحدهما ، أُلزم بما يقوله متبوعه وليـس له حـقّ التضمين.
الثـامن :
قال أبو حنيفة : «إنّ المنافع لا تُضمَـن» (٣) ..
فيُلـزَم تابعه بأن لا يسـتحقّ أن تُضمن له منافعـه.
التاسـع :
قال الشـافعي : «لا ينعقد النكاح إلاّ بشـهادة عدلين» (٤).
وقال أبو حنيفة : «لا ينعقد إلاّ بشـاهدين ، أو بشـهادة رجل
__________________
(١) انظر : المدوّنـة الكبرى ٤ / ٣٥٢ ـ ٣٥٢.
(٢) انظر : الهداية ـ للمرغيناني ـ ٥ / ٢٣٨ ، اللباب في شرح الكـتاب ٢ / ١٩٦.
(٣) انظر : المبسوط ـ للسرخسي ـ ١١ / ٧٨ ، تحفة الفقهاء ٣ / ٩٠ ، بدائع الصنائع ٥ / ٢٨٣ ، المغني ـ لابن قدامة ـ ٥ / ٤١٣ وج ٦ / ١٧ ، اللباب في شرح الكـتاب ٢ / ١٩٥.
(٤) انظر : كـتاب الأُمّ ٥ / ٣٥ ، الحاوي الكبير ١١ / ٨٤ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ٥ / ٣١ ، بدائع الصنائع ٢ / ٢٥٥ ، المغني ـ لابن قدامة ـ ٧ / ٣٣٩ ، المجموع شرح المهذّب ١٦ / ١٩٨ ، شرح فتح القدير ٣ / ٢٠١
وامرأتين» (١).
فإذا كان أحد المتعاقدين شـافعياً أو حنفياً ، فأوقع العقد على خلاف مذهبه ، وصحّحنا العقد بنحو ما ذُكر في المقام الرابع (٢) ، أُلزم بما عليه من آثـار فسـاد النكاح بحسـب مذهبـه.
نعم ، لا يُلزم الحنفي بكون وطئه زنىً ، ولا بكون الولد من زنىً ؛ لأنّ متبوعـه يرى نحو ذلك وما هو أشـدّ منه من نكاح الشـبهة (٣).
العاشـر :
ذهب مالك وأبو حنيفة والشـافعي وأحمد إلى أنّـه يحرم الجمع بين العمّـة وبنت أخيها وإن نزلت ، وكذا بين الخالة وبنت أُختها وإن نزلت ، ويبطل العقد على المتأخّـرة مطلقاً (٤).
فإذا كان أحد المتعاقدين من أتباعهم ، وصحّحنا العقد بما تقـدّم في المقام الرابع (٥) ، أُلزم تابعهم بجميع ما عليه من آثار التحريم.
نعم ، لا يُلـزَم الحنفي بآثار الزنى ؛ لأنّ ذلك عند أبي حنيفة من
__________________
(١) انظر : المبسوط ـ للسرخسي ـ ٥ / ٣٢ ، بدائع الصنائع ٢ / ٢٥٥ ، المغني ـ لابن قدامة ـ ٧ / ٣٣٩ و ٣٤١ ، المجموع شرح المهذّب ١٦ / ١٩٩ ، شرح فتح القدير ٣ / ١٩٩ ، اللباب في شرح الكـتاب ٣ / ٣.
(٢) تقـدّم في الصفحـات ٣٦٧ ـ ٣٦٩ ؛ فراجـع!
(٣) انظر : حاشـية ردّ المحتار ٣ / ١٤٤ ـ ١٤٦.
(٤) انظر : المدوّنـة الكبرى ٢ / ٢٠٥ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ٤ / ١٩٤ ـ ١٩٥ ، شرح فتح القـدير ٣ / ٢١٦ ، اللباب في شـرح الكـتاب ٣ / ٥ ، كـتاب الأُمّ ٥ / ٦ ، المغـني ـ لابن قدامة ـ ٤ / ٤٧٨ ، المجموع شرح المهذّب ١٦ / ٢٢٥ و ٢٢٦.
(٥) تقـدّم في الصفحـات ٣٦٧ ـ ٣٦٩ ؛ فراجـع!
الشـبهة ، وأمّا من يدين بصحّـة العقد في الفرعين ، جرت له آثار الصحّـة وأحكامهـا (١).
الحادي عشـر :
إذا كان المطلِّق من غيرنا ، وطلّق زوجته بطلاق صحيح في مذهبه فاسـد عندنا ، أو يقع ثلاثاً عندهم وواحدة عندنا ، فإنّ الأحاديث المتقـدّمة قد دلّت على وقوع الطلاق والبينونة بحسـب مذهبهم ، ويحلّ نكاحها لكلّ من تحلّ له بحسـب الأحكام الأوّليّـة العامّـة حينما تكون ليـسـت بذات زوج ، سـواءً كانت منّـا أو منهم ، كما يدلّ عليه الثاني إلى العاشـر من الأحاديث المتقـدّمة (٢) ، بل والأوّل (٣).
ومع دلالة هذه الأحاديث على أنّها تكون مطلّقة وتبين واقعاً بحسـب المصلحة الخاصّـة الثانوية الكاسـرة للمصلحة العامّـة الأوّليّة ، فلا مجال لِما سـمعته من القول بأنّـه «لا منافاة بين البطلان وبين إجراء حكم الصحّـة بالنسـبة إلينا ، لطفاً منه ، فهي وإن كانت زوجة لهم لكـنّها حلال لنا وحرام عليهم ، أو يقال : هي صحيحة من وجه فاسـدة من آخر» (٤) ؛ انتهى ..
خصوصاً مع بُعد هذه الدعوى في نفسـها ، مضافاً إلى التدافع بين التعليـل باللطف في الحلّ بالنسـبة إلينا وبين قوله في ما سـبقه ، وكـذا
__________________
(١) انظر : حاشـية ردّ المحتار ٣ / ١٤٤ ـ ١٤٦.
(٢) تقـدّمت في الصفحات ٣١٨ ـ ٣٣٥ ؛ فراجـع!
(٣) تقـدّم في الصفحـة ٣١٥ ؛ فراجـع!
(٤) هو قول الشـيخ حسـن كاشف الغطاء في كـتابه «أنوار الفقاهة» ، كما مـرّ في الصفحـة ٣٥٧.
بالنسـبة إليهـم.
الثاني عشـر :
إذا كان الزوج منّـا مثلا ، والزوجة من غيرنا ، فألجأته إلى الطلاق عندهم بحسـب مذهبها ، لزمها سـقوط النفقة وسـائر حقوق الزوجة ، ومنها إرثها منه بالزوجية ، ولا يثبت حكم الطلاق بالنسـبة للزوج ، ولا يسـقط شـيء من حقوقـه.
ولو حملت هذه المرأة من الذي طلّقها ـ حيث لا رجعـة ـ أُلزمت بأنّ الولد لا يلحق بها شـرعاً ما لم تفرض شـبهة ، أو تعـدل عن ذلك التديّن ؛ وإذا كان الولد منهم ، أُلزم ـ أيضاً ـ بذلك بالنسـبة لأُمّـه وأبيه.
نعم ، إذا كان منّـا ، ورث أباه وأُمّـه.
ولو طلّقها الزوج باختياره هذا الطلاق ، فهل يلزمها ما ذكرنـاه ، أو لا؟ لكونه مضـارّاً ، و «لا ضـرر ولا ضـرار» (١) ؛ وهو الأصـحّ.
__________________
(١) هذا الحديث ممّا تسالم على روايته الفريقان عن رسـول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والعمل بموجبه ومقـتضاه ؛ فانظر مثـلا :
الكافي ٥ / ٢٨٠ ح ٤ وص ٢٩٢ ـ ٢٩٣ ذ ح ٢ ، من لا يحضره الفقيه ٣ / ٤٥ ح ١٥٤ وص ١٤٧ ح ٦٤٨ ، تهذيب الأحكام ٧ / ١٤٦ ـ ١٤٧ ذ ح ٦٥١ وص ١٦٤ ح ٧٢٧ ، سـنن ابن ماجة ٢ / ٧٨٤ ح ٢٣٤٠ و ٢٣٤١ ، مسـند أحمـد ٥ / ٣٢٧ ، الموطّـأ : ٧٠٠ ح ١٣ باب ما لا يجوز من عتق المكاتب ، كـتاب الأُمّ ٣ / ٢٨٥ وج ٧ / ٣٩٤ ، المعجم الكبير ٢ / ٨٦ ح ١٣٨٧ ، سـنن الدارقطني ٣ / ٥٦ ح ٣٠٦٠ وج ٤ / ١٢٣ ح ٤٤٩٣ ـ ٤٤٩٦ ، المسـتدرك على الصحيحين ٢ / ٦٦ ح ٢٣٤٥ ، السـنن الكبـرى ـ للبـيهقي ـ ٦ / ٧٠ و ١٥٧ وج ١٠ / ١٣٣ ، المبسـوط ـ للسرخسي ـ ٢٣ / ١٧٥ و ٢٠٠ وج ٢٥ / ١٢ ، المجموع شرح المهذّب ٤ / ٣٩٠.
الثالث عشـر :
ذهب الحنفية إلى ثبوت العـدّة على اليائسـة وعلى الصغيرة (١) ..
فيلزم من طلّق أحدهما ـ إذا كان حنفياً ـ أن لا يعقد في عدّتهم على أُختها وسـائر من يحرم الجمع عندهم بينهما.
وكذا لا يجوز عقده على الخامسـة.
ولو كانت الزوجة حنفية بالغة ، وهي اليائسة ، أُلزمت بأحكام العدّة.
الرابع عشـر :
ذهب الجمهـور إلى التعصيـب (٢) ..
__________________
(١) انظـر : الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ / ٥٢٣ ـ ٥٢٤ ، المغني ـ لابن قدامة ـ ٩ / ٧٧ ـ ٧٨ و ١٥٠ ، المجموع شرح المهذّب ١٨ / ١٤١ ، شرح فتح القدير ٤ / ٣٠٩ ، اللباب في شرح الكـتاب ٣ / ٨٠.
(٢) التعصيب : هو إعطاء ما فضل من التركـة من أصحاب الفروض إلى عَصَبَـة الميّت ـ وهم بنوه وقرابته لأبيه ، الّذين يرثون الرجلَ عن كلالة ، من غير والد ولا ولد ـ فكلّ مَن لم تكن له فريضة مسـمّـاة ، يأخذ من الميراث إنْ بقي شيء بعد قسمة الفرائض.
انظر : الحاوي الكبير ١٠ / ٢٨٨ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ٢٩ / ١٥٧ وج ٣٠ / ١٣ ، بداية المجتهد ٥ / ٤٠٢ ـ ٤٠٦ ، المغني ـ لابن قدامة ـ ٧ / ٧ ، المجموع شرح المهذّب ١٦ / ٩٧ ، الشرح الكبير على المقنع ـ لابن قدامة المقدسي ـ ٧ / ٥٣ ، اللباب في شرح الكـتاب ٤ / ١٩٣ ، لسان العرب ٩ / ٢٣٢ مادّة «عصب».
أقـول : وقد أجمعت الطائفةُ الحقّـة الإماميّـة الاثنا عشرية على بطلان التعصيب وعدم جوازه ، فلا ميراث للـعَـصَـبَـة عندهم على تقدير زيادة الفريضة عن السهام ؛ مسـتدلّين بعمومِ قوله تعـالى : (وأُولو الأرحام بعضُهم أَوْلى ببعض في كـتاب
فإذا كانت البنت الواحدة منهم ، لم تسـتحقّ إلاّ النصف.
وكذا الأُخت للأب أو الأبوين.
ولم تسـتحقّ البنـتان ، أو البنـات ، أو الأُخـتان ، أو الأخوات للأب ، أو الأبوين ، إلاّ الثلثين.
ولم يسـتحقّ الأخ ، أو الأُخت من الأُمّ ، إلاّ السـدس.
ولم يسـتحقّ من هو أكـثر من ذلك ، إلاّ الثلث.
ولم تسـتحقّ الأُمّ مع الأخوين ، أو الأُختين ، أو الملـفّق منهما ، أو الأكـثر من ذلك ، إلاّ السـدس ..
كلّ هؤلاء يُلـزَمون بذلك حسـب مذهبهم ، ويكون المال الباقي لمن يرث لو كانوا لا يرثون مطلقاً ، لا لكلّ من يعصب على مذهبهم ..
فلو ترك الميّت ـ مثلا ـ بنتاً ، وابنَ ابنِ عمّ ـ مثلا ـ وخالا ـ مثلا ـ فالزائد للخال ؛ على ما ذكرناه في المقام الأوّل (١) ومنعناه في المقام الثـاني (٢).
نعم ، إن كان الخال منهم ، أُلزمَ بأنّـه لا يسـتحقّ شـيئاً ، ويكون الزائد لابن ابن العمّ وإنْ كان منهم.
نعم ، لو كان الأخوال الذكور أو الإناث أو الملـفّق منهما بعضهم منّا وبعضهم منهم ، أُعطي الزائد المذكور لمن هو منّا ، وسقط الذي هو منهم.
__________________
الله) سورة النساء ٤ : ٧٥ ، وإجماعِ أهل البيت عليهمالسلام وتواترِ أخبارهم بذلك ، فـيُردّ فاضـلُ التركة بعد توزيع السهام على الوارث الأوّل.
