|
تراثنا |
صاحب الامتیاز مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث المدير المسؤول : السيّد جواد الشهرستاني |
|
العدد الثالث والرابع [١٠٧ ـ ١٠٨] |
السنة السابعة والعشرون |
محتويات العدد
*المنهج التاريخي فيكتابي ابن المطهّر وابن داود في علم الرجال (٥).
....................................................... سامي حمود الحاج جاسم ٧
*مناهج الفقهاء في المدرسة الإمامية (٤)
....................................................... السيّد زهير الأعرجي ١١٤
|
رجب ـ ذو الحجّة |
١٤٣٢ هـ |
* مدرسة الحلّة وتراجم علمائها من النشوء إلى القمّة (٩).
................................................. السيّد حيدر وتوت الحسيني ٢٦٦
*من ذخائر التراث :
الدرّة البيضاء في شرح خطبة الزهراء عليهاالسلام للسيّد هادي الحسيني الصائغ (ت ١٣٧٧ هـ)
..................................... تحقيق : محمّد جواد نور الدين فخر الدين ٢٩١
* من أنباء التراث.
.............................................................. هيئة التحرير ٤٥٤
* صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة (الدرّة البيضاء في شرح خطبة الزهراء عليهاالسلام للسيّد هادي الحسيني الصائغ (ت ١٣٧٧ هـ)). والمنشورة في هذا العدد.
|
المنهج التاريخي في كتابي ابن المطهّر وابن داود الحلّيّين في علم الرجال (٥) |
|
سامي حمود الحاج جاسم
لقد تعرّضنا في الأعداد السابقة إلى علم الرجال عند الإمامية ، وكان الفصل الأوّل منه لبيان تعريف علم الرجال عند الإمامية وتناول الفصل الثاني علاقة علم الرجال بالعلوم الأخرى ، وتناول الفصل الثالث ألفاظ التعديل والتجريح والتوثيقات عند الإمامية ، ثمّ تطرّقنا في الباب الثاني إلى منهج ابن المطهّر ، وفي الباب الثالث إلى منهج ابن داود وفي الباب الرابع تعرّضنا إلى التعليقات والحواشي على مصنّفاتهما ونستأنف البحث هنا :
الفصل الأوّل
حاشية الشهيد الثاني على خلاصة الأقوال
في معرفة الرجال
تعرّض الشهيد الثاني(١) في حاشيته على الخلاصة بعد حمد الله
__________________
(١) هو الشيخ الأجل زين الدين بن عليّ بن محمّد بن جمال الدين بن
والصلاة على نبيّه وآله ولعن أعدائهم إلى يوم الدين إلى مقدّمة الخلاصة وما ذكره العلاّمة الحلّي من كونه سوف لا يطيل في الكتاب ، وأنّه قسّمه إلى قسمين : الأوّل فيمن يعتمد على روايته ، والثاني فيمن لا يعتمد على روايته. وعلّق الشهيد الثاني على ذلك مبيّناً أنّ العلاّمة الحلّي لم يلتزم بذلك في تفاصيل الرجال ، بل ذكر في القسم الأوّل جماعة ممّن نتوقف بحالهم ... وذكر أيضاً فيه جماعة من الموثقين من الإمامية وغير الإمامية ، وذكر أيضاً منهم جماعة في القسم الثاني(١) ، ثمّ أخذ الشهيد الثاني بالتعليق على ترجمة الرجال حتّى بلغت ثلاثمائة وسبعة وثمانين رجلاً ، ثلاثمائة واثنان وخمسون في القسم الأوّل واثنان وثلاثون رجلاً في القسم الثاني من الخلاصة وثلاثة رجال في فوائد الخلاصة.
وسوف نستقي منها بعض النماذج ولا نأتي بأجمعها حتّى لا يطول بنا المقام :
«قوله رحمهالله(٢) : إبراهيم بن أبي البلاد ، اسم أبي البلاد يحيى بن سليم وقيل : ابن سليمان مولى بني عبد الله بن غطفان.
قلت(٣) : المولى يطلق على غير العربي الصريح وعلى الحليف وعلى المعتق ، والأكثر في هذا الباب إرادة المعنى الأوّل»(٤).
__________________
تقي الدين بن صالح العاملي الجبعي الشهيد الثاني ، قتل بسبب معتقده في القسطنطينية سنة ٩٦٦هـ ، ينظر : أمل الآمل ١/٨٥ ٨٦.
(١) حاشية خلاصة الأقوال (طبعت مع رسائل الشهيد الثاني) الجزء الثاني : ٣.
(٢) كلّما وردت هذه اللفظة (قوله رحمهالله) فهي إشارة إلى العلاّمة الحلّي.
(٣) كلّما وردت لفظة (قلت) أو (أقول) فهي إشارة إلى بداية كلام الشهيد الثاني وتعليقه.
(٤) حاشية خلاصة الأقوال : ٥.
«قوله رحمهالله : إبراهيم بن محمّد بن سعيد بن هلال بن عاصم بن سعد ابن مسعود.
قلت : سعد بن مسعود هذا عمّ المختار ، وهو الذي ولاّه عليّ عليهالسلام على المدائن ، وهو الذي لجأ إليه الحسن عليهالسلام يوم ساباط المدائن»(١).
«قوله رحمهالله : إبراهيم بن عمرو اليماني الصنعاني ... قال ابن الغضائري : إنّه ضعيف جدّاً .. والأرجح عندي قبول روايته ...
أقول : في ترجيح تعديله نظر ، أمّا أوّلا فلتعارض الجرح والتعديل والأوّل مرجّح ، مع أنّ كلاًّ من الجارح والمعدّل لم يذكرا مستندا لينظر في أمره. وأمّا ثانياً : فلأنّ النجاشي نقل توثيقه وما معه عن أبي العبّاس وغيره كما يظهر من كلامه ، والمراد بأبي العبّاس هذا هو أحمد بن عقدة وهو زيدي المذهب لا يعتمد على توثيقه ، أو ابن نوح ، ومع الاشتباه لا يفيد ، وغيره مبهم لا يفيد فائدة يعتمد عليها. وأمّا غير هذين من مصنّفي الرجال كالشيخ الطوسي وغيره فلم ينصّوا عليه بجرح ولا تعديل ، نعم قبول المصنّف روايته أعمّ من تعديله كما يعلم من قاعدته ، ومع ذلك لا دليل على ما يوجبه»(٢).
«قوله رحمهالله : إبراهيم بن مهزيار ، روى الكشّي عن محمّد بن إبراهيم بن مهزيار أنّ أباه لمّا حضره الموت دفع إليه مالاً وأعطاه علامة لمن يسلّم إليه المال ، فدخل إليه شيخ فقال : أنا العمري ، فأعطاه المال. وفي الطريق ضعف.
__________________
(١) حاشية خلاصة الأقوال : ٨.
(٢) حاشية خلاصة الأقوال : ١٠.
قلت : في هذا الطريق من هو مطعون ومجهول العدالة ومجهول الحال كما لا يخفى»(١).
«قوله : إسماعيل بن الفضل بن يعقوب ... من أصحاب أبي جعفر عليهالسلام.
قلت : والصادق عليهالسلام»(٢).
«قوله رحمهالله : إسماعيل بن أبي زياد السلمي ...
قلت : بضمّ السين المهملة»(٣).
«قوله رحمهالله : إسماعيل بن الخطّاب ، قال الكشّي : حدّثني محمّد بن قولويه شيخ الفقهاء عن سعد عن أيّوب بن نوح عن جعفر بن محمّد بن إسماعيل ، قال : أخبرني معمر بن خلاّد ، قال : رفعت إلى الرضا عليهالسلام ... فقال : رحم الله إسماعيل بن الخطّاب ... ولم يثبت عندي صحّة صدور هذا الخبر ولا بطلانه.
قلت : وجه عدم الثبوت أنّ جعفر بن محمّد الذي في طريقه مجهول ، وأمّا غيره من رجال سنده فإنّهم ثقات ، ومع ذلك كان ينبغي عدم ذكر إسماعيل في هذا الباب ، لأنّه التزم فيما تقدّم أن لا يذكر فيه إلاّ من يعمل على روايته»(٤).
«قوله رحمهالله : إسحاق بن جندب ... أبو إسماعيل الفرائضي.
قلت : المعروف بين أهل العربية أن يقال في النسبة إلى الفرائض :
__________________
(١) حاشية خلاصة الأقوال : ١١.
(٢) حاشية خلاصة الأقوال : ١٢ ١٣.
(٣) حاشية خلاصة الأقوال : ١٥.
(٤) حاشية خلاصة الأقوال : ١٦ ١٧.
الفرضي ، بردّه إلى المفرد. وقال الجاربردي : فرائض خطأ»(١).
«قوله رحمهالله : إدريس بن زياد الكفرثوثائي ... قال ابن الغضائري : إنّه خوزيّ الأمّ.
قلت : خوزيّ : بالخاء المعجمة والواو والزاء المعجمة والياء ، نسبة إلى بلد»(٢).
«قوله رحمهالله : أحمد بن عمر الحلاّل ... كان يبيع الحلّ.
قلت : الحلّ : دهن السّمسم».
«قوله رحمهالله : أحمد بن إسماعيل بن سمكة ... له كتب ... فمن كتبه : كتاب العبّاسي ، وهو كتاب عظيم نحو عشرة آلاف ورقة في أخبار الخلفاء والدولة العبّاسية ...
قلت : ذكر ابن شهرآشوب في معالم العلماء أنّ الكتاب بالصفة المذكورة عشرون ألف ورقة ، والظاهر أنّه هذا»(٣).
«قوله رحمهالله : أحمد بن حمزة ، روى الكشّي عن حمدويه عن أشياخه ، قال : كان في عداد الوزراء.
قلت : هذا لا يقتضي مدحاً فضلا عن العدالة إن لم يكن إلى الذمّ أقرب ، وحينئذ فلا وجه لإدراجه في هذا القسم»(٤).
«قوله رحمهالله : أحمد بن عبد الواحد بن أحمد بن البزّاز ... قال الشيخ الطوسي رحمهالله : أحمد بن عبدون ، ويعرف بابن الحاشر.
__________________
(١) حاشية خلاصة الأقوال : ١٧.
(٢) حاشية خلاصة الأقوال : ١٨.
(٣) حاشية خلاصة الأقوال : ٢٢ ٢٣.
(٤) حاشية خلاصة الأقوال : ٢٥.
قلت : الحاشر : بالحاء المهملة والشين المعجمة»(١).
«قوله رحمهالله : أبان بن عثمان الأحمر ... فالأقرب عندي قبول روايته وإن كان فاسد المذهب.
قلت : قال الإمام فخر المحقّقين ولد المصنّف رحمهالله : سألت والدي قدّس الله سرّه عنه فقال : الأقرب عندي عدم قبول روايته لقوله تعالى : (إن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأ فَتَبَيَّنُوا) ولا فسق أعظم من عدم الإيمان»(٢).
«قوله رحمهالله : أبيّ بن ثابت ... ابن المنذر بن حزام.
قلت : في بعض النسخ (حرام) بالمهملتين مخفّفاً مكسور الحاء ، وفي بعضها بهما مشدّداً مفتوح الحاء ، وفي بعضها بالحاء المهملة والزاي المعجمة مخفّفاً ، وفي الخلاصة كتب بهذه الصورة : حزام»(٣).
«قوله رحمهالله : إياس من أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله) ... قتل هو وأنس وأبي ابن ثابت يوم بئر معونة.
قلت : في تهذيب الأسماء : بئر معونة : بالنون بعد الواو ، وهي قبل نجد تنسب إليها غزوة ، وبخطّ السيّد جمال الدين : معونة ، بالميم»(٤).
«قوله رحمهالله : أويس القرني بفتح الراء أحد الزهّاد الثمانية.
قلت : الثمانية المنتهي إليهم الزهد من التابعين هم : عامر بن عبد قيس ، وأويس القرني هذا ، وهرمز بن حيّان ، والربيع بن خيثم ، وأبو مسلم الخولاني ، والأسود بن يزيد ، ومسروق بن الأجدع ، والحسن بن أبي
__________________
(١) حاشية خلاصة الأقوال : ٢٧.
(٢) حاشية خلاصة الأقوال : ٢٧.
(٣) حاشية خلاصة الأقوال : ٢٨.
(٤) حاشية خلاصة الأقوال : ٢٨ ٢٩.
الحسن.
قلت : وقد كان الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين عليهالسلام مقدّماً على هؤلاء الثمانية كلّهم في ذلك ، وكانت عبادته في ليلة واحدة تزيد على عبادة مجموع الثمانية»(١).
«قوله رحمهالله : البراء بن مالك الأنصاري ... قتل يوم تستر.
قلت : في تهذيب الأسماء : تستر : بتاءين مثنّاتين من فوق الأولى مضمومة والثانية مفتوحة بينهما سين مهملة ساكنة ، وهي مدينة مشهورة بخوزستان»(٢).
«قوله رحمهالله : بشير النبّال ، روى الكشّي حديثاً في طريقه محمّد بن سنان وصالح بن أبي حمّاد وليس صريحاً في تعديله ، فأنا في روايته متوقّف.
قلت : المتن ليس بصريح والطريق ضعيف ... ولم يثن عليه أحد فأيّ وجه للتوقّف؟!»(٣).
«قوله رحمهالله : بشر بن طرخان النخّاس ، روى الكشّي في كتابه حديثاً في طريقه محمّد بن عيسى أنّ أبا عبد الله عليهالسلام دعا له بكثرة المال والولد.
قلت : الطريق ضعيف ، والدعاء لا يدلّ على توثيق ، بل ربّما دلّ على مدح لو صحّ طريقه»(٤).
«قوله : بريد بضمّ الباء وفتح الراء بن معاوية العجلي ... وهو وجه
__________________
(١) حاشية خلاصة الأقوال : ٢٩ ٣٠.
(٢) حاشية خلاصة الأقوال : ٣٠.
(٣) حاشية خلاصة الأقوال : ٣١.
(٤) حاشية خلاصة الأقوال : ٣١.
من وجوه أصحابنا ، ثقة ثقة.
قلت : في نسخة شيخنا الشهيد : ثقة فقيه ، وهو الصحيح ، لأنّ من ضبط بالثقة مرّتين محصور العدد في كتاب ابن داود وغيره ، والمصنّف كرّر ، وليس هذا منه»(١).
«قوله رحمهالله : بكير بن أعين ... إنّ الصادق عليهالسلام قال فيه بعد موته : لقد أنزله الله بين رسوله وبين أمير المؤمنين.
قلت : قال الشيخ أبو جعفر بن بابويه في طرق كتاب من لا يحضره الفقيه : لمّا بلغ الصادق عليهالسلام موت بكير بن أعين قال ... وذكر الكلام الذي تضمّنه هذا الخبر»(٢).
«قوله رحمهالله : ثوير بن أبي فاختة ... روى الكشّي عن محمّد بن قولويه عن محمّد بن عبّاد بن بشير عن ثوير ، قال : أشفقت على أبي جعفر من مسائل هيّأها له عمرو بن ذر وابن قيس الماصر والصلت بن بهرام. وهذا لا يقتضي مدحاً ولا قدحاً ، فنحن في روايته من المتوقّفين.
أقول : دلالة الخبر على القدح أظهر؛ لأنّه يدلّ على عدم علمه بحقيقة الإمام عليهالسلام على ما ينبغي ، ثمّ على تقدير تسليمه لا وجه للتوقّف فيه لذلك ، بل لجهالة حاله كغيره من المجهولين ، فلا وجه أيضاً لإدخاله في هذا القسم المختصّ بمن يعمل على روايته كما شرحه»(٣).
«قوله رحمهالله : جعفر بن أبي طالب ، قتل بمؤتة رضياللهعنه وأرضاه.
قلت : مؤتة اسم أرض بالبلقاء من بلاد الشام قتل فيها جعفر بن أبي
__________________
(١) حاشية خلاصة الأقوال : ٣٣ ٣٤.
(٢) حاشية خلاصة الأقوال : ٣٦ ٣٧.
(٣) حاشية خلاصة الأقوال : ٣٩.
طالب»(١).
«قوله رحمهالله : جميل بن عبد الله بن نافع الخثعمي الخيّاط الكوفي ، لم أر فيه مدحاً من طرق أصحابنا ، غير أنّ ابن عقدة روى عن محمّد بن عبد الله ابن أبي حكيمة ، قال : سألت ابن نمير عن محمّد بن جميل بن عبد الله بن نافع الخيّاط فقال : ثقة ، قد رأيته ، وأبوه ثقة. وهذه الرواية لا تقتضي عندي التعديل ، لكنّها من المرجّحات.
قلت : لأنّ راويها ابن عقدة وهو زيديّ ، عن محمّد بن عبد الله وهو مجهول»(٢).
«قوله رحمهالله : جابر بن عبد الله من أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله) شهد بدراً.
قلت : مات جابر بالمدينة سنة ثلاث وسبعين ، وقيل : سنة ثمان وسبعين ، وقيل : سنة ثمان وستّين ، وسنّه أربع وتسعون سنة ، وكان قد ذهب بصره»(٣).
«قوله رحمهالله : جابر المكفوف الكوفي ... روى ابن عقدة عن أبي الحسن ، قال : حدّثنا عبّاس بن عامر عن جابر المكفوف عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : دخلت عليه فقال : أما يصلونك؟ فقلت : ربّما فعلوا ، فوصلني بثلاثين ديناراً ، ثمّ قال : يا جابر كم من عبد إن غاب لم يفقدوه وإن شهد لم يعرفوه في أطمار ولو أقسم على الله لأبرّ قسمه.
قلت : في هذه الرواية أمور : منها أنّ الشهادة فيها لنفسه فلا تسمع ، ومنها أنّ في الطريق ضعفاً أو جهالة المستند كما لا يخفى؛ وحينئذ فإلحاقه
__________________
(١) حاشية خلاصة الأقوال : ٣٩.
(٢) حاشية خلاصة الأقوال : ٤٢.
(٣) حاشية خلاصة الأقوال : ٤٢ ٤٣.
بهذا القسم مشكل»(١).
«قوله : جندب ... بن جنادة ... أحد الأركان الأربعة.
قلت : هم سلمان والمقداد وأبو ذر وحذيفة رضي الله عنهم»(٢).
«قوله رحمهالله : جرير بن عبد الله البجلي ، قدم الشام برسالة أمير المؤمنين عليهالسلام إلى معاوية.
أقول : إنّ إرسال أمير المؤمنين عليهالسلام وإن دلّ على مدحه أوّلا لكن مفارقته له عليهالسلام ولحوقه بمعاوية ثانياً كما هو معلوم مشهور يدفع هذا المدح ويخرجه من هذا القسم ، وسيرته وتخريب عليّ عليهالسلام داره بالكوفة بعد لحوقه بمعاوية مشهور»(٣).
«قوله رحمهالله : الحسن بن محبوب السرّاد ... قال الكشّي : أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء وتصديقهم وأقرّوا لهم بالفقه والعلم.
قلت : وهم ستّة : يونس بن عبد الرحمن ، صفوان بن يحيى ، محمّد ابن أبي عمير ، عبد الله بن المغيرة ، الحسن بن محبوب ، وأحمد بن محمّد ابن أبي نصر»(٤).
«قوله رحمهالله : الحسن بن حمزة بن عليّ ... أبو محمّد الطبري يعرف بالمرعشي.
قلت : وجدت بخطّ الشهيد رحمهالله : قال النسّابة : مرعش هو عليّ بن عبد الله بن محمّد بن الحسن بن الحسين الأصغر ، والمرعشية منسوبون إليه ،
__________________
(١) حاشية خلاصة الأقوال : ٤٤.
(٢) حاشية خلاصة الأقوال : ٤٤.
(٣) حاشية خلاصة الأقوال : ٤٥.
(٤) حاشية خلاصة الأقوال : ٤٦.
وأكثرهم بالديلم وطبرستان»(١).
«قوله رحمهالله : الحسن بن عليّ ...
قلت : الظاهر أنّ ذلك سهو ، فإنّه لم يذكر أحد ممّن رأينا كلامه من علماء الرجال الحسن وإنّما الموجود الحسين ، وقد ذكره المصنّف في بابه ، وذكر فيه قريباً من هذه العبارة»(٢).
«قوله رحمهالله : الحسن بن موفّق.
قلت : كتبه ابن داود في باب الحسين»(٣).
«قوله رحمهالله : الحسن بن محمّد بن جمهور العمّي.
قلت : جمهور : بضمّ الجيم ، والعمي : بالعين المهملة والميم المشدّدة منسوب إلى بني العمّ بتشديد الميم من بني تميم»(٤).
«قوله رحمهالله : الحسن بن سيف بن سليمان التمّار ... الأولى التوقّف فيما ينفرد به حتّى تثبت عدالته.
قلت : توقّفه فيه حتّى تثبت عدالته يقتضي اشتراط عدالة الراوي ، وهو الموافق لمذهبه في كتب الأصول ، ولكنّه يخالف كثيراً ممّا ذكره في رجال هذا القسم. وعلى كلّ حال فلا وجه لإدخاله في هذا القسم وكذا ما بعده لمخالفته لما شرطه أوّلا»(٥).
«قوله رحمهالله : الحسين بن سعيد بن حمّاد بن مهران الأهوازي ... أصله
__________________
(١) حاشية خلاصة الأقوال : ٥١.
(٢) حاشية خلاصة الأقوال : ٥٢.
(٣) حاشية خلاصة الأقوال : ٥٧.
(٤) حاشية خلاصة الأقوال : ٥٨.
(٥) حاشية خلاصة الأقوال : ٥٩.
كوفي وانتقل مع أخيه الحسن إلى الأهواز ثمّ تحوّل إلى قم فنزل على الحسن بن أبان.
قلت : الحسن بن أبان غير مذكور في كتب الرجال ، وما ذكر هنا يدلّ على أنّه جليل مشهور ، وابنه الحسين كثير الرواية خصوصاً عن الحسين بن سعيد ، وليس بمذكور في كتب الرجال أيضاً ، ورأيت بعض أصحابنا يعدّ روايته في الحسن بسبب أنّه ممدوح ، وفيه نظر واضح»(١).
«قوله رحمهالله : الحسين بن بشّار ... قال الكشّي : إنّه رجع عن القول بالوقف وقال بالحقّ.
قلت : في طريق حديث رجوعه أبو سعيد الآدامي وهو ضعيف على ما ذكره السيّد جمال الدين بن طاوس لكنّه لم يذكر هنا في البابين وخلف ابن حمّاد وقد قال ابن الغضائري : إنّ أمره مختلط ، ولكن وثّقه النجاشي»(٢).
«قوله رحمهالله : الحسين بن المنذر ، روى الكشّي عن الصادق عليهالسلام أنّه من فراخ الشيعة ... وهذه الرواية لا تثبت عندي عدالته.
قلت : لقصورها من حيث المتن والسند»(٣).
«قوله رحمهالله : الحسين بن ثور.
قلت : في كتابي الشيخ : الرجال والفهرست : ثوير مصغّراً»(٤).
«قوله رحمهالله : الحسين بن محمّد بن الفرزدق بن بجير.
__________________
(١) حاشية خلاصة الأقوال : ٦٢.
(٢) حاشية خلاصة الأقوال : ٦٣.
(٣) حاشية خلاصة الأقوال : ٦٥.
(٤) حاشية خلاصة الأقوال : ٦٧.
قلت : بجير : بضم الباء المنقطة تحتها نقطة وإسكان الياء والراء أخيراً»(١).
«قوله رحمهالله : حمّاد السمندري ...
قلت : في كتاب الشيخ : السمندل ، باللام بعد الدال ، وسمّى أباه عبد العزيز»(٢).
«قوله رحمهالله : حارثة بن النعمان الأنصاري ، شهد بدراً وأحداً وما بعدهما ، وذكر أنّه رأى جبرئيل عليهالسلام في صورة دحية دفعتين.
قلت : من أدب الكاتب لابن قتيبة : دحية : بفتح الدال ، وقال غيره بكسرها ، والصحيح أنّهما فيه لغتان»(٣).
«قوله رحمهالله : حميد بن زياد من أهل نينوى ... قال النجاشي : ... كان ثقة واقفاً ، وجهاً فيهم ... فالوجه عندي قبول روايته ...
قلت : لا وجه لذكره في هذا القسم ، لأنّ غايته أن يكون واقفيّاً ثقة وليس هذا القسم معقود لمثله ، لكن قد اتّفق للمصنّف ذكر جماعة فيه كذلك»(٤).
قوله رحمهالله : حبيب بن مظهر الأسدي ... قيل : مظاهر ، مشكور رحمهالله ...».
قلت : قال السيّد ابن طاوس إنّه وجده (مظاهر) بخطّ عميد الرؤساء ،
__________________
(١) حاشية خلاصة الأقوال : ٦٧.
(٢) حاشية خلاصة الأقوال : ٧٢.
(٣) حاشية خلاصة الأقوال : ٧٢.
(٤) حاشية خلاصة الأقوال : ٧٤.
وهو ثبت»(١).
«قوله رحمهالله : حجّاج بن رفاعة أبو رفاعة وقيل : أبو عليّ الخشّاب ، كوفيّ ، روى عن أبي عبد الله عليهالسلام ، ثقة ثقة ، ذكره أبو العبّاس.
قلت : تكرير توثيقه مرّتين لم يذكره أحد من أصحاب الرجال غير المصنّف ، والمعلوم من طريقة المصنّف أن ينقل في كتابه لفظ النجاشي في جميع الأبواب ويزيد عليه ما يقبل الزيادة. ولفظ النجاشي هنا بعينه جميع ما ذكره المصنّف في الحجّاج ، أي إنّه اقتصر على توثيقه مرّة واحدة ، والنسخة بخطّ السيّد ابن طاوس»(٢).
«قوله رحمهالله : خليل العبدي ، كوفيّ ، روى عن أبي عبد الله عليهالسلام ، ثقة.
قلت : لا وجه لذكر الخليل في الآحاد مع ذكره رجلين : خليل العبدي والخليل بن أحمد»(٣).
«قوله رحمهالله : داود بن كثير الرقّي ... قال أحمد بن عبد الواحد : قلّما رأيت له حديثاً سديداً.
قلت : هو ابن عبدون شيخ النجاشي»(٤).
«قوله رحمهالله : داود بن القاسم بن إسحاق ... شاهد أبا جعفر عليهالسلام وأبا الحسن عليهالسلام وأبا محمّد عليهالسلام.
قلت : زاد الشيخ الطوسي أنّه روى أيضاً عن الرضا عليهالسلام مضافاً إلى
__________________
(١) حاشية خلاصة الأقوال : ٧٨.
(٢) حاشية خلاصة الأقوال : ٧٩.
(٣) حاشية خلاصة الأقوال : ٨٤.
(٤) حاشية خلاصة الأقوال : ٨٦.
الثلاثة ، وكذا ذكر ابن داود»(١).
«قوله رحمهالله : الربيع بن خثيم بالخاء المعجمة المضمومة والثاء المنقّطة فوقها ثلاث نقط قبل الياء المنقّطة تحتها نقطتين أحد الزهّاد الثمانية.
قلت : الربيع بن خثيم بن عائذ بن عبد الله بن مرهبة بن منقذ بن نصر ابن الحكم بن الحارث بن مالك بن ملكان بن ثور بن عبد مناة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر الثوري الكوفي ، سمع عبد الله بن مسعود وغيره ، وروى عنه جماعة»(٢).
«قوله رحمهالله : رشيد بضمّ الراء الهجري ، مشكور.
قلت : قال ابن داود : (رشد) بغير ياء وجعل ما هنا قولاً واستقرب الأوّل ، وكذا ذكره الشيخ في الفهرست بغير ياء ، وأمّا النجاشي فجعله بالياء كالمصنّف»(٣).
«قوله رحمهالله : زرارة بن أعين بن سنسن ... الشيباني.
قلت : الشيباني نسبته إلى شيبان بالولاء لا بالنسب ، فإنّ أعين كان عبداً روميّاً لرجل من بني شيبان علّمه القرآن وأعتقه فصار شيبانيّاً بالولاء ، والله أعلم»(٤).
«قوله رحمهالله : سعد بن سعد بن الأحوص بن سعد بن مالك الأشعري القمّي.
قلت : سعد هو الأحوص لا ابنه ، وقد تقدّم في باب إسماعيل :
__________________
(١) حاشية خلاصة الأقوال : ٨٧.
(٢) حاشية خلاصة الأقوال : ٩٠.
(٣) حاشية خلاصة الأقوال : ٩٢.
(٤) حاشية خلاصة الأقوال : ٩٦.
إسماعيل بن سعد الأحوص ، وهو أخو سعد هذا ، وابن داود جعله سعد الأحوص كما ذكرنا ونسب زيادة (ابن) إلى المصنّف»(١).
«قوله رحمهالله : سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري القمّي ... قال النجاشي : ورأيت بعض أصحابنا يضعّفون لقاءه لأبي محمّد عليهالسلام ويقولون : هذه الحكاية موضوعة عليه.
قلت : الحكاية ذكرها الصدوق في كمال الدين ، وأمارات الوضع عليها لائحة»(٢).
«قوله رحمهالله : سيق بن مصعب العبدي أبو محمّد ، روى الكشّي من طريق ضعيف ذكرنا سنده في كتابنا الكبير عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : علّموا أولادكم شعر العبدي. يشير إلى الشيعة».
قلت : فيه نصر بن الصباح وإسحاق بن محمّد ومحمّد بن جمهور ، والثلاثة غلاة»(٣).
«قوله رحمهالله : سلمان الفارسي رضياللهعنه.
قلت : في الإكمال : أصله من أصفهان وقيل : من رامهرمز وتوفّي سنة سبع وثلاثين وقيل : سنة ستّ وثلاثين بالمدائن ، ونقل أنّه عاش ثلاثمائة وخمسين ، قال : وأمّا مائتين وخمسين فلا شكّ فيه»(٤).
«قوله رحمهالله : شعيب العقرقوفي أبو يعقوب ابن أخت أبي بصير يحيى ابن القاسم.
__________________
(١) حاشية خلاصة الأقوال : ١٠٠.
(٢) حاشية خلاصة الأقوال : ١٠١.
(٣) حاشية خلاصة الأقوال : ١٠٨.
(٤) حاشية خلاصة الأقوال : ١١٠.
قلت : ليس هذا أبا بصير المشهور بالفضل ، فإنّ ذلك اسمه ليث وهذا «يحيى بن القاسم مذكور في قسم الضعفاء»(١).
«قوله رحمهالله : شهاب بن عبد ربّه ... وقد ذكرنا ما يتعلّق بذمّه ومدحه وبينّاه في كتابنا الكبير.
قلت : طرق الذمّ ضعيفة ، والاعتماد في المدح على كلام الكشّي السابق الموجب لإدخاله في الحسن»(٢).
«قوله رحمهالله : صالح بن ميثم ، روى عليّ بن أحمد العقيقي عن أبيه عن محمّد بن الحسين عن صفوان بن يحيى عن يعقوب بن شعيب بن ميثم عن صالح ، قال له أبو جعفر عليهالسلام : إنّي أحبّك وأحبّ أباك حبّاً شديداً.
قلت : فيه مع ضعف السند أنّه شهادة لنفسه».
«قوله رحمهالله : صباح أخو عمّار الساباطي ثقة.
قلت : لم يكن فطحيّاً كأخيه عمّار».
«قوله رحمهالله : عليّ بن جعفر أخو موسى بن جعفر الكاظم عليهالسلام من أصحاب الرضا عليهالسلام.
قلت : لا وجه لجعله من أصحاب الرضا عليهالسلام مقتصراً عليه لأنّ جلّ روايته عن أخيه موسى»(٣).
«قوله رحمهالله : عليّ بن رئاب الكوفي ، له أصل كبير ، وهو ثقة جليل القدر.
قلت : ذكر المسعودي في مروج الذهب أنّ عليّ بن رئاب كان من
__________________
(١) حاشية خلاصة الأقوال : ١١٦.
(٢) حاشية خلاصة الأقوال : ١١٧.
(٣) حاشية خلاصة الأقوال : ١٢١.
علية علماء الشيعة ، وكان أخوه اليمان بن رئاب من علية علماء الخوارج ، وكانا يجتمعان في كلّ سنة ثلاثة أيّام يتناظران فيها ثمّ يفترقان ولا يسلّم أحدهما على الآخر ولا يخاطبه»(١).
«قوله رحمهالله : عليّ بن الحسين بن موسى ... أبو القاسم المرتضى ذو المجدين علم الهدى ... وصلّى عليه ابنه في داره ودفن فيها.
قلت : ثمّ نُقِل بعد دفنه إلى جوار جدّه الحسين عليهالسلام ، ذكره صاحب تنزيه ذوي العقول في أنساب آل الرسول»(٢).
«قوله رحمهالله : عليّ بن الحسين بن عليّ المسعودي أبو الحسن الهذلي ، له كتب في الإمامة وغيرها.
قلت : ذكر المسعودي في كتاب مروج الذهب أنّ له كتاباً اسمه الانتصار ، وكتاباً اسمه الاستبصار ، وكتاباً اسمه أخبار الزمان كبير ، وكتاباً آخر أكبر من مروج الذهب اسمه الأوسط ، وكتاب المقالات في أصول الديانات ، وكتاب القضايا والتجارب ، وكتاب النصرة ، وكتاب مزاهر الأخبار وطرائف الآثار ، وكتاب حدائق الأزهار في أخبار آل محمّد ، وكتاب الواجب في الأحكام اللوازب.
قلت : نقل النجاشي أنّ المسعودي بقي إلى سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة.
قلت : قد ذكر في مروج الذهب أنّ تاريخ تصنيفه كان سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة ، ولم أقف على تاريخ وفاته ، وكلام النجاشي لا يدلّ على
__________________
(١) حاشية خلاصة الأقوال : ١٢٣.
(٢) حاشية خلاصة الأقوال : ١٢٤ ١٢٥.
وفاته في تلك السنة كما لا يخفى»(١).
«قوله رحمهالله : عليّ بن حمزة بن الحسن.
قلت : في بعض نسخ الكتاب عليّ بن أبي حمزة ، وهو غلط صريح ، والصواب ابن حمزة كما صحّحناه في كتاب الرجال والنسب»(٢).
«قوله رحمهالله : عبد الله بن العبّاس ، من أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله).
قلت : ولد عبد الله بن العباس في الشعب قبل الهجرة بثلاث سنين ، ومات النبيّ(صلى الله عليه وآله) وهو ابن ثلاث عشرة سنة. وروي عنه أنّه قال : توفّي رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأنا ابن خمس عشرة سنة ، ومات بالطائف سنة ثمان وستّين وهو ابن إحدى وسبعين سنة وقيل : اثنتين وسبعين ، وقيل : سنة تسع وستّين ، وقيل : سنة سبعين ـ وصلّى عليه محمّد بن الحنفية»(٣).
«قوله رحمهالله : عبد الله بن يقطر ... رضيع الحسين بن عليّ عليهالسلام ، قتل بالكوفة.
قلت : رمي به من فوق القصر ، وكان رسوله عليهالسلام»(٤).
«قوله رحمهالله : عبد الله بن جندب ... وقال فيه أبو الحسن عليهالسلام : إنّ عبد الله بن جندب لمن المخبتين.
قلت : من الخاشعين»(٥).
«قوله رحمهالله : عبد الله بن يحيى الكاهلي ، أبو محمّد ، عربيّ ، أخو
__________________
(١) حاشية خلاصة الأقوال : ١٣٠ ١٣١.
(٢) حاشية خلاصة الأقوال : ١٣٣.
(٣) حاشية خلاصة الأقوال : ١٣٣ ١٣٤.
(٤) حاشية خلاصة الأقوال : ١٣٤.
(٥) حاشية خلاصة الأقوال : ١٣٥.
إسحاق.
قلت : لم يذكر إسحاق في القسمين ، ولعلّه اكتفى بما هنا لأنّها عبارة النجاشي»(١).
«قوله رحمهالله : عبيد الله بن عليّ بن أبي شعبة الحلبي ، مولى بني تيم الله ابن ثعلبة ، أبو عليّ ، كوفيّ ، كان يتّجر هو وأبوه وأخوته إلى حلب ...
قلت : أخوته محمّد وعمران وعبد الأعلى».
«قوله رحمهالله : عبد العزيز بن المهتدي بن محمّد بن عبد العزيز الأشعري القمّي ، روى عن الرضا عليهالسلام. قال الكشّي : قال عليّ بن محمّد القتيبي ، قال : حدّثني الفضل ، قال : حدّثنا عبد العزيز وكان خيرَ قمّيٍّ رأيته ، وكان وكيلاً للرضا عليهالسلام.
قلت : لفظ (قال) الثانية زائدة ، ولفظ كتاب الكشّي : عليّ بن محمّد القتيبي قال : حدّثني الفضل ... إلخ ، فأسقط الأولى ، وهو جيّد ، لكن المصنّف تصرّف بإثبات الأولى وتبع الكشّي في الثانية ، فتكرّر على غير الصحّة»(٢).
«قوله رحمهالله : العبّاس بن عليّ بن أبي طالب عليهالسلام من أصحاب أخيه الحسين عليهالسلام ، قتل معه بكربلاء ، قتله حكيم بن الطفيل.
قلت : وفي كتاب الشيخ : (حكم) بغير ياء»(٣).
«قوله رحمهالله : العبّاس بن معروف ، مولى جعفر بن عمران بن عبد الله الأشعري ، قمّي ، ثقة ، صحيح.
__________________
(١) حاشية خلاصة الأقوال : ١٣٩.
(٢) حاشية خلاصة الأقوال : ١٤٨.
(٣) حاشية خلاصة الأقوال : ١٥١.
قلت : لفظ (صحيح) زيادة على كتاب النجاشي ، وتركه أجود»(١).
«قوله رحمهالله : عمر بن محمّد بن سليم البراء.
قلت : في بعض نسخ الكتاب وفي بعض نسخ الفهرست : مسلم»(٢).
«قوله رحمهالله : عمرو بن الحمق بالحاء المهملة والقاف بعد الميم.
قلت : قال صاحب الإكمال : إنّه بايع النبيّ(صلى الله عليه وآله) في حجّة الوداع وصحبه بعد ذلك وشهد المشاهد مع عليّ عليهالسلام ثمّ قتل بالحرّة ، قتله عبد الرحمن بن أمّ الحكم ، وقيل : بل قتله عبد الرحمن بن عثمان الثقفي عم عبد الرحمن بن أمّ الحكم سنة خمسين. قال الشعبي : أوّل رأس حمل في الإسلام رأس عمرو بن الحمق»(٣).
«قوله رحمهالله : عامر بن عبد الله بن جدعة : روى الكشّي عن محمّد بن قولويه ، عن سعد ، عن عليّ بن سليمان بن داود الرازي ، عن عليّ بن أسباط ، عن أبيه أسباط ، عن أبي الحسن موسى عليهالسلام : أنّ عامر بن عبد الله ابن جداعة من حواريي أبي جعفر محمّد بن عليّ وحواريّي جعفر بن محمّد عليهماالسلام ، وروى حديثاً مرسلاً ينافي ذلك ، والتعديل أرجح.
قلت : في كون التعديل أرجح نظر ، لأنّ في طريق حديث المدح عليّ بن سليمان وأسباط بن سالم ، وهما مجهولا العدالة. وحديث الجرح الذي تضمّن دعاء الصادق عليهالسلام عليه بعدم المغفرة مرسلة الحسين بن سعيد ، وهو لا يقصر عن مقاومة التعديل إن لم يرجّح كما لا يخفى.
__________________
(١) حاشية خلاصة الأقوال : ١٥١.
(٢) حاشية خلاصة الأقوال : ١٥٣.
(٣) حاشية خلاصة الأقوال : ١٥٤.
وبالجملة فحال الرجل مجهول لعدم صحّة الخبرين»(١).
«قوله رحمهالله : عبد العظيم بن عبد الله بن عليّ بن الحسين بن زيد بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهالسلام.
قلت : هذا هو عبد العظيم المدفون في مسجد الشجرة في الريّ ، وقبره يزار ، وقد نصّ على زيارته الإمام عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام ، قال : من زار قبره وجبت له الجنّة ، ذكر ذلك بعض النسّابين»(٢).
«قوله رحمهالله : الفضل بن عثمان المرادي.
قلت : ابن أخت عليّ بن ميمون المعروف بأبي الأكراد».
«قوله رحمهالله : محمّد بن يعقوب بن إسحاق ... مات ببغداد ... قاله الشيخ الطبرسي ، وقال النجاشي : في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة سنة تناثر النجوم ، وصلّى عليه محمّد بن جعفر الحسني.
قلت : الحسيني»(٣).
«قوله رحمهالله : محمّد بن بشير وأخوه عليّ ثقتان من رواة الحديث ، مات بقم ، وقد ذكرنا في القسم الثاني أنّ محمّد بن بشير ضعيف.
قلت : ذاك غال وهذا ثقة ، ولا مائز بينهما حيث يطلقان ، فهو من قبيل المشترك»(٤).
«قوله رحمهالله : محمّد بن عبد العزيز الزهري ، قال ابن عقدة ، عن عبد الرحمن بن يوسف ، عن محمّد بن إسماعيل البخاري ، قال : محمّد بن عبد
__________________
(١) حاشية خلاصة الأقوال : ١٥٩.
(٢) حاشية خلاصة الأقوال : ١٦٢.
(٣) حاشية خلاصة الأقوال : ١٦٨.
(٤) حاشية خلاصة الأقوال : ١٧٤.
العزيز الزهري منكر الحديث.
قلت : لا وجه لإدخال هذا الرجل في هذا القسم لأنّه مجهول الحال إن لم يكن مردود المقال»(١).
«قوله رحمهالله : المقداد بن الأسود واسم أبيه عمرو البهراني.
قلت : البهراني نسبته إلى بهر بن إلحاف بن قضاعة ، وبهر السابع عشر جدّ المقداد»(٢).
«قوله رحمهالله : معاذ بن مسلم النحوي ، ثقة.
قلت : ما وقفت على موافق للمصنّف في توثيق معاذ بعد تصفّح وإمعان نظر»(٣).
«قوله رحمهالله : مسمع بن مالك وقيل : ابن عبد الملك أبو سيار بالسين المهملة بعدها الياء المنقّطة تحتها نقطتين والراء بعد الألف الملقّب كردين ...
قلت : قيل : وجد بخطّ الشهيد عن يحيى بن سعيد : كردويه وكردين اسمان لمسمع»(٤).
«قوله رحمهالله : نصر بن مزاحم المنقري العطّار أبو الفضل ، كوفيّ ، مستقيم الطريقة صالح الأمر غير أنّه يروي عن الضعفاء ، كتبه حسّان.
قلت : قال ابن أبي الحديد في شرح النهج عند بحثه واقعة صفّين ما صورته : ونحن نذكر ما أورده نصر بن مزاحم في كتاب صفّين في هذا
__________________
(١) حاشية خلاصة الأقوال : ١٧٦ ١٧٧.
(٢) حاشية خلاصة الأقوال : ١٧٨.
(٣) حاشية خلاصة الأقوال : ١٧٩.
(٤) حاشية خلاصة الأقوال : ١٧٩ ١٨٠.
المعنى ، فهو ثقة ثبت صحيح النقل غير منسوب إلى هوى ولا إدغال ، وهو من رجال أصحاب الحديث ، انتهى. وهذا يشعر أنّه ليس إماميّاً»(١).
«قوله رحمهالله : نجم بن أعين ، روى العقيقي عن أبيه ، عن عمران بن أبان ، عن عبد الله بن بكير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه يجاهد في الرجعة.
قلت : أي : يرجع بعد موته حيّاً مع القائم عليهالسلام ويجاهد معه»(٢).
«قوله رحمهالله : هشام بن الحكم أبو محمّد ، مولى كندة ، وكان ينزل ببني شيبان بالكوفة ، وانتقل إلى بغداد سنة تسع وتسعين ومائة ، ويقال : إنّ في هذه السنة مات ... قال الكشّي بأنّه مولى كندة ، مات سنة تسع وسبعين ومائة بالكوفة في أيّام الرشيد وترحّم عليه الرضا عليهالسلام.
قلت : بخطّ السيّد ابن طاوس نقلاً عن كتاب الكشّي : إنّه مات سنة تسع وتسعين ومائة. ونقل عن كتاب النجاشي ما حكاه المصنّف أوّلا ، وجعل تاريخ انتقاله إلى بغداد سنة تسع وسبعين عكس ما نقله المصنف»(٣).
«قوله رحمهالله : ... وكان يحيى بن وثّاب مستقيماً ، ذكره الأعمش.
قلت : عجباً من المصنّف ينقل عن الأعمش استقامة يحيى بن وثّاب ثمّ لا يذكر الأعمش في كتابه أصلاً! ولقد كان حريّاً بالذكر لاستقامته وفضله ، وقد ذكره العامّة في كتبهم وأثنوا عليه مع اعترافهم بتشيّعه رحمهالله ، وغير المصنّف من أصحابنا الذين صنّفوا في الرجال تركوا ذكره أيضاً ،
__________________
(١) حاشية خلاصة الأقوال : ١٨٢.
(٢) حاشية خلاصة الأقوال : ١٨٢.
(٣) حاشية خلاصة الأقوال : ١٨٣.
واسمه سليمان بن مهران»(١).
«قوله رحمهالله : يحيى بن خلف الوابشي.
قلت : منسوب إلى وابش بن زيد بن غزوان بطن من منصور الهمداني»(٢).
«قوله رحمهالله : أبو عبد الرحمن وعبد الله بن حبيب السلمي.
قلت : بخطّ السيّد جمال الدين بن طاوس (عبد الله) بغير واو ، وهو أجود»(٣).
«قوله : أبو ماوية ... بن أسد.
قلت : بخطّ السيّد جمال الدين : بن راشد»(٤).
«قوله رحمهالله : أحمد بن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن فضّال بن عمر بن أيمن مولى عكرمة بن ربعي الفيّاض أبو عبد الله ، وقيل : أبو الحسين ، كان فطحيّاً غير أنّه ثقة في الحديث ، ومات سنة ستّين ومائتين. وأنا أتوقّف في روايته.
قلت : قد تقدّم من المصنّف الحكم على أخيه عليّ وعلى جماعة كعليّ بن أسباط وعبد الله بن بكير أنّهم فطحيّون لكنّهم ثقات ، فأدخلهم في القسم الأوّل وعمل على رواياتهم ، فلا وجه لإخراج أحمد بن فضّال من بينهم مع مشاركته لهم في الوصف والمذهب»(٥).
__________________
(١) حاشية خلاصة الأقوال : ١٨٤ ١٨٥.
(٢) حاشية خلاصة الأقوال : ١٨٥.
(٣) حاشية خلاصة الأقوال : ١٨٧.
(٤) حاشية خلاصة الأقوال : ١٨٧.
(٥) حاشية خلاصة الأقوال : ١٨٩ ١٩٠.
«قوله رحمهالله : الحكم بن عتيبة ...
قلت : مات الحكم بن عتيبة سنة خمس عشرة ومائة ، وقال الواقدي : سنة أربع عشرة ومائة»(١).
«قوله رحمهالله : سعيد الحدّاد ، من أصحاب الباقر عليهالسلام.
قلت : قال ابن داود : إنّه سعد الحدّاد بغير ياء ونقله عن الشيخ الطوسي وحكى ما هنا عن المصنّف قولاً»(٢).
«قوله رحمهالله : سلمة بن حيّان ...
قلت : في نسختين : حنّان ، بالنون ، وفي نسخة بالياء»(٣).
«قوله رحمهالله : محمّد بن أحمد النطنزي ...
قلت : قرية بين قاشان وإصفهان»(٤).
«قوله رحمهالله : محمّد بن عليّ بن بلال.
قلت : ذكر المصنّف محمّد بن عليّ بن بلال في القسم الأوّل ووثّقه ، ثمّ توقّف»(٥).
«قوله رحمهالله : أبو الربيع الشامي اسمه خليد بن أوفى.
قلت : أعرب عن اسمه هنا ولم يذكره في القسمين في شهرته وكثرة روايته»(٦).
«قوله رحمهالله : «ولد المهدي محمّد بن الحسن عليه أفضل الصّلاة والسلام
__________________
(١) حاشية خلاصة الأقوال : ١٩٣.
(٢) حاشية خلاصة الأقوال : ١٩٤.
(٣) حاشية خلاصة الأقوال : ١٩٤.
(٤) حاشية خلاصة الأقوال : ١٩٩.
(٥) حاشية خلاصة الأقوال : ١٩٩.
(٦) حاشية خلاصة الأقوال : ٢٠١.
يوم الجمعة لثمان خلون من شعبان سنة ستّ وخمسين ومائتين ...
قلت : وقال الشهيد في الدروس : إنّه ولد يوم الجمعة ليلاً وقيل : ضحى ـ خامس عشر شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين»(١).
«قوله رحمهالله : الحسن بن علوان الكلبي ، مولاهم ، كوفيّ ، ثقة ، روى عن أبي عبد الله عليهالسلام هو وأخوه الحسين.
قلت : هكذا في كتاب ابن داود ، وذكر الحسن والحسين كلاًّ في باب»(٢).
«قوله رحمهالله : الحسن بن محمّد بن هارون بن عمران الهمداني.
قلت : في كتاب ابن داود : الحسين بن محمّد»(٣).
«قوله رحمهالله : الحسن بن خالد بن عليّ البرقي.
قلت : خالد بن عبد الرحمن بن محمّد ، كما ذكر في نسب أخيه محمّد وابنه أحمد»(٤).
«قوله رحمهالله : الحسن بن أحمد بن ريذويه : بالذال المعجمة المفتوحة.
قلت : في الإيضاح جعلها مضمومة»(٥).
«قوله رحمهالله : الحسن بن أحمد بن ريذويه القمّي ، ثقة ، من أصحابنا القمّيّين ، وله كتاب المزار».
قلت : كذا في كتاب النجاشي بخطّ ابن طاوس ، وفي كتاب ابن داود
__________________
(١) حاشية خلاصة الأقوال : ٢٠٢.
(٢) حاشية خلاصة الأقوال : ٥٦.
(٣) حاشية خلاصة الأقوال : ٥٧.
(٤) حاشية خلاصة الأقوال : ٥٧.
(٥) حاشية خلاصة الأقوال : ٥٨.
ذكر الحسن والحسين كلاًّ في بابه»(١).
«قوله رحمهالله : الحسن بن عليّ بن عبد الله بن المغيرة البجلي مولى جندب بن عبد الله أبو محمّد ، من أصحابنا الكوفيّين ، ثقة ثقة.
قلت : هكذا حكى السيّد جمال الدين بن طاوس في كتابه توثيق هذا الرجل عن كتاب النجاشي ، وليس في نسخة الكتاب إلاّ كلمة (ثقة) ، واحتمال السهو في الزيادة قريب جدّاً»(٢).
«قوله رحمهالله : الحسن بن أبي عبد الله محمّد بن خالد بن نجم الطيالسي أبو العبّاس التميمي ... ثقة.
قلت : اقتصر ابن داود من الكنيتين على أبي العبّاس ، وهو أجود»(٣).
«قوله رحمهالله : «الحسن بن صدقة المدائني ، قال ابن عقدة : أخبرنا عليّ ابن الحسن قال : الحسن بن صدقة المدائني أحسبه أزديّاً ، وأخوه مصدّق ، رويا عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهماالسلام وكانوا ثقات. وفي تعديله نظر ، والأولى التوقّف.
قلت : ضمير (كانوا) لا مرجع له إلاّ رجلان الحسن ومصدّق ، فكأنّه تجوّز في الجمع. والإشارة بقوله : (بذلك) ترجع إلى قول ابن عقدة. ووجه النظر ما سيأتي من عدّه في قسم الضعفاء إن كان من الأجلاّء ، ومع ذلك لا ينبغي النظر ولا التوقّف كما لا يخفى. ولا يجوز تعلّق الإشارة بمجرّد قوله : وكانوا ثقات ، لأنّ ذلك تصريح بالتوثيق لا مجال للنظر فيه ، بل النظر من
__________________
(١) حاشية خلاصة الأقوال : ٥٨.
(٢) حاشية خلاصة الأقوال : ٥٨ ٥٩.
(٣) حاشية خلاصة الأقوال : ٥٩.
جهة الموثّق كما ذكرناه»(١).
«قوله رحمهالله : الحسن بن يوسف بن عليّ بن مطهّر.
قلت : بخطّ الشهيد قدّس سرّه نقل من خطّ العلاّمة مصنّف الكتاب : وجدت بخطّ والدي رحمهالله ما صورته : ولد الولد البارّ ، أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر ليلة الجمعة في الثلث الأخير من الليل رابع عشرين رمضان من سنة ثمان وأربعين وستمائة ، ومولد محمّد كان قريباً من نصف الليل ليلة العشرين من جمادي الأولى سنة اثنتين وثمانين وستمائة ، أطال الله عمره ورزقه الله تعالى العمر المزيد والعيش الرغيد.
توفّي قدّس سرّه في العشرين من المحرّم الحرام سنة ستّ وعشرين وسبعمائة. قال الإمام فخر الدين ولد المصنّف : قرأت التهذيب في الحديث على والدي الإمام مرّتين : إحداهما بالمشهد المقدّس الغروي ، والأخرى بطريق الحجاز ، وحصل الفراغ منه وختمه في المسجد الحرام»(٢).
«قوله رحمهالله : الحسين بن عمر بن يزيد ، من أصحاب أبي الحسن الرضا عليهالسلام ، ثقة».
قلت : ذكره الشيخ ووثّقه أيضاً ، وأهمله ابن داود وكثير. وفي كتاب الكشّي رواية في الحسين بن عمر تدلّ على خلاف التوثيق»(٣).
«قوله رحمهالله : الحسين بن أسد بالسين غير المعجمة من أصحاب أبي جعفر الثاني الجواد عليهالسلام.
__________________
(١) حاشية خلاصة الأقوال : ٦٠.
(٢) حاشية خلاصة الأقوال : ٦٠ ٦١.
(٣) حاشية خلاصة الأقوال : ٦٢.
قلت : هكذا ذكره الشيخ أيضاً في كتابه. وأمّا ابن داود فذكره من رجال الهادي ووثّقه ثمّ نقل عن ابن الغضائري ما يقتضي تضعيفه بعبارة مخصوصة ، وتلك العبارة ما ذكرها ابن الغضائري إلاّ عن الحسن بن أسد لا عن الحسين. والظاهر أنّ ابن داود سها هنا في موضعين : جعله من رجال الهادي عليهالسلام ، ونقله عن ابن الغضائري تضعيفه ، فتأمّل»(١).
«قوله رحمهالله : الحسين بن اشكيب.
قلت : قد اختلف كلام الجماعة في الحسين بن اشكيب ، فالمصنّف جعله بالشين المعجمة ومن أصحاب العسكريّ عليهالسلام وجعله مرزويّاً ونقل عن الكشّي أنّه قمّي خادم القبر ، وقريب من كلام المصنّف عبارة النجاشي فيه فإنّه جعله خراسانيّاً ونقل عن الكشّي أنّه من أصحاب العسكريّ عليهالسلام ، وأمّا الشيخ أبو جعفر فذكره بنحو عبارة المصنّف في باب من لم يرو عن الأئمّة عليهمالسلام وفي باب من يروي عن العسكريّ عليهالسلام ، وذكر في باب من يروي عن الهادي عليهالسلام الحسين بن إشكيب القمّي خادم القبر.
وابن داود ذكر أنّ القمّي خادم القبر الحسين بن اسكيب بالسين المهملة وإنّ ابن اشكيب بالمعجمة هو الفاضل المذكور الخراساني. ونقل عبارة عن الكشّي كما نقله المصنّف : إنّه القمّي خادم القبر ، ونقل عن فهرست الشيخ أنّه ممّن لم يرو عن الأئمّة عليهمالسلام ، وأنّه قال فيه : إنّه عالم فاضل مصنّف متكلّم. ونحن اطلعنا على نسختين من الفهرست لم نجده أصلاً»(٢).
__________________
(١) حاشية خلاصة الأقوال : ٦٢ ٦٣.
(٢) حاشية خلاصة الأقوال : ٦٣ ٦٤.
«قوله رحمهالله : الحسين بن أبي حمزة ... قال ابن عقدة : حسين ابن بنت أبي حمزة الثمالي خال محمّد بن أبي حمزة.
قلت : كذا في نسخ الكتاب : خال محمّد ... إلى آخره. وفي كتاب ابن داود : خاله محمّد بن أبي حمزة. وهو أجود ، لما تقدّم من أنّ أبا حمزة له ولد اسمه محمّد ، وهذا الحسين ابن بنت أبي حمزة ، فيكون محمّد خاله»(١).
«قوله رحمهالله : حمزة بن القاسم بن عليّ بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله ابن العبّاس بن أبي طالب ، أبو يعلي ...
قلت : صوابه : العبّاس كابن عليّ بن أبي طالب ، كما ذكره في باب العليّين وفي باب المحمّدين ، وكأنّه من سهو القلم ، وفي النسخة المقروءة ساقط أيضاً ، وكذا في نسخة الشهيد رحمهالله ، وهو موجود على الصحّة في كتاب السيّد جمال الدين بن طاوس بخطّه نقلاً عن النجاشي رحمهالله ، والذي ذكره المصنّف هنا من كتابه كما دلّ عليه الاختبار»(٢).
«قوله رحمهالله : حمزة بن بزيع من صالحي هذه الطائفة وثقاتهم ، كثير العمل ، قال الكشّي : روى أصحابنا ... عن الحسن بن الحسين الخثعمي قال : ذكر بين يدي أبي الحسن الرضا عليهالسلام حمزة بن بزيع فترحّم عليه ، فقيل : إنّه كان يقول بموسى؟! فترحّم عليه ساعة ثمّ قال : من جحد حقّي كان كمن جحد حقّ آبائي. وهذا الطريق لم يثبت صحّته عندي.
قلت : وذلك لإرساله وضعف بعض رجاله ، ومع ذكر ذلك كلّه فهو
__________________
(١) حاشية خلاصة الأقوال : ٦٥.
(٢) حاشية خلاصة الأقوال : ٦٩.
من حيث المتن غير دالّ على جرح ، لأنّ القائل لذلك غير معلوم ، ولم يعلم منه عليهالسلام تقريره لذلك ، بل ترحّم عليه مع كون الجاحد حقّه كالجاحد حقّ آبائه يقتضي ردّ ذلك والإنكار عليه»(١).
«قوله رحمهالله : حمّاد بن عثمان الناب ، قال الكشّي عن حمدويه عن أشياخه ، قال : حماد ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه.
قلت : العصابة بكسر العين ...»(٢).
«قوله رحمهالله : حجر بن زائدة وحمران بن أعين. روى الكشّي عن محمّد ابن قولويه ، قال : حدّثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف ، قال : حدّثني عليّ بن سليمان بن داود الرازي ، قال : حدّثني عليّ بن أسباط ، عن أبيه أسباط بن سالم ، قال : قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهالسلام : إنّهما من حواريي محمّد بن عليّ وجعفر بن محمّد عليهماالسلام.
قلت : وفي الطريق عليّ بن سليمان بن داود وهو مجهول الحال ، وحديث القدح فيه مرسل ، فيبقى الاعتماد على توثيق النجاشي له»(٣).
«قوله رحمهالله : الحكم بن عيص ، روى الكشّي عن محمّد بن الحسن الرازي ، عن إسماعيل بن محمّد بن موسى بن سلام ، عن الحكم بن عيص ابن خالة سليمان بن خالد ، قال لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّه يعرف هذا الأمر.
قلت : في طريقه إسماعيل المذكور وهو مجهول ، ومع ذلك لا دلالة فيه على مدح يوجب قبول الرواية كما لا يخفى»(٤).
__________________
(١) حاشية خلاصة الأقوال : ٦٩.
(٢) حاشية خلاصة الأقوال : ٧١.
(٣) حاشية خلاصة الأقوال : ٧٥.
(٤) حاشية خلاصة الأقوال : ٧٦.
«قوله رحمهالله : خالد بن زياد ... قيل : ابن باد : بغير زاء وعوض الياء باء منقّطة تحتها نقطة واحدة.
قلت : في الإيضاح : ابن ماد : بالميم أوّلا والدال المشدّدة آخراً ، وفي كتاب السيّد : ابن زياد ، نقلاً عن النجاشي ، وكذلك في كتاب الشيخ الطوسي قدّس سرّه كما ذكره المصنّف هنا ، وابن داود اختار الميم كما في الإيضاح ونقل عن الشيخ ما يوافقه ، وليس كذلك»(١).
«قوله رحمهالله : خزيمة بضمّ الخاء وفتح الزاي بن ثابت ، من السابقين الذي رجعوا إلى أمير المؤمنين عليهالسلام.
قلت : في الإكمال : خزيمة شهد بدراً مع رسول الله(صلى الله عليه وآله) وجعل شهادته كشهادة رجلين ، فكان يسمّى ذا الشهادتين. شهد صفّين مع عليٍّ عليهالسلام وقتل يومئذ سنة سبع وثلاثين»(٢).
تقييم أهل الاختصاص لجهد العلاّمة الحلّي في كتابه خلاصة الأقوال في معرفة الرجال :
للعلاّمة الحلّي تصنيفات عديدة في علم الرجال ، فممّا وصل إلينا كتاب خلاصة الأقوال في معرفة الرجال ، وكتاب إيضاح الاشتباه في أسماء الرواة الذي سنتعرّض إليه لاحقاً وفقد منها أكبرها وأهمّها وهو كتاب كشف المقال في معرفة الرجال ، وتكمن أهمّية الأخير في كون العلاّمة الحلّي طالما أحال عليه في مصنّفاته الرجالية المذكورة سلفاً معبّراً عنه بـ
__________________
(١) حاشية خلاصة الأقوال : ٨٣.
(٢) حاشية خلاصة الأقوال : ٨٣.
«كتابنا الكبير» ، وهذا يدلّ على سعة هذا الكتاب الذي حرمنا من الإفادة منه ، وعليه سوف نستعرض آراء أهل الاختصاص لأحد التصنيفات الرجالية للعلاّمة الحلّي الموجودة بين أيدينا ، وهي : خلاصة الأقوال في معرفة الرجال :
قال صاحب الروضات مقيّما : «إنّ كتاب الخلاصة مختصر من كتاب رجاله الكبير الذي يحيل الأمر إليه كثيراً»(١).
وقال آخر : «وكتاب خلاصة الأقوال وهو المشهور بين أرباب الرجال ، ورتّبه إلى قسمين ... ولكن التتبّع فيه يشهد بصدور ما ينافيه ...»(٢).
وقال البحراني : «إنّ العلاّمة لاستعجاله في التصنيف كان يرسم كلّ ما خطر بباله الشريف لا يراجع ما تقدّم له من الأقوال ، ومن أجل ذلك طعن عليه جماعة وجعلوا ذلك طعناً في الاجتهاد»(٣).
وقيل أيضاً : «خلاصة الأقوال في معرفة الرجال للحسن بن يوسف ابن عليّ بن المطهّر المعروف بالعلاّمة الحلّي ٦٤٨هـ ٧٢٦هـ ، رتّب كتابه هذا إلى قسمين ... والظاهر أنّه أوّل من سلك هذا المنهج في الترتيب»(٤). وقد نقل موجزاً من مقدّمة الخلاصة(٥).
وقال آخر : «ومن أهمّ الكتب المتأخّرة رجال العلاّمة الحلّي
__________________
(١) الخونساري ٢/٢٧٤.
(٢) سماء المقال في علم الرجال ١/٣١.
(٣) لؤلؤة البحرين : ٢٦٤.
(٤) منهج المقال في أحوال الرجال ١/٢٣.
(٥) ينظر : منهج المقال في أحوال الرجال ١/٢٤.
المعروف بخلاصة الأقوال ، وقسّمه إلى قسمين : القسم الأوّل لمن يعتمد على روايته ، والقسم الثاني للضعفاء الذين لا يعتمد على روايتهم ، وغالباً ما يعتمد العلاّمة الحلّي في كتابه على الكتب الأربعة»(١).
وإنّ ما ينقله العلاّمة من رجال الكشّي والشيخ الطوسي والنجاشي مع وجود المنقول في هذه الكتب غير مفيد ، وإنّما يفيد في ما لم نقف على مستنده ، كما في ما ينقل من جزء من رجال العقيقي ، وجزء من رجال ابن عقدة ، وجزء من ثقات كتاب ابن الغضائري ، ومن كتاب آخر له في المذمومين لم يصل إلينا(٢).
وبما أنّ العلاّمة قد اعتمد في كتابه على الرجاليّين القدامى لذا لا يمكن لنا الاعتماد عليه كما عرفت(٣) ، لأنّ العلاّمة قد يخطئ في الإفادة من القدامى ، أو قد يخطى في الاستنباط كاعتماده على كلّ إمامي لم يرد فيه قدح(٤).
الفصل الثاني
كتاب نضد الإيضاح
تعليقة على كتاب إيضاح الاشتباه في أسماء الرواة
يُعدّ كتاب نضد الإيضاح من الكتب المهمّة في الرجال ؛ لأنّه شذّب
__________________
(١) دروس تمهيدية في القواعد الرجالية ٢/٣٣٤.
(٢) قاموس الرجال ١/١٥.
(٣) منتهى المقال في الدراية والرجال : ١٨٣.
(٤) معجم رجال الحديث ١/٤٥.
ورتّب وأضاف على أصل مهمّ من الأصول الرجالية عند الإمامية وهو إيضاح الاشتباه في أسماء الرواة للعلاّمة الحلّي ، ومؤلّف نضد الإيضاح هو الشيخ علم الهدى ابن الفيض الكاشاني المتوفّى قبل ١١٢٣هـ (١).
واتّفقت المصادر على أنّ كتاب نضد الإيضاح هو الكتاب الوحيد في الرجال لعلم الهدى ابن الفيض الكاشاني(٢).
وكان منهج الشيخ الكاشاني في نضده كما عبّر هو في مقدّمة الكتاب أنّه رتّب الأسماء حسب حروف المعجم الأوّل فالأول ثمّ الثاني وهكذا خشية من اللبس وسهولة الوصول إلى الاسم من قبل الطالبين ، كما أنّه لم يزد حرفاً ولا حركة على الأصل بل اقتصر على الترتيب ، ويضيف ما يريد بعد أن يفرز قوله بلفظ «أقول» عن أصل الكلام في إيضاح الاشتباه حتّى لا يشتبه على الناظرين ، كما أنّه لم يتعرّض إلى جرح الرواة وتعديلهم لقوله بأنّه خارج الغرض المقصود من هذا الكتاب(٣) وأوكل ذلك إلى الكتب الرجالية الأخرى ، كما أنّه يذكر كتب الرجال المؤلّفة من قبلهم(٤) ـ أي الرواة المترجم لهم ـ ويذكر أسماء من روى عنهم(٥) أو رووا عنه(٦) ؛ وعليه فإنّ
__________________
(١) هو علم الهدى محمّد بن محمّد بن محسن الفيض ، توفّي بين سنتي ١١١٢ و ١١٢٣هـ ، ويقدّر عمره بما يتراوح بين السبعين والثمانين ، ينظر : أمل الآمل ٢/٣٠٥ ، الغدير ١١/٣٦٣ ، مصفى المقال : ٢٦٦.
(٢) ينظر : إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون ٢/٣٦٨ ، الذريعة ٢/٤٩٣ و ١٠/١٣٣ و ٢٤/١٨٦.
(٣) ينظر : نضد الإيضاح ، (طبع بهامش فهرست الشيخ الطوسي) ، (ليدن ، ١٢٧١هـ).
(٤) نضد الإيضاح : ٢٤٩ وغيرها.
(٥) نضد الإيضاح : ٢٥٠ وغيرها.
(٦) نضد الإيضاح : ٢٤٩ وغيرها.
منهجية ابن الفيض الكاشاني لا تختلف كثيراً عن منهجية العلاّمة رحمهما الله إلاّ في موارد بيّنها علم الهدى في المقدّمة ، وهي عن منهجه في تأليفه نضد الإيضاح(١).
وكتاب إيضاح الاشتباه حوى سبعمائة وتسعاً وتسعين ترجمة ، وضمّ نضد الإيضاح بين دفّتيه سبعمائة وخمساً وثمانين ترجمة علّق ابن الفيض الكاشاني على ستمائة وخمس وخمسين ترجمة وأبقى مائة وثلاثين ترجمة على حالها.
ونسوق قسماً من هذه التعليقات ، وهي كما يلي :
«إبراهيم بن أبي البلاد : بكسر الموحّدة وتخفيف اللام ثمّ المهملة ، واسم أبي البلاد يحيى بن سليم مصغّراً ، وقيل : ابن سليمان.
أقول : ما ذكره العلاّمة رحمهالله في الخلاصة أنّ أبي البلاد يكنّى أبا الحسن سهواً ، والحقّ أنّه يكنّى أبا إسماعيل كما صرّح به غير واحد من مشائخنا كالصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه ، وقيل إنّه يكنّى أبا يحيى»(٢).
«إبراهيم بن إسحاق النهاوندي : بكسر النون الأولى.
أقول : هو أبو إسحاق الأحمري ـ بالميم بين المهملتين ـ الذي تكرّر ذكره في أسانيد الأخبار سيّما في أصولنا التي عليها المدار ، ونهاوند مثلثة النون الأوّل بلد من بلاد الجبل ، وما ذكره بعض أهل اللغة من أصله نوح آوند لأنّه بناها نوح على تقدير صحّته وإن كان بالضمّ أربط إلاّ أنّ الكسر كما ضبطه العلاّمة أشهر»(٣).
__________________
(١) نضد الإيضاح : المقدّمة.
(٢) نضد الإيضاح : ١٠.
(٣) نضد الإيضاح : ١٠ ـ ١١.
«إبراهيم بن رجاء المعروف بابن أبي هراسة : بكسر الهاء وإهمال السين.
أقول : هو أبو إسحاق الشيباني الذي يعرف بابن هراسة ، وهراسة أمّه ، ورجاء ـ بالراء والجيم ـ أبوه ، وما ذكره العلاّمة من أنّه بابن أبي كأنّه سهو ، فإنّ المعروف بابن أبي هراسة هو أحمد بن نصر بن سعيد الباهلي لا إبراهيم هذا ، وما قلناه أنسب بكون هراسة أم إبراهيم كما ذهب إليه بعض المحقّقين ولا يخفى على المحصّلين. ثمّ أنّ ابن أبي رجاء هذا غير إبراهيم ابن رجاء الجحدري بفتح الجيم أوّلاً وسكون المهملة وإهمال الدال المفتوحة ثمّ الراء الذي هو منسوب إلى جحدر اسم رجل من بني قيس بن ثعلبة ، فإنّ ذلك ثقة من أصحابنا البصريّين والشيباني هذا كان عاميّاً»(١).
«إبراهيم بن عيسى أبو أيّوب الخرّاز بالمهملة بين المعجمتين.
أقول : وضبطه بعضهم بالمعجمات ، والعلاّمة في الخلاصة ذكر الاحتمالين. ثمّ اعلم أنّ في اسم أبيه خلافاً بين علماء الفنّ ، فبعضهم ذهب إلى أنّه عيسى كما في أصل هذا الكتاب ، وبعضهم ذكر أنّه ابن عثمان ، وبعضهم جعله ابن زياد. والحسن بن عليّ بن داود أثبته في كتاب واحد تارة بهذه العبارة : إبراهيم بن زياد أبو أيّوب بالخاء المعجمة والراء المهملة والزاي ، وقيل : ابن عيسى ، وقيل : ابن عثمان. وأخرى بهذه العبارة : إبراهيم بن عثمان الخرّاز بالراء والزاي المكنّى بأبي أيّوب. وظاهر كلامه يعطي التعدّد ، وأظنّه وهماً.
والذي اعتمد عليه أنّ أبا أيّوب هذا هو ابن عثمان كما هو مصرّح به
__________________
(١) نضد الإيضاح : ١٢.
في باب القول عند الإصباح والإمساء من كتاب الدعاء من الكافي وفي باب حكم من نسي طواف النساء من الفقيه»(١).
«إبراهيم بن نصر بن القعقاع : بالمهملة بين القافين المفتوحين.
أقول : والعين المهملة أخيراً ، الجعفي ، الكوفي»(٢).
«أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن داود بن حمدون : بفتح الحاء المهملة.
أقول : الكاتب ، النديم ، أبو عبد الله ، شيخ أهل اللغة ووجههم وأستاذ أبي العبّاس ثعلب ، قرأ عليه قبل ابن الأعرابي وتخرج من يده ، وكان خصّيصاً بأبي محمّد وأبي الحسن قبله»(٣).
«أحمد بن عايذ : بالتحتية واعجام الذال ، الأحمسي : بالمهملتين ، كان حلاّلاً : بالمهملة وتشديد اللام.
أقول : ابن عايذ بن حبيب البجلي الكوفي ، كان يسكن بغداد ويبيع الحلّ ـ وهو دهن السمسم ـ بها ، ولهذا يقال له : الحلاّل ، وكان صحب أبا خديجة سالم بن مكرم وأخذ عنه وعرف به ، وما ذكره العلاّمة في الخلاصة من أنّه أبو حبيب سهو»(٤).
«أحمد بن عبد الله بن مهران المعروف بابن خانبة : بالمعجمة والنون المكسورة بعد الألف وفتح الموحّدة.
__________________
(١) نضد الإيضاح : ١٤ ـ ١٥.
(٢) نضد الإيضاح : ١٨ ـ ١٩.
(٣) نضد الإيضاح : ٢٠ ـ ٢١.
(٤) نضد الإيضاح : ٣٠.
أقول : هو أبو جعفر الكرخي ، كان من المعجم»(١).
«أحمد بن علوية الأصفهاني : بفتح العين المهملة وفتح اللام وكسر الواو وتشديد التحتانية ، له كتاب الاعتقاد في الأدعية ، وله النونية المسمّاة بالألفية والمحبّرة وهي ثمانمائة ونيف وثلاثون بيتاً ، عرضت على أبي حاتم السجستاني فقال : يا أهل البصرة غلبكم والله شاعر أصفهان في هذه القصيدة في أحكامها وكثر فوائدها.
أقول : هو المعروف بابن الأسود الكاتب ، ويقال له : الرحّال بالراء المهملة والمشدّدة ، قيل : لأنّه رحل خمسين رحلة إلى الحجّ»(٢).
«أحمد بن محمّد بن سعيد بن عبد الرحمن بن زياد بن عبد الله بن زيادة بن عجلان مولى عبد الرحمن سعيد بن قيس السبيعي : بفتح المهملة وكسر الموحّدة واسكان الباء وإهمال العين ، الهمداني : بالمهملة ، كان زيديّاً جاروديّاً عليه مات.
أقول : هو المعروف بابن عقدة ، يكنّى أبا العبّاس ، كان كوفيّاً ، جليل القدر في أصحاب الحديث عظيم المنزلة ، مشهور بالحفظ ، وإنّما ذكره أصحابنا لكثرة روايته عنهم واختلاطه بهم وتصنيفه لهم ومداخلته إيّاهم وعظم محلّه ثقةً وأمانةً ، حكي أنّ من جملة كتبه كتاب أسماء الرجال الذين رووا عن الصادق عليهالسلام أربعة آلاف رجل ، وأخرج فيه لكلّ رجل الحديث الذي رواه. قال شيخنا الطوسي : سمعت جماعة يحكون عنه أنّه قال : أحفظ مائة وعشرين ألف حديث بأسانيدها وأذاكر بثلاثمائة حديث ،
__________________
(١) نضد الإيضاح : ٣١.
(٢) نضد الإيضاح : ٣٢.
انتهى. وولد تسع وأربعين ومائتين ومات ثلاث وثلاثين وثلاثمائة. ثمّ أنّ السبيعي نسبة إلى السبيع وهو بطن من همدان»(١).
«أحمد بن ميتم : بكسر الميم وإسكان الياء وفتح الفوقية ، ابن أبي نعيم : بضمّ النون ، لقبه دكين : بضمّ المهملة وفتح الكاف والنون بعد الياء.
أقول : ميتم جعله في الخلاصة بالتحتية الساكنة بعد الميم المفتوحة ثمّ المثلّثة ، والظاهر أنّ العلاّمة سها في كلا الكتابين ، والذي لاح من تتبّع أقاويلهم أنّه بكسر الميم وفتح الثاء المثلثة. ثمّ إنّ اسم أبي نعيم ـ بفتح العين ـ المهملة الفضل بن عمرو ، ودكين لقب عمرو أبي الفضل لا الفضل أبي نعيم كما هو صريح عبارة الإيضاح وظاهر الخلاصة ، فإنّ الفضل بن دكين رجل مشهور من علماء الحديث ، وعمرو هو ابن حمّاد بن زهير مولى آل طلحة بن عبيد الله ، وأحمد يكنّى أبا الحسين كان من ثقات أصحابنا الكوفيّين وفقهائهم»(٢).
«أديم : بضمّ الهمزة وفتح المهملة وإسكان الياء ، ابن الحرّ الجعفي.
أقول : مولاهم أبو الحرّ الحذّاء صاحب أبي عبد الله عليهالسلام ، كوفيّ ، نقل الحسن بن داود عن الشيخ أنّه خثعمي ، وهذا القول لا ينافي كونه جعفيّ»(٣).
«إسماعيل بن سهل ـ مكبّراً ـ الدهقان : بكسر المهملة.
أقول : رأيت في بعض الكتب بخطّ جدّي مرتضى بن محمود رحمهالله أنّه اسم أعجميّ مركّب من : ده وقان ، معناه سلطان القرية ، لأنّ ده عندهم اسم
__________________
(١) نضد الإيضاح : ٤٢ ـ ٤٣.
(٢) نضد الإيضاح : ٤٩ ـ ٥٠.
(٣) نضد الإيضاح : ٥٢.
القرية وقان اسم السلطان»(١).
«إسماعيل بن عليّ العمي : بفتح المهملة وكسر الميم المخفّفة ، أبو عليّ البصريّ : بالباء.
أقول : جعل الحسن بن داود الميم مشدّدة»(٢).
«أمية : بضمّ الهمزة ، ابن عمرو : بالفتح ، الشغيري : بفتح الشين المعجمة وكسر الغين المعجمة والراء قبل الياء وبعدها.
أقول : في كتب الرجال التي رأيتها الشعيري بإهمال العين ، والرجل من أصحاب الكاظم عليهالسلام ، واقفي»(٣).
«أنس بن عياض : بالعين المهملة والياء ثمّ المعجمة ، أبو ضمره : بفتح الضاد ، الليثي : بالمثلّثة بين اليائين.
أقول : عربيّ من بني ليث بكر بن عبد مناة بن كنانة ، مدنيّ ، ثقة ، صحيح الحديث ، وثقة العامّة أيضاً. والعلاّمة في الخلاصة جعل العين في العياض مكسورة»(٤).
«أيّوب بن نوح بن درّاج : بفتح المهملة وتشديد الراء ثمّ الجيم.
أقول : أبو الحسن الكوفي مولاهم ، كان وكيلاً لأبي الحسن الثالث وأبي محمّد عليهماالسلام عظيم المنزلة عندهما مأموناً شديد الورع كثير العبادة ثقة في رواياته ، وأبوه نوح كان قاضياً بالكوفة وكان صحيح الاعتقاد ، وأخوه جميل بن درّاج ، روى شيخنا الطوسي في كتاب الغيبة عن عمرو بن سعيد
__________________
(١) نضد الإيضاح : ٥٦.
(٢) نضد الإيضاح : ٥٩.
(٣) نضد الإيضاح : ٦٤.
(٤) نضد الإيضاح : ٦٤.
المدائني عن أبي الحسن العسكريّ عليهالسلام أنّه قال : إن أحببت أن تنظر إلى رجل من أهل الجنّة فانظر إلى هذا ، يعني : أيّوب بن نوح»(١).
«بكر ـ مكبّراً ـ بن محمّد بن حبيب بن بقية ـ بالموحّدة ـ أبو عثمان المازني.
أقول : الشيباني ، كان من علمائنا ، وكان سيّد أهل العلم بالنحو والعربية باللغة بالبصرة»(٢)
«تليد : بفتح الفوقية وكسر اللام وسكون التحية وإهمال الدال ، ابن سليمان أبو ادريس المحاربي.
أقول : كوفيّ ، أعرج»(٣).
«ثابت بن جرير : بالجيم المهملتين.
أقول : هو الذي جعله بعضهم مولى جرير»(٤).
«جعفر بن أحمد بن أيّوب السمرقندي أبو سعيد ، يقال له : ابن العاجز : بالمهملة والجيم والزاي.
أقول : كلام العلاّمة في الخلاصة موافق لما ذكره هنا إلاّ أنّ بعض الفضلاء أثبت في كتابه مكان ابن العاجز ابن التاجر بالمثنّاة الفوقية والراء وذكر أنّه كذا رآه بخطّ الشيخ رحمهالله.ثمّ من الناس من بدّل أحمد بمحمّد في اسم ابن أيّوب والد جعفر السمرقندي الفاضل الأسترآبادي لم يرجّح أحد
__________________
(١) نضد الإيضاح : ٦٤ ـ ٦٥.
(٢) نضد الإيضاح : ٧٠.
(٣) نضد الإيضاح : ٧١.
(٤) نضد الإيضاح : ٧١.
الاحتمالين وكذا أورده في الموضوعين»(١).
«جفير بن الحكم : بفتح الجيم ثمّ الفاء ثمّ التحتية ثمّ الراء ، وقيل : جعفر : بفتح الجيم وسكون التحتية والفاء والراء.
أقول : القول الأخير أحرى بالركون إليه كما آثره بعض من يوثق به ويعتمد عليه ، والرجل أبو المنذر العبديّ ، عربيّ ، ثقة ، روى عن الصادق عليهالسلام ، ثمّ إنّ العلاّمة أثبت اسم أبيه في ترجمة ابنه المنذر بالياء قبل الميم كما يأتي ، ولعلّه الصواب ، وهو المثبت في عامّة كتب الأصحاب»(٢).
«جندب بن عبد الله : بضمّ الجيم وإسكان النون وفتح المهملة وبعدها موحّدة.
أقول : مشترك بين جماعة : منهم الأزدي ، ومنهم البجلي الذي يقال له : جندب الخير وجندب العارف»(٣).
«الحسن بن راشد : بالراء أوّلا ، الطفاوي : بضمّ المهملة وبعدها فاء والواو المكسورة بعد الألف.
أقول : أبو محمّد ، فاسد المذهب ، يروي عن الضعفاء ويروون عنه ، والطفاويّون منسوبون إلى حيّان بن منبه هو أعصر بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، ومسكنهم البصرة ، وأمّهم الطفاوة بنت جرم بن ريّان كانت تحت حيّان ، وابن الغضايري جعل الحسن الطفاوي البصري وما استحسنه العلاّمة وذكر في الخلاصة أنّ الظاهرة أنّه ابن راشد ، وإنّ الناسخ أسقط الراء من أوّل اسم أبيه ، وابن داود مع ذلك اعتمد
__________________
(١) نضد الإيضاح : ٧٤.
(٢) نضد الإيضاح : ٧٩.
(٣) نضد الإيضاح : ٨١.
على كلام ابن الغضايري فجعل الطفاوي ابن أسد ، وهو كما ترى. ثمّ أقول الحسن هذا هو الذي روى عنه عليّ بن السندي»(١).
«الحسن بن عطية : بالمهملتين وتشديد التحتية ، الحنّاط : بإهمال الحاء والنون ، الدغشي : بالمهملة المضمومة والمعجمتين ، المحاربي : بضمّ الميم وإهمال الحاء والراء والموحّدة ، أبو ناب : بالنون ثمّ الموحّدة.
أقول : كوفيّ مولى ثقة وأخواه أيضاً محمّد وعليّ كلّهم رووا عن أبي عبد الله عليهالسلام. ثمّ النجاشي نصّ على أنّ ابن عطية الحنّاط هو ابن عطية الدغشي تعريضاً بالشيخ حيث زعم التغاير وذكر الرجلين مختلفي الشخص وفصل بينهما ، والعلاّمة الحلّي اقتفى أثره في جعلهما واحد وجزمه به ، إلاّ أنّ ابن داود تبع الشيخ وضعف وحدتهما واستدلّ على تعدّدهما بكلام له ، والعلم عند الله»(٢).
«الحسن بن عليّ بن سبرة : بفتح المهملة وإسكان الموحّدة وفتح الراء.
أقول : بغدادي»(٣).
«الحسن بن عمرو : بفتح العين ، ابن منهال : بكسر الميم وإسكان النون واللام بعد الألف ، ابن مقلاص : بكسر الميم وإسكان القاف ثمّ الصاد.
أقول : كوفي ثقة هو وأبوه أيضاً»(٤).
__________________
(١) نضد الإيضاح : ٨٨ ـ ٨٩.
(٢) نضد الإيضاح : ٩١.
(٣) نضد الإيضاح : ٩٣.
(٤) نضد الإيضاح : ٩٥.
«الحسين بن أحمد بن المغيرة : بضمّ الميم وكسر الغين المعجمة ، أبو عبد الله البوشنجي : بضمّ الباء وفتح الشين وإسكان النون والجيم المكسورة.
أقول : كان عراقيّاً مضطرب المذهب ثقة فيما يرويه»(١).
«الحسين بن إشكيب : بكسر الهمزة والمعجمة الساكنة والكاف وسكون التحتية والموحّدة.
أقول : الكاف مكسورة. وقد اختلف فيها كلام الأصحاب ، فبعضهم جعله بإعجام الشين وجعله مروزيّاً مقيماً بسمرقند ، وبعضهم جعله قيّماً خادماً للقبر ـ يعني قبر العسكري عليهالسلام ـ وابن داود ذكر في كتابه رجلين : أحدهما ابن شكيب ـ باعجام الشين ـ وجعله خراسانيّاً ، والآخر ابن اسكيب ـ بإهمالها ـ وأهمل النسبة فيه ، وذكر في ترجمة كلّ منهما : خادماً للقبر. وبالجملة : الرجل ثبت متكلّم فقيه مناظر صاحب تصانيف عديدة لطيف الكلام جيّد النظر روى عنه العيّاشي وأكثر واعتمد حديثه»(٢).
«الحسين بن بسطام : بكسر الموحّدة وإسكان المهملة وإهمال الطاء ، وأخو أبو عتّاب : بالمهملة وتشديد الفوقية ثمّ الموحّدة.
أقول : أخوه يسمّى عبد الله كما يأتي ، وهما ابنا بسطام بن سابور الزيّات ، ولهما كتاب جمعاه في الطبّ والأطعمة ومنافعها والرقى والعوذ كثير الفوائد والمنافع»(٣).
«الحسين بن عليّ بن الحسين بن محمّد بن يوسف الوزير أبو
__________________
(١) نضد الإيضاح : ١٠٠ ـ ١٠١.
(٢) نضد الإيضاح : ١٠١.
(٣) نضد الإيضاح : ١٠٢.
القاسم المغربي من ولد بلاس : بالموحّدة والمهملة ، بن بهرام بجور : بالموحّدة وضمّ الجيم والراء أخيراً ، صاحب اختصار إصلاح المنطق.
أقول : أمّه فاطمة بنت أبي عبد الله محمّد بن إبراهيم بن جعفر النعماني ، توفّي رحمهالله للنصف من شهر رمضان سنة ثمان عشرة وأربعمائة. ثمّ أقول : بلاس ضبطه غير واحد كالشهيد الثاني بإعجام الشين ، وبجور أثبتوه بدون الموحّدة»(١).
«الحسين بن محمّد بن جعفر الخالع : بالخاء المعجمة والعين المهملة.
أقول : أبو عبد الله الشاعر الأديب»(٢).
«حفص بن غياث : بالمعجمة والتحتية والمثلّثة بعد الألف ، ابن طلق : بفتح المهملة واللام والقاف ، ابن معاوية بن مالك بن الحارث بن ثعلبة بن ربيعة بن عامر بن جشم : بضمّ الجيم وفتح المعجمة ، ابن وهبيل : بفتح الواو وإسكان الهاء وكسر الموحّدة وإسكان التحتية واللام ، ابن سعد ابن مالك بن النخع بن عمرو : بفتح العين ، ابن علم : بضمّ المهملة وفتح اللام ، ابن خالد بن مالك بن ادون : بفتح الهمزة وضمّ الدال المهملة.
أقول : ابن عمرو القاضي ، كوفيّ ، عامّي ، ولّي القضاء بشرقي بغداد لهارون الرشيد ثمّ ولاّه القضاء بالكوفة ومات بها سنة أربع وتسعين ومائة ، روى عن الصادق عليهالسلام والكاظم عليهالسلام ، له كتاب معتمد عليه»(٣).
«الحكم بن سعد : بغير ياء ، الأسدي الناشري : بالنون والشين
__________________
(١) نضد الإيضاح : ١٠٧.
(٢) نضد الإيضاح : ١٠٨.
(٣) نضد الإيضاح : ١١٣.
المعجمة والراء.
أقول : عربيّ ، قليل الحديث ، شارك أخاه مشمعلاً في كتاب الديات ومشمعل أكثر رواية منه ، عنهما عبيس بن هشام»(١).
«حمدان بن المعافا : بضمّ الميم والمهملة والفاء ، أبو جعفر الصبيحي : بفتح المهملة وكسر الموحّدة وإسكان التحتية وإهمال الحاء ، من قصر صبيح ، مولى جعفر بن محمّد.
أقول : روى عن الكاظم والرضا عليهماالسلام ، دعوا له ، ممدوح»(٢)
«حميد ـ مصغّراً ـ بن زياد بن حمّاد بن حمّاد ـ مرّتين بغير تكرار ـ بن زياد هوار : بفتح الهاء والواو بعدها والألف ثمّ الراء ، الدهقان : بكسر المهملة ، كان ثقة واقفيّاً وجهاً للواقفة.
أقول : أبو القاسم ، كوفيّ ، سكن سورة وانتقل إلى نينوى ونسب إليها ـ قرية على العلقمي إلى جانب الحائر على ساكنه السلام ـ جليل ، واسع العلم ، كثير التصانيف ، قال العلاّمة : الوجه عندي قبول روايته إذا خلت عن المعارض»(٣).
«داود بن الحصين : بضمّ المهملة وفتح الصاد وإسكان التحتية ، الأسدي.
أقول : مولاهم ، كوفيّ ، واقفيّ ، زوج خالة عليّ بن الحسن بن فضّال ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهماالسلام وكان يصحب أبا العبّاس
__________________
(١) نضد الإيضاح : ١١٤.
(٢) نضد الإيضاح : ١١٧.
(٣) نضد الإيضاح : ١١٨.
البقباق ، له كتاب ، عنه العبّاس بن عامر والقاسم بن إسماعيل»(١).
«داود بن كثير : بالمثلثة بعد الكاف ، الرقّي : بالراء المهملة المشدّدة والقاف ، ضعيف جدّاً ، يكنّى أبا خالد وأبا سليمان ، روى عنه الحمّاني : بالمهملة والميم المشدّدة والنون قبل الياء.
أقول : جعل العلاّمة الكنيتين جميعاً لداود سهو منه الصواب أنّه يكنّى أبا سليمان وأباه كثيراً يكنّى أبا خالد كما نصّ عليه هو في الخلاصة جرياً على أثر النجاشي ، وهو ابن كثير بن أبي خالدة الكوفي مولى بني أسد ، ومنهم من حذف الهاء فقال : كثير بن أبي خالد ، وأظنّه ساهياً ، قيل : إنّ داود مات بعد المائتين بقليل بعد وفاة الرضا عليهالسلام.
وأمّا روايته فجعلها النجاشي عن الكاظم والرضا عليهماالسلام ، والشيخ جعلهما عن الصادق والكاظم عليهماالسلام ، والمستفاد من تتبّع كتب الأخبار أنّه روى عن الأئمّة الثلاثة الأطهار ، ربّما سمع بإذنه عنهم عليهمالسلام جميعاً حديثاً واحداً بعينه ، كحديث من أتى قبر الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما بعرفة قلبه الله ثلج الصدر ، رواه الشيخ الصدوق النبيه في باب ثواب زيارة النبيّ(صلى الله عليه وآله) والأئمّة المعصومين صلوات الله عليهم من الفقيه ، وله أصل عن الحسن بن محبوب.
وما ذكره العلاّمة هنا في حاله من التضعيف جدّاً فغير مجزوم به عنده لما أورده في الخلاصة من أقاويل أصحاب الفنّ ثمّ رجّح قبول روايته ، حيث قال : قال الشيخ الطوسي : ثقة. وروى الكشّي من طريق يونس بن عبد الرحمن يروي عمّن ذكره عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه أمر أصحابه بأن
__________________
(١) نضد الإيضاح : ١٢٧ ـ ١٢٨.
ينزلوه منزلة المقداد من رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وكذا بحديث آخر بهذا السند أنّه من أصحاب القائم. قال أبو عمرو الكشّي رحمهالله : ويذكره الغلاة أنّه من أركانهم وتروى عنه المناكير من الغلوّ وتنسب إليه أقاويلهم ، ولم أسمع أحداً من مشايخ العصابة يطعن فيه ، وعاش إلى زمان الإمام الرضا عليهالسلام. وقال النجاشي : إنّه ضعيف جدّاً والغلاة تروي عنه. وقال أحمد بن عبد الواحد : قلّما رأيت له حديثاً سديداً. وقال الغضائري : إنّه كان فاسد المذهب ضعيف الرواية لا يلتفت إليه ، وعندي في أمره توقّف ، والأقوى قبول روايته لقول الشيخ الطوسي رحمهالله وقول الكشّي أيضاً. وقال أبو جعفر بن بابويه : روى عن الصادق وأنّه قال : أنزلوا داود الرقّي منّي بمنزلة المقداد من رسول الله(صلى الله عليه وآله). هذا آخر كلام العلاّمة في ترجمة الرجل هناك.
وأفاد الشهيد الثاني رحمهالله أنّ قوله الأقوى قبول روايته وتعليله بقول الشيخ فيه نظر بيِّن ، لأنّ الجرح مقدّم على التعديل فكيف في كون الجارح جماعة فضلاء ثقات أو إثبات»(١).
«رزيق : بضمّ الرّاء ، ابن الزبير الخلقاني : بالمعجمة المفتوحة والقاف بعد اللام وبعد الألف نون.
أقول : ربّما يوجد في بعض نسخ الإيضاح : ابن المرزوق ، مكان : ابن الزبير ، وهو من أغلاط الكتاب وتحريفاتهم كما ينادي به كلمة النسبة ، فإنّ الخلقاني هو أبو العبّاس بن الزبير بن أبي الزرقاء المكنّى بأبي العوام بته ، وابن المرزوق هو الكوفي ، ومن إثباتهما في باب الزاي زعما منه أنّ الزاي فيهما مقدّمة على الراء سها فيما أظن ، إلاّ أنّ الجزم ببطلان هذا الاحتمال
__________________
(١) نضد الإيضاح : ١٣١ ـ ١٣٢.
في ابن المرزوق خاصّة لا يخلو من إشكال ، لذهاب غير واحد من المحقّقين إليه كابن داود ، فإنّه قال في كتابه بعد أن أورده في باب الزاي : وبعض أصحابنا التبس عليه حاله فتوهّم أنّه رزيق بتقديم المهملة وأثبته في باب الراء ، وهو وهم ، وقد ذكره الشيخ أبو جعفر في الفهرست في باب الزاي ، انتهى كلامه. وهو تعريض بالعلاّمة فيما أحسب ، فإنّه أورد ابن المرزوق في باب الراء من الخلاصة ، والفاضل الاسترابادي أورد كليهما في كليهما ولم يصرّح بترجيح أحد الاحتمالين على الآخر ، والعلم عند الله»(١).
«زكريّا بن إدريس بن عبد الله بن سعد ـ بغير ياء ـ الأشعري القمّي ، أبو جرير : بفتح الجيم والتحتانية بين المهملتين.
أقول : كان وجيهاً ، يروي عن الرضا عليهالسلام ، وروي أنّه ترحّم عليه»(٢).
«سالم بن مكرم : بضمّ الميم وإسكان الكاف وفتح الراء ، ابن عبد الله أبو خديجة ـ ويقال : أبو سلمة ـ الكناسي : بضمّ الكاف والنون المهملة.
أقول : كان من أهل الكوفة ، وكناسة بالضمّ موضع بها ، وكان جمّالاً مولى بني أسد ويقال له : صاحب الغنم ، ومكرم أبوه كان يكنّى أبا سلمة ، روي أنّ سالماً حمل أبا عبد الله عليهالسلام من مكّة إلى المدينة وكانت كنيته يومئذ أبا خديجة فنهاه عليهالسلام ، فقال له : فيم أكنى. فقال له عليهالسلام : بأبي سلمة ، فتكنّى بها بعد ذلك ، ثمّ اعلم أنّ هذا الرجل غير سالم أبي خديجة الراوجني ، فإنّ ذلك ابن سلمة وهذا ابن أبي سلمة ، فلا تغفل»(٣).
«سعدان بن مسلم واسمه عبد الرحمن بن مسلم أبو الحسين
__________________
(١) نضد الإيضاح : ١٣٨ ـ ١٣٩.
(٢) نضد الإيضاح : ١٤٤ ـ ١٤٥.
(٣) نضد الإيضاح : ١٥٠ ـ ١٥١.
العامري مولى أبي العلاء كرز : بضمّ الكاف والراء ثمّ الزاي ، أبو حفيد : بالحاء المهملة المفتوحة والفاء والتحتية ، العامري من عامر بن ربيعة.
أقول : روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهماالسلام وعمّر عمراً طويلاً ، له أصل ، عنه جماعة ، منهم محمّد بن عذافر وصفوان بن يحيى ، وبعض الأصحاب كنّاه بأبي الحسن العامري مكبّراً ، والظاهر أنّه سهو»(١).
«سفيان بن إبراهيم بن مرثد : بالمثلّثة بعد الراء ، الحارثي.
أقول : وأظنّه ابن إبراهيم بن مرثد : بالزاي والمثنّاة التحتية بعدها ، الأزدي الجريري الكوفي ، وأنّه ممّا صحّف ، والعلم عند الله»(٢).
«سلام : بتخفيف اللام ، ابن أبو عبد الله الهاشمي.
أقول : له كتاب صغير رواه أبو سمينة»(٣).
«سلامة بن أبي عمرة : بفتح العين والهاء بعد الراء ، الخرساني ، ثقة.
أقول : سكن الكوفة ، والصواب : سلام ، بدون هاء بعد الميم كما ذكره غير واحد من الأصحاب تبعاً للشيخ كما نقلنا عنه في ترجمة سالم الحنّاط. ثمّ أقول : أثبته ابن داود : ابن أبي عمر وبغير هاء بعد الراء ، والظاهر أنّه سها»(٤).
«سليمان بن سفيان أبو داود المسترقّ : بضمّ الميم وإسكان المهملة وفتح الفوقية وكسر الراء وتشديد القاف ، المنشد ، وسمّي المسترقّ لأنّه كان
__________________
(١) نضد الإيضاح : ١٥٣ ـ ١٥٤.
(٢) نضد الإيضاح : ١٥٦.
(٣) نضد الإيضاح : ١٥٧.
(٤) نضد الإيضاح : ١٥٧.
يسترقّ الناس بشعر السيّد.
أقول : هو ابن سفيان بن السمط ، كوفيّ ، يروي عنه الفضل بن شاذان ، مولى بني أعين ، من كندة ثمّ بني عديّ منهم ، روى عن سفيان بن مصعب عن أبي عبد الله عليهالسلام ، وما ذكره العلاّمة هنا في كونه مسترقّاً ـ بالكسر ـ هو الذي تبعه ابن داود في كتابه وفي الخلاصة ذكر على آخر فقال : إنّما سمّي المسترقّ لأنّه كان راوية لشعر السيّد وكان يستخفّه الناس أي لإنشاده أي يرقّ على أفئدتهم. إلاّ أنّه لم يصرّح هناك لا بالفتح ولا بالكسر ، لكن شيخنا الشهيد رحمهالله أفاد في بعض ما علّق عليها أنّ هذه العلّة تدلّ على فتح الراء في المسترقّ ، والذي عندي أنّها تحتمل كسر الراء أيضاً ، فإنّ الرجل كان بإنشاده ما يسترقّه الناس ، فكان يصير هو سبباً لأن يعدّه الناس رقيقاً على أفئدتهم خفيفاً على قلوبهم غير ثقيل عليهم ، فصحّ أن يقال له المسترقّ بالكسر.
هذا ، والسيّد الذي كان سليمان ينشد شعره كثيراً حتّى صار ملقّباً بالمنشد هو السيّد إسماعيل بن محمّد أبو عامر الحميري ـ بالمهملة المكسورة والميم الساكنة والمثنّاة التحتانية والراء ـ مادح أهل البيت عليهمالسلامالذي ترحّم عليه أبو عبد الله ، ورويت حكاية عجيبة فيه هي أنّه اسود وجهه عند الموت فقال : هكذا يفعل بأوليائكم يا أمير المؤمنين؟! فابيضّ وجهه كأنّه القمر ليلة البدر ، وكان كيسانيّاً ثمّ رجع وقال بأبي جعفر عليهالسلام»(١).
«صبّاح : بتشديد الباء ، ابن صيح : بالياء ، الحذّاء الفزاري : بالفاء والزاي ، مولاهم.
__________________
(١) نضد الإيضاح : ١٦٠ ـ ١٦١.
أقول : إمام مسجد اللؤلؤ بالكوفة ، وبعضهم قال : دار اللؤلؤة ، كالعلاّمة في الخلاصة فيما رأيته من نسخها ، وليس بصواب ، إنّما الصواب دار اللؤلؤ بغير هاء كما في كتاب النجاشي وكتاب الشيخ وغيرها ، والرجل ثقة عين ، روى عن أبي عبد الله عليهالسلام ، له كتاب ، عنه جماعة ، منهم عبي بن هشام»(١).
«طلحة بن زيد أبو الخزرج : بالمعجمة والزاي والراء والجيم ، النهدي : بالنون ، الشامي ، ويقال : الحزري : بالمهملة والزاي بعدها ثمّ الراء ، عامّي.
أقول : زيديّ ، قرشيّ ، وربّما يقال مكان الحزري بالحاء المهملة : الجزري بالجيم والزاي ثمّ الراء ، روى عن الصادق عليهالسلام ، عنه محمّد بن سنان والقاسم بن إسماعيل القرشي ، قال الشيخ الطوسي رحمهالله في موضع : إنّه بتريّ ، وفي آخر : إنّه عامّي المذهب ، إلاّ أنّ كتابه معتمد»(٢).
«عامر بن واثلة : بكسر الثاء المثلّثة ، أبو الطفيل.
أقول : ابن واثلة بن الأصقع الكناني ، أدرك ثماني سنين من حياة النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، ولد عام أحد ، وكان كيسانيّاً ممّن يقول بحياة محمّد بن الحنفية وله في ذلك شعر ، وخرج تحت راية المختار بن أبي عبيدة ، وبعض الأصحاب عدّه من خواصّ عليّ عليهالسلام»(٣).
«عبد الله بن إبراهيم بن أبي عمرو ـ بالواو ـ الغفاري : بالمعجمة والفاء ، سكنه مزين : بالزاي والنون بعد الياء ، بالمدينة ، فيقال تارة :
__________________
(١) نضد الإيضاح : ١٦٩.
(٢) نضد الإيضاح : ١٧٣.
(٣) نضد الإيضاح : ١٧٥.
الغفاري ، وتارة : الأنصاري ، وأخرى : المدني.
أقول : وفي بعض النسخ من الإيضاح : المزني ، بالزاي مكان الدال»(١).
«عبد الله بن سعيد بن حيّان : بالمهملة وتشديد الياء والنون بعد الألف ، ابن أبجر : بالموحّدة والميم المفتوحة والراء ، الكناني ، أبو عمر ـ بالضمّ ـ الطبيب ، شيخ من أصحابنا ، ثقة ، وبنو أبجر ـ بالجيم ـ بيت بالكوفة أطبّاء.
أقول : أخو عبد الملك بن سعيد»(٢).
«عبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ المسمعي : بكسر الميم وإسكان السين المهملة وفتح الميم وكسر المهملة ، ضعيف ، غال ، روى عن مسمع كردين وغيره.
أقول : بصريّ ليس بشيء من كذّابة أهل البصرة ، له كتاب في الزيارات يدلّ على خبث عظيم ومذهب متهافت»(٣).
«عبد الله بن ميمون بن الأسود القدّاح : بالقاف والدال المهملة والمشدّدة والحاء المهملة ، كان يبري القداح.
أقول : معنى قوله : كان يبرئ القداح : كان ينحتها ويصلحها ويعمل لها ريشاً لتصير سهاماً يرمى بها ، والقداح جمع القدح بالكسر وهو السهم قبل أن يراش ويركب نصله ، وقد يجمع أقداح وأقاديح. والرجل مكّي مولى بني مخزوم ، روى أبوه عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام ، وروى هو
__________________
(١) نضد الإيضاح : ١٨٥ ـ ١٨٦.
(٢) نضد الإيضاح : ١٩١.
(٣) نضد الإيضاح : ١٩٢ ـ ١٩٣.
عن أبي عبد الله عليهالسلام ، له كتب ، عنه جعفر بن محمّد بن عبد الله»(١).
«عبد الله بن النجاشي : بالشين المعجمة ، ابن عثيم : بالمهملة المضمومة والمثلثة والتحتية ، ابن سمعان بن بجير : بالجيم والياء ، الأسدي النضري : بالضاد المعجمة.
أقول : أبو بجير بضمّ الموحّدة وفتح الجيم والراء بعد المثنّاة التحتية ، وربّما يثبت اسم جدّه بالغين المعجمة مكان المهملة والنون مكان المثلّثة ، والنضري ربّما يثبت بالموحّدة وإهمال الصاد. حكى بعضهم أنّ الرجل كان يرى رأي الزيدية ثمّ رجع إلى القول بإمامة الصادق عليهالسلام ، وكان قد ولي الأهواز من قبل المنصور»(٢).
«عبد الملك بن عتبة : بالتاء الفوقية المثنّاة بعد العين المضمومة والموحّدة ، الهاشمي اللهبي : بالهاء المفتوحة ثمّ الموحّدة.
أقول : فتح الهاء كما ذكره سهو منه والصواب اسكانها وكسر اللام ، منسوب إلى لهب بن أحجن بن كعب بن الحارث قبيلة تعرف بالقيافة والزجر ، والرجل غير عبد الملك بن عتبة الصيرفي الكوفي النخعي ، وذاك الصيرفي له كتاب ، واشتبه هذا على بعضهم فزعم بعض الكتاب لهذا اللهبي فنسب إليه ، وهو سهو ، والتحقيق أنّ اللهبي ليس له كتاب والكتاب إنّما هو للصيرفي»(٣).
«عليّ بن جعفر الهماني : بالنون بعد الألف ، البرمكي.
__________________
(١) نضد الإيضاح : ١٩٧ ـ ١٩٨.
(٢) نضد الإيضاح : ١٩٨ ـ ١٩٩.
(٣) نضد الإيضاح : ٢٠٠.
أقول : منسوب إلى همينا قرية من سواد بغداد»(١).
«عليّ بن حديد بن حكيم : بفتح الحاء وإسكان الياء بعد الكاف ، المدائني الأزدي الساباطي : بالسين المهملة والموحّدة والطاء المهملة.
أقول : كوفيّ ، مولى الأزد ، وكان منزله ومنشأه بالمدائن ، روى عن أبي موسى عليهالسلام ، ضعّفه الشيخ في كتاب الأخبار ، وقال الكشّي : قال نصر ابن الصباح : إنّه فطحيّ من أهل الكوفة ، وكان أدرك الرضا عليهالسلام»(٢).
«عليّ بن الحسن بن محمّد بن الجرمي : بالجيم ، الطاطري : بفتح الطائين المهملتين ، سمّي بذلك لبيعه ثياب يقال لها : الطاطرية.
أقول : جرم بالراء بعد الجيم بطنان في العرب : أحدهما في قضاعة وهو جرم بن ربان ، والآخر في طي ، وكلاهما محتملان هنا. والرجل كوفيّ يكنّى أبا الحسن ، كان فقيهاً ثقة في حديثه من أصحاب الكاظم عليهالسلام واقفيّاً من وجوه الواقفة وشيوخها شديد العناد في مذهبه ضعف على من خالفه من الإمامية ، له كتب في نصرة مذهبه ، وهو أستاذ الحسن بن محمّد بن سماعة الحضرمي ومنه تعلّم»(٣).
«عليّ بن عبد الرحمن بن عيسى بن عروة بن الجرّاح القناني : بالقاف ثمّ النون قبل الألف وبعدها ، وفي نسخة : الغناني : بالغين المعجمة.
أقول : أبو الحسن الكاتب ، كان سليم الاعتقاد وكثير الحديث ، صحيح الرواية ، مات سنة ثلاث عشرة وأربعمائة»(٤).
__________________
(١) نضد الإيضاح : ٢١٣.
(٢) نضد الإيضاح : ٢١٤.
(٣) نضد الإيضاح : ٢١٦ ـ ٢١٧.
(٤) نضد الإيضاح : ٢٢٣ ـ ٢٢٤.
«عليّ بن محمّد بن إبراهيم بن أبان الرازي الكليني المعروف بعلاّن : بالعين المهملة المفتوحة واللام المشدّدة والنون.
أقول : أبو الحسن ، ثقة عين ، له كتاب أخبار القائم عليهالسلام»(١).
«عليّ بن محمّد بن شيران : بالمعجمة والتحتية والراء والنون أخيراً ، الأبلي : بفتح الهمزة وضمّ الموحّدة وتشديد اللام ، كان أصله من كازرون ، سكن أبوه الأبلة.
أقول : الأبلة مدينة جنب البصرة من جانبها البحري ، وبعض اللغويّين جعل الهمزة فيها مضمومة أيضاً ، والرجل شيخ من أصحابنا ثقة صدوق يكنّى أبا الحسن»(٢).
«عمرو بن جميع : بضمّ الجيم وإسكان الياء بعد الميم ، الأزدي البصري.
أقول : أبو عثمان ، قاضي الريّ ، من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام»(٣).
«عمرو بن حريث : بضمّ الحاء المهملة والمثلّثة بعد الياء.
أقول : مشترك بين جماعة : منهم الذي ذكره الشيخ رحمهالله في أصحاب أمير المؤمنين عليهالسلام وقال : إنّه عدوّ الله ملعون ، ومنهم أبو خلاّد الكوفي ، ومنهم أبو محمّد الأشجعي ، ومنهم أبو أحمد الصيرفي الكوفي مولاهم ، وهذا الأخير ثقة روى عن أبي عبد الله عليهالسلام ، له كتاب ، عنه صفوان والحسن
__________________
(١) نضد الإيضاح : ٢٢٦.
(٢) نضد الإيضاح : ٢٢٨.
(٣) نضد الإيضاح : ٢٤٣.
ابن محمّد بن سماعة»(١).
«فائد : بالفاء والتحتانية والدال المهملة.
أقول : مشترك بين جماعة كوفيّين كالجمال والحنّاط والخثعمي»(٢).
«فضالة بن أيّوب : بفتح الفاء.
أقول : الأزدي ، عربيّ صميم ، سكن الأهواز»(٣).
«القاسم بن محمّد بن عليّ بن إبراهيم الهمداني : بالدال المهملة.
أقول : كان هو وأبواه وجدّاه عليّ وإبراهيم بن محمّد وكلاء الناحية. ثمّ الظاهر أنّ إهمال الدال في النسبة خطأ والصواب إعجامها كما صرّح به العلاّمة في ترجمة أبيه محمّد بن عليّ في هذا الكتاب وفي الخلاصة أيضاً ، وغيره من علماء الرجال إمّا نصّ على الإعجام أو سكت أو آثر الإهمال ، والله عليم بحقيقة الحال»(٤).
«كلثوم : بضمّ الكاف ، بنت سليم.
أقول : روت عن الرضا عليهالسلام كتاباً ، عنها محمّد بن إسماعيل بن بزيغ»(٥).
«محمّد بن أحمد بن محمّد بن عبد الله بن إسماعيل الكاتب أبو بكر ، يعرف بابن أبي الثلج بالثاء المثلّثة والجيم بعد اللام ، وأبو الثلج هو عبد الله بن إسماعيل ، ثقة ، عين ، كثير الحديث. وجدت بخطّ السيّد صفيّ
__________________
(١) نضد الإيضاح : ٢٤٣.
(٢) نضد الإيضاح : ٢٥٢.
(٣) نضد الإيضاح : ٢٥٣.
(٤) نضد الإيضاح : ٢٥٨.
(٥) نضد الإيضاح : ٢٦٠.
الدين محمّد بن معد الموسوي رحمهالله : هذا محمّد بن عبد الله بن إسماعيل بن أبي الثلج البغدادي المشهور عند أصحاب الحديث ، ويروي عن أبي الحراب وروح بن عبادة وخلف بن الوليد وغيرهم ، وحدّث عنه محمّد بن إسماعيل البخاري ، وكان يروي عنه ابنه محمّد المذكور في هذه الورقة ، ويروي عن محمّد هذا أبو الحسن الدارقطني عن جدّه محمّد بن إسماعيل ، وكتب محمّد بن معد الموسوي.
أقول : خاصّي ، سمع منه التلعكبري سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة إلى سنة خمس وعشرين وفيها مات ، وله منه إجازة»(١).
«محمّد بن بندار : بضمّ الموحّدة وإسكان النون والراء أخيراً.
أقول : مشترك بين محمّد بن أبي القاسم ماجيلويه المتقدّم ، وبين محمّد بن بندار بن عاصم الذهلي المكنّى بأبي جعفر القمّي الذي عنه الحسين بن محمّد بن عامر»(٢).
«محمّد بن تسنيم : بالفوقانية المفتوحة والمهملة الساكنة والنون المكسورة والتحتانية الساكنة ، ويكنّى تسنيم أبا يونس بن الحسن بن يونس أبو طاهر الورّاق ، كان ورّاق أبي نعيم ـ بضمّ النون ـ الفضل بن دكين : بالدال المضمومة والكاف المفتوحة والتحتانية والنون».
أقول : الحضرمي الكوفي ، ثقة ، عين ، صحيح الحديث ، روى عنه العامّة والخاصّة ، وقد كاتب أبا الحسن العسكريّ عليهالسلام ، له كتب»(٣).