انظر مثلا : الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشـقية ٨ / ٧٩ ـ ٨١.
(١) تقـدّم في الصفحـة ٣٦٣ ـ ٣٦٤ ؛ فراجـع!
(٢) تقـدّم في الصفحـات ٣٦٤ ـ ٣٦٦ ؛ فراجـع!
والوجه
في ما ذكرناه هو
: إنّـه غاية ما
يسـتفاد من أحاديث
الباب هو أنّ التديّن
بعدم الاسـتحقاق
للزائد يكون ـ
بحسـب الإلزام
ـ مانعـاً له عن
اسـتحقاقه له كسـائر
موانع الإرث ،
فيكون لمن يرث
بسـبب منعه بحسـب
الحكم الأوّلي
، سـواءً كان منّا
أم منهم ما لم يكن
متديّناً بعدم
اسـتحقاقه ، كما
ذكرناه في الخال
الذي هو منهم. وممّـا
ذكرنا يُعرف الكلام
في النقصان بالعول
وميراث الإخوة
مع الأُمّ ، على
ما تقـدّم في الأحاديث. نعم ، ما
يأخذونه ـ على
مذهبهم ـ ممّن
هو منّا ، لا يجوز
التصـرّف به بشراء
أو نحو ذلك مطلقاً
، فإنّ غاية مفاد
الأحاديث هو إلزام
المتديّن و (١)
والجواز عليه. وأين ذلك
من الأخذ منّا
على خلاف الحكم
الواقعي؟! فمن الغريب
ما تقـدّم نقله
من أنّـه لا يبعد
الجواز (٢)! * وذهب الجمهور
أيضاً إلى أنّ
المسـلم لا يرث
من الكافر
(٣) .. وعلى ذلك
: فلو مات كافرٌ
وترك أولاداً ـ
مثلا ـ بعضهم كافر
، والبعض الثـاني
مسـلم يدين بمذهـب
الجمهـور ، والبعـض
الثـالث مسـلم __________________ (١) كذا
جاء حرف العطف
مكـرّراً في الأصل
، فلعلّ الشـيخ
البلاغي قدسسره
أراد ذِكر شيء
هنا فسقط من قلمه
الشريف سهواً ،
أو هو زائد ؛ فلاحـظ! (٢) هو قول
الشـيخ حسـن كاشف
الغطاء في كـتابه
«أنوار الفقاهة»
، كما مـرّ في الصفحـة
٣٥٨. (٣) انظر
: الحاوي الكبير
١٠ / ٢٣٢ ، المبسوط ـ للسرخسي
ـ ٣٠ / ٣٠ ، بداية المجتهد
٥ / ٤٣٠ ، المغني ـ لابن
قدامة ـ ٧ / ١٦٥ ، المجموع
شرح المهذّب ١٦ / ٥٨
، الشرح الكبير
على المقنع ـ لابن
قدامة المقدسي
ـ ٧ / ١٦٠ ـ ١٦١ ، اللباب في
شرح الكـتاب ٤ / ١٨٨.
لا يدين بهذا المذهب ، كان الإرث لهذا البعض الثالث ؛ وذلك لأجل حجب الكافر بكفره ، والبعض الثاني يُلـزَم بتديّنه بعدم الاسـتحقاق ، ولا يُعتنى بدعواه إرث الكافر ، فإنّـه تشـريع منه ، والإلزام إنّما يكون في ما هو عليه ، وهو عدم اسـتحقاقه للإرث.
وعلى ذلك تجري نظائر المسـألة.
الخامس عشـر :
المحكيّ عن الشـافعي أنّـه إذا زنى رجل بامرأة فولدت منه بنـتـاً ، جـاز له أن يتزوّج البنت (١).
فلو تزوّج الرجل الشـافعي بها فولدت له ولداً ـ مثلا ـ لم يرث الولد منه وإن كان الوارث شـافعياً ؛ لأنّ إلزامه لا يقضي بتوريث ابن الزنى ، بل يكون الإرث لمن لا يلتزم بتوريث المولود من مثل هذا الزنى.
وعلى هذا النهج يجري ما لهذا الفرع من النظائر.
السـادس عشـر :
من كان يدين بحرمة شـيء أُلزم بحرمتـه ، ولم يمضِ من عباداتـه التي تفسـد به عنـده ما يمضي عند اسـتبصاره ممّا يفعله على مذهبـه ؛ لعـدم حصول القربة ، أو لعدم شـمول دليل الإمضاء وإن فُرض حصول القربـة ؛ وفيه تأمّـل.
__________________
(١) انظر : كـتاب الأُمّ ٥ / ٤٢ في ما يحرم من النساء بالقرابة ، الحاوي الكبير ١١ / ٢٩٩.
وأمّـا العقد عليه ، فقد مرّ الكلام فيه في المقام الرابع من هذا الفصـل (١).
السـابع عشـر :
من كان يدين بنجاسـة شـيء لم تثبت بذلك نجاسـته حتّى في حقّـه ؛ لأنّها موضوع واقعي.
نعم ، يُلزم بلوازمها ، من الحرمة وفسـاد عبادته في مذهبه ، كما نجري عليه أحكام سـراية النجاسـة إلزاماً من دون سـراية حقيقية.
والله العـالم.
ولنقطع الكلام على هذا المقدار.
والحمـد لله أوّلا وآخـراً.
وقد تمّ نقلها لهذا البيـاض
في السـابع عشـر من رجب الحرام عصراً ،
في السـنة التاسـعة والأربعين بعد الألف والثلاثمئـة هجرية ،
على مهاجرها ألف صلاة وسـلام وتحـيّـة (٢).
__________________
(١) تقـدّم في الصفحـات ٣٦٧ ـ ٣٦٩ ؛ فراجـع!
(٢) جاء في هامـش نسـخة الأصل ما نصّه : «وقد أسـقطنا في هذه المبيّـضة بعض
__________________
الفروع التي في الأصل ؛ لأجل عروض التأمّـل فيها». منـه قدسسره.
أقـول : لقد أسقط الشـيخ البـلاغي قدسسره في هذه المبيّـضة خمسـة فروع كان قد أثبتـها في المسـوّدة ، نوردها بنصّها ـ معتمدين في ذلك على الطبعة السابقة للرسالة التي نـوّهنا عنها في المقـدّمة ـ ؛ ليطّلع عليها ذوو الشـأن ، تتميماً للفائدة ؛ وهي :
السادس عشـر : لو غصب رجلٌ من حنفيّ حنطةً فطحنها مثلا ، لم يكن لذلك الرجل الغاصب إلزام الحنفيّ بأنّـه مَلَـكَ الدقيق ، وأنّ الحنفيّ لا يسـتحقّ إلاّ البـدل.
السابع عشـر : لو اشـترى الحنفيُّ أو غيرُه ممّن يدين بثبوت الشـفعة بالجوار ، لم يكن للجار أخذ المبيع بالشفعة ؛ لأنّـه ليـس في الشريعة سـبب لتملّـكه له ، وقـد مـرّ الكلام في ذلك في الثاني من المقامات الأربعـة.
الثامن عشـر : حُكي عن الشافعي ، أنّ من اشـترى الشيءَ بالوصف ، له الخيار عنـد رؤيته وإنْ كان على الوصف المذكور.
وعن أبي حنيفة ، أنّـه من اشـترى شـيئـاً ليلا واشـترط له الخيار إلى النهار ، بقي خياره إلى غروب الشمس.
فإذا كان البائع في الصورة الأُولى شافعياً ، وفي الثانية حنفياً ، فهل لغيره ـ مع كون الثمن عينـاً شـخصيّـة ، أو كلّـيّـاً مقبوضـاً ـ أن يفسـخ إلزامه ويسـتردّ الثمن ، أو لا؟
الأصـحّ هو الثـاني ؛ لأنّ الثمن انتـقل إلى ملك البائـع بنحـو لازم في الواقع ، ولا مسـوّغ ـ بحسـب القواعد الأوّلـيّـة ـ لأخذ المشـتري وتملّـكه له ، فإنّ الأخذ بالخيار أخذٌ من ملك الآخر بواسطة الخيار ، نظير الأخذ بالشفعة ، ولا سـبب له هنا ؛ لأنّ الخيار يرفع ملكَ الآخر وتأثيرَ البيع من أصله ، فيكون الثمن باقياً على الملك الأوّل كأنّـه لم يحدث بالبيع انتقاله بأنّـه يملكه بالسـبب الذي اقتضى تمليكه قبل البيـع وتسـويغ التصـرّف به.
نعم ، لو كان البيع بكلّيّ غير مقبوض ـ وإنْ كان حالاًّ ـ كان له الالتزام ؛ لإسقاط حقّـه في المطالبة بالثمن واسـتحقاقه ، والروايات زعيمة بذلك ؛ وهذا المقدار كاف في المقام.
التاسع عشـر : ذهب أبو حنيفة والشافعي إلى بطلان البيع إذا اشـترط فيه شرط سائغ ، فإذا كان المشـتري حنفياً أو شافعياً لم يُـلـزَم ببطلان البيع في العين
وكـتب مؤلّـفها الأحقـر
محمّـد جـواد البـلاغي
حامـداً مصلّيـاً (١).
__________________
الشـخصيّـة أو الكلّيّ المقبوض ؛ إذ لا سـبب يقتضي تملّـكه وجواز التصرّف به جديداً بعد انتقال ملكه بالبيع الصحيح أو بالقبض فيه ، وكذا لو كانت نتيجة الإلزام اسـترداد الثمن.
وأمّـا إذا كان المبيع في الصورة الأُولى كلّـيّـاً لم يُقبض ، وكذا الثمن في الثانية ، اتّجه الإلزام ؛ إذ ليـس في البين ملك لعين شـخصيّـة يحتاج تملّـكها إلى سـبب جديد ، بل ليـس إلاّ الاسـتحقاق ، وكذا الإلزام بعد اسـتحقاق المشـترط ، وإلاّ فيما لو جوّزنا شرط النتيجة ، وكان المشـترط عيناً شـخصيّة ، ملكها بالشـرط.
العشـرون : المحكيّ عن مالك في مَن اشـترى أَمَـةً ، فحملت وولدت عنده ، ثمّ وجد بها عيباً سابقاً على العقد ، فليـس له ردّها وحدها ، بل يردّ ولدها معها.
فإذا كان المشـتري مالكياً أُلزم بأنّـه ليـس له ردّ الأَمَـة وحدها ، وهل يؤخذ منه الولد معها إلزاماً؟ الوجه : أنّـه لا يؤخذ كما تقـدّم ، إلاّ أن يجعل اختياره لردّها مع ولدها على الأرش بمنزلة الإباحة لولدها.
وذهب أبو حنيفة إلى أنّ هذه الأَمَـة لا تُردّ ، بل ينحصر أمرها بالأرش ، فـيُـلـزَم تابعـه ذلك.
وقال الشافعي في مَن اشـترى حيواناً حاملا ، ووجد بعد وضعه عيباً سابقاً على العقد ، فإنّـه يردّ الحيوان دون الحمل المولود ، فإذا كان البائع شافعياً لم يُلـزَم بذلك ، بل يتدارك أمر العيب بردّ الحيوان مع حمله المولود ، أو بالأرش.
انـتهى ما أسقطه الشـيخ البلاغي قدسسره ؛ لعروض التأمّـل فيه.
(١) جـاء في هامـش نسـخة الأصل ما نصّـه : «بلـغ تصحيحهـا بقدر الجهـد ، والحمـد لله». منـه قدسسره.
ثَبت مصادر التوثيق والتعضيد
١ ـ القـرآن الكريـم.
٢ ـ الإحكام في أُصول الأحكام ، لعلي بن أبي علي الآمدي (ت ٦٣١) ، تحقيق إبراهيم العجوز ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.
٣ ـ اختلاف الفقهاء ، لأبي جعفر محمّـد بن جرير الطبري (ت ٣١٠) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت ١٤٢٠.
٤ ـ الاسـتبصار ، لشيخ الطائفة محمّـد بن الحسن الطوسي (ت ٤٦٠) ، تحقيق السـيّد حسـن الموسوي الخرسان ، نشر دار الكـتب الإسلامية ، طهران ١٣٩٠.
٥ ـ الإشراف على مذاهب أهل العلم ، لمحمّـد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري (ت ٣٠٩ أو ٣١٨) ، تحقيق عبـد الله عمر البارودي ، نشر دار الفكر ، بيروت ١٤١٤.
٦ ـ أعيان الشـيعة ، للسـيّد محسن الأمين ، تحقيق حسـن الأمين ، نشر دار التعارف ، بيروت ١٤٠٦.
٧ ـ الأُمّ (كـتاب ...) ، لمحمّـد بن إدريس الشافعي (ت ٢٠٤) ، تحقيق محمّـد مطرجي ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت ١٤١٣.
٨ ـ الإمامة والتبصرة من الحيرة ، لعلي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي (ت ٣٢٩) ، تحقيق السـيّد محمّـد رضا الحسـيني ، مؤسّـسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ، بيروت ١٤١٢.
٩ ـ أنوار الفقاهة ، للشيخ حسـن آل كاشف الغطاء (ت ١٢٦٢) ، نسخة مخطوطة ، محفوظة في مكتبة «الإمام كاشف الغطاء قدسسره» في النجف الأشرف.
١٠ ـ بدائع الصنائع ، لعلاء الدين الكاساني (ت ٥٨٧) ، نشر دار الكـتاب العربي ، بيروت ١٩٨٢ م.
١١ ـ بداية المجتهد ونهاية المقتصد ، لابن رشد محمّـد بن أحمد القرطبي
(ت ٥٩٥) ، تحقيق علي محمّـد معوّض وعادل أحمد عبـد الموجود ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت ١٤١٦.
١٢ ـ تاج العروس ، لمحمّـد بن محمّـد مرتضى الحسيني الزبيدي (ت ١٢٠٥) ، تحقيق علي شـيري ، نشر دار الفكر ، بيروت ١٤١٤.
١٣ ـ التحرير الطاووسي ، للشيخ حسن بن زين الدين (ت ١٠١١) ، تحقيق فاضل الجواهري ، نشر مكتبة السـيّد المرعشي النجفي ، قم ١٤١١.
١٤ ـ تحفة الفقهاء ، لمحمّـد بن أحمد السمرقندي (ت ٥٣٩) ، نشر دار الكـتب العلمية ، بيروت ١٤٠٥.
١٥ ـ تذكرة الفقهاء ، للعلاّمة الحلّي الحسـن بن يوسف بن المطـهّر (ت ٧٢٦) ، تحقيق ونشر مؤسّـسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ، قم ١٤١٤.
١٦ ـ تراثـنا ، مجلّة فصلية تصدرها مؤسّـسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ، قم وبيروت.
١٧ ـ التعريفات ، للشريف علي بن محمّـد الجرجاني (ت ٨١٢) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت ١٤١٦.
١٨ ـ تعليقة الوحـيد البهبهاني على منهج المقال ، للشيخ محمّـد باقر بن محمّـد أكمل البهبهاني (ت ١٢٠٥) ، طبعة حجرية.
١٩ ـ تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن) ، لمحمّـد بن أحمد القرطبي الخزرجي (ت ٦٧١) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت ١٤١٧.
٢٠ ـ تـفـصيـل وسائل الشـيعـة ، للحـرّ العـامـلي مـحـمّـد بـن الحـسـن (ت ١١٠٤) ، تحقيق مؤسّـسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ـ قم ، نشر مؤسّـسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ، قم وبيروت ١٤١٣.
٢١ ـ التنقيح الرائع لمختصر الشرائع ، للفاضل المقداد السـيوري الحلّي (ت ٨٢٦) ، تحقيق عبـد اللطيف الكوهكمري ، نشر مكتبة السـيّد المرعشي النجفي ، قم ١٤٠٤.
٢٢ ـ تنقيـح المقـال في علـم الرجـال ، للشـيخ عبـد الله المامقـاني (ت ١٣٥١) ، تحقيق واسـتدراك الشـيخ محيي الدين المامقاني ، نشر مؤسّـسة آل
البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ، قم ١٤٢٣.
٢٣ ـ تهذيب الأحكام ، لشيخ الطائفة محمّـد بن الحسن الطوسي (ت ٤٦٠) ، تحقيق السـيّد حسـن الموسوي الخرسان ، نشر دار الكـتب الإسلامية ، طهران ١٣٩٠.
وطبعة أُخرى ، حجرية ، طُبعت في إيران سـنة ١٣٦٣ هـ. ش.
٢٤ ـ جامع المقاصد في شرح القواعد ، للمحقّـق الثاني الشيخ علي بن الحسين الكركي (ت ٩٤٠) ، تحقيق مؤسّـسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ـ قم ، نشر مؤسّـسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ، قم وبيروت ١٤١١.
٢٥ ـ جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام ، للشـيخ محمّـد حسـن النجفي (ت ١٢٦٦) ، تحقيق الشـيخ عبّـاس القوچاني ، دار الكـتب الإسلامية ، طهران ١٣٦٧ هـ ش.
٢٦ ـ حاشية ردّ المحتار على الدرّ المختار ، لابن عابدين محمّـد أمين بن عمر (ت ١٢٥٢) ، تحقيق ونشر دار الفكر ، بيروت ١٤١٥.
٢٧ ـ حاوي الأقوال في معرفة الرجال ، للشيخ عبـد النبي الجزائري (ت ١٠٢١) ، تحقيق مؤسّـسة الهداية ، قم ١٤١٨.
٢٨ ـ الحاوي الكبير ، لعلي بن محمّـد بن حبيب الماوردي (ت ٤٥٠) ، تحقيق محمود مطرجي وآخرين ، نشر دار الفكر ، بيروت ١٤١٤.
٢٩ ـ الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة ، للشيخ يوسف بن أحمد البحراني (ت ١١٨٦) ، نشر دار الكـتب الإسلامية ، النجف ١٣٧٦.
٣٠ ـ خلاصة الأقوال في معرفة الرجال ، للعلاّمة الحلّي الحسـن بن يوسف بن المطـهّر (ت ٧٢٦) ، تحقيق الشيخ جواد القيّومي ، نشر مؤسّـسة النشر الإسلامي لجماعة المدرّسـين ، قم ١٤١٧.
٣١ ـ الخلاف ، لشيخ الطائفة محمّـد بن الحسن الطوسي (ت ٤٦٠) ، تحقيق الشيخ محمّـد مهدي نجف والسيّد جواد الشهرستاني والسيّد علي الخراساني الكاظمي ، نشر مؤسّـسة النشر الإسلامي لجماعة المدرّسين ، قم ١٤٠٧.
٣٢
ـ الدروس الشرعية
في فقه الإمامية
، للشهيد
الأوّل الشيخ شمس
الدين محمّـد بن
مكّي العاملي (ت
٧٨٦) ، تحقيق ونشر مؤسّـسة
النشر الإسلامي
لجماعة المدرّسـين
، قم ١٤١٢. ٣٣
ـ الذريعة إلى
تصانيف الشـيعة
، للشـيخ
آقا بزرك الطهراني
(ت ١٣٨٩) ، نشر دار الأضواء
، بيروت ١٤٠٣. ٣٤
ـ رجال ابن داوود
، لتقي الدين
بن داوود الحلّي
(ت ٧٠٧) ، المطبعة الحيدرية
، النجف ١٣٩٢. ٣٥
ـ رجال الـبَرقي
، لأبي جعفر
أحمد بن محمّـد
بن خالد البرقي
(ت ٢٧٤ أو ٢٨٠) ، تحقيق السيّد
كاظم الموسوي المياموي
، مطبعة جامعة
طهران ، طهران
١٣٨٣. ٣٦
ـ رجال الطوسي
، لشيخ الطائفة
محمّـد بن الحسن
الطوسي (ت٤٦٠) ، تحقيق
السـيّد محمّـد
صادق آل بحر العلوم
، المكـتبة الحيدرية
، النجف ١٣٨١. ٣٧
ـ رجال الكشّي
(اختيار معرفة
الرجال) ، لشيخ
الطائفة محمّـد
بن الحسن الطوسي
(ت ٤٦٠) ، تحقيق السـيّد
مهدي الرجائي ،
نشر مؤسّـسة آل
البيت عليهمالسلام
لإحياء التراث
، قم ١٤٠٤. ٣٨
ـ رجال النجاشي
، لأحمد بن
علي النجاشي (ت
٤٥٠) ، تحقيق السـيّد
موسى الزنجاني
، نشر مؤسّـسة
النشر الإسلامي
لجماعة المدرّسـين
، قم ١٤٢٤. ٣٩
ـ الردّ على الوهّابية
، للشـيخ
محمّـد جواد البلاغي
(ت ١٣٥٢) ، تحقيق محمّـد
علي الحكيم ، نشر
مؤسّـسة آل البيت
عليهمالسلام
لإحياء التراث
، قم بيروت ١٤١٩. ٤٠
ـ رسالة القرآن
، مجلّة فصلية
تصدرها دار القرآن
الكريم ، قم. ٤١
ـ رياض المسائل
، للسيّد
علي بن محمّـد
علي الطباطبائي
(ت ١٢٣١) ، تحقيق ونشر
مؤسّـسة آل البيت
عليهمالسلام
لإحياء التراث
، قم ١٤١٨. ٤٢
ـ ريحانة الأدب
، لمحمّـد
علي التبريزي المدرّس
، چاپخانه شركت
سهامي طبع كتاب
، إيران ١٣٣٥ هـ. ش. ٤٣
ـ سـبل السلام
، لمحمّـد
بن إسماعيل اليمني
الصنعاني (ت ١١٨٢) ،
تحقيق محمّـد عـبد القادر عطا ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.
٤٤ ـ السـرائر الحاوي لتحرير الفتاوي ، للشيخ ابن إدريـس الحلّي (ت ٥٩٨) ، تحقيق ونشر مؤسّـسة النشر الإسلامي لجماعة المدرّسـين ، قم ١٤١٠.
٤٥ ـ سـنن ابن ماجة ، لمحمّـد بن يزيد القزويني (ت ٢٧٥) ، تحقيق محمّـد فؤاد عبـد الباقي ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.
٤٦ ـ سـنن الدارقطني ، لعلي بن عمر الدارقطني (ت ٣٨٥) ، نشر دار الفكر ، بيروت ١٤١٤.
٤٧ ـ السـنن الكبرى ، لأحمد بن الحسين البيهقي (ت ٤٥٨) ، نشر دار الفكر.
٤٨ ـ شرح فتح القدير ، لابن همام محمّـد عبـد الواحد السيواسي الحنفي (ت ٦٨١) ، نشر دار الفكر ، بيروت.
٤٩ ـ الشرح الكبير ، لأبي البركات سـيّدي أحمد الدردير المالكي (ت ١٢٠١) ، نشر دار إحياء الكـتب العربية ، بيروت.
٥٠ ـ الشرح الكبير على متن المقنع ، لعبـد الرحمن بن أبي عمر بن قدامة المقدسي الحنبلي (ت ٦٨٢) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.
٥١ ـ شعراء الغريّ (النجفيات) ، لعلي الخاقاني ، نشر مكتبة السـيّد المرعشي النجفي ، قم ١٤٠٨.
٥٢ ـ الصحاح ، لإسماعيل بن حمّـاد الجوهري (ت ٣٩٣) ، تحقيق أحمد عبـد الغفور عطّار ، نشر دار العلم للملايين ، بيروت ١٤٠٤.
٥٣ ـ عدّة الرجال ، للسيّد محمّـد بن الحسن الحسيني الأعرجي الكاظمي (ت ١٢٢٧) ، تحقيق مؤسّـسة الهداية ، نشر إسماعيليان ، قم ١٤١٥.
٥٤ ـ علل الشرائع ، للشيخ الصدوق محمّـد بن علي بن بابويه القمّي (ت ٣٨١) ، نشر دار الحجّة الثقافية ، قم ١٤١٦.
٥٥ ـ عوالي اللآلي العزيزية في الأحاديث الدينية ، للشيخ ابن أبي جمهور الأحسائي (ت نحو ٨٨٠) ، تحقيق الشيخ مجتبى العراقي ، مطبعة سيّد الشهداء ، قم ١٤٠٣.
٥٦
ـ عيون أخبار الرضـا
عليهالسلام ، للشيخ
الصدوق محمّـد
بن علي بن بابويه
القمّي (ت ٣٨١) ، تحقيق
حسين الأعلمي ،
نشر مؤسّـسة الأعلمي
، بيروت ١٤٠٤. ٥٧
ـ غريب الحديث
، لأبي عبـيد
القاسم بن سلام
الهروي (ت ٢٢٤) ، نشر
دار الكتاب العربي
، بيروت ١٣٩٦. ٥٨
ـ الفائق في غريب
الحديث ، لجار
الله محمود بن
عمر الزمخشري (ت
٥٣٨) ، تحقيق علي محمّـد
البجاوي ومحمّـد
أبو الفضل إبراهيم
، نشر دار الفكر
، بيروت ١٣٩٩. ٥٩
ـ فتح العزيز شرح
الوجيز ، لعبـد
الكريم بن محمّـد
الرافعي (ت ٦٢٣) ، نشر
دار الفكر. ٦٠
ـ فتح القدير ،
لمحمّـد
بن علي الصنعاني
الشوكاني (ت ١٢٥٠) ،
نشر دار الفكر
، بيروت ١٤٠٣. ٦١
ـ الفصول المهمّة
في أُصول الأئمّة
، للشيخ محمّـد
بن الحسن الحرّ
العاملي (ت ١١٠٤) ، تحقيق
محمّـد بن محمّـد
الحسـين القائيني
، نشر مؤسّـسة
معارف إسلامي إمام
رضـا عليهالسلام ، قم ١٤١٨. ٦٢
ـ الفقه المنسوب
للإمام الرضـا
عليهالسلام ، تحقيق
مؤسّـسة آل البيت
عليهمالسلاملإحياء
التراث ، نشر المؤتمر
العالمي للإمام
الرضـا عليهالسلام ، مشهد ١٤٠٦. ٦٣
ـ فهرسـت الطوسي
(فهرست كتب الشـيعة
وأُوصولهم) ، لشيخ
الطائفة محمّـد
بن الحسن الطوسي
(ت ٤٦٠) ، تحقيق السـيّد
عبـد العزيز الطباطبائي
، نشر مكتبة المحقّق
الطباطبائي ، قم
١٤٢٠. ٦٤
ـ القاموس المحيط
، لمحمّـد
بن يعقوب الفيروزآبادي
(ت ٨١٧) ، نشر دار الجيل
، بيروت. ٦٥
ـ الكافي ، لثقة
الإسلام محمّـد
بن يعقوب الكليني
الرازي (ت ٩ / ٣٢٨) ، تحقيق
علي أكبر الغفّاري
، نشر دار الكتب
الإسلامية ، طهران
١٣٨٨. ٦٦
ـ كفاية الأحكام
، للشيخ محمّـد
باقر بن محمّـد
مؤمن السبزواري
(ت ١٠٩٠) ، طبعة حجرية
، نشر مدرسة صدر
مهدوي ، أصفهان.