«محمّد بن ثابت : بالثاء المثلّثة أوّلا ، روى عن الكاظم عليهالسلام.
__________________
(١) نضد الإيضاح : ٢٧٢ ـ ٢٧٣.
(٢) نضد الإيضاح : ٢٨٠.
(٣) نضد الإيضاح : ٢٨٠ ـ ٢٨١.
أقول : مجهول الحال ، وله نسخة يرويها عنه عليهالسلام أحمد بن محمّد بن سعيد»(١).
«محمّد بن جرير : بالجيم ، أبو جعفر الطبري ، عامّي.
أقول : هذا هو صاحب التاريخ ، وهو غير ابن جرير الطبري الآتي ، ثمّ زعم صاحب القاموس أنّ صاحب التاريخ ابن خزر بالمعجمات بدون ياء ، حيث قال في فصل الخاء من باب الزاي : ومحمّد بن خزر الطبراني له تاريخ ، وكأنّه سهو»(٢).
«محمّد بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين يلقّب ديباجة : بالدال المهملة والمثنّاة التحتانية والموحّدة والجيم.
أقول : إنّما لقّب بديباجة لحسن وجهه ، كذا قيل. وهو مدنيّ ، وله نسخة يرويها عن أبيه ، عنه أحمد بن الوليد. قال شيخنا المفيد رحمهالله في إرشاده : كان شجاعاً ، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً ، ويرى رأي الزيدية في الخروج بالسيف ، وخرج على المأمون في سنة تسع وتسعين ومائة بمكّة وتبعه جماعة ، فخرج لقتاله عيسى الجلودي ففرّق جمعه وأخذه فأنفذه إلى المأمون ، فلمّا وصل إليه أكرمه المأمون وأدنى مجلسه منه ووصله وأحسن جائزته ، وكان مقيماً معه في خراسان ، وكان المأمون يحتمل منه ما لا يحتمل سلطان من رعيّته ، وتوفّي محمّد بخراسان»(٣).
«محمّد بن الحسن بن شمّون : بالشين المعجمة والميم المشدّدة.
أقول : والنون بعد الواو ، أبو جعفر ، بغدادي ، وكان أصله بصريّ ،
__________________
(١) نضد الإيضاح : ٢٨١.
(٢) نضد الإيضاح : ٢٨١.
(٣) نضد الإيضاح : ٢٨٣.
وقف ثمّ غلا ، ضعيف جدّاً ، لا يلتفت إليه ولا إلى مصنّفاته»(١).
«محمّد بن الحسين أبي الخطّاب زيد أبو جعفر الزيّات : بالزاي ، الهمداني : بالدال المهملة.
أقول : من أصحاب الجواد عليهالسلام ، جليل من أصحابنا ، عظيم القدر ، كثير الرواية ، ثقة ، عين ، حسن التصانيف ، مسكون إلى روايته ، مات سنة اثنتين وستّين ومائتين»(٢).
«محمّد بن حمران : بالحاء المهملة المضمومة.
أقول : مشترك بين جماعة : كأبي جعفر النهدي ، ومولى بني فهر الكوفي ، وأبن أعين الشيباني»(٣).
«محمّد بن العبّاس بن عليّ بن مروان بن الماهيار : بالمثنّاة التحتية والراء أخيراً ، أبو عبد الله البزّاز : بالزائين المعجمتين ، المعروف بابن الحجّام : بالجيم قبل الحاء والمهملة.
أقول : ثقة ثقة ، من أصحابنا ، عين ، سديد ، كثير الحديث ، له كتاب ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهمالسلام ، وهو كتاب جيّد»(٤).
«محمّد بن عبد الله بن جعفر بن الحسين بن جامع بن مالك الحميري : بالحاء المهملة والتحتانية المفتوحة بعد الميم الساكنة ، أبو جعفر القمّي ، كان ثقة وجهاً ، كاتب صاحب الأمر ، سأله عن مسائل في أبواب الشريعة ، قال أحمد بن الحسين : وقعت هذه المسائل التي في أصلها
__________________
(١) نضد الإيضاح : ٢٨٥.
(٢) نضد الإيضاح : ٢٨٩.
(٣) نضد الإيضاح : ٢٩٠ ـ ٢٩١.
(٤) نضد الإيضاح : ٢٩٦.
والتوقيعات بين السطور.
أقول : كان له أخوة : جعفر والحسين وأحمد ، كلّهم كان له مكاتبة»(١).
«محمّد بن عبد الله بن عمرو بن سالم ، وقيل : سليم : بضمّ السين والياء الساكنة بعد اللام ، ابن لاحق أبو عبد الله اللاحقي الصفّار ، وقيل : العطّار.
أقول : روى عن الرضا عليهالسلام»(٢).
«محمّد بن عليّ بن أبي شعبة : بضمّ الشين المعجمة وإسكان العين المهملة وفتح الباء الموحّدة.
أقول : الحلبي ، أبو جعفر ، وجه أصحابنا وفقيههم والثقة الذي لا يطعن عليه هو وأخوته عبد الله وعمران وعبد الأعلى»(٣).
«محمّد بن عليّ بن الفضل بن تمام بن سكين : بضمّ السين ، ابن بنداذ : بالذال المعجمة بعد الألف ، ابن داذمهز بن فرّخ زاذ : بالفاء والراء والخاء المعجمة والزاي والذال المعجمة بعد الألف ، ابن مناذرماه : بالنون بعد الميم والذال المعجمة بعد الألف ، ابن شهريار الأصغر.
أقول : سكين : بالسين المهملة والكاف والنون بعد التحتية والمثنّاة ، وأبو بنداذ : بالنون الساكنة بعد الموحّدة المضمومة والدال المهملة قبل الألف ، وأبوه داذمهز : بالدال المهملة قبل الألف والذال المعجمة بعدها الميم والهاء والزاي أخيراً ، وقيل : الفاء مكان الميم والدال المهملة مكان
__________________
(١) نضد الإيضاح : ٢٩٨.
(٢) نضد الإيضاح : ٢٩٩.
(٣) نضد الإيضاح : ٣٠٣.
الزاي ، ومياذرماه : بالمثنّاة التحتانية بعد الميم وقبل الألف الأوليين كما ضبطه في الخلاصة لعلّه أصوب من النون كما جعله هنا ، وشهريار بالشين المعجمة والهاء والراء قبل المثنّاة التحتانية وبعدها الألف ثمّ الراء أخيراً ، والرجل أبو الحسين الدهقان الكوفي ، كان ثقة عيناً صحيح الاعتقاد وجيّد التصنيف عند التلعكبري»(١).
«محمّد بن عليّ بن النعمان : بضمّ النون ، ابن أبي طريفة : بالطاء المهملة والفاء.
أقول : أبو جعفر الأحول ، مولى بجيلة ، من أصحاب الإمام الكاظم عليهالسلام ، كوفيّ صيرفيّ ، وكان يلقّب بمؤمن الطاق ، ويقال له : الطاقي وصاحب الطاق أيضاً ، لأنّ دكّانه كان في طاق المحامل بالكوفة ، وربّما يذكر له وجه آخر ، والمخالفون يلقّبونه بشيطان الطاق ، كان كثير العلم وافر الفضل ثقة ، ورد فيه روايات تدلّ على جودة ذهنه وقوّة مناظرته ، حكي أنّ أبا حنيفة قال له بعد موت مولانا أبي جعفر عليهالسلام : إنّ إمامك قد مات ، فقال له أبو جعفر : لكن إمامك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم»(٢).
«محمّد بن عمر : بضمّ العين ، ابن محمّد بن سالم بن البراء بن سبرة : بفتح السين المهملة وإسكان الموحّدة وفتح الراء ، ابن سيّار : بفتح المهملة وتشديد الياء والراء أخيراً ، التميمي المعروف بالجعابي : بالباء بعد الألف والجيم المكسورة وبعدها العين المهملة.
أقول : أثبته في الخلاصة : ابن عمر بن محمّد بن مسلم ، وكأنّه لمّا
__________________
(١) نضد الإيضاح : ٣٠٦ ـ ٣٠٧.
(٢) نضد الإيضاح : ٣٠٨ ، ويشير بذلك إلى الشيطان الرجيم.
رأى في كتاب النجاشي سالماً مكتوباً بغير ألف كما يكتب على رسم الخطّ زعمه سلماً فاحتاط واحترز من أن يتوهّم فيتوهّم فيجعله مسلماً بالميم بغير ميم قبل السين ، ومنهم من أثبته ابن محمّد بن سلام بتقديم اللام على الألف ، ثمّ ما أثبته العلاّمة طاب ثراه في الكتابين جميعاً من كون جدّ الرجل سيّار ليس بصحيح ، والصواب أنّه يسار بتقديم المثنّاة التحتانية على الرجل يكنّى أبا بكر القاضي الحافظ ، كان يدعى بابن الجعابي بالباء المفردة بعد الألف ، بغدادي ، وكان من حفّاظ الحديث الناقدين له العالمين به»(١).
«محمّد بن محمّد بن النعمان بن عبد السلام بن جابر بن النعمان بن سعيد : بالياء ، ابن جبير : بالباء الموحّدة بعد الجيم ثمّ المثنّاة التحتانية ، ابن وهيب : بضمّ الواو ، ابن هلال بن إدريس بن سعيد : بالياء ، ابن سنان بن عبد الدار بن الريّان بن فطر : بكسر الفاء وإسكان الطاء ، ابن زياد بن الحارث بن مالك بن ربيعة : بن كعيب : بالياء ، بن الحارث بن كعب بن علة : بالعين المهملة المضمومة واللام المخفّفة ، ابن خالد بن مالك بن أدد : بضمّ الدال المهملة ، ابن زيد بن يشجب : بفتح المثنّاة التحتية وإسكان الشين المعجمة والجيم والموحّدة ، ابن غريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، شيخنا المفيد قدّس الله روحه ونوّر ضريحه.
أقول : أبو عبد الله يعرف بابن المعلّم ، شيخ متكلّمي الإمامية وفقهائها ، انتهت رياستهم إليه في عصره في العلم والفقه ، له قريب من مائتي مصنّف ، مات قدّس الله روحه ليلة الجمعة لثلاث خلون من شهر
__________________
(١) نضد الإيضاح : ٣٠٩ ـ ٣١٠.
رمضان سنة ثلاث عشرة وأربعمائة ، وكان مولده الحادي عشر من ذي القعدة سنة ستّة وثلاثين وثلثمائة ـ وقيل : ثمان وثلاثين ـ وصلّى عليه الشريف المرتضى أبو القاسم عليّ بن الحسين بميدان الأشنان ، وضاق على الناس مع كبره ، ودفن في داره سنين ثمّ نقل إلى المشهد الشريف الكاظمي على مشرّفه السلام ، ودفن قريباً من رجلي الجواد عليهالسلام إلى جانب شيخه أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه»(١).
«محمّد بن مسلم بن رباح : بفتح الراء الموحّدة ، أبو جعفر الأوقص : بالقاف والصاد المهملة ، الطحّان ، وقيل : السمّان.
أقول : الثقفي مولاهم ، الأعور ، وجه أصحابنا بالكوفة ، فقيه ، ورع ، صاحب أبا جعفر وأبا عبد الله عليهماالسلام وروى عنهما ، وكان من أفقه الناس ، ورد في كبر شأنه وعظم قدره روايات ، وأروى الناس عنه العلاء بن رزين القلاّء»(٢).
«ميثم : بكسر الميم ، ابن يحيى.
أقول : التمّار ، من أصحاب أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهمالسلام ، مشكور ، وروى العقيقي أنّ أبا جعفر عليهالسلام كان يحبّه حبّاً شديداً وأنّه كان مؤمناً شاكراً في الرخاء صابراً في البلاء.
وفي كتاب الإرشاد لشيخنا المفيد طاب ثراه أنّه كان عبداً لامرأة من بني أسد فاشتراه أمير المؤمنين عليهالسلام وقال له : ما اسمك؟ قال : سالم ، قال : أخبرني رسول الله(صلى الله عليه وآله) أنّ اسمك الذي سمّاك به أبواك في العجم ميثم ،
__________________
(١) نضد الإيضاح : ٣١٤ ـ ٣١٦.
(٢) نضد الإيضاح : ٣٢٠ ـ ٣٢١.
قال : صدق الله ورسوله صدقت أمير المؤمنين والله إنّه لإسمي ، قال : فارجع إلى اسمك الذي سمّاك رسول الله(صلى الله عليه وآله) ودع سالما ، فرجع إلى ميثم واكتنى بأبي سالم ، فقال له عليهالسلام ذات مرّة : إنّك تؤخذ بعدي وتصلب وتطعن بحربة فإذا كان اليوم الثالث ابتدر منخراك وفمك دماً فتخضب لحيتك فانتظر ذلك الخضاب ، وتصلب على دار عمرو بن حريث عاشر عشرة أنت أقصرهم خشبة وأقربهم إلى المطهرة ، فامض حتّى أُريك النخلة التي تصلب على جذعها ، فأراه إيّاها ، وكان ميثم يأتيها فيصلّي عندها ويقول : بوركت من نخلة لك خلقت ولي غذيت ، فلم يزل يتعاهدها حتّى قطعت وحتّى عرف الموضع الذي يصلب عليه بالكوفة ... إلى أن قال الراوي : فقدم ميثم إلى الكوفة فأخذه عبيد الله فأدخل عليه فقيل : هذا كان من آثر الناس عند عليّ ، فقال له عبيد الله بن زياد : أين ربّك؟ قال : بالمرصاد لكلّ ظالم وأنت أحد الظلمة ، قال : إنّك على عجمتك لتبلغ الذي تريد! ممّا أخبرك صاحبك أنّي فاعل بك؟ قال : أخبرني أنّك تصلبني عاشر عشرة أنا أقصرهم خشبة وأقربهم إلى المطهرة ، قال لنخالفنّه؟! قال كيف تخالفه؟ فوالله ما أخبرني إلاّ عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) عن جبرائيل عن الله ، وكيف تخالف هؤلاء؟! ولقد عرفت الموضع الذي أصلب عليه أين هو من الكوفة ، وأنا أوّل خلق الله أُلجم في الإسلام. فحبسه وحبس معه المختار بن أبي عبيدة. قال ميثم للمختار : إنّك تفلت وتخرج ثائراً بدم الحسين بن عليّ عليهالسلام فتقتل هذا الذي يقتلنا ، فلمّا دعا عبيد الله بالمختار ليقتله طلع بريد بكتاب يزيد إلى عبيد الله يأمره بتخلية سبيله فخلاّه ، وأمر بميثم أن يصلب فأخرج ، فقال رجل لقيه : ما كان أغناك عن هذا يا ميثم ، فتبسّم وهو يومي إلى النخلة : لها خلقت ولي غذيت ، فلمّا رفع على الخشبة اجتمع الناس
حوله على باب عمرو بن حريث فجعل يحدّث بفضائل بني هاشم ، فقيل لابن زياد : قد فضحكم هذا العبد ، فقال : ألجموه ، فكان أوّل خلق أُلجم في الإسلام. وكان مقتل ميثم رحمهالله قبل قدوم الإمام الحسين بن عليّ عليهماالسلام العراق بعشرة أيام ، فلمّا كان اليوم الثالث من صلبه طعن بحربة فكبّر ثمّ انبعث في آخر النهار فمه وأنفه دماً ، والله أعلم»(١).
«هارون بن عبد العزيز أبو عليّ الأراجني : بفتح الهمزة والراء والألف والجيم والنون.
أقول : الكاتب ، مصري ، كان وجهاً في زمانه ، مدحه المتنبّي ، وله ابن اسمه عليّ ، وكان حسن التخصيص بمذهبنا ، له كتاب الردّ على الواقفة(٢).
«يحيى بن زكريّا الترماشيري : بالمثنّاة الفوقية والواو والشين المعجمة والتحتية والراء بعدها.
أقول : أبو الحسن ، مضطرباً وفي مذهبه ارتفاع»(٣).
«يعقوب بن شيبة : بالشين المعجمة والمثنّاة التحتية والموحّدة ، من العامّة.
أقول : عن النجاشي أنّ الرجل صاحب حديث من العامّة غير أنّه صنّف مسند أمير المؤمنين عليهالسلام»(٤).
«يونس بن يعقوب بن قيس أبو عليّ الجلاب : بالجيم والباء ،
__________________
(١) نضد الإيضاح : ٣٤٤ ـ ٣٤٦.
(٢) نضد الإيضاح : ٣٥٢.
(٣) نضد الإيضاح : ٣٦١.
(٤) نضد الإيضاح : ٣٦٥.
البجلي الدهني : بالدال المضمومة المهملة والنون ، أمّه منيّة : بضم الميم وفتح النون وتشديد الياء ، أخت معاوية بن عمّار.
أقول : كوفيّ ، فطحيّ هو وأخوه يوسف كما قاله شيخنا الصدوق أبو جعفر بن بابويه طاب ثراه ، والشيخ الطوسي رحمهالله وثّقه في عدّة مواضع ، وربّما يقال : إنّه رجع عن القول بعبد الله ، والعلم عند الله»(١).
__________________
(١) نضد الإيضاح : ٣٦٨.
الفصل الثالث
حاشية الشهيد الثاني على رجال ابن داود
قسّم الشهيد الثاني حاشيته على رجال ابن داود حسب أقسام الأخير ، وعلّق على ثلاثة وثلاثين رجلاً من الجزء الأوّل الخاصّ بالممدوحين ، وعلّق على خمسة رجال من الجزء الثاني الخاصّ بالمجروحين والمجهولين(١). وأضاف رجلين إلى قسم الممدوحين لأنّ ابن داود لم يترجم لهما(٢).
وسوف نأتي على القسم الأكبر من حاشية الشهيد الثاني على رجال ابن داود ، وهي :
«قوله(٣) : آدم بن الحسين النخّاس ...
قلت(٤) : فمن أثبته كذلك العلاّمة في الخلاصة ، وأمّا في إيضاح الاشتباه فذكره النخّاس وضبطه بالأحرف»(٥).
«قوله : أبان بن تغلب ... قال أبو جعفر عليهالسلام : اجلس في مسجد
__________________
(١) حاشية رجال ابن داود :.
(٢) ينظر : حاشية رجال ابن داود : ١٧ ، والرجل الأوّل هو محمّد بن عبد الجبّار ، وهو ثقة جليل ، والثاني هو الحسين بن عليّ البزوفري وسوف يأتي تفصيله ، ينظر : حاشية رجال ابن داود : ٩.
(٣) لفظة (قوله) في الحاشية تدلّ على بداية كلام ابن داود.
(٤) لفظة (قلت) تدلّ على بداية كلام الشهيد الثاني وتعليقه.
(٥) حاشية رجال ابن داود : ٣.
الكوفة وافت الناس.
قلت : مسجد المدينة في الخلاصة وكتاب الشيخ»(١).
«قوله : إبراهيم بن عثمان.
قلت : ظاهر الحال أنّ إبراهيم بن عثمان هذا هو إبراهيم بن زياد السابق الذي نقل فيه قولاً أنّه ابن عثمان ، وابن عيسى هذا هو الذي تقتضيه طبقته وكلام غيره من علماء الفنّ ، والله أعلم»(٢).
«قوله : إبراهيم بن مهزيار أبو إسحاق الأهوازي ...
قلت : نقله عن الكشّي مدحه يقتضي دخوله في الحسن ، والحقّ أنّ الكشّي ما مدحه وإنّما نقل عنه رواية توهم المصنّف منها مدحه وليست دالّة عليه ، مع ضعف طريقها جدّاً»(٣).
«قوله : أسيد ـ بالفتح فالكسر ـ بن حضير ـ بالحاء المهملة المضمومة ، وقيل : بالمعجمة فالضاد المعجمة المفتوحة ـ بن سماك أبو يحيى ، ويقال : أبو عتيك.
قلت : في كتاب الشيخ : عبيد»(٤).
«قوله : جابر بن عبد الله بن عمرو بن حزام الأنصاري ... مات سنة ثمان وسبعين.
قلت : وسنّه أربع وتسعون سنة ، وكان قد ذهب بصره»(٥).
__________________
(١) حاشية رجال ابن داود : ٣ ـ ٤.
(٢) حاشية رجال ابن داود : ٤.
(٣) حاشية رجال ابن داود : ٤ ـ ٥.
(٤) حاشية رجال ابن داود : ٥.
(٥) حاشية رجال ابن داود : ٥.
«قوله : الحارث بن غضين ... ورأيت في تصنيف بعض الأصحاب بالصاد المهملة ...
قلت : هو العلاّمة في الخلاصة»(١).
«قوله : الحسن بن محمّد بن حمزة الحسيني الطبري.
قلت : كذا في كتاب الشيخ رحمهالله : الحسن بن محمّد بن حمزة ، والموجود في كتب الرجال : الحسن بن حمزة ، بغير توسّط محمّد بينهما ، وهو الموافق لما في كتب النسب ، والظاهر أنّ توسّط محمّد سهو ، ولعلّ منشأه أنّ كنيته أبو محمّد فصحّف : ابن محمّد»(٢).
«قوله : الحسين بن اسكيب ... الحسين بن إشكيب.
قلت : في الخلاصة جعلهما واحداً ـ أعني هذا الذي بالمهملة والذي يأتي بالمعجمة ـ وأنّه خادم القبر»(٣).
«قوله : الحسين بن أسد البصري (دي) (جخ) : ثقة صحيح ، إلاّ أنّ (غض) قال : يروي عن الضعفاء ...
قلت : جعل المصنّف الحسين بن أسد من رواة الهادي عليهالسلام ونقل عن ابن الغاضري ما نقل من تضعيفه ، وكلا الأمرين مشكل ؛ لأنّ المعروف كونه من رجال الجواد عليهالسلام ، ذكر ذلك الشيخ الطوسي والعلاّمة في الخلاصة والسيّد جمال الدين بن طاووس في كتابه ، وأمّا ما نقله عن ابن الغضائري فإنّما وقع عن الحسن بن أسد لا عن الحسين ، ونقله جماعة عن ابن
__________________
(١) حاشية رجال ابن داود : ٥ ـ ٦.
(٢) حاشية رجال ابن داود : ٦.
(٣) حاشية رجال ابن داود : ٨.
الغضائري كما نقلناه عنه»(١).
«قوله : الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم الغضائري ... عالم بالرجال ، شيخنا ، وروى عنه الشيخ سماعاً وأجازه.
قلت : لم نجده في الفهرست أصلاً ، وقد ذكر الشيخ أنّه ذكره في الفهرست ، ولعلّ المصنّف قلّده فيه ولم يجد»(٢).
«قوله : الحسين بن عليّ البزوفري.
قلت : بقي على المصنّف الحسين بن عليّ البزوفري ، فإنّه ثقة جليل ولم يذكره ، وذكر الشيخ في كتاب الرجال أنّ له مصنّفات ذكرها في الفهرست ، مع أنّه لم يذكره أيضاً»(٣).
«قوله : حمّاد بن عثمان الناب ... كان يسكن عرزم فنسب إليها ... مات سنة تسعين ومائة بالكوفة.
قلت : قوله : كان يسكن ... إلى قوله : مات سنة تسعين ومائة ، لا محلّ له هنا ، والصواب تأخيره إلى حكم حمّاد بن عثمان الفزاري الذي بعده ، لأنّه عرزمي ، وأخوه عبد الملك كما ذكر المصنّف هنا ، وأمّا حمّاد الناب فأخوه الحسين كما ذكره هو وغيره ، وله أخ آخر اسمه جعفر ، ولعلّ هذا الكلام كان مردوداً بخطّ المصنّف فاشتبه محلّه على الناقل ، والصواب تأخيره كما ذكرناه»(٤).
«قوله : حمّاد بن عيسى أبو محمّد الجهني ... أصله كوفيّ ... بقي
__________________
(١) حاشية رجال ابن داود : ٨.
(٢) حاشية رجال ابن داود : ٩.
(٣) حاشية رجال ابن داود : ٩ ـ ١٠ ، وهو اضافة على رجال ابن داود.
(٤) حاشية رجال ابن داود : ١٠.
إلى زمن الرضا عليهالسلام.
قلت : صوابه : أبو عبد الله عليهالسلام ، لأنّ ذلك هو المذكور في كتاب الكشّي ، وذلك سيأتي في آخر القسم الثاني : حمّاد بن عيسى روى عن الصادق عليهالسلام عشرين حديثاً»(١).
«قوله : حميد ـ بضمّ الحاء ـ بن حمّاد بن حوار ـ بضمّ الحاء المهملة والراء ـ التميمي الكوفي (لم) (عق) ثقة.
قلت : كذا وجدناه (عق) في نسخة ، وأمّا في الخلاصة فنسب توثيقه إلى ابن عقدة ، وليس (عق) علامته بل علامة العقيقي»(٢).
«قوله : خالد بن ماد ـ بتشديد الدال المهملة ـ القلانسي (ق) (م) ثقة. واشتبه على بعض الأصحاب فقال : خالد بن زياد ، ثمّ رآه في نسخة أخرى بغير زاي فتوهّم الميم باء فقال : ابن باد ، وكلاهما غلط ، وقد ذكره الشيخ في كتابه كما قلنا.
قلت : هو العلاّمة في الخلاصة ذكر فيها القولين معاً ، وما ضبطه هنا صحّحه العلاّمة في الخلاصة»(٣).
قوله : عبد الله بن الحسين بن سعد القطربلي : بضمّ القاف وسكون الطاء المهملة وضمّ الرّاء وتشديد الباء وضمّها ...
قلت : في كتاب النجاشي وغيره : القطربلي ، بغير تضعيف»(٤).
«قوله : عبد الله بن العلاء المذاري أبو محمّد (جش) ثقة من وجوه
__________________
(١) حاشية رجال ابن داود : ١٠ ـ ١١.
(٢) حاشية رجال ابن داود : ١١.
(٣) حاشية رجال ابن داود : ١١ ـ ١٢.
(٤) حاشية رجال ابن داود : ١٢.
أصحابنا.
قلت : الموجود في كتاب النجاشي : عبد الله بن أبي العلاء ، وهو المتقدّم في أوّل باب عبد الله ، والعبارة عن الرجل واحدة في كتاب النجاشي إلاّ أنّه لم يذكر ابن العلاء بغير لفظ (أبي) ولا ذكره غيره من أصحاب الرجال ، وما كان في نسخة من (كش) غلط أيضاً ؛ لأنّه لم يوجد من الكشّي ، وأيضاً فكتاب الكشّي لا يتعلّق بالتوثيق كما ذكره هنا ، فاللازم الاقتصار على (ابن أبي العلاء) المتقدّم وترك هذا ، وكأنّ المصنّف وجده في بعض الكتب محذوف (أبي) سهواً فظنّه مغايراً للأوّل ، وليس كذلك»(١).
«قوله : عبد الغفّار بن حبيب الطائي الجازي : بالجيم والزاي من أهل الجازية قرية بالنهرين ، ورأيت بخطّ الشيخ أبي جعفر في كتاب الرجال : عبد الغفّار بن حبيب الحارثي ...
قلت : الذي وجدناه في نسخة معتبرة لكتاب الشيخ : عبد الغفار بن حبيب الجازي الحارثي ، فجمع بين الأمرين ، ولا منافاة بينهما. ويظهر من المصنّف أنّ الشيخ اقتصر على الأوّل ، وليس كذلك»(٢).
«قوله : عبد الملك بن عمرو (كش) ثقة.
قلت : نقله عن الكشّي توثيقه ليس بسديد ، وإنّما نقل عنه مدحاً ليس بالقويّ ، ولم يذكره غير الكشّي من أصحاب الرجال ولا وثّقه أحد»(٣).
«قوله : عليّ بن أبي شجرة : بالشين المعجمة والجيم ... وأخوه
__________________
(١) حاشية رجال ابن داود : ١٢ ـ ١٣.
(٢) حاشية رجال ابن داود : ١٢ ـ ١٣.
(٣) حاشية رجال ابن داود : ١٣ ـ ١٤.
الحسن بن شجرة ، وكلّهم ثقات.
قلت : صوابه ابن شجرة كما ذكره غيره وذكره هو في باب الشين ، وكان حقّه أن يؤخّره إلى باب الشين من الأب على عادته ، وقد تقدّم في الكتاب ذكر أخيه الحسن بن شجرة على الصواب ، وكذلك ذكره أخاه هنا على الصواب»(١).
«قوله : عليّ بن عبد الله بن الحسين العطّار ...
قلت : في كتاب النجاشي وأكثر نسخ الخلاصة : أبو الحسن»(٢).
«قوله : عليّ بن يقطين بن موسى البغدادي ... مات في أيّام موسى عليهالسلام سنة اثنتين وثمانين ومائة ببغداد في سجن هارون في مدّة أربع سنين ...
قلت : صوابه : وموسى عليهالسلام في سجن هارون الرشيد وبقي أربع سنين ، كما سيأتي»(٣).
«قوله : عمر بن محمّد عبد الرحمن بن أذينة.
قلت : الذي يظهر بالاعتبار أنّ عمر بن محمّد بن أذينة هو عمر بن أذينة السابق ولكن الشيخ أبا جعفر الطوسي ذكر في كتابه عمر بن أذينة ولم يذكر عمر بن محمّد ، وكذلك الكشّي. وأمّا النجاشي فذكر عمر بن محمّد ابن عبد الرحمن بن أذينة ، ولم يذكر عمر بن أذينة ، فجمع المصنّف بين الرجلين ظنّاً منه أنّهما اثنان ، والظاهر أنّ الشيخ والكشّي نسباه إلى جدّه أذينة لكونه من الأسماء المختصّة وتركا الاسم المشترك ، والشيخ جمال
__________________
(١) حاشية رجال ابن داود : ١٤.
(٢) حاشية رجال ابن داود : ١٤.
(٣) حاشية رجال ابن داود : ١٤ ـ ١٥.
الدين في الخلاصة أيضاً جعلهما واحداً ، وهو أظهر. وفي كلام المصنّف أمر آخر ، وهو أنّه ذكر أنّ عمر بن أذينة السابق لم يرو عن الأئمّة مع أنّ الشيخ في كتاب الرجال جعله من أصحاب الصادق عليهالسلام ، وفي الفهرست روى كتابه بإسناده عن ابن أبي عمير عنه ، وهو يقتضي كونه من رجال الصادق عليهالسلام أيضاً ، والكشّي ذكر أنّه هرب من المهدي ، وهو يناسب كونه من رجال الصادق عليهالسلام أيضاً ، فقوله : (لم) ينبغي تركه»(١).
«قوله : عيسى بن عبد الله القمّي ، ثقة.
قلت : في نقله التوثيق عن الكشّي نظر ؛ لأنّ الكشّي لم يوثّقه بل اقتصر على نقل حديث التقبيل بين عينيه ، وهو بمعزل عن الدلالة على التوثيق كما لا يخفى»(٢).
«قوله : محمّد بن أحمد بن محمّد بن الحارث أبو الحسن الخطيب بساوة المعروف بالحارثي (لم) (جش) وجه من أصحابنا ، ثقة.
قلت : هذا هو الذي تقدّم في الترجمة السابقة ، ونقل المصنّف فيما سبق عن الشيخ أنّ له كتاباً في الإمامة ، وهنا نقل عن النجاشي توثيقه»(٣).
«قوله : محمّد بن عبد الحميد بن سالم العطّار أبو جعفر (لم) (جش) روى عبد الحميد عن أبي الحسن موسى عليهالسلام.
قلت : هذا الكلام مختبط ، لأنّ محمّد بن عبد الحميد بن سالم الأوّل هو الذي ذكره ثانياً ووثقه. وأيضاً قوله : روى عن أبي الحسن عليهالسلام ، ينافي
__________________
(١) حاشية رجال ابن داود : ١٥ ـ ١٦.
(٢) حاشية رجال ابن داود : ١٦.
(٣) حاشية رجال ابن داود : ١٧.
قوله : (لم)»(١).
«قوله : محمّد بن عبد الحميد بن قبة الرازي.
قلت : في الخلاصة والإيضاح : عبد الرحمن»(٢).
«قوله : وهيب بن حفص النخّاس (لم) (جش) له كتاب ، ذكره سعد.
قلت : الذي ذكره النجاشي في وهيب بن حفص أنّه روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهماالسلام ووقف عليه وكان ثقة ، والمصنّف رحمهالله ذكر أنّه لم يرو عن الأئمّة ، فخالف النجاشي في ذلك ، وخالف في نقله عنه ما ذكره النجاشي.
ونسبته إلى سعد ما ذكر غريب أيضاً ؛ لأنّ سعداً ليس من أصحاب الرجال ، وكان نسبة ما ذكره النجاشي إليه أولى»(٣).
«قوله : يحيى بن الحجّاج الكرخي ، بغدادي ، (ق) (كش) ثقة هو وأخوه خالد.
قلت : ينبغي تأمّل ما ذكره في يحيى بن خالد ؛ فإنّ الظاهر أنّه هو يحيى بن خلف الآتي ؛ فإنّ النجاشي في كتابه لم يذكر غيره ، وكذا غيره»(٤).
«قوله : الحسن بن أحمد بن أبي قاسم ...
__________________
(١) حاشية رجال ابن داود : ١٧ ـ ١٨.
(٢) حاشية رجال ابن داود : ١٨.
(٣) حاشية رجال ابن داود : ١٨ ـ ١٩.
(٤) حاشية رجال ابن داود : ١٩.
قلت : ليس في كتب النسب : أبي القاسم ، بل اسمه القاسم»(١).
«قوله : محمّد بن عيسى بن عبيد بن يقطين ... استثناه (يو) من رجال نوادر الحكمة وقال : لا أروي ما يختص بروايته ...
قلت : المستثني له هو الصدوق ابن بابويه كما ذكره غيره ، فكأنّ الرمز (يو) ينبغي أن يكون (بو) بالباء الموحّدة ، وقد رمز له في أوّل الكتاب (يه)»(٢).
«قوله : يونس بن عبد الرحمن ...كتب يونس التي هي بالروايات صحيحة معتمد عليها إلاّ ما يتفرّد به محمّد بن عيسى بن عبيد عن يونس ولم يروه غيره ، فإنّه لا يعتمد عليه ولا يفتى به ، (كش) فطحيّ.
قلت : هنا غلط منه ، والفطحي هو يونس(٣) لا ابن عبد الرحمن ، فكأنّه سها عن ابن يعقوب في النسخة»(٤).
«قوله : عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال.
قلت : كان فقيه أصحابنا ووجههم والمسموع قوله ، وسمع منه شيء كثير ، ولم يعثر منه على زلّة ولا ما يشينه(٥).
قوله : بسر بن أرطاة ـ وقيل : ابن أبي أرطاة ـ القرشي ...ست».
قلت : بضمّ الباء المفردة والسين المهملة ، لعنه الله»(٦).
__________________
(١) حاشية رجال ابن داود : ٢٠.
(٢) حاشية رجال ابن داود : ٢٠.
(٣) هنا بياض في المخطوط ، ولعلّ المقصود يونس بن يعقوب بقرينة قوله فيما بعد : فكأنّه سها عن ابن يعقوب ، هذا ما أفاده المحقّق.
(٤) حاشية رجال ابن داود : ٢١.
(٥) حاشية رجال ابن داود : ٢١.
(٦) حاشية رجال ابن داود : ٢١.
تقييمات أهل الاختصاص لجهد ابن داود الحلّي الرجالي :
على الرغم من المكانة التي احتلّها ابن داود الحلّي وكثرة تأليفاته نظماً وشعراً إلاّ أنّه لم يصل إلينا ـ ولسوء الحظّ ـ كتاب يتيم واحد هو رجال ابن داود ، وكان لأهل الاختصاص آراء جمّة في هذا الكتاب ، كما اتسمت هذه الآراء بالتباين والاختصار.
منها ما ذكره النوري بقوله : «... صاحب التصانيف الكثيرة والتي منها كتاب الرجال»(١).
وقال آخر متكلّماً عن ابن داود : «رئيس أهل الأدب ورأس الرتب العالم الفاضل الرجالي النبيل المعروف بابن داود صاحب كتاب الرجال»(٢).
وقال صاحب الكنى : «... الفقيه المتبحّر صاحب كتاب الرجال ونظم التبصرة وغيرهما ممّا ينوف على الثلاثين»(٣).
ويدلّ الاقتصار على ذكر كتاب الرجال من دون كتبه الأخرى عند التعريف بابن داود دلالة واضحة على اهتمام المختصّين بهذا الكتاب وعدِّه دالّة على ابن داود على الرغم من تصنيفاته الأخرى المذكورة في متون الكتب.
وذكر الحرّ العاملي قول الشهيد الثاني عند ذكره رجال ابن داود : «سلك فيه مسلكاً لم يسبقه أحد من الأصحاب»(٤).
وجمع ما وصل إليه من كتب الرجال مع حسن الترتيب وزيادة
__________________
(١) مستدرك الوسائل : ٤٤٢.
(٢) رياض العلماء ١/٢٥٧.
(٣) الكنى والألقاب ١/٢٧١.
(٤) تذكرة المتبحّرين : ١٩٦.
التهذيب ، فنقل ما في فهرست الشيخ والنجاشي ورجال الكشّي والشيخ ابن الغضائري والبرقي والعقيقي وابن عقدة والفضل بن شاذان وابن عبدون(١). وجعل لكلّ كتاب علامة ، ولم يذكر المتأخّرين عن الشيخ إلاّ أسماء يسيرة(٢).
وجعل كتابه في جزأين : الأوّل يختصّ بذكر الموثّقين والمهملين ، والثاني بالمجروحين والمجهولين(٣).
ورتّب الكتاب على الحرف الأوّل فالأوّل من الأسماء وأسماء الآباء والأجداد ، وجمع ما وصل إليه من كتب الرجال(٤) ... وهو كتاب حسن الترتيب إلاّ أنّ فيه أغلاطاً كبيرة(٥). وقد أحصى المحقّق الكلباسي هذه الأغلاط(٦).
وأشار صاحب أمل الآمل إلى أنّ هذه الأغلاط هي اعتراضاته على العلاّمة الحلّي وتعريضاته(٧). وعلّل السيّد محسن الأمين هذه الأغلاط بسبب قلّة المراجعة وإمعان النظر(٨).
أمّا الحائري فيرى أنّ سبب الأغلاط هو الخبط وعدم الضبط ، فنراه
__________________
(١) كلّيات علم الرجال : ١١٤.
(٢) أمل الآمل ٢/٧١ ، كلّيات علم الرجال : ١١٤.
(٣) منتهى المقال في أحوال الرجال ٢/٢٥.
(٤) أمل الآمل ٢/٧١.
(٥) نقد الرجال : ٩٢ ـ ٩٣.
(٦) ينظر : سماء المقال في تحقيق الرجال ١/٩٢ وما بعدها.
(٧) أمل الآمل ٢/٧٣.
(٨) أعيان الشيعة ، ٢٢/٣٣٤.
يقول : النجاشي ، وهو يريد الكشّي ... وكذلك قد يكون خطّه رديئاً(١).
إلاّ أنّ هذا الرأي مردود ، إذ يذكر صاحب رياض العلماء عند ترجمة ابن داود : «... إني رأيت خطّه الشريف ولا يخلو من جودة»(٢) ، وتحدّث النوري بقوله : «... وخطّه كاسمه حسن جيّد وقد قرأ عليه تاريخ الكتابة ...»(٣).
واعتذر صاحب رياض العلماء عنه مبيّناً أنّ اختلاف ما نقله ابن داود من كتب الأصحاب ناتج عن اختلاف النسخ وزيادة المؤلّفين في كتبهم ، ولاسيّما كتب الرجال التي يزيد أصحابها فيها يوماً بعد يوم(٤).
وعارض السيّد محسن الأمين هذا التسويغ مبيّناً أنّ اختلاف النسخ لم يبتل به ابن داود وحده بل غيره من المصنّفين ، فلماذا هذه الأغلاط عنده ولم تقع عند غيره؟!(٥).
ومن الآراء الأخرى بحقّ رجال ابن داود قول أحدهم : «وكتاب ابن داود في الرجال قد تكفّل بأكثر المهمّ»(٦).
وقال آخر : «لا يمكن الاعتماد على هذا الكتاب بالنسبة لنا لأنّه اعتمد في توثيقاته على الأعلام القدامى ونقل عنهم ما وصل إليه إلاّ أنّه وثّق عن حسّ»(٧). أي أنّ ابن داود اعتمد في توثيقاته واستنباطاته على ما استفاده
__________________
(١) منتهى المقال في أحوال الرجال ٢/٤١٨.
(٢) رياض العلماء ١/٢٥٩.
(٣) مستدرك الوسائل : ٤٤٢ ، الفوائد الرضوية : ١٠٩.
(٤) رياض العلماء ١/٢٥٨.
(٥) أعيان الشيعة ٢٢/٣٣٤.
(٦) وصول الأخيار إلى أصول الأخبار : ١٦٢.
(٧) منتهى المقال في الدراية والرجال : ١٨٢ ـ ١٢٩.
من كلام النجاشي والشيخ في كتبهم وقليلاً ما يعتمد على كلام غيرهم ، وقد يخطئ في الاستفادة أو في الاستنباط(١).
والناس في هذا الكتاب بين غال ومفرط ومقتصد(٢).
الخاتمة
بعد عرض أبواب البحث خرجت بجملة استنتاجات توزّعت على الفصول ، وهي على النحو الآتي :
١ ـ ظهور مدارس تاريخية متخصّصة قامت بتقنين أثر الكتابة التأريخية بعد أن كانت عبارة عن قصص أسطورية تتناقل شفاها ، تحوّلت إلى استهداف العبر واستنباط الدروس من الماضي والإفادة منها في الحاضر.
٢ ـ ظهور مناهج واضحة في التصنيف متمثّلة بالمنهج الحولي والمنهج الموضوعي ، فضلا عن اتساع دائرة التصنيف من خلال اتخاذها مجالات كثيرة ، فهناك من يصنّف في تاريخ المدن ، وآخر في تراجم الملوك والسلاطين ، وغيره في تاريخ الأمم والدول ...إلخ.
٣ ـ إنّ لفظ (علم الرجال) يدلّ على العلم الذي يدرس أحوال الرواة فقط من دون غيرهم من أرباب العلوم الأخرى.
٤ ـ إنّ تسمية (علم أسماء الرجال) أصحّ من تسمية (علم الرجال) لأنّ الأخيرة تدلّ على القواعد والضوابط التي يستخدمها الرجالي عندما
__________________
(١) معجم رجال الحديث ١/٤٥.
(٢) مستدرك الوسائل : ٤٤٢.
يتناول أسماء الرواة بالدراسة.
٥ ـ إنّ البدايات الأولى لعلم الرجال تعود إلى النصف الأوّل من القرن الأوّل الهجري ، كما أنّ القرآن الكريم والسيرة النبوية يتضمّنان حالات من التقويم والنقد وغيرها من أدوات علم الرجال.
٦ ـ هناك ارتباط وثيق بين علم الرجال وعلم التأريخ حتّى قيل : إنّ علم الرجال هو جزء من علم التاريخ ، ولاسيّما من خلال اتّباع مصنّفي الرجال الطرق نفسها في البحث التاريخي.
٧ ـ إنّ علم الجرح والتعديل هو فرع من فروع علم أسماء الرواة (علم الرجال) ، وليس هناك مؤلّف مستقلّ بعلم الجرح والتعديل ، فلابدّ للذي يؤلّف في الرجال أن يطلق على رواته ألفاظاً جارحة أو معدّلة.
٨ ـ هناك من لا يرى الحاجة إلى علم الرجال ، وهؤلاء هم الإخباريّون الذين يقولون بصحّة جميع الأخبار والآثار الواردة عن السلف ، وهناك من يقول بالحاجة إلى هذا العلم في سبيل تمحيص رواة الأحاديث ومعرفة الغثّ والسمين وبالتالي التوصّل إلى استنباط حكم شرعي صحيح ، ومن يرى ذلك الأصوليّون.
٩ ـ إنّ من أهمّ شروط الراوي أن يكون مسلماً عاقلاً عدلاً ضابطاً بالغاً ، ولا يشترط فيه الذكورة أو البصر أو التمكّن من اللغة العربية والفقه ، فضلا عن كونه حرّاً.
١٠ ـ ومن أهمّ صفات الرجالي أن يكون يقظاً ورعاً عادلاً عارفاً بالمقاييس التي يجرح أو يعدّل بها الراوي ، فضلا عن اتصافه ببعده عن الهوى والعصبية.
١١ ـ هناك مناهج كثيرة تتبع في التأليف في الرجال ، منها : المنهج
التحليلي ، والطبقات ، وتجريد الأسانيد ، وتراجم البيوت والأسر ... إلخ.
١٢ ـ من أهمّ الأخطاء التي يقع بها مصنّفو الرجال الخلط بين الرواة بسبب تشابه الأسماء ، فضلا عن الوهم في تاريخ ولادة الراوي أو وفاته ، أو جعل الراوي الواحد اثنين أو بالعكس.
١٣ ـ ومن الصعوبات التي تواجه مصنّفي الرجال عدم توفّر معلومات عن أحد الرواة في الكتب التاريخية ، أو سفر بعض الرواة إلى بلاد بعيدة ولا توجد بينها وبين حواضر العلم علاقة بيّنة ، فضلا عن تضارب الروايات حول الرواة.
١٤ ـ إنّ للتأليف في الرجال أهمّية تكمن في رصد الحركة العلمية للعصر المترجم لرواته والتعرّف على حركة الرواة بين الأمصار ، فضلا عن أنّ كتب الرجال تعكس تراث الأمّة وعمق حضاراتها ونتاجها الفكري خلال المدّة المترجم لرواتها.
١٥ ـ إنّ هناك تناقضاً في الترجمة لقسم من الرواة في أقسام الضعفاء وأقسام الثقات ، وهذا يعود إلى مراتب الجرح والتعديل ، فقد يكون ثقة لكنّه غير ضابط لحفظه ، أو غيره من الأسباب ، وبهذا تتكرّر ترجمته في القسمين ، أي إنّ هناك صفات تابعة للضبط ، مثل : ضابط ، حافظ ، متقن ، وغيرها ، وهناك صفات تابعة للعدالة ، مثل : أصدق الناس ، مأمون ، من أصدق الناس ، وغيرها.
١٦ ـ إنّ التأليف في الرجال عند من تخصّص في فنٍّ واحد من فنون المعرفة يكون أكثر اتقاناً ممّن له باع في معارف كثيرة ، ومثال ذلك نجد أنّ النجاشي أكثر اتقاناً من غيره في فنّ الرجال ؛ لأنّه متخصّص في هذا الباب.
١٧ ـ هناك الكثير من الألفاظ الجارحة والمادحة اصطلح عليها أرباب
الرجال ، لكن بعضها يشير إشارة صريحة إلى القدح أو المدح والآخر عكس ذلك ، وبذلك فتح ذلك باب الاجتهادات الرجالية بين الرجاليّين وأثّر في إصدار الأحكام من قبل الأصوليّين (الفقهاء).
١٨ ـ هناك توثيقات خاصّة وعامّة عند علماء الرجال الإمامية ، وهي عبارة عن بعض الاصطلاحات التي تدلّ على هذه التوثيقات ، مثل من ترحّم المعصوم عليهالسلام عليه ، أو مدح من قبل المتقدّمين ، أو أن يكون من مشايخ الرجاليّين الأوائل كالنجاشي وغيره.
١٩ ـ إنّ توثيقات المتأخّرين من الرجاليّين ومحلّ الأخذ بها محلّ خلاف عند أرباب الرجال من الإمامية ، والرأي الغالب بعدم مشروعية هذه التوثيقات موازنة بالمتقدّمين.
٢٠ ـ هناك الكثير من التشابه بين موارد ابن المطهّر وابن داود الحلّيّين ، وهذا يعود لتزاملهما في الدرس ، فضلا عن كونهما في عصر واحد.
٢١ ـ هناك تفاوت كبير عند ابن المطهّر وابن داود الحلّيّين في الاعتماد على المصادر في كتابة كتبهم في الرجال : الخلاصة ، رجال ابن داود ، إذ نرى بعض المصادر يصل استعماله أكثر من مائتي مرّة.
٢٢ ـ إنّ توثيقات المتأخّرين ـ ولاسيّما ابن المطهّر وابن داود الحلّيّين ـ هي معتمدة اعتماداً كليّاً على الأصول الرجالية الأولى التي اعتمد عليها ، مثل : رجال الطوسي ، فهرست الطوسي ، رجال الكشّي ، وغيرها.
٢٣ ـ حرص ابن المطهّر وابن داود الحلّيّين على ضبط أسماء رواتهم وأشكالها خشية التصحيف والتحريف ، فضلا عن ذكر من صاحب الأئمّة عليهمالسلام من الرواة ومن لم يصاحبهم ، ومن به عاهة ، أو له كتاب ، أو من
هو مشهور بمهنة معيّنة أو لقب.
٢٤ ـ كان ابن المطهّر الحلّي أشدّ ضبطاً للأسماء في كتابه إيضاح الاشتباه منه في خلاصة الأقوال.
٢٥ ـ يعدّ كتاب إيضاح الاشتباه عن أسماء الرواة مهمّاً جدّاً ؛ لأنّه أوّل ما ألّف عند الشيعة الإمامية في هذا الباب : تشابه أسماء الرواة.
٢٦ ـ استعمل ابن داود أسلوب الاختصارات في الإشارة إلى مصادره ، فضلا عن الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) والأئمّة الأطهار عليهمالسلام ، وكان رائداً في هذا الأسلوب ، إذ اقتبس أغلب من ألّف بعده هذا الأسلوب منه.
٢٧ ـ إنّ ابن المطهّر وابن داود الحلّيّين استعملا ألفاظاً اجتهادية لتقويم رواتهم الذين ترجموا لهم ، ولم يستخدموا عين الألفاظ الجارحة والمعدّلة المستخدمة في كتب الرجال الأخرى.
٢٨ ـ استعمل ابن داود في رجاله ألفاظاً للترجيح بين الروايات ، فضلا عن ألفاظه الاجتهادية.
٢٩ ـ هناك الكثير من التجاوزات في منهجية ابن المطهّر وابن داود الحلّيّين على ما ألزموا أنفسهم به في مقدّمة كتبهم.
٣٠ ـ هناك الكثير من التعليقات والحواشي على الكتب المدروسة : الخلاصة ، الإيضاح ، رجال ابن داود ، وهذا يدلّ على أهمّية هذه الكتب وأثرها عند الرجاليّين من الإمامية ، فضلا عن المادّة العلمية التي نحصل عليها من أصحاب التعليقات والحواشي.
المصادر والمراجع
١ ـ القرآن الكريم.
٢ ـ أبجد العلوم والوشي المرقوم في بيان أحوال العلوم : القنوجي ، صديق حسن (ت١٣٠٧هـ) ، دار الكتب العلمية ، (بيروت ، ١٩٧٨).
٣ ـ أجوبة المسائل المهنائية : العلاّمة الحلّي ، أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر الأسدي (ت٧٢٦هـ) ، مطبعة الخيّام ، (قم ، ١٤٠١هـ).
٤ ـ اختصار علوم الحديث : ابن كثير ، عماد الدين إسماعيل بن عمر (ت٧٧٤هـ) ، ط٣ ، مطبعة صبيح ، (القاهرة ، د.ت).
٥ ـ اختيار رجال الكشّي : الطوسي ، أبو جعفر محمّد بن الحسن (ت٤٦٠هـ) ، تحقيق : حسن المصطفوي ، دانشكاه مشهد ، (مشهد ، ١٣٤٨هـ).
٦ ـ أدب الكاتب : ابن قتيبة ، أبو عبد الله محمّد بن مسلم الدينوري (ت ٢٧٦ هـ) ، تحقيق : محمّد محيي الدين عبد الحميد ، ط٤ ، مطبعة السعادة ، (مصر ، ١٣٢٨هـ ـ ١٩٦٣م).
٧ ـ الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد : المفيد ، الشيخ محمّد بن محمّد بن النعمان (ت٤١٣هـ) ، مؤسّسة انتشارات محبّين ، مطبعة سرور ، ط١ ، (قم ١٤٢٦هـ ـ ٢٠٠٥م).
٨ ـ إسهامات مؤرّخي البصرة في الكتابة التاريخية حتّى القرن الرابع الهجري : ناجي ، عبد الجبّار ، (بغداد ، ١٩٩١).
٩ ـ الإصابة في تمييز الصحابة : ابن حجر ، أبو الفضل أحمد بن عليّ العسقلاني (ت٨٥٢هـ) ، (بيروت ، د.ت).
١٠ ـ أصول الحديث التاريخي : ذنّون ، عبد الواحد ، ط٢ ، (بيروت ، د.ت).
١١ ـ أصول علم الرجال : الفضلي ، عبد الهادي ، مؤسّسة أمّ القرى للتحقيق والنشر ، ط٣ ، (بيروت ، ١٤٢٠هـ).
١٢ ـ أصول الكافي : الكليني ، محمّد بن يعقوب بن إسحاق (ت٣٢٩هـ) ، تحقيق : علي أكبر الغفاري ، منشورات دار الأضواء ، (بيروت ، ١٤٠٥هـ).
١٣ ـ الإعلان بالتوبيخ لمن ذمّ التاريخ : السخاوي ، أبو الخير محمّد شمس الدين (ت٩٠٢هـ) ، طبع مع كتاب روزنثال ، علم التاريخ عند المسلمين ، (بغداد ، ١٩٦٣).
١٤ ـ أعيان الشيعة : الأمين ، السيّد محسن العاملي (ت١٣٧١هـ) ، تحقيق : السيّد حسن الأمين ، دار التعارف للمطبوعات ، (بيروت ، ١٤٠٣هـ).
١٥ ـ الأعلام : الزركلي ، خير الدين ، ط٢ ، (بيروت ١٩٦٩).
١٦ ـ الأغاني : الأصفهاني أبو الفرج عليّ بن الحسين بن محمّد (ت٣٥٦هـ) ، ط٣ ، (بيروت ، ١٩٧٥م).
١٧ ـ الألفين الفارق بين الصدق والمين المعروف باسم الألفين في إمامة أمير المؤمنين : العلاّمة الحلّي ، أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر الأسدي (ت٧٢٦هـ) ، مطبعة صبح الصادق ، ط١ ، (قم ، ١٤٢٥هـ).
١٨ ـ الأمّ : الشافعي ، محمّد بن إدريس (ت ٢٠٤ هـ) ، نشر دار الشعب ، (١٣٨٨هـ ـ ١٩٦٨).
١٩ ـ الإمام الصادق حياته وعصره وآراؤه الفقهية : أبو زهرة ، الإمام محمّد ، دار الفكر العربي ، (القاهرة ، ١٩٩٣).
٢٠ ـ الإمامة والتبصرة من الحيرة : ابن بابويه القمّي ، محمّد بن عليّ الصدوق (ت٣٢٩هـ) ، تحقيق : ونشر مدرسة الإمام المهدي ، (قم المقدّسة ، د.ت).
٢١ ـ أمل الآمل في ذكر رجال جبل عامل : الحرّ العاملي ، الشيخ محمّد بن الحسن (ت١١٠٤هـ) ، تحقيق : السيّد أحمد الحسيني ، مطبعة الآداب ، (النجف الأشرف ، د.ت).
٢٢ ـ أيّام العرب في الجاهلية : محمّد جاد المولى ، وعلي محمّد البجاوي ، ومحمّد أبو الفضل إبراهيم ، (بيروت ، ١٩٦١).
٢٣ ـ إيضاح الاشتباه عن أسماء الرواة : العلاّمة الحلّي ، أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر الأسدي (ت٧٢٦هـ) ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، ط٢ ، (قم ، ١٤١٥هـ).
٢٤ ـ إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون : إحياء التراث العربي ، (بيروت ، د.ت).
٢٥ ـ البابليّات : اليعقوبي ، محمّد عليّ ، مطبعة الزهراء ، (النجف ، ١٩٥١).
٢٦ ـ الباعث الحثيث بشرح مختصر الحديث : شاكر ، أحمد ، ط٣ (١٩٥٨).
٢٧ ـ بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار : المجلسي ، المولى محمّد باقر (ت١١١٠هـ) دار إحياء التراث ، (بيروت ، ١٤٠٣هـ).
٢٨ ـ البداية والنهاية : ابن كثير ، عماد الدين إسماعيل بن عمر(ت٧٧٤هـ) ، دار الفكر ، (بيروت ، ١٤٠٢هـ).
٢٩ ـ بغية الوعاة في طبقات اللغويّين والنحاة : السيوطي ، جلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر (ت ٩١١ هـ) ، (مصر ، ١٩٦٩).
٣٠ ـ بلوغ الأرب في فنون الأدب : النويري ، شهاب الدين أحمد بن عبد الوهّاب (ت٧٣٢هـ) ، (القاهرة ، ١٩٥٤هـ).
٣١ ـ البيان والتبيين : الجاحظ ، أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ، (ت٢٥٥هـ) ، تحقيق : عبد السلام هارون ، ط٤ ، (القاهرة ، ١٩٧٥).
٣٢ ـ تاج العروس من جواهر القاموس : الزبيدي ، محمّد مرتضى الحسيني (ت١٢٠٥هـ) ، تحقيق : عبد الكريم الغرباوي ، (بيروت ، ١٩٦٩).
٣٣ ـ تاريخ الإسلام وطبقات المشاهير والأعلام : الذهبي ، شمس الدين محمّد ابن أحمد بن عثمان (ت٧٤٨هـ) ، (مصر ، ١٣٦٨هـ).
٣٤ ـ تاريخ الإمامية وأسلافهم من الشيعة حتّى القرن الرابع الهجري : فيّاض ، عبد الله ، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات ، (بيروت ، ١٩٧٢هـ).
٣٥ ـ تاريخ بغداد أو مدينة السلام : الخطيب البغدادي ، أبو بكر أحمد بن عليّ ابن ثابت (ت٤٦٣هـ) ، (بيروت ، د.ت).
٣٦ ـ تاريخ التراث العربي : سزكين ، فؤاد ، ترجمة فهمي أبو الفضل ، (القاهرة ، ١٩٧١).
٣٧ ـ تاريخ خليفة بن خيّاط : خليفة بن خيّاط بن شباب العصفري (ت٢٤٠هـ) ، تحقيق : أكرم ضياء العمري ، (النجف الأشرف ، ١٩٦٧).
٣٨ ـ تاريخ الرسل والملوك : الطبري ، أبو جعفر محمّد بن جرير (ت٣١٠هـ) ، تحقيق : محمّد أبو الفضل إبراهيم ، ط٥ ، (القاهرة ، ١٩٨٧).
٣٩ ـ التاريخ العربي والمؤرّخون : مصطفى ، شاكر ، ط٢ ، (بيروت ، ١٩٧٩).
٤٠ ـ تاريخ علم الرجال : العبد الله ، حسين الراضي ، طبع مؤسّسة البلاغ ، (بيروت ،د.ت).
٤١ ـ التاريخ فكرة ومنهجاً : فيّاض ، عبد الله ، دراسة في التاريخ وأصول بحثه ، مطبعة أسعد ، (بغداد ، ١٣٩٢هـ ـ ١٩٧٢م).
٤٢ ـ التاريخ والجغرافية في العصور الإسلامية : كحالة ، عمر رضا ، (دمشق ، ١٩٧٢).
٤٣ ـ التاريخ والمؤرّخون العرب : سالم ، سيّد عبد العزيز ، (بيروت ، ١٩٨١).
٤٤ ـ التاريخ والمؤرّخون في العراق ٣٣٤هـ ـ ٤٤٧هـ : العزاوي ، عبد الرحمن حسين ، دار الشؤون الثقافية العامّة ، (بغداد ، ١٩٩٣).
٤٥ ـ تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام : الصدر ، السيّد حسن هادي الكاظمي (ت١٣٥٤) ، منشورات الأعلمي ، (طهران ، د.ت).
٤٦ ـ تبصرة المتعلّمين في أحكام الدين : العلاّمة الحلّي ، أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر الأسدي (ت٧٢٦هـ) ، تحقيق : أحمد الحسيني وهادي اليوسفي ، (طهران ، ١٣٦٨هـ).
٤٧ ـ التحرير الطاووسي المستخرج من كتاب حلّ الإشكال في معرفة الرجال : أحمد بن طاووس الحسيني ، المتوفّى سنة ٦٦٤هـ ، الشيخ حسن ابن زين الدين الشهيد (ت١٠١١هـ) ، حقّقه وعلّق عليه السيّد محمّد حسن ترحيني ، منشورات مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات ، ط١ ، (بيروت ، ١٤٠٨هـ ـ ١٩٨٨م).
٥٦ ـ علم التاريخ عند العرب ، حسن ، محمّد عبد الغني (مصر ، ١٩٦١).
٤٨ ـ تدريب الراوي بشرح تقريب النووي : السيوطي ، جلال الدين عبدالرحمن ابن أبي بكر (ت ٩١١ هـ) ، تحقيق : عبد اللطيف عبد الوهّاب ، ط٢ ، (القاهرة ، ١٩٦٦).
٤٩ ـ تذكرة الحفّاظ : الذهبي ، شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان (ت٧٤٨هـ) ، ط٤ ، (مكة ١٣٧٤هـ).
٥٠ ـ تذكرة المتبحّرين في العلماء المتأخّرين : الحر العاملي ، الشيخ محمّد بن الحسن (ت١١٠٤هـ) ، تحقيق : السيّد أحمد الحسيني ، مطبعة الآداب ، (النجف الأشرف ، د.ت).
٥١ ـ تفسير القرآن العظيم : ابن كثير ، عماد الدين إسماعيل بن عمر(ت٧٧٤هـ) ، (مصر ، ١٣٤٧هـ).
٥٢ ـ تنقيح المقال في أحوال الرجال : المامقاني ، الشيخ عبد الله (ت١٣٥٩هـ) ، المطبعة المرتضوية ، (النجف الأشرف ، د.ت).
٥٣ ـ تهذيب التهذيب : ابن حجر ، أبو الفضل أحمد بن عليّ العسقلاني (ت٨٥٢هـ) ، (حيدر آباد ـ الدكن ، ١٣٢٥هـ).
٥٤ ـ تهذيب الكمال في أسماء الرجال : المزّي ، جمال الدين يوسف بن الزكي (ت٧٢٤هـ). تحقيق : الدكتور بشّار عوّاد معروف ، مؤسّسة الرسالة ، (د.م ، د.ت).
٥٥ ـ الجرح والتعديل : ابن أبي حاتم ، أبو محمّد عبد الرحمن (ت٣٢٧هـ) ، مطبعة دائرة المعارف العثمانية ، (حيدر أباد ـ الدكن ، ١٣٧٢هـ ـ ١٩٥٣م).
٥٦ ـ جمع الجوامع : السبكي ، تاج الدين عبد الوهّاب (ت٧٧١هـ) ، مطبعة البابي الحلبي وأولاده ، ط٢ ، (مصر ، ١٩٣٧م ـ ١٣٥٦هـ)
٥٧ ـ حاشية على خلاصة الأقوال في معرفة الرجال : الشهيد الثاني ، زين الدين ابن عليّ العاملي (ت٩٦٦هـ) ، تحقيق : رضا المختاري ، نشر بوستان قم ، ط١ ، مطبعة مكتبة الإعلام الإسلامي ، (قم ، ١٤٢٢هـ).
٥٨ ـ حاشية على رجال ابن داود : الشهيد الثاني ، زين الدين بن عليّ العاملي (ت٩٦٦هـ) ، تحقيق : رضا المختاري ، نشر بوستان قم ، ط١ ، مطبعة مكتبة الإعلام الإسلامي ، (قم ، ١٤٢٢هـ).
٥٩ ـ خزانة الأدب ولبّ لباب لسان العرب : البغدادي ، عبد القادر بن عمر(ت١٠٩٣هـ) ، (القاهرة ، ١٢٩٩هـ).
٦٠ ـ خلاصة الأقوال في معرفة الرجال : العلاّمة الحلّي ، أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر الأسدي (ت٧٢٦هـ) ، تحقيق : جواد القيّومي ، ط٢ ، نشر مؤسّسة الفقاهة ، مطبعة باقري ، (قم ، ١٤٢٢هـ).
٦١ ـ دراسات في كتب التراجم والسير : العمد ، هاني ، ط١ ، (عمان ، ١٩٨١).
٦٢ ـ دراسة في مصطلح الحديث : النعمة ، إبراهيم ، مطبعة الزهراء الحديثة ، ط١ ، (نينوى ، ١٤٠٦هـ ـ ١٩٨٥م).
٦٣ ـ الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة : ابن حجر ، أبو الفضل أحمد بن عليّ العسقلاني (ت٨٥٢هـ) ، تحقيق : محمّد سيّد جاد الحق ، مطبعة المدني ، (القاهرة ، د.ت).
٦٤ ـ دروس في علم الدراية : العاملي ، الشيخ أكرم بركات ، منشورات سعيد بن جبير ، مطبعة حيدر ، ط١ ، (قم ، ١٤١٨هـ).
٦٥ ـ دروس موجزة في علمي الرجال والدراية : سبحاني ، الشيخ جعفر ، إصدارات المركز العالمي للدراسات الإسلامية ، ط١ ، (قم ، ١٤٢٢هـ).
٦٦ ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة : الطهراني ، أغابزرك (ت١٣٨٩هـ) ، دار الأضواء ،ط٣ ، (بيروت ، ١٤٠٣هـ).
٦٧ ـ رجال ابن داود : ابن داود ، تقيّ الدين عليّ بن الحسين الحلّي (ت بعد ٧٠٧هـ) ، تحقيق : السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم ، المطبعة الحيدرية ، (النجف١٣٩٢هـ ـ ١٩٧٢م).
٦٨ ـ الرجال : ابن الغضائري ، أحمد بن الحسين بن عبد الله ، (من رجال القرن الخامس الهجري) ، تحقيق : السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي ، ط١ ، نشر دار الحديث ، مطبعة سرور ، (قم ، ١٤٢٢هـ).
٦٩ ـ الرسائل الرجالية : الكلباسي ، أبو المعالي محمّد بن أبي إبراهيم (١٢٤٧هـ ـ ١٣١٥هـ) ، تحقيق : محمّد حسين درايتي ، دار الحديث للنشر ، ط١ ، (قم ، ١٤٢٢هـ).
٧٠ ـ الرعاية لحالة البداية في علم الدراية : الشهيد الثاني ، زين الدين بن عليّ العاملي (ت٩٦٦هـ) ، تحقيق : مركز الأبحاث والدراسات الإسلامية ، نشر بوستان كتاب قم ،ط١ ، (قم ، ١٤٢٣هـ).
٧١
ـ الرفع
والتكميل في
الجرح
والتعديل :
اللكهنوي ،
الإمام أبو
الحسنات
محمّد عبد الحيّ
(١٣٠٤هـ) ، تحقيق :
عبد الفتّاح
أبو غدة ،
مكتبة المطبوعات
الإسلامية ،
ط٣ ، (حلب ، ١٣٨٨هـ ـ
١٩٧٨م). ٧٢
ـ الرواشح
السماوية :
الأسترآبادي
، الميرداماد
محمّد باقر
الحسيني (ت١٠٤١هـ)
تحقيق : غلام
حسين قيصريه
ها ، ونعمة
الله الجليلي
، طبع دار
الحديث ، (قم ،
١٤٢٢هـ). ٧٣
ـ روضات
الجنّات في
أحوال
العلماء
والسادات :
الخونساري ،
الميرزا
محمّد باقر
الموسوي الأصفهاني
(ت١٣١٣هـ) ، الطبعة
الحيدرية ،
(طهران ، ١٣٩٠هـ). ٧٤
ـ روضة
المتّقين في
شرح من لا
يحضره الفقيه
: تحقيق :
السيّد حسن
الموسوي
الكرماني
والشيخ عليّ
بناه
الاشتهاردي ،
نشر بنياد
فرهنك إسلامي
،المطبعة
العلمية ، (قم
، د.ت). ٧٥
ـ رياض
العلماء
وحياض
الفضلاء :
الأصفهاني ،
الميرزا عبد
الله افندي (١٠٦٧ ـ
حوالي ١١٣٤هـ) ،
تحقيق :
السيّد أحمد
الحسيني ، نشر
مكتبة آية
الله المرعشي
(قم ،١٤٠١هـ). ٧٦
ـ سماء المقال
في علم الرجال
:
الكلباسي ،
أبو الهدى
(ت١٣٥٦هـ) ، تحقيق :
محمّد
الحسيني
القزويني ،
نشر مؤسّسة
ولي العصر
للدراسات
الإسلامية ،
مطبعة أمير ،
(قم ، ١٤١٩هـ). ٧٧
ـ سير أعلام
النبلاء :
الذهبي ، شمس
الدين محمّد
بن أحمد بن
عثمان (ت٧٤٨هـ) ،
مؤسّسة
الرسالة ، ط٣ ،
(بيروت ، ١٤٠٥هـ). ٧٨
ـ سيرة
الأئمّة
الاثني عشر :
الحسني ، هاشم
معروف ، دار
التعارف
للمطبوعات ،
(بيروت ، ١٩٨٦). ٧٩
ـ شذرات الذهب
في أخبار من
ذهب :
ابن العماد ،
أبو الفلاح
عبد الحيّ
الحنبلي (ت١٠٨٩هـ)
، ط٢ ، (بيروت ، ١٩٧٩).
٨٠
ـ شرح علل
الترمذي :
ابن رجب ، زين
الدين عبد
الرحمن بن
أحمد الحنبلي
(ت٧٩٥هـ) ، تحقيق :
الدكتور همام
عبد الرحيم
سعيد ، ط١ ، مكتبة
المنار
،(الأردن ـ
الزرقاء ١٩٧٨). ٨١
ـ الشرح
والتعليل
لألفاظ الجرح
والتعديل :
صديق ، يوسف
حسن مكتبة ابن
تيمية ، ط١ ،
(الكويت ، ١٤١٠هـ ـ
١٩٩٠م). ٨٢
ـ شعراء
الحلّة أو
البابليّات :
الخاقاني ،
عليّ ،
المطبعة
الحيدرية ،
(النجف ، ١٩٧٢). ٨٣
ـ الشيعة في
أسانيد السنة
:
الطبسي ،
محمّد جعفر ،
مؤسّسة
المعارف
الإسلامية ،
ط١ ، (قم ، ١٤٢٠هـ). ٨٤
ـ الصحاح :
الجوهري ،
إسماعيل بن
حمّاد (ت٣٩٧هـ) ،
تحقيق : عبد
الغفور
العطّار ،
(بيروت ، ١٩٧٩م). ٨٥
ـ الصلة في
تاريخ أئمّة
الأندلس
وعلمائهم ومحدّثيهم
وأدبائهم :
ابن بشكوال ،
أبو القاسم
خلف بن عبد
الملك (ت٥٧٨هـ) ،
مطابع عزّت
العطّار
الحسيني (د.م ١٩٥٥). ٨٦
ـ صورة الأرض :
ابن حوقل ،
أبو القاسم
محمّد بن عليّ
النصيبي (ت٣٦٧هـ)
، (بيروت ، ١٩٦٣). ٨٧
ـ ضحى الإسلام
: أمين
أحمد ، ط٥ ، (مصر
، ١٩٣٥م). ٨٨
ـ ضوابط الجرح
والتعديل :
العبد اللطيف
، عبد العزيز
بن أحمد بن
إبراهيم ،
منشورات الجامعة
الإسلامية ،
ط١ ، (المدينة
المنوّرة ، ١٤١٢هـ). ٨٩
ـ ضوابط
الرواية عند
المحدّثين :
نصر ، الصديق
بشير ،
(طرابلس ، ١٩٩٢). ٩٠
ـ طبقات أعلام
الشيعة
(الحقائق
الراهنة في المئة
الثامنة) :
الطهراني ،
آقا بزرك (ت١٣٨٩هـ)
، ط١ ، دار
الكتاب
العربي ،
(بيروت ، ١٩٧٢).
٩١
ـ طبقات خليفة
بن خيّاط :
خليفة بن
خيّاط ، بن
شباب العصفري
(ت٢٤٠هـ) ، تحقيق :
أكرم ضياء
العمري ، (مصر
، د.ت). ٩٢
ـ الطبقات
الكبرى :
ابن سعد ،
محمّد بن منيع
البصري (ت٢٣٠هـ) ،
تحقيق : عبد
السلام هارون
، (بيروت ، ١٩٧٩). ٩٣
ـ طبقات
المفسّرين :
الداودي ، شمس
الدين محمّد
بن عليّ بن
أحمد (ت٩٤٥هـ) ،
تحقيق عليّ
محمّد مطر ،
(مصر ، ١٩٧٢). ٩٤
ـ طرائف
المقال في
أحوال الرجال
:
الجابلقي ،
السيّد عليّ
أصغر (ت١٣١٣هـ) ،
تحقيق :
السيّد مهدي
الرجائي ، ط١ ،
نشر مكتبة آية
الله المرعشي
النجفي ،
المطبعة بهمن
، (قم ، ١٤١٠هـ). ٩٥
ـ العرب
والفكر
التاريخي :
العروي ، عبد
الله ، ط٢ ،
(بيروت ، ١٩٨٥). ٩٦
ـ علم التاريخ
: جب
هاملتون ،
ترجمة
ابراهيم
خورشيد
وآخرون ، (بيروت
،١٩٨١). ٩٧
ـ علم التاريخ
عند المسلمين
:
روزنثال ،
فرانز ، ترجمة
صالح أحمد
العلي ، مكتبة
المثنّى ،
(بغداد ، ١٩٦٣). ٩٨
ـ علوم الحديث
: ابن
الصلاح ، أبو
عمرو عثمان بن
عبد الرحمن الشهرزوري
(ت٦٤٣هـ) ، تحقيق :
نور الدين
عنتر ،
المكتبة
العلمية ، (المدينة
المنوّرة ،
١٣٨٦هـ). ٩٩
ـ علوم الحديث
ومصطلحه :
الصالح ، صبحي
، ط٢ ، (دمشق ، ١٩٦٣). ١٠٠
ـ عمدة الطالب
في أنساب آل
أبي طالب :
مطبعة الصدر ،
ابن عنبة ،
جمال الدين بن
أحمد بن عليّ
الداودي
الحسني (ت٨٣٨هـ) ،
(قم ، ١٤١٧هـ ـ ١٩٩٦م). ١٠١
ـ العين :
الفراهيدي ،
الخليل بن
أحمد (ت١٧٥هـ) ،
تحقيق : مهدي
المخزومي
وإبراهيم
السامرّائي ،
(بغداد ، ١٩٨٢).
١٠٢
ـ الغدير في
الكتاب
والسنّة
والأدب :
الأميني ، عبد
الحسين (ت١٣٩٢هـ) ،
دار الكتاب
العربي ، ط٤ ،
(بيروت ، ١٣٩٧هـ). ١٠٣
ـ فائق المقال
في الحديث
والرجال :
البصري ، أحمد
بن عبد الرضا
(ت١٠٨٥هـ) ، تحقيق :
غلام حسين
قصريه ها ،
مدرسة دار
الحديث
الثقافية ، ط١
،(قم ، ١٤٢٢هـ). ١٠٤
ـ فتح المغيث
بشرح ألفية الحديث
:
السخاوي ، أبو
الخير محمّد
شمس الدين
(ت٩٠٢هـ) ، تحقيق :
عبد الرحمن
عثمان ، ط٢ ،
المكتبة السلفية
، (المدينة
المنوّرة ،
١٣٨٨هـ). ١٠٥
ـ فتوح
البلدان :
البلاذري ،
أحمد بن يحيى
بن جابر (ت٢٧٩هـ) ،
مراجعة رضوان
محمّد رضوان ،
ط١ ، (بيروت ، ١٩٧٨). ١٠٦
ـ فجر الإسلام
: أمين
أحمد ، ط٩ ، (مصر
، ١٩٦٤م). ١٠٧
ـ الفرق
الإسلامية :
(ذيل كتاب شرح
المواقف) ،
الكرماني ،
محمّد بن يوسف
(ت٧٨٦هـ) ، تحقيق :
سليمة عبد
الرسول ،
مطبعة
الإرشاد ، (بغداد
، ١٩٧٣). ١٠٨
ـ الفرق بين
الفرق ،
البغدادي :
أبو منصور عبد
القاهر بن
طاهر (ت٤٢٩هـ) ،
تحقيق : محمّد
محيي الدين
عبد الحميد ،
طبع دار
التراث ،
(القاهرة ، د.ت). ١٠٩
ـ فرق الشيعة :
النوبختي ،
أبو محمّد
الحسن بن موسى
(من أعلام
القرن الثالث
للهجرة) ،
علّق عليه
محمّد صادق
بحر العلوم ،
ط٤ ، المطبعة
الحيدرية ،
(النجف الأشرف
، ١٣٨٨هـ ـ ١٩٦٩م). ١١٠
ـ الفرق
المفترقة بين
أهل الزيغ
والزندقة :
العراقي ، أبو
محمّد عثمان
بن عبد الله
ابن الحسن
الحنفي (ت هـ) ،
تحقيق :
وتقديم
الدكتور يشار
قوتلو آي ، (د.م
، د.ت). ١١١
ـ الفصول
المهمّة في
معرفة
الأئمّة :
ابن الصبّاغ ،
عليّ بن محمّد
بن أحمد
المالكي (ت٨٥٥هـ)
، مجلّدين ،
تحقيق : سامي
الغريري ، دار
الحديث للطباعة
والنشر ،
مطبعة ستارة ،
(قم ، ١٤٢٢هـ).
١١٢
ـ الفوائد
الرجالية :
الصدر ،
السيّد عليّ
الحسيني ، نشر
دار الغدير ،
ط١ ، مطبعة
أمين قم ، (قم ،
١٤٢٠هـ). ١١٣
ـ الفوائد
الرضوية في
أحوال علماء
مذهب الإمامية
: القمّي
، عبّاس (ت١٣٥٩هـ) ،
(طهران ، د.ت). ١١٤
ـ فواتح
الرحموت بشرح
مسلم الثبوت :
الأنصاري ،
عبد العلي
محمّد بن نظام
الدين (ت١٢٢٥هـ) ،
دار احياء
التراث
العربي ،
مطبوع بذيل
المستصفى
للغزالي
(بيروت ، د.ت). ١١٥
ـ الفهرست :
الطوسي ، أبو
جعفر محمّد بن
الحسن (ت٤٦٠هـ) ،
صحّحه وعلّق
عليه السيّد
صادق آل بحر
العلوم. ١١٦
ـ الفهرست :
ابن النديم ،
أبو الفرج
محمّد بن
إسحاق الورّاق
(ت٣٨٥هـ) ، تحقيق :
رضا تجدّد ،
(طهران ، ١٩٧١). ١١٧
ـ فهرست نسخه
هاي خطّي :
أشكوري ، أحمد
حسيني ، مركز
إحياء ميراث
إسلامي ، ٧
أجزاء ، ط١ ، (قم
، ١٤٢٦هـ). ١١٨
ـ فهرست نسخه
هاي مطبوع :
أشكوري ، أحمد
حسيني وآخرون
، مركز إحياء
ميراث إسلامي
، ٥ أجزاء ، ط١ ،
(قم ، ١٤٢٢هـ). ١١٩
ـ فهرسة نسخة
نهائي خطّية
حسيني ومرعشي
: أحمد ،
محمود ، مكتبة
آية الله
المرعشي ، تحقيق
: مرعشي ، ٣٠
جزءاً ، جاب
خيام ، (قم ، ١٣٦٠هـ). ١٢٠
ـ قادتنا كيف
نعرفهم :
الميلاني ،
آية الله
العظمى
السيّد محمّد
هادي الحسيني
(ت١٣٩٥هـ) ، تحقيق :
السيّد محمّد
عليّ
الميلاني ، ط٢
، (قم ،١٤١٣هـ). ١٢١
ـ قاموس
الرجال :
التستري ،
محمّد تقي
(ت١٤١٤هـ) ، تحقيق :
مؤسّسة النشر
الإسلامي ، ط٢
، (قم ، ١٤١٠هـ). ١٢٢
ـ القاموس
المحيط
والقابوس
البسيط :
الفيروزآبادي
، محمّد بن
يعقوب (ت٨١٧هـ). ط٤
، (مصر ، ١٩٣٨).
١٢٣
ـ القواعد
الرجالية :
الإيرواني ،
باقر ،
منشورات سعيد
بن جبير ، ط٢ ، (د.م١٤٢٢هـ). ١٢٤
ـ الكامل في
التاريخ :
ابن الأثير ،
أبو الحسن
عليّ بن محمّد
بن أبي الكرام
(ت٦٣٠هـ). تحقيق :
نخبة من
العلماء ، ط٢ ،
(بيروت ، ١٩٦٧م). ١٢٥
ـ كتاب الرجال
:
النجاشي ، أبو
العبّاس أحمد
بن عليّ بن
أحمد بن
العبّاس
الأسدي
الكوفي (ت٤٥٠هـ) ،
تحقيق :
الحجّة
السيّد موسى
الشبيري
الزنجاني ، ط٧
، مؤسّسة
النشر
الإسلامي ،
(قم ، ١٤٢٤هـ). ١٢٦
ـ كشف الظنون
عن أسامي
الكتب
والفنون :
حاجي خليفة ،
عبد الله بن
مصطفى (ت١٠٦٧هـ) ،
(طهران ، ١٩٦٧). ١٢٧
ـ الكشكول :
البحراني ،
الشيخ يوسف بن
أحمد (ت١١٨٦هـ) ،
مطبعة النجف ،
(النجف ، د.ت). ١٢٨
ـ الكفاية في
علم الدراية :
الخطيب
البغدادي ،
أبو بكر أحمد
بن عليّ بن ثابت
(ت٤٦٣هـ) ، مطبعة
السعادة ، ط١ ،
(القاهرة ، د.ت). ١٢٩
ـ كلّيات في
علم الرجال :
سبحاني ،
الشيخ جعفر ،
مؤسّسة النشر
الإسلامي
التابعة
لجماعة
المدرّسين
بقم المقدّسة
، ط٢ ، (قم ، ١٤١٥هـ). ١٣٠
ـ الكنى
والألقاب
التي يعبّر
بها في الأخبار
عن الرسول
والأئمّة
الأطهار
صلوات الله
عليهم أجمعين
:
المامقاني ،
الشيخ محمّد
رضانشر مولود
كعبه ، مطبعة
اعتماد ، (قم
،١٤١٢هـ). ١٣١
ـ الكنى
والألقاب :
القمّي ، عباس
(ت١٣٠٩هـ) ، مطبعة
العرفان ،
(صيدا ،١٣٥٨هـ). ١٣٢
ـ لسان العرب :
ابن منظور ،
جمال الدين
(ت٧١١هـ) ، مطابع
الدار
المصرية للتأليف
، (القاهرة ، د.ت).
١٣٣
ـ لسان
الميزان :
ط٢ ، ابن حجر ،
أبو الفضل
أحمد بن عليّ
العسقلاني
(ت٨٥٢هـ) ، (بيروت ،
١٣٣٥هـ). ١٣٤
ـ لؤلؤة
البحرين في
الإجازات
وتراجم رجال الحديث
:
البحراني ،
الشيخ يوسف بن
أحمد (ت١١٨٦هـ) ،
تحقيق :
السيّد محمّد
صادق بحر
العلوم ، نشر
مدرسة آل
البيت
للطباعة
والنشر ، (قم ،
د.ت). ١٣٥
ـ مباحث في
علم الجرح
والتعديل :
سعد ، قاسم
عليّ ، دار
البشائر
الإسلامية (لبنان
، ١٤٠٧هـ). ١٣٦
ـ متابعات
تاريخية
لحركة الفكر
في الحلّة منذ
تأسيسها
ولأربعة قرون
: آل
ياسين ، ط١ ،
المكتبة
العصرية ،
(بغداد ، ١٤٢٥هـ ـ
٢٠٠٤م). ١٣٧
ـ المتكلّمون
في الرجال :
السخاوي ، أبو
الخير محمّد
شمس الدين
(ت٩٠٢هـ) ، تحقيق :
عبد الفتّاح
أبو غدة ، دار
القرآن الكريم
، ط١ ، (بيروت
،١٤٠٠هـ). ١٣٨
ـ مجالس
المؤمنين :
نشر المكتبة
الإسلامية ،
التستري ،
القاضي السيّد
نور الله
الشهيد (ت١٠١٩هـ) ،
(طهران ، ١٣٥٤هـ). ١٣٩
ـ المجروحين
من المحدّثين
والضعفاء
والمتروكين :
ابن حبّان ،
محمّد بن
حبّان بن أحمد
أبو حاتم التميمي
(ت٣٥٤هـ) ، تحقيق :
محمّد زايد ،
دار الوعي ، ط١
، (حلب ، ١٣٩٦هـ). ١٤٠
ـ المجمع
العلمي لأهل
البيت عليهمالسلام :
أعلام
الهداية :
مركز الطباعة
والنشر
للمجمع
العالمي لأهل
البيت
عليهمالسلام
، ط٢ ، مطبعة
ليلى ، (قم ، ١٤٢٥هـ). ١٤١
ـ محاضرات في
تاريخ العرب :
العلي ، صالح
أحمد ، (بغداد
، ١٩٦٤). ١٤٢
ـ المحدّث
الفاصل بين
الراوي
والسامع :
الرامهرمزي ،
الحسن بن عبد
الرحمن (ت٣٦٠هـ) ،
تحقيق : محمّد
عجاج الخطيب ،
ط١ ، دار الفكر
، (بيروت ، ١٣٩١هـ).
١٤٣
ـ مختار
الصحاح :
الرازي ،
محمّد بن أبي
بكر عبد
القادر (ت٦٦٥هـ) ،
(الكويت ، ١٩٨٣). ١٤٤
ـ المخطوطات
العربية في
مركز إحياء
التراث الإسلامي
:
الحسيني ،
أحمد ، ط١ ، (قم ،
١٤٢٤هـ). ١٤٥
ـ المدائني :
فهد ، محمّد
بدري ، شيخ
الإخباريّين
، مطبعة القضاة
، (النجف ، ١٩٧٥). ١٤٦
ـ مرآة الجنان
وعبرة
اليقظان في
معرفة ما يعتبر
من حوادث
الزمان :
اليافعي ،
عبدالله بن
أسعد بن عليّ
(ت٧٦٨هـ) ، (بيروت ،
١٩٧٠). ١٤٧
ـ مروج الذهب
ومعادن
الجوهر :
المسعودي ،
أبو الحسن
عليّ بن
الحسين بن
عليّ (ت٣٤٦هـ) ، ط٥
، (بيروت ، ١٩٨٤). ١٤٨
ـ المستجاد من
كتاب الإرشاد
:
العلاّمة
الحلّي ، أبو
منصور الحسن
بن يوسف ابن
المطهّر
الأسدي (ت٧٢٦هـ) ،
(منسوب اليه) ،
تحقيق : محمّد
البدري ، نشر
مؤسّسة
المعارف
الإسلامية ،
ط١ ، (قم ، ١٤١٧هـ). ١٤٩
ـ مستدرك الوسائل
: ط١ ،
النوري ،
الحاج ميرزا
حسين (ت١٣٢٠هـ) ،
تحقيق :
مؤسّسة آل
البيت
عليهمالسلام
لإحياء
التراث ، (قم ،
د.ت). ١٥٠
ـ مصادر
التاريخ
الإسلامي :
كاشف ، سيّد
إسماعيل ، ط٢ ،
(القاهرة ، ١٩٦٧). ١٥١
ـ مصفى المقال
في مصنّفي
الرجال :
الطهراني ،
أغابزرك (ت١٣٨٩هـ)
، عني بتصحيحه
ونشره ابن
المؤلّف ، دار
العلوم
للتحقيق :
والطباعة
والنشر
والتوزيع ، ط٢
، (بيروت ، ١٤٠٨هـ
١٩٧٨م). ١٥٢
ـ معالم
الحضارة
العربية في
القرن الثالث
الهجري :
أحمد عبد
الباقي ، ط١ ،
(بيروت ، ١٩٩١م).
١٥٣
ـ معالم
العلماء :
ابن شهرآشوب ،
محمّد بن الحسن
المازندراني
(ت٥٥٨هـ) ، (النجف
الأشرف ، د.ت). ١٥٤
ـ معجم
الأدباء :
ياقوت الحموي
، شهاب الدين
بن عبد الله
الحموي (ت٦٢٦هـ) ،
تحقيق :
مرجليوث ،
(الهند ، ١٩٢٣). ١٥٥
ـ معجم
البلدان :
ياقوت الحموي
، شهاب الدين
بن عبد الله
الحموي (ت٦٢٦هـ)
،دار إحياء
التراث العربي
، (بيروت ، ١٩٩٥). ١٥٦
ـ معجم رجال
الحديث
وطبقات
الرواة :
الخوئي ،
السيّد أبو
القاسم
الموسوي (ت١٤١٣هـ)
، مطبعة
الآداب ، ط٢ ،
(النجف الأشرف
، ١٩٧٨). ١٥٧
ـ معجم
مصطلحات
توثيق الحديث
: زوين ،
عليّ ، عالم
الكتب ، مكتبة
النهضة العربية
، ط١ ، (بيروت ، ١٩٨٨). ١٥٨
ـ معجم
مصطلحات
الرجال
والدراية :
نژاد ، محمّد
رضا جديدي ،
إشراف محمّد
كاظم رحمان
شايش ، ط٢ ، دار
الحديث للنشر
، مطبعة دار الحديث
، (قم ، ١٤٢٤هـ). ١٥٩
ـ معجم
مصطلحات
الصوفية :
أبو خزام ،
الشيخ أنور
فؤاد ، مراجعة
الدكتورجورج
متري عبد
المسيح ، ط١ ،
مكتبة لبنان
ناشرون ،
(لبنان ، ١٩٩٣). ١٦٠
ـ المعجم
المفهرس
لألفاظ
القرآن
الكريم :
عبد الباقي ،
محمّد فؤاد ،
توزيع
آونددانش للطباعة
والنشر ،
(طهران ، د.ت). ١٦١
ـ معرفة علوم
الحديث :
الحاكم
النيسابوري ،
محمّد بن عبد
الله (ت٤٠٥هـ) ،
تحقيق :
السيّد حسين
معظم ، دي. فل ،
اكسن ،
منشورات دار
الآفاق
الجديدة ، ط٣ ،
(بيروت ، ١٩٧٩هـ). ١٦٢
ـ المغازي :
الواقدي ،
محمّد بن عمر
(ت٢٠٧هـ) ، تحقيق :
مارسون
جانسون ،
(بيروت ، د.ت).
١٦٣
ـ المغازي
الأولى
ومؤلّفوها :
هورفتش ، يوسف
، ترجمة حسين
نصّار ،
(القاهرة ، ١٩٤١). ١٦٤
ـ مقاتل
الطالبيّين :
الأصفهاني ،
أبو الفرج
عليّ بن
الحسين بن محمّد
(ت٣٥٦هـ) ، تحقيق :
أحمد صقر ،
مؤسّسة
الأعلمي
للمطبوعات ،
ط٢ ، (١٤٠٨هـ ـ ١٩٩٤م). ١٦٥
ـ المقدّمة :
ابن خلدون ،
عبد الرحمن
الحضرمي (ت٨٠٨هـ)
، مطبعة دار
الكتاب
العربي ،
(بيروت ، ١٩٧٢هـ). ١٦٦
ـ من تراثنا
اللغوي ما
يسمّى في
العربية
الدخيل :
باقر طه ،
(بغداد ، ١٩٨٠). ١٦٧
ـ منتهى
المقال في
أحوال الرجال
:
الحائري ، الرجالي
الكبير أبي
عليّ الشيخ
محمّد بن
إسماعيل المازندراني
(ت١٢١٦هـ) ، تحقيق :
مؤسّسة آل
البيت
عليهمالسلاملإحياء
التراث ، (قم ،
١٤٠٧هـ). ١٦٨
ـ منتهى المقال
في الدراية
والرجال :
مرعي ، الشيخ
حسين عبد الله
، مؤسّسة
العروة الوثقى
، ط١ ، (برج
البراجنة ، ١٩٩٦م
ـ ١٤١٧هـ). ١٦٩
ـ المنهج
الرجالي
والعمل
الرائد في
الموسوعة
الرجالية :
لسيّد
الطائفة
الإمام
البروجردي
(١٢٩٢هـ ـ ١٣٨٠هـ) ،
الجلالي ،
السيّد رضا
الحسيني ، مطبعة
مركز الإعلام
الإسلامي ، ط١
، (قم ، ١٤١٨هـ). ١٧٠
ـ منهج المقال
في تحقيق
أحوال الرجال
:
الأسترآبادي
، الميرزا
محمّد بن عليّ
بن إبراهيم
(ت١٠٢٨هـ) ، الطبعة
الحجرية ،
(طهران ، د.ت). ١٧١
ـ المنهجية
التاريخية في
العراق :
العزاوي ، عبد
الرحمن حسين ،
(بغداد ، ١٩٨٨). ١٧٢
ـ المنهل
الصافي
والمستوفي
بعد الوافي :
ابن تغري بردي
، جمال الدين
يوسف بن بردي
الأتابكي
(ت٨٧٤هـ) ، دار
الكتب
المصرية ،
(القاهرة ، ١٩٥٦هـ).
١٧٣
ـ الموسوعة
الرجالية
الميسّرة ، أو
معجم رجال
الوسائل :
تحت إشراف آية
الله جعفر
سبحاني
ومراجعة السيّد
محمود
البغدادي ،
إعداد
الترابي
والرهائي عليّ
أكبر والشيخ
يحيى. مؤسّسة
الإمام
الصادق
عليهالسلام ،
ط١ ، (قم ، ١٤١٩هـ). ١٧٤
ـ ميزان
الاعتدال في
نقد الرجال :
الذهبي ، شمس
الدين محمّد
بن أحمد بن
عثمان (ت٧٤٨هـ) ،
تحقيق : عليّ
البجاوي ،
(مصر ، ١٩٦٣). ١٧٥
ـ النجوم
الزاهرة في
ملوك مصر
والقاهرة :
طبع وزارة
الثقافة
والإرشاد ،
(مصر ،د.ت). ١٧٦
ـ نخبة الفكر
في مصطلح أهل
الأثر :
ابن حجر ، أبو
الفضل أحمد بن
عليّ
العسقلاني (ت٨٥٢هـ)
، المكتبة
العلمية ،
(المدينة
المنوّرة ، د.ت). ١٧٧
ـ نزهة النظر
بشرح نخبة
الفكر في
مصطلح أهل الأثر
: ابن
حجر ، أبو
الفضل أحمد بن
عليّ
العسقلاني (ت٨٥٢هـ)
، المكتبة
العلمية ،
(المدينة
المنوّرة ، د.ت). ١٧٨
ـ نضد الإيضاح
: ابن
الفيض
الكاشاني ،
علم الهدى
محمّد بن محمّد
بن محسن (ت قبل
١١٢٣هـ) ، (طبع
بهامش فهرس
الطوسي) ،
(ليدن ، ١٢٧١هـ). ١٧٩
ـ نقد الرجال :
التفريشي ،
السيّد مصطفى
بن الحسين
الحسيني (من
أعلام القرن
الحادي عشر) ،
تحقيق :
مؤسّسة آل
البيت
عليهمالسلام
لإحياء
التراث ، (قم ،
د.ت). ١٨٠
ـ النهاية في
غريب الحديث :
ابن الأثير ،
مجد الدين أبو
السعادات
المبارك بن
محمّد الجزري
(ت٦٠٦هـ). تحقيق :
أحمد الزاوي
ومحمود محمّد
الطناحي ،
المكتبة
العلمية ،
(بيروت ، د.ت). ١٨١
ـ نهج الحقّ
وكشف الصدق :
العلاّمة
الحلّي ، أبو
منصور الحسن
بن يوسف بن
المطهّر
الأسدي (ت٧٢٦هـ) ،
منشورات دار
الهجرة ،
(إيران ، ١٤٠٧هـ).
١٨٢
ـ الوافي
بالوفيات :
الصفدي ، صلاح
الدين خليل بن
أيبك (ت٧٦٤هـ) ،
تحقيق :
ويررنغ ،
(دمشق ، ١٩٥٣). ١٨٣
ـ وجيزة في
علم الرجال :
المشكيني ،
أبو الحسن ،
تحقيق :
السيّد زهير الأعرجي
، (قم ،١٤١٠هـ). ١٨٤
ـ وصول
الأخيار إلى
أصول الأخبار
: ابن
عبد الصمد
العاملي ،
الشيخ حسين
(ت٩٨٤هـ) ، تحقيق :
السيّد عبد
اللطيف
الكوهكمري ،
نشر مجمع
الذخائر
الإسلامية ،
مطبعة الخيان
(قم ، ١٠٤١هـ). ١٨٥
ـ وفيات
الأعيان
وأنباء أبناء
الزمان :
ابن خلّكان ،
أبو العبّاس
شمس الدين بن
أحمد (ت٦٨٨هـ) ،
تحقيق : إحسان
عبّاس ،
(بيروت ، ١٩٦٩). ١٨٦
ـ هدي الساري
مقدّمة لشرح
صحيح البخاري
: ابن
حجر ، أبو الفضل
أحمد ابن عليّ
العسقلاني
(ت٨٥٢هـ) ، دار
المعرفة
للطباعة
والنشر ،
(بيروت ، ١٣٠١هـ). ١٨٧
ـ هدية
العارفين في
أسماء
المؤلّفين
وآثار المصنّفين
:
البغدادي ،
إسماعيل باشا
بن محمّد أمين
الباباني
(ت١٣٣٩هـ) ،
(استنبول ، ١٩٥١). الرسائل
والأطاريح
والبحوث
والدراسات : ١٨٨
ـ العلاّمة
الحلّي (٦٤٨هـ ـ
٧٢٦هـ) : آل
ياسين ، محمّد
مفيد ، رسالة
ماجستير
مقدّمة إلى
جامعة بغداد ،
كلّية الآداب
، ١٩٧١ ، قيد الطبع. ١٨٩
ـ العلاّمة
الحلّي (٦٤٨هـ ـ
٧٢٦هـ) : آل
ياسين ، محمّد
مفيد ، أبان
بن عثمان
ودوره في
بدايات كتابه
السيرة
النبوية ، بحث
منشور في
مجلّة
المؤرّخ
العربي ،
العدد٥٧ لسنة ١٩٩٨م. ١٩٠
ـ بحث في نشأة
علم التاريخ
عند العرب :
الدوري ، عبد
العزيز ،
(بيروت ، ١٩٦٩).
١٩١
ـ بحوث في فقه
الرجال :
محاضرات
ألقاها سماحة
آية الله
العظمى السيّد
عليّ
العلاّمة
الفاني
الأصفهاني ،
إعداد العاملي
، السيّد عليّ
حسين مكّي ،
مؤسّسة
العروة الوثقى
، ط٢ ، (برج
البراجنة ، ١٩٩٤ ـ
١٣١٣هـ). ١٩٢
ـ بحوث في
مباني علم
الرجال :
محاضرات
الشيخ محمّد
السند ، إعداد
التبريزي ،
محمّد صالح ،
مؤسّسة
انتشارات عصر
الظهور ، ط١ ،
مطبعة سبهر
،(د.م١٤٢٠هـ). ١٩٣
ـ التدوين
التاريخي
ومدارسه حتّى
منتصف القرن
الخامس
الهجري :
الحاج جاسم ،
سامي حمود ،
بحث منشور في
مجلّة العرب
والمستقبل ،
العدد ١١ لسنة ٢٠٠٥م. ١٩٤
ـ سعيد بن
جبير (دراسة
تاريخية) :
الحاج جاسم ،
سامي حمود ،
رسالة
ماجستير مقدّمة
إلى كلّية
التربية ، ابن
رشد ، جامعة
بغداد ت سنة ٢٠٠٢ ،
غير منشورة. ١٩٥
ـ موارد تاريخ
الطبري :
عليّ جواد ،
بحث منشور في
مجلّة المجمع
العلمي
العراقي سنة
١٩٥١م. ١٩٦
ـ الرواية
والأسانيد
وأثرها في
تطوّر الحركة
الفكرية في
صدر الإسلام :
العلي ، صالح
أحمد ، مجلّة
المجمع
العلمي ، ١٩٨١. ١٩٧
ـ مظاهر تأثير
علم الحديث في
التاريخ عند
المسلمين :
معروف ، بشّار
عوّاد ، مجلّة
الأقلام ،
العدد الخامس
، السنة
الأولى ، ١٩٦٥.
|
مناهج الفقهاء في المدرسة الإمامية (٤) |
|
السـيّد زهير الأعرجي
لقد استعرضنا في الأعداد السابقة مناهج الفقهاء في المدرسة الإمامية ، فتطرّقنا إلى منهج الفقه الإستدلالي الموسوعي ، ومنهج المختصرات ومنهج الفقه المقارن ومنهج الشرح الاستدلالي ونستأنف البحث هنا :
٥ ـ منهج التعليقات والحواشي :
مقدّمة :
التعليقة والحاشية عنوانان لمطلب واحد وهو شرح مواضع من الكتاب وبيانها يكتب على الأغلب على هامش ذلك الموضع ، فالحاشية هو ما يكتب في أطراف الكتب من الشروح ، والحشو بمعنى الزائد ، والحاشية بمعنى الطرف من باب تسمية الحال باسم المحلّ.
يقول الشّيخ آغا بزرك الطهراني في الذريعة : «يرجع تاريخ تعليق الحواشي على الكتب في الإسلام إلى عهد انتشار الكتب نفسها ، فإنّ من قرأ
شيئاً من العلوم وكان عارفاً بالكتابة لم يفته هذا النوع من التصنيف ، لأنّ إبداء الرأي طبيعي لكلِّ فرد يمكنه ذلك.
لقد كانت كتابة الحواشي قبل القرن العاشر منحصرة لكشف بعض الغوامض من المسائل وشرح بعض العبارات المعقّدة ، وتمتاز عن الحواشي بعد هذا التاريخ بكونها أوضح من المتون التي علّقت عليها للتّوضيح ، وأمّا في العهد الصفوي القاجاري فنرى الحواشي قد ازدادت عدداً وزادت عباراتها إغلاقاً وتعقيداً بحيث لا تقلّ في ذلك عن المتن الذي علّقت عليه ، وكلّما نتقدّم في هذا العصر نرى هذا الأثر يشتدّ ويتّضح أكثر من ذي قبل. والحواشي في ذلك التاريخ على ثلاثة أقسام :
١ ـ الحواشي على الكتب الأدبية ولا سيّما المتداول تدريسها ، فقد كثرت الحواشي عليها للتشريح والتنقيح والبسط والتعليلات الزائدة واستدراك نكات تركها المصنّف اختصاراً ...
٢ ـ الحواشي على الكتب الدينية ، وهي إمّا مسائل أصلية أو فرعية. أمّا الأوّل فإنّ الحواشي عليها إنّما كانت توضيحية لمراد الماتن واستدلالات عقلية أو نقلية له ، أمّا الردّ والانتقاد فما كانوا يكتفون فيها بالحاشية بل يكتبون فيها رسالات مستقلّة. وأمّا المسائل الفرعية فإنّ الحواشي عليها إمّا مختصرة فتوائية وهي التي يكتب المحشّي ما يستنبطه من الحكم في المسألة على خلاف ما استنبطه الماتن ، وإمّا مشروحة يتضمّن البحث في إسناد الأخبار المستدلّة بها أو في كيفية الاستدلال والاستنباط أو انتقاد خفيف.
٣ ـ الحواشي على العلوم العقلية ـ وكانت قد تقلّصت في العهد التيموري الأخير ـ فبما كان لأصحابها الحقّ في إظهار النظر واتّخاذ رأي
يرونه حقّاً عندهم صارت معركة للآراء المتخالفة ، فما كان أحدهم يكتب رسالة أو كتاباً إلاّ وتتوارد عليه الحواشي ، وما كانت تبرز حاشية وتشتهر بين قرّائها حتّى تصير هدفاً يتقاطر عليها سهام الحواشي نصرةً لمؤلّف الكتاب على المحشّي الأوّل أو إبداءً لرأي ثالث ، وربّما جاء آخر يتحاكم بين هؤلاء.
وعلى أىٍّ فإنّا نرى أنّ الكتب بضميمة الحواشي تخرج عمّا كانت عليه سابقاً ويعدّ مجموعه تأليفاً جديداً للمحشّي ، لأنّه ألّف بعضه إمضاءً وبعضه الآخر إبداعاً ، كما هو الحال في أكثر التصانيف المستقلّة أيضاً ، حيث يجمع المؤلّف فيها بين جملة من المطالب التي تعرّض لها غيره من قبل وبين ما يبدعه هو نفسه ، غاية الأمر أنّ المحشّي لا يتعب نفسه إلاّ في كتابة ما أبدعه في الهامش فقط ؛ ولهذا فقد كثر عدد الحواشي بحيث خرج عن حدّ الإحصاء. ولجميع هذه الأقسام أهمّيّتها التاريخية للبحث عن التطوّر العقلي للمجتمع الذي ولدت فيه هذه الأفكار»(١).
طبيعة الحواشي :
تكتب التعليقة أو الحاشية لتدارك ما فات الماتن من أفكار وآراء ، وشرح المطالب الغامضة ، وتوثيق أو تضعيف السند ، والاستدلال أحياناً على المطلب عن طريق الآيات الشريفة والروايات الصحيحة. ويعتبر في قوّة الحاشية المكتوبة الفقيه المحشّي نفسه. وقد اهتمّ فقهاء الإمامية بكتابة الحواشي والتعليقات.
__________________
(١) الذريعة إلى تصانيف الشيعة ٦ / ٧ ـ ٨.
فالوحيد البهبهاني (ت ١٢٠٥ هـ) كتب حاشية على مدارك الأحكام ، والشّهيد الثاني (ت ٩٦٥ هـ) كتب حاشيتين الأولى على شرائع الإسلام والثانية على إرشاد الأذهان ، والشّيخ النراقي (ت ١٢٤٥ هـ) كتب حاشية على الروضة البهية.
وسوف نذكر الحواشي ، وهدفنا فهم منهجها وطريقة ترتيب أفكارها.
كتب الحواشي :
١ ـ الحاشية على مدارك الأحكام للوحيد البهبهاني (ت ١٢٠٥ هـ).
٢ ـ حاشية شرائع الإسلام للشهيد الثاني (ت ٩٦٥ هـ).
٣ ـ حاشية إرشاد الأذهان للشهيد الثاني (ت ٩٦٥ هـ).
٤ ـ الحاشية على الروضة البهية للشيخ النراقي (ت ١٢٤٥ هـ).
١ ـ منهج الحاشية على المدارك :
كتاب الحاشية على مدارك الأحكام للمولى محمّد باقر البهبهاني (ت ١٢٠٥ هـ) ، في ثلاثة مجلّدات ، هو حاشية على كتاب مدارك الأحكام للسيّد الموسوي العاملي. وكتاب المدارك ذاته هو شرح على كتاب شرائع الإسلام للمحقّق الحلّي.
ومنهج المصنّف في الحاشية هو :
١ ـ تحديد المباني الأصولية والفقهية لكتاب مدارك الأحكام ومحاولة مناقشتها وتدارك ما فات صاحب المدارك من أفكار وآراء وتنبيهات.
٢ ـ استخدام الطريقة الاستدلالية من حيث استخدام الأمارات الشرعية والأصول العملية وإشباع البحث تفريعاً وتوجيهاً وعرض الروايات المتعارضة.
٣ ـ تعميق البحث الرجالي من توثيق أو تضعيف وأخذ أو ردّ ، محاولاً تطبيق الطّرق التي يعتمدها في توثيق الرجال.
نماذج من منهجه :
وفيما يلي نماذج من منهجه :
النموذج الأوّل : في موضوع بعض الطّهارات الواجبة :
«قال : مطلق الطهارة(١) ... : إن أراد الأعمّ من الترابية ففيه ما فيه ، وإن إراد الطبيعة اللابشرط ففيه : إنّا لم نقف على ما ذكرت ، فإنّ الصّلاة تتوقّف على الوضوء في صورة وعلى الغسل في صورة أُخرى وعلى كليهما في صورة أُخرى على المشهور ، والمراد من قوله : (لا صلاة إلاّ بطهور) ليس توقّفها عليه من دون خصوصية.
وقوله : (وما يثبت ...) ، فيه : إنّ النوع الخاصّ طهارة أيضاً لتوقّف صحّة الصوم عليه كما صرّح به ، بل صرّح بأنّه طهارة حيث جعله نوعاً منها ، والخصوصية لا تخرجه عن كونه فرداً للطهارة ، وهو رحمهالله يوجب التيمّم للخروج من المسجدين كما ورد النصّ به ، بل ويوجبه لدخول المساجد عموماً ...»(٢).
__________________
(١) في المدارك ١ / ٢٤ : «فما ثبت توقّفه على مطلق الطهارة من العبادات يجب له التيمّم».
(٢) الحاشية على مدارك الأحكام : ٣٧.
النموذج الثاني : في موضوع : ما يستحبّ له الوضوء :
«قال : لأنّ الاستحباب ... : الحكم شرعيٌّ وعقليٌّ وعاديٌّ ، والأخيران لا مانع منهما بأن يقال : عقلاً كذا أو عادة كذا ، ولا مانع من متابعتهما سيّما العقلي ، ولذا ترى الشارح رحمهالله مع حكمه بأنّ الاحتياط ليس بدليل شرعيٍّ يأمر به مهما أمكن ، وديدنه ذلك. وبالجملة : لا مانع من متابعتهما ما لم يدخلهما في الشرع ، بل أمر بهما ونهى عن خلافهما. وربّما قيل بإدخال العقلي في الشرعي بناءً على تطابقهما ، ومنّا من أنكر مع القول بالتطابق. ولاشكّ في اعتبارهما في موضوع الحكم ، نعم لو كان من العبادات فحكمه حكم نفس الحكم ، وهو بعنوان الجزم يتوقّف على دليل قطعي والظّنّ على الظّنّي والاحتمال على أمارة مورثة له مثل الخبر الضعيف متناً أو سنداً أو دلالة أو تعارض الأدلّة أو قول الفقهاء ـ لا إجماعهم ـ أو فقيه أيضاً أو حكم العقل على القول الآخر ، فالأوّل لاشكّ في اعتباره ، والثاني من المجتهد إمّا مطلقاً أو إذا كان عليه بخصوصه دليل شرعيٌّ ، وأمّا الثالث فلا مانع له من مجرّد القول مطلقاً ، وأمّا العمل فلا مانع منه إذا كان احتياطاً ولاشكّ في حسنه عقلاً ونقلاً ، فظهر وجه تسامح القوم في السنّة والمكروه. مضافاً إلى حديث : (من بلغه شيءٌ من الثواب على عمل فعمل ذلك التماس الثواب أوتيه وإن لم يكن الحديث على ما بلغه)(١).
لا يقال : ما ذكر أوّلاً يتمّ في محتمل الضرر مثل الوجوب والحرمة لا ما يفيد الاستحباب أو الكراهة ، والحديث غاية ما يثبت مجرّد الثواب لا الاستحباب.
__________________
(١) الوسائل ١ / ٨٠ أبواب مقدّمة العبادات ب ١٨.
لأنّا نقول : الاحتياط يتحقّق عقلاً وعرفاً في جانب المنفعة أيضاً ، مضافاً إلى أنّ الحسنات يذهبن السيّئات ، مع أنّ ثواب الله أعظم من الدرهم والدينار ، ويتحقّق فيهما أيضاً.
بل من بذل جهده في جميع ما هو مطلوب السيّد حتّى المحتمل كونه مطلوبه فإنّه عند العقل والعرف ـ بل لعلّه عند الشرع أيضاً ـ ليست مرتبته مساوية لمرتبة المقتصر على القدر الثابت ، وهذا أيضاً طريق آخر للمسامحة.
بل من ارتكب مباحاً من حيث إنّ السيّد أباحه وإنّه مباحه لعلّه يصير حسناً عند السيّد ووسيلة لقربه جالباً لمحبّته ، فإذا كان ما هو مقطوع عدم رجحانه كذلك فما ظنّك بما نحن فيه. وهذا أيضاً طريق آخر.
وأيضاً ربّما يرتكب من حيث إنّه نسب إلى السيّد أنّه يحبّه ويستحسنه. وهذا أيضاً طريق آخر.
وأمّا الجواب للحديث فبأنّ الطريقة المسلّمة المعهودة المقرّرة أنّهم يحكمون باستحباب الفعل بمجرّد أن يرد من الشرع بإزائه ثواب ، وذلك إمّا لأنّهم يريدون من المستحبّ ما يكون بإزائه ثواب والثواب الذي فيه يكفي لرجحانه ، أو لأنّ الثواب عندهم لا يكون إلاّ برجحان فيه فلا يكون بغير رجحان لمنافاته الحكمة ولزوم الترجيح بلا مرجّح ، والمرجّح ربّما كان وجوهاً واعتبارات يمكن أن يكون ممّا أشرنا إليه أو غيره ممّا يمكن أو لا يمكن دركه»(١).
__________________
(١) الحاشية على مدارك الأحكام ١ / ٢٠ ـ ٢٢.
الاستنتاج :
١ ـ يشرح المحشّي المطالب الفقهية للماتن شرحاً وافياً ، ولا يخالُ القارئ أنّ ما يقرأه هو حاشية بل هو شرحٌ مبسوط لكتاب فقهيٍّ ، فيشرح التيمّم مثلاً وكون له خصوصية مثل وجوبه للخروج من المسجدين إذا أصابته جنابة.
٢ ـ يناقش المحشّي أصل الاحتياط وتوقّفه على الدليل القطعي أو الظّنّ على الظنّي والاحتمال على أمارة مورثة له ، ويتوصّل إلى نتيجة مفادها أنّه لابدّ من مرجّح شرعي في الأخذ بأصل الاحتياط.
٢ ـ منهج حاشية شرائع الإسلام :
كتاب حاشية شرائع الإسلام للشهيد الثاني زين الدين بن عليّ العاملي (ت ٩٦٥ هـ) في مجلّد واحد ، هو حاشية موجزة ومختصرة ، يذكر قول المحقّق ثمّ يعلّق عليه بما يراه ، ولم يستدلّ بالآيات القرآنية أو الأحاديث الشريفة إلاّ في موارد قليلة نادرة ، ولا ينقل آراء الفقهاء إلاّ نادراً. يقول في مقدّمة كتابه :
«وبعد ، فهذه تعليقةٌ مختصرةٌ وقيودٌ مُحبَّرةٌ(١) على كتاب شرائع الإسلام ، تُنظِّمُ ما اعتمد عليه من فتواه وتقيِّد ما أطلقه وتُبيِّن ما أجمله ، وعلى الله سبحانه أعتمد وهو حسبي ونعم الوكيل»(٢).