٦٧
ـ الكنى والألقاب
، للشـيخ
عبّـاس بن محمّـد
رضا القمّي (ت ١٣٥٩)
، تحقيق محمّـد
هادي الأميني ،
نشر مكتبة الصدر
، طهران ١٤٠٩. ٦٨
ـ اللباب في شرح
الكتاب ، لعبـد
الغني الغنيمي
الدمشقي الميداني
الحنفي (ق ١٣) ، تحقيق
محمّـد محيي الدين
عبـد الحميد ،
نشر المكتبة العلمية
، بيروت ١٤١٣. ٦٩
ـ لسان العرب ،
لابن منظور
محمّـد بن مكرّم
(ت ٧١١) ، تحقيق علي
شـيري ، نشر دار
إحياء التراث العربي
، بيروت ١٤٠٨. ٧٠
ـ الروضة البهيّـة
في شرح اللمعة
الدمشقية ، للشهيد
الثاني زين الدين
الجُبعي العاملي
(ت ٩٦٥) ، شرحاً لكـتاب
«اللمعة» للشهيد
الأوّل محمّـد
بن جمال الدين
مكّي العاملي (ت
٧٨٦) ، تصحيح السـيّد
محمّـد كلانتر
، نشر دار العالم
الإسلامي ، بيروت. ٧١
ـ ماضي النجف وحاضرها
، لجعفر باقر
آل محبوبة ، نشر
دار الأضواء ،
بيروت ١٤٠٦. ٧٢
ـ المبسوط ، لمحمّـد
بن أحمد السرخسي
(ت ٤٨٣) ، نشر دار المعرفة
، بيروت ١٤٠٩. ٧٣
ـ مجمع البحرين
، لفخر الدين
بن محمّـد علي
الطريحي (ت ١٠٥٨) ، تحقيق
السيّد أحمد الحسيني
، نشر مؤسّـسة
الوفاء ، بيروت
١٤٠٣. ٧٤
ـ المجموع شرح
المهذّب ، لمحيي
الدين بن شرف الدمشقي
النووي (ت ٦٧٦) ، نشر
دار الفكر. ٧٥
ـ المحصول في علم
الأُصول ، لفخر
الدين محمّـد بن
عمر الرازي (ت ٦٠٦) ،
نشر دار الكتب
العلمية ، بيروت
١٤٠٨. ٧٦
ـ مختصر المُزني
على الأُمّ ، لإسماعيل
بن يحيى المُزني
(ت ٢٦٤) ، تحقيق محمود
مطرجي ، نشر دار
الكتب العلمية
، بيروت ١٤١٣. ٧٧
ـ المدوّنة الكبرى
، لمالك بن
أنـس الأصبحي (ت
١٧٩) ، نشر دار الفكر
، بيروت ١٤١١. ٧٨
ـ مسالك الافهام
، للشهيد
الثاني الشيخ زين
الدين بن عليّ
بن أحمد
الجبعي العاملي (ت ٩٦٥) ، تحقيق ونشر مؤسّـسة المعارف الإسلامية ، قم ١٤١٣.
٧٩ ـ المستدرك على الصحيحين ، لمحمّـد بن عبـد الله الحاكم النيسابوري (ت ٤٠٦) ، تحقيق مصطفى عبـد القادر عطا ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت ١٤١١.
٨٠ ـ مسـتدرك الوسائل ، للميرزا حسين النوري الطبرسي (ت ١٣٢٠) ، تحقيق مؤسّـسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ـ قم ، نشر مؤسّـسة آل البيت عليهمالسلاملإحياء التراث ، قم وبيروت ١٤١١.
٨١ ـ مستند الشيعة في أحكام الشريعة ، للشيخ أحمد بن محمّـد مهدي النراقي (ت ١٢٤٥) ، تحقيق ونشر مؤسّـسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ، قم ١٤١٥.
٨٢ ـ مسـند أحمد ، لأحمد بن حنبل (ت ٢٤١) ، نشر دار صادر ، بيروت.
٨٣ ـ معارف الرجال ، لمحمّـد حرز الدين ، نشر مكتبة السـيّد المرعشي النجفي ، قم ١٤٠٥.
٨٤ ـ معاني الأخبار ، للشيخ الصدوق محمّـد بن علي بن بابويه القمّي (ت ٣٨١) ، تحقيق علي أكبر الغفّاري ، نشر مؤسّـسة النشر الإسلامي لجماعة المدرّسـين ، قم ١٣٦١ هـ ش.
٨٥ ـ معجم رجال الحديث ، للسـيّد أبو القاسم الموسوي الخوئي (ت ١٤١٣) ، نشر مركز نشر الثقافة الإسلامية ، إيران ١٤١٣.
٨٦ ـ المعجم الكبير ، لسليمان بن أحمد الطبراني (ت ٣٦٠) ، تحقيق حمدي عبـد المجيد السلفي ، نشر دار إحياء التراث العربي.
٨٧ ـ المغني في شرح مختصر الخرقي ، لابن قدامة عبـد الله بن أحمد بن محمّـد (ت ٦٣٠) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.
٨٨ ـ مفاتيح الشرائع ، للفيض الكاشاني محمّـد بن مرتضى (ت ١٠٩١) ، تحقيق السـيّد مهدي الرجائي ، نشر مجمع الذخائر الإسلامية ، قم ١٤٠١.
٨٩
ـ منتهى المقال
في أحوال الرجال
، للشيخ أبي
علي الحائري محمّـد
ابن إسماعيل المازندراني
(ت ١٢١٦) ، تحقيق ونشر
مؤسّـسة آل البيت
عليهمالسلاملإحياء
التراث ، قم ١٤١٦. ٩٠
ـ من لا يحضره الفقيه
، للشيخ الصدوق
محمّـد بن علي
بن بابويه القمّي
(ت ٣٨١) ، تحقيق السـيّد
حسن الموسوي الخرسان
، نشر دار الكتب
الإسلامية ، طهران
١٣٩٠. ٩١
ـ منهج المقال
في تحقيق أحوال
الرجال ، للميرزا
محمّـد بن علي
الاسترابادي (ت
١٠٢٨) ، تحقيق ونشر مؤسّـسة
آل البيت عليهمالسلام
لإحياء التراث
، قم ١٤٢٢. وطبعة أُخرى
، حجرية ، طُبعت
في إيران سـنة
١٣٠٦ هـ. ٩٢
ـ الموطّـأ ، لمالك
بن أنس (ت ١٧٩) ، تحقيق
نخبة من العلماء
، نشر دار الجيل
، بيروت ١٤١٤. ٩٣
ـ نتائج الأفكار
في كشف الرموز
والأسرار ، لقاضي
زاده أفندي أحمد
ابن قودر (ت ٩٨٨) ، نشر
دار الفكر. ٩٤
ـ نصائح الهدى
والدين ، للشـيخ
محمّـد جواد البلاغي
(ت ١٣٥٢) ، تحقيق محمّـد
علي الحكيم ، نشر
إنتشارات دليل
ما ، قم ١٤٢٣. وطبعة محقّقة
أُخرى ، بتحقيق
محمّـد علي الحكيم
، نشر دار المحجّة
البيضاء ، بيروت
١٤٢٤. ٩٥
ـ نقباء البشر
في القرن الرابع
عشر (طبقات أعلام
الشيعة) ، للشـيخ
آقا بزرك الطهراني
(ت ١٣٨٩) ، نشر دار المرتضى
، مشهد ١٤٠٤. ٩٦
ـ نقد الرجال ،
للسـيّد
مصطفى بن الحسين
الحسيني التفرشي
(ق ١١) ، تحقيق ونشر
مؤسّـسة آل البيت
عليهمالسلام
لإحياء التراث
، قم ١٤١٨. ٩٧
ـ النهاية في غريب
الحديث والأثر
، للمبارك
بن محمّـد ابن
الأثير الجزري
(ت ٦٠٦) ، تحقيق طاهر
أحمد الزاوي ومحمود
محمّـد الطناحي
، نشر المكتبة
العلمية ، بيروت. ٩٨
ـ النهاية في مجرّد
الفقه والفتاوى
، لشيخ الطائفة
محمّـد بن الحسن
الطوسي (ت ٤٦٠) ، نشر دار الكتاب العربي ، بيروت ١٤٠٠.
٩٩ ـ نهاية المرام في شرح مختصر شرائع الإسلام ، للسيّد محمّـد بن علي الموسوي العاملي (ت ١٠٠٩) ، تحقيق الشيخ مجتبى العراقي والشيخ علي پناه الاشتهاردي والشيخ حسين اليزدي ، نشـر مؤسّـسة النشر الإسلامي لجماعة المدرّسـين ، قم ١٤١٣.
١٠٠ ـ النـوادر (كـتاب ...) ، لشـيخ القمّـيّـين أبي جعفر أحمـد بن محمّـد ابن عيسى الأشعري القمّي (ق ٣) ، تحقيق ونشر مدرسـة الإمام المهديّ عليهالسلام
، قم ١٤٠٨.
١٠١ ـ الهداية شرح بداية المبتدي ، لبرهان الدين علي بن أبي بكر الفرغاني المرغيناني الحنفي (ت ٥٩٣) ، تحقيق أيمن صالح شعبان ، نشر دار الحديث ، القاهرة ١٤١٥.
١٠٢ ـ الهدى إلى دين المصطفى ، للشـيخ محمّـد جواد البلاغي (ت ١٣٥٢) ، نشر دار الكتب الإسلامية ، قم.
١٠٣ ـ الوجيزة (رجال المجلسي) ، للشيخ محمّـد باقر المجلسي (ت ١١١٠) ، نشر مؤسّسة الأعلمي ، بيروت ١٤١٥ هـ.
١٠٤ ـ الوسـيط في الرجال (تلخيص المقال في تحقيق أحوال الرجال) ، للميرزا محمّـد بن علي الاسترابادي (ت ١٠٢٨) ، طبعة حجرية.
من أنبـاء التـراث
هيئة التحرير
|
كتب صدرت محقّقـة * منتهى المطلب في تحقيق المذهب ج ١١ ـ ١٣. تأليف : العلاّمة الحلّي ، الحسن بن يوسف بن المطهّر (٦٤٨ ـ ٧٢٦ هـ). كتاب فقهي استدلالي مقارن ، ذكر فيه مذاهب المسلمين في الأحكام وأدلّتهم عليها ، ثمّ يعرض ما يختاره منها ، يدعمه بالأدلّة من القرآن والسنّة النبويّة وروايات أهل البيت عليهمالسلام ، ويردّ المخالف منها ردّاً علميّاً ، اعتمد في تحقيق الأجزاء السابقة (١ ـ ٦) على تسع مخطوطات ، بدءاً من مقدّمات علم الفقه حتّى أحكام صلاة الخوف ، (٧ و ٨) على خمس مخطوطات اضافية ، بدءاً من بحث الخلل في الصلاة حتّى بحث الأنفال ، و (٩ و ١٠) على |
|
مخطوطة اضافية اخرى ، بدءاً من كتاب الصوم ... حتّى بحث التقصير من كتاب الحج. وقد صدرت الأجزاء : ١ في ١٤١٢ ، و ٢ في ١٤١٣ و ٣ في ١٤١٤ ، و ٤ في ١٤١٥ و ٥ فى ١٤١٩ و ٦ في ١٤٢٠ و ٧ في ١٤٢١ و ٨ في ١٤٢٣ و ٩ في ١٤٢٤ هـ. وأمّا الاجزاء (١١ ـ ١٣) فقد اعتمد في تحقيقها اضافة إلى ما ذكر على مخطوطتين ، بدءاً بأفعال الحج والوقوفين واحكامهما وانتهاءً بزيارة الإمام الحجّة المنتظر (عج). تحقيق : مجمع البحوث الاسلامية. نشر : مؤسسة الطبع والنشر التابعة للروضة الرضوية المقدسة ـ مشهد ـ إيران / صدر ج ١١ في سنة ١٤٢٥ هـ و ١٢ و ١٣ |
|
في سنة ١٤٢٦ هـ. * الإفصاح عن أحوال رواة الصحاح ج ١ ـ ٤. تأليف : الشيخ المظفّر ، محمّـد حسن ابن محمّـد بن عبـدالله النجفي (١٣٠١ ـ ١٣٧٥ هـ). أثر قيّم ، فريد في بابه ، مخصّص لاستقصاء وجمع الرواة ممّن اعتُمدت روايته في الصحاح الستّة ـ اثنين منها على الأقلّ ـ وهو مع ذلك قد طعن فيه اثنين من علماء العامّة ـ أو أكثر ـ المعتمدين في الجرح والتعديل في كتبهم الرجالية ، وجاء في حقّه من الكلمات ما يقتضي عدم جواز العمل بروايته. مرتّب على حروف الهجاء ، متعرّضاً لذكر من عُرف باسمه ، ثمّ من عُرف بكنيته ، مستخدماً رموزاً معروفة عند العاملين في هذا الحقل ، معتمداً ـ في هذا الاستقصاء ـ ما ورد بشأنهم في كتاب الذهبي (ت ٧٤٨ هـ) ميزان الاعتدال ، وكتاب ابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢ هـ) تهذيب التهذيب. فرغ المؤلّف رحمهالله من الكتاب سنة ١٣٦٠ هـ ، وكان قد كتب مختصراً منه مقدّمةً لكتابه دلائل الصدق ، الذي فرغ منه |
|
سنة ١٣٥٠ هـ. اعتُمد في تحقيق الكتاب الذي لم يطبع سابقاً على نسخة مصوّرة لنسخة المؤلّف المحفـوظة عند نجله. تحقيق ونشر : مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياءالتراث ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ. * الطراز الأوّل والكِناز لما عليه من لغة العرب المعوّل ج صفر ـ ٢. تأليف : العلاّمة الأديب السيّد علي بن أحمد بن محمّد معصوم الحسيني المعروف بابن معصوم المدني (١٠٥٢ ـ ١١٢٠ هـ). يعدّ هذا الكتاب من الكتب التي كتبت استدراكاً ونقداً على كتب وأقوال الآخرين في مضمار اللغة وما يتعلّق بها ، وقد نحى فيه منحى الشيخ الطريحي في كتابه مجمع البحرين ، فجمع فيه الآراء اللغوية واستدركها واستشهد عليها بالآيات القرآنية والأحاديث الشريفة والشعر وأمثال العرب ، مع توضيح بعض الكلمات الصعبة من القرآن الكريم ، والغريبة من الحديث الشريف ، وسار في ترتيبه على نهج ترتيب القدماء ، مبتدئاً بحرف الألف ومنتهياً بالياء لآخر الكلمة. اعتُمِد في تحقيق هذا الكتاب على |
|
سبع نسخ خطّية ، صدر منه ثلاثة مجلّدات ، المجلّد الأوّل أخذ الرقم (صفر) ويشتمل على مقدّمة لتوضيح المنهج الاستدراكي النقدي في اللغة ، وحياة المؤلِّف ، ومنهجية التحقيق ، واحتوى المجلّد الثاني والثالث اللذان أخذا الرقمين (١ و ٢) على حرفي الألف والباء وسوف تليها الأجزاء الأخرى لاحقاً. تحقيق ونشر : مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ـ مشهد ـ إيران / ١٤٢٦ هـ. * غاية المرام وحجّة الخصام في تعيين الإمام من طـريق الخاصّ والعامّ ، ج ١. تأليف : السيّد هاشم بن سليمان الحسيني البحراني (ت : ١١٠٧ هـ). اتّخذ فيه المصنّف رحمهالله طريقة تحقيقيّة ودراسةً علميّةً جديدةً في إثبات الإمامة للأئمّة الأثني عشر عليهمالسلام ، فقد بيّن المحقّق في تقديمه للكتاب المنهج العلمي والعملي الذي قام به المصنّف من أجل جمع هذا الكتاب في دراسة موضوعيّة تحت عنوان (المتَّفق والمفتَرَق) ، تطرّق من خلالها إلى (المتّفقات في الاسلام والمفترقات في الإسلام والفضيلة المتّفق عليها وكلمة تاريخية متّفق عليها والمتّفق |
|
عليه في أصول الفقه). ثمّ عمد إلى خطّة ، المؤلّف حيث ذكر موقفه الحيادي في بيان الحقائق التاريخية ، ليكون المتطلّع عليها بعيداً عن الانحياز إلى جهة ما ومنزّهاً عن التعصّبات التي تعمي البصيرة والبصر. لم يصدر من هذا الكتاب سوى الجزء الأوّل الذي يحتوي على ستة عشر باب ، وستوافيه بقية الأجزاء ، وقد طبع هذا الكتاب ثلاث مرّات منذ تأليفه ، ولكن امتازت هذه الطبعة بتحقيق ودراسة علمية ، حيث عمدت فيها لجنة التحقيق إلى ذكر جميع المصادر التي اعتمد عليها المؤلّف ، مع ذكر الاختلافات بينها وبين الكتاب ، وذكر معاني الكلمات لغويّاً ، إضافةً إلى استدراكات زادت في منهج الكتاب التحقيقي دقّةً. تحقيق : السيّد رضا الصدر. نشر : نشر دانش ـ قم ـ إيران / ١٤٢٥ هـ. * وسائل الشيعة ومستدركاتها ، ج ١ ـ ٣. تأليف : محمّد بن الحسن الحر العاملي (١١٠٤ هـ) والميرزا محسن النوري (١٣٢٠ هـ). |
|
كتاب جمع بين دفّتيه الأحاديث الفقهية من كتابي الوسائل والمستدرك ، حيث تَمَّ ترتيب أحاديثهما حسب الأبواب التي رتّبها الشيخ الحرّ العامليقدسسره بنضد مستدرك كلّ باب منه بحياله مع جعل فاصلة مرموزة بينهما ، ليتسنّى للقارئ التمييز بين الوسائل والمستدرك ، اعتُمِد على عدّة محاور في التحقيق هي : ١ ـ مقابلة الروايات المنقولة بالمصادر المحقّقة كطبعة مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام ، والطبعة المحقّقة من قبل الشيخ عبدالرحيم الربّاني ، مع الرجوع إلى الطبعة القديمة ، هذا بالنسبة للوسائل ، أمّا المستدرك فقد قوبلت الطبعة المحقّقة لمؤسّسة آل البيت عليهمالسلام مع الحجرية والمصادر الموجودة. ٢ ـ الإيعاز إلى الموارد التي يشير إليها صاحب الوسائل بـ (تقدّم ، ويأتي) والإشارة لمواردها. ٣ ـ إرجاع الأحاديث المذكورة إلى مصادرها ، اعتُمِد في بعضها على تخريجات مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام ، كما أنّه لم يتمّ استعمال التسلسل العامّ الذي اعتمدته مؤسّسة آل البيت في تحقيقها ، بل الاكتفاء بالتسلسل الخاصّ لكلّ باب على حِدَة ، ولمّا كانت الأحاديث موزّعة على أبواب الفقه غير مبعثرة في الكتابين المذكورين ، كذلك سرت الطريقة هنا حسب التبويب |
|
السابق ، فحوى الجزء الأوّل المقدّمة ، وأبواب مقدّمة العبادات وباب خاصّ للنوادر ، وبعض من كتاب الطهارة ، واحتوى الثاني والثالث بعضاً من أبواب كتاب الطهارة. تحقيق ونشر : مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ. * شرح خيارات اللمعة. تأليف : الشيخ علي نجل الشيخ كاشف الغطاء (١٢٥٣ هـ). كتاب فقهي استدلالي مبسوط مشهور في شرح مبحث خيارات اللمعة الدمشقية للشهيد الأول الشيخ محمّـد بن مكي العاملي (٧٣٤ ـ ٧٨٦ هـ) ، وهو من المتون الفقهية المهمّة وموضع عناية العلماء والفقهاء درساً وتدريساً وشرحاً وتعليقاً. وتضمّن الكتاب أربعة عشر خياراً : خيار المجلس ، الحيوان ، الشرط ، التأخير ، ما يفسد ليومه ، الرؤية ، الغبن ، العيب ، التدليس ، الاشتراط ، الشركة ، تعذّر التسليم ، تبعيض الصفقة ، التفليس. وتمّ تحقيق الكتاب على نسخة مطبوعة ونسختين خطّيتين ، إحداهما يبدو |
|
أنّها بخطّ المؤلّف ، ذكرت مواصفات النسخ في مقدّمة التحقيق. تحقيق ونشر : مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم ـ إيران / ١٤٢٢ هـ. * الأربعون حديثاً في المهدي (عج). تأليف : (أبو نعيم الأصبهاني) أحمد ابن عبدالله بن أحمد بن إسحاق بن موسى ابن مهران. صاحب كتاب حلية الأولياء كان من أعلام المحدّثين ، وأكابر الحفّاظ والثقات. ولد في أصفهان في شهر رجب سنة ٣٣٦ هـ. كان ملمّاً بكثير من العلوم والفنون ، فكان محدّثاً ومؤرّخاً ومفسّراً وفقيهاً وقارئاً ، وله مصنّفات عديدة في هذه الفنون ، فمن تصنيفاته : حلية الأولياء ، معرفة الصحابة ، دلائل النبوّة ، و... والأربعون حديثاً في المهدي ، وهو الكتاب المذكور عنوانه آنفاً ، أدرج فيه المؤلّف أربعين حديثاً مسنداً إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تؤكّد على عقيدة وجود المهدي الموعود المنتظر من ولد فاطمة وعلي عليهماالسلام ، والذي يتم على يديه التخطيط الإلهي لبسط العدل ودحر الجور |
|
ورفع راية الهدى. تحقيق : علي جلال باقر ـ دمشق سورية / ١٤٢٦ هـ. * أربع رسائل. تأليف : العلاّمة الشيخ محمّد جواد البلاغي. رسالة (البداء) وهي من أهمّ الأُمور الاعتقادية في الدلالة على المقام الربوبي في العلم والقدر والإرادة على نظام العالم في جميع أحواله وادواره ، تناول فيها المصنّف البحث معتمداً على آيات الكتاب العزيز والروايات الواردة في هذا الشأن عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام. رسالة (نسمات الهدى ونفحات المهدي) : تعرّض فيها المصنّف بأسلوب أدبي تاريخي وعلمي للدفاع عن عقيدة ظهور الإمام الحجّة المهدي المنتظر (عج) ، وطالما تعرّضت عقيدة الظهور إلى هجمات المخالفين ، فردّ المصنّف بهذه الرسالة مقالة الدكتور زكي محفوظ (المهدي المنتظر نشأته وأطواره في التاريخ). رسالة (البلاغ المبين) ، يدور فيها البحث حول معرفة الله ، وإثبات وجود الصانع ، مع وجوب عبادته وطاعته وشكر
|
|