نماذج من منهجه :
وفيما يلي نماذج من حاشيته :
__________________
(١) مُحبَّرة : أي محَسَّنة.
(٢) حاشية الشرائع : ١٩.
النموذج الأوّل : في كتاب العمرة [صورتها]
«قوله : وصورتها أن يحرم من الميقات الذي يسوغ له الإحرام منه ، ثمّ يدخل مكّة فيطوف ويصلّي ركعتيه ، ثمّ يسعى بين الصّفا والمروة ويقصّر : في عود ضمير (وصورتها) التباس ، لأنّه إن عاد إلى مطلق العمرة الشامل للمفردة والمتمتّع بها ـ كما يشعر به قوله بعد ذلك : وهي تنقسم إلى متمتّع بها ومفردة ـ لم يصحّ ، لاختلاف صورتهما وإن اشتركا في أكثر الأفعال. وإن عاد إلى المتمتّع بها ـ كما يظهر من قوله : ثمّ يدخل مكّة ... إلى آخر الأفعال التي عدّدها ولم يذكر فيها طواف النساء المختصّ بالمفردة ـ لم يكن للضمير مرجع صالح ، ثمّ ينافيه قوله بعد ذلك : (وأفعالها ثمانية) وعدّ منه طواف النساء. وإن عاد إلى المفردة حصل التنافي أيضاً بين العبارتين المقدّرة فيهما الأفعال. لكن الأولى إرادة المفردة ، ويكون الاقتصار في العبارة الأولى على ما عدا طواف النساء بملاحظة الأفعال المشتركة بين العمرتين ، ثمّ أكمل المراد من المفردة بعد ذلك معيداً للضمير إليها ، ولا يحتاج المقام إلى التصريح بها لأنّها هي الواجبة بأصل الشرع ، والإطلاق منـزّل عليها»(١).
النموذج الثاني : في أحكام الطواف.
«قوله : الطواف ركن مَن تركه عامداً بطل حجّه : المراد به غير طواف النساء فإنّه ليس بركن إجماعاً ، وترك الطواف بخروج ذي الحجّة قبل فعله(٢).
قوله : ولو تركه ناسياً قضاه : المراد بالقضاء هنا الإتيان بالفعل من باب
__________________
(١) حاشية شرائع الإسلام : ٣٠٢.
(٢) حاشية شرائع الإسلام : ٢٧٠.
(فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ)(١) لا القضاء المتعارف؛ إذ لا توقيت هنا للطّواف حقيقيّاً»(٢).
الاستنتاج :
١ ـ يناقش المحشّي الماتنَ ويُشكل عليه ، مثلاً في صورة العمرة يقول : «في عود ضمير : (وصورتها) التباس» ثمّ يذكر الالتباس ويعرض رأيه في ذلك.
٢ ـ يصحّح المحشّي ما فاتَ الماتن من تفصيل ، مثلاً يقول الماتن : «إنّ الطواف ركن» فيعلّق المحشّي : «المراد به غير طواف النساء فإنّه ليس بركن إجماعاً».
٣ ـ يشرح المحشّي ما لم يشرحه الماتن ، مثلاً يقول الماتن : «ولو تركه ناسياً قضاه» فيشرح المحشّي : «المراد بالقضاء هنا الإتيان بالفعل من باب (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُم) لا القضاء المتعارف ، إذ لا توقيت هنا للطّواف حقيقة».
٣ ـ منهج حاشية إرشاد الأذهان :
كتاب حاشية إرشاد الأذهان للشهيد الثاني زين الدين العاملي (ت ٩٦٦ هـ) في مجلّد واحد ، هو حاشية وتعليقات كتبها الشّهيد الثاني على إرشاد الأذهان للعلاّمة الحلّي (ت ٧٢٦ هـ).
ونذكر نموذجاً في دراسة منهجه ، وهو : كتاب الحجّ [النظرُ] الأوّل في أنواعه :
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ٢٠٠.
(٢) حاشية شرائع الإسلام : ٢٧٠.
قوله : ثمّ يحرم من مكّة يومَ التروية : الثامن من ذي الحجّة على الأفضل.
قوله : ثمّ يمضي إلى مكّة : من يومه أو غده ، ولا يجوز التأخير من غده.
«قوله : باثني عشر ميلاً : بل ثمانية وأربعينَ ميلاً من كلِّ جانب.
قوله : إلى فرضِ الآخرِ اضطراراً : يتحقّقُ الاضطرارُ في المتمتّعِ بخوف المرأة الحيضَ المانعَ لها من التحلّل من العُمرة قبل الإهلالِ بالحجّ وإدراك عرفةَ نظراً إلى عادتها ، فيعدلُ حينئذ إلى أحدهما. ويتحقّق العكس إذا خافت طرءَ الحيضِ بعد الإتيان بأفعال الحجِّ بحيثُ لا يمكنها الإتيان بالعمرة المفردةِ بعده وخشيتْ معاجلةَ سفر رفقتها ، ونحو ذلك.
قوله : ويستحبُّ لهما تجديدُ التلبية : الأقوى وجوب تجديد التلبية بعد كلِّ طواف عقيب ركعتيه ، وبدونها يُحلاّن.
قوله : وينتقلُ فرضُ المقيم : ويُشترط الاستطاعةُ من بلده.
قوله : ثلاث سنين : بل المعتبرُ سنتان وينتقل فرضه في الثالثة.
قوله : إلى الميقاتِ : أيّ ميقات شاء(١)».
الاستنتاج :
١ ـ يشرح المحشّي ما فاتَ الماتن من شرحه ، مثلاً يقول الماتن : «ثمّ يحرم من مكّة يوم التروية» فيقول المحشّي : «الثامن من ذي الحجّة على الأفضل». أيضاً يشرح المحشّي معنى الاضطرار.
__________________
(١) حاشية إرشاد الأذهان : ١١٧.
٢ ـ يعارض المحشّي ما ذكره الماتن ، مثلاً يقول الماتن : «باثني عشر ميلاً» يقول المحشّي : «بل ثمانية وأربعين ميلاً من كلِّ جانب».
٣ ـ يفتي المحشّي بخلاف رأي الماتن ، يقول الماتن : «ويستحبّ لهما تجديدُ التلبية» ويجيب المحشّي : «الأقوى وجوب تجديد التلبية بعد كلِّ طواف ...».
٤ ـ منهج كتاب الحاشية على الروضة :
كتاب الحاشية على الروضة البهية للشيخ أحمد بن محمّد مهدي النراقي (ت ١٢٤٥ هـ) ، والكتاب تعليق على كتاب الروضة البهية للشهيد الثاني (ت ٩٦٥ هـ) الذي هو شرحٌ لكتاب اللمعة الدمشقية للشّهيد الأوّل (ت ٧٨٦ هـ). وأُسلوب المصنِّف توضيحيٌّ شرحيٌّ.
نماذج من منهجه :
وفيما يلي نماذج من منهجه :
النموذج الأوّل : في كتاب الصّلاة ـ الفصل الأوّل.
«قوله : تغليباً : التغليب يكون في النسبة ، فإنّه يقال في المنسوب إلى اليوم : (يومي) وإلى الليل : (الليلي) وإذا غلب اليوم يقال : (اليومية).
وقوله : أو بناءً على إطلاقه : أي إطلاق اليوم. يريد أنّ التجوّز في لفظة اليوم ، حيث يراد به ما يشمل الليل أيضاً ـ أي : الزمان ـ من باب عموم المجاز»(١).
__________________
(١) الحاشية على الروضة البهية : ١٩٣.
النموذج الثاني : في «قوله : بالكسوفين : الباء إمّا السببية أي : جعلها ثلاثاً بسبب الكسوفين ، أو بمعنى : (مع) أي : مع الكسوفين. ووجه أسدّيّة عدّها سبعة بإدخال الكسوفين في الآيات أنّهما قسمان من الآيات لدخولهما فيها ، فعدّهما قسمين لها من عيوب القسمة. وقد تعدّ تسعة بجعل الآيات ثلاثاً بالزلزلة فالكسوفين وغيرها ، وهو أيضاً غير سديد. وجعل التسعة في القواعد بذلك وبجعل شبه المنذور قسماً على حدة وإخراج صلاة الأموات»(١).
النموذج الثالث :
«قوله : صلاة الأموات اختيار إطلاقها : وذلك لأنّه صرّح كثير من الأصوليّين ومنهم العلاّمة وولده بأنّ التقسيم يدلّ على كون المقسّم مشتركاً بين الأقسام ، ولكن وقع الخلاف في أنّه يدلّ على الاشتراك المعنوي أو اللفظي ، وعلى التقديرين يثبت مطلوب الشارح هنا كما لا يخفى.
وإنّما قيّد الحقيقة بالشرعية لأنّها إذا كانت حقيقة فيها لم يكن إلاّ شرعية ، إذ لا يحتمل خلاف في عدم كونها حقيقة لغوية فيها. وأمّا الحقيقة المتشرّعية وإن جازت إلاّ أنّ جعلها قسيماً لسائر المعاني التي هي حقائق شرعية عند المصنّف يشعر بكونها أيضاً كذلك»(٢).
الاستنتاج :
١ ـ غالباً ما يعرّف المحشّي العبارات التي ذكرها الماتن ، مثلاً في قول الماتن «تغليباً» يقول المحشّي : «التغليب يكون في النسبة ...».
__________________
(١) الحاشية على الروضة البهية : ١٩٣.
(٢) الحاشية على الروضة البهية : ١٩٣ ـ ١٩٤.
٢ ـ أحياناً يناقش المحشّي ما كتبه الماتن ويعترض عليه بأنّه رأي غير سديد ، كما في شرح «... بالكسوفين».
٣ ـ وأحياناً أُخرى يؤيّد ما كتبه الماتن ، فيقول : «وعلى التقديرين يثبت مطلوب الشارح هنا كما لا يخفى».
وبالإجمال : فإنّ التعليقة أو الحاشية هي أفكار ومعلومات سريعة يكتبها المحشّي تذكرةً لنفسه غالباً ، وقد يُستفاد منها ، وقد لا يعرف معناها إلاّ المحشّي نفسه.
٦ ـ منهج النقد العلمي :
مقدّمة :
ولا يتطوّر المنهج إلاّ بالنقد والردّ والنقاش المثمر. وإذا كان الميزان هو البحث عن الدليل كان النقد العلمي من أهمّ ميزات تطوّر الفكر.
طبيعة النقد العلمي :
مع أنّ الشّيخ الطّوسي (ت ٤٦٠ هـ) قد مهّد الأرضية الصلبة للمدرسة الإمامية في الأصول والفقه والرجال والحديث إلاّ أنّه تعرّض للنقد العلمي أيضاً ، فقد انتقده ابن البرّاج (ت ٤٨١ هـ) مباشرة ودون واسطة في نقاشات علمية ، وانتقده ابن إدريس (ت ٥٩٨ هـ) بعد أكثر من مائة سنة في كتاب السرائر. ومن قبله وعلى نفس الشاكلة انتقد الشّيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ) استاذه الشّيخ الصدوق (ت ٣٨١ هـ). وكلّما اقتصر النقد على المباني العلمية كان أنفع لفكر الطائفة الحقّة ومتبنّياتها. ولولا النقد العلمي بين الفقهاء لما وصل الفكر الفقهي الشيعي إلى ما هو عليه اليوم من سموٍّ
وإرتقاء. والكتب التي نذكرها في هذا المنهج لم تكتب لأجل النقد ، بل إنّ فيها نقداً علميّاً لآراء بعض الفقهاء.
كتب المنهج النقدي العلمي :
١ ـ كتاب تصحيح الاعتقاد للشيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ).
٢ ـ كتاب المهذّب في الفقه للشيخ ابن البرّاج (ت ٤٨١ هـ).
٣ ـ كتاب السرائر لابن إدريس الحلّي (ت ٥٩٨ هـ).
١ ـ منهج تصحيح الاعتقاد :
نقد الشّيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ) أُستاذه الشّيخ الصدوق (ت ٣٨١ هـ) نقداً علميّاً في كتاب تصحيح الاعتقاد ، فقد ألّف الشّيخ الصدوق كتاب الاعتقادات الذي تتميّز أُطروحته بالاعتماد في معرفة أُصول الدين على النصوص الواردة عن أهل البيت عليهمالسلام. وأُصول الدين ومسائل العقيدة من الأُمور التي ينبغي أن يتوصّل إليها المكلّف بنفسه عن طريق العقل الذي وهبه الله إيّاه ، مسترشداً بالكتاب المجيد وسنّة أهل البيت عليهمالسلام.
فتصدّى الشّيخ المفيد لكتاب الاعتقادات بالنقد والردّ وأصدر كتاب تصحيح الاعتقاد معتمداً المنهج الكلامي للطائفة ، منتقداً شيخه قدسسره ومخالفاته في المسائل الكلامية بكلّ جرأة. وكان الشّيخ الصدوق قد انتهج في الاعتقادات منهج الحديث والرواية والفقه ، بينما انتهج الشّيخ المفيد منهج علم الكلام. وقد أضفنا رأي الشّيخ المفيد والشّيخ الطّوسي إلى هذا البحث لأنّهما فقيهان من فقهاء الإمامية ، هدفنا دراسة المنهج عبر كتاب تصحيح الاعتقاد.
وفي كتاب تصحيح الاعتقاد يناقش المصنّف استاذه «في موارد كثيرة يرد عليه في الأغلب ، ويختلف معه في فهم ما ورد من ذلك في حديث أئمّة العترة الطاهرة عليهمالسلام ، فالصدوق ابن بابويه يفهمها فهمَ محدِّث والشّيخ المفيد ينظر إلى الأحاديث نظرة متكلّم متعمّق عارف بفنون الكلام ومغازيها ، ومن هنا اختلفا فيما بينهما ، كما اختلفا من هذا المنطلق أيضاً في سهو النبيّ(صلى الله عليه وآله) وفي العدد والرؤية في شهر رمضان»(١).
نموذج من منهجه :
[حكمة الكناية والاستعارة] : «فصل : والذي قاله أبو جعفر [الصدوق] في تفسير قوله تعالى : (مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ)(٢) أنّ المراد : قدرتي وقوّتي(٣).
قال أبو عبد الله [المفيد] : ليس هذا هو الوجه في التفسير لأنّه يفيد تكرار المعنى ، فكأنّه قال : بقدرتي وقدرتي أو بقوّتي وقوّتي ، إذ القدرة هي القوّة والقوّة هي القدرة ، وليس لذلك معنىً في وجه الكلام. والوجه ما قدّمناه من ذكر النعمة ، وأنّ المراد بقوله : (مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ) إنّما أراد به نعمتيَّ اللتين هما في الدنيا والآخرة ، والباء في قوله تعالى : (بيديَّ) تقوم مقام اللام ، فكأنّه قال : خلقت ليدىَّ ، يريد به لنعمتي ، كما قال : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُوْنَ)(٤) ، والعبادة
__________________
(١) حياة الشّيخ المفيد ومصنّفاته ـ القسم الثاني كتبه السيّد عبدالعزيز الطباطبائي : ٢٢٩.
(٢) سورة ص ٣٨ : ٧٥.
(٣) الاعتقادات : ٢٣.
(٤) سورة الذاريات ٥١ : ٥٦.
من الله تعالى نعمته عليهم ، لأنّها تعقبهم ثوابه تعالى في النعيم الذي لا يزول. وفي تأويل الآية وجه آخر ، وهو أنّ المراد باليدين فيها هما القوّة والنعمة ، فكأنّه قال : خلقتُ بقوّتي ونعمتي ...»(١).
الاستنتاج :
١ ـ لم يكن نقد التلميذ لأُستاذه مألوفاً في القرون الهجرية الأولى ، ولعلّ الشّيخ المفيد هو أوّل من قام بذلك. والنقد العلمي يعني محاولة تصويب الهفوة التي وقع بها الفقيه الذي سبقه لقصور في المقدّمات أو تقصير في الفهم.
٢ ـ ينقد الشّيخ المفيد أُستاذه الشّيخ الصدوق في تفسير الآية (مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) ، حيث يفهم الشّيخ الصدوق منها أنّ المراد من (يدىَّ) هو قدرتي وقوّتي ، ولكن ذلك يستلزم تكرار المعنى وهو غير صحيح على رأي الشّيخ المفيد. والصحيح عند الشّيخ المفيد هو أنّ المراد باليدين هما النعمتين واحدة في الدنيا والأُخرى في الآخرة ، أو : القوّة والنعمة.
٣ ـ يظهر من كتابة المصنّف أنّ منحاه العلمي في نقاش تلك المسائل هو منحى كلامي فلسفي ، لذلك فقد كان قادراً على الخوض في مسائل الكناية والاستعارة ونحوها بكلِّ كفاءة.
٢ ـ منهج المهذّب :
وكتاب المهذّب في الفقه للقاضي عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي
__________________
(١) مصنّفات الشّيخ المفيد ـ (تصحيح الاعتقاد) ـ المجلّد الخامس : ٣٣ ـ ٣٤.
(ت ٤٨١ هـ) المعاصر للشيخ الطّوسي (ت ٤٦٠ هـ) من الكتب الفقهية المختصرة في مجلّدين ، ويضمّ الكتاب دورة فقهية مختصرة كاملة. ومنهج الكتاب عرض الأحكام الشرعية بلغة واضحة بعيدة عن الاستدلال الفقهي. يقول على سبيل المثال في باب المساجد وما يتعلّق بها :
«المساجد أفضل المواضع والأمكنة التي يصلّى فيها ، ولمّا كانت كذلك وجب ذكرها وما يتعلّق بها. قال الله سبحانه : (إِنَّما يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ)(١) ، وروي عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) أنّه قال : من بنى مسجداً ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتاً في الجنّة ، وروي عنه(صلى الله عليه وآله) أنّه قال : من كان القرآن حديثه والمسجد بيته بنى الله له بيتاً في الجنّة ، وروي عن الأئمّة عليهمالسلام أنّ الصّلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة ، والصّلاة في مسجد النبيّ(صلى الله عليه وآله) بعشرة آلاف صلاة ، والصّلاة في بيت المقدس بألف صلاة ، وفي المسجد الأعظم بمائة صلاة ، وفي مسجد القبيلة بخمس وعشرين صلاة ، وفي السوق باثنتي عشرة صلاة ، وصلاة الرجل في بيته وحده صلاة واحدة»(٢).
المنهج النقدي :
والذي يهمّنا هنا منهج النقد العلمي الذي استخدمه المصنّف مع الشّيخ الطّوسي ، ومن ذلك نأخذ نموذجين :
النموذج الأوّل : اختلاط المضاف بالمطلق ورفع الحدث : خذ على سبيل المثال ما ورد في كتاب الطهارة في حالة اختلاط الماء المضاف
__________________
(١) سورة التوبة ٩ : ١٨.
(٢) المهذّب ١ / ٧٦ ـ ٧٧.
الطاهر بالماء المطلق الطاهر وهما متساويان في المقدار. فقد قال ابن البرّاج بعدم جواز استعماله في رفع الحدث وعدم جواز استعماله في إزالة النجاسة والجواز في غير ذلك. وبعد ذلك قال :
«وقد كان الشّيخ أبو جعفر الطّوسي رحمهالله قال لي يوماً في الدرس : هذا الماء يجوز استعماله في الطهارة وإزالة النجاسة.
فقلتُ له : ولم أجزت ذلك مع تساويهما؟
فقال : إنّما أجزتُ ذلك لأنّ الأصل الإباحة.
فقلت له : الأصل وإن كان هو الإباحة فأنت تعلم أنّ المكلّف مأخوذ بأن لا يرفع الحدث ولا يزيل النجاسة عن بدنه أو ثوبه إلاّ بالماء المطلق ، فتقول أنت بأنّ هذا الماء مطلق؟
فقال : أفتقول أنت بأنّه غير مطلق؟
فقلتُ له : أنت تعلم أنّ الواجب أن تجيبني عمّا سألتك عنه قبل أن تسألني بـ : (لا) أو (نعم) ثمّ تسألني عمّا أردت ، ثمّ إنّني أقول بأنّه غير مطلق.
فقال : ألستَ تقول فيها إذا اختلطا وكان الأغلب والأكثر المطلق فهما مع التساوي كذلك؟
فقلتُ له : إنّما أقول بأنّه مطلق إذا كان المطلق هو الأكثر والأغلب ، لأنّ ما ليس بمطلق لم يؤثّر في إطلاق اسم الماء عليه ، ومع التساوي قد أثّر في إطلاق هذا الإسم عليه فلا أقول فيه بأنّه مطلق ، ولهذا لم تقل أنت بأنّه مطلق ، وقلتَ فيه بذلك إذا كان المطلق هو الأكثر والأغلب ، ثمّ إنّ دليل الاحتياط تناول ما ذكر. فعاد إلى الدرس ولم يذكر فيه شيئاً»(١).
__________________
(١) المهذّب ـ كتاب الطهارة ١ / ٢٤ ـ ٢٥.
ونستنتج من ذلك :
١ ـ إنّنا نقف أمام فقيهين يمثّلان رأيين مختلفين ، أوّلهما : ابن البرّاج ، وثانيهما : الشّيخ الطّوسي.
٢ ـ إنّ المسألة المتنازع حولها هي حالة اختلاط الماء المضاف الطاهر بالماء المطلق الطاهر وهما متساويان في المقدار ، فابن البرّاج يقول بعدم جواز استعماله في رفع الحدث أو إزالة النجاسة لأنّه ماء غير مطلق والأصل أنّ الماء المطلق فقط يرفع الحدث ويزيل النجاسة ، والشّيخ الطّوسي يقول بجواز استعماله في رفع الحدث وإزالة النجاسة للأصل وهو الإباحة ، وإذا اختلط المضاف مع المطلق فهما مع التساوي.
٣ ـ إنّك عرفتَ أنّ حجّة ابن البرّاج أقوى من حجّة الشّيخ الطّوسي ، فأذعن الأخير قدسسره لابن البرّاج.
النموذج الثاني : إذا حلف الرجل على عدم أكل شيء : ومثال آخر في كتاب الكفّارات من المهذّب أنّ الرجل إذا ما حلف على عدم أكل الحنطة فهل يستطيع أن يأكلها دقيقاً دون أن يحنث؟ يقول ابن البرّاج :
«كان الشّيخ أبو جعفر الطّوسي ـ رحمه الله ـ قد قال لي يوماً في الدرس : إن أكَلَها على جهتها حَنَثْ ، وإن أكلها دقيقاً أو سويقاً لم يحنث.
فقلتُ له : ولِمَ ذلك وعين الدقيق هي عين الحنطة وإنّما تغيّرت بالتقطيع الذي هو الطحن؟
فقال : قد تغيّرت عمّا كانت عليه وإن كانت العين واحدة ، وهو حلفَ أن لا يأكل ما هو مسمّى بحنطة لا ما يسمّى دقيقاً.
فقلتُ له : هذا لم يجز في اليمين ، فلو حلف : لا أكلتُ هذه الحنطة ما دامت تسمّى حنطة كان الأمر على ما ذكرت ، فإنّما حلفَ أن لا يأكل هذه
الحنطة أو من هذه الحنطة.
فقال : على كلِّ حال قد حلفَ أن لا يأكلها وهي على صفة وقد تغيّرت عن تلك الصفة فلم يحنث.
فقلتُ : الجواب ها هنا مثل ما ذكرته أوّلاً ، وذلك إن كنت تريد أنّه حلف أن لا يأكلها وهي على صفة أنّه أراد على تلك الصفة ، فقد تقدّم ما فيه ، فإن كنتَ لم ترد ذلك فلا حجّة فيه. ثمّ يلزم على ما ذكرته أنّه لو حلف أن لا يأكل هذا الخيار وهذا التفّاح ثمّ قشّره وقطّعه وأكله لم يحنث ، ولا شبهة في أنّه يحنث.
فقال : من قال في الحنطة ما تقدّم يقول في الخيار والتفّاح مثله.
فقلتُ له : إذا قال في هذا مثل ما قاله في الحنطة علم فساد قوله بما ذكرته من أنّ العين واحدة ، اللّهمّ إلاّ إن شرط في يمينه أن لا يأكل هذا الخيار أو هذا التفاح وهو على ما هو عليه ، فإنّ الأمر يكون على ما ذكرت ، وقد قلنا : إنّ اليمين لم يتناول ذلك. ثمّ قلتُ : إنّ الاحتياط يتناول ما ذكرته. فأمسك»(١).
ونستنتج من ذلك :
١ ـ فلنتصوّر مرّة أخرى وضع نفس الفقيهين وهما يتناقشان حول موضوع رجل أقسم اليمين الشرعية على عدم أكل الحنطة ثمّ أكلها دقيقاً (مطحوناً) فهل يحنث بذلك العمل؟ فابن البرّاج يعتقد أنّه إذا أكلها حنطةً فقد حنث وإذا أكلها مطحونة (دقيقاً أو سويقاً) حنث أيضاً ، لأنّ الدقيق عين الحنطة وإنّما تغيّرت بالتقطيع أو الطحن ، والاحتياط يشمل ذلك. والشّيخ
__________________
(١) المهذّب ـ كتاب الكفّارات ٢ / ٤١٩ ـ ٤٢٠.
الطّوسي يعتقد أنّه إذا أكلها حنطةً فقد حنث وإذا أكلها مطحونة (دقيقاً أو سويقاً) لم يحنث ، لأنّه لم يأكل مسمّى الحنطة بل أكل شيئاً آخر هو الدقيق ، وهذا يعني أنّه حلف على أن لا يأكل وهي على صفة وقد تغيّرت عن تلك الصفة.
٢ ـ عرفت أنّ حجّة ابن البرّاج كانت أيضاً أقوى من حجّة الشّيخ الطّوسي.
وبالإجمال : فإنّ هذا المستوى العلمي الراقي قد ميّز فقهاء الإمامية عن غيرهم من فقهاء المذاهب الأُخرى ، حيث إنّ المدار عندهم هو الدليل والحجّة الأقوى مهما كانت مكانة صاحب الرأي أو منـزلته العلمية.
٣ ـ منهج كتاب السرائر :
كتاب السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي لأبي جعفر محمّد بن منصور ابن أحمد بن إدريس الحلّي (ت ٥٩٨ هـ) في ثلاثة مجلّدات ، وهو كتاب فقهي جامع لكل أبواب الفقه ، وقد اعتبرناه كتاباً نقديّاً لأنّه ناقش مباني الفقهاء كالشيخ الطّوسي قدسسره. والكتاب ذاته تعرّض للنقد الشديد بسبب آرائه الرجالية.
نقد كتاب السرائر :
يقوم منهج الكتاب على مبنى عدم العمل بخبر الواحد ، ولذلك أصبح الكتاب مرمىً للنّقد والطّعن. وما ذكره الشّيخ محمود الحمصي من أنّ ابن إدريس مخلّط لا يُعتمد على تصنيفه ، فهو صحيح من جهة وباطل من جهة ، أمّا أنّه مخلّط في الجملة فممّا لاشكّ فيه ويظهر ذلك بوضوح من
الروايات التي ذكرها فيما استطرفه من كتاب أبان بن تغلب ، فقد ذكر فيها عدّة روايات ممّن لم يدرك الصّادق عليهالسلام ، وكيف يمكن أن يروي أبان المتوفّى في حياة الصّادق عليهالسلام عمّن هو متأخّر عنه بطبقة أو طبقتين؟!
ومن جملة تخليطه أنّه ذكر روايات استطرفها من كتاب السيّاري وقال : اسمه أبو عبد الله صاحب موسى والرّضا عليهالسلام. وهذا فيه خلط واضح ، فإنّ السيّاري هو أحمد بن محمّد بن السيّار أبو عبد الله وهو من أصحاب الهادي والعسكري عليهماالسلام ولا يمكن روايته عن الكاظم والرّضا عليهماالسلام.
وأمّا قوله : لا يعتمد على تصنيفه. فهو غير صحيح ؛ وذلك أنّ الرجل من أكابر العلماء ومحقّقيهم ، فلا مانع من الاعتماد على تصنيفه في غير ما ثبت فيه خلافه(١).
أمّا عدم عمله بأخبار الآحاد غير المحفوفة بالقرائن فهو ليس وحيداً في ذلك ، بل إنّ الشّيخ المفيد والسيّد المرتضى (علم الهدى) وابن زهرة وابن قبة لم يعملوا بأخبار الآحاد. يقول المصنّف في مقدّمة كتابه :
«... إنّ الحقّ لا يعدو أربع طرق : إمّا كتاب الله سبحانه أو سنّة رسوله(صلى الله عليه وآله) المتواترة المتّفق عليها أو الإجماع أو دليل العقل ، فإذا فقدت الثلاثة فالمعتمد في المسائل الشرعية عند المحقّقين الباحثين عن مأخذ الشريعة التمسّك بدليل العقل فيها ، فإنّها مبقاة عليه وموكولة إليه ، فمن هذا الطريق يوصل إلى العلم بجميع الأحكام الشرعية في جميع مسائل أهل الفقه ، فيجب الاعتماد عليها والتمسّك بها ، فمن تنكّب عنها عسف وخبط
__________________
(١) معجم رجال الحديث ١٥ / ٧٠ و ٧١.
خبط عشواء وفارق قوله من المذهب ...»(١).
وفي طبعة جماعة المدرّسين للكتاب ورد في مقدّمة التحقيق :
«إنّ كتاب السرائر يبرز العناصر الأصولية في البحث الفقهي وعلاقتها به بصورة أوسع ممّا يقوم به كتاب المبسوط للشيخ الطّوسي ، فقد أبرز ابن إدريس في استنباطه لأحكام المياه ثلاث قواعد أصولية وربط بحثه الفقهي بها بينما لا نجد شيئاً منها في أحكام المياه من كتاب المبسوط وإن كانت هي بصيغتها النظرية العامّة موجودة في كتب الأصول قبل ابن إدريس. وإنّ الإستدلال الفقهي لدى ابن إدريس أوسع منه عمّا في كتاب المبسوط ، وهو يشتمل على النقاط التي يختلف فيها مع الشّيخ على توسّع في الإحتجاج وتجميع الشواهد ، حتّى أنّ المسألة التي لا يزيد بحثها في المبسوط على سطر واحد قد تبلغ في السرائر صفحة مثلاً ...»(٢).
وهذا التوجيه فيه لون من المبالغة ، فمنهج ابن إدريس الاستدلالي لا يوازي منهج الشّيخ الطّوسي. نعم كان ابن إدريس جريئاً في نقد الشّيخ قدسسرهلكنّه لم يكن بمستوى استدلال شيخ الطائفة.
نماذج من منهجه :
وفيما يلي نماذج منتقاة من تصنيفه :
النموذج الأوّل : في أحكام صلاة الكسوف : وصلاة الكسوف باعتبارها صلاة واجبة تتزاحم مع الصّلاة اليومية المفروضة إذا وقعت في وقت الفريضة ـ خصوصاً إذا لم يبق على وقت الفريضة زمان معقول
__________________
(١) السرائر ١ / ٤٦ مقدّمة المؤلّف.
(٢) السرائر ١ / ٢٢ مقدّمة التحقيق.
لأدائهما معاً ـ فماذا يعمل المكلّف؟ هل يبتدئ بالصّلاة المفروضة أو يبتدئ بصلاة الآيات (الكسوف)؟
قال المصنّف : «وقال شيخنا أبو جعفر الطّوسي رحمهالله في مبسوطه : فمتى كان وقت صلاة الكسوف وقت فريضة فإن كان أوّل الوقت صلّى صلاة الكسوف ثمّ صلاة الفرض فإن تضيّق الوقت بدأ بصلاة الفرض ثمّ قضى صلاة الكسوف ، وقد روي أنّه يبدأ بالفرض على كلِّ حال وإن كان في أوّل الوقت ، وهو الأحوط ، فإن دخل في صلاة الكسوف فدخل عليه الوقت قطع صلاة الكسوف ثمّ صلّى الفرض ثمّ استأنف صلاة الكسوف ، وإن كان وقت صلاة الليل صلّى أوّلاً صلاة الكسوف ثمّ صلاة الليل.
وهذا هو مذهبه في نهايته ، وقد رجع عن هذا القول في جمله وعقوده ، فقال : خمس صلوات تصلّى في كلِّ وقت ما لم يتضيّق وقت فريضة حاضرة : من فاتته صلاة فريضة فوقتها حين يذكرها ، وكذلك قضاء النوافل ما لم يدخل وقت فريضة ، وصلاة الكسوف.
وهذا هو الصحيح الذي يعضده الأدلّة ؛ لأنّ وقت الفريضة ممتدّ موسّع لا يخشى فوته ، وهذه الصّلاة يخشى فوتها»(١).
ونستنتج من ذلك :
١ ـ إنّ ابن إدريس يطرح رأي الشّيخ في كتاب المبسوط ثمّ رأيه في كتاب النهاية إلاّ أنّه يغيّر رأيه في كتاب الجمل والعقود ، وهذا هو ديدن الاجتهاد ، فالمجتهد يعرض رأيه ثمّ يقع تحت يده دليل أقوى فتتغيّر فتواه بموجب الدليل الجديد الأقوى.
__________________
(١) السرائر ١ / ٣٢٢ ـ ٣٢٣.
٢ ـ كان الشّيخ الطّوسي يرى في المبسوط ما يلي :
أ ـ إذا وقع الكسوف أوّل وقت الفريضة صلّى صلاة الكسوف ثمّ صلاة الفرض.
ب ـ إذا وقع الكسوف آخر وقت الفريضة صلّى صلاة الفرض ثمّ قضى صلاة الكسوف.
٣ ـ روي أنّه يبدأ بصلاة الفرض في كلا الحالتين : أوّل وقت الفريضة أو آخرها ، وهو الأحوط. وهنا أمران :
أ ـ إن صلّى صلاة الكسوف ودخل عليه وقت الفريضة قطع صلاة الكسوف ثمّ صلّى الفرض ثمّ استأنف صلاة الكسوف.
ب ـ إذا كان الكسوف في وقت صلاة الليل صلّى صلاة الكسوف ـ لأنّها فرض ـ أوّلاً ثمّ صلاة الليل لأنّها ليست بفرض. وهذا هو رأي الشّيخ الطّوسي في النهاية.
٤ ـ رأي الشّيخ الطّوسي في الجمل والعقود هو أن يصلّي صلاة الكسوف أوّلاً ثمّ يصلّي صلاة الفريضة.
٥ ـ يتوصّل ابن إدريس إلى أنّ الرأي الأخير هو الصحيح ، لأنّ وقت الفريضة متّسع ولا يخشى فوت الفريضة بينما وقت صلاة الكسوف مضيّق ويخشى فوتها إن صلّى الفريضة أوّلاً.
٦ ـ في نقاش ابن إدريس نقداً ضمنيّاً للشّيخ الطّوسي ، فذكر أنّ هذا هو مذهبه في كتاب النهاية ثمّ رجع عن هذا القول في كتاب الجمل والعقود ، وهذا المستوى من النقد ليس غريباً ، فالفقهاء ينقدون بعضهم البعض نقداً يتناسب مع قوّة الدليل أو ضعفه ، لكن الجديد هو أن ينقد ابن إدريس فقيهاً بمنزلة الشّيخ الطّوسي قدسسره.
النموذج
الثاني
: في أحكام
زكاة الفطرة : «قال
شيخنا أبو
جعفر [الطّوسي]
في نهايته
: ولا يجوز حمل
الفطرة من بلد
إلى بلد. وهذا
على طريق
الكراهية دون
الحظر. وقال
في مختصر
المصباح
: ويجوز إخراج
الفطرة في
أوّل الشهر
رخصة قال محمّد
بن إدريس رحمه
الله : لا يجوز
العمل بهذه
الرخصة ، إلاّ
على ما
قدّمناه من
تقديمها على
جهة القرض
وينوي الأداء
عند هلال
شوّال ، وإلاّ
فكيف يكون ما
فعل قبل تعلّق
وجوبه
بالذمّة مجزياً
عمّا يتعلّق
بها في
المستقبل؟!
وقد ذكر شيخنا
أبو جعفر في
الجزء الثالث
من مسائل خلافه
في كتاب
الإيمان أنّه
لا يجوز تقديم
الكفّارات
والزكوات قبل
وجوبها بحال
عندنا وناظر
على ذلك ، وهو
الحقّ اليقين. وينبغي
أن تحمل
الفطرة إلى
الإمام
ليضعها في مواضعها
حيث يراه ،
فإن لم يكن
هناك إمام
حملت إلى
فقهاء شيعته
ليفرّقوها في
مواضعها فإنّهم
أعرف بذلك.
وإذا أراد
الإنسان أن
يتولّى ذلك
بنفسه جاز له
ذلك غير أنّه
لايعطيها
إلاّ لمستحقّ
زكاة المال ،
فإن لم يجد
لها مستحقّاً
انتظر بها المستحقّ
، ولا يجوز له
أن يعطيها
لغيره ، فإنّه
لا يجزيه. وقال
شيخنا أبو
جعفر الطّوسي رحمهالله
في نهايته
: فإن لم يوجد
لها مستحقّ من
أهل المعرفة
جاز أن يعطي
مكلّفها المستضعفين
من غيرهم ،
ولا يجوز
إعطاؤها لمن
لا معرفة له
إلاّ عند
التقية أو عدم
مستحقّيه من
أهل المعرفة.
وهذا غير واضح
، بل ضدّ
الصّواب.
والصحيح
والصّواب ما
ذكره في جمله
وعقوده
من أنّه لا
يجوز أن يعطي
إلاّ لمستحقّ
زكاة المال ،
فإن لم يوجد
عزلت وانتظر
بها مستحقّها.
وإنّما أورده
إيراداً من
طريق أخبار
الآحاد دون
الاعتقاد منه
والفتيا. وقال
في نهايته
أيضاً :
والأفضل أن
يعطي الإنسان
من يخافه من غير الفطرة ويضع الفطرة موضعها ...»(١).
وكما تلحظ فإنّ المصنّف حاول ترتيب الأحكام الشرعية ومنهجتها دون تفصيل استدلالي ، ولم نلمس في كتابه ما لمسناه في الأعمال الموسوعية كالجواهر والحدائق والمدارك والمستند ونحوها ، بل كان منشغلاً في رصد آراء الشّيخ الطّوسي قدسسره ونقدها.
٧ ـ منهج العويص والأشباه والنظائر :
مقدّمة :
وهذا المنهج يهتمّ بحلِّ الألغاز العلمية ويسمّى بالعويص ، ويهتمّ بجمع الموضوعات المختلفة المشتركة في حكم معيّن في موضع واحد ويسمّى بجمع الأشباه ، ويهتمّ أيضاً بجمع الأحكام المتعدّدة والمتباينة لموضوع واحد في محلٍّ واحد ويسمّى بجمع النظائر. وكتاب العويص في الفقه للشّيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ) يحوي على مسائل من نوع الأحكام المتماثلة في الموضوع الواحد ، ويحوي على الموضوعات المتناظرة في الحكم الواحد. وكتاب نزهة الناظر ليحيى بن سعيد (ت ٦٩٠ هـ) يحوي الأشباه والنظائر.
طبيعة منهج العويص والأشباه والنظائر :
لمسائل العويص وجهان : الأوّل للفقيه ، والثاني للتلميذ. ويقتضي أن يكون الفقيه حاضر الذِّهن سريع الخاطر محيطاً بجميع أبواب الفقه كي
__________________
(١) السرائر ١ / ٤٧٠ ـ ٤٧١.
يتمكّن من حلِّ المشكلات وجمع الأشباه والنظائر حكماً وموضوعاً ، أمّا بالنّسبة للتلميذ فإنّ تلك طريقة تمرينية تساعد طالب العلم على تذكّر الأحكام الشرعية. وكان الشّيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ) رائداً في ذلك ، فقد كتب رسالة في العويص ، وكتب ابن البرّاج (ت ٤٨١ هـ) مسائل العويص في كتابه جواهر الفقه ، وكتب يحيى بن سعيد الحلّي (ت ٦٩٠ هـ) نزهة الناظر في الجمع بين الأشباه والنظائر.
كتب العويص والأشباه والنظائر :
١ ـ رسالة العويص للشّيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ).
٢ ـ جواهر الفقه لابن البرّاج (ت ٤٨١ هـ).
٣ ـ نزهة الناظر في الجمع بين الأشباه والنظائر ليحيى بن سعيد الحلّي (ت ٦٩٠ هـ).
١ ـ منهج رسالة العويص :
لهذا الكتاب الصغير أسماء مختلفة ، منها : العويص ، والعويص في الفقه ، ومسائل العويص في الأحكام(١) ، وجوابات المسائل النيشابورية(٢).
والعويص هو «ما اعتاص فهمه على الذِّهن ودقّ معناه وصعب حلّه من المسائل الفقهية المعقّدة الملتوية أشبه شيء بالألغاز والأحاجي لا يستطيع حلّها والإجابة عليها إلاّ الفقيه البارع المنتهي في الفقه المتمكّن منه المحيط بزواياه المستحضر لها ، وهذا الكتاب على صغره وحده يكفي أن يكون
__________________
(١) الذريعة ١٥ / ٣٦٢.
(٢) الذريعة ٥ / ٢٤٠.
شاهداً على مقدرة الشّيخ المفيد الفقهية وإحاطته بأبوابه ومسائله وتفريعاته ، والواصل إلينا القسم الثّاني منه ولم يصلنا الكتاب كلّه ، فمخطوطاته الواصلة إلينا كلّها تبدأ بكتاب النكاح ، وأمّا ما قبله من أبواب الفقه من كتاب الطهارة إلى هنا ـ وهو القسم الأوّل منه ـ فمفقود لم نظفر به حتّى الآن»(١).
قال المصنّف في المقدّمة : «الحمد لله على نعمائه وله الشكر على حسن بلائه. وبعد ، سألت وفّقك الله تعالى أن أثبّت لك ما كنت سمعته منّي في مذاكرة أخينا الوارد من نيسابور ، بالمسائل المنسوبة إلى العويص في الفقه ...»(٢).
نماذج من منهجه :
وفيما يلي نماذج منتقاة من منهجه :
النموذج الأوّل : «مسألة : في امرأة أطاعت ربّها عزّ وجلّ ففارقت بالطّاعة زوجها؟
الجواب : هذه امرأة كانت مشركة وزوجها مشرك أيضاً ، فأسلمت من الشّرك وأقام زوجها عليه ، وهذا إجماع»(٣).
النموذج الثاني : «مسألة في المهور : رجل تزوّج امرأة على مهر غير موزون ولا مكيل ولا ممسوح ولا جسم ولا جوهر ولا هو شيءٌ من الأموال والعروض فتمّ نكاحه بذلك وكان مصيباً للسنّة؟
الجواب : عقد ذلك العاقد على سورة أو آية من القرآن ، وفي هذا
__________________
(١) حياة الشّيخ المفيد ومصنّفاته : ٢٦٠.
(٢) مصنّفات الشّيخ المفيد ـ المجلّد السّادس ، رسالة العويص : ٢١.
(٣) رسالة العويص : ٣٢.
الجواب إجماع من الإمامية ووفاق من بعض العامّة لهم وخلاف من آخرين»(١).
النموذج الثالث : «مسألة : في رجل حرّ كامل وجب عليه في يوم واحد الحدّ الكامل ونصف الحدّ وبعض الحدّ وربع الحدّ وثمن الحدّ؟
الجواب : هذا رجل زنى وهو بكر في يوم من شهر رمضان ، ثمّ تزوّج بعد ساعة امرأة أكرهها على نفسها بالجماع ، ثمّ أتى بهيمة ، ثمّ عاد إلى امرأته وقد حاضت فجامعها. فوجب عليه للزّنا جلد مائة ، ولحرمة شهر رمضان تعزير ببعض الحدِّ ، ولإكراه امرأته على الجماع في نهار شهر رمضان نصف الحدِّ ، ولإتيان البهيمة خمسة وعشرون سوطاً ، ولإتيان امرأته في الحيض اثنا عشر سوطاً ونصف ، بالأثر عن آل محمّد عليهمالسلام»(٢).
الاستنتاج :
١ ـ إنّ طبيعة هذا المنهج هو أن يُمتحن الطالب بعرض الموضوع المشكِل من أجل الوصول إلى حكم شرعيٍّ معروف عند الفقهاء ، فالمرأة تفارق زوجها إذا كانت وزوجها مشركَين ثمّ أسلمت وبقي زوجها على الكفر.
٢ ـ يتبادر إلى الذّهن غالباً أنّ المهر موضوع مادّيٌّ : مال أو ذهب أو عين لها منفعة ، أمّا أن يكون آية من القرآن الكريم فهذا ما يحتاج الطالب إلى معرفته لأنّه ليس متعارفاً مع أنّه جائز شرعاً.
٣ ـ المسألة الثالثة مسألة افتراضية من أجل شحذ ذهن الطّالب وتنمية إدراكه وتمديد سعة أفقه ، فما قام به ذلك الإنسان المفترض من أعمال
__________________
(١) رسالة العويص : ٣٦.
(٢) رسالة العويص : ٤٢.
بشعة يصعب تصديقها ، ولذلك فالقضية تخيّلية وليست واقعية لكنّها تحرّك الذّهن لمعرفة الأحكام الشرعية الخاصّة بتلك المواضيع المطروحة.
٢ ـ منهج كتاب جواهر الفقه :
كتاب جواهر الفقه لابن البرّاج (ت ٤٨١ هـ) كتاب فتوائي مختصر ولكن بسبب إيراد المصنّف باباً في أعيان المسائل من العويص فقد أوردنا الكتاب هنا في هذا المنهج.
نماذج من منهجه :
وفيما يلي نماذج من منهجه :
النموذج الأوّل : «مسألة ٨١٩ : إنسان دخل عليه وقت الصّلاة وتوضّأ لها فأحسن الوضوء ثمّ صلّى ولم يفرط في شيء من صلاته فلمّا فرغ وجبت عليه إعادتها ، ما الجواب عن ذلك؟
الجواب : هذا إنسان كانت على بدنه أو قميصه نجاسة لم يعلم بها حتّى فرغ من صلاته والوقت باق فوجبت عليه الإعادة ، ويحتمل أيضاً أن يكون جنباً ونسى ذلك وتوضّأ وصلّى ثمّ ذكر ذلك فوجبت عليه إعادة الصّلاة بعد الإغتسال»(١).
النموذج الثاني : «مسألة ٨٢٠ : إنسان دخل عليه وقت الصّلاة فتطهّر لها ولم يخل بشيء من طهارته وأراد استباحة الصّلاة بتلك الطهارة فلم يصحّ له ذلك ، ما الجواب؟
__________________
(١) جواهر الفقه : ٢٣٧.
الجواب : هذا إنسان تطهّر بماء نجس أو مغصوب ولم يعلم بذلك منه حين التطهّر به ثمّ علم وقت قيامه للصّلاة ، فلم يجز أن تستبيح الصّلاة بتلك الطهارة»(١).
الاستنتاج :
١ ـ هذا الأُسلوب مشابه لأُسلوب الشّيخ المفيد في رسالة العويص ، فهو امتحان للطالب بمدى معرفته بالأحكام الشرعية.
٢ ـ على الطالب أن يعلم أنّ المكلّف ينبغي أن يطهّر نفسه من نجاسة عالقة على بدنه أو قميصه قبل الصّلاة ، وأن لا يتطهّر بماء نجس أو مغصوب.
٣ ـ منهج نزهة الناظر :
كتاب نزهة الناظر في الجمع بين الأشباه والنظائر ليحيى بن سعيد الحلّي (ت ٦٩٠ هـ) في مجلّد واحد موضوع الكتاب هو الأشباه والنظائر أو المسائل المختلفة المنتشرة في أبواب فقهية مختلفة لكن يجمعها شبهٌ من نوع ما ، وهذا الكتاب هو أشمل كتاب في هذا الفنّ.
نماذج من منهجه :
وفيما يلي نماذج من كتابه :
النموذج الأوّل : «فصل : العمرات الواجبة :
__________________
(١) جواهر الفقه : ٢٣٧.
العُمرات الواجبة عشرة : عمرة التمتّع ، وعمرة القارن ، وعمرة المفرد ، والعمرة التي تؤدّى عن العمرة التي أفسدها ، وعمرة من فاته الوقوف بالموقفين ، والعمرة الآتية من قابل لمن أفسد حجّه ، والعمرة المندوبة إذا دخل فيها ، والعمرة لمن دخل مكّة في حاجة وتسقط هذه العمرة عن المرضى والحطّابة ، والعمرة التي استؤجر عليها ، والعمرة الواجبة بالنذر أو العهد أو اليمين»(١).
النموذج الثاني : «فصل : أشياء لا يجوز بيعها سلفاً :
لا يجوز بيع السلف في سبعة وعشرين شيئاً : الخبز ، واللحم ، وروايا الماء ، والجلود ، والحنطة والشعير وغيرهما من الحبوب منسوبات إلى الأرض بعينها ، والثوب من غزل امرأة بعينها أو نساجة رجل بعينه ، والكتّان والقطن والإبريسم منسوبات إلى أرض بعينها ، والتّمر من نخل معيّن ، والفاكهة من شجر معيّن ، والخضر من موضع معيّن ، ودهن بزر الكتّان بحبّه وبالعكس ، ودهن السّمسم بالسّمسم وبالعكس ، ودهن الزّيتون بالزّيتون وبالعكس. وكذلك الحكم فيما يعمل منه الأدهان والمخيض من اللبن والقزّ مضافاً إلى دوده ، وجميع ما لا يختبر إلاّ بالشّمِّ أو بالذوق ، والقسي ، والنبل ، وجميع الأواني سواء كانت من خشبة أو طين ، والآجر ، وجميع الأوعية سواء كانت من صوف أو شعر أو وبر أو كتّان أو إبريسم أو غير ذلك ، والمختلط من الطيب كالذريرة والغالية ، والجوهر ، والذهب ، والفضّة»(٢).
__________________
(١) نزهة الناظر : ٥٣.
(٢) نزهة الناظر : ٧٨ ـ ٧٩.
الاستنتاج :
هذا الكتاب دورة فقهية كاملة في الأشباه والنظائر ، فهو يأتي على المواضيع المختلفة التي يجمعها حكم واحد ، وهو جهد كبير بذله المصنّف من أجل جمع تلك المواضيع تحت عنوان حكم واحد ، وهو أقرب إلى الحكم الموضوعي على شاكلة التفسير الموضوعي ، إلاّ أنّ هذا المنهج لم يتطوّر عند الفقهاء ، فبقي كتاب الأشباه والنظائر ليحيى بن سعيد الحلّي فريد زمانه.
٨ ـ منهج الردود والمواجهات العلمية :
مقدّمة :
هذا المنهج كثير التداول بين الفقهاء إلاّ أنّه نادراً ما يدوّن على صحائف ، فالمواجهات العلمية والردود أغلبها لفظية. «والردّ هو باب واسع من المناظرة الدائرة بين الخلائق ، وذلك لأنّ الله تعالى الخالق للبشر أودع في نفس كلِّ واحد منهم لطيفة ربّانية وهي العقل الذي هو الطريق إلى المعرفة ، وهو مقسوم بينهم بقدر : (إِنّا كُلَّ شَيء خَلَقْنَاهُ بِقَدَر)(١) ، وله مراتب ودرجات بعضها فوق بعض ، فأَخَصُّ مراتبه ما يصحّ معه التكليف وبزواله يسقط التكليف ، وأعلى مراتبه هو مرتبة عقل الكلِّ الذي خُصّ به أكمل أفراد البشر ، وبينهما درجات متفاوتة بعدد نفوس خلق الله (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارَاً)(٢). فلكلّ فرد من البشر نصيب من العقل الذي هو آلة لإدراك الكلّيّات ، وكلّ ما وعاه الإنسان من تلك المدركات فلا محالة يترشّح
__________________
(١) سورة القمر ٥٤ : ٤٩.
(٢) سورة نوح ٧١ : ١٣.
منه يوماً بالخطابة أو الكتابة كما هو المتعارف ، فإذا سمع خطابه أو رأى كتابه غيره من أفراد البشر فأمّا أن يرتضيه الغير ويقبله منه لموافقته لما أدركه نفسه ـ سواءٌ كان ما أدركه مطابقاً لما هو الواقع وفي نفس الأمر أو مخالفاً له ـ فلا مناظرة بينهما ، وأمّا إذا لم يرتضه الغير لكونه مطلعاً على ما هو من منافياته أو منافراته فيجب عليه عقلاً أن يبدي معلوماته ويعلن بما يراه الحقّ الواقعي إمّا بالمشافهة والخطابة أو بالتأليف والكتابة ، ويقال لإبداء الرأي كذلك : ردّاً ، لأنّ الردّ في اللغة التخطئة ، يقال : ردّ فلان فلاناً ، أي خطّأه ، ويقال : ردّ عليه قوله ، أي لم يسلمه منه ، بل منعه ، ويصدق على الكتاب المشتمل على تخطئة قائل أو منع قوله كتاب الردّ ، وبما أنّ أكثر المدركات ممّا يختلف فيه الأنظار فيسعنا أن نقول بصدق كتاب الردّ على أكثر الكتب لعدم خلوّه عن تخطئة شخص واحد أو أشخاص معيّنين أو غير معيّنين من الملل والنحل والفرق والمذاهب ، فظهر أنّ الردّ باب واسع واستقصاء الكتب المشتمل عليه خارج عن طوق البشر ....»(١).
طبيعة الردود والمواجهات العلمية :
كان للشّيخ المفيد مناظرات كثيرة مع متكلّمي الفرق المختلفة ، وكان يناظر أهل العقائد بعقائدهم ، فقد واجه محمّد بن أحمد بن محمود النسفي من أعيان فقهاء الحنفية (ت ٤١٤ هـ) وردّه في رسالة المسح على الرجلين ، وردّ محمّد بن الطّيّب الباقلاّني القاضي (ت ٤٠٣ هـ) شيخ الأشعرية في رسالة مسألة أُخرى في النصِّ على عليٍّ عليهالسلام. وللشّيخ الطّوسي (ت ٤٦٠ هـ)
__________________
(١) الذريعة ١٠ / ١٧٣ ـ ١٧٤.
أيضاً مناظرات. وقد جمع الشّيخ المفيد مناظراته ومحاسن مجالسه ومختار كلامه في كتاب له سمّاه بـ : العيون والمحاسن ، وقد لخّص تلميذه الشريف المرتضى ذلك الكتاب في كتاب سمّاه بـ : الفصول المختارة من العيون والمحاسن.
كتب الردود والمواجهات العلمية :
١ ـ رسالة المسح على الرجلين للشّيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ).
٢ ـ رسالة مسألة أُخرى في النصِّ على عليٍّ عليهالسلام للشّيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ).
٣ ـ رسالة تحريم الفقّاع للشّيخ الطّوسي (ت ٤٦٠ هـ).
١ ـ منهج المسح على الرجلين :
تمثّل رسالة المسح على الرجلين للشّيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ) واحدة من تلك المناهج العلمية في المواجهة العلنية على الملأ. يقوم منهج الشّيخ المفيد في ذلك على مبنيين : الأوّل مجاراة الخصم في استدلالاته ، الثاني وضع ضوابط المناظرة.
فالمبنى الأوّل في هذه الرسالة هو موافقة الخصم على حديث يرويه بطرقه الخاصّة فلا ينكره الشّيخ المفيد ولا يردّ الرواية باعتبارها من أخبار الآحاد التي لا يعترف الشّيخ المفيد بحجّيّتها ، فيقول للخصم : «أنا أسلّم لك العمل بأخبار الآحاد تسليم نظر وإن كنتُ لا أعتقد ذلك»(١). وهو يفعل ذلك
__________________
(١) رسالة المسح على الرجلين : ١٨ ، المجلّد التاسع من المصنّفات الكاملة للشيخ المفيد (مؤتمر الشيخ المفيد ـ قم).
استظهاراً في الحجّة ، فهو ألزمه على مبناه وأبطل مستنده ، وذلك أقوى في الحجّة. ثمّ يقول له : «... وأبين أنّه لا دليل لك في الخبر الذي تعلّقت به على ما تذهب إليه من فرض غسل الرجلين في الوضوء»(١). ويطلب منه الإنصاف واتّباع نفس الطريقة فيقول : «ينبغي لك أن تنصف وترضى لغيرك بما ترضاه لنفسك»(٢).
والمبنى الثاني أنّ الضابطة في المناظرة هو أن لا يتمّ الانتقال من فكرة إلى أخرى ما لم يتمّ إكمال الدليل الأوّل والاعتراض بشيء آخر جديد.
تصدّي الشّيخ قدسسره للردّ :
فقد تصدّى الشّيخ المفيد قدسسره للجواب عن الخبر الذي استدلّ به الخصم وهو المنسوب للنبيّ(صلى الله عليه وآله) : (هذا وضوءٌ لا يقبل الله الصّلاة إلاّ به) بعد أن غسل رجليه في ذلك الوضوء ، وذلك :
أوّلاً : تحليل الخبر على أساس من ألفاظه ، فقال : «إنّ اسم الإشارة (هذا) يدلّ على أنّ الحكم المذكور وارد على المشار إليه المعيّن بالإشارة ، فالحكم مختصٌّ بما صدر من رسول الله(صلى الله عليه وآله) في تلك القضية والواقعة ولا يسري إلى غيره ، لأنّ التعدّي بحاجة إلى دليل من عقل وليس هناك عقلي عليه ـ وليس هذا محلاًّ للقياس ، لأنّ اللفظ (هذا) يدلّ على الخصوصية في المستعمل فيه فلا يمكن شمول غيره ـ وإذا كان لفظ (هذا)
__________________
(١) المسح على الرجلين : ١٨ ، المجلّد التاسع من المصنّفات الكاملة للشيخ المفيد (مؤتمر الشيخ المفيد ـ قم).
(٢) المسح على الرجلين : ١٨ ، المجلّد التاسع من المصنّفات الكاملة للشيخ المفيد (مؤتمر الشيخ المفيد ـ قم).
إشارة إلى خصوص ما صدر منه في هذا المورد ـ سواءٌ كان ما وقع منه ـ من غسل الرجل ـ جزءً للعمل أو خارجاً منه لضرورة التطهير مثلاً ، كما إذا كانت الرجِل محتاجة إلى الغسل لإماطة نجاسة ظاهرية أو مانع عن مسح البشرة ونحو ذلك فإنّ عمل الغسل ودخوله في خصوص هذا العمل لا يدلّ على دخوله في خصوص فرض الوضوء ، لأنّه أعمّ كما ذكرنا.
ثمّ إنّ إطلاق كلمة (الوضوء) على مجموع ما هو داخل في فرض الوضوء وما هو خارج عنه باعتبار المجموع أمرٌ متعارف وفيه من المسامحة العرفية ما هو متداول ، لأنّ اللوازم القريبة والمقدّمات اللازمة التي يتوقّف عليها العمل تدخل في التعبير به للمناسبة اللغوية وإن لم تكن داخلة في حقيقة لفظه».
ثانياً : النقض على خبر الخصم بأخبار تدلّ على عدم اشتراط غسل الرجلين في الوضوء.
ثالثاً : تحليل ظاهر الرواية المنسوبة إلى مصادرنا ، فقد عمد الخصم إلى رواية نسبها إلى أمير المؤمنين عليهالسلام وفيها : «أنّه توضّأ ومسح على رجليه ، وقال : (هذا وضوء مَن لَم يُحْدث)(١) وجعلها دليلاً على رأيه الذي يقول بأنّ الغسل واجب في الوضوء ، ذلك لأنّ قوله عليهالسلام : (مَن لم يُحدث) معناه : مَن لم يصدر منه الحدثُ الناقض للطهارة ، فيكون الوضوء المجرّد من غسل الرجلين والذي حوى على المسح فقط وضوءً غير رافع للحدث. قال الشّيخ المفيد في ردّه :
«إنّ ظاهر الرواية أنّه عليهالسلام أخبر عن أنّ الوضوء المشتمل على مسح
__________________
(١) كنز العمّال ٩ / ٤٧٤.
الرجلين هو الوضوء الذي لم يتغيّر ولم يدخله إحداث أو تغيير ، فيكون الوضوء بغسل الرجلين وضوءً محدثاً مبتدعاً ، حيث لم يجئ به كتاب ولا سنّة ، فكان الغاسل بدلاً عن المسح محدثاً بدعة في الدين.
والدليل على صحّة هذا التأويل دون الأوّل انعقاد إجماع الأمّة على صحّة وضوء مَن أحدث إذا أتى به من لم يحدث ، كالمتوضّىء تجديداً ، وعلى أنّ من لم يحدث فليس له وضوء خاصّ به.
ثمّ إنّ هذا التأويل الثاني وإذا لم يكن متعيّناً معلوماً فهو على الأقلّ احتمال مفروض في الرواية ، وإذا ورد الاحتمال بطل الاستدلال»(١).
ثمّ ختم الشّيخ المفيد حديثه بالقول : «وقلت بعد انفصال المجلس لبعض أصحابنا في حلِّ كلام أمير المؤمنين عليهالسلام من قوله : (هذا وضوء من لم يحدث) زيادة لم أوردها على الخصم ، لأنّني لم أوثر اتّفاقه عليها في الحال ، ولم يكن لي فقر إليها في الاحتجاج ...»(٢).
٢ ـ منهج في النصّ على عليّ عليهالسلام :
ورسالة مسألة أُخرى في النصّ على عليٍّ عليهالسلام للشّيخ المفيد محمّد ابن محمّد بن النعمان (ت ٤١٣ هـ) ، رسالة مختصرة في النصِّ على إمامة عليِّ بن أبي طالب عليهالسلام. وقد دار جدل واسع بين الإمامية وخصومهم حول دلالة النصوص الواردة في الإمامة وحجّية أسانيدها وتواترها ، ومن ذلك
__________________
(١) المسح على الرجلين : ٢٧ ، المجلّد التاسع من المصنّفات الكاملة للشيخ المفيد (مؤتمر الشيخ المفيد ـ قم).
(٢) المسح على الرجلين : ٣٠ ، المجلّد التاسع من المصنّفات الكاملة للشيخ المفيد (مؤتمر الشيخ المفيد ـ قم).
هذه المناظرة التي جرت بين الشّيخ المفيد ومحمّد بن الطّيّب الباقلاّني القاضي شيخ الأشعرية ، ولا نعرف مكان المناظرة ولا من شارك فيها لأنّها غير مدوّنة في الرسالة. سأل الباقلاّني الشّيخ المفيد :
«أخبرونا عن أسلافكم في النصِّ [على أمير المؤمنين عليهالسلام] أكثيرٌ أم قليل؟ فإن قلتم : قليل ، قيلَ لكم : فلا تنكرون أن يتواطؤوا على الكذب لأنّ افتعال الكذب يجوز على القليل ، وإن قلتم : كثير ، قيل لكم : فما بالُ أمير المؤمنين سلام الله عليه لم يقاتل بهم اعداءَه ، لا سيّما وأنتم تدّعونَ أنّه لو أصاب أعواناً لقاتل؟
الجواب وبالله الثقة : قيل له : أسلافنا ـ بحمد الله ـ في النصِّ كثيرٌ لا يجوز عليهم افتعال الكذب ، لكن ليس كلُّ من يصلحُ لنقل الخبر يصلحُ للجهاد ، لأنّه قد يصلحُ لنقل الخبر الشيخُ الكبير الثقةُ الأمين ولا يصلح ذلك لضرب السيف. وأيضاً فليست الحروب الدينية موقوفة على كثرة الرجال وإنّما هي موقوفة على المصلحة ، ألا ترى أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) جاهد وهو في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً وقعدَ عن الجهاد يوم الحديبية وهو في ثلاثة آلاف وستمائة رجل ، فعلمت أنّ الحروب الدينية الشرعية موقوفةٌ على المصلحة لا على العدد.
قال السائل : فأرنا وجهَ المصلحة في قعوده عن أخذ حقِّه لنعلم بذلك صحّة ما ذكرتموه؟
قيل له : أوّلُ ما في هذا أنّه لا يلزمنا ما ذكرت لأنّه الإمام المعصوم من الخطأ والزلل لا اعتراض عليه في قعوده وقيامه ، بل يُعلم ـ في الجملة ـ أنّ قعوده لمصلحة في الدين والدنيا. ثمّ تبيّن بعد ذلك بعض وجوه المصلحة ، فيكونُ بعضُ ذلك أنّه علم أنّ في المخالفين من يرجع عن الباطل إلى الحقِّ
بعد مدّة ويستبصر ، فكان تركُ قتله مصلحة. ومنه أنّه علم أنّ في ظهورهم مؤمنين لا يجوز قتلهم واجتياحهم ، فكان تركُ قتلهم مصلحةً. ومنه شفقة منه على شيعته ووُلده أن يصطلموا فينقطعُ نظام الإمامة. وهذا كلامٌ معروفٌ يعرفه أهلُ العدل والمتكلّمون وهو من أصول الدين ، ألا ترى أنّا إذا سُئلنا عن تغريق قوم نوح عليهالسلام وهلاك قوم صالح لأجل ناقته وبقاء قاتل الحسين عليهالسلام والحسين عند الله أعظم من ناقة صالح لم يكن الجواب إلاّ ما ذكرناه من المصلحة وما علمه الله من بقاء من بقاه. فلم يأتِ بشيء لذلك»(١).
الاستنتاج :
١ ـ تدور الرسالة حول سؤال سأله الباقلاّني للشيخ المفيد عن عدد الرواة الذين رووا النصّ بخلافة أمير المؤمنين عليهالسلام ، وزعم بأنّهم إن كانوا قلّة في العدد ربّما تواطؤوا على الكذب ، وإن كانوا كثرة فلِمَ لم يقاتل بهم عليٌّ عليهالسلام أعداءه. والسؤال والجواب هو من مناهج المواجهة العلمية.
٢ ـ نفى الشّيخ المفيد قلّة المؤمنين وأثبت كثرتهم ولكن الإمام عليهالسلام لا يقوم إلاّ لمصلحة دينية ظاهرة كانت أو غير ظاهرة ، وبذلك أُفحم الباقلاّني. وتنتهي الرسالة بقول المقرّر : فلم يأتِ بشيء لذلك.
٣ ـ منهج تحريم الفقّاع :
رسالة تحريم الفقّاع للشيخ الطّوسي محمّد بن الحسن (ت ٤٦٠ هـ)
__________________
(١) رسالة أخرى في النصِّ على عليٍّ عليهالسلام : ٢١ ـ ٢٦ ، المجلّد السابع.
ضمن كتاب الرسائل العشر ، هي رسالة دوّن فيها النقاش العلمي الذي جرى حول تحريم الفقّاع ، واحتجّ بقول الإمامية في وسط رسمي كان يؤمن بمذهب آخر. يقول في المقدّمة :
«جرت مسألة بالحضرة العادلة القاهرة المنصورة ولية النعم الوزيرية السلطانية شيّد الله أركانها وأعلى بنيانها وبسط سلطانها ونشر راياتها ... في تحريم الفقّاع على مذهب أصحابنا وتشدّدهم في شربه وإلحاقهم إيّاه بالخمر المجمع على تحريمها ، وقلت في الحال ما حضرني وذكرت ما قال أصحابنا فيه ، وسنح لي فيما بعد أن أذكر هذه المسألة مشروحة وأذكر الأدّلة على خطرها وأورد الروايات المتضمّنة لتحريمها من جهة الخاصّة والعامّة وما يمكن الاعتماد عليه من الاعتبار فيه ، والله تعالى موفق لذلك بلطفه ومنّه»(١).
ومنهجه هو أنّه يذكر الأخبار التي روتها العامّة ثمّ يذكر الأخبار التي روتها الخاصّة.
نموذج من منهجه :
«... وفي حديث سلمة بن الفضل وحديث الضحّاك في حديث الساجي : حرّم رسول الله(صلى الله عليه وآله) الخمر والميسر والكوبة والغبيراء ، وقال : كلّ مسكر حرام.
فذكر الغبيراء كما ذكر الخمر وأنّ الله حرّمها كتحريم الخمر التي حكم شارب قليلها حكم شارب كثيرها وكما ذكر الميسر الذي حكم قليله حكم
__________________
(١) الرسائل العشر ، رسالة تحريم الفقّاع : ٢٥٥.
كثيره في التحريم وأوردها جميعاً عن المسكر ، فقال بعد تحريمها : وكلّ مسكر حرام. فكان المسكر حراماً بالوصف ، والغبيراء كالخمر في تعليق التحريم باسمها وأنّ قليلها ككثيرها ولا يسكر وإن كان حراماً. وقليل تحريم الغبيراء كتحريم لحم الخنزير الذي لا يعرف علّته ...»(١).
الاستنتاج :
١ ـ الأمر المهمّ في هذه الرسالة أنّ الشّيخ الطّوسي ذكر علناً الأخبار الواردة عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام في حرمة الفقّاع في الحضرة السلطانية التي كان مذهبها خلاف مذهب أهل البيت عليهمالسلام ، وإذا أخذنا الوضع السياسي في ذلك الزمان بالحسبان أدركنا شجاعة الشّيخ الطّوسي وجرأته في قول الحقِّ.
٢ ـ إنّ منهج الشّيخ قدسسره كان عرض الأخبار التي روتها العامّة أوّلاً ثمّ الأخبار التي روتها الخاصّة ، وهذا في غاية الموضوعية ، لأنّ فيها ميزاناً عادلاً للأخذ بالدليل الأقوى.
٣ ـ ذكّر الشّيخ الطّوسي بالقاعدة الكلّية للموضوع وهي أنّ كلّ مسكر حرام قلّ أو كثر ، وترك الرأي النهائي لمن حضر من الفقهاء وأهل العلم.
٩ ـ منهج الرسائل العملية :
مقدّمة :
«الرسالة العملية عنوان عام لرسائل فتوائية تجمع مسائل يحتاج إليها العوام في أعمالهم الشرعية اليومية ، كثر تأليفها في القرون الحادي عشر
__________________
(١) الرسائل العشر ، رسالة تحريم الفقّاع : ٢٥٨ ـ ٢٥٩.
والثاني عشر والثالث عشر ، وفي هذا القرن اكتفى العلماء وفي مقدّمهم السيّد بحر العلوم والشّيخ الأنصاري بتعليق الحواشي على هذه الرسائل ... وبما أنّ المتأخّرين لا يجوّزون العمل بفتوى الميّت فإنّ هذه الرسائل العملية والحواشي الفتوائية عليها لا يُعتنى بها بعد وفاة المفتي بها إلاّ بعد التعليق عليها وإصلاح مسائلها على حسب فتوى الأحياء بعده من العلماء»(١).
طبيعة الرسائل العملية :
لا شكّ أنّ اهتمام النّاس بالرسائل العملية نما مع ازدياد حركة التعليم في المجتمع ، فأصبحت شريحة واسعة من الناس تبحث عن الأحكام الشرعية في العبادات والمعاملات ، والغالبية من المكلّفين تريد معرفة الحكم الشرعي دون استدلال فقهي أو أُصولي أو رجالي ، وإلى ذلك تصدّى الفقهاء لإكمال تلك المهمّة ، وهي الإفتاء بالوظيفة الشرعية للمكلّف بخصوص العبادات والمعاملات. ولعلّ رسالة نجاة العباد للشّيخ الجواهري (ت ١٢٦٦ هـ) من الرسائل الرائدة في هذا المضمار. وأهمّ الرسائل العملية في هذا العصر هي العروة الوثقى لأنّها ضمّت تقريباً جميع الأسئلة المتعلّقة بحاجات الإنسان في هذا الزّمان ، ولذلك كثرت عليها التعليقات والشروح الاستدلالية.
كتب الرسائل العملية :
١ ـ رسالة نجاة العباد للشّيخ الجواهري (ت ١٢٦٦ هـ).
__________________
(١) الذريعة ١١ / ٢١١ ـ ٢١٢.
٢ ـ العروة الوثقى للسيِّد محمّد كاظم اليزدي (ت ١٣٣٧ هـ).
٣ ـ وسيلة النجاة للميرزا محمّد حسين النائيني (ت ١٣٥٥ هـ).
٤ ـ وسيلة النجاة للسيِّد أبي الحسن الإصفهاني (ت ١٣٦٥ هـ).
١ ـ منهج نجاة العباد :
نجاة العباد رسالة عملية استخرجها الشّيخ محمّد حسن الجواهري (ت ١٢٦٦ هـ) من كتابه جواهر الكلام لعمل المقلّدين واعتمد عليها تلميذه الشّيخ الأنصاري (ت ١٢٨١ هـ) وأمضاها مقلّديه إلاّ بعض المواضع ممّا أشار إليه في حواشيها ، وحذا حذوه عامّة من نشأ بعده فكتبوا فتاواهم على حواشيه(١). لم نعثر على نسخة من هذا الكتاب.
٢ ـ منهج العروة الوثقى :
كتاب العروة الوثقى للسيِّد محمّد كاظم الطباطبائي اليزدي (ت١٣٣٧هـ) في مجلّدين ، هو من أهمّ الكتب الفتوائية الحديثة عند الإمامية ، عباراته قوية ، وقد استوعب أكبر عدد من فروع الفقه حيث احتوى على (٣٢٦٠) مسألة حسب عدّ الشّيخ آقا بزرك في الذريعة ، وأصبح الكتاب محوراً رئيسيّاً للمسائل الفقهية الدراسية والاستدلالية في هذا العصر ، وغالباً ما يعلّق عليه الفقهاء بآرائهم النهائية.
يحتوي الكتاب على كتب فرعية ، هي : ١ ـ التقليد ٢ ـ الطهارة ٣ ـ الصّلاة ٤ ـ الصّوم ٥ ـ الاعتكاف ٦ ـ الزكاة ٧ ـ الخمس ٨ ـ الحجّ ٩ ـ
__________________
(١) الذريعة ١٤ / ١٠٠.
الإجارة ١٠ ـ المضاربة ١١ ـ المزارعة ١٢ ـ المساقاة ١٣ ـ الضمان ١٤ ـ الحوالة ١٥ ـ النكاح ١٦ ـ الوصية.
وللكتاب تتمّة تعرف بـ : ملحقات العروة تشمل : ١٧ ـ الربا ١٨ ـ الوكالة ١٩ ـ الهبة ٢٠ ـ الوقف ٢١ ـ الحدود ٢٢ ـ القضاء.
قال المصنّف في المقدّمة : «... هذه جملة مسائل تعمّ به البلوى وعليها الفتوى ، جمعت شتاتها وأحصيت متفرّقاتها ، عسى أن ينتفع بها إخواننا المؤمنين ...»(١).
نماذج من منهجه :
وفيما يلي نماذج من كتابه :
النموذج الأوّل : في التقليد :
«مسألة ١ : يجب على كلِّ مكلّف في عباداته ومعاملاته أن يكون مجتهداً أو مقلّداً أو محتاطاً.
مسألة ٢ : الأقوى جواز العمل بالاحتياط مجتهداً كان أو لا ، لكن يجب أن يكون عارفاً بكيفية الاحتياط بالإجتهاد أو التقليد.
مسألة ٣ : قد يكون الاحتياط في الفعل كما إذا احتمل كون الفعل واجباً وكان قاطعاً بعدم حرمته ، وقد يكون في الترك كما إذا احتمل حرمة فعل وكان قاطعاً بعدم وجوبه ، وقد يكون في الجمع بين أمرين مع التكرار كما إذا لم يعلم أنّ وظيفته القصر أو التمام»(٢).
النموذج الثاني : «فصل في بعض أحكام المسجد :
__________________
(١) العروة الوثقى ١ / ١٣.
(٢) العروة الوثقى ١ / ١٧.
الأوّل : يحرم زخرفته ـ أي تزيينه بالذهب ـ بل الأحوط ترك نقشه بالصور.
الثاني : لا يجوز بيعه ولا بيع آلاته ـ وإن صار خراباً ولم يبق آثار مسجديّته ـ ولا إدخاله في الملك ولا في الطريق ، ولا يخرج عن المسجدية أبداً ، ويبقى الأحكام من حرمة تنجيسه ووجوب احترامه ، وتصرف آلاته في تعميره ، وإن لم يكن معمّراً تصرف في مسجد آخر ، وإن لم يمكن الانتفاع بها أصلاً يجوز بيعها وصرف القيمة في تعميره أو تعمير مسجد آخر.
الثالث : يحرم تنجيسه ، وإذا تنجس يجب إزالتها فوراً وإن كان في وقت الصّلاة مع سعته ، نعم مع ضيقه تقدّم الصّلاة ، ولو صلّى مع السعة أثم لكن الأقوى صحّة صلاته ، ولو علم بالنجاسة أو تنجّس في أثناء الصّلاة لا يجب القطع للإزالة وإن كان في سعة الوقت ، بل يشكل جوازه ، ولا بأس بإدخال النجاسة غير المتعدّية إلاّ إذا كان موجباً للهتك كالكثيرة من العذرة اليابسة مثلاً ، وإذا لم يتمكّن من الإزالة بأن احتاجت إلى معين ولم يكن سقط وجوبها ، والأحوط إعلام الغير إذا لم يتمكّن ، وإذا كان جنباً وتوقّفت الإزالة على المكث فالظّاهر عدم وجوب المبادرة إليها بل يؤخّرها إلى ما بعد الغسل ، ويحتمل وجوب التيمّم والمبادرة إلى الإزالة»(١).
الاستنتاج :
١ ـ لا شكّ أنّنا لا نستطيع تقييم كتاب العروة الوثقى بهذا المقدار من
__________________
(١) العروة الوثقى ١ / ٤٣٤ ـ ٤٣٥.
الاختصار ، إلاّ أنّنا ينبغي أن نؤكّد أنّ منهجه في عرض الأحكام الشرعية هو أنّه أقرب الكتب الفقهية إدراكاً لمتطلّبات هذا الزّمان ، فبعد تراكم هذا الكمّ الهائل من العلم والمعرفة في الكلّيّات والمصاديق الفقهية لابدّ من كتاب جامع لمسائل البلوى بلغة الفتوى الملزِمة للمكلّف.
٢ ـ إنّ قضايا الاجتهاد والاحتياط والتقليد أصبحت بعد العروة الوثقى من القضايا التي لابدّ أن يعرفها المكلّف بوضوح ، وتبدّل الزّمان اقتضى تبدّل عرض المواضيع ، فقد غابت كتب الجهاد والرقّ التي كانت تلوّن ثقافة القرن الرابع والخامس الهجري لعدم الابتلاء بها اليوم وحلّت مكانها كتب الاجتهاد والتقليد) والحوالة والمضاربة ونحوها.
٣ ـ إنّ منهج العروة الوثقى يمتاز بالوضوح والبلاغة وإيصال المكلّف إلى المعنى بسهولة ، وأيضاً بتشعّب الفروع الفقهية المطابقة لواقع الحال. ولاشكّ أنّ تلك المسائل كانت بالأصل أسئلة وجّهها النّاس إلى الفقهاء فجُمعت شتاتها وهُذّبت مواردها حتّى أصبحت على ما هي عليه.
٣ ـ منهج وسيلة النجاة :
كتاب وسيلة النجاة للميرزا محمّد حسين الغروي النائيني (ت ١٣٥٥ هـ) ، رسالة عملية للمكلّفين. يقول المصنّف في المقدّمة : «إنّ أحكام الشريعة المقدّسة الختمية على الصادع بها وآله أفضل الصلوة والتحية تنقسم إلى عبادات شرّعت لأداء رسم العبودية ، وعقود معاملات تنعقد بين المتعدّدين ، وإيقاعات لا يتوقّف على قبول أحد لها ، وأحكام تصلح بها المعايش وتحفظ بها أكمل النظام ...»(١).
__________________
(١) وسيلة النجاة : ب ـ ج.
نموذج من منهجه :
وفيما يلي نموذج من منهجه :
«الفصل الأوّل : في الاحتياط ، وفيه مسائل :
الأولى : حقيقة الاحتياط في كلّ مسألة هي الأخذ بالأوثق والمتيقّن في تلك المسألة ، فإن كان متيقّناً بالنسبة إلى جميع محتملاتها ولم يعارضه احتياط آخر من جهة أخرى كان حقيقيّاً حينئذ وموجباً للقطع بإصابة الواقع ، ولو كان متيقّناً بالنسبة إلى بعضها ـ كأقوال أهل العصر مثلاً أو العدّة المعلومة أعلمية أحدهم ـ أو كان معارضاً باحتياط آخر ولكنّه كان أولى بالرعاية منه ـ كالتطهّر بالمستعمل في رفع الحدث الأكبر عند الانحصار ونحو ذلك ـ كان حينئذ إضافيّاً يوجب القطع بالخروج عن عهدة التكليف دون إصابة الواقع.
الثانية : لو احتمل وجوب شيء لا يحتمل حرمته كغسل الجمعة مثلاً أو احتمل دخله شطراً أو شرطاً في العبادة ولم يحتمل البطلان به كجلسة الاستراحة ونحو ذلك فالأحوط فعله ، ولو انعكس الفرض فكان المحتمل هو حرمته أو فساد العبادة به فالأحوط تركه. ولو دار الأمر بين وجوب شيء وحرمته ، أو علم دخل أحد الضدّين أو النقيضين في صحّة العبادة ، ففي القسم الأوّل يتعذّر الاحتياط رأساً ، وفي الثاني يتوقّف على تكرار العبادة ، وهذا هو الضابط فيما يستلزم من الاحتياط للتكرار.
الثالثة : الظاهر عدم الإشكال في جواز الاحتياط في غير العبادات مطلقاً ، وكذا في العبادات أيضاً مع عدم استلزامه للتكرار ـ بناء على ما هو الأقوى من عدم توقّف العبادية على قصد الوجه ولا على معرفته مطلقاً وكفاية العلم بالمحبوبية ونية القربة المطلقة في تحقّقها كما سيأتي في مباحث النية ـ أمّا مع استلزامه للتكرار فإن توقّف على تكرار جملة العمل
كما في موارد التردّد بين وجوب القصر أو التمام ونحو ذلك فالأحوط بل الأقوى تعيّن الاجتهاد أو التقليد حينئذ مع التمكّن منه ـ ويتوقّف حسن الاحتياط وكفايته في العبادية على تعذّره ـ ولو أدّى اجتهاده أو تقليده إلى وجوب أحدهما توقّف حسن الاحتياط بإتيان المحتمل الآخر حينئذ على الفراغ عمّا أدّى تقليده أو اجتهاده إلى وجوبه لا فيما قبله ...
الرابعة : يتوقّف جواز العمل بالاحتياط في العبادات على الاجتهاد أو التقليد في هذه المسألة ، فإنّها خلافية ويتوقّف تشخيصه على خبرة كاملة بأقوال الفقهاء وأدلّتها ، ولو لم يكن خبيراً بها ففي الرجوع في تشخيصه إلى التقليد أو الاستعلام من أهل الخبرة ـ إمّا مطلقاً أو بشروط الشهادة ـ وجوه وإشكال ، لكن لو تعارضت الاحتياطات فالمرجع في تعيين أحوطها هو التقليد بلا إشكال ، والله العالم»(١).
الاستنتاج :
١ ـ هذه الرسالة فيها تفريعات متشابكة ومنهجيّتها ليست واضحة ، والسرّ في ذلك أنّ أفكارها بحاجة إلى ترتيب وتقسيم جديد.
٢ ـ نفهم من كلامه ان الاحتياط هو الأخذ بالأوثق والمتيقن ، وهنا تفريعان :
أ ـ التيقن من جميع الوجوه يورث القطع.
ب ـ التيقن من وجوه معينة وعدم التيقن من وجوه أُخرى يوجب الخروج عن عهدة التكليف دون اصابة الواقع ، أي انه يصيب الوظيفة العملية لكنه لا يصيب الواقع.
__________________
(١) وسيلة النجاة : ج ـ هـ.
٣ ـ يتداخل الأمر أحياناً بالشكل التالي :
أ ـ إذا دار الأمر بين وجوب الشيء وعدم حرمته فعليه ان يلتزم بمنحى الوجوب احتياطاً.
ب ـ إذا دار الأمر بين حرمة الشيء وعدم وجوبه فعليه أن يلتزم بالاجتناب عنه.
ج ـ إذا دار الأمر بين الوجوب والحرمة هنا يتعذّر الاحتياط.
د ـ إذا علم بدخول أحد الضدّين أو النقيضين في العبادة فإنّه يستلزم من الاحتياط التكرار.
٤ ـ مسألة الاحتياط في العبادات وغير العبادات تكون كالتالي :
أ ـ جواز الاحتياط في غير العبادات.
ب ـ جواز الاحتياط في العبادات مع عدم استلزامه للتكرار.
ج ـ إذا استلزم التكرار مثل التردّد بين وجوب القصر أو التمام فعليه الاجتهاد أو التقليد.
٥ ـ مسألة جواز العمل بالاحتياط في العبادات إجتهاداً أو تقليداً مسألة خلافية ، فإذا لم يكن مجتهداً فعليه التقليد.
٦ ـ إذا تعارضت الاحتياطات فالمرجع في تعيين أحوطها هو التقليد.
٤ ـ منهج وسيلة النجاة :
كتاب وسيلة النجاة للسيِّد أبي الحسن الموسوي الإصفهاني (ت ١٣٦٥ هـ) في مجلّدين ، رسالة عملية للمكلّفين. يقول المصنّف في المقدّمة :
«وبعد ، فيقول العبد الحقير أبو الحسن الموسوي الإصفهاني وفّقه الله
تعالى لمراضيه وجعل مستقبل أمره خيراً من ماضيه : لمّا كانت الرسالة المسمّاة بـ : ذخيرة الصالحين رسالة وجيزة قليلاً لفظها كثيراً نفعها سهلاً تناولها قد علّقت عليها بعض الحواشي أوّلاً وبيّنت فيها مواقع الاختلاف في الفتوى لتكون مرجعاً لمن يرجع إليَّ فيها ، ثمّ أدرجت الحواشي في المتن ثانياً كي تكون أسهل تناولاً ، ثمّ كرّرت النظر فيها ثالثاً فأضفت إليها بعض الفروع وألحقت بها بعض المسائل المبتلى بها من المعاملات وغيرها لتكون أكثر نفعاً ، ومع ذلك لم تكن وافية بحلِّ المسائل والفروع ، ولذلك كثرت الشكوى من المؤمنين إلىَّ وزاد إلحاحهم على أن أدرج في طيِّها بعض الفروع التي تعمّ بها البلوى وألحق بها بعض المسائل الكثيرة الجدوى ، فأجبت مسؤولهم وقضيت مأمولهم مع تشويش البال وكثرة الأشغال ، فصارت بحمد الله تعالى رسالة كافية جامعة لأمّهات المسائل ومهمّاتها ، وسمّيتها وسيلة النجاة»(١).
نماذج من منهجه :
وفيما يلي نماذج من منهجه :
النموذج الأوّل : في العدالة :
«مسألة ٢٧ : يعتبر في المفتي والقاضي العدالة ، وتثبت بشهادة عدلين ، وبالمعاشرة المفيدة للعلم أو الاطمئنان ، وبالشياع المفيد للعلم.
مسألة ٢٨ : العدالة عبارة عن ملكة راسخة باعثة على ملازمة التقوى من ترك المحرّمات وفعل الواجبات ، وتعرف بحسن الظاهر ومواظبته في
__________________
(١) وسيلة النجاة ١ / ٩.
الظاهر على الشرعيّات والطاعات ومزايا الشرع من حضور الجماعات وغيره ممّا كان كاشفاً عن الملكة وحسن الباطن علماً أو ظنّاً ، وتعرف أيضاً بشهادة العدلين ، وبالشياع المفيد للعلم.
مسألة ٢٩ : تزول صفة العدالة بارتكاب الكبائر أو الإصرار على الصغائر ، وتعود بالتوبة إذا كانت الملكة المذكورة باقية»(١).
النموذج الثاني : في البيع :
«مسألة ١ : عقد البيع يحتاج إلى إيجاب وقبول ، والأقوى عدم اعتبار العربية بل يقع بكلّ لغة ولو مع إمكان العربي ، كما أنّه لا يعتبر فيه الصراحة بل يقع بكلِّ لفظ دالّ على المقصود عند أهل المحاورة كـ(بعتُ) و (ملكتُ) ونحوهما في الإيجاب و (قبلتُ) و (اشتريتُ) و (ابتعتُ) ونحو ذلك في القبول ، كما أنّ الظاهر عدم اعتبار الماضوية فيجوز بالمضارع وإن كان المشهور اعتبارها ، ولا ريب أنّه الأحوط. وهل يعتبر فيه عدم اللحن من حيث المادّة والهيئة والإعراب لو أوقعه بالعربي؟ الظاهر العدم إذا كان دالاًّ على المقصود عند أبناء المحاورة وعُدّ ملحوناً من الكلام لا كلاماً آخر دون ذكر هذا المقام ، كما إذا قال : (بعت) بفتح الباء أو (بِعِتْ) بكسر العين وسكون التاء ، وأولى بذلك اللغات المحرّفة كالمتداولة بين أهل السواد ومن ضاهاهم.
مسألة ٣ : يعتبر الموالاة بين الإيجاب والقبول ، بمعنى عدم الفصل الطويل بينهما بما يخرجهما عن عنوان العقد والمعاقدة ، ولا يضرّ القليل بحيث يصدق معه أنّ هذا قبول لذلك الإيجاب»(٢).
__________________
(١) وسيلة النجاة ١ / ١٦.
(٢) وسيلة النجاة ١ / ٣٨٢.
الاستنتاج :
١ ـ إنّ منهج الرسالة يغلب عليه الوضوح في التعبير والعلمية في طرح الموضوع وترتيب الأفكار ، ولعلّها من أفضل الرسائل العملية المكتوبة من ناحية اللغة والأُسلوب والمحتوى.
٢ ـ يشرح المصنّف العبارات التي تحتاج إلى شرح مثل العدالة أو البيع ونحوهما. والتشعّبات في الكتاب ليست كثيرة بل فيها لونٌ من الاعتدال ، بحيث يستطيع القارئ غير الملمِّ بعلوم الفقه أن يستوعب مادّة الكتاب إستيعاباً معقولاً.
٣ ـ مع أنّ الرسالة حافظت على قوّة التعبير الفقهي إلاّ أنّ المصنِّف أبعدها عن اصطلاحات الفقهاء ـ مثل : الأقوى ، والأحوط ، والأظهر ـ وجعل ألفاظها ميسورة للمكلّف الذي لم يطّلع بعد على اصطلاحات أهل الفنِّ.
١٠ ـ منهج الفقه الفتوائي :
مقدّمة :
وهو الفقه الذي يعتني ببيان الأحكام والفتاوى الشرعية من دون التعرّض إلى أدلّتها التفصيلية بالنّقض والإبرام ، وتبرز في الكتاب علمية المصنِّف وعمقه ودقّته وقوّة مبانيه الأصولية والفقهية ، وغالباً ما تكون العبارات مضغوطة وتميل إلى لغة أهل الفنِّ والاختصاص.
طبيعة الفقه الفتوائي :
تتبلور طبيعة الفقه الفتوائي في صورة الفتاوى الفقهية التي يجمعها وحدة الموضوع ، فالفتاوى الصادرة من الفقهاء المتقدّمين كانت ألفاظاً
لأحاديث مسندة حذف المصنّف إسنادها للاختصار ، وفتاوى المتأخرين اتّخذت منحى تبيّن الأوامر والنواهي الاستحباب أو الكراهة ، أو بكلمة ثالثة : إنّها كتبت بصيغة : يجوز لك فعل هذا ولا يجوز لك فعل ذاك. وغالباً ما يكون الفقه الفتوائي مجرّداً عن الاستدلال. ولا يزال الفقه الفتوائي من زمن الشّيخ الصدوق (ت ٣٨١ هـ) ولحدِّ اليوم فعّالاً وحيوياً في رفد المجتمع بالأفكار الفقهية.
الإيمان بالشهرة الفتوائية :
وهو منهج آمن به الفقهاء المتأخّرون. والشهرة الفتوائية تعني أنّه يشتهر بين الفقهاء القدماء الذين كان عهدهم قريباً من زمن النصّ فتاوى صادرة منهم لكنّها مجرّدة من كلّ رواية أو خبر. والشهرة الفتوائية هي أحد أقسام الشهرة الثلاثة ، وهي :
أ ـ الشهرة الروائية : وتعني اشتهار الرواية بين نقلة الروايات من دون إفتاء على أساس مضمونها. ولكن النقل دون الإفتاء موهن للرواية. أمّا إذا أعرض الفقهاء عن الإفتاء بتلك الرواية فهذا يعني وجود خلل في جهة صدورها. وبكلمة : فإنّ هذه الشهرة ليست من التي يركن إليها في الاستدلال.
ب ـ الشهرة العملية : وتعني اشتهار الرواية بين أصحاب الفتيا بالنقل والإفتاء على أساس مضمونها. ويمكن الركون إلى هذه الشهرة لأنّها حجّة. وقد ورد في مقبولة عمر بن حنظلة : ينظر إلى ما كان من روايتهما عنّا في ذلك الذي حكما به ، المجمع عليه بين أصحابك ، فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذّ النادر الذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فإنّ المجمع عليه
لاريب فيه ... وإنّما الأُمور ثلاثة : أمر بيّن رشده فيتبع ، وأمر بيّن غيّه فيجتنب ، وأمر مشكل يردُّ علمه إلى الله ورسوله(١).
ولاشكّ أنّ المراد بـ : (المُجمع عليه) في لسان الدليل هو المشهور بين الأصحاب اجماعاً لا ما اتّفق الكلّ ـ من غير الفقهاء ـ على روايته. والمراد من (المشهور عند الأصحاب) المشهور بالإفتاء بمضمونه ، وإلاّ فإنّ عدم الإفتاء بالرواية لا ينفي الريب عنه.
ج ـ الشهرة الفتوائية : وهي الشهرة التي ذكرناها آنفاً(٢) ، حيث كان القدماء من فقهاء الإمامية يعرضون فتاواهم مجرّدة من كلِّ رواية وخبر ، فالفتوى المشهورة عند أصحاب الائمة عليهمالسلام تعدّ بمنزلة النصِّ ، لأنّ أُولئك الأصحاب كانوا بطانة علومهم عليهمالسلام وخزانة أسرارهم ، فهذا عبد الله بن محرز وسلمة بن محرز يعملان بالفتوى الروائية من الأصحاب ، فهنا روايتان :
الأولى : رواية سلمة بن محرز : قلتُ لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّ رجلاً مات وأوصى إليَّ بتركته وتركة ابنته؟ قال : فقال لي : أعطها النِّصف. قال : فأخبرت زرارة بذلك فقال لي : اتّقاك إنّما المال لها. قال : فدخلت بعد فقلت : أصلحك الله إنّ أصحابنا زعموا أنّك اتّقيتني؟ فقال : لا والله ما اتّقيتك ولكنّي اتّقيت عليك أن تضمن ، فهل علم بذلك أحد؟ قلت : لا. قال : فأعطها ما بقي(٣).
__________________
(١) الوسائل ١٨ باب ٩ من أبواب صفات القاضي ح ١.
(٢) بحثت في حجّية الظّنّ في كتب الأُصول للمتأخّرين ، مثل : تهذيب الأُصول ـ السيّد الخميني ٢ / ١٠٠ ـ ١٠٢ ، ومصباح الأُصول ـ السيّد الخوئي ٢ / ٢٠٢.
(٣) الوسائل ١٧ باب ٤ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح ٣.
الثانية : رواية عبد الله بن محرز ، قال : أوصى إلىّ رجل وترك خمسمائة درهم أو ستمائة درهم وترك ابنته وقال لي : عصبة بالشام. فسألت أبا عبد الله عن ذلك فقال : أعط الإبنة النِّصف والعصبة النِّصف الآخر. فلمّا قدمت الكوفة أخبرت أصحابنا فقالوا : اتّقاك. فأعطيت ابنته النِّصف الآخر. ثمّ حججت فلقيت أبا عبد الله فأخبرته بما قال أصحابنا وأخبرته أنّي دفعت النِّصف الآخر الابنة ، فقال : أحسنت إنّما أفتيتك مخافة العصبة عليك(١).
والاعتناء بالشهرة الفتوائية يضع الفتاوى الصادرة من فقهاء عصر النصِّ بمنزلة النصوص ، ولذلك اُخذت كتب كلّ من الشّيخ الصدوق المقنع والشّيخ المفيد المقنعة والشّيخ الطّوسي النهاية والمبسوط بمنزلة النصِّ ، لأنّهم كانوا لا يذكرون شيئاً إلاّ وله واسطة بمنبع علوم آل محمّد(صلى الله عليه وآله).
كتب الفقه الفتوائي :
١ ـ المقنع للشّيخ الصدوق (ت ٣٨١ هـ).
٢ ـ المقنعة للشّيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ).
٣ ـ إرشاد الأذهان للعلاّمة الحلّي (ت ٧٢٦ هـ).
٤ ـ المبسوط للشّيخ الطّوسي (ت ٤٦٠ هـ).
٥ ـ المختصر النافع للمحقّق الحلّي (ت ٦٧٦ هـ).
٦ ـ قواعد الأحكام للعلاّمة الحلّي (ت ٧٢٦ هـ).
٧ ـ تبصرة المتعلّمين للعلاّمة الحلّي (ت ٧٢٦ هـ).
__________________
(١) الوسائل ١٧ باب ٥ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح ٤.
٨ ـ اللمعة الدمشقية للشهيد الأوّل (ت ٧٨٦ هـ).
٩ ـ الوسيلة إلى نيل الفضيلة لابن حمزة (من أعلام القرن السادس).
١ ـ منهج المقنع :
كتاب المقنع للشّيخ محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي المعروف بالشيخ الصدوق (ت ٣٨١ هـ) في مجلّد واحد ، رسالة فتوائية عباراتها ألفاظٌ لأحاديث مسندة حذف المصنِّف أسانيدها بهدف الإختصار ثقةً بورودها في الكتب الحديثية المعروفة في زمانه. يقول المصنِّف في المقدّمة :
«إنّي صنّفتُ كتابي هذا وسمّيته كتاب المقنع لقنوع من يقرأه بما فيه ، وحذفت الأسانيد منه لئلاّ يثقل حمله ولا يصعب حفظه ولا يملّ قارئه ، إذ كان ما أُبيّنه فيه في الكتب الأصولية موجوداً مبيّناً عن المشايخ العلماء الفقهاء الثقات رحمهمالله»(١).
عقب المحدّث النوري (ت ١٣٢٠ هـ) في المستدرك قائلاً :
«إنّ هذه العبارة كما ترى متضمّنة لمطالب :
الأوّل : إنّ ما في الكتاب خبر كلّه إلاّ ما يشير إليه.
الثاني : إنّ ما فيه من الأخبار مسند كلّه ، وعدم ذكر السند فيه للإختصار لا لكونها من المراسيل.
الثالث : إنّ ما فيه من الأخبار مأخوذ من أصول الأصحاب التي هي مرجعهم وعليها معوّلهم وإليها مستندهم وفيها مباني فتاويهم.
__________________
(١) المقنع : ٥.
الرابع : إنّ أرباب تلك الأصول ورجال طرقه إليها من ثقات العلماء ، وبذلك فاق قدره عن كتاب الفقيه.
والحقّ أنّ ما فيه عين متون الأخبار الصحيحة بالمعنى الأخصّ الذي عليه المتأخّرون»(١).
وإذا كان هذا رأي المحدّث النوري فقد كان المجلسي (ت ١١١١ هـ) يقول : «ينزّل أكثر أصحابنا كلامه [الصدوق] وكلام أبيه منـزلة النصِّ المنقول والخبر المأثور»(٢).
نماذج من منهجه :
ومنهج الكتاب مبنيٌّ على أمرين :
الأوّل : إنّ الأحكام الفقهية مرتّبة على صورة الفتاوى التي يجمعها وحدة الموضوع ، مثلاً في باب الوصايا يقول المصنِّف :
«اعلم أنّ الوصية حقٌّ على كلِّ مسلم ، ويستحبّ أن يوصي الرجل لقرابته بشيء من ماله قلّ أم كثر ، وأوّل شيء يبدأ به من المال الكفن ثمّ الدّين ثمّ الوصية ثمّ الميراث. وعلى الزوج كفن امرأته إذا ماتت ...
ولا يجوز تغيير الوصية وتبديلها ، لأنّه عزّ وجلّ يقول : (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الّذِيْنَ يُبَدِّلُوْنَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيْعٌ عَلِيْمٌ)(٣). فإن أوصى في غير حقٍّ ولا سنّة فلا حرج على الوصيِّ أن يردّه إلى الحقِّ والسنّة. فإن أوصى بربع ماله فهو أحبّ إليّ من أن يوصي بالثلث ، ومن
__________________
(١) مستدرك الوسائل ٣ / ٣٢٧ طبعة حجرية.
(٢) بحار الأنوار ١٠ / ٤٠٥.
(٣) سورة البقرة ٢ : ١٨١.
أوصى بالثلث فلم يترك. وإذا دعا رجل ابنه إلى قبول وصيّته فليس له أن يأبى. وإذا أوصى الرجل بمال في سبيل الله فإن شاء جعله لإمام المسلمين ، وإن شاء جعله في حجٍّ ، وإن شاء فرّقه على قوم مؤمنين»(١).
الثاني : نلحظ في عبارات المصنِّف صيغة الإلزام ، فكتابه أشبه برسالة عملية للمكلّفين. يقول في باب زكاة الفضّة :
«اعلم أنّه ليس على الفضّة شيءٌ حتّى تبلغ مائتي درهم ففيها خمسة دراهم ، وليس فيها إذا كانت دون مائتي درهم شيء وإن كانت مائتي درهم إلاّ درهم ، ومتى زاد على مائتي درهم أربعون درهماً ففيها درهم. وليس في العطر والزعفران والخضر والثمار والحبوب زكاة حتّى تباع ويحول على ثمنه الحول»(٢).
وفي باب زكاة مال اليتيم يقول :
«اعلم أنّه ليس على مال اليتيم زكاة إلاّ أن يتّجر به ، فإن اتّجر به فعليه الزكاة»(٣).
٢ ـ منهج المقنعة :
كتاب المقنعة للشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان (ت ٤١٣ هـ) في مجلّد واحد ، دورة فقهية كاملة يبتدئ بكتاب الطهارة وينتهي بكتاب الوكالة ، أضاف لها في المقدّمة أصول الدين. والكتاب كما ذكر مصنّفه في المقدّمة :
__________________
(١) المقنع : ٤٧٧ ـ ٤٧٩.
(٢) المقنع : ١٦٢.
(٣) المقنع : ١٦٣.
«جمع مختصر في الأحكام وفرائض الملّة وشرائع الإسلام ، ليعتمده المرتاد لدينه ويزداد به المستبصر في معرفته ويقينه ...»(١).
نماذج من منهجه :
ومنهج الكتاب مبنىٌّ على أمرين :
الأوّل : التعريف بالموضوع الشرعي ثمّ الإفتاء دون التعرّض للاستدلال إلاّ في الموارد التي تقتضي إيراد الآية أو الرواية المؤيّدة ، ومن ذلك في باب نيّة الصيام ، قال :
«قال الله عزّ وجلّ : (وَمَا أُمِرُوْا إِلاّ لِيَعْبُدُوْا اللهَ مُخْلِصِيْنَ لَهُ الدِّيْنَ)(٢). والإخلاص للديانة هو التقرّب إلى الله تعالى بعملها مع ارتفاع الشوائب ، والتقرّب لا يصحّ إلاّ بالعقد عليه والنية له ببرهان الدلالة. روي عن أبي عبد الله عن أبيه عن آبائه عليهمالسلام قال : قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : لا قول إلاّ بعمل ، ولا قول ولا عمل إلاّ بنية ، ولا عمل ولا نية إلاّ بإصابة السنّة ، ومن تمسّك بسنّتي عند اختلاف أمّتي كان له أجر مائة شهيد.
فيجب لمكلّف الصيام أن يعتقده قبل دخول وقته تقرّباً إلى الله جلّ اسمه بذلك وإخلاصاً له على ما قدّمناه في المقال ، فإذا اعتقد قبل الفجر من أوّل يوم من شهر رمضان صيام الشهر بأسره أجزأه ذلك في صيام الشهر بأجمعه وأغناه في الفرض عن تجديد نية في كلِّ يوم على الاستقبال ، فإن جدّد النية في كلِّ يوم قبل فجره كان بذلك متطوّعاً فعلاً فيه فضل يستحقّ عليه الثواب ، وإن لم يجدّد نية بعد ما
__________________
(١) المقنعة : ٢٧.
(٢) سورة البيّنة ٩٨ : ٥.
سلف له لجملة الشهر فلا حرج عليه كما بيّنّاه ...»(١).
الثاني : التأكيد على السنن الأخلاقية في الدين ، ومن ذلك باب سنن الصيام ، قال :
«ومن سنن الصيام غضّ الطرف عن محارم الله تعالى ، وشغل اللسان بتلاوة القرآن ، وتمجيد الله والثناء عليه ، والصّلاة على رسول الله صلّى الله عليه وآله ، واجتناب سماع اللّهو وجميع المقال الذي لا يرضاه الله تعالى ، وهجر المجالس التي يصنع ما يسخط الله عزّ وجلّ ، وترك الحركة في غير طاعة الله عزّ وجلّ ، والإكثار من أفعال الخير التي يرجى بها ثواب الله تعالى. وقد روي عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال لمحمّد بن مسلم : يا محمّد إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك ولحمك ودمك وجلدك وشعرك وبشرك ولا يكون يوم صومك كيوم فطرك»(٢).
وبالإجمال : فإنّ منهج المصنِّف في غاية البلاغة والوضوح.
٣ ـ منهج إرشاد الأذهان :
كتاب إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان للعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف بن المطهّر (ت ٧٢٦ هـ) في مجلّدين ، كتاب فتوائي مختصر شمل جميع أبواب الفقه من الطهارة إلى الديات ، وهو حسن الترتيب. يقول في المقدّمة :
«لما كثر طلب الولد العزيز محمّد ـ أصلح الله تعالى أمر داريه ووفّقه للخير وأعانه عليه ، ومدّ الله له في العمر السعيد والعيش الرغيد ـ لتصنيف
__________________
(١) المقنعة : ٣٠١ ـ ٣٠٢.
(٢) المقنعة : ٣٠٩ ـ ٣١٠.
كتاب يحوي النكت البديعة في مسائل الشريعة ، على وجه الإيجاز والاختصار خال عن التطويل والإكثار ، فأجبت مطلوبه وصنّفت هذا الكتاب ...»(١).
والكتاب بطبيعته مشابه في الأسلوب لكتاب قواعد الأحكام.
نموذج من منهجه :
ونعرض نموذجاً في المساقاة وأحكامها :
«المساقاة : وفيه مقامان :
الأوّل : في الأركان ، وهي أربعة : العقد ، والمحلّ ، والمدّة ، والفائدة.
وصيغة الإيجاب : ساقيتك ، أو : عاملتك ، أو : سلّمت إليك ، وشبهه.
وهي لازمة لا تبطل بالموت ولا البيع بل بالتقايل ، وتصحّ قبل ظهور الثمرة وبعدها إن ظهر للعمل زيادة. وأمّا المحلّ فهو كلّ أصل ثابت له ثمرة ينتفع بها مع بقائه كالنخل والشجر ، وفي التوت والحنّاء نظر ، وإنّما تصحّ إذا كانت الأشجار مرئية ....
المقام الثاني في الأحكام : وإطلاق العقد يقتضي قيام العامل بكلِّ عمل يتكرّر في كلِّ سنة وتحتاج الثمرة إليه : من السقي ، والتقليب ، وتنقية الأجاجين والأنهار ، وإزالة الحشيش المضرّ ، وتهذيب الجريد والتلقيح ، والتعديل ، واللقاط ، وإصلاح موضع التشميس ، ونقل الثمرة إليه وحفظها ...»(٢).
ومنهج المصنّف لا يختلف بالأساس عن منهج بقية الكتب الخاصّة
__________________
(١) إرشاد الأذهان ١ / ٢١٨.
(٢) إرشاد الأذهان ١ / ٤٢٨.
بالفقه الفتوائي ، فقد لخّص المصنّف موضوع المساقاة بعدّة جمل وافية بالمقصود جامعة مانعة في الحلال والحرام ، ابتدأ الموضوع بالأركان وانتهى بالأحكام ، وهو أُسلوب يعرض الفكرة الفقهية ثمّ يبيّن الإلزام المتّصل بها.
٤ ـ منهج المبسوط في فقه الإمامية :
كتاب المبسوط في فقه الإمامية للشّيخ أبي جعفر محمّد بن الحسن الطّوسي (ت ٤٦٠ هـ) ، في ثمانية مجلّدات ، هو موسوعة فقهية فتوائية غير استدلالية. وكان الفقهاء القدماء يقدّمون فتاوى الشّيخ الطّوسي قدسسره ويقدّرونها أعظم تقدير ويعدّون تصانيفه أصلاً مسلّماً ويكتفون بها في الاستدلال ، فكان شيخ الطائفة قدسسره سدرة المنتهى في التصنيف الفقهي والأصولي والرجالي. يقول الشّيخ الطّوسي في مقدّمة كتابه شارحاً منهجه في التأليف :
«... فعدلتُ إلى عمل كتاب يشتمل على عدد جميع كتب الفقه التي فصلوها الفقهاء وهي نحو من ثلاثين كتاباً أذكر كلّ كتاب منه على غاية ما يمكن تلخيصه من الألفاظ ، واقتصرت على مجرّد الفقه دون الأدعية والآداب ، واُعقّد فيه الأبواب واُقسّم فيه المسائل وأجمع بين النظائر وأستوفيه غاية الإستيفاء ، وأذكر أكثر الفروع التي ذكرها المخالفون وأقول ما عندي على ما يقتضيه مذاهبنا ويوجبه أصولنا بعد أن أذكر جميع المسائل ، وإذا كانت المسألة أو الفرع ظاهراً أقنع فيه بمجرّد الفتيا ، وإن كانت المسألة أو الفرع غريباً أو مشكلاً أومئ إلى تعليلها ووجه دليلها ليكون الناظر فيها غير مقلّد ولا مبحّث ، وإذا كانت المسألة أو الفرع ممّا فيه أقوال العلماء ذكرتها وبيّنت عللها والصحيح منها والأقوى واُنبّه على جهة دليلها لا على
وجه القياس ، وإذا شبّهت شيئاً بشيء فعلى جهة المثال لا على وجه حمل إحديهما على الاُخرى أو على وجه الحكاية عن المخالفين دون الاعتبار الصحيح ، ولا أذكر أسماء المخالفين في المسألة لئلاّ يطول به الكتاب ، وقد ذكرت ذلك في مسائل الخلاف مستوفاً ، وإن كانت المسألة لا ترجيح فيها للأقوال وتكون متكافية وقفتُ فيها ويكون المسألة من باب التخيير»(١).
فكان الكتاب بحقٍّ لا نظير له في زمانه في كتب الأصحاب ولا في كتب المخالفين كما توقّع مصنّفه له ذلك ، فقد اشتمل على الأصول والفروع بين دفّتي عنوان واحد.
نماذج من منهجه :
ونستطيع أن نستقرىء منهجه عبر الموارد التالية :
أوّلاً : تماسك المعاني ووضوح الألفاظ بحيث يبدأ بالتعريف ثمّ يذكر الأحكام الخاصّة بموضوع البحث بفروعها وشعبها ، ففي فصل الطهارة يقول : «الطهارة في اللغة النظافة ، وفي الشريعة عبارة عن إيقاع أفعال في البدن مخصوصة على وجه مخصوص يستباح بها الدخول في الصّلاة ، وهي على ضربين : طهارة بالماء وطهارة بالتّراب.
فالطّهارة بالماء على ضربين : أحدهما يختصّ بالأعضاء الأربعة فتسمّى وضوءً ، والآخر يعمّ جميع البدن فتسمّى غسلاً. والتي بالتراب يختصّ عضوين فقط على ما سنبيّنه.
والوضوء على وجهين : واجب وندب ، فالواجب هو الذي يجب
__________________
(١) المبسوط ١ / ٣.
لاستباحة الصّلاة والطّواف ولا وجه لوجوبه إلاّ هذين ، والندب فإنّه مستحبّ في مواضع كثيرة لا تحصى. وأمّا الغسل فعلى ضربين أيضاً : واجب وندب ، فالواجب يجب للأمرين اللذين ذكرناهما ولدخول المساجد ومسّ كتابة القرآن وما فيه اسم الله تعالى وغير ذلك ...
والطهارة بالماء هي الأصل وإنّما يعدل عنها إلى الطّهارة بالتراب عند الضرورة وعدم الماء ، وتسمية التيمّم بالطهارة حكم شرعي لأنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله)قال : جعلت لي الأرض مسجداً وترابها طهوراً. وأخبارنا مملؤة بتسمية ذلك طهارة ، فليس لأحد أن يخالف فيه ...»(١).
نستنتج من ذلك :
إنّه قسّم الطهارة إلى قسمين : الأوّل بالماء والثاني بالتراب.
وقسّم الطهارة المائية إلى قسمين : الأوّل الوضوء والثاني الغسل.
وقسّم الوضوء إلى قسمين : الأوّل الواجب والثاني المستحبّ.
وقسّم الوضوء الواجب إلى قسمين : الأوّل لاستباحة الصّلاة والثاني لاستباحة الطواف.
وقسّم الوضوء المستحبّ إلى أقسام شتّى.
وقسّم الغسل إلى قسمين : الأوّل الواجب والثاني المستحبّ.
وقسّم الغسل الواجب ـ بالإضافة إلى استباحة الصّلاة والطواف ـ إلى قسمين أخريين : الأوّل دخول المساجد والثاني مسّ كتابة القرآن.
وهذا التقسيم الموضوعي للواجبات والمستحبّات يساعد الذّهن
__________________
(١) المبسوط ١ / ٤.
الإنساني على فهم الموضوع فهماً تدريجيّاً متسلسلاً ، فالمصنّف لم يقفز من موضوع إلى موضوع آخر ولم يخرق المراحل الطبيعية للتعريف بل وضع الأفكار والمفاهيم في مواضعها الصحيحة وقسّم الأشياء قسمين قسمين ، وهذا المنهج من أفضل المناهج التعليمية في الفكر الإنساني.