نعمه سبحانه وتعالى ، بالحجج العقلية في أسلوب حواري مشوّق دار بين شخصين في رحلتهما ، يساعد القارئ على فهم ما يدور من حوار بأسلوب منطقيّ مبسّط. ورسالة (الردّ على الوهابية) في تفنيد شبهاتهم وأباطيلهم بالحجج النقلية والعقلية ، وقد اعتمد فيها على أُمّهات المصادر المعتمدة لدى المسلمين ، تدلّك هذه الرسالة على خلقه وأدبه الرفيعين في أسلوب المناقشة والمناظرة. جمعت هذه الرسائل الأربعة في مجلّد واحد وقد تصدّرت بترجمة المؤلّف ونبذ من حياته وأشعاره وآثاره الباقية وذكر مشايخه وتلامذته وما قالوا فيه. وتم تحقيقها بدراسة ومنهجية علمية وقد ذكر في آخرها مصادر التوثيق. المحقّق : السيّد محمّد علي الحكيم. نشر : مؤسسة الأعلمي ـ بيروت ـ لبنان / ١٤٢٦ هـ. * كفاية الأصول. تأليف : الشيخ محمد كاظم الآخوند الخراساني (ت : ١٣٢٩ هـ). نسخة مصحّحة ومحقّقة ، أعدّها المحقِّق للدراسات العليا في منهجيّتها وأُسلوبها التحقيقي ، الذي عبّر عنه بأنّه : |
|
(يعدّ فريداً من نوعه ووحيداً في اسلوبه) ، حيث قام بتدريسه مراراً في الحوزات العلميّة فأتقن محلّ الخلل بها من غموض وسقط وأخطاء و... فقام بمنهجية التحقيق العلمي على مقابلة الكتاب مع عدّة نسخ معتبرة ، منها نسخة المؤلّف المكتوبة بخطّه ، فأثبت في المتن ما رآه صحيحاً ، وذكر ما كان مخالفاً لها في التعليقة ـ والجدير بالذكر أنّ مؤسسة آل البيت لإحياء التراث حقّقت هذا السفر القيّم اعتماداً على نسختين إحداهما بخط المؤلف والأخرى حجرية قام بتصحيحها (ره) صدرت سنة ١٤٠٩ هـ ـ هذا وقام بوضع عناوين للمواضيع الأصليّة والفرعيّة حسب الاقتضاء لما لم يعنونه المصنّف ، مع تخريج الآيات والروايات وذكر النصوص والنظريّات العلمية معتمداً أقدم المصادر وأصحّها ، وإرجاع ما أشار إليه المصنّف بقوله : (سبق وتقدّم وقد مرّ وسيأتي) إلى مواضعها المشار إليها ، وقد خرّج أغلب الأقوال التي لم ينسبها إلى أحد من مصادرها. مع ذكر أسماء أصحابها في الهامش ، وقام بوضع الإعراب في الجمل التي حازت أكثر أهمّيّة ، تسهيلاً لطالب العلم في فهم مضامين العبارة. |
|
وأخيراً عمد إلى ذكر الآراء الحديثة التي ساعدت في تطوير فنّ علم الأصول ، كالمحقّق الشيخ محمد حسين الأصفهاني والمحقّق الشيخ الميرزا النائيني والمحقّق الشيخ ضياء الدين العراقي. والسيّدين العلمين : الامام الخميني والمحقّق الخوئي رضوان الله عليهم ، مع ذكر تعليقات لتوضيح المبهمات ورفع الغوامض التي تبيِّن مراد المصنّف ، وكان تحقيق الكتاب بجزئين احتويا على جميع مواضيع الكفاية. تحقيق : الشيخ عباس علي السبزواري. نشر : مؤسسة النشر الاسلامي التابعة جماعة المدرسين ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ. * تفسير الإمام أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليهالسلام ، (٢٣٢ ـ ٢٦٠ هـ). اشتمل هذا السفر على تفسير سورتي الحمد والبقرة إلى أواسط الآية ٢٨٢. وهو ما عثر عليه منه عليهالسلام ، فهو كتاب تفسير استند فيه عليهالسلام على النصوص المنقولة عن جدّه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وآبائه واحداً عن واحد مسنداً تفسير الآيات بروايات وأحاديث تدعم ذلك ، وأسباب النزول للآيات الشريفة أو الحادثة والواقعة الواردة |
|
فيها ، وسرد بعض الحوادث التي زامنت نزول الآية ، مستلهماً من ذلك المعاجز التي ظهرت على يديه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومبرزاً لبعض فضائله وفضائل أهل بيته عليهم الصلاة والسلام ، ومستعرضاً بعض الآثار التشريعية والوضعية والثواب الذي يحصل عليه العبد من إتيان الأحكام الشرعية التي أمر بها عزّ وجلّ في كتابه الكريم كلّ في محلّه. اعتُمد في تحقيق هذا السفر المبارك على ستّ نسخ خطيّة ونسختين مطبوعتين ، وكذا تمّ عرضه على بعض المصادر والجوامع الحديثية التي نقلت عنه بعض الآيات وتفسيرها والأحاديث الواردة فيه. تحقيق : السيّد علي عاشور. نشر : مؤسّسة قائد الغرّ المحجّلين / ١٤٢٦ هـ. * تذكرة الفقهاء ج ١٥ ـ ١٦. تأليف : العلاّمة الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي (٦٤٨ هـ ـ ٧٢٦ هـ) في الفقه المقارن الاستدلالي بين المذاهب الإسلامية. استوعب فيه فتاوى العلماء وقواعد الفقهاء ، ثمّ أشار في كلّ مسألة إلى
|
|
الخلاف الواقع فيها معتمداً على الرأي الصحيح منها محتجاً بالأدلّة الواضحة ، وردّ الآراء الاُخرى ردّاً علميّاً استدلالياً. وقد اعتُمِد في تحقيق هذا السفر خمس عشرة نسخة خطّيّة ، وثلاث نسخ خطّيّة آخر رمز لها بالأحرف (ث ، ر ، ص) ، قوبلت مع الكتاب من بداية الجزء الثالث عشر فما بعد. صدر سابقاً منه أربعة عشر مجلّداً اشتملت على كتاب الطهارة حتّى بحث الحوالة ؛ أمّا هذان المجلّدان فقد حويا بحوث الوكالة ، والإقرار من توابع كتاب الديون وبحث الصلح وكتاب الأمانات والوديعة ، والعارية ، والشركة. تحقيق ونشر : مؤسسة آل البيت عليهمالسلاملإحياء التراث ـ قم ـ إيران / ١٤٢٧ هـ. * الإجازة الكبيرة. تأليف : العلاّمة الحسن بن يوسف بن المطهّر (٦٤٨ ـ ٧٢٦ هـ). يحتوي الكتاب على الإجازة المذكورة آنفاً في عنوان الكتاب وقد أجازها العلامة إلى خمسة من أعلام بني زهرة الحسينيين الساكنين في حلب ، وهي تعدُّ مصدراً رجالياً ، حيث أورد فيها أسانيد مهمّة وأسماء رجال لم يعرف عنهم شيئاً ، وذكر |
|
اتصالها بأعلام الفريقين ، فقد امتازت الإجازة بقيمة علمية وتاريخية. حقّقت هذه الرسالة على المنهجية التالية : تصحيح الاسماء بإرجاعها إلى مصادر تراجم الرواة ، إضافة أسماء الرواة الساقطة في الأسانيد ، ذكر تراجم مختصرة للرواة الواردة أسماؤهم على القدر المتمكّن ، والاعتماد على ثلاث نسخ للإجازة. تحقيق : كاظم عبّود الفتلاوي. نشر : مكتب المواهب ـ النجف ـ الأشرف ـ العراق / ١٤٢٦ هـ. * منهاج الكرامة في معرفة الإمامة. تأليف : العلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف بن المطهّر (٦٤٨ ـ ٧٢٦ هـ). تناول هذا الكتاب مسألة الإمامة ، وهي أهمُّ مسألة بين المسلمين اختُلِفَ فيها إبّان رحيل الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يدعوهم إلى كتابة وصية لن يضلّوا بعدها أبداً وإلى يومنا هذا ، وقد استقصى العلاّمة رضوان الله عليه البحث استدلالياً مستوفياً لكلّ فصوله عقائديّاً وتاريخيّاً إعتمد فيه على كتاب الله وسنّة رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم قدّمه إلى الملك : (محمّد خدابنده الجايتو) وهو حديث عهد باعتناقه لمذهب أهل |
|
البيت عليهمالسلام. يتألّف هذا الكتاب من مقدّمة وأربعة فصول ، تناول فيها أقوال المذاهب في مسألة الإمامة ، وإثباته لوجوب اتّباع مذهب الإمامية ، والادلّة على إمامة الإمام علي عليهالسلامبعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث تناول الأدلّة العقلية والقرآنية والمنقولة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والأدلّة الدالّة على إمامته المستنبطة من أحواله عليهالسلام. حقّق باسلوب علمي اعتمد فيه عدّة نسخ للكتاب مع ذكر الاختلاف ، وقد استدرك في تعليقاته على معظم الأمور القرآنية والحديثية القرآنية والحديثية والروائية التاريخية مستنداً على أهمّ المصادر لفرق المسلمين ، ويحتوي على مقدّمتين للطبعة الاُولى والثانية. تحقيق : الاستاذ عبدالرحيم مبارك. نشر : مكتبة (عروج انديشة) ـ مشهد ـ إيران / ١٤٢٥ هـ. طبعات جديدة لمطبوعات سابقة * الشفاعة ، حقيقة إسلامية. تأليف : محمد هادي الأسدي. دراسة عن إحدى الحقائق الإسلامية |
|
المهمّة ، وهي مسألة الشفاعة وما يتعلّق بها من أُمور ، تكفّلت بإيضاح الأدلّة عليها ، ومناقشة شبهات أُثيرت بشأنها ، استناداً الى الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبويّة الشريفة. تناولت عبر فصولها الأربعة : مفهوم الشفاعة وحقيقتها في القرآن الكريم والسُنّة النبوية المطهّرة ، وآراء علماء المسلمين في الشفاعة ، ومناقشة بعض الإشكالات والردّ عليها ، ثمّ أثر الشفاعة في المصالح الدنيوية ، وأخيراً مَنْ هم الشفعاء ومَن هم المشمولين بالشفاعة وغير المشمولين بها. أصدره سابقاً مركز الرسالة ضمن : سلسلة المعارف الإسلامية برقم ٧ ، في قم سنة ١٤١٨ هـ. وأعاد المركز نفسه إصداره بعد إجراء التعديلات ، سنة ١٤٢٦ هـ. * سلامة القرآن من التحريف. تأليف : علي موسى الكعبي. بحثٌ موضوعيٌّ لمسألة تحريف القرآن ـ بالزيادة أو النقصان يثبت سلامته منها بالأدلّة والبراهين الواضحة والمتقنة ، تضمّن : معنى التحريف وأنواعه ، وأدلّة نفيه ، نماذج من روايات التحريف في كتب الشيعة وكتب أهل السُنّة ، وأقوال |
|
وآراء علماء الفريقين في ردّها أو تأويلها. وعرضاً لمراحل جمع القرآن ، مبيّناً تناقض الأخبار الواردة بجمعه في عهد أبي بكر وعمر وعثمان ، ومخالفتها لأدلّة جمعه في زمان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم. موضّحاً عدد من الشبهات التي يحاول بعضٌ أن يثيرها ليستدلّ بها على اتّهام الشيعة بالقول بتحريف القرآن. أصدره سابقاً مركز الرسالة ضمن : سلسلة المعارف الإسلامية برقم ٢ ، في قم سنة ١٤١٧ هـ. وأعاد المركز نفسه إصداره بعد إجراء التعديلات ، سنة ١٤٢٦ هـ. * البدعة ، مفهومها وحدودها. تأليف : محمد هادي الأسدي. بحث مختصر في مسألة البدعة ، وبيان الموارد الصحيحة والمصاديق الحقيقية لها وفقاً لِما جاء في كتاب الله العزيز وسُنّة رسوله الأمين صلىاللهعليهوآلهوسلم وهدي أئمّة الهدى المعصومين عليهمالسلام. اشتمل البحث على : تعريف البدعة والإشارة إلى تحريمها في ما ورد من آيات القرآن الكريم وروايات السُنّة النبوية المطهّرة ، تحديد مفهومها وتوضيح شروطها وحدودها ، عرض أدلّة عدم |
|
جواز تقسيمها إلى حسنة وسيّـئة ، الأسباب المؤدّية إلى نشوء البدع وانتشارها ، دور أئمّة أهل البيت الطاهرين عليهمالسلام في مواجهة ومحاربة البدع والمقولات المحدثة ، وأقوالهم في : الجبر والتفويض ، القياس والرأي ، التصوّف والرهبنة ، عقيدتي التشبيه والتجسيم ، والغلوّ والغلاة. وأخيراً التعرّض لذكر أمثلة ونماذج للبدع المحدَثة في الدين : وهي النهي عن متعة الحجّ ، إقامة صلاة التراويح جماعة ، وصلاة الضحى. ومناقشة بعض الممارسات التي تُنسب للبدعة وهي ليست كذلك ، فضلاً عن كونها من السُنّة ، كالاحتفال بالمولد النبوي الشريف ، وشدّ الرحال لزيارة قبر النبيّ الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم وقبور الأولياء والصالحين. أصدره سابقاً مركز الرسالة ضمن : سلسلة المعارف الإسلامية برقم ٩ ، في قم سنة ١٤١٨ هـ. وأعاد المركز نفسه إصداره بعد إجراء التعديلات ، سنة ١٤٢٦ هـ. * الأمر بين الأمرين. تأليف : محمد مهدي الآصفي. بحث يعالج مسألة أفعال الإنسان وسلوكه ، وكيفية ارتباطها بخالقه عزّ وجلّ ، |
|
يعرض إتجاهاتهـا الثلاثـة : الجبر ، الاختيار التفويض والمنزلة التي بينهما ، ويذكر أدلّتها ، ويناقشها في ضوء النصوص القرآنية والسنّة النبوية المطهَّرة ودليل العقل ، معتمداً المصادر المهمّة والموثّقة. مقسّم إلى فصول يتناول فيها : الحتمية التأريخية والحتمية الكونية ، موقف القرآن الكريم من مسألة الحتمية واستقلال الإنسان ؛ إذ يقرّر مبدأيْ حرّية إرادته واختياره ، وعدم استقلاله في الإرادة واتّخاذ القرار ، ثمّ مذهب أهل البيت عليهمالسلام : الأمر بين الأمرين ؛ متناولاً جبهات الصراع العقائدي في الموضوع ، ودورهم عليهمالسلام في مواجهة التيّارات المنحرفة ، وفي الدفاع عن التوحيد والعدل من خلال تقديم أُصول متعدّدة عن القضاء والقدر في الكون وحرية الاختيار لدى الإنسان داخل الدائرة الحتمية للقضاء والقدر. أصدره سابقاً مركز الرسالة ضمن : سلسلة المعارف الإسلامية برقم ٥ ، في قم سنة ١٤١٧ هـ. وأعاد المركز نفسه إصداره بعد إجراء التعديلات ، سنة ١٤٢٦ هـ. * الدرّ الثمين أو (ديوان المعصومين). تأليف : محمّد علي المدرّس. |
|
يشتمل على الأشعار المنسوبة إلى المعصومين الأربعة عشر : رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته الطيبين الطاهرين عليهمالسلام ، قدّم له الشيخ السبحاني مقدّمةً يبحث فيها عن الشعر والشعراء في الكتاب والسنّة وموقف الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وأئمّة أهل البيت عليهمالسلام من الشعر والشعراء وإنشادهم عليهمالسلام الشعر و... وقد احتوى الكتاب على مقدّمة وأربعة عشر باباً ، ذكر في كلِّ باب منها : نبذةً مختصرة عن حياة كل منهم عليهمالسلام ، ثمَّ الشعر المنسوب إليهم ، بدءاً من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وحتّى الإمام المهدي المنتظر (عج). نشر : مؤسسة الامام الصادق عليهالسلام قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ * الهجوم على بيت فاطمة عليهاالسلام. تأليف : عبـد الزهراء مهدي. كتاب يسعى للإحاطة بتفاصيل محنة الزهراء عليهاالسلام بضعة أبيها الرسول الأمين صلىاللهعليهوآلهوسلم بُعيد وفاته ، وقصّة الهجوم على بيتها وإضرام النار في بابه ؛ لإحراقه بمن فيه ، واقتياد بعلها أمير المؤمنين الإمام عليّ عليهالسلامإلى البيعة مكرهاً .. تضمّنت فصوله الستّة عدّة مواضيع تدور حول هذه القضية ضمن عناوين : الوحي يُحذّر ويُخبر : إيصاء |
|
النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بأهل بيته عليهمالسلام وإخباره إيّاهم بالظلم والاضطهاد والغدر الذي سيلاقوه بعده .. انقلاب الأصحاب على الأعقاب : رزية يوم الخميس ، وترك جنازته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، السقيفة وتدبير البيعة ، وإجبار الناس عليها والتخلّف عنها .. تفصيل الهجوم على البيت : إحراق الباب ، وإسقاط جنين الزهراء عليهاالسلام ، كيفية إخراج الإمام عليهالسلامللبيعة ، وفاة الزهراء وتجهيزها ليلاً ، ودفنها سراً وإخفاء موضع قبرها عليهاالسلام .. تفصيل النصوص والآثار عن علماء الفريقين : روايات وأقوال العامّة والخاصّة في الواقعة .. تظلّم أهل البيت عليهمالسلام : تصريحهم في مواقف كثيرة بآلامهم وبما عانوه من الظلم وغصب الحقوق ، وبعض كلماتهم في ذلك .. بعض الأسئلة الشبهات المطروحة والأجوبة عليها .. وأخيراً خاتمة في ذكر الكتب الجامعة لروايات الهجوم وأسانيدها. صدر في بيروت سابقاً ، وأعادت طبعه انتشارات (برگ رضوان) ، قم ، إيران ، في سنة ١٤٢٥ هـ. * الكشّاف المنتقى لفضائل علي المرتضى عليهالسلام. تأليف : كاظم عبّود الفتلاوي |
|
عبارة عن فهرسة يذكر فيها جملة من فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلاميعدّ فيها ذكر المصادر من كتب العامّة ـ حيث وردت بها الفضائل التي انتقاها المصنّف من آيات وأحاديث معتمداً في الأحاديث على ما قاله الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد رتّبها على قسمين أمّا الآيات القرآنية فقد رتَّبها حسب ترتيب القرآن للسور وأما الأحاديث النبويّة الشريفة الواردة في حقّه عليهالسلام فقد رتّبها على حروف الهجاء ، وقد اكتفى بكلا الينبوعين محترزاً عمّا قاله عليهالسلام عن نفسه وما قاله الصحابة والتابعون ، مبتعداً عن الإطالة. نشر : منشورات لسان الصدق ـ النجف الأشرف ـ العراق / ١٤٢٦ هـ. * الصحابة في الميزان. تأليف : عبّاس محمّد يدور نقاشه حول الصحابة وعدالتهم ، وهو الموضوع الذي لا زال محلّ اختلاف مذاهب المسلمين ، فناقشه بادلّة الآيات والأحاديث النبوية الشريفة في بحث علمي تاريخي يدرس به أقوال علماء العامة واختلافاتهم في تعريف الصحابة وعدالتهم بدراسة منهجيّة في معرفه
|
|
أحوالهم وأختلافاتهم وبعض المواقف المخالفة للكتاب والسنّة. يشتمل على مقدّمة وتمهيد يبين فيهما أهمّية مسألة عدالة الصحابة وتعريف الصحابي والعدالة ، ويحتوي تسعة فصول تقدّم للقارئ الدراسة بتفصيل مشروح. نشر : مؤسسة المحبّين ـ قم ـ إيران / ١٤٢٧ هـ. * الإمامة في القرآن والسنّة. تأليف : امتثال الحبش كتاب قيّمٌ وإن عدّ كُتيِّباً في حجمه يتطرّق إلى مبحث الإمامة بكلِّ شجاعة وبإحساس مرهف تشعر منه روح الإيمان والتعلّق بحبل الله الوثيق نبع عن فكر يبحث في مقتبل العمر عن نور الحقيقة ليقول إنّها موهبة الهيّة إنّها عصمة ربّانيّة إنّها رسالة محمديّة ودوحة علويّة فاطمية لا شرقية ولا غربية إنّها ... وإنّها ... عمدت المؤلّفة إلى كتابة ما استنتجته من خلال دراستها لعقائد المذاهب الأربعة ومذهب أهل البيت عليهمالسلام اعتماداً على الكتاب والسنّة ، فذكرت آيات التطهير والطاعة والولاية ثمَّ تعرّضت لحديثي الثقلين والغدير لتستدلّ بها على إمامة وولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب |
|
عليهالسلام بقلم أديب وبيان سلس. نشر : مركز الأبحاث العقائديّة ـ قم ـ إيران / ١٤٢٧ هـ. كتب صدرت حديثاً * الإيمان والكفر. تأليف : جواد الورد. يتألّف هذا الكتاب من مقدّمة وثمانية فصول ، تدعوا المسلمين إلى الوحدة ، والاعتصام بحبل الله ، ونبذ الفرقة ، وردّ الاختلاف إلى الكتاب والسنّة ضمن دراسة عقائدية ، تاريخيّة تبيّن أهمّ المشتركات بين المسلمين .. معالجة الأفكار التكفيرية بيان معنى الإسلام والإيمان يبتنى ، وأقسام الشرك والفرق بينه وبين الكفر ، وعدم جواز رمي المسلم بالشرك والكفر ، وحرمة تكفير وقتل ساب الصحابة لعدم رمي علماء المسلمين السابين للإمام علي (ع) بالكفر كما تناول الكتاب قضية الكاتب المصري اُسامة أنور عكاشة حيث أبدا نظره في عمرو بن العاص ، وتكفير من قبل محام مصري تأثّر بالفكر التكفيري .. وعرّج إلى شبهة التكفير ونشوئها من نجد والطائف وكما تناول الأفعال الوحشية |
|
للتكفيريّين من قتل النساء والأطفال ، وهتك الحرمات ... كما وضح أفكار ابن تيمية وخرقه لإجماع المسلمين بتحريم زيارة قبر النبي ، وأنّ مؤسّس الوهابية محمّد بن عبد الوهاب مجدّد آراء ابن تيمية ، وتناوله مسألة تبنّي السلفية لرموز الحشوية واعتقاداتهم. نشر : مؤسّسة البلاغ ـ دار سلوني ـ بيروت ـ لبنان / ١٤٢٦ هـ. * كيف ردّ الشيعة غزو المغول. تأليف : الشيخ علي الكوراني. يشتمل هذا الكتاب على إثني عشر فصلاً وفي آخره ملاحظات حول الدولة العثمانية ، تناول فيه المصنّف من خلال دراسته التاريخ المغولي وظهور دولة جنگيزخان واستيلاءه على الصين و... واجتياحه لبلاد الاسلام ، بدراسة تاريخية تحليليّة .. وتأثّر التيار المغولي بالثقافة الاسلامية بسبب الجهاد العلمي لشخصيّتين قويّتين من كبار علماء ومراجع الشيعة وفقهاء أهل البيت عليهمالسلام الخواجة نصير الدين الطوسي قدسسره ، والعلاّمة الحلي قدسسره حيث ذكر دورهما بإيجاز في أربع نقاط ، جهادهما العلمي الثقافي الذي كان سبباً لدخول |
|
الكبار من شخصيّاتهم إلى حضيرة الإسلام ، وتأسيس الدولة الشيعية الصفوية في إيران وظهور الدولة العثمانية في تركيا ، وردّ فكرة القائلة بأنّ الشيعة هم السبب في اجتياح المغول لبلاد الاسلام ، حيث عبّر عن الشيعة بأنّهم كانوا قارب النجاة للاُمة من سوء أفعال الخلفاء وجهازهم السيّئ. نشر : مركز العلاّمة الحلّي الثقافي ـ محافظة بابل ـ الحلّة ـ العراق / ١٤٢٦ هـ. * حياة الإمام علي الهادي عليهالسلام دراسة وتحليل. تأليف : الشيخ محمّد جواد الطبسي. وهو الكتاب الثالث له من موسوعته الشاملة لحياة العترة الطاهرة عليهمالسلام. يحتوي هذا الكتاب على دراسة شاملة لحياة الإمام علي الهادي عليهالسلام ، والأحداث التي دارت في زمانه ، ومَن عاصر من الولاة العباسيّين ، وقد رتّبه على عدّة فصول ، وقد بلغت اثنين وعشرين فصلاً ، تناول فيها حياته والنصّ على إمامته وسموّ مقامه ، وإيمانه وعبادته وغزارة علمه ، وضع العلويين في عصره. والدور الخاصّ له عليهالسلام ، والإمام عليهالسلاموالمدرسة العقائدية و... نشر : دار الهدى ـ قم ـ |
|
إيران / ١٤٢٦ هـ. * الغاية في شرح الكفاية ، ج ١. تأليف : السيّد زهير الأعرجي. شرحٌ معاصر لكتاب كفاية الأصول للآخوند الخراساني قدسسره (ت ١٣٢٩ هـ) والذي يعد من ابرز كتب الأصول المتأخرة ، فهو في حقيقته ثلاثة شروح ، يسعى فيه المؤلّف بيان وفك عبارات ومطالب الكتاب المغلقة الغامضة ، بمنهج علمي وبأساليب ثلاثة : مبسوطٌ ومزجيٌ وفلسفي. اشتمل هذا الجزء على ثلاثة أبواب تضمّن كلٌّ منها شرحاً لمباحث الكفاية من أوّلها وإلى نهاية الأمر التاسع (الحقيقة الشرعية) ، الأوّل كان شرحاً مبسوطاً والثاني مزجياً ، والثالث تعرض فيه لفلسفة اللغة ومباحث الالفاظ وتطرّق إلى النظريات الحديثة في هذا المجال. صدر في قم في سنة ١٤٢٤ هـ. * مؤتمر السقيفة. تأليف : باقر شريف القرشي. كتاب تدور مواضيعه وأحداثه حول سقيفة بني ساعدة وتأثير ذلك الحدث تاريخياً على مسار الأمة.