ثانياً : التأكيد على وضوح عبارات الحكم الشرعي بحيث يعرض الحكم أحياناً قبل التعريف ، ومن ذلك ما ذكره في التشهّد وأحكامه ، قال المصنّف :
«التشهّد في الصّلاة فرض واجب للأوّل والثاني في الثلاثية والرباعيّات وفي كلّ ركعتين في باقي الصّلوات ، فمن تركهما أو واحداً منهما متعمّداً فلا صلاة له ، ومن تركهما أو واحداً منهما ناسياً حتّى فرغ من الصّلاة قضاهما بعد التسليم وأعاد التسليم بعد التشهّد الأخير ، فإن ترك التشهّد الأوّل قضاه وليس عليه تسليم بعده. والتشهّد يشتمل على خمسة أجناس : الجلوس والشهادتان والصّلاة على محمّد النبيّ(صلى الله عليه وآله) والصّلاة على آله ، فهذه الخمسة لا خلاف بين أصحابنا فيها أنّها واجبة. والسادس : التسليم ، ففي أصحابنا من جعله فرضاً ، وفيهم من جعله نفلاً. وصفة الجلوس أن يجلس متورّكاً يضع ظاهر رجله اليمنى على باطن رجله اليسرى ، ويضع يده اليمنى على فخذه اليمنى واليسرى على فخذه اليسرى ويبسطهما مضمومتي الأصابع ، وهذه الهيئة مسنونة. ويطمئنّ فيه ـ وهو فرض ـ ويشهد الشهادتين ، وهو أقلّ ما يجزيه في التشهّد ، والصّلاة على النبيّ محمّد(صلى الله عليه وآله) ، فإن نقص شيئاً من ذلك فلا صلاة له ، وكلّما زاد على ذلك من الألفاظ الواردة فيه فهو زيادة في العبادة والثواب ، ومن ترك
التشهّد ناسياً أو شيئاً منه قضاه بعد التسليم طالت المدّة أم قصرت»(١).
نستنتج من ذلك :
١ ـ إنّه شخّص الوظيفة الشرعية بخصوص وجوب التشهّد بما يلي :
أ ـ إنّه فرض واجب للأوّل والثاني في الثلاثية والرباعيّات.
ب ـ إنّه فرض واجب في كلِّ ركعتين.
ج ـ من تركه أو تركهما متعمّداً تبطل صلاته.
د ـ من تركه أو تركهما سهواً يعيد التسليم.
٢ ـ يعرّف التشهّد بـ : الجلوس والشهادتين والصّلاة على محمّد(صلى الله عليه وآله)والصّلاة على آله عليهمالسلام ، ويعرّف التسليم بعد ذلك.
٣ ـ يصف صفة الجلوس في التشهّد والتسليم.
٤ ـ إنّ أي نقص في التشهّد يبطل الصّلاة.
وبالإجمال : فهذا الترتيب العلمي للأفكار يضع الحكم في المقدّمة فنعلم أنّ ما سنقرأه هو واجب فنلتفت بانتباه كامل إلى الشرح ، ثمّ نتعلّم طبيعة الجلوس وما ينبغي علينا أن نقول تشهّداً وتسليماً حتّى لا تبطل صلاتنا الواجبة.
ثالثاً : استخدام اللغة والقواعد اللغوية في إيصال المطلوب ، قال : «فصل في ذكر العقيقة وأحكامها :
العقيقة عبارة عن ذبح شاة عند الولادة ـ كما أنّ الوليمة طعام النكاح ـ
__________________
(١) المبسوط ١ / ١١٥ ـ ١١٦.
والعقيقة في اللغة : شعر المولود إذا جمع. ومن شأنه وهو المستحبّ أن يحلق يوم السابع ويذبح عنه في يوم حلقه ، فسمّيت عقيقة لمجاورتها يوم الحلق كما قالوا للزوجة : ظعينة ـ والظعينة الناقة التي تحملها وتظعن عليها ـ فإذا ثبت ذلك فهي سنّة مؤكّدة ثابتة وليست بفرض ولا واجب. والكلام فيها في فصلين : في المقدار والوقت ، فالمقدار أن يذبح عن الغلام بفحل وعن الاُنثى باُنثى ويكون ذلك من الضأن لا غير. والوقت فالمستحبّ أن يعقّ يوم السابع لما روي عن النبيِّ(صلى الله عليه وآله) أنّه قال : كلّ غلام رهينة بعقيقته يذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمّي. وروي عنه(صلى الله عليه وآله) أنّه عقّ عن الحسن يوم السابع. ولا ينبغي أن يمسّ رأسه بشيء من دمها ، ومتى لم يعقّ الوالد عن ولده وأدرك عقّ عن نفسه استحباباً ، ولا يقوم مقام العقيقة الصدقة بثمنها ، ومن لا يقدر عليها فلا شيء عليه ، فإن قدر فيما بعد قضاها ...»(١).
ونستنتج من ذلك :
١ ـ بدأ المصنّف بتعريف معنى العقيقة.
٢ ـ أيّد استدلاله بالمعاني والقواعد اللغوية كالأمثال والنظائر ونحوها.
٣ ـ وبعد أن عرفنا معنى العقيقة لغةً واصطلاحاً لخّص الكلام في حكم العقيقة وأورده في أمرين : المقدار والوقت.
٤ ـ أيّد ما توصّل إليه برواية عن النبيِّ(صلى الله عليه وآله).
__________________
(١) المبسوط ١ / ٣٩٤ ـ ٣٩٥.
٥ ـ منهج المختصر النافع :
كتاب المختصر النافع في فقه الإمامية للمحقّق الحلّي نجم الدين جعفر بن الحسن (ت ٦٧٦ هـ) في مجلّد واحد ، من المتون المختصرة ، لخّصه المصنّف من كتابه الأوسع : شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام ، وهو مرتّب على أربعة أقسام :
الأوّل : العبادات من الطهارة حتّى الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر.
الثاني : العقود من التجارة وحتّى النكاح.
الثالث : الإيقاعات من الطلاق وحتّى النذر.
الرابع : الأحكام من الصيد والذباحة وحتّى الديات.
يقول المصنّف في المقدّمة : «أمّا بعد : فإنّي مورد لك في هذا المختصر خلاصة المذهب المعتبر ، بألفاظ محبرة وعبارات محرّرة ، تظفرك بنخبه وتوصلك إلى شعبه ، مقتصراً على ما بان لي سبيله ووضح لي دليله»(١).
نموذجٌ من منهجه :
ولنعرض نموذجاً من كتاب المختصر النافع لمعرفة منهجه ـ وهو في كتاب البيع ـ يقول :
«في الخيار والنظر في أقسامه وأحكامه :
وأقسامه ستّة :
__________________
(١) المختصر النافع : ١.
الأوّل : خيار المجلس ، وهو ثابت للمتبايعين في كلِّ مبيع لم يشترط فيه سقوطه ما لم يفترقا.
الثاني : خيار الحيوان ، وهو ثلاثة أيّام للمشتري خاصّة على الأصحّ. ويسقط لو شرط سقوطه ، أو أسقطه المشتري بعد العقد ، أو تصرّف فيه المشتري سواء كان تصرّفاً لازماً كالبيع أو غير لازم كالوصية والهبة قبل القبض.
الثالث : خيار الشرط ، وهو بحسب ما يشترط. ولابدّ أن تكون مدّته مضبوطة ، ولو كانت محتملة لم تجز كقدوم الغزاةِ وإدراك الثمرات. ويجوز اشتراط مدّة يرد فيها البائع الثمن ويرتجع البيع ، فلو انقضت ولما يَرُدَّ لزم البيع. ولو تلف في المدّة تلف من المشتري ، وكذا لو حصل له نماء كان له.
الرابع : خيار الغبن ، ومع ثبوته وقت العقد بما لا يتغابن فيه غالباً وجهالة المغبون يثبت له الخيار في الفسخ والإمضاء.
الخامس : من باع ولم يقبض الثمن ولا قبض المبيع ولا اشترط التأخير فالبيع لازم ثلاثة أيّام ، ومع انقضائها يثبت الخيار للبائع ، فإن تلف قال المفيد : يتلف في الثلاثة من المشتري وبعدها من البائع. والوجه تلفه من البائع في الحالين لأنّ التقدير أنّه لم يقبض. ولو اشترى ما يفسد من يومه ففي رواية يلزم البيع إلى الليل ، فإن لم يأت بالثّمن فلا بيع له.
السادس : خيار الرؤية ، وهو يثبت في بيع الأعيان الحاضرة من غير مشاهدة ، ولا يصحّ حتّى يذكر الجنس والوصف ، فإن كان موافقاً لزم وإلاّ كان للمشتري الردّ. وكذا لو لم يره البائع واشترى بالوصف كان الخيار للبائع لو كان بخلاف الصفة ...
وأمّا الأحكام فمسائل :
الأولى : خيار المجلس يختصّ البيع دون غيره.
الثانية : التصرّف يسقط خيار الشرط.
الثالثة : الخيار يورث مشروطاً كان أو لازماً بالأصل.
الرابعة : المبيع يملك بالعقد. وقيل : به وبانقضاء الخيار. وإذا كان الخيار للمشتري جاز له التصرّف وإن لم يوجب البيع على نفسه.
الخامسة : إذا تلف المبيع قبل قبضه فهو من مال البائع وكذا بعد قبضه وقبل انقضاء خيار المشتري ما لم يفرط ، ولو تلف بعد ذلك كان من المشتري.
السادسة : لو اشترى ضيعة رأى بعضها وَوُصِفَ له سائرها كان له الخيار فيها أجمع إن لم يكن على الوصف»(١).
الاستنتاج :
١ ـ إنّ المصنِّف وبعد أن حدّد الموضوع ـ وهو خيار البيع ـ عاد وقسّمه إلى قسمين : الأوّل أقسام الخيار ، وهو تهيئة ذهنية للحالات التي يقع فيها خيار البيع. والثاني أحكام الخيار ، وهي الصحّة والفساد من جهة الشرع أو الأوامر والنواهي المتعلّقة بموضوع البيع والشّراء.
٢ ـ التقابل الدقيق بين القسم والحكم ، فلكلِّ قسم حكمٌ خاصٌّ به. ولو وضع كلّ حكم بعد الإنتهاء من الحديث عن القسم لتمّ الأمر ، ولكن المنهج الذي استخدمه المصنِّف أرسخ في الفهم والإدراك.
__________________
(١) المختصر النافع ١ / ١٢١ ـ ١٢٢.
٣ ـ أحدث تفريعات وتشعّبات في كلِّ قسم من الأقسام ، والترتيب الفكري والتنسيق اللفظي من أروع ما كتب في الفقه.
٦ ـ منهج قواعد الأحكام :
كتاب قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام للعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف (ت ٧٢٦ هـ) في ثلاثة مجلّدات ، كتاب فقهي فتوائي يشتمل على جميع أبواب الفقه من كتاب الطهارة إلى كتاب الديات.
قال فخر المحقّقين ابن العلاّمة الحلّي في مقدّمة إيضاح الفوائد في شرح القواعد :
«إنّي لمّا اشتغلت على والدي قدّس سرّه في المعقول والمنقول وقرأت عليه كثيراً من كتب أصحابنا فالتمستُ منه أن يعمل لي كتاباً في الفقه جامعاً لقواعده وحاوياً لفرائده ، مشتملاً على غوامضه ودقائقه ، جامعاً لأسراره وحقائقه ، يبني مسائله على علم الأصوليّين وعلى علم البرهان ، وأن يشير عند كلِّ قاعدة إلى ما يلزمها من الحكم ...»(١). فأجابه الوالد إلى ذلك فكتب قواعد الأحكام.
يقول مصنِّف الذريعة قدسسره حول قواعد الأحكام للعلاّمة الحلّي : «وقد أحصيت مسائله في ستمائة وستّين ألف مسألة» ثمّ ذكر ما يقرب من ثلاثين شرحاً وحاشيةً عليه.
نماذج من منهجه :
ونذكر فيما يلي نموذجين من كتابة العلاّمة في أحكام الحجّ : الإحرام ، والطواف.
__________________
(١) قواعد الأحكام ١ / ١٦٠ ـ المقدّمة.
النموذج الأوّل : «المطلب الثالث : في كيفية [الإحرام] ، ويجب فيه ثلاثة :
أ ـ النية : وهي القصد إلى ما يُحرم له من حجِّ الإسلام أو غيره متمتّعاً أو غيره لوجوبه أو ندبه قربة إلى الله تعالى ، ويبطل الإحرام بتركها عمداً وسهواً ، ولا اعتبار بالنطق ، فلو نوى نوعاً ونطق بغيره صحّ المنويّ ، ولو نطق من غير نيّة لم يصحّ إحرامه ، ولو نوى الإحرام ولم يعيّن لا حجّاً ولا عمرة أو نواهما معاً فالأقرب البطلان وإن كان في أشهر الحجّ ، ولو نسي ما عيّنه تخيّر إذا لم يلزمه أحدهما ، وكذا لو شكّ هل أحرم بهما أو بأحدهما ، ولو قال : كإحرام فلان ، صحّ إن علم حال النية صفته ، وإلاّ فلا.
ب ـ التلبيات الأربع ، وصورتها : لبّيك اللّهم لبّيك ، لبّيك إنّ الحمد والنعمة والملك لك لا شريك لك لبّيك. ولا ينعقد إحرام المتمتّع والمفرد إلاّ بها ، والأخرس يشير مع عقد قلبه بها ، ويتخيّر القارن في عقد إحرامه بها أو بالإشعار المختصّ بالبدن أو التقليد المشترك بينها ، ولو جمع بين التلبية وأحدهما كان الثاني مستحبّاً ، ولو نوى ولبس الثوبين من غير تلبية لم يلزمه كفّارة بفعل المحرّم ، وكذا القارن إذا لم يلبّ ولم يشعر ولم يقلِّد.
ج ـ لبس ثوبي الإحرام : يأتزر بأحدهما ويتوشَّح بالآخر أو يرتدي به ، ويجوز الزيادة والإبدال لكن الأفضل الطواف فيما أحرم فيه؛ وشرطهما جواز الصّلاة في جنسهما ، والأقرب جواز الحرير للنساء؛ ويلبس القباء منكوساً لو فقدهما»(١).
النموذج الثاني : في أحكام الطواف ، قال : «من ترك الطواف عمداً
__________________
(١) قواعد الأحكام ١ / ٤١٨ ـ ٤١٩.
بطل حجُّه ، وناسياً يقضيه ولو بعد المناسك ، ويستنيب لو تعذّر العود؛ ولو نسي طواف الزيارة وواقع بعد رجوعه إلى أهله فعليه بدنة والرجوع لأجله ، وقيل : لا كفّارة إلاّ على من واقع بعد الذكر؛ ولو نسي طواف النساء استناب ، فإن مات قضاه وليُّه واجباً ...»(١).
الاستنتاج :
١ ـ لخّص مطالب الإحرام الواجبة بثلاثة أعمال : النية ، والتلبيات الأربع ، ولبس ثوبي الإحرام.
٢ ـ لاحظ أنّه شقّق موضوع النية ـ بعد أن عرّفها بأنّها القصد إلى الإحرام من حجّ الإسلام ـ إلى ثلاث عشرة تشقيقة :
١ ـ نية حجّ التمتّع الواجب.
٢ ـ نية حجّ التمتّع المستحب.
٣ ـ نية غير حجّ التمتّع الواجب.
٤ ـ نية غير حجّ التمتّع المستحبّ.
٥ ـ بطلان الإحرام بترك النية عمداً.
٦ ـ بطلان الإحرام بترك النية سهواً.
٧ ـ النية من أفعال القلوب فلا اعتبار للنطق.
٨ ـ لو نوى شيئاً ونطق بغيره صحّ المنويّ.
٩ ـ لو نطق من غير نية لم يصحّ إحرامه.
١٠ ـ لو نوى الإحرام ولم يعيّن الأقوى البطلان.
__________________
(١) قواعد الأحكام ١ / ٤٢٨ ـ ٤٢٩.
١١ ـ لو نسي ما عيّنه تخيّر.
١٢ ـ لو شكّ هل أحرم بهما ـ الحجّ والعمرة ـ أو بأحدهما صحّ بشرط العلم بحال النية.
١٣ ـ لو شكّ هل أحرم بهما ـ الحجّ والعمرة ـ أو بأحدهما لا يصحّ ما دام لا يعلم حال النية.
٣ ـ ويستمرّ المصنّف على هذا المنهج العلمي الذي يشعّب المسألة بذلك القدر من التشعيبات في جميع أنحاء الكتاب ويعطي الحكم الشرعي في كلّ تشعيبة.
٧ ـ منهج تبصرة المتعلّمين :
كتاب تبصرة المتعلّمين في أحكام الدين للعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف بن عليّ (ت ٧٢٦ هـ) في مجلّد واحد ، كتاب فقهي مختصر يحتوي على جميع أبواب الفقه. قال في المقدّمة : «هذا الكتاب الموسوم بتبصرة المتعلّمين في أحكام الدين وضعناه لإرشاد المبتدئين وإفادة الطالبين ...»(١).
نماذج من منهجه :
وفيما يلي نموذجان من منهجه :
النموذج الأوّل : «في الحجر ، وأسبابه ستّة :
الأوّل : الصغر ، فالصغير ممنوع من التصرّف إلاّ مع البلوغ والرشد ، ويعلم الأوّل بالإنبات أو الاحتلام أو بلوغ خمس عشرة سنة في الذكور
__________________
(١) تبصرة المتعلّمين : ١٣.
وتسع في الأنثى [وبالحيض] ، والثاني بإصلاح ماله عند اختباره بحيث يسلم من المغابنات وتقع أفعاله على الوجه الملائم. ولا يزول الحجر مع فقد أحدهما وإن طعن في السنّ ، ويثبت في الرجال بشهادة أمثالهم وفي النساء بشهادتهنّ أو بشهادة الرجال.
الثاني : الجنون ، ولا يصحّ تصرّف المجنون إلاّ في أوقات إفاقته.
الثالث : السفه ، ويحجر عليه في ماله خاصّة.
الرابع : الملك ، فلا ينفذ تصرّف المملوك بدون إذن مولاه ، ولو ملكه شيئاً لم يملكه على الأصحّ.
الخامس : المريض تمضي وصيّته في الثلث خاصّة ، ومنجزاته المتبرّع بها كذلك إذا مات في مرضه.
السادس : الفلس ، ويحجر عليه بشروط أربعة : ثبوت ديونه عند الحاكم ، وحلولها ، وقصور أمواله عنها ، ومطالبة أربابها الحجر ...»(١).
النموذج الثاني : «في الضمان : وإنّما يصحّ إذا صدر عن أهله ، ولابدّ من رضا الضّامن والمضمون له ، ويبرأ المضمون عنه وإن أنكره وينتقل المال على الضّامن ، فإن كان مليّاً أو علم المضمون له بإعساره وقت الضمان صحّ ، وإلاّ كان له الفسخ. ويصبح مؤجّلاً وإن كان الدين حالاً ، وبالعكس. ويرجع الضّامن على المضمون عنه بما أدّاه إن ضمن بسؤاله [وإلاّ فلا]. ولا يشترط العلم بقدر المضمون ، ويلزمه ما تقوم به البيّنة خاصّة. ولو ضمن المملوك بغير إذن مولاه تبع به بعد العتق. ولابدّ في الحقّ من الثبوت سواء كان لازماً أو آيلاً إليه.
__________________
(١) تبصرة المتعلّمين : ١١٣ ـ ١١٤.
ولو ضمن عهدة الثمن لزمه مع بطلان العقد لا تجدّد فسخه»(١).
الاستنتاج :
١ ـ يحاول المصنّف تجنّب المقدّمات والدخول في صلب الموضوع مباشرة حيث ذكر أسباب الحجر دون مقدّمات وذكر أحكام الضمان دون مقدّمات أيضاً.
٢ ـ هذا المنهج يعطيك معنى الموضوع ضمن الحديث عن أسبابه وأحكامه ، فيبقى الموضوع متكاملاً غير مبتور. مثلاً ذكر في الحجر ستّة أسباب ثمّ أسهب في تفصيل الأسباب ، وفي النهاية فإنّك تفهم معنى الحجر من خلال دراستك لأسبابه. وهكذا مع موضوع الضمان.
٣ ـ ويستخدم المصنّف أُسلوب مخاطبة الشخص الثالث في الحديث عن الحكم الشرعي ، فهو لا يقول : يجب عليك الضّمان إذا تعهّدتَ بالثمن ، وإنّما قال : ولو ضمن عهدة الثمن لزمه .... ومن منافع هذا الأُسلوب أنّ المرء يتعلّم الأحكام الشرعية بصورة غير مباشرة تختلف عن صيغة إفعل أو لا تفعل.
٨ ـ منهج اللمعة الدمشقية :
كتاب اللمعة الدمشقية في فقه الإمامية للشّهيد الأوّل محمّد بن جمال الدين بن مكّي العاملي (ت ٧٨٦ هـ) ، كتاب فتوائي مختصر يشمل جميع أبواب الفقه. يقول المصنّف في المقدّمة :
__________________
(١) تبصرة المتعلّمين : ١١٥ ـ ١١٦.
«... الله أحمدُ والحمدُ فضله ، وإيّاه أشكرُ استسلاماً لعزّته والشكرُ طولُه ، حمداً وشكراً كثيراً كما هو أهله ، وأسأله تسهيل ما يلزم حمله وتعليم ما لا يسع جهله ، وأستعينه على القيام بما يبقي أجره ويحسنُ في الملأ الأعلى ذكره ... أمّا بعد ، فهذه اللمعة الدمشقية في فقه الإمامية إجابة لالتماس بعض الديّانين وحسبنا الله ونعم المعين ، وهي مبنية على كتب ...»(١).
نماذج من منهجه :
وفيما يلي نماذج من منهجه :
النموذج الأوّل : «كتاب النكاح : الفصل الأوّل في المقدّمات :
النكاح مستحبّ مؤكّد وفضله مشهور محقّق حتّى أنّ المتـزوّج يحرز نصف دينه ، ورُوي : ثلثا دينه. وهو من أعظم الفوائد بعد الإسلام ، وليختر البكر العفيفة الولود الكريمة الأصل ولا يقتصر على الجمال أو الثروة ، ويستحبّ صلاة ركعتين والاستخارة والدعاء بعدهما بالخيرة وركعتي الحاجة والدعاء والإشهاد والإعلان والخطبة أمام العقد وإيقاعه ليلاً ...»(٢).
النموذج الثاني : «الفصل الثاني في العقد :
فالإيجاب : زوّجتك وأنكحتك ومتّعتك ، لا غير. والقبول : قبلتُ التزويجَ أو النكاحَ أو تزوّجتُ أو قبلتُ. مقتصراً كلاهما بلفظ الماضي ، ولا يشترط تقديم الإيجاب ولا القبول بلفظه ، فلو قال : زوّجتك ، فقال : قبلتُ النكاحَ صحّ. ولا يجوز بغير العربية مع القدرة ، والأخرس بالإشارة ، ويعتبر
__________________
(١) مقدّمة اللمعة : ١.
(٢) اللمعة الدمشقية ـ عن الينابيع الفقهية كتاب النكاح ٢ / ٦٧٧.
في العاقد الكمال ، فالسكران باطلٌ عقده ولو أجاز بعده ، ويجوز تولّي المرأة العقد عنها وعن غيرها إيجاباً وقبولاً ، ولا يشترط الشاهدان ولا الوليّ في نكاح الرشيدة وإن كانا أفضل ، ويشترط تعيّن الزوج والزوجة ، فلو كان له بنات وزوّجه واحدة ولم يسمّها فإن أبهم ولم يعيّن شيئاً في نفسه بطل ، وإن عيّن فاختلفا في المعقود عليها حلف الأب إن كان الزوج رآهن ، وإلاّ بطل العقد.
ولا ولاية في النكاح لغير الأب والجدّ له وللمولى والحاكم والوصيّ ، فولاية القرابة على الصغيرة أو المجنونة أو البالغة سفيهة وكذا الذكر لا على الرشيدة في الأصحّ ، ولو عضلها فلا بحث في سقوط ولايته ، والمولى يزوّج رقيقه ، والحاكم والوصي يزوّجان من بلغ فاسد العقل مع كون النكاح صلاحاً له وخلوّه من الأب والجدّ»(١).
الاستنتاج :
١ ـ منهج المصنّف واضح ولغته فصيحة تخلو من التعقيد ، حيث يبدأ الموضوع الفقهي بمقدّمة كما وضّح ذلك في النكاح ثمّ يدخل في الأحكام.
٢ ـ شقّق موضوع عقد النكاح إلى تسعة أقسام.
١ ـ ذكر شروط الإيجاب والقبول في العقد.
٢ ـ لم يشترط تقديم الإيجاب ولا القبول بلفظه.
٣ ـ أوجب أن يكون العقد باللغة العربية.
__________________
(١) اللمعة الدمشقية ـ عن الينابيع الفقهية كتاب النكاح ٢ / ٦٧٨ ـ ٦٧٩.
٤ ـ تمّم عقد الأخرس بالإشارة.
٥ ـ اشترط في العاقد أن يكون كامل العقل فلا يصحّ العقد من السكران مثلاً.
٦ ـ جوّز التوكيل في الزواج للرجل والمرأة إيجاباً وقبولاً.
٧ ـ لم يشترط الشاهدين ولا الولي في نكاح الرشيدة.
٨ ـ اشترط تعيين الزوج أو الزوجة في العقد.
٩ ـ حصر ولاية النكاح في الأب والجدّ والسيّد والحاكم والوصيّ.
٣ ـ راعى المصنِّف في ذكر تلك التشعيبات أفضل الأساليب البيانية ، فعلى الرغم من تعقيد المطلب وتشابكه فقد عرضه بطريقة أقرب إلى الفهم والتدبّر.
٩ ـ منهج الوسيلة إلى نيل الفضيلة :
كتاب الوسيلة إلى نيل الفضيلة للشّيخ محمّد بن عليّ الطّوسي المعروف بابن حمزة (من أعلام القرن السادس) في مجلّد واحد ، كتاب فقهيٌّ فتوائيٌّ تضمّن جميع أبواب الفقه ، يشتمل على مقدّمة وعلى واحد وعشرين كتاباً وسبعة أبواب ، يبوّب المصنِّف كتابه هكذا : كتاب العبادات ، باب الشفعة ، فصل حكم القراض. قال المصنِّف يصفُ كتابه :
«وقد بيّنته على بيان الجمل وحصرها ونظم العقود ونثرها ، وانقسام أبوابه على التمييز بين الواجب والمندوب والمحظور والمكروه والفعل والترك والكيفية والكمّية ، على وجه لا يلحقه خلل ولا يبلغ طالبه ملل ، وقد سمّيته بـ : الوسيلة إلى نيل الفضيلة ، مستمدّاً
من الله تعالى التوفيق على الإتمام ...»(١).
نماذج من منهجه :
وفيما يلي نماذج من منهجه :
النموذج الأوّل : في كتاب المباحات ـ فصل أحكام الصيد يقول المصنّف :
«الصيد ضربان : صيد البحر وصيد البرّ ، فصيد البحر ضربان : طير وغيره ، والطير حكمه حكم طير البرّ ... وغير الطير : سمك وغير سمك ، فالسمك ضربان : ذات فلس وغير ذات فلس ، فذات الفلس حلال إذا كانت مذكّاة ـ وذكاتها صيدها ، وهو إخراجها من الماء حيّة ، والتسمية مستحبّة فيه ـ وغير ذات الفلس حرام على كلّ حال. وما مات في الماء حرام وإن كان ذا فلس ، طافياً كان أو غير طاف. وإن التبسَ ما مات في الماء بما لم يمت لم يؤكل منها شيء. وإن وجدت سمكة على شاطىء الماء ولم يعلم حالها ألقيت في الماء ، فإن طفت على الظهر فهي ميتة ، وإن طفت على الوجه فذكية. وبيضها يحلّ الخشن منها ويحرم الأملس.
وأمّا صيد البرّ : فوحش وطير ، فالوحش يحلّ منها ستّة أنواع : الظباء والكباش الجبلية واليحمور والأوعال والحمر الوحشية والبقر الوحشي ، وما سوى ذلك فحرام أكله من جميع أجناس الحيوانات الوحشية والحشرات والهوامّ والمؤذيات والسنانير»(٢).
النموذج الثاني : في : فصل في بيان أحكام حيوان الحضر.
__________________
(١) الوسيلة : ٤٣.
(٢) الوسيلة : ٣٥٥.
يقول المصنّف :
«حيوان الحضر ضربان : نعم وطير ، فالنعم ثلاثة أضرب : إبل وبقر وغنم ، والطير أيضاً ثلاثة : دجاج وحمام وبطّ. وجميع ذلك ضربان : أحدهما عرض له شيء يحرم لحمه بسببه أو يكره والآخر لم يعرض ، فالأوّل ضربان : إمّا يمكن إزالته بالاستبراء أو لا يمكن ، فما يمكن إزالته أن يكون جميع غذائه عذرة الإنسان ، فإن كان إبلاً وربطه أربعين يوماً وعلفه العلف الطاهر وإن كان بقراً وربطه عشرين يوماً وإن كان غنماً وربطه عشرة أيّام وإن كان بطّاً وربطه خمسة أيّام وإن كان دجاجاً أو حماماً وربطه ثلاثة أيّام على ما ذكرنا زال حكم الجلل والتحريم عنه جميعاً»(١).
الاستنتاج :
١ ـ منهج كتاب الوسيلة لابن حمزة يشابه منهج كتاب المبسوط للشّيخ الطّوسي ، والظاهر أنّ ابن حمزة اقتبس ذلك المنهج من شيخ الطائفة بعد أكثر من قرن كامل على وفاة الشّيخ الطّوسي.
٢ ـ يقسّم المصنّف الأحكام الشرعية إلى قسمين قسمين ، مثلاً : الصيد قسمان :
أ ـ صيد البحر. ب ـ صيد البرّ.
ثمّ يقسّم صيد البحر إلى قسمين :
أ ـ طير. ب ـ غير الطير.
ثمّ يقسّم غير الطير إلى قسمين :
__________________
(١) الوسيلة : ٣٥٩.
أ ـ سمك. ب ـ غير سمك.
ثمّ يقسّم السمك إلى قسمين :
أ ـ ذات فلس. ب ـ وغير ذات فلس.
وهكذا يستمرّ في هذا النهج على طول الكتاب.
٣ ـ طابع الكتاب الاختصار الشديد في عرض الأحكام دون ذكر الآيات أو الروايات المؤيّدة ، وهو أُسلوب نافع للتذكرة بالأحكام الشرعية اختصاراً للوقت والجهد.
وبالإجمال : فإنّ منهج المصنّف في غاية الوضوح وفتاواه على الأغلب خالية من الاستدلال.
١١ ـ منهج المجاميع الحديثية :
مقدّمة :
صنّفت الروايات في عصر النصّ على شكل كتب سُمّيت لاحقاً بالأصول الأربعمائة ، وكانت تلك الأصول الأربعمائة من أكثر كتب الروايات دقّةً لأنّ الروايات فيها نقلت عن المعصوم عليهالسلام دون واسطة ، ولكن بعد فترة زمنية جُمعت تلك الأصول الأربعمائة في مجموعات الحديث الكبرى التي اُلّفت في أواخر عهد الغيبة الصغرى وأوائل عهد الغيبة الكبرى.
طبيعة المجاميع الحديثية :
انصرف فقهاء أهل البيت عليهمالسلام في القرن الرابع الهجري إلى جمع الروايات الصادرة عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام في موسوعات حديثية مصنّفة حسب التصنيف الموضوعي مع إشارة تامّة إلى الأسانيد تارة وحذف
الأسانيد تارة أخرى للاختصار ، فانصرف الشّيخ الكليني (ت ٣٢٩ هـ) إلى تأليف كتاب الكافي خلال عشرين عاماً ، وقام الشّيخ الصدوق (ت ٣٨١ هـ) بكتابة من لا يحضره الفقيه لكنّه حذف الأسانيد من أجل الاختصار ، ثمّ أكمل الشّيخ الطّوسي (ت ٤٦٠ هـ) هذا المسار بتأليفه كتاب تهذيب الأحكام والاستبصار.
الكتب الحديثية :
١ ـ الكافي للشّيخ الكليني (ت ٣٢٩ هـ).
٢ ـ من لا يحضره الفقيه للشّيخ الصدوق (ت ٣٨١ هـ).
٣ ـ تهذيب الأحكام للشّيخ الطّوسي (ت ٤٦٠ هـ).
٤ ـ الاستبصار للشّيخ الطّوسي (ت ٤٦٠ هـ).
٥ ـ وسائل الشيعة للحرّ العاملي (ت ١١٠٤ هـ).
٦ ـ بحار الأنوار للمجلسي (ت ١١١٠ هـ).
٧ ـ الوافي للفيض الكاشاني (ت ١٠٩١ هـ).
٨ ـ مستدرك الوسائل للشّيخ النوري (ت ١٣٢٠ هـ).
٩ ـ جامع أحاديث الشيعة للسيّد البروجردي (ت ١٣٨٠ هـ).
منهج المجاميع الحديثية عند الإمامية :
أودع الشّيخ الكليني (ت ٣٢٩ هـ) في كتابه الكافي من الأخبار : الأصول والفروع والسنن والآداب والأخلاق وقليل من التفسير والتأريخ.
وأودع الشّيخ الصدوق (ت ٣٨١ هـ) في كتابه من لايحضره الفقيه السنن والأحكام وشيئاً من المواعظ والحكم ، وضمّن كتابه الكثير من فتاواه
بحيث يصعب التمييز بينهما ، وأسقط أسانيد الأحاديث وأورد طرقه إلى رواتها أو الذي أخذ من كتابه الحديث أو الرواية في آخر الكتاب.
بينما أودع الشّيخ الطّوسي (ت ٤٦٠ هـ) في كتابه الاستبصار فيما اختلف من الأخبار الأخبار المتعارضة ممّا ورد في السنن والأحكام ، ثمّ قام بجمع ما يمكن جمعه منها أو ترجيح بعضها على بعض حسبما أوصله علمه ، ولكنّه لم يذكر جميع ما وصل إليه من الروايات المتعارضة وأحال استقصاءها إلى كتابه الكبير تهذيب الأحكام.
وأورد شيخ الطائفة في تهذيب الأحكام ـ وهو شرح لكتاب المقنعة في الفقه لشيخه المفيد (ت ٤١٣ هـ) ـ في مؤخّرة مسائله أكثر ما وصل إليه من الأحاديث الفقهية ، ونقل بعضها في باب الزيادات من كلّ كتاب ، وجمع غالباً بين ما تعارض ببعض الوجوه.
فاصبحت تلك الكتب الاربعة مرجعاً عاماً للفقهاء ، وعنى بتلك الكتب ـ منذ صدورها ـ فقهاؤنا الاعلام عناية تامة واهتموا بضبط نسخها وقراءتها على الشيوخ واستجازتهم في النقل عنها.
ثمّ جاء محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي (ت ١١١٠ هـ) فجمع الأحاديث التي تراكمت في مكتبته من غير الكتب الأربعة المعروفة ليحفظها عن الضياع والزوال في مائة وعشرة مجلّدات بالطبعة الحديثة ، ولكنّه لم يفلت من مخالفة منهجه الأوّل فأورد في كتابه الكثير من أحاديث الكافي.
ثمّ قام الحرّ العاملي (ت ١١٠٤ هـ) بتصنيف كتاب وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة وقام الفيض الكاشاني (ت ١٠٩١ هـ) بتصنيف كتاب الوافي ، وجمعا فيهما جميع ما يتعلّق من روايات بكلِّ مسألة فقهية ، لأنّ الأخبار المتعلّقة بكلِّ فرع من الفروع الفقهية لم تكن مجتمعة في كتاب
واحد بل كانت متفرّقة في الكتب الأربعة.
وكتاب وسائل الشيعة أخرج فيه المصنّف الأحاديث المتعلّقة بالفروع الفقهية والآداب الشرعية من الكتب الأربعة المشهورة ومن الكتب المعتمدة عند الطائفة التي يقرب عددها من ثمانين كتاباً وعقد لكلِّ مورد أو مسألة باباً مستقلاًّ وأورد فيه ما ظنّ دلالته عليه من الأحاديث ، فصارت الأبواب مجتمعةً تنوف على سبعة آلاف باب. وأضاف المصنّف إلى الكتاب فهرساً مشتملاً على الكتب التي يحتويها الوسائل وأبوابها وعدد أحاديث كلِّ باب منها وما تدلّ عليه من الأحكام.
أمّا كتاب الوافي فقد ضبط فيه المصنِّف أحاديث الكتب الأربعة من الأصول والفروع ، وزاد في مواعظ كتاب الروضة. وعرض المصنّف الآيات الدالّة على الأحكام وشرح كلِّ حديث كان بحاجة إلى شرح وتوضيح ببيان واف ، ولكنّه لم يذكر سلسلة الأسانيد بأسماء الرواة بل اصطلح على ذلك برموز ذكرها في مقدّمة الكتاب.
ثمّ استدرك الشّيخ حسين بن محمّد تقي النوري (ت ١٣٢٠ هـ) ما فات من الوسائل من المصادر التي نقل عنها ومن غيرها من الكتب المعتمدة لديه في ثلاثة مجلّدات ـ طبعة حجرية حجم رحلي ـ سُمّيت بـ : مستدرك الوسائل ، وأفاد في المجلّد الثالث بفوائد رجالية قيّمة.
ثمّ قام السيّد حسين الطباطبائي البروجردي (ت ١٣٨٠ هـ) بتصنيف جامع أحاديث الشيعة وهو يشتمل على الآيات الدالّة على الأحكام وعلى الأحاديث المرتبطة بالفروع وما يحتاج إليه في الفقه من الأصول ، وحاول المصنّف أن يتجنّب التكرار والتقطيع والفضول الذي ساد الوسائل والمستدرك.
وبالإضافة إلى عدم تكرار الأحاديث المروية وأسانيدها فقد حاول المصنّف في منهج الكتاب وكما ذكر «رعاية ارتباط الأحاديث الواردة في كلِّ باب ومناسبتها واستقصائها مهما أمكن بحيث لا يورد في الباب ما ليس بمربوط ولا يسقط عنه ما هو المرتبط ، مثلاً في باب استحباب غسل الجمعة نلتزم أن نورد فيها جميع الأخبار التي يستفاد منها حكم غسل الجمعة من الاستحباب وغيره حتّى يطمئنّ الفقيه بأنّ جميع ما في الوسائل والمستدرك من الأحاديث المرتبطة بغسل الجمعة في الباب موجود أو محلّه معلوم ...»(١).
ويتميّز منهج السيّد البروجردي في جامع أحاديث الشيعة بتنظيم الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة على نسق المسائل الفقهية ، فقد تضمّن الجزء الأوّل مثلاً على : حجّية ظواهر الكتاب ، وحجّية سنّة النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، وحجّية أقوال الأئمّة المعصومين عليهمالسلام ، وحجّية أخبار الثّقات ، ومعالجة الروايات المتعارضة ، وعدم حجّية القياس ، ونحوها.
وقد اختصرنا الحديث عن هذا المنهح ، لأنّنا كنّا قد فصّلنا الكلام عن كتب الرواية والحديث في النظرية الحديثية ، وأشرنا إليه في النظرية الفقهية أيضاً المنشورة على صفحات هذه المجلّة العلمية الغرّاء.
١٢ ـ منهج التقريرات :
مقدّمة :
«التقريرات عنوان عامّ لبعض الكتب المؤلّفة من أواخر القرن الثاني
__________________
(١) جامع أحاديث الشيعة ـ السيّد البروجردي ١ / (ش) المقدّمة.
عشر وبعده حتّى اليوم ، وهي نظير الأمالي في كتب الحديث للقدماء ، والفرق أنّ الأمالي كانت تكتب في مجلس إملاء الشّيخ الحديث عن كتابه أو عن ظهر قلبه وكان السامع يصدّر الكتاب باسم الشّيخ ويعدّ من تصانيف الشّيخ ، بخلاف التقريرات فإنّها مباحث علمية يلقيها الأُستاذ على تلاميذه عن ظهر قلب ويعيها التلاميذ في حفظهم ثمّ ينقلونها إلى الكتابة في مجلس آخر ويعدّ من تصانيفهم ، ولذلك لاحظنا الترتيب في الأمالي على حسب أسماء المشايخ وفي التقريرات حسب أسماء التلاميذ. والذي لابدّ من ذكره هو أن كتب التقريرات أكثر من أن يستقصيها أحد ، ولاسيّما التقريرات الأصولية التي كتبها تلاميذ شريف العلماء وصاحبي الضوابط والفصول في كربلاء وتلاميذ العلاّمة الأنصاري ومن بعده في النّجف الأشرف وسامرّاء ومشهد الرضا وقم وغيرها. وقد أنهيتُ المشاهير الأفاضل من تلاميذ آية الله سيّدنا المجدِّد الشيرازي في كتابي هداية الرازي إلى نيف وخمسمائة ، وقد سمعتُ ممّن أحصى تلاميذ شيخنا الأستاذ الأعظم المولى محمّد كاظم الخراساني في الدورة الأخيرة في بعض الليالي بعد الفراغ من الدرس أنّه زادت عدّتهم على الألف والمائتين ، وكان كثيرٌ منهم يكتب تقريراته ...»(١).
طبيعة التقريرات :
من أفضل التقريرات المكتوبة هي تقريرات بحث السيّد أبي القاسم الخوئي (ت ١٤١٣ هـ) ، كتبها تلامذته وطبعت أيّام حياته قدسسره. والملاحظ أنّ
__________________
(١) الذريعة ٤ / ٣٦٦ ـ ٣٦٧.
التقريرات المطبوعة في القرن الأخير أغلبها في أصول الفقه ومن النادر أن تجد تقريرات في دورة فقهية كاملة عدا هذه التقريرات ، يُضاف إلى ذلك أنّ أغلب التقريرات التي يكتبها الطلبة تبقى مدوّنة عندهم ، ونادراً ما ترى نور الظهور إلى الملأ.
ومن أبرز ذلك التقريرات المكتوبة على العروة الوثقى وهي دورة فقهية شبه كاملة كتبت من قبل تلامذة السيّد أبي القاسم الخوئي (ت ١٤١٣ هـ) في ثلاثة وثلاثين مجلّداً ، وهي :
أ ـ التنقيح : في شرح العروة الوثقى تقرير الشيخ عليّ الغروي في عشرة مجلّدات ، مجلّدٌ يبحث في التقليد وتسعة مجلّدات أخريات في موضوع الطهارة.
ب ـ المستند : وهو تقرير الشيخ مرتضى البروجردي في ستّة عشر مجلّداً ، عشر مجلّدات تبحث عن الصلاة ، ومجلّدان في الصوم ، ومجلّدان آخران في الزكاة ، ومجلّد واحد في الخمس ، ومجلّد واحد في الإجارة.
ج ـ المعتمد : وهو تقرير السيّد محمّد رضا الموسوي الخلخالي في أربعة مجلّدات تبحث في الحجّ.
د ـ المباني : وهو تقرير السيّد محمّد تقي الخوئي ، مجلّدان في مبحث النكاح ، ومجلّد واحد في المضاربة والمساقاة.
ويُضاف إلى كلّ ذلك :
أ ـ مصباح الفقاهة : في المعاملات (المكاسب المحرّمة) للميرزا محمّد علي التوحيدي ، في مجلّد واحد.
ب ـ التنقيح : في شرح المكاسب (البيع والخيارات) للشيخ عليّ الغروي في خمسة مجلّدات.
وتُعدّ هذه الدورة الفقهية من أعمق وأوسع ما كتب في هذا الموضوع في المدرسة الإمامية.
نماذج من منهجه :
وفيما يلي نماذج من كتابه :
النموذج الأوّل : «مسألة ١ : يجب على كلِّ مكلّف ...
وهل هذا الوجوب شرعيٌّ ـ نفسيٌّ أو طريقيٌّ أو غيريٌّ ـ أو أنّه عقليٌّ؟ الصحيح أنّه عقليٌّ ، ومعنى ذلك أنّ العقل يدرك أنّ في ارتكاب المحرّم وترك الواجب من دون استناد إلى الحجّة إستحقاقاً للعقاب ، كما أنّ في ارتكاب المشتبهات احتمال العقاب لتنجز الأحكام الواقعية على المكلّفين بالعلم الإجمالي أو بالاحتمال كما يأتي تفصيله ، فلا مناص لدى العقل من تحصيل ما هو المؤمّن من العقاب ، وهذا يحصل بأحد الأمور الثلاثة :
فإنّ المجتهد إمّا أن يعمل على طبق ما قطع به بالوجدان كما في القطعيات والضروريّات وهو قليل ، وإمّا أن يعمل على طبق ما قطع بحجّيته من الأمارات والأصول ، كما أنّ المقلِّد يستند إلى فتوى المجتهد وهو حجّة عليه على ما يأتي في مورده ، وأمّا العامل بالاحتياط فهو يأتي بعمل بسبب القطع بعدم استحقاقه العقاب. إذن وجوب الأمور الثلاثة عقليٌّ بمناط وجوب دفع الضرر المحتمل بمعنى العقاب ، ويترتّب عليه بطلان عمل المكلّف التارك للاجتهاد والتقليد والاحتياط ...»(١).
__________________
(١) التنقيح ١ / ١ ـ ٢.
النموذج الثاني : «فصل في العاقلة : مسألة ٤٠٥ : عاقلة الجاني عصبته ، والعصبة هم المتقرّبون بالأب كالأُخوة والأعمام وأولادهم وإن نزلوا.
على المشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة ، وذكر المحقّق في الشرائع أنّ من الأصحاب من خصّ به ـ العقل ـ الأقرب ممّن يرث بالتسمية ، ومع عدمه يشترك في العقل بين من يتقرّب بالاُمّ مع من يتقرّب بالأب أثلاثاً ، وهو استناداً إلى رواية سلمة بن كهيل عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، وفي سلمة ضعف(١).
أقول : لم يثبت هذا القول لأحد من الأصحاب وإن كان قد نسب إلى أبي عليّ ، إلاّ أنّ عبارته المحكية لا تنطبق على هذا القول ، وعلى تقدير تحقّقه فلا مستند له ، فإنّ رواية سلمة بن كهيل ـ مضافاً إلى أنّها ضعيفة سنداً ـ لا ينطبق مضمونها على ذلك القول ... فإنّ ظاهر هذه الرواية هو تقسيم الدية على قرابتي الأب والاُمّ بالسويّة»(٢).
وبعد ذلك يذكر معتبرة أبي بصير وصحيحة ابن أبي نصر ومرسلة يونس بن عبد الرحمن ، ثمّ يستأنف :
«أقول : إنّ معتبرة أبي بصير وصحيحة ابن أبي نصر موردهما القتل العمدي وليس على العاقلة فيه شيءٌ ، والحكم بثبوت الدية على الوارث حكم تعبّدي يختصّ بمورده ولا يتعدّى منه إلى القتل الخطئي الذي تكون الدية فيه على العاقلة. وأمّا المرسلة ـ فمضافاً إلى أنّها ضعيفة لا يمكن الاعتماد عليها ـ فإنّ موردها القتل الشبيه بالعمد بقرينة أنّ المفروض في
__________________
(١) شرائع الإسلام ٤ / ٢٩٩.
(٢) التنقيح ٤٢ / ٥٤٠.
موردها أنّ الدّية كانت واجبة على القاتل فمات قبل أن يفرغ ذمّته ، فهي أيضاً خارجة عن محلّ الكلام وهو ثبوت الدّية على العاقلة. فالنتيجة : إنّ الصحيح ما هو المشهور بين الأصحاب ، والدليل على ذلك هو اختصاص العصبة لغةً وعرفاً بالمتقرّبين بالأب ولا تشمل المتقرّبين بالاُمّ»(١).
الاستنتاج :
١ ـ يبحث المصنّف في : هل أنّ وجوب التقليد أو الاحتياط أو الاجتهاد في العبادات والمعاملات هو وجوب شرعيٌّ أو عقليٌّ ، ويتوصّل إلى أنّ الوجوب هو وجوب عقليٌّ ، ذلك أنّ العقل الإنساني يدرك أنّ في ارتكاب الحرام وترك الواجب أثراً وهو استحقاق العقاب.
٢ ـ لابدّ للعقل أن يحصِّل مؤمِّناً من العقاب عن طريق التقليد أو الاحتياط أو الاجتهاد. والوجوب نتيجة لمباني عقلائية تدعو الإنسان إلى دفع الضرر المحتمل عنه وهو العقاب.
٣ ـ في موضوع العاقلة المشهور أنّ عاقلة الجاني هم العصبة المتقرّبون بالأب ، يناقش المصنّف هذا الرأي عبر :
١ ـ المشهور شهرة عظيمة أنّ العاقلة هم العصبة المتقرّبون بالأب ، فلا يدخل المتقرّبون بالأمّ.
٢ ـ نسب إلى أبي عليّ ما يخالف المشهور ولكن عبارته المحكية لا تنطبق على ذلك.
٣ ـ يقول المصنّف : إنّ رواية سلمة بن كهيل ـ التي هي أصل ما
__________________
(١) التنقيح ٤٢ / ٥٤٢.
نسب إلى أبي عليّ ـ ضعيفة السند ولا ينطبق مضمونها على ذلك القول ، بل إنّ الرواية تقول بتقسيم الدّية على قرابتي الأب والأمّ بالتساوي.
٤ ـ رأي آخر ذكره المصنّف مخالفٌ للأوّل ، وهو أنّ العاقلة هم الورثة على ترتيب الأرث ، ذكره الفاضل الهندي مستدلاًّ بمعتبرة أبي بصير وصحيحة ابن أبي نصر.
٥ ـ يردّ المصنّف استدلال الفاضل الهندي ويقول : إنّ معتبرة أبي بصير وصحيحة ابن أبي نصر موردهما القتل العمدي ، وليس على العاقلة فيه شيء.
٦ ـ يوصلنا المصنّف إلى نتيجة بحثه ، وهي : إنّ الصحيح ما هو المشهور بين الأصحاب ، والدليل على ذلك هو اختصاص العصبة لغةً وعرفاً بالمتقرّبين بالأب ولا تشمل المتقرّبين بالأمّ.
١٣ ـ منهج الرسائل (القصيرة) :
مقدّمة :
منهج الرسائل هو منهج موضوعيٌّ مختصر يختصّ بموضوع فقهيٍّ معيّن يراد توضيحه أو الاستدلال على حكمه. وبكلمة ، فإنّ الرسالة الفقهية تحمل فكرة واحدة خاصّة بالموضوع المبحوث. وأحياناً تكتب الرسالة لسائل يطلب توضيحاً لموضوع العبادات مثلاً فيتصدّى الفقيه لذلك.
طبيعة الرسائل القصيرة :
انتشرت كتابة الرسائل بين الفقهاء لسببين :
الأوّل : لا يحتاج إنجاز كتابة رسالة من بحث وتدقيق إلى مؤونة
كبيرة ، فبعض الرسائل مؤلَّف من وريقات معدودة وبعضها يتّسع لكتاب ، ووحدة الموضوع تجعل البحث العلمي ميسوراً للغالبية من العلماء.
الثاني : حاجة المكلّفين من طلبة العلم أو غيرهم لتلك الرسائل كان كبيراً ، فهناك حبٌّ وشغف لطلب العلم من أنامل العلماء. ولم يتوانَ الفقهاء في إشباع حبِّ النّاس للعلم ، ولذلك كانت رسائل بحر العلوم (ت ١٣٢٦ هـ) من أوسع الرسائل الفقهية العملية ، بينما كانت رسائل الشّيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ) والعلاّمة الحلّي (ت ٧٢٦ هـ) من أشمل الرسائل الفقهية وأكثرها اختصاراً ، بينما استقرت رسائل المحقّق الكركي (ت ٩٤٠ هـ) في نقطة الوسط بين الاختصار والإسهاب.
الرسائل القصيرة :
١ ـ بُلغة الفقيه للسيِّد محمّد آل بحر العلوم (ت ١٣٢٦ هـ).
٢ ـ الرسالة السعدية للعلاّمة الحلّي (ت ٧٢٦ هـ).
٣ ـ رسالة الإشراف للشّيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ)
٤ ـ رسائل المحقّق الكركي للشّيخ الكركي (ت ٩٤٠ هـ).
١ ـ منهج بُلغة الفقيه :
كتاب بُلغة الفقيه للسيِّد محمّد آل بحر العلوم (ت ١٣٢٦ هـ) ، مجموعة رسائل فقهية في أربعة مجلّدات ، وفيها : رسالة الفرق بين الحقِّ والحكم ، وقاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده ، والقبض وحقيقته ، وقاعدة تلف المبيع قبل قبضه ، والأراضي الخراجية ، وغيرها من الرسائل الفقهية.
نماذج من منهجه :
يمكننا ملاحظة رسالة الفرق بين الحقِّ والحكم كنموذج لمنهج المصنِّف قدسسره في الكتاب ، فهو يقوم بالخطوات التالية :
١ ـ تحديد عنوان الموضوع وتعريف الحكم والحقّ : يقوم المصنّف بشرح تفصيلي للحكم والحقّ ومقوّمات السلطنة التي هي أثر من آثار الحقّ الممنوح من قبل الشريعة للإنسان المكلّف. يقول :
«الحكم هو جعلٌ بالتكليف أو بالوضع متعلّق بفعل الإنسان من حيث المنع عنه والرخصة فيه أو ترتّب الأثر عليه ، فجعل الرخصة مثلاً حكم والشخص مورده ومحلّه وفعله موضوعه ، وهو لا يسقط بالإسقاط ولا ينقل بالنواقل ـ بالبديهة ـ لأنّ أمر الحكم بيد الحاكم لا بيد المحكوم عليه. نعم لو كان معلّقاً على موضوع وكان داخلاً فيه كان له الخروج عنه فيسقط به ـ حينئذ ـ لا بالإسقاط.
وأمّا الحقّ فهو يطلق مرةً في مقابل الملك وأخرى ما يرادفه ، وهو بمعنييه : سلطنة مجعولة للإنسان من حيث هو على غيره ولو بالاعتبار من مال أو شخص أو هما معاً ، كالعين المستأجرة ، فإنّ للمستأجر سلطنة على المؤجر في ماله الخاصّ. وهو أضعف من مرتبة الملك أو أوّل مرتبة من مراتبه المختلفة في الشدّة والضعف. وله طرفان : أحدهما طرف النسبة والإضافة ويعبّر عن المنسوب إليه بصاحب السلطنة وذي السلطان ، والآخر طرف التعلّق ويعبّر عن متعلّقه بالمسلّط عليه.
وهو قد يكون مستقلاًّ بنفسه كحقِّ التحجير وقد لا يكون مستقلاًّ بنفسه بل متقوّم بغيره كحقِّ المجني عليه على الجاني وحقِّ القصاص ، فهو
كالملك الذي قد يكون متعلّقه مستقلاًّ وقد لا يكون كالكلّي في الذمّة ، وقد يتّحدان في المورد وإنّما يختلفان بالاعتبار كسلطنة الإنسان على نفسه ، ولذا قيل : الإنسان أملك بنفسه من غيره. ومنه قوله تعالى ـ حكاية عن كليمه ـ : (إِنِّي لاَ أَمْلِكُ إِلاّ نَفْسِيْ وَأَخِيْ)(١). فما به التعلّق عين ما إليه الإضافة وإنّما يختلف بالإعتبار.
ومن فروع السلطنة : تملّكه للمباح الأصلي والعرضي بالحيازة الذي مرجعه إلى حصول الربط بها بين الحائز والمحوز ، وإرجاع أمر المال إلى نفسه وجعل نفسه في وثاق المال وبعهدته بحيث لو كان ممّا يجب عليه الإنفاق وكسوته وحفظه لاحترامه كان أولى به ، فتعلّق المال بالمالك له طرفان : الغُنم والغُرم ، وأولويّته به ليس في خصوص النفع ، وكلّ ذلك من فعل نفسه بنفسه وليس إلاّ لسلطنته عليها ، ومنه يظهر الوجه في توقّف نفوذ التمليكات المجّانية كالهبة والوصية على قبول المتّهب والموصى له ، لأنّ المالك لا سلطنة له على غيره حتّى يدخل المال في ملكه قهراً عليه وإلاّ لكان من الإيقاعات لا من العقود ، نعم له التمليك لأنّه من آثار سلطنته على ماله»(٢).
٢ ـ شرح إمكانية انتقال الحقّ أو اسقاطه أو نقله : وبعد أن ينتهي المصنّف من شرح فروع مسألة الحقِّ يتحدّث عن الإمكانيّات الثلاث ، فيقول :
«ثمّ إنّ الحقّ ـ بما هو حقٌّ ـ يختلف بحسب اختلافه في سقوطه
__________________
(١) سورة المائدة ٥ : ٢٥.
(٢) بُلغة الفقيه ١ / ١٣ ـ ١٥.
بالإسقاط وعدمه ونقله إلى غيره مجّاناً أو بعوض وعدمه وانتقاله قهراً بالإرث وعدمه إلى أنحاء شتّى :
منها : ما لا يجوز عليه شيء من ذلك ، فلا يسقطه بالإسقاط ولا ينقل بالنواقل ولا ينتقل بالإرث ونحوه ، كحقِّ الأبوّة وولاية الحاكم وحقّ الاستمتاع بالزوجة للزوج وحقِّ الجار على جاره والمؤمن على أخيه ، فإنّها حقوق لأربابها لا تسقط ولا تنتقل إلى غيرهم بوجه من الوجوه.
ومنها : ما يجوز فيه كلّ ذلك ، كحقِّ الخيار وحقِّ القصاص وحقِّ الرهانة وحقِّ التحجير وحقِّ الشرط المطلق.
ومنها : ما يسقط بالإسقاط ولا ينقل ولا ينتقل ، كحقِّ الغيبة والإيذاء بضرب أو شتم أو إهانة أو نحو ذلك ـ بناء على كونه حقّاً ـ ولذا يجب الاستحلال منه ولا يكتفي بالتوبة في التخلّص عنه.
ومنها : ما يسقط بالإسقاط وينتقل بالإرث ـ على قول ـ ولا ينقل بالنواقل ، كحقِّ الشفعة للشّريك المسبّب عن بيع شريكه.
ومنها : ما ينقل مجّاناً لا بعوض ، كحقِّ القسم بين الزوجات بناء على عدم مقابلته بالأعواض.
ومنها : المصاديق المشتبهة بين كونها حكماً أو حقّاً ...»(١).
٣ ـ عرض الثمرة العملية للبحث : ويصل في نقاشه إلى الاستنتاج العلمي فيقول :
«إنّ المطلّقة إن كانت زوجة بعد ـ كما يعطيه صدق (وبعولتهنّ)
__________________
(١) بُلغة الفقيه ١ / ١٧ ـ ١٨.
الظّاهر في الإتّصاف الفعلي وترتّب أحكام الزوجية الظّاهر في كونها زوجة حقيقة ـ فمرجعه إلى ضعف سبب الفرقة وهو الطّلاق وأنّه لم يؤثّر قطع علقة الزوجية بالكلّية ، فالقدرة على الرّجوع من آثار بقاء علقة الزوجية التي مرجعها إلى إبقاء تلك العلقة وإرجاعها كما كانت ، وكما أنّ قطع العلقة بمعنى فكّها عن الزوجية بيده ـ كالعتق في فكّ الملك بيد المالك ـ فكذلك إبقاؤها على الزوجيّة ، فكلٌّ من الإمساك والتسريح بيد الزوج ومن أحكام سلطنته على الزوجة لأنّها من عوارضها المتعلّقة بها ، فيكون الرجوع في العدّة للزوج من قبيل جواز الرجوع في العقود الجائزة الذي هو من الأحكام لكونه من آثار علقة الملكية السابقة ، بناء على ضعف سببية العقد الجائز في قطع علاقة الملكية»(١).
الاستنتاج :
١ ـ موضوع الفرق بين الحكم والحقّ من المواضيع الدقيقة في الفقه ، فقد قسّم المصنّف الحقّ والحكم بالصّورة التالية :
أ ـ الحكم : جعلٌ بالتكليف أو بالوضع.
ب ـ الحقّ : سلطنة مجعولة للإنسان على غيره.
ج ـ للحقّ طرفان : الأوّل : النسبة (صاحب السلطنة). الثاني : التعلّق (الشيء الذي يتسلّط عليه).
٢ ـ يقسّم الحقوق إلى أنواع ، منها :
أ ـ الحقّ الثابت الذي لا يسقط ولا ينتقل ، كحقِّ الأبوّة ، وولاية
__________________
(١) بُلغة الفقيه ١ / ٢١.
الحاكم ، وحقِّ الاستمتاع ، ونحوها.
ب ـ الحقّ الذي يمكن أن يسقط أو ينتقل ، كحقِّ الخيار ، وحقّ القصاص ، ونحوها.
ج ـ الحقّ الذي يسقط بالإسقاط ولكن ينبغي الاستحلال منه ، كحقِّ الغيبة ، والإيذاء ، ونحوها.
د ـ الحقّ الذي يمكن أن ينتقل بالإرث على قول ، مثل حقّ الشفعة للشّريك المسبّب عن بيع شريكه.
هـ ـ الحقّ الذي ينقل مجّاناً دون عوض ، كحقِّ القسم بين الزوجات بناءً على عدم مقابلته بالأعواض.
٣ ـ إنّ القدرة على رجوع الزوج إلى المطلّقة الرجعية في العدّة إنّما هو من آثار بقاء علقة الزوجية بعد ، فالرجوع في العدّة للزوج من قبيل جواز الرجوع في العقود الجائزة. وهذا تشبيه لطيف من إبداعات المصنّف.
٢ ـ منهج الرسالة السعدية :
الرسالة السعدية للعلاّمة الحلّي جمال الدين الحسن بن يوسف (ت ٧٢٦ هـ) في كتاب واحد ، وهي على قسمين : الأوّل في أصول الدين والثاني في فروعه ، كتبها المصنّف لسعد الدّين محمّد السّاوجي الشّهيد ٧١١ هـ وزير خدابنده(١). وهي رسالة تتّصف بصفة الرسائل من حيث الاختصار وحذف الأسانيد. ويلحظ من منهج الرسالة أنّ العلاّمة الحلّي تحاشى ذكر موارد الخلاف بين المذاهب الفقهية ، وكان يذهب إلى أنّ
__________________
(١) الرسالة السعدية : ٢٠.
الاحتياط يقتضي الأخذ بالمسألة الفلانية حيث يقول : «اختلف المسلمون في المسألة وذهبت طائفة إلى ذلك ...» الخ. ولا نعلم مذهب الوزير الذي كتبت له الرسالة.
نماذج من منهجه :
وفيما يلي نماذج من منهجه :
النموذج الأوّل : «المسألة الحادية عشرة : في الصّلاة ، وفيه مباحث :
البحث الأوّل : أ ـ في التكبير والتكفير :
اختلف المسلمون في صيغة التكبير ، فذهبت طائفة إلى أنّه يجب أن يأتي بصيغة (الله أكبر) ولا يُجزئ الترجمة ولا المعنى ولا الزيادة فيها ولا النقصان ، لأنّ النّبيّ(صلى الله عليه وآله) قال : (صلّوا كما رأيتموني أصلّي) ، والمنقول عنه هذه الصيغة لا غير. وقالت طائفة أُخرى : إنّه يجزي الترجمة والعجمية والإتيان بالمعنى.
والاحتياط يقتضي الأوّل ، لأنّه إذا فعل ما فعله النبيّ(صلى الله عليه وآله) فقد برئت ذمّته بالإجماع ، وإذا لم يفعل ما فعله النبيّ(صلى الله عليه وآله) برئت ذمّته عند البعض ولم تبرأ عند الباقين ، فتعيّن الأخذ بالمجمع عليه وترك المختلَف فيه ليحصل يقين الخروج عن عهدة التكليف»(١).
النموذج الثاني : «البحث : في القراءة :
اختلف المسلمون هنا ، فذهبت طائفة إلى أنّه يجب في الركعتين الأوّليين قراءة الحمد وسورة كاملة في كلِّ ركعة ، وذهبت طائفة إلى أنّه
__________________
(١) الرسالة السعدية : ١٠٠ ـ ١٠١.
يُجزئ في كلِّ ركعة بعض آية ولا يجب عندهم قراءة الحمد ولا سورة أخرى بعدها.
والأوّل أصحّ لقوله(صلى الله عليه وآله) : (لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب) ، وصلّى بالحمد وسورة كاملة ، وقال : (صلّوا كما رأيتموني أصلّي) ، وكان عليهالسلام يصلّي بالحمد وسورة كاملة في كلّ ركعة. والاحتياط يقتضي ذلك أيضاً ، فإنّه إذا قرأ في كلِّ ركعة الحمد وسورة كاملة صحّت صلاته إجماعاً ، وإذا قرأ بعض ذلك صحّت صلاته عند البعض ولا تصحّ عند الآخرين ، فتعيّن العمل بالأوّل ليحصل يقينُ براءة الذمّة»(١).
الاستنتاج :
١ ـ هذه الرسالة شاملة لأفكار الإسلام النظرية والعملية في الأصول والفروع ، وأُسلوبها واضح وأفكارها منسجمة.
٢ ـ استدلال المصنّف بالآيات والروايات عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، لكنّه كان محاولاً تجنّب الخلاف بين المذاهب ، بل كان يتحاشى ذكر طائفة دون أُخرى. والاستدلال موضوعيٌّ مبسّط لكنّه مقنع.
٣ ـ حاول المصنّف بكلِّ ذكاء ترجيح مذهب أهل البيت عليهمالسلام دون ذكر اسم الإمامية أو أسماء أئمّة أهل البيت عليهمالسلام أو فقهاء الشيعة.
٣ ـ منهج رسالة الإشراف :
كتاب رسالة الإشراف للشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النّعمان (ت
__________________
(١) الرسالة السعدية : ١٠١ ـ ١٠٢.
٤١٣ هـ) ، أشبه بالرسالة العملية ، وهي خاصّة بالعبادات ، تمتاز بسهولة عباراتها وخلوّها من الاستدلال.
نماذج من منهجه :
وفيما يلي نماذج من رسالة الإشراف :
النموذج الأوّل : «باب عدد من يجتمع في العيدين : وعدد ذلك سبعة نفر عدد : الإمام ، وقاضيه ، والمدّعي حقّاً ، والمدّعى عليه ، والشاهدين ، والمتولّي لإقامة الحدود»(١).
النموذج الثاني : «باب عدد تكبيرة صلاة العيدين : وعدد ذلك اثنتا عشر تكبيرة في الركعتين جميعاً : سبع في الأولى ، وخمس في الثانية ، منها تكبيرة الافتتاح ، ومنها تكبيرة الركوع»(٢).
النموذج الثالث : «باب القراءة في صلاة العيدين : والقراءة فيها (سورة فاتحة الكتاب) بسورتين في الأولى منهما (هَلْ أَتَاكَ حَدِيْثُ الْغَاشِيَة) وفي الأخرى (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى). والتكبير فيها بعد القراءة والقنوت بين كلِّ تكبيرتين»(٣).
الاستنتاج :
هذه الرسالة مختصرة أشدّ الاختصار ، ويبدو أنّها مكتوبة إلى شريحة معيّنة من النّاس : إمّا أن يكونوا من أصحاب السفر والتجارة فيحتاجون إلى
__________________
(١) رسالة الإشراف : ٢٦.
(٢) رسالة الإشراف : ٢٦.
(٣) رسالة الإشراف : ٢٦ ـ ٢٧.
كتاب مختصر ينفعهم في أسفارهم ، وإمّا أن يكونوا في مكان يستوجب التقية فلا يستطيعون الرجوع إلى كتاب استدلالي ضخم من مجلّدات بل ينفعهم كتاب مختصر بحجم رسالة الإشراف. والرسالة واضحة ومنهجها جليٌّ لا تحتاج إلى تعليق.
٤ ـ منهج رسائل المحقّق الكركي :
كتاب رسائل المحقّق الكركي للشيخ عليّ بن الحسين الكركي (ت ٩٤٠ هـ) ، في ثلاثة مجلّدات ، هي مجموعة تحتوي على ستّ رسائل هي :
١ ـ الرسالة النجمية.
٢ ـ الرسالة الجعفرية.
٣ ـ رسالة في صلاة الجمعة.
٤ ـ رسالة صيغ العقود والإيقاعات.
٥ ـ الرسالة الرضاعية.
٦ ـ رسالة قاطعة اللجاج في تحقيق حلّ الخراج.
نموذج من منهجه :
ونذكر فيما يلي نموذجاً من منهجه :
في الرسالة الجعفرية نقرأ في فصل التيمّم بالصعيد :
«التيمّم بالصعيد ـ وهو التّراب بأيّ لون اتّفق أو المدر أو الحجر أو الرمل وأرض النورة والجصّ قبل الإحراق ، دون المعدن والنبات والمشوب بغيره مع سلب الإسم ـ ولو بشراء أو استئجار أو عارية أو شاهد حال ، ويجب قبول هبته وهبة الماء لا الثمن ، ومع فقده فبغبار الثوب واللبد
وعرف الدابّة ، ثمّ الوحل ـ لا بالثلج ـ ولو أمكن الغسل بنداوته قدم على التيمّم.
ويجب طلب الماء في الجهات الأربع : غلوة في الحزنة وغلوتين في السهلة ولو بوكيله ، وشراؤه وإن زاد عن ثمن المثل مع القدرة وعدم الضّرر ، وخوف استعمال ولو في بعض الأعضاء كفقده ـ ومنه الشّين ـ وكذا الخوف على نفس أو مال أو بضع.
ولا إعادة على من صلّى بتيمّم وإن كان متعمّداً الجنابة أو الممنوع بزحام الجمعة ، ويقدم الجنب على الميّت والمحدث بالماء المبذول للأحوج ، وكذا على باقي المحدثين ، وذو النّجاسة على الجميع.
ويجب فيه النية مقارنة للضّرب على الأرض مستدامة الحكم : أتيمّم بدلاً من الوضوء أو الغسل لاستباحة الصّلاة لوجوبه قربة إلى الله ، ولا مدخل للرفع هنا.
ويجب الضرب بكلتا يديه معاً ببطونهما اختياراً وطهارتهما وطهارة المضروب عليه ومحلّ التيمّم ، ولو تعذّر إزالة النّجاسة عن الأعضاء صحّ إن لم تكن حائلة ولا متعدّية. ومسح الجبهة ببطن الكفّين من قصاص الشعر إلى طرف الأنف الأعلى بادئاً بأعلاها ، والأولى مسح الجبينين والحاجبين وبلوغ طرف الأنف الأسفل ، ثمّ مسح ظهر كفّه اليمنى ببطن اليسرى من الزند إلى أطراف الأصابع ، ثمَّ مسح اليسرى كذلك ، والموالاة ولو بدلاً من الغسل ، ولا يقدح الفصل بما لا يعدّ تفريقاً ، والمباشرة بنفسه إلاّ مع التعذّر كما ذكر ...»(١).
__________________
(١) رسائل المحقّق الكركي ١ / ٩٤ ـ ٩٥.
الاستنتاج :
١ ـ هذه رسالة فقهية وكأنّها رسالة عملية للمكلّفين ، فهي تعرض الأحكام الشرعية بصورة مفصّلة إلاّ أنّها خالية من الاستدلال تماماً.
٢ ـ أُسلوب الرّسالة ولغتها على درجة عالية من الوضوح والفصاحة ، وترتيب الأفكار فيها ترتيب علمي منسجم مع تسلسل الأفكار الفقهية.
وبالإجمال : فإنّ منهج الرسائل (القصيرة) المختصرة منهج موضوعي له فضل في نشر العلوم الفقهية بين النّاس. ولاشكّ أنّ قبول النّاس لذلك النّمط من المعرفة الدينية يعني أنّها تقنع باليسير من أجل معرفة الحلال والحرام كي تطبّق مفرداته على حياتها.
١٤ ـ منهج الأمالي أو المجالس :
مقدّمة :
«الأمالي عنوان لبعض كتب الحديث غالباً ، وهو الكتاب الذي أدرج فيه الأحاديث المسموعة من إملاء الشّيخ عن ظهر قلبه وعن كتابه ، والغالب عليها ترتيبه على مجالس السماع ، ولذا يطلق عليه المجالس أو عرض المجالس أيضاً ، وهو نظير الأصل في قوّة الاعتبار وقلّة تطرّق احتمال السهو والغلط والنّسيان ، ولا سيّما إذا كان إملاء الشّيخ عن كتابه المصحّح أو عن ظهر القلب مع الوثوق والاطمينان بكونه حافظاً ضابطاً متقناً. والفرق أنّ مراتب الاعتبار في أفراد الأصول تتفاوت حسب أوصاف مؤلّفيها وفي
الأمالي تتفاوت بفضائل ممليها ...»(١).
وأوّل أمالي كتبت في الإسلام بإملاء النبيّ(صلى الله عليه وآله) وخطِّ عليٍّ أمير المؤمنين عليهالسلام كتبه بخطّه الشريف. و «النسخة التامّة منه مذخورة عند الحجّة المنتظر كسائر مواريث الأنبياء عليهمالسلام ورثها عن آبائه الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين. وهو كتاب مدرج عظيم يفتح ويقرأ منه على ما ترشدنا إليه أحاديث أهل البيت عليهمالسلام ... [روى] النجاشي في كتابه في ترجمة محمّد ابن عذافر بإسناده إلى عذافر بن عيسى الصّيرفي قال : كنت مع الحكم بن عيينة عند أبي جعفر الباقر عليهالسلام فجعل يسأله الحكم وكان أبو جعفر له مكرماً ، فاختلفا في شيء ، فقال أبو جعفر : يا بنيّ قم فأخرِج كتاب عليّ عليهالسلام ، فأخرَج كتاباً مدرجاً عظيماً ، ففتحه وجعل ينظر حتّى أخرج المسألة ، فقال أبو جعفر عليهالسلام : هذا خطّ عليٍّ وإملاء رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وأقبل على الحكم وقال : يا أبا محمّد اذهب أنت وسلمة وأبو المقدام حيث شئتم يميناً وشمالاً فوالله لا تجدون العلم أوثق منه عند قوم كان ينزل عليهم جبرئيل ، انتهى.
وقطعة من هذه الأمالي موجودة بعينها حتّى اليوم في كتب الشيعة ـ وذلك من فضل الله تعالى ـ أوردها الشّيخ أبو جعفر بن بابويه الصّدوق في المجلس السّادس والستّين من كتاب أماليه ، وهي مشتملة على كثير من الآداب والسنن وأحكام الحلال والحرام يقرب من ثلاثمائة بيت رواها بإسناده إلى الإمام الصّادق عليهالسلام بروايته عن آبائه الكرام ، وقال الصّادق عليهالسلام في آخره : إنّه جمعه من الكتاب الذي هو إملاء رسول الله(صلى الله عليه وآله) وخط عليّ
__________________
(١) الذريعة ٢ / ٣٠٥ ـ ٣٠٦.
ابن أبي طالب عليهالسلام ، ونحن بحمد الله تعالى على تداول هذه القطعة منه بأيدينا ونسأله توفيق زيارة تمامه بزيارة من هو مذخور عنده. وظهر ممّا مرّ أنّ الأمالي هذا كتاب مدرج عظيم يفتح وينظر فيه ، وهو غير الجفر والجامعة والصحيفة ...»(١).
طبيعة الأمالي :
أمالي المشايخ الأجلاّء الثلاثة الصّدوق والمفيد والطّوسي عبارة عن أحاديث عقائدية وأخلاقية مذكورة بأسانيدها ألقيت على طلبة العلم لما فيها من فائدة روحية ومذهبية ، ويشعر من يقرأها اليوم أنّها أشبه بروضة الكافي ، لكنّها مرتّبة حسب التاريخ لا الموضوع.
كتب الأمالي :
١ ـ أمالي الشّيخ الصّدوق (ت ٣٨١ هـ).
٢ ـ أمالي الشّيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ).
٣ ـ أمالي الشّيخ الطّوسي (ت ٤٦٠ هـ).
١ ـ منهج أمالي الصّدوق :
كتاب أمالي الصّدوق للشّيخ أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه (ت ٣٨١) في مجلّد واحد ، يحتوي على ستّة وتسعين مجلساً ، تحوي أخبار النبيّ(صلى الله عليه وآله) والأنبياء الذين سبقوه عليهمالسلام وأئمّة أهل البيت عليهمالسلام
__________________
(١) الذريعة ٢ / ٣٠٥ ـ ٣٠٦.
وأحوالهم وسيرتهم وكلامهم. والمجالس مؤرّخة بتاريخ اليوم والشهر والسنة.
نماذج من منهجه :
وفيما يلي نماذج من منهجه :
النموذج الأوّل : «حدّثنا الشّيخ الفقيه أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، قال : حدّثنا الحسن بن متيل الدقّاق ، قال : حدّثنا أحمد ابن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن يونس بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن الحجّاج ، قال : سمعتُ الصادق عليهالسلام يقول : من رأى أخاه على أمر يكرهه فلم يردّه عنه وهو يقدر عليه فقد خانه ، ومن لم يجتنب مصادقة الأحمق أوشك أن يتخلّق بأخلاقه»(١).
النموذج الثاني : «حدّثنا الحسين بن أحمد بن أدريس ، قال : حدّثنا أبي عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب عن الحكم بن المسكين الثّقفي عن أبي بصير عن الصّادق جعفر بن محمّد عن آبائه عليهمالسلام ، قال : قال أبو عبد الله الحسين بن عليّ عليهالسلام : أنا قتيل العبرة لا يذكرني مؤمن إلاّ استعبر»(٢).
٢ ـ منهجية أمالي المفيد :
كتاب الأمالي للشّيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النّعمان (ت ٤١٣ هـ)
__________________
(١) أمالي الصّدوق : ٢٢٢ المجلس السّادس والأربعون.
(٢) أمالي الصدوق : ١١٨ المجلس الثامن والعشرون.
في مجلّد واحد ، يحتوي على اثنين وأربعين مجلساً ، وأكثر أخباره من طرق العامّة وأسانيدها مشتملة على الكثير من رجالهم ، ويحتوي على الكثير من أخبار النبيّ(صلى الله عليه وآله) وأئمّة أهل البيت عليهمالسلام وقضايا الأخلاق والفضائل. والمجالس مؤرّخة بتاريخ اليوم والشهر والسّنة.
نماذج من منهجه :
وفيما يلي نماذج من منهجه :
النموذج الأوّل : «١ ـ قال : حدّثني أبو حفص عمر بن محمّد ، قال : حدّثنا عليّ بن مهرويه القزويني ، قال : حدّثنا داود بن سليمان الغازي ، قال : حدّثنا الرضا عليّ بن موسى ، قال : حدّثني أبي موسى بن جعفر ، قال : حدّثني أبي جعفر بن محمّد ، قال : حدّثني أبي محمّد بن عليّ ، قال : حدّثني أبي عليّ بن الحسين ، قال : حدّثني أبي الحسين بن عليّ ، قال : حدّثني أبي عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، قال : قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : أتاني ملكٌ فقال : يا محمّد إنّ ربّك يقرئك السّلام ويقول : إن شئت جعلت لك بطحاء مكّة ذهباً. قال : فرفعت رأسي إلى السّماء وقلت : ياربّ أشبع يوماً فأحمدك ، وأجوع يوماً فأسألك»(١).
النموذج الثاني : «٨ ـ قال : أخبرني أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه ـ رحمه الله ـ عن أبيه عن عليّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى بن عبيد عن عثمان بن عيسى عن سماعة بن مهران عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهالسلام ، قال : سمعته يقول : لا تستكثروا كثير الخير ، ولا
__________________
(١) أمالي الشّيخ المفيد : ١٢٤. المجلس الخامس عشر.
تستقلّوا قليل الذنوب ، فإنّ قليل الذنوب يجتمع حتّى يكون كثيراً ، وخافوا الله عزّ وجلّ في السّر حتّى تعطوا من أنفسكم النَّصَف ، وسارعوا إلى طاعة الله ، وأصدقوا الحديث ، وأدّوا الأمانة ، فإنّما ذلك لكم ، ولا تدخلوا فيما لا يحلُّ فإنّما ذلك عليكم»(١).
٣ ـ منهج أمالي الطّوسي :
كتاب الأمالي للشّيخ الطّوسي محمّد بن الحسن (ت ٤٦٠ هـ) في مجلّد واحد ، عبارة عن مجالس عقدت في مشهد الإمام عليّ بن أبي طالب عليهالسلام في النّجف الأشرف في منتصف القرن الخامس الهجري.
وأمالي الشّيخ الطّوسي على قسمين :
الأوّل : يشتمل على ثمانية عشر مجلساً تبتدئ جميعها بالشّيخ أبي عليّ الطّوسي ، وأغلبها مؤرّخة بالشّهر والسّنة.
الثاني : مرتّب على المجالس ، ابتدأ المجلس الأوّل في يوم الجمعة المصادف لليوم الرّابع من المحرّم من سنة ٤٥٧ هـ ، وعدد مجالس القسم الثاني سبعة وعشرين مجلساً.
ويحتوي الأمالي على أحاديث تُذكر بأسانيدها عن قضايا الإمامة وتاريخ النبيّ(صلى الله عليه وآله) وأئمّة أهل البيت عليهمالسلام وقضايا فقهية وتاريخية ونحوها.
نماذج من منهجه :
وفيما يلي نماذج من منهجه :
__________________
(١) أمالي الشّيخ المفيد : ١٥٧. المجلس التاسع عشر.
النموذج الأوّل : «١١٥٨/ ٦٥ ـ وبإسناده عن عليٍّ عليهالسلام قال : سلوني عن كتاب الله عزّ وجلّ ، فوالله ما نزلت آية منه في ليل أو نهار ولا مسير ولا مقام إلاّ وقد أقرأنيها رسول الله(صلى الله عليه وآله) وعلّمني تأويلها. فقال ابن الكوّاء : يا أمير المؤمنين فما كان ينزل عليه وأنت غائب عنه؟ قال : كان يحفظ على رسول الله(صلى الله عليه وآله) ما كان ينزل عليه من القرآن وأنا عنه غائب حتّى أقدم عليه فيُقرئنيه ويقول لي : يا علىّ أنزل الله علىَّ بعدك كذا وكذا وتأويله كذا وكذا ، فيعلّمني تنزيله وتأويله»(١).
النموذج الثاني : «١٢٥٦/ ٤ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة عن أبي المفضّل ، قال : حدّثنا محمّد بن العبّاس بن اليزيدي النحوي أبو عبد الله ، قال : حدّثنا أبو الأسود الخليل بن أحمد النوشجاني ، قال : حدّثني محمّد ابن سلام الجمحي ، قال : حدّثني يونس بن حبيب النحوي وكان عثمانياً ، قال : قلت للخليل بن أحمد : اُريد أن أسألك عن مسألة فتكتمها علىَّ؟ قال : إنّ قولك يدلّ على أنّ الجواب أغلظ من السؤال ، فتكتمه أنت أيضاً؟ قال : قلت : نعم أيّام حياتك. قال : سل. قال : قلت : ما بال أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله) كأنّهم كلّهم بنو اُمّ واحدة وعليّ بن أبي طالب من بينهم كأنّه ابن علَّة(٢)؟ قال : من أين لك هذا السؤال؟ قال : قلت : قد وعدتني الجواب. قال : وقد ضمنتَ الكتمان. قال : قلت : أيّام حياتك. فقال : إنّ عليّاً عليهالسلام تقدّمهم إسلاماً وفاقهم علماً وبذّهم(٣) شرفاً ورجحهم زهداً وطالهم جهاداً فحسدوه ، والنّاس إلى أشكالهم
__________________
(١) أمالي الشّيخ الطّوسي : ٥٢٣. المجلس الثامن عشر.
(٢) العلَّة : الضَّرة.
(٣) بذّهم: أي غلبهم.
وأشباههم أميل منهم إلى من بان منهم ، فافهم»(١).
الاستنتاج :
١ ـ إنّ من طبيعة أحاديث الأمالي أن يُذكر فيها سلسلة السند كاملة ، فليس هنا مجالٌ للاختصار أو الحذف. وهذا يدلّ على أنّ حذف الأسانيد أصلاً كان لتسهيل الأمر على النّاس للوصول إلى الحكم الشرعي ، أمّا عندما يتعلّق الأمر بطلبة العلم فإنّ العلم كان في تثبيت الأسانيد لا في حذفها.
٢ ـ إنّ هذا اللّون من الكتابة أو النشاط العلمي هو لونٌ من ألوان المعرفة الترفيهية إذا صحّ التعبير ، فليس فيه مشقّة الاستدلال ولا حرارة المواجهة العلمية ولا تعقيدات الشرح المزجي الموسوعي.
٣ ـ تميّزت أمالي الشّيخ الصّدوق والشّيخ الطّوسي بأحاديث من رجال الإمامية ، بينما تميّزت أمالي الشّيخ المفيد بأحاديث من رجال العامّة. وهذا يدلّ على أنّ لكلِّ فقيه ظروفاً خاصّة به تنعكس على أماليه ، فظروف الشّيخ الصدوق تختلف عن ظروف الشّيخ المفيد ، والأصل أنّ كلّ فقيه من فقهاء الإمامية قد عمل بوظيفته الشرعية حسبما سنحت له الشروط الموضوعية للزمان الذي عاش فيه.
١٥ ـ منهج الجوابات (أو الأجوبة) :
مقدّمة :
إنّ الجواب أو الجوابات «هما عنوانان يشار بهما إلى كثير من
__________________
(١) أمالي الشّيخ الطّوسي : ٦٠٩. المجلس الثامن والعشرون.
تصانيف أصحابنا ... وإنّ كثيراً من مصنّفيهم قد بلغوا من تواضع النّفس وخضوع الجوانح وخلوص النيّات حدّاً لا يرون أنفسهم شيئاً قابلاً للذكر والإشارة ولا يحسبون تصانيفهم مع كونها جيّدة قيّمة كتاباً لائقاً بالعنوان والتسمية ، فبقيت الكتب بعد عصر المصنّفين بغير اسم خاصٍّ يدعى به ، فمسّت الحاجة إلى أن يشار إليها بعنوان ينطبق عليها ، فإذا علم أنّ الكتاب في جواب شخص خاصٍّ أو في جواب اعتراض معيّن ، أو أنّه جواب عن سؤال مخصوص أو عن شبهة معلومة ، أو أنّه جواب عن مسألة مخصوصة أو عن مسائل متعدّدة كما هو الشائع من إلقاء المسألة الواحدة أو المسائل من القرب أو من البلاد البعيدة عن العلماء وهم يكتبون جواباتها بغير عنوان خاصّ ، أو عُلم أنّه جواب رسالة أو كتاب أو مكتوب ، يصحّ أن يعبّر عنه بالجواب ...»(١).
و «جوابات المسائل أو السؤال والجواب : اسم نوعيٌّ لتأليف خاصٍّ يوجد لكثير من أصحابنا ولا سيّما الفقهاء منهم ، وهو الكتاب الذي يدوّن فيه المصنّف نفسه أو يأمر من يدوّن فيه مجموع السؤالات أو الاستفتاءات التي ألقيت إليه على الدفعات التدريجية وما كتبه من جواباتها في أوقات متطاولة ، فإنّه بعد التدوين كذلك في مجلّد يسمّى بأحد العنوانين ، والغالب التعبير عنه بـ : السؤال والجواب»(٢).
طبيعة الجوابات :
يعدُّ الفقهاء الجواب على أسئلة المكلّفين وظيفة شرعية تقتضي القيام
__________________
(١) الذريعة ٥ / ١٧١.
(٢) الذريعة ٥ / ٢١٣.
به على أيّ حال ، فما أن يرد على الفقيه سؤال شرعيّ حتّى قام ببحثه واستنباط حكمه الشرعي من خلال الأصول المتّفق عليها بينهم ، ثمّ يصدر الفقيه الجواب بأُسلوب مقتضب واحد خال من الاستدلال. والنّاس تحتاج عموماً إلى معرفة الأوامر والنواهي بدون استدلال. أو بمعنىً آخر أنّها تحتاج معرفة وظيفتها الشرعية فحسب دون الخوض في النّقاش العلمي.
الجوابات أو الأجوبة :
١ ـ جواهر الفقه لابن البرّاج (ت ٤٨١ هـ).
٢ ـ جوابات المسائل الميافارقيّات للسيّد المرتضى (ت ٤٣٦ هـ).
٣ ـ المسائل العكبرية للشّيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ).
٤ ـ أجوبة المسائل للشهيد الثاني (ت ٩٦٥ هـ).
٥ ـ أجوبة المسائل المهنائية للعلاّمة الحلّي (ت ٧٢٦ هـ).
١ ـ منهج جواهر الفقه :
كتاب جواهر الفقه لابن البرّاج عبد العزيز الطرابلسي (ت ٤٨١ هـ) في مجلّد واحد ، رسالة ذكر فيها المصنّف المسائل المستحسنة والأجوبة الموجزة المنتخَبة»(١) ، وهي رسالة فقهية كاملة ، نهج فيها المصنّف عرض كلّ مسألة ثمّ يعرض الجواب عليها.
نماذج من منهجه :
وفيما يلي نماذج من جواهر الفقه :
__________________
(١) جواهر الفقه : ٤.
النموذج الأوّل : في كتاب الوكالة :
«مسألة ٢٨٩ : إذا ادّعى الحاكم أو أمينه تلف الأمانة ما الحكم في ذلك؟
الجواب : إنّ القول قولهما مع يمينهما ، لأنّ ذلك قد يتلف ظاهراً وباطناً وتتعذّر عليهما إقامة البيّنة عليه»(١).
النموذج الثاني : «مسألة ٢٩٢ : إذا ادّعى الموكِّل على وكيله أنّه طالبه بردّ المال الذي له في يده وامتنع من الردّ مع تمكّنه منه ـ فهو ضامن ـ وأنكر الوكيل ذلك وقال : ما طالبتني بردّه ، ما الحكم في ذلك؟
الجواب : القول في ذلك قول الوكيل مع يمينه ، لأنّ الخيانة اُدّعيت عليه والأصل أمانته ، فإن حلَفَ كان على أمانته ، وإن كان المال قد هلك فلا ضمان عليه ، وإن نكل عن اليمين ردّت على الموكّل ، فإن حلف أنّه طالبه به فامتنع من الرّدّ مع التمكّن منه كان عليه الضّمان ، وهكذا الحكم إن أقام عليه البيّنة بذلك ، فإنّ الضّمان أيضاً يلزمه»(٢).
الاستنتاج :
١ ـ في موضوع الأمانة الأصل هو تعذّر إقامة البيّنة على تلف الأمانة ، فينحصر الأمر عندئذ بقول الأمين مع يمينه.
٢ ـ في موضوع التوكيل طالب الموكِّل وكيله بردِّ المال ، فهنا ثلاثة أمور :
أ ـ لا ضمان على الوكيل حتّى مع تلف المال إذا حلف على حفظ
__________________
(١) جواهر الفقه : ٧٨.
(٢) جواهر الفقه : ٧٩.
الأمانة ، ذلك أنّ الوكيل اُتّهم بالخيانة وأنكر ذلك فعليه اليمين ، كما في الحديث الشريف : البيّنةُ على من ادّعى واليمينُ على من أنكر.
ب ـ إن نكل الوكيل عن اليمين طُلب من الموكِّل أن يحلف ، فإن حلف على أنّه طالبه بالأمانة فامتنع عن الردّ فعلى الوكيل الضّمان.
ج ـ إن أقام الموكِّل البيّنة على الوكيل يكون الوكيل ضامناً.
٣ ـ نلحظ أنّ منهج المصنّف هو تكثيف جميع تلك المطالب الفقهية في جمل قليلة مختصرة.
٢ ـ منهج جوابات المسائل الميافارقيّات :
كتاب جوابات المسائل الميافارقيّات للسيّد المرتضى علم الهدى عليّ ابن الحسين (ت ٤٣٦ هـ) في كرّاس ، تضمّن ستّاً وستّين مسألة مع جوابها.
نماذج من منهجه :
وفيما يلي نماذج من منهجه :
النموذج الأوّل : مسألة عدالة إمام الجماعة :
«الصّلاة جماعة والفضل فيها ، ولا يجوز خلف عدم الوثوق بدينه أم لا؟
الجواب : صلاة الجماعة فيها فضل كثير وثواب كبير إذا وثقنا باعتقاد المؤتمّ به وصحّة دينه وعدالته ، لأنّ إمامة الفاسق عند أهل البيت عليهمالسلام لا يجوز»(١).
__________________
(١) جوابات المسائل الميافارقيّات : ٥ ـ ٦.
النموذج الثاني : مسألة أحكام صلاة الجمعة :
«صلاة الجمعة : هل يجوز أن يصلّي خلف المؤالف والمخالف جميعاً؟ وهل هي ركعتان مع الخطبة تقوم مقام أربع؟
الجواب : صلاة الجمعة ركعتان من غير زيادة عليها ، ولا جماعة إلاّ مع إمام عادل أو من ينصبه الإمام العادل ، فإذا عدم ذلك صلّيت الظهر أربع ركعات. ومن اضطرّ إلى أن يصلّيها مع من لا يجوز إمامته تقية وجب عليه أن يصلّي بعد ذلك ظهراً أربعاً»(١).
النموذج الثالث : مسألة ما يجوز السجود عليه :
«على ماذا يجوز السجود عليه؟ وأيّ شيء يتوقّى السجود عليه؟
الجواب : لا يجوز السجود إلاّ على الأرض بعينها إذا كانت طاهرة ، أو على ما أنبتته إلاّ أن يكون مأكولاً كالثّمار أو ملبوساً كالقطن والكتان ولا ما اتّخذ منهما ، ولا بأس بالسجود على القرطاس الخالي من الكتابة ، ويكره على المكتوب فيه لشغل القلب بقراءته»(٢).
الاستنتاج :
١ ـ نلحظ في المصادر الفقهية الإمامية التأكيد على عدالة إمام الجماعة وعدم جواز إمامة الفاسق ، وهذه مسألة فقهية وعقائدية في نفس الوقت. واعتقادنا بإمامة أهل البيت عليهمالسلام إنّما كان لعصمتهم في شؤون الدين والدنيا.
٢ ـ نستشفّ من تلك الأسئلة مشاكل ذلك الزّمان ، وأهمّها على
__________________
(١) جوابات المسائل الميافارقيّات : ٦.
(٢) جوابات المسائل الميافارقيّات : ٩ ـ ١٠.
الإطلاق الظلم الذي تعرّض له اتباع أهل البيت عليهمالسلام ، ولذلك كثر السؤال عن التقية وإمامة الفاسق وطبيعة السجود على الأرض ، فصلاة الجمعة والجماعة عند العامّة يؤمّها الفاسق والعادل ولا يشترط عندهم عدالة إمام الجمعة ، ولا يلتزمون بالسّنة الشريفة التي أعلنت بأنّ الأرض هي المسجد وهي الطهور ، ولذلك ينحصر السجود على الأرض الطاهرة وما انبتت.
ولا يستطيع المرء إلاّ أن يكبر جهود فقهاء الإمامية على تصدّيهم لمشاكل الزمان وتشخيص منارات الهداية لأتباعهم.
٣ ـ منهج المسائل العكبرية :
كتاب المسائل العكبرية للشّيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النّعمان (ت ٤١٣ هـ) ، هو رسالة جوابية لمجموعة أسئلة واستفسارات وردت المصنّف.
نموذج من منهجه :
«المسألة الأولى : عن قول الله تعالى : (إِنَّما يُرِيْدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الْرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيْرَاً)(١). قال السائل : وإذا كانت أشباحهم قديمة وهم في الأصل طاهرون فأيّ رجس أُذهب عنهم؟ ...
الجواب عمّا تضمّنته هذه الأسئلة : إنّ الخبر عن إرادة الله تعالى إذهاب الرجس عن أهل البيت عليهمالسلام والتطهير لهم لا يفيد إرادة عزيمة أو ضميراً أو قصداً على ما يظنّه جماعة ضلّوا عن السبيل في معنى إرادة الله عزّ
__________________
(١) سورة الأحزاب ٣٣ : ٣٣.
اسمه ، وإنّما يفيد إيقاع الفعل الذي يُذهب الرجس وهو العصمة في الدين أو التوفيق للطّاعة التي يقرب العبد بها من ربّ العالمين ، وليس يقتضي الإذهاب للرجس وجوده من قبل كما ظنّه السائل ، بل قد يذهب بما كان موجوداً ويذهب بما لم يحصل له وجود للمنع منه ، والإذهاب عبارة عن الصّرف ، وقد يُصرف عن الإنسان ما لم يعتره كما يصرف ما اعتراه ، ألا ترى أنّه يقال في الدعاء : صَرَفَ اللهُ عنك السوء ، فيقصد إلى المسألة منه تعالى عصمته من السوء دون أن يُراد بذلك الخبر عن سوء به والمسألة في صرفه عنه. وإذا كان الإذهاب والصرف بمعنىً واحد فقد بطل ما توهّمه السائل فيه ، وثبت أنّه قد يذهب بالرجس عمّن لم يعتره قطّ الرّجس على معنى العصمة له منه والتوفيق لما يبعده من حصوله به ، فكان تقدير الآية حينئذ : إنّما يذهب الله عنكم الرجس الذي قد اعترى سواكم بعصمتكم منه ويطهّركم أهل البيت من تعلقه بكم ، على ما بيّنّاه.
وأمّا القول بأنّ أشباحهم عليهمالسلام قديمة فهو منكر لا يطلق ، والقديم في الحقيقة هو الله تعالى الواحد الذي لم يزل ، وكلّ ما سواه محدث مصنوع مبتدأ له أوّل. والقول بأنّهم لم يزالوا طاهرين قديمي الأشباح قبل آدم كالأوّل في الخطأ ، ولا يقال لبشر : إنّه لم يزل قديماً»(١).
الاستنتاج :
١ ـ يقوم المصنّف بالرّد على شبهتين في آن واحد :
الشبهة الأولى : إنّ الرجس الذي أراد الله سبحانه صرفه عن أهل
__________________
(١) المسائل العكبرية : ٢٦ ـ ٢.
البيت عليهمالسلام كان موجوداً عندهم.
وجوابه : إنّ إرادة الله تعالى إذهاب الرجس عن أهل البيت عليهمالسلام لم يكن إرادة عزيمة ، إنّما هو إيقاع الفعل الذي يُذهب الرجس وهو العصمة في الدين.
الشبهة الثانية : إنّ أشباحهم قديمة.
وجوابه : إنّ القديم في الحقيقة هو الله عزّ وجلّ الواحد الذي لم يزل ، وأهل البيت عليهمالسلام بشر مخلوقون من قبله تعالى ، ولا يقال لبشر : إنّه لم يزل قديماً.
٢ ـ إنّ ما ميّز عصر الشّيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ) هو المسائل الاعتقادية ، فقد كان النّاس بحاجة إلى معرفة عقيدتهم وتثبيتها خصوصاً بعد غيبة الإمام المهدي عليهالسلام في سنة (٢٦٠ هـ) ، ولذلك طغى على مصنّفات الشّيخ المفيد المنهج الكلامي ، وهذه الرّسالة نموذج لذلك المنهج.
٤ ـ منهج أجوبة المسائل :
رسالة أجوبة المسائل ضمن رسائل الشّهيد الثاني زين الدّين بن عليّ (ت ٩٦٥ هـ) ، هي مجموعة رسائل للمصنّف ، ومن ضمنها أجوبة مسائل شكر بن حمدان.
نماذج من منهجه :
وفيما يلي نماذج من أجوبته :
النموذج الأوّل : «سؤال ٣ : ما يقول مولانا العلاّمة دام ظلّه فيمن غسل وجهه بيديه جميعاً في حال الوضوء هل فيه كراهيّةٌ أم لا؟ أفتنا
مأجوراً.
الجواب : نعم يُكْره لغير تقيّة»(١).
النموذج الثاني : «سؤال ٥ : ما يقول سيّدنا دام ظلّه في الذي ينتهي حاله من الخوف إلى التسبيح بدلاً من الصّلاة ، هل يحتاج إلى تكبيرة الإحرام عند نيّة ذلك وإلى السّلام عند الفراغ منه أم لا يحتاج إلى ذلك؟ أفتنا مأجوراً.
الجواب : لابدّ من النيّة والتكبير أوّلاً والتشهّد أخيراً ، ويجزىء التسبيح عن عدا ذلك من الأفعال والكيفيّات ؛ ولو قلنا بوجوب التسليم فلابدّ منه أيضاً»(٢).
النموذج الثالث : «مسألة ٨ : ما يقول سيّدنا الإمام العلاّمة في الصابون إذا جُهِلَ عامله ، فهل يكون طاهراً أم لا؟ ولو تنجّس هل يقبل التطهير بغسلِ الموضع الذي لاقته أم لا؟ أفتنا مأجوراً.
الجواب : الأصل فيه وفي أمثاله الطهارةُ إلى أن يُعلَم خلافها ، ويَقبل التطهيرَ حال كونه من الجامدات ، وما فيه من اللزوجة غيرُ مانع من قبول الطهارة بالقليل ، وأمّا بالكثيرِ فلا إشكالَ»(٣).
الاستنتاج :
١ ـ إنّ الأسئلة تدور حول الرخصة التي منحتها الشريعة لتجنّب الظالم وهي التقية ، وتبدّل التكليف حال الخوف ، والأُمور المستحدثة في
__________________
(١) رسائل الشّهيد الثاني : ٥٥٨.
(٢) رسائل الشّهيد الثاني : ٥٥٩.
(٣) رسائل الشّهيد الثاني : ٥٦٠.
القرن العاشر وهو الصّابون. وكلّ ذلك يعطينا صورة عن حياة القرن العاشر الهجري ، فكانت التقية تمثّل منهج حياة النّاس ولذلك كثرت الأسئلة حولها ، وكان السفر محفوفاً بالمخاطر والخوف من الأشرار ولذلك كان السّؤال حول تكبيرة الإحرام في صلاة الخوف ، والسؤال الأخير عن طهارة الصّابون وهو ما أخاله من الأسئلة الجديدة غير المسبوقة في الفقه.
٢ ـ نلحظ أنّ الأجوبة عامّة غير استدلالية ، ونبني على أنّ السائل لم يكن من طلبة العلم الديني.
٥ ـ منهج أجوبة المسائل المهنائية :
كتاب أجوبة المسائل المهنائية للعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف (ت ٧٢٦ هـ) ، هو رسالة جوابية لمسائل بعثها مهنأ بن سنان بن عبد الوهّاب إلى العلاّمة الحلّي يستفسر فيها عن جملة من المسائل الشرعية.
نماذج من منهجه :
ونذكر فيما يلي نموذجين من منهجه :
النموذج الأوّل : «مسألة ٢٣ : ما يقول سيّدنا في الكتاب العزيز هل يجوز بيعه وشراؤه أم ينـزّه عن ذلك فإذا أراد الإنسان بيعه أو شراءه نسب ذلك إلى الجلد والورق؟ أفتنا مأجوراً يرحمك الله.
الجواب : منع أصحابنا من بيع المصحف بل يجوز بيع الجلد والورق ، للنقل عن أهل البيت عليهمالسلام ، ولاشتماله على تعظيم كتاب الله
العزيز ، واشتمال بيعه على نوع من إهانته نعوذ بالله من ذلك»(١).
النموذج الثاني : «مسألة ٣٥ : ما يقول سيّدنا في الإنسان إذا سجد على ما لا يجوز السجود على جهة السهو أو لظلمة الموضع هل يجوز له أن يرفع رأسه ثمّ يسجد على ما يجوز السجود عليه ، ولا يعدّ الأوّل سجوداً فيكون قد زاد سجدة في صلاته أم كيف يصنع؟
الجواب : نعم يجوز رفع رأسه والسجود على ما يصحّ عليه ، ولا يعدّ الأوّل سجوداً مشروعاً»(٢).
الاستنتاج :
تلك الأسئلة وجّهها مكلّف شُخِّص باسمه إلى العلاّمة الحلّي ، وهي تمثّل العلاقة الوثيقة بين الفقهاء ومقلّديهم في القرن الثّامن الهجري ، فالسّائل يسأل المصنّف مسائل اُبتلي بها هو وأصحابه ويجيبه المصنّف جواباً واضحاً عامّاً خالياً من الاستدلال ، وهكذا نما الفقه غير الاستدلالي بين عموم المكلّفين.
١٦ ـ منهج القواعد الفقهية :
مقدّمة :
القاعدة الفقهية هي حكم كلّي فرعي تنطبق على مواردها الجزئية المتعدّدة كنفوذ إقرار الإنسان في بيعه وشرائه وهبته وصلحه وإجارته طبقاً لقاعدة من ملك شيئاً ملك الإقرار به. ويمكن أن تُعرف القاعدة بالضّابط ،
__________________
(١) المسائل المهنائية : ١٥١ ـ ١٥٢.
(٢) المسائل المهنائية : ١٣١.
فهي الأمر الكلّي الذي ينطبق على جزئيّاته. وهناك العديد من القواعد الفقهية التي استنبطها الفقهاء. والفرق بين القاعدة الفقهية والمسألة الأُصولية هو أنّ المسألة الأُصولية تقع كبرى في قياس الاستنباط بينما لا تنهض القاعدة الفقهية إلى ذلك المستوى ، بل تبقى محدودة بحدود المصاديق الجزئية القليلة. وبعبارة أُخرى : إنّ القاعدة الفقهية تعطي أحكاماً جزئية بينما تقدّم المسألة الأصولية أحكاماً كلّية.
طبيعة القواعد الفقهية :
بقي موضوع القواعد الفقهية على أهمّيته الكبرى محصوراً في كتب قليلة جدّاً ، ولعلّ أهمّها كتاب القواعد والفوائد للشّهيد الأوّل (ت ٧٨٦ هـ) والقواعد الفقهية للبجنوردي (ت ١٣٩٦ هـ). ولا يختلف الاستدلال على القواعد الفقهية عنه في الاستدلال على الجزئيّات والمصاديق الفقهية ، فالجميع يسير على نفس الاتّجاه الموصِل إلى الثمرة الحقيقية.
كتب القواعد الفقهية :
١ ـ القواعد الفقهية للبجنوردي (ت ١٣٩٦ هـ).
٢ ـ القواعد والفوائد للشّهيد الأوّل (ت ٧٨٦ هـ).
٣ ـ نضد القواعد الفقهية للمقداد السيوري (ت ٨٢٦ هـ).
١ ـ منهج القواعد الفقهية :
كتاب القواعد الفقهية للميرزا حسن الموسوي البجنوردي (ت ١٣٩٦ هـ) في سبعة مجلّدات ، هو موسوعة استدلالية في القواعد الفقهية ، شرح المصنّف فيه أربعاً وستّين قاعدة فقهية ، بحث القواعد بحثاً استدلاليّاً من
حيث انطباق الآيات والروايات والإجماع عليها ، وأجمل مفاد القواعد ومداركها وبعض التنبيهات العملية عليها. قال في مقدّمة الكتاب :
«وبعد ، فإنّي من سالف لمّا رأيت أنّ القواعد الفقهية المتفرّقة في أبواب العبادات والمعاملات والأحكام لم تجمع في كتاب مشروحاً شرحاً يذلّل صعابها ويكشف الغطاء واللثام عن معضلاتها ، فأحببتُ أن أجمعها وأشرحها لإيضاح تلك القواعد دلالة وسنداً ومورداً ، وأبيّن النسبة بينها وأعيّن الحاكم والمحكوم والوارد والمورود منها ...»(١).
نماذج من منهجه :
وفيما يلي نماذج من منهجه :
النموذج الأوّل : في قاعدة : الإسلامُ يجبُّ ما قبله. يقول المصنِّف :
«... وحاصل الكلام أنّ الأفعال أو الأقوال التي تصدر من الكافر حال كفره إن كانت يترتّب على ذلك الفعل أو القول الصادر عنه في حال كفره أثر في الإسلام يكون ضرراً عليه ـ بمعنى أنّه ذلك الفعل أو ذلك القول لو كان يصدر عنه في حال الإسلام لكان يعاقب كما أنّه لو زنى أو شرب الخمر أو قتل مسلماً وكذا في غير ما ذكر من الأفعال المحرّمة شرعاً التي على من يرتكبها عقاب من تعزير أو حدٍّ أو قصاص أو دية ـ فالإسلام يقطع ما قبله ويجعله كالعدم ـ بمعنى رفع آثاره ـ فلو سرق في حال الكفر لا يقطع يده ، أو قتل مسلماً لا يقاد ، أو زنى محصناً لا يرجم ... كلّ ذلك لأنّ الإسلام يجبُّ ما قبله ، وحيث إنّ الحديث في مقام الامتنان لابدّ وأن
__________________
(١) القواعد الفقهية ١ / ٣.
يكون للرفع وجعل الفعل والقول كالعدم بالنسبة إلى الآثار التي في رفعها امتنان»(١).
النموذج الثاني : في قاعدة : لا تعاد. يقول المصنّف :
«... لو أخلّ بالصّلاة سهواً ونسياناً فالإخلال إمّا بالزيادة أو بالنقيصة ، وكلّ واحدة منهما إمّا في الأجزاء والشرائط الركنية وإمّا في غيرها ممّا ليس بركن ، فإن كان بالنقيصة وكان من الأجزاء أو الشرائط الركنية فإمّا أن يلتفت إلى سهوه بعد الفراغ من الصّلاة واتيان المنافي فتجب عليه الإعادة قطعاً بمقتضى الأدلّة الأوّلية التي يبيّن الأجزاء والشرائط ، وبالنسبة إلى الخمسة المذكورة في المستثنى نفس عقد المستثني يدلّ على وجوب الإعادة مضافاً إلى أدلّة الأجزاء والشرائط. هذا إذا كان إلتفاته إلى جزئية المسهوّ أو شرطيّته بعد الفراغ من الصّلاة ، وأمّا إن كان التفاته في أثناء الصّلاة ، فإن لم يتجاوز محلّ المنسيّ يأتي به بعد الإلتفات وبالأجزاء التي بعده وكان قد أتى بها نسياناً ولا شيء عليه لما ذكرنا مفصّلاً ، وأمّا إن كان تجاوز المحلّ بدخوله في الركن الذي بعد المنسيِّ فيكون حاله حال الإلتفات إليه بعد الصّلاة فتجب عليه الإعادة لأنّه لا يمكن التدارك لما ذكرنا من لزوم أحد المحذورين إمّا نقص الركن وإمّا زيادته وكلاهما مبطلان»(٢).
النموذج الثالث : في قاعدة اليد. يقول المصنّف :
«... الجهة الثالثة في الدليل على اعتبارها ، وهو من وجوه :
الأوّل : الروايات ، فمنها رواية حفص بن غياث المروية في الكتب الثلاثة عن أبي عبد الله عليهالسلام وفيها : «أرأيت إذا رأيت شيئاً في يد رجل
__________________
(١) القواعد الفقهية ١ / ٣٩.
(٢) القواعد الفقهية ١ / ٩٠.
أيجوز لي أن أشهد أنّه له؟ قال عليهالسلام : نعم. فقال الرجل : أشهد أنّه في يده ولا أشهد أنّه له فلعلّه لغيره. فقال أبو عبد الله عليهالسلام : أفيحلّ الشراء منه؟ قال : نعم. فقال أبو عبد الله عليهالسلام : فلعلّه لغيره فمن أين جاز لك أن تشتريه ويصير ملكاً لك ثمّ تقول بعد الملك هو لي وتحلف عليه ولا يجوز أن تنسبه إلى من صار ملكه من قبله إليك؟! ثمّ قال أبو عبد الله عليهالسلام : لو لم يجز هذا لم يقم للمسلمين سوق.
ومنها المرويّ عن الصّادق عليهالسلام في حديث فدك : أنّ مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام قال لأبي بكر : أتحكم فينا بخلاف حكم الله تعالى في المسلمين؟! قال : لا. قال : فإن كان في يد المسلمين شيءٌ يملكونه ادّعيت أنا فيه من تسأل البيّنة؟ قال : إيّاك كنت أسأل البيّنة على ما تدّعيه على المسلمين. قال عليهالسلام : فإذا كان في يدي شيءٌ فادّعى فيه المسلمون تسألني البيّنة على ما في يدي وقد ملكته في حياة رسول الله(صلى الله عليه وآله) وبعده ولم تسأل البيّنة على ما ادّعوا عليّ كما سألتني البيّنة على ما ادّعيت عليهم ... إلى أن قال : وقد قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : البيّنة على من ادّعى واليمين على من أنكر»(١).
الاستنتاج :
١ ـ يشرح المصنّف في قاعدة الإسلامُ يجبُّ ما قبله طبيعة الرحمة والإنصاف في الإسلام ، فالإسلام لا يلزم الكافر ولا يرتّب عليه الحقوق والواجبات إلاّ بعد اعتناقه الإسلام ، وكلّ عمل جنائي أو غير أخلاقي قام به
__________________
(١) القواعد الفقهية ١ / ١٠٩ ـ ١١٠.
الإنسان قبل إسلامه لا تترتّب عليه الآثار من أحكام وقوانين.
٢ ـ تبيّن قاعدة لا تعاد الصّلاة إلاّ من خمس : الطّهور والوقت والقبلة والرّكوع والسّجود ، أنّ الإخلال بتلك الأمور الخمسة يبطل الصّلاة فلابدّ من إعادتها. ثمّ يذكر المصنّف أحكاماً أُخرى متشعّبة نلخّصها بما يلي :
١ ـ الإخلال بالصّلاة سهواً بالزّيادة في الأركان.
٢ ـ الإخلال بالصّلاة سهواً بالنّقصان في الأركان. وهنا جملة أحكام :
أ ـ يلتفت إلى سهوه بعد الفراغ من الصّلاة تجب عليه الإعادة.
ب ـ يلتفت إلى سهوه أثناء الصّلاة قبل تجاوز المحلّ يأتي به.
ج ـ يلتفت إلى سهوه أثناء الصّلاة بعد تجاوز المحلّ تجب عليه الإعادة.
٣ ـ الإخلال بالصّلاة سهواً بالزيادة ممّا ليس بركن.
٤ ـ الإخلال بالصّلاة سهواً بالنقصان ممّا ليس بركن.
٣ ـ في قاعدة اليد يذكر المصنّف روايات مؤيّدة لتلك القاعدة.