|
|
يحتوي هذا الكتاب على تمهيد وعدّة فصول ، فالتمهيد يحتوي على شرح حال قريش ومعاناة المسلمين في بداية الدعوة ، والهجرة إلى الحبشة ومدينة وتأسيس الدولة الإسلامية هناك وما تلاه من الأحداث حتّى فتح مكّة ، والبحث حول الخلافة وتعريفها والنص عليها ، وبيان صفات الإمام ، وواجباته ، ومسؤوليّاته ، وعرض الآيات الشريفة والأحاديث الواردة في حقّ الإمام عليهالسلام ، ومنزلته يوم القيامة والتمهيد للبلاغ الأخير حول الخلافة وما سبقته من إشارات وتصريحات له. وبيان ما سبق السقيفة من أحداث ووفاته صلىاللهعليهوآلهوسلم ودراسة تحليلية لما دار فيها من أُمور ، وما تلاها من أحداث بعد الواقعة. نشر : مهر أمير المؤمنين ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ. * نصوص القرآن في أُمناء الرحمن ج ١ ـ ٢. تأليف : السيّد قاسم هجر. يجمع كلَّ الآيات النازلة في شأن عترة الرسول الطاهرة عليهمالسلام من طريق السنّة والمذاهب الأربعة التي وردت بأسانيد صحيحة وأحاديث صريحة ورواة ثقات. وقد رتّبها مبوّبة في أحد عشر باب |
|
حسب المواضيع المعنونة لكل باب بدءً بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام في سبقه إلى الاسلام و... إلى إمامة الأئمة الاثني عشر والإمام المهدي المنتظر. وذكر في الهامش التخريجات لجميع المصادر المعوّل عليها في جمع النصوص مع ذكر تراجم مؤلّفيها من كتاب الغدير. نشر : مركز الغدير للدراسات الاسلامية ـ بيروت ـ لبنان / ١٤٢٢ هـ. * حجة الوداع. تأليف : الشيخ حسين الواثقي. يتناول هذا الكتاب دراسة تاريخية بكلّ ما يتعلّق بهذا اليوم العظيم الذي ألقى به رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الحجّة على اُمّته في تبليغ رسالته وأداء أمانة ربّه وتنصيب من ارتضته السماء لاكمال الدين وإتمام النعمة. فاشتمل على جميع شعائر الحجّ ومواقف الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وما أتى به من أعمال الحجّ وما صادف هذه الأيّام من مواقف وقصص تاريخية معتمداً على الروايات الصادرة في مدرسة أهل البيت عليهمالسلام بهذا الشأن ، وذكر خطبة يوم العيد وأيّام التشريق و... وقفة مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بغدير خمّ ونصب علي إماماً ، ويليها ميّزات الحجّ الجاهلي وحجج النبي |
|
وعمراته صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن مكّيات المعصومين عليهمالسلام و... كما لا يخفى تعرّض الكتاب لبعض المسائل الفقهية. نشر : مركز فقه الأئمّة الأطهار ـ قم ـ إيران / ١٤٢٥ هـ. * الحسين عليهالسلام في مواجهة الضلال الأموي وإحياء سيرة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلي عليهالسلام. تأليف : السيّد سامي البدري. يتبنّى دراسة تاريخيّة فكريّة لنهضة أبي الأحرار الحسين بن علي بن أبي طالب عليهماالسلاميتناول بها سيرة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلي عليهالسلاموالحسن والحسين عليهماالسلاموالانقلاب الاموي ونقضه للعهود وتصفية الشيعة واطروحة معاوية للحكم ومن ثمَّ حركة الحسين في مواجهة التمرّد الأموي وآثار نهضة الحسين عليهالسلاموشهادته ، يتألّف من خمسة أبواب حيث تمّ الباب الخامس بدراسة ملخّصة للكتاب وخاتمة. نشر : مؤسسة طور سينين ـ بغداد ـ العراق / ١٤٢٦ هـ. * مصائب النواصب. تأليف : القاضي الفقيه السيّد نور الله |
|
التُستري (١٠١٩ هـ). ورد في ردّ بعض الأحاديث الموضوعة والمفتريات على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فيردّها ردّاً دقيقاً بأدلّة شافية ، وافية ، من كتاب الله وسنّة رسوله باسلوب علمي منطقي ، ويحتوي على تحليل بعض الأمور التي حدثت بعد وفاة نبي الأمّة صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وما أورد على الشيعة من المفتريات. علماً أنّ هذا الكتاب طبع اعتماداً على نسخة نقصت من أوّلها عدّة صفحات ، فالكتاب المطبوع يبدأ من الحديث الثالث وما بعده. ويحتوي هذا الكتاب على سبعة أحاديث ، وخاتمة. نشر : أنوار الزهراء ، إعداد مؤسّسة قائد الغرّ المحجّلين / ١٤٢٦ هـ. * الإمام جعفر الصادق عليهالسلام زعيم مدرسة أهل البيتعليهمالسلام. تأليف : الدكتور محمّد حسين علي الصغير. وهو الكتاب السابع من موسوعة أهل البيت الحضارية. يتركّز على دراسة وبحث حياة الإمام السادس من أئمّة أهل البيت والثامن من المعصومين الأربعة عشر ، |
|
دراسةً وبحثاً استدلالياً ، علمياً ، من ولادته وحتّى شهادته ومدفنه ، والأحداث التي حصلت في زمنه ، ومَن عاصر من حكّام عصره ، وما لاقاه منهم ، وسيرته مع أُمّة جدّه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعلمه ، وتلامذته ، ومواليه ، وكلّ ما حام حوله سلام الله عليه من الأمور السياسية ، والاجتماعية ، والدينية. يتضمّن هذا الكتاب بابين كلّ باب يحتوي على فصول ، وينهض كلّ فصل بعدّة بحوث ؛ فالباب الأوّل : هو الإمام الصادق عليهالسلام وأفاق عصره ، ويحتوي على أربعة فصول ، كلّ فصل ينطوي على خمسة بحوث. والباب الثاني : هو معالم مدرسة أهل البيت عند الإمام الصادق عليهالسلام ، ويحتوي أربعة فصول وخاتمة ، والفصل منها متفاوت ، فالأوّل ينطوي على ثلاثة بحوث ، والثاني على خمسة ، والثالث على أربعة والأخير على اثنين. نشر : مؤسّسة البلاغ ـ سوريا / ١٤٢٥ هـ. * دروس في الاقتصاد الاسلامي. تأليف : علي حسن مطر. قام بدراسة للاقتصاد الاسلامي معتمداً |
|
على الكتب التالية : اقتصادنا والبنك اللاربوي والمدرسة الاسلامية للشهيد السيد محمّد باقر الصدر رضوان الله تعالى عليه مبنيّاً على الاقتصار في تعريف المحتوى الاقتصادي في التشريع الاسلامي معرضاً عن سائر المذاهب الاقتصاديّة غير الاسلاميّة سوى ما اقتضته المقارنة في أفضلية النظام الاقتصادي الاسلامي حيث يكشف عن خطة السيد الشهيد رحمه الله في العلاقة بين المذهب الاقتصادي وبين القانون المدني والنظام المالي ، يشتمل على ثلاثين بحثاً. نشر : انتشارات ناظرين ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ. * معجم المصطلحات الفقهية. تأليف : الشيخ إبراهيم إسماعيل الشهرَكاني. يحتوي على جميع المصطلحات الفقهية بعد بحث واستقراء في الكتب المؤلّفة في هذا المجال ، والمراد بالمصطلح الفقهي : ما كان مصطلحاً روائيّاً أو ما اصطلح عليه الفقهاء ، بيّنت وشرحت بمنهج دراسي علمي مبسوط ابتداءً من كتاب الطهارة طبق التسلسل الموجود لكتب الفقه إضافة إلى بعض القواعد |
|
الفقهية المرتبطة بالبحث المذكور لها وبعض المصطلحات العامة القليلة ، ورّتب كلُّ منها على الحروف الهجائية حسب أبوابها تسهيلاً للباحث في العثور عليها. نشر : مؤسسة الهداية ـ بيروت ـ لبنان / ١٤٢٣ هـ. * إذهاب الرجس. تأليف : الشيخ غالب السيلاوي. يحتوي على دروس مدوّنة في الامامة والعصمة يدور البحث فيها حول آية التطهير وشرحها مفصّلاً فيما ترمي إليه الآية من لطيف المعاني جمع فيها آراء علماء المذهب وناقشها بمنهج علمي جامع مانع ، يشتمل هذا الكتاب على تمهيد وإثني عشر مرحلة وخاتمة انضمّ إليها ما رواه الكليني في صفات الإمام المعصوم عليهالسلاموبيان بعض الأسرار وحديث الكساء. صدر في قم سنة ١٤٢٦ هـ. * عبدالله بن عمر ومدرسة الرسول المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم. تأليف : باسم الحلّي. يبحث هذا الكتاب شخصيّة تاريخية تشرّفت بصحبة الرسول الأعظم
|
|
محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وكان لها الدور المهم في سطور التاريخ حيث عدّت مؤشراً في مسار الأمّة وقد مرّت هذه الشخصية بالكثير من الأحداث والفتن لتترك بصماتها على صفات أيّامها ، فقد تناول هذا الكتاب البحث عما دار حول شخصية عبدالله بن عمر من ملابسات في تلك الظروف العسيرة التي مرّ بها ليستكشف القارئ الحقائق بدراسة علميّة موضوعيّة ذكرت في المقدّمة ودار مدارها في أربعة فصول يقف فيها الباحث موقف الحكم المنصف في معرفة هذه الشخصيّة. نشر : نشر (ژرف) ـ طهران ـ إيران / ١٤٢٤ هـ. * معاوية. تأليف : عبد الباقي قرنة الجزائري. يحوم البحث فيه حول شخصية معاوية بن أبي سفيان لِما لاقاه المؤلّف من تناقضات بين سلوك معاوية وما يسكن في خياله حول من صحبوا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وشهدوا الوحي والمعجزات إثر ما عثر عليه خلال مطالعاته وقد أدّت رحلته الفكرية وهجرته عن الوطن لما عاناه من تعسَّف من أهل عقيدته سابقاً إلى البحث والتنقيب و.. حتى وقع على الحقيقة في |
|
اعتناقه لمذهب أهل البيت عليهمالسلام ، فقدّم هذا الكتاب ليكشف به القناع عن وجه معاوية في دراسة تاريخية يغور بها في أعماق التاريخ ، يشتمل على مقدمة وإثني عشر فصلاً ابتداءً من بني اُميّة وانتهاءً بيزيد بن معاوية وأخباره. نشر : انتشارات دار التفسير ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦. *المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف. تأليف : الشيخ علي الكوراني. هذا الكتاب هو معجم موضوعي يمكن القول بأنّه متمّم لكتاب معجم أحاديث الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف ، وردت فيه بعض الروايات والأحاديث التي لم ترد في المعجم ، وهو مدعوم بشيء من البحث والتحقيق ، ويتضمّن بحوثاً مستوعبة ، سهلة التناول ، شملت عامّة أحاديث المعجم ويحتوي على موضوعات لها صلة بما ابتُلِيَت به أُمّتنا الإسلامية وخصوصاً أهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعترته من قبل أئمّة الجور وحكّام الفساد ، وتوالي الأحداث حتّى غيبة الإمام عجّل الله فرجه ، وما جرى في عصر الغيبة ممّا أخبر بها نبي الرحمة وأهل |
|
بيته صلوات الله عليهم أجمعين ، وعلامات الظهور. ينطوي هذا المعجم على أربعين فصلاً تتضمّن عدّة مواضيع تشتمل على عدد من الأحاديث الشريفة المتعلّقة بالبحث. نشر : دار الهدى ـ قم ـ إيران / ١٤٢٦ هـ. * قرآن علي عليهالسلام. تأليف : الشيخ علي الكوراني. يعد الكتاب الثاني من السلسلة الثقافية المسماة بمكتبة الطالب ، يهتمّ بدور الإمام عليعليهالسلام في كتابة الوحي وتدوينه بأمر الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ودوره عليهالسلام في جمع القرآن بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. يحتوي على مقدّمة يذكر فيها دور الإمام عليعليهالسلام في الفتوحات الاسلامية على عهد الخلفاء ، وسبعة فصول : في مصونية القرآن من التحريف عند الشيعة والسنّة ، وموقف الخليفة الثاني من القرآن والسنة ، ونقص القرآن وزيادته برأي الخليفة وخاصته ، وعدم اعترافهم بالمعوذتين والبسملة ، وأسطورة نزول القرآن على سبعة أحرف ، وأكاذيب الحكومة في جمع فلان وفلان للقرآن ، وحقيقة جمع القرآن في عهد الخلفاء |
|
الثلاثة. نشر : مركز المصطفى للدرسات الاسلامية ـ قم / ١٤٢٧ هـ. * التكافل الاجتماعي في مدرسة أهل البيتعليهمالسلام. تأليف : عباس ذهبيّات. يدور بحثه حول الرعاية الاجتماعية في الاسلام على مبدأ التكافل الذي يعني تحسّس الإنسان آلام أخيه الانسان معنويّة كانت أو مادّية يستعرض فيه الآيات القرآنية ونبذة من سيرة الرسول الاعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم وسيرة أهل بيتهعليهمالسلام مؤكداً على أنّ الاسلام هو المقنّن للكفالة الاجتماعية والمشجع عليها والمحذّر من تركها أو التهاون بشأنها ضمن دراسة تشتمل على مقدّمة وثلاثة فصول في اسس التكافل الاجتماعي في مدرسة أهل البيت عليهمالسلام ومن يحتاج إلى التكافل ومتطلّبات التكافل وسبل تأمينها. نشر : مركز الرسالة ـ قم / ١٤٢٥ هـ. * دراسات في منهاج السنّة لمعرفة ابن تيمية (مدخل لشرح منهاج الكرامة). تأليف : السيّد علي الحسيني الميلاني.
|
|
كتاب تدور أبحاثه حول معرفة ابن تيمية في عقيدته وآرائه في صفات الباري عزّوجلّ والقول بالتجسيم والتشبيه وخلق القرآن وأفعال العباد والإمامة والخلافة وموقفه من أهل البيت عليهمالسلام ومواليهم من أصحاب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وما ورد في حقّه من المدح والذمّ ، جاعلاً لكتابه (منهاج السنّة) المدخل للتعرّف على شخصيته وأحواله بدراسة شاملة ، ولمعرفة منهجه في التعامل مع مصادر التشريع والتاريخ الإسلامي ، ووقائعه. فلمّا كان كتاب منهاج السنّة هو ردّ على كتاب العلاّمة الحلي وكتابه (منهاج الكرامة) ؛ افتُتِح هذا الكتاب بمدخل للتعريف بالعلاّمة الحلّي وترجمته ومؤلّفاته ثمّ إلقاء نظرة على كتابه (منهاج الكرامة) وسبب تأليفه و... يضمّ هذا الكتاب مقدّمةً ومدخلاً وعشرة أبواب. نشر : دار الهدى ـ قم ـ إيران. |
|
* الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام ضحية الإرهاب السياسي. تأليف : الدكتور محمّد حسين علي الصغير يعدُّ الكتاب التاسع من موسوعته (موسوعة أهل البيت الحضارية) والتي تشتمل على دراسة موضوعية ، سياسية ، علمية ، اجتماعية عن حياة أهل البيت عليهمالسلام وسيرتهم ، وقد خصّص الجزء التاسع منها لدراسة حياة الامام السابع من أئمّة أهل البيتعليهمالسلام ، من بداية نشأته وحتى شهادته ، والأدوار التي مر بها ، والأسباب التي أدّت إلى سجنه مدّة حياته وفي عدة سجون حتى قضى نحبه على يد السندي بن شاهك. احتوى هذا الكتاب على مقدّمة وثمانية فصول وقصيدتين. نشر : مؤسسة البلاغ ـ بيروت ـ لبنان / ١٤٢٦ هـ. |