٤ ـ أُسلوب الاستدلال على القواعد الفقهية لا يختلف كثيراً عن الاستدلال عن أيِّ مسألة فقهيّة أخرى ، وكذلك تشعّب الموضوع وتشقيقاته. فالاستدلال غالباً يتمّ عن طريق الآيات الشريفة والروايات المسندة والإجماع وآراء الفقهاء ، ثمّ يحسم الفقيه في النهاية رأيه الاجتهادي في الموضوع.
٢ ـ منهج القواعد والفوائد :
كتاب القواعد والفوائد في الفقه والأصول والعربية للشّهيد الأوّل محمّد بن مكّي (ت ٧٨٦ هـ) في مجلّدين ، احتوى على ثلاثمائة وثلاثين
قاعدة إضافة إلى فوائد تقرب من مائة فائدة عدا التنبيهات والفروع استوعبت أكثر المسائل الشرعية.
ومنهج المصنّف «أنّه يورد القاعدة أو الفائدة ثمّ يبيّن ما يندرج تحتها من فروع فقهية وما قد يرد عليها من استثناءات إن كان هناك استثناء منها وهو لم يقتصر على بيان رأي الإمامية فيما يذكره من المسائل وإنّما اتّخذ المقارنة في أغلب الفروع الفقهية ، فيعرض ما قيل من الوجوه سواء كان القائل إماميّاً أم غيره. كما أنّه قد يذكر قولاً نادراً تفرّد به بعض الإماميّة أو غيرهم ممّا يدلّ على سعة إطّلاعه وإحاطته بآراء الفقهاء على اختلاف مذاهبهم ، ولا غرو في ذلك وهو القائل في إجازته لابن الخازن الحائري : «وأمّا مصنّفات العامّة ومرويّاتهم فإنّي أروي عن نحو أربعين شيخاً من علمائهم بمكّة والمدينة ودار السّلام بغداد ومصر ودمشق وبيت المقدس ومقام الخليل إبراهيم عليهالسلام»(١). كما أنّه لا يكتفي بنقل تلكم الأقوال والوجوه في المسألة الفقهية بل هو غالباً ما يذكر أدلّتها وحججها ويناقش ما لا يرتضيه منها مناقشات جليلة.
ويلاحظ أنّ المصنِّف لم يتبع في الغالب منهجاً معيّناً في ترتيب ما أورده من قواعد وفوائد ، فهو لم يفصل القواعد الفقهية عن الأصولية أو العربية ، كما أنّه لم يرتّب القواعد الفقهية منها على أبواب الفقه المشهورة ، فهو وإن كان قد جمع بعض قواعد الاجتهاد والمناكحات والجنايات ثمّ قسماً من قواعد العبادات والعقود والإرث إلاّ أنّ الطّابع العامّ له عدم الترتيب ، إذ هو في الوقت الذي يجمع قواعد المناكحات نراه يذكر في
__________________
(١) بحار الأنوار ١٠٦ / ٣٩.
مكان آخر بعض القواعد التي تتعلّق بالنّكاح ، وهكذا القول في قواعد الجنايات وباقي أبواب الفقه التي جمع قواعدها ، بالإضافة إلى كلِّ ذلك فإنّه أحياناً يكرّر القاعدة في أكثر من موضع كالكثير من قواعد السبب وبعض قواعد المناكحات وقواعد الوسائل إلى المصالح»(١).
نماذج من منهجه :
وفيما يلي نماذج من منهجه :
النموذج الأوّل : «قاعدة ٢ : المشقّة موجبة لليسر لقوله تعالى : (مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّيْنِ مِنْ حَرَج)(٢) (يُرِيْدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيْدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)(٣) ، وقول النّبيّ(صلى الله عليه وآله) : (بعثتُ بالحنفية السمحة السهلة) وقوله(صلى الله عليه وآله) : (لا ضرر ولا ضرار) بكسر الضّاد وحذف الهمزة.
وهذه القاعدة تعود إليها جميع رخص الشرع ، كأكل الميتة في المخمصة ، ومخالفة الحقِّ للتقية ـ قولاً وفعلاً لا اعتقاداً ـ عند الخوف على النّفس أو البضع أو المال أو القريب أو بعض المؤمنين كما قال الله تعالى : (لاَ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُوْنَ الْكَافِرِيْنَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُوْنِ الْمُؤْمِنِيْنَ وَمَن يَّفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِيْ شَيْء إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوْا مِنْهُمْ تُقَاةً ...)(٤) ، بل يجوز إظهار كلمة الكفر عند التقية ، والأقرب أنّه غير واجب هنا لما في قتله من إعزاز الإسلام وتوطئة عقائد العوامّ.
__________________
(١) القواعد والفوائد ـ مقدمة التحقيق : ٨ ـ ٩.
(٢) سورة الحج ٢٢ : ٧٨.
(٣) سورة البقرة ٢ : ١٨٥.
(٤) سورة آل عمران ٣ : ٢٨.
ومن هذه القاعدة : شرعية التيمّم عند خوف التلف من استعمال الماء أو الشّين أو تلف حيوانه أو ماله ...»(١).
النموذج الثاني : «قاعدة ٤٣ : المجاز لا يدخل في النصوص ـ كأسماء العدد ـ إنّما يدخل في الظواهر ، فمن أطلق العشرة وقال : أردت تسعة ، لم يقبل منه ويعدُّ مخطئاً لغة ، ومن أطلق العموم وأراد الخصوص فهو مصيب لغةً. وكلّ لفظ لا يجوز دخول المجاز فيه لا تؤثّر النية في صرفه عن موضوعه ، فلو أخبر عن طلاق زوجته ثلاثاً وقال : أردتُ اثنتين ، لم يسمع منه. ولو حلف على الأكل وقال : أردتُ الخبز ، سُمع منه»(٢).
النموذج الثالث : «قاعدة ٥٧ : النّهي في العبادات مفسد وإن كان بوصف خارج كالطّهارة بالماء المغصوب والصّلاة في المكان المغصوب ، وفي غيرها مفسد إذا كان عن نفس الماهية لا لأمر خارج ، فالبيع المشتمل على الرّبا فاسد لا يملك المساوي ولا الزائد والبيع وقت النّداء صحيح ، لأنّ النّهي في الأوّل لنفس ماهية البيع وفي الثاني لوصف خارج. وفي ذبح الأضحية والهدي بآلة مغصوبة نظر»(٣).
الاستنتاج :
١ ـ استدلّ المصنّف على قاعدة المشقّة موجبة لليسر بالآيات الشريفة ، ثمّ بنى على تلك القاعدة شرعية جميع الرخص التي رخّصها الشارع تيسيراً للمكلّفين ورحمة من الله عزّ وجلّ بالمؤمنين.
__________________
(١) القواعد والفوائد ١ / ١٢٣ ـ ١٢٤.
(٢) القواعد والفوائد ١ / ١٦١.
(٣) القواعد والفوائد ١ / ١٩٩.
٢ ـ أفتى ظاهراً بعدم وجوب التقيّة في حالات معيّنة إذا كان القتل عزّة للدين وتثبيتاً لعقائد النّاس. ولا ننسى أنّه هو أوّل من طبّق هذه الفتوى ، فمات شهيداً.
٣ ـ بيّن قاعدة تقول : إنّ المجاز لا يدخل في النصوص ، ووضعها بهذا الشكل : كلّ لفظ لا يجوز دخول المجاز فيه لا تؤثّر النية في صرفه عن موضوعه. وأعطى المصداق ، وهو أنّه لو أخبر عن طلاق زوجته ثلاثاً وزعم أنّه أراد اثنتين لم يُسمع منه.
٤ ـ أوضح في قاعدة النهي في العبادات مفسد ، أنّ البيع المشتمل على الربا يكون بيعاً فاسداً ، بينما البيع وقت أذان يوم الجمعة صحيح مع أنّه منهيٌّ عنه شرعاً ، لأنّ النهي لم يكن لماهية البيع بل جاء لوصف خارج وهو وقت الأذان.
٣ ـ منهج نضد القواعد الفقهية :
كتاب نضد القواعد الفقهية على مذهب الإمامية للمقداد بن عبد الله السيوري الحلي (ت ٨٢٦ هـ) في مجلد واحد ، مختصر يشتمل على ضوابط كلية أصولية وفرعية تستنبط منها الأحكام الشرعية. والكتاب في الأصل ألفه الشّهيد الأوّل محمّد بن مكي العاملي (ت ٧٨٦ هـ) واسمه القواعد والفوائد ثمّ قام الفاضل المقداد بنظمه وترتيبه دون زيادة على الأصل إلاّ في مسألة القسمة وضعها في آخر الكتاب. ويقع في مقدّمة وقطبين : الأوّل في القواعد العامّة وما يتفرّع عليها والثاني في العبادات. ومنهجه مبتن على الاختصار وعدم الخوض في الاستدلال أصلاً ، إلاّ أنّه يشذّ عن تلك القاعدة أحياناً.
نماذج من منهجه :
نستطيع أن نعرض منهجه من زاويتين :
الزاوية الأولى : إنّه يعرض القواعد الفقهية على الأغلب بطريقة تعريفية واضحة وخالية عن الاستدلال ، فعندما يتعلّق الأمر بموضوع الحكم يقول :
«الحكم خطاب الشرع المتعلّق بأفعال المكلّفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع ، فالإقتضاء هو الطلب إمّا للوجود مع المنع من النقيض وهو الوجوب ، أو لا معه وهو الندب ، وإمّا للعدم مع المنع من النقيض وهو التحريم ، أو لا معه وهو الكراهة. والتخيير : الإباحة. والوضع هو الحكم على الشيء بكونه سبباً أو شرطاً أو مانعاً»(١).
ثمّ يعقّب على تلك القاعدة بعنوان أسماه (هداية) فيقول :
«ظهر أنّ الخطاب إمّا تكليفي أو وضعي ، وليس بينهما منع جمع ، بل ينقسمان أقساماً :
أ ـ ما اجتمعا فيه : كالطّهارة عن الحدث والخبث وأسباب الحدث من فعل العبد ، والصّلاة فإنّها واجبة وسبب لعصمة الدّم ، وغسل الميّت واجب شرط في صحّة الصّلاة عليه ، وباقي أحكامه واجبة وسبب في سقوط الغرض عن الباقين ، والاعتكاف ندب وسبب في تحريم محرّماته ، والنكاح ندب وسبب في أشياء تأتي ، والطّلاق مكروه أو واجب وسبب في التحريم ، والرضاع مستحبّ أو واجب وسبب للتحريم ، والزّنا وأمثاله محرّمة وسبب في الحدِّ والتعزير والقصاص ، والعتق ندب وسبب للحرّية.
__________________
(١) نضد القواعد الفقهية : ٩ ، القاعدة الرابعة.
ب ـ وضعيٌّ لا غير ، كأسباب الحدث وليست من فعل العبد كالنّوم والحلم والحيض ، وأوقات الصّلاة ورؤية الهلال فإنّها أسباب محضة ، وحول الحول شرط لوجوب الزّكاة ، والحيض مانع من الصّلاة والصّوم.
وجعل بينهم ضابط هذا ما لا فعل فيه للمكلّف ، ومنه الإرث فإنّه تملّك محض بعد وقوع السبب.
ج ـ تكليفيٌّ لا غير ، كالتطوّعات فإنّها تكليف وليس فيها سببية ولا شرطية ولا مانعية ، وكذا الزّكاة والصّوم والحجّ والالتقاط بنيّة الحفظ»(١).
فهنا أراد المصنّف تبيين الحكم الشرعي (الخطاب) وتقسيمه إلى وضعيٍّ وتكليفيٍّ ، وقدّم لكلِّ قسم منهما بأمثلة عملية ، بل عرّف التكليفي بتعريفين : مرّة بالإقتضاء ومرّة بالتطوّع ، وعرّف الوضعيّ بتعريفين : مرّة الحكم على الشيء بكونه سبباً أو شرطاً أو مانعاً ومرّة بربطه بسبب الحدث كالنّوم وحول الحول شرط وجوب الزّكاة والحيض مانع من الصّلاة والصّوم.
وتلوّن التعابير لنفس الفكرة والموضوع تعكس قدرة المصنّف على تطويع العبارات بطرق بالغة الدقّة والجمال. وسعة أطراف المسألة الفقهية لا تثني الفقيه من اختصار عباراتها وتهذيب أفكارها.
الزاوية الثانية : إنّه يعرض استدلالاً مقتضباً وافياً بالغرض ، فيقول في قضاء الصّلاة :
«قاعدة : الترتيب في القضاء معتبر بين الفرائض اليومية لقوله عليهالسلام : (فليقضها كما فاتته)(٢) ، وقد فاتته مرتّبة فيجب التّرتيب عملاً بمدلول الأمر.
__________________
(١) نضد القواعد الفقهية : ١٠ ـ ١١.
(٢) التهذيب ٣/١٥٨.
هذا مع الذكر ، أمّا مع النّسيان فيحتمل سقوطه لقوله عليهالسلام : (رفع عن أمّتي الخطأ والنسيان)(١) والمراد حكمهما والمؤاخذة عليهما ، ولقوله(صلى الله عليه وآله) : (النّاس في سعة ما لم يعلموا) ، ولأنّ الزائد حرج وعسر وهو منفيٌّ بالقرآن العزيز ، ولأنّ التكليف مع عدم العلم تكليف بالمحال ، ولأصالة البراءة من الزائد ، وثبوته لتمكّنه من فعل ما وجب عليه كما وجب فيجب من باب المقدّمة ، ولأنّه لو جهل عين الفريضة صلّى اثنين أو ثلاثاً أو خمساً على اختلاف الأحوال والأقوال وكذا صفة الفائت لتساويهما في الوجوب.
وتوقّف فيه المحقّق في المعتبر وقال في توجيه السقوط : إنّه تخمين وكلفة فلا يصارُ إليه. ومراده بالتخمين أي بالنسبة إلى النيّة ، فإنّه إذا قدّم فريضة أو أخّرها لا يكون متيقّناً حال النية محلّها من الفائتة الأخرى بل بحسب الوهم»(٢).
وهنا شقّق المصنّف المسألة إلى شقّين :
الأوّل : قضاء الصّلاة الفائتة مرتّبة عند تذكّر ترتيبها كمن فاتته صلاة الفجر ثلاثة أيّام فعليه أن يصلّيها حسب ترتيب الأيّام قضاءً.
الثاني : عند نسيان الترتيب يحتمل المصنّف سقوط ذلك التكليف :
أ ـ لنفيه في القرآن الكريم ، لأنّ الزائد حرج وعسر.
ب ـ نفيه في الروايات كما في رواية الرفع ورواية النّاس في سعة.
ج ـ قاعدة أنّ التكليف مع عدم العلم تكليفٌ بالمحال.
د ـ إصالة البراءة من الزائد.
__________________
(١) الخصال ٢/١٨٤.
(٢) نضد القواعد الفقهية : ٢٤٠ ـ ٢٤١.
القواعد الفقهية :
فيما يلي جملة من القواعد الفقهية تضافر فقهاء الشيعة على استنباطها :
١ ـ قاعدة من ملك ، مدركها : من ملَكَ شيئاً ملَكَ الإقرار به.
٢ ـ قاعدة الإقرار ، مدركها : إقرار العقلاء على أنفسهم نافذ أو جائز.
٣ ـ قاعدة الإمكان ، مدركها : إنّ كلّ ما يمكن أن يكون حيضاً فهو حيض.
٤ ـ قاعدة الإسلامُ يجبُّ ما قبله ، مدركها الخبر المشهور عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) : الإسلامُ يجبُّ ما قبله.
٥ ـ قاعدة القرعة ، مدركها قوله تعالى في قصّة يونس عليهالسلام : (فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِيْنَ) ، وفي قصّة تكفّل مريم عليهاالسلام : (وَمَا كُنْتَ لَدِيْهِمْ إِذْ يُلْقُوْنَ أَقْلاَمَهُمْ أيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ).
٦ ـ قاعدة لا تعاد ، مدركها حديث : لا تعاد الصّلاة إلاّ من خمس : الطهور والوقت والقبلة والركوع والسّجود.
٧ ـ قاعدة نفي السبيل للكافرين على المسلمين ، مدركها قوله تعالى : (لَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِيْنَ عَلَى الْمُؤْمِنِيْنَ سَبِيْلاً).
٨ ـ قاعدة نفي الضرر ، مدركها الحديث النبوي الشريف : لاضرر ولا ضرار في الإسلام.
٩ ـ قاعدة اليد ، ومدركها : إنّ وضع اليد سببٌ لحصول الملكية.
١٠ ـ قاعدة نفي العسر والحرج ، مدركها قوله تعالى : (مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّيْنِ مِنْ حَرَج) ، (يُرِيْدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيْدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) ، (لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسَاً إِلاّ وُسْعَهَا).
١١ ـ قاعدة الغرور في أبواب الضّمانات ومعناها صدور فعل يوجب ضرراً بواسطة انخداعه من طرف ثالث حتّى لو لم يكن الطرف الثالث قاصداً خدعه ، مدركها الحديث النبويّ الشريف : المغرور يرجع إلى من غرّه.
١٢ ـ قاعدة أصالة الصحّة ، ومفادها البناء على صحّة فعل المسلم ظاهراً.
١٣ ـ قاعدتي الفراغ والتجاوز ، ومفادهما البناء على عدم الاعتناء بالشّكّ في بقاء العدم ، أي : عدم ترتيب الآثار الشرعية على الشّكّ.
١٤ ـ قاعدة حرمة الإعانة على الإثم والعدوان ، مدركها قوله تعالى : (وَتَعَاوَنُوْا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوْا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ).
١٥ ـ قاعدة عدم ضمان الأمين إلاّ بالتعدّي والتفريط ، مدركها رواية يُسأل فيها الإمام عليهالسلام عن الذي يستبضع المال فيهلك أو يُسرق أعلى صاحبه ضمان؟ فقال عليهالسلام : ليس عليه غرم بعد أن يكون الرّجل أميناً.
١٦ ـ قاعدة الإتلاف ، مفادها : من أتلف مال الغير بلا إذن منه فهو له ضامن ، مدركها قوله تعالى : (وَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوْا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُم).
١٧ ـ قاعدة الاشتراك ، مفادها اشتراك المكلّفين في الحكم رجالاً ونساءً إلى قيام يوم القيامة.
١٨ ـ قاعدة تلف المبيع قبل القبض ، مدركها الحديث النبويّ الشريف : كلّ مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه.
١٩ ـ قاعدة كلّ ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده ، من مداركها : قاعدة احترام مال المؤمن ، وقاعدة اليد ، وقاعدة الإقدام.
٢٠ ـ قاعدة التلف في زمان الخيار من مال من لا خيار له ، أي : من مال البائع.
٢١ ـ قاعدة حرمة أخذ الأجرة على الواجبات.
٢٢ ـ قاعدة البناء على الأكثر في الشّكّ في عدد الرّكعات ، مدركها حديث الإمام عليهالسلام : كلّما دخل عليك من الشّكّ في صلاتك فاعمل على الأكثر ، فإذا انصرفت فأتمّ ما ظننت أنّك نقصت.
٢٣ ـ قاعدة حجّيّة الظّنّ في عدد ركعات الصّلاة وأجزائها ، مدركها الحديث النبويّ الشريف : إذا شكّ أحدكم في الصّلاة فلينظر أي ذلك أحرى إلى الصواب فليبنِ عليه.
٢٤ ـ قاعدة لا شكّ لكلٍّ من الإمام والمأموم مع حفظ الآخر ، مدركها : مرسلة يونس عن الإمام الصّادق عليهالسلام : ليس على الإمام سهو إذا حفظ عليه من خلفه سهوه.
٢٥ ـ قاعدة : لاشكّ في النافلة ، مدركها حسنة البختري في قوله عليهالسلام : لا سهو في نافلة.
٢٦ ـ قاعدة لا شكّ لكثير الشكِّ ، مدركها صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إذا كثر عليك السهو فامضِ في صلاتك فإنّه يوشك أن يدعك إنّما هو من الشيطان.
٢٧ ـ قاعدة عموم حجّية البيّنة ، ومعنى البيّنة شهادة العدلين ، مدركها رواية مسعدة بن صدقة عن الإمام عليهالسلام : ... والأشياء كلّها على هذا حتّى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البيّنة.
٢٨ ـ قاعدة إقرار العقلاء على أنفسهم جائز ، مدركها مرسلة عطّار عن الإمام الصادق عليهالسلام : المؤمن أصدق على نفسه من سبعين مؤمن عليه.
٢٩ ـ قاعدة البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر ، مدركها قول النبيّ(صلى الله عليه وآله) : البيّنة على من ادّعى واليمين على من أنكر.
٣٠ ـ قاعدة كلّ مدّع يسمع قوله فعليه اليمين ، وهذه القاعدة من قواعد القضاء ، مدركها لزوم حلف المدّعي الذي يسمع قوله من دون بيّنة كما في الرّوايات.
٣١ ـ قاعدة العقود تابعة للقصود ، طالما كان العقد من الأمور القلبية فإنّ تحقّق عناوين العقد تابع لقصدها وبدون القصد لا تقع.
٣٢ ـ قاعدة انحلال العقود ، وهي انحلال العقد الواحد المتعلّق بالمركّب إلى عقود متعدّدة ، فإذا باع الدار مثلاً فالبيع يقع على جميع أجزاء تلك الدار.
٣٣ ـ قاعدة الإلزام ، وهي إلزام المخالفين بما ألزموا أنفسهم به ، مدركها قول الإمام عليهالسلام : ألزموهم بما ألزموا أنفسهم وتزوّجوهنّ ولا بأس بذلك.
٣٤ ـ قاعدة أصالة عدم تداخل الأسباب ولا المسبّبات. مثلاً إذا تكرّر منه البول والنّوم والرّيح فيجب في الافتراض ثلاثة وضوءات بموجب هذه القاعدة.
٣٥ ـ قاعدة المؤمنون عند شروطهم ، مدركها قول الإمام عليهالسلام : من اشترط شرطاً مخالفاً لكتاب الله فلا يجوز له ولا يجوز على الذي اشترط عليه ، والمسلمون عند شروطهم ممّا وافق كتاب الله.
٣٦ ـ قاعدة يحرم بالرّضاع ما يحرم بالنسب ، مدركها قوله تعالى :
(وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاّتِي أَرَضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ)(١).
٣٧ ـ قاعدة التسامح في أدلّة السنن ، مدركها قول الإمام الصّادق عليهالسلام في صحيحة هشام : من بلغه عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) شيء من الثواب فعلمه كان أجر ذلك له وإن كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) لم يقله.
٣٨ ـ قاعدة الإحسان ، مفادها : ليس على المحسن مؤاخذة فيما تسبّب عن إحسانه ، أي لا ضمان على المحسِن لفعل صدر منه ، مدركها قوله تعالى : (مَا عَلَى الْمُحْسِنِيْنَ مِن سَبِيْل)(٢).
٣٩ ـ قاعدة الفراش ، مدركها ، قوله(صلى الله عليه وآله) : الولد للفراش وللعاهر الحجر.
٤٠ ـ قاعدة وعلى اليد ما أخذت حتّى تؤدّيه ، مفادها جواز رجوع المالك إلى كلّ واحد من الأيدي المتعاقبة وجواز رجوع كلّ سابق إلى لاحقه ، مدركها قوله(صلى الله عليه وآله) : وعلى اليد ما أخذت حتّى تؤدّيه.
٤١ ـ قاعدة مشروعية عبادات الصّبيّ.
٤٢ ـ قاعدة الميسور لا يسقط بالمعسور ، من مداركها قوله تعالى : (وَللهِِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيْلاً)(٣).
٤٣ ـ قاعدة حجّيّة سوق المسلمين ، مدركها رواية حفص بن غياث عن الإمام عليهالسلام : ... لو لم يجز هذا لم يقم للمسلمين سوق.
٤٤ ـ قاعدة عدم اشتراط البلوغ في الأحكام الوضعية ، أي إنّ إتلاف الصّبي مال الغير ـ كإتلاف البالغين ـ موجب للضّمان.
__________________
(١) سورة النساء ٤ : ٢٣.
(٢) سورة التوبة ٩ : ٩٢.
(٣) سورة آل عمران ٣ : ٩٢.
٤٥ ـ قاعدة الشرط الفاسد ليس بمفسد للعقد.
٤٦ ـ قاعدة الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها ، مفادها : إنّ الوقف يجب أن يعامل بحسب ما وقّفه الواقف ، مدركها توقيعه عليهالسلام : الوقوف على حسب ما يقفها أهلها إن شاء الله.
٤٧ ـ قاعدة الصّلح جائز بين المسلمين ، مدركها قوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوْا ذَاتَ بَيْنِكُم)(١).
٤٨ ـ قاعدة التقية ، مدركها قوله تعالى : (لاَ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُوْنَ الْكَافِرِيْنَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُوْنِ الْمُؤْمِنِيْنَ وَمَن يَّفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْء إِلاّ أَنْ تَتَّقُوْا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيْر)(٢).
٤٩ ـ قاعدة أصالة اللزوم في العقود ، مفادها الالتزام بجميع العقود والمعاهدات ، مدركها قوله تعالى : (... أَوْفُوْا بِالْعُقُوْدِ)(٣).
٥٠ ـ قاعدة حرمة إبطال الأعمال التعبّديّة ، مدركها قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا أَطِيْعُوْا اللهَ وَأَطِيْعُوْا الرَّسُوْلَ وَلاَ تُبْطِلُوْا أَعْمَالَكُم)(٤).
٥١ ـ قاعدة بطلان كلِّ عقد بتعذّر الوفاء بمضمونه.
٥٢ ـ قاعدة كلّ ما يصحّ إعارته يصحّ إجارته.
٥٣ ـ قاعدة حرمة إهانة المحترمات في الدين.
٥٤ ـ قاعدة كلّ مسكر مايع بالأصالة فهو نجس ، مدركها قوله تعالى : (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ ...)(٥) ، وقوله عليهالسلام :
__________________
(١) سورة الأنفال ٨ : ١.
(٢) سورة آل عمران ٣ : ٢٨.
(٣) سورة المائدة ٥ : ١.
(٤) سورة محمّد ٤٧ : ٣٣.
(٥) سورة المائدة ٥ : ٩٠.
(كلّ مسكر خمر ، وكلّ خمر حرام) وأمّا أنّ كلَّ خمر نجس لقوله تعالى : (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ ...).
٥٥ ـ قاعدة لا رهن إلاّ مقبوضاً ومعنى الرّهن هو ما وضع عندك لينوب ما أخذ منك. مدركها قوله تعالى : (فَرِهَانٌ مَقْبُوْضَةٌ)(١).
٥٦ ـ قاعدة الزعيم غارم. ومعنى الزعيم هو المتعهّد بمال عليه أن يعطي ذلك المال للذي تعهّد له. مدركها قوله تعالى على لسان يوسف : (وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيْر وَأَنَا بِهِ زَعِيْمٌ)(٢).
٥٧ ـ قاعدة الشفعة جائزة في كلِّ شيء. وكلّ شيء أي : من حيوان أو أرض أو متاع. والشفعة هنا حقّ تملّك أحد الشريكين حصّة الآخر. مدركها حديث عن الإمام الصّادق عليهالسلام : قضى رسول الله(صلى الله عليه وآله) بالشفعة بين الشركاء في الأرضين والمساكن ....
٥٨ ـ قاعدة الوصية حقّ على كلّ مسلم ، مدركها قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرَاً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِيْنَ بِالْمَعْرُوْفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِيْنَ)(٣).
٥٩ ـ قاعدة لا ضمان على المستعير. والمستعير هو الشّخص الذي أخذ عيناً ذات منفعة كي ينتفع بها مجّاناً بلا عوض. مدركها حديث الإمام الصّادق عليهالسلام : إذا هلكت العارية عند المستعير لم يضمنه إلاّ أن يكون اشترط عليه.
٦٠ ـ قاعدة الإجارة أحد معايش العباد ، مدركها قوله تعالى :
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ٢٨٣.
(٢) سورة يوسف ١٢ : ٧١.
(٣) سورة البقرة ٢ : ١٨٠.
(وَقَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيَّ الاَْمِيْنَ)(١).
٦١ ـ قاعدة الدَّين مقضيٌّ ، مدركها حديث الإمام الصّادق عليهالسلام : كلُّ ذنب يكفّره القتل في سبيل الله إلاّ الدَّيْن لا كفّارة له إلاّ أداؤه أو يقضي صاحبه أو يعفو الذي له الحقّ.
كلمة أخيرة :
قضية العنوان والمعنون عند الفقهاء :
إنّ ترتيب العناوين الفقهية ينفعنا في تحقيق هدفين لهما أهميّة عظيمة : الأوّل اكتشاف التركيب العقلي الذي يجمع الأحكام الشرعية المتشابكة من أجل فرزها وصياغتها صياغة لغوية علمية قابلة للفهم والتطبيق ، والثاني تسهيل مهمّة الاستنباط على الفقيه بملاحظة تغير الزّمان. وقد قام فقهاؤنا الأعلام على مرّ الزّمن ومنذ عصر النّصّ بذلك الترتيب العلمي ، فصُنّفت المواضيع الفقهية على قسمين : عبادات ومعاملات ، وقُسّمت المعاملات إلى : عقود وأحكام ، والأحكام إلى : جنايات وغير جنايات. ويعتقد أنّ سلاّر (ت ٤٨٣ هـ) كان أوّل من قام بذلك ، فقد قسّم مجموع تلك المواضيع إلى أربعة وخمسين كتاباً. بينما قام المحقّق الحلّي (ت ٦٧٦ هـ) بتقسيم جديد للمواضيع الفقهية هو : العبادات ، والعقود ، والإيقاعات ، والأحكام.
قال يحيى بن سعيد (ت ٦٩٠ هـ) في مقدّمة كتابه نزهة الناظر :
__________________
(١) سورة القصص ٢٨ : ٢٦.
«قال شيخنا السعيد أبو جعفر بن محمّد بن الحسن الطّوسي قدّس الله روحه : عبادات الشرع خمس : الصّلاة والزّكاة والصّوم والحجّ والجهاد. وقال الشّيخ أبو جعفر محمّد بن عليّ الطّوسي المتأخّر [ابن حمزة] رضي الله عنه في الوسيلة : عبادات الشرع عشر. أضاف إلى هذه الخمس : غسل الجنابة والاعتكاف والعمرة والرباط. وقال الشّيخ أبو يعلى سلاّر : العبادات ستّ. أسقط الجهاد من الخمس الأولى وأضاف إليها الطهارة والاعتكاف. وقال الشّيخ أبو الصّلاح : العبادات عشر. أسقط الجهاد أيضاً من الخمس الأُول وأضاف إليها الوفاء بالنذر والعهود والوعود وبرّ الإيمان وتأدية الأمانة والخروج من الحقوق والوصايا وأحكام الجنائز والإخلال بالقبيح»(١).
ولكن الفقهاء المتأخّرين اختصروا الطريق وقاموا بتقسيم المواضيع الفقهية إلى عبادات ومعاملات باعتبار أنّ علاقة المكلّف بربّه هو الأمر الرئيسي الذي يمكن أن يميّز العبادات عن المعاملات. والمعاملات أشمل من العقود والإيقاعات والملكية والجنايات وغيرها ، فهي تشمل كلّ ما يتعامل به المكلّف مع الآخرين في المجتمع ، ويشمل ذلك الحقوق والواجبات وحلّ المنـازعات.
إنّ الذهنية الفقهية تفهم مذاق الشارع في طبيعته التكليفية ، وتفهم الإلزامات التعبّدية والأخلاقية ، وتفهم المعاملات القائمة على أساس العقود والملكية والضّمان ، وتبني على ضوء ذلك الفهم نظريّتها الفقهية.
لقد قام فقهاء الإمامية على مدى مئات السنين بمحاولات جبّارة لدراسة الأحكام الشرعية من أوامر ونواهي وتنظيم العناوين والمناهج
__________________
(١) نزهة الناظر : ٧ ـ ٨.
الفقهية التي درسناها آنفاً. وليس لنا إلاّ أن نقف وقفة إجلال وإكبار لذلك الفيض العلمي العظيم وذلك الإنتاج الغزير وتلك الشخصيّات العظيمة التي أفنت مهجها من أجل إبقاء جذوة معارف الإسلام على مذهب أهل البيت عليهمالسلام حيّة مشتعلة حتّى قيام الساعة. والحمد لله ربِّ العالمين.
المصادر
١ ـ القرآن الكريم.
٢ ـ أجوبة المسائل المهنائية : للعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف (ت ٧٢٦ هـ) ، مطبعة الخيّام ـ قم / إيران ١٤٠١ هـ.
٣ ـ إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان : للعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف بن المطهّر (ت ٧٢٦ هـ) ، جماعة المدرّسين ـ قم / إيران ١٤١٠ هـ.
٤ ـ أمالي الصدوق : للشّيخ أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه (ت ٣٨١) ، مؤسّسة الأعلمي ـ بيروت / لبنان ١٤٠٠ هـ.
٥ ـ الأمالي : للشّيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النّعمان (ت ٤١٣ هـ) ، المجلّد الثالث عشر ، المؤتمر العالمي لألفيّة الشّيخ المفيد ـ قم / إيران ١٤١٣ هـ.
٦ ـ الانتصار لما انفردت فيه الإمامية : للسيّد المرتضى عليّ بن الحسين (ت ٤٣٦ هـ) ، الشريف الرضي ـ قم / إيران ١٣٩١ هـ.
٧ ـ إيضاح الفوائد في شرح إشكالات القواعد : لفخر المحقّقين الشّيخ محمّد بن الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي (ت ٧٧١ هـ) ، المطبعة العلمية ـ قم / إيران ١٣٨٧ هـ.
٨ ـ جامع المقاصد في شرح القواعد : للشّيخ عليّ بن الحسين الكركي (ت ٩٤٠ هـ) ، تحقيق ونشر مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ـ قم / إيران ١٤٠٨ هـ.
٩ ـ الجُمل والعقود : للشّيخ الطّوسي (ت ٤٦٠ هـ) ، تحقيق : محمّد واعظ زاده الخراساني ، ضمن كتاب (رسائل الشّيخ الطّوسي) ، جامعة المدرّسين ـ قم / إيران.
١٠ ـ جوابات المسائل الميافارقيّات : للسيّد المرتضى علم الهدى عليّ بن الحسين (ت ٤٣٦ هـ) ، ـ مجمع الذخائر الإسلامية ـ قم / إيران ١٤٢٥ هـ.
١١
ـ جواهر الفقه
: لعبد
العزيز بن
البرّاج
الطّرابلسي (ت
٤٨١ هـ) ، جماعة
المدرّسين ـ
قم / إيران ١٤١١ هـ. ١٢
ـ جواهر
الكلام في شرح
شرائع
الإسلام :
للشّيخ محمّد
حسن الجواهري
(ت ١٢٦٦ هـ) ، دار
إحياء التراث
العربي ـ
بيروت / لبنان
١٩٨١م. ١٣
ـ حاشية إرشاد
الأذهان :
للشّهيد
الثاني زين
الدّين
العاملي (ت ٩٦٦ هـ)
، بوستان كتاب
ـ قم / إيران ١٤٢٨
هـ. ١٤
ـ حاشية شرائع
الإسلام :
للشّهيد
الثاني زين
الدين بن عليّ
العاملي (ت ٩٦٥ هـ)
، بوستان كتاب
ـ قم / إيران ١٤٢٢
هـ. ١٥
ـ الحاشية على
الروضة
البهية :
للشّيخ أحمد
بن محمّد مهدي
النراقي (ت ١٢٤٥ هـ)
، جماعة المدرّسين
ـ قم / إيران ١٤٢٥
هـ. ١٦
ـ الحاشية على
مدارك
الأحكام :
للمولى محمّد
باقر
البهبهاني (ت ١٢٠٥
هـ) ، مؤسّسة آل
البيت
عليهمالسلام
لإحياء
التراث ـ قم /
إيران ١٤١٩ هـ. ١٧
ـ الخلاف :
للشّيخ محمّد
بن الحسن الطّوسي
(ت ٤٦٠ هـ) ، جماعة
المدرّسين ـ
قم / إيران ١٤٠٧ هـ. ١٨
ـ الدّروس
الشرعية في
فقه الإمامية
:
للشّهيد
الأوّل محمّد
بن مكّي (ت ٧٨٦ هـ)
، جماعة
المدرّسين ـ
قم / إيران. ١٩
ـ ذكرى الشيعة
في أحكام
الشريعة :
للشّهيد
الأوّل محمّد
بن جمال
الدّين العاملي
(ت ٧٨٦ هـ) ، مؤسّسة
آل البيت
عليهمالسلام
لإحياء
التراث ـ قم /
إيران ١٤١٩ هـ. ٢٠
ـ رسائل
المحقّق
الكركي :
للشّيخ عليّ
بن الحسين
الكركي (ت ٩٤٠ هـ) ،
مكتبة المرعشي
النجفي ـ قم /
إيران ١٤٠٩ هـ. ٢١
ـ رسالة
الإشراف :
للشّيخ
المفيد محمّد
بن محمّد بن
النّعمان (ت ٤١٣
هـ) ، المجلّد
التّاسع ،
المؤتمر
العالمي
لألفيّة
الشّيخ
المفيد ـ قم /
إيران ١٤١٣ هـ. ٢٢
ـ الرسالة
السعدية :
للعلاّمة
الحلّي الحسن
بن يوسف (ت ٧٢٦ هـ)
، تحقيق : عبد
الحسين محمّد
عليّ البقّال
، مكتبة السيّد
المرعشي ـ قم /
إيران ١٤١٠ هـ.
٢٣
ـ رسالة
(أجوبة
المسائل) ضمن
كتاب (رسائل
الشّهيد
الثاني) :
لزين الدين بن
عليّ (ت ٩٦٥ هـ) ،
إحياء التراث
الإسلامي ـ قم
/ إيران ١٤٢١ هـ. ٢٤
ـ رسالة
(تحريم
الفقاع) :
للشّيخ
الطّوسي
محمّد بن
الحسن (ت ٤٦٠ هـ) ،
ضمن كتاب
(الرسائل
العشر) ،
جماعة
المدرّسين ـ
قم / إيران. ٢٥
ـ رسالة (مسألة
أُخرى في
النصِّ على
عليّ عليهالسلام) :
للشّيخ
المفيد محمّد
بن محمّد بن
النّعمان (ت ٤١٣
هـ) ، المجلّد
السابع ،
المؤتمر
العالمي لألفية
الشّيخ
المفيد ـ قم /
إيران ١٤١٣ هـ. ٢٦
ـ رسالة
(المسح على
الرجلين) :
للشّيخ
المفيد محمّد
بن محمّد بن
النّعمان (ت ٤١٣
هـ) ، المجلّد
التاسع ،
مؤتمر ألفية
الشّيخ المفيد
ـ قم / إيران ١٤١٣
هـ. ٢٧
ـ رياض
المسائل في
تحقيق
الأحكام
بالدلائل :
للسيّد عليّ
ابن السيّد
محمّد عليّ
الطباطبائي (ت
١٢٣١ هـ) ، تحقيق
مؤسّسة آل
البيت
عليهمالسلام
ـ قم / إيران ١٤١٨
هـ. ٢٨
ـ شرائع
الإسلام في
مسائل الحلال
والحرام :
للشّيخ أبو
القاسم نجم
الدين جعفر بن
الحسن المشهور
بالمحقّق
الحلّي (ت ٦٧٦ هـ) ،
دار الأضواء ـ
بيروت / لبنان ١٤٠٣
هـ. ٢٩
ـ العروة
الوثقى :
للسيّد محمّد
كاظم
الطباطبائي
اليزدي (ت ١٣٣٧ هـ) ،
مدينة العلم ـ
قم / إيران ١٤١٤ هـ. ٣٠
ـ غُنية النزوع
إلى علمي
الأصول
والفروع :
للسيّد حمزة
بن عليّ بن
زهرة الحلبي
(ت ٥٨٥ هـ) ، تحقيق :
إبراهيم
البهادري ،
مؤسّسة
الإمام الصّادق عليهالسلام
ـ قم /
إيران ١٤١٨ هـ. ٣١
ـ قواعد
الأحكام في
معرفة الحلال
والحرام :
للعلاّمة
الحلّي الحسن
بن يوسف (ت ٧٢٦ هـ)
، جماعة المدرّسين
ـ قم / إيران ١٤١٣
هـ. ٣٢
ـ القواعد
الفقهية :
للميرزا حسن
الموسوي
البجنوردي (ت
هـ) ، إسماعيليان
ـ قم / إيران ١٤١٣
هـ.
٣٣
ـ القواعد
والفوائد في
الفقه
والأصول
والعربية :
للشّهيد
الأوّل محمّد
بن مكّي (ت ٧٨٦ هـ)
، تحقيق : السيّد
عبد الهادي
الحكيم مكتبة المفيد
ـ قم / إيران. ٣٤
ـ كتاب
السرائر
الحاوي
لتحرير
الفتاوي :
لأبي جعفر
محمّد بن
منصور بن أحمد
بن إدريس الحلّي
(ت ٥٩٨ هـ) ، جماعة
المدرّسين ـ
قم / إيران ١٤١٠ هـ. ٣٥
ـ كشف اللثام
عن قواعد
الأحكام :
للشّيخ محمّد
بن الحسن
الأصفهاني
المعروف بالفاضل
الهندي (ت ١١٣٧ هـ)
، جماعة
المدرّسين ـ
قم / إيران ١٤١٦ هـ. ٣٦
ـ اللمعة
الدمشقية :
للشّهيد
الأوّل محمّد
بن جمال الدين
بن مكّي العاملي
(ت ٧٨٦ هـ) ، ضمن
موسوعة
الينابيع
الفقهية ،
الدار
الإسلامية ـ
بيروت / لبنان
١٩٩٠م. ٣٧
ـ المبسوط في
فقه الإمامية
:
للشّيخ أبو
جعفر محمّد بن
الحسن
الطّوسي (ت ٤٦٠ هـ)
، المطبعة
الحيدرية ـ
طهران / إيران ١٣٨٧
هـ. ٣٨
ـ مجمع
الفائدة
والبرهان في
شرح إرشاد
الأذهان :
للمولى أحمد
الأردبيلي (ت ٩٩٣
هـ) ، جماعة
المدرّسين ـ
قم / إيران ١٤٠٢ هـ. ٣٩
ـ المختصر
النافع في فقه
الإمامية :
للمحقّق
الحلّي نجم الدين
جعفر بن الحسن
(ت ٦٧٦ هـ) ، دار
الكتاب
العربي ـ
القاهرة / مصر. ٤٠
ـ المسائل
العكبرية :
للشّيخ
المفيد محمّد
بن محمّد بن
النّعمان (ت ٤١٣
هـ) ، المجلّد
السّادس ،
المؤتمر
العالمي لألفيّة
الشّيخ
المفيد ـ قم /
إيران ١٤١٣ هـ. ٤١
ـ مسالك
الأفهام إلى
تنقيح شرائع
الإسلام :
للشّهيد
الثاني زين
الدين بن عليّ
العاملي (ت ٩٦٥ هـ)
، مؤسّسة
المعارف
الإسلامية ـ
قم / إيران ١٤١٣ هـ. ٤٢
ـ مصباح
الفقيه :
للشّيخ رضا بن
محمّد هادي
الهمداني (ت ١٣٢٢
هـ) ، المؤسّسة
الجعفرية
لإحياء
التراث ـ قم /
إيران ١٤١٧ هـ. ٤٣
ـ مفتاح
الكرامة في شرح
قواعد
العلاّمة :
للسيّد محمّد
جواد العاملي
(ت ١٢٢٦ هـ) ، دار
التراث ـ
بيروت / لبنان ١٤١٧
هـ.
٤٤
ـ المقنعة :
للشّيخ
المفيد محمّد
بن محمّد بن
النعمان (ت ٤١٣ هـ)
، جماعة
المدرّسين ـ
قم / إيران ١٤١٠ هـ. ٤٥
ـ المكاسب :
للشّيخ مرتضى
الأنصاري (ت ١٢٨١
هـ) ، المؤتمر
العالمي
بمناسبة
الذكرى
المئوية الثانية
لميلاد
الشّيخ
الأنصاري ـ قم
/ إيران ١٤١٥ هـ. ٤٦
ـ منتهى
المطلب :
للعلاّمة
الحلّي (ت ٧٢٦ هـ) ،
تحقيق : مجمع
البحوث الإسلامية
ـ مشهد / إيران ١٤١٢
هـ. ٤٧
ـ المهذّب في
الفقه :
للقاضي عبد
العزيز بن
البرّاج
الطرابلسي (ت ٤٨١
هـ) ، جماعة
المدرّسين ـ
قم / إيران ١٤٠٦ هـ. ٤٨
ـ الناصريّات
:
للسيّد
الشريف
المرتضى علم
الهدى عليّ بن
الحسين بن
موسى (ت ٤٣٦ هـ) ،
مركز البحوث
والدراسات العلمية
ـ طهران /
إيران ١٤١٧ هـ. ٤٩
ـ نزهة الناظر
في الجمع بين
الأشباه
والنظائر :
ليحيى بن سعيد
الحلّي (ت ٦٩٠ هـ) ،
مطبعة الآداب
ـ النجف /
العراق ١٣٨٦ هـ. ٥٠
ـ نضد القواعد
الفقهية على
مذهب
الإمامية :
للمقداد بن
عبد الله
السيوري
الحلّي (ت ٨٢٦ هـ) ،
مكتبة
المرعشي
النجفي ـ قم /
إيران ١٤٠٣ هـ. ٥١
ـ النهاية في
مجرّد الفقه
والفتاوى :
للشّيخ أبو
جعفر محمّد بن
الحسن
الطّوسي (ت ٤٦٠ هـ)
، دار الكتاب
العربي ـ بيروت
/ لبنان ١٩٧٠م. ٥٢
ـ الوسيلة إلى
نيل الفضيلة :
للشّيخ محمّد
بن عليّ
الطّوسي
المعروف بابن حمزة
(من أعلام
القرن
السّادس) ،
مكتبة المرعشي
النجفي ـ قم /
إيران ١٤٠٨ هـ. ٥٣
ـ وسيلة
النجاة :
للسيّد أبو
الحسن الموسوي
الإصفهاني (ت ١٣٦٥
هـ) ، دار
التّعارف ـ بيروت
/ لبنان ١٩٧٧م. ٥٤
ـ وسيلة
النجاة :
للميرزا
محمّد حسين
الغروي
النائيني (ت
هـ) ، المطبعة
العلوية ـ
النجف /
العراق ١٣٤٢ هـ.
|
مدرسة الحلّة وتراجم علمائها من النشوء إلى القمّة (٥٠٠ ـ ٩٥٠ هـ) (٩) |
|
السـيّد حيدر وتوت الحسيني
لقد تعرضنا في الأعداد السابقة إلى تأريخ تأسيس مدينة الحلّة ، والنهضة العلمية والأسر والبيوت العلمية فيها ، وتأثّر مدرسة الحلّة بالمدارس في المدن الإسلامية الأخرى ، وتطرقنا إلى العلوم الإسلامية التي كانت محل اهتمام مدرسة الحلّة ، واستعرضنا الحركة العلمية وعلماء الحلّة منذ تأسيس المدينة في القرن السادس الهجري ، ونستأنف البحث هنا في مدرسة الحلّة في القرن التاسع الهجري ...
٢٠٠ ـ الشيخ محمّـد بن شجاع الحلّي.
هو الفقيه العالم والفاضل الكامل الشيخ شمس الدين محمّـد بن شجاع القطّان الأنصاري الحلّي. ذكره السيّد محمّـد مهدي بحر العلوم في كتابه الفوائد الرجالية(١) قائلاً :
«محمّـد بن شجاع القطّان ، الظاهر أنّه مؤلّف كتاب معالم الدين في
__________________
(١) الفوائد الرجالية ٣/٢٧٨.
فقه آل يس ، وقد تكرّر ذكره في الإجازات ، وهو يروي عن المقداد بن عبد الله السيوري عن الشهيد. وفي إجازة الشهيد الثاني للشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي والد الشيخ البهائي : وعن الشيخ شمس الدين ابن داود ، عن السيّد الأجلّ المحقّق علي بن دقماق الحسيني ، عن الشيخ الفاضل شمس الدين محمّـد بن شجاع القطّان ، عن الشيخ المحقّق أبي عبد الله المقداد بن عبد الله السيوري الحلّي الأسدي ...».
وذكره صاحب أمل الآمل(١) قائلاً :
«الشيخ شمس الدين محمّـد بن شجاع القطّان ، فاضل ، صالح ، يروي عن المقداد بن عبد الله السيوري».
وجاء في الكنى والألقاب(٢) للشيخ عبّاس القمّي :
«... وقد يطلق على ابن القطّان الذي تقدّم ذكره في علماء الإمامية ، وهو الشيخ شمس الدين محمّـد بن شجاع القطّان الأنصاري الحلّي العالم الكامل صاحب كتاب معالم الدين في فقه آل يس عليهمالسلام المنقولة فتاواه في كتب العلماء ، يروي عن الفاضل المقداد عن الشهيد رحمه الله ، ويروي الشيخ الأجلّ علي بن عبد العالي الميسي عن الشيخ محمّـد بن داود الجزيني عن السيّد الأجلّ علي بن دقماق عنه رحمه الله».
__________________
(١) أمل الآمل ٢/٢٧٥.
(٢) الكنى والألقاب ١/٣٩٠.
شيوخه وتلامذته :
واشهر شيوخه الشيخ المقداد بن عبد الله السيوري ، أمّا من يروي عنه من تلامذته فهو السيّد الأجلّ علي بن دقماق الحسيني.
وفاته :
لا يوجد تاريخ لوفاته قدسسره إلاّ أنّه يعتبر من أعلام القرن التاسع الهجري ، والله سبحانه العالم.
٢٠١ ـ الشيخ محمّـد بن صالح الغروي.
جاء في كتاب فقهاء الفيحاء(١) وفي ذيل ترجمة الشيخ أبي القاسم الرافضي الفقيه ونقلاً عن كتاب نشر الخزامي المخطوط ما نصّه :
«الشيخ محمّـد بن صالح الغروي الحلّي ، كان شيخاً صالحاً وفقيهاً فاضلاً ، أجازه الفقيه الشيخ محمّـد بن علي الأحسائي سنة ٨٩٨ هـ ، وله تصانيف جليلة ...».
٢٠٢ ـ الشيخ محمّـد بن عوّاد الهيكلي.
جاء في سلافة العصر(٢) للسيّد علي صدر الدين المدني :
«الشيخ جمال الدين محمّـد بن عوّاد الحلّي الشهير بالهيكلي ، شاعر متقعّر في الكلام يقرع السمع من حواشي ألفاظه مايربي على قوارع الملام ، دخل الديار الهندية فمدح عظماءها بمدايح نال بجوائزها المنى والمنايح ... من شعره في المديح :
__________________
(١) فقهاء الفيحاء ١/١٧٢.
(٢) سلافة العصر : ٥٥٨.
|
سريت من الفيحاء فوق عرندس |
|
قطعت به النخباء والوهد والقلل |
|
لأحظى بعزٍّ بعد ذلٍّ بربعه |
|
ولا أختشي إن جار دهري أو عدل |
|
ولمّا جرى مجرى الخشاش أجبته |
|
أيا جملي لا تخشى بأساً وجيهل |
|
فخبَّ سريعاً في الهواجر راقصاً |
|
وكم مهمه في دلجة الليل قد عسل |
|
إلى أن نزلنا في حماه وربعه |
|
أجلّ حمىً فيه أخو أمل نزل |
|
ففاضت علينا من عطاياه أنعمٌ |
|
همى غيثُها بالتبر لا القطر إذ همل ..» |
قال الشيخ يوسف كركوش(١) بعد ترجمته معقّباً :
«يحتمل أنّه منسوب إلى الشيخ علي بن فضل بن هيكل الحلّي الذي كان من تلامذة ابن فهد الحلّي».
٢٠٣ ـ السيّد محمّـد بن فلاح المشعشع.
هو السيّد محمّـد ابن السيّد فلاح بن هبة الله الموسوي من تلامذة الشيخ الزاهد أحمد بن فهد الحلّي قدسسره والمنحرف عنه والمظهر للبدع والشعوذة. جاء في كتاب الذريعة(٢) لآغا بزرك الطهراني ما نصّه :
«كلام المهدي للسيّد محمّـد بن فلاح المشعشعي المتوفّى ٨٧٠ هـ الذي كان شيعيّاً في أوّل أمره وتلميذ أحمد بن فهد ولمّا أظهر البدع تبرّأ منه الشيخ وأمر بقتله ، لكنّه تخلّص من القتل وادّعى المهدوية ، ولذا سمّى كتابه المشحون من الخرافات بـ : كلام المهدي».
__________________
(١) تاريخ الحلّة ٢/١١١.
(٢) الذريعة ١٨/١١١.
وجاء في تاريخ الحلّة(١) :
«هو السيّد محمّـد ابن السيّد فلاح ابن السيّد هبة الله ابن السيّد حسين ابن السيّد علي المرتضى ابن السيّد عبد الحميد النسّابة ، ينتهي نسبه إلى الإمام موسى الكاظم عليهالسلام ، ولكن اختلف النسّابون في عمود نسبه إلى الإمام موسى الكاظم عليهالسلام. واختلف في مسقط رأسه ، قيل : في مشهد موسى الكاظم ، وقيل : في واسط. توفّي والده وهو صغير. وتزوّج الشيخ أحمد بن فهد الحلّي باُمِّه ، فربّاه أحسن تربية ، ولمّا شبّ أدخله مدرسته الزينية وأخذ يدرّسه العلوم والمعارف ، درس السيّد محمّـد على أُستاذه ابن فهد المنقول والمعقول وخصوصاً فلسفة الإشراق ، فأخذ يروّض نفسه حسب تعاليم الصوفية ، واعتكف في مسجد الكوفة سنة طلباً للخلوة ثمّ ادّعى حصول الكشف له وأخذ يتفوّه بأشياء مدّعياً أنّها حصلت له عن طريق الإشراق ، فأنكر عليه أُستاذه الشيخ أحمد لمّا لم ينته كفره وأمر بنبذه كان قد احتمى بخفاجة بسبب استيلائه على كتاب للشيخ أحمد بن فهد كان ابن فهد يحرص على إتلافه لاشتماله على أمور سحرية وغيرها ، فخدع السيّد محمّـد خادمة الشيخ ابن فهد وأخذه ، ولمّا علم الشيخ ابن فهد بحقيقة الحال طلبه منه فمنعت خفاجة الرسول عنه. قال يوسف كركوش حاكياً عن كتاب تحفة الأزهار لابن شدقم أنّه استولى على جميع الأهواز من شاطىء الفرات إلى الحلّة ، وكانت جنوده خمسمائة لا يعمل فيهم السلاح ولا غيره لاستعمالهم بعض الأسماء ...».
__________________
(١) تاريخ الحلّة ٢/٩٨.
أقول :
من المدهش والعجيب أن يتطرّق أصحاب التراجم لذكر هذا السيّد واعتباره أحد علماء الشيعة أو من أعلام القرن التاسع الهجري وهو في حقيقة حاله رجل منحرف مشعوذ ساحر حارب العلم وأظهر البدع والخرافات وادّعى المهدوية ليستغلّ كلّ ذلك من أجل السلطة والنفوذ!! لذا فليس جديراً به أن يذكر ضمن العلماء والأعلام الكبار لما كان عليه من الصفات السيّئة ولانحرافه عن الدين والعقيدة ، والله سبحانه العالم.
٢٠٤ ـ الشيخ المقداد بن عبد الله السيوري.
هو الفقيه الفاضل والعالم العامل الكامل صدر العلماء وشيخ الفقهاء أبو عبد الله شرف الدين المقداد بن عبد الله بن محمّـد السيوري الحلّي الأسدي المشهدي النجفي. قال عنه صاحب أمل الآمل(١) :
«الشيخ جمال الدين المقداد بن عبد الله بن محمّـد بن الحسين بن محمّـد السيوري الحلّي الأسدي ، كان عالماً فاضلاً متكلّماً ، محقِّقاً مدقِّقاً ، له الكتب ...».
وذكره الشيخ يوسف البحراني في لؤلؤة البحرين(٢) قائلاً :
«الشيخ المقداد بن عبد الله بن محمّـد بن الحسين بن محمّـد السيوري الحلّي الأسدي ، وكان عالماً فاضلاً متكلّماً ، له كتب ، منها ...».
وقال الخونساري في روضات الجنّات(٣) :
__________________
(١) أمل الآمل ٢/٣٢٥.
(٢) لؤلؤة البحرين : ١٧٢.
(٣) روضات الجنّات ٧/١٧١.
«الشيخ مقداد بن عبد الله بن محمّـد بن الحسين بن محمّـد السيوري الحلّي الأسدي ، كان عالماً فاضلاً متكلّماً محقّقاً مدقّقاً ، له كتب ، منها ... إلى قوله : وأقول : هو الذي يُعبَّر عنه في فقهيّات متأخّري أصحابنا بالفاضل السيوري ، وينقل عن كتابه في آيات الأحكام كثيراً ، وكنيته أبو عبد الله ، وفي بعض المواضع صفته أيضاً بالغروي نزلاً ، وكأنّه كان من جملة متوطّني ذلك المشهد المقدّس حيّاً وميّتاً».
وقال العلاّمة السيّد محمّـد صادق بحر العلوم في تعليقته على كتاب لؤلؤة البحرين(١) وكتاب روضات الجنّات(٢) عند ذكر الشيخ المقداد السيوري ونقلاً عن الشيخ حسن بن راشد الحلّي تلميذ المقداد ما هذا لفظه :
«توفّي شيخنا الإمام العلاّمة الأعظم أبو عبد الله المقداد بن عبد الله السيوري نظّر الله وجهه بالمشهد المقدّس الغروي على مشرّفه أفضل الصلوات وأكمل التحيّات ضاحي نهار الأحد السادس والعشرين من شهر جمادى الآخرة سنة ٨٢٦ هـ ، ودفن بمقابر المشهد المذكور ، وكان بيّض الله غرّته رجلاً جميلاً من الرجال جهوري الصوت ذرب اللسان مفوّهاً في المقال متفنّناً في علوم كثيرة فقيهاً متكلّماً أُصوليّاً نحويّاً منطقيّاً ، صنّف وأجاد ، صنّف في الفقه كنز العرفان في فقه القرآن ...».
وجاء في الكنى والألقاب(٣) للقمّي :
«...ويقال له أيضاً : الفاضل المقداد ، هو الشيخ الأجلّ أبو عبد الله
__________________
(١) لؤلؤة البحرين : ١٧٣.
(٢) روضات الجنّات ٧/١٧٥.
(٣) الكنى والألقاب ٣/٧.
المقداد بن عبد الله بن محمّـد الحسين بن محمّـد السيوري الحلّي الأسدي الغروي ، كان عالماً فاضلاً فقيهاً محقّقاً مدقّقاً ، له كتب ، منها ...».
شيوخه :
ومن أشهرهم الشهيد الأوّل الشيخ محمّـد بن مكّي العاملي صاحب كتاب اللمعة الدمشقية.
تلامذته :
من أشهرهم :
١ ـ الشيخ الأديب الحسن بن راشد الحلّي.
٢ ـ الشيخ الفقيه محمّـد بن شجاع القطّان الأنصاري الحلّي.
٣ ـ الشيخ زين الدين علي بن الحسن بن العلالا ، وإجازته له في ثاني جمادى الآخر سنة ٨٢٢ هـ.
٤ ـ ذكر الخونساري في روضات الجنّات أنّ الشيخ علي بن هلال الجزائري ممّن يروي بالسند العالي عن الشيخ مقداد السيوري عن الشهيد.
مؤلّفاته :
١ ـ كتاب شرح نهج المسترشدين في أُصول الدين.
٢ ـ كتاب كنز العرفان في فقه القرآن.
٣ ـ كتاب التنقيح الرائع في شرح مختصر الشرائع.
٤ ـ شرح الباب الحادي عشر.
٥ ـ شرح مبادىء الاُصول.
٦ ـ شرح ألفية ابن مالك.
٧ ـ كتاب تجويد البراعة في شرح تجريد البلاغة ، وهو في علم المعاني والبديع.
٨ ـ كتاب نضد القواعد الفقهية على مذهب الإمامية ، وهو ترتيب كتاب القواعد في الفقه والاُصول لشيخه الشهيد الأوّل.
٩ ـ كتاب اللوامع الإلهية في المباحث الكلامية.
١٠ ـ كتاب شرح فصول الخواجة نصير الدين الطوسي.
١١ ـ كتاب مهج السداد في شرح واجب الاعتقاد ، للعلاّمة الحلّي.
١٢ ـ كتاب التنقيح ، في الفقه الاستدلالي.
وفاته :
توفّي رضوان الله عليه في السادس والعشرين من شهر جمادى الآخرة سنة ٨٢٦ هـ ، ودفن في مقابر المشهد العلوي المقدّس ، وهو ما ذكره الشيخ الحسن بن راشد الحلّي تلميذ المقداد السيوري ، والله سبحانه العالم.
٢٠٥ ـ الشيخ مغامس بن داغر الحلّي.
هو الأديب اللامع والشاعر المبدع البارع الشيخ مغامس بن داغر البحراني الحلّي. ذكره الشيخ يوسف كركوش في تاريخ الحلّة(١) قائلاً :
«هو مهاجر إلى الحلّة من إحدى العشائر العربية القاطنة ضواحي الحلّة كما في الحصون المنيعة ، ويعبِّر عنه الشيخ عبد الوهّاب ابن الشيخ محمّـد علي الطريحي في مؤلّف له كتبه بالحلّة سنة ١٠٧٦ هـ ـ وهو في المراثي والمدائح لأهل البيت عليهمالسلام ـ بالبحراني ، وعلى هذا يكون أصله من البحرين وقد هاجر إلى الحلّة في عهد الشيخ أحمد بن فهد لطلب المعرفة والأدب ... إلى قوله : يتّصف شعره بطول النفس وبداعة النظامة وحلاوة الإنسجام ...».
من شعره :
|
أتطيب دنياً بعد شيب قذال |
|
وتذكر أيّاماً مضت وليالي |
|
أما كان في شيب القذال هداية |
|
فيهديك نور الشيب بعد ضلال |
|
أتأمل في دار الغرور إقامةً |
|
لأنت حريص في طلاب المحال |
|
تمسّكت منها بالأماني كمثل من |
|
تمسّك من نوم بطيف خيال |
|
فيا سوءتا إن حان حيني وهذه |
|
سبيلي ولم أحذر قبيح فعالي .. |
وذكر له الشيخ الطريحي في المنتخب(٢) عدّة قصائد ، منها :
|
ولي أُسوةٌ فيها بآل محمّـد |
|
بني خير مبعوث وأكرم آل |
__________________
(١) تاريخ الحلّة ٢/١٠٠.
(٢) المنتخب ٢/٧٦.
|
تقسّمهم ريب المنون فأصبحوا |
|
عباديد أشتاتاً بكلّ محال |
|
فبين شريد ترتمي غربة النوى |
|
به بين غيطان وبين جبال |
|
وبين صليب ماثل فوق جدعه |
|
تهبّ عليه من صبىً وشمال |
|
وبين دفين وهو حيٌّ ومختف |
|
يراقب خوفاً من وقوع نكال |
|
وبين سميم قد سرى في عظامه |
|
من السمِّ قتَّال بغير قتال |
|
فيا ليت شعري من أنوح ومن له |
|
أروح وما قلبي عليه بسال |
|
أأشجو عليّاً حين عمَّم رأسهُ |
|
بمنصلت ذي رونق وصقال |
|
له أم لبنت المصطفى بعد ما مضى |
|
قضت لم تفز من إرثها بخلال |
|
أم الحسن الزاكي سقته جعيدة |
|
قضى بين أنصار له وموال |
|
وإنّ حنيني للشهيد بكربلا |
|
لباق فلا يقضى له بزوال .. |
وفاته :
لم أعثر على تاريخ ولادته أو وفاته إلاّ أنّه كان معاصراً للشيخ ابن فهد الحلّي ، رضوان الله عليهم.
٢٠٦ ـ السيّد نعمة الله الحلّي.
جاء في كتاب طرائف المقال في معرفة طبقات الرجال(١) :
«المولى شمس الدين محمّـد بن الحسن الاسترآبادي والسيّد أمير الدين نعمة الله الحلّي كلاهما من تلامذة الشيخ إبراهيم القطيفي ، وللأوّل منهما منه الإجازة».
__________________
(١) طرائف المقال ١/٨٧.
وذكره الخونساري في روضات الجنّات(١) في ذيل ترجمة الشيخ علي الكركي قائلاً عنه :
«كان من تلاميذ الشيخ علي الكركي ثمّ رجع عنه واتصل بالشيخ إبراهيم القطيفي الذي كان بينه وبين شيخنا المذكور مناقضة ومنافرة ...».
أقول :
يتبيّن ممّا ذكر أنّه كان معاصراً للشيخ إبراهيم القطيفي وأحد تلامذته المنحازين إليه ، ولم يذكر لنا المؤرخون وأصحاب التراجم شيئاً عن حياته وسيرته وتاريخ ولادته أو وفاته ، والله سبحانه العالم.
٢٠٧ ـ السيّد أبو الغنائم الحلّي.
جاء في كتاب سلافة العصر(٢) للسيّد علي المدني :
«فرع من ذوائب عبد مناف ودوحة علم مخضرّة الأكناف ، له في منهل الفضل إيراد وإصدار ومورد لم يشب صفوه للنقص أكدار ، وكان دخل الهند فخدم ملكها أكبر شاه وليس من برود الجاه ما طرّزه العزّ ووشاه ، ولم يزل في خدمته محمود الجناب راسخ الأوتاد مشدود الأطناب حتّى وسوس الشيطان للسلطان فادّعى الربوبية في تلك الأوطان ، واستكبر واستعلى وقال : أنا ربُّكم الأعلى ، وزعم أنّ كلّ من أذّن وكبّر إنّما يعنيه بقوله : الله أكبر ، فأكبر السيّد هذه المقالة واستقاله من خدمته فأقاله ، فانفصل عنه غيرة
__________________
(١) روضات الجنّات ٤/٣٧٠ رقم ٤١٤.
(٢) سلافة العصر : ٥٤٥.
على الإسلام وأنفة لشريعة جدّه عليه الصلاة والسلام ، وقد وقفت له على أبيات هي في سور البلاغة آيات ، وهي :
|
أنا الذي شهدت بالمعجزات له |
|
أقلامه وحروف الخطِّ والنقطُ |
|
أخذت في كلِّ فنٍّ من عجائبه |
|
حتّى تعجّب منّي الفنُّ والنمطُ |
|
يسطو على البحر سطر من تموّجه |
|
للناظرين وبدر ليس يلتقطُ |
|
يفوح زهر حديثي عن شذا أدبي |
|
كما يفوح بريّا عطره السفطُ |
|
لكنّكم معشر لادّر درّهم |
|
سيّان عندهم التصحيح والغلطُ |
|
خابت قوافل آمالي بساحتكم |
|
كما يخيب برأس الأقرع المشطُ» |
الخاتمة المفتوحة
لابدّ لنا في خاتمة بحثنا المتواضع هذا والذي تناول فترة زمنية محدّدة من تاريخ الحلّة الفيحاء (٥٠٠ ـ ٩٥٠ هـ) وهي نشوؤها وتطوّر الحركة العلمية فيها وبلوغها أعلى مراتب الإزدهار والعطاء الفكري أن نشير ولو بشكل بسيط إلى العصور الزمنية الاُخرى التي أعقبت تلك الفترة المزدهرة والتي تراجع فيها ذلك الإزدهار وتدهورت حركتها العلمية وهبط نشاطها الفكري وأصبحت في ركود نسبي وليس كلياً بسبب التغيّرات السياسية للبلاد والتي مرّت بها المدينة وخصوصاً خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر ولم يكن فيهما إلاّ ومضات مضيئة تمثّلت بظهور بعض العلماء والاُدباء على فترات متباعدة حالت دون اندثار صورة العلم فيها
وكانت دافعاً مهمّاً ساعد في بروز حركة أدبية وعلمية جديدة حاولت النهوض ثانية في أرض الفيحاء ، وقد بدأت هذه الحركة أواخر القرن الثاني عشر واستمرّت في تزايد خلال القرن الثالث عشر وأوائل القرن الرابع ، وكان ظهور هذه النهضة الجديدة مقترناً بعدد من العوائل الحلّية المتميّزة بالعلم والأدب والتي كان لرجالها دور متميز وأساسي في هذه النهضة.
يقول الشيخ يوسف كركوش في تاريخ الحلّة(١) :
«بعد أن ركدت الروح العلمية والأدبية في الحلّة خلال ثلاثة قرون تقريباً ظهرت بوادر نهضة أدبية في الحلّة في أواخر القرن الثاني عشر ، وأخذت تشتدّ وتنمو طيلة القرن الثالث عشر الهجري وأوائل القرن الرابع عشر الهجري ، نشأ في هذا الدور أُدباء وشعراء لا يشقّ لهم غبار ، وبلغوا الغاية في الشعر والأدب ... إلى قوله : ويمكن أن نعتبر ظهور الاُسرتين الأدبيّتين في الحلّة وهما أُسرة آل النحوي وأُسرة آل السيّد سلمان (آل شهاب) نواة هذه النهضة الأدبية ، إذ إنّهما أذكيتا روح هذه النهضة ، وممّا زاد في استعارها ظهور الاُسرة القزوينية في النصف الثاني من القرن الثالث عشر ...».
أقول :
لا يمكن وبأيّ حال من الأحوال إنكار أو تجاهل الدور الأساسي والكبير لتلك الاُسر الثلاثة المتميّزة في نشوء النهضة الفكرية الثانية في
__________________
(١) تاريخ الحلّة ٢/١٣٤.
الحلّة وما بذلته من جهود جبّارة لإنعاش نشاطها العلمي والأدبي ، إلاّ أنّه يمكننا القول أيضاً : إنّ هناك العديد من الاُسر والبيوت الحلّية التي عاصرت تلك الاُسر العلمية الثلاثة وشاركت في نموّ وتطوّر هذه النهضة والتي تجسّدت برجال بعض البيوت الحلّية الشريفة والتي ورد ذكرها في كتب التاريخ والتراجم ، وللإشارة إلى هذا الموضوع نذكر ما جاء في كتاب البابليّات(١) عند ترجمة مؤلّفها الشيخ محمّـد علي اليعقوبي والحديث عن نشأته العلمية والأدبية في مدينة الحلّة قائلاً :
«وبنتيجة توجيه أبيه وتشجيع السيّد القزويني له ازدادت رغبته في الأدب ، فأخذ يختلف إلى محافل العلماء وأندية الاُدباء ـ وما أكثرها يؤمئذ في الفيحاء ـ ونذكر منها على سبيل المثال ندوة آل سيّد سلمان والشيخ محمود سماكة والسيّد علي ابن السيّد شناوة وتوت والسيّد رضا بن أبي القاسم والسيّد حسن القزويني ، فكانت تلك الندوات أشبه بالمدارس الأدبية والمعاهد الثقافية ، فصقلت مواهبه وساعدت على حسن انصرافه للأدب ...».
وختاماً لابدّ لنا هنا من التعريف بأهمّ وأشهر الاُسر الحلّية التي ساهمت في نموّ النهضة الأدبية الثانية في الحلّة مع ذكر بعض أعلامها ، وهي :
١ ـ أُسرة آل النحوي ، ومنهم الشيخ أحمد ابن الشيخ حسن
__________________
(١) البابليّات ٣/٢١٩.
النحوي(١).
٢ ـ أُسرة آل سماكة الحلّي ، ومن أعلامهم(٢) الشيخ محمود سماكة وولداه العالمان الفاضلان الشيخ محمّـد والشيخ علي آل سماكة الحلّي.
٣ ـ السادة آل كمال الدين ، ومن أعلامهم السيّد جعفر(٣) الحلّي الشاعر العالم ، وكذلك السيّد العلاّمة حمد كمال الدين ، وغيرهم.
٤ ـ آل السيّد سلمان ، ومن أعلامهم الشاعر الكبير السيّد حيدر الحلّي ، والسيّد مهدي الحلّي ، وغيرهم كثير.
٥ ـ السادة آل وتوت الحسينيون ، ومن أعلامهم العلاّمة الفقيه السيّد علي السيّد عبّاس شناوة وتوت(٤) ، وولده العلاّمة المجتهد السيّد محمّـد تقي وتوت ، وغيرهم.
٦ ـ السادة آل القزويني تلك الاُسرة العلوية العريقة المتخمة بالأعلام ، وأبرزهم جدّهم المجتهد الكبير السيّد مهدي(٥) القزويني الحلّي وأولاده الكرام رضوان الله عليهم.
وغيرهم من البيوت والاُسر التي أنجبت الكثير من رجال الفكر والأدب ، ويبقى الأمل دوماً في أبناء هذه المدينة المباركة في أن يكونوا
__________________
(١) معارف الرجال ١/٥٦.
(٢) معارف الرجال ٢/٣٩٢.
(٣) معارف الرجال ١/١٧١.
(٤) معارف الرجال ٢/١٣٢.
(٥) معارف الرجال ٣/١١٠.
روافد علمية وأدبية متدفّقة تساهم في نشر العلم والمعرفة وبناء مجتمع متكامل يسوده الخير وتسمو فيه الفضيلة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين وأفضل الصلاة والسلام على سيّد الأنام محمَّـد وعلى آله الطيّبين الطاهرين الكرام.
المصادر
١ ـ خير المصادر وأشرفها : القرآن الكريم.
٢ ـ الإجازات العلمية عند المسلمين ، فيّاض : الدكتور عبد الله ، مطبعة الإرشاد ، ط ١ ، بغداد ١٩٦٧ م.
٣ ـ اُصول أسماء المدن والمواقع العراقية ، بابان : المحامي جمال ، المطبعة بغداد ، ط ٢ ، ١٩٨٧ م.
٤ ـ الأعلام ، الزركلي : خير الدين ، ط ٣ ، بيروت ١٣٨٩ هـ ـ ١٩٦٩ م.
٥ ـ أعيان الشيعة ، العاملي : السيّد محسن الأمين الحسيني ، مطبعة ابن زيدون ، دمشق ، ط ١ ، ١٣٥٣ هـ.
٦ ـ الألفين الفارق بين الصدق والمين ، الحلّي : الشيخ الحسن بن يوسف بن المطهّر المعروف بـ : العلاّمة الحلّي (ت ٧٢٦ هـ) ، تقديم العلاّمة السيّد محمّـد مهدي الخرسان ، المطبعة الحيدرية ، ط ٢ ، النجف الأشرف.
٧ ـ أمل الآمل ـ القسم الثاني أو (تذكرة المتبحّرين) ، العاملي : الشيخ محمّـد ابن الحسن المعروف بـ : الحرّ العاملي ، تحقيق : السيّد أحمد الحسيني ، مطبعة الآداب ، النجف ، ط ١ ، ١٣٨٥ هـ.
٨ ـ الأنساب ، السمعاني : عبد الكريم بن محمّـد التميمي ، طبع دائرة المعارف العثمانية ، حيدرآباد ١٣٨٢ هـ.
٩ ـ الأنوار العلوية ، النقدي : الشيخ جعفر بن محمّـد ، المطبعة الحيدرية ، النجف الأشرف.
١٠ ـ البابليّات ، اليعقوبي : الشيخ محمّـد علي التبريزي ، مطبعة الآداب ، النجف الأشرف.
١١
ـ بحار
الأنوار ،
المجلسي :
محمّـد باقر
بن محمّـد تقي
بن مقصود علي
المعروف بـ :
المجلسي
الثاني (ت ١١١٠ هـ)
، مؤسّسة
الوفاء ،
بيروت ، ط ٤ ، ١٤٠٤
هـ. ١٢
ـ تاريخ إربل
أو (نباهة
البلد الخامل
بمن ورده من
الأماثل) ،
ابن المستوفي
: شرف الدين
أبو البركات
المبارك بن
أحمد اللخمي
الإربلي (ت ٦٣٧ هـ)
، تحقيق وتعليق
: سامي ابن
السيّد خماس
الصقار ،
منشورات وزارة
الثقافة
والإعلام ،
بغداد ، دار
الرشيد للنشر
١٩٨٠ هـ. ١٣
ـ تاريخ الأدب
العربي في
العراق ،
العزاوي :
المحامي
عبّاس ، طبع
المجمع
العلمي
العراقي ، ١٣٨٠ هـ
ـ ١٩٦٠ م. ١٤
ـ تاريخ
الإسلام ،
الذهبي ، دار
الكتاب
العربي ،
بيروت ١٤٠٧ هـ ـ ١٩٨٧ م. ١٥
ـ تاريخ
الحلّة ،
كركوش : الشيخ
يوسف ،
المطبعة
الحيدرية ،
نجف ١٣٨٥ هـ. ١٦
ـ تأسيس الشيعة
الكرام لعلوم
الإسلام ،
الصدر :
السيّد حسن
السيّد هادي ،
طبع شركة النشر
والطباعة
العراقية
المحدودة. ١٧
ـ تكملة
الرجال ،
للكاظمي :
الشيخ عبد
النبي (ت ١٢٥٦ هـ) ،
تحقيق وتقديم
العلاّمة
السيّد
محمّـد صادق
بحر العلوم ،
مطبعة الآداب
، النجف
الأشرف. ١٨
ـ تكملة أمل
الآمل ـ مخطوط. ١٩
ـ تنبيه
الخواطر
ونزهة
النواظر
(مجموعة الشيخ
ورّام) ،
ابن أبي فراس :
الأمير الشيخ
ورّام
المالكي الأشتري
الحلّي (ت ٦٠٥ هـ) ،
تقديم
العلاّمة
محمّـد صادق
بحر العلوم ،
المطبعة
الحيدرية ،
النجف ١٣٨٩ هـ. ٢٠
ـ تنقيح
المقال في
أحوال الرجال ،
المامقاني :
الشيخ عبد
الله ،
المطبعة
المرتضوية ،
الطبعة
الحجرية ،
النجف الأشرف
١٣٥٢ هـ. ٢١
ـ جامع الرواة
،
الأردبيلي :
الشيخ محمّـد
علي الغروي
الحائري ،
مخطوط. ٢٢
ـ الحبل
المتين ،
العاملي :
الشيخ بهاء
الدين محمّـد
بن الحسين بن
عبد الصمد
الحارثي (ت ١٠٣١ هـ)
، طبع
انتشارات
بصيرتي قم ،
إيران.
٢٣
ـ الحصون
المنيعة في
تراجم طبقات
شعراء الشيعة
، كاشف
الغطاء :
الشيخ علي ،
مخطوط. ٢٤
ـ الحوادث
الجامعة ،
ابن الفوطي :
أبو الفضل عبد
الرزّاق
البغدادي ،
تقديم كلٍّ من
العلاّمة
محمّـد رضا
الشبيبي
والدكتور
مصطفى جواد ،
طبع مطبعة
الفرات ،
بغداد ، ١٣٥١ هـ. ٢٥
ـ خريدة القصر
وجريدة العصر
،
الأصبهاني :
عماد الدين
محمّـد بن
محمّـد الكاتب
، تحقيق وشرح
محمّـد بهجت
الأثري ،
مطبعة الحرّية
، بغداد ، ١٣٩٣ هـ. ٢٦
ـ خلاصة
الأقوال في
معرفة الرجال
أو (رجال العلاّمة
الحلّي) ،
تقديم وتصحيح السيّد
محمّد صادق
بحر العلوم ،
منشورات المطبعة
الحيدرية ،
النجف الأشرف. ٢٧
ـ الذريعة إلى
تصانيف
الشيعة ،
الطهراني :
الشيخ آغا
بزرك ، تنقيح
أحمد منزوي ،
ط ١ ، إيران ١٣٨٧ هـ. ٢٨
ـ رجال ابن
داود ،
لابن داود :
تقي الدين
الحسن بن علي
(كان حيّاً عام
٧٠٧ هـ) تقديم
وتحقيق
العلاّمة
السيّد
محمّـد صادق
بحر العلوم ،
منشورات
المطبعة
الحيدرية ،
النجف ١٣٩٢ هـ ـ ١٩٧٢ م. ٢٩
ـ رحلة ابن
بطّوطة ،
ابن بطّوطة :
محمّـد بن عبد
الله بن
محمّـد بن إبراهيم
، المطبعة
الأزهرية ،
مصر ، ١٣٤٦ هـ. ٣٠
ـ رحلة ابن
جبير ،
ابن جُبير :
الرحّالة أبو
الحسين
محمّـد بن
أحمد الكناني
، طبع المكتبة
العربية ،
بغداد ، ١٩٣٧ م. ٣١
ـ رحلة
بنيامين ،
التطلي :
الرحّالة
بنيامين بن
يونة البنائي
الأندلسي
اليهودي (كان
حيّاً عام ٥٦١ هـ)
، تقديم المحامي
عبّاس
العزاوي ،
المطبعة
الشرقية ، بغداد
، ١٩٤٥ هـ. ٣٢
ـ الرواشح السماوية
في شرح
الأحاديث
الإمامية ،
الداماد :
السيِّد
المير محمّـد
باقر الحسيني
المرعشي ،
منشورات
مكتبة آية
الله العظمى المرعشي
النجفي ، قم
المقدّسة ، ١٤٠٥
هـ.
٣٣
ـ روضات
الجنّات في
أحوال
العلماء
والسادات ،
الخونساري :
الميرزا
السيّد
محمّـد باقر
الموسوي الأصبهاني
، تحقيق : أسد
الله
اسماعيليان ،
المطبعة
الحيدرية ،
طهران ١٣٩٠ هـ. ٣٤
ـ الروضة
البهية في شرح
اللمعة
الدمشقية ،
العاملي :
الشيخ زين
الدين بن علي
بن أحمد (الشهيد
الثاني) ،
تصحيح وتعليق
السيّد
محمّـد كلانتر
، تقديم الشيخ
محمّـد مهدي
الآصفي ، طبع مؤسّسة
التأريخ
العربي ، دار
إحياء التراث
العربي ، بيروت
ـ لبنان. ٣٥
ـ سبائك الذهب
في معرفة
قبائل العرب ،
السويدي :
الشيخ محمّـد
أمين
البغدادي ،
دار صعب ،
بيروت. ٣٦
ـ سفينة
البحار
ومدينة الحكم
والآثار ،
القمّي :
الشيخ عبّاس ،
دار الأُسوة
للطباعة ، ط ٣ ،
إيران ١٤٢٢. ٣٧
ـ سلافة العصر
،
المدني :
السيّد علي
صدر الدين ابن
نظام الدين
أحمد الحسيني
، ط ١ ، مصر ١٣٢٤ هـ. ٣٨
ـ شذرات الذهب
في أخبار من
ذهب ،
الحنبلي : أبو
الفلاح عبد
الحي بن
العماد (ت ١٠٨٩ هـ)
، طبع دار
المسيرة ،
بيروت ١٣٩٩ هـ ـ ١٩٧٩ م. ٣٩
ـ شرح نهج
البلاغة ،
ابن أبي
الحديد : أبو
حامد عزّ
الدين عبد
الحميد بن هبة
الله بن
محمّـد بن
الحسين
المدائني (ت ٦٥٦
هـ) ، مراجعة
وتحقيق لجنة
إحياء
الذخائر ، منشورات
دار مكتبة
الحياة ،
بيروت ، لبنان
١٩٨٣ م. ٤٠
ـ شعراء
الحلّة أو
البابليّات ،
الشيخ علي
الخاقاني ، ج ١
طبع دار الأندلسي
بيروت ، وباقي
الأجزاء ، طبع
دار البيان ،
بغداد (١٣٩٥ هـ ١٩٧٥ م). ٤١
ـ الشيخ
الطوسي ،
الحكيم :
الدكتور
السيّد حسن
عيسى ، تقديم
الدكتور
محمّـد
الهاشمي ،
مطبعة الآداب
، النجف
الأشرف ، ط ١ ، ١٣٩٥
هـ ـ ١٩٧٥ م. ٤٢
ـ الشيعة
وفنون
الإسلام ،
دار المعرفة
للطباعة
والنشر ،
بيروت.
٤٣
ـ طرائف
المقال في
معرفة طبقات
الرجال ،
البروجردي :
السيّد علي
أصغر ابن
السيّد محمّـد
شفيع
الجابلقي (ت ١٣١٣
هـ) ، تقديم
آية الله السيّد
شهاب الدين
المرعشي
النجفي ،
تحقيق السيّد
مهدي الرجائي
، نشر مكتبة
آية الله
العظمى المرعشي
النجفي العامّة
، قم ، ط ١ ، ١٤١٠ هـ. ٤٤
ـ عمدة الطالب
في أنساب آل
أبي طالب ،
ابن عِنَبة :
السيّد جمال
الدين أحمد بن
علي الحسني (ت ٨٢٨
هـ) ، مطبعة
الديواني
بغداد ١٩٨٨ م. ٤٥
ـ غاية
الإختصار في
البيوتات
العلوية
المحفوظة من
الغبار ،
ابن زهرة :
السيّد تاج
الدين بن
محمّـد بن
حمزة الحسيني
نقيب حلب (كان
حيّاً عام ٧٥٣ هـ)
وهو المنسوب
إليه خطأً
كتاب (غاية
الاختصار) ، تقديم
وتحقيق :
العلاّمة
السيّد
محمّـد صادق بحرالعلوم
، منشورات
المطبعة
الحيدرية ، النجف
الأشرف ١٣٨٣ هـ ـ ١٩٦٣
م. ٤٦
ـ الغدير ،
الأميني :
الشيخ عبد
الحسين أحمد
النجفي ، دار
الكتاب
العربي ،
بيروت ، ط ٣ ، ١٣٨٧
هـ ـ ١٩٦٧ م. ٤٧
ـ غوالي
اللئالي ،
ابن أبي جمهور
: أبو جعفر
محمّـد بن علي
بن إبراهيم
الأحسائي ،
دار سيّد
الشهداء
للنشر ، قم ، ط ١
، ١٤٠٥ هـ. ٤٨
ـ فرحة الغري
، ابن
طاووس :
السيّد أبو
المظفّر غياث
الدين عبد
الكريم بن
أحمد بن موسى
الحسني (ت ٦٩٣ هـ) ،
تحقيق :
السيّد تحسين
آل شبيب
الموسوي نشر
مركز الغدير
للدراسات
الإسلامية ، ط
١ ، ١٤١٩ هـ ـ ١٩٩٨ م. ٤٩
ـ فقهاء
الفيحاء ،
كمال الدين :
السيّد هادي
السيّد حمد ،
مطبعة المعارف
، بغداد ١٩٦٢ م. ٥٠
ـ فلسفة
الشيعة ،
نعمة : الشيخ عبد
الله ، تقديم
الشيخ محمّـد
جواد مغنية ،
منشورات دار
مكتبة الحياة
، بيروت. ٥١
ـ الفوائد
الرجالية
(رجال بحر
العلوم) ،
بحرالعلوم :
العلاّمة
السيّد
محمّـد مهدي
السيّد مرتضى
(ت ١٢١٢ هـ) تحقيق
وتقديم
العلمين السيّد
محمّـد صادق
بحرالعلوم
والسيّد حسين
بحرالعلوم ،
مطبعة الآداب
، ط ١ ، النجف
الأشرف ١٣٨٥ هـ.
٥٢
ـ فوات
الوفيّات ،
الكتبي (ت ٧٦٤ هـ) ،
دار الكتب
العلمية ،
بيروت ٢٠٠٠ م. ٥٣
ـ القاموس
المحيط ،
الفيروزآبادي
: مجد الدين
محمّـد بن
يعقوب (ت ٨١٧ هـ) ،
إعداد وتقديم
محمّـد بن عبد
الرحمن المرعشي
، دار إحياء
التراث
العربي ، ط ٢ ، ١٤٢٠
ـ ٢٠٠٠ م. ٥٤
ـ الكامل في
التاريخ ،
ابن الأثير :
أبو الحسن علي
بن محمّـد بن
عبد الكريم
ابن عبد
الواحد
الشيباني
الجزري الملقّب
بـ : عزِّ
الدين (ت ٦٣٠ هـ) ،
نشر دار
الكتاب العربي
، بيروت ،
لبنان ط ٢ ، ١٣٨٧ هـ
ـ ١٩٦٧ م. ٥٥
ـ كتاب العين
،
الفراهيدي :
الخليل بن
أحمد الأزدي
(ت ١٧٥ هـ) ، تحقيق
الدكتور مهدي
المخزومي
والدكتور
السامرّائي ـ
تصحيح
الأستاذ أسعد
الطيّب ، نشر
دار الأسوة ،
مطبعة باقري ،
الطبعة
الأولى ، قم ١٤١٤ هـ. ٥٦
ـ الكشكول ،
المطبعة
الحيدرية ،
النجف ١٣٩١ هـ ـ ١٩٧٢ م. ٥٧
ـ الكنى والألقاب
،
المطبعة
الحيدرية ،
النجف ، ١٣٧٦ هـ ـ ١٩٥٦
م. ٥٨
ـ لؤلؤة
البحرين في
الإجازات ،
البحراني :
الشيخ يوسف بن
أحمد (ت ١١٨٦ هـ) ،
تحقيق وتعليق
العلاّمة
السيّد
محمّـد صادق
بحر العلوم ،
مطبعة
النعمان ، ط ٢ ،
النجف الأشرف
١٩٦٩ م. ٥٩
ـ مجمع
البحرين
ومطلع النيرين
،
الطريحي :
الشيخ فخر
الدين بن
محمّـد علي بن
أحمد النجفي
(ت ١٠٨٥ هـ) ، دار
إنطباع
المشهدي دار
السلطنة ،
الطبعة
الحجرية ،
تبريز ، إيران
١٢٧٤ هـ. ٦٠
ـ مراصد
الإطّلاع على
أسماء
الأمكنة
والبقاع ،
البغدادي :
صفيّ الدين
عبد المؤمن بن
عبد الحقّ (ت ٧٣٩
هـ) ، تحقيق
وتعليق علي
محمّـد ،
البجاوي ، دار
إحياء الكتب
العربية ، ط ١ ،
مصر ١٣٧٣ هـ ـ ١٩٥٤ م. ٦١
ـ مروج الذهب
ومعادن
الجوهر ،
المسعودي :
أبو الحسن علي
بن الحسين بن
علي ، تحقيق
وتعليق الشيخ
قاسم
الشمّاعي
الرفاعي ، دار
القلم ، ط ١ ،
بيروت ، لبنان
١٤٠٨.
٦٢
ـ مستدرك
الوسائل ،
النوري :
الشيخ ميرزا
حسين بن ميرزا
محمّـد تقي
المازندراني
(ت ١٣٢٠ هـ) ، طبع
المطبعة
الإسلامية
طهران ، إيران
١٣٨٤ هـ. ٦٣
ـ مصفى المقال
في مصنّفي علم
الرجال ،
عنى بتصحيحه
أحمد منزوي ،
المطبعة
دولتي ، إيران
، ط ١ ، ١٣٧٨ هـ ـ ١٩٥٩ م. ٦٤
ـ معارف الرجال
، حرز
الدين : الشيخ
محمّـد بن علي
بن عبد الله النجفي
، تعليق
محمّـد حسين
حرز الدين ،
مطبعة الآداب
، النجف
الأشرف ١٣٨٤ هـ ـ ١٩٦٤
م. ٦٥
ـ معجم
الاُدباء ،
الحموي : شهاب
الدين ياقوت
بن عبد الله
الرومي
البغدادي ،
مراجعة وزارة
المعارف
العمومية ،
طبع دار المستشرق
، بيروت ـ
لبنان. ٦٦
ـ معجم
البلدان ،
دار صادر ،
بيروت ـ لبنان. ٦٧
ـ معجم رجال
الحديث ،
الخوئي :
السيّد
العلاّمة أبو
القاسم
الموسوي ،
مطبعة الآداب
، النجف
الأشرف ، ط ١ ، ١٩٧٨
م. ٦٨
ـ منتخب
الأنوار
المضيئة ،
النيلي :
العلاّمة
السيّد بهاء
الدين علي بن عبد
الكريم
النجفي (كان
حيّاً ٨٠٣ هـ) ،
تحقيق ونشر مؤسّسة
الإمام
الهادي٧ ، طبع
مطبعة إعتماد
، قم ، ط ١ ، قم ١٤٢٠
هـ. ٦٩
ـ المنتخب في
المراثي
والخطب ،
المطبعة
الحيدرية ،
النجف. ٧٠
ـ المنتظم في
تاريخ الملوك
والاُمم ،
ابن الجوزي :
الشيخ أبو
الفرج عبد
الرحمن بن علي
بن محمّـد (ت ٥٩٧
هـ) ، الدار
الوطنية
للنشر والتوزيع
، بغداد ،
عراق ١٩٩٠ م. ٧١
ـ منتهى
المقال في
أحوال الرجال
،
الحائري :
الشيخ أبو علي
محمّـد بن
إسماعيل ، الطبعة
الحجرية ،
إيران ١٣٠٠ هـ. ٧٢
ـ موارد
الإتحاف في
نقباء
الأشراف ،
كمّونة :
السيّد عبد
الرزّاق
الحسيني ،
مطبعة الآداب
النجف الأشرف
١٣٨٨ هـ ـ ١٩٦٨ م.
٧٣
ـ موسوعة ابن
إدريس الحلّي
،
الخرسان :
العلاّمة
السيّد
محمّـد مهدي
السيّد حسن
الموسوي ، غير
مطبوع. ٧٤
ـ نقد الرجال
،
التفريشي :
السيّد مصطفى
ابن السيّد
حسين الحسيني
(كان حيّاً
عام ١٠٤٤ هـ) ،
تحقيق ونشر
مؤسّسة آل
البيت :
لإحياء
التراث ،
مطبعة ستارة ،
قم ، ط ١ ، ١٤١٨ هـ. ٧٥
ـ وفيات
الأعيان
وأنباء أبناء
الزمان ،
ابن خلّكان :
أبو العبّاس
شمس الدين
أحمد بن محمّـد
بن إبراهيم
الإربلي
الشافعي (ت ٦٨١ هـ)
، تقديم
وتحقيق
الدكتور
إحسان عبّاس ،
دار صادر بيروت.
من ذخائر التّراث
مقـدّمة التحقيـق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمّد بن عبد الله وعلى آل بيته الطيّبين الطاهرين.
من البديهيّات التي لا يمكن التغاضي عنها هو ارتباط تاريخنا الإسلامي بجملة أمور أسهمت إلى حدّ بعيد في دثر الكثير من الحقائق من جهة وتزوير وتلفيق العديد من الحقائق من جهة أخرى ، وذلك منذ البدايات الأولى لتدوينه في العصر الأموي حسبما تقتضيه المصلحة للأنظمة السياسية الحاكمة آنذاك وبما يخدم توطيد أركانها في الحكم لأنّها كانت ترى أنّ نشر تلك الحقائق سيؤدّي إلى زعزعة الأوضاع وتأليب الرأي العام ، ومن أجل ذلك قامت بالترغيب مرّة عن طريق بذل الأموال والعطايا على المدونين سواء كانوا من نقلة الحديث أم من رواته ، وبالترهيب مرّة أخرى بالحبس والقتل والتشريد ، ومن يتتبّع التاريخ الأموي والعبّاسي سيجد أمثلة حيّة على ذلك.
ومن الأمور التي لم تزل مثار نقاش وجدل بين علماء المسلمين على مختلف مذاهبهم ومشاربهم الفكرية هي ظلامة الزهراء عليهاالسلام.
ومن يقرأ هذه الفترة الحرجة من تاريخ المسلمين فإنّه سيرى
بوضوح تزوير الحقائق ، حيث نجد عدّة تيّارات متمثّلة بمدوّني الحديث والمؤرّخين وعلماء الرجال ومن يسير في ركابهم ممّن دوّنوا تلك المرحلة ، فالبعض حاول أن يطمس الأحداث ولم يتعرّض لها لا من قريب ولا من بعيد ، كما أنّ البعض الآخر كان يزيّف ويحذف حسبما تشتهيه رغبته أو مصلحته ، في الحين الذي كان يحاول بعض المؤرّخين تزويق الأحداث وتبرئة ساحة البعض بإيجاد الأعذار الواهية التي لا تتناسب مع سوء الأفعال.
وهذا ما وجدناه واضحاً وجليّاً عند بحثنا في هذا الموضوع ، وأنا هنا لا أحاول أن أطيل لأنّ ما ذكرته الزهراء عليهاالسلام في خطبتها التي ألقتها على المهاجرين والأنصار ، وما جاء فيها من الأدلّة الدامغة ما لا سبيل إلى إنكاره أو ردّه.
ومن يقرأ بتمعّن وتفحّص مفردات الخطبة سيجد ضالّته التي ينشدها بعيداً عن التعصّب المذهبي.
وعليه سأطرح أمرين مهمّين وأترك للقارئ حرّية الحكم بما ذكرته كتب الصحاح والتواريخ.
وسأبدأ هنا بطرح حديثين للرسول(صلى الله عليه وآله) يكونان النتيجة المتوخّاة من هذا الاستعراض.
فقد تواترت في كتب الصحاح عدد غير قليل من الأحاديث في مناقب وفضائل مولاتنا فاطمة الزهراء عليهاالسلام ، ومن يحاول الرجوع إليها سيجد أحاديث مسندة لا غبار عليها معتبرة مأخوذ بها ، منها قوله(صلى الله عليه وآله) : «فاطمة
بضعة منّي يؤذيني من آذاها»(١) ، وحديث آخر عن الرسول(صلى الله عليه وآله) : «فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني»(٢).
ومن هذا المنطلق سأعالج أمرين :
أولاً : بعد وفاة الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) وانقلاب الموازين السياسية في سقيفة بني ساعدة وما جرى من الخلاف بين المهاجرين والأنصار حول الخلافة ومن يتولاّها ، فقد احتجّ كلا الطرفين على الآخر بأدلّة ترجّح كفّته ، وكانت نهاية المطاف انتخاب أبي بكر خليفة للمسلمين ، في حين اتّخذ عدد من المهاجرين والأنصار موقفاً معارضاً من هذه البيعة ، لأنّهم وجدوا الأحقّية للإمام علىّ عليهالسلام في تولّي هذا المركز الحسّاس ، سواء في ما جاء عن الرسول(صلى الله عليه وآله) من أحاديث ترجّح كفّته ، أو في ما يمتلكه من المهارات القيادية والمميّزات الأخرى التي كانت ترشّحه لهذا المنصب.
وعليه كانت البدايات الأولى لهذه المطالبة تتمثّل بالصدّيقة الطاهرة فاطمة عليهاالسلام عندما جاءت إلى الخليفة الأوّل مطالبة بإرثها من الرسول(صلى الله عليه وآله)(٣) ، فذكر لها الخليفة أنّه سمع من الرسول(صلى الله عليه وآله) ، «نحن معاشر الأنبياء لا نورّث ، ما تركناه صدقة» ، وقد احتجّت عليه الزهراء عليهاالسلام بما جاء في القرآن الكريم من آيات المواريث(٤) ، ثمّ إنّها احتجّت عليه بقولها : «من
__________________
(١) صحيح مسلم ٤/١٩٠٣ ، مسند أبي عوانة ٣/٧٠ ، المعجم الكبير ٢٢/٤٠٥ ، وذكرته مصادر أخرى.
(٢) صحيح البخاري ٣/١٣٦١ ، السنن الكبرى للبيهقي ٥/٩٧ ، المعجم الكبير ٢٢/٤٠٤ ، فضائل الصحابة للنسائي ١/٧٨ ، وذكرته مصادر أخرى.
(٣) ذكرت بعض الروايات أنّها جاءت منفردة وروايات أخرى جاءت مع عمّها العبّاس ابن عبد المطّلب.
(٤) منها : ( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ ) سورة النساء٤ : ١١.
يرثك ، قال : أهلي وولدي ، فقالت : فمالي لا أرث النبيّ»(١) ، وفي حديث آخر : «فما لك ترث النبيّ دوني»(٢) ، وهذا دليل لا يقبل المناقشة.
والأمر الآخر المرتبط بهذا الموضوع أنّها بعد ذلك طالبته بفدك النحلة التي أنحلها الرسول(صلى الله عليه وآله) لفاطمة عليهاالسلام بعدما نزلت الآية : (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ)(٣) ، حيث دعا رسول الله(صلى الله عليه وآله) فاطمة فأعطاها فدك(٤) ، إلاّ أنّ الخليفة رفض ادّعاءها وطالبها بالشهود ، فأتت بالإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام وأمّ أيمن ، فردّت شهادتهما لأسباب معروفة ، وعلّل ذلك الأمر أحد شيوخ ابن أبي الحديد المعتزلي إذ سأله فقال : «أكانت فاطمة صادقة في دعواها؟ قال : نعم ، قال له ـ ابن أبي الحديد ـ فلم لم يدفع لها أبو بكر فدكاً وهي عنده صادقة؟ فتبسّم ، ثمّ قال كلاماً لطيفاً مستحسناً مع ناموسه وحرمته وقلّة دعابته ، قال : لو أعطاها اليوم فدكاً بمجرّد دعواها لجأت إليه غداً وادّعت لزوجها الخلافة وزحزحته عن مقامه ولم يكن يمكنه حينئذ الاعتذار بشيء ، لأنّه يكون قد سجّل على نفسه بأنّها صادقة فيما تدّعي كائناً ما كان من غير حاجة إلى بيّنة وشهود ، قلت : ولهذا استباح أبو بكر شهادة
__________________
( فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) سورة مريم١٩ : ٥ ـ ٦. ( لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالأْقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالأقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً ) سورة النساء٤ : ٧ ، وإلى آخر آيات المواريث ، وكلّها عامّة تشمل رسول الله(صلى الله عليه وآله).
(١) مسند ابن حنبل ١٠/١٠ ، سنن الترمذي ٤/١٥٧ ، فتح الباري ٦/٢٠٢ ، سنن البيهقي ٦/٣٠٢ ، شرح معاني الآثار للطحاوي ٣/٣٠٨ ، التمهيد ٢/٣١٤.
(٢) شرح معاني الآثار للهيثمي ٣/٣٠٨ ، وأشارت إلى ذلك في خطبتها.
(٣) سورة الإسراء١٧ : ٢٦.
(٤) شرح معاني الآثار ٧/٤٩ ، مسند أبي يعلي ٢/٣٤٤ ، ٣٥٤.
عليّ بن أبي طالب لفاطمة بالنحلة وإلاّ فإنّ يهود خيبر على لؤمهم وإنّ عليّاً دمّرهم لينزّهونه عن شهادة الزور ، وبهذا أيضاً لا بسواه استنوق الجمل فاعتبر ذات اليد متصرّفة مدّعية فطالبها بالبيّنة ، إنّما هي عليه ، الأمر الذي علمنا دبّر بليل»(١).
وقد علّق ابن كثير على هذه الحادثة بقوله : «واحتاج عليّ أن يراعي خاطرها بعض الشيء»(٢) ، وهذا ما أكّده محمود أبو ريّة بقوله : «بقي أمر لابدّ أن نقول كلمة صريحة : ذلك هو موقف أبي بكر من فاطمة (رضي الله عنها) بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله) وما فعل معها في ميراث أبيها ، لأنّها إذا سلّمنا بأنّ خبر الآحاد الظنّي يخصّص الكتاب القطعي ، وأنّه قد تبيّن أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) قد قال : إنّه لا يورث ، وأنّه لا تخصيص في عموم هذا الخبر ، فإنّ أبا بكر كان سعيه أن يعطي فاطمة (رضي الله عنها) بعض تركة أبيها(صلى الله عليه وآله) كأن يخصّها بفدك ، وهذا من حقّه الذي لا يعارضه فيه أحد ، إذ يجوز للخليفة أن يخصّ من شاء بما شاء .... وقد خصّ هو نفسه الزبير بن العوّام ـ وكان صهره على أسماء أمّ عبد الله ـ ومحمّد بن سلمة وغيرهما ببعض متروكات النبىّ(صلى الله عليه وآله) ، على أنّ فدكاً التي منعها أبو بكر لم تلبث أن أقطعها الخليفة عثمان لمروان»(٣).
لذا كان على الخليفة الأوّل كما أشار السيّد شرف الدين : «أن يتّخذ طريق الحكمة في معالجة هذا الموضع ، ولو فعل ذلك لكان أحمد في العقبى ، وأبعد عن مظانّ الندم ، وأنأى عن مواقف اللوم ، وأجمع لشمل
__________________
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٦/٢٨٣ ، النصّ والاجتهاد :١١٧ ـ ١١٨.
(٢) البداية والنهاية ٥/٢٤٩.
(٣) مجلّة الرسالة المصرية العدد(٥١٨) السنة الحادية عشر ص٤٥٧.
الأمّة ، وأهل له بالخصوص»(١).
إلاّ أنّ هذا الأمر كان مرتبطاً ارتباطاً كلّيّاً بمقدّرات الخلافة والحكم وفي حالة الإقرار بأمر سينتهي به الحال إلى فقدان الكلّ كما عبّر عنه أستاذ ابن أبي الحديد ، ولم يقف الحال عند هذا فحسب بل ترتّب عليه تركات وعواقب وخيمة متمثّلة بانقسام المسلمين إلى فئات ومذاهب وما تمخّض عنه من صراعات فكرية وعقائدية لا تنتهي إلى يوم القيامة.
وعند قراءتنا لمسيرة الأحداث بعد ذلك نرى عمق الخلاف الذي أصبح بين الزهراء عليهاالسلام والخليفة ، حيث تشير الروايات بدقّة إلى ما سار إليه الأمر وما نجم عنه : «فغضبت بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله) وهجرت أبا بكر ، فلم تزل مهاجرته حتّى توفّيت»(٢).
وفي رواية أخرى قالت للشيخين : «لا أكلّمهما أبداً فماتت ولا تكلّمهما»(٣).
ولم يقف الأمر عند هذا فحسب بل إنّها أوصت الإمام علىّ عليهالسلام قبيل وفاتها أن يدفنها ليلاً وأن لا يحضرها الشيخين ، حيث ذكر أنّها : «دفنت فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله) ليلاً ولم يشعر أبو بكر حتّى دفنت وصلّى عليها علىّ»(٤) ، وعلّل ذلك ابن حجر أنّه : «كان ذلك بوصيّة منها»(٥).
__________________
(١) النصّ والاجتهاد : ١١٢.
(٢) مسند ابن حنبل ١/٦ ، صحيح مسلم ٣/١٣٨٠ ، سنن البيهقي ٦/٣٠٠ ، صحيح ابن حبّان ١١/٣١٥ ، مسند أبي عوانة ٤/٢٥١ ، مصنّف عبد الرزاق ٥/٤٧٢ ، الطبقات لابن سعد ٢/١٥٣ ، تاريخ الطبري ٢/٢٣٦.
(٣) سنن الترمذي ٤/١٥٧ ، علل الترمذي ١/٢٦٥.
(٤) صحيح البخاري ٤/١٥٤٩ ، صحيح مسلم ٣/١٣٨٠ ، صحيح ابن حبّان ١١/١٥٣ ، مسند أبي عوانة ٤/٢٥١ ، مصنّف عبد الرزاق ٥/٤٧٢ ، كشف الخفاء ١/١١٢.
(٥) فتح الباري ٧/٤٦٤.
وفي رواية عن عائشة : «فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منه شيئاً ، واستأثر لبيت المال لكلّ ما تركه النبىّ(صلى الله عليه وآله) من بلغة العيش لا يبقي ولا يذر شيئاً فوجدت فاطمة على أبي بكر فهجرته فلم تكلّمه حتّى توفّيت وعاشت بعد النبيّ ستّة أشهر ، فلمّا توفّيت دفنها زوجها عليّ ليلاً ولم يؤذن بها أبو بكر ....»(١).
وهذا أمر بديهيّ ولا يحتاج إلى تعليق أو تبيان ، لأنّ دفن الليل وعدم حضور الشيخين دليل على أنّها ماتت وهي غضبى عليهما ـ انظر حديث الرسول(صلى الله عليه وآله) ـ.
ثانياً : ومن الأمور الأخرى التي لم تزل مثار جدل ونقاش بين المسلمين حول مدى صحّة الأقوال التي ذكرت هجوم القوم ـ ممثّلاً بالخليفة الثاني ومن جاء معه ـ على بيت فاطمة عليهاالسلام وحجّته.
فقد ذهب عدد غير قليل من المصادر إلى أنّ بيت الزهراء كشف وذلك بناءً على ما ذكره الخليفة الأوّل على نفسه في الساعات الأخيرة من حياته ، حيث قال : «أما إنّي لا آسي على شيء إلاّ على ثلاث فعلتهنّ ووددت أني لم أفعلهن ، وثلاث لم أفعلهنّ وددت أني فعلتهنّ ، وثلاث وددت أنّي سألت رسول الله(صلى الله عليه وآله) عنهنّ ، فأمّا الثلاث التي لم أفعلهنّ ، أنّي لم أكشف بيت فاطمة وتركته وأن أغلق على الحرب ، وددت أنّي يوم سقيفة بني ساعدة قدّمت الأمر في عنق أحد الرجلين أبو عبيدة أو عمر»(٢).
__________________
(١) صحيح البخاري ٤/١٥٤٩ ، صحيح ابن حبّان ١١/١٥٣ ، البداية والنهاية ٥/٢٨٥ ـ ٢٨٦.
(٢) الأحاديث المختارة ١/٨٩ ، مجمع الزوائد ٥/٢٠٣ ، المعجم الكبير ١/٦٢ ، تاريخ الطبري ٢/٣٥٣ ، تاريخ اليعقوبي ٢/١٣٧.
وأشارت مصادر أخرى إلى مهاجمة بيت الزهراء عليهاالسلام بعد أن أمتنع الإمام وعدد من المهاجرين عن المبايعة ، حيث ذكروا أنّه أراد أن يحرق عليهم البيت(١) ، بينما يذكر الطبري : «أتى عمر منزل عليّ وفيه طلحة والزبير ورجال من المهاجرين فقال والله لأحرّقنّ عليكم أو لتخرجنّ إلى البيعة»(٢) ، بينما يذكر ابن قتيبة : «أنّ أبا بكر تفقّد قوماً تخلّفوا عن بيعته عند عليٍّ (كرّم الله وجهه) ، فبعث إليهم عمر ، فجاء فناداهم وهم في دار عليّ : فأبوا أن يخرجوا فدعا بالحطب وقال : والذي نفس عمر بيده ، لتخرجنّ أو لأحرّقنّها على من فيها ، فقيل له يا أبا حفص إنّ فيها فاطمة؟ فقال وإن ...»(٣).
ولم تقف الروايات عند هذه المأساة فحسب ، بل ذكرت أنّ الزهراء عليهاالسلام قد تعرّضت إلى الضرب(٤) ، وأكّدت بعضها على مهاجمتهم البيت وإسقاط جنينها المحسن(٥).
وبناءً على ما تقدّم هناك سائل يسأل : هل كان فعل الخليفة الأوّل والثاني يتناسب مع حبيبة المصطفى(صلى الله عليه وآله)؟ ... وهل سرّ قلب الرسول(صلى الله عليه وآله)والزهراء عليهاالسلام ....
ولكن لا أقول أكثر ممّا قالته مولاتنا فاطمة الزهراء عليهاالسلام : «فنعم الحكم الله والزعيم محمّد(صلى الله عليه وآله) والموعد القيامة وعند الساعة يخسر المبطلون ولكلّ
__________________
(١) مصنّف ابن أبي شيبة ٧/٤٣٢ ، تاريخ الطبري ٢ / ٢٣٣.
(٢) تأريخ الطبري ٢/٢٣٣.
(٣) الإمامة والسياسة : ١٩.
(٤) المغني لعبد الجبّار ٢٠/ق١/ص٣٣٥ ، الملل والنحل ١/٥٧ ، الفرق بين الفرق : ١٤٨ ، الخطط ٢/٣٤٦ ، الوافي بالوفيات ٦/١٧ ، أعلام النساء ٤/١٢٤.
(٥) الملل والنحل ١/٥٧ ، الوافي بالوفيات ٦/١٧ ، سير أعلام النبلاء ١٥/٥٧٨.
نبأ مستقرّ».
وتحاول اليوم بعض الأقلام المأجورة برفض هذه الروايات وإطلاق دعوات معروفة أغراضها وأهدافها ومن يختفي وراءها ويساندها ، ولكن (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَب يَنْقَلِبُونَ)(١).
والله من وراء القصد.
المخطوطة :
لقد انكبَّ علماء المسلمين ـ خاصّة الشيعة ـ من المتقدّمين المتأخّرين في رفد المكتبة العربية الإسلامية بدراسات تناولت الأحداث الجسام التي تعرّض لها المسلمون بعد وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله) وخاصّة في ظلامة الزهراء عليهاالسلام سواء أكان ذلك بدراسات فردية حملت المضمون نفسه ، أم بدراسات عامّة شملت مسيرة هذه الأحداث وتفاقماتها.
والشيء الذي يقال هنا أنّ هذه الدراسات لم تزل حتّى وقتنا الحاضر بين أخذ وردّ واطروحات جديدة وكأنّ غليل الكتّاب لم يشفَ لعظيم فداحة هذه الحادثة من جهة ، وما ترتّب عليها بعد ذلك من حزازات وانقسامات بين المسلمين من جهة أخرى.
وعليه وظّف مؤلّفنا السيّد هادي الصائغ كافّة قدراته العلمية وسخّرها خدمةً لهذا الموضوع ، حيث شرع بوضع مؤلّفه الذي بين أيدينا (الدرّة البيضاء في شرح خطبة فاطمة الزهراء) عليهاالسلام ليسجّل اسمه في قائمة المؤلّفين الذين كتبوا في هذا المجال ولم تفتهم الفرصة.
__________________
(١) سورة الشعراء ٢٦ : ٢٢٧.
وذكر لنا العلاّمة الشيخ آقا بزرك الطهراني في كتابه الذريعة نفس العنوان المتقدّم كتب فيه مؤلّفون آخرون ، منهم السيّد محمّد تقي بن السيّد إسحاق القمّي المتوفّى ١٢٤٤هـ وعنوان كتابه (الدرّة البيضاء في شرح خطبة فاطمة الزهراء)(١).
وكتب آخرون في شمولية أكثر عن حياة الصديقة الطاهرة عليهاالسلام منهم جمال الدين محمّد بن الحسين الواعظ اليزدي الحائري وعنوان كتابه (الدرّة البيضاء في أحوال فاطمة الزهراء)(٢) ، وكذلك الشيخ ميرزا نجم الدين جعفر ابن مولانا الميرزا محمّد الطهراني العسكري ، وعنوان كتابه (الدرّة البيضاء في تاريخ سيّدة النساء فاطمة الزهراء)(٣).
ومن يحاول التتبّع والتقصّي فيمن كتبوا عن حياة الزهراء في معاجم الكتب سيجد مئات المؤلّفات في هذا المضمون.
وتعتبر هذه المخطوطة التي بين أيدينا من المخطوطات المهمّة التي ضمّتها مكتبة الحكيم العامّة في النجف الأشرف ، والشيء الذي يذكر هنا أنّه لم ينشر للسيّد هادي الصائغ من مؤلّفاته سوى رسالته العملية المسمّاة (هداية المسترشدين إلى معرفة أحكام الدين) من بين أكثر من (١٥٠) كتاباً ولا نعرف الأسباب التي دعت مؤلّفنا دون نشر كتبه.
والمخطوطة مقروءة بخطّها الجميل الواضح وبلغة بسيطة يسهل على الجميع فهم فحواها ، ثرية في مواضيعها وأطروحاتها ، ومن يقرأها سيجد أنّ السيّد كان محايدا جدّاً في نقاشاته ، ويبذل أقصى جهوده في سبيل
__________________
(١) الذريعة ٨/٩٣.
(٢) الذريعة ٨/٩٣.
(٣) الذريعة ٨/٩٣.
توضيح ما خفي على القارئ من النواحي اللغوية والعقائدية ، أضف إلى ذلك طرح الفكرة بأسلوب جميل ومبسّط ، فنجده في البداية يعرض الخطبة كاملة ، ثمّ بعد ذلك يقتطع فقرات ليشرع بشرحها كمنهج ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة.
ولا شكّ أنّ كلّ عمل لا يخلو من سلبيّات ونواقص إلاّ أنّ الهدف العام والمتوخّى من هذا الكتاب قد أدّى غرضه بجميع أشكاله.
وذكر المؤلّف في نهاية المخطوطة بأنّه أنجز هذا السِّفر في يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر صفر المظفّر من سنة ألف والثلاثمائة والأربعة والعشرين من الهجرة النبوية ، وقدّم له العلاّمة الشيخ أحمد بن الشيخ علي كاشف الغطاء بعد قراءته لها.
منهجنا في التحقيق :
لقد وردت خطبة فاطمة الزهراء عليهاالسلام في أكثر من مصدر ، واعتمد السيّد هادي الصائغ على كتاب الدرّة النجفية للشيخ يوسف البحراني الذي اعتمد بدوره حسبما ذكره على كتاب شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد مع العلم أنّ ابن أبي الحديد لم يذكر الخطبة كاملة.
واختلفت ألفاظ الخطبة من مصدر لآخر من حيث النقصان أو الزيادة أو اختلاف اللفظ إلا أنّها لاتفقد المعنى العامّ الذي نشدته الصديقة الطاهرة عليهاالسلام.
لذا عند مطابقة الخطبة بما جاء في المصادر لم يكن هناك اختلاف كثير ، لأنّ الروايات كما ذكرنا هي مختلفة في الأصل فلا شكّ أن يحدث هناك اختلاف بالعبارات المنقولة ، على الرغم من أنّا أشرنا في الهامش إلى
بعض هذه الاختلافات.
وكانت موارد السيّد هادي في مؤلّفه هذا متعدّدة وذلك لشمولية الخطبة من جهة وتعدّد أغراضها من جهة أخرى.
لذا كانت مهمّتنا في هذا الجانب ليست يسيرة حيث حاولنا بقدر المستطاع الرجوع إلى كتب اللغة والعقائد والأدب والفقه والحديث والتاريخ ، كلاًّ حسبما يستوجبه الموضوع المطروح.
إضافة إلى ذلك علّقنا على بعض الأمور التي قد لا نتّفق فيها مع المؤلّف ، وكذلك شاركناه في بعض آرائه ووضعنا أدلّةً تسند حجّة المؤلّف دون المسّ بالمضمون العامّ لخطّة الكتاب.
وفي الختام أوجّه شكري وتقديري ودعائي إلى كلّ من أعانني في هذا الموضوع لاسيّما الأخ العزيز مدير مكتبة الإمام الحكيم العامّة في النجف الأشرف السيّد جواد الحكيم وقسم المخطوطات والمطبوعات وفّقهم الله لما يحبّ ويرضى في خدمة العلم وأهله وإلى جميع من قدّم لي وجه المساعدة ومن الله التوفيق.
|
|
المحقّق ١ صفر ١٤٢٣هـ |
المؤلّف في سطور :
أوّلاً : حياته
اسمه ـ نسبه ـ ولادته ـ نشأته :
هو السيّد هادي بن حسين الصائغ بن جواد بن مهدي الكاتب بن حسين الموسوي الحسيني(١) ، البحراني الأصل(٢) ، المعروف من جهة أبيه بالصائغ لامتهانه الصياغة ، ومن جهة جدّه لأبيه بالكاتب لاشتهاره بجودة الخطّ والكتابة(٣).
وكان السيّد رحمه الله ينتهي إلى النسب العلوي من جهة الأب والأمّ ، فمن جهة الأب حسينيّ ، ومن جهة الأم موسويّ غريفي(٤).
والشيء الذي يقال هنا ويثير الألم في النفس هو عند مراجعتنا كتب التراجم والرجال لم نجد له أي ترجمة ، وإن ذكرته بعض المصادر إشارة لبعض من تتلمذ على يده ، ولا نعرف السبب وراء إغفال المصادر ذكره ، وما سجّله لنا فقط الشيخ أغا بزرك في الذريعة ومصفى المقال والباحث جواد عبد الكاظم محسن في مؤلّفه الموسوم (العلاّمة الزاهد السيّد هادي الصائغ).
ومن المحتمل أنّ إغفال أصحاب التراجم عن ذكره كان بسبب هجرته
__________________
(١) مصفى المقال :٤٨٩ ، الذريعة ٢٣/٥٤ ، العلاّمة السيّد هادي الصائغ : ١٥ ، مجموعة مخطوطات الفتلاوي ، معجم المؤلّفين ٧/١٣ ، معجم مصنّفي الكتب العربية : ٦٥٧.
(٢) الذريعة ٢٣/٥٤ ، مصفى المقال : ٤٨٩.
(٣) العلاّمة السيّد هادي الصائغ : ١٥.
(٤) العلاّمة السيّد هادي الصائغ : ١٥.
من النجف إلى المسيّب إلاّ أنّ هذا لا يعدّ سبباً وجيهاً لأنّه يعدّ من الأعلام الكبار ممّن لا يغفل ذكره.
ولد رحمهالله في النجف الأشرف عام ١٣٠٢هـ(١) ، ونشأ حياة كريمة في كنف والده السيّد حسين الذي كان يعمل آنذاك في مهنة الصياغة ، ويبدو أنّ والده حرص منذ البداية أن ينحى ولده منحى آخر غير مهنة أبيه وكما هو متعارف. ومن المحتمل أنّه وجد في ولده حبّ طلب العلم ، لذا حرص أن ينشأه نشأة علمية في وقت كانت النجف الأشرف غاصّة بالعلماء والمتعلّمين الذين كانوا يفدون إليها من مختلف أنحاء العالم الإسلامي للانتهال من علومها والتتلمذ على منابرها وليومنا هذا.
ثانياً : حياته العلمية
أ ـ أساتذته ـ تلامذته :
لم تذكر لنا كتب الرجال ـ كما ذكرنا مسبقاً ـ تفاصيل عن بدايات مشواره العلمي ، ومن هم أهمّ أساتذته الذين تلقّى على أيديهم المعرفة ، ولم يسجّل لنا السيّد كذلك عن نفسه في كرّاس يجمع فيه بعض التفاصيل المهمّة من حياته.
ولا شكّ أنّ بدايات مشواره العلمي كما هو متعارف لدى طلاّب الحوزة العلمية يبدأ بدراسة المقدّمات ومن ثمّ السطوح حتّى يتهيّأ لدراسة البحث الخارج الذي يعتبر أعلى مراتب الدراسة في الحوزة ، وذكر من ترجمه أنّه حضر البحث الخارج عند العديد من العلماء والمراجع الكبار
__________________
(١) الذريعة ١٨/٨١ ، مصفى المقال : ٤٨٩ ، العلاّمة السيّد هادي الصائغ : ١٦.
مثل الشيخ قاسم القسّام والسيّد أبو الحسن الأصفهاني ، وتخرج عالماً فاضلاً ، فقيهاً ، أديباً(١) ، وعدّ بعد ذلك من الأعلام المرموقين في مدينة النجف الأشرف.
وكان له من القابليّات العلمية في مختلف المستويات ، لذا حرص عدد غير قليل من طلبة العلم لحضور درسه ، والنهل من علومه ، حيث تخرّج على يديه عدد من الأفاضل الذين نبغوا بعد ذلك وذاع صيتهم ، منهم العلامة السيّد محمّد تقي بحر العلوم الذي قصده في أواخر العقد الثاني من عمره لدراسة كتاب شرح اللمعة الدمشقية(٢) ، والسيّد ضياء بحر العلوم(٣) ، والشيخ الجليل قاسم حرج(٤) ، والشيخ عبد الحسن القرملي(٥) ، والشيخ موسى كاشف الغطاء الذي قرأ على يديه كتاب المنطق والبيان(٦) ، والشيخ محمّد حسين سميسم(٧) ، والشيخ كاظم السوداني الذي درس عنده الفقه(٨) ، والشيخ موسى آل نجف الذي درس عنده كتاب المعالم(٩) ، والسيّد محمّد جواد الغريفي(١٠) ، والشيخ عبد الهادي الدجيلي(١١) ، والسيّد
__________________
(١) العلاّمة السيّد هادي الصائغ : ١٦.
(٢) رجال بحر العلوم : ١٦٦.
(٣) العلاّمة السيّد هادي الصائغ : ١٧.
(٤) شعراء الغريّ ٧/٧٣.
(٥) ماضي النجف وحاضرها ٣/٧٠.
(٦) ماضي النجف وحاضرها ٣/٢٠٥.
(٧) العلاّمة السيّد هادي الصائغ : ١٧.
(٨) ماضي النجف وحاضرها ٣/٤٤٠.
(٩) خطباء المنبر الحسيني ١/١٠٩.
(١٠) مجموعة مخطوطات الفتلاوي.
(١١) السيّد هادي الصائغ : ١٧.
صادق الهندي(١).
ولم تستمر حياة السيّد هادي الصائغ العلمية على هذا المنوال لأنه قد وقع عند رغبة المرجع السيّد أبو الحسن الأصفهاني ليكون أحد وكلائه في مدينة المسيّب عام ١٣٤٩هـ(٢) ، وبذلك يكون قد أنهى فترة مهمّة من حياته في هذه المدينة ، لتأخذ مسيرته جانباً آخر كانت تحتاجه هذه المدينة من الوعظ والإرشاد وتبصرة الناس على المسائل الدينية.
واستطاع وخلال بقائه في هذه المدينة بتأسيس حسينية واقعة في وسط المدينة ليتّخذها مركزاً له ولتصبح موضع اجتماع المتعلّمين والمسترشدين لأحكام الدين وفيها تقام المآتم الحسينية والمواكب العزائية. وكان تأسيس هذه الحسينية عام ١٣٦٥هـ وكتب فوق بابها من الخارج من الحجر الكاشاني هذان البيتان وفيهما تاريخ البناء(٣).
|
خير دار على الهدى أسّستها |
|
كفّ هادي الورى بأمضى العزائم |
||
|
فأزدهرت بالحسن مذ أرّخوا |
|
أيّ دار تقام فيها المآتم |
||
وأعدّ لها السيّد مخصّصات تقوم لحاجتها الوقتية.
ولم تكن مدّة بقائه في هذه المدينة بمعزل عن تواصله ونشاطه العلمي ، فقد كانت في بيته حجرة ممتلئة بالكتب المتنوّعة ، وقد اتّخذها ملاذاً لراحته ونشاطاته العلمية واستقبال ضيوفه من الخاصّة والعامّة. وقد زاره خلال مدّة بقائه هناك وفد من علماء جامع الأزهر بمصر عام ١٣٧١هـ ، وقد اطّلعوا على مخطوطة كتاب فقهي له عن (الطهارة) فرغبوا في زيارته
__________________
(١) السيّد هادي الصائغ : ١٧.
(٢) السفر المطيّب : ٦٦.
(٣) السفر المطيّب : ٥٥.
ومناقشته بمضامينه(١).
وبعد وفاة السيّد أبو الحسن الأصفهاني عام ١٣٦٥هـ ، وانتقال المرجعية إلى السيّد محسن الحكيم الذي كان يحتفظ للسيّد بمنزلة خاصّة في نفسه فأقرّه على وكالته في المدينة(٢).
وحظي السيّد هادي الصائغ وخلال مدّة مكوثه في مدينة المسيّب بمكانة جليلة في نفوس أهاليها وذلك نظراً لما لمس فيه من الأخلاق السامية وصدق الكلمة والتواضع والميل الشديد إلى الطبقات الفقيرة ، وظلّ اسمه يتردّد في أنحائها وفضله يعبق في مجالسها إلى يومنا هذا.
ب ـ مؤلّفاته :
صنّف السيّد هادي الصائغ عدداً غير قليل من المؤلّفات في شتّى صنوف العلم والمعرفة ، وذلك لما كان يتمتّع به من قابليّات علمية كبيرة ، فقد نعتته المصادر بمختلف النعوت العلمية ، حسب ما قال عنه السيد محسن الأمين أنّه : «من أفاضل العلماء»(٣) ، وقال عنه الشيخ علي قسّام : «كان من المدرّسين ، من الأفاضل ، رجال الدين ، وقد تخرّج عليه جملة من الأفاضل والمجتهدين والمعترف بفضيلته»(٤) ، وأطلق عليه كذلك لقب (العلاّمة)(٥) ، لتنوّع معارفه وعلومه.
__________________
(١) العلاّمة السيّد هادي الصائغ : ٢٢.
(٢) العلاّمة السيّد هادي الصائغ : ٢٢.
(٣) السيّد محسن الأمين : ٥٦.
(٤) السفر المطيّب : ٦٦.
(٥) العلاّمة السيّد هادي الصائغ : ١٧.
والشيء الذي يقال هنا أنّه لم يرَ النور من كتبه سوى كتاب (هداية المسترشدين إلى معرفة أحكام الدين) المطبوع في بغداد عام ١٣٦٨هـ ، وألفّ هذا الكتاب حسبما ذكر : «بناءً على مسألة بعض الأخوان إملاء رسالة تشتمل على ما تعمّ به البلوى وتمسّ الحاجة إليه من أحكام العبادات فعزمت على ذلك كلّه متوكّلاً على الله فيما هنالك سائلاً منه الإمداد بإعانته والإسعاد على طاعته والإرشاد في بدء الأمر وخاتمته وراجياً منه أن يوفّقني لإتمامها ويجعلها خالصاً لوجهه الكريم .....)(١).
وقد عدّت مؤلّفاته أكثر من مائة وخمسين كتاباً أو رسالة(٢) ، إلاّ أنّ معظم هذه الكتب قد تفرّقت بعد وفاته لأنّه لم يترك عقب يتولّى شؤونها وكانت كلّها مخطوطة ، وعرضت في سوق الكتب المقام يوم الخميس من كلّ أسبوع في النجف الأشرف وبيعت ، وانتقلت إلى العلاّمة السيّد مهدي الخرسان ومنه إلى دار المخطوطات العراقية ببغداد والتي لا يوجد فيها أيّ أثر لذكر المؤلّف في فهارسها(٣).
إلاّ أنّ الشيخ أغا بزرك الطهراني في سفره الجليل الذريعة حفظ لنا أسماء عدد من تلك المخطوطات ، وأشار الشيخ أغا بزرك إلى أنّ للسيّد هادي فهرسة في كتبه(٤) ومن المحتمل أنّه حصل عليها عن طريقه لضمّها في كتابه الذريعة.
__________________
(١) هداية المسترشدين : ٢.
(٢) العلاّمة السيّد هادي الصائغ : ٢٦.
(٣) العلاّمة السيّد هادي الصائغ : ٢٦ـ٢٧.
(٤) الذريعة ١١/٧.
ومن أهمّ ما ذكر من مؤلّفاته(١) :
١ ـ رسالة أربعين حديثاً في ثلاثة عناوين لكلّ عنوان أربعون حديثاً وعبّر عنها بالأربعينات الثلاثة.
٢ ـ رسالة الأسرار الملكوتية في فضل الصلوات المحمّدية.
٣ ـ رسالة في الإعجاز.
٤ ـ أحسن الغنائم في شرح شواهد ابن الناظم.
٥ ـ الأنوار المضيئة في شرح المقصورة الدردية.
٦ ـ باب الأبواب إلى معرفة الأعراب (أرجوزة).
٧ ـ البغية أرجوزة في الضوابط الفقهية وتقع فيما يقرب من ستمائة بيت.
٨ ـ الدرّة البيضاء في شرح خطبة فاطمة الزهراء ، وهي الآن بين يديك.
٩ ـ الدرّة وهي أرجوزة في الضوابط الفقهية.
١٠ ـ شرح على الخطبة الشقشقية.
١١ ـ شروحات وتعليقات على متن كتب باللغة الفارسية.
١٢ ـ عمدة الأعمال وخير المقال في الأدعية.
١٣ ـ الكشكول ذكر أنّه حوالي ثلث كشكول البهائي.
١٤ ـ مشكاة الأنوار في توحيد القادر المختار وسائر الأصول في خمسة أجزاء.
__________________
(١) للمزيد من المعلومات أنظر : الذريعة ٧/٩٤ ، ١١/٥٣ ، ١٥ / ٣٣٥ ، ١٨/٨١ ، ٢١/٥٦ ، ١١٧ ، ٤٠٨ ، ٢٣/٥٤ ، ٦٥ ، ٢٤/٦٤ ، ٢٢١ ، مصفى المقال : ٤٨٩ ، العلاّمة السيّد هادي الصائغ : ٢٧ ، مجموعة مخطوطات الفتلاوي.
١٥ ـ مصباح الليل في شرح دعاء كميل.
١٦ ـ المقالة الكافية في تعيين الفرقة الناجية.
١٧ ـ منظومة في المنطق.
١٨ ـ نظم قطر الندى.
١٩ ـ النخبة ، وهي أرجوزة في الرجال في ألفي وخمسمائة بيت.
وله شعر كثير صرف أغلبه في نظم الأراجيز العلمية كما رأينا في مؤلّفاته المخطوطة ، وكذلك في مدح ورثاء أهل البيت عليهمالسلام.
ثالثاً : وفاته
وافاه الأجل بالمسيّب يوم الثلاثاء ٢١ محرّم سنة ١٣٧٧هـ(١) ، وشيّع تشييعاً مهيباً ، ونقل جثمانه الطاهر إلى مدينة النجف الأشرف مسقط رأسه ، ودفن في الصحن الحيدري الشريف في جانب القبلة من جهة المشرق.
__________________
(١) السفر المطيّب : ٦٧ ، العلاّمة السيّد هادي الصائغ : ٢٨ ، وقد ذكر العلامة آقا بزرك الطهراني سنة وفاة السيّد هادي ١٣٧٦هـ وهذا غير صحيح الذريعة ١٨/٨١.
تقريظ بقلم آية الله العظمى
الشيخ أحمد كاشف الغطاء قدسسره
أخصّك يا إلهي بالحمد والثناء وأصلّي على نبيّك محمّد سيّد الأنبياء وآله البررة الأتقياء.
وبعد فقد تربّع طرفي من هذه الرسالة في روضة ممطورة ولئالي منثورة ، فرأيت حديقة زهر وحقيبة درٍّ وماء زلالاً وسحراً حلالاً وفصولاً يحسد الخاطر الناظر إذ رآها ويحسد الناظر الخاطر إذا تروّاها ، قد قيّد فيها جوامح المعاني فذلّل صعابها وأوضح مشكلات المباني فأزال نقالها بتراكيب فائقة وأساليب رائقة ، وأن أعظّم أليّتي على مؤلّفها وألزم وصيّتي لمرصّفها أن لا يألو جهداً في طلب العلم ليله ونهاره ويجعل الجدّ والسّعي في ذلك دثاره وشعاره مع المحافظة على تقوى الله التي هي الحصن الرّفيع والكهف المنيع ، وأن لا ينساني من صالح دعواته في خلوائه وجلوائه ، فإنّي أرجو والثقة بالله أن يسعد به كما أسعده ويرشد به كما أرشده والسلام عليه ورحمة الله وبركاته.
حرّره الأحقر أحمد بن عليّ بن محمّد رضا بن موسى بن جعفر
كاشف الغطاء طيّب الله رمسه.
١٣٢٤ هجرية يوم ٢٠ ربيع الأوّل
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطاهرين.
وبعد ، فيقول العبد الأحقر هادي بن السيّد حسين الحسيني : أنّه قد التمس منّي بعض إخواني المؤمنين أن أشرح خطبة سيّدتنا وسيّدة نساء العالمين شرحاً يوضّح مشكلها ويحلّ معضلها ، وأن أضيف إلى ذلك من أخبار أهل البيت عليهمالسلام ما يناسب المقام ، فأجبته إلى ذلك راجياً من الله حسن الثواب يوم الحساب وسمّيته بـ : الدرّة البيضاء في شرح خطبة الزهراء عليهاالسلام ، وما توفيقي إلاّ بالله عليه توكّلت وإليه أنيب.
في ذكر سند الخطبة وذكر مَن ذكرها
اعلم أسعدك الله تعالى أنّ هذه الخطبة قد رواها جماعة من الخاصّة والعامّة كشيخنا الطبرسي رحمهالله في كتاب الإحتجاج(١) ، وعليّ بن عيسى الإربلي رحمهالله في كشف الغمّة(٢) ، والشيخ يوسف البحراني في الدرّة النجفية(٣) ، وذكر جملة منها شيخنا الصدوق (عليه الرحمة) في كتاب من لا يحضره الفقيه(٤) ، كتاب العلل(٥) ، والسبط بن الجوزي في تذكرة
__________________
(١) الإحتجاج للطبرسي ١/٩٧ ـ ١٠٨.
(٢) كشف الغمّة ١/٤٨.
(٣) الدرّة النجفية : ٢٧١ ـ ٢٧٢.
(٤) من لا يحضره الفقيه ٣/٥٦٧.
(٥) علل الشرائع ١/٢٤٨.
الخواص(١) عن الشعبي ومحمّد بن عمران المرزباني ، والشيخ أسعد بن سقروه في كتاب الفائق عن الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه بسنده إلى الزهري عن عروة عن عائشة نقلاً عنهما ، وابن أبي الحديد في شرح النهج(٢).
وقد وقع الاختلاف الكثير في متنها ونحن ننقلها برواية الدرّة النجفية(٣) عن ابن أبي الحديد في شرح النهج عن كتاب السقيفة لأبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، قال ابن أبي الحديد : «وأبو بكر الجوهري هذا عالم محدّث كثير الأدب ثقة ورع أثنى عليه المحدّثون ورووا عنه مصنّفاته»(٤).
قال أبو بكر : حدّثني محمّد بن زكريّا قال : حدّثني جعفر بن محمّد ابن عمارة الكندي قال : حدّثني أبي عن الحسين بن صالح بن حيّ قال : حدّثني رجلان من بني هاشم عن زينب بنت علىّ عليهاالسلام بن أبي طالب.
قال : وقال جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين عن أبيه.
قال أبو بكر : وحدّثني عثمان بن عمران العجيفي عن نائل بن نجيح
__________________
(١) ذكر جزء من هذه الخطبة ، أنظر : تذكرة الخواص : ٣١٧ ـ ٣١٨.
(٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٦/٢١١ ـ ٢١٣ ، والخطبة التي رواها ليست كاملة وقد أشار إلى ذلك بقوله : «وذكر خطبة طويلة جيّدة قالت في آخرها».
(٣) من المحتمل أنّ الشيخ يوسف البحراني لم يعتمد بصورة كاملة على ما ذكره ابن أبي الحديد لأنّ كما ذكرنا آنفاً أنّ الخطبة التي ذكرها ليست كاملة. وهناك مصادر أخرى ذكرت هذه الخطبة منهم ابن طيفور صاحب كتاب بلاغات النساء الذي يعدّ من المتقدّمين لأنّ سنة وفاته عام (٢٠٤هـ): ص٢٦ ـ ٣١، وهو يعدّ من أقدم المصادر لهذه الخطبة والطبري صاحب كتاب دلائل الإمامة: ص ٣٠ ـ ٣٦.
(٤) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٦ / ٢١٠.
ابن عمر بن شمر عن جابر الجعفي عن أبي جعفر محمّد بن علىّ عليهالسلام.
قال أبو بكر : وحدّثني أحمد بن محمّد بن يزيد عن عبد الله بن محمّد بن سليمان عن أبيه عن عبد الله بن حسن بن الحسن قالوا جميعاً :
لمّا بلغ فاطمة عليهاالسلام إجماع أبي بكر على منعها فدك لاثت خمارها وأقبلت في لمّة من حفدتها ونساء قومها تطأ ذيولها ما تخرم مشيتها مشية رسول الله(صلى الله عليه وآله) حتّى دخلت على أبي بكر وقد حشد الناس من المهاجرين والأنصار فضرب بينهم وبينها ريطة بيضاء قبطية ثمّ أنّتْ أنّةً أجهش القوم لها بالبكاء ثمّ أمهلت طويلاً حتّى سكنوا من فورهم ثمّ قالت :
ابتدىء بحمد من هو أولى بالحمد والطول والمجد ، الحمد لله على ما أنعم ، وله الشكر بما ألهم ، والثناء بما قدّم ، من عموم نعم ابتدأها ، وسبوغ الآء(١) أسداها ، وتمام منن والاها ، جمّ عن الإحصاء عددها ، ونأى عن الجزاء أمدها ، وتفاوت عن الإدراك أبدها ، وندبهم لاستزادتها بالشكر لاتصالها ، واستحمد إلى الخلائق بإجزالها ، وثنى بالندب إلى أمثالها ، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك (له)(٢)كلمة جعل الإخلاص تأويلها ، وضمن القلوب موصولها ، وأنار في الفكر معقولها ، الممتنع من الأبصار رؤيته ، ومن الألسن صفته ، ومن الأوهام كيفيته ، ابتدع الأشياء لا من شيء كان قبلها ، وأنشأها بلا احتذاء أمثلة امتثلها ، كوّنها بقدرته ، وذرأها بمشيئته ، من غير حاجة منه إلى تكوينها ، ولا فائدة له في تصويرها ، إلاّ تثبيتاً لحكمته ، وتنبيهاً
__________________
(١) وردت في نسخة المخطوطة (الالاء) والصواب ما ذكر في المتن أنظر ورقة رقم (٢).
(٢) سقطت هذه الكلمة من نصّ نسخة المخطوطة ورقة رقم (١).
على طاعته ، وإظهاراً لقدرته ، وتعبّداً لبريّته ، وإعزازاً لدعوته ، ثمّ جعل الثواب على طاعته ، ووضع العقاب على معصيته ، زيادة لعباده من نقمته ، وحياشة لهم إلى جنّته ، وأشهد أنّ أبي محمّداً عبده ورسوله اختاره قبل أن يجتبله واصطفاه قبل أن يبتعثه(١) ، إذ الخلائق بالغيب مكنونة ، وبستر الأهاويل مصونة ، وبنهاية العدم مقرونة ، علماً من الله بمآل الأمور ، وأحاطه بحوادث الدهور ، ومعرفة منه بمواقع المقدور ابتعثه إتماماً لأمره ، وعزيمة على إمضاء حكمه ، وإنفاذاً لمقادير رحمته ، فرأى الأمم فرقاً في أديانها ، عابدة لأوثانها ، عكفاً على نيرانها ، منكرة لله مع عرفانها ، فأنار الله بأبي ظلمها ، وفرّج عن القلوب بهمها ، وجلا عن الأبصار غممها ، وقام في الناس بالهداية ، وأنقذهم من الغواية ، وبصّرهم من العماية ، وهداهم إلى الدين القويم ، ودعاهم إلى الطريق المستقيم ، ثمّ قبضه الله إليه قبض رأفة واختيار ، ورغبة وإيثار بمحمّد(صلى الله عليه وآله) عن تعب هذه الدار(٢) ، موضوعاً عنه أعباء الأوزار ، محفوفاً بالملائكة ورضوان الربّ الغفّار ، وجوار الملك الجبّار ، فصلّى الله على أبي نبيّه ، وأمينه بالوحي وخيرته في الخلق ورضيّه ، ورحمة الله وبركاته.
ثمّ التفتت إلى أهل المجلس وقالت :
وأنتم عباد الله نصب أمره ونهيه ، وحملة كتاب الله ووحيه ، وأمناء
__________________
(١) وردت عن الطبرسي العبارات السابقة هكذا : «اختاره قبل أن أرسله وسمّاه قبل أن اجتباه واصطفاه قبل أن ابتعثه» ، الإحتجاج ١/٩٨.
(٢) الأصوب كما ورد عند الطبرسي : «فمحمّد من تعب هذه الدار» الإحتجاج ١/٩٩.
الله على أنفسكم ، وبلغائه إلى الأمم حولكم ، لله فيكم عهد قدمه إليكم ، وبقية استخلفها عليكم ، كتاب الله بيّنة بصائره ، منكشفة سرائره متجلّية ظواهره(١) ، قائد إلى الرضوان أتباعه ، ومؤدٍّ إلى النجاة استماعه ، فيه بيان حجج الله النيرة ، ومواعظه المكرّرة ، ومحارمه المحذورة ، وأحكامه الكافية ، وبيّناته الجالية ، وجمله الشافية ، وشرائحه المكتوبة ، ورخصه الموهوبة ، ففرض الله الإيمان تطهيراً لكم من الشرك ، والصلاة تنزيهاً لكم من الكبر ، والزكاة تزييداً لكم في الرزق ، والصيام تثبيتاً للإخلاص ، والحجّ تشييداً للدين ، والعدل تنسّكاً للقلوب ، وطاعتنا نظاماً للملّة ، وإمامتنا أماناً من الفرقة ، والجهاد عزّاً للإسلام ، والصبر معونة على استيجاب الأجر ، والأمر بالمعروف مصلحة للعامّة ، والبرّ بالوالدين وقاية من السخط ، وصلة الأرحام منسأة في العمر ومنماة للعدل ، والقصاص حقناً للدماء ، والوفاء بالنذر تعريضاً للمغفرة ، وتوفية المكائيل والموازين تغييراً للبخسة واجتناب قذف المحصنات حجاباً من اللعنة ، والانتهاء عن شرب الخمور تنزيهاً من الرجس ، ومجانبة السرقة إيجاباً للعفّة ، والتنزّه عن أكل أموال الأيتام والاستيثار بفيئهم إجارة من الظلم ، والعدل في الأحكام إيناساً للرعية ، والتبرّي من صفة الشرك إخلاصاً له للربوبيته ، فاتّقوا الله حقّ تقاته ، وأطيعوا فيما أمركم به ، فإنّما (يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ
__________________
(١) وردت عند الطبرسي هذه العبارة هكذا : «استخلفها عليكم كتاب الله الناطق والقرآن الصادق والنور الساطع والضياء اللامع بنية بصائره منكشفة سرائره منجلية ظواهره» ، الإحتجاج ١/٩٩.
الْعُلَماءُ)(١) ، فاحمدوا الله الذي بعظمته ونوره يبتغي من في السماوات والأرض إليه الوسيلة ، ونحن وسيلته في خلقه ، ونحن خاصّته ومحلّ قدسه ، ونحن حجّته في غيبته ، ونحن ورثة أنبيائه.
ثمّ قالت :
أنا فاطمة بنت محمّد(صلى الله عليه وآله) أقول عوداً على بدء ، وما أقول ذلك سرفاً ولا شططاً ، فاسمعوا إليّ بأسماع واعية وقلوب راعية ، (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ)(٢) ، فإنْ تعزوه تجدوه أبي دون آبائكم ، وأخا ابن عمّي دون رجالكم ، فبلّغ الرسالة ، صادعاً بالنذارة ، مائلاً عن سنن المشركين ، آخذاً بأكظامهم ، يدعو إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة ، يهشم الأصنام ، ويفلق الهام ، حتّى انهزم الجمع وولّوا الدبر ، حتّى تعرّى الليل عن صبحه ، وأسفر الحقّ عن محضه ، ونطق زعيم الدين ، وخرست شقاشق الشياطين ، وتمّت كلمة الإخلاص ، وكنتم على شفا حفرة من النار نهزة الطامع ، ومذقة الشارب ، وقبسة العجلان ، وموطئ الأقدام ، تشربون الطرق وتقتاتون الورق ، أذلّة خاسئين ، تخافون أن يتخطّفكم الناس من حولكم ، حتّى أنقذكم الله برسوله بعد اللتيّا والتي ، وبعد أن مُنِي بُهَمُ الرجال ، وذؤبان العرب ، ومردة أهل الكتاب ، كلّما أوقدوا للحرب ناراً أطفأها الله ، أو نجم قرن
__________________
(١) سورة فاطر ٣٥ : ٢٨.
(٢) سورة التوبة ٩ : ١٢٨.
للشيطان ، أو فغرت فاغرة للمشركين قذف أخاه في لهواتها ، فلا ينكفئ حتّى يطأ صماخها بأخمصه ، ويطفئ عادية لهبها بسيفه ، مكدوداً في ذات الله ، وأنتم في رفاهية آمنون فاكهون وادعون ، حتّى إذا اختار الله لنبيّه دار الأنبياء ، ظهرت حسيكة النفاق وسمل جلباب الدين ، ونطق كاظم الغاوين ، ونبغ خامل الأقلّين ، وهدر فنيق المبطلين ، يخطر في عرصاتكم ، وأطلع الشيطان رأسه صارخاً بكم ، فدعاكم وألفاكم لدعوته مستجيبين ، وللغرّة فيه ملاحظين ، ثمّ استنهضكم فوجدكم خفافاً ، وأحمشكم فألفاكم غضاباً ، فوسمتم غير إبلكم ، وأوردتم غير شربكم ، هذا والعهد قريب ، والكلم رحيب ، والجرح لمّا يندمل ، زعمتم خوف الفتنة ألا في الفتنة سقطوا وإنّ جهنّم لمحيطة بالكافرين ، فهيهات وأنّى بكم وكيف تؤفكون وكتاب الله بين أظهركم وزواجره بيّنة وشواهده لائحة وأوامره واضحة ، رغبة عنه تريدون ، أم بغيره تحكمون ، بئس للظالمين بدلاً ، ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ، ثمّ لم تلبثوا إلاّ ريث أن تسكن نفرتها ، ويسلس قيادها ، ثمّ أخذتم تورون وقدتها ، وتهيجون جمرتها ، تُسرّون حَسواً في ارتغاء ، وتمشون لأهله ، وولده في الخمر والضرّاء ، ونصبر منكم على مثل حزّ المدى ، ووخز السنان في الحشا ، وأنتم الآن تزعمون أن لا إرث لنا أفحكم الجاهلية تبغون (ومَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْم يُوقِنُونَ)(١).
يابن أبي قحافة أترث أباك ولا أرث أبي لقد جئت شيئاً فريّا ،
__________________
(١) سورة المائدة ٥ : ٥٠.
فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك ، فنعم الحكم الله والزعيم محمّد(صلى الله عليه وآله) والموعد القيامة وعند الساعة يخسر المبطلون ، ولكل نبأ مستقرّ (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ)(١).
قال : ثمّ التفتت إلى قبر أبيها فتمثّلت بقول هند بنت أثاثة :
|
قد كان بعدك أنباءٌ وهنبثةٌ(٢) |
|
لو كنت شاهدها لم تكثر الخطبُ |
|
أبدت رجال لنا فحوى صدورهم |
|
لما قضيت وحالت دونك الترب(٣) |
|
تجهّمتنا رجال واستخفّ بنا |
|
إذ غبت عنّا فنحن اليوم نغتصب |
قال : ولم ير النّاس أكثر باك ولا باكية منهم يومئذ ثمّ عدلت إلى مسجد الأنصار فقالت :
يا معشر البقية وأعضاد الملّة وحضنة الإسلام ما هذه الفترة عن نصرتي ، والونية عن معونتي ، والغمزة في حقّي ، والسنة عن ظلامتي ، أما كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول : «المرء يحفظ في ولده» سرعان ما أحدثتم ، وعجلان ما آتيتم ، ألآن مات رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، أمتّم دينه وها إنّ موته لعمري خطب جليل ، استوسع وهيه ، واستنهر فتقه ، وفقد راتقه ، واظلمّت الأرض له ، وخشعت الجبال ، وأكدت الآمال ، وأضيع بعده الحريم ، وهتكت الحرمة ، وأزيلت المصونة ، وتلك نازلة أعلن
__________________
(١) سورة هود١١ : ٣٩.
(٢) وردت عند ابن أبي الحديد (هنبئة) شرح نهج البلاغة ١٦/٢١٣.
(٣) وردت عند ابن أبي الحديد (الكتب) شرح نهج البلاغة ١٦/٢١٣.
بها كتاب الله قبل موته ، وأنبأكم بها قبل وفاته فقال : (وما مُحمّدٌ إلاّ رَسُولٌ قَد خَلَتْ مِن قَبلِه الرُّسُل أفإن ماتَ أو قُتِل انقلَبتم على أعقابكم ومَن ينقلب عَلى عَقبيه فَلن يضُرّ اللهَ شيئاً وسَيَجزي اللهُ الشاكرينَ)(١).
إيهاً بني قيلة ، أُهتضم تراث أبي وأنتم بمرأى ومسمع تبلغكم الدّعوة ويشملكم(٢) الصوت وفيكم العدّة والعدد ، ولكم الدار والجُنن ، وانتم نخبة الله التي انتخب ، وخيرته التي اختار ، باديتم العرب ، وبادهتم الأمور ، وكافحتم إليهم ، حتّى دارت بكم رحى الإسلام ودرّ حلبه ، وخبت نيران الحرب ، وسكنت فورة الشرك ، وهدأت دعوة الهرج ، واستوسق نظام الدين ، أفتأخّرتم بعد الإقدام ونكصتم بعد الشدّة ، وجبنتم بعد الشجاعة عن قوم نكصوا إيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم ، فقاتلوا أئمّة الكفر إنّهم لا إيمان لهم لعلّهم ينتهون ، ألا وقد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض وركنتم إلى الدّعة ، فجحدتم الذي وعيتم ، ودسعتم(٣) الذي سوّغتم ، وإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فإن الله لغنيّ حميد.
ألا وقد قلت لكم ما قد قلت على معرفة منّي بالخذلة التي خامرتكم وخور القنا(٤) وضعف اليقين ، فدونكموها فاحتقبوها دبرة(٥)الظهر ناقبة الخفّ ، باقية العار ، موسومة الشعار ، موصولة بنار الله
__________________
(١) سورة آل عمران ٣ : ١٤٤.
(٢) وردت عند ابن أبي الحديد (انكشتم) شرح نهج البلاغة ١٦/٢١٣.
(٣) وردت عن ابن أبي الحديد (دسغتم) شرح نهج البلاغة ١٦/٢١٣.
(٤) وردت عند ابن أبي الحديد (القناة) شرح نهج البلاغة ١٦/٢١٣.
(٥) وردت عند ابن أبي الحديد (فاحتووها مدبّرة) شرح نهج البلاغة ١٦/٢١٣.
الموقدة ، التي تطّلعُ على الأفئدة ، فبعين الله ما تعملون (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَب يَنْقَلِبُونَ)(١) تمّت.
(في شرح ألفاظ الرواية)
بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي
فلنشرع بالمقصود من الشرح ، وينبغي أن نشرح الألفاظ اللغوية في متن الرواية ليكون كالمقدّمة له فنقول :
قال الراوي :
(لمّا أجمع أبو بكر على منع فاطمة فدكاً لاثت خمارها)
الإجماع في اللغة : العزم على الأمر ، ومنه قوله تعالى : (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ)(٢) ، وحينئذ فمعنى إجماع أبي بكر : عزمه على غصب فدك منها عليهاالسلام.
قال الشيخ يوسف في الدرّة : «إجماع أبي بكر أي : إحكامه النيّة والعزيمة على منعها فدك [ومثله في البحار] والمآل واحد»(٣).
[قال المجلسي رحمهالله : لاثت خمارها أي عصبته وجمعته](٤) ، ومعنى اللوث كما في كتب اللغة : التعصّب بالعمامة ، يقال : لاث العمامة على رأسه يلوثها لوثاً ، أي : تعصّب بها وأدارها على رأسه(٥) ، وظاهرها الاختصاص ،
__________________
(١) سورة الشعراء ٢٦ : ٢٢٧.
(٢) سورة يونس ١٠ : ٧١.
(٣) الدرّة النجفية : ٢٧٢ ، بحار الأنوار ٢٩/٢٤٧.
(٤) بحار الأنوار ٢٩/٢٤٧.
(٥) لسان العرب ٢/١٨٥.
وعليه فاستعماله في الخمار من باب الاستعارة والجامع واضح.
(وأقبلت في لمّة من حفدتها ونساء قومها تطأ ذيولها)
اللمّة ـ بضم اللام وتخفيف الميم ـ : الجماعة ، قال ابن الأثير في حديث فاطمة عليهاالسلام : «إنّها خرجت في لمّة من نسائها تطأ ذيلها إلى أبي بكر ، أي : في جماعة من نسائها ، قيل : هي ما بين الثلاثة إلى العشرة ، وقيل : اللمّة : المثل في السنّ والترب.
قال الجوهري : الهاء عَوضٌ عن الهمزة الذاهبة في وسطه وهو ممّا أخذت عينه كـ : سه ، ومذ ، وأصلها فعلة من الملائمة وهي الموافقة»(١)انتهى.
وعن بعض الفضلاء : احتمال أن يكون بتشديد الميم ، ويحتمله لفظ القاموس حيث قال : «اللمّة ـ بالضمّ ـ : الصاحب والأصحاب في السفر والمونس للواحد والجمع»(٢).
«والحفدة ـ بالتحريك ـ : جمع حافد ، ككفرة جمع كافر ، وهي الخدم والأعوان على ما في القاموس»(٣) ، كما قيل به في قوله تعالى : (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً)(٤) ، وقيل : الأختان ، وقيل : الأصهار ، وقيل : بنو المرأة من الزوج الأوّل ، وقيل : ولد الوالد ؛ لأنّهم كالخدّام في
__________________
(١) النهاية في غريب الحديث ٢/٢٧ ، وورد في نفس المعنى عند مصادر أخرى ينظر : الفائق ٣/٣٣١ ، غريب الحديث ٢/٣٣٣ ، لسان العرب ١٥/٢٥٧.
(٢) القاموس المحيط ١/١٤٩٦.
(٣) القاموس المحيط ١/٣٥٤.
(٤) سورة النحل ١٦ : ٧٢ ، سقطت من نصّ نسخة المخطوطة عبارة (من أزواجكم).
الصغر.
قال شيخنا الطريحي بعد نقل هذه الأقوال : «ولعلّه الأصحّ»(١) كما يشهد له قوله(صلى الله عليه وآله) : «تقتل حفدتي بأرض خراسان ...»(٢) فانظره ، [قال المجلسي رحمهالله : «وجمع الذيل باعتبار الأجزاء أو تعدّد الثياب انتهى منه»](٣).
وإنّما كانت صلوات الله عليها تطأ ذيولها لأنّها كانت أثوابها طويلة تستر قدميها محافظة على الستر.
وعن بعض النسخ «تجرّ أدراعها»(٤) والأدراع جمع درع وهو القميص.
(ما تخرم مشيتها مشية رسول الله(صلى الله عليه وآله))
[وعن بعض النسخ «في مشي رسول الله(صلى الله عليه وآله)»(٥)].
[الخرم : النقص والعدول] أي : ما تنقص مشيتها مشيته شيئاً ، [وعن النهاية الأثيرية فيه أي في الحديث : «ما خرمت في صلاة رسول الله(صلى الله عليه وآله)
__________________
(١) مجمع البحرين ١/٥٣٦.
(٢) أصل الحديث المروي عن الرسول(صلى الله عليه وآله) بحقّ الإمام الرضا عليهالسلام برواية حمزة بن حمران عن الإمام الصادق عن الرسول(صلى الله عليه وآله) : (تقتل حفدتي بأرض خراسان في مدينة يقال لها طوس من زاره إليها عارفاً بحقّه أخذته بيدي يوم القيامة وأدخلته الجنّة وإن كان من أهل الكبائر) ، أنظر : أمالي الصدوق : ٢١ ، من لا يحضره الفقيه ٢/٥٨٤ ، جامع الأخبار : ٣١ ، روضة الواعظين ١/٢٣٥ ، عيون أخبار الرضا ٢/٢٥٩ ، بحار الأنوار ٩٩/٣٥ ، وسائل الشيعة ١٤/٥٥٤.
(٣) بحار الأنوار ٢٩/٢٤٨ ـ ٢٤٩.
(٤) كشف الغمة ١/٤٨١ ، بحار الأنوار ٢٩/٢٣٩.
(٥) بحار الأنوار ٢٩/٢٤٨.
شيئاً»(١) ، أي : ما تركت].
(وقد حشد الناس من المهاجرين والأنصار فضُرِبَ بينها
وبينهم ريطة بيضاء قبطية)
أي : اجتمعوا ، والحشد : شدّة الاجتماع ، ومنه : مجلس حاشد واحتشدوا القوم لفلان يجتمعوا له وتأهّبوا(٢).
قال في المصباح المنير : حشدت القوم حشداً من باب قتل ، وفي لغة من باب ضرب إذا جمعتهم و (حشدوهم) يستعمل لازماً ومتعدّياً(٣) انتهى.
قال في النهاية الأثيرية : الريطة [بفتح الراء] كلّ ملائة ليست بلفقتين وقيل : كلّ ثوب دقيق ليّن ، والجمع ريط ورياط(٤).
وقال ابن الأثير : القبطية الثوب من ثياب مصر دقيقة بيضاء وكان منسوب إلى القبط وهم أهل مصر ، وضمّ القاف من تغيير النسب وهذا في الثياب وأمّا في الناس فقبطي بالكسر(٥).
قال في مجمع البحرين : والتغيير في النسبة هنا للاختصاص كما في الدهري بالضم نسبة إلى الدهر بالفتح(٦).
(ثمّ أنَّت أنةً أجهش القوم لها بالبكاء)
في القاموس : جهش إليه كسمع ، ومنه جهشاً وجهوشاً وجهشاناً :
__________________
(١) النهاية في غريب الحديث ٢/٢٧.
(٢) مختار الصحاح ١/٥٨ ، لسان العرب ٣/١٥٠.
(٣) المصباح المنير ١/١٣٦.
(٤) النهاية في غريب الحديث ٢/٢٨٩.
(٥) النهاية في غريب الحديث ٤/٦.
(٦) مجمع البحرين ٣/٤٥٠.
فزع إليه وهو يريد البكاء كالصبي يفزغ إلى أمّه كأجهش(١).
(ثمّ أمهلت طويلاً حتّى سكنوا من فورهم)
[وفي بعض النسخ (ثمّ أمهلت هنيئة) أي : صبرت زماناً قليلاً منه]
فور الشيء : شدّته ، وهو مأخوذ من فوران القدر وهو غليانها وجيشانها ، ومنه قولهم : ذهبت في حاجة ثمّ أتيت فلاناً من فوري ، أي : قبل أن أسكن فهو استعارة.
(وأمهلتهم صلوات الله عليها لكي يسمعوا كلامها ويعوا قولها)
وفي الإمهال طويلاً دلالة على شدّة فزعهم وهيجانهم كما لا يخفى.
ثمّ لنشرع في شرح الخطبة المزبورة فنقول : قالت صلوات الله وسلامه عليها :
(ابتدئُ بحمد من هو أولى بالحمد)
الحمد هو الثناء بالجميل على قصد التعظيم والتبجيل للممدوح سواء كان لنعمة أو غيرها ، والشكر فعل يُنبىء عن تعظيم المنعم لكونه منعماً سواء كان باللسان أو بالجنان أو بالأركان ، وعليه قول القائل :
|
أفادتكم النعماء منّي ثلاثة |
|
يدي ولساني والضمير المحجّبا |
__________________
(١) القاموس المحيط ١/٧٥٨.
فالحمد أعمُّ من جهة المتعلّق وأخصّ من جهة المورد والشكر بالعكس ، وقد ورد في الحديث : «الحمد رأس الشكر»(١). قال بعض المحقّقين(٢) : وإنّما جعله رأس الشكر لأنّ ذكر النعمة باللّسان والثناء على مولاها أشيع لها وأدلّ على مكانها من الاعتقاد لخفاء عمل القلب وما في عمل الجوارح من الاحتمال بخلاف عمل اللّسان الذي هو النطق المفصح عن كلّ خفىّ ، وكان تعالى أولى بالحمد ؛ لأنّه مالك الجماعات [هذا تضمين الخبر] من كلّ مخلوق وخالقهم وسائق أرزاقهم إليهم من حيث يعلمون ومن حيث لا يعلمون ، ويقلّب الحيوانات بقدرته ويغذوها من رزقه ويحوطها بكنفه ، ويدبّر كلاًّ بمصلحته ، ويمسك الأشياء بقدرته ، يمسك ما اتصل عن التهافت والمتهافت عن التلاصق والسماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه ، والأرض أن تخسف إلاّ بإذنه ، إلى غير ذلك من النعم التي لا تحصى بعدّ ولا تحدّ بحدّ ، وهو الذي أسبغ نعمه عليكم ظاهرة وباطنة.
قال بعض الحكماء رحمهالله [المراد به السيّد الداماد رحمهالله في شرح الصحيفة السجّادية] : لأنّ جميع المحامد في الحقيقة له جلّ شأنه ، إذ ما من خير بالذات أو بالعرض في نظام الوجود طولاً وعرضاً إلاّ وهو مستند إليه سبحانه بواسطة أو لا بواسطة.
(والطول والمجد)
الطول ، قال البيضاوي [في تفسيره] : الطول : الفضل بترك العقاب
__________________
(١) والحديث مرفوع عن الرسول(صلى الله عليه وآله) وهو : (الحمد رأس الشكر وما شكر الله عبد لم يحمده) مجموعة ورّام ٢/١٠٦.
(٢) ينظر : مجمع البحرين ١/٥٦٩.
المستحقّ.
والمجد والتمجيد : التشريف والتعظيم(١).
قال شيخنا الطريحي رحمهالله : وتمجيد الله كأن يقول العبد : (يَا مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إِلَيَّ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ يَا فَعَّالاً لِمَا يُرِيدُ يَا مَنْ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ يَا مَنْ هُوَ بِالْمَنْظَرِ الأعْلَى يَا مَنْ هُوَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ، ونحو ذلك(٢).
قيل : والممجّد في عرف الشرع مخصوص بالقائل : لا حول ولا قوّة إلاّ بالله.
وفي التمجيد وفضله أخبار كثيرة ، ففي مكارم الأخلاق عن زرارة قال : «قلت لأبي جعفر عليهماالسلام : أيّ الأعمال أحبّ إلى الله؟ قال : أن يمجّد»(٣) ، وفي أصول الكافي عن عليّ بن الحسين عن سيف بن عميرة عن محمّد بن مروان عن أبي عبد الله عليهالسلام مثله(٤) ، وفي المكارم أيضاً عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «إن الله يمجّد نفسه في كلّ يوم وليلة ثلاث مرّات فمن مجّد الله بما مجّد به نفسه ثمّ كان في حال شقوة حوّل إلى سعادة»(٥) ، وفيه أيضاً عن النبىّ(صلى الله عليه وآله) أنّه قال : «إنّ كلّ دعاء لا يكون قبله تمجيد فهو
__________________
(١) تفسير البيضاوي ٥/٣٥.
(٢) مجمع البحرين ٤/١٧٢.
(٣) لم ينقل الشيخ الطبرسي هذا الحديث في مكارم الأخلاق بل نقله الشيخ المجلسي في بحار الأنوار ٩٠/٢٢٠ ، مستدرك الوسائل ٥/٢١٥.
(٤) ما نقله الشيخ الكليني غير ما ذكره الشيخ الطبرسي في المتن وما نقله المؤلّف والحديث المذكور في كتاب الكافي عن عبد الله بن أعين عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «إنّ الله تبارك وتعالى يمجّد نفسه في كلّ يوم وليلة ثلاث مرّات فمن مجّد الله بما مجّد به نفسه ثمّ كان في حال شقوة حوّله الله عزّ وجلّ إلى سعادة ..». الكافي ٢/٥١٦.
(٥) مكارم الأخلاق : ٣٠٨.
أبتر إنّما التمجيد ثمّ الدعاء ، قلت : ما أدنى ما يجزي من التمجيد؟ قال : قل : (اللَّهُمَّ أَنْتَ الأوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيءٌ وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيءٌ وَأَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ»(١) ، إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في ذلك التي ليس هذا موضع ذكرها.
(الحمد لله على ما أنعم)
قد مرّ قُبيل هذا معنى (الحمد) والظاهر أنّ (ما) مصدرية ؛ لأنّ الحمد على الإنعام الذي هو من أوصاف المنعم أمكن من الحمد على نفس النعمة ، أشار إليه التفتازاني [في شرح التلخيص](٢) ، والظرف مستقرّ خبر بعد خبر ليظهر تحقّق الاستحقاقين لا لغو متعلّق بالحمد ، فصل بينه وبين عامله تنبيهاً على أنّ الاستحقاق الذاتي أقدم من الوضعي كما قيل ، و (على) للتعليل مثل قوله تعالى : (وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ)(٣) ، أي : لهدايته إيّاكم ، ولم يُتعرّض للمنعم به إيهاماً لقصور العبارة عن الإحاطة به ، ولئلاّ يتوهّم اختصاصه بشيء دون شيء ولتذهب نفس السامع كلّ مذهب ممكن.
(وله الشكر بما ألهم)
قد مرّ معنى الشكر والفرق بينه وبين الحمد عن قريب.
__________________
(١) عدّة الداعي : ٢٦ ، مكارم الأخلاق : ٣٠٨.
(٢) نقلاً عن بحار الأنوار ٩٠/٢٢١.
(٣) سورة البقرة ٢ : ١٨٥.
وأصل الإلهام في اللغة : الإلقاء في الروع(١) ، يقال : ألهمه الله العلم ، وكأنّه استعمل هنا في مطلق الإعطاء مجازاً استعمالاً للمقيّد في المطلق كما لا يخفى.
(والثناء وبما قدّم)
[قال المجلسي رحمهالله : أي : بنعم أعطاها العباد قبل أن يستحقّوها ، ويحتمل أن يكون المراد بالتقديم الإيجاد والفعل من غير ملاحظة معنى الابتداء فيكون تأسيساً](٢).
(من عموم نعم ابتدأها)
هذا بيان لما ألهم وقدّم سبحانه ، وتنكير (نِعَمْ) للتعظيم أو للتكثير ، والابتداء : الإحداث تفضّلاً.
(وسبوغ آلاء أسداها)
هذه الفقرة بمعنى الفقرة السابقة فهي مؤكّدة لها.
قال في المجمع : السبوغ : الشمول(٣) ، والآلاء : أفعال ، وهي : النعم ، واحدها أَلى بالقصر والفتح ، وقد تكسر الهمزة ، وعن الغريب واحدها أَلى بالحركات الثلاث ، وقيل : آلآء هي النعم الظاهرة ، والنعماء هي النعم
__________________
(١) لسان العرب ١٢/٥٥٥.
(٢) بحار الأنوار ٩٠/٤٨.
(٣) مجمع البحرين ٢/٣٢٨.
الباطنة ، والإسداء : الإعطاء(١).
قال في النهاية الأثيرية : «أسدى وأعطى وأولى بمعنى واحد انتهى»(٢).
وفي معنى هاتين الفقرتين الثالثة وهي قولها عليهاالسلام :
(وتمام منن أولاها)
كما هو بيّن لا يخفى.
(جمّ عن الإحصاء عددها)
قال في المصباح المنير : «جمّ الشيء جمّاً من باب ضرب : كثر فهو جمّ تسمية بالمصدر ، ومال جمّ أي كثير انتهى»(٣).
وجمّ هنا بمعنى جلّ ، وربّما يوجد في بعض النسخ وهو مضمون قول سيّد الأوصياء في خطبة له في وصفه تعالى : (ولا يُحصِي نَعْمَاءَهُ العادّون)(٤) ، وقال سبحانه وتعالى : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها)(٥) ، والإحصاء هو الحصر والعدّ.
وعن القطب الراوندي تفسيره بالإطاقة يقال : أحصيته ، أي : أطقته ، وانتقد عليه ابن أبي الحديد في شرح النهج بأنّه لا يقال أحصيت الحجر
__________________
(١) مجمع البحرين ١/٩٧.
(٢) النهاية في غريب الحديث ٢/٣٥٦.
(٣) المصباح المنير ١/١١٠.
(٤) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١/٥٧ ، بحار الأنوار ٧٤/٣٠٢.
(٥) سورة النحل ١٦ : ١٨.
أي : أطقت حمله(١).
أقول وما ذكره القطب رحمهالله من معنى الإحصاء موجود في كتب اللغة.
قال الفيّومي في المصباح : «أحصيته عددته وأحصيته أطقتهُ»(٢).
وقال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث في تفسير قوله تعالى : (عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ)(٣) ، أي : لن تطيقوا عدّه وضبطه(٤).
وقال شيخنا الطريحي رحمهالله في مجمع البحرين في تفسير قوله(صلى الله عليه وآله) : (لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك) ، أي : لا أطيقه(٥).
فما أورده ابن أبي الحديد غير وارد بعد وجود هذا المعنى في كتب اللغة ، وللقطب الالتزام بصحّة المثال الذي ذكره فتأمّل ولاحظ.
وفي تفسير الصافي في تفسير قوله تعالى (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها)(٦) عن الكافي عن السجّاد عليهالسلام : «أنّه إذا قرأ هذه الآية يقول : سبحانه من لم يجعل في أحد معرفة نعمه إلاّ المعرفة بالتقصير عن
__________________
(١) وهي إحدى خطب مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام يذكر فيها ابتداء خلق السماء والأرض وخلق آدم عليهالسلام وهي : «الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ولا يحصي نعماءه العادّون ولا يؤدّي حقّه المجتهدون الذي لا يدركه بعد الهمم ولا يناله غوص الفطن الذي ليس لصفته حدّ محدود ولا نعت موجود ولا وقت معدود ولا أجل ممدود فطر الخلائق بقدرته ونشر الرياح برحمته ووتد بالصخور ميدان أرضه» ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١/٥٧.
(٢) المصباح المنير ١/١٤٠.
(٣) سورة المزمل ٧٣ : ٢٠.
(٤) النهاية في غريب الحديث ١/٣٩٨.
(٥) مجمع البحرين ١/٥٢٨.
وأصل النصّ المروي عن الرسول(صلى الله عليه وآله) هو دعاء ، أنظر : الكافي ٣/٣٢٤ ، التهذيب ٣/١٨٥ الإقبال : ٧٠٢ ، وقد ذكرته مصادر كثيرة.
(٦) سورة إبراهيم ١٤ : ٣٤.
معرفتها ، كما لم يجعل في أحد من معرفته إدراكه أكثر من العلم بأنّه لا يدرك ، فشكر تعالى معرفة العارفين بالتقصير عن معرفة شكره إلاّ المعرفة بالتقصير عن معرفة شكره فجعل معرفتهم بالتقصير شكراً ، كما علم العارفين أنّهم لا يدركونه فجعله إيماناً ، علماً منه أنّه قد وسع العباد فلا يتجاوز ذلك ، فإنّ شيئاً من خلقه لا يبلغ مدى عبادته وكيف يبلغ مدى عبادته من لا مدى له ولا كيف ، تعالى الله من ذلك علوّاً كبيراً»(١).
ويروى : عن طليق بن حبيب أنّه قال : «إنّ حقّ الله تعالى أثقل من أن يقوم به العباد ، فإنّ نعم الله تعالى أكثر من أن يحصيها العباد ، ولكن أصبحوا تائبين وأمسوا تائبين»(٢).
وقال بعضهم : الحمد لله على نعمه التي منها إقدارنا على الاجتهاد في حمدها ، وإن عجزنا عن إحصائها وعدّها ، ونأى عن الجزاء أمدها ، نأى نأياً ، أي : بَعُد ، والأمد : الغاية ، كالمدى يقال : ما أمدك ، أي : منتهى عمرك ، والمراد بالجزاء والله أعلم هنا الحمد والشكر وبعدت نعمه تعالى عن الحمد والشكر ؛ لكونها غير متناهية كما مرّ في قولها عليهاالسلام : (جمّ عن الإحصاء عددها) والجزاء : مقابلة الإحسان بإحسان مثله.
(ونأى عن الجزاء أمدها)(٣)
وربّما يوجد في بعض النسخ ناء بدل نأى وهي مقلوبة ، وفي بعض النسخ مزيدها بدل أمدها وهما متقاربان.
__________________
(١) الكافي ٨/٣٩٤.
(٢) قصص الأنبياء للراوندي : ١٦١ ، بحار الأنوار ٧٤/٧٨ ، قصص الأنبياء للجزائري : ٣٠٥.
(٣) في المخطوط (وهو الذي أسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة) وهو خطأ واضح قد وقع امّا من المصنّف أو الناسخ.
(وتفاوت عن الإدراك أبدها)
التفاوت : تفاعل من الفوت وهو الفوات ومعنى قولها عليهاالسلام : (وتفاوت) أنّ نعمه تعالى لا تكاد تدركها الأفكار فتعدّها فإنّها كلّما قدّمت في ذلك شبراً فرّت ميلاً عنه ، كيف وقد كان كلّ ما نتعاطاه من أفعالنا الاختيارية مستنداً إلى جوارحنا وقدرتنا وإرادتنا وسائر أسباب حركاتنا مستندة إلى جوده ومستفادة من نعمه ، وكلّ ما يصدر عنّا من الشكر والحمد وسائر العبادات نعمة منه فتقابل نعمه.
وروي (أنّ)(١) هذا الخاطر خطر لداود عليهالسلام وكذلك لموسى عليهالسلام فقال : «يا ربّ كيف أشكرك وأنا لا أستطيع أن أشكرك إلاّ بنعمة ثانية من نعمك»(٢).
وفي رواية أخرى : «وشكري ذلك نعمة أخرى توجب على الشكر لك ، فأوحى الله تعالى إليه إذا عرفت هذا فقد شكرتني»(٣).
وفي خبر آخر. «إذا عرفت أنّ النعم منّي رضيت منك بذلك شكراً»(٤).
(وندبهم لاستزادتها بالشكر لاتصالها)
الاستزادة : استفعال ، والسين للطلب ، أي : أنّه سبحانه قد دعا عباده
__________________
(١) لم ترد في أصل المخطوطة وقد أضفناها لإتمام المعنى.
(٢) قصص الأنبياء للراوندي : ١٦١ ، بحار الأنوار ٦٨/٣٧ ، قصص الأنبياء للجزائري : ٣٠٥.
(٣) مشكاة الأنوار : ٣٢ ، بحار الأنوار ١٣/٣٥١.
(٤) الكافي ٢/٩٨ ، عدّة الداعي : ٢٣٩ ، مشكاة الأنوار : ٣٢ ، بحار الأنوار ١٣/٣٥١.
إلى أن يطلبوا منه زيادة تلك النعم وصورة طلبهم شكرهم إيّاه حيث قال سبحانه : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُم)(١).
عن الصادق عليهالسلام : «ما أنعم الله على عبد من نعمة فرفعها بقلبه وحمد الله ظاهراً بلسانه فتمّ كلامه حتّى يؤمر له بالمزيد»(٢).
وعنه عليهالسلام : «من عرف نعمة الله بقلبه استوجب المزيد من الله قبل أن يظهر شكرها على لسانه»(٣).
وعنه عليهالسلام : «ما أنعم الله على عبد بنعمة صغرت أو كبرت فقال الحمد لله إلاّ أدّى شكرها»(٤).
وفي رواية أخرى : «وكان الحمد أفضل من تلك النعمة»(٥).
وعنه عليهالسلام في حديث تفسير وجوه الكفر الوجه الثالث من الكفر : «كفر النعم»(٦) قال : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ)(٧).
(واستحمد إلى الخلائق بإجزالها)
يعني : أنّه سبحانه قد دعا عباده إلى أن يطلبوا منه الحمد لجزالة النعم التي أنعم بها عليهم.
__________________
(١) سورة ابراهيم ١٤ : ٧.
(٢) الكافي ٢/٩٥ ، بحار الأنوار ٦٨/٤٠.
(٣) الكافي ٨/١٢٨ ، تحف العقول : ٣٥٧ ، مجموعة ورّام ٢/١٣٧ ، بحار الأنوار ٧٢/٢٢٥.
(٤) الكافي ٢/٩٦ ، بحار الأنوار ٦٨/٣٢.
(٥) الكافي ٦٨/٣١ ، مستدرك الوسائل ٥/٣١٢.
(٦) الكافي ٢/٣٩٠.
(٧) سورة إبراهيم ١٤ : ٧.
(كلمة جعل الإخلاص تأويلها)
الإخلاص : عبارة عن نفي الشرك ، والمعنى : إنّ الله سبحانه جعل مرجع كلمة الشهادة ومالها نفي الشرك عنه ، وقد ورد في حديث (الشهادة مدحرة للشيطان) ، أي : محلّ لدحره وطرده وإبعاده ، وسرّ ذلك أنّ غاية الشيطان من الإنسان الشرك بالله ، وكلمة الشهادة تنفيه وتبعده عن مراده ، قاله بعض الأفاضل(١).
(وضمّن القلوب موصولها)
أي : ما تصل إليه من نفي الشرك والإقرار بالوحدانية.
(وأنار في الفكر معقولها)
أي : أنّه سبحانه قد جعل المعقول من كلمة الشهادة وهو التوحيد ونفي الإشراك منيراً في فكر الخلائق بحيث يُقِرّ بِهِ كلُّ أحد ، وقد ورد في فضل الشهادة أخبار كثيرة لا بأس بذكر طرف منها.
فنقول : روى الصدوق رحمهالله في كتاب التوحيد قال : «حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمهالله قال : حدّثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن هلال عن الحسن بن عليّ بن فضّال عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سمعته يقول : (ما من شيء أعظم ثواباً من شهادة أن لا إله إلاّ الله لأنّ الله عزّ
__________________
(١) ينظر : مجمع البحرين ٢/١٢.
وأصل الحديث المروي عن الرسول(صلى الله عليه وآله) هو دعاء. أنظر : الكافي ٣/٣٢٤ ، التهذيب ٣/١٨٥ ، الإقبال : ٧٠٢ ، وقد ذكرته مصادر كثيرة.
وجلّ لايعدله شيء ولا يشركه في الأمر أحد»(١).
وفيه أيضاً «عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن سيف عن أخيه عليّ عن أبيه سيف بن عميرة قال : حدّثني الحجّاج بن أرطأة قال : حدّثنا أبو الزبير عن جابر بن عبد الله عن النبيّ(صلى الله عليه وآله)أنّه قال : (الموجبتان من مات يشهد أن لا إله إلاّ الله دخل الجنّة ومن مات يشرك بالله دخل النار»(٢).
وفيه أيضاً «عن جعفر بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن عبد الله بن المغيرة الكوفي قال : حدّثني جدّي الحسن بن عليّ الكوفي عن الحسين بن سيف عن أخيه عليّ عن أبيه سيف بن عميرة عن عمرو بن شمر عن جابر ابن يزيد الجعفي عن أبي جعفر عليهالسلام قال : جاء جبرئيل إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)فقال : (يا محمّد طوبى لمن قال من أمّتك : لا إله إلاّ الله وحده وحده وحده»(٣).
وفيه «عن محمّد بن موسى بن المتوكّل رحمهالله قال : حدّثنا عليّ بن الحسين السعد آبادي قال : حدّثنا أحمد ابن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن محمّد بن زياد عن أبان وغيره عن الصادق عليهالسلام قال : (من ختم صيامه بقول صالح أو عمل صالح يقبل الله منه صيامه ، فقيل له يابن رسول الله ما القول الصالح قال شهادة أن لا اله إلاّ الله»(٤).
__________________
(١) التوحيد : ١٩ ، ثواب الأعمال : ٣ ، بحار الأنوار ٩٠/١٩٤.
(٢) التوحيد : ٢٠ ، جامع الأخبار : ٥٠ ، بحار الأنوار ٣/٥.
(٣) التوحيد : ٢١ ، ثواب الأعمال : ٥ ، أعلام الدين : ٣٥٦ ، بحار الأنوار ٩٠/٢٠٥ ، مستدرك الوسائل ٧/٢١٢.
(٤) الأمالي : ٥٦ ، التوحيد : ٢٢ ، معاني الأخبار : ٢٣٦ ، روضة الواعظين ٢/٣٤٠ ، بحار الأنوار ٩٣/١٠٣ ، وسائل الشيعة ٩/٣١٩.
وفيه أيضاً : بسند طويل «عن علىّ عليهالسلام عن النبّي(صلى الله عليه وآله) أنّه قال : (قال الله جلّ جلاله إنّي أنا الله لا اله إلاّ أنا فاعبدوني من جاء منكم بشهادة أن لا إله إلاّ الله بالإخلاص دخل في حصني ومن دخل حصني أمن من عذابي»(١).
ولنكتف بهذا القدر.
(الممتنع من الأبصار رؤيته)
قال سبحانه وتعالى : (لا تُدْرِكُهُ الأبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)(٢).
في أصول الكافي بإسناده إلى محمّد بن أبي عبد الله عن عليّ بن أبي القاسم عن يعقوب بن إسحاق قال : «كتبت إلى أبي محمّد عليهالسلام أسأله كيف يعبد العبد ربّه وهو لا يراه؟ فوقّع عليهالسلام : (يا أبا يوسف جلّ سيّدي ومولاي المنعم علىّ وعلى آبائي أن يُرى) ، قال وسألته هل رأى رسول الله(صلى الله عليه وآله) ربّه؟ فوقّع عليهالسلام : (إنّ الله تبارك وتعالى أرى رسوله بقلبه من نور عظمته ما أحبّ»(٣).
وفيه أيضاً : عن أحمد بن إدريس عن محمّد بن عبد الجبّار عن صفوان بن يحيى قال : سألني أبو قرّة المحدّث أن اُدخِلَه على أبي الحسن الرضا عليهالسلام فاستأذنته في ذلك فأذن لي فدخل عليه فسأله عن الحلال والحرام والأحكام حتّى بلغ سؤاله إلى التوحيد فقال أبو قرّة : إنّا روينا أنّ الله
__________________
(١) التوحيد ٢٤ ـ ٢٥ ، عيون أخبار الرضا ٢/١٣٤ ، بحار الأنوار ٣/٦.
(٢) سورة الأنعام ٦ : ٤٣.
(٣) الكافي ١/٩٥ ، التوحيد : ١٠٨ ، بحار الأنوار ٤/٤٣.
قسّم الرؤية والكلام بين نبيّين فقسّم الكلام لموسى عليهالسلام ولمحمّد(صلى الله عليه وآله)الرؤية ، فقال أبو الحسن عليهالسلام : فمن المبلّغ عن الله عزّ وجلّ إلى الثقلين من الجنّ والإنس : لا تدركه الأبصار ولا يحيطون به علماً وليس كمثله شيء ، أليس محمّد(صلى الله عليه وآله)؟ ، قال : بلى ، قال : كيف يجيء رجل إلى الخلق جميعاً فيخبرهم أنّه جاء من عند الله وأنّه يدعوهم إلى الله بأمر الله فيقول : (لاَ تُدْرِكُهُ الأبْصارُ)(١). (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً)(٢) ، (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيء)(٣)ثمّ يقول : أنا رأيته بعيني ، وأحطت به علماً ، وهو على صورة البشر ، أما تستحون ، ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا ، أن يكون يأتي من عند الله بشيء ثمّ يأتي بخلافه من وجه آخر ، قال أبو قرّة : فإنّه يقول : (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أخْرَى) ، فقال أبو الحسن عليهالسلام : إنّ بعد هذه الآية ما يدلّ على ما رأى حيث قال : (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى)(٤) ، يقول : ما كذب فؤاد محمّد(صلى الله عليه وآله) ما رأت عيناه ثمّ أخبر بما رأى فقال : (لَقَدْ رَأَى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) فآيات اللهِ غير الله وقد قال الله : (ولا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً)(٥) فإذا رأته الأبصار فقد أحاطت به العلم ووقعت المعرفة ، فقال أبو قرّة : فتكذّب بالرّوايات؟ فقال أبو الحسن عليهالسلام : إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذّبتها ، وما أجمع المسلمون عليه : أنّه لا يحاط به علماً ولا تدركه الأبصار
__________________
(١) سورة الأنعام٦ : ٤٣.
(٢) سورة طه ٢٠ : ١١٠.
(٣) سورة الشورى ٤٢ : ١١.
(٤) سورة النجم ٥٣ : ١١.
(٥) سورة طه ٢٠ : ١١٠.
وليس كمثله شيء»(١).
وفيه أيضاً «عن عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن أبي الحسن الموصلي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : (جاء حبرٌ إلى أمير المؤمنين عليهالسلام فقال : يا أمير المؤمنين هل رأيت ربّك حين عبدته؟ ، قال : فقال : ويلك ما كنت أعبد ربّاً لم أره ، قال : وكيف رأيته؟ ، قال : ويلك لا تدركه العيون في مشاهدة الأبصار ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان»(٢) ، أقول وفي كثير من الروايات إنّ السائل ذعلب.
قال في مجمع البحرين : «ذعلب ـ بكسر الذال وفتح اللام ـ : اسم رجل من أصحاب أمير المؤمنين عليهالسلام ذو لسان فصيح بليغ في الخطب ، شجاع القلب ، وهو الذي قال لأمير المؤمنين رأيت ربّك فقال : (ويلك يا ذعلب ما كنت أعبد ربّاً لم أره»(٣).
وفي أصول الكافي «أيضاً بإسناده إلى محمّد بن يحيى وغيره عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال : قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : (لمّا أسري بي إلى السماء بلغ بي مكاناً لم يطأه قطّ جبرئيل فكشف له فأراه الله من نور عظمته ما أحبّ في قوله : (لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ)»(٤).
وفي الفصول المهمّة عن أمالي الصدوق رحمهالله عن الطالقاني عن ابن
__________________
(١) الكافي ١/٩٥ ، التوحيد : ١١٠ ـ ١١١ ، بحار الأنوار ٤/٣٦.
(٢) الكافي : ٩٧٨ ، التوحيد : ١٠٩ ، بحار الأنوار ٤/٤٤.
(٣) وهو ذعلب اليماني كما ذكرته المصادر ، أنظر : الكافي١/١٣٨ ، الاختصاص ٢٣٥ ، إرشاد القلوب ٢/٣٧٤ ، مجمع البحرين ٢/٩٣.
(٤) سورة الأنعام ٦ : ١٠٣ ، وانظر : الكافي ١/٩٨.
عقدة عن المنذر بن محمّد بن عليّ بن إسماعيل الميثمي عن إسماعيل بن الفضل قال : سألت جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام عن الله تبارك وتعالى هل يرى في المعاد؟ فقال : (سبحان الله وتعالى عن ذلك علوّاً كبيراً ، يابن الفضل إنّ الأبصار لا تدرك إلاّ ماله لون وكيفية والله خالق الألوان والكيفية»(١) ، والأخبار في ذلك كثيرة وهذا القدر كاف فلنقتصر عليه.
قال المجلسي رحمه الله في البحار : «اعلم أنّ الأمّة اختلفوا في رؤية الله تعالى على أقوال : فذهبت الإماميّة والمعتزلة إلى امتناعها مطلقاً ، وذهبت المشبّهة والكرامية إلى جواز رؤيته تعالى في الجهة والمكان لكونه تعالى عندهم جسماً ، وذهبت الأشاعرة إلى جواز رؤيته تعالى منزّهاً عن المقابلة والجهة والمكان ، ونقل رحمهالله كلاماً للآبي في كتابه إكمال الإكمال لا حاجة بنا إلى ذكره»(٢).
قال الشيخ عزّ الدين بن أبي الحديد في شرح النّهج : «إنّه قد حكي عن مضر وكهمس وأحمد الجهمي أنّهم أجازوا رؤيته في الدنيا وملامسته ومصافحته ، وزعموا أنّ المخلصين يعانقونه متى شاؤوا ويسمّون الحبّية ، وذكر جملة من نحو هذه الخرافات ولا حاجة بنا إلى ذكرها وسطرها في هذا الكتاب»(٣).
(ومن الألسن صفته)
هذا معطوف على قولها عليهاالسلام : (الممتنع من الأبصار رؤيته) ، أقول :
__________________
(١) الفصول المهمّة : ٥٠ ، الأمالي : ٤١٠ ، بحار الأنوار ٤/٣١.
(٢) بحار الأنوار ٤/٥٨.
(٣) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٣/٢٣٦.
الظاهر أنّ المراد بالصفة هنا معنى الجنس فهي بمعنى الصفات ، أي : إنّ الألسن قد عجزت وامتنعت عن الوصول إلى صفاته والإحاطة بها.
قال السيّد الجزائري رحمهالله في شرح دعاء يوم الاثنين من الصحيفة السجّادية عند قوله عليهاالسلام في مقام الثناء عليه تعالى : (كلّت الألسن عن غاية صفته) ما لفظه : وذلك كما عرفت أنّ صفاته تعالى إنّما هي بحسب ما تعتبره عقولنا وتثبته له ، فكلّ أحد يثبت له أشرف طرفي النقيض بحسب ما يتعقّله ويتخيّله أنّه كمال له ، كما تقدّم من أنّ النمل الصّغار لعلّها تتوهّم أنّ له سبحانه زبانيّتين ، أي : قرنين ؛ لأنّ عدمهما بالنسبة إليها نقصان ، وإلاّ فهو تعالى يجلّ عن كلّ ما نثبته له وننسبه إليه ولولا ما أمرنا بالتضرّع إليه بأسمائه وصفاته الواردة في موارد الأدعية والآثار لما ساغ لنا الجرأة على ساحة جلاله بذكر وصف لم نتحقّق معناه بالنسبة إليه ، ولعلّه نقص بالنسبة إلى ما يليق بجلالة عزّه ، كما قيل : إنّ القول بأنّ سلطان البلد ليس بحائك نقص له وإن كان موافقاً للواقع إذ يوهم إمكان إثبات صفة الحياكة له ، فقولنا الله تعالى ليس بظالم يوهم إمكان إتصافه بهذه الصّفة ؛ لأنّه لا يقال الجدار ليس بظالم ولا بجاهل لعدم إمكان اتصافه بهما مطلقاً ومن أجل هذا قال سيّد الموحّدين عليهالسلام : «وكمال توحيده نفي الصفات عنه»(١) انتهى كلامه رحمهالله
__________________
(١) وهي إحدى خطب مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام في الكوفة وأشار الإمام عليهالسلام أنّ نظام التوحيد ونهاية نفي الصفات الزائدة الموجودة عنه إذ أوّل التوحيد نفي الشريك ثمّ نفي التركّب ثمّ نفي الصفات فهذا كماله ونظامه ثمّ استدلّ على نفي زيادة الصفات أي من عبد الله وحده وزعم أنّ له صفات زائدة فلم يعبد إلهاً واحداً بل آلهة كثيرة بل لم يعبد الله أصلاً وقد ذكر نصّ هذه الخطبة : الكافي ١/٤٠ ، تحفة العقول : ٦١ ، المناقب لابن شهر آشوب ٢/٤٦ ، التوحيد : ٣٤ ، عيون أخبار الرضا ١/١٤٩ ،
فانظره.
ويحتمل أنّ المراد بالألسن غير المعنى الذي ذكرناه ، بأن تجعل بمعنى اللّغات ولعلّ الأوّل أقرب.
(ومن الأوهام كيفيته)
أقول : ويقرب هذا من قول بعلها سيّد الموحّدين عليهماالسلام في مقام الثناء عليه تعالى : «الذي لا يدركه بُعد الهمم»(١) وذلك لأنّ كيفيّته تعالى ليست كالكيفيّات حتّى تدركها الأوهام في مقام التصوّر ، بيان ذلك : أنّ كلّ متصوّر فلابدّ أن يكون محسوساً أو متخيّلاً أو موجوداً من فطرة النفس والاستقراء يشهد بذلك ، مثال المحسوس : السواد والحموضة ، مثال المتخيّل : إنسان يطير أو بحر من دم ، مثال الموجود من فطرة النفس : تصوّر الألم واللذّة ، ولمّا كان الباري سبحانه ليس مثل هذا كلّه امتنع الأوهام عن أن تُدرك كيفيّته ، وهذا مبنيٌّ على أخذ الأوهام بمعناها الأعمّ منها ومن العقول ، ويجوز أن يراد به المعنى المصطلح فيكون المعنى : أنّ الأوهام لا يصدق
__________________
الإحتجاج ١/١٩٨ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١/٧٢ ، عوالي اللئالي ٤/١٢٦ ، بحار الأنوار ٤/٢٢٧.
(١) وهي إحدى خطب مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام يذكر فيها ابتداء خلق السماء والأرض وخلق آدم عليهالسلام ، وشرح ابن أبي الحديد هذه الكلمات بقوله : (فأمّا قوله لا يدركه بعد الهمم فالإدراك هو الرؤية والنيل والإصابة ومعنى الكلام الحمد لله الذي ليس له بجسم ولا عرض إذ لو كان أحدهما لرآه الراءون إذا أصابوه وإنّما حضّ بعد الهمم بإسناد نفي الإدراك وغوص الفطن بإسناد نفي النيل لغرض جميع ..) : نهج البلاغة ١/٦٨ ، وانظر المصادر التي ذكرت الخطبة : الغارات : ٣٨ ـ ٣٩ ، الإحتجاج ١/١٩٩ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١/٥٧ ، بحار الأنوار ٤/٢٤٧.
حكمها إلاّ فيما كان محسوساً أو متعلّقاً بمحسوس كإدراك الشاة معنى في الذئب ، فأمّا الأمور المجرّدة عن علائق المادّة والوضع فالوهم ينكر وجودها أصلاً فضلاً عن أن يصدّق في إثبات صفة لها ، وقد غلا محمّد بن هاني المغربىّ فيما ينسب إليه من ممدوحة المعزّ أبي تميم معد بن المنصور العلوي حيث قال وهو(١) :
|
تبّعتُهُ فِكَري حتّى إذا بَلَغَت |
|
غاياتِها بَين تصويب وتصعيدِ |
|
رأيت موضع برهان يلوح وما |
|
رأيت موضع تكييف وتحديد |
قال بعض الأدباء وهذا مدح يليق بالخالق تعالى ولا يليق بالمخلوق.
(ابتدع الأشياء لا من شيء كان قبلها)
الابتداع لغة : الاختراع لا على مثال ، والاختراع : الشقّ ، قيل : وفي الاصطلاح الاختراع : الإحداث لا على مثال سبق ، والابتداع : الإحداث لا عن مادّة ، ولا ينافيه ما ورد : أنّ النطفة إذا وقعت في الرحم قال الله تعالى لملائكة التصوير : احضروا صور آبائه إلى آدم وصوّروا صورته مثل واحدة منها ، لأنّ ذلك التصوير السابق أيضاً منه تعالى وبالآخرة تنتهي إلى آدم ولم يسبق له تصوير.
وحكي عن الغزالي أنّه قال : «قد يظنّ أنّ الخالق والبادئ والمصوّر ألفاظ مترادفة وأنّ الكلّ يرجع إلى الخلق والاختراع ، وليس كذلك بل كلّ ما يخرج من الوجود إلى العدم مفتقر إلى تقديره أوّلاً وإلى إيجاده على وفق التقدير ثانياً وإلى التصوير بعد الإيجاد ثالثاً ، فالله تعالى خالق من حيث إنّه
__________________
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١/٦١.
مقدّر ، وبارىء من حيث إنّه مخترع موجود ، ومصوّر من حيث إنّه مرتّب صور المخترعات أحسن ترتيب ، وهذا كالبنّاء مثلاً فإنّه يحتاج إلى مقدّر يقدّر ما لابدّ منه من الخشب واللبن ومساحة الأرض وهذا يتولاّه المهندس فيرسمه ويصوّره ثمّ يحتاج إلى بنّاء يتولّى الأعمال التي عندها تحدث أصول الأبنية ثمّ يحتاج إلى مزيّن ينقّش ظاهره فيتولاّه غير البنّاء هذه العادة في البناء والتصوير وليس كذلك في أفعاله تعالى بل هو المقدّر والموجد والصانع والبارئ والمصوّر»(١) انتهى. وهو تحقيق حسن.
(وأنشأها بلا احتذاء أمثلة امتثلها)
الأحتذاء مصدر احتذى بمعنى الإقتداء ، والمعنى أنّه سبحانه لم يخلق الأشياء على وفق أمثلة جعلها قبل خلق العالم كما هو دأب المخلوقين في أبنيتهم وصنائعهم وهذا ظاهر.
(كوّنها بقدرته)
أي إنّه سبحانه قد أوجد الأشياء بقدرته ليس مثل غيره من الملوك بالجنود والتوابع وإنّما هو بقدرته الذاتية.
(وذرأها بمشيّته)
قال في مجمع البحرين : «ذرأكم : خلقكم ، وبابه نفع»(٢) ، والظاهر أنّ
__________________
(١) كلمة الغزالي في المتن جاءت في تفسير اسماء الله تعالى الحسنى ، انظر : المصباح : ٣١٩ ، المقام الأسنى : ٣٥.
(٢) مجمع البحرين ٢/٨٦.
المراد بالمشية أحد مراتب التقديرات التي اقتضت الحكمة جعلها من أسباب وجود الشيء كالتقدير في اللوح مثلاً والإثبات فيه ، فإنّ اللّوح وما أثبت فيه لم يحصل بتقدير آخر في لوح سوى ذلك اللوح وإنّما وجد سائر الأشياء بما قدّر في ذلك اللوح ، قيل : وربّما يلوح هذا المعنى من بعض الأخبار ، وعلى هذا يحتمل أن يكون الخلق بمعنى التقدير ، وبهذا المعنى فسّر الحديث الذي رواه الصدوق رحمهالله في كتاب التوحيد عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : «خلق الله المشيّة قبل الأشياء ثمّ خلق الأشياء بالمشيّة»(١) قيل : وهذا المعنى المزبور مناسب لقوله عليهالسلام : «أبى الله أن يجري الأشياء إلاّ بأسبابها»(٢).
قال شيخنا الطريحي رحمهالله في المجمع ما لفظه : «قال بعض أفاضل العلماء : المشيّة والإرادة والقدر والقضاء كلّها بمعنى النقش في اللّوح المحفوظ وهي من صفات الفعل لا الذات ، والتفاوت بينها تفضيل كلّ
__________________
(١) وقد عرف أحد العلماء المشيئة بمعنيين : إحداهما يتعلّق بالشائي وهي صفة كمالية قديمة هي نفس ذاته سبحانه بحيث يختار ما هو الخير والصلاح والآخر يتعلّق بالمُشيء وهو حادث بحدوث المخلوقات لا يتخلف المخلوقات عنه وهو إيجاد سبحانه إيّاها بحسب اختياره وهي ليست صفة زائدة على ذاته عزّ وجلّ وعلى المخلوقات بل هي نسبة بينهما تحدّث بحدوث المخلوقات لفرعيّتها المنتسبين معاً ، بحار الأنوار ٤/١٤٦ ، وانظر المصادر التي ذكرت الحديث : التوحيد : ٣٣٩ ، الكافي ١/١١٠ ، بحار الأنوار ٤/١٤٥.
(٢) هذا الحديث مرويّ عن الإمام الصادق عليهالسلام حيث قال : «أبى الله أن يجري الأشياء إلاّ بأسباب فجعل لكلّ شيء سبباً وجعل لكلّ سبب شرحاً وجعل لكلّ شرح علماً وجعل لكلّ علم باباً ناطقاً عرفه من عرفه وجهله من جهله ذاك رسول الله(صلى الله عليه وآله)ونحن» ، انظر : الكافي ١/١٨٤ ، بصائر الدرجات : ٦ ، عوالي اللئالي ٣/٢٨٦ ، بحار الأنوار ٢/٩٠.
لاحق على سابقه ، ثمّ قال : توقّف أفعال العباد على تلك الأمور السبعة إمّا بالذات وإمّا بجعل الله تعالى ، وتحقيق المقام : إنّ تحرّك القوى البدنية بأمر النفس الناطقة المخصوصة المتعلّقة به ليس من مقتضيات الطبيعة فيكون بجعل جاعل وهو أن يجعل الله سبحانه بدناً مخصوصاً بأن قال كن متحرّكاً بأمرها ثمّ جعل ذلك موقوفاً على الأمور السبعة انتهى»(١).
أقول : ومراده بالأمور السبعة ما في الحديث المروي عن الصادق عليهالسلام : «لا يكون شيء في الأرض ولا في السماء إلاّ بخصال سبع بمشيّة وإرادة وقدر وقضاء وأذن وكتاب وأجل»(٢).
وعن السيّد الداماد رحمهالله أنّه ذكر في حلّ الخبر الذي رواه الصّدوق رحمهالله : إنّ المراد بالمشيّة هنا مشيّة العباد لأفعالهم الاختيارية لنقدّسه سبحانه عن مشيّة مخلوقة زائدة على ذاته عزّ وجلّ ، وبالأشياء أفاعيلهم المترتّب وجودها على تلك المشيّة وبذلك تنحلّ شبهة أوردت هنا وهي أنّه لو كانت أفعال العباد مسبوقة بإرادتهم لكانت الإرادة مسبوقة بإرادة أخرى وتسلسلت الإرادات لا إلى نهاية»(٣) انتهى.
وروى الكليني رحمهالله بإسناده إلى محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد ابن خالد عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال : قال الرضا عليهالسلام : «قال الله : يابن آدم بمشيّتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء ، وبقوّتي أدّيت فرائضي ، وبنعمتي قويت على معصيتي ، جعلتك سميعاً بصيراً قويّاً ، ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وذاك أنّي أولى
__________________
(١) مجمع البحرين ٢/٥٦٤.
(٢) الكافي ١/١٤٩ ، المحاسن ١/٢٤٤ ، بحار الأنوار ٥/١٧٥.
(٣) بحار الأنوار ٤/١٤٦.
بحسناتك منك وأنت أولى بسيّئاتك منّي وذاك أنّي لا أسأل عمّا أفعل وهم يسألون»(١).
(من غير حاجة منه إلى تكوينها ولا فائدة له في تصويرها)
في حديث الرضا عليهالسلام مع عمران الصابي فكان ممّا سأله أنّه قال ـ له عليهالسلام ـ : «أخبرني عن الكائن الأوّل وعمّا خلق؟ قال عليهالسلام : سألت فافهم ، أمّا الواحد فلم يزل واحداً كائناً لا شيء معه بلا حدود ولا أعراض ولا يزال كذلك ، ثمّ خلق خلقاً مبتدعاً مختلفاً بأعراض وحدود مختلفة ، لا في شيء أقامه ولا في شيء حدّه ولا على شيء حذاه ومثله له ، فجعل من بعد ذلك الخلق صفوة وغير صفوة واختلافاً وائتلافاً وألواناً وذوقاً وطعماً ، لا لحاجة كانت منه إلى ذلك ، ولا لفضل منزلة لم يبلغها إلاّ به ، ولا رأى لنفسه فيما خلق زيادة ولا نقصاناً ، تعقل هذا يا عمران؟ قال : نعم والله يا سيّدي ، قال عليهالسلام : واعلم يا عمران إنّه لو كان خلق ما خلق ؛ لحاجة لم يخلق إلاّ من يستعين به على حاجته ولكان ينبغي أن يخلق أضعاف ما خلق ؛ لأنّ الأعوان كلّما كثروا كان صاحبهم أقوى ، والحاجة يا عمران لا يسعها ؛ لأنّه لم يحدث من الخلق شيئاً إلاّ حدثت فيه حاجة أخرى ، ولذلك أقول : لم يخلق الخلق لحاجة ولكن نقل بالخلق الحوائج بعضهم إلى بعض ، وفضّل بعضهم على بعض بلا حاجة منه إلى من فضّل ولا نقمة منه على من ذل»(٢)الخبر.
__________________
(١) المحاسن ١/١٤٥ ، الكافي ١/١٥٢ ، فقه الرضا : ٣٥٠ ـ ٣٥١ ، التوحيد : ٣٣٨ ، عيون أخبار الرضا ١/٤٥ ، قرب الإسناد : ١٥١.
(٢) عيون أخبار الرضا ١/١٦٨ ـ ١٦٩ ، الإحتجاج : ٢٤٤ ، بحار الأنوار ٥٤/٤٧ ـ ٤٩.
وفي الفصول المهمّة عن محمّد بن يعقوب عن محمّد بن أبي عبد الله ومحمّد بن يحيى رفعاه إلى أبي عبد الله عليهالسلام في خطبة لأمير المؤمنين عليهالسلام قال : «والله لم يجهل ولم يتعلّم ، أحاط بالأشياء علماً قبل كونها فلم يزدد بكونها علماً ، علمه بها قبل أن يكوّنها كعلمه بها بعد تكوينها ، لم يكوّنها لتشديد سلطان ولا خوف من زوال ولا نقصان ، ولا استعانة على ضدٍّ منافر ولا ندٍّ مكاثر ولا شريك مكابر بل خلائق مربوبون وعباد داخرون»(١) وقد ذكرها الشريف الرضي في نهج البلاغة مع اختلاف بينهما(٢).
(إلاّ تبييناً لحكمته وتنبيهاً على طاعته وإظهاراً لقدرته
وتعبّداً لبريّته وإعزازاً لدعوته)
أقول : إنّ هذه الأشياء المذكورة حِكم لخلق العالم ، وإطلاق الفائدة عليها توسّع وتجوّز ، قال بعض العلماء : «إنّه سبحانه وتعالى خلق الخلق ليظهر به لأرباب العقول صفاته الحميدة وقدرته على كلّ أمر ممكن وعلمه بكلّ معلوم وما يستحقّه من الثناء والحمد»(٣).
وقد ورد الخبر في ذلك أنّه تعالى قال : «كنت كنزاً مخفيّاً فأحببت أن
__________________
(١) وهي إحدى خطب مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام في الكوفة حيث استنهض الناس في حرب معاوية في المرّة الثانية واختلفت ألفاظ الخطبة من مصدر لآخر ، أنظر : الفصول المهمّة : ٦٤ ، الكافي ١/١٣٤ ـ ١٣٥ ، الغارات ١/٩٨ ـ ١٠٠ ، التوحيد : ٤١ ـ ٤٢ ، بحار الأنوار ٤/٢٦٩ ـ ٢٧٠.
(٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٣/٩٠ ـ ٩١.
(٣) وهذا القول للمعتزلة البغداديّين حسبما صرّح به ابن أبي الحديد ، انظر : شرح نهج البلاغة ٥/١٦٣.
أعرف فخلقت الخلق لأعرف به»(١).
قال السيّد الجزائري رحمهالله في كتاب الأنوار النعمانية قد أورد على ظاهر هذا الحديث إشكال وحاصله : إنّ الخفاء لا يكون إلاّ مع وجود واحد يخفى عليه الشيء حتّى يتّصف ذلك الشيء بالخفاء ، كما يقال : هذا الشيء مخفيّ عن فلان وخفي عليه الشيء الفلاني ، ولم يكن في عالم الأزل مخلوق حتّى يتصف سبحانه بالخفاء عنه ، فكيف قال مخفيّاً؟ قال : والجواب عن هذا الإشكال من وجهين :
الأوّل : إنّ أرباب اللغة صرّحوا بأنّ خفي الشيء بمعنى ظهر ، قال في الصّحاح نقلاً عن الأصمعي : خفيتُ الشيء وأخفيته كتمته وخفيته ، أيضاً أظهرته ، وهو من باب الأضداد ، ونقل عن أبي عبيدة أيضاً مثله ، ونزل عليه أيضاً قوله تعالى : (إنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها)(٢) فيمن قرأ بفتح الهمزة أي : أظهرها.
وفي نهاية ابن الأثير مثله ، فالمعنى حينئذ : إنّي كنت كنزاً ظاهراً فخلقت الخلق ليعرفوني على هذا الظهور الذي أنا عليه ولو لم أكن بهذه الغاية من الظّهور لما توصّلوا إلى معرفتي بعد خلقي إيّاهم.
الثاني : أن يكون الخفاء بمعناه الآخر وهو الأنسب بالكنز ، ولكنّ المبادئ إنّما تطلق عليه سبحانه باعتبار غاياتها ولوازمها ، ومعناه حينئذ : إنّي كنت كنزاً مستوراً ومحتجباً تحت سرادق العزّ والجلال فأحببت أن أبرز من تحت هذا الحجاب فخلقت هذا الخلق وأظهرت نفسي لهم من تحت تلك
__________________
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٥/١٦٣.
(٢) سورة طه ٢٠ : ١٥.
السرادقات ليعرفوني ، فإنّه سبحانه لمّا خلق مخلوقاته تنزّل من ذلك الحجاب إلى غاية الظهور وأزال الموانع التي لو بقيت بعد خلق الخلق على ما كانت عليه قبله لم تصل إلى أقرب درجة من مراتب معرفة العقول الطامحة ، بل انبسط معهم في الخطاب وعاتبهم على ما جنوا رفق عتاب فقال عزّ من قائل : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ)(١)وقال : (إنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ)(٢) حتّى قالت اليهود والمنافقون : إنّ ربّ محمّد(صلى الله عليه وآله) قد افتقر وإنّه صار عاجزاً فطلب النصر ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : «استقرضكم وله خزائن السماوات والأرض ، واستنصركم وله جنود السماوات والأرض»(٣).
وفي تفسير الصافي عن الصادق عليهالسلام أنّه سئل عن قوله تعالى : وَما (خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِْنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ)(٤) فقال : «خلقهم ليأمرهم بالعبادة»(٥) ، قيل قوله تعالى : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ)(٦) (إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ)(٧) (ولذلك خلقهم) وقال : «خلقهم ليفعلوا ما يستوجبون به رحمته فيرحمهم»(٨).
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ٢٤٥.
(٢) سورة محمّد ٤٧ : ٧.
(٣) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٠/١٢٣.
(٤) سورة الذاريات ٥١ : ٥٦.
(٥) تفسير الصافي : ٤٧٥ ، تفسير العيّاشي ٢/١٦٤ ، تفسير القمّي ٢/٣٣٠ ، علل الشرائع ١/١٣ ، وسائل الشيعة ١/٨٣ ، بحار الأنوار ٥/٣١٣.
(٦) سورة هود ١١ : ١١٨.
(٧) سورة هود ١١: ١١٩.
(٨) التوحيد : ٤٠٣ ، علل الشرائع ١/١٣ ، وسائل الشيعة ١/٨٤ ، بحار الأنوار ٥/٣١٤.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم القمّي قال : «خلقهم للأمر والنهي والتكليف وليست خلقة جبران يعبدوه ولكن خلقة اختيار ليختبرهم بالأمر والنهي ومن يطيع الله ومن يعصي»(١) ، وفي حديث آخر هي منسوخة بقوله : ولا يزالون مختلفين(٢).
وحكى ابن أبي الحديد عن جمهور المعتزلة أنّهم قالوا : «إنّ الله تعالى إنّما خلق العالم للإحسان والإنعام على الحيوان ؛ لأنّ خلقه حيّاً نعمة عليه ؛ لأنّ حقيقة النعمة موجودة فيه وذلك أنّ النعمة هي المنفعة المفعولة للإحسان ووجود الجسم حيّاً منفعة مفعولة للإحسان ، أمّا بيان كون ذلك منفعة فلأنّ المنفعة هي اللذّة والسرور ودفع المضارّ المخوفة وما أدّى إلى ذلك وصحّحه ، ألا ترى إنّ من أشرف على أن يهوي من جبل فمنعه بعض الناس من ذلك فإنّه يكون منعماً عليه ، ومن سرّ غيره بأمر وأوصل إليه لذّة يكون قد أنعم عليه ، ومن دفع إلى غيره مالاً يكون قد أنعم عليه لأنّه قد مكّنه بدفعه إليه من الانتفاع وصحّحه له ، ولا ريب أنّ وجودنا أحياء يصحّح لنا اللذّات ويمكّننا منها لأنّا لو لم نكن أحياءً لم يصحّ ذلك فينا ، قالوا : وانّما قلنا إنّ هذه المنفعة مفعولة للإحسان لأنّها أمّا أن تكون مفعولة لا لغرض ، أو لغرض والأوّل باطل لأنّ ما يفعل لا لغرض عبث والباري سبحانه لا يجوز عليه العبث لأنّه حكيم ، وأمّا الثاني : فإمّا أن يكون ذلك الغرض عائداً عليه سبحانه بنفع أو دفع ضرر أو يعود على غيره ، الأوّل باطل ؛ لأنّه غنيٌّ لذاته يستحيل عليه المنافع والمضارّ ، ولا يجوز أن يفعله
__________________
(١) تفسير القمّي ٢/٣٣١.
(٢) تفسير القمّي ٢/٣٣١.
لمضرّة يوصلها إلى غيره ، لأنّ القصد إلى الأضرار بالحيوان من غير استحقاق ولا منفعة يوصل إليها بالمضرّة قبيح تعالى الله عنه ، فثبت أنّه سبحانه إنّما خلق الحيوان لنفعه ، وأمّا غير الحيوان فلو لم يفعله لينفع به الحيوان لكان خلقه عبثاً والباري تعالى لا يجوز عليه العبث ، فإذاً جميع ما في العالم إنّما خلقه لينفع به الحيوان»(١).
(ثمّ جعل الثّواب على طاعته ووضع العقاب
على معصيته زيادة لعباده عن نقمته
وحياشة لهم إلى جنّته)
الثواب على ما عرّفه القوشجي هو : النفع للتعظيم والإجلال(٢) ، والعقاب هو : الضرر المقارن للإهانة ، والذود والذيادة ـ بالذال المعجمة ـ : الطّرد والدفع ، وحشت الصيد أحيشه إذا جئته من حواليه لتصرفه عن الحبالة ، وبيان ذلك : أنّ الطّاعة مشقّة الزمها الله تعالى للمكلّف ، وظاهر أنّ المشقّة من غير عوض ظلم وهو قبيح لا يصدر عن الحكيم ، والعوض لا يكون إلاّ نفعاً ، وإنّ المكلّف إذا علم أنّ المعصية لم يستحقّ عليها العقاب لم يرتدع عن فعلها ولم يفعل ضدّها ، وما ذكر لطف واللّطف على الله تعالى واجب.
(اختاره قبل أن يجتبله)
الاجتبال : افتعال من الجبل وهو الخلق ، يقال : جبلهم الله أي
__________________
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٥/١٦٢.
(٢) بحار الأنوار ٦٤/٣١٨.
خلقهم ، وجبله على الشيء طبعه عليه ، وقد ورد عنه(صلى الله عليه وآله) : «كنت نبيّاً وآدم بين الماء والطين»(١).
(واصطفاه قبل أن يبتعثه)
الاصطفاء : الاستخلاص والبعث : الإرسال.
(إذ الخلائق بالغيب مكنونة وبستر الأهاويل مصونة
وبنهاية العدم مقرونة)
المراد بالأهاويل : ظلمات العدم ، وإضافة النهاية إلى العدم للتأييد ، ويحتمل أن تكون إضافة النهاية إلى العدم بيانية ، ولعلّ الأوّل أقرب ، و (إذ) ظرف للأفعال المتقدّمة.
ففي أصول الكافي عن أحمد بن إدريس عن الحسين بن عبد الله عن محمّد بن عيسى ومحمّد بن عبد الله عن علىّ بن حديد عن مرازم عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «قال الله تعالى : يا محمّد إنّي خلقتك وعليّاً نوراً ـ يعني روحاً بلا بدن ـ قبل أن أخلق سمواتي وأرضي وعرشي وبحري فلم تزل تهلّلني وتمجّدني ، ثمّ جمعت روحيكما فجعلتهما واحدة فكانت تمجّدني وتقدّسني وتهلّلني ، ثمّ قسمتها ثنتين وقسمت الثنتين ثنتين فصارت أربعة : محمّد واحد وعليّ واحد والحسن والحسين ثنتين ، ثمّ خلق الله فاطمة من نور ابتدأها روحاً ، ثمّ مسحنا بيمينه فأضاء نوره فينا»(٢).
__________________
(١) المناقب لابن شهرآشوب ١/٢١٤ ، الأنوار : ٢ ، عوالي اللئالي ٤/١٢١ ، مفتاح الفلاح : ٤١ ، بحار الأنوار ١٨/٢٧٨.
(٢) الكافي ١/٤٤٠ ، بحار الأنوار ١٥/١٨ ـ ١٩.
وفيه أيضاً عن الحسين بن محمّد الأشعري عن معلّى بن محمّد عن أبي الفضل عبد الله بن إدريس عن محمّد بن سنان : «قال كنت عند أبي جعفر الثاني عليهالسلام فأجريت اختلاف الشيعة فقال : (يا محمّد إنّ الله تبارك وتعالى لم يزل متفرّداً بوحدانيّته ثمّ خلق محمّداً وعليّاً وفاطمة عليهم الصلاة والسلام فمكثوا ألف دهر ثمّ خلق جميع الأشياء فأشهدهم خلقها وأجرى طاعتهم عليها وفوّض أمورها إليهم فهم يحلّون ما يشاؤون ويحرّمون ما يشاؤون ولن يشاؤوا إلاّ أن يشاء الله تبارك وتعالى ، ثمّ قال : يا محمّد هذه الديانة التي من تقدّمها مرق ومن تخلّف عنها محق ومن لزمها لحق ، خذها إليك يا محمّد»(١) (٢).
وعن الخصال ومعاني الأخبار بإسناده المتصل إلى سفيان الثوري عن الصادق عن آبائه عن علىٍّ عليهمالسلام قال : «إنّ الله تبارك وتعالى خلق نور محمّد(صلى الله عليه وآله) قبل أن يخلق السماوات والأرض والعرش والكرسيّ واللّوح والقلم والجنّة والنّار وقبل أن يخلق آدم ونوحاً وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وموسى وعيسى وداود وسليمان وقبل أن يخلق الأنبياء كلّهم بأربعمائة ألف سنة وأربع وعشرين ألف سنة»(٣) إلى آخر الخبر.
وعن العلل للصدوق عليه الرحمة بإسناد المتّصل إلى معاذ بن جبل «إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال : (إنّ الله خلقني وخلق(٤) عليّاً وفاطمة والحسن والحسين قبل أن يخلق الدنيا بسبعة الآف عام ، قلت : فأين كنتم يا رسول
__________________
(١) سقطت من نسخة المخطوطة كلمة : (يا محمّد).
(٢) الكافي١/٤٤١ ، بحار الأنوار ١٥/١٩.
(٣) الخصال ٢/٤٨١ ـ ٤٨٢ ، معاني الأخبار : ٣٠٦ ـ ٣٠٧ ، بحار الأنوار ٥٤/١٧٥.
(٤) هذه الكلمة غير موجودة في نفس الرواية وهي زائدة من المؤلّف.
الله؟ قال : قدّام العرش نسبّح الله ونحمده ونقدّسه ونمجّده ، قلت : على أيّ مثال؟ قال : أشباح نور»(١) الخبر.
وعن مصباح الأنوار بإسناده عن أنس عن النبىّ(صلى الله عليه وآله) قال : «إنّ الله خلقني وخلق عليّاً وفاطمة والحسن والحسين قبل أن يخلق آدم حين لا سماء مبنيّة ولا أرض مدحيّة ولا ظلمة ولا نور ولا شمس ولا قمر ولا جنّة ولا نار ، فقال العبّاس : فكيف كان بدو خلقكم يا رسول الله؟ فقال : يا عمّ لمّا أراد الله أن يخلقنا تكلّم بكلمة فخلق منها نوراً ثمّ تكلّم بكلمة أخرى فخلق منها روحاً ثمّ خلط الروح بالنور فخلقني وخلق عليّاً وفاطمة والحسن والحسين فكنّا نسبّحه حين لا تسبيح ونقدّسه حين لا تقديس ، فلمّا أراد الله تعالى أن ينشأ خلقه فتق نوري فخلق منه العرش من نوري ونوري من نور الله ونوري أفضل من العرش ، ثمّ فتق نور أخي علىّ فخلق منه الملائكة فالملائكة من نور عليٍّ ونور عليٍّ من نور الله وعلىّ أفضل من الملائكة ، ثمّ فتق نور ابنتي فخلق منه السماوات فالسماوات والأرض من نور ابنتي فاطمة ونور ابنتي فاطمة من نور الله وابنتي أفضل من السماوات والأرض ، ثمّ فتق نور ولدي الحسن وخلق منه الشمس والقمر فالشمس والقمر من نور ولدي الحسن ونور ولدي الحسن من نور الله والحسن أفضل من الشمس والقمر ، ثمّ فتق نور ولدي الحسين فخلق منه الجنّة والحور العين فالجنّة والحور العين من نور ولدي الحسين ونور ولدي
الحسين من نور الله وولدي الحسين أفضل من الجنّة والحور العين»(٢) الخبر.
__________________
(١) علل الشرائع ١/٢٠٨ ـ ٢٠٩ ، دلائل الإمامة : ٥٩ ، بحار الأنوار ١٥/٧.
(٢) ذكر هذه الرواية : تأويل الآيات الظاهرة : ١٤٣ ـ ١٤٤ ، بحار الأنوار ١٥/١٠ ـ ١١.
وعن كتاب أبي سعيد عبّاد العصفري عن عمرو بن أبي المقدام عن أبي حمزة قال : «سمعت عليّ بن الحسين عليهماالسلام يقول : (إنّ الله خلق محمّداً وعليّاً وأحد عشر من ولده من نور عظمته فأقامهم أشباحاً في ضياء نوره يعبدونه قبل خلق الخلق يسبّحون الله ويقدّسونه وهم الأئمّة من ولد رسول الله(صلى الله عليه وآله)»(١) والأخبار في ذلك كثيرة وهذا القدر كاف في المرام.
(علماً من الله بمآل الأمور)
هذا مفعول لأجله والعامل فيه أحد الأفعال المتقدّمة.
(فرأى الأمم فرقاً في أديانها)
فمنهم يهود ومنهم نصارى ومنهم مجوس ومنهم عبدة أصنام ومنهم صابئون ومنهم زنادقة ، فأمّا الأمّة التي بعث محمّداً فيها فهم العرب وكانوا أصنافاً شتّى فمنهم معطّلة ومنهم غير معطّلة قد حصّلوا نوع تحصيل ، أمّا المعطلة فصنف منهم أنكر الخالق والبعث والإعادة وقالوا ما قال القرآن العزيز عنهم : (اِن هي إلاّ حياتُنا الدُّنيا نموتُ ونَحيا وما يُهلكُنا إلاّ الدّهرُ)(٢) فجعلوا الجامع لهم الطّبع والمهلك لهم الدّهر ، وصنف منهم اعترف بوجود الخالق وأنكر البعث والإعادة وهم المحكي عنهم في القرآن الكريم (وضَرَبَ لَنا مَثَلاً ونسِيَ خَلقَه قالَ مَنْ يُحيي العِظامَ وهِيَ رميمٌ قُل يُحييها ...)(٣) الآية ، وصنف منهم اعترف بالخالق ونوع من الإعادة
__________________
(١) الكافي ١/٥٣٠ ـ ٥٣١، بحار الأنوار ٥٤/٢٠٢.
(٢) سورة الجاثية ٤٥: ٢٤.
(٣) سورة يس ٣٦: ٧٨.
لكنّهم عبدوا الأصنام وزعموا أنّها شفعاؤهم إلى الله في الآخرة فحجّوا لها ونحروا لها الهدي وقرّبوا لها القربان وحلّلوا وحرّموا وهم جمهور العرب ومن هؤلاء قبيلة ثقيف وهم أصحاب اللات بالطائف وقريش وبنو كنانة وغيرهم أصحاب العزّى ، ومنهم من كان يجعل الأصنام على صور الملائكة ويتوجّه بها إلى الملائكة ، ومنهم من كان يعبد الملائكة ، ومنهم من يعبد النيران وهم المجوس(١).
وأمّا المحصّلة كما قال ابن ميثم رحمهالله في شرح النهج فقد كانوا في الجاهلية على ثلاثة أنواع من العلوم أحدها علم الأنساب والتواريخ والأديان والثاني علم تعبير الرؤيا والثالث علم الأنواء وذلك بما يتولاّه الكهنة والقافة منهم ، وعن النبىّ(صلى الله عليه وآله) من قال مطرنا بنو كذا فقد كفر بما أنزل على محمّد(صلى الله عليه وآله) ، ومن غير العرب البراهمة من أهل الهند ومدار مقالتهم على التحسين والتقبيح العقليّين والرّجوع في كلّ الأحكام إلى العقل وإنكار الشّرائع وانتسابهم إلى رجل منهم يقال له برهام ، ومنهم أصحاب البده والبده عندهم شخص في هذا العالم لا يولد ولا ينكح ولا يطعم ولا يشرب ولا يهرم ولا يموت ، ومنهم أهل الفكرة وهم أهل العلم منهم بالفلك وأحكام النجوم ، ومنهم أصحاب الروحانيّات الذين أثبتوا وسائط روحانية تأتيهم بالرّسالة من عند الله في صورة البشر من غير كتاب فتأمرهم وتنهاهم ، إلى غير ذلك من أصناف الملل الفاسدة والمذاهب الكاسدة وهي أكثر من أن تحصر وهي مذكورة في الكتب المصنّفة في هذا الفنّ كالملل
__________________
(١) حول ما ذكره المؤلّف حول تقسيم ديانات العرب قبل الإسلام واعتقاداتهم مقتبس من كتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد في باب (القول في أديان العرب في الجاهلية) ، أنظر : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١/١١ ـ ١٢.
والنّحل للشهرستاني(١).
(فأنار الله بأبي ظلمها وفرّج عن القلوب بهمها
وجلا عن الأبصار غممها)
يعني أنّ العناية قد اقتضت بعثته(صلى الله عليه وآله) ليهتدوا به سبيل الحقّ ويفيئوا من ضلالهم القديم إلى سلوك الصراط المستقيم ، فلينقذهم ببركة نوره من ظلم الجهالة إلى ضياء اليقين ، ويفرّج عن قلوبهم كربها ويجلي عن أبصارهم استارها ، ثمّ إنّ الأبصار جمع البصر وهو إدراك البصر وقد يطلق مجازاً على القوّة الباصرة وعليها فالمراد بالغمم الأغشية.
(وقام في الناس بالهداية)
الهداية هي : الدلالة الموصلة إلى المطلوب وهو الفوز بالجنّة ومحو آثار العلائق الجسمانية وقصر العقل على عبادة الرحمن واكتساب الجنان.
(وأنقذهم من الغواية)
الإنقاذ والاستنقاذ والتنقيذ : التخليص ، ومنه حقّاً عليّ أن استنقذه من النّار ، ومنه يا منقذ الغرقى وأمثالها ، والغواية ـ بالفتح ـ : اسم من غوى يغوى من باب ضرب : انهمك في الجهل وهو خلاف الرشد.
(وبصّرهم من العماية)
العماية ـ بفتح العين ـ : الضلالة ، وهو مستعار من العمى المختصّ بالعينين إليها والجامع عدم الاهتداء.
__________________
(١) شرح نهج البلاغة للبحراني ١ /٢٠٦ ـ ٢٠٧.
(وهداهم إلى الدين القويم ودعاهم
إلى الصراط المستقيم)
أقول : قد مرّ قُبيل هذا معنى الهداية ، والقويم اسم فاعل مأخوذ من القوام ـ بالفتح ـ : وهو العدل والاعتدال قال تعالى : (وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً)(١) أي عدلاً وهو حسن القوام أي : الاعتدال ، ووصف الدين بالقويم كناية عن سهولته وسماحته كما قال سبحانه وتعالى : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج)(٢) ، وقال(صلى الله عليه وآله) : (آتيتكم بالحنيفية السمحاء) ، والمراد بالصراط المستقيم : الطريق الذي من سلكه وصل به إلى الجنّة وهو ما يشتمل عليه الشرع(٣) كما قال الله تعالى : (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراط مُسْتَقِيم)(٤) صراط الله.
(ثمّ قبضه الله إليه قبض رأفة واختيار ورغبة وإيثار)
ففي كشف الغمّة لعلىّ بن عيسى الإربلي رحمهالله «عن علىّ عليهالسلام قال : (كان جبرئيل عليهالسلام ينزل على النبىّ(صلى الله عليه وآله) في مرضه الذي قبض فيه في كلّ يوم وليلة فيقول : السلام عليك إنّ ربّك يقرئك السلام ويقول كيف تجدك؟ وهو أعلم بك ولكنّه أراد أن يزيدك كرامة وشرفاً إلى ما أعطاك على الخلق
__________________
(١) سورة الفرقان ٢٥ : ٦٧.
(٢) سورة الحج ٢٢ : ٧٨.
(٣) الحديث الذي ذكره المؤلّف عن الرسول(صلى الله عليه وآله) ليس نصّاً وإنّما المعنى العامّ ونصّه كما يلي : «لم يرسلني الله تعالى بالرهبانية ولكن بعثني بالحنفية السهلة السمحة ..» ، أنظر : الكافي ٥/٤٩٤ ، وسائل الشيعة ٢٠/١٠٦ ، بحار الأنوار ٢٢/٣١٦.
(٤) (٢٠٦) سورة الشورى ٤٢ : ٥٢.
وأراد أن تكون عيادة المريض سُنّة في أمّتك ، فيقول له النبىّ(صلى الله عليه وآله) : إن كان وجعاً يا جبرئيل أجدني وجعاً ، فقال له جبرئيل : اعلم يا محمّد أنّ الله لم يشدّد عليك وما من أحد من خلقه أكرم عليه منك ولكنّه أحبّ أن يسمع صوتك ودعاءك حتّى تلقاه مستوجباً للدرجة والثواب الذي أعدّه الله لك والكرامة والفضيلة على الخلق ، وإن قال له النبىّ(صلى الله عليه وآله) : أجدني مريحاً في عافية ، قال : له فاحمد الله على ذلك فإنّه يجب أن تحمده وتشكره ليزيدك إلى ما أعطاك خيراً فإنّه يحبّ أن يحمده ويزيده من شكره ، قال : وإنّه نزل عليه في الوقت الذي كان ينزل فيه فعرفنا حسّه فقال علىّ عليهالسلام : فيخرج من كان في البيت غيري فقال له جبرئيل عليهالسلام : يا محمّد إنّ ربّك يقرئك السلام ويسألك وهو اعلم بك كيف تجدك؟ فقال له النبىّ(صلى الله عليه وآله) : أجدني ميتاً ، قال له جبرئيل : يا محمّد ابشر فإنّ الله إنّما أراد أن يبلغك بما تجد ما أعدّ لك من الكرامة ، قال له النبىّ(صلى الله عليه وآله) : إنّ ملك الموت استأذن علىّ فأذنت له فدخل فاستنظرته مجيئك ، فقال له جبرئيل : يا محمّد إنّ ربّك إليك مشتاق فما استأذن ملك الموت على أحد قبلك ولا يستأذن على أحد بعدك ، فقال له النبىّ(صلى الله عليه وآله) : لا تبرح يا جبرئيل حتّى يعود ، ثمّ أذن للنساء فدخلن عليه فقال لابنته : أدني منّي يا فاطمة ، فاكبّت عليه فناجاها ، فاكبّت فرفعت رأسها وعيناها تهملان دموعاً ، فقال لها : أدني منّي فدنت منه فأكبّت عليه فناجاها فرفعت رأسها وهي تضحك ، فتعجّبنا ما رأينا فسألناها فأخبرتنا : أنّه نعى إليها نفسه فبكت ، فقال لها : يا بنيّة لا تجزعي فإنّي سألت الله أن يجعلك أوّل أهل بيتي لحاقاً بي فأخبرني أنّه قد استجاب لي فضحكت ، قال : ثمّ دعا النبىّ(صلى الله عليه وآله) الحسن والحسين عليهماالسلام فقبّلهما وشمّهما وجعل
يترشّفهما وعيناه تهملان»(١).
وفيه أيضاً «عن أبي جعفر عليهالسلام قال : (لمّا حضرت النبىّ(صلى الله عليه وآله) الوفاة استأذن عليه رجل فخرج إليه علىّ(صلى الله عليه وآله) فقال : ما حاجتك؟ فقال : أريد الدخول على رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، فقال علىّ عليهالسلام : لست تصل إليه فما حاجتك؟ فقال الرجل : إنّه لابدّ من الدخول عليه ، فدخل علىّ عليهالسلام فاستأذن النبىّ(صلى الله عليه وآله) فأذن له فدخل فجلس عند رأس رسول الله(صلى الله عليه وآله) ثمّ قال : يا نبىّ الله إنّي رسول الله إليك ، قال : وأيّ رسل الله أنت؟ قال : أنا ملك الموت أرسلني إليك نخيّرك بين لقائه والرجوع إلى الدنيا ، فقال له النبىّ(صلى الله عليه وآله) : فأمهلني حتّى ينزل جبرئيل فاستشيره ، فنزل جبرئيل فقال : يا رسول الله (وَلَلاْخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأولى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى)(٢) لقاء الله خير لك ، فقال عليهالسلام : إنّها لقاء ربّي خيرٌ فامض لما أمرت به ، فقال جبرئيل لملك الموت : لا تعجل حتّى أعرج إلى السماء وأهبط ، قال ملك الموت : لقد صارت نفسه في موضع لا أقدر على تأخيرها ، فعند ذلك قال جبرئيل عليهالسلام : يا محمّد هذا آخر هبوطي إلى الدّنيا إنّما كنت أنت حاجتي فيها»(٣).
(بمحمّد(صلى الله عليه وآله) عن تعب هذه الدار)
قال الشيخ يوسف البحراني في الدرّة النجفية ما لفظه : قال بعض مشايخنا رضوان الله عليهم : لعلّ الظّرف متعلّق بالإيثار يتضمّن معنى العفّة
__________________
(١) كشف الغمّة ١/١٧ ـ ١٨ ، بحار الأنوار ٢٢/٥٣٢ ـ ٥٣٣.
(٢) سورة الضحى٩٣ : ٤ ـ ٥.
(٣) كشف الغمّة ١/١٨ ـ ١٩ ، بحار الأنوار ٢٢/٥٣٣ ـ ٥٣٤.
ونحوها(١) ، وفي بعض النسخ (محمّد) بدون الباء(٢) فتكون الجملة استئنافية أو مؤكّدة للفقرة السابقة أو حاليّة بتقدير الواو ، وفي بعض كتب المناقب القديمة (فمحمّد) وهو أظهر(٣) ، وفي رواية كشف الغمّة (رغبة بمحمّد عن تعب هذه الدار)(٤) ، وفي رواية أحمد بن أبي طاهر (بأبي عزّت هذه الدار)(٥) وهو أظهر ، ولعلّ المراد بالدّار دار القرار ولو كان المراد الدّنيا تكون الجملة معترضة.
(موضوعاً عنه أعباء الأوزار)
الأعباء جمع عبء وهو الحمل الثّقيل والأوزار جمع وزر وهو الذنب.
(وأمينه بالوحي)
وكان(صلى الله عليه وآله) يسمّى بذلك(٦) وهو مأخوذ من الأمانة وأدائها وصدق الوعد.
__________________
(١) الدرّة النجفية : ٢٧٢.
(٢) ذكر الشيخ المجلسي أنّه قد ورد في بعض النسخ (محمّد) بدون الباء ولم يذكر المصدر بحار الأنوار ٢٩/٢٥٦ ، ولكن ورد عند الطبري (لمحمّد) : دلائل الإمامة : ٣٢.
(٣) أنظر : الإحتجاج ١/٩٧.
(٤) كشف الغمّة ١/٤٨٠.
(٥) بحار الأنوار ٢٩/٢٥٧.
(٦) وقد وردت هذه التسمية في مصادر كثيرة أنظر : من لا يحضره الفقيه ١/٥١٤ ، بلاغات النساء : ٢٦ ، دلائل الإمامة : ٣٢ ، الإقبال : ٣٨١ ، البلد الأمين : ٣٢٣ ، بحار الأنوار ٢٩/٢٢٠ ، مستدرك الوسائل ٦/٥٤.
(وأنتم عباد الله نصب أمره ونهيه)
أي نصبكم الله لأمره ونهيه كما قال بعض الشّراح.
(وحملة كتاب الله ووحيه)
أي متعبّدون بما تضمّنه كتاب الله ووحيه من الأحكام.
(لله فيكم عهد قدّمه إليكم وبقيّة استخلفها
عليكم كتاب الله)
لمّا كان هذا الشخص الذي هو النبيّ ليس ممّا يتكوّن وجود مثله في كلّ وقت لما أنّ المادّة التي توجب كمال مثله تقع في قليل من الأمزجة وجب إذن أن يشرّع للناس بعده سنة باقية بأذن الله وأمره ونهيه ووحيه وإنزاله روح القدس عليه وواجب أن يكون قد دبّر لبقاء ما يسنّه ويشرّعه في أمور المصالح الإنسانية تدبيراً ، والغاية من ذلك التدبير هو بقاء الخلق واستمرارهم على معرفة الصانع المعبود ودوام ذكره وذكر المعاد وحسم وقوع النسيان فيه مع انقراض القرن الذي يلي النبيّ ومن بعده ، فواجب إذن أن يأتيهم بكتاب من عند الله ويكون وافياً بالمطالب الإلهية والأذكار الجاذبة إلى الله تعالى ، ولأخطاره بالبال في كلّ حال مشتملاً على أنواع من الوعد إلى طاعة الله ورسوله بجزيل الثواب عند المصير إليه ، والوعيد على معصيته بعظيم العقاب عند القدوم عليه ، ولابدّ أن يعظّم أمره ويسنّ على الخلق تكراره وحفظه أو بعضه ودراسته وتعلّمه وتعليمه وتفهّم معانيه ومقاصده ليدوم به التذكّر لله سبحانه والملأ الأعلى من ملائكته ، ثمّ يسنّ عليهم أفعالاً وأعمالاً تتكرّر في أوقات مخصوصة تتقارب ، ويتلو بعضها بعضاً مشفوعة
بألفاظ تقال ، ونيّات تنوى في الخيال ليحصل بها دوام تذكّر المعبود وينتفع بها في أمر المعاد ، وإلاّ فلا فائدة فيها ، وهذه الأفعال كالعبادات الخمس المفروضة على الناس وما يلحقها من الوظائف(١).
قاله شيخنا ابن ميثم البحراني في شرح النهج : ثمّ أخذت صلوات الله وسلامه عليها في ذكر أوصاف القرآن ونعوته(٢) فقالت :
(بيّنة بصائره منكشفة سرائره متجلّية ظواهره)
البصائر : قال في مجمع البحرين : هي الحجج البيّنة ، واحدها بصيرة وهي الدلالة التي يستبصر بها الشيء على ما هو به وهو نور القلب كما أنّ البصر نور العين ، سمّيت بها الدلالة لأنّها تُجلي الحقّ ويبصر فيها ، وهذا كقولها عليهاالسلام : فيه تبيان حجج الله المنيرة(٣).
قال أمير المؤمنين عليهالسلام عن(٤) رسول الله(صلى الله عليه وآله) في وصفه : «وله ظهر وبطن ، فظاهره حكمة وباطنه علم ، ظاهره أنيق وباطنه عميق»(٥).
__________________
(١) لقد وردت عن الرسول(صلى الله عليه وآله) والأئمّة الأطهار عليهمالسلام أحاديث كثيرة في فضل القرآن لمزيد من المعلومات أنظر : الكافي ١/٥٩ ، ٦٠ ، ٦٢ ، ٦٤ ، ٢/٦٠٠ ـ ٦٠٢ ، بحار الأنوار ٨٩/١٠٦ ـ ١٠٧ ، التفسير المنسوب للإمام الحسن العسكري عليهالسلام : ١٣ ، تفسير العيّاشي ١/١ ـ ٢٨ ، وهناك مصادر أخرى يطول ذكرها.
(٢) شرح نهج البلاغة للبحراني ١/١٣٤.
(٣) مجمع البحرين ٢/٢١١.
(٤) غير موجودة في نسخة المخطوطة وأضفناها لإكمال المعنى المتقدّم في المتن.
(٥) الكافي ٢/٥٩٩ ، تفسير العيّاشي ١/٢ ، النوادر للراوندي : ٢٢ ، وسائل الشيعة ٦/١٧ ، بحار الأنوار ٧٤/١١٧.
(قائِد إلى الرّضوان أتباعه).
الرّضوان ـ بكسر الرّاء وضمّها ـ : أعلى مراتب الرّضا والمراد به الجنّة كما قال(صلى الله عليه وآله) : «من جعله أمامهُ قادهُ إلى الجنّة ، ومن جعله خلفه ساقه إلى النّار»(١).
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام في خطبة له قال فيها في وصفه : «(أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً)(٢) فجعله الله نوراً يهدي للتي هي أقوم وقال : (فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ)(٣) وقال : (اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ)(٤) وقال : (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)(٥) ففي اتّباع ما جاءكم من الله الفوز العظيم وفي تركه الخطأ المبين قال : (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ ولا يَشْقى)فجعل في اتّباعه كلّ خير يرجى في الدنيا والآخرة» انتهى(٦).
(مؤدّ إلى النّجاة استماعُه)
[وفي بعض النسخ (مديم للبرية استماعه)(٧).
__________________
(١) الكافي : ٥٩٩ ، النوادر للراوندي : ٢٢ ، إرشاد القلوب ١/٨ ، أعلام الدين : ١٠٢ ، عدّة الداعي : ٢٨٦ ، وسائل الشيعة ٦/١٧١ ، بحار الأنوار ٧٤/١٣٦.
(٢) سورة النساء ٤ : ١٦٦.
(٣) سورة القيامة ٧٥ : ١٨.
(٤) سورة الأعراف٧ : ٣.
(٥) سورة هود ١١ : ١١٢.
(٦) سورة طه٢٠ : ١٢٣ تفسير العيّاشي ١/٧ ، بحار الأنوار ٢٦/٨٨ ـ ٨٩.
(٧) علل الشرائع ١/٢٤٩ ، بحار الأنوار ٦/١٠٧ ، وقد وردت عند الإربلي (مديماً) ، أنظر : كشف الغمّة ١/٤٨٣.
قال المجلسي رحمهالله : «أي ما دام القرآن بينهم لا ينزل عليهم العذاب كما ورد في الأخبار»(١)].
الاستماع افتعال مأخوذ من مادّة (س م ع) ، والفرق بينه وبين السّمع أنّ الاستماع يعتبر فيه القصد والالتفات دونه فهو أعمّ مطلقاً منهُ وله وظائف أشار إليها الغزالي في محكي الإحياء وهي تسعة :
أحدها : أن يتصوّر الإنسان حال استماعه للتلاوة عظمة كلام الله سبحانه وإفاضة كماله ولطفه بخلقه في نزوله من عرش جلاله إلى درجة إفهام الخلق في إيصال معاني كلامه إلى أذهانهم.
الثانية : التعظيم للمتكلّم ، وينبغي أن يحضر في ذهن المستمع عظمة المتكلّم ، ويعلم أنّ ما يستمعه ليس بكلام البشر ، فتعظّم الكلام بتعظيم المتكلّم ، وإذ قد علمت أنّ عظمة المتكلّم لا تخطر في القلب بدون الفكر في صفات جلاله ونعوت كماله وأفعاله ، وإذا خطر ببالك الكرسيّ والعرش واللّوح والسماوات والأرضون وما بينهما وعلمت أنّ الخالق لجميعها والقادر عليها والرازق لها هو الله الواحد القهّار ، وأنّ الكلّ في قبضته ، والسماوات مطويّات بيمينه ، والكلّ سائر إليه ، وأنّه الذي يقول : هؤلاء في الجنّة وهؤلاء في النّار ولا أبالي ، فإنّك تستحضر من ذلك عظمة المتكلّم ثمّ عظمة الكلام.
الثالثة : التدبّر ، وهو طور وراء حضور القلب المعتبر في معنى الاستماع وهو المقصود منه ، قال سبحانه : (أفلا يتَدَبَّرونَ القُرآنَ أم على
__________________
(١) بحار الأنوار ٦/١٠٨.
قُلوب أقفالها)(١) ، (أفلا يَتَدَبّرون القرآنَ وَلَو كانَ مِن عِندِ غَيرِ اللهِ لَوَجَدوا فِيهِ اختِلافاً كثيراً)(٢).
الرابعة : التفهّم ، وهو أن يستوضح من كلّ آية ما يليق بها ، فإنّ القرآن مشتمل على ذكر صفات الله وأفعاله وأحوال أنبيائه والمكذّبين لهم وأحوال ملائكته وذكر أوامره وزواجره وذكر الجنّة والنّار والوعد والوعيد فليتأمّل معاني هذه الأسماء والصفات لتنكشف له أسرارها فتحتها دفائن الأسرار وكنوز الحقائق.
الخامسة : التخلّي من موانع الفهم ، فإنّ أكثر الناس منعوا من فهم القرآن لأسباب وحجب أسدلها الشيطان على قلوبهم فحجبت عن عجائب أسراره ، قال(صلى الله عليه وآله) : «لولا أنّ الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى الملكوت ومعاني القرآن وأسراره من جملة الملكوت»(٣).
السادسة : أن يخصّص نفسه بكلّ خطاب في القرآن من أمر أو نهي أو وعد أو وعيد ويقدّر أنّه هو المقصود به ، كذلك إن سَمِعَ قصص الأوّلين والأنبياء عليهمالسلام عَلِمَ أنّ السّمر غير مقصود وإنّما المقصود الاعتبار ، فلا يعتقد أنّ كلّ خطاب خاصّ في القرآن المراد به الخصوص ، فإنّ القرآن وسائر الخطابات الشرعية واردة بإيّاك أعني واسمعي يا جارة ، وهي كلّها نور وهدى ورحمة للعالمين ، ولذلك أمر الحقّ تعالى الكافّة بشكر نعمة الكتاب فقال : (واذْكُروا نعمَةَ اللهِ عَلَيْكُم وما أَنزَل عليْكُم مِنَ الكِتابِ والحِكْمةِ
__________________
(١) سورة محمّد ٤٧ : ٢٤.
(٢) سورة النساء ٤ : ٨٢.
(٣) بحار الأنوار ٥٦/١٦٣.
يَعِظُكُم بِهِ)(١).
السابعة : التأثّر ، وهو أن يتأثّر قلبه بآثار مختلفة بحسب اختلاف الآيات ، فيكون له بحسب كلّ فهم حال ووجد يتّصف به عندما يوجّه نفسه في كلّ حالة إلى الجهة التي فهمها من خوف أو حزن أو رجاء أو غيره ، فيستعدّ بذلك وينفعل ويحصل له التأثر والخشية.
الثامنة : الترقّي ، وهو أن يوجّه قلبه وعقله إلى الجهة الحقيقية فيسمع الكلام من الله تعالى لا من القارئ.
التاسعة : التبرّي ، والمراد به أن يبرأ من حوله وقوّته ولا يلتفت إلى نفسه بعين الرّضا والتزكية ، فإذا تلا آيات الوعد ومدح الصالحين حذف نفسه منهم عن درجة الاعتبار ، وشهد فيها الموقنين والصدّيقين ويتشوّق إلى أن يلحقه الله تعالى بهم ، وإذا تلا آيات المقت والذّم في المقصّرين وشهد نفسه هناك وقدّر أنّه المخاطب خوفاً وإشفاقا. فهذه وظائف المستمع.
ثمّ ليعلم أنّ هذه الوظائف المحكيّة عن الغزالي قد حكيت عنه بالنسبة إلى القارئ إلاّ أنّا قد طبّقناها على المستمع حيث وجدناها قابلة للتطبيق عليه سوى وظيفة واحدة أسقطناها من جهة اختصاصها بالقارئ فلاحظ.
(ومحارمه المحذورة)
في نسخة الإحتجاج (ومحارمه المخدّرة)(٢)
وعليها فيكون وصفها بالمخدّرة من قبيل الاستعارة بالكناية ،
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ٢٣١.
(٢) الإحتجاج ١/٩٩ ، وانظر كذلك : بلاغات النساء : ٢٩ ، دلائل الإمامة : ٣٢ ، بحار الأنوار ٢٩/٢٢٣.
والمخدّرة تخييل.
وفي نسخة البحار عن العلل وصفها (بالمحرّمة)(١) فيكون من باب التأكيد.
(وبيّناته الجالية)
قال الفيّومي : جلا الخبر للنّاس جلاءً ـ بالفتح والمدّ ـ : وضح وانكشف فهو جليٌّ ، وجلوته أوضحته يتعدّى أو لا يتعدّى(٢).
(وأحكامه الكافية)
وفي نسخة الإحتجاج (وبراهينه الكافية) وزاد (وفضائله المندوبة)(٣).
(وشرائعه المكتوبة)
أي المفروضة على العباد كقوله تعالى : (كُتِبَ عليكم الصيام كما كُتِبَ على الذينَ من قَبلِكُم)(٤) ومنه يقال : الصلاة المكتوبة.
(ورخصه الموهوبة)
وذلك مثل أنّه سبحانه فرض الوضوء والغسل بالماء فقال : (يا أيها
__________________
(١) علل الشرائع ١/٢٤٨ ، من لا يحضره الفقيه ٣/٥٦٧ ، بحار الأنوار ٨٩/١٣.
(٢) المصباح المنير ١/١٠٦.
(٣) الإحتجاج ١/٩٩ ، بحار الأنوار ٢٩/٢٢٣.
(٤) سورة البقرة ٢ : ١٨٣.
الذّينَ آمَنوا إذا قُمتُم إلى الصَّلاة فاَغْسِلوا وُجوهَكُم وأيديكم إلى المرافِقِ وامسَحوا برِؤوسِكُم واَرجُلَكُم إلى الكَعبين وإن كُنتُم جُنُباً فاَطَّهَّروا)(١) ثمّ رخّص لمن لم يجد الماء التيمّم بالتراب فقال : (وَإن كُنْتُم مرضى أو عَلَى سَفَر أو جاءَ اَحَدٌ مِنْكُم من الغائِطِ أو لامستُم النساء فَلَم تَجِدوا ماءً فتيمّموا صَعيداً طَيّباً فاَمسَحوا بِوُجُوهِكُم وأيديكم)(٢) ومثله قوله : (حافِظوا على الصّلَواتِ والصَّلاةِ الوُسطى وقُوموا للّهِ قانِتين)(٣)ثمّ رخّص فقال : (وإن خِفتم فَرِجالاً أو رُكباناً) وقوله : (فإذا قَضيُتمُ الصلاةَ فاَذكُروا الله قِياماً وقُعُوداً وَعَلى جنوبِكُم)(٤) فقال العالم : الصحيح يصلّي قائماً والمريض يصلّي جالساً فمن لم يقدر فمضطجعاً يومئ إيماء إلى غير ذلك من موارد الرخصة ، وهذا النوع رخصته بعد العزيمة والفريضة وهو الظاهر من السياق ، وهناك نوع آخر وهي الرخصة التي صاحبها فيها بالخيار إن شاء أخذ وإن شاء ترك فإنّ الله عزّ وجلّ رخّص أن يعاقب الرجل الرجل على فعله به فقال : (وجَزاءُ سَيّئة سَيّئةٌ مِثلُها فَمَن عَفا وأصلَحَ فَأجرُهُ عَلى اللهِ)(٥) فهذا بالخيار إن شاء عاقب وإن شاء عفى ، ونوع آخر وهو الرخصة التي ظاهِرها خلاف باطنها يعمل بظاهرها ولا يراد باطنها فإنّ الله تبارك وتعالى نهى أن يتّخذ المؤمن الكافر وليّاً فقال : (لاَ يَتّخِذِ المؤمِنونَ الكافِرينَ أولياءَ مِن دونِ المؤمِنينَ وَمَن يَفعَل ذلِك
__________________
(١) سورة المائدة ٥ : ٦.
(٢) سورة المائدة ٥ : ٦.
(٣) سورة البقرة ٢ : ٢٣٨.
(٤) سورة النساء ٤ : ١٠٣.
(٥) سورة الشورى ٤٢ : ٤٠.
فَلَيسَ مِن للهِ في شيء)(١) ثمّ رخّص عند التقية أن يصلّي بصلاته ويصوم بصومه ويعمل بعمله في ظاهره وأن يدين الله في باطنه بخلاف ذلك فقال : (إلاّ أن تَتَّقوا مِنهُم تُقاةً)(٢) فهذه أنواع الرخصة.
وفي تفسير علي بن إبراهيم القمّي رحمهالله عن الصادق عليهالسلام مرسلاً أنّه قال : «إنّ الله تبارك وتعالى يحبّ أن يؤخذ برخصه كما يؤخذ بعزائمه»(٣).
(ففرض الله الإيمان تطهيراً من الشرك)
هذا تفريع على مضمون قولها عليهاالسلام : (فيه شرائعه المكتوبة) يعني أنّه
__________________
(١) سورة الشورى ٤٢ : ٤٠.
(٢) سورة آل عمران ٣ : ٢٨.
(٣) تفسير القمّي ١ /١٥ ـ ١٦ ، وما ذكره المؤلّف في المتن مقتبس من تفسير القمّي حول موضوع (الرخصة) ، أنظر المصدر نفسه الجزء والصفحات.
وقد ذهبت بعض الروايات إلى أبعد من ذلك ففي وصية لمولانا أمير المؤمنين عليهالسلام لأحد أصحابه قال : (وقد أذنت لك في تفضيل أعدائنا إن ألجأك الخوف إليه وفي إظهار البراءة منّا إن حملك الوجل عليه وفي ترك الصلوات المكتوبات إن خشيت على حشاشتك الآفات والعاهات فإنّ تفضيلك أعداءنا علينا عند خوفك لا ينفعهم ولا يضيرنا وإن إظهارك براءتك منّا عند تقيّتك لا يقدح فينا ولا ينفعهم ولئن تبرّئت منا ساعة بلسانك وأنت موال لنا بجنابك لتبقي على نفسك روحك التي بها قوامها ومالها الذي به قيامها وجاهها الذي به تماسكها وتصون من عرضه بذلك وعرفت به من أوليائنا وإخواننا من بعد ذلك بشهور وسنين إلى أن يفرّج الله تلك الكربة وتزول به تلك الغمّة فإنّ ذلك أفضل من أن تتعرّض للهلاك وينقطع به عن عمل الدين وصلاح إخوانك المؤمنين وإيّاك ثم إيّاك أن تترك التقية التي أمرتك بها فإنّك شائط بدمك ودم إخوانك معرض لنعمتك ونعمهم على الزوال مذلّ لهم في أيدي أعداء دين الله وقد أمرك الله بإعزازهم فإنّك إن خالفت وصيّتي كان ضيرك على نفسك وإخوانك أشدّ من ضرر المناصب لنا الكافر بنا) ، أنظر : الإحتجاج ١/٢٣٩ ، التفسير المنسوب للإمام العسكري عليهالسلام : ١٧٥ ، بحار الأنوار ٧٢/٤١٨ ـ ٤١٩ ، وسائل الشيعة ١٦/٢٢٩.
سبحانه وتعالى إنّما فرض الإيمان الذي هو التصديق بالله بأن يصدّق بوجوده وصفاته وبرسله بأن يصدّق بأنّهم صادقون فيما أخبروا به عن الله ، وبكتبه بأن يصدّق بأنّها كلام الله وأنّ مضمونها حقٌّ ، وبالبعث من القبور والصراط والميزان وبالجنَّة والنّار وبالملائكة بأنّهم موجودون وأنّهم عباد مكرّمون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، إلى غير ذلك ، وهذا المعنى هو الذي استظهره شيخنا الطريحي رحمهالله(١) من معناه في الشرع وإلاّ فلهم خلاف في معناه مذكور في الكتب الكلامية فإن أحببت فراجع ، فلنرجع إلى ما كنّا فيه ، فإنّما فرض الله سبحانه الإيمان تطهيراً من نجاسة الشرك بالله الذي هو عبارة عن عدم الإيمان بالمعنى الذي ذكرناه المذكور في قوله تعالى في مقام تشريع الأحكام (إنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ)(٢) فإنّ تعليق الحكم على الوصف مشعر بالعلّيّة كما نصّ عليه علماء الأصول ، ثمّ إنّ الظاهر من نجاستهم العينية كأخويهم لا الحكمية ، ويدلّ على ذلك نقل الإجماع من غير واحد من فقهائنا رحمهم الله ، وإنّ بيان النجاسة الحكمية التي هي الخباثة الباطنية ليس من وظيفة الحكمة الربّانية ، مع أنّها منصرفة إلى العينية بخلاف الحكمية إذ ليست معنى معروفاً لها حتّى ينصرف إليها سيّما مع مساعدة السياق كما لا يخفى ، وهو المحكي عن ابن عبّاس رضياللهعنهوتحقيقه مذكور في كتب الفروع فلاحظ(٣).
ثمّ إنّها عليهاالسلام بدأت بالإيمان لأنّه الأصل لجميع الفرائض والسنن وهو الظاهر.
__________________
(١) مجمع البحرين ١/١١٣.
(٢) سورة التوبة ٩ : ٢٨.
(٣) لمزيد من المعلومات انظر : المبسوط ٢/٤٧ ، تذكرة الفقهاء ١/٥ ٨ ٦٩ ، جواهر الكلام ٦/٤٢ ٩٣.
(والصلاة تنزيهاً لكم عن الكبر)
روى الصدوق عليه الرحمة في العلل بإسناده إلى محمّد بن سنان : «أنّ أبا الحسن عليهالسلام كتب فيما كتب من جواب مسائله : (إنّ علّة الصلاة فإنّها إقرار بالربوبية وخلع الأنداد ، وقيام بين يدي الجبّار جلّ جلاله بالذلّ والمسكنة والخضوع والاعتراف والطلب للإقالة من سالف الذنوب ، ووضع الوجه على الأرض كلّ يوم خمس مرّات إعظاماً لله عزّ وجلّ ، وأن يكون ذاكراً غير ناس ولا بطر ، ويكون خاشعاً متذلّلاً راغباً طالباً للزيادة في الدين والدنيا مع ما فيه من الانزجار(١) والمداومة على ذكر الله عزّ وجلّ بالليل والنهار لئلاّ ينسى العبد سيّده ومدبّره وخالقه فيبطر ويطغى ، ويكون في ذكره لربّه وقيامه بين يديه زجراً له عن المعاصي ومانعاً من أنواع الفساد»(٢).
وفي العيون عن عبد الواحد ابن عبدوس عن عليّ بن محمّد بن قتيبة في علل الفضل بن شاذان عن الرضا عليهالسلام : «فإن قيل : فلم أمروا بالصلاة؟ قيل : لأنّ في الصلاة الإقرار بالربوبية وهو صلاح عام لأنّ فيه خلع الأنداد والقيام بين يدي الجبّار بالذلّ والاستكانة والخضوع والاعتراف وطلب الإقالة من سالف الذنوب ، ووضع الجبهة على الأرض كلّ يوم وليلة ليكون العبد ذاكراً لله تعالى غير ناس له ويكون خاشعاً [وجلاً] متذلّلاً طالباً راغباً في الزيادة للدين والدنيا»(٣) الخبر.
__________________
(١) الزجر : المنع والنهي والانتهار ، لسان العرب ٤/٣١٨.
(٢) علل الشرائع ٢/٣١٧ ، من لا يحضره الفقيه ١٠/٢١٤ ـ ٢١٥ ، وسائل الشيعة ٤/٨ ـ ٩ ، بحار الأنوار ٧٩/٢٦١ ـ ٢٦٢.
(٣) نفس الحديث المتقدّم الذكر ولا يوجد اختلاف في المعنى العامّ المتقدّم الذكر
وفي نهج البلاغة قال أمير المؤمنين عليهالسلام في ذمّ التكبّر وعن ذلك : «ما حرّض(١) الله عباده المؤمنين بالصلاة والزكاة ومجاهدة الصيام في الأيام المفروضات تسكيناً لأطرافهم وتخشيعاً لأبصارهم وتذليلاً لنفوسهم وتخفيضاً لقلوبهم وإذهاباً للخيلاء عنهم ، لما في ذلك من تعفير عتاق الوجوه بالتراب تواضعاً ، وإلصاق كرائم الجوارح بالأرض تصاغراً ، ولحوق البطون بالمتون من الصيام تذلّلاً»(٢) الخ.
وفي البحار عن كتاب العلل لمحمّد بن علي بن إبراهيم أنّه قال : «العلّة في الصلاة الاستعباد والإقرار بربوبيّته وخلع الأنداد ، مكرّراً ذلك عليهم في كلّ يوم وليلة خمس مرّات ولئلاّ ينسوا خالقهم ورازقهم ولا يغفلوا عن طاعته ويكونوا أكرمين حامدين شاكرين لنعمه وتفضّله عليهم ،
__________________
الاختلاف في بعض الكلمات. أنظر : عيون أخبار الرضا ٢/١٠٣ ـ ١٠٤ ، علل الشرائع ١/٢٥٦ ـ ٢٥٧ ، بحار الأنوار ٧٩/٢٧١ ـ ٢٧٢.
وأشار الإمام عليّ عليهالسلام إلى علّة الصلاة وفلسفتها وتشريعها السماوي من كلام له كان يوصي به أصحابه قائلاً : (تعاهدوا أمر الصلاة وحافظوا عليها واستكثروا منها وتقرّبوا بها فإنّها كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً ألا تسمعون إلى جواب أهل النّار حين سئلوا ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلّين وإنّها لتحتّ الذنوب حتّ الورق وتعلّقها إطلاق الربق وشبّهها رسول الله(صلى الله عليه وآله) بالحمّة تكون على باب الرجل فهو يغتسل منها في اليوم والليلة خمس مرّات فما عسى أن يبقى عليه من الدرن وقد عرف حقّها رجال من المؤمنين الذين لا تشغلهم عنها زينة متاع ولا قرّة عين من ولد ولا مال يقول الله سبحانه : رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكان رسول الله(صلى الله عليه وآله) نصباً بالصلاة بعد التبشير له بالجنّة لقول الله سبحانه ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها ) فكان يأمر أهله ويصبّر نفسه) ، شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد١٠/٢٠٢.
(١) في المخطوط (حرص).
(٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٣/١٦٣ ، بحار الأنوار ٧٩/٢٧٥.
وعلّة أخرى ليذلّ كلّ جبّار عنيد ومتكبّر ويعترف ويخشع ويخضع ويسجد له ويعلم أنّ له خالقاً ورازقاً ومحيياً ومميتاً»(١) الخ.
(والزكاة تزييداً لكم في الرزق)
قال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز : (مَن ذا الذي يُقرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفهُ لَهُ أضعافاً كَثيرةً)(٢) والكثير عند الله لا يحصى.
وفي الوسائل عن مبارك العقرقوفي عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهماالسلام قال : «إنّما وضعت الزكاة قوتاً للفقراء وتوفيراً لأموالهم»(٣) ، قال : ورواه البرقي في المحاسن عن أبيه عن يونس عن مبارك العقرقوفي(٤) ، ورواه الكليني عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن إسماعيل بن مرار عن مبارك العقرقوفي نحوه(٥) ، والذي قبله عن عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عبد الله بن سنان مثله ، ورواه الصدوق عليه الرحمة في العلل عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع عن يونس بن عبد الرحمن عن مبارك العقرقوفي(٦) ، والذي قبله عن محمّد بن
__________________
(١) بحار الأنوار ٧٩/٢٧٥.
(٢) سورة البقرة ٢ : ٢٤٥.
(٣) وسائل الشيعة ٩/١٠ ـ ١١ ، من لا يحضره الفقيه ٢/٤ ، بحار الأنوار ٩٣/١٨.
(٤) المحاسن ٢/٣١٩.
(٥) الكافي ٣/٤٩٨ ، وقد ورد هذا الحديث عند الشيخ الكليني كما يأتي : (إنّ الله عزّ وجلّ وضع الزكاة قوتاً للفقراء وتوفيراً لأموالكم).
(٦) علل الشرائع ٢/٣٦٨ ، وقد ورد هذا الحديث عند الشيخ الصدوق كما يلي : (إنّما وضعت الزكاة قوتاً للفقراء وتوفيراً لأموال الأغنياء).
الحسن عن الصفّار عن العبّاس بن معروف عن عليّ بن مهزيار عن الحسين ابن سعيد عن النضر بن سويد عن عبد الله بن سنان مثله.
(والصيام تثبيتاً للإخلاص)
لأنّ فيه صفاء القلب وطهارة الجوارح ، وعمارة الظاهر والباطن ، والشكر على النّعمة ، والإحسان إلى الفقراء ، وزيادة التضرّع والخشوع والبكاء ، وحبل الالتجاء إلى الله ، وسبب انكسار الهمّة ، وتخفيف السيّئات ، ولأنّه أمر لا يطّلع عليه أحدٌ فلا يقوم به على وجهه إلاّ المخلصون(١).
روى الصدوق رحمهالله في عيون أخبار الرضا عليهالسلام بإسناده عن محمّد بن سنان عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام فيما كتب إليه من جواب مسائله : «علّة الصوم لعرفان مسّ الجوع والعطش ليكون العبد ذليلاً مسكيناً مأجوراً محتسباً صابراً ، ويكون ذلك دليلاً له على شدائد الآخرة ، مع ما فيه من الانكسار له عن الشهوات ، واعظاً له في العاجل دليلاً على الآجل ، ليعلم شدّة مبلغ ذلك من أهل الفقر والمسكنة في الدنيا والآخرة»(٢).
وفي العيون أيضاً بإسناده إلى عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس عن علىّ بن محمّد بن قتيبة النيسابوري في علل الفضل بن شاذان عن الرضا عليهالسلام : «فإن قيل : فلم أمر بالصوم؟ قيل : لكي يعرفوا ألم الجوع والعطش فيستدلّوا على فقر الآخرة ، وليكون الصائم خاشعاً ذليلاً مستكيناً
__________________
(١) ما ذكر سالفاً في المتن حول الصيام وفضائله هو أصلاً حديث للرسول(صلى الله عليه وآله) ، أنظر : مصباح الشريعة : ١٣٦ ، بحار الأنوار ٩٣/٢٥٤ ، مستدرك الوسائل ٧/٥٠٠.
(٢) عيون أخبار الرضا ٢٠/٩١ ، علل الشرائع ٢/٣٧٨ ، من لايحضره الفقيه ٢/٧٣ ، وسائل الشيعة ١٠/٨ ، بحار الأنوار ٦/٩٧.
مأجوراً محتسباً عارفاً صابراً على ما أصابه من الجوع والعطش فيستوجب الثواب ، مع ما فيه من الانكسار عن الشهوات ، وليكون ذلك واعظاً لهم في العاجل ، وراضياً لهم على أداء ما كلّفهم ، ودليلاً لهم في الأجل ، وليعرفوا شدّة مبلغ ذلك على أهل الفقر والمسكنة في الدنيا فيؤتوا إليهم ما افترض الله تعالى في أموالهم»(١).
(والحج تشييداً للدين)
وفي نسخة الكشف (تسنية) بدل تشيداً وكأنّه بمعنى الشعار(٢) ، وهو ظاهر في العلل والعيون(٣) بإسناده إلى الفضل بن شاذان عن الرضا عليهالسلام في حديث طويل قال : «إنّما أمروا بالحجّ لعلّة الوفادة إلى الله عزّ وجلّ ، وطلب الزيادة ، والخروج عن كلّ ما اقترف العبد تائباً ممّا مضى مستأنفاً لما يستقبل ، مع ما فيه من إخراج الأموال وتعب الأبدان والاشتغال عن الأهل والولد وحظر النفس عن اللذات ، شاخصاً في الحرّ والبرد ، ثابتاً على ذلك دائماً مع الخضوع والاستكانة والتذلّل ، مع ما في ذلك لجميع الخلق من المنافع لجميع من في شرق الأرض وغربها ومن في البرّ والبحر ممّن حجّ وممّن لم يحجّ من بين تاجر وجالب وبائع ومشتري وكاسب ومسكين ومكاري وفقير ، وقضاء حوائج أهل الأطراف في المواضع الممكن لهم الاجتماع فيه ، مع ما فيه من التفقّه ونقل أخبار الأئمّة إلى كلّ صقع وناحية
__________________
(١) عيون أخبار الرضا ٢/١١٦.
(٢) بحار الأنوار ٢٩/٢٦٠.
(٣) علل الشرائع ١/٢٧٣ ، عيون أخبار الرضا ٢/١١٩ ، وسائل الشيعة ١١/١٣ ، بحار الأنوار ٩٦/٤٠ ـ ٤١.
كما قال الله عزّ وجلّ : (فلولا نَفَر من كُلِّ فِرقة طائفةٌ لِيَتفقّهوا في الدّينِ وليُنذِروا قومَهُم إذا رجَعوا إليهم لَعلّهُم يَحذَرونَ)(١) (وَلْيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُم)»(٢).
(والعدل تنسيكاً للقلوب)(٣)
أي إنّه سبحانه إنّما فرض العدل لتطهير القلوب من دنس الظّلم ، روي عن النبىّ(صلى الله عليه وآله) أنّه قال : «عدل ساعة خير من عبادة سبعين سنة»(٤).
(وطاعتنا نظاماً للملّة)
أي قواماً لها ، قال سبحانه وتعالى : (يا أيّها الذينَ آمنوا أطيعوا اللهَ والرسولَ وأولي الأمرِ مِنكُم)(٥) وإنّما كانت طاعتهم عليهمالسلام نظاماً للملّة لأنّهم أبواب الله والسبيل إليه والأدلّة عليه وعيبة علمه وتراجمة وحيه وأركان توحيده ، معصومون من الخطأ والزلل قد أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً ، عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ، أمرهم أمر الله ونهيهم نهي الله وطاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية الله(٦).
__________________
(١) سورة التوبة ٩ : ١٢٢.
(٢) سورة الحجّ ٢٢ : ٢٨.
(٣) ووجدت نسخة (مسكاً) بدل (تنسيكاً) وهو بمعنى أن يمسكها عن الخوف والقلق والاضطراب وعن الجور والظلم (المؤلّف).
(٤) مشكاة الأنوار : ٣١٥ ـ ٣١٦ ، جامع الأخبار : ١١٩ ، عوالي اللئالي ١/٣٦١ ، بحار الأنوار ٧٢/٣٥٢ ، مستدرك الوسائل ١١/٣١٧.
(٥) سورة النساء ٤ : ٥٩.
(٦) ما تقدّم آنفاً في المتن هو أشارة إلى قول الإمام الصادق عليهالسلام : (الأوصياء هم أبواب
وفي العيون والعلل بإسناده إلى علي بن محمّد بن قتيبة عن الفضل ابن شاذان عن الرضا عليهالسلام في جواب مسائل العلل : «فإن قال : فلم جعل أولي الأمر وأمر بطاعتهم؟ قيل : لعلل كثيرة ، منها : أنّ الخلق لمّا وقفوا على حدٍّ محدود وأمروا أن لا يتعدّوا ذلك الحدّ لما فيه من فسادهم لم يكن يثبت ذلك ولا يقوم إلاّ بأن يجعل عليهم فيه أميناً يمنعهم من التعدّي والدخول فيما حظر عليهم ؛ لأنّه لو لم يكن كذلك لكان أحد لا يترك لذّته ومنفعته لفساد غيره ، فجعل عليهم فيما يمنعهم عن الفساد ويقيم فيها الحدود والأحكام ، ومنها : أنّا لا نجد فرقة من الفرق ولا ملة من الملل بقوا وعاشوا إلاّ بقيِّم ورئيس ، ولما لابدّ لهم منه في أمر الدين والدنيا فلم يجز في حكمة الحكيم أن يترك الخلق ممّا يعلم أنّه لابدّ لهم منه ولا قوام لهم إلاّ به ، فيقاتلون به عدوّهم ويقسّمون به فيئهم ويقيم لهم جمعتهم وجماعتهم ويمنع ظالمهم من مظلومهم ، ومنها : أنّه لو لم يجعل لهم إماماً قيّماً أميناً حافظاً مستودعاً لدرست الملّة وذهب الدين وغيّرت السنن والأحكام ، ولزاد فيه المبتدعون ونقص منه الملحدون وشبّهوا ذلك على المسلمين ، لأنّا قد وجدنا الخلق منقوصين غير كاملين محتاجين مع اختلافهم واختلاف أهوائهم وتشتّت أنحائهم ، فلو لم يجعل لهم قيّماً حافظاً لما جاء به الرسول لفسدوا على نحو ما بيّنا وغيّرت الشّرائع والسنن والأحكام والأيمان وكان
__________________
الله عزّ وجلّ التي يؤتى منها ولولاهم ما عرف الله عزّ وجلّ وبهم احتجّ الله تبارك وتعالى على خلقه) ، أنظر : الكافي ١/١٩٣ ، تأويل الآيات الظاهرة : ٩٢ ، تفسير العيّاشي ١/٨٦.
وكذلك أشار الإمام عليّ بن الحسين عليهالسلام إلى نفس المعنى المتقدّم بقوله : «نحن أبواب الله ونحن الصراط المستقيم ونحن عيبة للّه ونحن تراجمة وحيه ونحن أركان توحيده ونحن موضع سرّه» ، معاني الأخبار : ٣٥.
في ذلك فساد الخلق أجمعين»(١).
(وإمامتنا أماناً من الفرقة)
قد ظهر بيانه في حديث العيون قبيله فانظره.
(والجهاد عِزّاً للإسلام)
قال سبحانه وتعالى : (ولولا دفعُ اللهِ الناسَ بعضُهم ببعض لهُدّمَت صَوَامِعُ وبيعٌ وصلواتٌ ومَساجِدُ يُذكَر فيها اسمُ اللهِ كثيراً)(٢) وقال سبحانه : (واَعِدّوا لَهُم ما اَستطعتُم من قُوّة ومِن رِباط الخيلِ تُرهِبونَ به عَدوَّ اللهِ وعَدوَّكم)(٣).
(والصبر معونة على استيجاب الأجر)(٤)
قال سبحانه وتعالى : (إنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِساب)(٥) وكفى في فضله قوله(صلى الله عليه وآله) : «الصبر نصف الإيمان»(٦).
__________________
(١) علل الشرائع ١/٢٥٣ ـ ٢٥٤ ، عيون أخبار الرضا ٢/١٠٠ ـ ١٠١ ، بحار الأنوار ٦/٦٠ ـ ٦١.
(٢) سورة الحج ٢٢ : ٢٢.
(٣) سورة الأنفال ٨ : ٦٠.
(٤) ووجدت في نسخة (والصبر معونة على الاستنجاب) أي طلب نجابة النفس المؤلّف.
(٥) سورة الزمر ٣٩: ١٠.
(٦) إرشاد القلوب ١/١٢٧ ، مجموعة ورّام ١/٤٠ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١/٣١٩ ، بحار الأنوار ٧٩/١٣٧ ، مستدرك الوسائل ٢/٤٢٥.
قال بعض الأجلّة : معنى كون الصبر نصف الإيمان أنّ الإيمان من العقائد والأعمال والعمل لا يحصل إلاّ بتوطين النّفس على الطاعات وعلى ترك المنهيّات وهذا هو الصبر ، وروي عنه(صلى الله عليه وآله) أنّه قال : «الصبر ثلاثة : صبر عند المصيبة وصبر على الطاعة وصبر عن المعصية ، فمن صبر عند المصيبة حتّى يردّها بحسن عزائها كتب الله له ثلاثمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين السماء إلى الأرض ، ومن صبر على الطّاعة كتب الله له ستمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى العرش ، ومن صبر عن المعصية كتب الله له تسعمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى منتهى العرش»(١) رواه في جامع الأخبار بحذف الإسناد(٢).
وعن الصادق عليهالسلام أنّه قال : «الصّبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد ، فإذا ذهب الصبر ذهب الإيمان»(٣).
(والأمر بالمعروف مصلحة للعامّة)
وذلك لأنّ الأمر بالعدل والإنصاف وردّ الودائع وأداء الأمانات إلى أهلها وقضاء الديون والصدق في القول وإنجاز الوعد وغير ذلك من محاسن الأخلاق مصلحة للبشر لا محالة ، وإنّما خصّت صلوات الله وسلامه
__________________
(١) الكافي ٢/٩١ ، مجموعة ورّام ١/٤٠ ، وسائل الشيعة ١٥/٢٣٨ ، بحار الأنوار ٧٩٠/١٣٩.
(٢) جامع الأخبار : ١١٦.
(٣) الكافي ٢/٨٧ ، مشكاة الأنوار : ٢١ ، وسائل الشيعة ٣/٢٥٧.
عليها العامّة بذلك لأنّ من عداهم وهم العلماء والولاة الآمرون بالمعروف والفاعلون له.
(والبرّ بالوالدين وقاية السّخط)
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) لعلىٍّ عليهالسلام : «يا علىّ رضا الله كلّه في رضا الوالدين ويسخط الله في سخطهما»(١).
وعن علىٍّ عليهالسلام أنّه قال : «لو علم الله شيئاً في العقوق أدنى من أف لحرّمه ، فليعمل العاقّ ما شاء أن يعمل فلن يدخل الجنّة ، وليعمل البارّ ما شاء أن يعمل فلن يدخل النار»(٢).
وقيل : كان رجل من النسّاك يقبّل كلّ يوم قدم أمّه فأبطأ يوماً على إخوته فسألوه فقال : كنت أتمرّغ في رياض الجنّة فقد بلغنا أنّ الجنّة تحت أقدام الأمّهات(٣).
وبلغنا أنّ الله تعالى كلّم موسى عليهالسلام ثلاثة الآف وخمسمائة كلمة فكان آخر كلامه : يا ربّ أوصني ، قال : أوصيك بأمّك حسناً قال له سبع مرّات ،
__________________
(١) جامع الأخبار : ٨٣.
(٢) أصل الرواية المتقدّمة في المتن روايتان فعن أبي عبد الله الصادق عليهالسلام قال : «لو علم الله شيئاً أدنى من أف لنهى عنه وهو من أدنى العقوق ومن العقوق أن ينظر الرجل إلى والديه فيحدّ النظر إليهما» ، الكافي ٢/٣٤٩ ، بحار الأنوار ٧١/٦٤.
وعنه(صلى الله عليه وآله) أنّه قال : «وَليعمل العاق أن يعمل فلن يدخل الجنّة» ، مستدرك وسائل الشيعة ١٥/١٩٣.
(٣) ما جاء في نهاية الفقرة قول الرسول(صلى الله عليه وآله) : «الجنّة تحت أقدام الأمّهات» ، انظر : مستدرك الوسائل ١٥/١٨٠ ، مسند الشهاب ١/١٠٢ ، حاشية ابن عابدين ٤/١٢٥ ، نيل الأوطار ٧/٤.
قال : حسبي ، ثمّ قال : يا موسى إنّ رضاها رضاي وسخطها سخطي(١).
وعن ابن الجوزي في كتاب البرّ والصلة عن الزهري قال : «كان علي بن الحسين عليهماالسلام لا يأكل مع أمّه ، وكان أبرّ الناس بأمّه ، فقيل له في ذلك فقال : أخاف أن آكل معها فتسبق عيني إلى شيء من الطّعام وأنا لا أعلم فآكله فأكون قد عققتها».
قال السيّد الجزائري رحمهالله في شرح الصّحيفة بعد نقله هذا الخبر عن ابن الجوزي ما لفظه أقول : «ولعلّ المراد بالأمّ أمّ التربية لا أمّ التولية لما رواه الصدوق رحمه الله في كتاب العيون عن الرضا عليهالسلام : أنّ أمّ السجّاد عليهالسلام ماتت في نفاسها وأنّ لأبيه أمّ ولد ترضعه وتربّيه واشتهرت له بالأمومة إذ نشأ ولا يعرف أمّاً غيرها»(٢) انتهى.
(وصلة الأرحام منسأة في العمر)
قال في مجمع البحرين : النسأ : التأخير ، يقال : نسأت الشيء إذا أخّرته : والنساء ـ بالضّمّ والمدّ ـ : مثله(٣) وفي الحديث : «صلة الرحم تنسئ الأجل»(٤) أي تؤخّره ، ومثله «صلة الرحم مثراة للمال ومنسأة في الأجل».
روى المحدّث البحراني في كتاب معالم الزلفى عن مجالس الشيخ
__________________
(١) الأمالي : ٥١١ ، وسائل الشيعة ٢١/٤٩٢ ، بحار الأنوار ١٣/٣٣٠.
(٢) عيون أخبار الرضا ٢/١٢٨ ، بحار الأنوار ٤٦/٨ ـ ٩.
(٣) مجمع البحرين ٤/٣٠٠.
(٤) أصل الحديث مرفوع عن الإمام الصادق عليهالسلام وهو : «صل رحمك ولو بشربة من ماء وأفضل ما توصل به الرحم كفّ الأذى عنه وصلة الرحم منسأة في الأجل محبّبة في الأهل» انظر: الكافي ٢/١٥١ ، قرب الإسناد: ١٥٦ ، وسائل الشيعة ٢١/٥٣٩ ، بحار الأنوار ٧١/١١٧.
الطوسي رحمهالله بإسناده عن محمّد بن عبيد الله قال : قال أبو الحسن الرضا عليهالسلام : «يكون الرجل يصل رحمه فيكون قد بقى من عمره ثلاث سنين فيصيّرها الله ثلاثين سنة ويفعل الله ما يشاء»(١).
وفيه عنه بإسناده عن إسحاق بن عمّار قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : «ما نعلم شيئاً يزيد في العمر غير صلة الرحم ، حتّى أنّ الرجل يكون أجله ثلاث سنين فيكون وصولاً للرّحم فيزيد الله في عمره ثلاثين سنة فيجعلها ثلاثاً وثلاثين سنة ، فيكون قاطعاً للرحم فينقصه الله ثلاثين سنة ويجعل أجله إلى ثلاث سنين»(٢). وفيه عنه أيضاً بإسناده عن الحسن بن عليّ الوشّاء عن أبي الحسن الرّضا عليهالسلام (٣).
وفيه عنه أيضاً بإسناده عن مجاهد عن أبيه عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «الذنوب التي تعجّل الفناء قطيعة الرحم»(٤).
وفي جامع الأخبار قال أمير المؤمنين عليهالسلام : «من يضمن لي خصلة واحدة أضمن له أربعة : من يضمن لي صلة الرحم أضمن له محبّة أهله
__________________
(١) أمالي الطوسي : ٤٨٠ ، معالم الزلفى : ٢١٦ ، وانظر كذلك : الكافي ٢/١٥٠ ، وسائل الشيعة ٢١/٥٣٤ ، بحار الأنوار ٧١/١٠٨.
(٢) الكافي ٢/١٥٢ ـ ١٥٣ ، وسائل الشيعة ٢١/٥٣٦ ، بحار الأنوار ٧١/١٢١ ، مستدرك الوسائل ١٥/٢٣٤.
(٣) أنظر المصادر المتقدّمة في الهامش السابق.
(٤) أصل الحديث المرفوع عن الإمام الصادق عليهالسلام هو : «الذنوب التي تغيّر النعم البغي والذنوب التي تورث الندم القتل والتي تنزل النقم الظلم والتي تهتك الستر شرب الخمر والتي تحبس الرزق الزنا والتي تعجّل الفناء قطيعة الرحم والتي تردّ الدعاء وتظلم الهواء عقوق الوالدين» ، أنظر : الكافي ٢/٤٤٧ ـ ٤٤٨ ، علل الشرائع ٢/٥٨٤ ، معاني الأخبار : ٢٦٩ ـ ٢٧٠ ، وسائل الشيعة ١٦/٢٧٤ ، بحار الأنوار ١٠١/٣٧٤.
وبكثرة ماله وبطول عمره ويدخل جنّة ربّه ...»(١).
وفي أصول الكافي عن عليّ بن الحكم عن خطّاب الأعور عن أبي حمزة قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : «صلة الأرحام تزكّي الأعمال وتنمّي الأموال وتدفع البلوى وتيسّر الحساب وتنسئ في الأجل»(٢).
وفيه أيضاً عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه ومحمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعاً عن ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن الحكم الحنّاط قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : «صلة الرحم وحسن الجوار يعمران الدّيار ويزيدان في الأعمار»(٣).
أقول والأخبار في ذلك كثيرة وهذا القدر كاف.
بيان تحقيق ذكره في المقام يليق
اعلم هداك الله أنّ الأخبار قد تضافرت بأنّ صلة الرحم تزيد في العمر وقد سمعت شيئاً قليلاً منها ، وقد أشكل هذا المعنى على كثير من العلماء كما نقل عنهم ، باعتبار أنّ المقدّرات في الأزل والمكتوبات في اللوح المحفوظ لا يتغيّر بالزيادة والنقصان لاستحالة خلاف معلوم الله سبحانه وقد سبق العلم بوجود كلّ ممكن أراد وجوده وبعدم كلّ ممكن أراد بقاءه على حالة العدم الأصلي أو إعدامه بعد إيجاده ، فكيف يمكن الحكم بزيادة العمر ونقصانه بسبب من الأسباب؟ وأجيب عنه : أمّا أوّلاً : فبوروده على سبيل
__________________
(١) جامع الأخبار : ١٠٦.
(٢) الكافي ٢/١٥٠ ، تحف العقول : ٢٩٩ ، وسائل الشيعة ٢١/٥٣٤ ، بحار الأنوار ٧١/١١٢ ، مستدرك الوسائل ١٥/٢٣٧.
(٣) الكافي ٢/١٥٢ ، وسائل الشيعة ٢١/٥٣٥ ، بحار الأنوار ٧١/١٢٠.
التّرغيب ، وثانياً : بأنّ المراد الثناء الجميل بعد الموت كما قال الشاعر(١) :
|
ذكر الفتى عمره الثاني وغايته |
|
ما فاته وفضول العيش أشغال |
وقال آخر :
|
ماتوا فعاشوا بحسن الذكر بعدهم |
|
ونحن في صورة الأحياء أموات |
وثالثاً : إنّ المراد زيادة البركة في الأجل ، أمّا في نفس الأجل فلا ، وقال شيخنا الشهيد طاب ثراه في القواعد : «وهذا الإشكال ليس بشيء ، أمّا أوّلاً : فلوروده في كلّ ترغيب مذكور في القرآن والسنّة حتّى الوعد والجنّة والنعيم على الإيمان وبجواز الصراط والحور والولدان وكذلك التوعّدات بالنيران وكيفية العذاب ، لأنّا نقول : إنّ الله تعالى علم ارتباط الأسباب بالمسبّبات في الأزل وكتب في اللوح المحفوظ ، فمن علمه مؤمناً فهو مؤمن أقرّ بالإيمان أو لا ، بعث إليه نبيّ أو لا ، ومن علمه كافراً فهو كافر على التقديرات ، وهذا إلزام يبطل الحكمة في بعثة الأنبياء والأوامر الشرعية والمناهي ومتعلّقاتها ، وفي ذلك هدم الأديان ، والجواب عن الجميع واحد وهو : إنّ الله تعالى كما علم كمّية العمر علم ارتباطه بسببه المخصوص ، وكما علم من زيد دخول الجنّة جعله مرتبطاً بأسبابه المخصوصة من إيجاده وخلق العقل له وبعث الأنبياء ونصب الألطاف وحسن الاختيار والعمل بموجب الشرع ، فالواجب على كلّ مكلّف الإتيان بما أمر به ولا يتّكل على العلم فإنّه مهما صدر منه فهو المعلوم بعينه ، فإذا قال الصادق إنّ زيداً إذا وصل إلى رحمه زاد الله في عمره ثلاثين سنة ففعل كان ذلك إخباراً بأنّ الله تعالى علم أنّ زيداً يفعل ما يصير به عمره زائداً ثلاثين سنة ، كما أنّه إذا
__________________
(١) ديوان المتنبّي (شرح البرقوقي) ٣/٥٠٦.
أخبر أنّ زيداً إذا قال لا اله إلاّ الله دخل الجنّة ففعل تبيّن أنّ الله تعالى علم أنّه يقول ويدخل الجنّة بقوله ، ثمّ قال رحمهالله : فإن قلت : كلّ هذا مسلّم ولكن قال الله تعالى : (وَلِكُلِّ أُمَّة أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ)(١) وقال تعالى : (ولن يؤُخِّرَ اللهُ نفساً إذا جاءَ اَجَلُها)(٢) ، قلت : الأجل صادق على كلّ ما يسمّى أجلاً موهبيّاً كان أو مسبّبيّاً فيحمل ذلك على الموهبي؟ ويكون وقته وفاءً لحقِّ اللّفظ ، ويجاب أيضاً : بأنّ الأجل عبارة عمّا يحصل عنده الموت لا محالة سواء كان بعد العمر الموهبي أو المسبّبي ، ونحن نقول كذلك ؛ لأنّه عند حصول أجل الموت لا يقع التأخير وليس المراد به العمر إذ الأجل مجرّد الوقت ، وينبّه على قبول العمر الزيادة أو النقصان ـ بعد ما دلّت عليه الأخبار الكثيرة ـ قوله تعالى : (وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّر وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتاب)(٣) انتهى»(٤). وهو تحقيق حسن عليه مسحة من نور.
(والقصاص حقناً للدماء)
قال سبحانه وتعالى : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الأْلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(٥) وقالت العرب القتل أنفى للقتل(٦) ، وإنّما كان القصاص فيه حقن الدم لأنّ الإنسان متى علم بأنّه متى قَتَلَ قُتِل كان ذلك داعياً له إلى
__________________
(١) سورة الأعراف ٧ : ٣٤.
(٢) سورة المنافقون ٦٣ : ١١.
(٣) سورة فاطر ٣٥ : ١١.
(٤) القواعد الفقهية ٢/٥٥ ـ ٥٧.
(٥) سورة البقرة ٢ : ١٧٩.
(٦) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٧/٢١٥ ، فقه القرآن للراوندي ٢/٢٠٤.
أن لا يقدم على القتل ، فارتفع بالقتل الذي هو القصاص قتل كثير منهم فحقنت به دماؤهم.
(والوفاء بالنذر سبباً للمغفرة)
لأنّه وفاء بعهد الله الذي أمر بوفائه حيث قال جلّ وعلا : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأَْيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها)(١) ، وقال تعالى : (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً)(٢) ، وقال سبحانه وتعالى مهدّداً لِمن قال ولم يفعل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ)(٣) ، ولأنّه قربة يتقرّب بها إليه وكلّ قربة يستحقّ عليها الثواب والثواب سبب للمغفرة.
(وتوفية المكائيل والموازين تغييراً للبخسة)
أي للنقصان ، قال سبحانه وتعالى : (ولا تَبخسوا الناسَ أشيائهم)(٤) ، في الوسائل عن محمّد بن يعقوب عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن النّوفلي عن السّكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «مرّ أمير المؤمنين عليهالسلام على جارية قد اشترت لحماً من قصّاب وهي تقول : زدني ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : زدها فإنّه أعظم للبركة»(٥).
__________________
(١) سورة النحل ١٦ : ٩١.
(٢) سورة الإسراء ١٧ : ٣٤.
(٣) سورة الصف ٦١ : ٢ ـ ٣.
(٤) سورة الأعراف ٧ : ٨٥.
(٥) وسائل الشيعة ١٧/٣٩٢ ، وانظر كذلك : الكافي ٥/١٥٢ ، من لا يحضره الفقيه ٣/١٩٦ ، التهذيب ٧/٧ ، بحار الأنوار ٤١/١٢٩.
وفيه أيضاً عن عبد الله بن جعفر الحميري في قرب الإسناد عن السندي بن محمّد عن صفوان بن مهران الجمّال قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : «إنّ فيكم خصلتين هلك بهما من قبلكم من الأمم ، قالوا : وما هو يابن رسول الله ، قال : المكيال والميزان»(١).
وفي الحديث : «خمس بخمس ، ما نقض(٢) القوم عهداً إلاّ سلّط الله عليهم عدوّهم ، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلاّ نشأ فيهم الفقر ، وما ظهرت فيهم الفاحشة إلاّ فشا فيهم الموت ، ولا طفّفوا الكيل إلاّ منعوا النبات وأخذوا بالسنين ، ولا منعوا الزكاة إلاّ حبس عنهم القطر»(٣).
والتطفيف في الكيل : البخس فيه ، قال سبحانه : (ويلٌ للمطفّفين)(٤) وفي الصافي عن الكافي عن الباقر عليهالسلام : «وأنزل في الكيل (ويل للمطفّفين) ولم يجعل الويل لأحد حتّى يسمّيه كافراً ، قال الله تعالى : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْم عَظِيم)(٥)»(٦).
(واجتناب قذف المحصنات حجاباً عن اللّعنة)
أقول : قذف المحصنة : رميها بالفاحشة ، قال سبحانه وتعالى : (إنَّ
__________________
(١) قرب الإسناد : ٢٧ ، وسائل الشيعة ١٧/٣٩٣ ـ ٣٩٤ ، بحار الأنوار ١٠٠/١٠٧ ، مستدرك الوسائل ١٣/٢٣٣ ـ ٢٣٤.
(٢) في المخطوطة (ما نقص).
(٣) بحار الأنوار ٧٠/٣٧٠.
(٤) سورة المطفّفين ٨٣: ١.
(٥) سورة مريم ١٩ : ٣٧.
(٦) تفسير الصافي : ٥٤٣ ، وانظر : الكافي ٢/٣٢ ، وسائل الشيعة ١/٣٥ ، بحار الأنوار ٦٦/٨٩.
الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالآْخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ)(١).
وفي من لا يحضره الفقيه والعيون عن محمّد بن سنان عن الرضا عليهالسلام : «إنّه حرّم الله قذف المحصنات لما فيه من فساد الأنساب ونفي الولد وإبطال المواريث وترك التربية وذهاب المعارف وما فيه من الكبائر والعلل التي تؤدّي إلى فساد الخلق»(٢).
(والانتهاء عن شرب الخمور تنزيهاً من الرجس)
قال سبحانه وتعالى : (إنَّمَا الْخَمْرُ) ـ إلى قوله ـ : (رِجْسٌ مِن عَمَلِ الشَّيْطانِ)(٣) ، والرجس قيل : القذر ، وقيل : العقاب والغضب كما عن القرافي(٤).
(ومجانبة السّرقة إيجاباً للعفّة)
قيل : لأنّ السرقة تنشأ عن كمال طاعة الشهوة والعبور فيها إلى حدّ الإفراط والفجور ، فكان من غايات تحريمها وقوف من في طباعه ذلك على حدّ العفّة ، وقيل : لأنّ العفّة خلق شريف والطمع خلق دنيّ فحرّمت
__________________
(١) سورة النور ٢٤ : ٢٣.
(٢) من لا يحضره الفقيه ٣/٥٦٥ ، عيون أخبار الرضا ٢/٩٤ ، علل الشرائع ٢/٤٨٠ ، المناقب ٤/٣٥٨ ، وسائل الشيعة ٢٨/١٧٤.
(٣) سورة المائدة ٥ : ٩٠ ، والآية هي : (إنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصابُ وَالأْزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ).
(٤) وأكّدت عدد من المصادر على أنّ الرجس هو النجس. أنظر : التهذيب ١/٢٧٨ ، فقه القرآن للراوندي ٢/٢٧٦ ، المسائل العثمانية : ١١٣ ، المقنعة : ٧٩٨.
السرقة ليتمرّن الناس على ذلك الخلق الشريف ويجانبوا ذلك الخلق الذميم ، وأيضاً حرّمت لما فيها من تحصين أموال الناس.
وفي العيون عن محمّد بن سنان عن الرضا عليهالسلام في جواب مسائله في العلل : «وحرّم السرقة لما فيها من فساد الأموال وقتل النفس لو كانت مباحة ، ولما يأتي في التغاصب من القتل والتنازع والتحاسد ، وما يدعوا إلى ترك التجارات والصناعات في المكاسب واقتناء الأموال إذا كان الشيء المقتنى لا يكون أحدٌ أحقّ به من أحد»(١).
(والتنزّه عن أكل أموال الأيتام والاستيثار
بفيئهم إجارة من الظّلم)
قال الله سبحانه وتعالى : (اِنَّ الذين يأكلونَ أموالَ اليَتامى ظُلماً إنّما يأكلونَ في بُطُونِهم ناراً وسيصلَونَ سعيراً)(٢) ، والمراد بالفيء ما يرجع إليهم ويعود من آبائهم من التركة.
عن محمّد بن بابويه في العيون عن محمّد بن سنان عن الرضا عليهالسلام في جواب مسائله في العلل : «وحرّم أكل مال اليتيم ظلماً لعلل كثيرة من وجوه الفساد ، أوّل ذلك : إنّ الإنسان إذا أكل مال اليتيم ظلماً فقد أعان على قتلِهِ ، إذ اليتيم غير مستغن ولا محتمل لنفسه ولا عليم بشأنه ، ولا له من يقوم عليه ويكفيه كقيام والديه ، فإذا أكل ماله فكأنّه قد قتله وصيّره إلى الفقر والفاقة ، مع ما خوّف الله تعالى وجعل من العقوبة في قوله عزّ وجلّ :
__________________
(١) عيون أخبار الرضا ٢/٩٧ ، وسائل الشيعة ٢٨/٢٤٢ ، بحار الأنوار ٦/١٠٢.
(٢) سورة النساء ٤ : ٦٠.
(وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ)»(١)(٢).
وفي كتاب عقاب الأعمال للصّدوق عليه الرحمة بسنده عن أبيه قال : حدّثني عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن عليّ بن رئاب عن الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «إنّ في كتاب علىّ عليهالسلام : إنّ أكل مال اليتامى ظلماً سيدركه وبال ذلك في عقبه من بعده في الدنيا فإنّ الله عزّ وجلّ يقول : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً)(٣) وأمّا في الآخرة فإنّ عزّ وجلّ يقول : (إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً)»(٤)(٥).
وفيه أيضاً عن أبيه قال حدّثني سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمّد ابن عيسى عن الحسين بن سعيد عن أخيه الحسن عن زرعة بن محمّد الحضرمي عن سماعة بن مهران قال سمعته يقول : «إنّ الله عزّ وجلّ وعد في مال اليتيم عقوبتين أمّا إحداهما : فعقوبة الآخرة النّار ، وأمّا عقوبة الدنيا فهو قوله عزّ وجلّ : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً)(٦) يعني بذلك : ليخش أن
__________________
(١) سورة النساء ٤ : ٩.
(٢) علل الشرائع ٢/٤٨٠ ـ ٤٩١ ، بحار الأنوار ٧٦/٢٩٦ ـ ٢٧٠.
(٣) سورة النساء ٤ : ٩.
(٤) سورة النساء ٤ : ١٠.
(٥) عقاب الأعمال (المطبوع مع ثواب الأعمال) : ٢٣٣ ـ ٢٣٤ ، تفسير العيّاشي ١/٢٢٣ ، بحار الأنوار ٧٢/٨ ، مستدرك الوسائل ١٣/١٩٠ ـ ١٩١.
(٦) سورة النساء ٤ : ٩.
اُخلفه في ذرّيته كما صنع هو بهؤلاء اليتامى»(١).
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم القمّي بإسناده إلى ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : «لمّا أسري بي إلى السماء رأيت قوماً يقذف في أفواههم النار وتخرج من أدبارهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال : هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً»(٢).
وفي الصافي عن الكافي عن الباقر عليهالسلام : «إنّ آكل مال اليتيم يجيء يوم القيامة والنار تلتهب في بطنه حتّى يخرج لهب النار من فيه ، يعرفه أهل الجمع أنّه أكل مال اليتيم»(٣).
(والعدل في الأحكام إيناساً للرعية)
قال الله تبارك وتعالى : (إنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإْحْسان وَإِيتاء ذِي الْقُرْبى)(٤).
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام : «العالم حديقة سياجها الشريعة ، والشريعة سلطان يجب لها الطاعة ، والطاعة سياسة يقوم بها الملك ، والملك راع يعضده الجيش ، والجيش أعوان يكفلهم المال ، والمال رزق تجمعه
__________________
(١) الكليني ٥٠/١٢٨ ، من لا يحضره الفقيه ٣/٥٦٩ ، ثواب الأعمال : ٢٣٣ ، وسائل الشيعة ٢٥/٣٨٨ ـ ٣٩٨ ، تفسير العيّاشي ١/٢٢٣ ، بحار الأنوار ٧٢/٨ ، مستدرك الوسائل ١٣/١٩٠.
(٢) تفسير القمّي ٢/١٣٢ ، وسائل الشيعة ١٧/٢٤٨ ، بحار الأنوار ١٨/٣٢٣ ـ ٣٢٤.
(٣) الكافي ٢/٣١ ـ ٣٢ ، بحار الأنوار ٦٦/٨٩.
(٤) سورة النحل ١٦ : ٩٠.
الرعية ، والرعية سواد يستعبدهم العدل ، والعدل أساس قوام العالم»(١).
ونقل : أنّه قيل ليزدجرد ملك الفرس ما الذي أوجب لملوككم انتظام الأمور ودوام السرور ، فقال ما معناه : إنّا استعملنا العدل والإنصاف فعمرت بلادنا ، واستعملنا تأديب الخائن وتقريب المشفق الأمين فنمى ملكنا ، واستعملنا الإحسان إلى رعايانا فملكنا قلوبهم ، واستعملنا الصّدق فدانت لنا ملوك الطوائف ، واستعملنا مكارم الأخلاق فاكتسبنا حسن السمعة وبقاء الذكر ، ولم يختلف علينا من نكره خلافه لنا فاستقامت لذلك أمورنا وتمّ سرورنا.
وقالت الحكماء : إذا جار الملك في رعاياه كثر إرجاف الناس بزوال ملكه واحبّوا ظهور أعدائه عليه.
وقالت الحكماء أيضاً : ممّا يجب على السلطان العدل في ظاهر أفعاله لإقامة أمر سلطانه ، وفي باطن ضميره لإقامة أمر دينه ، فإذا فسدت السياسة ذهب السلطان ، ومدار السياسة كلّها على العدل والإنصاف ، لا يقوم سلطان لأهل الكفر والإيمان إلاّ بهما ، ولا يدور إلاّ عليهما ، مع ترتيب الأمور مراتبها وإنزالها منازلها(٢).
__________________
(١) بحار الأنوار ٧٥/٨٣.
(٢) كان الأولى على المؤلّف أن يستشهد بعهد الإمام عليّ عليهالسلام إلى مالك الأشتر (رضوان الله عليه) حين ولاّه مصر فيعدّ دستوراً لسائر الحكّام ومن يتولّى أمور الرعية حيث وضّح فيه العلاقة المرتبطة بين الحاكم والرعية من جهة والواجبات الملقاة على كلا الطرفين من جهة أخرى.
ومن كلامه عليهالسلام في هذا العهد : (وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبّة لهم واللطف بهم ولا تكوننّ عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم فإنّهم صنفان إمّا أخ لك في
وفي أصول الكافي عن أبي عليّ الأشعري عن الحسن بن عليّ الكوفي عن عبس بن هشام عن عبد الكريم عن الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «العدل أحلى من الماء يصيبه الظمآن ، ما أوسع العدل إذا عدل فيه وإن قلّ»(١).
وفيه عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حمّاد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام مثله(٢).
(فاتّقوا اللهَ حقّ تقاته وأطيعوه فيما أمر به)
أقول : لمّا فرغت سلام الله عليها من ذكر ما أنعم الله به على العباد وتفضّل به عليهم من النعم الجسيمة العظيمة أخذت في ذكر ما يجب عليهم من التقوى وإطاعته في أوامره ونواهيه فقالت : (فاتّقوا الله ...) ، قال شيخنا الطبرسي عليه الرحمة : قد ذكر في قوله تعالى : (حَقَّ تُقاتِه)(٣) وجوه :
أحدها : أنّ معناه (أن يطاع فلا يعصى ، ويشكر فلا يكفر ، ويذكر فلا ينسى) وهو المرويّ عن أبي عبد الله عليهالسلام (٤).
__________________
الدين وإمّا نظير لك في الخلق ...... وإذا حدث لك ما أنت فيه من سلطانك أبّهة أو مخيلة فانظر إلى عظم ملك الله فوقك وقدرته منك على ما لا تقدر عليه من نفسك) ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٧/٣٢ ـ ٣٣.
وعبّر عن هذا العهد ابن أبي الحديد بقوله : (فإنّه نسيج وحده ومنه تعلّم الناس الآداب والقضايا والأحكام والسياسة) ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٦/٧٢.
(١) الكافي ٢/١٤٦ ، الاختصاص : ٢٦١ ، وسائل الشيعة ١٥/٢٩٣ ، بحار الأنوار ٧٢/٣٦ ، مستدرك الوسائل ١١/٣١٧.
(٢) وسائل الشيعة ١٥/٢٩٣ ، بحار الأنوار ٧٢/٣٦.
(٣) سورة آل عمران ٣ : ١٠٢.
(٤) مجمع البيان ١/٤٨٢ ، معاني الأخبار : ٢٤٠ ، الزهد : ١٧ ، تفسير العيّاشي
ثانيها : أنّه اتّقاء جميع معاصيه ، عن أبي علي الجبائي.
ثالثها : أنّه المجاهدة في الله تعالى ، وأن لا تأخذه فيه لومة لائم ، وأن يقام له بالقسط في الخوف والأمن ، عن مجاهد(١).
وقولها عليهاالسلام : (وأطيعوه فيما أمر به) مؤكّد لما سبق ، ثمّ استدركت صلوات الله وسلامه عليها : بأنّ من يتّقي الله حقّ تقاته ويخشاه حقّ خشيته ليس إلاّ العلماء العاملون دون غيرهم من العباد لعرّفانهم إيّاه سبحانه حقّ معرفته ، وقد روي عن الصادق عليهالسلام : أنّ المراد بالعلماء : «من صدّق قوله فعله ومن لم يصدّق قوله فعله فليس بعالم»(٢) فقالت ملمّحة للآية الشريفة (إنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ)(٣).
وحكي عن بعض مؤلّفات المحقّق الطوسي قدّس سرّه القدّوسي ما حاصله ومعناه : أنّ الخشية والخوف وإن كانا في اللغة بمعنى واحد إلاّ أنّ بين خوف الله وخشيته في عرف أرباب القلوب فرقاً ، وهو أنّ الخوف تألّم النفس من العقاب المتوقّع بسبب ارتكاب المنهيّات والتقصير في الطّاعات ، وهو يحصل لأكثر الخلق وإن كانت مراتبه متفاوتة جدّاً والمرتبة العليا منه لا تحصل إلاّ للقليل ، والخشية حالة تحصل عند الشعور بعظمة الحقّ وهيبته وخوف الحجب عنه ، وهذه حالة لا تحصل إلاّ لمن اطّلع على حال الكبرياء وذاق لذّة القرب ولذا قال سبحانه (إنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ
__________________
١/١٩٤ ، وسائل الشيعة ١٥/٢٣٥ ، بحار الأنوار ٦٧/٢٩١ ـ ٢٩٢ ، مستدرك الوسائل ١١/٢٦٥.
(١) مجمع البيان ١/٤٨٢.
(٢) مشكاة الأنوار : ١٣٢ ـ ١٣٣ ، بحار الأنوار ٧٦/٣٤٤.
(٣) سورة فاطر ٣٥ : ٢٨.
الْعُلَماءُ) ، فالخشية خوف خاصّ وإن كان قد يطلقون عليها لذّة الخوف(١)انتهى.
وعن كتاب مصباح الشريعة عن الصادق عليهالسلام : «دليل الخشية التعظيم لله والتمسّك بخالص الطّاعة وأوامره والخوف والحذر ودليلهما العلم ثمّ تلا هذه الآية»(٢).
وفي الصافي عن الكافي عن السجّاد عليهالسلام : «وما العلم بالله والعمل إلاّ إلفان مؤتلفان فمن عرف الله خافه وحثّه الخوف على العمل بطاعة الله ، وإنّ أرباب العلم وأتباعهم الذين عرفوا الله فعملوا له ورغبوا إليه وقد قال الله تعالى : (إنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ)»(٣).
(فاحمدوا الله الذي بعظمته ونوره يبتغي
من في السماوات والأرض إليه الوسيلة
ونحن وسيلته في خلقه)
المراد بالنور : الهدى ، والوسيلة : ما يتوسّل به إليه ويتقرّب ، وهم عليهم الصلاة والسلام وسيلة الخلق إلى الله تعالى ، بهم يكشف الضرّ ويفرّج الهمّ وبهم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه وبهم يهتدي المهتدون وينجي(٤) الناجون وبالإعراض عنهم يضلّ الضالّون.
__________________
(١) بحار الأنوار ٦٧/٣٦٠.
(٢) مصباح الشريعة : ٢٣ ، بحار الأنوار ٦٧/٦٨ ـ ٦٩ ، ويقصد بالآية المتقدّمة الذكر.
(٣) تفسير الصافي : ٢٦٣ ، وانظر : الكافي ٨/١٦ ، الأمالي : ٢٠٢ ، العُدد القوية : ٦١ ، تحف العقول : ٢٥٤ ـ ٢٥٥ ، مجموعة ورّام ٢/٣٨ ، بحار الأنوار ٧٥/١٥٠ ، مستدرك الوسائل ١١/٢٣٤٥.
(٤) كذا في المخطوطة والصحيح (ينجو).
ففي المجلّد السابع من البحار عن كتاب بشارة المصطفى عن أبي علي بن شيخ الطائفة عن أبيه عن المفيد عن محمّد بن عمر عن ابن عقدة عن يحيى بن زكريّا عن الحسين بن سفيان عن أبيه عن محمّد بن إسماعيل عن الثمالي عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين عليهمالسلام قال : «من دعا الله بنا أفلح ومن دعاه بغيرنا هلك واستهلك»(١).
وعن الأمالي عن ابن سرور عن ابن عامر عن عمّه عن محمّد بن زياد الأزدي عن المفضّل عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «بلية الله عظيمة إن دعوناهم لم يجيبونا وإن تركناهم لم يهتدوا بغيرنا» وعن الإحتجاج مثله(٢).
وفي كتاب بصائر الدرجات عن عبد الله بن جعفر عن محمّد بن عليّ عن الحسين بن سعيد عن عليّ بن الصلت عن الحكم وإسماعيل عن بريد قال : «سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : (بنا عبد الله وبنا عرف الله وبنا وحّد الله ومحمّد حجاب الله»(٣).
قال المجلسىّ عليه الرحمة في بيانه ما لفظه : أي كما أنّ الحجاب متوسّط بين المحجوب والمحجوب عليه كذلك هو(صلى الله عليه وآله) واسطة بين الله وبين خلقه(٤).
__________________
(١) ويشير المؤلّف إلى المجلّد السابع من البحار وهي الطبعة الحجرية وقد تعدّدت الطبعات الآن ، بحار الأنوار ٢٣/١٠٢ ، ٩١/٢ ، الأمالي : ١٧٢ ، بشارة المصطفى : ٩٧ ، وسائل الشيعة ٧/١٠٢ ـ ١٠٣.
(٢) الأمالي : ٦١٠ ، المناقب لابن شهراشوب ٤/٢٠٦ ، من لا يحضره الفقيه ٤/٤٠٥ ، الإرشاد ٢/١٦٧ ـ ١٦٨ ، الخرائج ٢/٨٩٣ ، الإحتجاج ٢/٣٣٢ ، إعلام الورى : ٢٧٠ ، كنز الفوائد ٢/٣٧ ، كشف الغمّة ٢/١٢٨ ، بحار الأنوار ٢٦/٢٥٣.
(٣) بصائر الدرجات : ٦٤ ، الكافي ١/١٤٥ ، بحار الأنوار ١٠٢/٢٣.
(٤) بحار الأنوار ١٠٢/٢٣.
وعن العلل عن الدقّاق عن الكليني عن عليّ بن محمّد عن إسحاق ابن إسماعيل النيسابوري : «إنّ العالم كتب إليه ـ يعني الحسن بن علىّ عليهماالسلامـ : (إنّ الله عزّ وجلّ بمنّه ورحمته لمّا فرض عليكم الفرائض لم يفرض عليكم لحاجة منه إليه بل رحمة منه إليكم ـ لا إله إلاّ هو ـ ليميز الخبيث من الطيّب وليبتلي ما في صدوركم وليمحّص ما في قلوبكم ولتتسابقوا إلى رحمته ولتتفاضل منازلكم في جنّته ، ففرض عليكم الحجّ والعمرة وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والصوم والولاية ، وجعل لكم باباً لتفتحوا به أبواب الفرائض ومفتاحاً إلى سبيله ولولا محمّد(صلى الله عليه وآله) والأوصياء من بعده كنتم حيارى كالبهائم لا تعرفون فرضاً من الفرائض ، وهل يدخل قرية إلاّ من بابها ، فلمّا منَّ الله عزّ وجلّ عليكم بإقامة الأولياء بعد نبيّكم قال الله عزّ وجلّ : (اليومَ أكملتُ لكُم دينَكُم واَتممْتُ عليْكُم نِعمتي وَرَضيتُ لَكُم الإسلامَ ديناً)(١) وفرض عليكم لأوليائه حقوقاً أمركم بأدائها ليحلّ لكم ما وراء ظهوركم من أزواجكم وأموالكم ومأكلكم ومشربكم ، ويعرّفكم بذلك البركة والنماء والثروة ، وليعلم من يطيعه منكم بالغيب ، وقال الله تبارك وتعالى : (قُل لا اَسئلُكُم عليهِ أجراً إلاّ المَودّةَ في القُربى)(٢) ، فاعلموا إنّ من بخل فإنّما يبخل على نفسه إنّ الله هو الغنيّ وأنتم الفقراء ـ لا إله إلاّ هو ـ فاعملوا من بعد ما شئتم (فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)(٣) (ثُمَّ تُرَدُّونَ إلى عالِمِ الْغَيْب وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ
__________________
(١) سورة المائدة ٥ : ٣.
(٢) سورة الشورى ٤٢ : ٢٣.
(٣) سورة التوبة ٩ : ١٠٥.
تَعْمَلُونَ)(١) والحمد لله ربّ العالمين(٢).
(ونحن خاصّته)
أي اختصّنا من بين عباده بالكرامة والمنزلة.
(ومحلّ قدسه)
أي محلّ تقديسه سبحانه وتنزيهه عمّا لا يليق به من الصّفات.
(ونحن حجّته في غيبه)
أي إنّه سبحانه يحتجّ على عباده في أوامره ونواهيه وأحكامه يوم القيامة.
(ونحن ورثة أنبيائه)
أمّا كونهم ورثتهم في علومهم ففي المجلّد السابع من البحار عن كتاب الاختصاص عن بن عيسى عن عليّ بن الحكم عن عبد الله بن بكير الهجري عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «إنّ عليّ بن أبي طالب عليهالسلام كان هبة الله لمحمّد(صلى الله عليه وآله) ورث علم الأوصياء وعلم من كان قبله أمّا أنّ محمّداً(صلى الله عليه وآله)ورث علم من كان قبله من الأنبياء والمرسلين»(٣).
__________________
(١) سورة التوبة ٩ : ٩٤.
(٢) علل الشرائع ١/٢٤٩ ـ ٢٥٠ ، بحار الأنوار ٢٣/٩٩ ـ ١٠٠.
(٣) بحار الأنوار ١٧/١٤٦ ، وانظر : الكافي ١/٢٢٤ ، الاختصاص : ٢٧٩ ، بصائر الدرجات : ٢٩٤.
وفيه عنه أيضاً أحمد وعبد الله ابنا محمّد بن عيسى عن معمر بن خلاّد عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال : «سمعته يقول : إنّا أهل بيت يتوارث أصاغرنا عن أكابرنا حذوا القذّة بالقذّة»(١)(٢).
وفي كتاب بصائر الدّرجات محمّد بن عبد الحميد وأبو طالب جميعاً عن حنّان بن سدير عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «إنّ لله علماً عامّاً وعلماً خاصّاً ، فأمّا الخاصّ فالذي لم يطّلع عليه ملك مقرّب أو نبيّ مرسل ، وأمّا علمه العامّ الذي اطّلعت عليه الملائكة المقرّبون وأنبياؤه المرسلون فقد وقع ذلك كلّه إلينا ، ثمّ قال : أما تقرؤن (وعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْض تَمُوتُ)»(٣)(٤).
وفيه أيضاً أحمد بن محمّد عن ابن أبي عمير أو عمّن رواه عن ابن أبي عمير عن جعفر بن عثمان عن سماعة عن أبي بصير ووهيب عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «إنّ لله علمين : علم مكنون مخزون لا يعلمه إلاّ هو من ذلك يكون البدآء ، وعلم علّمه ملائكته ورسله وأنبياءه ونحن نعلمه»(٥).
وفيه أيضاً محمّد بن إسماعيل عن عليّ بن الحكم عن ضريس عن
__________________
(١) القذّة بالقذّة قال ابن الأثير يضرب مثلا للشيئين يستويان ولا يتفاوتان ، لسان العرب ٣/٥٠٣.
(٢) الكافي ١/٣٢١ ، الاختصاص : ٢٧٩ ، الإرشاد ٢/٢٧٦ ، بصائر الدرجات : ٢٩٦ ، كشف الغمّة ٢/٣٥١ ، بحار الأنوار ٢٦/١٨٠.
(٣) سورة لقمان ٣١ : ٣٤.
(٤) بصائر الدرجات : ١١٠ ، بحار الأنوار ٢٦/١٦٣.
(٥) الكافي ١/١٤٧ ، بصائر الدرجات : ١٠٩ ، بحار الأنوار ٤٠/١٠٩ ـ ١١٠.
أبي جعفر عليهالسلام قال سمعته يقول : «إنّ لله علمين : علم مبذول وعلم مكفوف ، فأمّا العلم المبذول فإنّه ليس من شيء يعلمه الملائكة والرّسل إلاّ ونحن نعلمه ، وأمّا المكفوف فهو الذي عنده في أمّ الكتاب إذا خرج نفذ»(١)إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة في هذا المعنى.
وأمّا كونهم عليهمالسلام ورثتهم في آثارهم وفيما لهم فقد ورد فيه أخبار كثيرة أيضاً فمنها ما رواه في البصائر عن أبي محمّد عن عمران موسى بن جعفر عن أبي أسباط عن محمّد بن الفضيل عن الثمالي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال سمعته يقول : «ألواح موسى عندنا وعصا موسى عندنا ونحن ورثنا النبىّ(صلى الله عليه وآله)»(٢).
وفيه أيضاً عن محمّد بن الحسين عن بن سنان عن عمّار بن مروان عن المنخّل عن جابر قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : «ألم تسمع قول رسول الله(صلى الله عليه وآله) في علىّ عليهالسلام : والله لتؤتينّ خاتم سليمان ، والله لتؤتينّ عصا موسى»(٣).
وفيه أيضاً عن محمّد بن عبد الجبّار عن اللؤلؤي عن أبي الحصين الأسدي عن أبي بصير عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «خرج أمير المؤمنين عليهالسلام ذات ليلة على أصحابه بعد عتمة وهم في الرحبة وهو يقول : همهمة ليلة مظلمة خرج عليكم الإمام وعليه قميص آدم وفي يده خاتم سليمان وعصى موسى»(٤).
__________________
(١) بصائر الدرجات : ١٠٩ ، بحار الأنوار ٢٦/١٦٣ ـ ١٦٤.
(٢) بصائر الدرجات : ١٨٣ ، بحار الأنوار ٢٦/٢١٨.
(٣) بصائر الدرجات : ١٨٧ ـ ١٨٨ ، بحار الأنوار ٢٦/٢٢٠.
(٤) بصائر الدرجات : ١٨٨ ، بحار الأنوار ٢٦/٢٢٠.
وفيه أيضاً محمّد بن الحسين عن موسى بن سعدان عن أبي الحصين مثله.
وفيه أيضاً عن سلمة بن الخطّاب عن عبد الله بن محمّد عن منيع بن الحجّاج البصريّ عن مجاشع عن معلّى عن محمّد بن الفيض عن محمّد بن علىّ عليهماالسلام قال : «كان عصا موسى لآدم فصارت إلى شعيب ثمّ صارت إلى موسى بن عمران وإنّها لعندنا ، وأنّ عهدي بها وهي خضراء كهيئتها حين انتزعت من شجرتها ، وإنّها لتنطق إذا استنطقت ، أعدّت لقائمنا عليهالسلام ليصنع بها كما صنع بها موسى ، وإنّها لتروّع وتلقف ما يأفكون ، وتصنع كما تؤمر ، وإنّها حيث أقبلت تلقف ما يأفكون ، تفتح لها شعبتان أحدهما في الأرض والأخرى في السقف وبينهما أربعون ذراعاً ، وتلقف ما يأفكون بلسانها»(١).
وعن كتاب الاختصاص عن أحمد بن محمّد العطّار عن أبيه عن حمدان بن سليمان عن عبد الله بن سليمان عن عبد الله بن محمّد اليماني عن منيع مثله(٢).
وفي البصائر عن أحمد بن محمّد عن عليّ بن الحكم عن إسماعيل ابن برّة عن عامر بن خزاعة قال : «كنت عند أبي عبد الله عليهالسلام فقال : (ألا أريك نعل رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ قال : قلت بلى ، قال : فدعا بقمطر ففتحه فأخرج منه نعلين كأنّما رفعت الأيدي عنهما تلك الساعة ، فقال : هذه نعل رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وكان يعجبني بهما كأنّما رفعت الأيدي عنهما تلك
__________________
(١) الكافي ١/٢٣١ ، كمال الدين ٢/٦٧٣ ـ ٦٧٤ ، بحار الأنوار ٢٦/٢١٩ ـ ٢٢٠ ، قصص الأنبياء للجزائري : ٢٢٥.
(٢) لم يذكر الشيخ المفيد الرواية المتقدّمة الذكر في المتن كما ذكرها المؤلّف وإنّما أشار إلى ذلك الشيخ المجلسي في بحار الأنوار ٢٦/٢٢٠.
الساعة»(١).
وفيه أيضاً عن أحمد بن محمّد بن الحسين عن الحسين بن أسد عن الحسين القمّي عن نعمان بن منذر عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «قال أمير المؤمنين عليهالسلام حين قتل عمر ناشدهم فقال : (نشدتكم بالله هل فيكم أحد ورث سلاح رسول الله(صلى الله عليه وآله) [ورايته وخاتمه]غيري؟ قالوا : لا»(٢).
وفيه أيضاً عن أحمد بن محمّد عن الأهوازي عن النضير بن سويد عن يحيى الحلبي عن ابن مسكان عن أبي بصير قال : «قال أبو عبد الله عليهالسلام : (ترك رسول الله(صلى الله عليه وآله) من المتاع سيفاً ودرعاً وعنزة ورحلاً وبغلته الشهباء فورث ذلك كلّه عليّ بن أبي طالب عليهالسلام»(٣).
وفي البحار عن كتاب سعد السّعود فيما نزل من القرآن في أهل البيت عليهمالسلام برواية عبد العزيز بن يحيى الجلودي عن محمّد بن جعفر البزّاز عن عليّ بن الحسن بن فضّال عن محمّد بن أورمة عن الحسن بن موسى ابن جعفر قال : «رأيت في يد أبي جعفر محمّد بن عليّ الرضا عليهماالسلام خاتم فضّة ناحل فقلت : مثلك يلبس هذا؟ قال : هذا خاتم سليمان بن داود»(٤). إلى غير ذلك من الأخبار المتكثّرة الواردة في هذا الباب.
__________________
(١) بصائر الدرجات : ١٨٢ ، بحار الأنوار ٢٦/٢١٩.
ولا أرى أيّ مسوّغ لورود هذه الرواية في هذا الباب وكان الأولى على المؤلّف ذكر روايات هي أكثر دقّة من هذه الرواية المذكورة.
(٢) بصائر الدرجات : ١٨٢ ، بحار الأنوار ٢٦/٢١٩.
(٣) بصائر الدرجات : ١٨٦ ، بحار الأنوار ٢٦/٢١١.
(٤) بحار الأنوار ٢٦/٢٢٣ ، سعد السعود : ٢٣٦ ، مستدرك الوسائل ٣/٢٨٤.
(أقول عوداً على بدء)
وعن بعض النسخ (عوداً أو بدءاً)(١) والمعنى واحد أوّلاً وآخراً.
(وما أقول ذلك سرفاً ولا شططاً)
قال الفيروز آبادي : السرف ـ محرّكة ـ ضدّ القصد والإغفال والخطأ ، سرفه ـ كفرح ـ أغفله وجهل(٢) ، وفي المصباح المنير : شطّ في القول شططاً وشطوطاً : أغلظ فيه(٣).
(فاسمعوا إلىّ بأسماع واعية وقلوب راعية)
أقول : كأنّه متضمّن معنى الاستماع والالتفات وهو القدر الجامع بين السّمع والقلب فعدّي بإلى ، والمراد بالأسماع الواعية : الحافظة المتدبّرة ، وقال الفيّومي : وعيت الحديث وعياً ـ من باب وعد ـ : حفظته وتدبّرته(٤).
وقال في مجمع البحرين : وعيت الرجل : إذا تأمّلته وحفظته وتعرّفت أحواله(٥).
(لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ)(٦).
هذا مقول قول.
__________________
(١) بحار الأنوار ٢٩/٢٢٣.
(٢) القاموس المحيط ١/١٠٥٨.
(٣) المصباح المنير ١/٣١٣.
(٤) المصباح المنير ٢/٦٦٦.
(٥) مجمع البحرين ٣/٢١٢.
(٦) سورة التوبة ٩ : ١٢٨.
أقول : وقد لمّحت صلوات الله وسلامه عليها به إلى الآية الشريفة ، والمعنى كما في مجمع البيان : لقد جاءكم رسولٌ : يعني محمّداً(صلى الله عليه وآله) ، من أنفسكم : يعني من جنسكم من البشر ، وهذه الآية مسوقة في مقام الامتنان ، عزيز عليه ما عنتم : شديد عليه عنتكم أي ما يلحقكم من الضرر بترك الإيمان ، حريص عليكم أي حريص على من لم يؤمن أن يؤمن ، بالمؤمنين رؤوف رحيم قيل : هما بمعنى واحد ، والرأفة : شدّة الرّحمة ، وقيل : رؤوف بالمطيعين منهم ورحيم بالمذنبين(١).
(فإن تعزوه تجدوه أبي دون آبائكم)
يقال : عزوته إلى أبيه عزواً أي نسبته إليه(٢) ، أي إنّكم قد عرفتم نسبه وإنّكم حين عزوكم إيّاه يبيّن لكم أنّه أبي ، فلم لا تورثوني منه؟
(فبلّغ الرّسالة صادعاً بالنذارة)
الصدع في الأصل إنّما يستعمل في الزجاجة ونحوها(٣) ثمّ استعير للتبليغ ، والجامع شدّة الإبانة ، يقال : صدعت بالحقّ إذا أَبنتهُ وتكلّمت به جهاراً(٤) ، قال سبحانه وتعالى : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ)(٥) أي أبِن الأمر إبانة لا تنمحي ، والنذارة ـ بالكسر ـ : اسم مصدر بمعنى الإنذار وهو الإعلام(٦) على وجه التخويف.
__________________
(١) مجمع البيان ٣/٨٦.
(٢) لسان العرب ١٥/٥٢.
(٣) لسان العرب ٨/١٩١.
(٤) لسان العرب ٨/١٩٦.
(٥) سورة الحجر ١٥ : ٩٤.
(٦) التعاريف ١/٦٩٤.
(مائلاً عن سنن المشركين)
هو حال بعد حال من الضمير في بلغ ، وفي نسخة الكشف : ناكباً بدل مائلاً وهما بمعنى ، والسنن جمع سنّة وهي الطريقة والسنّة المستمرّة مثل غرفة وغرف.
(آخذاً بأكظامهم)
هو حال أخرى من الضمير في بلغ ، والأكظام ـ جمع كظم بفتحتين مثل سبب وأسباب ـ وهو مخرج النفس من الحلق ، وهو كناية عن مزيد التمكّن وأنّه لا يبالي بكثرتهم واجتماعهم(١).
(يدعو إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة)
والمراد بسبيل ربّه : الإسلام ، وبالحكمة : المقالة المحكمة وهو الدليل الواضح المبيّن للحقّ المزيل للشبهة ، والموعظة الحسنة قال البيضاوي : الموعظة الحسنة : الخطابات المقنعة والعبرة النافعة ، والأولى : لدعوة خواصّ الأمّة الطالبين للحقّ ، والثانية : لدعوة عوامهم(٢) ، انتهى. وقيل المراد بالموعظة الحسنة : القرآن(٣).
(يهشم الأصنام ويفلق الهام)
أي في الحروب والملاحم ، وكان(صلى الله عليه وآله) يسمّى القتّال لحرصه على
__________________
(١) الأصل في الكظم الإمساك على غيظ وغمّ ويقال أخذت بكظمه أي بمخرج نفسه ، لسان العرب ١٢/٥٢٠.
(٢) تفسير البيضاوي ٣/٤٢٦.
(٣) الكافي ٥/١٣ ، التهذيب ٦/١٢٧ ، وسائل الشيعة ١٥/٣٤.
الجهاد ومسارعته إلى القراع وذوبه في ذات الله وعدم إحجامه(١) ، ولذلك نقل عن علىّ عليهالسلام أنّه قال : (كنّا إذا احمرّ البأس اتّقيناه برسول الله(صلى الله عليه وآله) ، لم يكن أحد أقرب إلى العدوّ منه)(٢) ، وذلك مشهور من فعله(صلى الله عليه وآله) يوم أحد إذ ذهب القوم في سمع الأرض وبصرها ويوم حنين إذ ولّوا مدبرين وغير ذلك من أيّامه(صلى الله عليه وآله) حتّى أذلّ صناديدهم وقتل طواغيتهم واصطلم(٣)جماهيرهم حتّى انهزم الجمع وولّوا الدبر كما كان ذلك في يوم بدر(٤).
قال الشيخ أبو علىّ رحمهالله في مجمع البيان في تفسير قوله تعالى : (سيُهزَمُ الجمعُ ويولّونَ الدُبُر)(٥) أي جمع كفّار مكّة ، ويولّون الدبر أي ينهزمون فيولّونكم أدبارهم في الهزيمة ، ثمّ أخبر الله سبحانه نبيّه أنّه سيظهره عليهم ويهزمهم فكانت هذه الهزيمة في يوم بدر ، فكان موافقة الخبر للخبر من معجزاته(صلى الله عليه وآله)(٦).
وفي تفسير البيضاوي عن عمر : أنّه لمّا نزلت لم يعلم ما هي فلمّا كان يوم بدر رأى رسول الله(صلى الله عليه وآله) يلبس الدرع ويقول سيهزم الجمع ويولّون الدّبر فعلِمَه(٧) ، ونقلها الزمخشري في الكشّاف عن عكرمة(٨).
__________________
(١) بحار الأنوار ١٦/١١٧.
(٢) مكارم الأخلاق : ١٨ ، كشف الغمّة ١/٩ ، بحار الأنوار ١٦/١١٦.
(٣) استؤصل فلم يبق منه شيء ، لسان العرب ١/٨٠٠.
(٤) (٣٨٠) كشف الغمّة ١/٩ ، بحار الأنوار ١٦/١١٧.
(٥) سورة القمر ٥٤ : ٤٥.
(٦) مجمع البيان ٥/١٩٤.
(٧) تفسير البيضاوي ٥/٢٧٠.
(٨) الكشّاف ٤/٤١.
(حتّى تعرّى الليل عن صبحه وأسفر الحقّ عن محضه)
هذا غاية لقولها عليهاالسلام : فبلّغ ، انتهى ، وهو من باب الاستعارة فإنّه استعير الليل لظلمة الكفر والجهالة ، والجامع عدم الاهتداء ، والصبح للهدى ، والجامع الاهتداء ، وأسفر الحق عن محضه مثله غير أنّه استعارة بالكناية وإثبات الأسفار تخييل لها.
(ونطق زعيم الدين)
قال في مجمع البحرين زعيم القوم : سيّدهم ، والزعيم : الضّمين والكفيل ، ومنه قوله عليهالسلام : (وأنا بنجاتكم زعيم)(١) أي ضامن لنجاتكم ، فالمراد على هذا بزعم الدين ، المتكفّل به والضامن له.
(وخرست شقاشق الشياطين)
الشقاشق ـ جمع شقشقة بالكسر فيهما ـ : شيء يخرجه البعير إذا هاج ، وإذا قالوا للخطيب ذو شقشقة فإنّما شبّهوه بها(٢) ، والظاهر أنّ المراد بالشياطين : الكفّار ؛ يعني أنّه(صلى الله عليه وآله) قد قاتلهم وكافحهم إلى أن خرست شقاشقهم وبردوا عن عنادهم وسلّموا أمرهم إليه.
__________________
(١) وأصل هذا الحديث مرفوع عن الإمام الصادق حيث قال : «تزاوروا فإنّ في زيارتكم إحياء لقلوبكم وذكراً لأحاديثنا وأحاديثنا تعطف بعضكم على بعض فإن أخذتم بها رشدتم ونجوتم وإن تركتموها ضللتم وهلكتم فخذوا بها وأنا بنجاتكم زعيم» ، انظر : الكافي ٢/١٨٦ ، وسائل الشيعة ١٦/٣٤٦ ، بحار الأنوار ٧١/٢٥٩.
(٢) لسان العرب ١٠/١٨٥.
(وأقرّوا بكلمة الإخلاص)
وفي كلمة الشهادة كما قالت عليهاالسلام : (وتمّت كلمة الإخلاص).
(وكنتم على شفا حفرة من النار)
أي على طرفها مشرفين على الوقوع فيها لكفرهم إذ لو أدركهم الموت وهم على تلك الحالة لوقعوا فيها.
(نهزة الطامع)
النهزة ـ بالضم ـ : الفرصة(١) ، أي إنّهم كانوا محلّ نهزة الطامع فإنّ كلّ طامع كان قادراً عليهم وكانوا عندهم محلّ فرصة ينتهزونها أي يغتنمونها.
(ومذقة الشارب)
المذقة ـ بضمّ الميم وفتحها ـ : الشربة من اللبن الممزوج بالماء(٢).
(وقبسة العجلان)
القبسة ـ بالضمّ ـ : شعلة من نار تقبس من معظمها(٣) ، والمراد منهم كانوا أذلاّء يتخطفهم الناس بسهولة قبل أن يعزّهم الله بالإسلام.
(تشربون الطرق وتقتاتون الورق)
قال الجوهري في الصحاح : الطرق والطّروق : ماء السماء الذي تبول
__________________
(١) لسان العرب ٧/٩٤.
(٢) لسان العرب ٤/٣٩١.
(٣) لسان العرب ١٤/١٣٩.
فيه الإبل وتبعر ، حكاه عن أبي زيد(١) ، والورق ـ بالتحريك ـ : ورق الشجر ، قال بعضهم : وفيه وصف لهم بخباثة المشرب وخشونة المأكل.
(أذلّة خاسئين تخافون أن يتخطّفكم الناس من حولكم)
المراد أنّهم أذلّة قليلون يخافون أن يتخطّفهم الناس لقلّتهم وذلّتهم.
(حتّى أنقذكم الله برسوله بعد اللتيا واللّتي)
أقول : الظاهر عودة إلى قولها عليهاالسلام : (وكنتم على شفا حفرة من النار) وفاقاً للآية الشريفة ، واللتيّا ـ بفتح اللام وتشديد الياء ـ : تصغير التي ، وجوّز بعضهم فيه ضمّ اللام ، وهما كنائيّان عن الداهية الصغيرة والكبيرة(٢) ، وقد يسمّونها بهما أي بعد الجهد والصعوبة.
(وبعد أن مُني بُهمُ الرجال وذؤبان العرب
ومردة أهل الكتاب)
يقال : مني بكذا على صيغة المجهول أي ابتُلي(٣) ، والبهم كصرد جمع بهمة : الشجعان(٤) منهم كقوله :
|
ببهمة منيت شهم قلب |
|
منجذ لاذي كهام ينبوا |
وإنّما ابتُلي بهم الشجعان لأنّهم لشدّة بأسهم لا يدرى من أين يؤتون ،
__________________
(١) مختار الصحاح ١/٦٤ ، الفائق ١/٢٣٥ ، لسان العرب ١٠/٢١٦.
(٢) مختار الصحاح ١/٢٤٧.
(٣) لسان العرب ١٥/٢٩٤.
(٤) لسان العرب ١٢/١٥٩.
وذؤبان العرب صعاليكها الذين يتلصّصون ، والمردة جمع مريد وهم العتاة المتكبّرون(١).
ثمّ قالت عليهاالسلام :
(كلّما أوقدوا للحرب ناراً أطفأها الله)
أي إنّ هؤلاء المردة كلّما أوقدوا ناراً لحرب محمّد(صلى الله عليه وآله) أطفأها الله بنصره إيّاه حتّى قيل إنّ اليهود كانوا أشدّ أهل الحجاز بأساً وأمنعهم داراً حتّى أنّ قريشاً كانت تعضد بهم ، والأوس والخزرج لا تستبق إلى مخالفتهم وتتكثّر بنصرتهم ، فأباد الله خضراءهم واستأصل شافتهم واجتثّ أصلهم فأجلى النبىّ(صلى الله عليه وآله) بني النضير وبني قينقاع وقتل بني قريظة وشرّد أهل خيبر وغلب على فدك ودان له أهل وادي القرى فمحى الله تعالى آثارهم صاغرين.
(أو نجم قرن للشّيطان أو فغرت فاغرة للمشركين
قذف أخاه في لهواتها)
نجم الشيء نجوماً كنصر : ظهر وطلع(٢) ، وقرن الشيطان قال في القاموس قرن الشيطان وقرناؤه : أمّته والمتّبعون لرأيه أو قوّته وانتشاره وتسلّطه(٣) ، وفغر فاه أي فتحه ، وفغر فوه أي انفتح يتعدّى ولا يتعدّى(٤) ،
__________________
(١) وأشار ابن منظور إلى نفس ما ذكرته مولاتنا فاطمة الزهراء عليهاالسلام أنّ المردة هم أهل الكتاب ، انظر : لسان العرب ٨/٤٤٤.
(٢) مختار الصحاح ١/٢٧٠ ، الفائق ١/٤١٦ ، لسان العرب ١٢/٥٦٨.
(٣) القاموس المحيط ١/١٥٧٩.
(٤) لسان العرب ٣/٣٧٨.
والفاغرة من المشركين : الطائفة العادية منهم تشبيهاً بالحيّة أو السبع ، والقذف : الرّمي ويستعمل بالحجارة ، واللهوات جمع لهاة وهي اللحمة في أقصى سقف الفم(١).
والمعنى كلّما قصده طائفة من المشركين أو عرضت له داهية بعث أخاه ـ يعني عليّاً عليهالسلام ـ لدفعها وعرّضه للمهالك كقصّة المبيت على فراشه(صلى الله عليه وآله).
(فلا ينكفئ حتّى يطأ صماخها بأخمصه)
انكفأ بالهمزة : رجع ، والصماخ ـ بالكسر ـ : خرق الأذن أو الأذن نفسها كما في القاموس(٢) ، والأخمص : ما يصيب الأرض من باطن القدم عند المشي ، ووطئ الصماخ بالأخمص كناية عن القهر والغلبة على أبلغ وجه كما لا يخفى.
(ويطفىء عادية لهبها بسيفه مكدوداً في ذات الله)
المكدود اسم مفعول من الكد وهو التعب(٣) ، وذات الله : أمره ودينه.
(وأنتم في رفاهية آمنون فاكهون وادعون)
الرفاهية ككراهية مصدر ، رفه عيشه كفرح إذا اتّسع ، وقال الجوهري
__________________
(١) لسان العرب ١٥/٢٦٢.
(٢) القاموس المحيط ١/٣٢٦ ، لسان العرب ٣/٣٤.
(٣) لسان العرب ٣/٣٧٨.
في الصّحاح في قوله تعالى : (وَنَعْمَة كانُوا فِيها فاكِهِينَ)(١) أي ناعمين(٢) ،
ووادعون مأخوذ من الدعة وهي السعة(٣) ، والمعنى : أنّكم كنتم آمنين ناعمين في المعيشة ذوي سعة وراحة فيها.
(حتّى إذا اختار الله لنبيّه دار الأنبياء)
وهي دار الآخرة.
(ظهرت حسيكة النفاق وسمل جلباب الدين ونطق كاظم
الغاوين ونبغ خامل الأقلّين وهدر فنيق المبطلين
يخطر في عرصاتكم)
قال في القاموس : الحسك : الحقد والعداوة كالحسيكة والحساكة والحسكة ، وحسك عَلَيَّ كفرح فهو حسك غضب(٤) ، وعلى هذا فالإضافة بيانية ، وسمل الثوب سمولاً وسمولة : الخلق(٥).
والجلباب قال في القاموس : القميص وثوب واسع للمرأة دون الملحفة ، أو ما تغطّي به ثيابها من فوق كالملحفة وهو الخمار(٦) ، وهو كناية عن قصدهم إطفاء نور الإسلام ولكن يأبى الله إلاّ أن يتمّ نوره ولو كره
__________________
(١) سورة الدخان ٤٤ : ٢٧.
(٢) مختار الصحاح ١/٢١٣.
(٣) الأصوب كما ذكره ابن منظور : (الدعة هي الراحة) وهذا ما قصدته مولاتنا فاطمة الزهراء عليهاالسلام ، لسان العرب ٨/٣٩١.
(٤) القاموس المحيط ١/١٣١٣.
(٥) مختار الصحاح ١/١٣٢ ، لسان العرب ١١/٣٤٥.
(٦) القاموس المحيط ١/٨٨.
الكافرون.
والكاظم اسم فاعل من كَظِمَ الرجل بمعنى كظوماً إذا سكت ، ونبغ الشيء كمنع ونصر أي ظهر ، والخامل قال الجوهري : هو الساقط الذي لا نباهة له(١) ، والمراد بالأقلّين : الأذلّين.
وفي نسخة الكشف (فنطق كاظم ونبغ خامل)
والهدير : ترديد صوت الفحل في حنجرته ، والفنيق قال الجوهري : هو الفحل المكرم(٢) ، وقال أبو زيد : هو اسم من أسمائه والجمع فنق ، ذكره في كتاب الإبل انتهى ، ويخطر قال في القاموس : الخطر : الفحل يخطر خطراً وخطراناً وخطيراً : ضرب به يميناً وشمالاً(٣).
(وأطلع الشيطان رأسه صارخاً بكم فدعاكم وألفاكم لدعوته
مستجيبين وللغرّة فيه ملاحظين)
أقول : أطلع الشيطان رأسه كناية عن شدّة جهلهم ، والغرّة ـ بالغين المعجمة ـ : الغفلة(٤) ، أو اغترّه : أتاه على غرّة منه.
(ثمّ استنهضكم فوجدكم خفافاً وأحمشكم
فألفاكم غضاباً)
الإحماش : الإغضاب ، والمعنى أنّ الشيطان لعنه الله حين أطلع رأسه
__________________
(١) مختار الصحاح ١/٨٠.
(٢) مختار الصحاح ١/٨٢ ، لسان العرب ٦/٢٨٣ ١٠/٣١٣.
(٣) القاموس المحيط ١/٤٩٤.
(٤) مختار الصحاح ١/١٩٩ ، لسان العرب ٥/١٦ ، المصباح المنير ٢/٤٤٩.
من مغرزه قد استنهضهم إليه فنهضوا إليه خفافاً مجيبين إليه وحملهم على الغضب فوجدهم مغضبين لغضبه أو من عند أنفسهم وهو ظاهر.
(فوسمتم غير إبلكم وأوردتم غير شربكم)
هذا تفريع على قولها صلوات الله وسلامه عليها : (فنهضوا إليه ... إلخ) أي إنّهم قد تعدّوا أطوارهم بإجابتهم للشيطان فإنّ الشيطان لهم عدوٌّ مبين وذلك واضح.
ثمّ قالت صلوات الله عليها :
(هذا والعهد قريب والكلم رحيب والجرح لمّا يندمل)
هذا في مثل المقال يؤتى بها لأجل الاقتضاب الذي فيه نوع ارتباط كما قال سبحانه وتعالى بعد ذكر أهل الجنّة : (هذا وإنّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآب)(١) فهو اقتضاب لكن فيه نوع ارتباط لأنّ بعده الواو للحال كما في المقام ، ونقل عن ابن الأثير : إنّ لفظ هذا في مثل المقام من الفصل الذي هو أحسن من الوصل وهي علاقة وكيدة بين الخروج من كلام إلى كلام آخر ، ثمّ قال : وذلك من فضل الخطاب الذي هو أحسن موقعاً من التخلّص انتهى.
والمراد بالعهد : موته(صلى الله عليه وآله) ، والكلم : الجرح ، والمراد بالرحيب : المتّسع ، ويقرب منه قولها عليهاالسلام : (والجرح لمّا يندمل) وهذا كناية عن عظم الأمر وشدّته.
__________________
(١) سورة ص ٣٨: ٥٥.
(ألا في الفتنة سقطوا)
هذا من باب الالتفات من الخطاب إلى الغيبة كما لا يخفى.
(فهيهات وأنّى بكم)
أقول : الظاهر أنّ فاعل هيهات مضمر عائد إلى المفهوم من الكلام السابق أي هيهات الخروج من الفتنة بعد سقوطهم بها ، (وأنّى بكم) كلام أخرج مخرج التعجّب أي كيف تخرجون منها وقد فعلتم الأفاعيل العظيمة الشنيعة.
(وأنّى تؤفكون)(١)
أي كيف يمثلون عن الحقّ والحال أنّ (كتاب الله بينكم)(٢) تتداولونه قد بيّنت فيه الزواجر عن الباطل ولاحت فيه الشواهد واوضحت فيه الأوامر بالطاعات.
(رغبة عنه تريدون أم بغيره تحكمون)
يعني أنّكم خالفتم كتاب الله ولكن لم يبن وجه المخالفة أمن جهة الرغبة عنه والزهاد فيه أم من جهة الحكم بغير كتاب الله من الأباطيل؟ ويمكن أن تجعل (أم) منقطعة بمعنى بل ولكنّه خلاف الظاهر.
__________________
(١) الصواب ورد في الخطبة (كيف تؤفكون).
(٢) نصّ الخطبة (وكتاب الله بين أظهركم وزواجره بيّنة وشواهده لائحة وأوامره واضحة).
(بئس للظالمين بدلاً)
اسم بئس(١) ضمير فسّر بقولها عليهاالسلام : (بدلاً) أي بئس البدل للظالمين
بدلاً لهم ، يعني بئس ما استبدلوا بكتاب الله إذ اتّبعوا غيره وحكموا به.
(ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه
وهو في الآخرة من الخاسرين)
فيه إشارة إلى أنّهم قد ابتغوا ديناً وطلبوا غير الإسلام بسبب مخالفة كتاب الله وحكمهم بخلاف حكمه لأنّه هو قاعدة الإسلام وبأتباعه يحصل الإسلام وهم في الآخرة من الهالكين لأنّ الخسران ذهاب رأس المال.
(ثمّ لم تلبثوا إلاّ ريث أن تسكن نفرتها
ويسلس قيادها)
ريث ـ بالفتح ـ بمعنى : قدر(٢) ، ونسبت إلى أهل الحجاز خاصّة ، وتستعمل مع (ما) ، قال الفيومي في مصباحه : ريثما فعل كذا أي قدر ما فعله ، ووقف ريثما صلّينا أي قدر ما(٣) ، ونفرة الدابّة ذهابها وعدم انقيادها ، والسلس ـ بكسر اللام ـ : السهل الليّن(٤) ، الانقياد وضمير المؤنّث قال بعضهم : يرجع إلى فتنة وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله) أي لم يعتبروا إلى ذهاب أثر تلك المصيبة.
__________________
(١) بئس حسبما ذكر الجوهري : (كلمة ذمّ وهي ضدّ نعم) ، انظر : مختار الصحاح ١/١٦.
(٢) لسان العرب ٢/١٥٩.
(٣) المصباح المنير ١/٢٤٧.
(٤) العين ٢/٢١٠ ، القاموس المحيط ١/١٢٢٤ ، لسان العرب ٦/١٠٦.
(ثمّ أخذتم تورون وقدتها وتهيجون
جمرتها تسرّون حسواً في ارتغاء
وتمشون لأهله وولده في الخمر والضرّاء)
قولها عليهاالسلام : (ثمّ أخذتم ... إلخ) هذا استدراك من قولها : (ثمّ لم تلبثوا) انتهى ، وضمير المؤنّث يعود إلى الفتنة ، وتسرّون من الإسرار وهو ضد الإعلان ، والحسو ـ بفتح الحاء فسكون السين ـ : شرب المرق وغيره شيئاً فشيئاً(١) ، والارتغاء افتعال من ارتغيت الشيء إذا شربت رغوته وهو زبده الذي يعلوه(٢) كما قاله الجوهري في الصحاح قال : وفي المثل (يسرّ حسواً في ارتغاء) يضرب لمن يظهر أمراً ويريد غيره ، قال الشعبي لمن سأله عن رجل قبل أم امرأته؟ قال : يسرّ حسواً في ارتغاء وقد حرمت عليه امرأته(٣) انتهى.
فهي صلوات الله عليها قد لمّحت بقولها : (تسرّون انتهى ...) إلى المثل أي إنّكم تظهرون الإسلام والمودّة للرسول(صلى الله عليه وآله) ولكن تريدون خلافه ، إذ لم تجرّوا على مقتضى المودّة في عدم النصرة لبنت نبيّهم(صلى الله عليه وآله) ، والخمر بالتحريك قال الجوهري : ما واراك من شيء ، يقال : توارى الصيد عنّي في خمر الوادي(٤).
قال ابن السكّيت : خمره ما واراه من جرف أو جبل من جبال الرّمل أو شجر أو شيء ، قال : ومنه قولهم : دخل فلان في خمار الناس أي فيما
__________________
(١) العين ٣/٢٧٠ ، مختار الصحاح ١/٥٨ ، لسان العرب ٣/٢٧٠.
(٢) المصباح المنير ١/٢٣٢ ، لسان العرب ١٤/٣٣٠.
(٣) مختار الصحاح ١/٥٨ ، لسان العرب ١٤/٣٣٠.
(٤) مختار الصحاح ١/٢٩٩ ، لسان العرب ٤/٢٥٦.
يواريه ويستره منهم ، والضرّاء بالفتح ، قال الجوهري : الشجر الملتفّ في الوادي ، يقال : توارى الصيد منّي في ضرّاء وفلان يمشي الضرّاء إذا مستخفياً فيما يوارى من الشجر ، ويقال للرجل إذا أختل صاحبه : هو يدبّ له الضرّاء ويمشي له الخمر(١).
(ونصبر منكم على مثل حزّ المُدى)
الحزّ ـ بالحاء المهملة ـ : القطع(٢) ، والمُدى جمع مدية(٣) وهي السكّين.
(ووخز السنان في الحشا)
الوخز : الطعن بالرمح ونحوه بحيث لا يكون نافذاً(٤) ، وهذا وما قبله كناية عن شدّة ما رأته منهم من المصائب العظيمة ، ثمّ بيّنت صلوات الله عليها بعض ما صبرت عليه من فعالهم فقالت :
(وأنتم الآن تزعمون أن لا إرث لنا)
وزاد في كشف الغمّة : (أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم؟!) يقول الله عزّ وجلّ ثناؤه : (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ)(٥) ، وقال
__________________
(١) مختار الصحاح ١/٢٦٦ ، لسان العرب ١٤/٤٨٣.
(٢) العين ٢/١٤٧.
(٣) القاموس المحيط ١/١٧١٩ ، المصباح المنير ٢/٥٦٧.
(٤) العين ٤/٢٩١ ، لسان العرب ٧/٢٨١.
(٥) سورة النمل ٢٧ : ١٦.
فيما اقتصّ من خبر يحيى بن زكريّا إذ قال : (رَبّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً)(١) ، وقال تبارك وتعالى : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ)(٢) فزعمتم أن لاحظّ ولا إرث لي من أبي ، أفحكم الله بآية أخرج أبي منها؟ أم تقولون : أهل ملّتين لا يتوارثان ، أم أنتم أعلم بعموم القرآن وخصوصه من أبي(صلى الله عليه وآله)(٣)؟
(أفحكم الجاهلية تبغون)
من جهة عدم توريثهم أولادهم : ثمّ أضربت فقالت : لا ينبغي منكم أن تبتغوا حكم الجاهلية وقد حكم الله تعالى في كتابه العزيز بالتوريث كما ذكرت.
(ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون به)
فإن كنتم قد أيقنتم بحكم الله تعالى فلِم أنكرتم إرثي من أبي؟
__________________
(١) سورة مريم ١٩ : ٥ ـ ٦.
(٢) سورة النساء ٤ : ١١.
(٣) كشف الغمّة ١/٤٨٨.
من الاحتجاجات المهمّة التي طرحتها الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليهاالسلام على الخليفة أبو بكر عندما وفدت إليه تطالب بإرثها من الرسول(صلى الله عليه وآله) وذكر لها أنّه سمع عن الرسول في حديث منفرد : «نحن معاشر الأنبياء لا نورّث ما تركناه صدقة» وكأنّ ما ادّعاه جاء لينسخ الآيات القرآنية من جهة وأحاديث الرسول(صلى الله عليه وآله) من جهة أخرى لذا احتجّت عليهاالسلامبما صرّحت الآيات القرآنية في حجّة ليس لها أي جواب وكان الأولى على الرسول(صلى الله عليه وآله) أن يحدّث هذا الحديث الذي سمّعه الخليفة فاطمة عليهاالسلام لأنّه يمسّها أكثر من غيرها وانكب علماء المسلمين بمختلف تيّاراتهم ومذاهبهم في معالجة هذه القضية في بحوث ومؤلّفات إلى يومنا هذا ردّاً على الدعوى التي أطلقها الخليفة الأوّل.
(يابن أبي قحافة أترث أباك ولا أرث أبي؟
لقد جئت شيئاً فريّا)
أي عجيباً ، ويقال : عظيماً في أنّك ترث أباك ولا أرث أبي.
(فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك)
الضمير في (فدونكها) يعود إلى فدك المفهومة من السياق ، ودونك الشيء بمعنى خذه فهي بمعنى الأمر والأمر للتهديد مثل قوله تعالى : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ)(١) ، وشبّهتها في كونها مسلّمة له بحيث لا يعارضه في أخذها أحد بالناقة المنقادة المهيّأة للركوب ، واستقرب شيخنا البحراني كون الضمير يعود للخلافة قال : فإنّ إشارات الخطبة وعباراتها كلّها إنّما ترجع إلى ذلك ، ثمّ قال : وهذا الحمل أنسب بقولها عليهاالسلام : (تلقاك يوم حشرك)(٢).
وأقول : ما ذكره خلاف الظاهر من الإشارات والعبارات كما لا يخفى على المنصف ، وأمّا قولها : (تلقاك يوم حشرك) فالمراد به : العقاب المعدّ له في غصبه إيّاها منها عليهاالسلام ، وفي نسخة الكشف بدل (مرحولة) (مزمومة) وكأنّه تأكيد لمخطومة كما لا يخفى.
(فنعم الحكم الله)
يوم القيامة بيني وبينك في اغتصابكها منّي.
__________________
(١) سورة فصلت ٤١ : ٤٠.
(٢) الدرة النجفية : ٢٧٣.
(والزعيم محمّد)
والشاهد محمّد(صلى الله عليه وآله).
(والموعد القيامة وعند الساعة يخسر المبطلون)
العادلون عن الحقّ الذي أمر الله تعالى به فلا يحصلون من ذلك إلاّ الباطل ، والعدول عن الحقّ إليها إلاّ العذاب الدائم الأليم.
(ولكلّ نبأ مستقر)
ولكلّ عمل مستقرّ عند الله حتّى يجازى به ، قال الطبرسي رحمهالله في مجمع البيان نقلاً عن الحسن : (فَسوفَ تَعْلَمُونَ) أيّها المبطلون يوم القيامة (مَنْ يَأتِيهِ عَذَابٌ يُخْزيهِ)(١) يهينه ويفضحه في الدنيا ، كما في مجمع البيان : (وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيْمٌ) أي وينزل عليه عذاب دائم في الآخرة(٢).
قال الراوي : ثمّ التفتت إلى قبر أبيها شاكية إليه فتمثّلت بقول هند بنت أثاثة(٣) :
|
قد كان بعدك أنباء وهنبثة |
|
لو كنت شاهدها لم نكثر الخطب |
|
أبدت رجال لنا فحوى صدورهم |
|
لمّا قضيت وحالت دونك الترب |
|
تجهّمتنا رجال واستخفّ بنا |
|
إذ(٤) غبت عنّا فنحن اليوم نغتصب |
__________________
(١) سورة هود ١١ : ٣٩.
(٢) مجمع البيان ٣/ ١٥٩ ـ ١٦٠.
(٣) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٦/٢١٢.
(٤) وردت عند أبي الحديد (إذا) نهج البلاغة ١٦/٢١٢.
ففي المجلّد العاشر من البحار عن محمّد بن يعقوب الكليني رحمهالله في الكافي عن حميد عن ابن سماعة من أحمد بن الحسن عن أبان عن محمّد ابن المفضّل قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : جاءت فاطمة إلى سارية في المسجد وهي تقول وتخاطب النبىّ(صلى الله عليه وآله) :
|
قد كان بعدك أنباء وهنبثة |
|
لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب |
|
إنّا فقدناك فقد الأرض وابلها |
|
واختلّ قومك فاشهدهم فقد نكبوا(١) |
وفي تذكرة الخواصّ للسبط بن الجوزي عن الشعبي : أنّها عليهاالسلام بعد أن خطبت الخطبة أومأت إلى قبر النبىّ(صلى الله عليه وآله) وقالت :
|
قد كان بعدك أنباء وهنبثة |
|
لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب |
|
إنّا فقدناك فقد الأرض وابلها |
|
واغتيل أهلك لما اغتالك الترب |
|
وقد رزينا بما لم يرزه أحد |
|
من البرية لا عجمٌ ولا عرب |
قال : ثمّ إنّها اعتزلت القوم ولم تزل تندب رسول الله وتبكيه حتّى لحقت به(٢).
وعن مناقب ابن شهرآشوب : أنشدت الزهراء بعد وفاة أبيها عليهاالسلام(٣) :
|
وقد رزينا به محضاً خليقته |
|
صافي الضرائب والأعراق والنسب |
|
وكنت بدراً ونوراً يستضاء به |
|
عليك تنزل من ذي العزّة الكتب |
|
وكان جبريل روح القدس زائرنا |
|
فغاب عنّا وكلّ الخير محتجب |
|
فليت قبلك كان الموت صادفنا |
|
لما مضيت وحالت دونك الحجب |
|
إنّا رزينا بما لم يرز ذو شجن |
|
من البرية لا عجم ولا عرب |
__________________
(١) الأصوب كما ذكره الشيخ المجلسي (ولا تغب).
(٢) تذكرة الخواص : ٣١٨.
(٣) المناقب لابن شهراشوب ٣/٣٦١ ، بحار الأنوار ٤٣/١٩٦.
|
ضاقت عليّ بلاد بعدما رحبت |
|
وسيم سبطاك خسفاً فيه لي نصب |
|
فأنت والله خير الخلق كلّهم |
|
وأصدق الناس حيث الصدق والكذب |
|
فسوف نبكيك ما عشنا وما بقيت |
|
منا العيون بتهمال له سكب |
وفي نهاية ابن الأثير في مادّة هنبث في الحديث : إنّ فاطمة عليهاالسلام قالت بعد موت النبىّ(صلى الله عليه وآله) :
|
قد كان بعدك أنباء وهنبثة |
|
.................... |
وذكر تمام البيتين وقال : الهنبثة واحدة الهنابث وهي الأمور الشدائد المختلفة ، والهنبثة الاختلاط في القول(١) ، ومثله في مجمع البحرين(٢) ، والشهود : الحضور ، والخطب : جمع خطب ـ بالفتح ـ وهو الأمر الذي تقع فيه المخاطبة والشأن والحال(٣) ، والوابل : المطر الغزير(٤).
(ولم ير الناس أكثر باك ولا باكية منهم يومئذ)
أي يوم إذ ندبت أباها بهذه النّدبة.
(ثمّ عدلت من قبر أبيها إلى مسجد الأنصار)
وفي نسخة : (ثمّ رمت بطرفها نحو الأنصار) فقالت معاتبة إيّاهم :
(يا معشر البقيّة)
أي بقية الأنصار.
__________________
(١) النهاية في غريب الحديث ٥/٢٧٦.
(٢) مجمع البحرين ٤/٤٤١.
(٣) لسان العرب ١/٣١٠.
(٤) القاموس المحيط ١/٥١٨ ، لسان العرب ٥/٣٧٨.
(وأعضاد الملّة)
أي حملة ملّة الإسلام.
(وحضنة الإسلام)
بمعناه.
(ما هذه الفترة عن نصرتي)
الفترة ـ بالفاء المفتوحة والتاء الساكنة ـ : السكون(١).
(والسنة عن ظلامتي)
السنة ـ بالكسر ـ : مصدر وسن يوسن ـ كعلم يعلم ـ وسناً ، والسنة : أوّل النوم كما قال سبحانه : (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ)(٢) ، أو النوم الخفيف ، والهاء عوض عن الواو(٣) ، والظلامة بالضمّ كالظلمة بالكسر ما أخذه الظالم منك(٤) ، ومؤدّى هذه الفقرة والفقرة السابقة واحد.
(أما كان رسول الله يقول المرء يحفظ في ولده)
ولم تحفظوه في بنته سيّما مع قوله(صلى الله عليه وآله) : «فاطمة بضعة منّي من آذاها
__________________
(١) الفراهيدي ٧/١٧٣ ، التوقيف على أمّهات التعاريف ١/٥٤٩.
(٢) سورة البقرة ٢ : ٢٥٥.
(٣) القاموس المحيط ١/١٥٩٨ ، المصباح المنير ٢/٦٦٠ ، لسان العرب ١٣/٤٤٩.
(٤) لسان العرب ١٢/٣٧٥.
فقد آذاني ومن أهانها فقد أهانني ومن أغضبها فقد أغضبني»(١).
(سرعان ما أحدثتم وعجلان ما أتيتم)
سرعان مثلّثة السين ، وعجلان إسما فعل بمعنى : سرع وعجل ، قيل : وفيهما معنى التعجّب أي ما أسرع وأعجل(٢) ، وفي نسخة الكشف : (وسرعان ذا إهالة) وهو مثل يضرب لكينونة الشيء قبل وقته ، وأصله على ما قيل : إنّ رجلاً كان له نعجة عجفاء وكان رعامها يسيل من منخريها لهزالها فقيل : ما هذا الذي يسيل؟ فقال : ودكها ، فقال السائل : سرعان ذا إهالة ، ونصب إهالة على الحال ، و (ذا) إشارة إلى الرعام ـ بالعين المهملة ـ وهو المخاط أي سرع الرعام حال كونه إهالة ، ويجوز أن يحمل على التمييز على تقدير نقل الفعل مثل قولهم : تصبّب زيد عرقاً.
(الآن مات رسول الله)
أي حين ظهروا فحوى صدورهم وفعلوا ما فعلوا.
(أمتّم دينه)
أي تنبّهوا.
__________________
(١) وأشارت إلى هذا الحديث المتقدّم في المتن مجموعة كبيرة من مصادر الحديث ، انظر : صحيح مسلم ١٥/٤٠٦ ٤٠٨ ، المستدرك على الصحيحين ٣/١٧٢ ـ ١٧٣ ، مسند أبي عوانة ٣/٧٠ ، سنن الترمذي ٥/٦٩٨ ، مجمع الزوائد ٤/٢٥٥ ، ٩/٢٠٣ ، سنن أبي داود ٢/٢٢٦ ، سنن ابن ماجه ١/٦٤٣ ـ ٦٤٤ ، فضائل الصحابة ٢/٧٥٥ ـ ٧٥٩ ، فضائل الصحابة ١/٧٨.
(٢) العين ١/٢٢٧ ، لسان العرب ١١/٤٢٥.
(ها إنّ موته لعمري خطب جليل استوسع وهيه
واستنهر فتقه وفقد راتقه)
الوهي كالرمي : الشقّ والخرق(١) ، يقال : وهي الثوب إذا بلى وتخرّق ، واستنهر من النهر بالتحريك قال في القاموس : النهر محرّكة : السعة(٢) ، والفتق : الشقّ(٣) ، والضمائر تعود إلى الخطب المزبور ، وفي نسخة الكشف : واستهتر بالتاء وهو بمعناه.
(واظلمّت الأرض له وخشعت الجبال وأكدت الآمال)
يقال : أكدى فلان إذا بخل وقلّ خيره(٤) أي لم يبق بعده(صلى الله عليه وآله) مؤمّل فبفقده فقدت الآمال.
(وأضيع بعده الحريم)
حريم الرجل : ما يقاتل عنه ويحميه.
(وهتكت الحرمة)
الحرمة : ما لا يحمل انتهاكه.
(وأذيلت المصونة)
هو مأخوذ من الأذالة وهي الإهانة ، قال في القاموس : وأذلته : أهنته ،
__________________
(١) القاموس المحيط ١/١٧٣٣ ، لسان العرب ١٥/٤١٧.
(٢) القاموس المحيط ١/٦٢٩.
(٣) لسان العرب ١٠/٢٩٦.
(٤) لسان العرب ١٥/٢١٦.
ولم أحسن القيام عليه(١).
(وتلك نازلة أعلن كتاب الله قبل موته وأنبأكم بها فقال : (وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ))(٢).
ففي روضة الكافي في خطبة الوسيلة لأمير المؤمنين عليهالسلام : «حتّى إذا دعا الله عزّ وجلّ نبيّه ورفع إليه لم يك ذلك بعده إلاّ كلمة من خفقة أو وميض من برقة إلى أن رجعوا على الأعقاب وانتكصوا على الأدبار وطلبوا بالأوتار وأظهروا الكتائب وردموا الباب وفلوا الديار وغيّروا آثار رسول الله(صلى الله عليه وآله) ورغبوا عن أحكامه وبعدوا من أنواره واستبدلوا بمستخلفه بديلاً اتّخذوه وكانوا ظالمين وزعموا أنّ من اختاروا من آل أبي قحافة أولى بمقام رسول الله ممن اختاره الرسول(صلى الله عليه وآله) لمقامه وأنّ مهاجر آل أبي قحافة خير من المهاجري والأنصاري الربّاني ناموس هاشم بن عبد مناف»(٣) وفي احتجاج الطبرسي رحمهالله في خطبة الغدير أنّه(صلى الله عليه وآله) قال : «معاشر الناس أنذرتكم أنّي رسول قد خلت من قبلي الرّسل أفإن متّ أو قتلت انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضرّ الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين ألا وإنّ عليّاً هو الموصوف بالصبر والشكر ثمّ من بعده ولدي من صلبه»(٤).
__________________
(١) القاموس المحيط ١٢/٢٤٧ ، وانظر : العين ٨/١٩٩ ، لسان العرب ٣/٥٩.
(٢) سورة آل عمران ٣ : ١٤٤.
(٣) الكافي ٨/٢٩.
(٤) الإحتجاج ١/٦٢.
وفي إعلام الورى «أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) لمّا ثقل مرضه وحضره الموت قال لعليّ عليهالسلام : ضع رأسي يا عليّ في حجرك فقد جاء أمر الله عزّ وجلّ فإذا فاضت نفسي فتناولها بيدك وامسح بها وجهك ثمّ وجّهني إلى القبلة وتولّ أمري وصلّ عليّ أوّل الناس ولا تفارقني حتّى تواريني في رمسي واستعن بالله عزّ وجلّ وأخذ عليٌّ رأسه فوضعه في حجره فأغمي عليه وأكبّت فاطمة تنظر في وجهه وتندبه وتبكي وتقول :
|
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه |
|
ثمال اليتامى عصمة للأرامل |
ففتح رسول الله(صلى الله عليه وآله) عينيه وقال بصوت ضئيل : يا بنيّة هذا قول عمّك أبي طالب لا تقوليه ولكن قولي : (وما محمدٌ إلاّ رسولٌ قد خلت من قبله الرسل أفإن ماتَ أو قُتِل انقلبتم على أعقابكم)(١) فبكت طويلاً ، فأومى إليها بالدنوّ منه فدنت إليه فأسرّ إليها شيئاً تهلّل له وجهها ثمّ قضى ويد أمير المؤمنين اليمنى تحت حنكه ففاضت نفسه فيها فرفعها إلى وجهه فمسح بها ثمّ وجّهه وغمّضه ومدّ عليه إزاره واشتغل بالنظر إلى أمره فسُئلت : ما الذي قال إليك رسول الله فسرى عنك ، قالت : أخبرني أنّي أوّل أهل بيته لحوقاً به وأنّه لن تطول المدّة بعده حتّى أدركه فسرى ذلك عنّي»(٢).
وفي الصافي عن العيّاشي عن الباقر عليهالسلام قال : كان الناس أهل ردّة بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلاّ ثلاثة ، قيل : ومن الثلاثة؟ قال : المقداد وأبو ذر وسلمان الفارسي ثمّ عرف أناس بعد يسير فقال : هؤلاء الذين دارت عليهم الرحا
__________________
(١) سورة آل عمران ٣ : ١٤٤.
(٢) الطبرسي : ١٣٦ ، الإرشاد ١/١٨٦ ـ ١٨٧ ، إيمان أبي طالب لفخار : ٣٠٤ ـ ٣٠٥ ، بحار الأنوار ٢٢٠/٤٧٠.
وأبوا أن يبايعوا حتّى جاؤوا بأمير المؤمنين عليهالسلام مكرهاً فبايع وذلك قول الله عزّ وجلّ : (وما محمدٌ إلاّ رسولٌ ...)» الآية(١).
(ايهاً بني قيلة)
ايهاً ـ بفتح الهمزة ـ بمعنى هيهات كما في الصحاح(٢) ، وقال ابن الأثير : «إذا قلت إيهاً بالنصب فإنّما تأمره بالسّكوت(٣) ، وبنو قيلة : قبيلتا الأنصار وهما الأوس والخزرج وقيلة إسم أم لهم قديمة بالقاف ثمّ الياء المثنّاة من تحت وهي قيلة بنت كاهل» قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث(٤).
(اهتضم تراث أبي وأنتم بمرأى ومسمع تبلغكم الدعوة
ويشملكم الصوت)
أي إنّكم لا معذرة لكم مع بلوغكم دعوتي وسماعكم صوتي مع تمكّنكم من النصرة لأنّ (فيكم العدّة) والاستعداد (والعدد) الكثير (ولكم الدار والجُنن) وهي جمع جنّة بالضمّ وهي ما استترت به من السلاح(٥) أي فيمكنكم القتال إن آل الأمر إليه.
__________________
(١) تفسير الصافي : ٣١١ و ١٠٦ ، تفسير العيّاشي ١/١٩٩ ، رجال الكشّي : ٦ ، الكافي ٨/٢٤٥ ـ ٢٤٦ ، تأويل الآيات الظاهرة : ١٢٨ ، بحار الأنوار ٢٨/٢٣٧.
(٢) مختار الصحاح ١/١٥ ، القاموس المحيط ١/١٦٠٤ ، لسان العرب ١٣/٤٧٤.
(٣) النهاية في غريب الحديث ١/٨٧.
(٤) النهاية في غريب الحديث ٤/١٣٤.
(٥) مختار الصحاح ١/٤٨ ، لسان العرب ١٣/٩٢.
(وأنتم نخبة الله التي انتخب وخيرته التي اختار)
إذ هداكم إلى الإسلام.
(باديتم العرب وبادهتم الأمور)
أي جاهرتم العرب في دعوتكم الشجاعة وفاجأتم الأمور العظام.
(وكافحتم البهم)
أي الشجعان ، جمع بهمة بالضمّ(١) ، أي في الجهاد مع النبىّ(صلى الله عليه وآله) في حروبه مع المشركين.
(حتّى دارت بكم رحا الإسلام ودرّ حلبه)
أي بكم قد نتجت نتائجه بمجاهدتكم المشركين مع النبىّ(صلى الله عليه وآله).
(وخبت نيران الحرب)
بغلبتكم إيّاهم.
(وسكن فورة الشرك)
بالإهتداء إلى الإسلام.
(وهدأت دعوة الهرج)
أي سكنت دعوة الفتنة والاختلاط حين أقرّوا بالإسلام وهدوا إليه.
__________________
(١) غريب الحديث ٢/١٢٢ ، القاموس المحيط ١/١٣٩٨.
(واستوسق نظام الدين)
أي اجتمع الدين بعد أن كان متفرّقاً ، شبّهته عليهاالسلام بالنظام الذي فيه الدّر المتفرّق أي بكم معشر الأنصار قد اجتمعت تلك الدّراري وهو من أحسن التشبيهات وأبلغها.
(أفتأخّرتم بعد الإقدام)
في عدم نصرتي حيث نصرتم أبي ولم تنصروني.
(ونكصتم بعد الشدّة)
النّكوص : الرّجوع إلى وراء وهو القهقرى.
(وجبنتم بعد الشجاعة)
في نصرتكم للنبىّ(صلى الله عليه وآله) في حروبه وغزواته.
(عن قوم نكثوا أيمانهم)
متعلّق بجبنتم ، والقوم هم الظالمون لها عليهاالسلام ، ومعنى نكثوا أيمانهم : نقضوا عهدهم بعد عهادهم للنبىّ(صلى الله عليه وآله) في عدم نقضه.
(وطعنوا في دينكم) وعابوه (أنّهم لا إيمان لهم)
في الحقيقة والواقع وإلاّ لما طعنوا في الدين وإن أظهروا الإسلام وادّعوه.
(لعلّهم ينتهون)
عن كفرهم بسبب مقاتلتكم إيّاهم.
(إلاّ وقد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض
وركنتم إلى الدعة)
أخلدتم أي ركنتم إلى الذلّ حيث لم تأخذكم حميّة الإسلام ، وركنتم إلى الدعة أي إلى الراحة والسكون ، وعبّرت عليهاالسلام بأخلدتم وركنتم للتفنّن وهذا من أشدّ التوبيخ والتعيير لهم.
(فجحدتم الذي وعيتم)
وسمعتموه من النبىّ(صلى الله عليه وآله) في أمر الإسلام.
(ودسعتم الذي سوّغتم)
الدسع كالمنع : الدفع والقيء(١) ، وساغ الشرابُ يسوغ سوغاً إذا سهل مدخله في الحلق(٢) ، وفي نسخة الكشف (ولفظتم) بدل (ودسعتم) وهما متقاربان.
(وإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً) من الثقلين (فإنّ الله لغنىّ) عنكم (حميد) في أفعاله.
(ألا وقد قلت لكم ما قلت)
جاءت بالموصول للتفخيم لعظم ما قالت عليهاالسلام في مقام التقريع والتعيير.
__________________
(١) العين ١/٣٢٤ ، النهاية في غريب الحديث ٢/١١٧ ، لسان العرب ٨/٨٤.
(٢) العين ٤/٤٣٣ ، القاموس المحيط ١/١٠١٢ ، المصباح المنير ١/٢٩٥.
(على معرفة منّي بالخذلة التي خامرتكم)
الخذلة : ترك النصر وخامرتكم أي خالطتكم.
(وخور القنا)
الخور ـ بالفتح والتحريك ـ : الضعف(١) ، والقنا جمع قناة وهي الرّمح(٢) ، ولعلّ المراد بخور القنا : ضعف ما يعتمد عليه في النصرة على العدوّ.
(فدونكموها فاحتقبوها دبرة الظهر ناقبة
الخفّ باقية العار موسومة بالشنار)
الظاهر أنّ الضمير يعود إلى فدك ، والحقب ـ بالتحريك ـ : حبل يشدّ به الرحل إلى بطن البعير ، يقال : أحقبت البعير إذا شددته به(٣) ، وحكي عن بعض الفضلاء : إنّ الأنسب في هذا المقام (احقبوها) بصيغة الأفعال أي شدّوا عليها ذلك وهيّؤوها للرّكوب ولكن فيما وصلت إلينا من الروايات على بناء الافتعال ، والدبر ـ بالتحريك ـ : الجرح في ظهر البعير(٤) ، والنقب ـ بالتحريك ـ : دقّة خفّ البعير(٥) ، وقال في النهاية : الشنار : العيب والعار ، وقيل : هو العيب الذي فيه عار(٦).
__________________
(١) العين ٤/٣٠٢ ، الفائق ١/٤٠٢ ، مختار الصحاح ١/٨٠ ، لسان العرب ٤/٢٦٢.
(٢) مختار الصحاح ١/٢٣١ ، القاموس المحيط ١/٦١٠ ، المصباح المنير ٢/٥١٧.
(٣) العين ٣/٥٢ ، المصباح المنير ١/١٤٣ ، لسان العرب ١/٣٢٤.
(٤) النهاية في غريب الحديث ٢/٩٧ ، لسان العرب ٤/٢٧٤.
(٥) الفائق ٤/١٩ ، لسان العرب ١/٧٦٥.
(٦) النهاية في غريب الحديث ٢/٥٠٤ ، وأنظر : العين ٦/٢٥١ ، القاموس المحيط ١/٥٣٩ ، لسان العرب ٤/٤٣٠.
(موصولة بنار الله الموقدة التي تطّلع على الأفئدة)
أي بسبب اغتصابها منها عليهاالسلام.
(فبعين الله ما تعملون)
أي بعلم الله عملكم أيّها الناكثون والغاصبون.
(وسوف يجازيكم عليه)
يوم القيامة (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَب يَنْقَلِبُونَ)(١) في يوم القيامة ، وزاد في نسخة الكشف : «وأنا بنت نذير لكم بين يدي عذاب شديد فاعملوا إنّا عاملون وانتظروا إنّا منتظرون».
تمّت هذه الوريقات في شرح الخطبة الشريفة العلية الشّأن يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر صفر المظفّر من سنة ألف والثلاثمائة والأربعة والعشرين من الهجرة النبوية على هاجرها ألف ألف تحية والحمد لله ظاهراً وباطناً أوّلاً وآخراً.
__________________
(١) سورة الشعراء ٢٦ : ٢٢٧.
المصادر
١ ـ القرآن الكريم.
٢ ـ الأحاديث المختارة : للمقدسي ، محمّد بن عبد الواحد ، تحقيق عبد الملك ابن عبد الله ، مكتبة النهضة الحديثة ، مكّة المكرمة ١٤١٠هـ.
٣ ـ أعلام الدين : للديلمي ، الحسن بن محمّد ، مؤسّسة آل البيت ، قم ١٤٠٨هـ.
٤ ـ أعلام النساء : لكحّالة ، عمر ، مؤسّسة الرسالة ، بيروت ١٤٠٤هـ.
٥ ـ الإحتجاج : للطبري ، أحمد بن عليّ ، نشر المرتضى ، مشهد ، ١٤٠٣هـ.
٦ ـ الإختصاص : للمفيد ، محمّد بن النعمان ، المؤتمر للشيخ المفيد ، رقم ١٤١٣هـ.
٧ ـ إرشاد القلوب : للديلمي ، الحسن بن محمّد ، دار الشريف الرضي ، ١٤١٢هـ.
٨ ـ إقبال الأعمال : لابن طاووس ، عليّ بن طاووس ، دار الكتب الإسلامية ، طهران ١٣٦٧هـ.
٩ ـ الأمالي : للصدوق ، أبو جعفر محمّد بن عليّ ، المكتبة الإسلامية ، قم ١٤٠٤هـ.
١٠ ـ الأمالي : للمفيد ، محمّد بن النعمان ، المؤتمر للشيخ المفيد ، ١٤١٣هـ.
١١ ـ الإمامة والسياسية : لابن قتيبة ، عبد الله بن مسلم ، تحقيق محمّد الزيني ، دار الأندلس ، النجف الأشرف.
١٢
ـ إيمان أبي
طالب :
لفخّار ، بن
معد الموسوي ،
دار سيّد
الشهداء للنشر
، قم ١٤١٠هـ. ١٣
ـ بحار
الأنوار :
للمجلسي ،
محمّد باقر ،
مؤسّسة
الوفاء ، بيروت
١٤٠٤هـ. ١٤
ـ البداية
والنهاية :
لابن كثير ،
إسماعيل بن
عمر ، مكتبة
المعارف ،
بيروت. ١٥
ـ بشارة
المصطفى :
للطبرسي ،
عماد الدين ،
المكتبة
الحيدرية ،
النجف الأشرف
١٣٨٣هـ. ١٦
ـ بصائر
الدرجات :
للصفّار ،
محمّد بن
الحسن ، مكتبة
آية الله مرعشي
، قم ١٤٠٤هـ. ١٧
ـ بلاغات
النساء :
لابن طيفور ،
أحمد بن أبي
طاهر ، دار
الشريف الرضي
، قم. ١٨
ـ البلد
الأمين :
للكفعمي ،
إبراهيم بن
عليّ طبع حجري. ١٩
ـ تاريخ
الطبري :
للطبري ،
محمّد بن جرير
، ط١ ، دار
الكتب العلمية
، بيروت ١٤٠٧هـ. ٢٠
ـ تاريخ
اليعقوبي :
لليعقوبي ،
أحمد بن أبي
يعقوب ، دار
صادر ، بيروت. ٢١
ـ تأويل
الآيات
الظاهرة :
للحسيني ، شرف
الدين. مؤسّسة
النشر
الإسلامي ، قم
١٤٠٩هـ. ٢٢
ـ تحف العقول :
للحرّاني ،
الحسن بن شعبة
، مؤسّسة
النشر الإسلامي
، ١٤هـ. ٢٣
ـ تذكرة
الخواصّ :
لسبط ابن
الجوزي ، يوسف
بن قزاوغلي ،
المطبعة
العلمية ،
النجف الشرف
١٣٦٩هـ. ٢٤
ـ تذكرة
الفقهاء :
للعلاّمة
الحلّي ، جمال
الدين الحسن
بن يوسف ،
المكتبة
المرتضوية.
٢٥
ـ التعاريف :
للمناوي ،
محمّد بن عبد
الرؤوف ،
تحقيق محمّد ،
دار الفكر ،
بيروت ١٤١٠هـ. ٢٦
ـ تفسير
البيضاوي :
للبيضاوي ،
تحقيق عبد
القادر عرفات
، دار الفكر ،
بيروت ١٤١٦هـ. ٢٧
ـ تفسير
الصافي :
للفيض
الكاشاني ،
محمّد بن
مرتضى ، طبع
حجري. ٢٨
ـ تفسير
العيّاشي :
للعيّاشي ،
المطبعة
العلمية ،
طهران ١٣٨٠هـ. ٢٩
ـ تفسير
القمّي :
للقمّي ، عليّ
بن إبراهيم ،
مؤسّسة دار
الكتاب ، قم
١٤٠٤هـ. ٣٠
ـ التفسير
المنسوب
للإمام الحسن
العسكري عليهالسلام
: مدرسة
الإمام
المهدي ، قم
١٤٠٩هـ. ٣١
ـ التمهيد :
لابن عبد
البرّ ، يوسف
بن عبد الله ،
تحقيق مصطفى
بن أحمد
العلوي
ومحمّد عبد
الكريم
البكري ،
وزارة
الأوقاف
والشؤون
الدينية
الإسلامية ،
المغرب ١٣٨٧هـ. ٣٢
ـ التوحيد :
للصدوق ، أبو
جعفر محمّد بن
علي ، مؤسّسة
النشر
الإسلامي ، قم
١٣٩٨هـ. ٣٣
ـ ثواب
الأعمال :
للصدوق ، أبو
جعفر محمّد بن
عليّ ، دار
الرضي للنشر ،
قم ١٤٠٦هـ. ٣٤
ـ جامع
الأخبار :
للشعيري ، تاج
الدين ، دار
الرضي للنشر ،
قم. ٣٥
ـ جواهر
الكلام :
للجواهري ،
محمّد حسن ،
دار الكتب
الإسلامية ،
طهران. ٣٦
ـ الخرائج
والجرائح :
لابن
الرواندي ،
قطب الدين ،
مؤسّسة
الإمام المهدي
، قم ١٤٠٩هـ. ٣٧
ـ خطباء
المنبر الحسيني
:
للمرجاني ،
حيدر ، مطبعة
دار النشر
والتأليف ،
النجف الأشرف
١٣٦٨هـ.
٣٨
ـ الخطط :
للمقريزي ،
تقيّ الدين ،
دار صادر ،
بيروت. ٣٩
ـ الدرّة
النجفية :
للبحراني ،
يوسف ، طبع
حجري ، مطبعة
سيّد مرتضى ،
١٣١٤هـ. ٤٠
ـ دلائل
الإمامة :
للطبري ،
محمّد بن جرير
، دار الذخائر
للمطبوعات ،
قم. ٤١
ـ ديوان
المتنبّي :
شرح عبد
الرحمن
البرقوقي ،
مطبعة
الاستقامة ،
مصر ١٣٥٧هـ. ٤٢
ـ الذريعة إلى
تصانيف
الشيعة :
لآقا بزرك ،
محمّد محسن
الطهراني ،
المكتبة الإسلامية
، قم ١٤٠٨هـ. ٤٣
ـ رجال السيّد
بحر العلوم :
لبحر العلوم ،
محمّد مهدي ،
تعليق السيّد
محمّد بحر
العلوم
والسيّد حسين
بحر العلوم ،
مطبعة الآداب
، النجف ١٣٨٥هـ. ٤٤
ـ روضة
الواعظين :
لابن الفتّال
، محمّد بن
الحسن. دار
الرضي ، رقم. ٤٥
ـ الزهد :
للأهوازي ،
حسن بن سعيد ،
نشر السيّد
أبو الفضل ،
١٤٠٥هـ. ٤٦
ـ سعد السعود :
لابن طاووس ،
عليّ بن طاووس
، دار الذخائر
، قم. ٤٧
ـ السفر
المطيّب :
للقسّام ، علي
، مطبعة
الآداب ،
النجف الأشرف
١٣٩٤هـ. ٤٨
ـ سنن ابن
ماجة :
لابن ماجة ،
محمّد بن يزيد
، تحقيق محمّد
فؤاد وعبد
الباقي ، دار
الفكر ، بيروت. ٤٩
ـ سنن أبي
داود :
لأبي داود ،
سليمان بن
الأشعث ، تحقيق
محمّد محي
الدين عبد
الحميد ، دار
الفكر. ٥٠
ـ سنن الترمذي
:
للترمذي ،
محمّد بن عيسى
، تحقيق أحمد
محمّد شاكر
وآخرون ، دار
إحياء التراث
العربي ، بيروت. ٥١
ـ السنن
الكبرى :
للبيهقي ،
أحمد بن
الحسين ،
تحقيق محمّد
عبد القادر ،
مكتبة دار
الباز ، مكّة
المكرّمة ١٤١٤هـ.
٥٢
ـ السيّد محسن
الأمين بقلمه
وأقلام آخرين
:
الأمين ، حسن.
دار العرفان ،
صيدا ١٣٧٦هـ. ٥٣
ـ السيّد هادي
الصائغ
العلاّمة
الزاهد :
لجواد عبد
الكاظم محسن ،
مؤسّسة
البلاغ ، بيروت. ٥٤
ـ سير أعلام
النبلاء :
للذهبي ، شمس
الدين محمّد
بن أحمد ،
مؤسّسة الرسالة
، بيروت ١٤٠٦هـ. ٥٥
ـ شرح معاني
الآثار :
للطحاوي ،
أحمد بن محمّد
، تحقيق محمّد
النجّار ، دار
الكتب
العلمية ،
بيروت ١٣٩٩هـ. ٥٦
ـ شرح نهج
البلاغة :
لابن أبي
الحديد ، عبد
الحميد
المعتزلي ،
مكتبة آية
الله مرعشي ،
رقم ١٤٠٤هـ. ٥٧
ـ شرح نهج
البلاغة :
للبحراني ،
ميثم بن عليّ
، المطبعة
الحيدرية ،
طهران ١٣٧٨هـ. ٥٨
ـ شعراء
الغريّ :
للخاقاني ،
علي ، المطبعة
الحيدرية ،
النجف الأشرف
١٣٧٤هـ. ٥٩
ـ صحيح ابن
حبّان :
لابن حبّان ،
محمّد بن
حبّان ، تحقيق
شعيب الأرنؤوط
، مؤسّسة
الرسالة ،
بيروت ١٤١٤هـ. ٦٠
ـ صحيح
البخاري :
للبخاري ،
محمّد بن
إسماعيل ،
تحقيق مصطفى
ديب البغا ،
دار ابن كثير
، بيروت ، ١٤٠٧هـ. ٦١
ـ صحيح مسلم :
لمسلم ، بن
الحجّاج
النيسابوري ،
تحقيق محمّد
فؤاد وعبد
الباقي ، دار
إحياء التراث
العربي ،
بيروت. ٦٢
ـ الطبقات
الكبرى :
لابن سعد ،
محمّد ، دار
صادر ، بيروت. ٦٣
ـ العدد
القوية :
لرضيّ الدين ،
الحلّي ،
مكتبة آية
الله مرعشي ،
قم ١٤٠٨هـ.
٦٤
ـ عدّة الداعي
: لابن
فهد الحلّي ،
أحمد ، دار
الكتاب
الإسلامي ، قم
١٤٠٧هـ. ٦٥
ـ علل الترمذي
:
للقاضي ، أبو
طالب ، تحقيق
صبحي
السامرائي وآخرون
، عالم الكتب
، بيروت ١٤٠٩هـ. ٦٦
ـ علل الشرائع
:
للصدوق ، أبو
جعفر محمّد بن
عليّ ، مكتبة
الداوري ، قم. ٦٧
ـ عوالي
اللئالي :
للأحسائي ،
ابن أبي جمهور
، دار سيّد
الشهداء ، قم
١٤٠٥هـ. ٦٨
ـ العين :
للفراهيدي ،
الخليل بن
أحمد ، تحقيق
مهدي المخزومي
وإبراهيم
السامرائي ،
دار مكتبة
الهلال. ٦٩
ـ عيون أخبار
الرضا :
للصدوق ، أبو
جعفر محمّد بن
عليّ ، دار
العالم للنشر
، ١٣٧٨هـ. ٧٠
ـ الغارات :
للثقفي ،
إبراهيم بن
محمّد ، دار
الكتاب ، قم ١٤١٠هـ. ٧١
ـ غريب الحديث
: لابن
الجوزي ، عبد
الرحمن بن
عليّ ، تحقيق
عبد المعطي
أمين ، دار
الكتب
العلمية ،
بيروت ١٩٨٥. ٧٢
ـ غريب الحديث
: لابن
قتيبة ، عبد
الله بن مسلم
، تحقيق عبد
الله الجبوري
، مطبعة
العاني ،
بغداد ١٣٩٧هـ. ٧٣
ـ فتح الباري :
لابن حجر ،
أحمد بن عليّ
العسقلاني ،
تحقيق محمّد
فؤاد الباقي
ومحبّ الدين
الخطيب ، دار
المعرفة ،
بيروت ١٣٧٩هـ. ٧٤
ـ الفرق بين
الفرق :
للبغدادي ،
أبو الفتح
محمّد بن عبد
الكريم ، دار
المعرفة ،
بيروت. ٧٥
ـ الفصول
المهمّة :
للحرّ
العاملي ،
محمّد بن
الحسن ،
المطبعة الحيدرية
، النجف
الأشرف ، ١٣٧٨. ٧٦
ـ فضائل
الصحابة :
لابن حنبل ،
أحمد ، تحقيق
وصيّ الله
محمّد ، مؤسّسة
الرسالة ،
بيروت ١٤٠١هـ.
٧٧
ـ فضائل
الصحابة :
للنسائي ،
أحمد بن شعيب
، دار الكتب
العلمية ،
بيروت ١٤٠٥هـ. ٧٨
ـ فقه الرضا :
للإمام الرضا
، عليّ بن
موسى ،
المؤتمر
للإمام الرضا
، ١٤٠٦هـ. ٧٩
ـ فقه القرآن :
لابن
الرواندي ،
قطب الدين ،
مكتبة آية
الله مرعشي ،
قم ١٤٠٥هـ. ٨٠
ـ القاموس
المحيط :
للفيروز
آبادي ، محمّد
بن يعقوب. د. ت. ٨١
ـ القرآن
الكريم. ٨٢
ـ قرب الإسناد
:
للحميري ، عبد
الله بن جعفر
، مكتبة نينوى
، طهران. ٨٣
ـ قصص
الأنبياء :
للجزائري ،
نعمة الله ،
مكتبة آية
الله مرعشي ،
قم ١٤٠٤هـ. ٨٤
ـ قصص
الأنبياء :
لابن
الرواندي ،
قطب الدين ،
مؤسّسة البحوث
الإسلامية ،
قم ١٤٠٩هـ. ٨٥
ـ الكافي :
للكليني ، أبو
جعفر محمّد بن
يعقوب ، دار
الكتب
الإسلامية ،
طهران ١٣٦٥هـ. ٨٦
ـ الكشّاف :
للزمخشري ،
أبو القاسم
جار الله
محمود ، دار الفكر
للطباعة
والنشر ١٩٧٧. ٨٧
ـ كشف الخفاء :
للعجلوني ،
إسماعيل بن
محمّد. تحقيق
أحمد القلاشي
، مؤسّسة
الرسالة ،
بيروت. ٨٨
ـ كشف الغمّة
، للإربلي :
عليّ بن عيسى.
مكتبة بني
هاشم ، تبريز
١٣٨١هـ. ٨٩
ـ كمال الدين :
للصدوق ، أبو
جعفر محمّد بن
عليّ ، دار
الكتب الإسلامية
، قم ١٣٩٥ هـ. ٩٠
ـ لسان العرب :
لابن منظور ،
محمّد بن مكرم
، دار صادر ،
بيروت. ٩١
ـ لسان
الميزان :
لابن حجر ،
أحمد بن علي
العسقلاني ،
تحقيق دائرة
المعارف
النظامية ،
مؤسّسة
الأعلمي للمطبوعات
، بيروت ١٤٠٦هـ.
٩٢
ـ ماضي النجف
وحاضرها :
لمحبوبة ،
جعفر ، مطبعة
النعمان ،
النجف الأشرف
١٣٧٦هـ. ٩٣
ـ مجمع
البحرين :
للطريحي ، فخر
الدين بن محمّد
، قم ١٣٨٥هـ. ٩٤
ـ مجمع البيان
في تفسير
القرآن :
للطبرسي ،
الفضل بن
الحسن ، تحقيق
هاشم الرسولي
، دار إحياء
التراث
العربي ،
بيروت ١٣٧٩هـ. ٩٥
ـ مجمع
الزوائد :
للهيثمي ،
عليّ بن أبي
بكر ، دار
الكتاب العربي
، بيروت ١٤٠٧هـ. ٩٦
ـ مجموعة
الفتلاوي
الخطّية :
الفتلاوي ،
كاظم ، مكتبته
الخاصّة. ٩٧
ـ مجموعة
ورّام :
لورّام ، ابن
أبي فراس ،
مكتبة الفقيه
، قم. ٩٨
ـ المحاسن :
للبرقي ، أحمد
بن محمّد ،
دار الكتب
الإسلامية ،
قم ١٣٧١هـ. ٩٩
ـ مختار
الصحاح :
للجوهري ،
محمّد بن أبي
بكر ، تحقيق
محمود خاطر ،
مكتبة لبنان
١٤١٥هـ. ١٠٠
ـ المسائل
العثمانية :
للمفيد ،
محمّد بن
النعمان ،
المؤتمر
للشيخ المفيد
، قم ١٤١٣هـ. ١٠١
ـ مستدرك
الوسائل :
للنوري ، حسين
، مؤسّسة آل
البيت ، قم ١٤٠٨هـ. ١٠٢
ـ مسكّن
الفؤاد :
للشهيد
الثاني ، زين
الدين بن علي
، مكتبة بصيري
، قم. ١٠٣
ـ مسند أبي
عوانة :
لأبي عوانة ،
يعقوب بن
إسحاق ، تحقيق
أيمن بن عارف
الدمشقي ،
بيروت ١٩٩٨. ١٠٤
ـ مسند أبي
يعلى :
لأبي يعلي ،
أحمد بن علي ،
دار المأمون
للتراث ،
تحقيق حسن
سليم ، دمشق
١٤٠٤هـ. ١٠٥
ـ مسند أحمد
بن حنبل :
لابن حنبل ،
أحمد ، مؤسّسة
قرطبة ، مصر. ١٠٦
ـ مسند الشهاب
: للقضاعي
، محمّد بن
سلامة ، تحقيق
حمدي بن عبد
المجيد ،
مؤسّسة
الرسالة ،
بيروت ١٤٠٧هـ.
١٠٧
ـ مشكاة
الأنوار :
للطبرسي ، علي
بن الحسن ،
المكتبة
الحيدرية ،
النجف الأشرف
١٣٨٥هـ. ١٠٨
ـ المصباح :
للكفعمي ،
إبراهيم بن
علي ، دار
الرضي ، قم ١٤٠٥هـ. ١٠٩
ـ مصباح
الشريعة :
للإمام
الصادق ، جعفر
بن محمّد ،
مؤسّسة الأعلمي
للمطبوعات ،
بيروت ١٤٠٠هـ. ١١٠
ـ المصباح
المنير :
للفيّومي ،
أحمد بن محمّد
، المكتبة
العلمية ،
بيروت. ١١١
ـ مصفى المقال
في مصنّفي علم
الرجال :
لآقا بزرك ،
محمّد محسن
الطهراني.
إيران ١٩٥٩. ١١٢
ـ مصنّف ابن
أبي شيبة :
لابن أبي شيبة
، أبو بكر عبد
الله محمّد ،
تحقيق كمال
يوسف ، مكتبة
الرشد ،
الرياض. ١١٣
ـ مصنّف عبد
الرزاق :
لعبد الرزّاق
بن همّام
الصنعاني ،
تحقيق حبيب
الرحمن
الأعظمي ،
المكتب
الإسلامي ،
بيروت. ١١٤
ـ معالم
الزلفى :
للبحراني ،
هاشم سليمان ،
طبع حجري ، طهران. ١١٥
ـ معاني
الأخبار :
للصدوق ، أبو
جعفر محمّد بن
عليّ ، مؤسّسة
النشر
الإسلامي ، قم
١٤٠٣هـ. ١١٦
ـ المعجم
الكبير :
الطبراني ،
سليمان بن
أحمد ، تحقيق
حمدي عبد الحميد
، مكتبة
العلوم
والحكمة ،
الموصل ١٤٠٤هـ. ١١٧
ـ معجم
المؤلّفين :
لكحّالة ، عمر
، مطبع الترقّي
، دمشق ١٣٧٦هـ. ١١٨
ـ المغني :
لعبد الجبّار
، أبو الحسن ،
المؤسّسة
المصرية
العامّة. ١١٩
ـ مفتاح
الفلاح :
للبهائي ، دار
الأضواء ،
بيروت ١٤٠٥هـ. ١٢٠
ـ المقام
الأسنى :
للكفعمي ،
إبراهيم بن
عليّ مؤسّسة
قائم آل محمّد
، ١٤١٢هـ. ١٢١
ـ المقنعة :
للمفيد ،
محمّد بن
النعمان ،
المؤتمر
للشيخ المفيد
، قم ١٤١٣هـ.
١٢٢
ـ مكارم
الأخلاق :
للطبرسي ،
الحسن بن
الفضل. دار
الشرف الرفيع
، قم ١٤١٢هـ. ١٢٣
ـ الملل
والنحل :
للشهرستاني ،
أبو الفتح
محمّد بن عبد
الكريم ، دار
المعرفة ،
بيروت. ١٢٤
ـ المناقب :
لابن شهراشوب
، محمّد ، مؤسّسة
العلاّمة
للنشر ، قم ١٣٧٩هـ. ١٢٥
ـ من لا يحضره
الفقيه :
للصدوق ، أبو
جعفر محمّد بن
عليّ ، مؤسّسة
النشر
الإسلامي ، قم
١٤٠٣هـ. ١٢٦
ـ ميزان
الاعتدال في
نقد الرجال :
الذهبي ، شمس
الدين محمّد
بن أحمد ،
تحقيق الشيخ
عليّ محمّد
معوّض ،
والشيخ عادل
أحمد ، دار الكتب
العلمية ،
بيروت ١٩٩٥. ١٢٧
ـ النصّ
والاجتهاد :
لشرف الدين ،
عبد الحسين ،
مؤسّسة
الأعلمي للمطبوعات
، بيروت ١٩٦٦. ١٢٨
ـ النوادر :
للراوندي ،
فضل الله ،
مؤسّسة دار
الكتاب ، قم. ١٢٩
ـ النهاية في
غريب الأثر :
لابن الأثير ،
أبو السعادات
المبارك بن
محمود ، تحقيق
أحمد الزاوي
ومحمود محمّد
، المكتبة
العلمية ،
بيروت ١٩٧٩م. ١٣٠
ـ مجلّة
الرسالة :
العدد (٥١٨) ،
السنة
الحادية عشر. ١٣١
ـ نيل الأوطار
:
للشوكاني ،
محمّد بن علي
، دار الجيل ،
بيروت ١٩٧٣. ١٣٢
ـ الوافي
بالوفيات :
للصفدي ، صلاح
الدين بن أبيك
، طبع ١٤٠١هـ. ق. ١٣٣
ـ وسائل
الشيعة :
للحرّ
العاملي ،
محمّد بن
الحسن ،
مؤسّسة آل البيت
، قم ١٤٠٩هـ. ١٣٤
ـ هداية
المسترشدين :
للصائغ ، هادي
حسين ، مطبعة
الجامعة ،
بغداد ١٩٤٩م.
من أنبـاء التـراث
هيئة التحرير
|
كتب صدرت محقّقة * الفوائد الطريفة. تأليف : العلاّمة المولى عبدالله الأفندي الأصفهاني (من أعلام القرن الحادي عشر). احتوى الكتاب على فوائد جمّة ، منها نحوية وأصولية ورجالية ، كما تناول المصنّف فيه تراجم العلماء وطرق رواياتهم وإجازاتهم ومشايخهم ، وتعريف كثير من الكتب العلمية ، وذكر بعض الفهارس لمؤلّفات العلماء ، كما تطرّق إلى تعريف بعض البقاع والأماكن ، وأكثر هذه الفوائد تتعلّق بالرجال والأسانيد ومعرفة التراجم والكتب والرسائل ومؤلّفيها ، هذا ويعدّ الكتاب مصدراً |
|
للباحثين ولمن أراد التتبّع في الرجال ومعرفة الكتب. تمّ تحقيق الكتاب على نسخة خطّية بخطّ المؤلّف وهي من مخطوطات مكتبة آية الله المرعشي النجفي قدسسره. تحقيق : السيّد مهدي الرجائي. الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ٧٢٨. نشر : مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي قدسسره ـ قم ـ إيران. * وفيات الأعلام. تأليف : آية الله السيّد حسن الصدر (ت ١٣٥٤ هـ). اعتنى المصنّف بذكر مشاهير أعلام علماء الإمامية ، وقد رتّب ذلك على طبقاتهم بدءاً من القرن الأوّل الهجري |
|
حتّى القرن الرابع عشر ، ولكن ما وصل إلينا من كتابه هو أربع طبقات من تواريخ طبقات العلماء الأعلام ، ويعدّ هذا الكتاب من كتب تراجم علماء الشيعة ، حيث ذكر فيه أسماء الأعلام ووفياتهم وأنسابهم وكناهم وألقابهم وبلدانهم من حيث الطبقات ، معتمداً في كلّ ذلك أمّهات المصادر من كتب التراجم والطبقات والأنساب والبلدان واللغة ، هذا وقد اشتمل الكتاب على مقدّمة ودراسة في حياة المصنّف رحمهالله ونبوغه العلمي ومنهجية التحقيق. تحقيق : ثامر كاظم الخفاجي. الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ٥٤٤. نشر : منشورات فرصاد ـ طهران ـ إيران / ١٤٢٩ هـ. * الكوفة. تضمّن الكتاب لرسالتين الأولى : فضل الكوفة وفضل أهلها. تأليف : محمّد بن عليّ بن الحسن العلوي الحسني الكوفي المعروف بـ : |
|
(مسند الكوفة) من أعلام القرن الرابع. والثانية : فضل الكوفة ومساجدها. تأليف : محمّد بن جعفر المشهدي الحائري من أعلام القرن السادس الهجري. كما تضمّن الكتاب بحوثاً أخرى في تراث الكوفة ، وقد زوّد الكتاب بصور تاريخية عن المساجد والمشاهد والآثار التاريخية لها. تحقيق : محمّد سعيد الطريحي. الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ٢٥٦. نشر : المجمع العلمي الفاطمي ـ هولندا / ١٤٣١ هـ. * الأنوار في نسب آل النبيّ المختار(صلى الله عليه وآله). تأليف : أبي عبدالله محمّد بن محمّد الجزّي الغرناطي (ت ٧٥٨ هـ). كتاب في الأنساب يبحث في انتقال النور النبوي من أبينا آدم حتّى مبلغه إلى صلب عبد المطّلب جدِّ النبيّ الأعظم (صلى الله عليه وآله) ومن ثَمَّ إلى ابنه عبدالله حتّى يوم ظهور |
|
النور الأبلج والسناء الأبهج وهو سيّدنا ونبيّنا وحبيب قلوبنا محمّد بن عبدالله(صلى الله عليه وآله) صاحب الرسالة الأبدية والدعوة المحمّدية ، ثمّ ذكر نبذاً مختصرة عن تاريخ الدعوة والخلافة بعد النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، ومن ثمّ ذكر تفرّع الشجرة النبوية من أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب عليهالسلام زوج البتول الصدّيقة فاطمة الزهراء عليهاالسلام ، فقد ذكر أعقاب السبطين الحسن والحسين عليهماالسلام وأعقاب الأئمّة الأطهار عليهم أفضل الصلاة والسلام ، هذا ويعدّ المصنّف من أعلام القرنين السابع والثامن الهجري وقد ذكرت حياته في مقدّمة الكتاب. تحقيق : السيّد مهدي الرجائي. الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ١٢٠. نشر : مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي قدسسره ـ قم ـ إيران/١٤٣١هـ. * ناسخ القرآن ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه. تأليف : سعد بن عبدالله الأشعري |
|
القمّي (ت ٣٠١ هـ). يعدّ الكتاب من الكتب التي صنّفت في علوم القرآن الكريم في القرن الثالث الهجري ، وهو يعدّ من أقدم الكتب التي وصلت إلينا في هذا المجال ، قصد فيه المصنّف تبويب مختلف علوم القرآن ، وقد تضمّن الكتاب مباحث مثل المحكم والمتشابه ، الناسخ والمنسوخ ، العامّ والخاصّ ، التأويل والتنزيل. تحقيق : عامر الشوهاني. الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ٤٣٩. نشر : منشورات مكتبة العلاّمة المجلسي ـ قم ـ إيران / ١٤٣٢ هـ. * التبيان في تفسير القرآن ج(١ ـ ٧). تأليف : شيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (ت ٤٦٠ هـ). يعدّ كتاب التبيان في تفسير القرآن لشيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي من أوائل كتب الإمامية في تفسير القرآن الكريم في عصر الغيبة |
|
الكبرى ، حيث جمع فيه المصنّف أنواع علوم القرآن ، وقد أجمع العلماء على عظم شأن هذا الأثر النفيس حيث كان عليه المعوّل. هذا وقد قال المصنّف في مقدّمة كتابه : «وسمعت جماعة من أصحابنا قديماً وحديثاً يرغبون في كتاب مقتصد يجتمع على جميع فنون علم القرآن ، من القراءة والمعاني والإعراب والكلام على المتشابه والجواب عن مطاعن الملحدين فيه ، وأنواع المبطلين كالمجبّرة والمشبّهة والمجسّمة وغيرهم ، وذكر ما يختصّ أصحابنا به من الاستدلال بمواضع كثيرة منه على صحّة مذاهبهم في أصول الديانات وفروعها». وقد اعتنت مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بتنقيح الكتاب وتحقيقه ، وقد طبع منه حتّى الآن سبعة أجزاء ، حيث تمّ الجزء السابع منه بآية ١٢٣ من سورة هود ، وقد اشتمل الجزء الأوّل من هذه الدورة على حياة شيخ الطائفة ودراسة موسّعة في تاريخ القرآن وعلومه. |
|
علماً بأنّ مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام قد قامت بتحقيقه معتمدة على العديد من النسخ الخطّية النفيسة وقد صدر منه الجزء الأوّل والثاني وسوف تتلوها بقية الأجزاء. تحقيق : مؤسّسة النشر الإسلامي. الحجم : وزيري. عدد الصفحات : حدود ٥٥٠ لكلّ جزء. نشر : مؤسّسة النشر الإسلامي لجامعة المدرّسين ـ قم ـ إيران / ١٤١٣ هـ ـ ١٤٢٩هـ. * نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين. تأليف : آية الله السيّد حسن الصدر (ت ١٣٥٤ هـ). رسالة في تاريخ عمارة المشهدين الشريفين العلوي والحسيني ، تطرّق فيها المصنّف رحمهالله إلى ذكر أوّل من عمّرهما ومن جدّد تعميرهما وتواريخ التعمير والتجديد وأسماء المعمّرين والمجدّدين وأوّل من سكن الحائر من الفاطميّين ، |
|
وتعدّ الرسالة من الرسائل المؤلّفة في أنساب السادة العلويّين ، حيث تناول المصنّف رحمهالله أنساب السادة العلويّين القاطنين في كربلاء وحقّقها تحقيقاً شافياً ، هذا وقد ألحقت بها رسالة أخرى للمصنّف رحمهالله بعنوان : (تحيّة أهل القبور بالمأثور) قال فيها : «خاتمة شريفة في الإشارة إلى مواضع قبور جماعة من أولاد الأئمّة وجماعة من قبور العلماء الأجلاّء الذين يستحبّ زيارتهم»؛ وذكر ذلك في فصلين : الفصل الأوّل في : مواضع قبور بعض بني هاشم الشهداء وبعض أولاد الأئمّة المحترمين ، الفصل الثاني في : مواضع قبور بعض العلماء الأجلّة. وقد اعتمد في تحقيقه على نسخة مطبوعة في لكنهو. تحقيق : السيّد مهدي الرجائي. عدد الصفحات : ١١٢. نشر : مكتبة سماحة آية الله العظمى المرعشي النجفي ـ قم ـ إيران / ١٤٣١ هـ. * مقتل الحسين. تأليف : السيّد عبد الرزّاق المقرّم |
|
(ت ١٣٩١ هـ). يعدّ هذا الكتاب من الكتب المعتمدة لدى أهل العلم وخاصّة روّاد المنبر الحسيني ، حيث دوّن المصنّف فيه تاريخ نهضة الإمام الحسين عليهالسلام معتمداً فيه كتب التاريخ والكتب الروائية من الفريقين ، كما ناقش فيه الأحداث والقصص التي وقع فيها الخلاف بمنهج تحقيقي حيث بيّن فيه آراءه. امتازت هذه الطبعة بمزيد من التصحيح والتنقيح والتخريجات المعتمدة على كتب الفريقين. اشتمل الكتاب على ترجمة المؤلّف وثمانيه فصول في : نهضة الحسين عليهالسلام ، حديث كربلاء ، الخروج من المدينة ، محاولات لصرفه عن السفر ، يوم عاشوراء ، شهادة أهل البيت عليهمالسلام ، حوادث بعد الشهادة ، المراثي. تحقيق : مهدي الأنصاري. الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ٤٩٣. نشر : مؤسّسة الشهيد الأنصاري القمّي لإحياء التراث ـ قم ـ إيران / ١٤٢٩ هـ. |
|
* الإجازات لجمع من الأعلام والفقهاء والمحدّثين. لقد اهتمّ الرواة والمحدّثون منذ عهد الأئمّة الأطهار بحفظ الأحاديث والروايات مسندةً جيلا بعد جيل ، فيستودعونها إلى الثقات منهم ، وقد امتاز علماء الشيعة ومنذ عصر الغيبة بحفظ هذه الآثار ودراستها ومعرفة الغثّ من السّمين منها ، كما عرفوا بأمانتهم العلمية وعلوِّ هممهم وصدقهم فيما يروونه ، والغاية من الدقّة في ذلك رعايةً وصوناً لأصول المذهب والتمسّك بشريعة الثقلين القرآن والعترة الطاهرة عليهمالسلام ، وهذا الكتاب هو عبارة عن مجموعة من الإجازات الصادرة عن جمع من العلماء الأعلام والفقهاء والمحدّثين رحمهمالله في رواية الحديث يستفيد منها ذوي الاختصاص لمعرفة طرق رجال السند والمرويّ عنهم ، فقد وردت فيه صورة الإجازة الخطّية وترجمة المجيز والتي يتبيّن من خلالها مقامه العلمي المعوّل عليه. تحقيق : السيّد مهدي الرجائي. الحجم : وزيري. |
|
عدد الصفحات : ٣٦٦. نشر : الخزانة العالمية للمخطوطات الإسلامية ـ قم ـ إيران / ١٤٢٩هـ. * رياض المحدّثين. تأليف : الشيخ محمّد علي بن الحسين الكچوئي القمّي (ت١٣٣٥هـ). يعدّ كتاب رياض المحدّثين ببلوغرافياً أعلام قم منذ القرن الثاني للهجرة وإلى القرن الثالث عشر ، حيث قام المؤلّف بتدوين فهرس بأسماء مجموعة كبيرة من المحدّثين والفقهاء والرّواة والعلماء وغيرهم ممّن وردت أسماؤهم في ثنايا مخطوطات كتب الحديث والتاريخ والرجال والفقه ، وألحق بكلّ واحد منهم ترجمة ضافية عن حياته. هذا ويحتوي الكتاب على ترجمة ما يقارب من سبعمائة عَلَم من أعلام قم ـ وإن كان العدد أقلّ من ذلك من جهة تداخل أسماء بعض الأعلام ـ وتجد في ذيل اسم كلّ علم من الأعلام ترجمة لحياته ، والمصادر التي استقى منها المصنّف تعدّ من أمّهات المصادر ، حيث |
|
استفاد من الكتب الأربعة الحديثيّة ـ التهذيب ، والاستبصار ، والفقيه ، والكافي ـ والكتب الرجالية الأربعة ـ رجال الشيخ وفهرسته ، ورجال النجاشي ، ورجال العلاّمة ـ هذا فضلا عن مصادر رجالية وتاريخية وروائية أخرى مثل : تاريخ قم ، ورجال الأسترآبادي ، ورجال البرقي ، ورجال ابن داود ، ومعالم العلماء لابن شهرآشوب ، ورجال ابن الغضائري ، وكتب السيّد ابن طاووس ، وأمل الآمل للحرّ العاملي ، ورياض العلماء ، وروضات الجنّات ، ومصادر أخرى كثيرة من المتقدّمين والمتوسّطين والمتأخّرين. ويظهر من خلال التراجم أنّ الكتاب يحتوي على معلومات أخرى مفيدة غير ما ذكر مثل التاريخ والجغرافيا والخطط والأنساب. اعتمد في تحقيق الكتاب على نسخة خطّية فريدة عُثر عليها في مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي قدسسره. تحقيق : محمّد رضا الأنصاري القمّي. |
|
الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ٨٦٣. نشر : مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي ـ قم ـ إيران. * ماهو نهج البلاغة. تأليف : السيّد هبة الدين الحسيني الشهرستاني (ت ١٣٨٦ هـ). رسالة تدخل في عداد الكتب والرسائل التي أُلّفت للدفاع عن كتاب نهج البلاغة وإثبات كون الخطب والكلمات التي جمعها الشريف الرضي هي كلّها لمولى الموحّدين وسيّد المتّقين أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب عليهالسلام ، تناول المؤلّف الخطبة الشقشقية وخاض من خلالها غمار البحث دفاعاً عن نهج البلاغة. اشتمل الكتاب على ترجمة لحياة المؤلّف تبيّن جلالته ومنزلته العلمية ، وصورة من المخطوطة ، كما اشتمل على : مقدّمة المؤلّف ، مؤلّف نهج البلاغة وغرضه الشريف ، سرّ الشكّ في نهج البلاغة ، صحّة اسناد الشقشقية ، |
|
الشقشقية كما في نهج البلاغة ، الشقشقية كما في نسخة الآبي ، الشقشقية كما في إرشاد المفيد ، شقشقية البرقي عن كتاب علل الشرائع ، شقشقية الجلودي عن كتاب معاني الأخبار ، الناقلون للخطبة الشقشقية قبل الرضي ، الدفاع عن الشقشقية ، الجامعون لخطب الإمام قبل الرضي ، مصادر قديمة لما في نهج البلاغة ، هل في النهج دخيل؟ دفع الشبهات عن نهج البلاغة. تحقيق : السيّد عبد الستّار الحسني. الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ١١٩. نشر : العتبة العلوية المقدّسة ـ النجف الأشرف ـ العراق / ١٤٣١ هـ. * حياة الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام ج(١ ـ ٢). تأليف : باقر شريف القرشي. تناول الكتاب حياة الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام ، كما أعطى صوراً مشرقة من حياته وما أُثر عنه من حكم وآداب سواءً كانت في ميادين السلوك والأخلاق أم في |
|
غيرها ، وأعطى صورة موجزة لبعض مُثله ومعارفه وتراثه ، كما ذكر كوكبة من أصحابه ورواة حديثه وأبنائه مع التطرّق إلى شيء من تراجمهم ، وتناول دراسة عن العصر العبّاسي الأوّل وما مرّ فيه من الأزمات الفكريّة والأحداث الخطيرة ، كما تعرّض إلى الأسباب التي أدّت إلى انهيار الدولة الأموية ، وبحث عن أعمال ملوك بني العبّاس المعاصرين له عليهالسلام ، وما نشروه من الظلم والاضطهاد تجاه العلويّين. تحقيق : مهدي باقر القرشي. عدد الصفحات : ج١ : ٥٢٧ ، ج٢ : ٥٧٣. نشر : العتبة الكاظمية ـ الكاظمين ـ العراق / ١٤٣١ هـ. * الظليمة. تأليف : الشيخ موسى الأردبيلي النجفي (ت ١٣٥٤ هـ). تطرّق المؤلّف إلى الفترة التاريخية المظلمة والمؤلمة بعد رحيل سيّد الكائنات الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) حيث |
|
استفحلت شوكة النفاق ولاحت بوادر الارتداد ممّا أدّى إلى ظلم بيت النبوّة بإقصاء أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام عن منصب الخلافة وبغصب فدك من سيّدة نساء العالمين ، فغار غمار البحث عن نصرة الحقّ تنقيباً وتحليلا. اشتمل الكتاب على مقدّمة وثلاثة فصول في : ينابيع المناقب ... آل أبي طالب ، بؤر النفاق، الظليمة فدك ثاني رواشح السقيفة. تحقيق : الشيخ طاهر السلامي. الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ٤٨٠. نشر : فرصاد ـ قم ـ إيران / ١٤٣٢ هـ. * نهج البلاغة. إعداد : الشريف الرضي رحمهالله (ت ٤٠٦هـ). تناول المحقّق كتاب نهج البلاغة شرحاً وتوضيحاً لمبهم مفرداته مقتصراً في ذلك على الاختصار ، كما ذكر المصادر المعتمدة في أخذ خطبه وكتبه وقصار حكمه عليهالسلام منها مراعياً في ذلك |
|
التسلسل الزمني ، كما عالج بعض الشبهات المثارة حول بعض النصوص الواردة. اعتمد في تحقيق الكتاب على أربعة نسخ ذكرها في مقدّمة التحقيق. تحقيق : السيّد هاشم الميلاني. الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ٥٩٢. نشر : العتبة العلوية المقدّسة ـ النجف الأشرف ـ العراق / ١٤٣١ هـ. كتب صدرت حديثاً * بركات وآثار الصلاة على النبيّ وآله الأطهار. تأليف : علي الإبراهيمي. لا يخفى أنّ للأذكار والصلوات آثار عظيمة في بناء شخصية الإنسان وهدايته إلى الله ، وذلك في مضمار عبادته والانقطاع إليه عزّ وجلّ ، هذا وإنّ الصلاة على محمّد وآل محمّد من أفضل الأذكار التي وُضِعت بين يدي الخلق لأجل الوصول إلى الكمال والأهداف السامية ، |
|
وإنّها دواء لكلّ داء ، فقد جمع المؤلّف في كتابه هذا أكثر الروايات والأحاديث الواردة في فضل ومنزلة النبيّ وأهل بيته الطاهرين وثواب الصلاة عليهم ، كما ذكر خمسين قصّة تقريباً لأشخاص لمسوا آثار وبركات هذا الذكر العظيم. الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ١٦٠. نشر : دار الأنصار ـ قم ـ إيران / ١٤٢٧هـ. * إجازات آية الله العظمى سيّد أبو الحسن الإصفهاني قدسسره (ت ١٣٦٥ هـ). إعداد : مهدي باقري سياني. جمع الكتاب بين دفّتيه إجازات سماحة آية الله العظمى السيّد أبو الحسن الإصفهاني رحمهالله زعيم الحوزة الشيعية في عصره ، حيث تعدّ هذه الإجازات التراث الخالد لعلماء وزعماء المدرسة الإمامية ، وهي تحكي شيئاً من تاريخهم الذي كرّس من أجل خدمة مذهب أهل البيت عليهمالسلام ، وتنقسم هذه الإجازات إلى ثلاثة أقسام وهي : إجازة رواية الحديث ، |
|
وإجازة الاجتهاد ، وإجازة الأمور الحسبية ، يعلمها ذوو الاختصاص وقد بيّنت في مقدّمة الكتاب ، وقد ضمّ الكتاب شطراً آخراً من الإجازات تحت عنوان : إجازات متفرّقة. طبع الكتاب باللغة الفارسية وقد اشتمل على مقدّمة فيها حياة آية الله العظمى أبو الحسن الأصفهاني رحمهالله وإجازات باللغتين الفارسية والعربية. الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ٤٠٧. نشر : كانون پژوهش ـ إصفهان ـ إيران / ١٤٣٠ هـ. * تفسير البيّنات ج(١). تأليف : محمود الملكي الأصفهاني. يعدّ هذا الكتاب من الكتب التمهيدية المبسّطة لمعرفة معاني آيات كتاب الله وتفسيرها للمتعلّمين المبتدئين وسالكي مراقي علوم القرآن ، فقد عكف المؤلّف همّته على توضيح مفرداته وشرح آياته وبسط مكنوناته العلمية والأدبية مراعياً في ذلك كلّه الإيجاز والاختصار ومعتمداً |
|
على كتب تفسير القرآن الكريم ، وقد ميّزت الآيات المفسّرة باللون الأحمر ، كما امتاز الكتاب بإرجاع الآيات الضمنية في الهامش إلى سورها وتخريج الروايات من مصادرها المعتمد عليها في التفسير. اشتمل الكتاب على تفسير سورة الفاتحة وسورة البقرة. الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ٣١٦. نشر : دار العلم ـ قم ـ إيران / ١٤٣١هـ. * فاطمة بنت أسد. تأليف : عبدالهادي چيوان. تناول المؤلّف حياة أمّ النبوّة والإمامة وكنف دعائم الدين وحملة رسالته فاطمة بنت أسد ، وعرض سيرتها ومواقفها المشرّفة في تضحياتها دون رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، ولا سيّما ما خصّها الله من كرامة ولادتها جوف الكعبة بعد انشقاق جدارها ، وما حباها الرسول الأعظم من تبجيل وتقدير يحكي عن عظم منزلتها عند الله تبارك وتعالى ، وقد اعتنى المؤلّف بإرجاع ما اعتمده من كتب |
|
الفريقين إلى مصادرها. اشتمل الكتاب على خمسة أقسام في : الشخصية ، الموقع ، الذرّية ، الحمل ووليد الكعبة ، وفاة فاطمة بنت أسد. الحجم : رقعي. عدد الصفحات : ١١٢. نشر : مؤسّسة السبطين العالمية ـ قم ـ إيران / ١٤٣٠ هـ. * جمع القرآن. تأليف : الشيخ عبدالرسول الغفاري. يعتبر هذا الكتاب من الكتب التي أعدّها المؤلّف في الدراسات القرآنية ، إذ تناول بحث جمع القرآن ، وعلى يد من جمع أوّلا؟ وهو من البحوث المهمّة في تاريخ دراسة القرآن وعلومه حيث يكشف عن حقيقة جمع القرآن على يد أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، ودعوته عليهالسلام الأمّة إلى العمل به كونه عليهالسلام أخذه من رسول الله(صلى الله عليه وآله) شرحاً وتفصيلا ، تنزيلا وتأويلا ، كما يكشف نوايا الاختلافات التي حدثت في الأمّة بعد رحيل الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله). |
|
اشتمل الكتاب على مقدّمة وثلاثة فصول حوت على مواضيع منها : ما المراد بجمع القرآن ، الجمع زمن النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، النبيّ(صلى الله عليه وآله) يأمر بكتابة المصحف ، أوّل من جمع القرآن ، هل عثمان جمع القرآن؟ صنيع عثمان وأهل الأمصار ، كيف حصل الاختلاف في القراءات وسعة الاختلاف في القراءات ، ما جاء في حذيفة بن اليمان من مدح وثناء ، المدخل إلى الاختلاف بين القراءات ، الاختلاف بين القرّاء ، ملحق في الخلفاء الإثني عشر والتصريح بأسمائهم والنصّ على إمامتهم. الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ١٢٧. نشر : مؤسّسة أنصاريّان ـ قم ـ إيران / ١٤٣١ هـ. * المقبولة الحسينية. تأليف : الشيخ هادي كاشف الغطاء (ت ١٣٦١ هـ). كتاب أدبي في واقعة الطفّ وقضية الحسين المؤلمة التي لا زالت تهتّز لها |
|
العواطف وتتصدّع لها الضمائر. نظم المؤلّف واقعة الطف ووقف على أهمّ مجرياتها ووقائعها بأسلوب عذب وأدب رائق يكلّ عن وصفه البيان ، وأبيات سلسة واضحة خالية عن التعقيد سمّاها بالمقبولة لقصّة ذكرت في مقدّمة الكتاب أدرك فيها المؤلّف قبولها من أبي عبدالله الحسين عليهالسلام ، وقد زوّد الكتاب بفوائد في : تحديد الحائر ، الاستشفاء بالتربة ، زيارته عليهالسلام من البلاد البعيد ، زيارة النيابة والتجهيز للزيارة ، بعض آداب الزائر ، أوجز الأنباء عن مقتل سيّد الشهداء ، مدفن الرأس الشريف. صحّحه وعلّق عليه : السيّد محمّد السيّد حسين المعلم. الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ١٣٦. نشر : المكتبة الحيدرية ـ قم ـ إيران / ١٤٣١ هـ. * مدخل إلى تاريخ التشيّع في تونس. تأليف : عبد الحفيظ البناني. |
|
كتاب من سلسلة الرحلة إلى الثقلين ، يعدّ مؤلّفه من المستبصرين المعتنقين لمذهب أهل البيت عليهمالسلام من بلاد المغرب العربي ، تناول فيه شطراً من تاريخ التشيّع المفقود لشمال أفريقية ، بيّن فيه مدى ظلامة مذهب أهل البيت عليهمالسلام ، كما قدّم عرضاً مختصراً عن نشأة التشيّع وتاريخه وفرقه وأئمّة مذهبه. اشتمل الكتاب على مقدّمة وقسمين : الأوّل يبحث في ماهية التشيّع من خلال فصول ثلاثة : المعنى اللغوي والاصطلاحي ، النشأة والولادة ، أهمّ فرق الشيعة ومعتقداتهم ، والثاني يتناول تاريخ التشيّع في أفريقية من خلال فصول ثلاثة : لمحة عن إفريقية (أو تونس) ، صفحات من تاريخ التشيّع في إفريقية ، التشيّع الحديث في تونس. والخاتمة تتضمّن تلخيصاً لموضوعات البحث مع أهمّ الاستنتاجات. الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ٢٦١. نشر : مركز الأبحاث العقائدية ـ قم ـ |
|
إيران / ١٤٣٢ هـ. * في ظلال الغدير. تأليف : السيّد جمال الدين صالح. كتاب من سلسلة الرحلة إلى الثقلين ، اعتنى فيه المؤلّف بخبر الغدير التاريخي حيث نصب فيه الرسول الأمين(صلى الله عليه وآله)عليّاً عليهالسلام أميراً للمؤمنين وخليفة من بعده على المسلمين ، وذلك نصرةً منه للحقّ وتمسّكاً بحبل الله وعروته التي لا انفصام لها. اشتمل الكتاب على مقدّمة وديباجة وستّة فصول في : واقعة الغدير ، تواتر حديث الغدير ، مصادر علماء السنّة التي أبدت تأييدها ، بعض من صرّح من المؤرّخين ، في ظلّ تداعيات الغدير ، فلسفة حديث الغدير كما استقيت من المصادر ، في انتظار الزمن الذي لم يأت بعد ، رواة حديث الغدير من الصحابة ، وخاتمة في مشكلة الغدير المعاصرة. الحجم : رقعي. عدد الصفحات : ٩٥. نشر : مركز الأبحاث العقائدية |
|
النجف الأشرف ـ العراق / ١٤٣٢ هـ. * الإمامة والأئمّة. تأليف : العلاّمة الشيخ إبراهيم الأميني ـ. لقد عرّفنا كتاباً للعلاّمة الأميني تحت عنوان دراسة عامّة في الإمامة يؤكّد فيه كون الإمامة أصلا من أصول الدين معتمداً على المعرفة العقلية عند الشيعة الإمامية مثبتاً ذلك من الكتاب والسنّة ، ولمّا دار البحث هناك عن الإمامة جاء هذا الكتاب يحذو حذو سابقه في معرفة الإمامة والأئمّة ، حيث عدّت معرفة الإمام واجباً دينيّاً ، واتّفق المسلمون أجمعهم على ما نقلته الرواة وسطّرته الكتب المعتمدة لديهم عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) : «من مات بغير إمام مات ميتةً جاهلية ، ومن مات ولم يعرف إمامه مات ميتة جاهلية». اشتمل الكتاب على أربعة أقسام في : تعريف الإمامة ومزايا الإمام ، أهل البيت عليهمالسلام في القرآن والأحاديث ، التعريف بالأئمّة وأدلّة الإمامة ، النصوص |
|
على إمامة كلّ منهم وبيان جانب من فضائلهم ومكارم أخلاقهم وعلومهم وعبادتهم وسيرتهم عليهمالسلام. ترجمه من الفارسية إلى العربية : كمال السيّد. الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ٤١٦. نشر : مؤسّسة أنصاريان ـ قم ـ إيران / ١٤٣١هـ. * البحث الدلالي عند السيّد محمّد باقر الحكيم. تأليف : أحمد جاسم ثاني الركابي. رسالة ماجستير قام المؤلّف فيها بدراسة منهجية آية الله الشهيد السيّد محمّد باقر الحكيم في بحوثه القرآنية حيث بحث فيها عن الدلالة القرآنية ، في آثار السيّد الحكيم رحمهالله وعدّه من المفسّرين الذين عنوا بدراسة لغة القرآن وإبراز دلالته وبلاغته العاليتين ، حيث قام رحمهاللهبتفسير عدّة سور من القرآن وألّف عدّة دراسات قرآنية ، هذا وقد استعرض الباحث حياته رحمهالله وأسرته العلمية ومقامه العلمي. |
|
اشتمل الكتاب على مقدّمتين وتمهيد في الفكر القرآني للسيّد محمّد باقر الحكيم؛ وأربعة فصول في : الدلالة التركيبية ، الدلالة البلاغية ، الدلالة المعجمية ، الدلالة السياقية ، الخاتمة ونتائج البحث. الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ٣٤٠. نشر : مؤسسّة تراث الشهيد الحكيم ـ النجف الأشرف ـ العراق / ١٤٣٢ هـ. * العقيدة المهدوية. تأليف : السيّد أحمد الإشكوري. تناول المؤلّف عقيدة غيبة الإمام المنتظر(عج) وبحثها بحثاً عقائديّاً يكشف عن السرّ والتخطيط الإلهيّين لحمل أعباء رسالة السماء وحفظها وتحقيق الوعد الإلهي بإظهار دينه على الدين كلّه ، كما عالج الشبهات والإنحرافات الفكرية التي دارت حول عقيدة الظهور والوقف على بعض مناشئها. هذا وقد أسّس البحث على قسمين الأوّل : تأسيس الأصل وتحكيمه في |
|
عصرنا ، والثاني : النظر في المفردات على صعيد التصوّر والتصديق. وقد اشتمل القسم الثاني على عشرة فصول في : مقام الإمام المهدي(عج) ، آلية معرفة المنظومة المهدوية ، رؤية الإمام الغائب بين الصدق والدجل ، للمهدي حيرة وغيبة ، الثقافة المهدوية بين المبالغة والاستخفاف ، علائم الظهور ، المنقذ العالمي في الأديان ، أسرار الانتظار ، أزمة الفكر غير الشيعي في المنظومة المهدوية ، اعتماد الموازين في العقيدة المهدوية. الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ٢١٥. نشر : انتشارات ايده گستر ـ قم ـ إيران / ١٤٣١ هـ. * شاهد العصور. تأليف : جابر جاسم الناصري. تناول المؤلّف بحثاً في العقيدة المهدوية يبيّن من خلاله التخطيط الإلهي لهداية البشر في قبال المكائد والانحرافات والفلسفات المادّية المغرية ، |
|
ويدعو في كتابه المؤمنين بالالتفاف حول المرجعية الدينية التي تعدّ هي المؤشّر الوحيد لمنهج الإمامة والصيانة من المهاوي والانزلاقات. جاء الكتاب بأسلوب روائي أدبي فيما يتعلّق بسرد سيرة الإمام المهدي(عج) ، وقد أورد فيه الأحاديث المتّفق عليها من الفريقين والتي لا تتضارب مع القرآن والعقل والمصحّحة من قبل العلماء المختصّين بعلم الحديث. اشتمل الكتاب على مدخل وتسعة فصول في : زواج لم يتمّ ، أميرة في سوق النخّاسين ، وأخيراً كان اللقاء ، ولادة المؤمّل ، توجيه وتبليغ ، الشهادة بلسم الشهداء ، يهوذا العربي ، لقاءات ، أربع سفراء (الإعلان الأخير) وفيه ، أوّلا : المدوّنة الكاملة للفقه الشيعي ؛ ثانياً : التقليد والاجتهاد ؛ ثالثاً : استقلالية المرجعية والحوزة. الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ١٩٧. نشر : تحسين ـ النجف الأشرف ـ العراق / ١٤٣١ هـ. |
|
* الإمام المهدي(عج) والظواهر القرآنية. تأليف : الشيخ محمّد السند. استعرض المؤلّف دراسة قرآنية للحركة الإصلاحية العالمية للإمام المهدي المنتظر(عج) ، حيث تُعدّ حركته ضمن المنهج الإلهي امتداداً لحركة الأنبياء ورسالاتهم الإصلاحية لهداية البشر عبر التاريخ وعلى مرّ القرون ، فجاءت هذه الدراسة مُستمدّةً من ظواهر القرآن لتكون الأجوبة عن التساؤلات الدائرة حول غيبة الإمام المهدي(عج) شافية كلّما ازدادت تقارناً للأمثال والقصص القرآنية المستعرضة لحال الأنبياء والأولياء المصطفين السابقين. اشتمل الكتاب على مقدّمتين للمركز وللمؤلّف والتمهيد وسبع ظواهر في : الإمام المهدي(عج) ، الإمام المهدي والنبيّ يوسف ، الإمام المهدي والخضر ، الإمام المهدي وأصحاب الكهف ، الإمام المهدي وذو القرنين ، الإمام المهدي والنبيّ عيسى ، الإمام المهدي وهجرة الأنبياء وغيبتهم. |
|
الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ٣٣٧. نشر : بقيّة العترة ـ النجف الأشرف ـ العراق / ١٤٣١ هـ. * إيضاح الدلائل في شرح الوسائل ج(١). إعداد : السيّد عبّاس الحسيني والشيخ محمّد عيسى البنّاي. الكتاب عبارة عن تقريرات محاضرات درس آية الله الشيخ مسلم الداوري في شرح كتاب الوسائل ، فقد ضمّ هذا الجزء محاضراته لشرح كتاب الوسائل متناً وسنداً مضافاً إلى ما قرّره وأفاده في درس الخارج. يعدّ هذا الكتاب من الكتب الحديثية التي اعتنت بدراسة الحديث شرحاً وتوضيحاً وعرضاً للآراء الفقهية ، ولمّا كان كتاب وسائل الشيعة ـ على حدِّ تعبير المحدّث النوري رحمهالله ـ مرجعاً للشيعة ومجمعاً لمعالم الشريعة والجامع لما حوته الكتب الأربعة وغيرها من الكتب المعتمدة فقد قصده الفقهاء ودارت من |
|
حوله البحوث الفقهية والتعليقات وبعض الشروح. وقد تمّت الاستعانة في تخريج الروايات وإرجاعها إلى مصادرها في هذا الكتاب على النسخة المطبوعة المحقّقة من قبل مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث لكتاب وسائل الشيعة ، وقد اشتمل هذا الجزء على مقدّمة وتمهيد فيه إثنا عشر أمراً ، وأبواب مقدّمات العبادات ؛ كما اشتمل على واحد وثلاثين باباً بدءاً من باب وجوب العبادات الخمس وحتّى باب عدم وجوب قضاء المخالف عبادته إذا استبصر سوى الزكاة إذا دفعها إلى غير المستحقّ ، والحج إذا ترك ركناً منه. الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ٨٧٠. نشر : دار الهدى ـ قم ـ إيران/١٤٣٠هـ. * المعجم في فقه القرآن وسرّ بلاغته. تأليف : قسم القرآن بمجمع البحوث الإسلامية. |
|
الموسوعة القرآنية الكبرى التي أعدّها مجمع البحوث الإسلامية في مدينة مشهد المقدّسة في مجال ألفاظ ولغة القرآن وما يحتويه من أسرار البلاغة ضمّ نصوصاً لغوية وبحوثاً تفسيرية وشواهد تاريخية وأدبية لألفاظ القرآن ومفرداته وأعلامه وأدواته ، كما ضمّ نصوصاً لوجوه القرآن واختلاف القراءات واللهجات ومعضلات الإعراب والتركيبات ، ومزيداً من الآراء والبحوث في فقه لغة القرآن ممّا يغني المحقّق من الرجوع إلى المصادر ، صدر منه إلى الآن سبعة عشر مجلّداً حسب حروف الهجاء ابتداءً من (آدم ـ أذن) حتّى (خ ل ف ـ خ م ر) ولا زال المجمع مستمرّاً في عمله لإصدار بقيّة الأجزاء. إشراف : الأستاذ الشيخ محمّد واعظ زاده الخراساني. نشر : مجمع البحوث الإسلامية ـ مشهد ـ إيران / ١٤٣١ هـ. * معجم المشاريع الحسينية. تأليف : الشيخ محمّد صادق |
|
الكرباسي. الكتاب هو جزء من دائرة المعارف الحسينية ، شرع فيه المؤلّف بشرح مصطلح المشاريع الحسينية وتعدادها وتفسيرها ، كما تعرّض لعناوينها الرئيسية في مختلف الأقطار ، كما تناول عوامل التأسيس وتاريخه وجغرافيّته مشيراً إلى النشأة الإسلامية للمشاريع منذ القرن الأوّل الهجري في سائر البلاد الإسلامية وغيرها من أقصاع بلاد العالم ، وقد ذكر أهمّ المعالم الإسلامية فيها ومنها المعالم التي شيّدها أتباع مدرسة أهل البيت عليهمالسلام الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ٤١٤. نشر : المركز الحسيني للدراسات ، لندن / ١٤٣١ هـ. * معجم المقالات الحسينية ج(١ ـ ٢). تأليف : الشيخ محمّد صادق الكرباسي. الكتاب هو جزء من دائرة المعارف الحسينية ، جمع فيه المؤلّف المقالات |
|
التي كتبت في نهضة الحسين عليهالسلام ومدى تأثيرها على واقع الأمّة وعلى قيم الحياة مرّ العصور ، وقد بوّب هذه المقالات وفهرسها على الترتيب الألف بائي بدءاً بعنوان المقالة ولغتها ، اسم الكتاب ، تاريخ المقالة ، اسم الناشر ووسيلة النشر ، موضوع المقالة مع بيان المصدر ، ترجمة عنوان المقالة في الهامش إذا لم تكن باللغة العربية ، وقد قدّم لكلّ باب مقدّمة شرح فيها مفردات ذاك الباب ، كما تحدّث عن الصحافة وتاريخها وأنواع الصحف ، هذا وقد ضمّ هذان الجزءان فهارس لم توجد في بقية الأجزاء من هذه الموسوعة. الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ٥٠٠ ، ٥٥٥. نشر : المركز الحسيني للدراسات ، لندن / ١٤٢٨ هـ. * شرح الأشباه. تأليف : الشيخ عبدالرسول الغفاري. لا يخلو الكتاب من كونه عملا أدبيّاً ، حيث تطرّق فيه المؤلّف إلى شرح قصيدة |
|
أبي عبدالله محمّد بن أحمد بن عبدالله الملقّب بالمفجّع البصري (ت ٣٢٧ هـ) ، وهي القصيدة المعروفة بذات الأشباه إذ شبّه فيها الشاعر أمير المؤمنين عليَّ بن أبي طالب عليهالسلام بسائر أنبياء الله استناداً إلى الحديث المروي عن الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله)في هذا المعنى وقد ذكر بعد المقدّمة والقصيدة ، اعتمد هذا الشرح على توضيح الألفاظ الغامضة والعبارات المبهمة كما ذكرت الآيات والروايات المناسبة لمعاني الأبيات التي أشار الشاعر من خلالها إلى مناقب ومعاجز أمير المؤمنين عليهالسلام ، كما اعتمد المؤلّف على تخريجها من كتب الجمهور. اشتمل الكتاب على : مقدّمة ، قصيدة الأشباه ، من هو المفجّع البصري؟ ، الشاعر وحديث الأشباه ، تمهيد ، ويليه الشرح ، تعقيب لما تقدّم في فضائل عليٍّ عليهالسلام وجملة من الأحاديث النبوية الواردة في حقّه. الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ١٠٠. نشر : دليل ما ـ قم ـ إيران / ١٤٣١هـ. |
|
* الشقشقية. تأليف : الشيخ عبدالرسول الغفاري. تناول المؤلّف الخطبة الشقشقية لسيّد الموحّدين أمير المؤمنين عليِّ بن أبي طالب عليهالسلام ، حيث تعدّ هذه الخطبة من أهمّ خطب نهج البلاغة التي ينقل بها أمير المؤمنين عليهالسلام أهمّ الأحداث التي جرت بعد رحيل الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) في شأن الخلافة ، إذ أبدى فيها تظلّمه كاشفاً عن حقائق مجريات الأمور آنذاك ، فعمد المؤلّف إلى شرحها واقفاً على أحداثها استخراجاً من مصادر الكتب ، هذا وقد أشار في مقدّمة الكتاب إلى اهتمامه بنهج البلاغة مبيّناً ما يخصّ فصاحة الإمام عليهالسلام وما يرتبط بعمل الشريف الرضي ، وما يخصّ الموضوعات التي تطرّق إليها أمير المؤمنين من عقائد وتاريخ وسياسة ومنهج تربويٍّ للأمّة وحكم ومواعظ. اشتمل الكتاب على إثني عشر فصلا في : تاريخ نهج البلاغة ، دعوات وشبهات أثارها البعض حول نهج البلاغة ، خطبة أمير المؤمنين عليهالسلام المعروفة بالشقشقية ، تفصيل بعد إجمال |
|
في كيف تمّت البيعة لأبي بكر ، قرار الشورى يصنعه الخليفة الثاني ، أبعاد الخطبة الشقشقية سياسياً ، مخالفة أبي بكر بتصريح القرآن ، اجتهادات عمر ، أعضاء الشورى ، آراء الخليفة عمر بن الخطّاب فيهم ، سيرة عثمان ، تعطيل الحدود التي فرضها الله ، حاشية عثمان وبطانته وأركان دولته ، استعمال عثمان الفسقة من بني أمية ، اقتطاع أموال بيت المسلمين لأقربائه ، بيعة أمير المؤمنين عليهالسلام حرّية الانتخاب ، من نكث بيعته عليهالسلام ، حرب الجمل ، خاتمة الخطبة ، شكوى الإمام عليهالسلام من الغاصبين. الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ٤٢٥. نشر : المؤسّسة الإسلامية للبحوث والمعلومات ـ قم ـ إيران / ١٤٣١ هـ. * أصول القراءة والتجويد. تأليف : الشيخ عبد الرسول الغفاري. تناول المؤلّف قواعد قراءة القرآن الكريم المعروفة بقواعد التجويد شرحاً وتدريساً مبسّطاً اهتماماً منه في تعليم |
|
قراءة كتاب الله وحثّاً على حسن القراءة حيث لابدّ لكلّ مسلم أن يحسّن قراءة آيات الذكر المجيد ، هذا وقد جعل لفصول الكتاب تطبيقات وتدريبات حسب الأسلوب الذي ارتآه في تسهيل عملية تعليم القراءة. اشتمل الكتاب على مقدّمة وتمهيد ومواضيع : ما المراد بكلمة قرآن؟ فضل القرآن ، القراءة في المصحف ، أسماء الحروف ، الحروف العربية ، كما اشتمل على سبعة فصول في : مخارج الحروف ، صفات الحروف الذاتية ، الغنّة ، أحكام النون الساكنة ، الوقف ، ما لا يتمّ الوقف عليه ، والفصل الثامن في قسمين الأوّل : حالات الألف في الكلمة والثاني : المد وحالاته ، والخاتمة في : أقسام السور ، القرّاء السبعة ، الاستعاذة ، البسملة ، بعض المصطلحات ، السجدات ، بعض اصطلاحات الرسم القرآني ، المصطلحات الأخرى ، القراءات المحرّمة ، أصناف القرّاء. الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ١٠٨. |
|
نشر : مؤسّسة أنصاريان ـ قم ـ إيران / ١٤٣١ هـ. طبعات جديدة لمطبوعات سابقة * المهدي (عج). تأليف : السيّد صدر الدين الصدر (ت ١٣٧٣ هـ). تناول المصنّف الأحاديث الواردة في الإمام المهدي (عج) في كتب أهل السنّة المنقولة عن الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) وعن أهل بيته عليهمالسلام وعن الصحابة والتابعين ، كما ذكر بعض الآثار والأقوال المنقولة عن علماء العامّة في المهدي المنتظر (عج). اشتمل الكتاب على مقدّمة تناولت ترجمة المصنّف وحياته العلمية وخاتمة وثمانية فصول في : الآيات الشريفة ، المهدي من العرب ، المهدي وصفاته ، المهدي والشرف ، المهدي وولادته ، الأخبار الواردة في الغيبة ، في بعض علامات ظهوره ، في ظهور المهدي |
|
المنتظر. نشر : بوستان كتاب التابع لمكتب الإعلام الإسلامي ـ قم ـ إيران / ١٤٢٨هـ. * الإمامان موسى الكاظم ومحمّد الجواد سيرة وتأريخ. تأليف : الشيخ محمّد حسن آل ياسين. تناول الكتاب حياة الإمامين الكاظم والجواد عليهماالسلام وعرض فيه سيرتهما وتاريخهما والدلالة على إمامتهما ومواقفهم الخالدة لإحياء الدين ونشر شريعة جدّهما رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، كما بيّن جانباً من حكمهما ، كما تعرّض إلى ما عاناه الإمامان من مكاره وكيد الظالمين لهما ومظلوميّتهما وشهادتها عليهماالسلام. احتوى الكتاب على ترجمة لحياة المؤلّف رحمهالله ومقدّمة للمؤلّف بيّن فيها مفصّلا محتويات الكتاب ، هذا وقد اعتمد المؤلّف رحمهالله في كتابه على مصادر كتب الشيعة الإمامية. الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ٢٠٦. |
|
نشر : العتبة الكاظمية المقدّسة ـ الكاظمية ـ العراق / ١٤٣٠ هـ. * القواعد الفقهية. تأليف : السيّد كاظم المصطفوي. يعدّ هذا الكتاب من سلسلة الكتب التي ألّفت في مضمار شرح القواعد الفقهية وبسطها للمتعلّمين ، حيث عدّ البحث عنها من أبرز الركائز الأساسية لاستنباط الحكم الشرعي من أدلّتها المتمثّلة في الكتاب والسنّة ، وقد ضمّ هذا الكتاب في طيّه شرح خمسين قاعدة فقهية ، حيث ذكر عنوان القاعدة ثمّ بحثها تحت العناوين التالية : المعنى ، المدرك (الآيات والروايات) ، التسالم ، فروع ، الخلاصة ، الأسئلة. الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ٢٤٧. نشر : دار المصطفى ـ قم ـ إيران / ١٤٣٠ هـ. * كفاية الأُصول. تأليف : الشيخ محمّد كاظم الآخوند |
|
الخراساني (ت ١٣٢٩هـ). نال هذا الكتاب من المكانة والحظوة ما لم ينله غيره في الحوزات العلمية لأهمّيته في تدريس علم أصول الفقه ، وعليه حواش وتعليقات كثيرة ، وقد طبع عدّة طبعات على الحجر ، تارة مستقلاًّ وتارة أخرى مع حواشيه وتعليقاته. لذلك قامت مؤسّسة آل البيت عليهمالسلاملإحياء التراث بتحقيق هذا السفر القيم اعتمادا على نسختين ، إحداهما بخطّ المؤلّف قدسسره ، والنسخة الثانية وهي المطبوعة على الحجر في حياته رحمهالله ، حيث قام بتصحيحها بنفسه وطبعت بإشراف نجله ، وهي النسخة التي اعتمدها في إلقاء دروسه ، وفيها إضافات واستدراكات أشار إليها في الهامش. كما تمّ استخراج معظم الأقوال التي أسندها الآخوند الخراساني إلى قائليها تصريحاً أو تلميحاً كقوله : «قيل» أو «توهّم» ، إضافة إلى ذلك فقد تمّ وضع فهارس فنية لمطالب الكتاب وما ورد فيه. تحقيق: مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء |
|
التراث. الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ٥٥١. نشر : مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ـ قم ـ إيران / ١٤٣١ هـ. * نافذة على قضايا الإسلام. تأليف : العلاّمة الشيخ إبراهيم الأميني. اهتمّ المؤلّف في كتابه هذا بتعريف مختصر للإسلام مخاطباً به الأجيال المتعطّشة لمعرفة الدين الحنيف من الشباب والأحداث إذ لا زالت قلوبهم متوقّدة لإعادة مجد الإسلام ومتلهّفة للاغتراف من معينه السلسال العذب ، فقد عرض تاريخ الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله)وتناول أهمّ القضايا فيه ، كما بيّن أهميّة الأخلاق في الإسلام وعرّف واجبات الدين وأصوله وفروعه وحقوق المرأة في الإسلام. اشتمل الكتاب على مقدّمتين للمترجم والمؤلّف وثمانية فصول في : رسول الإسلام ودلائل نبوّته ، سيّدنا محمّد خاتم الأنبياء ، بعثة سيّدنا محمّد |
|
ونزول القرآن ، الإسلام والإيمان ، الإسلام ومسؤوليّاته ، الواجبات والأحكام ومصادرهما ، أصول وفروع الدين ، حقوق المرأة في الإسلام ؛ هذا وقد عقد لكلّ قسم أسئلة على شكل المنهج الدراسي. ترجمه من الفارسية إلى العربية : كمال السيّد. الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ٣٧٨. نشر : مؤسّسة أنصاريان ـ قم ـ إيران / ١٤٣١ هـ. * دراسة عامّة في الإمامة. تأليف : العلاّمة الشيخ إبراهيم الأميني. لا زالت الدراسات والمحاورات قائمة في العالم الإسلامي في مسألة الإمامة والخلافة بعد رحيل الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) ، ولا زال المذهب الإمامي الإثنى عشري يؤكّد على كون الإمامة أصلا من أصول الدين قائماً على المعرفة العقلية ومناط تشريعه من الكتاب والسنّة النبوية |
|
الشريفة ، وقد دخل هذا الكتاب في مضمار هذا البحث تثبيتاً ودعماً لبحث الإمامة ودراسة عامّة يتنصّل بها عن التحيّز ما دام العقل بما هو عقل حكماً في إلزامها ، هذا وقد ذبّ المؤلّف عن حرمة الإمامة في الردّ عن الأقوال المنكرة والأفكار المغرضة. وقد اشتمل الكتاب على مقدّمتين وتمهيد وستة فصول في الإمامة : الإمامة في ضوء العقل ، العصمة ، العلم ، الإعجاز ، أفضلية الإمام وطريقة الانتخاب. ترجمه من الفارسية إلى العربية : كمال السيّد. الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ٢٨٠. نشر : مؤسّسة أنصاريان ـ قم ـ إيران / ١٤٣١ هـ. * الإمارة المزيدية الأسدية في الحلّة. تأليف : عبد الجبّار ناجي. قدّم الكتاب دراسة تاريخية عن حقبة زمنية من تاريخ العراق ، حيث برزت فيه |
|
إمارة بني مزيد وهي من القبائل العربية الشيعية والتي وصفها المؤلّف بالبدوية ، وقد ميّزها بذكائها وفطنتها بإدارة الأمور وإنشاء حضارة لها أثرها الكبير على الحاضر السياسي آنذاك ، حيث احتلّت جزءاً كبيراً من منطقة الفرات الأوسط التي امتازت بجغرافيّتها وطبيعتها في إنشاء حضارة اقتصادية وعمرانية واجتماعية وعلمية ، ممّا أدّى إلى ازدهار المجتمع العلمي والأدبي. اشتمل الكتاب على سبعة فصول : |
|
خصائص العصر السياسية ومصادر معرفتنا عن المزيديّين ، بنو مزيد والقبائل العربية في الفرات الأوسط ، أمراء بني مزيد ، بنية جيش بني مزيد ، الإدارة في عهد المزيديّين ، أعمال المزيديّين الحضرية والعمرانية في منطقة الفرات الأوسط ، التشيّع في حلّة بني مزيد ، المصادر. الحجم : وزيري. عدد الصفحات : ٤٠٩. نشر : مورّخ ـ قم ـ إيران / ١٤٣١ هـ. |